رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الحصيلة صفر في القدس

شكلت القضية الفلسطينية، وفي القلب منها مسألة القدس الشريف، وتحديداً مسجدها الأقصى، المحور الأول لاهتمامات وجدول أعمال اجتماعات كل من الجامعة العربية التي تجسد النظام الإقليمي العربي ومنظمة التعاون الإسلامي وهي ثاني منظمة دولية بعد الأمم المتحدة ونشأت بالأساس في العام 1969 للدفاع عن المسجد الأقصى الذي تعرض في هذا العام لاعتداء مستوطن يهودي. ويعد ذلك في حد ذاته منحى إيجابياً، بيد أن المرء عندما يرصد نتائج ذلك على الأرض فالحصيلة ستقترب من الصفر، لأن الأمر ما زال يقيم في خانة الكلام والتنظير وربما الشعار الذي يغلب دوما على الخطاب السياسي للمنظمتين ولم تحدث مقاربات باتجاه الفعل الذي من شأنه أن يوقف المشروع الاستيطاني والتهويدي للكيان الصهيوني في القدس والذي بلغ ذروته في الآونة الأخيرة بتهديد وجود المسجد الأقصى وهويته الإسلامية من خلال سلسلة الاقتحامات التي تكاد أن تكون يومية لباحاته وساحاته المختلفة من قبل نفر من قطعان المستوطنين الذين لا يتورعون عن ارتكاب أي حماقة لإعادة إنتاج ما يسمى بهيكل سليمان والذي لا يرون له موقعا إلا تحت الأقصى وهو ما يتجلى في عمليات الحفر التي لم تتوقف على مدى السنوات القليلة الماضية، فضلا عن السعي الدءوب لتغيير الهوية الحضارية للقدس، مكانا وبشرا وتاريخا. ولعل آخر مظاهر ذلك ما يعتزمه الكنيست الصهيوني من التصويت على خطة لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود والتي يطلق عليها مسودة قرار صلاة اليهود بجبل الهيكل خلال شهر نوفمبر المقبل، فضلا عما قام به نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي "موشيه فيجلين" - قبل أيام - من أداء طقوس تلمودية على قبة الصخرة المشرفة دون أي اعتبار لحرمتها وقدسيتها لدى كافة المسلمين في العالم. وتأتي هذه التطورات لتعكس شراسة عدوانية الكيان الصهيوني تجاه القدس بالذات والتي حولتها سلطات الاحتلال إلى كتلة استيطانية وغيرت من معالمها وأجبرت سكانها الفلسطينيين على مغادرة منازلهم بقوة السلاح وإرهاب المستوطنين المحميين دوما بقوات الأمن والجيش لإخلائها لليهود من منازلهم وخصصت هذه السلطات مبلغ 15 مليار دولار للمضي قدما باتجاه تنفيذ مخططها الاستيطاني والاستعماري والتهويدي في القدس وهو في أغلبه حصيلة تبرعات رجال أعمال يهود في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما رجال الأعمال العرب وبعضهم يتصدر القائمة الأولى لأثرياء العالم ربما لا يعلمون أين تقع القدس وربما بعضهم ضالع في عمليات تطبيع اقتصادي واستثماري مع نظرائه في هذا الكيان. صحيح أن ثمة لجنة للقدس منبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي تتحرك عبر ذراعها التنفيذية -وكالة بيت مال القدس – والتي عقدت آخر اجتماع لها مطلع العام الجاري بمدينة مراكش المغربية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" غير أن هذه اللجنة - على الرغم مما تبذله من جهود ومشروعات - تبقى في حالة احتياج دائم للدعم والإسناد المالي من الدول الإسلامية والتي تتعامل مع القدس ومتطلبات سكانها الحياتية من منظور لا يفي بها ولا يبلغ عشر ما تخصصه حكومة الاحتلال الصهيوني للإنفاق على مشروعات تهويد وتغيير المعالم الحضارية للمدينة المقدسة. ويمكن فهم ذلك بشكل واضح من التوصية التي وجهها البيان الختامي للجنة القدس في اجتماع مراكش لجميع الدول الأعضاء في التعاون الإسلامي ومؤسساتها المالية بـ"تقديم الدعم المادي اللازم للوكالة حتى ترتقي إلى مستوى تطلعات الحكومات والشعوب الإسلامية في الدفاع ميدانيا عن مدينة القدس الشريف". ووفقاً للبيان ذاته فإن الوكالة تخصص 20 مليون دولار سنويا لتمويل المشاريع بالقدس وقد أعلن رئيسها عن تخصيص 30 مليون دولار إضافية لهذا الغرض ومع ذلك فإن كل هذه المبالغ التي لا تتجاوز خمسين مليون دولار سنويا في حال دفعت الدول الأعضاء مستحقاتها، لا تكفي. وعلى صعيد الجامعة العربية فإن مواقفها، سواء على مستوى القمة أو وزراء الخارجية، تقوم على أنه لن يكون ثمة سلام أو إنهاء للصراع العربي الإسرائيلي من دون اعتبار القدس "الشرقية "عاصمة لدولة فلسطين، بحسبانها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 هو رفض كافة السياسات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد القدس وطمس تاريخها الحضاري والإنساني والثقافي والديني والتأكيد على أن جميع هذه الإجراءات باطلة ولاغية بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وفيما يتعلق بالدعم المالي فإن قمة بيروت العربية التي عقدت في مارس من العام 2002 أقرت مبادرة سعودية بتأسيس صندوق لدعم الأقصى بقيمة 150 مليون ثم أقرت قمة سرت في العام 2010 زيادة هذا المبلغ إلى 500 مليون دولار وتمت مضاعفته في قمة الدوحة التي عقدت في مارس من العام 2012 إلى مليار دولار ولكن ما دفع من هذا المبلغ محدود للغاية - وفق معلومات خاصة – لا يتجاوز خلال 14 عاما منذ الإعلان عن هذا الصندوق في العام 2001، المائة مليون دولار من عدد ضئيل للغاية من الدول العربية التي لم تلتزم أغلبها بدفع مخصصاتها، بل وقعت في بعض اجتماعات القمة خلافات بشأن وجود صندوقين، أحدهما لدعم الانتفاضة وثانيهما للأقصى وهو ما يعكس حالة اللامبالاة العربية إن أردنا التشخيص فيما يتصل بتقديم الإسناد المالي لحماية القدس ومقدساتها وفي الصدارة منها المسجد الأقصى أولى القبلتين. وفي ضوء هذه المعطيات فإنه يتعين التحرك عربياً وإسلامياً على نحو أكثر فعالية واتساقاً مع التوجهات التي تؤكد أن العبث بالمسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف خط أحمر لن تسمح الأمة بشقيها العربي والإسلامي لأحد بأن يتجاوزه بأي حال من الأحوال وذلك يستوجب مغادرة حالة مراوحة المكان والبكاء على القدس وهو ما يعني اتخاذ سلسلة من الخطوات العاجلة، وفي مقدمتها ما يلي: أولاً: مسارعة الدول العربية والدول الإسلامية، بل والأفراد والمؤسسات القادرة ورجال الأعمال لتوفير كافة المستلزمات المالية لوكالة القدس وصندوق دعم الأقصى وذلك حتى يكون بمقدورهما تلبية الاحتياجات اليومية لسكان القدس ودعم صمودهم في البقاء وعدم الاستجابة للضغوط وأحيانا الإغراءات بالمال من قبل العصابات الصهيونية لترك منازلهم وبيع ممتلكاتهم وتلك مهمة تتطلب من وسائط الإعلام بتجلياتها المتعددة أن تلعب الدور المهم في تحريكها والدفع باتجاهها بدلا من أن تركز هذه الوسائط على ما يقسم الأمة ويعمق خلافاتها. وحسب منظور الدكتور إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي فإن "الوضع في القدس يحتاج أكثر من أي وقت مضى أن نسخر كامل مواردنا وإمكاناتنا وإلى التنسيق المشترك، خاصة بين الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والبنك الإسلامي للتنمية، ووكالة بيت مال القدس من أجل حماية مدينة القدس ودعم صمود أهلها وتثبيتهم"، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، داعيا إلى بذل "مزيد من الجهود المشتركة من خلال تشكيل لجنة متابعة للتنسيق ما بين الدول الأعضاء ومؤسسات المنظمة ووكالات التنمية ومنظمات المجتمع المدني، وللتشاور مع المنظمات الإقليمية والدولية بشكل دوري، وإلى حشد الموارد من أجل وضع الخطة الإستراتيجية لتنمية مدينة القدس. ثانياً: اتخاذ التدابير القانونية المناسبة ضد إسرائيل لدى الهيئات القانونية الدولية، بما فيها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وذلك يتطلب بالضرورة من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الاستعداد بالعناصر والكوادر القانونية والدبلوماسية القادرة على التحرك في هذا الاتجاه والذي من شأنه أن يخلخل البنية القانونية التي يتكئ عليها الكيان الصهيوني. ثالثاً: التأكيد بكل الوسائل على أن القدس أرض عربية إسلامية غير قابلة للتنازل، ووقف إسلامي تتعين المحافظة عليه وفي هذا الصدد ألفت إلى آلية اقترحها سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قبل سنوات، وتتمثل في تخصيص وقفية بعينها، على أن يوجه ريعها للمساهمة في تلبية متطلبات سكان القدس. رابعاً: القيام بحملات دولية مستمرة لتنفيذ قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونيسكو) على صعيد رعاية الموروث الإنساني والحضاري العالمي المتمثل في مدينة القدس، وحماية الوضع التعليمي والسكاني والثقافي بها. خامساً: توفير كل وسائل الإسناد السياسي والإعلامي للقيادة الفلسطينية في معركتها القادمة بالتوجه إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عبر مشروع القرار الذي سيتم التقدم به نهاية هذا الشهر والذي ينص على قيام دولة فلسطينية وفق حدود الرابع من يونيو من العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف مع إجراء اتصالات مكثفة من قبل الجامعة العربية والتعاون الإسلامي، فضلا عن الدول الأعضاء فيهما، مع القوى الدولية للضغط على إسرائيل لوقف جميع عملياتها الاستيطانية الهادفة إلى تغيير الوضع القانوني أو الشكل الجغرافي أو التركيب السكاني لمدينة القدس، ورفض سياسة التهويد.

