رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كانت الأحداث الأخيرة في مصر مؤسفة ومحزنة ومؤلمة جداً تلك التي جرت مؤخراً وتحديداً بعد الإعلان الدستوري المؤقت للرئيس المصري "المنتخب" محمد مرسي والتي كتب عنها الكثيرون وتحدث فيها الكثيرون بل وتقاتل من أجلها المصريون ممن لا يريدون لمصر خيراً أبداً عندما رأوا في مصر "الجديدة" بعد اندلاع الثورة الشعبية المباركة فيها على الطغاة وعلى الظلم والفساد..رأوا فيها زوال مصالحهم التي كانوا يسرقونها وينهبونها من ثروات وخير مصر ومن جيب الشعب المصري "المسلم الأصيل"..بل ورأى فيها أعداؤها كذلك بداية انتفاضة إسلامية ونهضة حضارية تقودها مصر الجديدة التي انتخبت رئيساً شرعياً "لأول مرة" دون أن يتنازل هو أو شعبه عن دينهم ومبادئهم وقيمهم ودون أن يتبرأوا من إخوانهم في فلسطين ودون أن يطأطئ رأسه لليهود ويكون ذراعهم الممتدة على أبناء الأمة الإسلامية ودون أن يكون معول هدم يستخدمه الأمريكان لتنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم على الوطن العربي والعالم الإسلامي.
لقد نزل "الغوغائيون" و "الظلاميون" و "الفوضويون" و "الهمجيون" و "المخرّبون" إلى شوارع مصر الجديدة كلياً بعد الثورة برئيسها الذي افتخر واستبشر به العالم الإسلامي بأكمله وبشعبها الثائر على الظلم والفساد والراغب في العودة إلى أمته والتمسك بدينه من جديد، نزلوا فعاثوا فيها فساداً وتخريباً وإزهاقاً لمزيد من أرواح الأبرياء من المصريين، خرجوا لا ليعلنوا عن رفضهم لقرارات الرئيس أو لإعلانه الدستوري وإنما لحاجة خبيثة في نفوسهم الدنيئة التي لا تريد للإسلام ولا للإسلاميين أن يحكموا مصر فيعيدوها إلى أمتها وإلى نصرة قضاياها العادلة في فلسطين وغيرها من قضايا المسلمين، نزلوا لا ليرفضوا قرارات الرئيس المصري بل ليرفضوا الرئيس المنتخب شخصياً ولسان حالهم يقول يريدون الإعلان الدستوري وغيره من قرارات الرئيس محمد مرسي ذريعة و "مسمار جحا" ليعاودوا الذهاب والمجيء والصيد في الماء العكر على كل صغيرة وكبيرة يقوم بها الرئيس أو جماعة الإخوان المسلمين، ولقد سألت أحد المصريين مؤخراً ممن خُدعوا بهذه الفوضى والمظاهرات الأخيرة على الرئيس محمد مرسي، وقلت له بصراحة: هل تتوقع بأنه لو لم يصدر الرئيس قراره الدستوري الأخير..هل تتوقع بأن أعداء مصر في الداخل والخارج سيدعونه وشأنه أم أنهم سيبحثون عن مبررات وأسباب أخرى لمعارضته؟ فأجابني بصدق: "لا..لن يدعوه وشأنه"، وهذا شأن كل من اختار طريق الإسلام نهجاً للحكم، ولنا في تجربة الإسلاميين في الجزائر وتركيا وغزة تجارب واضحة تؤكد محاربة أعداء الأمة لكل من يقترب من نظام الحكم ويرغب في تغيير الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا أو يرغب بإحداث نهضة وتنمية في وطنه أو يرغب في إحداث ثورة على الظلم والفساد فإن "أدعياء الديمقراطية" سينقلبون عليه كما انقلبوا على الديمقراطية نفسها عندما أوصلت الإسلاميين للحكم.
ولا نزعم طبعاً بأن كل من تظاهر في مصر مؤخراً هم من أولئك الذين وصفناهم سلفاً بتلك الأوصاف لأنه كان من بينهم جزء بسيط من الشعب المصري من المخدوعين بتلك الافتراءات فهي ليست بـ"حق أريد به باطل" وإنما "باطلٌ أريد به باطلٌ أكبر منه" فهؤلاء قد خدعهم زعماء "التخريب والفساد" واستغلوا حب المصريين لمصر ووطنيتهم لها وطيبة أهلها فصدّقوا تلك الاتهامات وانساقوا وراءها، تماماً كما فعل النظام السابق عندما أخذ يشوّه في صورة المتديّنين والملتزمين وأظهرهم في أبشع وأقبح صورة كما صوّرهم عادل إمام وأمثاله في معظم أفلامهم بأن الإسلاميين "مرتشون وكاذبون وإرهابيون ومتعطشون للدماء ويلهثون وراء النساء!!" بينما الواقع يثبت بأن أهل الفن والعفن الذي يمثلهم عادل إمام و "أشكاله" هم الذين يتصفون بذلك كلّه، لذلك فلا عجب أن ينزل إلى الشارع ضدّ الرئيس محمد مرسي بعض الفنانات جنباً إلى جنب "أدعياء الوطنية" الزائفون لأن كلا الطرفين يزعم بأنه "شريف عفيف"!!
