رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الدوحة تجمع العالم لترسيخ العدالة

منتدى الدوحة منصة عالمية لصناع القرار.. الدوحة تجمع العالم لترسيخ العدالة ■ترسيخ العدالة يحتاج إلى تكاتف الجهود وتعزيز التنمية ■لا سلام يتحقق بدون عدالة ولا ازدهار يكتمل بدون تنمية ■منتدى الدوحة إنجاز جديد في رصيد الدبلوماسية القطرية اجتمع العالم في الدوحة تحت عنوان «ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى واقع ملموس» وهو اختصار لجوهر الأزمات والنزاعات التي تعصف بدول العالم في مختلف القارات، فمتى ترسخت العدالة استقامت الأمور واستقرت الاضطرابات وهدأت الصراعات. في منتدى الدوحة اجتمع رؤساء الدول والحكومات وقادة المنظمات الإقليمية والدولية والمدنية لمناقشة قضية ترسيخ العدالة من مختلف المحاور وعبر جلسات متعددة للوصول إلى أفكار يستند إليها صناع القرار لتحويل العدالة إلى واقع ملموس. إن قضية ترسيخ العدالة تعتبر إضافة مهمة إلى المسؤوليات الجسام التي برعت قطر في تحملها، ودورا جديدا يضاف إلى الأدوار الناجحة والمميزة التي تقوم بها الدبلوماسية القطرية في الوساطات التي أصبحت إحدى أبرز ركائز السياسة الخارجية القطرية. وكما قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، إن «منتدى الدوحة ينعقد هذا العام في ظروف إقليمية ودولية تحتاج إلى تكاتف جميع الجهود لخفض التوتر، ودعم السلام والاستدامة في منطقتنا والعالم، من خلال ترسيخ العدالة، وتعزيز التنمية الإنسانية ومبادئ الحلول السلمية لمختلف النزاعات». إن تكاتف الجهود هي الأولوية المطلوبة من الجميع لترسيخ العدالة، فلا سلام يتحقق بدون عدالة، ولا ازدهار يكتمل بدون تنمية، وهذا ما تتمحور حوله المناقشات والجلسات في منتدى الدوحة الذي أصبح منصة عالمية جامعة. وهنا لابد من التوقف عند النجاح الكبير الذي حققه منتدى الدوحة على مدى 23 عاما حتى أصبح المنتدى الأول والأكثر استقطابا من خلال الأرقام القياسية التي حققها عاما بعد عام، وتطور بشكل مبهر حتى وصل في نسخته الحالية إلى 471 متحدثاً من نحو 160 دولة وعقد 125 جلسة، وحضور ومشاركة أكثر من 6 آلاف شخص، بينهم رؤساء دول وحكومات ومسؤولون عرب وأجانب وقادة منظمات دولية، أبرزهم الرئيس السوري أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية د. نواف سلام و19 وزير خارجية أبرزهم وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس. كذلك يحضره رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريندي، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت بيل غيتس. ولعل ما يؤكد اتساع النطاق العالمي للمنتدى أن هناك زيادة ملحوظة في عدد المشاركين الدوليين الذين اختاروا الحضور إلى الدوحة بمبادرات شخصية، فضلا عن الزيادة الكبيرة في إبداء الاهتمام بالمنتدى والتفاعل مع الموقع الإلكتروني الرسمي للمنتدى. إن مسيرة منتدى الدوحة حافلة بالنجاحات واستطاع المنتدى منذ انعقدت نسخته الأولى عام 2001، استقطاب كبار الرؤساء والزعماء والقادة ليصبح منصة عالمية للحوار تجمع صناع القرار لمناقشة التحديات الكبرى في العالم، والتي تقود إلى صناعة السياسات ووضع توصيات عملية قابلة للتنفيذ. كما أن منتدى الدوحة امتاز بتزامنه مع نسخة شبابية تتيح أوسع مشاركة للشباب من حول العالم للخوض في مناقشة القضايا العالمية والإقليمية، وإبداء وجهات نظرهم وهي وجهات تستحق التقدير وجديرة باهتمام صناع القرار، كون هؤلاء الشباب يشكلون ركيزة أساسية لصناعة المستقبل وقيادة الغد. إن استمرار انعقاد نسخ هذا المنتدى طوال أكثر من عقدين من الزمن، وبهذا الزخم الكبير من المشاركين، رغم كل التحديات والأزمات والصراعات التي عصفت بالإقليم وعلى المستوى العالمي، يحمل دلالة واضحة على الإرادة الحقيقية لدولة قطر بالمضي قدما نحو تحقيق الأمن والسلام والاستقرار، والانحياز التام إلى الإنسان، وبذل كل ما تستطيع من أجل إبعاد الصراعات والحروب عن المجتمعات. هذه المزايا التي ينفرد بها منتدى الدوحة تجعله كما قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية: «منصة لتعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمعات والمنظمات الإنسانية لتحقيق مجتمع أكثر إنصافًا وأمناً». لقد توج منتدى الدوحة مسيرته بهذه النسخة التي تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وشمل افتتاحها بحضوره ورعايته. كما استحقت عن جدارة النجاح من خلال الموضوع الذي اختارته وهو ترسيخ العدالة وتحويلها إلى واقع ملموس، وهذا الموضوع الجوهري تتفرع منه كل التحديات والأزمات، وهذا ما أشار إليه معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية أن «الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام». وتكمن مشكلة العالم في غياب العدالة، والإفلات من العقاب وتقاعس القانون الدولي عن المساءلة ولذلك يقول معاليه: «نحتاج إلى إعادة الثقة بالقانون وإلى منظومة دولية أكثر عدلاً». وهذه الثقة تتطلب الكف عن ازدواجية المعايير وترجمة الأقوال إلى أفعال. منتدى الدوحة في نسخته الثالثة والعشرين إنجاز مهم يضاف إلى إنجازات الدبلوماسية القطرية التي أبهرت العالم بقدرتها على ابتكار الأفكار وترجمة الجهود في وساطات ناجحة تطوي النزاعات وتفتح صفحة الحلول والتسويات الحقيقية، النابعة من معالجة جذور الأزمات، بعيدا عن المهدئات أو التوقف الوقتي للصراعات.