1022

| 27 أكتوبر 2014

القرار الفلسطيني

هل بوسع القيادة الفلسطينية أن تحرز نجاحاً في مساعيها الرامية إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة؟ لاشك أن الخطوة في حد ذاتها ضرورية. وذلك نتيجة لتعثر كل الجهود والمبادرات التي طرحت خلال الفترة التي تقترب من ربع قرن منذ بدء عملية السلام في مدريد في العام 1991 مرورا باتفاقية أوسلو في العام 1993 وصولا إلى العشرات من الاتفاقيات الجزئية وجولات التفاوض سواء المباشرة أو غير المباشرة وهو ما دفع الطرف الفلسطيني في البحث عن بديل لحالة الكمون التي باتت تقيم فيها عملية السلام. ومما رشح من معلومات فإن مشروع القرار الذي يحدد سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي نهاية العام 2016. ضمن حدود الرابع من يونيو من العام 1967 الفلسطينية. بما في ذلك القدس المحتلة، . بات في صياغته النهائية ومن المنتظر تقديمه عبر ممثل الأردن في مجلس الأمن نهاية أكتوبر إن لم تمارس ضغوط على القيادة الفلسطينية لتأجيله والتي بدأت بالفعل من قبل جون كيري وزير الخارجية الأمريكي خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس – أبو مازن- الأسبوع المنصرم على هامش مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة مبررا ذلك بالانتظار ريثما ينتهي من بلورة تصورات لديه لتحريك الوضع . لكن الجانب الفلسطيني أبدى ممانعة لطلب كيري اقتناعا منه – وفقا لما كشف عنه الدكتور حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية- بأن التحركات الأمريكية في هذا الشأن تهدف بالأساس ليس إلى مجرد تأجيل عرض مشروع القرار على مجلس الأمن وإنما الحيلولة دونه بالكامل. فضلا عن أنه ليس ثمة حديث جاد بشأن مبادرات جديدة لواشنطن لاستئناف مفاوضات السلام معتبرا أن ذلك أمر غير دقيق بالمرة والواضح أن لجوء القيادة الفلسطينية إلى خيار طلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي يأتي في إطار عملية مراجعة شاملة لمنهجية التفاوض خلال السنوات الماضية والتي لم تثمر مردودا حقيقيا على الأرض وكان آخر تجلياتها تلك المفاوضات التي أطلقها جون كيري نفسه خلال العام المنصرم واستمرت تسعة أشهر من فرط التعنت والغطرسة الإسرائيلية التي تماهت إلى حد ممارسة العدوان المباشر على قطاع غزة والذي استمر أكثر من خمسين يوما مستخدما أعتى أشكال القوة المفرطة والتي أفضت إلى تدمير يكاد يكون شاملا للبنية التحتية ومنازل الأهالي فضلا عن القتل الممنهج للبشر عبر مذابح بشعة. وفي ضوء هذه المعطيات تكرست قناعات جديدة لدى الطرف الفلسطيني مؤداها أن منهجية المفاوضات المباشرة برعاية أميركية" طريق انتهى"- والتعبير للدكتور عميرة نفسه – وأنه لم يعد مقبولا من المنظور الفلسيطيني إعادة إنتاج تجارب سابقة ثيت يقينيا عجزها وفشلها وعدم قدرتها على تلبية متطلبات الشعب الفلسطيني والتي يبدو أنها لا تحظى بالاهتمام أو الحرص من قبل النخب السياسية في واشنطن المشغولة فقط بتبني كل ما من شأنه المساس بأمن إسرائيل وممارستها لحق الدفاع عن النفس بينما الشعب الفلسطيني مجرد من كل الحقوق وليس بوسعه أن يكون مثله مثل غيره من شعوب العالم متمتعا بحق تقرير المصير وتلك إشكالية في الفكر السياسي الغربي لا تنبئ عما يطلق عليه بسياسية المعايير المزدوجة فحسب ولكنها تعكس خللا بنيويا في منظومة هذا الفكر الذي يميز بين حقوق شعب وآخر على أساس عنصري وديني فضلا عن مدى انتمائه لمحددات الحضارة الغربية. وثمة حقيقية تستوعبها القيادة الفلسطينية جيدا. تتمثل في أن الولايات المتحدة ستواجه تحركها باتجاه مجلس الأمن من خلال سلاح الردع السياسي الذي تلجأ إليه كل مرة يتعلق الأمر بحق أو مطلب فلسطيني متجسدا في استخدام حق النقض – الفيتو وهو ما ينطوي على إجهاض حقيقي للخطوة المرتقبة على هذا الصعيد غير أنه يمكن القول إن التحرك الفلسطيني بهذا الاتجاه يهدف بالدرجة الأولى إلى كشف المستور في منظور المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة وبعض الأطراف التي تؤيدها في مجلس الأمن ومن بينها رواندي واستراليا ونيوزلندا ولوكسمبرج لتقول للعالم أن هذه الأطراف ترفض حقا يتصدر حقوق الشعوب في العالم وهو حق تقرير المصير وإن لم تحصل عليه عبر مجلس الأمن فإن ثمة بدائل أخرى عبر هيئات ومنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة وإن كانت أقل إلزامية من المجلس صاحب السطوة الاستثنائية للدول الخمس الكبرى. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الفلسطينيين يراهنون على أصوات سبعة من الدول الأعضاء وهي روسيا والصين والأردن وتشاد ونيجيريا وتشيلي والأرجنتين وإن كانت تتطلع إلى حصول القرار على تسعة أصوات في حال تمريره من دون فيتو أمريكي وفي هذا الصدد فإن السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة يدعو واشنطن إلى عدم اللجوء إلى استخدام حق النقض -الفيتو - ضد مشروع قرار الرئيس الفلسطيني في مجلس الأمن لكنه لايرجح تجاوبها خاصة أنها استعملت الفيتو ضد مشاريع قرارات لحماية الشعب الفلسطينى٤٣ مرة، ويرى أن إسرائيل بالتأكيد لن تفهم من ذلك إلا أنه حماية لمشروعها في الاستيطان وتخريب السلام وحل الدولتين وبالتأكيد فإن القيادة الفلسطينية – كما يضيف - لديها الكثير من البدائل كالذهاب إلى كافة المنظمات الدولية والتحرك في الأمم المتحدة وفق ما اتفق عليه في مبادرة السلام العربية ولم تشأ حكومة بينامين نيتانياهو المتطرفة إلا أن تستبق الخطوة الفلسطينية بتصريحات جاءت على لسان وزير دفاعها موشيه يعالون – قبل أيام- أكد فيها رفض أن الدولة العبرية لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وإنما ستسمح فقط بحكم ذاتي منزوع السلاح وستكون لها السيطرة الأمنية الجوية والبرية الكاملة في إطار حرصها على إدارة الصراع مع الفلسطينيين وليس البحث عن حل للقضية. ويمكن إضافة إلى ذلك مطلب هذه الحكومة والذي بات يحظى بإسناد أمريكي قوي بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي الفلسطيني بيهودية دولة إسرائيل والذي يعني عمليا عملية تطهير عرقي كاملة تسفر عن ترحيل العرب المقيمين في حدود 1948. وكل ذلك يضع بالضرورة العقبة تلو العقبة أمام القيادة الفلسطينية في توجهها لتحريك المياد الراكدة في مسار العملية السلمية في المنطقة والتي ستظل تراوح مكانها إن لم يغادر الجانب الفلسطيني منطقة الإقامة في خانة الانقسام الفعلي على الرغم مما جرى مؤخرا من تحول نوعى صعيد تطبيق اتفاق المصالحة وانعقاد حكومة التوافق الوطني بقطاع غزة وهو ما يستوجب أن تسعى قيادات مختلف الفصائل وفي صدارتها بالطبع فتح وحماس إلى التكريس الواقعي لمنهجية التصالح والتوافق ليكون ذلك ظهيرا قويا للقيادة في توجها إلى تغيير طبيعة التحرك باتجاه حل القضية التي مضى عليها أكثر من ستة عقود.

418

| 20 أكتوبر 2014

في المسألة اليمنية

ما يخشاه المرء أن يتحول اليمن إلى معترك لصراع طائفي مذهبي ينطوي على شراسة تودي بالوطن والشعب إلى المهالك وربما التقسيم والفوضى. وهو ما بدت نذره مع سيطرة جماعات الحوثيين المنتمية للمذهب اليزيدي الشيعي على العاصمة صنعاء في الواحد والعشرين من سبتمبر الماضي في خطوة لم تعكس أفقا متسعا لدى قيادتهم والتي ابتهجت بالخطوة دون أن تتحسب لنتائجها سواء في المدى المنظور أو على الأمد البعيد. وفي مقابل هذه الخطوة المتسرعة بل والمتهورة. جاء رد الفعل من تنظيم القاعدة الذي يحسب نفسه مدافعا عن أهل السنة في اليمن. والذي توعد بالرد والعقاب وهو ما تجلى في سلسلة من التفجيرات الانتحارية التي قامت بها عناصره في أنحاء متفرقة. وكان أقواها يوم الخميس الفائت في وسط العاصمة- صنعاء- وفي مدينة حضرموت جنوبا مما أسفر عن مقتل أكثر من سبعين شخصا وإصابة العشرات.ولاشك أن دخول اليمن هذا المنحى الطائفي المذهبي. ينطوي على مخاطر جمة. أبرزها مخاصمة الاستقرار الذي تتطلع إليه كافة القوى والشرائح الاجتماعية والسياسية. فضلا عن الإقليم ممثلا في منظومة مجلس التعاون الخليجي ثم المحيط القومي في المنطقة العربية. ناهيك عن العالم. ويبدو أن هؤلاء جميعا تركوا اليمن وحيدا يواجه مصيره بمنأى عن أي تدخل إلا من الأطراف صاحبة المصلحة في بقاء الأوضاع متأججة. والسؤال: هل اليمن أقل من العراق وسوريا في الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للأطراف الإقليمية والدولية التي سارعت في الانضمام إلى ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"؟ ربما. إن المشهد اليمني بات كله خاضعا لهيمنة الجماعة الحوثية. فهي التي تسيطر على مؤسسات الدولة. وتتحكم في حركة الشارع وتقبل بمن تشاء وترفض من تشاء. وتهدد في حالة عدم الإذعان لتوجهاتها ومطالبها بالتصعيد وممارسة فنون الاحتجاج التي تجيدها بقوة. ولعل أنموذج رفضها للدكتور أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس هادى عبد ربه منصور رئيسا للحكومة الجديدة بعد أن تم التوافق عليه. بما في ذلك مستشارها للرئيس. والذي سحبته فيما بعد. يؤكد هذه الحقيقة في هذا المشهد البائس الذي ينبئ عن تراجع سافر للسلطة الشرعية في مقابل سلطة الأمر الواقع التي تمارسها هذه الجماعة. متكئة على غطرسة الشعور بالقوة. ويبدو أن هذه الجماعة لم تقرأ بتمعن في ملف تطورات شبيهة شاركت فيها بعض الأحزاب والتنظيمات في بلدان عربية فارتفعت قامتها مستندة إلى عنصر القوة فقط . بيد أنه سرعان ما انهارت الأوطان وغابت الدولة. فانطلق المجال للفوضى والخراب خاصة أن الحقائق التاريخية والجيو سياسية. تؤكد أن الاتكاء على مقوم القوة ليس كافيا لفرض التوجه والمواقف والسياسات والذي قد ينجح لفترة زمنية محدودة. ولكن ثمة مقومات أخرى أهمها الدخول في شراكة وطنية حقيقية مع القوى والمكونات الأخرى وبعيدا عن منطقة الإقصاء والإلغاء والتجاوز وتصفية الحسابات والتي تشكل الإطار الجامع الذي بوسعه أن ينقذ الوطن ويحقق الأمن للشعب.إن أخطر ما نتج عن هيمنة الجماعة الحوثية على صنعاء يتمثل في تقديري فيما يلي: أولا: خلخلة سلطة الرئيس الشرعي للبلاد وإظهاره بمظهر العاجز عن إدارة الدولة. خاصة أن الجماعة هي التي تقوم حاليا بمهام الشرطة والإشراف على الأنشطة الخدمية التي كانت تقدمها الدولة. وقد فوجئ سكان صنعاء قبل أيام بظهور عناصرها في الشارع. وهم يرتدون زي رجال الشرطة ويمارسون ضغوطا لضم عشرين ألف من عناصرهم في الجيش الوطني مما يدفع الأمور دفعا إلى المزيد من الاستقطاب المذهبي والطائفي. وقامت في هذا السياق بممارسات رمت من خلالها إلى إثبات تصدرها القوى للمعادلة السياسية والعسكرية والأمنية عبر سلسلة من الاقتحامات لمنازل كبار المسؤولين بالدولة ومؤسساتها. والأخطر هو التعامل مع الأسلحة والعتاد العسكري الثقيل بالذات التي حصلت عليها من المواقع والمعسكرات التابعة للجيش وقوات الأمن بحسبانها غنائم يحق لها نقلها إلى منطقة نفوذ الجماعة في صعدة. ثانيا: إجهاض أهداف المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والتي شهدت إجماعا من كافة القوى والمكونات - بمن فيهم الحوثيون أنفسهم - وذلك يعني بوضوح. أن الجماعة لم تعد تقبل بالإطار الوطني وتعمل على التحرك بمفردها في الساحة. الأمر الذي لن تقبل به قوى أخرى لها بعضها كان نافذا في المشهد السياسي مثل حزب التجمع للإصلاح اليمنى. والقوى الوطنية والليبرالية والناصرية والقومية. فضلا عن تنظيم القاعدة الذي رأى في التداعيات الناجمة عن السيطرة على صنعاء مجالا خصبا لاستعادة بعضا من شعبيته المهتزة ونفوذه المتناقص. فسارع بإعلان الحرب على الجماعة. بل وعلى من يعتقد أنه يميل إليهم سواء في مؤسسة الجيش أو الشرطة مثلما حدث بهجومه الانتحاري على معسكر للجيش في حضرموت قبل أيام وقتله ثلاثة من أفراده بحجة أنهم مؤيدون للحوثيين. وهو تفكير أهوج ينم عن عدم قدرة على الفرز ويؤكد الطابع الإرهابي للتنظيم.ثالثا: إمكانية تحول اليمن إلى ساحة أكثر اضطرابا للصراع والفتنة الإقليمية -إن صح التعبير- خاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية من ناحية وإيران من ناحية أخرى . فما جرى من سيطرة على صنعاء احتسب بشكل أو بآخر تقدما إقليميا إضافيا تحرزه طهران . وللأسف فإن بعض الدوائر الحاكمة فيها رأت في هذا التطور انتصارا جديدا لها وفقا لمقولة أحد نواب مجلس الشورى الإسلامي والذي اعتبر صنعاء رابع عاصمة عربية تلتحق بالعواصم التي باتت في قبضة إيران إضافة بغداد ودمشق وبيروت. وبالطبع لن تقبل المملكة ولا دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بهذا المنظور للمسألة. ولعل الموقف الذي أبداه وزراء خارجية دول المجلس في اجتماعهم الأخير في جدة يعبر بقوة عن ذلك فقد" أكدوا شجبهم الأعمال التي جرت في اليمن بقوة السلاح وإدانة واستنكار عمليات النهب والتسلط على مقدرات الشعب اليمني، وضرورة إعادة المقار والمؤسسات الرسمية كافة إلى الدولة اليمنية وتسليم الأسلحة كافة وكل ما جرى نهبه من عتاد عسكري وأموال عامة خاصة. وشددوا في الوقت نفسه على أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية الفئوية، حيث إن أمن اليمن وأمن دول المجلس يعدان كلا لا يتجزأ، مبدين أملهم أن تتجاوز الجمهورية اليمنية هذه المرحلة بما يحفظ أمنها واستقرارها ويصون سيادتها واستقلالها ووحدتها، مؤكدين أن ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يهدد أمن المنطقة واستقرارها ومصالح شعوبها".رابعا: وقد لا يكون ذلك بعيدا عن النتيجة السابقة. ويتمثل في محاولة تمدد الجماعة الحوثية إلى مناطق إستراتيجية في اليمن بعيدا عن العاصمة صنعاء وفي مقدمتها منطقة باب المندب لاعتبارات قد تكون ذات صلة بأهداف قوى إقليمية معينة تسعى لتحقيق مآربها في صراعها مع الغرب غير أن ذلك في حد ذاته قد ينطوي على مخاطر تهدد الأمن القومي العربي وبالتالي لن يقبل النظام الإقليمي العربي بسيطرة جماعة يمنية ذات أهداف طائفية ومذهبية بالسيطرة على هذا المضيق الإستراتيجي. فضلا عن أن القوى العالمية وفي صدارتها الولايات المتحدة وأوروبا لن تسمح بحدوث ذلك وهو ما يدخل المنطقة إلى وضعية صراع إقليميا إضافيا وربما دوليا سيدفع دون شك إلى المزيد من حالة الاستقرار والفوضى سواء في اليمن أو في المنطقة ككل.ما الحل إذن؟هو أن تبادر الجماعة بسحب عناصرها المسلحة من العاصمة صنعاء ومن المناطق الأخرى التي سيطرت عليها وأن تلتزم ببنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية والذي رغم أنه وقع تحت قعقعة السلاح إلا أنه حظي بقبول وطني وإقليمي ودولي وأن تعيد ما نهبته واستحوذت عليه من سلاح ومعدات ومؤسسات إلى الدولة اليمنية وأن تقبل بالانخراط في عملية سياسية تقوم على المساواة بين كافة المكونات بعيدا عن الإقصاء واللجوء إلى القوة العسكرية تفضي إلى انتخابات جديدة تعيد بناء الدولة اليمنية على أسس المواطنة والقانون والعدالة وهي كلها أهداف نادي بها شباب اليمن في ثورته المجيدة في العام 2011 وذلك لتجنيب اليمن مخاطر الفوضى والانقسام الطائفي والمذهبي فضلا عن الجغرافي.

