رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ياليتني متّ قبل هذا

من قال تلك المقولة ؟! إنها مريم عليها السلام، ومتى قالتها؟! عندما جاءها المخاض أي "الطلق" وأعراض الولادة وهي تحمل عيسى عليه السلام في بطنها، قالتها بعد أن استسلمت لأمر الله تعالى " قال كذلكِ قال ربكِ هو عليّ هيّن، ولنجعله آيةً للناس ورحمة منّا وكان أمراً مقضيا" عندما أخبرها جبريل عليه السلام الروح الأمين والمَلَكُ العظيم الذي وكّل بالوحي وبكل أمر عظيم من الله تعالى، فلم يكن هناك بدٌّ لها من الاستسلام والإيمان المطلق لأمر الله تعالى بعد قوله "وكان أمراً مقضيا" وهكذا شأن المؤمنين الذين ليس لهم الخيرة من أمرهم شيئاً عندما يأتي أمر الله إلا القبول والتسليم المطلق.. وكذلك فعل إبراهيم عليه السلام عندما أُمر بقتل ابنه اسماعيل عليه السلام وكذلك فعل نوح عليه السلام عندما أُمر بصنع السفية وحمل كل من آمن معه ومن أزواج الطيور والحيوانات، وكذلك فعل لوط عليه السلام عندما أُمر بالخروج من قريته وعدم الالتفات خلفه وترك امرأته مع قومه يصيبها ما أصابهم.. وهكذا فعل كل الأنبياء والصالحين من عباد الله المؤمنين المنقادين لأمر الله تعالى. "ياليتني متّ قبل هذا"... قالتها مريم عليها السلام في ذلك الموقف العصيب والمحنة الكبرى التي تعرّضت لها وهي تخشى على نفسها وتفكّر في تلك اللحظة العصيبة والفتنة العظيمة التي ستواجه بها قومها عندما تأتيهم بمولود صغير دون أن يمسسها بشرّ ولم تك بغيّاً وإنما كانت مثالاً للطهر والتقوى والعبادة يُضرب إلى يوم القيامة.. قالتها مريم عليها السلام رغم أنها تنفذ أمر الله تعالى ورغم أنها حُبلى بنبي كريم مرسل، فهو روح الله وكلمته ألقاها إلى بني إسرائيل، فهو ليس بجنين عادي ولا مولود طبيعي وإنما آية من آيات الله العظمى في هذا الكون، وبالرغم من كل ذلّك... قالتها وكان الموقف أشد عليها وأقسى عندما أُمرت أيضاً بعدم الحديث مع قومها وعدم النطق بكلمة واحدة لتبرير موقفها! إذ أن العقل البشري سينادي بأعلى صوته صارخاً ومتعلّقاً بالأسباب "وكيف تدافع عن نفسها بدون أن تتكلم؟!" فتأتي المعجزة الأخرى تباعاً للمعجزة الأولى من رب السماوات والأرض وخالق كل شيء ومسبب الأسباب.. فيتكلم المولود في مهده "قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً، وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيّاً، وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً". إذاً، فتلك مقولةُ من آمنت بكلمة الله وأسلمت له وأذعنت لذلك الأمر السماوي! فكيف بمن عصى الله تعالى ويرتكب الذنوب تلو الذنوب يوماً بعد آخر.. وهو في غفلة من أمره.. حتى إذا هداه الله وتاب عليه واستذكر ماضيه ومعاصيه وذاق طعم الندم والحسرة واعتصر قلبه ألماً وندماً على ما مضى من أيام وسنوات ضاعت من عمره في غير مرضاة الله؟!، فكيف بمن يعيش بقيّة حياته وهو يستذكر ماضيه وذنوبه ومعاصيه ويقول في نفسه "كيف ألقى الله بهذه المعاصي والذنوب والسيئات؟!"، ياله من موقف عظيم يتساقط فيه لحم الوجوه خجلاً وخوفاً من الله تعالى بعد أن يقف المرء بين يدي خالقه وهو يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة فعلها في حياته.. بل على كل مثقال ذرة من خير أو شر! إنه لن يواجه قومه كما واجهت مريم عليها السلام قومها في موقف عصيب.. وإنما سيواجه الله تعالى في موقف أشدّ هولاً منه.. كما أنه لن يأتي كما أتت مريم عليها السلام وهي تحمل عيسى عليه السلام بين ذراعيها.. وإنما سيأتي بذنوب كالجبال يحملها فوق ظهره. إذا كانت تلك مقولة الطاهرة المطهّرة المؤمنة العابدة " ياليتني مت قبل هذا" فماذا سيقول من زنى وفعل الفواحش؟! وماذا ستقول من زنت أو حملت سفاحاً؟! وماذا سيقول من ترك الصلاة عمداً؟ً وماذا سيقول من منع الزكاة؟! وماذا سيقول من شرب الخمر وارتكب المحرّمات؟! وماذا سيقول من كذب وخان الأمانة والعهد أو اغتاب وخاض في أعراض إخوانه؟! وماذا سيقول من قتل نفساً مؤمنة عمداً بغير حق؟! وماذا سيقول من آذى المؤمنين بلسانه ويده؟! حين نلقى الله بذنوبنا أجمعين.. ويحاسبنا فرادى! ياله من موقف عصيب تشيب له الولدان ويتمنى المرء لو كان ترابا، حين يلقى الله كلَ مسؤول يحمل أوزار رعيّته الذين ضيّعهم، وحين يلقى الله كل راعٍ ليُسأل عن رعيّته، وحين يلقى الله كل عبد فيُسأل عن عمره وشبابه وماله وعلمه.. ماذا فعل بهم جميعاً؟! إذا كانت تلك مقولة مريم عليها السلام الطاهرة المطهّرة التي خضعت لأوامر الله وصدّقت بكلمات ربها وكانت من القانتين حينما أرادت أن تضع عيسى عليه السلام وقد تمنّت في تلك اللحظة العصيبة الموت على أن تلقى قومها وخشيت أن يقذفونها بالفاحشة وأن تواجههم في ذلك الموقف العصيب وتلك الفتنة العظيمة، وكما أشار العلماء بأنها حتى في تلك المقولة لم تقلها سخطاً واعتراضاً على قدر الله، وإنما كما أسلفنا خوفاً من ذلك الموقف العظيم وهي بذلك تمنّت الموت كما يقول العلماء عندما يخشى المرء على نفسه الفتنة فإنه يجوز له تمنّي الموت كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما وقعت له المحن في آخر حياته قال "اللهم توفّني إليك"، وكما قال يوسف عليه السلام "توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين" أو كما قال سحرة فرعون بعد أن آمنوا بالله عندما هددهم فرعون بالقتل "ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفّنا مسلمين".. إذا كانت تلك مقولة مريم عليها السلام .."ياليتني متّ قبل هذا" فماذا سنقول نحن المذنبون الملطّخون بالسيئات والأدران عندما نتذكر بعد حينٍ ذنوبنا في لحظات الندم والتوبة والعودة إلى الله حينها يتمنى المرء منّا الموت أو يتمنّى أنه لو لم يفعل تلك المعصية أو الذنب أو يتمنّى أنه لو لم يسلم إلا بعد تلك اللحظة.. كما تمنّى أسامة بن زيد رضي الله عنه بعد أن قتل الرجل الذي قال "لا إله إلا الله" ثم تمنّى أنه لو لم يسلم إلا بعد تلك اللحظة كل لا تبدأ محاسبته الفعلية يوم القيامة إلا لحظة دخوله الإسلام. هي ليست دعوة لليأس والقنوط من رحمة الله أو الانتحار والعياذ بالله، وإنما هي لحظة تأمل وتفكَر في آيات الله تعالى وفي القصص القرآني الذي ما ضُرب لنا من باب اللغو حاشا لله تعالى وإنما من باب العظة والعبرة، فهل سنقف وقفات أمام معاصينا وذنوبنا الماضية ونذرف دموع الندم والتوبة عليها؟! وهل ستموت النفس الأمّارة بالسوء في داخلنا ونكبت أنفاسها قبل أن توردنا جهنم في يوم القيامة؟! وهل سنوقظ النفس المطمئنة واللوّامة في داخلنا التي تحضَ صاحبها على فعل الخير حتى تدخله الجنة في يوم القيامة؟! وهل سنقبل على الحياة بروح جديدة بعد تلك الروح التي عاشت في المعاصي والذنوب .. حتى نلقى الله تعالى وهو راضٍ عنا.. نسأله سبحانه أن يغفر لنا وللمسلمين ما مضى ويصلح لنا ما بقي من أعمارنا.. اللهم آمين.