264

| 07 ديسمبر 2025

مرحباً بالأشقاء في كأس العرب

■الشعوب العربية تلتقي بودٍ ومحبة بعيداً عن "صداع" السياسة وتقلباتها ■تواجد أعداد غفيرة من الجماهير يجسِّد اللُّحْمَة العربية ■قطر بوصلتها مركزة على جمع العرب ونبذ الخلافات وتبذل الجهود لأجلها ■شبابنا بحاجة إلى لقاءات مباشرة بدلاً من الفضاء الرقمي الذي يثير النعْرَات ■نحن بحاجة إلى كسر الحواجز وبناء علاقات أخوية بين الشباب العربي ■ما أحوج شعوبنا "المُتْعَبَة" لمساحات من الطمأنينة بدلاً من "غبار" يلفُّ سماءنا العربية ■الدوحة تحتضن الأشقاء بدفء وحميمية وترحب بحضورهم كأنهم أهل المكان وأصحاب الدار بادئ ذي بدء.. يا هلا ومرحباً بالأشقاء من جميع الدول العربية في بلدهم وبين أهلهم في دوحة الجميع .. كم هو جميل هذا الجمع الكبير لأشقائنا العرب هنا في قطر.. شوارع قطر لا تزدان بأعلام الدول العربية فحسب، بل هي اليوم تجسد اللُّحْمَة العربية في أبهى صورها من خلال هذا التواجد الكبير لمختلف الجماهير العربية، وفي لقاءاتها العفوية خارج مدرجات الملاعب.. في سوق واقف.. في كتارا.. في الميناء القديم.. في مشيرب.. على كورنيش الدوحة.. وفي المولات والأسواق والشوارع المختلفة داخل الدوحة وخارجها. تلتقي الشعوب العربية بودٍّ ومحبةٍ بعيداً عن "صداع" السياسة العربية وتقلباتها، التي لطالما "أسقطت" على الشعوب، وأقحمت فيها، وهي لا ناقة لها فيها ولا جمل. هي قطر.. هي الدوحة دائماً تحتضن الأشقاء بدفء وحميمية، احتضان أخوي، وترحيب يُشْعر الحاضرين بأنهم أهل المكان، وأصحاب الدار... كأس العرب التي أحيتها قطر منذ أعوام أربعة، بروح جديدة، وتنظيم مميز، وملاعب عالمية، وبُنى تحتية بمواصفات نوعية، وتسهيلات فوق الوصف، يجعل من هذه البطولة مقصداً شعبياً، ليس من أجل التنافس على "الكأس"، بل قبل ذلك من أجل لقاءات الشعوب التي يتلهف الجميع لها، فما أجملها، وما أجمل تلك الجلسات التي تجمع السعودي بالمصري بالسوداني بالمغربي بالفلسطيني بالإماراتي بالبحريني بالتونسي بالعماني باليمني بالأردني بالكويتي باللبناني بالجزائري بالليبي بالعراقي بالسوري بالموريتاني بالصومالي بالجيبوتي بجزر القمر.. باحتضان أخوي قطري. هذه اللقاءات هي التي تتطلع لها الشعوب العربية، في لحظات صفاء ومودة ومحبة، وما أحوج شعوبنا "المُتْعَبة" إلى هذه المساحات، وما أحوجنا في العالم العربي كله أن نُوجِد ملتقيات ومناسبات تستظلُّ بها هذه الشعوب، تتنفس روحاً نقية، بدلاً من "غبار" يلفُّ سماءنا العربية. لماذا لا يستمتع الشاب العربي بالمرافق عالية الجودة، والإمكانات الكبيرة، التي تتوفر في أوطاننا، وما أكثرها، وأن نتيح لهم فرصاً من الإبداع ليس فقط في الملاعب الرياضية، إنما في كل القطاعات، ويمكن أن تكون هذه الملاعب مكاناً لتنفيذ كل الأنشطة والفعاليات، وألا تكون مقتصرة على حدث يُقام كل عام أو عامين. أتذكر قبل استضافة قطر لبطولة كأس العرب في 2021، والتي تمثل إحياء لهذه البطولة بهذا المستوى من التنظيم العالمي، أن المسؤولين القطريين أكدوا أن هذه الملاعب العالمية التي أعدتها دولة قطر لاستضافة بطولة كأس العالم 2022، سوف يجربها الشباب العربي، وصدقت قطر بما وعدت كعادتها، فكانت بطولة كأس العرب في 2021 التي سبقت كأس العالم 2022. نحن اليوم بالفعل نعيش أجواء مقاربة لأجواء كأس العالم من حيث الحضور الجماهيري، الفرق أن جميع من يجتمعون هنا بالدوحة هم الأشقاء، في القُرْبَى وصِلَة الرَّحم والنسب، مهما بعُدَت بينهم المسافات، أو فَرَّقَتْهم الجغرافيا، وحَدَّت من تواصلهم الحدود. قطر التي دائماً بُوصْلَتها مركزة على وحدة العرب، ونبذ الخلافات، والتوحد في صف واحد، لأننا أمة واحدة، تبذل كل ما في وسعها من أجل تجميع الشعوب، وتقريب الدول، ولطالما أثمرت جهودها الخَيِّرَة عن نجاحات نفتخر بها، وتفتخر بها شعوبنا العربية جمعاء، لأن هدفنا جميعاً: أمة واحدة من المحيط إلى الخليج. قطر بقيادتها الرشيدة تعمل من أجل جمع العرب، وبثّ روح الأمل في الشعوب، وتوفير كل السبل التي تذلل الصِّعَاب، ووضع الإمكانات لكي يستفيد منها أبناء أمتنا، ليس فقط في قطاع الرياضة وعالم الرياضيين، إنما من يتابع التوجهات القطرية يلحظ بوضوح هذا المسعى النبيل لتسخير الإمكانات من أجل الشباب العربي ورفعته وإبداعه وتمكينه من بناء مستقبل مشرق يليق بأمتنا وتاريخها وحضارتها. العرب هي الأمة الوحيدة ـ إضافة إلى عالمنا الإسلامي ـ التي تبلغ نسبة الشباب فيها أكثر من 60 %، وهو ما يعني أنها أمة "شابة"، أمامها المستقبل، وهو ما يفرض على دولنا أن تعتني بهذه الثروات الحقيقية، وأن توفر لها البيئات الصالحة للنهوض بأوطانها، وقيادة مسارات التنمية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاهتمام بهم في جميع الفئات العمرية (بنين وبنات)، وفي جميع المجالات. التقيت عدداً من الشباب العربي، والكثير منهم يتذكر أحداثاً ومواقف ولحظات جميلة في كأس العرب 2021 وكأس العالم 2022، وأنه اليوم بالدوحة يسترجع هذه الأحداث، ويثق أن نسخة 2025 ستضيف الكثير إلى ذكرياته ومخزونه الفكري وعلاقاته الجديدة مع أشقاء آخرين من أقطار عربية يلتقي بهم لأول مرة. الشباب بأمسِّ الحاجة في عالمنا العربي إلى لقاءات حُضُورية في عالم الواقع، بدلاً من "الفضاء" الذي في كثير من الأحيان يحمل "الغَثَّ" ويثير النَّعْرَات والصراعات، مع وجود آلاف الحسابات والمنصات التي تخلق الفتن، وتعمل على خلق المزيد من المشاكل بين الشباب العربي. نحن بحاجة إلى كسر الحواجز الموجودة، وبناء علاقات أخوية بين الشباب في عالمنا العربي، لأنهم يشكِّلون اليوم نصفَ الحاضر، وكلَّ المستقبل، وسيكون من بينهم صُنَّاع قرار، وقادةً في مجالات شتى تستند إليهم الأوطان في نهضتها. قطر تَسْعَدُ بكم أيها الأُخْوَة الكرام، ودوحتها تزدان بكم حُباً ومودَّة وكرامة.. فمرحباً بكم في بلدكم وبين أهلكم.