763

| 13 أكتوبر 2014

السادس من أكتوبر 1973

هو موعد انطلاق الحرب الوحيدة التي أنجز فيها العرب انتصارا حقيقيا على عدو خارجي - وبالذات الكيان الصهيوني - في التاريخ الحديث، لقد خاضوا سلسلة من الحروب التي شهدت مواجهات مع العدو، بداية بحرب 1948 والتي قاتلت فيها الجيوش العربية - دون استعداد واكتمال للترتيبات اللوجستية - العصابات الصهيونية المدعومة من قبل الغرب الصانع التاريخي للكيان، والذي هدف من وراء صناعته في المنطقة لزرع امتداد له يفصل المشرق عن المغرب العربي، وانتهت هذه الحرب بالنكبة المعروفة، ثم حرب العام 1956 والتي شاركت فيها أكبر إمبراطوريتين في العالم آنذاك وهما بريطانيا وفرنسا الكيان الصهيوني في العدوان على مصر الناشئة بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بعد أن قرر تأميم قناة السويس والتي كانت تجسد الحضور والهيمنة الاستعمارية، مما اعتبراه إضرارا بمصالحهما ومخططاتهما، فكان لابد من معاقبته وانتهت الحرب بتهديد سوفييتي وضغط أمريكي على قوات الأطراف المهاجمة، فانسحبت تجر أذيال الخيبة، وحقق عبد الناصر انتصارا سياسيا بامتياز كان من أهم نتائجه ذبول أوراق الإمبراطوريتين وصعود الإمبراطورية الأمريكية التي تولت مسؤولية رعاية الكيان الصهيوني منذ ذلك التاريخ، سياسيا واقتصاديا والأهم عسكريا، وهو ما كان سببا جوهريا في هزيمة القوات العربية في عدوان الخامس من يونيو من عام 1967 بفعل سلسلة من المؤامرات التي دبرتها واشنطن وعواصم الغرب الأخرى للانتقام من مصر الناصرية المناوئة للمخططات الاستعمارية، والتي نجحت في بناء أنموذج تنموي استثنائي في المنطقة بتجلياته المتنوعة، خاصة على الصعيد الاقتصادي والصناعات العسكرية الناشئة. ولم يستسلم الشعب المصري للهزيمة أو النكسة، فانتفض مساندا لقائده، مطالبا باستمراره على رأس الدولة زعيما ليعيد ترتيب الأوراق، وهو ما فعله باقتدار وكفاءة عالية من خلال البدء في عملية إستراتيجية واسعة النطاق شملت كل أركان الدولة المصرية لإعادة بناء القدرات الوطنية وفي المقدمة منها المؤسسة العسكرية استعدادا ليوم المواجهة الشاملة مع العدو. وعندما وقعت هذه المواجهة المرتقبة منذ أن شعر جنود وضباط وقادة القوات المسلحة المصرية في مثل هذا اليوم – السادس من أكتوبر من العام 1973 جاءت النتائج متسقة مع المقدمات التي غزلتها قيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ويمكن إجمال أهم عناصر النجاح في هذه الحرب فيما يلي: أولا: اتكاء القيادة -عقب هزيمة الخامس من يونيو 1967 - على الشعب الذي خرج يومي التاسع والعاشر من يونيو مطالبا زعيمه الذي هزم بالبقاء بعد التخلص من النتوءات الداخلية، التي شكلت - إلى جانب معطيات خارجية خطيرة بلغت حد المؤامرة - أسبابا جوهرية للنكسة - حسب تعبير ناصر- والذي صاغه محمد حسنين هيكل بتفرد، لأنه عكس واقع الحال، فما جرى كان مجرد انتكاسة في معركة، بينما الحرب ما زالت مستمرة ولم يفض إلى تحقيق أهداف الكيان الصهيوني ومن يقف وراءه من شن عدوان يونيو، وفي مقدمتها إسقاط النظام الناصري بتوجهاته الوطنية والقومية والمعادية للمخططات الاستعمارية والتدخلات الأجنبية في مقدرات شعوب المنطقة. وتزامن ذلك مع تغييرات في العمل السياسي الداخلي وإعادة بناء الاتحاد الاشتراكي العربي بعد إصدار بيان الثلاثين من مارس 1968، والذي تضمن نقدا ذاتيا للتجربة ودروس الاستفادة من الأخطاء التي وقعت فيها ووضع تصورات للنهوض مجددا، رغم أن شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" كان هو المهيمن على المرحلة. ثانيا: اعتماد عملية إعادة بناء القوات المسلحة على أسس احترافية وعلمية، بعد أن تخلص عبد الناصر من مراكز قوى أحاطت بقيادتها السابقة لها، اتسمت بالشللية وغض البصر عن الكفاءة والمهنية، وكان الولاء الشخصي هو المعيار، وتجلى ذلك في اختيار القيادة العامة من ضباط كانوا أنموذجا للانضباط والتميز في الأداء العسكري، وفي صدارتهم محمد فوزي الذي اختير قائدا عاما ووزيرا للحربية، وعبد المنعم رياض والذي عين رئيسا للأركان، وكلاهما لم يكونا من الحلقة الضيقة التي كانت تحيط بالمشير عبد الحكيم عامر وشلته، فضلا عن قادة آخرين أثبتوا جدارة قتالية في فترة وجيزة، مع إحداث تغيير إستراتيجي في نوعية المجندين من خلال الاعتماد على خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة، وهو ما جعلهم أكثر قدرة على التفاعل مع النوعيات الحديثة من الأسلحة والأنظمة التكنولوجية المتطورة التي تم الحصول عليها من الاتحاد السوفييتي الحليف الإستراتيجي في ذلك الوقت، مما أسهم في التسريع بوتيرة عملية إعادة البناء، مع توفير مناخات نفسية مغايرة لأفراد القوات المسلحة رفعت من معنوياتهم مع جرعات من التربية الوطنية والدينية عبر منهج علمي مختلف عما كان سائدا، وهو ما جعلهم جميعا في حالة ترقب للمواجهة، ودللوا عمليا على ذلك من خلال حرب الاستنزاف والعمليات التي سبقتها شرق قناة السويس وشكل ذلك تدريبا عمليا على الحرب القادمة، لذلك فإن ما جرى في السادس من أكتوبر لم يكن الا استمرارا لما خاضوه من مواجهات وتلقوه من تدريبات في الأعوام الستة التي سبقت الحرب. ثالثا: الاعتماد على المنهج العلمي في التخطيط للحرب وعدم ترك أي أمر، ولو كان متناهيا في الصغر، للظروف والخضوع التام للدراسات العملية والاختبارات المنهجية، بداية من اختيار ساعة الصفر وما يناسبها من ظروف مناخية، وما يتعلق بالمد والجزر في المجرى المائي لقناة السويس، فضلا عن متابعة عميقة للداخل الإسرائيلي، عبر شبكة جواسيس متغلغلة في مؤسسات الكيان، العسكرية والسياسية والاقتصادية، وكان أبرزها شبكة رأفت الهجان التي قامت باختراقات لأدق أسرار جيش الكيان، بما في ذلك الحصول على كل المعطيات المتعلقة بالتسليح والتدريب وخطط العمليات وأوضاع خط بارليف، الأمر الذي أسهم في سرعة الانقضاض عليه بعد دك مواقع العدو في سيناء بـ200 طائرة مقاتلة شكلت المدخل الأول لمعزوفة الانتصار في هذه الحرب. رابعا: حشد كل طاقات الدولة في المجهود الحربي وصياغة منظومة وطنية داخلية شكلت عنصر الإسناد الرئيسي للقيادة في استعداداتها للمواجهة، وتزامن ذلك في المساعي إلى بناء ظهير عربي ظهرت تجلياته كأبرز ما يكون في قمة الخرطوم في التاسع والعشرين من أغسطس من العام 1967 والتي قدمت الإسناد القومي لعبد الناصر من خلال عنصرين جوهريين، أولهما التوافق على مشروع المواجهة عبر إعلان اللاءات الثلاث: "لا إصلاح ولا اعتراف ولا فاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحقل لأصحابه"، ثم التوافق على تقديم الدول النفطية دعما ماليا لدول المواجهة وهي إلى جانب مصر كل من سوريا والأردن، وهو ما لعب دورا شديد الأهمية في توفير منظومة الإسناد القومي لمصر وسوريا في حرب أكتوبر والتي امتدت إلى توظيف النفط كسلاح فاعل في المواجهة. وختاما لا أود أن أدخل طرفا في المناقشات البيزنطية حول دور كل من ناصر والسادات في الحرب، فكلاهما لعب الدور المنوط به ولم يكن السادات بمنأى عن الجهد الذي كان يقوده جمال، فقد كان واحدا من أهم المقربين منه، ويحظى بثقته، بدليل أنه اختاره في منصب نائب الرئيس في توقيت صعب قبيل توجهه للمشاركة في قمة عربية في المغرب تواترت معلومات عن مخطط لاغتيال عبد الناصر، وبعد رحيل الزعيم الخالد وتولى السادات الحكم واصل الرجل مسيرة إعداد الدولة للحرب، مستندا إلى خطط معدة وجيش جاهز وجند وضباط وقادة تسكنهم الأشواق للانتصار، متحملا مسؤولية إصدار قرار الحرب- وذلك في حد ذاته يعد إنجازا بالغ الأهمية - التي نجحت في كسر تفرد الجيش الصهيوني بالتفوق العسكري وشكلت رغم محدوديتها - وفق التوجيه الاستراتيجي الخاص بها - انتصارا حقيقيا كان العرب في حاجة إليه أيا كانت طريقة السادات في التوظيف السياسي لنتائجها في التفاوض مع العدو وهو ما اعتبره الكثيرون- وأنا واحد منهم - أقل مما كان يجب الحصول عليه.

