رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فوبيا الإسلاميين

لا أعرف ماذا حل بالعلمانيين والليبراليين وغيرهم من المحسوبين على "المثقفين" من أعداء الإسلام الذين ظهرت نواياهم الخبيثة وأضغانهم الدفينة وأحقادهم العظيمة عندما سقطت أنظمة الفساد والاستبداد والاستعباد من تلك الأنظمة الديكتاتورية التي تسلّطت على الشعوب في بعض بلاد العالم العربي والإسلامي وأخذوا ينهبون أموالهم ويضيّعون ثرواتهم ويسرقون لقمة عيشهم بل ويسلبونهم إياها من بين أيديهم وفي أفواههم، وعاثوا في الأرض فساداً وظلماً، فبعد أن سقطت تلك الأنظمة الديكتاتورية أخذت أبواق العلمانيين والليبراليين والقوميين تتسلّط على الإسلاميين ليس بغضاً لهم بشكل "مباشر" وإنما كرهاً في الإسلام بشكل "غير مباشر"، حيث ساءهم أن تتهاوى مخططاتهم ومؤامراتهم في اتباع الغرب الكافر الفاجر في كل انحطاط وفي كل رذيلة يسلكها حتى أصبح الغرب عندهم مقدّساً وآلهة يعبدونها من دون الله تعالى. لقد جنّ جنون العلمانيين والليبراليين وغيرهم ممن يريدون أن يغيّروا دين الدولة من "الإسلام" إلى "الحياة مادة ولا إله في الوجود" من أولئك الذين وجدوا في الغرب ضالتهم في الانحراف والانحطاط والقذارة الفكرية والأخلاقية فجعلوه مثالاً وقدوة لهم بل وصنماً يسجدون له رغم شهاداتهم الأكاديمية العليا بل إن بعضهم حطَّم الرقم القياسي في شهادات الدكتوراة في شتى العلوم ولكنه حطم في الوقت نفسه الرقم القياسي في جهله بالله تعالى وضلاله في هذه الحياة وضياعه بلا هدف ولا قيمة كالأنعام بل هم أضل سبيلا. لقد شن العلمانيون والليبراليون أقلامهم الوقحة وألسنتهم السليطة ووجّهوا كلماتهم البذيئة وألفاظهم النابية عبر الصحف والقنوات ضد الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم بعد أن اختارتهم الشعوب بالأغلبية الساحقة نظراً لتعطشهم إلى من يحكمهم بشرع الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا بشرع الطواغيت وسنن الذين كفروا وظلموا، وقد انكشفت أوراقهم وثقافتهم المزعومة وتبين لنا أنهم ديكتاتوريون أكثر من الطغاة خاصّة بعد أن تساقط عدد كبير منهم قبل سقوط الطغاة عندما أعلنوا ولاءهم لهم ضد الشعوب ثم تساقط الجزء الآخر منهم بعد أن حكم الإسلاميون فأظهروا ما في نفوسهم من كره للإسلام وبغض لعودة الناس إلى الله تماماً كما فعل المنافقون بعد فتح مكة وانتصار الإسلام وغلبة المسلمين حيث رضخوا لذلك ظاهراً وحاربوه باطناً بسعيهم للفتنة وإثارتهم للعصبية والقبلية وتضليلهم للرأي العام بالكذب والافتراء، من أجل أن تعود دولة الشرك والكفر والظلم والفساد من جديد. وليس بغريب أن يحدث هذا بعد أن سبقهم في هذه الحرب القذرة مجموعة من أنظمة الحكم في بعض الدول الخليجية والعربية والإسلامية التي أظهرت ولاءها للطغاة وسعت بكل ما أوتيت من مال وقوة في نصرتهم وعودتهم لخوفها من الإسلاميين الذين أصبحوا "فوبيا" وعقدة نفسية تعاني منها تلك القيادات السياسية الكارهة للإسلام بشكل عام أو تلك الحكومات التي تريد أن تطبق الإسلام كما تريد هي أن تفصله وفق هواها لا كما أنزله الله تبارك وتعالى، حيث ترغب تلك الحكومات في "إسلام" يبيح الخمور والمراقص والملاهي والربا والزنا وكل ما حرّم الله من أجل أن تروّج للدعارة باسم السياحة والربا وغسيل الأموال باسم التجارة الحرّة وغيرها مما يحرّمه الشرع، فهم يريدون إسلاماً لا يخرج عن عتبات المساجد بل ولا يتعدى حدود خطبة الجمعة المرسلة عبر الفاكس من وزارات الأوقاف التي أصبحت أشبه بالأزهر "المقصوص جناحاه" في عهد حسني مبارك المخلوع. ولكن ليس علينا أن نقلق كثيراً فإنه كما أن للبيت رباً يحميه فإنه سبحانه وتعالى سيسخر لهذا الدين رجالاً يدافعون عنه وينصرونه فإن لم يجد فيهم من ينصره فإنه سيستبدلهم بمن ينصرونه ويعلون كلمته، ولهذا فعلينا أن نرى الله من أنفسنا خيراً وأن نقف في وجه كل من يريد أن يعيد الناس إلى عصور الجهل والضلال ومن يريد إشاعة الفحشاء والمنكر بين الناس وأن نقومهم وأن نحاربهم بأقلامنا وأصواتنا وبكل ما أوتينا من قوة، فدولة الظلم والكفر ساعة ودولة العدل والإيمان إلى قيام الساعة بإذن الله تعالى، وسيهرب هؤلاء المعادون للإسلام من أمام المؤمنين الواثقين بنصر الله كما هرب الشيطان من أمام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن الباطل لابد أن يسلك طريقاً آخر غير طريق الحق الذي سار عليه الأنبياء والشهداء والصالحون.. اللهم اهدنا الصراط المستقيم.. واكفنا شر الطغاة ومن والاهم ومن نصرهم من أعداء الدين.. اللهم آمين.

489

| 14 مارس 2013

الربيع الإسلامي

ثمة مؤشرات ومخاوف هامّة وخطيرة قد تؤدي إلى تغيّر في كثير من الأوضاع والأحوال التي تعيشها دول الخليج العربي وتحديداً الست (السعودية، قطر، الكويت، البحرين، الإمارات، عمان) إذا ما استثنينا العراق واليمن من تلك المخاوف، هذه المخاوف والمؤشرات نتلمسها ونحن نشاهد تسارع الأحداث في منطقة الخليج وما حولها منذ انطلاق الربيع العربي الذي بدأ في تونس ثم انتشر إلى مصر ثم ليبيا ثم اليمن وسوريا والعراق والذي باركته أغلب دول الخليج العربي بصراحة ووضوح بينما لعنته وقاومته وتشاءمت منه دول خليجية أخرى كارهة وحاقدة على وصول الإسلاميين للحكم بعد اختيار الناس والشعوب لهم، ولن نذكر هنا تلك الدول الخليجية التي سكتت حتى عن تحديد موقفها من تلك الأحداث أو لنقل بصراحة من الوقوف في وجه الظالمين والطغاة من الحكّام وانضمت إلى الشعوب المظلومة من قبل حكّامها لأنها لا تستحق أن تذكر ولا أن يذكر مواقفها التاريخ.. فتلك الدول "الصامتة" اختارت حكوماتها أن تعيش في غياهب الظلام وأن تتوارى عن إبداء كلمة الحق ونصرة إخوانهم المستضعفين من المسلمين، فتلك الدول ستعاني حكوماتها عاجلاً أم آجلاً من آثار ذلك السكوت المخزي والصمت المطبق خاصة ونحن نعلم تماماً بأن تلك الدول لم تلجأ إلى الصمت والسكوت إلا لأنها مؤيدة لممارسات تلك الحكومات الظالمة في دول الربيع العربي أو لأنها متورّطة مع "أعداء هذه المنطقة" ممن يكيدون لها ويمكرون بها سرّاً وخفية كـ "إيران وأمريكا وإسرائيل".. والتي أثبتت لنا أحداث الثورات العربية أنهم يقفون في صف واحد في مواجهة العالم العربي والإسلامي بأكمله. ما أود قوله هنا أن الوضع تغيّر تماماً بعد أحداث الثورات العربية، فبعض دول الخليج "بيضت وجهها" بمواقفها المشرّفة بينما قامت أخرى بخلاف ذلك فنصرت وعاونت الطغاة قبل وأثناء وبعد سقوطهم بل إلى اليوم وهم يحاولون إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من ظلم وقهر وفساد واستعباد للشعوب، وفي كلا الحالتين فإن مواقف دول الخليج العربي المختلفة والمتباينة تلك جعلت أعداءها في إيران وأمريكا وإسرائيل يتربّصون بها ويستميلون تلك الدول المؤيدة للطغاة ويتعاونون معها بشكل أو بآخر، بل ويعتمدون عليها كثغرة يدخلون منها فيفرّقون وحدة شعوبها وتآلف حكوماتها ليثيروا النعرات ويزيدوا الخلافات ويشعلوا الصراعات بينهم حتى ينشغلوا في قتال بعضهم البعض فيسهل وقتها السيطرة عليهم وقيادتهم كما يقود الراعي قطيع الأغنام والخراف، وما لم تفهم دول الخليج مجتمعة هذا المعنى بوضوح وأنها أمام تحدٍ تاريخي سيعيد صياغة المنطقة من جديد فإنها ستتلاشى وتعود إلى أجزاء أصغر من الدويلات "في أحسن الأحوال" تعتمد على الكلأ والماء!! إن ما تريده الشعوب الخليجية بل والعربية والإسلامية جميعاً من حكّامها وحكوماتها هو عودة صحيحة إلى كتاب الله وسنة رسوله والحكم بما أنزل الله ورسوله والرضى بذلك دستوراً ومنهجاً للحياة حتى يكون شرع الله هو الغالب وأمر الله هو الحاكم، لا أن يكون دين الدولة "الإسلام" بينما أنظمتها وقوانينها وتعاملاتها علمانية أو رأسمالية أو اشتراكية أو غيرها من عقائد الشرك والضلال والفساد كما حدث في دول الربيع العربي ومازال يحدث في بعض الدول الخليجية والعربية بلا استثناء. إن مؤشر انتشار الظلم والفساد وضياع الحقوق ومصادرة الحريّات هو مقياس للبعد عن تعاليم "الإسلام" الذي تزعم كثير من الدول الخليجية والعربية بأنها تعتمده ديناً ومنهجاً للحياة بينما هو عكس ذلك كلّه على أرض الواقع، حتى أصبحت دول الغرب الكافرة تطبّق روح الإسلام في كثير من أركانها وتعاملاتها القائمة على العدل والحريّة والمحبة فيما بينها، بينما تطبّق كثير من الدول الإسلامية - للأسف - روح الجاهلية لا الإسلام. إن ما تحتاجه الدول الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام هو أن تعود إلى دينها وأن تنتصر به فلا عزّة لها من دونه كما جاء على لسان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولسان ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما قالها بكل فخر في وجه رستم "قائد الفرس"، فذلك باختصار ما تريده الشعوب من حكّامها بل وما يريده الله من أولئك الذين ولّاهم الله على هذه الدول وأمرهم بخلافته في الأرض وتحكيم شرعه ونشر دينه حتى تعود أرض الجزيرة خضراء.. جنّاتٍ وأنهار.. قبل يوم القيامة.. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم.. آملين أن يعمّ الخير في كل بلاد المسلمين وأن نشهد انطلاقة "الربيع الإسلامي" والعودة إلى دين الله مجدداً انطلاقاً من أرض الجزيرة العربية إلى كافة أنحاء الأرض.