2483

| 13 أغسطس 2015

وكفى الله المؤمنين القتال

بعيداً عن الجدل حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ودول التحالف في عاصفة الحزم قد أخذت الإذن أو الموافقة المبدئية أو الضمنية من الولايات المتحدة الأمريكية أم لا؟ وما إذا كانت دول التحالف قادرة وجريئة إلى هذا الحد الذي يسمح لها بقيادة هجوم ما على خطر ما يهدد أمن المنطقة، أم أنها كانت ضرورة لا مفر منها بحكم أن أمريكا كانت قد سلّمت اليمن للإيرانيين (الروافض) يعيثون فيها فساداً كما فعل إخوانهم في العراق من قتل وتشريد وتنكيل بأمة الإسلام بإذن ووصاية من حاملة رواء الصليبية العالمية (أمريكا)، إذ أن إعلام أمريكا بتفاصيل الضربة العسكرية ضد الحوثيين سيجعلها تخبر حلفاءها الإيرانيين بتلك الهجمة مما سيفشل الضربة الجوية من الأساس.. رغم ذلك كلّه فإنه من الضروري الاعتراف بأن هذه العاصفة قد أتت بمكاسب وحسنات أكثر من الوضع السابق لها بعد أن انتشر الحوثيون في أرض اليمن كانتشار الجراد في الحقل يفسدون في أرض اليمن فساداً وينشرون القتل والتشريد والدمار ويرفعون شعارات الموت.. لا لأمريكا كما يزعم الإيرانيون وأتباعها الكاذبون... وإنما (الموت لأهل الإسلام!).ولا أخفيكم أنني قد توقفت لفترة عن الكتابة ثم هممت بالكتابة عن عاصفة الحزم وأن أشيد بها وبتلك الخطوات الإيجابية التي اتخذها الملك سلمان منذ توليه الحكم ثم ما لبثت أن انشغلت حتى هممت بالكتابة عنها من جديد فإذا بي الآن أكتب بعد أن أحزننا بالأمس خبر إيقاف عاصفة الحزم، أي أن عاصفة الحزم بدأت وانتهت ولم أكتب خلال تلك الفترة شيئاً لظروف أبعدتني عن الكتابة قليلاً ولكني كغيري من عموم المسلمين وددت لو أن عاصفة الحزم استمرت حتى تتحقق أهداف تلك العاصفة وأكثر، وأعني بأننا لم نصدّق أنفسنا نحن شعوب الخليج عندما تحرّكت بعض طائراتنا الحربية لمواجهة الأخطار المحدقة بنا يمنة ويسرة بل إننا كدنا نصل لدرجة أننا سننسى بأن للدول العربية والخليجية جيوشاً وقوة عسكرية تذكر، لأننا لا نسمع بها إلا في الاستعراضات العسكرية ولا نراها إلا في الأيام الوطنية!إن عاصفة الحزم قامت بفعل الإنعاش لجسد الأمة المريض الذي تكالب عليه الذئاب والضباع وكل من هبّ ودبّ من الصهاينة والصليبيين والصفويين وأعوانهم في العالم فأخذوا ينهالون علينا ضرباً وطعناً واحتلالاً للأرض وتقطيعاً لأطراف الأمة الإسلامية وهو الأمر الذي حذّر منه الكثيرون منذ سنوات ولكن يبدو أن الحكّام قد شغلتهم مصالحهم وأنفسهم عن الاتعاظ بغيرهم وبما يحدث حولهم من تساقط للدول والحكّام في السنوات الأخيرة ناهيك عن الاستفادة من تاريخ الأندلس وكيف سقطت في يد الصليبيين وقت انشغال كل حاكم بدويلته وبكرسيّه بدلاً من اتحادهم وتعاونهم ووقوفهم في وجه عدوّهم المشترك، بيد أن الوضع أكثر سوءاً في أرض الجزيرة التي تحوي أطهر بقاع الأرض وأقدسها عند المسلمين.. مكة المكرمة والمدينة المنوّرة.. أما العدوّ فهو يدّعي الإسلام بينما هو يضمر الشرك والكفر والتواطؤ مع اليهود والنصارى، فالروافض والصفويون هذه المرّة تمادوا أكثر في السنوات الأخيرة والتي أعتقد أن إيران قد بدأت تحصد ثمار سنوات من التخطيط والتدبير والتآمر، بينما دول الخليج وبقية الدول العربية تجني الآن حصاد سنوات من النوم الطويل والغفلة والتهاون في مصير شعوبها وأوطانها وحماية دينها ومقدساتها.إن دول الخليج كان بإمكانها أن تطفئ النار في مهدها وأن تقتل الحيّة في وكرها وأن يكفي الله المؤمنين القتال قبل عاصفة الحزم وما صاحبها من بذل أموال وأنفس وذلك إذا ناصروا الشعب اليمني وهو يعاني منذ سنوات من الجوع والفرقة والاقتتال والبطالة ولم يتركوه فريسة سهلة للصفويين الإيرانيين المدعومين بالثروة المخصصة لتصدير الثورة ومشروع ولاية الفقيه الحاقد على الإسلام والمسلمين، فكان الأولى أن ينهضوا باليمن وأن يرفعوا من شأنه وأن ينصروا إخوانهم من أهل السنة هناك وأن يقضوا على مليشيات الحوثيين في بداياتهم وأن لا يغفلوا عن أوضاع اليمن الداخلية ويتركوه أرضاً خصبة للعناكب والثعابين الفارسية لتتكاثر وتبني أوكارها وبيوتها هناك، بل وكان الأجدر على دول الخليج أن تهاجم بدلاً من دفاعها الدائم وأن تدعم أهل الأحواز العربية التي تستنزف إيران خيراتهم وتفعل بهم الأفاعيل، فكان حريّاً بدول الخليج أن يدعموا ثورة أهل الأحواز العرب والمسلمين بدلاً من دعم حكومة الطاغية السيسي الذي قتل وفعل الأفاعيل بشعب مصر ومازال هذا ديدنه يعزل مصر عن جسد الأمة وعن دينها شيئاً فشيئاً ويوشك أن يخرج لهم عجلاً يعبدونه - هو وأتباعه الفاسقون الفاسدون - من دون الله تعالى، ألم يكن الأولى أن تقوى شوكة أهل الإسلام والجماعات الإسلامية في مصر وأن تدعمهم دول الخليج وأن تتعاون معهم بدلاً من أن يتعاون بعضهم مع هذا الذي سرق جيوبهم واستهزأ بهم وطعنهم في ظهورهم بتواطئه مع الحوثيين والصهاينة من قبل، وهو الذي سرق شعبه وخان وطنه ودينه قبل ذلك كلّه!وكما أمرنا نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بالتفاؤل فإننا متفائلون بعاصفة الحزم حتى وإن توقفت الآن في ظل نشوء جدل آخر هل توقفت بمحض إرادة المملكة العربية السعودية ودول التحالف أم أنها جاءت رغم أنوفهم فإننا ينبغي ألا نجادل كثيراً فالمعطيات السياسية وما وراء الكواليس قد يحمل الكثير من الأسرار التي سيكشفها التاريخ بعد حين، ولكننا نأمل ونرجو ألا يتوقف هذا الوعي من بعد الغفلة وهذا النهوض من بعد السبات الطويل، وأن تستمر الأمة في مقاومة أعدائها من المنافقين وأدعياء الإسلام في إيران وبقية دول الإسلام ومقاومة حلفائهم الصهاينة والصليبيين الحاقدين، وأن تستمر العاصفة حتى اقتلاع جذور الكفر والشرك من جزيرة العرب وأن تبدأ الأمة في السير نحو طريق الإسلام وعودة الإسلام إلى كافة نواحي الحياة كافة وأن ننفض غبار العلمانية والليبرالية ونترك عفن القومية والجاهلية الجديدة حتى يعود الإسلام قوياً كما كان، ويدخل هذا الدين كل بيت مدر أو وبر.. بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل وما ذلك على الله بعزيز. قال صلى الله عليه وسلم: (لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام، بعزّ عزيز وذل ذليل).

764

| 23 أبريل 2015

في ستين داهية!

يتساءل المواطن البسيط في الدول الخليجية خصوصاً أو العربية والإسلامية عموماً: هل يعقل أن يفهم الإنسان البسيط الذي لم يدرس السياسة ولم يشتغل بها ولم يعرف دهاليزها وأسرارها.. هل يعقل أن يفهم في الحكم والسياسة أكثر من الحكّام والحكومات التي تدير هذه الدول العربية والإسلامية؟! بل وتزداد الحيرة عندما يفهم ما يجري على أرض الواقع كل أمّي لم يتعلم القراءة والكتابة فيعي تماماً ما يجري من أحداث سياسية ودولية ويفهم ما المقصود من وراء تلك التحركات الدولية والمؤامرات الغربية والهجمات العالمية ضد الإسلام والمسلمين.. بينما يجهل أو يتجاهل ذلك كلّه.. الحكّام والحكومات في دول العالم الإسلامي! إن العلم بالشيء يقودك إلى اتخاذ ردة فعل مناسبة مع ذلك العلم الذي وصلك بعد جهل وأرشدك بعد ضلال، فمن عَلِمَ أن عدوّه قد أعدّ العدة للغدر به ومهاجمته في عقر داره في أي لحظة حتماً سيقوم بتحصين بيته والدفاع عن نفسه – على أقل تقدير – من خلال اتخاذ كافة الوسائل التي تحول دون هجوم العدو وتمنعه من تنفيذ مخططاته! ولا نقول هنا المباغتة والهجوم – كأفضل وسيلة للدفاع – وإنما سنكتفي بالدفاع فقط! هذا ما يقوله العقل ويفهمه أبسط البسطاء من الفلّاحين والصيادين والباعة المتجولين بل وروّاد المقاهي من فئة المتقاعدين أو الذين لم يقرأوا ويتعلموا في المدارس – مع إجلالي وتقديري العظيم لهم إذ أن أكرم الناس عند الله أتقاهم لا أكثرهم علماً أو تعليماً – المهم أن أبسط الناس بل وعمومهم من الذين لا يفهمون ولا ينتمون إلى وزارات الخارجية والسفارات ولم يتعلّقوا بحبل السلك الدبلوماسي (الشائك) يفهمون أن من يفعل خلاف ذلك يكون إما غبياً أو مجنوناً لا ثالث لهما.أصبح المواطن البسيط في عالمنا العربي والإسلامي يفكر بصوت عالٍ ويتساءل مندهشاً مستغرباً مع من حوله: لماذا لا يفعل الحكّام شيئاً وهم يكتشفون يوماً بعد آخر أن إيران مثلاً التي زعمت (نفاقاً) أنها (جمهورية إسلامية) وإذا بها تحارب الإسلام وأهله وتحتل ديار الإسلام بلداً تلو آخر بل وتنكّل في المسلمين كما يفعل الصهاينة والصليبيين بل وأكثر قتلاً وتنكيلاً منهم وتنشر جواسيسها وأذيالها للتجسس عليهم وترسل قوّاتها وجنودها لاحتلال المزيد من الأراضي الإسلامية كما فعلت في العراق وسوريا ولبنان وحاولت في البحرين والآن وقد تمكّنت من اليمن على يد الحوثيين! أيعقل أن لا يفهم الحكّام والحكومات تلك التحركات والمخاطر والمخططات الصفوية الشيعية للإطاحة بهم وبدولهم واحدة تلو الأخرى؟! إن كانت الإجابة: لا، إنهم يعون ويدركون ذلك تماماً! فحينها تكون الإجابة هي طامة أخرى وتتساءل: إذاً لماذا لا يردعونها ويوقفونها عند حدّها؟! ولماذا يخضعون لها ويذعنون ويطأطئون الرؤوس أمامها؟! ولماذا يضحكون في وجوه رؤسائها ووزرائها وملاليها وعمائمها! ولماذا يتبادلون معها الزيارات الثقافية ويعقدون معها الصفقات التجارية ولماذا يتركونها تتوسع في مراكزها الثقافية وحسينياتها ومآتمها بل ويشاركونها في احتفالاتها ومآتمها ويخافون من الترضّي عن صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما مراعاة لمشاعرها! بل ولا يدافعون عن أم المؤمنين وحبيبة رسول الله عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها خشية الوقوع في جدال معها! بل ولماذا لم يساندوا رجلاً شجاعاً ظهر فيهم مثل الرئيس المصري محمد مرسي – فك الله أسره من سجن السيسي الخائن لدينه ووطنه – لماذا لم يساندوه عندما ترضّى عن أبي بكر وعمر في عقر دارها؟! لماذا غدروا به ولم يدعموه - كما دعموا السيسي - ولم يختبئوا وراءه إن كانوا عاجزين عن مواجهتها وجهاً لوجه؟! ألم يكن جديراً بهم أن يساندوه وأن ينصروه وأن يجعلوه في مواجهتها لوحده إن كانوا يخشون الدفاع والاعتزاز بدينهم أمامها؟! أما أن يحدث عكس ذلك ويغدروا به وينقلبوا عليه ويساندوا الانقلابيين ضده بل ويتهاونوا مع إيران لهذه الدرجة من الذل والمهانة ويتركونها تغدو وتروح في أرض الجزيرة العربية وفي مياه الخليج العربي والبحر الأحمر كيفما تشاء وتنشر قوّاتها وجنودها بل وتدعم الحوثيين والنظام السوري المجرم وحكومة الطائفي المالكي الحاقد وتدعم جيش حزب اللات في لبنان وتعيث في الأرض فساداً ولا يقف في وجهها ولا يتحرك ضد تحركاتها أحد! فهذا شيء لا يفهمه أحد ولا يستطيع أن يفسره أحد إلا بالغباء أو الجنون! ناهيك أننا لم نطالب بتحرير واستعادة أرض الأحواز العربية الإسلامية منهم! فتلك قضية أخرى! فهم قد ضيّعوا (الحالي) فكيف نطالبهم باسترداد (السابق).. فهم لما سواه أضيع وأكثر جبناً وخوفاً.لذلك يتساءل المسلمون: أيعقل أن الحكّام والحكومات لا يفهمون ذلك كلّه؟! ويفهمه الإنسان البسيط الذي يقرأ التاريخ أو يسمع عنه ويستشرف المستقبل الخطير الذي سنؤول إليه إذا مالم يتحرك الحكام والحكومات لإيقاف تلك المخططات والمؤامرات. فأي سياسة تلك التي يقومون بها وهم يتخبطون ذات اليمين وذات الشمال كالذي يتخبطه الشيطان من المسّ وهم يترنّحون من ضربات إيران لهم الواحدة بعد الأخرى! ثم يكملون معهما المزيد من التنسيق والتعاون وكأنهم في حالة غرام ووئام تام! ناهيك أن الإيرانيين أجادوا (التقية ) كوسيلة للضحك على ذقون الحكام والاستخفاف بحكوماتهم! يدعمهم في ذلك دينهم الضال المحرّف الذي يجيز لهم كل المحرمات والفواحش كما يفعل اليهود في اتخاذ مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة).ومازال عموم المسلمين يتساءلون: إلى أين سيقودنا هؤلاء الحكّام.أيعقل أن يأمن الناس على حياتهم وهم يتركون شأن قيادة سفينتهم لقادة لا يفهمون في الملاحة شيئاً بل ولا يجيدون قراءة الخرائط بل والأدهى أنهم لا يشاهدون ما يحدث أمام أعينهم؟! حتى وإن كانوا على وشك الدخول في عاصفة هوجاء أو الاصطدام بجبل صخري هائل!