381

| 01 ديسمبر 2025

خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية خريطة طريق حقيقية للمجتمع الدولي للنهوض بمسيرة التنمية العالمية الشاملة، فقد عبّر سموه بلغة واضحة عما هو مطلوب لتعزيز التنمية الاجتماعية على مستوى العالم، واختصر الكثير، ودون مقدمات، فإن الطريق لتحقيق النجاح على صعيد التنمية المنشودة التي تتوافق مع أهداف التنمية الأممية المستدامة، هو ترجمة الالتزامات التي تتعهد بها الدول إلى واقع ملموس، تعيشه المجتمعات والشعوب التي هي بحاجة إلى دعم ومساندة. لقد حملت كلمة سمو الأمير المفدى مضامين ومواقف تشخص بوضوح مكامن الخلل التي تعترض مسيرة التنمية الاجتماعية على الصعيد الدولي، إضافة إلى ضرورة ترجمة الالتزامات التي تتعهد بها الدول، فإن هناك عنصرا حاسما في إيجاد وبناء هذه التنمية في المجتمعات، ألا هو السلام والاستقرار، فلا تنمية اجتماعية دون تحقيق هذين الأمرين، فأي تنمية سوف تنهار مع أول طلقة رصاص تؤشر لعدم استقرار في مجتمع يتعرض لذلك. لقد اختار سمو الأمير المفدى أن يضع المجتمع الدولي والمشاركين في القمة أمام حقيقة ساطعة وهي: «لا يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية في المجتمعات من دون السلام والاستقرار.» هذه العبارة تشخص التحدي الكبير الذي يواجه التنمية وهو استمرار النزاعات والصراعات، فلا سبيل لإطلاق عجلة التنمية بدون وقف الحروب، وخصوصا الحرب في السودان التي صدمت العالم بهول الفظائع التي ارتكبت في مدينة الفاشر في إقليم دارفور، كما وصفها سمو الأمير المفدى. هذا الموقف القوي والمدوي لسمو الأمير المفدى تجاه الحرب المستمرة في السودان، كان بمثابة لفت أنظار العالم حتى يتوقف عن تجاهل أهوال الحرب الدائرة في السودان الشقيق، حيث تساءل سموه: «وهل كنا بحاجة إلى دليل آخر لندرك أن تجاهل العبث بأمن الدول وسيادتها واستقرارها، وسهولة إدارة الظهر للحروب الأهلية وفظائعها لابد أن يقود إلى مثل هذه الصدمات». كان موقف سمو الأمير واضحا وحاسما تجاه ضرورة الوقف الفوري للحرب، حيث يعيش السودان وأهله أهوال هذه الحرب منذ عامين ونصف العام، ولذلك أطلق سموه دعوة صريحة لإنهائها، وقال: «آن الأوان لوقفها، والتوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.» وكما كانت فلسطين على الدوام في قلب سمو الأمير المفدى وعقله قبل خطاباته ومواقفه، فإنها كذلك في خطابه أمام قمة التنمية العالمية، فعندما يكون الحديث عن التنمية والسلام، فمن المؤكد أن تكون فلسطين الحاضر الدائم في جميع خطابات وكلمات سمو الأمير المفدى، ومن جميع المنابر والمحافل، لذلك خصص سموه حيزا من كلمته عن معاناة الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى «أن الشعب الفلسطيني الشقيق يحتاج إلى كل دعم ممكن من أجل معالجة الآثار الكارثية التي خلفها العدوان الإسرائيلي الغاشم، والتصدي لعملية بناء نظام فصل عنصري في فلسطين.» وبما أن التنمية في غزة تبدأ بإعادة الإعمار، فقد توجه سمو الأمير المفدى بدعوة «المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني لإعادة الإعمار وتأمين الاحتياجات الأساسية لهذا الشعب الصامد حتى تحقيق العدالة وممارسة حقوقه المشروعة على أرضه ووطنه.» ولعل جوهر كلمة سمو الأمير المفدى كانت حول التنمية التي يخاطب قمتها العالمية، حيث وجه سموه مسار المناقشات في القمة من خلال عبارته التي أكدت أن «التنمية الاجتماعية ليست خيارا، بل هي ضرورة وجودية» فالتنمية لا يمكن التعامل معها كمشكلة اجتماعية تضاف إلى عشرات المشاكل، بل هي الركيزة الأولى لحياة آمنة ومستقرة ومزدهرة لجميع الشعوب والمجتمعات، وبلوغ هذا الهدف يتطلب مواجهة تحديات تحقيق التنمية الاجتماعية: كالفقر، والبطالة، والتفاوت الاجتماعي، ولذلك أكد سموه أمام المشاركين في القمة أن مواجهة التحديات «تتطلب تعاونا وتضامنا فعالا». وما يميّز هذه القمة أنها مجموعة «قمم» في قمة، بمعنى أنها ليست قمة سياسية، وإن كانت هي كذلك، وليست قمة اقتصادية فقط، وإن كانت هي كذلك، وليست قمة تعليمية وإن كانت هي كذلك، وليست قمة صحية وإن كانت هي كذلك.. هي تجمع كل الأطراف المعنية بكل هذه القطاعات، من قادة الدول ورؤساء الحكومات وكبار المسؤولين وصناع القرار في القطاعين العام والخاص، ورجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والخبراء والأكاديميين.. كل هؤلاء اليوم يتواجدون في منصة واحدة، ويطلقون نداء موحدا، من أجل مجتمعات تتطلع أن تعيش شعوبها بحياة كريمة. إن إعلان الدوحة يعد إنجازا كبيرا، وخريطة طريق لمواجهة تحديات التنمية، وتجاوز الثغرات التي حالت دون تنفيذ إعلان كوبنهاغن، عندما عقدت القمة العالمية الأولى في 1995، ولذلك نوه سمو الأمير بأهمية إعلان الدوحة كونه «ثمرة عمل دؤوب ومشاورات مكثفة انعقدت في نيويورك، معتبرا أن الإعلان يشكل وثيقة طموحة لتحقيق التنمية الاجتماعية المنشودة»، مؤكدا سموه أنه سيعطي زخما لتسريع تنفيذ خطة 2030، وسيمثل خريطة طريق، وأساسا متينا لمعالجة قضايا التنمية، لاسيما الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي. لقد تحدث سمو الأمير المفدى عن اعتزازه باستضافة هذه القمة والشراكة مع الأمم المتحدة، لكن من أبرز نقاط الاعتزاز هو النجاح الكبير في مسيرة التنمية في قطر، مشيرا سموه إلى تقدمها الواضح وفقا للمؤشرات الصادرة من المؤسسات الدولية المعنية، مؤكدا العمل الدؤوب لتعزيز التنمية البشرية وتحسين جودة الحياة، والرفاه والازدهار، وتطوير جودة التعليم والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية والأسرية والحماية الاجتماعية. وقد حرص سمو الأمير أن يعلن أن إستراتيجية التنمية الاجتماعية تقوم على الانتقال من الرعاية إلى التمكين مؤكدا أن «أهم ركائزها بناء مجتمع متماسك قائم على العدالة وتكافؤ الفرص والتمكين الإنساني وبما يتوافق مع إستراتيجيات الدولة ورؤيتها الوطنية 2030.» لقد حفلت كلمة سمو الأمير في القمة الثانية للتنمية الاجتماعية بالكثير من المواقف والرسائل المهمة التي ستبقى أصداؤها تتردد وتتفاعل في المجتمع الدولي.

1341

| 05 نوفمبر 2025

العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.

