رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ونحن نقرأ الصحف في وطننا وفي سائر دول الخليج والعالم العربي والإسلامي نلاحظ أن كثيراً ما تقع أعيننا على أخبار ومقالات تتناول عدداً من أوجه الفساد وتحديداً تلك السرقات والانتهاكات التي تتعرّض لها أموال الدولة وخزائنها وميزانياتها وبالتالي مما يؤثر سلباً على مصروفاتها التي اقتطعت من دخلها وإيراداتها العامة دون أن يستفيد منها الوطن ولا المواطن وإنما يستفيد منها المنتفعون من أولئك المسؤولين وأعوانهم من التجار.
إن الفساد ما هو إلا نتيجة لأزمة ما، وعلامة لمؤشر ما، وعرض لمرض يسري في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي من المفترض أنها تطبّق أحكام الشريعة الإسلامية المتمثلة في حد السرقة بقطع يد السارق وغيرها من الحدود والأحكام على اعتبار أن هذه الدول والمجتمعات تبدأ جميع دساتيرها – الوضعية – أو غالبها بمادة أولى مفادها أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد في التشريع - أو هكذا ينبغي أن يكون - فلماذا إذاً ابتليت الأمة بقضايا فساد لا عد لها ولا حصر رغم اعتمادها ذلك التشريع الإلهي في مثل هذه المسائل؟! ولماذا ارتبط ذلك بتخلّف دولنا وأوطاننا وتراجعها إلى ذيل قائمة الدول المتطورة في مجالات الصناعة والعلوم والتجارة والعلم والتأليف وغيرها من مظاهر النهضة والتطوّر؟! ولماذا أيضاً تقدمت علينا تلك الدول الغربية – الكافرة – المتخلّفة في عقيدتها وانحلال أخلاقها في حين أنها تطوّرت في كل تلك المجالات الآنفة الذكر بل وتقدّمت أكثر في مجالات حقوق الإنسان وحرية الرأي والرأي الآخر؟!
الأمر ببساطة هو في ابتعاد الأمة عن شرع ربّها الذي أراد لها أن تسمو وتحلّق في السماء فإذا بها تنحدر وتلتصق بالطين والوحل وأوساخ الأرض، إن الخلل هو تطبيق الأمة لهذا الشرع الإلهي العظيم الذي تركته والتجأت إلى غيره من الشرائع الحقيرة التي لن ولم تستطع أن تنقذ واضعيها من البشر الذين ضلّوا وتاهوا الطريق في الحياة ناهيك عن أن تنقذ غيرها من الأتباع من بني جلدتنا المقلّدين لهم، في حين أن أولئك القوم في الغرب والشرق ممن لا دين لهم من الملاحدة والمشركين تفوّقوا لأنهم أخذوا مبادئ وأساسيات ديننا وطبّقوها رغم أنهم لم يأخذوا العقيدة السليمة التي نعتقد بها، ولكنهم أخذوا مبادئ الإسلام في العدل والحريّة والمساواة فنهضوا وتقدّموا وتطوّروا، فكيف إذا أخذناها نحن المؤمنين بالله تعالى وعملنا بها جميعها، بالتأكيد سنكون حينها على مشارف الاقتراب من جيل الصحابة والسلف الصالح الذين نعتقد اعتقاداً جازماً بأننا مهما فعلنا من الخير والفضل فإننا لن نصنع صنيعهم، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه).