636

| 07 مارس 2013

" بين الفرس والروم "

مازال القاتل المجرم السفّاح بشار الوحش يقتل المزيد من أبناء شعبه في سوريا بمساعدة وقحة وحاقدة من إيران الدولة الطائفية المجوسية التي تسعى لإقامة دولة الشرك على أنقاض دولة الإسلام في سوريا والعراق وبمساعدة أيضاً من روسيا المجرمة الحاقدة على الإسلام والمسلمين الذين هزموها شرّ هزيمة في أفغانستان فوجدت في أرض سوريا ميداناً آخر لها لتكون سوريا بإذن الله تعالى مقبرة للجنود الروس والإيرانيين وغيرهم من المجرمين والمشركين والكفار والمنافقين من أتباع الطغاة والمجرمين أو من أتباع المسيخ الدجّال قبل قيام الساعة.. تمهيداً لتطهير تلك الأرض المباركة ومن حولها من كل كفر وشرك ورجس على يد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام. ومازالت الأحداث في مصر الحبيبة تتوالى والأوضاع تتبدل والأحوال تتغير نحو الهدوء والأفضل إن شاء الله بعد تلك الفوضى العارمة التي قادها ما يسمّون أنفسهم بالمعارضة بينما هم في الحقيقة أتباع لأمريكا وإسرائيل وإيران وغيرهم من المخرّبين الذين لا يريدون لمصر خيراً ولا يريدون أن يحكموا بشرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أولئك الذين سخّروا جهودهم لمناهضة ومقاومة كل توجّه يرغب في إعادة الإسلام إلى مصر التي حاول الطغاة والفراعنة إبعادها عن دينها وإقصاءها عن أمتها حتى أصبحت تحارب الإسلام وتعاون الصهاينة والأمريكان ضد إخوانهم المسلمين في فلسطين عموماً وفي غزة تحديداً، ولكن بفضل الله تعالى ستعود مصر إلى الإسلام بقوة أكثر من ذي قبل رغم أنوف الحاقدين الذين حاولوا تمويل رموز الفساد والنظام السابق من أجل إعادتها إلى سلاسل وقيود العبودية لأمريكا وإسرائيل من دون الله عز وجل. وها هو شعب العراق العظيم ينتفض ويثور ضد أتباع ايران وذيولها الذين أخضعوا العراق لهيمنتهم بقيادة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي ومقتدى الصدر وأمثالهم من أتباع ايران الذين واصلوا عملية نهب خيرات وثروات العراق من النفط وغيره بعد أن تواطأوا مع الأمريكان المجرمين الذين بدورهم سلّموهم الحكم في العراق لعلمهم بأن أتباع ايران هؤلاء سيحوّلون العراق إلى بركٍ من دماء أهل السنة بطائفيتهم وحقدهم البغيض الذي مارسوه بإجرام على أرض إيران ثم صدّروه مع ثورتهم ودعوتهم إلى دينهم المحرّف وعقيدتهم الضالّة إلى سائر الدول المحيطة بهم. ويخطئ من يظن بأن دول الخليج في مأمن من مخططات إيران ومؤامراتها كما أخطأ من ظن في يوم من الأيام أن أمريكا صديقة دائمة لدول الخليج، وهي التي أثبتت عبر تاريخها أنها تخون أصدقاءها قبل أعدائها كما فعلت مع شاه ايران وحسني مبارك اللذين كانا خادمين مطيعين ذليلين لها طوال فترة حكمهما حتى إذا ثار الشعب عليهما "جعلتهما تحت أقدامها" فمن يفهم في السياسة لابد أن يتعامل معها ومع ايران على هذا النحو من الحذر والاستعداد العسكري "بتجهيز الجيوش" والاقتصادي "بالمقاطعة الاقتصادية"، فعلى دول الخليج أن تستفيد من الدروس المحيطة بها ومن التاريخ ومن أسباب ونتائج الثورات التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق وأن تعرف عدوّها من صديقها وأن تعيد ترتيب أوراقها وأن تتعاون فيما بينها لا أن تزداد هوّة الخلاف بين دولها وأن تنخفض معدلات الشراكة والتعاون الاقتصادي فيما بينها وتتباطأ عجلة المشاريع المشتركة بينها "كمشروع السكك الحديدية وحرية التنقل والعملة الموحّدة ومشاريع الجسور وغيرها" كما يحدث الآن. فدول الخليج أمام تحديّات كبرى توشك أن تعصف بالمنطقة من فرط تهاونها واختلافها مع بعضها في كثير من القضايا الرئيسية، وقد كان مؤسفاً أن تتخاذل بعض دول الخليج وتتعاون بل وتساند أنظمة الطغاة كنظام حسني مبارك وبشار الأسد مما يدلل على أن دول الخليج مقدمة على خلافات كبرى في الرؤى والتوجهات التي قد تؤدي مستقبلاً لاندلاع ثورات في بعض دول الخليج لأنها مارست الاضطهاد ضد شعوبها وكرّست الفساد في أنظمتها وسلبت الحريّات من شعوبها، وما لم تغيّر هذه الدول من توجّهاتها وتعدّل هذه الدول من مسارها فإنها بصدد تغييرات كبرى ستقود حتماً إلى تغيير جذري في خريطة المنطقة وتتحوّل إلى دويلات وقبائل متنازعة كما كانت قبل دخولها الإسلام تعيش في أرض الجزيرة العربية على هامش التاريخ بين قوّتين عظيمتين.. بين الفرس والروم.

426

| 24 يناير 2013

الخوف من البعبع

يخطئ من يظن بأن الصراع الدائر الآن في مصر بين المعارضين للرئيس المصري "المنتخب" محمد مرسي وبين مؤيديه هو صراع دستوري أو خلاف ديمقراطي أو نزاع قانوني بل هو حرب شعواء على كل ما يمت إلى الإسلام بصلة، وهو ليس بغريب ولا مستغرب أبداً فمسلسل معاداة الدين الإسلامي قد بدأ منذ ظهور هذا الدين وبعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث بدأت منذ تلك اللحظة معاداة كل من اختاروا طريق الهداية والدعوة إلى الله من عباد الله المؤمنين ممن اختاروا شرع الله تعالى وسنة نبيه الكريم بديلاً عن كل طاغوت وجاهلية وشيطان رجيم، وهي معاداة تبنّاها إبليس "الملعون" إلى قيام الساعة بعد أن طلب من الله تعالى أن ينظره "يمهله" إلى يوم يبعثون. فبعد أن تولّى مسؤولية تلك الحرب كفّار قريش توالى استلام تلك الراية كل محارب لله ورسوله إلى أن تولّى ذلك الاحتلال الأجنبي "الصليبي والصهيوني" لبلاد المسلمين عندما بدأ بمحاربة الإسلام لعلمه بأن في تمسّك الناس والتزامهم بتعاليم الإسلام زوال لملكهم وذهاب لسيطرتهم واحتلالهم لبلاد المسلمين خاصة أن ذروة سنام الإسلام هو "الجهاد" الذي حيّر أولئك القوم كثيراً من أولئك المؤمنين الذين يرون في الموت في سبيل الله أقصى أمانيهم من أجل نصرة هذا الدين ومن أجل تحرير أرض المسلمين ومن أجل الذود عن دماء وأعراض المسلمين. فقد عمد أهل الكفر والشرك إلى تخويف الناس بالإسلام والمسلمين وإظهارهم في أقبح وأبشع صورة بل وإظهار الإسلام على أنه دين إرهاب وسفك للدماء وإظهار سيد البشرية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة للعالمين في صور مسيئة وحاقدة على هذا النبي الكريم وهذا الدين العظيم وأتباعه من المسلمين. فما يجري في مصر وغيرها في بلاد المسلمين ما هو إلا حرب على كل ما هو إسلامي ويدلل على ذلك قيام قادة المعارضة بإشاعة الفوضى والتخريب في مصر بعد أن اختار الناس رئيسهم الجديد بكل حرية وديمقراطية، حيث أبى هؤلاء أن يقبلوا بوصول الرئيس المصري محمد مرسي للحكم والذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين قبل تولّيه الرئاسة لأنه بذلك قد أغلق الباب على من يزعمون بأن الرئيس يتبع المرشد العام للإخوان المسلمين، فمنذ ظهوره وقد اتضح لدى كل أعداء الأمة بأن هذا الرئيس يحمل همّ أمّته ونصرة دينه ونهضة وطنه، الأمر الذي يحاربه بوضوح كل أعداء الإسلام ومصر في الداخل والخارج سواء من أعدائها الظاهرين "الصهاينة بقيادة إسرائيل والصليبيين بقيادة أمريكا" أو من أعدائها المخفيين من أبناء مصر الموالين للغرب واليهود أو من أولئك الإيرانيين وغيرهم ممن يريدون دخول مصر أثناء الفوضى لتنفيذ مخططاتهم السرطانية التوسعيّة لبثّ ضلالاتهم وعقيدتهم المنحرفة بين أوساط المصريين الموحّدين لربهم. إن الملاحظ لاعتراضات المعارضة على بنود ومواد الدستور يجزم بأن هؤلاء القوم لا يريدون لمصر أن تكون دولة "إسلامية" أبداً بل يريدونها دولة "علمانية" أو "مسيحية" أو أي شيء آخر..المهم أن لا تقترب بحال من الأحوال إلى الإسلام وكأنه وباء ينبغي الاحتراز منه والبعد عنه. ولهذا فهم يكذبون كثيراً في مزاعمهم وافتراءاتهم ومآخذهم على جماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين أو غيرهم من الجماعات الإسلامية أو حتى الرموز الإسلامية المستقلة من الأفراد غير المنتمين لأي جماعة أو حركة إسلامية، فكما رفض أعداء الإسلام حكم الإسلاميين في الجزائر وتركيا وغزّة عندما وصلوا عن طريق الانتخابات إلى الحكم فإنهم يفعلون الشيء نفسه الآن في مصر عندما اختارت مصر العودة إلى الإسلام الذي كان محارباً في عهد حسني مبارك ومن سبقوه من فراعنة وحكّام مصر. ومما يؤسف له كثيراً أن جزءاً من الشعب المصري ومن الشعوب العربية والإسلامية قد انخدعوا بتلك الحملات المسعورة التي شنّها الصهاينة والصليبيون والطغاة من حكام العرب والمسلمين ممن اتبعوا أهواءهم وعبدوا الكراسي واستبدلوا الآخرة بالدنيا ووالوا الكفار والمشركين من دون الله ورسوله والمؤمنين، فقد لعب الإعلام الرسمي في عهد الطغاة دوراً رئيساً في تخويف الناس من الإسلام كما كان الآباء والأمّهات يخوّفون أطفالهم من ذلك "البعبع" حتى لا يخرجوا خارج أسوار منازلهم المظلمة فيشاهدوا نور الشمس بأعينهم ويكتشفوا الحقيقة بأنفسهم رغم أنه لا يوجد ما يخيف على الإطلاق ورغم أنه لا يوجد شيء اسمه "بعبع" أصلاً. ولقد لعبت الأفلام والمسلسلات المصرية في عهد الطغاة وتحديداً في عهد حسني مبارك دوراً كبيراً في تشويه صورة الإسلاميين والمتدينين والملتحين فأظهرتهم على أنهم "شر الناس وأخبثهم" وأنهم يريدون قتل الأبرياء وسفك الدماء وتطبيق شرع الله بالسيف والقهر والإجبار، ولهذا فليس بغريب أن يخرج في المظاهرات المعادية للرئيس محمد مرسي كل "ساقط وساقطة" من الفنانين والفنانات من أمثال عادل إمام و"أشكاله" ممن حملوا راية تشويه صورة الإسلام والمسلمين. كما أن الإعلام الرسمي قد أسهم كذلك في إظهار خطابات بعض الزعماء العرب على أنهم أبطال ورموز للبطولة بينما كانوا يحاربون الله ورسوله بمعاداتهم للمسلمين ولكل مظاهر الإسلام كما فعل الإعلام العربي مع خطابات جمال عبدالناصر الذي أظهره الإعلام وقتها على أنه سيعيد أمجاد الأمة وسيحرر فلسطين بينما كان يعتقل ويعذّب الإخوان المسلمين وكل المتديّنين في مصر، بل وقد تأثر الكثير من أهل الخليج بذلك الإعلام المضلل خاصة مع أميّة الكثيرين منهم واعتماد شعوب المنطقة على الإذاعات العربية كصوت العرب وغيرها ممن كانت تمجّد في البطولات الوهميّة لجمال عبدالناصر وأمثاله من حكام العرب الذين كانوا ينفذون أوامر الغرب في أوطانهم ويجاهرون العداء لكل ما يمت للإسلام بصلة. إن على الشعوب العربية والإسلامية أن تدرك جيّداً أن هذه المؤامرة لا تستهدف الرئيس المصري محمد مرسي وحده ولا تستهدف جماعة الإخوان المسلمين وحدها بل ولا تستهدف مصر وحدها وإنما تستهدف معاداة الإسلام في كل نواحي الحياة وفي كل مجالاتها خاصة عندما يقترب هذا الدين العظيم "الإسلام" من دائرة الحكم والخلافة في الأرض لأنها بداية لتطبيق شرع الله تعالى وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ولهذا علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل نصرة الإسلام وأهله في مصر وغيرها ونصرة كل حاكم "منتخب" يطلب من شعبه طاعته ومعاونته في الحكم بما أنزل الله وأن لا ننخدع بحملات التخويف من "البعبع" الإسلامي.