2484

| 04 نوفمبر 2025

الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أمس في قاعدة العديد الجوية ليمثل أكثر من مجرد توقف للرئيس الأمريكي في طريقه إلى ماليزيا أولى محطاته الآسيوية حيث سيحضر قمة إقليمية. لقاء سمو الأمير وترامب هو الثالث بين الزعيمين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في فترته الرئاسية الثانية وهي المرة الثانية التي يزور فيها الرئيس ترامب الدوحة خلال عام 2025 بعد زيارته الأولى في مايو 2025، والتقى الزعيمان في شرم الشيخ في 13 أكتوبر الجاري خلال قمة اتفاق غزة، تأكيداً على دور قطر المحوري، ومكانتها العالمية، بفضل قيادتها الحكيمة وسياستها العقلانية الراشدة، التي جعلت من الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصنّاع قراره على مستوى العالم. وخلال اللقاء الذي جرى في قاعدة العديد الجوية، رحَّبَ سمو الأمير بفخامة الرئيس الأمريكي والوفد المرافق له، معربا سموه عن سعادته بلقاء الرئيس خلال مروره بدولة قطر، مؤكدا حرصه الدائم على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ودفعها إلى آفاق أرحب، متمنيا سموه لفخامة الرئيس والوفد المرافق له رحلة موفقة. وكما أكد سمو الأمير فإن اللقاء كان فرصة طيبة لمناقشة خطط السلام في الشرق الأوسط، ومتابعة تثبيت اتفاق إنهاء الحرب في غزة، والحديث عن آفاق التعاون الإستراتيجي الذي يجمع بلدينا الصديقين. وبالإضافة لاستعراض العلاقات وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف مجالات الشراكة، فإن اللقاء شكَّل فرصة مهمة لمناقشة تطورات الأوضاع الراهنة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصا ما يتعلق بدعم السلام في المنطقة، وترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان تنفيذ الأطراف لكل بنوده. ما أكده الرئيس ترامب خلال توقفه في الدوحة يعكس حقيقة وقناعة أمريكية بأن دولة قطر حليف عظيم للولايات المتحدة وهو التصريح الذي تناقلته وكالات الأنباء والمواقع العالمية اعترافاً بدور قطر في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث أكد الرئيس ترامب من على متن الطائرة الرئاسية في الدوحة «لدينا حليف عظيم، إن الشرق الأوسط آمن الآن ويجب أن يبقى كذلك»، مضيفا القول: «بما أننا هنا معا نود أن نعرب عن شكرنا لكم». كان يمكن للرئيس ترامب أن يتوقف في أي عاصمة وهو في طريقه إلى ماليزيا لكن اللقاء يعكس العلاقة الوطيدة بين الدوحة وواشنطن وحرص الرئيس ترامب على توطيدها من خلال الزيارات والاتصالات المباشرة، كما يعكس اهتمام الزعيمين المباشر بمسار تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ ووقعه الزعيمان مع كل من رئيسي مصر وتركيا، وهو اعتراف بالدور الكبير الذي تقوم به الدوحة من خلال جولات التفاوض والجهود الدبلوماسية المكوكية التي قامت بها دولة قطر وأفضت إلى الوصول إلى الاتفاق. ربما العمل معاً (سمو الأمير والرئيس ترامب) في ملف غزة، كشف بوضوح أكثر للولايات المتحدة وللرئيس ترامب تحديداً، ما تتمتع به القيادة القطرية من بُعد نظر، وسياسة حكيمة، ورؤية سديدة في تعاملها مع إيجاد مقاربات جادة لوقف الحرب على غزة، وكيفية التعاطي مع كل العقبات التي اعترضت التوصل إلى حل، إلا أن إدارة سمو الأمير المفدى شخصياً لملف وقف الحرب، أظهر للرئيس الأمريكي الذي عمل بصورة قريبة في الوساطة الثلاثية قطر وأمريكا ومصر، ولاحقاً تركيا، ما يتمتع به سمو الأمير من قيادة واعية لمتطلبات إيجاد حل لوقف العدوان على غزة. لقاء تجديد وتأكيد الشراكة القطرية الأمريكية رسالة لكل الأطراف بما فيها اليمين الإسرائيلي بحضور البلدين قطر والولايات المتحدة لبناء شرق أوسط آمن لن تقبل الدولتان أن تخربه إسرائيل بممارسات عبثية، كما ستستكمل الدولتان جهود تثبيت وقف إطلاق النار ونزع فتيل الأزمات. عندما يجلس الزعيمان معاً وللمرة الثانية خلال أقل من شهر فإن اللقاء يعكس جهوداً مكثفة وتنسيقاً دقيقاً لا يكتفي بالاتصالات المستمرة لمناقشة عن قُرب لملف تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وإعادة إعمار القطاع والاستماع إلى رؤى لما قد يعوق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في المرحلة الأكثر تعقيداً بعد الاتفاق، وهو اهتمام مشترك يحقق رؤية قطر في تثبيت وقف إطلاق النار مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وأهمها حقه في تقرير مصيره. انخراط قطر وأمريكا في ملفات استقرار الشرق الأوسط لا تنفك عن انخراط البلدين أيضاً في ملفات تحقيق الاستقرار في مناطق أخرى من العالم وآخرها ملف رواندا والكونغو وهي استمرار لجهود مشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي.