1048

| 06 أكتوبر 2014

إشكالية تطوير الجامعة العربية

ثمة إجماع على أن الوقت حان لإعادة التفكير في أطر وقواعد النظام الإقليمي العربي والذي تجسده الجامعة العربية التي ما زالت محكومة بقواعد ومحددات تضمنها ميثاقها الذي أقرته سبع من الدول العربية في العام 1944 وهو ما يجعل أمينها العام الدكتور نبيل العربي يتساءل غير مرة في حواراته معي عندما أسأله عن إشكالية التطوير والإصلاح لمؤسسات الجامعة: هل يعقل أن تعمل سيارة في العام 1914 بمحرك صنع في العام 1944؟ بالطبع السؤال منطقي، ولكن الإجابة عنه تطلبت جهودا ولجانا وتقارير عرضت على قمتين عربيتين، هما قمة بغداد في العام 2012 وقمة الدوحة في العام2103، واللتان طالب فيهما القادة بالمزيد من الدراسة والبحث المعمق في أسس التطوير والإصلاح المطلوب للجامعة ومؤسساتها وآلياتها والأهداف المبتغاة والتي تصب في خانة إحداث نقلة نوعية في مسار النظام الإقليمي العربي لكي يكون أكثر قدرة وحيوية وفعالية في التعاطي الناجز مع التحولات الخطيرة التي شهدتها -وما زالت – المنطقة، خاصة الأعوام الأربعة الأخيرة التي اجتاحتها فيه جملة من التغييرات الهيكلية في عدد من بلدان ما يسمى بالربيع العربي، كانت لها تداعياتها الواضحة، ليس على البعد الداخلي لهذه البلدان ولكن على محيطها القومي. وخلال الدورة الأخيرة العادية لمجلس الجامعة العربية – رقم 142 – التي عقدت بالقاهرة على مستوى وزراء الخارجية كان ملف تطوير وإصلاح الجامعة العربية مطروحا بقوة في صدارة جدول الأعمال. بيد أن ملف مواجهة الإرهاب وتداعيات سيطرة داعش وأخواتها من منظمات متطرفة حسب التعبير الذي يفضل الدكتور نبيل العربي استخدامه هيمن على أجواء الدورة ويمكن القول في هذا السياق: إن ملف التطوير والإصلاح سيظل مطروحا على جدول أعمال اجتماعات الجامعة العربية خلال المرحلة المتبقية حتى انعقاد القمة العربية في مصر خلال شهر مارس المقبل والتي من المنتظر أن تقر أسس التطوير والإصلاح التي وضعتها فرق العمل الأربعة التي عملت على مدى السنتين الماضيتين في إطار اللجنة المعنية التي شكلها الأمين العام للجامعة لبحث هذا الملف والتي اشتملت على الجوانب القانونية والفنية والسياسية وغيرها من الجوانب.وعندما سألت الدكتور نبيل العربي عن رؤيته لهذا الملف أوضح أن تطوير الجامعة العربية لا يمكن أن يتم بقفزة واحدة تستهدف معالجة كل النقائص وإنشاء منظومة مثالية صالحة لكل زمان وفي كل مكان ولكنه عملية متواصلة تتسم بالواقعية والطموح وتقوم على رؤية جديدة للجامعة العربية ودورها وأهدافها وميثاقها وأجهزتها الرئيسية مع الأخذ في الاعتبار بالتطورات التي لحقت بالنظامين الإقليمي والدولي جنبا إلى جنب والمؤكد – كما يضيف – أنه لن يكتب النجاح لأي محاولة لإصلاح الجامعة العربية ما لم يتم تعزيز الإرادة السياسية اللازمة للقيام بعمل عربي مشترك حقيقي وما لم يتم النهوض بالتعاون بين الدول العربية على نحو يضم حماية مصالحها وتدعيم قدراتها على التعامل مع التحديات التي تواجهها، وذلك يستوجب أن يكون هناك ترتيب للأولويات على نحو يساعد الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها، بالإضافة إلى إصلاح هياكل الجامعة العربية نفسها كي تتمكن من الاضطلاع بمهامها على الوجه الأمثل على نحو يدفعها إلى أن تكتسب المزيد من ثقة الحكومات والمجتمعات العربية وتسعى نحو مزيد من التواصل مع تطلعات الشعوب ومنظمات المجتمع المدني وبالذات في مجال حقوق الإنسان وثمة خطوة نوعية اتخذت في هذا السياق تتجلى في موافقة القادة العرب على إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان بناء على مقترح من عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى، بالإضافة إلى أن هناك مقترحات عدة لإجراء تعديلات مهمة على ميثاق الجامعة وعلى مجلس السلم والأمن العربي وإنشاء آلية للإسراع بتقديم المساعدات الإنسانية. ويقول الدكتور العربي: إن ثمة آليات مغايرة باتت مطلوبة لإنجاح العمل العربي المشترك وهو ما سيتم التركيز عليه في الفترة المقبلة، لافتا في هذا الصدد إلى أن منظمة إقليمية كالاتحاد الإفريقي حققت قفزات نوعية أكثر بكثير من الجامعة العربية رغم أن إمكانات الدول العربية تتجاوز بكثير إمكانات الدول الإفريقية لسبب بالغ البداهة يتمثل في أن هذه الدول تلتزم بقراراتها وتنفذها، بينما الدول العربية كثيرا ما تسوف في تطبيق القرارات التي تتخذ على المستوى القومي.. "إنني أقول ذلك وأنا أشعر بأسف شديد ".ووفقا للسفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة فإن ثمة إعادة نظر شاملة وعميقة لتطوير أداء الجامعة على نحو يقود إلى تغيير كل الأساليب والمناهج والأطر والمفاهيم التي حكمت الفترة السابقة من تاريخها وتعديل ميثاقها الذي تمت صياغته في العام 1944 وفق مرئيات وأهداف وآليات عمل تتوافق مع المتغيرات والمستجدات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، مشددا على أن التطوير المرتقب لن يقتصر على الجوانب الإدارية والمالية وإنما سيكون أكثر شمولا وعمقا ويغطي الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية من منظور إستراتيجي شامل ورؤية واضحة بعيدا عن الجزئيات، بما ينقل الجامعة العربية إلى مرحلة جديدة من التفاعل مع المخاطر والتحديات التي تواجه النظام الإقليمي العربي. وحسب منظور صلاح الدين مزاور وزير الخارجية المغربي فإنه بات من الضروري مراجعة الأولويات، لا بالنسبة للجامعة العربية، ولا بالنسبة لكل بلد عربي على حدة، ولكن على مستوى النظام الإقليمي العربي ولعل في مقدمة هذه الأولويات العمل من أجل استرجاع القدرة على التحكم في الوضع والتأثير على الأحداث في أفق توجيهها: *إعادة توجيه سياسة الجوار العربي نحو خدمة المصير المشترك للشعوب التي أضحت مهددة بالتفكك. * تسخير القدرات المتاحة، خاصة منها الإعلام الجماهيري للعب دوره التاريخي في خدمة شعوب المنطقة ومواجهة ثقافة الفتنة والتطرف وترويج الجهل. *ضرورة تمكين المرحلة الجديدة في العلاقات العربية العربية من أدوات مناسبة في مجالات الأمن والسياسة الخارجية وتبادل المعلومات.* القيام بعمل عميق ودءوب على الواجهة الفكرية والعلمية والثقافية، لا فقط من أجل إرشاد الناس لصحيح دينهم وتعرية التطرف الذي يتخفى وراء قراءات غائية، ولكن أيضا من أجل تغيير الصورة النمطية التي ألصقت بالإسلام جراء فظاعة الجرائم التي ارتكبت ومازالت ترتكب باسم الدفاع عنه، والمنافية كليا للقيم الإنسانية والأخلاقية الكونية، وكذلك من أجل ترسيخ قيم التسامح والوسطية والاعتدال وتعزيز قنـوات الحوار والتسامح بين الحضارات والثقافات والأديان على أساس مـن التكافؤ والاحتـرام المتبادل والاعتراف بمشروعية الاختلاف.

1079

| 22 سبتمبر 2014

في مواجهة المسألة الإرهابية

هل ثمة ما يمكن للمرء أن يضيفه على صعيد الملاحم التي تكتب وتبث في الوقت الراهن على صعيد محاربة الإرهاب والتطرف والتشدد في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي ؟ إنني أطالع بحكم المهنة والرغبة في المعرفة ,معظم الصحف العربية المهمة وأتابع المحطات الفضائية التى تتمتع بسمعة إعلامية ومهنية , فضلا عن محطات الراديو الشهيرة خاصة في شقها الإخباري, ولكنى لم أعثر على نقطة البدء الضرورية فى المساعي الرامية لمحاربة هذه الآفة على حد التعبير الرسمي العربي – الإرهاب ,وملحقاتها وتوابعها من "داعش "وإخواتها والتي تطرق إليها الدكتور محمد الرميحي المفكر العربي الكويتي في مقاله أمس الأول بصحيفة الشرق الأوسط , والمتمثلة في محاور التعليم والإعلام والعمل, وأضيف إليها محور الدين أو الوسائط الدينية التي نتعامل من خلالها في المنطقة, والتي أسهمت في تقديري فى تقديم مفاهيم مغلوطة عن الإسلام والشريعة وأحكامها وكيفية التعاطي مع أنماط الحياة بتجلياتها المختلفة ,الأمر الذي أدخل تصورات خاطئة لدى الأذهان عن الجهاد والتعامل مع الحاكم والنخبة الحاكمة والآخر سواء كان مقيما معنا من أقليات دينية أو طائفية أو إثنية أو في العالم من حضارات وثقافات أخرى . وثمة محور مهم يتمثل فى منحه الأهمية يتمثل في البعد الفكري والقانوني والثقافي , وهو ما تطرق إليه الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية وهو يشرح للصحفيين مضمون القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب فى ختام دورتهم ال142 بالقاهرة تحت عنوان حماية الأمن القومي العربي والتصدي للتنظيمات المتطرفة ومن بينها ما يسمى بتنظيم "داعش". إن المواجهة العسكرية والأمنية المتمثلة في إطلاق تحالف دولي لمحاربة الإرهاب والتطرف وداعش بالذات ,أمر لا بأس به خاصة أن الدول العربية غير قادرة بوضعيتها الراهنة على بناء شكل من أشكال التحالف العسكري الذي يكون بمقدوره التعامل مع التحديات المختلفة, وفي مقدمتها تحدى نشوء تنظيمات متطرفة باتت تعمل في العلن وتسيطر على مساحات جغرافية تزيد عن مساحة بريطانيا تمتد من حلب في سوريا إلى الأنبار في العراق , وتلك معضلة في حد ذاتها في حاجة إلى مراجعة والنظر جديا تجاوزها, بيد أن الأمر يتطلب الخروج من حالة الترهل التي تسود النظام الإقليمي العربي في المرحلة الراهنة فى ضوء سلسلة الاضطرابات غير المسبوقة والانقسامات الحادة داخل أقطاره وحالة الانشغال بالمعارك الداخلية المسيطرة على معظم الجيوش العربية ,وبل تفكك بعض أهم هذه الجيوش مثلما حدث في العراق وسوريا وليبيا, وإن كان الجيش المصري قد نجا بحول الله تعالى من حالة استهداف ممنهجة بفعل تماسك قيادته والدعم الشعبي الذي يحظى به في مواجهة حالات الاستهداف سواء من الداخل أو من الخارج . ومن البديهي ألا تكون مواجهة الإرهاب والتطرف والتشدد الذي تفاقمت حدته في المنطقة سريعة المردود, ولكن يمكن الحصول على نتائج مطمئنة إذا ما سارعت النخب الحاكمة بجدية باتجاه إحداث تغييرات جوهرية وحقيقية في بنية النظم السياسية وإنهاء حالة الاستبداد التي ما زالت سائدة على الرغم من اندلاع ثورات الربيع العربي, وقادت في بعض الأحيان إلى نوع من انسداد الأفق مما أدى إلى تراجع شعبي في مساندة هذه الثورات خاصة أنها لم تفض إلى خلاصات تنقذ المواطن العادي من معضلاته الحياتية اليومية, التي تكالبت عليه وبشكل خاص على صعيد ارتفاع أسعار المنتجات والسلع بكل أنواعها , والمضي قدما في تطبيق برامج حقيقية وفعالة وعاجلة للعدالة الاجتماعية ,فما طرح منها حتى اللحظة لا يتجاوز الشعارات والبيانات والتصورات ,بينما الواقع يشهد عكس ما يعلن ,فالمناطق المهشمة ما زالت تكابد مشكلاتها الحادة والتي أسهمت بشكل أو بآخر, في تزويد التطرف والإرهاب والتشدد بوقوده البشرى في محاولة للانتقام من النظم غير العادلة . هذا على المدى القصير, أما على المدى المتوسط والطويل فإن الأمر يستوجب سلسلة من الخطوات التي أتمنى على الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بحكم ما يمتلكه من خبرة سياسية وقانونية وفكرية, أن يضعها في الاعتبار وهو يعد لتفعيل القرار الخاصة بحماية الأمن القومي العربي وأوجزها فيما يلي: أولا: إعلان المقاطعة الكاملة مع النظام التعليمي السائد فى المنطقة العربية بشقه المدني و الديني ,فكلاهما عبر المناهج الشديدة التخلف والتي تنحاز إلى الماضي وتخاصم الحداثة والوسطية ,فضلا عن الاعتماد على كتب قديمة خاصة فى بعض الجامعات الإسلامية تطرح مفاهيم تتناقض بالأساس مع جوهر الدين الذي يهدف إلى بناء الإنسان المسلم المتسامح القادر على التفاعل مع الآخر المستوعب لثقافة الاختلاف والذي لا يرمى غيره بالكفر إذا ما أبدى رؤية معارضة لسياقه الديني أو حتى السياسي ,مثلما شهدنا وما زلنا نشهده حتى اللحظة الراهنة ,. وهو ما يستوجب المسارعة بإعداد إستراتيجية عربية لما بات يطلق عليه بتغيير الخطاب الديني والذي أضحى بالفعل مستغرقا فى ماضويته وتهافته على الهوامش والفرعيات وتجنب التفاعل مع مفردات الواقع , فالمرء يستمع في خطب الجمعة وفى معظم البرامج الدينية في القنوات التلفزيونية إلى قضايا ومحاور وموضوعات غير صالحة بالمرة لزماننا ,بل تجاوزها العلماء المجددون على مدى تاريخ الإسلام , وهو ما يجعلني أطالب الدكتور نبيل العربي بتخصيص مؤتمر لهذه القضية خاصة أن الأمة زاخرة بعلماء ومفكرين إسلاميين قادرين على القيام بعبء هذه الإستراتيجية المطلوبة بإلحاح فضلا عن الإشراف على تطبيقها ولكن لم تمنح لهم الفرصة طوال العقود الأربعة المنصرمة , والتي صعد فيها الخطاب التكفيرى والسطحى والهامشي والذي لا يبني وطنا أو يصوغ مسار أمة. ثانيا : البدء في الدعوة لمؤتمر يضم رموز الفكر والثقافة والإعلام الذين يتسمون بالاستنارة والرؤية القومية المدافعة عن مصالح الأمة, لتحديد المفاهيم التي ما زالت غير واضحة تجاه الإرهاب والتطرف والتشدد ثم تحديد الخطوات التي يتعين أن تبدأها على الفور أجهزة الإعلام والثقافة المؤثرة , فضلا عن النخب الفكرية من خلال إستراتيجية واضحة القسمات وقريبة في لغتها ومضمونها من أذهان البسطاء ,لتفتح أمامهم آفاقا مغايرة وتقربهم من جوهر الدين وتغرس فيهم منظومة التسامح وعدم الكراهية للآخر أو المختلف معه ,وتوضح أن الأوطان لا تبنى إلا وفق قاعدة المواطنة والمساواة بين كل المواطنين , وأنه لا سيادة إلا للقانون ولا مجال لاحتكار سلطة من هذا الفريق أو ذاك والتي يجب أن يطالها الفائز في صناديق الاقتراع وفق محددات الشفافية والنزاهة والمراقبة الشعبية, بمنأى عن تدخل السلطات التنفيذية ,أو ما يسمى بأجهزة الدولة العميقة التي نجحت في إجهاض قيم وطروحات ثورات الربيع العربي, إما لصالح قوى عتيدة لم تكن راغبة فى التغيير بالأساس, أو لصالح تنظيمات متطرفة قفزت على المشهد الوطني, وتسعى إلى فرض هيمنتها وتمددها بقوة الأمر الواقع أو بغطرسة الشعور بامتلاكها أدوات وعتاد عسكري أتيح لها من مخازن الجيوش العربية التى أسقطت أو أهدرت قواها. ثالثا : بناء منظومة قيمية قانونية بالأساس تقوم على مبدأ العدل, وهو مبدأ غائب في أغلب الدول العربية فالإحكام تصدر اتساقا مع رغبات السلطة الحاكمة أيا كانت, وفى ذلك إهدار واضح وبين لهذا المبدأ وتطبيق المساواة عند تنفيذ القوانين بين كافة المواطنين على الرغم من اختلاف هوياتهم الدينية أو العرقية , ولاشك أن ذلك يتطلب إعادة النظر في مجمل المنظومة التشريعية القائمة وبعضها ما زال يعود الى زمن الخلافة العثمانية ,فبدت مترهلة وموغلة فى قدمها وعجزها عن مواكبة الزمن الراهن بمتغيراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية , فضلا عن القضاء على ما يسمى بالبطيء في إجراءات التقاضي والتي قد تمتد فترات زمنية طويلة للغاية, مما يفقد الحكم العادل بهاءه عندما يجيء متأخرا عشرات السنوات ويكون بعض أطراف القضايا قد ذهبوا إلى رحمة الله سبحانه وتعالى . *صحفي عربي من مصر