696

| 20 ديسمبر 2012

" ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين "

كانت الأحداث الأخيرة في مصر مؤسفة ومحزنة ومؤلمة جداً تلك التي جرت مؤخراً وتحديداً بعد الإعلان الدستوري المؤقت للرئيس المصري "المنتخب" محمد مرسي والتي كتب عنها الكثيرون وتحدث فيها الكثيرون بل وتقاتل من أجلها المصريون ممن لا يريدون لمصر خيراً أبداً عندما رأوا في مصر "الجديدة" بعد اندلاع الثورة الشعبية المباركة فيها على الطغاة وعلى الظلم والفساد..رأوا فيها زوال مصالحهم التي كانوا يسرقونها وينهبونها من ثروات وخير مصر ومن جيب الشعب المصري "المسلم الأصيل"..بل ورأى فيها أعداؤها كذلك بداية انتفاضة إسلامية ونهضة حضارية تقودها مصر الجديدة التي انتخبت رئيساً شرعياً "لأول مرة" دون أن يتنازل هو أو شعبه عن دينهم ومبادئهم وقيمهم ودون أن يتبرأوا من إخوانهم في فلسطين ودون أن يطأطئ رأسه لليهود ويكون ذراعهم الممتدة على أبناء الأمة الإسلامية ودون أن يكون معول هدم يستخدمه الأمريكان لتنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم على الوطن العربي والعالم الإسلامي. لقد نزل "الغوغائيون" و "الظلاميون" و "الفوضويون" و "الهمجيون" و "المخرّبون" إلى شوارع مصر الجديدة كلياً بعد الثورة برئيسها الذي افتخر واستبشر به العالم الإسلامي بأكمله وبشعبها الثائر على الظلم والفساد والراغب في العودة إلى أمته والتمسك بدينه من جديد، نزلوا فعاثوا فيها فساداً وتخريباً وإزهاقاً لمزيد من أرواح الأبرياء من المصريين، خرجوا لا ليعلنوا عن رفضهم لقرارات الرئيس أو لإعلانه الدستوري وإنما لحاجة خبيثة في نفوسهم الدنيئة التي لا تريد للإسلام ولا للإسلاميين أن يحكموا مصر فيعيدوها إلى أمتها وإلى نصرة قضاياها العادلة في فلسطين وغيرها من قضايا المسلمين، نزلوا لا ليرفضوا قرارات الرئيس المصري بل ليرفضوا الرئيس المنتخب شخصياً ولسان حالهم يقول يريدون الإعلان الدستوري وغيره من قرارات الرئيس محمد مرسي ذريعة و "مسمار جحا" ليعاودوا الذهاب والمجيء والصيد في الماء العكر على كل صغيرة وكبيرة يقوم بها الرئيس أو جماعة الإخوان المسلمين، ولقد سألت أحد المصريين مؤخراً ممن خُدعوا بهذه الفوضى والمظاهرات الأخيرة على الرئيس محمد مرسي، وقلت له بصراحة: هل تتوقع بأنه لو لم يصدر الرئيس قراره الدستوري الأخير..هل تتوقع بأن أعداء مصر في الداخل والخارج سيدعونه وشأنه أم أنهم سيبحثون عن مبررات وأسباب أخرى لمعارضته؟ فأجابني بصدق: "لا..لن يدعوه وشأنه"، وهذا شأن كل من اختار طريق الإسلام نهجاً للحكم، ولنا في تجربة الإسلاميين في الجزائر وتركيا وغزة تجارب واضحة تؤكد محاربة أعداء الأمة لكل من يقترب من نظام الحكم ويرغب في تغيير الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا أو يرغب بإحداث نهضة وتنمية في وطنه أو يرغب في إحداث ثورة على الظلم والفساد فإن "أدعياء الديمقراطية" سينقلبون عليه كما انقلبوا على الديمقراطية نفسها عندما أوصلت الإسلاميين للحكم. ولا نزعم طبعاً بأن كل من تظاهر في مصر مؤخراً هم من أولئك الذين وصفناهم سلفاً بتلك الأوصاف لأنه كان من بينهم جزء بسيط من الشعب المصري من المخدوعين بتلك الافتراءات فهي ليست بـ"حق أريد به باطل" وإنما "باطلٌ أريد به باطلٌ أكبر منه" فهؤلاء قد خدعهم زعماء "التخريب والفساد" واستغلوا حب المصريين لمصر ووطنيتهم لها وطيبة أهلها فصدّقوا تلك الاتهامات وانساقوا وراءها، تماماً كما فعل النظام السابق عندما أخذ يشوّه في صورة المتديّنين والملتزمين وأظهرهم في أبشع وأقبح صورة كما صوّرهم عادل إمام وأمثاله في معظم أفلامهم بأن الإسلاميين "مرتشون وكاذبون وإرهابيون ومتعطشون للدماء ويلهثون وراء النساء!!" بينما الواقع يثبت بأن أهل الفن والعفن الذي يمثلهم عادل إمام و "أشكاله" هم الذين يتصفون بذلك كلّه، لذلك فلا عجب أن ينزل إلى الشارع ضدّ الرئيس محمد مرسي بعض الفنانات جنباً إلى جنب "أدعياء الوطنية" الزائفون لأن كلا الطرفين يزعم بأنه "شريف عفيف"!! تجمّع محمد البرادعي وعمرو موسى مع حمدين صبّاحي وأيمن نور وغيرهم من زعماء التخريب بعد أن أوعزت أمريكا للأول وإسرائيل للثاني بالتحرّك لنصرتهما لا للدفاع عن الدستور "ولاهم يحزنون" وفضح الله أمر هذين الاثنين بالكثير من الشكوك التي تؤكد تورّطهما باتصالات خارجية مع أمريكا وإسرائيل اللتين لم تصدقا أن مصر قد ضاعت من يديهما بعد أن كانت "حمامة سلام" في عهد المستسلمين المنهزمين من أمثال حسني مبارك وأنور السادات وغيرهم، وبعد أن انتفضت مصر الحرّة المسلمة في وجه كل اتفاقيات الغاز والسلام مع إسرائيل أو اتفاقيات المساعدات والمعونات الأمريكية المهينة لكرامة مصر العزيزة التي أعزّها الله من بين الدول وذكر اسمها في كتابه الكريم. لقد هزّت مصر في فترة حكم محمد مرسي القصيرة حتى الآن والتي لم تتجاوز العام.. هزّت وزلزلت عرش إسرائيل الجاثمة فوق أرض فلسطين عندما وقفت وساندت إخوتها في غزّة ونصرتهم بشكل لم يسبق له مثيل فأصدر الرئيس محمد مرسي قراراته بفتح معبر رفح بشكل دائم ومتواصل، إن هذه الوقفة البسيطة من مصر جعلت أهل غزّة يشعرون بالأمن والاعتزاز فاستمدّت حركة حماس من تلك الروح الجديدة حماساً فوق حماسها وعزيمة على تحقيق النصر، فكيف إذا فعلت مصر أكثر من ذلك؟ وكيف إذا تحرّك الجيش المصري لنصرة ودعم إخوته في فلسطين؟، لاشك إن هذا المشهد المرعب قد تخيّله الإسرائيليون مباشرة بعد هدنة النصر مع حماس بل واستحضر حاخاماتهم صورة شجر الغرقد الذي يحتمي خلفه اليهود خوفاً من قتل المسلمين لهم، فهم يدركون حقيقة ذلك جيّداً لأنهم عرفوا الحق ولم يتبعوه استكباراً وغرورا. ينبغي على المصريين الذين انخدعوا بتلك الزعامات المفسدة أن يدركوا أن هدف أولئك هو عودة مصر إلى سابق عهدها في الفساد والقهر والاستبداد وسابق عهدها في الذلّ والهوان مع أعداء الأمة، فعليهم أن يعرفوا حقيقة محمد البرادعي وعمرو موسى وغيرهما من زعماء الخيانة والتواطؤ والهزيمة، وأن يتحاكموا إلى شرع الله وسنة رسوله قبل أن يتحاكموا إلى العقل، لأن في حكم الله وهدي رسوله تمام العقل وكماله، فوالله الذي لا إله إلا هو إن هؤلاء لايريدون إلا "الإفساد" ما استطاعوا، ووالله الذي لا إله إلا هو إنهم سيخرجون عليكم في كل مرّة بأسباب وأعذار أخرى تستهدف الفوضى لاغير، فعلى المصريين أن ينظروا في أفعال الرئيس محمد مرسي وإنجازاته التنموية والنهضوية في هذه الفترة الوجيزة، وأن يمدوا له يد التعاون والحب والإخاء وأن يثبطوا كل جهد يفسد تجربتهم وثورتهم العظيمة.. ولا نملك إلا أن ندعو لهم في ظهر الغيب (رب اجعل مصر بلداً آمنا وسائر بلاد المسلمين) ولا نملك إلا أن نقول لهم كما قال يوسف عليه السلام لأبويه وإخوته: أيها المصريون..(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)..في ظل حكم الرئيس محمد مرسي وإخوانه من رجال مصر المؤمنين..والله خير الحافظين.