1477

| 05 مارس 2015

إن أريد إلا الإصلاح

(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) قالها سيدنا شعيب عليه السلام لقومه ويقولها في الماضي والحاضر أقوام وبشرٌ كثيرون لكنهم يتفاوتون في طرق إصلاحهم وفي نواياهم من وراء ذلك الإصلاح ويتفاوتون كذلك في أساليبهم ووسائلهم للوصول لذلك الإصلاح المنشود، غير أن رسالة الأنبياء والرسل لا يخالطها النقص والعيب والخطأ لأنها مسددّة معصومة من رب العالمين، فمهما بلغت درجة إتقان المصلحين لتلك الرسالة – رسالة الإصلاح – إلا أنها لا تدرك شيئاً من ذلك النهج الربّاني السليم من الخلل والخطأ ولكنها تحوم حوله وتقترب منه وحوله تدندن.(إن أريد إلا الإصلاح) يقولها الكثيرون صادقين في نواياهم - ويقولها البعض نفاقاً ورياءً وسمعة - بينما يغفل الغالبية العظمى منهم عن إتمامها وتكملتها بعبارة (ما استطعت) فتجدهم لا يبذلون الأسباب ولا يجتهدون من أجل تلك الغاية ومن أجل إصلاح مجتمعاتهم من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما استطاعوا لذلك سبيلا أو من خلال محاربة الفساد المالي والإداري في أوطانهم أو محاربة السرقات التي استشرت فيها أو التصدّي لأهل الكفر والضلال ودعاة العلمانية والليبرالية وغيرهم ممن يريدون تغيير ملامح بلاد الإسلام في التعليم والإعلام والتربية وسائر شؤون الحياة.إن المصلحين في أوطانهم يجب أن يتعلّموا النهج الصحيح في الإصلاح من الأنبياء والرسل الذين كانوا أول المصلحين في أقوامهم وأوطانهم فبلّغوا رسالة ربّهم وأدّوا الأمانة على أتمّ وجه، فتلك المهمة العظيمة تحتاج إلى جهد متواصل لا يكلّ ولا يملّ ولا يتوقف في أي مراحله وإلى عمل دؤوب مستمر في عطائه وإنجازاته، فالاستمرارية شرط أساسي لبلوغ تلك المنزلة السامية التي تشّرف بها الأنبياء والمرسلون، ولبلوغ ذلك الهدف كان على المصلح أن يتحلّى بالصبر في مواصلته الجهد وفي تحمّله كافة عقبات ذلك الطريق المحفوف بالأشواك والمنتهي إلى جنة عرضها السماوات والأرض آخذاً بيد إخوانه الذين تعاون معهم وأعانوه على هذه المهمة في الدنيا، قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه).إنك تجد كثيراً من التربويين والدعاة يتخلّون عن كثير من مبادئهم بدعوى أنهم تعبوا من المطالبة بالإصلاح دون أي نتيجة تذكر ودون أن يستجيب لنداءاتهم أو لدعواتهم الإصلاحيّة تلك عدد كثير من الناس! رغم أنهم يعلمون تماماً أن أكثر الأنبياء والرسل لم يستجب لدعواهم إلا العدد القليل من أقوامهم والرهط البسيط من الناس، فلماذا التعب واليأس والقنوط بسبب ذلك الصد والرفض من الناس والمجتمع لدعواهم التي قد لا تكون صحيحة أو مناسبة وقد تكون كذلك ولكنها تحتاج إلى مزيد من الصبر حتى تنضج الثمرة فيسهل قطافها.إن الوالدين في مراحل تربيتهما لأطفالهما قد يتعبان لدرجة أنهما قد يقولان في قرارة أنفسهما (ليتنا لم ننجب أطفالاً ليتعبونا ونشقى معهم كل هذا الشقاء!)، وقد يظهران ضجرهما وكللهما من النصح والإرشاد لسنوات طوال من أجل أن يتغيّر أبناؤهم للأفضل والأحسن وأن يتعلّموا أفضل تعليم وأن يتطبّعوا بأفضل الطباع وأن يتحلّوا بأفضل الأخلاق، وقد يتساقط بعض الآباء والأمهات أو التربويون في الطريق أثناء تلك المهمة الصعبة وقد يتعاونان فيأخذ أحدهما بيد الآخر من أجل أن يكملا الطريق أو قد يتضاعف جهد أحدهما فيكمل الطريق بنفسه نتيجة لانفصال الأب عن الأم أو وفاة أحدهما.. وقد وقد.. ولكن ذلك العناء يتلاشى في لحظة واحدة حينما يرى المربّي أو الأب أو الأم ثمرة تلك المعاناة وذلك الصبر الطويل وذلك الجهد الشاق من خلال رؤيتهم نتيجة ذلك الإصلاح في صلاح أبنائهم وبلوغهم أعلى درجات العلم والفضيلة والأخلاق معاً إذ لا جدوى بعلم وشهادات بلا أخلاق ولا فضيلة.إن الدعوة والدعاة يحتاجان كذلك إلى جهد وصبر طويلين لكي يستطيع الداعية أو المصلح أن ينجو بقومه وإخوانه وعشيرته ومجتمعه من عذاب الله وعقابه وأن يتحوّل المجتمع تدريجياً من حالة انتشار المنكرات والمحرّمات التي تغضب الله تعالى وانتشار الظلم والعدوان وضياع الحقوق إلى حالة انتشار العدل والإحسان وإقامة شرع الله على أرضه. وأي مصلح أو داعية يستعجل قطف الثمرة أو يخطئ في أسلوب دعوته بالعنف والإكراه والتنفير فإنه سيتساقط ويسقط في أول الطريق أو منتصفه ولن يبقى على النهج الصحيح إلا العاملون العالمون المخلصون الصابرون من المؤمنين الذين يدعون إلى ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويبذلون كل ما يستطيعون لتحقيق تمام الاستطاعة حتى ينتفي عنهم التكليف والمساءلة وتبقى لهم الحجة والمعذرة أمام الله عز وجل يوم القيامة.