428

| 15 سبتمبر 2014

الشيخ صباح .. يستحق التكريم

عندما يكرم "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة، غدا الثلاثاء، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في احتفالية ضخمة بمقر المنظمة الدولية بنيويورك، فذلك ينطوي على دلالات بالغة الأهمية تتجاوز الشخص إلى الدولة والوطن والأمة، فضلا عن تجسيد قيمة، ربما تكون جديدة في النظام الدولي تتمثل في الاهتمام بشخصيات تنتمي للعالم الثالث فرضت حضورها على المعادلة الدولية بفعل ما أسهمت به من" قيمة مضافة" على صعيد تكريس القيم الإنسانية العليا،وستتم في هذا التكريم تسمية الشيخ صباح "قائدا إنسانيا عالميا"، وتتويج دولة الكويت مركزا إنسانيا عالميا، وذلك تقديرا لسجلها الإنساني الحافل بالمؤتمرات والقمم الإنسانية والتنموية التي حشدت الجهود الإقليمية والدولة لدعم الفقراء والمنكوبين في مختلف أنحاء العالم، ولا ينفصل البعد الإنساني في شخصية أمير الكويت عن الأبعاد والأخرى، والتي تشكل المرتكزات التي دفعت به إلى صدارة المشهد الدولي كواحد من الرموز السياسية التي تؤدي دورا إنسانيا يصب في حصيلته في اتجاه يخدم متطلبات الأمن والاستقرار والسلام، وصياغة روح جديدة في منظومة العلاقات الدولية التي أضحت تفتقر إلى هذا النمط القيادي الذي يمنح الأولوية لإطفاء حرائق الأزمات والتصدي لتداعيات الحروب، سواء أكانت أهلية أو بين دول، والوقوف إلى جانب مخرجاتها من اللاجئين الذين يفرون إلى دول الجوار أو النازحين الذين يهربون إلى مناطق يظنونها آمنة بالداخل، ولكنها سرعان ما يطالها القصف والرصاص، فينتقلون إلى أخرى لات صمد طويلا. ولاشك أن مواقف الشيخ صباح في الأعوام القليلة المنصرمة والتي فتح فيها أبواب بلاده، لاستضافة المؤتمر الدولي للمانحين لإنقاذ الشعب السوري مرتين على مدى عامي 2013 و2014 على التوالي، مما أسفر عن حشد أكثر من 5ر1 مليار دولار وإعلانه تبرع الكويت بمبلغ 500 مليون دولار خلالهما، كانت العامل الأهم في ترشيحه لهذا التكريم الإنساني، بيد أن له رصيدا هائلا، يؤهله باقتدار لتبوؤ هذه المكانة الإنسانية العالمية وهو ما تمكن الإشارة إليه تاليا: أولا: على الصعيد الوطني: بدت واضحة حيويته وديناميته، منذ أن تم تكليفه بحقيبة الخارجية في عام 1963، فقد شارك في رفع علم الكويت في وسط نيويورك، معلناً انضمام بلاده إلى منظمة الأمم المتحدة وانتهج في حركته الدبلوماسية معادلة تقوم على التوازن والوسطية والتي أثمرت ثمارها في أحلك الظروف، وهو احتلال الكويت من قبل النظام العراقي في الثاني من أغسطس عام 1990، وكان من أبرز نتائجها حزمة القرارات التي أصدرها مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والقاضي باستخدام القوة لضمان تطبيق قراراته، والتي أعقبها تشكيل تحالف دولي شاركت فيه مصر بفعالية، مكون من أكثر من 32 دولة، أسهم في تحرير الكويت في العام 1991.وأثبت الشيخ صباح الأحمد على مدى سنوات عمله وزيرا للخارجية جدارته للقب رجل السياسة الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم، بعد أن نجح في ربط الكويت دبلوماسياً وإستراتيجياً بالعالم الخارجي، من خلال استضافة أكثر من 95 ممثلية، ما بين سفارة وقنصلية ومنظمة دولية وإقليمية، على أراضيها وتبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي معها، وحقق في هذا الموقع الكثير من النجاح الدبلوماسي، حيث قطعت الكويت الحديثة شوطا كبيرا في مجال الدبلوماسية الخارجية القائمة على نكران الذات والنظر إلى المصلحة العامة قبل المصلحة المحلية أو الإقليمية، ومن ثم اعتبر بحق أستاذا للسياسة الخارجية. وعندما تولى منصب رئيس مجلس الوزراء في 13 يوليو 2003، جمع في نهجه الجديد بين الدبلوماسية السياسية والدبلوماسية الاقتصادية في آن واحد، مكرسا جهوده في هذا المنصب، الذي استمر فيه أكثر من ثلاث سنوات، لدفع عملية التنمية الشاملة والإصلاح السياسي والاقتصادي، والرعاية الاجتماعية بمختلف جوانبها لجميع المواطنين.وعقب مبايعته أميرا للبلاد في 29 من يناير 2006 بدأت الكويت تخطو بثقة وعزم واقتدار إلى الأمام، إلى زمن جديد، لا يعرف التوقف أو الانتظار، على حد تعبير الشيخ صباح، في خطابه أمام مجلس الأمة في ذلك الوقت.ثانيا: على الصعيد الخليجي: فقد كان- وما زال - حريصا على رفد منظومة مجلس التعاون بكل عناصر القوة والتوحد والتفعيل منذ أن كان وزيرا لخارجية الكويت وأسهم بجهوده واتصالاته وتحركاته النشطة حتى بعد أن تولى منصب رئيس الوزراء ثم تولى إمارة البلاد، في العمل على تجاوز الخلافات والدفع باتجاه القفز على المعوقات والتحديات والتي كانت، وما زالت، ضخمة لترسيخ نجاح المنظومة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ودفاعيا، وبناء تكتل خليجي قوي بات يلعب دورا مهما، سواء على صعيد النظام الإقليمي العربي أو المحيط الإقليمي أو على المستوى الدولي، بحكم ما يحظى به من أهمية إستراتيجية شديدة الحيوية لاستقرار المنطقة والعالم، ولعل آخر تجليات ذلك نجاحه، عبر قيادته وساطة هادئة، في وقف الاحتقان في العلاقات الخليجية خلال الأشهر القليلة الماضية، والذي نجم عن خلافات كل من السعودية والإمارات والبحرين مع قطر، الأمر الذي وصل إلى حد سحب سفراء الدول الثلاث من الدوحة ، والتوصل مؤخرا إلى معايير وأسس لإنهاء الخلاف وطي صفحته للأبد ، على نحو يمهد لعودة السفراء إلى العاصمة القطرية في وقت قريب، وفق ما أعلنه الشيخ صباح الخالد، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، عقب ترؤسه الاجتماع الذي عقد بجدة لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الست قبل أيام. وقبل ذلك بسنوات لعب الشيخ صباح دورا في رأب الصدع بالعلاقات السعودية ـ القطرية، والتحرك لوأد الخلاف مع سلطنة عمان بشأن الاتحاد الخليجي وهو ما جعله موضع ثقة كمرجعية في احتواء الأزمات الخليجية.ثانيا: على الصعيد العربي: عمل الشيخ صباح طوال السنوات المنصرمة على بناء رؤية تهدف إلى تأسيس مفهوم جديد للمواطنة العربية، القائمة على التآخي بين كل الأطياف وعلى أساس أن كل عمل ناجح يقوم على توحد كل المواطنين بكل فئاتهم، سواء في الكويت أو في كل الوطن العربي، وهو من يرى أن في التوحد يكمن استمرار السلام الاجتماعي والازدهار، وأن الحرية والديمقراطية، كما ينادي بهما دائما، هما المتنفس الأمثل للمواطن، لكي يعمل بإخلاص وإيمان صادق لأجل رقي وأمن وطنه ويذود عنه ضد كل معتد.وفي مارس الماضي استضافت الكويت القمة العربية الخامسة والعشرين وتميزت بأنها واحدة من أنجح القمم العربية بفعل ما بلورته من قرارات وخطوات، عززت مسار العمل العربي المشترك وشكلت اندفاعة باتجاه وضع أسس تطوير النظام الإقليمي العربي، ممثلا في الجامعة العربية بما يجعلها قادرة على تلبية طموحات المواطن العربي وتجاوز الأساليب القديمة في التعاطي مع المشكلات والقضايا العربية. وفي يناير من العام 2009 استضافت الكويت أول قمة عربية اقتصادية، وضعت الأساس للتعاون العربي في هذا السياق الحيوي والذي تأخر فيه العرب كثيرا وتركوه نهبا لتداعيات الاحتقانات السياسية، وفي نوفمبر من العام الماضي استضافت القمة العربية الإفريقية الثالثة بعد قمة سرت في العام 2010 بعد سنوات من الجمود إثر استضافة القاهرة لأول قمة بين الجانبين في العام 1977.وفي كل تحركاته العربية يعطي الشيخ صباح الأولوية للمحافظة على الوحدة الوطنية، والمسارعة لمد العون ونبذ العنف، ودعم وضمان استمرار الديمقراطية، والسلام والتآخي، والمصالحة والانحياز للمصالح العليا للأمة ولشعوبها وخياراتها في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، مع المحافظة على مرتكزات الدولة الوطنية، وحماية محددات الأمن القومي العربي والوقوف بقوة ضد التمدد الإرهابي والتطرف الديني. خامسا: ثمة جهود استثنائية قام - وما زال يقوم بها -على صعيد تقديم العون والمساعدات والإغاثة طالت كل العالم ومثلت مساعدة الشعب السوري صورة ناصعة جديدة في هذا الشأن، متكئا في ذلك على رؤية مؤداها أن المجتمع الدولي يقف أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقانونية، تتطلب تضافر الجهود والعمل الدءوب للوصول إلى حل ينهي هذه الكارثة ويحقن دماء شعب بأكمله ويحفظ كيان بلد ونصون فيه الأمن والسلام الدوليين. كما امتدت المساعدات الكويتية لدول عديدة في إفريقيا وآسيا، وغيرها من قارات العالم، وكان آخرها في القمة العربية الإفريقية الثالثة تقديم ملياري دولار للدول الإفريقية التي تكابد من تداعيات الحروب الأهلية والانقسامات العرقية، فضلا عن نقص في الموارد.

561

| 08 سبتمبر 2014

من دفتر أحوال ثورات الربيع..