تجمّع محمد البرادعي وعمرو موسى مع حمدين صبّاحي وأيمن نور وغيرهم من زعماء التخريب بعد أن أوعزت أمريكا للأول وإسرائيل للثاني بالتحرّك لنصرتهما لا للدفاع عن الدستور "ولاهم يحزنون" وفضح الله أمر هذين الاثنين بالكثير من الشكوك التي تؤكد تورّطهما باتصالات خارجية مع أمريكا وإسرائيل اللتين لم تصدقا أن مصر قد ضاعت من يديهما بعد أن كانت "حمامة سلام" في عهد المستسلمين المنهزمين من أمثال حسني مبارك وأنور السادات وغيرهم، وبعد أن انتفضت مصر الحرّة المسلمة في وجه كل اتفاقيات الغاز والسلام مع إسرائيل أو اتفاقيات المساعدات والمعونات الأمريكية المهينة لكرامة مصر العزيزة التي أعزّها الله من بين الدول وذكر اسمها في كتابه الكريم.
لقد هزّت مصر في فترة حكم محمد مرسي القصيرة حتى الآن والتي لم تتجاوز العام.. هزّت وزلزلت عرش إسرائيل الجاثمة فوق أرض فلسطين عندما وقفت وساندت إخوتها في غزّة ونصرتهم بشكل لم يسبق له مثيل فأصدر الرئيس محمد مرسي قراراته بفتح معبر رفح بشكل دائم ومتواصل، إن هذه الوقفة البسيطة من مصر جعلت أهل غزّة يشعرون بالأمن والاعتزاز فاستمدّت حركة حماس من تلك الروح الجديدة حماساً فوق حماسها وعزيمة على تحقيق النصر، فكيف إذا فعلت مصر أكثر من ذلك؟ وكيف إذا تحرّك الجيش المصري لنصرة ودعم إخوته في فلسطين؟، لاشك إن هذا المشهد المرعب قد تخيّله الإسرائيليون مباشرة بعد هدنة النصر مع حماس بل واستحضر حاخاماتهم صورة شجر الغرقد الذي يحتمي خلفه اليهود خوفاً من قتل المسلمين لهم، فهم يدركون حقيقة ذلك جيّداً لأنهم عرفوا الحق ولم يتبعوه استكباراً وغرورا.
ينبغي على المصريين الذين انخدعوا بتلك الزعامات المفسدة أن يدركوا أن هدف أولئك هو عودة مصر إلى سابق عهدها في الفساد والقهر والاستبداد وسابق عهدها في الذلّ والهوان مع أعداء الأمة، فعليهم أن يعرفوا حقيقة محمد البرادعي وعمرو موسى وغيرهما من زعماء الخيانة والتواطؤ والهزيمة، وأن يتحاكموا إلى شرع الله وسنة رسوله قبل أن يتحاكموا إلى العقل، لأن في حكم الله وهدي رسوله تمام العقل وكماله، فوالله الذي لا إله إلا هو إن هؤلاء لايريدون إلا "الإفساد" ما استطاعوا، ووالله الذي لا إله إلا هو إنهم سيخرجون عليكم في كل مرّة بأسباب وأعذار أخرى تستهدف الفوضى لاغير، فعلى المصريين أن ينظروا في أفعال الرئيس محمد مرسي وإنجازاته التنموية والنهضوية في هذه الفترة الوجيزة، وأن يمدوا له يد التعاون والحب والإخاء وأن يثبطوا كل جهد يفسد تجربتهم وثورتهم العظيمة.. ولا نملك إلا أن ندعو لهم في ظهر الغيب (رب اجعل مصر بلداً آمنا وسائر بلاد المسلمين) ولا نملك إلا أن نقول لهم كما قال يوسف عليه السلام لأبويه وإخوته: أيها المصريون..(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)..في ظل حكم الرئيس محمد مرسي وإخوانه من رجال مصر المؤمنين..والله خير الحافظين.
في زمنٍ تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على النفوذ السيادي وتغيب فيه لغة العقل أمام صخب المصالح تبرز... اقرأ المزيد
105
| 12 أكتوبر 2025
المنطق يحتم على السودانيين باختلاف انتماءاتهم العرقية والجهوية وبصفة خاصة النخب السياسية والأكاديمية منهم أن يتدبروا أمرهم جيداً... اقرأ المزيد
135
| 12 أكتوبر 2025
في خطوة نوعية تعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم... اقرأ المزيد
207
| 12 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8715
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6912
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4860
| 05 أكتوبر 2025