3836

| 09 يناير 2015

الفساد والأربعين حرامي

ونحن نقرأ الصحف في وطننا وفي سائر دول الخليج والعالم العربي والإسلامي نلاحظ أن كثيراً ما تقع أعيننا على أخبار ومقالات تتناول عدداً من أوجه الفساد وتحديداً تلك السرقات والانتهاكات التي تتعرّض لها أموال الدولة وخزائنها وميزانياتها وبالتالي مما يؤثر سلباً على مصروفاتها التي اقتطعت من دخلها وإيراداتها العامة دون أن يستفيد منها الوطن ولا المواطن وإنما يستفيد منها المنتفعون من أولئك المسؤولين وأعوانهم من التجار.إن الفساد ما هو إلا نتيجة لأزمة ما، وعلامة لمؤشر ما، وعرض لمرض يسري في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي من المفترض أنها تطبّق أحكام الشريعة الإسلامية المتمثلة في حد السرقة بقطع يد السارق وغيرها من الحدود والأحكام على اعتبار أن هذه الدول والمجتمعات تبدأ جميع دساتيرها – الوضعية – أو غالبها بمادة أولى مفادها أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد في التشريع - أو هكذا ينبغي أن يكون - فلماذا إذاً ابتليت الأمة بقضايا فساد لا عد لها ولا حصر رغم اعتمادها ذلك التشريع الإلهي في مثل هذه المسائل؟! ولماذا ارتبط ذلك بتخلّف دولنا وأوطاننا وتراجعها إلى ذيل قائمة الدول المتطورة في مجالات الصناعة والعلوم والتجارة والعلم والتأليف وغيرها من مظاهر النهضة والتطوّر؟! ولماذا أيضاً تقدمت علينا تلك الدول الغربية – الكافرة – المتخلّفة في عقيدتها وانحلال أخلاقها في حين أنها تطوّرت في كل تلك المجالات الآنفة الذكر بل وتقدّمت أكثر في مجالات حقوق الإنسان وحرية الرأي والرأي الآخر؟!الأمر ببساطة هو في ابتعاد الأمة عن شرع ربّها الذي أراد لها أن تسمو وتحلّق في السماء فإذا بها تنحدر وتلتصق بالطين والوحل وأوساخ الأرض، إن الخلل هو تطبيق الأمة لهذا الشرع الإلهي العظيم الذي تركته والتجأت إلى غيره من الشرائع الحقيرة التي لن ولم تستطع أن تنقذ واضعيها من البشر الذين ضلّوا وتاهوا الطريق في الحياة ناهيك عن أن تنقذ غيرها من الأتباع من بني جلدتنا المقلّدين لهم، في حين أن أولئك القوم في الغرب والشرق ممن لا دين لهم من الملاحدة والمشركين تفوّقوا لأنهم أخذوا مبادئ وأساسيات ديننا وطبّقوها رغم أنهم لم يأخذوا العقيدة السليمة التي نعتقد بها، ولكنهم أخذوا مبادئ الإسلام في العدل والحريّة والمساواة فنهضوا وتقدّموا وتطوّروا، فكيف إذا أخذناها نحن المؤمنين بالله تعالى وعملنا بها جميعها، بالتأكيد سنكون حينها على مشارف الاقتراب من جيل الصحابة والسلف الصالح الذين نعتقد اعتقاداً جازماً بأننا مهما فعلنا من الخير والفضل فإننا لن نصنع صنيعهم، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه).ندرك جيداً أن الخلل في التطبيق لهذا الدين العظيم هو الذي جعلنا في آخر الركب بين الأمم، وما تلك الاختلاسات هنا وهناك في المال العام ونحوها من السرقات إلا وجه واحد من ذلك الخلل في التنفيذ، ولو أن المرجع في تلك الحالات كان مرجعه (لو صلح الراعي لصلحت الرعيّة)، أو (ولو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)، لما وصل الحال إلى ما صرنا إليه حيث تعيش بلدان العالم الإسلامي في حالتين، إما دولٌ تنفق الملايين بل والمليارات على بنيتها التحتية وعلى مواطنيها ولكن لا جدوى من ذلك كلّه حيث تزداد السرقات اضطرادياً مع ازدياد ميزانية تلك المشاريع الكبرى والخدمات المقدمة للناس حيث يتغلغل الفساد فيها دون أن يتضح للناس ذلك الأثر الكبير في الرفاهية والترف وهي الحالة التي يشعر بها المواطنون في أغلب دول الخليج (النفطية) عندما لا يجدون أثراً لتلك المليارات الطائلة في تغيير أسلوب حياتهم إلى الأفضل، أما الحالة الثانية فإنها تتضح في تلك الدول (غير النفطية) التي لا تنفق كثيراً على بنيتها التحتية ولا على مشاريعها الكبرى نظراً لانشغال الحاكم وحزبه ومن معه في الحكم من المسؤولين والوزراء في السرقة والنهب من ميزانية الدولة – المعتمدة على إيرادات الزراعة أو السياحة غالباً - في أسرع وقت ممكن، خشية أن يكتشف أحد تلك السرقات فيتوقف رصيد حساباتهم في بنوك سويسرا وغيرها من الدول، بيد أن هذا الوقت الذي يراه هؤلاء غير كافٍ لسرقة المزيد من الأموال رغم وجودهم في الحكم لسنوات طوال.. لا يمرّ سريعاً على الشعوب التي سُحقت في انتظار الإصلاح والتغيير.. كما لخّصها أحمد الحفناوي ذلك الرجل التونسي عند اندلاع ثورة تونس بقوله (هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية). وفي كلا الحالتين تبقى الأوطان والشعوب ضحية لتلك السرقات والانتهاكات في المال العام، فالشعوب الخليجية ترى مجتمعاتها بصورة جميلة المظهر خارجياً بينما الحياة في الداخل من حيث الحالة الاقتصادية والاجتماعية لعموم الناس يرونها في أقبح صورة بل تجدهم يترحّمون على الماضي الجميل، أما الشعوب العربية والإسلامية الأخرى في الدول غير النفطية فإنها تعاني أضعاف أضعاف ما يعانيه الآخرون لأنهم بائسون في حياتهم ولا يرون تنمية أو تغييراً في بلدانهم من حيث البنى التحتية ولا المشاريع الكبرى، فبعضهم يعيش تحت خط الفقر ولا يبالي أن يرى وطنه يشهد نهضة عمرانية أو اقتصادية واضحة لأنه يعلم يقيناً بأنها مشاريع عبارة عن سرقات يستفيد منها اللصوص من خزانة الدولة!وفي قصصنا القديمة عندما اكتشف علاء الدين المغارة التي يخبئ فيها الأربعون حرامي الكنوز والأموال التي سرقوها من الناس قام بإعادة تلك الأموال إلى أصحابها، لكن الفساد اليوم أصبح زعيم عصابة لا يقود "أربعين حرامي" فحسب وإنما يقود جيشاً من اللصوص الذين قد لا يظهرون ملثّمين أو على الخيول كما في القصة وإنما قد يظهرون هذه المرّة وهم يكشفون وجوههم ويلبسون أجمل الثياب ويركبون أفخم السيارات ويعتلون أعلى المناصب!

981

| 02 يناير 2015

وزير سابق

من الملاحظ أن الكثير من أصحاب الرأي والخبرة والعلم والمعرفة ممن استلموا مهمات قيادية في أوطانهم في مرحلة من المراحل ووصلوا إلى أعلى الهرم الإداري في وزارات ومؤسسات الدولة سواء كانوا وزراء أو وكلاء وزراء أو قضاة أو عمداء كليات أو رؤساء جامعات أو أساتذة تربويين أو إعلاميّين مخضرمين أو رؤساء تحرير وصحفيين محترفين أو علماء أفاضل وغيرهم.. تجدهم عندما كانوا على رأس عملهم كانوا متفانين في أعمالهم ونشطاء في الكثير من الأحداث والفعاليات في المجتمع، وكان لهم نشاط وحضور واضحان بين الناس وفي الإعلام بشكل خاص، وسرعان ما انتقلوا من دائرة الضوء والنشاط إلى دائرة الظلام والفتور، فسرعان ما اختفوا من الإعلام ومن التواجد الفعّال بين الناس ومن الفعاليات والمبادرات المهمة في أوطانهم، كل ذلك لأنهم تركوا (مناصبهم) وفي لحظة واحدة أصبحوا على أعتاب مرحلة أخرى من الانزواء والانطواء والإهمال وبالتالي أصبحوا رهن الإحباط والفشل ومغادرة الحياة والاستعداد للموت.هذه الظاهرة تعاني منها الكثير من الدول العربية والخليجية بشكل عام ولكننا في قطر نعاني منها بشكل لافت وواضح، حيث تختفي تلك القيادات التي كانت تقود وزارات ومؤسسات وكان لها شأن وأثر عظيمان في الكثير من القرارات، فبعد أن كانت شعلة من النشاط وكتلة من الحماس وحزمة من العلاقات إذا بها تخفت وتبهت ويتلاشى بريقها وتغيب في غياهب (الماضي) الذي بدأ مع انتهاء (الوظيفة الرسمية أو المنصب الرسمي) الذي كان يتقلّده في آخر عهده.عندما يترك وزير الوزارة أو رئيس المؤسسة أو عميد الكليّة أو الجامعة أو نحوهم فيذيّل تاريخه الحافل بكلمة (السابق أو الأسبق) بعد أن أمضوا عدة سنوات في مناصبهم تلك – دون الخوض في إنجازاتهم أو إخفاقاتهم أثناء فترة عملهم – فإنهم بعد ذلك يمارسون دوراً (هامشيّا وتقليدياً) في مجتمعاتهم وفي مجتمعنا القطري تحديداً، حيث لا تصبح لديهم أنشطة أو مشاركات رسمية أو شعبية، بل ويتجاوز الأمر إلى مرحلة الغياب الفعلي أو الكلّي واختفاء الحضور الحقيقي في المجتمع. ولا أقصد هنا الحضور الحقيقي أو التواجد العادي كأن يحضر وزير سابق لحفل عرس أو أن يحضر قاضي محكمة سابق أو عميد كلية سابق أو ضابط عسكري سابق إلى وليمة عشاء أو دعوة شخصية لمناسبة اجتماعية.. فالجميع يفعل ذلك، وإنما أقصد الحضور الفعّال الذي ينتج عنه التأثير والمشاركة، فما العيب مثلاً أن يحضر مثل هذه الرموز أو النخب لبعض المحاضرات العامة أو الفعاليات المجتمعية المختلفة وأن يساهموا بتواجدهم في إضفاء نوع من الدعم والتقدير للمنظمين وللبرنامج وللفكرة أو الحدث الذي يحضره، فعلى سبيل المثال: إن حضور رئيس جامعة (سابق) أو عميد كلية (سابق) لمحاضرة ثقافية عامة إنما هو دليل اهتمامه وحضوره ومتابعته ورغبته في المشاركة بتعليق أو شهادة أو رأي أو حفاوة للحضور أو للمنظمين أو مجرد الاستماع إلى معلومة أو فائدة جديدة، فما الضير في ذلك؟! إذ إن الإنسان لا ينبغي أن يقف عند حد معين من العلم والمعرفة والاطلاع، وكلّما ازداد علمه ازداد معرفة بجهله، ولنا في العلماء وفي السلف الصالح خير أسوة وكان ابن عبّاس رضي الله عنه يتواضع – رغم مكانته – أمام كل من يحفظ حديثاً للنبي عليه الصلاة والسلام ولم يكن قد سمعه من قبل فيذهب قاصداً إليه ليتعلّم منه حتى أصبح حبر الأمة بعلمه وتواضعه الذي أوصله لتلك المكانة، ولذا كان ومازال العلماء أشد خشية لله تعالى، لأنهم يزدادون معرفة به سبحانه وتعالى كلما ازداد علمهم وأيقنوا بجهلهم فيما مضى فعدّلوا من أفكارهم وآرائهم واستغفروا لذنوبهم ولم يصّروا على أخطائهم بجهالة.وقد يقول قائل: كيف لشخصية معروفة أن تحضر في محاضرة أو ندوة أو فعاليات بالمجتمع دون أن توّجه إليه دعوة للحضور؟! ولماذا لم يدع أصلاً ضمن المحاضرين لتلك المحاضرة أو تلك الندوة ناهيك عن دعوته للحضور والاستماع فقط؟! والجواب على ذلك التساؤل يعود إلى تلك الشخصية نفسها التي اعتادت أن تضع شروطها الخاصة للحضور والمشاركة الإيجابية في مجتمعها، فمن يضع شروطاً لنفسه بأنه لن يحضر إلا بدعوة شخصية أو ببطاقة تليق بمكانته السابقة إنما يرتكب خطأين بحق نفسه، الأول أنه ظهر بمظهر المتعالي والمتكبّر والمزهو بماضيه ومكانته السابقة مما يؤثر في علاقة الناس به، الثاني أنه حرم نفسه الخير الكثير والعلم الوفير بمجرد استماعه لصوت (الأنا) في داخله والتي غلّبت المظهر على المضمون، فإذا كان (البرستيج) يمنعه أو (المظهر الاجتماعي) يحول بينه وبين حضوره وتفاعله مع ما حوله، فإنه بذلك سيكون أول الخاسرين، أما إذا غلّب المضمون والجوهر على المظهر وشارك وتفاعل من دون (رسميّات) ولا (مظاهر) فإنه بذلك سيكون أول الفائزين، الذين كسبوا المزيد من العلم والمعرفة وكسبوا كذلك محبة الناس الذين رأوا فيه تواضعاً وحسن أخلاق.وأذكر أنني التقيت مؤخراً بوزير سابق وكان ذا خلق رفيع وشخصية متواضعة، بل وعرّفني بنفسه، متواضعاً ثم تشرفت بمقابلته في مقهى لنتحادث معاً، فإذا به يلمّح إلى إحساسه بالفراغ والرغبة في تحقيق مزيد من الإنجازات لنفسه ووطنه، خاصة أنه كان طبيباً وهو الأمر الذي جعله (يتطوّع) لمعالجة الناس وخاصة (شيبان وعجايز) أهل قطر في أحد المراكز الصحية دون أن يأخذ أجراً رغم أنه (وزير سابق) ولكنه كان يذكر هذا الشيء ووجهه تغطيه ملامح الفرح والسعادة بما كان يفعله ويقول: (تكفيني دعواتهم الطيبة وفرحي بشفائهم بفضل الله تعالى). كما أنه يعكف على تدوين تجاربه ومذكراته بطريقة قصصية ممتعة ليستفيد منها الآخرون. فكم يحتاج مجتمعنا إلى مثل هذا الوزير السابق الذي رفض أن يستسلم للواقع ولم يجعل تأثيره ونشاطه رهين وظيفته السابقة كما يفعل الكثيرون وإنما تواضع وسعى لأن يساهم ويحضر ويتفاعل مع كل ما يجري حوله حتى بعد أن ترك منصبه أو حتى بعد تقاعده، ولعلّ في حديث نبينا العظيم خير تحفيز لنا: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، فما دام فيك قلب ينبض وما دام فيك أنفاس تصعد وتهبط، فلابد لنا أن نتفاعل وأن نكون إيجابيين وأن نسعى للتغيير وللخير حتى آخر لحظاتنا، ناهيك عن سؤال الله لنا عن أعمارنا وعلمنا وأموالنا، فكم لدينا من أهل خبرة واختصاص ينبغي أن يدلوا بدلوهم وأن يشاركوا في المجالس واللقاءات في الأحياء السكنية – على أقل تقدير – من باب زكاة ذلك العلم الذي تعلّموه، وأيضاً من باب (بلّغوا عنّي ولو آية).ويبقى اللوم أيضاً على الكثير من الجهات الرسمية والشعبية والوسائل الإعلامية والثقافية التي أصبحت تنافق كثيراً وهي توجّه دعواتها لبعض النخب والرموز، إذ إنها تدعوهم لا لمكانتهم العلمية والحياتية وإنما لمكانتهم الوظيفية الحالية، بينما تتركهم إذا ذهبت مناصبهم أدراج الرياح، فينبغي على الجهات أن تسعى لتفعيل تلك النخب والرموز وأن تشجّعهم للمساهمة، فكم نستمع ونشاهد كثيراً من اللقاءات عبر قناة الجزيرة لضيوف بألقاب (عميد سابق) (وزير سابق) وهكذا للإدلاء بدلوهم وسماع رأيهم وشهادتهم في قضية ما، فلماذا لا تفعل قنواتنا الوطنية وجامعاتنا ومؤسساتنا الثقافية ذلك مع أولئك الذين لديهم خبرات علمية وعملية وحياتية سابقة، فهم أحياء وليسوا بأموات، ولكن يريدون فقط.. من يتذكّرهم ويوّظف طاقاتهم، فكم ستكون سعادة ذلك الوزير (السابق) لو أن جمعية خيرية مثلاً في قطر جعلته سفيرها الفخري وجعلته يرأس طواقمها الطبية لمعالجة الفقراء والمرضى بالمجان في أنحاء العالم الإسلامي، كل ما نحتاجه هو أن ننظر للإنسان على أنه (إنسان وقيمة) لا على أنه (وظيفة ومنصب) زائلان لا محالة. والله المستعان.