كنت - وما زلت – مؤمنا بالثورات التي اندلعت في عدة أقطار عربية منذ مطلع العام2011 والتي شكلت تحولا نوعيا في مسار شعوب هذه الأقطار على نحو دفعها باتجاه حالة حراك متعدد التجليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية. بيد أن ما جرى خلال السنوات الثلاث السنوات المنصرمة من وقائع ومحاولة فرض معادلات لا تتسق مع طبيعة تطلعات الشعوب. دفعني لإعادة قراءة المشهد من جديد خلال الأشهر القليلة المنصرمة ولكن بمنأى عن نظرية المؤامرة التي راحت دوائر معينة تروج لها. بحسبان أن هذه الثورات حصيلة تدابير خفية ومستورة لقوى خارجية وليست ناتجة عن براكين الغضب التي تفاعلت في الصدور. فانطلقت هادرة قوية لتسقط النظم الحاكمة التي قامت على معادلة السلطة والثروة والاستبداد واستشراء الفساد. والاستحواذ على مقدرات البلاد وتحييد الأغلبية عن المشاركة في القرار السياسي. وتطبيق أنماط من الديمقراطية شكلية الطابع وتجنب التفاعل مع تجليات العدالة الاجتماعية.ومع ذلك فإن أقطار الربيع العربي - والمقصود بها مصر وتونس واليمن وليبيا أما سوريا. فهي بانتظار اكتمال ثورتها – شهدت خلال العام الأخير تحديدا –وفق التقرير عن أحوال الأمة الذي أعده مركز دراسات الوحدة العربية ونشره في مجلته الشهرية " المستقبل العربي " في عدد يونيو الماضي – سلسة من الأزمات الحادة والمتزامنة والمترابطة. الأمر الذي جعل المراحل الانتقالية التي تمر بها تتسم بدرجة عالية من الصعوبة والتعقيد. متجلية في استمرار حالات الانفلات الأمني مع تصاعد أعمال العنف والإرهاب. وأضيف من عندي. تصاعد الصراع بين مؤسسات الدولة من جهة وجماعات مسلحة تأخذ مسميات عدة وتتبنى توجهات وأيدولوجيات متباينة . وبلغ الأمر في بعض المراحل خاصة الراهنة إلى حد يقترب من الحرب الأهلية مثلما يحدث في ليبيا واليمن. فضلا عن تفاقم حدة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. بسبب تدهور أداء السياسات العامة وتطور العلاقات المدنية – العسكرية وما يقترن بها من مخاطر عسكرة السياسة . وتسيس الجيش -حسب تعبير التقرير ذاته - بالإضافة إلى تزايد الاختراق الخارجي بما يمثل تهديدا للأمن الوطني والقومي. مع تكرس أزمة بناء مؤسسات الدولة في ليبيا واليمن ومؤسساتها في مصر وتونس.وتأتي هذه الأزمات في سياق أزمة بنيوية تتعلق بالفاعلين السياسيين في هذه البلدان وتتمثل أساسا – الكلام للتقرير- في غياب أو ضعف القدرة على بناء التوافق الوطني في شأن أولويات المرحلة الانتقالية وأساليب إدارتها . وهو ما يرتبط بالأزمة الأعمق التي تعانيها النخب السياسية بمختلف أطيافها وانتماءاتها . ومن ثم يبدو أن مستقبل الأنظمة الحاكمة في أقطار الربيع العربي مرهون في الأجلين القصير والمتوسط يعتمد على كيفية معالجتها لثمان قضايا:أولا: قدرتها على صوغ برامج للتكامل الإقليمي مع الأقطار العربية الأخرى. وتطبيقها على كافة الصعد الاقتصادية والدفاعية والثقافية والتربوية بعد أن اتضح عجز الأنظمة القطرية عن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المطروحة.ثانيا: التزامن بين معضلتي بناء مؤسسات الدولة الوطنية وتأسيس الديمقراطية. ففي حالة ليبيا واليمن ثمة أخطار محدقة وبدرجات مختلفة على وجود الدولة ذاتها يمكن أن تؤدى إلى التفكك والتقسيم. وفي حالة مصر وتونس فإن شبح الفشل الوظيفي يحاصر أجهزتها ومؤسساتها بمستويات متباينة. وهو ما يفرض في كل الحالات أهمية الاستمرار في الإصلاح المؤسسي وبناء دولة ديمقراطية.ثالثا: قدرتها على اتباع سياسات التعاون والتفاعل مع دول الجوار العربي. لاسيَّما الحوار الحضاري منها. على قاعدة الاحترام المتبادل لمصالح وسيادة الجميع. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة.رابعا: قدرتها على استشراف التطورات المتسارعة على الصعيد العالمي. وإعادة تموضع الأمة العربية في علاقاتها الدولية بما يعزز من أمنها ويطور من اقتصادها ويحررها من الهيمنة ويصون أمنها على قاعدة" نصادق من يصادقنا" ونعادي من يعادينا ".خامسا: التعامل مع الديمقراطية لا بوصفها مجرد إصدار دستور وإجراء انتخابات. فمع التسليم بأهميتهما كمرتكزين للديمقراطية إلا أنهما ليسا كافيين بمفردهما لتحقيق الانتقال الديمقراطي. إذ من الأهمية بمكان أن تصدر الدساتير على نحو توافقي وأن يتم احترامه في الممارسة وأن تتعزز شرعية الصندوق بشرعية الإنجاز.سادسا: إن الأسلوب الأمني بمفرده لا يكفي لمواجهة التطرف والإرهاب. إذ يتطلب الأمر إستراتيجية متكاملة تأخذ في الحسبان تخفيف منابعهما المادية والفكرية . وتحقيق التنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة ومعالجة المظالم والاختلالات التي تعانيها بعض الأقاليم في الدولة.سابعا: إن الحركات والأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية . ستظل فاعلة في المشهد السياسى بشرط التزامها بقواعد الدستور والقانون وبمبادئ الديمقراطية وتداول السلطة من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة وينطبق ذلك بالقدر نفسه على الأحزاب والقوى الليبرالية والقومية واليسارية . وذلك يعنى بوضوح –الكلام لكاتب السطور- أنه لا إقصاء لأي طرف أو فصيل سياسي إلا إذا ثبت تورطه في أعمال عنف تتعارض مع محددات القانون والشرعية أو ارتبط بقوى معادية في الخارج.ثامنا: احتمالات تزايد التدخل الخارجي واستغلال الثغرات التي توجدها الأزمات الممتدة. بما يمثله ذلك من انكشاف واضح للأمن الوطني والقومي.ولاشك أن أقطار الربيع العربي تعيش أوضاعا استثنائية . فقد نشبت فيها انتفاضات شعبية جارفة وأسقطت نظما تسلطية كان هناك اعتقاد بسطوتها وبأسها وقدرتها على الصمود . ومن ثم فإن ما يحدث فيها ليس مجرد تغيرات في البناء الدستوري والقانوني وهياكل نظام الحكم -كما يلفت التقرير- ولكنه يتجاوز ذلك إلى مفهوم الحكم ذاته وغاياته ومصدر شرعيته. ليؤكد انتهاء فلسفة دولة الوصاية واحتكار فاعل واحد أو قوة واحدة السيطرة على مقاليد الأمور وبدء الانتقال إلى دولة الموطنة والقانون. كما يغير إدراك المواطنين للعلاقة بين المجتمع والدولة ولمفهوم العدل والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ينبغى أن يتمتع بها كل مواطن وهو ما يستغرق بالضرورة سنوات عدة. وبالتالي فإن الأزمات والاختناقات التي تشهده هذه الأقطار هي - على الرغم مما يبدو من تجلياتها الشديدة الوطأ – مظاهر وعلامات للتحول من تنظيم اجتماعي وسياسي تسلطي إلى آخر ديمقراطي وهو المأمول والذي تترقبه الشعوب التي لم تلمس مردودا إيجابيا واضح المعالم على حياتها منذ انبثاق ثورات الربيع العربي. الأمر الذي يستوجب على النخب السياسية الجديدة أن تدركه. وتسعى جاهدة إلى تغيير أطر وأساليب التعامل مع معضلات الحياة اليومية. التي يكابدها المواطنون حتى يشعروا أنها – أي الثورات - انحازت إليهم ليس بالشعارات فقط وإنما بالخطط والإجراءات والأفعال على الأرض.

588

| 01 سبتمبر 2014

ليس دفاعا عن الجامعة العربية

تتعرض الجامعة العربية في الآونة الأخيرة إلى حملة شرسة تسعى إلى تشويه صورتها وإجهاض حركتها والنيل من شخصيتها الاعتبارية، فضلا عن النيل من شخص أمينها العام الدكتور نبيل العربي, ولو توقف الأمر عند مستوى توجيه الانتقادات لأدائها لكان مقبولا, فذلك أمر مشروع ومطلوب في آن واحد, بيد أن المسألة تجاوزت ذلك, إلى الحملة الممنهجة والتي يقف وراءها -للأسف - نفر ممن أضيروا من صعود العربي إلى موقع أمينها العام على الرغم من مضى أكثر من ثلاث سنوات على اختياره في هذا الموقع .ويبدو أن من يتابع الجامعة العربية عن بعد ولديه معرفة ضئيلة أو منعدمة - في معظم الأحيان - بميثاقها أو بطبيعتها كمنظمة إقليمية معبرة عن حكومات الدول العربية التي ساهمت سبع منها في تأسيسها في العام 1945, لا يمتلك الدراية الكاملة بالحدود والأطر التي تتحرك في سياق أمانتها العامة, والتي ليس بوسعها أن تتبنى من تلقاء نفسها أي توجهات بمنأى عن الدول الأعضاء وهي في المحصلة الأخيرة ناتج جمع إرادات 22 دولة عضو فيها.لقد واجهت الدكتور نبيل العربي خلال لقاء خاص جمعني به مؤخرا بكل ما تردد في الآونة الأخيرة سواء بشأن أداء الجامعة أو أدائه هو كأمين عام وما يتعرض له شخصيا من حملة يدرك هو - كما أدرك أنا - مرامي من يقف خلفها لاعتبارات تتعلق - كما ذكرت آنفا - باختياره في هذا الموقع الرفيع المقام قوميا وأخرى تتصل بموقفه المؤيد لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 . وكان في مقدمة ما طرحته عليه ما رددته دوائر عدة, عن عجز الجامعة العربية عن التعامل بفعالية مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فعلق قائلا لي: ثمة خطأ منهجي, فالمنظمات الدولية ليست دولا, وليست منظمات فوق الدول , وبالتالي عندما تحدث مشكلة فإنها – أي المنظمة – لا تتحرك إلا بالقدر الذي تسمح به الدول الأعضاء فيها, فلماذا يقال - في حال الجامعة العربية – إنها عاجزة عن معالجة موضوع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة, ودعني أكون أكثر صراحة في هذا السياق فأقول: إن الجامعة العربية تعجز بالفعل عن حل مشكلة فلسطين, كما أن الأمم المتحدة عجزت من قبل بل إن العالم أجمع لم يحرك ساكنا من أجل حل هذه المعضلة, لسبب بات بديهيا يتمثل في أن إسرائيل نافذة على الدولة الكبرى في النظام الدولي الراهن وهي الولايات المتحدة الأمريكية, ومن ثم لا ينبغى لطرف أن يقول إن الجامعة عاجزة عن التعامل مع هذا الملف, فهل بوسعها أن تشن حربا على إسرائيل؟ فضلا عن كونها لا تتواصل معها بأي شكل من الأشكال والذي يقوم بذلك هو مجلس الأمن.واتساقا مع هذا المنحى فقد ردد البعض أن الأمين العام للجامعة العربية قام بقضاء إجازة في لندن في ذروة أيام العدوان الإسرائيلي على غزة, فضلا عن إغلاق أبواب الجامعة لعدة أيام في الوقت الذي لم تسارع فيه الجامعة بعقد اجتماع مجلسها الطارئ على مستوى وزراء الخارجية إلا بعد شن العدوان بستة أيام, وهو ما أسهم في الحد من فعالية الجامعة في التعاطي مع هذا الملف.. وعندما سألت الدكتور نبيل العربي عن ذلك أجابني مؤكدا أنه لم يحصل على إجازة منذ العام الماضي, ربما قضى إجازة نهاية الأسبوع مثله مثل الآخرين في بيت يملكه بالساحل الشمالي على البحر الأبيض المتوسط, غير أنه سرعان ما كان يعود إلى عمله, والأهم من ذلك - كما يضيف – فإنه لم يطأ أرض العاصمة البريطانية – لندن - منذ يناير الماضي, والذي قام بزيارتها لبضعة أيام لأسباب صحية تتعلق بإجراء جراحة بعينه لكن الطبيب رأى أن الأمر لا يتطلب مثل هذه العملية.أما فيما يتعلق بعقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب فيعلق العربي قائلا: لم يتأخر, لقد شنت إسرائيل عدوانها على القطاع في الثامن من يوليو الماضي, بينما عقد الاجتماع في الرابع عشر من الشهر ذاته -أي بعد ستة أيام - وخلال هذه الفترة لم أتوقف عن التواصل مع القيادة الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود عباس – أبو مازن – وكان لديها تصور بالمراهنة على دور الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها, ولكن عندما بدا لها أن هذا التصور ليس في محله طلبت – أي القيادة الفلسطينية – عقد الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في الحادي عشر من شهر يوليو , وبالطبع فإن الوزراء لا يقفون بحقائبهم في المطارات في انتظار تلبية أي دعوة لاجتماع طارئ أو استثنائي فبعضهم لديه ارتباطات مسبقة, وكان من الصعوبة بمكان تجميعهم في وقت وجيز, وأشير في هذا الصدد إلى أن رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزاور وهو مهني من طراز رفيع كان مشغولا في ذلك الوقت بالزيارة الرسمية التي يقوم بها ملك إسبانيا لبلاده آنذاك, فكلف وزير الدولة للشئون الخارجية السيدة مباركة بوعيدة بتمثيل المغرب ورئاسة الاجتماع, ومع ذلك لم يتأخر الاجتماع الطارئ سوى ثلاثة أيام بعد الطلب الفلسطيني. غير أن الأمر الذي لم يفتأ البعض يردده دون تمحيض أو معطيات حقيقية واشتد من دوائر معينة سواء في المنطقة العربية, وأخذ منحى الحملة المنظمة يتصل بأن اختياره لمنصبه كأمين عام للجامعة العربية كان حصيلة صفقة بين قطر والمجلس العسكري الحاكم في مصر في العام 2011 بوضوح تحاول هذه الدوائر أن تسوق لمقولة إن الدوحة هي التي رشحته للمنصب وليست حكومة بلاده, وهو ما لا يضيره على الإطلاق, ولكنه لا يتفق مع الحقائق التي كشف عنها مؤخرا الدكتور عصام شرف أول رئيس وزراء لمصر بعد ثورة يناير- والذي اختار العربي فيها وزيرا لخارجية مصر - في شهادته التي وصفها بأنها للحقيقة والتاريخ إنصافا للرجل الذي لا يحبذ الدخول في معارك ثانوية وهامشية تعوقه عن مهمته الرئيسية في تحريك وتفعيل العمل العربي المشترك ومضمون هذه الشهادة يؤكد أن ترشيح العربي تم بإرادة مصرية خالصة لكنه حظي بإجماع عربي ولم تبد الدوحة اعتراضا عليه بل سحبت مرشحها للمنصب ذاته آنذاك وهو الصديق عبد الرحمن العطية الأمين العام السابق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية -عندما قدمت القاهرة مرشحا بحجم وقامة وفكر وخبرة الدكتور العربي.ويحيلني الدكتور العربي إلى خلاصة شهادة الدكتور شرف والتي يقول فيها بالحرف الواحد: لقد تم عرض الموضوع على القيادة السياسية ولأول مرة تم التطرق إلى اسم الدكتور نبيل العربي، وزير الخارجية آنذاك، وبالرغم من دوره الهام كوزير خارجية في هذه الفترة، إضافة إلى العلاقة المهنية المتميزة بيننا، فقد بدأت في إجراء بعض الاتصالات مع بعض الدول العربية التي لم تبدِ موافقة على المرشح المصري، حيث وجدت ترحيبًا كبيرًا باسم د.نبيل العربي من الجميع. واستمر شرف في شهادته قائلاً: "حاولت في حديث عابر أن أطرح الموضوع على د.نبيل، ولكنه رفض الفكرة، إلى أن تم عقد جلسة مع القيادة السياسية بحضور د.نبيل، وأُثير موضوع ترشيحه للمنصب، وكرَّر د.نبيل رفضه، ولكن تحت ظروف المرحلة ولتوجهنا في هذه الفترة الحرجة تم الضغط عليه وانتهى الأمر بتكليفه بقبول الترشح لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية...