460

| 13 ديسمبر 2012

" الثالوث الشيطاني "

من الطبيعي جداً في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية أن نفاجأ بأولئك الذين يريدون أن يثبّطوا الهمم ويحبّطوا الآمال في كل فرجٍ قريبٍ يبشر بخروج هذه الأمة من دائرة السكون والسكوت المطبق إلى دائرة الحركة والنطق بالحق والعدل والإحسان بين الناس والأمم بعد سنوات وعقود من الجهل والفساد والتخلّف الذي جاء نتيجة طبيعية للظلم والطغيان، فخروج بعض المحسوبين على المثقفين أو نحوهم ممن يظهرون في وسائل الإعلام بين الحين والآخر ليشوّهوا كل مقاومة لتلك الحقبة ورموزها من الطغاة وجنودهم أمر طبيعي كما ذكرنا لأنهم مجرد "أبواق" للظالمين و "أحذية" للطغاة. ومن الطبيعي جداً أن نشهد "طغاة" آخرين على مستوى الفكر والرأي يريدون أن يفرضوا آراءهم الضالة في عقول الناس ويبثّوا أفكارهم المسمومة عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، فأولئك الذين يشنّون الآن حرباً قذرة على الرئيس المصري محمد مرسي أو على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أو على قطر إنّما يبثّون جزءاً من حقدهم وبعضاً من غيظهم لذلك الدور الذي لعبته مصر وتركيا وقطر في الدفاع عن شعب سوريا من ذلك العدوان الظالم من جيش بشّار المجرم وجيش إيران الحاقدة وجيش حزب الشيطان الخائن وجيش المهدي الخبيث وغيرهم من جنود إبليس وأتباعهم وأنصارهم وأذيالهم في منطقة الخليج العربي فهؤلاء قد "ماتوا غيظاً" من نصرة قطر ومصر وتركيا والسعودية للجيش السوري الحر والوقوف إلى جانب الشعب السوري في قضيته العادلة. إن الهجوم على مصر الحرّة "المسلمة" التي نعرفها جميعاً والتي كانت وستبقى رائدة في نصرة قضايا أمتها بشعبها العظيم المحب للإسلام، هذا الهجوم جاء من أصوات بغيضة تنتمي بوضوح إلى أعداء الأمة وترضخ لهم وتتبع تعليماتهم التي صدرت لشنّ الحملات تلو الحملات على كل ردّة فعل يقوم بها الرئيس المصري محمد مرسي منذ توليه الرئاسة لأنهم لا يريدون للإسلام ولا لأتباعه أن يقتربوا من الحكم حتى لا يُحكم بما أنزل الله تعالى وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن في حكم الإسلام ذهاب لدولة الظلم والباطل ونهاية لعصر السلب والنهب واختلاس الأموال والثروات من قبل الطغاة وجنودهم ومرتزقتهم الذين يقتاتون على "فتات" ما يأكله الحكّام من خيرات أوطانهم أو باقي موائدهم أو فضلات طعامهم من العظام ونحوه مما يلعقه هؤلاء الأتباع بكل ذلٍ وعبوديةٍ ومهانةٍ. وكذلك الهجوم على تركيا التي فعلت ما لم تفعله دول عربية قريبة من سوريا عندما احتضنت اللاجئين وآوتهم ونصرتهم بل ورفضت تسميتهم بـ"اللاجئين" وإنما بـ"الضيوف" من فرط احترامها لهم وخشية جرح مشاعرهم وتقديرها للواجب عليها من نصرة إخوانهم المسلمين الذين طلبوا نصرتهم من جيوش الكفر والضلال من أتباع ذلك الوثن البعثي أو الرجس والنجس الفارسي، فلقد أغاظ البعض أن تقوم تركيا بدورها الإسلامي الاعتيادي في نصرة دينها وإخوانهم المستضعفين الذين عاملوهم وفق ما أمر الله تعالى عباده المؤمنين في قوله تعالى (أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم) ولهذا فليس بغريب كذلك أن يغضب الرئيس الأمريكي من تصريحات أردوغان القويّة ضد سيدته و "عمته" إسرائيل، فهل من الغريب أن يثور أردوغان ويغضب لأي عدوان على غزة أو على سوريا؟، بل الغريب ألا يثور أي مسلم يحمل ذرّة إيمان في قلبه على هذا العدوان المجرم الآثم. وكذلك الهجوم على قطر التي وقفت مع الشعوب المظلومة في كل دول الثورات وبالأخص في سوريا وغزّة بعد أن تخلّى عنهم الكثيرون خشيةً ورهبةً من أمريكا أو روسيا أو إسرائيل أو إيران أو خوفاً منهم مجتمعين، ولا أزعم هنا أن قطر هي أقوى من تلك الدول مجتمعة وإنما هي تقوم بأدنى دور يقتضيه ويتطلبه منها هذا الوضع الحرج لإخوانهم المسلمين المستضعفين في سوريا وغزة الذين يطلبون فيه نصرتهم والدفاع عنهم، فأضعف الإيمان يتطلب من قطر ومصر وتركيا وبقية الدول العربية والإسلامية أن تهبّ لنجدة إخوانهم وإنقاذ ما تبقى من كرامة الأمة العربية التي وطأتها أقدام الفرس والمجوس واليهود والذين أشركوا، فكل هجوم على مواقف هذه الدول في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة إنما ينصبّ في خدمة أعداء الأمة من الإيرانيين أو الأمريكان أو الصهاينة. وأستغرب من ذلك الحقد الأعمى وتلك الحرب الضروس على حماس كذلك من قبل بعض المتصهينين من أبناء الأمة المنسلخين من دينهم والذين أعماهم وصول الإسلاميين إلى السلطة والحكم ويخافون أن تنتقل العدوى إلى دولهم قريباً فينالون ما يستحقونه من شعوبهم، فهم يخدمون إسرائيل وأعداء الإسلام بهجومهم على حماس والإسلاميين ليزرعوا الفتن وينشروا الفوضى في صفوف المؤمنين وهذا ديدن المنافقين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من يشمت بالمسلمين كما فعل أحد أذناب إسرائيل وإيران في المنطقة بالاستهزاء بأهل غزة مع بداية العدوان ولا يزال في غيظه تجاه الإسلاميين في الخليج ومصر وغزة وكل مكان من أرض المسلمين ولسان حاله يقول (ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء)، فهؤلاء نبشرهم بالزوال قريباً ونزيدهم غيظاً ببشائر النصر القريبة بإذن الله تعالى على أعداء الأمة من الثالوث الشيطاني "إسرائيل وأمريكا وإيران" ونزيدهم غيظاً فوق غيظهم بتلاوة قوله تعالى (ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) صدق الله العظيم.