1070

| 26 ديسمبر 2014

مفهوم الوطن

يختلف مفهوم الوطن من شخص لآخر ويختلف كذلك الشعور المترتب على هذا المفهوم من إنسان لآخر، لأن المرء غالباً ما يتفاعل مع بيئته المحيطة ومع الحياة بشكل عام وفق هذا المفهوم الذي يراه ويقتنع به والذي يبيّن معناه الحديث الشريف (من كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله..الحديث) ولهذا كانت بداية الحديث مفتاحاً لما سيأتي لاحقاً من مخالفات بسبب خلل في المفهوم الذي يجعل المرء يتحرك في اتجاهات خاطئة (من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).إن من يمعن النظر اليوم في شأن الوطن والوطنية يجد اختلافاً عجباً ووجهات مختلفة يدور في فلكها الناس ويبنون عليها تصرفاتهم وأفعالهم تجاه أوطانهم ومن يشاركونهم العيش فوق أراضيها، فهناك من يظن أن الوطن يتلخص في أشخاص معيّنين، وهذه الفئة كثيراً ما نجدها تربط الوطن بشخص الحاكم وتفرده بكل الخصائص التي يتمتع بها الوطن من أرض وتاريخ وشعب.. تختصرها في شخص ذلك الحاكم وفي صفاته إما سلباً أو إيجابا، فالمنتفعون من الحاكم يحبّون أوطانهم - من وجهة نظرهم - بينما هم في الواقع يحبّون الأموال والمنفعة أو المصلحة التي اختصّها الحاكم لهم مما جعلهم يختزلون الوطن في ذات الحاكم فحسب، والمظلومون والمضطهدون من الحاكم يكرهون أوطانهم لأنهم أيضاً أساءوا الحكم وأخطأوا المفهوم فاختزلوا الوطن في الحاكم نكاية على ظلمه واضطهاده لهم مما جعلهم سلبيّين تجاه انتمائهم للوطن كأرض وتاريخ وشعب لا كحاكم، شأنهم في ذلك شأن الفئة الأولى السلبية أيضاً والتي قدّمت منفعتها الخاصة على المنفعة العامة وأساءت التصرف نتيجة ذلك المفهوم الخاطئ الذي بنت عليه مفهوم الوطن وسعت لتحقيقه وإنجازه.وفي المقابل يقوم مفهوم الوطن لدى بعض الحكام أو أصحاب النفوذ أو الأسر الحاكمة أو السياسيين أو القادة أن الوطن ما هو إلا شعب يحتاج إلى قيادة حازمة وقوة عسكرية لإدارته والتحكم في إرادته وطموحه وأحلامه مما جعلنا نرى البعض يتحدث عن أبناء وطنه بتعال وتكبر واضحين، بل وسمعنا من يصف الناس بأنهم جرذان - كالقذافي - وسمعنا من تأفف لمطالب الناس وحاجتهم للزيادات والأراضي والمساكن وكأنه يعتبر الوطن بيتاً كبيراً له وأنه تفضّل على الناس بأن تركهم يسكنون في (ملحق) تابع لقصره! يُخرج لهم كل يوم ما تبقّى من فتات الخبز وبقايا العظم! بل ورأينا من يستنكر مطالب الناس بحجة أنه قد أعطاهم سابقاً كذا وكذا، وأنه بنى لهم مدارس ومستشفيات وزوّدهم بالكهرباء والماء ونحوه! في مغالطة كبيرة تنسب الفضل للحاكم والحكومة لا لله تعالى المعطي والرازق.وأولئك الذين يريدون لأوطانهم أن تسير خلف الغرب شبراً بشبر وذراعاً بذراع ويتمنون فساد المرأة وتحررها ويسعون في أوطانهم فساداً وظلماً هؤلاء أيضاً أبعد ما يكونون عن الوطنية لأنهم لا يريدون له الخير وإنما يريدون إشباع غرائزهم وشهواتهم بإشاعة التعري والانحلال والفساد، وأصبح مؤلماً حقاً أن يتحدث هؤلاء عن الوطنية في أوطانهم رغم (علمانيتهم وليبراليتهم وقوميّتهم) البغيضة بينما يوصف (الإسلاميون) في أوطانهم في بعض بلاد المسلمين بأنهم إرهابيون ومخرّبون وأنهم لا يحبّون أوطانهم! بل على العكس تماماً فهم يحبون أوطانهم أكثر من غيرهم ربما بل ويغارون عليه ويريدون أن يكون وطنهم أفضل الأوطان لأنهم يريدون نشر الخير والإصلاح والفضيلة فيه من خلال نهيهم عن المنكرات من خمور وربا ونحوها مما يغضب الله تعالى ويتسبب في خسائر دنيوية فضلاً عن تخلّف أوطانهم نتيجة تبعيّتها للغرب وتقييد نهضتها وتفوقها على سائر الدول والأوطان.إن مفهوم حب الوطن يجب أن يعاد صياغته في الأذهان إلى كل شيء يحبه الله ورسوله ويرضاه، ويبتعد تماماً عما سواهما من الأقوال والأفعال، فمن يحب وطنه لابد له أن يتقيد بتلك الضوابط وإلا سيتحول حب الوطن في مفهومه إلى حب السلطة أو المال أو المنفعة أو الشهوة أو الفساد، وهذا ما لا نتمناه لبلادنا ولا إلى سائر بلاد المسلمين. (رب اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين).

