رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قدّمت الثورات العربية المباركة دروساً مجانية كثيرة للشعوب وللحكاّم على حد سواء في البلاد العربية والإسلامية ممن كانوا يشاهدون ما يحدث على أرض الواقع في تونس ثم مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا، كان من بينها أن الشعوب العربية والإسلامية تعلّمت - من المفترض - إلى حدّ ما دروساً في أسباب النصر وكذلك الحكّام تعلموا - من المفترض كذلك - دروساً في أسباب الهزيمة وفقدان محبة الشعوب ومن ثمّ فقدان الحكم والكراسي التي يتشبثون بها جيداً من أول مرّة تذوّقوا فيها طعم السلطة.
وكثيراً ما نتساءل ونحن نرى تأخّر النصر من بلد إلى آخر أو بمعنى آخر.. تأخر سقوط الطغاة شيئاً فشيئاً كما حدث مع القذافي الذي دمّر البلاد وقتل الآلاف من شعبه حتى حان موعد نهايته المشؤومة، تلك التي لا يحسده حاكم عليها على الإطلاق، وكذلك الحال في تأخّر سقوط الطاغية الأكبر والمجرم القاتل بشار الأسد الذي مازال يقتل المزيد من أبناء شعبه بشكل يومي بالعشرات أحياناً وبالمئات أحياناً في مدة قاربت السنتين من السنين العجاف التي ذاقت فيها سوريا مرارة القتل والظلم والعدوان من هذا الطاغية الذي أذاقهم صنوف العذاب بمعاونة "حقيرة وحاقدة" من إيران وذيولها وأتباعها في العراق ولبنان ممن مدّوا يدهم الملطخة بدماء أهل السنة في إيران والعراق ولبنان ليمارسوا جريمة جماعية كبرى هذه المرّة على أرض الشام.
نعم لقد تأخّر النصر كثيراً كما تأخّر في سقوط القذافي بل وأكثر من ذلك كثيراً فهذا الطاغية يأبى السقوط لأن أطرافاً خبيثة حاقدة على الإسلام والمسلمين تريده أن يبقى أطول فترة ممكنة في الحكم لضمان أمن إسرائيل ولزيادة رقعة السرطان الخبيث الذي ينتشر في جسد الأمة الإسلامية انطلاقاً من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان، ونعلم تماماً أن لله حكمة بالغة لا نستوعبها بعقولنا الصغيرة القاصرة العاجزة عن فهم كل شيء إلا بأمر ربنا العليم الحكيم سبحانه، ونعلم أن في تأخر النصر اختبارا وتمحيصا للأمة ليميز الله الخبيث من الطيب، فلولا هذا التأخير لما اكتشفنا حقد إيران ولا انكشفت لنا حقيقتها بشكل جليّ وواضح بمشاركة جنودها في قتل شعب سوريا وهو الأمر الذي كان واضحاً لدى الكثيرين حتى من قبل أحداث سوريا فإيران كما يقولون " لا تهرول عبثاً " فمنذ سنوات وهي تسعى مع أعداء الأمة لتحقيق إمبراطوريتها "الفارسية" على أنقاض دولة الإسلام، تماماً كما يريد الصهاينة فعل الشيء نفسه بدءاً من هدم الأقصى ثم الانتشار والتغلغل في جسد الأمة الإسلامية في كل بقعة أرض منه.
كثيراً ما نتوقّع أن تأخير النصر يعود إلى أسباب خارجة عن إرادتنا وبعيدة عن أيدينا، فتلك الأسباب والتي نعزوها بفهمنا القاصر إلى التهرّب من المساءلة الشخصية والنقد الذاتي لأنفسنا، فمثلاً كثيراً ما نعزو تأخّر نصر الشعوب - رغم دُعائنا في صلواتنا وبذلنا أموالنا وجهدنا من أجل نصرة شعب سوريا - إلى أنه اختبار للأمة وأن الله يريد أن يرى نصرتنا لإخواننا على سبيل المثال، وقد يحدث أن نقوم بتلك النصرة وحثّ الناس على الجهاد بالمال والنفس ونحوه ولكن يتباطأ النصر أكثر فأكثر حتى يصل البعض إلى حالة من اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى والعياذ بالله، ولكننا لا نلتفت في الغالب إلى أنفسنا فنلومها بالتقصير المفرط في جنب الله تعالى بكثرة المعاصي والذنوب أو البعد عن الله في غالب أمور حياتنا.