1845

| 26 أكتوبر 2025

الاستثمار في التعليم ضمانة لمستقبل أجيال قطر

رؤية متكاملة قدمها سمو الأمير لركائز التنمية والإنجازات.. الاستثمار في التعليم ضمانة لمستقبل أجيال قطر الخطاب السامي السنوي لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى يحظى بترقب شديد محليا وخارجيا، لما يتميز به من طرح ورؤى ثاقبة، وما يحمله من خريطة طريق لعمل مؤسسات القطاعين العام والخاص، وهو خطاب يستأثر باهتمام كبير من قبل أبناء قطر الذين يتلمسون من رؤية سمو الأمير وتوجيهاته ورسائله المتضمنة بالخطاب استرشادا للحاضر والمستقبل، لاستكمال مسيرة النهضة والتنمية الشاملة. لقد قدم سمو الأمير المفدى صورة ناصعة لما تحقق من إنجازات جديرة بالفخر والاعتزاز وتشكل بوابة عبور نحو المستقبل المزدهر، تنتقل فيه قطر إلى مرحلة جديدة من التطور والنمو. ولهذا حرص سموه على الدعوة لحمد الله وشكره على النعم التي أنعم بها على قطر، حيث توجه إلى أبناء قطر قائلا:"علينا أن نحمد الله على نعمه وأن نتذكر أن هذه النعم لا تدوم إلا من خلال الجهد الدؤوب في الحفاظ عليها وتطويرها والاستثمار فيها لخير المجتمع والأجيال القادمة". هذه النعم تتطلب أن يتحمل الجميع مسؤوليته تجاه الحفاظ على المكتسبات والإنجازات والارتقاء بالإنسان وقيمه وهويته الحضارية، ولذلك دعا سموه إلى" تشجيع الشباب على البحث عن معنى وهدف لحياتهم من خلال العمل وتطوير أنفسهم والإسهام في خير الوطن والمجتمع." ومع دخول قطر مرحلة جديدة من التطور في جميع المجالات فقد نبه سمو الأمير المفدى إلى أن "للتطور مقتضياته وتتطلب المرحلة الارتقاء بدور المواطن وإدراكه لمسؤولياته، كما تتطلب الانفتاح على الأفكار الجديدة ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي والثقافي على المستوى العالمي." إنها مسؤولية كبرى تقتضي إدراك المواطنين لواجباتهم تجاه هذه المرحلة الجديدة التي يدخلها الوطن لمواكبة التطور والانتساب بجدارة إلى العصر، تتطلب وعيا وانفتاحا وتفهما للأفكار الجديدة التي ينتجها التطور العلمي والتكنولوجي. فالحفاظ على الهوية الوطنية والقيم والالتزام بالمبادئ جزء أساسي لتقدم المجتمعات، وهو ما يتطلب اليوم من الأسرة أن تغرس هذه الأمور في أبنائها من الصغر، فهي تشكل حصانة للأجيال في الكبر. وتعتبرالمرحلة الجديدة التي تدخلها قطر ثمرة من ثمار الإنجازات التي تحققت في اقتصادنا الوطني والتي حرص سمو الأمير المفدى أن يبدأ الخطاب بالإشارة إلى أن اقتصادنا الوطني واصل أداءه الإيجابي في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلبات، وحافظ على استقراره وثقة المستثمرين بقدرتنا على إدارة مواردنا بكفاءة عالية، كما أن كل المؤشرات تؤكد "أداء اقتصادي واعد، حيث يحافظ الاقتصاد القطري على وتيرة نمو قوية فقد سجل نسبة نمو بلغت 2.4% في العام 2024 ونسبة 1.9% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2025، ولعبت القطاعات غير الهيدروكربونية دورًا أساسيًا وداعمًا للتنمية المستدامة." هذا النجاح الاقتصادي يستند إلى رصيد من الإنجازات في القطاع المالي، وقد تطرق سمو الأمير إلى هذا النجاح المالي، مشيرا إلى" أن القطاع المالي حافظ على متانته، مدعومًا بارتفاع الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لمصرف قطر المركزي في نهاية العام 2024، بزيادة قدرها 3.7% على أساس سنوي مقارنةً بنهاية العام 2023، مع بقاء التصنيف الائتماني للاقتصاد القطري عند مستويات مرتفعة لدى كبرى وكالات التصنيف العالمية، لتؤكد بذلك مرونة دولة قطر وجاذبيتها المستمرة كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة." وكان الإنجاز المهم على هذا الصعيد التمكن من خفض الدين بنسبة كبيرة، حيث أوضح سمو الأمير أن "نسبة الدين إلى الناتج المحلي تراجعت من 58.4% في عام 2021 إلى 41.5% بنهاية النصف الأول من عام 2025." ما تحقق في المجالين المالي والاقتصادي يتكامل مع إنجازات قطاع الطاقة الذي واصل نموه الواثق رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، حيث أكد سمو الأمير أن " قطاع الطاقة تجاوز آثار الصراعات الإقليمية واستمر بالإمدادات العالمية للطاقة دون انقطاع." منوها بالإنجاز الكبير في افتتاح محطتين للطاقة الشمسية في رأس لفان ومسيعيد تأكيدا لالتزام قطر بالاستدامة البيئية. ونظرا لأهمية القطاع الخاص ودوره في التنمية الاقتصادية فقد أكد سمو الأمير أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم وتحفيز القطاع الخاص، مشيرا إلى تقديم حزمة واسعة من برامج التمويل والتأمين والضمان، لدعم القطاع الخاص، معلنا عن برنامج لفتح مجالات استثمارية في مشروعات وأصول منتقاة تخلق فرصًا للقطاع الخاص مما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية، ورفع كفاءة التشغيل والإنفاق في قطاعات حيوية مختارة. واستكمالا لعملية جذب الاستثمار وتوفير أفضل بيئة أعمال في قطر فقد توقف سموه عند أهمية تطوير أنظمة العدالة ووضع الآليات اللازمة لضمان سرعة الفصل في الدعاوى معتبرا أن "العدالة البطيئة نوع من الظلم". لقد نجحت دولة قطر بجميع مؤسساتها في العمل كمنظومة متكاملة لتحقيق أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لترجمة رؤية قطر الوطنية 2030 إلى واقع ملموس، حيث أكد سمو الأمير المفدى التزام مؤسسات الدولة بتحقيق التطلعات التنموية المستدامة والشاملة، مشيرا إلى القفزات النوعية التي تحققت في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي، مما عزز مكانة قطر كوجهة جاذبة للاستثمارات في القطاعات التنافسية والتكنولوجيا. وبقدر ما تعتبر هذا القفزات نوعية ومهمة بقدر ما حرص سمو الأمير المفدى إلى التوجيه بأنه "ثمة حاجة لمضاعفة الجهود لتحقيق مزيد من الإنجازات في هذه المجالات." تلك هي إرادة القائد الذي يوصي بحاجتنا إلى المزيد من الإنجازات وعدم الاكتفاء بما تحقق. فالطموح كبير والتطلعات بحجم الطموح لمستقبل مزدهر لقطر وأجيالها المتعاقبة. لعل النقطة الأكثر أهمية التي وردت في خطاب سمو الأمير المفدى هي الاستثمار في التعليم، حيث قال سموه: الاستثمار في التعليم هو الأساس الذي تقوم عليه نهضتنا، وهو الوسيلة التي نصنع بها مستقبلنا مؤكدا" أن رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة، ولذلك فإننا ماضون في تطوير منظومة التعليم والتدريب، وتأهيل كوادرنا الوطنية للمستقبل، لاستيعابهم في سوق العمل على أساس التحصيل والكفاءة والإنجاز". وعندما نسمع هذه النظرة الثاقبة من سمو الأمير المفدى يحق لنا أن نطمئن إلى مستقبل أجيال قطر، وأن نزهو فخرا بقائد جعل من الاستثمار في التعليم أولوية وأساسا في النهضة. لقد خاطب سمو الأمير المفدى كعادته المجتمع القطري بكل شفافية وصراحة، فمثلما أشاد سموه بالإنجازات والانتقال إلى مرحلة جديدة، كان حريصا أن ينبه المجتمع ويحذره من بعض المظاهر السلبية التي تبرز مع الارتقاء بمستوى المعيشة والرفاه الاجتماعي، والتي تصاب بها المجتمعات الاستهلاكية، ولذلك حذر سموه من تفاقم نزعة الاتكال على الدولة، داعيا إلى تشجيع الشباب على البحث عن معنى وهدف لحياتهم من خلال العمل وخدمة الوطن والمجتمع. وعلى الرغم من تناول سمو الأمير في خطابه أمام مجلس الشورى قضايا كثيرة، إلا أن سموه حفظه الله خصص حيزا مهما لموضوع الأسرة وتماسكها، التي أساسها التربية الأسرية والتي أثبتتها كل دراسات العلوم الاجتماعية، حيث قال سموه "أشدد على أهمية التربية الأسرية وضرورة اضطلاع الوالدين مباشرةً بتربية الأطفال". وفي هذه النقطة توجيه سامٍ يستدعي اهتمام الأسر القطرية والأخذ بهذا التوجيه، لأنه ضمانة للاستقرار الاجتماعي وبناء الأجيال القادرة والناجحة. كان خطاب سمو الأمير شاملا ومتكاملا في جميع جوانب الشأن المحلي، مما يجعله دليلا يسترشد به أبناء المجتمع القطري وبرنامج عمل للمؤسسات في القطاعين العام والخاص. لكن الشأن الخارجي لم يغب عن خطاب سموه، حيث كانت وقفته المهمة عند الشأن الفلسطيني الذي يعتبر الثابت الدائم في سياستنا الخارجية، فقد جدد سموه دعم قطر الثابت للقضية الفلسطينية، والتأكيد على كون غزة جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الموحدة، مشيرًا إلى التزام دولة قطر بدعم حقوق الشعب الفلسطيني وسيادته الوطنية، وحث المجتمع الدولي على حماية الشعب الفلسطيني وضمان عدم إفلات مرتكبي الإبادة من المحاسبة. لقد جدد سمو الأمير التزام قطر في الإسهام بفاعلية للتصدي لما تواجهه أمتنا العربية والإسلامية من تحديات بما يحقق لشعوبنا طموحاتها في الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة فضلًا عن تحقيق السلم والأمن الدوليين. إن دولة قطر الوفية تجاه قضايا أمتها العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين تواصل دورها المشهود في الوساطة وحل النزاعات، حيث أشار سموه إلى أن جهود قطر في هذا المجال أسهمت في تعزيز مكانة قطر العالمية وربط اسمها بدورها الإيجابي والفاعل هذا. وإضافة لما في هذا الدور من فائدة في حل النزاعات وحقن الدماء لصالح الإنسانية جمعاء، فإنه يعزز مكانة الدولة ومنعتها، وشعبنا يدرك ذلك. إلا أن هذا الدور الفاعل والمؤثر لدولة قطر كان له ثمن باهظ عندما تعرضت قطر لاستهدافين وانتهاكين مستنكرين، أحدهما من إيران والآخر من الكيان الإسرائيلي، إلا أن قطر خرجت منهما أكثر قوة وحصانة، واثبت مجددا المكانة التي تتبوأها في المجتمع الدولي، الذي انتفض رافضا للاعتداءات التي تعرضت لها. قضية فلسطين ليست قضية إرهاب، بل هي قضية احتلال مديد.. هكذا وصف سمو الأمير المفدى، القضية الفلسطينية العادلة، وهو وصف دقيق لا يحتاج إلى كثير من الشرح أو البحث عن اقناع.. الحل إنهاء الاحتلال وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. لقد تضمن خطاب سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، بشائر الخير لأهل قطر، مثلما تضمن التزاما بثوابت السياسة الخارجية لجهة الاستمرار بدور الوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية خدمة للإنسانية جمعاء.