1379

| 22 نوفمبر 2012

الزعيم المهزوم

قبل أن تندلع الثورات العربية المباركة كشفت لنا قناة الجزيرة جزءاً من فضيحة كبرى قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإضافة إلى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عندما قامت القناة بالكشف عن سلسلة من الوثائق المسرّبة والمراسلات السريّة والتي تبيّن أن الرئيسين المذكورين "أعلاه" كانا على علم مسبق برغبة القوات الإسرائيلية في شنّ حرب على قطاع غزّة بل والأدهى والأمر من ذلك أنهما كانا يحرّضان ويؤيدان تلك الحرب وتوجيه إسرائيل لضربة موجعة لغزّة التي تسيطر عليها حركة حماس في دلالة واضحة على رغبة المدعوّين "أعلاه" في القضاء على أهل غزة وشعبها بالإضافة إلى القضاء على حركة حماس التي كانت ومازالت تشكّل شوكة في خاصرة بعض الزعماء العرب "الخونة" وحلفاؤهم بل وأسيادهم من الصهاينة أو الأمريكان. وقدّر الله تعالى أن تندلع الثورة في تونس وتتلاحق الأحداث والوقائع مما جعل اهتمام قناة الجزيرة والقنوات العربية الفضائية بشكل عام يتجه إلى "شمال إفريقيا" حيث تونس ومصر ثم ليبيا لمتابعة أحداث الثورات العربية هناك، مما جعلها تسلّط برامجها وتكثّف تقاريرها وتبعث مراسليها لتغطية تلك الأحداث المهمة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، فيما شكّلت تلك الأحداث فرصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وأتباعه للهروب من تلك الفضيحة الكبرى والخيانة العظمى لأبناء وطنهم وشعبهم فضلاً عن خيانة قضية فلسطين التي يزعمون بأنهم يحملون همّها ليلاً ونهاراً كلما سافروا من دولة لأخرى..لا لأجل "السياحة" والإقامة في فنادق "الخمس نجوم" أو استكشاف الكرة الأرضية بقاراتها الخمس ناهيك عن التمتع بإطالة فترة الحوار وعملية السلام لأطول فترة ممكنة حتى تستأنف عملية "بدل التمثيل" أقصد عملية "السلام" على العدو الصهيوني ومصافحته في كل فندق سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أوروبا "ذات الطبيعة الجميلة"!! نعم لقد انشغلت الشعوب والقنوات الفضائية بمتابعة أحداث الثورات العربية وما جرى فيها من أحداث دموية مؤلمة، وسرعان ما نسوا هذه الجريمة الكبرى في حق الشعبي الفلسطيني بشكل عام وشعب غزة بشكل خاص، عندما قام بخيانتهم والتواطؤ مع عدوّهم من أجل "تصفية حساباته" أو الخلاص من حركة حماس المعارضة لتوجهات ذلك الرئيس ولكثير من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية الذين ينتمون لحركة فتح أي "الحزب الواحد والرأي الواحد" ممن "فتحوا" قلوبهم قبل عقولهم للعدو الصهيوني وخدعونا بعملية السلام التي كانت عبارة عن سلسلة من الهزائم والانتكاسات والإهانات التي لحقت بالجانب الفلسطيني "الضعيف الهزيل الذليل" أمام الجانب الصهيوني "القوي المتجبّر المستكبّر" خاصة بعد أن ألغى الجانب الفلسطيني "الجهاد" من قاموسه بعد سنوات من عملية "الاستسلام" التي بدأها الرئيس الراحل ياسر عرفات والتي رسّخ فيها أولى مصطلحات التخاذل مثل "المقاومة" بدلاً من "الجهاد" وأزعجنا فيها بعبارات الهزيمة المتكررة مثل مقولته "السلام هو الخيار الاستراتيجي والوحيد للشعب الفلسطيني!!" فمن الذي جعله هو الخيار الوحيد أمام عدوٍ مجرمٍ مغتصب للأرض؟! فمن هنا بدأت عملية "التخدير" في جسد الأمة العربية والإسلامية "المريض" من خلال "تطعيمه" بفيروسات وجراثيم حتى تصبح لدى هذا الجسد المريض مناعة لا لمقاومة الأمراض وإنما لقبول المزيد من الأوبئة والسرطانات، ولعلنا نذكر جيداً كيف قام ياسر عرفات كذلك بإزعاجنا بمقولة "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني!!" في دلالة أخرى إلى ذلك الاتجاه العام الذي يريدون إملاءه على الشعب الفلسطيني وعلى الأمة بضرورة الرضوخ والخضوع والاستسلام للرأي الذي تقوله هذه المنظمة وبالتالي قبول أي معاهدات "هزيمة" واتفاقيات "استسلام" مع العدو الصهيوني. ولم يكتف الرئيس محمود عباس بتعاونه مع الصهاينة والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في القضاء على أهل غزّة قبل وأثناء الحرب عليها على مستوى التخطيط "العسكري"، وإنما كان تعاونه "الميداني" وكانت توجيهاته عاملاً مساعداً في معرفة الكثير من مواقع حماس وأعضائها التي استهدفتهم إسرائيل فضلاً عن تعاون "شريكه" في تلك الجريمة "حسني مبارك" بقطع الإمدادات الصحيّة والغذائية وردم الأنفاق السريّة بين غزة والأراضي المصرية التي كانت بمثابة "شريان حياة" لقطاع غزة، حيث تفنن المذكورين "أعلاه" في عزل قطاع غزّة حتى قاموا بتسريب الغاز في الأنفاق لـ "خنق" كل منفذ أو مخرج لقطاع غزة.. كل ذلك من أجل أن تنفرد سيّدتهم العظمى "إسرائيل" بضحاياها في هدوء تام. ويأبى محمود عباس إلا أن يفضح نفسه مجدداً بعد أن نسي الكثيرون تلك الخيانات السابقة ليعود إلينا مجدداً بتصريحات بائسة وتعيسة أخرى فيقول بأنه لن يسمح بإقامة انتفاضة فلسطينية ثالثة ويقول إن فلسطين في "نظره" هي حدود سنة 1967م أي أنه بذلك يتنازل عن أرض فلسطين ما قبل سنة 1948م وكأنه بتلك التصريحات يردد مقولة فرعون "ما أريكم إلا ما أرى" ليعود مرة أخرى إلى طريق الذل والهزيمة الذي مشى هو وأتباعه فيه من قبل، ومن الطبيعي أن نعارض هذه الأقوال والأعمال لهذا الرجل وزمرته والتي يرفضها الشرع والدين ويستنكرها عموم الأمة العربية والإسلامية، ففلسطين ليست ملكاً لهذا الرجل ولا لياسر عرفات من قبله حتى يقرروا هزيمة شعبهم والتنازل عن أرضهم للصهاينة، ففلسطين أرض الجهاد إلى يوم القيامة فليست ملكاً لهؤلاء بل وليست ملكاً للفلسطينيين أنفسهم، فالقدس الشريف أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين وهي أرض الأنبياء ومهبط الرسالات والتي بارك الله فيها ومن حولها فليس من حق أي زعيم "مهزوم" أن يسقط فريضة الجهاد أو يتنازل عن شبر من أرض الإسلام. كان حريّاً بقناة الجزيرة أن تعاود فتح تلك الفضائح من جديد خاصة بعد أن هدأت وقائع الأحداث في تونس ومصر وليبيا واليمن، بدلاً من أن تفتح لنا قضايا لا تهمّ الأمة كقضية وفاة ياسر عرفات وأسرار وفاته، فشأن الأمة أهم من نهاية زعيم راحل، والوقوف على أسباب الهزيمة أهم من متابعة "سبق إعلامي" تنفرد به الجزيرة أو غيرها، فيجب على الإعلام أن يثور على واقعه القديم كما ثارت الشعوب على واقعها المؤلم وأن ينهض الإعلام ليكون عوناً للشعوب في تحقيق النصر لا لترسيخ الهزيمة أو الستر والتستر على الخونة من حكّام العرب والمسلمين.

429

| 15 نوفمبر 2012

أحداث الكويت

يضطرب الوضع الراهن في الكويت وتتوالى الأحداث المطالبة بإصلاحات سياسية، وهو أمر اعتادت عليه الكويت والكويتيون بل واعتدنا عليه نحن كذلك في بقية دول الخليج العربي لا "الفارسي طبعاً" كما يزعم الإيرانيون، حيث اعتدنا متابعة هذا التفاعل الحكومي والبرلماني والشعبي في الكويت الذي نراه نحن الخليجيين خطوة متقدمة على كل دول الخليج الأخرى التي لا توجد فيها برلمانات ولا تجمّعات ديمقراطية كمجلس الأمة كما عند الكويتيين ليتابعوا فيها حركة النهضة أو الفساد في بلادهم أولاً بأول، ليشجّعوا على الأولى "أي النهضة" وليقضوا على الثانية "أي الفساد" وما أدراك ما الفساد في الدول العربية بشكل عام والخليجية بلا استثناء. وكم كنّا نود أن تتكرر التجربة الكويتية بل وأن تنجح في كل خطواتها السابقة والقادمة بإذن الله تعالى والطامحة إلى تعديل الكثير من الأخطاء أو العيوب أو الممارسات الخاطئة لكل من يسيء إلى الوطن من خلال إساءته لدين البلاد "الإسلام" أو إساءته لتطبيق شريعة الله من حدود وقصاص وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ونحوه أو الإساءة لرموز ومقدسات هذا الدين من أنبياء ورسل وأمهات مؤمنين وصحابة وتابعين وغيرهم من علماء ودعاة أو الإفساد في البلاد والعباد في مختلف النواحي وشتى المجالات. غير أن الأوضاع الأخيرة في الكويت قد أشعرتنا بالقلق نحن المراقبين والمتابعين عن بعد "في المكان" وعن قرب "في القلوب والمشاعر" خاصة ونحن نطالع الأخبار ونستحضر صورة الثورات العربية مؤخراً وما حدث فيها من أحداث دموية نتجت بسبب تمسّك الحكام الطغاة بكراسيهم ومقاومتهم لأي مطالب شعبية تدعو إلى العدالة والحرية والإصلاح، فكانت النتيجة أن أريقت الدماء وأزهقت الأرواح واغتصبت النساء وهُتكت الأعراض لا بسبب قيام الناس بالمطالبة بحقوقهم "كما يزعم أنصار الظلمة من الذين يستشهدون بالآيات والأحاديث من أجل ترسيخ حكم الطغاة" وإنما بسبب طغيان أولئك الحكّام في البلاد وإكثارهم فيها بالفساد، الوضع في الكويت مختلف تماماً هذه المرّة عنه في دول الثورات العربية السابقة كما في تونس ومصر وليبيا واليمن وفي الشام التي لا يزال يدنّسها أعداء الله ورسوله من أتباع بشار الأسد والإيرانيين القتلة والمجرمين وأوليائهم من حزب الشيطان "اللبناني الإيراني" أو من جيش المهدي "العراقي الإيراني" وغيرهم. الوضع في الكويت والحمد لله يختلف كثيراً، فمعدل الحرية مرتفع جداً عن غيره من الدول المحيطة وكذلك العدالة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي للناس بشكل عام، ولا نزعم بذلك أن الحرية مثالية هناك ولا العدالة كذلك بل الوضع في النهاية يؤول إلى ما تؤول إليه جميع الدول الخليجية في نظام الحكم المرتبط بالأسرة الحاكمة وهو كذلك يتناغم مع بقية دول الخليج التي تسري فيها المحسوبية والمصالح الشخصية لبعض الناس على المصلحة العامة لعموم الناس أو مصلحة الوطن، كما تجري فيها الطبقية بين المقرّبين من الحاكم أو الرئيس أو الأمير من أبنائه وأسرته وأفراد قبيلته وبين عموم الشعب الذي قد يتقاسم الحصة الأخرى من الثروات مما تبقى من حاصل طرح نصيب الحاكم والمقربين منه وحاصل طرح نصيب مشاريع التنمية التي تسير بخطى "سلحفائية" أو "حلزونية" أو متخبطة والتي لا تتوافق مع ما يحتويه جوف أرض الخليج من ثروات طبيعية كالبترول والغاز، فما تبقى من طرح ذلك الحاصل قد يصل جزء منه أو بعضه أو "رذاذ منه" أو "بُخار" إلى باقي شعوب المنطقة، فكل تلك المظاهر والعلامات تتشارك فيها دول الخليج بنسبة متفاوتة ولا تُنكرها واحدة منها مهما ادّعت أو أظهرت من الشفافية والصراحة إلا إذا أثبتت لشعوبها أنها عكس ذلك بالقول والعمل. أعود لأقول بأن الذي أقلقنا في الوضع الكويتي هو مقاربته لتلك الصورة المؤلمة والموجعة التي شاهدناها في دول الثورات من اعتقال للمعارضين أو دهس وضرب للمتجمهرين من الناس أو المطالبين بالإصلاح، فبعض تلك المظاهر قد ظهر في أحداث الكويت ولكننا نتمنى ألا يتطور الأمر إلى أسوأ من ذلك، بل وندعو الله تعالى ألا تسال قطرة دم مسلم واحد في الكويت أو في غيرها من دول العالم العربي والإسلامي، فالمشكلة أكرر ليست في تلك المطالب أو المظاهرات أو المطالبات بالإصلاحات أو بالحريات أو العدالة وإنما في طريقة التعامل معها من أولئك الذين حكموا تلك البلاد وحملوا أمانة العدل فيها والحكم بما أنزله الله ونطق به رسوله صلى الله عليه وسلم. وليس من نافلة القول أن نذكّر إخوتنا وأشقاءنا في الكويت ونذكّر أنفسنا جميعاً بالخطر الإيراني الذي نشكك كثيراً في نواياه وخبث مخططاته ومؤامراته وتحركاته في الخليج العربي، فليس بمستبعدٍ أبداً أن تسعى إيران إلى فرقة الصف الخليجي بين الدول الخليجية مجتمعة أو في الدول الخليجية منفردة، وليس بمستبعدٍ أبداً أن تحرّض بين الشعب الكويتي نفسه وغيره من شعوب الخليج حتى تقوم الفتنة بين الحكّام والعلماء والدعاة أو البدو والحضر أو بين قوات الأمن والإسلاميين أو الإسلاميين والليبراليين أو بين الأغنياء والفقراء، من أجل أن يصلوا لمبتغاهم فيتفرّق الناس لقتال بعضهم البعض حتى يتمكنوا شيئاً فشيئاً من الاستيلاء على الجزيرة العربية بأكملها كما صرّحوا بذلك في كثير من المناسبات، ومن المؤسف أن ننخدع بتلك الفتن التي قد تزرعها إيران أو أمريكا أو إسرائيل "لا فرق أبداً بينهم في المخططات" ومن المؤسف جداً أن ينخدع الحكّام بذلك فيظلموا شعوبهم أو يسلّطوا قوات الأمن على أبناء وطنهم أو على الدعاة والعلماء والمصلحين بالاعتقال أو السجن، فهؤلاء هم أبناء مخلصون لأوطانهم يريدون الخير والصلاح لها، لا كما يفعل المفسدون فيها من أهل الفن والفجور ممن يعينون أعداء الأمة على تخديرها كي لا تصحو من غفلتها لكي يتمكن الخونة من الوصول لغاياتهم وأهدافهم الخبيثة. نسأل الله تعالى أن يديم نعمة الأمن والإيمان في قلوب أهل الخليج وفوق أراضيهم حتى ينعموا بالعدل والحرية والرخاء وأن يقيموا شرع الله كما أمر الله ورسوله، وأن يخذل أعداء الأمة والإسلام وأن يوحّد كلمتهم على الهدى والتقى وأن يوحّد صفوفهم في مواجهة كل من يريد سوءاً بالإسلام والمسلمين، وأن يسخّر شعوب الخليج لخدمة هذا الدين ونصرة هذا الدين مع غيرهم من أبناء المسلمين، والله خير الحافظين.