ندرك جيداً أن الخلل في التطبيق لهذا الدين العظيم هو الذي جعلنا في آخر الركب بين الأمم، وما تلك الاختلاسات هنا وهناك في المال العام ونحوها من السرقات إلا وجه واحد من ذلك الخلل في التنفيذ، ولو أن المرجع في تلك الحالات كان مرجعه (لو صلح الراعي لصلحت الرعيّة)، أو (ولو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)، لما وصل الحال إلى ما صرنا إليه حيث تعيش بلدان العالم الإسلامي في حالتين، إما دولٌ تنفق الملايين بل والمليارات على بنيتها التحتية وعلى مواطنيها ولكن لا جدوى من ذلك كلّه حيث تزداد السرقات اضطرادياً مع ازدياد ميزانية تلك المشاريع الكبرى والخدمات المقدمة للناس حيث يتغلغل الفساد فيها دون أن يتضح للناس ذلك الأثر الكبير في الرفاهية والترف وهي الحالة التي يشعر بها المواطنون في أغلب دول الخليج (النفطية) عندما لا يجدون أثراً لتلك المليارات الطائلة في تغيير أسلوب حياتهم إلى الأفضل، أما الحالة الثانية فإنها تتضح في تلك الدول (غير النفطية) التي لا تنفق كثيراً على بنيتها التحتية ولا على مشاريعها الكبرى نظراً لانشغال الحاكم وحزبه ومن معه في الحكم من المسؤولين والوزراء في السرقة والنهب من ميزانية الدولة – المعتمدة على إيرادات الزراعة أو السياحة غالباً - في أسرع وقت ممكن، خشية أن يكتشف أحد تلك السرقات فيتوقف رصيد حساباتهم في بنوك سويسرا وغيرها من الدول، بيد أن هذا الوقت الذي يراه هؤلاء غير كافٍ لسرقة المزيد من الأموال رغم وجودهم في الحكم لسنوات طوال.. لا يمرّ سريعاً على الشعوب التي سُحقت في انتظار الإصلاح والتغيير.. كما لخّصها أحمد الحفناوي ذلك الرجل التونسي عند اندلاع ثورة تونس بقوله (هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية). وفي كلا الحالتين تبقى الأوطان والشعوب ضحية لتلك السرقات والانتهاكات في المال العام، فالشعوب الخليجية ترى مجتمعاتها بصورة جميلة المظهر خارجياً بينما الحياة في الداخل من حيث الحالة الاقتصادية والاجتماعية لعموم الناس يرونها في أقبح صورة بل تجدهم يترحّمون على الماضي الجميل، أما الشعوب العربية والإسلامية الأخرى في الدول غير النفطية فإنها تعاني أضعاف أضعاف ما يعانيه الآخرون لأنهم بائسون في حياتهم ولا يرون تنمية أو تغييراً في بلدانهم من حيث البنى التحتية ولا المشاريع الكبرى، فبعضهم يعيش تحت خط الفقر ولا يبالي أن يرى وطنه يشهد نهضة عمرانية أو اقتصادية واضحة لأنه يعلم يقيناً بأنها مشاريع عبارة عن سرقات يستفيد منها اللصوص من خزانة الدولة!
وفي قصصنا القديمة عندما اكتشف علاء الدين المغارة التي يخبئ فيها الأربعون حرامي الكنوز والأموال التي سرقوها من الناس قام بإعادة تلك الأموال إلى أصحابها، لكن الفساد اليوم أصبح زعيم عصابة لا يقود "أربعين حرامي" فحسب وإنما يقود جيشاً من اللصوص الذين قد لا يظهرون ملثّمين أو على الخيول كما في القصة وإنما قد يظهرون هذه المرّة وهم يكشفون وجوههم ويلبسون أجمل الثياب ويركبون أفخم السيارات ويعتلون أعلى المناصب!
أيها العالم: الشعب السوداني هو المنسي
أقرأ كثيرا عن الحرب في السودان بين قوات الجيش الحكومي وميليشيات حميدتي، وكيف أن هذه الحرب منسية رغم... اقرأ المزيد
429
| 13 نوفمبر 2025
الاستقرار السيبراني.. من إدارة التهديد إلى هندسة الثقة - 1
تتشابك الأكواد مع الخرائط، وتتقاطع الخوارزميات مع مسارات النفوذ، لترسم ملامح عالمٍ جديد تتداخل فيه التقنية بالسياسة، وتتماهى... اقرأ المزيد
81
| 13 نوفمبر 2025
أمهات بين موضة الـ Baby Shower ورسالة الأمومة
• أصبحت الأمومة في وقتنا الحالي لدى البعض – لا الجميع – موضة تتباهى بها بين صديقاتها؛ تبدأ... اقرأ المزيد
255
| 13 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16734
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7617
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
5001
| 10 نوفمبر 2025