5131

| 19 ديسمبر 2014

لا ديمقراطية ولا هم يحزنون

وسط انشغال الحكومات العربية والخليجية بشؤونها العامة وعلاقاتها الخارجية فإنها تغفل أو تتغافل ما يحدث في الداخل من مشكلات اجتماعية وأزمات ثقافية ومعضلات اقتصادية يعاني منها الناس وتتحمّلها الشعوب دون حكوماتها أو بالتحديد تتحمّلها أغلب فئات الشعب في المجتمع باستثناء الطبقة المخمليّة فيه التي تقترب من دائرة الحكم وصنع القرار أو طبقة التجّار والأثرياء الذين جاوزوا حد الغنى إلى الفحش في الثراء لأمرين اثنين في الغالب، إما لكونهم ممن ينافقون ويمدحون السلطة أو الحاكم بأقوالهم وأفعالهم وأموالهم، ليلاً ونهارا وسرّاً وجهارا، وإما لكون السلطة أو الحاكم يريد أن يعزّز بقاءه لأطول فترة ممكنة من خلال شراء الذمم والضمائر وتكوين صفوف من الطابور الخامس المدافع دائماً وأبداً عن أي قرار تتخذه الحكومات وأي قانون تضعه السلطات، ولهذا فهم – أي الأثرياء – في الغالب من الذين حققوا مكاسب ما كانوا ليحصلوا عليها لولا رضا السلطة عنهم ولولا غض الطرف عنهم حال اختراقهم للقانون ولولا الاستثناءات التي منحتها لهم السلطة أو الحاكم وفي الوقت نفسه ما كان للسلطة أو الحاكم أن يحقق ذلك الهدوء العام في المطالب والحقوق من قبل الشعوب لولا جهود هذه الفئة في وأد كل محاولة للمطالبة بالمزيد من المطالب، لأن مطالبهم – أي الشعب – تعني تقليص مساحة نفوذ ومعدّل ربح طبقة التجار والأثرياء، ناهيك عن دورهم في تلميع صورة السلطة دائماً وأبداً في أحاديثهم وتصريحاتهم، بل وأثناء مخالطتهم لعموم الناس، هذا إن خالطوهم أصلاً، ليشعر الناس عندها أن (العيب فيهم) لا في الحالة الاقتصادية أو الوضع الاقتصادي الذي تسببت السلطة في تكوينه وتشكيله وأسهمت بشكل مباشر وغير مباشر فيه، ليعود المواطن البسيط إلى نفسه يجرّ أذيال الخيبة ويلوم نفسه أحياناً، لأنه ولد في طبقة كادحة أو متوسطة، بل ويتعدّى الأمر في أن يلوم والديه لأنهما أنجباه في هذه الطبقة، حتى يقتنع هو وأبناؤه وأحفاده من بعده – بعد أن تزداد فجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء – بأن هذا الأمر عائد إلى الصفات الوراثية أكثر منه إلى الفرص والإمكانات المتاحة والتي في الغالب توجدها السلطة، بل وتتحكم فيها، جملة وتفصيلا.إن من يفترش الأرض ليبيع مجموعة من البضائع زهيدة الثمن – كحال أغلب الباعة المتجوّلين في كل دول العالم – إنما يمارس حقّه الطبيعي في تحسين حالته المادية وبالتالي تعديل وضعه الاجتماعي، وهو بذلك يمارس حقاً لا تملك السلطة أن تمنعه منه إلا إذا تجاوزت السلطة حدود الحرية إلى القمع وانتهاك الحقوق، فهذا شيء آخر، أمّا إذا مارست السلطة دورها الطبيعي المتمثل في المراقبة وحفظ الحقوق، فهذا شيء طبيعي وضروري ومهم لحفظ الحقوق، كما أسلفنا وللحفاظ على اقتصاد قوي جاذب للاستثمار الأجنبي، رغم التحفّظ على هذا المصطلح قليلاً إذا ما قابله – على النقيض تماماً - طرد المستثمر المحلي ابتداءً أو إحلاله بالأجنبي أو تفضيله بمعنى آخر (عين عذاري.. تسقي البعيد ولا تسقي القريب).نعم قد نعذر السلطات إذا ما منعت الباعة المتجوّلين أو أصحاب الدكاكين والمحلات الصغيرة من بيع بعض (الماركات) مثلاً بحجة أن وكيلها والمرخّص لها قد دفع مبلغاً من المال في مقابل اختصاصه ببيع تلك (الماركة) رغم تحفّظي كذلك على تجارة الماركات أساساً، ناهيك عن رواجها والترويج لها، فقد نعذر من وضع القوانين بأنه بذلك يحمي حق التاجر الكبير من أن (ينافسه) التاجر أو البائع المتجوّل و(يخرب بيته!) أو بالأحرى يخرب قصره أو قصوره الفخمة، نعم قد نفهم أن الحكومات أو السلطات لا تريد خراب قصور التجّار، ولكننا لا نفهم لماذا تمنع السلطات أو الحكومات في دول العالم الثالث أو العربي، مواطناً أو بائعاً متجوّلاً، يبيع بضاعة بسيطة أو يبيع مأكولات ومشروبات بسيطة لا (ماركة فيها ولا علامة تجارية)، فهذا إنما يندرج تحت باب تأصيل الاحتكار وقمع الحريّات، لا تفسير له غير ذلك.إن السلطة التي بإمكانها أن تتحكم في محصول مزارع وتمنعه من أن يبيع بعض الخضراوات والفواكه على قارعة الطريق أو بجانب مزرعته، رغم أنه يملكها ويملك المحصول كلّه، بحجة أنه لا يملك ترخيصا مثلاً، هي ذاتها التي أعطت آخرين حزمة أوراق تسمى (تصاريح) تؤهلهم للبيع في مكان يسمّى (السوق) أو (ساحة المزاد) رغم أنهم (لا يملكون مزارع ولا محاصيل)، ولكنهم بذلك الحق الممنوح لهم من قبل السلطة أصبحوا يتحكمون في مصير الآخرين، فأصبح من لا يملك يتحكّم في مستقبل من يملك، ومن لا يملك أرضاً أو محصولاً أصبح أقل دخلاً وأبخس أجراً ممن يملك مجموعة أوراق وتصاريح رسمية موهوبة له من السلطة، حتى إذا اعترض المزارع على ذلك الأجر المفروض عليه لا يستطيع بيع محصوله في مكان آخر وإلّا كان التلف مصير محصوله.وهكذا الأمر يتكرر في شتّى مجالات التجارة والصناعة، فمن بيده سلطة ممنوحة يستطيع أن يأكل حقوق الناس بمباركة من السلطات وبتأييد منها، بل إن سكوتها عن ذلك يعني مباركتها وموافقتها (بخلاف ما ينشره العامّة بكل سذاجة أن رأس السلطة لا يعلم بذلك، لأنه لو علم بتلك التجاوزات لأوقفها)، غير أن الواقع يقول عكس ذلك، فلا شيء يخفى على السلطات في العالم الثالث، إن خافت على أمنها حرّكت جيوش استخباراتها لمعرفة كل صغيرة وكبيرة، فلماذا لا تفعل الشيء نفسه في شؤون العامة، ودفاعاً عن حقوقهم.إنها العولمة التي جعلت الدول الغنيّة تتحكم بموارد الدول الفقيرة دون أن تملك فيها شيئاً، فالدول الكبرى تحكّمت بقوانينها وسلطاتها في محاصيل آسيا وإفريقيا، رغم أنها لا تملك فيها شيئاً، وإنما تحكّمت بالقانون الجائر وبالقوّة العسكرية التي تدخّلت عنوة بحجّة المساهمة في استقرار تلك الدول، بينما هي في واقع الأمر لحماية مصالحها ولتهديد أمنها. وهكذا فعلت دول العالم العربي عندما لم (تتشطّر) على الدول الكبرى أو دول الغرب ولكنها استعرضت عضلاتها على شعوبها وبالأخص على أهل الحقوق والضعفاء المساكين منهم، فوهبت السلطات لمن لا يستحقون لا للحفاظ على اقتصادها كما يزعمون، وإنما للحفاظ على كراسي الحكّام ومن يحمونهم ويدافعون عنهم – العساكر والإعلاميون والتجاّر والأثرياء – وبما أن الظلم ظلمات ودعوة المظلوم مجابة ولو بعد حين، لذلك تجد أن معظم مشاريع وموازنات تلك الدول الظالمة والقاهرة لشعوبها تتعطّل وتتأخر وتتعرض للسرقات وللنهب من قبل المقاولين المنفّذين لها، ناهيك عن فشلها وتجاوزها لمدة تنفيذها وميزانياتها الأولية، بالإضافة إلى سرعة خرابها وكثرة صيانتها.. ناهيك عن انتزاع أراضي الناس بحجة إقامة مشروعات عليها للمنفعة العامة، بينما يترك أصحابها ليعانون الشتات وغلاء الأراضي والمساكن، فكان الجزاء والعقاب (الدنيوي)، حيث تأخرت تلك المشاريع وتعطّلت ربما بدعوة مظلوم واحد، فما بالك بآلاف وملايين المظلومين في أنحاء الوطن العربي، كل ذلك ليبقى الحكّام على كراسيهم ولينتفع أهل الفساد بالفوضى المباركة من السلطة ويزيد أهل الثروة ثراءً ويبقى الوضع على ما هو عليه، لا ديمقراطية ولا هم يحزنون.

1351

| 11 ديسمبر 2014

في انتظار القتل!

قد يبدو من الصعب الآن - وفي هذه المرحلة تحديداً من تاريخ الأمة - أن يشرح معلّم لطلّابه أو يتحدّث أبٌ لأولاده عن تلك الصفات الحميدة التي كان يتحلّى بها العرب - قديماً - من الشجاعة والكرامة والشهامة والنخوة والمروءة والأمانة والصدق، ذلك لأنها ربّما لم تعد موجودة في قاموس الكثيرين منهم وبالتحديد عند الحكّام العرب ورجال السياسة الذين تخلّوا عنها واستبدلوها بالجبن والخوف والذلَ والخضوع والخنوع في تعاملاتهم مع أعداء الأمة وبالخيانة والكذب في تعاملاتهم مع شعوبهم!إن الذي يتابع ردود فعل الحكّام العرب تجاه قضايا الأمة المصيرية في السابق كان لابد أن يتملّكه الغضب وهو يستمع لنشرات الأخبار ويقرأ في عناوين الصحف وهي تغصّ بكلمات مثل: نشجب، ندين ونستنكر! في الوقت الذي كان فيه الشارع يغلي من الغضب والشعوب تثور نصرة لإخوانهم المسلمين في بلاد الإسلام، ومنذ ذلك الحين والشعوب قد (غسلت يدها) من هؤلاء الحكّام الذين على كثرة عددهم وزخم المواكب والوفود التي كانوا يتباهون بها في مؤتمراتهم..على الرغم من ذلك كلّه – للأسف – لم يكونوا أصحاب تأثير ولا قيادة في معظم قضاياهم ناهيك عن القضايا الدولية الكبرى، بل إنهم أصبحوا (علكاً) تلوكه ألسنة كل من يعرف بالسياسة ومن لايعرف بها، بل وأصبح اليوم من الغريب العجيب أنك ترى الحكّام لا يتخذون قرارات حاسمة تجاه قضايا أمنية من شأنها أن تهزّ عروشهم وتزلزل حكمهم كقضية احتلال ايران للعراق من خلال المالكي ومرتزقته ولليمن من خلال الحوثي وأتباعه، فاليوم اختفت حتّى كلمات الشجب والإدانة والاستنكار حتى أصبحنا لا نجد حتى التلميح بأن هناك خطراً قادماً ينبغي الحذر منه، بل على العكس وجدنا تناقضاً في التعامل مع الإسلاميين وتصعيداً للعداء لهم بل وإدراج المنظمات والجماعات الإسلامية السنيّة إلى قائمة الإرهاب بينما الأحزاب الطائفية الشيعية لا يجرؤ أحد على نعتها بأي صفة لا تليق حتى لا يغضب الإيرانيّون والأمريكان معاً بعد عملية (زواج المتعة) التي (تمتّع) فيها (المفاعل النووي الإيراني) بـ (القواعد العسكرية الأمريكية) في الخليج مما نتج عنها ولادة مصلحة مشتركة وتحالف قوي بين الإيرانيين والأمريكان ضد دول الخليج العربي بل والعالم العربي والإسلامي بأكمله.إن من الغريب فعلاً أن نجد العرب الذين عُرفوا بالشجاعة والقوة يصلون إلى هذه الدرجة من الخوف والجبن بحيث تراهم يذعنون لأوامر الأمريكان ويرتعدون من تهديدات ايران التي باتت تلهو في دول الخليج من خلال خلاياها وأتباعها كما يلهو اللاعب المحترف بكرة القدم! بل إن من الغريب أيضاً أن نجد العرب الذين عرفوا بالكرامة والمروءة والشهامة يصلون إلى هذه الدرجة من الذلّ والهوان والنذالة وهم يرون حرائرهم وأخواتهم المسلمات يغتصبن وتنتهك أعراضهن في إيران (قضية ريحانة وغيرها من نساء أهل السنة) وفي سجون المالكي في العراق وفي أرض الشام على يد قوات المجرم بشار الأسد ناهيك عن نساء المسلمين في سجون الصهاينة وفي بورما وميرمار وأفريقيا وسائر بلاد العالم حيث بات العرب بلا شهامة ولا أخلاق تحرّك فيهم شيئاً من بقايا الصفات الحميدة التي كانوا يتحلّون بها في جاهليتهم قبل الإسلام، ولا عجب أن يحدث ذلك في جاهلية جديدة أبعدتهم عن دينهم الذي أعزّهم وارتقى بأخلاقهم الحميدة بينما هذّب وشذّب أخلاقهم الدنيئة بعد بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي بعث فيهم ليتمم مكارم الأخلاق، فها هي أخلاقهم تعود إلى جاهليتها بل وإلى ما دون تلك الجاهلية الأولى لبعدهم عن الإسلام وهوانهم على الناس أجمعين.إن جمال عبدالناصر الذي كان يتغنّى بالعروبة والقوميّة والاشتراكية وغيرها من شعارات الجاهلية وكان يضحك فيها على الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط بقوله (سنرمي إسرائيل في البحر!) بينما في واقع الأمر لم يفعل شيئاً تجاهها بل سطّر بخطبه الفارغة صفحة من صفحات الذلّ والهوان العربي الذي كان يتغنّى بقوميّته الجاهلية بعيداً عن الإسلام حيث اتضح أنه لم يرم بإسرائيل ولكنه (رمى بالمصريين في السجون) وفرد عضلاته على الجماعات الإسلامية وعلى أعضاء جماعة الإخوان وعموم الملتزمين بدينهم! ولهذا فقد كان خدعة صوّرها الإعلام المضلل بأنه (بطل قومي!) بينما هو في واقع الأمر وبال على قومه وعلى وطنه وعلى أمته، وها هي الأيام تلد لنا أمثاله ممن يفردون عضلاتهم على شعوبهم وعلى الجماعات الإسلامية والمصلحين لأوطانهم بينما يتقازمون أمام الصهاينة والأمريكان والإيرانيين صاغرين مذعنين!إن مشهد الخوف الذي كان يتملّك المسلمين في فترة الضعف والهزيمة النفسية قبل وصول التتار مما جعل الجندي التتري يأمر المجموعة من المسلمين بأن ينتظروا في مكانهم ريثما يجلب (السكين) ليذبحهم! به ثم يعود ليجدهم في مكانهم الذي تركهم فيه دون أدنى مقاومة أو حركة! هذا المشهد قد تكرر في زمن الهالك جمال عبدالناصر عندما أبعد الناس عن دينهم حتى دبّ الذعر في الجنود المصريين تاركين الدبابات وهي تشتغل دون إعطابها غنيمة سهلة للصهاينة! وقد يتكرر في زمننا هذا عندما يأتي الأمريكان والإيرانيون معاً بأسلحتهم إلى كل دول الخليج (بعد أن يسيطروا على اليمن) دون أن يتحرّك أحد من مكانه..في انتظار القتل!