690

| 22 أكتوبر 2025

قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.. قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام» إذا كانت مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية الشقيقة قد شهدت قمة سلام غزة، فإن التاريخ سيظل محفوراً في ذاكرته أن من عمل طوال عامين يواصل الليل بالنهار، دون كلل أو ملل، بحكمة وإرادة وإخلاص لإنهاء حرب غزة ورفع المعاناة عن أهلنا في القطاع والوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، هو حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه. لسنا من يقول هذا، بل العالم اليوم - قادته وشعوبه - يتحدثون بكل صراحة عن الأدوار العظيمة التي قام بها سمو الأمير المفدى، والمواقف الكبيرة التي تبناها، والمساعي الحميدة التي تولاها من أجل وقف حرب الإبادة التي تعرض لها أهلنا في قطاع غزة، والتي أثمرت الوصول إلى لحظة الإعلان عن وقف الحرب ورفع المعاناة عن أهل غزة. إن العالم الذي انتظر لحظة وقف العدوان على غزة بالأمس، هو نفسه الذي ثمّن عاليا الدور العظيم الذي قام به سمو الأمير المفدى على هذا الصعيد، مما جعله أميراً للسلام بجدارة. لقد بذلت قطر بقيادة سمو الأمير المفدى، على مدى 730 يوماً، جهوداً جبارة من أجل وقف الحرب على أهلنا في قطاع غزة، واستطاع بحكمته وإرادته الصلبة وتصميمه الثابت، الوصول إلى السلام المنشود بالرغم من تعرض الجهود القطرية لكثير من التحديات والعراقيل والعقبات، إلا أن قطر تجاوزتها بحكمة وحنكة وذكاء شديد، وأدارت ملف التفاوض، مع شركائها في الوساطة مصر الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، بسياسة رصينة وهادئة، وتعاملت مع كل المراحل بعقلانية. لقد ضربت قطر نموذجاً في العطاء والوفاء، فلم تدع وسيلة سياسية أو دبلوماسية أو منبراً عالمياً وعربياً، إلا واستخدمته للوصول إلى وقف حرب الإبادة ووقف الدمار الهائل ووقف التشريد والتجويع والقتل بلا رحمة. إن ما قام به سمو الأمير المفدى يسجل على صفحة مشرقة من التاريخ العربي، فمنذ اندلاع الحرب على غزة، قاد سمو الأمير المفدى جهوداً جبارة ودؤوبة، فقد سجلت الإحصاءات أن سموه قام بـ 250 خطوة بشكل شخصي، وأجرى أكثر من 104 اتصالات هاتفية مع قادة العالم والأمتين العربية والإسلامية، وعقد سموه أكثر من 126 اجتماعاً مع الملوك والرؤساء والزعماء المعنيين بملف القضية الفلسطينية، كما شارك سموه بحوالي 20 قمة ومؤتمراً عالمياً وعربياً، تخللها الخطابات الصادقة التي هزت ضمير العالم ونادت بالوقف الفوري لحرب الإبادة في غزة. كان سمو الأمير منذ اليوم الأول للحرب ساعياً بإخلاص لوقف القتل والدمار، كان يواصل العمل ليل نهار دون كلل أو ملل، إلى أن تمكنّت الجهود من التوصل لاتفاق وقف الحرب على أهلنا في قطاع غزة والذي تحول إلى اتفاق سلام شهد العالم ولادته في قمة شرم الشيخ. إن ما قامت به الدبلوماسية القطرية، بتوجيهات سمو الأمير، يعتبر نموذجاً يُدرس في الجامعات لعملية إدارة الوساطات بحكمة وصبر وقدرة على تجاوز التحديات والعراقيل، فقد واجهت الدبلوماسية القطرية خلال عامي الحرب، الكثير من التحديات لضرب جهودها من أجل إنهاء الحرب في غزة، وتراوحت تلك التحديات بين الضغوط والتهديدات والاتهامات المفبركة، ثم تطور الأمر وانتقل إلى مرحلة العدوان، وذلك من خلال الهجوم الإسرائيلي الغادر الذي استهدف أراضي دولة قطر في وضح النهار. لكن كل تلك التحديات لم تثن دولة قطر عن مواصلة بذل الجهود المخلصة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة وتركيا لوقف الحرب، حيث نجحت دولة قطر في تجاوز كل العراقيل والتحديات الخطيرة التي واجهت مساعي الوساطة. وفي موازاة الجهود الدبلوماسية حضرت قطر في المجال الإنساني والمساعدات الإغاثية، حيث حرصت قطر على الاستمرار بإرسال القوافل والمساعدات الطبية والغذائية إلى قطاع غزة، إضافة إلى دعمها مشاريع إعادة الإعمار وتمويلها برامج الإغاثة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني. وقد شكلت هذه الجهود نموذجًا استثنائيًا للدعم الإنساني الشامل، الذي يجمع بين الإغاثة العاجلة، والدعم التنموي، والتحرك السياسي والدبلوماسي. ولذلك استحقت هذه الجهود تقديراً واسعاً من الأطراف الدولية والإقليمية. ولم تسع دولة قطر، من خلال وقوفها إلى جانب فلسطين، للحصول على أي مقابل، فهو واجب قومي وأخلاقي وإنساني، وقبل هذا وذاك، واجب ديني وإسلامي. لقد وقفت قطر، وستظل، مع فلسطين - القضية العادلة - في القدس والمقدسيين والأقصى والضفة وغزة، ولا تنتظر من أحد جزاء أو شكوراً. وقدمت كل ما تستطيع، وتحمّلت الأذى، وواجهت التحديات والعقبات، وشُنّت عليها حملات التضليل والتحريض، ووصل الأمر إلى أن تستهدف بهجوم إسرائيلي غادر.. لكنها لم تتراجع عن وقوفها مع فلسطين.. القضية والشعب.. ولم تساوم على مواقفها، وظلت - وما زالت - تدافع عن القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها في كل محفل. لقد شكلت القضية الفلسطينية أولوية لدى سمو الأمير في حله وترحاله، ينتصر لأهلها، ويدافع عن قضاياهم في المحافل الإقليمية والدولية ولقاءاته الثنائية، ويده ممدودة بالخير والعطاء لفلسطين والقدس والضفة وغزة. وفي جهود وقف العدوان على غزة طوال عامين، كان سمو الأمير منذ اليوم الأول، ساعياً وباذلاً بتجرّد وإخلاص، ويواصل العمل بالليل والنهار دون كلل أو ملل، إلى أن تمكنّت الجهود بالتوصل لاتفاق وقف الحرب على أهلنا في قطاع غزة، بعد محطات حققت خطوات متقدمة، لكن تم إفشالها من قبل الكيان الإسرائيلي. إن أهلنا في غزة يستحقون كل ما يبذل من أجلهم.. ولن تدّخر قطر جهداً في سبيل ذلك، وستكون - كما كانت دائماً - أول الواصلين وأول الداعمين لإعادة الحياة الكريمة لأهلنا في قطاع غزة العزة. هذا الشعور بالوفاء تجاه أهلنا في غزة وشعب فلسطين هو موضع فخر واعتزاز لكل مواطن قطري، وقد كانت سعادتنا بالغة وفخرنا كبيراً أن تتحول قمة شرم الشيخ إلى شهادات تقدير عالمي لسمو الأمير المفدى لدوره الكبير في صنع السلام والوصول إلى الاتفاق الذي أنهى الحرب في غزة. لقد سمع العالم كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يقول: «أشكر بشكل خاص أمير دولة قطر وهو رجل استثنائي وقائد مذهل يحظى باحترام عظيم «. وجاء الشكر والتقدير المشابه من الرئيس المصري، فيما كانت شهادة من العالم الإسلامي بلسان رئيس وزراء باكستان الذي قال: «أشكر أخي العزيز الشيخ تميم الذي عمل جاهداً لتحقيق السلام في هذه المنطقة» فيما أشاد الملك الأردني بجهود قطر لتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي. من المؤكد أن هذه الشهادات التي جاءت على لسان قادة العالم وأمام العالم أجمع، هي شهادة صادقة بأن سمو الأمير المفدى صانع السلام وقائد استثنائي جدير بتقدير عربي وإسلامي وعالمي، فما قام به من جهد دؤوب وسعي مخلص وصادق ينبع من مبادئه ومواقفه الثابتة، فهو الداعم الدائم لفلسطين وشعبها حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، والنصير الدائم لحل النزاعات بالحوار والوساطة بعيداً عن الحروب والعنف لصنع السلام والاستقرار والازدهار في ربوع الشرق الأوسط. لعل فرحة قطر، أميراً وحكومة وشعباً، تبقى في رؤية أن تتوقف الحرب عن إبادة أهلنا في غزة وعودة الحياة الكريمة والطبيعية إلى شعب قدم من التضحيات ما تعجز عنه كل شعوب العالم. هنيئاً لأهل غزة بانتهاء الحرب، وهنيئاً لدولة قطر بنجاح جهودها مع الشركاء في الوساطة في تحقيق السلام.