490

| 25 أغسطس 2014

حديث الإفك والمؤامرة

مقهورا أصبحت، من فرط ما استمعت إليه من دفوع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ومن قبله المحامي الذي يتولى الدفاع عنه فيما يسمى بقضية القرن في المحروسة، ثم مرافعة وزير داخلية نظام مبارك حبيب العادلي، وبعض القيادات الأمنية المتهمة في القضية، والتي روجت لمقولة إن ثورة الخامس والعشرين من العام 2011 محض مؤامرة خارجية وأنها حصيلة تحرك نفر من العيال على حد تعبير العادلي قاصدا الشباب الذي خطط ونفذ وأشعل الثورة.وثمة ملاحظات ضرورية لدي في هذا السياق أوردها فيما يلي:أولا: لقد حظيت هذه الدفوع بأكبر قدر من التغطية الإعلامية الواسعة سواء عبر التليفزيون، والتي أنيط حق بثها مباشرة على الهواء لمحطة "صدى البلد"، والتابعة لواحد من عتاة رجال الأعمال الذين كانوا - وما زلوا – ضمن دائرة الحزب الوطني الحاكم في زمن مبارك. وليس لدي معرفة بالملابسات التي دفعت هيئة المحكمة الموقرة للموافقة على هذا السلوك، بينما كان من الأجدر أن يناط بهذا الحق للتلفزيون الرسمي التابع للدولة المصرية ثم - وهذا الأمر كان لافتا للغاية – تابعت الصحف سواء قومية أو خاصة بتخصيص مساحات واسعة من صفحاتها الأولى والداخلية لهذه الدفوع على نحو بدا لافتا وباعثا على الغيظ. وقد يدفع البعض بأن هذا من أولى مستوجبات المتابعة الإعلامية التي تبدي اهتماما بالحدث الأبرز والأكثر تأثيرا على جمهور المتلقين، وهو ما لا يشكل لدي أدنى اعتراض، بيد أن اعتراضي على المبالغة في متابعة الحدث على نحو أفضى إلى بلورة قناعة لدي أن ثمة دوائر تسعى إلى تسويق براءة مبارك وأركان نظامه من دم شهداء الثوار، وتشويه صورة ثورة يناير وتصنيفها بحسبانها محاولة همجية لإسقاط نظام مبارك الذي كان بطبيعته آيلا للسقوط. ثانيا: من حق المتهمين وهيئة الدفاع عنهم أن يلجأوا إلى كل الوسائل التي تهدف إلى الحصول على البراءة، خاصة أن التهم الموجهة لهم قد تدفع بهم إلى الإعدام أو السجن المؤبد، غير أن قلب الحقائق والقفز عليها وتقديم معطيات غير واقعية، وفي بعض الأحيان تتعارض مع وقائع ثورة الخامس والعشرين من يناير التي شاركت فيها الملايين من أبناء الشعب المصري في مختلف محافظات مصر، ولم تقتصر فقط على هؤلاء النفر من الشباب الذين وجهت لهم كل ألوان الاتهامات بتلقي الأموال الطائلة والتدريب على إسقاط النظام وكأنه كان قويا، بينما هو في حقيقته كان متهالكا، ولم يكن في حاجة مؤامرات خارجية أو داخلية، بل كان في حاجة إلى إرادة شعبية قوية تندفع في موجات هادرة، وهو ما حدث بالفعل منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى الحادي عشر من فبراير2011، وبالتالي فإن ما جرى يجعل من اتهام هؤلاء النفر متهافتا ليس بوسعه أن ينقذ مبارك أو وزير داخليته أو قياداته الأمنية من عقاب يستحقه عن القتل المفرط في القوة الذي مارسته قوات الأمن في ذلك الوقت، والتي كانت محكومة بعقيدة تقوم فقط على حماية رموز النظام وليس حماية الشعب.على عكس ما ادعاه حبيب العادلي في دفاعه من أن القوات خرجت لحماية المتظاهرين في حين أن مهمتها الرئيسية - وهو ما لمسته بنفسي خلال متابعتي لأحداث ميدان الجيزة القريب من منزلي في الثامن والعشرين من يناير 2011 - محددة بمطاردة المشاركين في التظاهرات العارمة وتوجيه أسلحتها باتجاههم لوقف تمددهم وإلا أجبني عن سؤال: من قتل ما يقرب من ألف شهيد في تظاهرات ثورة يناير؟.ثالثا: شخصيا أقف في الخانة المناهضة لجماعة الإخوان المسلمون، وكنت وما زلت متحمسا لثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتي نظرت إليها بحسبانها تصحيحا لمسار ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومع ذلك فإنني ضد كل ما تردد في الدفوع من محاولة إلقاء تبعة أحداث يناير على هذه الجماعة وعناصرها وقياداتها مما ينفي عنها صفة الشعبية، وكأنها كانت حصيلة تحركهم فقط. في حين أن الحقائق التي باتت معروفة أن الجماعة لم تشارك في الثورة إلا في يوم الثامن والعشرين من يناير فيما يسمى بجمعة الغضب بعد تردد من قياداتها واتخاذ شبابها قرار المشاركة بمنأى عن هذه القيادات. التي انتظمت فيما بعد في الثورة وفعالياتها مثلهم مثل الفصائل والقوى السياسية الأخرى. فضلا عن ذلك فإن محاولة الزج بأطراف إقليمية في تحريك وقائع الثورة ينطوي على إهانة للشعب المصري، الذي خرج بعفوية للمساهمة في هذه الثورة التي فجرها شباب المحروسة مستفيدين من وقائع ثورة تونس التي سبقت ثورتهم بأيام.إن الشعب المصري بطبيعته ثائر، وكانت ثمة مقدمات لثورة يناير منذ العام 2006 وربما قبل ذلك ولكن مع ظهور الجماعات الاحتجاجية. متمثلة في حركة كفاية ثم حركة السادس من أبريل وغيرها من التجمعات في شرائح مختلفة من المجتمع المصري، بدا واضحا أن النظام في طريقه للتهاوي خاصة أنه بدأ يلجأ إلى القبضة الأمنية المفرطة في معدل قوتها دونما رحمة مع تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد كل مناوئي النظام على نحو جعل من المحروسة بؤرة رعب للمعارضين، وبالتالي فإن الشعب بكل فئاته بات مهيأ للمشاركة في أي تحرك كبير لإسقاط النظام وهو ما تجلى أحداث ثورة يناير 2011.رابعا: قد تكون هناك اختراقات من قبل دوائر خارجية لتلك المجموعة المحدودة من الشباب أو تلك. فذلك وارد بالطبع، ولكنها لم تكن موجهة لنظام مبارك. فبطبيعته كان مواليا للغرب، بالذات الولايات المتحدة التي كانت تنظر إليه باعتباره حليفها المهم في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه كان الكيان الصهيوني يعتبره كنزا استراتيجيا له، وهو ما تجسد في مواقف واشنطن التي اتسمت بالكثير من التردد تجاه وقائع ثورة يناير، ولم تتخذ موقفا قاطعا إلا بعد رأت بأم عين إدارة الرئيس باراك أوباما من خلال التقارير التي كانت تتدفق ساعة بساعة من السفارة الأمريكية بالقاهرة أن ثمة إصرارا شعبيا غير مسبوق على ضرورة إسقاط النظام، وألفت في هذا السياق إلى أن واشنطن لم تبد اعتراضا على مشروع توريث نجل مبارك جمال للسلطة، بل استقبلته غير مرة للتعرف عليه وإحاطته علما بمتطلباتها في مرحلة ما بعد مبارك وهو ما ينفي تماما رواية المؤامرة الأمريكية على نظام مبارك، ولو أرادت إسقاطه لفعلت دون ضجيج وعبر رجالها الكثر داخل النظام. ولكنه كان يحقق أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وحافظ على مصالحها خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على أمن إسرائيل والانخراط دوما في كل مشروعاتها وحروبها في المنطقة، وفي مقدمتها حرب الخليج الثانية في العام 1991 ثم غزو العراق في العام 2003 خامسا: إن محاولة تجميل نظام مبارك عبر هذا التكثيف الإعلامي لبث ونشر دفوعات رأسه ووزير داخليته ومحامي الدفاع لن تجدي نفعا في ظل واقع ما زالت المحروسة تكابد تداعياته.. ولكن المخيف أن ثمة مقدمات تزامنت مع هذا السلوك الذي ليس من حقي توصيفه لأنه اتخذ بقرار من رئيس المحكمة التي تجرى بها محاكمة القرن منها الإفراج عن واحد من أهم رموز النظام رجل الأعمال أحمد عز قبل أيام بعد أن دفع كفالة قيمتها مائة مليون جنيه. فضلا عن تصدر رموز سياسية وإعلامية أخرى المشهد في المحروسة وحديثهم بنوع من الشعور بسطوة الانتصار. وهو ما باتت هواجس تنتشر في أرجائها بإمكانية إعادة إنتاج نظام مبارك خاصة مع القدرات المالية التي يمتلكها رجال أعماله وسياسيوه السابقون، مما يهيئ لهم فرصة الصعود إلى البرلمان المقبل بقوة. الأمر الذي يستوجب من القوى الثورية والسياسية أن تتحسب له وتعمل على بناء تحالفاتها القوية. فضلا عن الانتشار في المدن والقرى ومقاربة أحلام ومشكلات أبناء الشعب بدلا من تركهم عرضة لرشاوى بقايا نظام مبارك وهدايا جماعة الإخوان.