394

| 08 نوفمبر 2012

"عيد المسلمين"

ها قد مضت أفضل أيام العام.. أيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة حيث تتعاظم الأجور وتتوزع الحسنات ويتسابق المسلمون لطلب المغفرة والرضوان من ربهم، فمنهم من شدّ رحاله إلى بيت الله الحرام في رحلة إيمانية مشحونة بالطاعة ومليئة بالعمل والصالح، يسرعون الخطى إلى المشاعر المقدّسة يرجون عفو ربهم عنهم في يوم عرفة حيث يكافئهم المولى الغفور الرحيم بمكافأة عظيمة.. فيعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم أنقياء أتقياء يطير بهم الإيمان عالياً ويحلّق بهم بعيداً حيث "الجنّة" فيستشعرون ريح قربها ويستشعرون لهيب بعدها، فهنيئاً لمن غسلته هذه العشر من الخطايا والذنوب.. حاجّاً أو مقيماً ملتمساً عفو ربه وقد اغرورقت عيناه بالدموع أن حرمه الله حج بيته هذا العام وراجياً ألا يحرمه في الأعوام القادمة. ها قد مضى عيد الأضحى المبارك وقد قدّم المسلمون أضاحيهم راجين طلب المغفرة مع كل دفقة دم من أضاحيهم التي يستنّون فيها بنبيهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبأبيهم إبراهيم عليه السلام الذي كان أمة لوحده وأعظم مثال للتضحية في سبيل الله تبارك وتعالى، وهاهم كذلك إخوتنا في الشام يضحّون بأنفسهم يومياً منذ اندلاع الثورة السورية المباركة ضد طاغية الشام وجبابرة الأرض من أمثاله ومن على شاكلته في إيران وروسيا والصين، يقاومون أسلحتهم وصواريخهم وطائراتهم ودباباتهم بصدور عارية تحمل قلوباً مؤمنة بقضاء الله وقدره ومستسلمة لما ابتلاهم الله به من قتل وتعذيب وتشريد ومرض وجوع وبرد وقسوة حياة تملؤها المصائب والمحن، وهم يعانون كذلك فقد الأحباب وتخاذل الأصحاب ونسيان الأمة الإسلامية لهم وتخاذل حكّام المسلمين عن نصرتهم إلا من رحم ربي ممن عاونهم على استحياء ونصرهم في الخفاء خشية دراية العالم بتلك المعونة والنصرة فيُتهم بالإرهاب وغيرها من كلمات الباطل التي أريد بها باطل أكبر منه، بينما وعلى النقيض من ذلك نرى أعداء الأمة الإسلامية في إيران وروسيا والصين يجاهرون العداء للمسلمين دون خجل ولا حياء ولا خوف من الله تبارك وتعالى المنتقم الجبّار. كيف نحتفل بالعيد ومازالت أرض فلسطين والشام التي بارك الله فيها ومن حولها ببركة وجود المسجد الأقصى المبارك فيها.. مازالت رهينة الاحتلال الصهيوني الغاصب والمجوسي الحاقد البغيض، فلا فرق أبداً بين جنود الاحتلال الصهيوني في فلسطين وبين جنود الاحتلال التابعين لجيش المجرم بشار الأسد أو جنود الاحتلال من الحرس الجمهوري الإيراني أو جنود الاحتلال من حزب الشيطان اللبناني الجنسية والإيراني الأصل والانتماء، وخيراً فعل الشيخ يوسف القرضاوي في آخر خطبة له قبل عيد الأضحى المبارك عندما طلب من كافة المسلمين أن يوحدوا الدعاء على الإيرانيين والروس وأعوانهم ممن قتلوا إخوتنا في سوريا، بل ووصف إيران بأنها عدوة للأمة الإسلامية ووصف روسيا بالوصف نفسه، وجميعنا يعلم بأن المجرمة الأولى في معركة سوريا هي "إيران" التي أسهمت بشكل رئيسي في نشر حقدها الطائفي في أرض الشام بعد أن نشرته على أرضها ثم على أرض لبنان ثم على أرض العراق والآن تنشره بكل ما أوتيت من قوة في سوريا لكي تقيم الإمبراطورية الفارسية المجوسية على أنقاض دولة الإسلام بقتلها للمسلمين من أهل السنة ممن يعترضون طريق هذه الجيوش والوحوش التي لا تعرف الإسلام ولم تشهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله بل شهدت بالكفر والشرك والضلال والفساد في الأرض. إن عيد المسلمين الحقيقي هو بتحرير أرض المسلمين كافة من الظلم الداخلي والخارجي الواقع بها ومن الكفر والشرك الذي ينشره هؤلاء المشركون الجدد في أرض فارس وأمثالهم أو الكفر والشرك الذي ينشره الصليبيون الجدد من الأمريكان وأمثالهم أو الكفر والشرك الذي ينشره الملحدون والوثنيون والبوذيون من الروس والصينيين والهندوس وأمثالهم، وبتحرير أرض المسلمين من المنافقين الذين يعيشون بين المسلمين وهم يحملون انتماءً لأعداء الإسلام ممن يكيدون ويمكرون ويخونون الأمة من داخلها، فالعيد الحقيقي يكون بسعادتنا بالخلاص منهم ومن شرورهم وبنشر العدل والحرية في أرض المسلمين فلا يسرق الفقير لأنه يرى الأغنياء يسرقون فيزدادون غنى بينما يزيد فقراً، ولا يخون الخائن وهو يرى الخونة يخونون فيزدادون قرباً، ولا يظلم القاضي وهو يرى الحاكم يحكم بشرع الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، حينها فقط يعيش المسلمون فرحة وسعادة غامرة يشعر بها الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني والضعيف قبل القوي، فهل سنشهد هذا العيد قريباً أم أننا يجب أن نضحي أكثر بأموالنا وأنفسنا وكل ما نملك في سبيل تحرير الشام وفلسطين وغيرها من بلاد المسلمين حتى نحظى بشرف "خير أمة أخرجت للناس" وحتى ننشر دين الله في العالمين.

