رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محسن الهاجري

محسن الهاجري

مساحة إعلانية

مقالات

1086

محسن الهاجري

في انتظار القتل!

27 نوفمبر 2014 , 01:02ص

قد يبدو من الصعب الآن - وفي هذه المرحلة تحديداً من تاريخ الأمة - أن يشرح معلّم لطلّابه أو يتحدّث أبٌ لأولاده عن تلك الصفات الحميدة التي كان يتحلّى بها العرب - قديماً - من الشجاعة والكرامة والشهامة والنخوة والمروءة والأمانة والصدق، ذلك لأنها ربّما لم تعد موجودة في قاموس الكثيرين منهم وبالتحديد عند الحكّام العرب ورجال السياسة الذين تخلّوا عنها واستبدلوها بالجبن والخوف والذلَ والخضوع والخنوع في تعاملاتهم مع أعداء الأمة وبالخيانة والكذب في تعاملاتهم مع شعوبهم!

إن الذي يتابع ردود فعل الحكّام العرب تجاه قضايا الأمة المصيرية في السابق كان لابد أن يتملّكه الغضب وهو يستمع لنشرات الأخبار ويقرأ في عناوين الصحف وهي تغصّ بكلمات مثل: نشجب، ندين ونستنكر! في الوقت الذي كان فيه الشارع يغلي من الغضب والشعوب تثور نصرة لإخوانهم المسلمين في بلاد الإسلام، ومنذ ذلك الحين والشعوب قد (غسلت يدها) من هؤلاء الحكّام الذين على كثرة عددهم وزخم المواكب والوفود التي كانوا يتباهون بها في مؤتمراتهم..على الرغم من ذلك كلّه – للأسف – لم يكونوا أصحاب تأثير ولا قيادة في معظم قضاياهم ناهيك عن القضايا الدولية الكبرى، بل إنهم أصبحوا (علكاً) تلوكه ألسنة كل من يعرف بالسياسة ومن لايعرف بها، بل وأصبح اليوم من الغريب العجيب أنك ترى الحكّام لا يتخذون قرارات حاسمة تجاه قضايا أمنية من شأنها أن تهزّ عروشهم وتزلزل حكمهم كقضية احتلال ايران للعراق من خلال المالكي ومرتزقته ولليمن من خلال الحوثي وأتباعه، فاليوم اختفت حتّى كلمات الشجب والإدانة والاستنكار حتى أصبحنا لا نجد حتى التلميح بأن هناك خطراً قادماً ينبغي الحذر منه، بل على العكس وجدنا تناقضاً في التعامل مع الإسلاميين وتصعيداً للعداء لهم بل وإدراج المنظمات والجماعات الإسلامية السنيّة إلى قائمة الإرهاب بينما الأحزاب الطائفية الشيعية لا يجرؤ أحد على نعتها بأي صفة لا تليق حتى لا يغضب الإيرانيّون والأمريكان معاً بعد عملية (زواج المتعة) التي (تمتّع) فيها (المفاعل النووي الإيراني) بـ (القواعد العسكرية الأمريكية) في الخليج مما نتج عنها ولادة مصلحة مشتركة وتحالف قوي بين الإيرانيين والأمريكان ضد دول الخليج العربي بل والعالم العربي والإسلامي بأكمله.

إن من الغريب فعلاً أن نجد العرب الذين عُرفوا بالشجاعة والقوة يصلون إلى هذه الدرجة من الخوف والجبن بحيث تراهم يذعنون لأوامر الأمريكان ويرتعدون من تهديدات ايران التي باتت تلهو في دول الخليج من خلال خلاياها وأتباعها كما يلهو اللاعب المحترف بكرة القدم! بل إن من الغريب أيضاً أن نجد العرب الذين عرفوا بالكرامة والمروءة والشهامة يصلون إلى هذه الدرجة من الذلّ والهوان والنذالة وهم يرون حرائرهم وأخواتهم المسلمات يغتصبن وتنتهك أعراضهن في إيران (قضية ريحانة وغيرها من نساء أهل السنة) وفي سجون المالكي في العراق وفي أرض الشام على يد قوات المجرم بشار الأسد ناهيك عن نساء المسلمين في سجون الصهاينة وفي بورما وميرمار وأفريقيا وسائر بلاد العالم حيث بات العرب بلا شهامة ولا أخلاق تحرّك فيهم شيئاً من بقايا الصفات الحميدة التي كانوا يتحلّون بها في جاهليتهم قبل الإسلام، ولا عجب أن يحدث ذلك في جاهلية جديدة أبعدتهم عن دينهم الذي أعزّهم وارتقى بأخلاقهم الحميدة بينما هذّب وشذّب أخلاقهم الدنيئة بعد بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي بعث فيهم ليتمم مكارم الأخلاق، فها هي أخلاقهم تعود إلى جاهليتها بل وإلى ما دون تلك الجاهلية الأولى لبعدهم عن الإسلام وهوانهم على الناس أجمعين.

إن جمال عبدالناصر الذي كان يتغنّى بالعروبة والقوميّة والاشتراكية وغيرها من شعارات الجاهلية وكان يضحك فيها على الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط بقوله (سنرمي إسرائيل في البحر!) بينما في واقع الأمر لم يفعل شيئاً تجاهها بل سطّر بخطبه الفارغة صفحة من صفحات الذلّ والهوان العربي الذي كان يتغنّى بقوميّته الجاهلية بعيداً عن الإسلام حيث اتضح أنه لم يرم بإسرائيل ولكنه (رمى بالمصريين في السجون) وفرد عضلاته على الجماعات الإسلامية وعلى أعضاء جماعة الإخوان وعموم الملتزمين بدينهم! ولهذا فقد كان خدعة صوّرها الإعلام المضلل بأنه (بطل قومي!) بينما هو في واقع الأمر وبال على قومه وعلى وطنه وعلى أمته، وها هي الأيام تلد لنا أمثاله ممن يفردون عضلاتهم على شعوبهم وعلى الجماعات الإسلامية والمصلحين لأوطانهم بينما يتقازمون أمام الصهاينة والأمريكان والإيرانيين صاغرين مذعنين!

إن مشهد الخوف الذي كان يتملّك المسلمين في فترة الضعف والهزيمة النفسية قبل وصول التتار مما جعل الجندي التتري يأمر المجموعة من المسلمين بأن ينتظروا في مكانهم ريثما يجلب (السكين) ليذبحهم! به ثم يعود ليجدهم في مكانهم الذي تركهم فيه دون أدنى مقاومة أو حركة! هذا المشهد قد تكرر في زمن الهالك جمال عبدالناصر عندما أبعد الناس عن دينهم حتى دبّ الذعر في الجنود المصريين تاركين الدبابات وهي تشتغل دون إعطابها غنيمة سهلة للصهاينة! وقد يتكرر في زمننا هذا عندما يأتي الأمريكان والإيرانيون معاً بأسلحتهم إلى كل دول الخليج (بعد أن يسيطروا على اليمن) دون أن يتحرّك أحد من مكانه..في انتظار القتل!

مساحة إعلانية