رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا أحد ينكر دور قناة الجزيرة في المساهمة بشكل كبير وفعّال في إنجاح الثورات العربية والمساعدة في وصول الشعوب العربية إلى غايتها وأهدافها في اقتلاع الطغاة وجذور الفساد في أوطانها وإسقاط تلك الأنظمة المجرمة الطاغية فيها، فمنذ أن اندلعت الثورات العربية انطلاقاً من تونس ثم مصر ثم ليبيا فاليمن وسوريا كانت الجزيرة ولازالت تغطي أحداث ما يحدث من قتل وسفك للدماء في تلك البلاد وسخّرت كل إمكانياتها في تغطية ما يجري أولاً بأول وبشكل يومي مباشر وغير مباشر، فنقلت بالصوت والصورة ما يحدث من ظلم للشعوب وقامت بإيصال صوت الناس إلى حكوماتهم الظالمة حيث لم تعتد وسائل الإعلام في تلك البلاد على إيصال صوت المظلومين إلى حكّامهم بل سخّرت إمكانياتها في دعم وترسيخ حكم الطغاة بل مجّدتهم وعظّمتهم وجعلتهم آلهة يعبدون من دون الله تعالى، مما لاقى ذلك استحسان الطغاة وأشبع غرورهم وكبرياءهم فازدادوا ظلماً وفجوراً، ولكن قناة الجزيرة صدمت أولئك الطغاة بالصوت الآخر الذي لم يعتادوا على سماعه وبالصورة الأخرى التي لم يعتادوا على رؤيتها، فشاهدوا وشاهد العالم بأسره كيف يقتلون الناس في الشوارع والميادين وكيف يقوم جنودهم ومرتزقتهم و"بلطجيتهم وشبيحتهم" بذبح الناس وسفك دمائهم بكل بشاعة وفظاعة، مما فضحهم أمام العالم وفضح كل جرائمهم ومجازرهم التي ارتكبوها بل وفتحت ملفات أكثر خطورة من ذلك تمثّلت في فضح مؤامراتهم تجاه شعوبهم وتجاه أمّتهم العربية والإسلامية بخيانتهم لها وتعاونهم مع الصهاينة وأعداء الأمة من أجل بقائهم على كراسي الحكم أطول فترة ممكنة، ولهذا كلّه صفعت قناة الجزيرة وجوه الطغاة بتلك الفضائح التي ارتكبوها من خلال عرضها لأفلام وثائقية وتقارير سريّة ومعلومات هامّة بالإضافة إلى استضافة شهود عيان ورموز معارضة والأهم من ذلك كلّه قيامها بالاقتراب من الناس وسماع مطالبهم وشهاداتهم في كل تلك الأحداث والجرائم الأمر الذي ساعد على الإجهاز على تلك الحكومات المخلوعة والنظم الساقطة بل وأطلقت عليهم رصاصة العذاب لا الرحمة على أجسادهم النتنة من خلال تغطيتها لأفراح الشعوب بعد انتصاراتها وإسقاطها لتك الأنظمة ومساهمتها بشكل كبير آخر في دعم الحكومات الانتقالية أو الحكومات الجديدة والرؤساء المنتخبين من شعوبهم بكل حريّة وعدل كما حدث مع الرئيس المصري محمد مرسي الذي كاد أن يكون مثالاً ورمزاً وقدوة للحاكم المسلم الذي تتمناه وترتضيه الشعوب لينهض بوطنه وشعبه من جديد.
ولكننا شاهدنا في الفترة الأخيرة من تغطية الجزيرة المميزة لهذه الثورات المباركة بأن هناك ملاحظات هامّة ومآخذ على قناة الجزيرة أثّرت في حياديّتها ومصداقيتها في نقل الحقيقة والرأي والرأي الآخر للمشاهد العربي وللمشاهدين في أنحاء العالم وأثّرت كذلك في مساهمتها في وصول الشعوب إلى حريّتها ومطالبها مما ساهم في تأخير النصر أو إبطاء الهزيمة لبعض الأنظمة المجرمة في بعض القضايا، فعلى سبيل المثال كانت تغطية الجزيرة للأحداث في البحرين غير منصفة – من وجهة نظري - على الإطلاق للوضع على أرض الواقع فلقد انخدعت الجزيرة كما انخدع الكثيرون بمطالب تلك الفئة الضالّة والمخرّبة في البحرين والتي اتضح بشكل واضح فاضح أن تلك الأحداث التخريبية في البحرين كانت بخلاف تلك الثورات العربية المطالبة بالحريّة في تونس ومصر وليبيا واليمن، فأحداث البحرين كانت عكس ذلك فقد جاءت في سياق المطالبة بالحريّة والعدالة ولكنه "حقٌ أريد به باطل" فقد قامت الجزيرة بالخوض في تغطية أحداث البحرين دون النظر بعمق إلى ماهية تلك التحركات الطائفية التي تحرّكها إيران من طهران بل وكانت تموّلها وتدعمها بشكل علني سافر ووقح أعلنته مراراً وتكراراً من خلال قنواتها وتصريحات مسؤوليها الذين أظهروا طائفيتهم وحقدهم فجاءت أحداث البحرين التخريبية في نظر عدسة قناة الجزيرة على أنها مطالب شرعية لذا قامت بتغطيتها على الفور دون إمعان النظر فيها فضلاً عن إعطائها الفرص تلو الفرص لرموز التخريب مثل "علي سلمان" و"حسن مشيمع" من المدعومين إيرانياً فاعتبرتهم رموزاً وطنية حرّة وهي ليست بحرّة وإنما تتبع الإرادة والإدارة الإيرانية فكان من الخطأ الفادح للجزيرة أن تفسح المجال أكثر من مرّة لعلي سلمان وغيره من رموز هذه الفئة بتكرار أكاذيبهم وضلالاتهم بشكل متكرر عبر شاشة الجزيرة فكانوا أشبه بمراسلين للجزيرة تعتمد عليهم في وصف الوقائع في البحرين بينما كشفت لنا الأيام جرائم تلك الفئة وخيانتها لوطنها فكانت هفوة الجزيرة في الانسياق وراء تلك المطالب غير المشروعة أو الأصوات الكاذبة من تلك الفئة الطائفية الحاقدة التابعة لإيران.