336

| 01 نوفمبر 2012

بداية الهزيمة

القارئ لتاريخ الدولة الإسلامية يجد الكثير من مواطن الضعف والوهن التي ابتليت بها الأمة الإسلامية في العصور القديمة والعهود الحديثة، والمُشاهِد لأحوال الأمة العربية والإسلامية قديماً وحديثاً يصل إلى نتيجة واحدة هي أن هذه الأمة ترتبط نهضتها وعزّتها بمدى ارتباطها بدينها فالعلاقة طردية متناسبة في ذلك ويرتبط تخلّفها وتأخرها كذلك بمدى بعدها عن دينها الذي أكرمها الله به وشرّفها به بأن جعل خاتم الأنبياء والمرسلين منها وفيها فالعلاقة عكسية متناسبة في ذلك أيضاً. وما من حقبة من الزمان شهدت نكسة أو هزيمة أو احتلالاً لأرض الإسلام أو مذبحة من مذابح المسلمين الكثيرة المتكاثرة إلا وسبقتها حالة من الفساد المالي والأخلاقي لحاكم أو لمجموعة من حكّام المسلمين، فسقوط الإمارات الإسلامية في غرناطة واحدة تلو الأخرى كان قد سبقه في التاريخ عهود من الفساد لحكّام تلك الإمارات التي بدأت في الضعف شيئاً فشيئاً حتى سقطت في أيدي أعداء الأمة مما أدّى لتقلّص رقعة الدولة الإسلامية التي انتشرت بقوّة الحق والعدل وسماحة الدين الإسلامي الذي انتشر بقِيَمه وأخلاقه التي دعي إليها، ومنذ أن بدأت تلك القيم والأخلاق في الضعف والتلاشي بدءاً من قصور الحكّام إلى بيوت الرعيّة حتى بدأ عصر الهزيمة في الظهور. وفي القصّة المشهورة عن "عبدالله الصغير" آخر حكّام الممالك الإسلامية في غرناطة عندما جلس يبكي ضياع دولته وذهاب حكمه فرأته أمّه يبكي كالطفل الصغير وقالت له مقولتها الشهيرة " ابكِ كالنساء.. مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال" وقد أصابت هذه المرأة الحكيمة التي علمت سبب الهزيمة ولخّصته في أقصر الكلمات وأبلغها معنى، فالذي لا يحافظ على أمواله وممتلكاته من طمع الطامعين أو كيد الحاقدين أو نهب السارقين فإنه لابد أن يذوق مرارة الفقد والحرمان في يوم من الأيام وهذه سنّة كونيّة في كل الأمور، فالذي لا يحافظ على إيمانه مثلاً بمداومة الصلوات والإكثار من فعل الصالحات فإنه حتماً سيفقد شيئاً فشيئاً ذلك الإيمان في قلبه وسينطفئ نور الإيمان في صدره لعدم تغذيته وتقويته له، فلا إيمان يبقى على حاله ما لم يتجدد يومياً ويتحرّك في القلب والجوارح حتى يطغى على النفس ويكبح جماح الهوى والشهوات. وهاهو التاريخ يعيد الأحداث ويكرر الهزائم التي لحقت بالأوّلين في بيان واضح لعدم استفادة الإنسان من التاريخ بماضيه وحاضره من أجل استشراف مستقبله، ولهذا جاء القرآن الكريم والسنة المطهّرة محذّرين في كثير من المواطن ومنبّهين على أهميّة الاتعاظ والاستفادة مما حلّ بالأمم السابقة من عقاب وعذاب لعصيانها تعاليم دينها ورفضها رسالة أنبيائها وانغماسها في ضلالاتها السابقة وفي الملذّات والشهوات التي جاءت الرسالات السماوية محذّرة منها ومن الانشغال بها دون الانشغال بالمقصد العظيم الذي خلق الله من أجله الإنس والجن.. قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). فقد ابتليت الأمة بحكّام انغمسوا في ملذاتهم وشهواتهم دون الانشغال بتنمية ونهضة أوطانهم فكانت مصالحهم الخاصة ومصالح أبنائهم وأسرهم الحاكمة تطغى على كثير من الأولويات التي كان ينبغي أن تنشغل بها البلاد وهي تنافس غيرها في التقدم العلمي والصناعي والاقتصادي أو تنشغل فيه بمقاومة أعدائها والاستعداد لهم بالقوّة الرادعة المطلوبة والأنظمة الدفاعية اللازمة، فلقد انشغل الحكّام بتوافه الأمور وترف العيش حتى أصبح همّهم نهب خيرات بلادهم والتنافس فيما بينهم في البقاء على كراسي الحكم لأطول فترة ممكنة لا لإقامة حكم الله في الأرض وخلافته لها بالحق والعدل وإنما لنهب الثروات واستغلال البلاد والعباد حتى أصبحت البلاد العربية والإسلامية موضوعاً للتندر والفكاهة في القصص التاريخية والحكايات بل ورسّخت ذلك بعض القصص والحكايات بدءاً من ألف ليلة وليلة وانتهاء بحكايات شهرزاد وشهريار وغيرها من الحكايات التي تحكي عن ترف القصور وجشع الحكّام وانغماسهم في الشهوات والملذّات حتى رسم العالم والغرب صورة الحاكم العربي في ذهنه بذلك الرجل البطين المتكئ على الوسائد والأرائك والمتنعّم بالغلمان والجواري والمحاط بالنساء من كل جهة وصوب فأي نهضة وأي حضارة ستقوم على أشباه هؤلاء الحكّام وبطانتهم التي تهتم بإقامة الموائد والولائم والتفاخر والمباهاة بالأولاد والممتلكات حتى أصبحت الشعوب نفسها ضمن تلك الممتلكات التي يتباهى بها الحكّام فيما بينهم لأنهم أصبحوا في نظرهم قطعاناً من الأغنام يقودونهم من مكان لآخر دون إذن أو مشورة. لقد كان الكثيرون يتساءلون عن سر هذا التخلف الحضاري الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي دون غيره من الأمم ولكن الثورات الشعبية في بعض بلاد المسلمين مؤخراً كشفت جزءاً من تلك الأسباب التي أدّت لذلك التخلّف عندما أظهرت للعالم بأسره كم كانت تعيش البلاد العربية والإسلامية ولا تزال تحت ظلم وبطش حكّام سرقوا من أموال شعوبهم وخيرات بلادهم ما لم يسرقه حاكم شيوعي أو ماركسي أو علماني أو صليبي أو صهيوني من قبل رغم أنهم محسوبون من أمة الإسلام غير أنهم لا يحملون من الإسلام إلا اسمه أو هيئته.. وللحديث بقية إن شاء الله.

495

| 11 أكتوبر 2012

دعاء الظالمين

قدّمت الثورات العربية المباركة دروساً مجانية كثيرة للشعوب وللحكاّم على حد سواء في البلاد العربية والإسلامية ممن كانوا يشاهدون ما يحدث على أرض الواقع في تونس ثم مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا، كان من بينها أن الشعوب العربية والإسلامية تعلّمت - من المفترض - إلى حدّ ما دروساً في أسباب النصر وكذلك الحكّام تعلموا - من المفترض كذلك - دروساً في أسباب الهزيمة وفقدان محبة الشعوب ومن ثمّ فقدان الحكم والكراسي التي يتشبثون بها جيداً من أول مرّة تذوّقوا فيها طعم السلطة. وكثيراً ما نتساءل ونحن نرى تأخّر النصر من بلد إلى آخر أو بمعنى آخر.. تأخر سقوط الطغاة شيئاً فشيئاً كما حدث مع القذافي الذي دمّر البلاد وقتل الآلاف من شعبه حتى حان موعد نهايته المشؤومة، تلك التي لا يحسده حاكم عليها على الإطلاق، وكذلك الحال في تأخّر سقوط الطاغية الأكبر والمجرم القاتل بشار الأسد الذي مازال يقتل المزيد من أبناء شعبه بشكل يومي بالعشرات أحياناً وبالمئات أحياناً في مدة قاربت السنتين من السنين العجاف التي ذاقت فيها سوريا مرارة القتل والظلم والعدوان من هذا الطاغية الذي أذاقهم صنوف العذاب بمعاونة "حقيرة وحاقدة" من إيران وذيولها وأتباعها في العراق ولبنان ممن مدّوا يدهم الملطخة بدماء أهل السنة في إيران والعراق ولبنان ليمارسوا جريمة جماعية كبرى هذه المرّة على أرض الشام. نعم لقد تأخّر النصر كثيراً كما تأخّر في سقوط القذافي بل وأكثر من ذلك كثيراً فهذا الطاغية يأبى السقوط لأن أطرافاً خبيثة حاقدة على الإسلام والمسلمين تريده أن يبقى أطول فترة ممكنة في الحكم لضمان أمن إسرائيل ولزيادة رقعة السرطان الخبيث الذي ينتشر في جسد الأمة الإسلامية انطلاقاً من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان، ونعلم تماماً أن لله حكمة بالغة لا نستوعبها بعقولنا الصغيرة القاصرة العاجزة عن فهم كل شيء إلا بأمر ربنا العليم الحكيم سبحانه، ونعلم أن في تأخر النصر اختبارا وتمحيصا للأمة ليميز الله الخبيث من الطيب، فلولا هذا التأخير لما اكتشفنا حقد إيران ولا انكشفت لنا حقيقتها بشكل جليّ وواضح بمشاركة جنودها في قتل شعب سوريا وهو الأمر الذي كان واضحاً لدى الكثيرين حتى من قبل أحداث سوريا فإيران كما يقولون " لا تهرول عبثاً " فمنذ سنوات وهي تسعى مع أعداء الأمة لتحقيق إمبراطوريتها "الفارسية" على أنقاض دولة الإسلام، تماماً كما يريد الصهاينة فعل الشيء نفسه بدءاً من هدم الأقصى ثم الانتشار والتغلغل في جسد الأمة الإسلامية في كل بقعة أرض منه. كثيراً ما نتوقّع أن تأخير النصر يعود إلى أسباب خارجة عن إرادتنا وبعيدة عن أيدينا، فتلك الأسباب والتي نعزوها بفهمنا القاصر إلى التهرّب من المساءلة الشخصية والنقد الذاتي لأنفسنا، فمثلاً كثيراً ما نعزو تأخّر نصر الشعوب - رغم دُعائنا في صلواتنا وبذلنا أموالنا وجهدنا من أجل نصرة شعب سوريا - إلى أنه اختبار للأمة وأن الله يريد أن يرى نصرتنا لإخواننا على سبيل المثال، وقد يحدث أن نقوم بتلك النصرة وحثّ الناس على الجهاد بالمال والنفس ونحوه ولكن يتباطأ النصر أكثر فأكثر حتى يصل البعض إلى حالة من اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى والعياذ بالله، ولكننا لا نلتفت في الغالب إلى أنفسنا فنلومها بالتقصير المفرط في جنب الله تعالى بكثرة المعاصي والذنوب أو البعد عن الله في غالب أمور حياتنا. فتجد أن البعض يظلم زوجته وأبناءه وموظفيه في العمل بكل قسوة قلب وفحش لسان وبطش يد وغلظة معاملة وجفاء مشاعر وفظاظة ألفاظ وسوء أدب وظلم كبير يرتكبه في حق من حوله ثم تجده في نهاية الأسبوع يتضرع إلى الله ويدعو رافعاً كفّيه بل ويقول بحرقة "آمين" وقت دعاء خطيب الجمعة وحين قوله "اللهم عليك بالظالمين" ولا يدري بأنه واحد منهم!!، بل وتجد البعض يظلم من حوله ويبطش بهم ويغتصب حقوقهم ويسرق أموالهم وينهب ممتلكاتهم ثم تجده يرفع كفّيه ويدعو "اللهم عليك بالطغاة المجرمين" ولا يدري بأنه عبارة عن "مشروع طاغية مبتدئ". ومنّا من لا يزال يأكل الربا أضعافاً مضاعفة وهو يغفل عن تلك الكبيرة التي يرتكبها والمعصية التي يقترفها، ويتحجج البعض بأعذار واهية ضعيفة وهم يُسألون "لماذا لا تضع حسابك وراتبك في بنك إسلامي؟" فتجد المبررات الفارغة والأعذار الواهية، هؤلاء ماذا سيجيبون ربّهم عندما يسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها؟! بل إن البعض يزيد على هؤلاء الذين يضعون أموالهم في بنوك ربوية فيفوقهم في الإثم والمعاصي بقيامه بالمتاجرة في المحرّمات والمنكرات والشبهات، فيسعى لزيادة ثروته ومضاعفة أمواله بكل وسيلة وطريقة محرّمة كانت أم لا، حتى وإن كانت ستؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الغش أو التحايل والاحتيال عليهم، فهؤلاء يضاعفون من ثرواتهم في الدنيا مؤقتاً ولكنهم يضاعفون في الوقت نفسه حسابهم وعقابهم عند الله ويُعجّلون انتقام الله منهم في الدنيا قبل الآخرة. فكل تلك المظالم التي نرتكبها بشكل جماعي أو فردي هنا وهناك قد تكون سبباً رئيسياً في تأخير النصر لهذا الأمة على أعدائها من الطغاة من حكّامها أو على أعدائها من خارجها، أحد الصحابة كان يلوم نفسه أولاً إذا ما عثرت دابته أو ساءت أخلاق زوجته أو تعثّرت تجارته أو أي أمر دنيوي آخر فإنه يجد نفسه هو المتسبب في كل ذلك لمعصية قد يكون ارتكبها، فذلك معيار جيّد نقيس به كل ما يقع علينا من محن وكوارث فإننا يجب أن نلتفت إلى أنفسنا بالنقد والتأنيب وأن نكتشف عيوبنا ومكامن الخلل فينا حتى نعرف كيف سنخطو الخطوة القادمة بعد ذلك. لقد كانت فرصة فريدة عندما كشف لنا هذا التأخير في النصر أن أعداء الأمة الحقيقيين في الداخل "كإيران وأتباعها" أخطر من أعداء الخارج وقد كانت فرصة عظيمة كذلك عندما كشف لنا الكثير من علماء السلطة الذين اشتراهم الطغاة بثمن بخس وباعوا دينهم من أجل دنياهم، كل ذلك ما كان سيتحقق لولا تأخّر النصر وقت المحن والشدائد، فحرى بنا أن نلتفت إلى أنفسنا دوماً لنكتشف أن معاصينا وخطايانا مثلما قد تمنع المطر من السماء ومثلما قد تضيّق علينا في أرزاقنا فإنه بسببها قد لا يستجيب الله لدعواتنا حينما ندعو لإخواننا في سوريا وكل مكان بأن ينصرهم الله على عدوّهم.. لأننا لم ننتصر على شهوات أنفسنا وعلى شياطيننا، فالله لا يستجيب دعاء الظالمين وإنما يستجيب دعاء المظلومين والصالحين من عباده.. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