1086

| 27 نوفمبر 2014

الصهاينة في إجازة

عندما ترفض حركة حماس الإسلامية وحركة الجهاد الإسلامي المبادرة المصرية التي تقدمت بها حكومة عبدالفتاح السيسي إلى إسرائيل لوقف إطلاق النار أو الصواريخ فتقبل بهذه المبادرة إسرائيل ويقبل بها كذلك محمود عباس (مؤيد حل الدولتين ووسيط الاستسلام مع الصهاينة) فإننا ندرك وقتها بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه المبادرة تدعو إلى سحب سلاح المقاومة بل وسحق المقاومة وإسقاط راية الجهاد في أرض الرباط (فلسطين ومن حولها) حتى يتمكن الصهاينة من رقاب المسلمين ويُحكموا سيطرتهم على كل أرجاء فلسطين ومن حولها لتسقط كل القرى والمدن أمامهم وليسهل بعدها فعل المزيد من المجازر في المسلمين!.إنها بلا شك مبادرة حقيرة خسيسة بدليل أنها وصلت للإسرائيليين وأعوانهم في حين أن حماس والجهاد الإسلامي لم يكونوا على علمٍ بها إلا بعد أن فضحت قناة الجزيرة تلك المبادرة وتناقلتها وسائل الإعلام الأخرى بما يفيد بأن الجانب المصري كان سريعاً في إيصال مقترحاته وقريباً إلى الصهاينة أكثر حتى من الجانب الفلسطيني (عباس ومن معه)، والدليل الآخر هو أن أهل الحق والكرامة والمبادئ والقيم قد رفضوها بينما قَبِل بها أهل الباطل والذلّة وعديمي المبادئ والقيم والإنسانية كذلك! والدليل الآخر وليس الأخير هو أن هذه المبادرة جاءت بعد أن هرع رئيس المخابرات المصرية إلى الصهاينة مستكملاً مسيرة التنسيق الأمني! مع إسرائيل تنفيذاً لأوامر عبدالفتاح السيسي الذي سبق وأن باع وطنه وخان دينه ورئيسه وقتل شعبه فماذا نتوقع من مبادرات تصدر من أمثاله غير المزيد من الخزي والعار لمصر وللأمة الإسلامية.إن من يبحث في تاريخ الاحتلال الإنجليزي وغيره من قوات الاحتلال لمصر وغيرها من بلاد الإسلام ليجد أن الأعداء دائماً ما يحرصون على زرع الفتنة والخلاف في صفوف المسلمين وفي أوساط المجتمع المسلم الذي احتلّوه - حتى بعد أن يرحل الاحتلال - من خلال تمكين وإعطاء الصلاحيات وتوزيع المناصب على من لا يستحقون وعلى العملاء الموالين لهم والذين عادة ما يكونون من أراذل الناس أخلاقاً وأسوأهم طباعاً أو من اللصوص والمرتزقة حتى يستمر بعد ذلك ظلم الناس وإشاعة الفوضى وضياع الحقوق في المجتمع على يد هؤلاء الذين لا يعرفون - في الغالب - شيئاً عن الدين وإن عرفوا منه شيئاً فإنهم يشوّهون صورته ويسيئون إلى الإسلام في مجمل تصرّفاتهم وأخلاقهم، ولهذا فإننا نذكر أن المسلسلات المصرية قديماً كانت كثيراً ما تعرض صورة (العمدة) في قرى مصر وهو الحاكم الذي يلجأ إليه الناس للاحتكام في شؤونهم ونزاعهم والذي غالباً ما يسكن في بيت أفضل منهم! ويأكل ويلبس أفضل منهم! ويعيش حياة أفضل منهم! والذي غالباً ما يكون ظالماً في حكمه ودنيئاً في صفاته وفظّاً في تعامله وهو ما يريده الاحتلال دائماً عندما يلجأ إلى هذه الفئة أو الشرذمة من الأشخاص فيوكل إليهم مهمة (الحكم) أو (العدل) أو (القضاء) أو (الأمن) أو (إقامة الشرع) وكلها أمور أبعد ما تكون عن استحقاقهم لتلك المهام الكبرى ناهيك عن الجزئيات الصغرى في تسيير أمور الحياة المعيشية المختلفة، فأولئك الأشخاص الذين زرعهم الاحتلال والأعداء أبعد ما يكونون عن تحقيق تلك المهمّات وأقرب ما يكونون إلى (العمالة) و (الخيانة) و (الذلَة والمهانة).ولهذا فلا ينبغي الاستغراب إذا زادت أعداد عبيد الصهاينة والغرب مؤخراً ممن باعوا دينهم وعروبتهم وكرامتهم وإنسانيّتهم فأصبحوا يقدّمون القرابين تلو القرابين إرضاءً لليهود والنصارى حتى وإن كان في مقابل تواطؤهم لقتل إخوانهم في مصر وسوريا وفلسطين وتحديداً في غزّة، ولهذا لا أستغرب أن يستريح الصهاينة (في إجازة طويلة) من مهمة التجسس والتخطيط والتآمر لأن السيسي وأعوانه وأمثاله بالإضافة إلى المنافقين وأذنابهم أصبحوا يتجسسون ويخططون ويتآمرون على الإسلام والمسلمين نيابة عنهم.نسأل الله تعالى في هذه الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك أن يسدد رمي إخواننا في حماس والجهاد الإسلامي وأن ينتقم الله من اليهود وأعوانهم وأنصارهم من أدعياء الإسلام وأن يجمعهم جميعاً في قعر جهنم حتى يلعن بعضهم بعضاً، وأن ينصر الإسلام وأهله في كل مكان.. ويشفي صدور قوم مؤمنين.