المأخذ الثاني على الجزيرة كان واضحاً في الثورة السورية وتحديداً في الفترة الأخيرة حيث قامت بشكل "غير متعمّد إن شاءالله" وذلك لحسن ظننا بالجزيرة ولكنه وللأسف خدم إيران كثيراً في القضية السورية، حيث قامت مؤخراً بعرض برامج وثائقية مثل "القنبلة بأي ثمن" والذي تحدث عن أسرار البرنامج النووي الإيراني والذي كشفت فيه الجزيرة أنه كان مدعوماً من قبل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية قبل الثورة الإيرانية في عهد شاه إيران ولكنه أصبح محارباً وغير مرحّب به من الغرب وأمريكا بعد الثورة الإيرانية في عهد الخميني، فمثل هذه البرامج التي "تمدح وتثني" على النموذج الإيراني وتروّج له إنجازاته ما كان ينبغي على الجزيرة أن تساهم في دعم نظام دموي مجرم مثل النظام الإيراني الذي قتل وأعدم الكثيرين من أبناء شعبه من المطالبين بالحريّة والعدالة وخصوصاً من أهل السنة في إيران وفي الأحواز العربية بشكل أخصّ حيث ترتكب إيران الفظائع هناك ناهيك عن دعمها المتواصل للنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية بل ومساهمتها بشكل حقير بجنودها ومرتزقتها في قتل الشعب السوري بعد أن ساهمت بيدها الملطخة بالدماء كذلك في قتل أهل السنة في العراق الذي أصبح مسرحاً للعرائس الإيرانية بعد أن كان بوابة شرقية للعروبة وللوطن العربي فإذا به يصبح بين ليلة وضحاها بوابة للفرس على يد نوري المالكي ومقتدى الصدر وغيرهم من أتباع إيران.
لقد كان لزاماً على الجزيرة أن تساهم بفضح إيران أكثر من أي وقت آخر وخاصة بعد أن اعترفت إيران وقادتها العسكريون بمشاركة جنود من الحرس الجمهوري الإيراني في قتل الشعب السوري فما كان ينبغي على الجزيرة أن تبث تلك البرامج التي تثني على إيران وإنما كنّا ولازلنا نأمل من الجزيرة أن تساهم بإمكانياتها الكبيرة في دعم الثورة السورية حتى النصر وذلك بفضح إيران وكشف مخططاتها ومؤامراتها في المنطقة وكشف خيانتها للأمة الإسلامية بتعاونها مع الأمريكان والصهاينة في صفقات ومؤامرات سرية تستهدف الاستحواذ على الأراضي العربية وتكوين هلال شيعي ممتد من إيران إلى لبنان متواطئ مع العدو الصهيوني في نفس الهدف والغاية، ولازلنا نتمنى كذلك من الجزيرة كشف مؤامرات إيران أكثر من قبل من خلال تغطيتها لملفات إيران الأخرى كما قامت بتغطية برنامج إيران النووي نتمنى منها أن تفتح ملفات الفساد وكبت الحريات والإعدامات التي تستهدف أهل السنة في إيران منذ عقود من الزمان، وأن تغطي الجزيرة ثورة المظلومين والمضطهدين هناك وبالأخص في الأحواز العربية التي استحوذت عليها إيران بكل جبروت وطغيان، ولا ننكر أخيراً ما فعلته الجزيرة من إنجاز وسبق إعلامي مميز بكشفها تزوير وتحريف الإعلام الإيراني لكلمة الرئيس المصري محمد مرسي في قمة عدم الانحياز بطهران فهذا جهد مشكور ورائع قامت به الجزيرة نشهد لها فيه بالاحترافية والجرأة ولكننا نأمل منها المزيد حتى سقوط الطغاة في سوريا وإيران وذيول إيران في العراق ولبنان قريباً إن شاء الله.
تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد
273
| 10 أكتوبر 2025
لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد
51
| 10 أكتوبر 2025
(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد
27
| 10 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8412
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4617
| 05 أكتوبر 2025