1773

| 14 أكتوبر 2025

قانون الموارد البشرية.. يجسد التوازن بين العمل والحياة الأسرية

قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن كانت كلمات الشكر والعرفان لا توفي سموكم حقكم، على هذه الرعاية والاهتمام بإنسان هذا الوطن، الذي لا تدخرون جهداً من أجل توفير الحياة الكريمة، بأرقى صورها وأفضل إمكاناتها.. إن القراءة الحقيقية لقانون الموارد البشرية بعد التعديلات واللائحة التنفيذية التي صادق عليها سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، تتجاوز الامتيازات المالية، إلى ما هو أبعد من ذلك في جوانبه المتعلقة بالاستقرار الأسري، ورفع كفاءة العمل الحكومي وتحسين بيئة العمل، وإيجاد بيئة عمل عادلة ومحفزة للمواطنين، وقبل هذا وبعده، خلق حالة من التوازن بين العمل والحياة الأسرية، وهو يمثّل أولوية لدى الدولة، كون ذلك يسهم بفاعلية كبيرة نحو دعم وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة، التي تحرص عليها القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، الذي لا يتوانى في تسخير كل الإمكانات من أجل مصلحة الوطن والمواطن. في كل خطواتها تضع الدولة الحياة المعيشية واستقرار الأسرة في صدارة أولوياتها، وركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع، وما رؤية قطر الوطنية 2030 إلا دليل واضح، حيث في صدارة ما تستند إليه في ركائزها ، التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى التنمية الاقتصادية والتنمية البيئية، والتي تأتي أيضا انسجاماً مع الإستراتيجيات الهادفة إلى الاستثمار في رأس المال البشري، وتمكينه من التعامل والتفاعل مع الاقتصاد القائم على المعرفة والتنافسية، بما يحقق المصلحة العامة ويعود بالنفع على المجتمع ويعزز مكانة الدولة كنموذج رائد في التحديث الإداري والتنمية البشرية. لقد استندت التعديلات على قانون الموارد البشرية الذي أصدره سمو الأمير المفدى إلى ركائز وطنية أبرزها ركيزة التنمية البشرية الواردة في إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لبناء مؤسسات حكومية متميزة وقوى عاملة جاهزة للمستقبل، إلى جانب ركائز أخرى لخصها سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية بأربع ركائز تشمل تحسين وسائل الاستقطاب والاستبقاء، لتعزيز مشاركة واستدامة الكفاءات الوطنية في القطاع الحكومي، تحقيق المرونة في بيئة العمل، وتعزيز الاستقرار الأسري عبر مميزات تدعم الآباء والأمهات العاملين في القطاع الحكومي، وتطبيق آليات التعيين للاستفادة من الكوادر الوطنية بما يدعم تحقيق التوجهات الوطنية. هذه التعديلات التي تعتبر علامة فارقة في مسيرة التنمية البشرية جاءت ثمرة عمل دؤوب، واجتازت الكثير من المراحل والتجارب والتدقيق والتحليل والتقييم والمراجعات، ومشاركة الجهات الحكومية بالمقترحات لتلافي الثغرات، وصولاً إلى أفضل النتائج لبناء منظومة عمل حكومية وفق أرقى معايير بيئة العمل الصحية والسليمة والمنتجة والمتفاعلة. كثيرة هي الحوافز والعلاوات والبدلات الواردة في تعديلات قانون الموارد البشرية، لكن أبرزها وأهمها باعتقادي تلك المتعلقة بتحقيق التماسك والاستقرار الأسري، خصوصاً أن الحرص على استقرار الأسرة يأتي في صلب سياسات الدولة وإستراتيجياتها الوطنية والتنموية، فالتعديلات الجديدة تحقق المرونة في العمل وتدعم الحياة الأسرية للموظفين، حيث يمنح كل من الزوجين العلاوة الاجتماعية بفئة متزوج، بعدما كان في السابق أحدهما يحصل على فئة متزوج والآخر أعزب.كذلك تمكين الزوج والزوجة من تلبية احتياجات الأسرة عبر منحهما ساعات إضافية في الاستئذان شهريا، فضلا عن تمكين أحد الأبوين القطريين من مرافقة الابن أثناء العلاج في المستشفى داخل الدولة ، مما يحقق مبدأ أن الأسرة المتماسكة المستقرة تصنع بيئة عمل منتجة وسليمة.وشملت التعديلات الكثير من المميزات التي تضاف إلى ما كانت موجودة أصلا في القانون السابق قبل التعديل، مع استحداث حوافز وعلاوات وتحديث منظومة البدلات بشكل كامل، وإجازة دراسية براتب كامل، ومنح تدريب بمعاهد ومراكز التدريب التابعة للدولة بحد أقصى 15 يوماً في الشهر وبما لا يتجاوز شهرين في السنة.هذا السعي الدؤوب للدولة بتذليل كل العقبات، وتوفير كل الإمكانات، ينبغي أن يقابلها من المواطن تحمل المزيد من المسؤولية تجاه الوطن ورفعته وتقدمه، والسعي لتحقيق المزيد من المكتسبات التي تعود بالنفع على الوطن.لم تدخر الدولة جهدا إلا ودفعت به من أجل تعزيز مسيرة الوطن والمواطن، فالتعديلات تضمنت حوافـز غير مسبوقة، ومزايا ترضي الطموحات وتلبي التطلعات لتحقيق أفضل النتائج والمكاسب للموظفين، كما تحقق جودة الإنتاج وبناء بيئة عمل في المؤسسات الحكومية تواكب العصر وتصنع المستقبل الأفضل. ** إننا نعيش في وطن ينعم بالأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لأفراده، والفضل بعد الله يعود إلى القيادة الرشيدة لهذا الوطن الغالي، التي جعلت نصب عينيها، وكل تحركاتها، من أجل توفير كل سبل الراحة في كل القطاعات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية والرياضية.