1185

| 24 يوليو 2014

غزّة أرض العزّة

مثلما رجعت حليمة إلى عادتها القديمة.. رجعت مصر (ويا للأسف) إلى عهد الهزيمة والإذعان للعدو الصهيوني والأمريكي معاً ولكل من "هبّ ودبّ" من أعداء الأمة الإسلامية وذلك بفضل جهود السيسي الذي خطط للانقلاب بمعونة أولئك الأعداء وبتمويل ودعم خارجي من بعض دول الخليج، والآن وبعد أن نجح الانقلاب ونجحت بعده عملية ترشّح السيسي وحيداً للرئاسة دون أي منافسة ولا مقاومة ولا اعتراض من أحد، ومن ثم أصبح هو الرئيس المصري الجديد لأرض مصر التي عانت من تتابع (الفراعنة) على حكمها، واحداً تلو الآخر، وها هو يعود ليستكمل مسيرة المخلوع حسني مبارك ويمشي في طريقه باتجاه التعاون المطلق والرضوخ التام لمطالب الصهاينة والأمريكان ويسارع إلى التنسيق الأمني مع الصهاينة ويرسل إليهم رئيس المخابرات المصرية، كما كان يفعل عمر سليمان (رئيس المخابرات المصري الهالك) الذي كان حلقة (التعاون والتنسيق) مع العدو الصهيوني لتضييق الخناق على قطاع غزّة وعلى الفلسطينيين بشكل عام من أجل القضاء على حركة حماس والجهاد الإسلامي وإسقاط راية (الجهاد) ضد هذا العدو الغاصب بالتعاون أيضاً مع محمود عباس الذي شاهدناه يغضب ويثور ويحمرّ وجهه عند اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل، بينما لم يفعل الشيء نفسه عندما قصف الصهاينة غزّة في السابق أو يقصفونها الآن في شهر رمضان المبارك على مرأى ومسمع العالم.أدار السيسي ظهره لكل من أيّدوه ونصروه وأعانوه في انقلابه على الرئيس محمد مرسي وأصبح اليوم ينفّذ أجندته أو بالأحرى أجندة الأمريكان والصهاينة بخلاف ما زعمه من مقولات فارغة وتصريحات كاذبة حول حبّه لمصر وللمصريين الذين قال إنهم (في عيونه) فإذا به قبل الرئاسة يأمر الدبابات بقتلهم والجرافات بدهس جثثهم! فماذا عساه يفعل الآن وهو الآمر الناهي في مصر (المسلوبة الإرادة) و(المخطوفة القيادة)؟! بل وما عساه أن يفعل إن لم يكن المصريون (في نن عينيه) إذاً لا عجب أن يفعل بهم كما فعل هتلر باليهود في (المحرقة المزعومة) غير أن السيسي أحرق أبناء وطنه بالفعل في ميدان رابعة العدوية والنهضة في محرقة (غير مزعومة)، بل شاهدها العالم بأسره ونقلت الكاميرات صور عشرات الجثث التي تفحّمت واحترقت بفعل أوامر السيسي بحرق الخيام وإطلاق الرصاص على المتظاهرين ضده في كافة أنحاء مصر.ها هي غزّة اليوم وفي شهر رمضان المبارك تُقصف من قبل الصهاينة أعداء الله ورسوله بعد أن عاد إليهم الأمن والأمان من جهة مصر بفضل السيسي الذي أغلق معبر رفح وقصف المقاومة في سيناء (نيابة عن الصهاينة) وأعاد الاطمئنان إليهم مثلما فعل حسني مبارك ومن قبله أنور السادات بعد أن عاهدوا الصهاينة في معاهدة الاستسلام أو (السلام) المزعوم التي أمّنوا بها الحدود المصرية مع الكيان الصهيوني حتى استكمل العدو تأمين حدوده مع دول الجوار كلها وبالأخص مع المجرم بشار الأسد الذي أظهر مقاومته لهم في العلن، بينما كانت هضبة الجولان أكثر الأماكن أمناً للإسرائيليين – باعتراف الصهاينة أنفسهم – بعد أن سقط القناع عن وجهه القبيح هو وحسن نصر اللات الذي قام هو الآخر بتأمين الحماية لإسرائيل باستهداف أهل السنة في لبنان وسوريا وفلسطين، ليصبح الوضع في النهاية آمناً لإسرائيل من خلال توظيف هؤلاء في دول الجوار المحيطة بفلسطين.. ناهيك عن الخونة من الفلسطينيين أنفسهم في داخل فلسطين.ها هي غزّة تقصف مرة تلو المرة وهي تحمل راية العزّة والكرامة التي سقطت في كثير من دول العالم الإسلامي نتيجة تخاذل الحكّام وتواطؤهم واستسلامهم للكيان الصهيوني، ناهيك عن تعاون بعضهم بكل وقاحة وخيانة معهم ودعم بعضهم وتأييده لحصار غزّة، بل وقصفها وتوجيه الضربات لها حتى تنهار حركة حماس ويسقط الجهاد على أرض فلسطين، فيفرح اليهود وأعوانهم من خونة العرب ليعيثوا في الأرض فساداً وانتهاكاً للحقوق والحرمات.إن ما يحدث على أرض العزّة أرض غزّة اليوم يكشف لنا تخاذل المتخاذلين وجبن الجبناء ونفاق المنافقين من أبناء العروبة ومن المحسوبين على المسلمين، لقد انكشفت أقنعة الزعماء العرب الذين كانوا يتشدقون في مؤتمراتهم بالكلام عن فلسطين، بينما هم أول من باعوها واستسلموا للصهاينة حفاظاً على كراسيهم الزائلة، وانكشفت كذلك أقنعة الكثير من العملاء.وكما كان شهر رمضان المبارك شهر عزّة ونصر وتمكين للمسلمين كما في غزوة بدر الكبرى (السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة) وكذلك حرب العاشر من رمضان 1393هـ (6 أكتوبر 1973م) نرجو الله أن يسدد رمي إخواننا في حماس والجهاد الإسلامي اللتين أعلنتا النفير العام واستمرار إطلاق الصواريخ حتى يتوقف الكيان الصهيوني عن قصف غزّة، ونرجو الله أن تصل تلك الصواريخ إلى أهدافها وأن يدبّ الذعر والخوف والقتل والتشريد في الصهاينة ومن وراءهم من خونة العرب وأن تُلغى فكرة (الدولتين المتعايشتين) التي يروّج لها محمود عباس ومن على شاكلته من المنهزمين وأن يكتب الله لهذه الأمة قادة مسلمين يعودون بها إلى القرآن والسنة وأن يحكّموا فيها شرع الله وكتابه وسنة نبيه حتى تعود دولة الإسلام حقيقة لا شكلاً واسماً.. بل وخلافة راشدة على نهج النبوة، إن شاء الله.

1311

| 14 يوليو 2014

فاستخفّ قومه فأطاعوه

يبدو أن الشعب المصري سيظل يعاني من تعاقب الفراعنة عليه لسنوات طوال مالم يطرأ تغيير جذري في واقعه وفي عقلية الشعب المصري نفسه الذي ما إن لبث وتحرر من أسر آخر فرعون (حسني مبارك) وتنفّس هواء حريّة الرأي والتعبير والمشاركة في القرار مع بداية عهد الرئيس الشرعي محمد مرسي - المنتخب بإرادة الشعب المصري لأول مرة - ما إن حدث ذلك حتى ظهر فرعون جديد آخر هو (عبدالفتّاح السيسي) الذي جاء بمباركة وتطبيل وتمجيد من فئة غوغائية همجية من (بلطجية) الشعب المصري في الإعلام والقضاء والجيش والشرطة وسائر الحكومة ممن يقتاتون ويعيشون في الذلّ والرذيلة والفساد ويستمتعون بطوق العبودية في رقابهم.. وفق المثل الشعبي الدارج بينهم (القط يحب خنّاقه).فهاهو (السيسي) الذي خنق إرادة الشعب المصري وكتم حريّته في اتخاذ قراره يعيث على أرض مصر فساداً بعد أن انقلب على رئيسه وخان دينه ووطنه بتأييد وتواطؤ من قوى الشر والظلام في الداخل والخارج، هاهو يزهو بنفسه أكثر ويرى نفسه قادراً على قيادة هذا الشعب المغلوب على أمره بعد أن أصبحت قيادة الجيش بالنسبة له أمراً تافهاً إذا ماقورنت بقدراته وصفاته الأخرى! خاصة بعد أن وصفه أحد جنود هذا الفرعون بأنه مرسل من عند الله تعالى! مثل سيدنا موسى عليه السلام (والعياذ بالله) في كفر صريح وبهتان عظيم، ناهيك عن من قدّس شخصيته ومن أعطاه صفات البركة والكرامة وهكذا دواليك، أفلا يحقّ له بعد ذلك أن يزهو بغروره أكثر.. في استخفاف واضح وصريح لعقلية الشعب المصري، ليكرر ماقام به الفرعون الأول كما ورد في قوله تعالى ( فاستخفّ قومه فأطاعوه ).. ولهذا ليس ببعيد أن يقول كما قال فرعون الأول من قبله ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلّي أبلغ الأسباب *أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زُيّن لفرعون سوء عمله وصُدّ عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ).إن ما يجري على أرض مصر من مسرحيّة هزلية تكررت كثيراً في عهد الطغاة والفراعنة السابقين في مصر كما تكررت كثيراً في دول الثورات العربية وغيرها من الدول العربية والإسلامية التي ابتليت بحكّام التصقت أجسادهم بكراسي الحكم كما يلتصق التوأم بأخيه، بيد أن التوأم قد يجري فصله بكل سهولة الآن مع الحفاظ على حياة الاثنين غير أن هؤلاء الحكّام ليس من السهولة فصلهم عن كرسي الحكم إلا بالقوّة لأنهم لا يكترثون بزوال شعوبهم وأوطانهم في مقابل احتفاظهم بالحكم، ولعلّ بشار الأسد (قاتله الله) هو أوضح مثال على تخريبه لوطنه من أجل إرضاء غروره وبسط سيطرته وتنفيذاً لمخطط أسياده في إيران وحزب الشيطان والصهاينة والأمريكان، ولا أبالغ إن قلت بأن هناك من الحكّام العرب في غير دول الثورات العربية لربما يفعلون مثل ما فعل بشار الأسد بوطنه من خراب ودمار في مقابل احتفاظهم بكراسي الحكم ومنصب الرئاسة.فالسيسي الذي يعاود تكرار مسرحية انتخابات الرئاسة التمثيلية الشكلية التي اعتادها الشعب أيام حسني مبارك والتي ستنتهي بأغلبية ساحقة لصالحه لن يكتفي بذلك وإنما سيعاود تكرار مسلسل السرقة والفساد بشكل أكبر وأسرع من قبل ليقضي على ما تبقّى من أموال وخيرات مصر وليزيد من ديونها ومصائبها وجراحها التي ماتزال تنزف وتقطر دماً وتزيد من مآسي الأمة وآلامها، فما يحدث من تهريج سياسي الآن في مصر أصبح أضحوكة سخيفة ونكتة سمجة يرقص على إيقاعها مرتزقة الإعلام المصري الذين هم بمثابة سحرة فرعون غير أن السحرة آمنوا بربهم في نهاية المطاف وعصوا أمر فرعون وماتوا وهم شهداء.إن الشعب المصري لا يستحق أن يعيش سنيناً أطول في الذلّ والهوان بعد أن تجرّع مرارة السكوت على الطغاة المتجبّرين والفراعنة المستكبرين، فالحل إذاً يكمن في مقاومة كل ما من شأنه أن يعيد مصر إلى الوراء.. إلى ما قبل حكم الرئيس محمد مرسي الذي لم يدعوه يكمل فترة رئاسته ليتسنّى الحكم على تجربته وإدارته للدولة كما يتسنّى لأغلب شعوب العالم اليوم، وكنت قد ضربت مثلاً أقول فيه: هل من العدل أن يسحب الأستاذ ورقة الإجابة من طالب مجتهد بعد مرور خمس دقائق من الامتحان بينما يسحبها من طالب فاشل بعد خمس ساعات؟! إنه تمام الظلم والقهر والعدوان.. ولكنها جولة من جولات الباطل الزائلة إن شاء الله قريباً.. ولنا في تكملة الآية أمل جديد .. قال تعالى ( فاستخفّ قومه فأطاعوه.. إنهم كانوا قوماً فاسقين) فشعب مصر المحب لدينه لن ولن يكونوا بإذن الله تعالى من القوم الفاسقين وإنما هي فئة فاسقة قليلة من الذين أطاعوا هذا الفرعون المغرور وهم الذين سيغرقون معه قريباً إن شاء الله.

2501

| 29 مايو 2014

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2091

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

744

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
المسرح السياسي وديكور التعليم

من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...

687

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

678

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
آن للمنظومة الدراسية أن تتغير

منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...

663

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

636

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
منصات وزارة العمل.. من الفكرة إلى الأثر

منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...

600

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

489

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

462

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
بطة الذهب وثقافة يوم الجمعة.. هل خسارتنا أكبر من أرباحنا؟

بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش...

447

| 17 سبتمبر 2025

alsharq
العربي يذبح بلا شفقة

لم يَـبْـقَ موضعٌ في القلب العرباوي لم تنل...

447

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
بدأ التناقض

ها هي أنديتنا الممثلة لنا في مسابقاتها الخارجية،...

444

| 19 سبتمبر 2025

أخبار محلية