فتجد أن البعض يظلم زوجته وأبناءه وموظفيه في العمل بكل قسوة قلب وفحش لسان وبطش يد وغلظة معاملة وجفاء مشاعر وفظاظة ألفاظ وسوء أدب وظلم كبير يرتكبه في حق من حوله ثم تجده في نهاية الأسبوع يتضرع إلى الله ويدعو رافعاً كفّيه بل ويقول بحرقة "آمين" وقت دعاء خطيب الجمعة وحين قوله "اللهم عليك بالظالمين" ولا يدري بأنه واحد منهم!!، بل وتجد البعض يظلم من حوله ويبطش بهم ويغتصب حقوقهم ويسرق أموالهم وينهب ممتلكاتهم ثم تجده يرفع كفّيه ويدعو "اللهم عليك بالطغاة المجرمين" ولا يدري بأنه عبارة عن "مشروع طاغية مبتدئ".
ومنّا من لا يزال يأكل الربا أضعافاً مضاعفة وهو يغفل عن تلك الكبيرة التي يرتكبها والمعصية التي يقترفها، ويتحجج البعض بأعذار واهية ضعيفة وهم يُسألون "لماذا لا تضع حسابك وراتبك في بنك إسلامي؟" فتجد المبررات الفارغة والأعذار الواهية، هؤلاء ماذا سيجيبون ربّهم عندما يسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها؟! بل إن البعض يزيد على هؤلاء الذين يضعون أموالهم في بنوك ربوية فيفوقهم في الإثم والمعاصي بقيامه بالمتاجرة في المحرّمات والمنكرات والشبهات، فيسعى لزيادة ثروته ومضاعفة أمواله بكل وسيلة وطريقة محرّمة كانت أم لا، حتى وإن كانت ستؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الغش أو التحايل والاحتيال عليهم، فهؤلاء يضاعفون من ثرواتهم في الدنيا مؤقتاً ولكنهم يضاعفون في الوقت نفسه حسابهم وعقابهم عند الله ويُعجّلون انتقام الله منهم في الدنيا قبل الآخرة.
فكل تلك المظالم التي نرتكبها بشكل جماعي أو فردي هنا وهناك قد تكون سبباً رئيسياً في تأخير النصر لهذا الأمة على أعدائها من الطغاة من حكّامها أو على أعدائها من خارجها، أحد الصحابة كان يلوم نفسه أولاً إذا ما عثرت دابته أو ساءت أخلاق زوجته أو تعثّرت تجارته أو أي أمر دنيوي آخر فإنه يجد نفسه هو المتسبب في كل ذلك لمعصية قد يكون ارتكبها، فذلك معيار جيّد نقيس به كل ما يقع علينا من محن وكوارث فإننا يجب أن نلتفت إلى أنفسنا بالنقد والتأنيب وأن نكتشف عيوبنا ومكامن الخلل فينا حتى نعرف كيف سنخطو الخطوة القادمة بعد ذلك.
لقد كانت فرصة فريدة عندما كشف لنا هذا التأخير في النصر أن أعداء الأمة الحقيقيين في الداخل "كإيران وأتباعها" أخطر من أعداء الخارج وقد كانت فرصة عظيمة كذلك عندما كشف لنا الكثير من علماء السلطة الذين اشتراهم الطغاة بثمن بخس وباعوا دينهم من أجل دنياهم، كل ذلك ما كان سيتحقق لولا تأخّر النصر وقت المحن والشدائد، فحرى بنا أن نلتفت إلى أنفسنا دوماً لنكتشف أن معاصينا وخطايانا مثلما قد تمنع المطر من السماء ومثلما قد تضيّق علينا في أرزاقنا فإنه بسببها قد لا يستجيب الله لدعواتنا حينما ندعو لإخواننا في سوريا وكل مكان بأن ينصرهم الله على عدوّهم.. لأننا لم ننتصر على شهوات أنفسنا وعلى شياطيننا، فالله لا يستجيب دعاء الظالمين وإنما يستجيب دعاء المظلومين والصالحين من عباده.. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8709
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6912
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4830
| 05 أكتوبر 2025