2250

| 05 أكتوبر 2012

مآخذ على الجزيرة

لا أحد ينكر دور قناة الجزيرة في المساهمة بشكل كبير وفعّال في إنجاح الثورات العربية والمساعدة في وصول الشعوب العربية إلى غايتها وأهدافها في اقتلاع الطغاة وجذور الفساد في أوطانها وإسقاط تلك الأنظمة المجرمة الطاغية فيها، فمنذ أن اندلعت الثورات العربية انطلاقاً من تونس ثم مصر ثم ليبيا فاليمن وسوريا كانت الجزيرة ولازالت تغطي أحداث ما يحدث من قتل وسفك للدماء في تلك البلاد وسخّرت كل إمكانياتها في تغطية ما يجري أولاً بأول وبشكل يومي مباشر وغير مباشر، فنقلت بالصوت والصورة ما يحدث من ظلم للشعوب وقامت بإيصال صوت الناس إلى حكوماتهم الظالمة حيث لم تعتد وسائل الإعلام في تلك البلاد على إيصال صوت المظلومين إلى حكّامهم بل سخّرت إمكانياتها في دعم وترسيخ حكم الطغاة بل مجّدتهم وعظّمتهم وجعلتهم آلهة يعبدون من دون الله تعالى، مما لاقى ذلك استحسان الطغاة وأشبع غرورهم وكبرياءهم فازدادوا ظلماً وفجوراً، ولكن قناة الجزيرة صدمت أولئك الطغاة بالصوت الآخر الذي لم يعتادوا على سماعه وبالصورة الأخرى التي لم يعتادوا على رؤيتها، فشاهدوا وشاهد العالم بأسره كيف يقتلون الناس في الشوارع والميادين وكيف يقوم جنودهم ومرتزقتهم و"بلطجيتهم وشبيحتهم" بذبح الناس وسفك دمائهم بكل بشاعة وفظاعة، مما فضحهم أمام العالم وفضح كل جرائمهم ومجازرهم التي ارتكبوها بل وفتحت ملفات أكثر خطورة من ذلك تمثّلت في فضح مؤامراتهم تجاه شعوبهم وتجاه أمّتهم العربية والإسلامية بخيانتهم لها وتعاونهم مع الصهاينة وأعداء الأمة من أجل بقائهم على كراسي الحكم أطول فترة ممكنة، ولهذا كلّه صفعت قناة الجزيرة وجوه الطغاة بتلك الفضائح التي ارتكبوها من خلال عرضها لأفلام وثائقية وتقارير سريّة ومعلومات هامّة بالإضافة إلى استضافة شهود عيان ورموز معارضة والأهم من ذلك كلّه قيامها بالاقتراب من الناس وسماع مطالبهم وشهاداتهم في كل تلك الأحداث والجرائم الأمر الذي ساعد على الإجهاز على تلك الحكومات المخلوعة والنظم الساقطة بل وأطلقت عليهم رصاصة العذاب لا الرحمة على أجسادهم النتنة من خلال تغطيتها لأفراح الشعوب بعد انتصاراتها وإسقاطها لتك الأنظمة ومساهمتها بشكل كبير آخر في دعم الحكومات الانتقالية أو الحكومات الجديدة والرؤساء المنتخبين من شعوبهم بكل حريّة وعدل كما حدث مع الرئيس المصري محمد مرسي الذي كاد أن يكون مثالاً ورمزاً وقدوة للحاكم المسلم الذي تتمناه وترتضيه الشعوب لينهض بوطنه وشعبه من جديد. ولكننا شاهدنا في الفترة الأخيرة من تغطية الجزيرة المميزة لهذه الثورات المباركة بأن هناك ملاحظات هامّة ومآخذ على قناة الجزيرة أثّرت في حياديّتها ومصداقيتها في نقل الحقيقة والرأي والرأي الآخر للمشاهد العربي وللمشاهدين في أنحاء العالم وأثّرت كذلك في مساهمتها في وصول الشعوب إلى حريّتها ومطالبها مما ساهم في تأخير النصر أو إبطاء الهزيمة لبعض الأنظمة المجرمة في بعض القضايا، فعلى سبيل المثال كانت تغطية الجزيرة للأحداث في البحرين غير منصفة – من وجهة نظري - على الإطلاق للوضع على أرض الواقع فلقد انخدعت الجزيرة كما انخدع الكثيرون بمطالب تلك الفئة الضالّة والمخرّبة في البحرين والتي اتضح بشكل واضح فاضح أن تلك الأحداث التخريبية في البحرين كانت بخلاف تلك الثورات العربية المطالبة بالحريّة في تونس ومصر وليبيا واليمن، فأحداث البحرين كانت عكس ذلك فقد جاءت في سياق المطالبة بالحريّة والعدالة ولكنه "حقٌ أريد به باطل" فقد قامت الجزيرة بالخوض في تغطية أحداث البحرين دون النظر بعمق إلى ماهية تلك التحركات الطائفية التي تحرّكها إيران من طهران بل وكانت تموّلها وتدعمها بشكل علني سافر ووقح أعلنته مراراً وتكراراً من خلال قنواتها وتصريحات مسؤوليها الذين أظهروا طائفيتهم وحقدهم فجاءت أحداث البحرين التخريبية في نظر عدسة قناة الجزيرة على أنها مطالب شرعية لذا قامت بتغطيتها على الفور دون إمعان النظر فيها فضلاً عن إعطائها الفرص تلو الفرص لرموز التخريب مثل "علي سلمان" و"حسن مشيمع" من المدعومين إيرانياً فاعتبرتهم رموزاً وطنية حرّة وهي ليست بحرّة وإنما تتبع الإرادة والإدارة الإيرانية فكان من الخطأ الفادح للجزيرة أن تفسح المجال أكثر من مرّة لعلي سلمان وغيره من رموز هذه الفئة بتكرار أكاذيبهم وضلالاتهم بشكل متكرر عبر شاشة الجزيرة فكانوا أشبه بمراسلين للجزيرة تعتمد عليهم في وصف الوقائع في البحرين بينما كشفت لنا الأيام جرائم تلك الفئة وخيانتها لوطنها فكانت هفوة الجزيرة في الانسياق وراء تلك المطالب غير المشروعة أو الأصوات الكاذبة من تلك الفئة الطائفية الحاقدة التابعة لإيران. المأخذ الثاني على الجزيرة كان واضحاً في الثورة السورية وتحديداً في الفترة الأخيرة حيث قامت بشكل "غير متعمّد إن شاءالله" وذلك لحسن ظننا بالجزيرة ولكنه وللأسف خدم إيران كثيراً في القضية السورية، حيث قامت مؤخراً بعرض برامج وثائقية مثل "القنبلة بأي ثمن" والذي تحدث عن أسرار البرنامج النووي الإيراني والذي كشفت فيه الجزيرة أنه كان مدعوماً من قبل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية قبل الثورة الإيرانية في عهد شاه إيران ولكنه أصبح محارباً وغير مرحّب به من الغرب وأمريكا بعد الثورة الإيرانية في عهد الخميني، فمثل هذه البرامج التي "تمدح وتثني" على النموذج الإيراني وتروّج له إنجازاته ما كان ينبغي على الجزيرة أن تساهم في دعم نظام دموي مجرم مثل النظام الإيراني الذي قتل وأعدم الكثيرين من أبناء شعبه من المطالبين بالحريّة والعدالة وخصوصاً من أهل السنة في إيران وفي الأحواز العربية بشكل أخصّ حيث ترتكب إيران الفظائع هناك ناهيك عن دعمها المتواصل للنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية بل ومساهمتها بشكل حقير بجنودها ومرتزقتها في قتل الشعب السوري بعد أن ساهمت بيدها الملطخة بالدماء كذلك في قتل أهل السنة في العراق الذي أصبح مسرحاً للعرائس الإيرانية بعد أن كان بوابة شرقية للعروبة وللوطن العربي فإذا به يصبح بين ليلة وضحاها بوابة للفرس على يد نوري المالكي ومقتدى الصدر وغيرهم من أتباع إيران. لقد كان لزاماً على الجزيرة أن تساهم بفضح إيران أكثر من أي وقت آخر وخاصة بعد أن اعترفت إيران وقادتها العسكريون بمشاركة جنود من الحرس الجمهوري الإيراني في قتل الشعب السوري فما كان ينبغي على الجزيرة أن تبث تلك البرامج التي تثني على إيران وإنما كنّا ولازلنا نأمل من الجزيرة أن تساهم بإمكانياتها الكبيرة في دعم الثورة السورية حتى النصر وذلك بفضح إيران وكشف مخططاتها ومؤامراتها في المنطقة وكشف خيانتها للأمة الإسلامية بتعاونها مع الأمريكان والصهاينة في صفقات ومؤامرات سرية تستهدف الاستحواذ على الأراضي العربية وتكوين هلال شيعي ممتد من إيران إلى لبنان متواطئ مع العدو الصهيوني في نفس الهدف والغاية، ولازلنا نتمنى كذلك من الجزيرة كشف مؤامرات إيران أكثر من قبل من خلال تغطيتها لملفات إيران الأخرى كما قامت بتغطية برنامج إيران النووي نتمنى منها أن تفتح ملفات الفساد وكبت الحريات والإعدامات التي تستهدف أهل السنة في إيران منذ عقود من الزمان، وأن تغطي الجزيرة ثورة المظلومين والمضطهدين هناك وبالأخص في الأحواز العربية التي استحوذت عليها إيران بكل جبروت وطغيان، ولا ننكر أخيراً ما فعلته الجزيرة من إنجاز وسبق إعلامي مميز بكشفها تزوير وتحريف الإعلام الإيراني لكلمة الرئيس المصري محمد مرسي في قمة عدم الانحياز بطهران فهذا جهد مشكور ورائع قامت به الجزيرة نشهد لها فيه بالاحترافية والجرأة ولكننا نأمل منها المزيد حتى سقوط الطغاة في سوريا وإيران وذيول إيران في العراق ولبنان قريباً إن شاء الله.

768

| 28 سبتمبر 2012

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5316

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

4368

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

3867

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1680

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1191

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

978

| 05 أكتوبر 2025

972

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

900

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

777

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

765

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...

729

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

720

| 06 أكتوبر 2025

أخبار محلية