459

| 18 أغسطس 2014

فشل أهم أهداف العدوان

واحد من أهم أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة تمثل -وما زال- في تكريس حالة التقسيم بين الضفة الغربية والقطاع وإجهاض المصالحة الوطنية التي تحققت عبر تشكيل حكومة التوافق الوطني الأخيرة بعد اتفاق كل من حركتي فتح وحماس في شهر يونيو الماضي على إنجازها بعد سنوات من حالة مراوحة المكان الممزوجة باحتقان سياسي ساد العلاقة بين الحركتين على مدى السنوات السبع المنصرمة منذ استيلاء حركة حماس على القطاع وتشكيلها حكومة خاصة بها لإدارة شؤونه. وبوسعي القول على وجه اليقين إن المقاومة الصلبة التي أبدتها الفصائل الفلسطينية بالقطاع في مواجهة آلة الحرب الصهيونية المدججة بأشد العتاد فتكا مع أشكال المقاومة السلمية التي شاركت فيها فتح وغيرها من الفصائل في الضفة الغربية، نجحت في إسقاط هدف حكومة بنيامين نيتنياهو الموغلة في التطرف والرامي إلى وأد التوافق ومن ثم بقاء حالة التنائي بين جزئي الأراضي المتبقية من فلسطين التاريخية مشتعلة. لقد بدا واضحا أن القيادة الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود عباس أبو مازن أدركت ما وراء العدوان، فسارع بعد بدئه بأيام إلى التعامل مع مع قطاع غزة بحسبانه جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية وهو ما تجلى في حرصه على التوجه إلى الدوحة للقاء خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية – حماس – والذي وصف بأنه إيجابي، الأمر الذيشكل حائط صد في مواجهة محاولات المراهنة على تباين الموقف الفلسطيني.وعلى الرغم مما كان واضحا في مطلع الأحداث من تباين موقفي كل من القيادة الفلسطينية وقيادة حماس إزاء المبادرات السياسية المطروحة، خاصة المبادرة المصرية، فإنه كان ثمة توافق على المطالب الفلسطينية الضرورية التي يتعين أن تلبيها أي مبادرة للحل أو لوقف العدوان وهو ما تجلى في المقترحات التي أعلنتها القيادة الفلسطينية عقب جولة أبو مازن في كل من مصر وقطر والكويت والتي لم تخرج كثيرا عن مطالب فصائل المقاومة، بل تبنى اجتماع منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله -عقب عودة أبو مازن إليها من جولته العربية - هذه المطالب، خاصة فيما يتعلق برفع الحصار.ثم تجلت الخطوة الأهم في هذا السياق في قرار القيادة الفلسطينية مؤخرا تشكيل وفد موحد يضم ممثلين لكافة الفصائل، بما في ذلك حماس والجهاد واللتان أبدتا اعتراضا على المبادة المصرية للمشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار بالقاهرة وهو ما جسد وحدة الموقف الفلسطيني بكل تياراته، ليس على جوهر مبادرة القاهرة فحسب، وإنما إزاء التعاطي مع قضايا ما بعد العدوان على نحو يحول دون تكراره في المستقبل ويفتح أفقا سياسيا مغايرا للتعامل مع القضية الفلسطينية.وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو عقب تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية الحالية وضع أبو مازن أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس وفي ضوء الحسابات السياسية المعقدة في المنطقة وتوقعات ردود فعل حكومة هذا المتطرف المتحالف مع أحزاب المستوطنين والمتشددين اليهود كان بوسع القيادة الفلسطينية أن تتراجع عن المصالحة، ولكنها وفق الحسابات الوطنية والمبدئية، رفضت الاستجابة لضغوط نتنياهو وانحازت إلى خيار المصالحة، لأنه وحده هو الذي يحقق المصالح العليا للفلسطينيين، والتي تتجسد في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مع الإدراك بأنهم سيدفعون كلفة عالية، سواء من دمائهم وأرواحهم أو منشآتهم ومنازلهم وممتلكاتهم وبنيتهم التحتية ومزارعهم. وهو ما شاهدنا مظاهره في العدوان الشديد، والهمجية على قطاع غزة والقسوة المفرطة في مواجهة احتجاجات سكان الضفة الذين انتفضوا، ولو مؤقتا، على هذا العدوان.إن فلسطين التاريخية تعرضت لمؤامرة التقسيم وتحديدا في أعقاب حرب العام 1948 بعد صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيمها بين العرب واليهود، في قرار تجاوز كل حدود الشرعية الدولية وعكس توجها خطيرا في النظام الدولي الذي تشكل في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945 مؤداه الانحياز إلى اليهود من قبل الدول الكبرى المؤثرة في صياغة محددات هذا النظام. ومن اللافت أن كلا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كانا أول دولتين اعترفتا بكيان إسرائيل بعد إعلانه في الخامس عشر من مايو 1948، بل سارعتا مع أطراف دولية أخرى في تقديم العون السياسي والعسكري والاقتصادي، والذي ما زال مستمرا، خاصة في ضوء الدعاية الصهيونية الخاصة بمحرقة الهلوكست في ألمانيا النازية على أيدي أدولف هتلر إبان الحرب التي شنها على العالم آنذاك ولاشك أن فلسطين كانت من أوائل ضحايا اتفاقية سايكس بيكو بين كل القوتينالكبريين في مايو من العام 1916 وهما بريطانيا وفرنسا، فقد أدخلت ضمن منظومة النفوذ الإنجليزي، ثم خضعت لانتدابه بقرار من عصبة الأمم في أعقاب الحرب العالمية الأولى ولكن التطور الأخطر الذي تسبب في كل التداعيات التي يعاني منها الفلسطينيون حتى هذه اللحظة تمثل في وعد بلفور في السابع عشر من فبراير من العام 1917 والذي تضمن وعدا من الحكومة البريطانية – التي لا تملك الحق- بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين – الذين لا يستحقون - بعد تعثر أو فشل محاولات أخرى للمنظمة الصهيونية العالمية في مناطق أخرى من العالم. وثمة حقيقة يتعين أن يتوقف لديها من يتعاملون مع العدوان الصهيوني على غزة باستخفاف ويدخلونه ضمن دائرة الاستقطاب السياسي والأيدلوجي إلى حد إعلان التشفي في حركة المقاومة الإسلامية - حماس – وغيرها من فصائل المقاومة مؤداها أن إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين استهدفت أول ما استهدفت - وما زالت - الفصل بين مصر ومشرقها العربي، ثم مقاربة الحدود المصرية، بل وتجاوزها مثلما حدث في عدواني 1956 و1967 عندما اخترقت قوات هذا الكيان أراضي سيناء أي.المسألة بوضوح مرتبطة بمحددات الأمن القومي المصري، واللافت أن هذا الكيان، رغم اتفاقية السلام الموقعة في العام 1979، ما زال ينظر إلى مصر بحسبانها الخطر الرئيسي، إن لم يكن الأوحد، وما زالت عقيدة جيشه القتالية ترتكز على هذا المفهوم. وبالتالي فإنه من الضرورة بمكان إدراك هذه الحقيقة وغيرها من الحقائق الواضحة وغير الملتبسة في الصراع العربي الصهيوني، حتى يمكن تحديد اتجاه البوصلة وينأى البعض الذين ظهروا في المشهد الإعلامي مؤخرا من السقوط في مستنقع الارتماء في خانة العدو، سواء بقصد أو دون قصد.

465

| 11 أغسطس 2014

أيام الدم والجمر في غزة

شاهدت على شاشات المحطات الفضائية من وقائع القتل الممنهج والشديد القسوة من قبل قطعان بني صهيون في قطاع غزة ما يندى له الجبين الإنساني. وبالطبع هم مجردون من كل إنسانية ولا يهمهم مثل هذا الخطاب. وهو ما يؤكده وجودهم غير الشرعي في فلسطين. كل فلسطين. منذ أكثر من قرن مارسوا فيه أبشع أشكال الاغتصاب للحقوق والانتهاك للأرض والحجر والشجر. هل رأيتم في التاريخ الإنساني وقائع تشبه وقائعهم؟ لا أظن. وما صرخ به غير فلسطيني وفلسطينية فقدوا أحبتهم شهداء أو جرحى أو فقدوا مأواهم الوحيد في القطاع لا يعبر سوى عن بعض الألم لكن كل الألم مازال مستورا في الأفئدة سيخرج يوما عندما تهب رياح انتفاضة حقيقية أو حراك شعبي حقيقي منظم ومرتب له ليقتلع جذور هذا الاحتلال الأسود والهمجي والدموي والذي لا ينهض أو يستمر إلا على جماجم الفلسطينيين خاصة أطفالهم ونساءهم وكبارهم وبالتأكيد شبابهم مثلما شاهدنا من عمليات إبادة جماعية في مناطق خزاعة والشجاعية ورفح وغيرها من مناطق ومدن قطاع غزة الأسطوري في صموده.كانت صرخات رجال ونساء غزة موجهة إلى العرب. الأشقاء العرب. متسائلة عن سر غيابهم عن المشهد. عن مبرر لوقوفهم عاجزين عن أي فعل إيجابي ينقذهم مما هم فيه. عن شهامة كانت سائدة في الأزمنة القديمة وفي التاريخ القريب. لكنها الآن باتت مغيبة إلا من بيان هنا أو استنكار هناك. أو حتى إرسال كميات من الأغذية والأدوية إلى سكان القطاع وأحسب أن هذه التساؤلات والصرخات صحيحة لأن الأشقاء العرب لم يقدموا منذ عقد الاجتماع الطارئ لوزراء خارجيتهم في القاهرة بعد اندلاع العدوان في الثامن من يوليو الماضي بحوالي أسبوع. ما يمكن اعتباره رادعا لعدوان قطعان بني صهيون على غزة إن لم يسهم في إطالة أمده بما نتج عنه من قرارات هزيلة انصبت في أغلبها. فضلا عن المطالبة اللفظية بوقف العدوان. على التوجه إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة لممارسة الضغوط على الكيان لوقف عدوانه.لقد جاء إلى المنطقة جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة وأخذ يتحرك بين القاهرة ورام الله والقدس المحتلة وباريس. وهو الأمر نفسه ما فعله بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة . وإن لم يشارك في اجتماع باريس ولم تسفر جهودهم وجهود غيرهما من الأطراف الدولية التي توصف في العادة بأنها تمتلك أدوات التأثير في المشهد الإقليمي إلا عن "تهدئات إنسانية"لا تستمر سوى بضع ساعات وفي بعض الأحيان أقل من ذلك بكثير ثم يسارع قطعان بني صهيون إلى خرقها وممارسة آلة القتل والتدمير في شعب أعزل ومنازل غير محصنة.شخصيا ليس لدي ثقة في المدعو كيري أو أركان إدارة أوباما أو غيره من الإدارات السابقة واللاحقة. فكلهم عناوين فضفاضة لقوة دولية سرعان ما تنكمش أمام الوحش الصهيوني الرابض في مجموعات الضغط بواشنطن. ورجال الأعمال اليهود المتوغلين في أهم قطاعات الاقتصاد الأمريكي والقادرين على التأثير على المسارات الانتخابية سواء على مستوى التشريع أو الرئاسة. لذلك فالكل يضع اعتبارا لأموالهم وتأثيرهم. ومن ثم ليس ثمة مجال لإغضاب الكيان أو دفعه لاتخاذ خطوات تتعارض مع مشروعه الاستعماري الاستيطاني في فلسطين وفي عموم المنطقة العربية. ولا أظن أن أفضل دليل في هذا السياق يتمثل في قيام الكونجرس باعتماد المبالغ المطلوبة لتعزيز فعالية القبة الحديدية في الكيان. والتي لم تظهر بصورة أكثر نجاعة في مواجهة صواريخ المقاومة. وإن لم تخني الذاكرة. تجاوزت الـ700 مليون دولار. بالإضافة إلى الموافقة على طلب لحكومة الكيان بتزويد جيشها بكميات إضافية من الذخائر وهي بالمناسبة مخزنة في فلسطين المحتلة 1948 لحالات الطوارئ التي تتعلق بخطط الولايات المتحدة في المنطقة. لكن إدارة أوباما رأت أن يتم تقديم الكميات المطلوبة من هذه الذخائر المخزنة التي سيتم تعويضها لاحقا من مخازن البنتاجون في واشنطن وغيرها من المدن الأمريكية . فهل ثمة ما هو أبشع من ذلك. ثم تريدني أن أقتنع بمصداقية تحرك واتصالات كيري لوقف إطلاق النار. بينما إدارته تصب المزيد من الزيت والوقود والذخائر عير ما تزود به الكيان من أفتك الأسلحة والعتاد العسكري. هل هذا هو دور الوسيط النزيه الذي ارتضاه العرب للأسف منذ التوقيع على اتفاقيات السلام المشؤومة. بداية من كامب ديفيد مرورا بوادي عربة وصولا إلى أوسلو. فضلا عن ذلك فإن كيري نفسه هو الذي عجز عن تحقيق وعوده بالدخول في مفاوضات سلام ثنائية بين دولة فلسطين. والكلام من عندياتي فإدارته لا تعترف بإطلاق مسمى الدولة على السلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن – والتي استغرقت تسعة أشهر. دون أن يتمكن من تحريك الموقف الصهيوني سنتيمترا واحدا باتجاه ما تم التوافق عليه من مبادئ وقواعد قبل البدء في المفاوضات. فكيف يكون قادرا وإدارته منحازة بكل هذا القدر من الانحياز وإعلانها في أوج العدوان أنها ملتزمة بأمن الكيان على تحقيق وقف إطلاق النار. بل إن أوباما هو صاحب فكرة نزع أسلحة المقاومة في غزة. وهو ما جعل منها. كبير قطعان بني صهيون بنيامين نتنياهو.عنوانا لطروحاته في معالجة الأزمة من منظوره المتطرف والمجرد من الإنسانية. على نحو تجاوز بكثير ممارسات أدولف هتلز الزعيم النازي الألماني في ثلاثينيات القرن الفائت أما بالنسبة للأمم المتحدة فإنه رغم النوايا الحسنة لأمينها العام "بان كي مون: "صاحب الابتسامة المرسومة بإتقان ولكن من دون أي حرارة ولا تعرف لمن هي موجهة. فإن معضلته الكبرى تكمن في أن يردد طروحات تساوي دوما بين الضحية والجلاد القاتل والمقتول وهو ذات الكلام الذي تسوقه الدبلوماسية الأمريكية والغربية في كل المناسبات والحروب التي وقعت بين العرب والفلسطينيين من ناحية وقطعان بني صهيون. فمن الضروري مراعاة حق الكيان في الوجود أو في الدفاع عن ذاته والمحافظة على أمنه. وعليه في المقابل أن يتوقف عن القتل المفرط وحتى عندما دكت مقاتلاته المدارس التابعة للأونروا وهي المنظمة الدولية المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة والتي تستجدي موازنتها. لم نقرأ إلا بيانات فضفاضة من قبل كي مون وغيره من مسؤولي المنظمة الدولية. دون أن يكون ثمة تهديد واضح باتخاذ إجراءات محددة ضد الكيان في حال تكراره قصف هذه النوعية من المدارس التي تؤوي آلاف النازحين عن منازلهم المدمرة في قطاع غزة.إذا كانت ملامح أيام الدم والجمر والعدوان في غزة على هذا النحو فمن ينقذهم؟ليس أمام الشعب الفلسطيني. سواء في ضفته أو في قطاعه إلا الاعتماد على الله ثم على نفسه. مستمرا في صموده مبدعا أشكالا جديدة من المواجهة مع العدو قد تصل في مرحلة لاحقة -إن لم تسفر اجتماعات القاهرة التي يشارك فيها وفد فلسطيني. ممثلا لكافة الفصائل بما في ذلك حماس والجهاد عن نتائج جادة لوقف العدوان على قواعد تتلامس مع المطالب المشروعة لهذا الشعب – إلى مستوى إطلاق انتفاضة ثالثة تقوم على المواجهة السلمية لإحراج العدو وهي تلوح نذرها في الأفق.

520

| 04 أغسطس 2014

alsharq
العدالة التحفيزية لقانون الموارد البشرية

حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...

8853

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

5505

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

4998

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

2631

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2508

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1791

| 10 أكتوبر 2025

1737

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1716

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1416

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...

1110

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

966

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...

954

| 09 أكتوبر 2025

أخبار محلية