1950

| 08 أكتوبر 2025

هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟ لا شك أن الجهود التي تبذلها وزارة العمل في دعم وتطوير بيئة العمل عبر التشريعات والقوانين التي تحفظ الحقوق؛ هي محل تقدير، يضاف إلى ذلك جهودها على صعيد رفع نسبة القطريين العاملين بالقطاع الخاص، وهي مساعٍ ربما مضى عليها سنوات، إلا أننا رأينا خلال الفترة الماضية تكثيف هذا الأمر، وهي جهود من الواجب على جميع الجهات بالقطاع الخاص دعمها والتعاون لإنجاحها. وزارة العمل وهي تعمل على تعزيز ورفع نسبة القطريين بالقطاع الخاص، أتوقع أنها درست كل الجهود والمبادرات السابقة خلال السنوات الماضية للوزارة، أين نجحت وأين تعثرت، نقاط قوتها ونقاط ضعفها، لماذا لم توفق في تحقيق النسب المطلوبة منذ تلك السنوات حتى اللحظة، لماذا لم تمتلك «النفس» الطويل لاستمرار تلك الجهود..؟. نحن اليوم أمام مرحلة جديدة من إعادة المحاولة مع توفير كل الإمكانات والدعم لإنجاح مساعي رفع نسب المواطنين في القطاع، وربما من بين أبرز تلك الظروف المهيأة، الجائزة التي صدر بها قرار أميري للجهات التي تحقق النسب المطلوبة في تعيين القطريين، وهي جائزة قطر للتوطين في القطاع الخاص، والتي سيتم من خلالها تكريم المنشآت التي تحقق مستهدفات التوطين، وتساهم في تحقيق الرؤية الوطنية للدولة. أعتقد أن أهم خطوة يجب على وزارة العمل القيام بها هي دراسة واقعية لسوق العمل بالقطاع الخاص، وتحديدا من ناحية القوانين والتشريعات المنظمة، واقصد بها تلك المعنية بالقطريين، مقارنة بما هو قائم بالقطاع العام، فكيف يمكن استقطاب القطريين إلى القطاع الخاص طالما هناك فروقات شاسعة بينه وبين العاملين بالقطاع الحكومي؟ دعونا نتساءل: هل القوانين والتشريعات في المؤسسات والشركات والجهات المختلفة بالقطاع الخاص متقاربة مع تلك الموجودة في القطاع الحكومي، بل هل هي متوافقة فيما بين الشركات نفسها بالقطاع الخاص؟. دعوني أطرح قضية حتى نقرّب الموضوع.. في القطاع الحكومي إذا ما أصيب مواطن بمرض ـ لا قدر الله ـ وتم الحصول على علاج بالخارج، فإن راتب هذا المريض، بل حتى المرافق، يظل يصرف له، فهل هذا الأمر متاح حاليا في القطاع الخاص، بمعنى هل من الممكن تطبيق نفس هذه السياسة إذا ما كانت جهة عمل هذا المريض شركة أو مؤسسة في القطاع الخاص؟. الأمر الآخر موضوع الزيادات والعلاوات السنوية والسلم الوظيفي..، في القطاع الحكومي هناك قوانين تطبق في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية.. فماذا عن القطاع الخاص؟ لذلك أرى أنه من المهم على الإخوة بوزارة العمل وهم يبذلون هذه الجهود الكبيرة في مسار رفع نسب القطريين بالقطاع الخاص، النظر إلى هذه الفروقات، والبحث عن أفكار ومبادرات جديدة لمعالجة ذلك، وسن تشريعات واستحداث قوانين معنية بالقطاع الخاص تواكب المرحلة التي نتطلع إليها. مهم جدا إعادة النظر بالسياسات والإجراءات والقوانين الخاصة بتوظيف القطريين بالقطاع الخاص لمحاولة سد الفجوات الموجودة حاليا بين الوظائف في القطاع العام (الحكومي) والوظائف في القطاع الخاص. أتذكر أن موضوع الأرض والقرض التي تمنح للقطريين كانت تمنح للعاملين بالقطاع الحكومي إلى عام 1997 تقريبا، عندها تم تعميم الأمر على الجميع بمن فيهم العاملون بالقطاع الخاص. مثل هذه المبادرات التي عالجت جانبا مهما، نحن بحاجة إليها اليوم لمعالجة الثغرات الخاصة بالقوانين المنظمة لعمل القطريين بالقطاع الخاص، الذين بات حضورهم الفاعل والحقيقي أمرا ملحا وضروريا، والعمل على الدفع بهم للانخراط في المجالات المختلفة بالقطاع الخاص بات أمرا في غاية الأهمية. الدعوة لتشكيل لجان لدراسة ومراجعة كل السياسات والقوانين والتشريعات بالقطاع الخاص، ومحاولة إيجاد معالجات جذرية للعوائق التي تحول دون انخراط القطريين بالقطاع الخاص، والعمل على تشجيع الشباب للتوجه إلى هذا القطاع، مع منح مزايا للشركات والمؤسسات التي تستقطب الكوادر القطرية للعمل فيها بصورة جدية، بما فيها تحمّل جزء من راتب القطري خلال فترة معينة، كنوع من الدعم للشركات وللموظف القطري حتى لا تكون هناك فروقات بالراتب بين العمل بالقطاع العام (الحكومي) وبين العمل بالقطاع الخاص. نتمنى حقيقة هذه المرة لجهود رفع نسب القطريين بالقطاع الخاص النجاح، والخروج من الدائرة المفرغة، التي ندور فيها، طوال السنوات الماضية. آن الأوان أن تكون هناك خطوات عملية لتشجيع القطريين للانخراط بالعمل في القطاع الخاص، ولن يتأتى ذلك إلا بتغيير بعض القوانين والتشريعات، واستحداث أخرى تواكب المرحلة وتلبي تطلعات الدولة في الدفع بزيادة نسب توطين الوظائف في القطاع الخاص حسب القانون الذي أصدره سمو الأمير المفدى، والذي يأتي تماشياً مع رؤية قطر 2030.

1131

| 05 أكتوبر 2025

الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.. الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي كان المجتمع الدولي على موعد مع خطب مهمة لزعماء وقادة العالم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، لكن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، كان بالغ الأهمية لما تضمنه من مواقف قوية ورسائل صادقة عبرت عن قضايا الأمة وهموم شعوبها، كاشفا الأطماع العدوانية للكيان الإسرائيلي بالمنطقة. وقد استأثر الخطاب ـ الذي جاء بكل صراحة وشفافية ـ باهتمام العالم الذي سمع من سموه صوت الضمير الإنساني وكلام الحق والمنطق، في زمن غاب فيه ضمير المجتمع الدولي وتراجعت لغة المنطق إزاء ما تشهده منطقتنا العربية من استباحة وعدوان وغطرسة بقانون القوة لا بقوة القانون. هذا العام اكتسب خطاب سمو الأمير المفدى أهمية استثنائية كونه يأتي في لحظة مصيرية حاسمة في تاريخ المنطقة، فقد أتى بعد الاعتداء الإسرائيلي الغادر والجبان على مقرات سكنية يشغلها الوفد المفاوض لحركة حماس في الدوحة، وهو اعتداء أسقط القناع وكشف الأطماع العدوانية المتهورة ضد الأمة العربية والإسلامية، فالاعتداء على الدوحة اعتداء على جميع دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والدول الإسلامية. وبهذا السياق جاء خطاب سمو الأمير المفدى مستندا إلى موقف عربي وإسلامي عبرت عنه قمة الدوحة الطارئة مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته التاريخية لردع العدوان الإسرائيلي وأطماعها التوسعية في الدول العربية. الخطاب جاء أيضا متزامنا مع اعتراف العالم بدولة فلسطين، وهو يعتبر أهم صفعة توجه إلى الغطرسة الإسرائيلية وجنون القتل والاستبداد، كما أن الاعتراف يدحض السردية الإسرائيلية المضللة للرأي العام العالمي والتي تدعي أنها تدافع عن نفسها. ويأتي الخطاب على مسافة أيام قليلة من بدء السنة الثالثة لأسوأ وأبشع حرب إبادة تشهدها الإنسانية ويشهدها التاريخ الحديث، حيث لم يترك العدو الإسرائيلي وسيلة إجرامية إلا واستخدمها لقتل وإبادة الأطفال والنساء والشيوخ بلا خوف من وازع أو رادع في زمن الإفلات من العقاب. إن التمعن في خطاب سمو الأمير، حفظه الله، يكشف عمق رؤية سموه وتسلسل مواقفه وترابطها، فقد اختار أن يبدأ من النقطة الجوهرية من رأس الهرم للأزمات الدولية التي تعصف بالعالم، والتي سببها عجز النظام الدولي عن إيجاد الحلول. وقد كان سمو الأمير دقيقا بتشخيص أزمة الأمم المتحدة التي أنشئت قبل ثمانية عقود بعد حرب عالمية على قواعد تقوم على الحفاظ على السلم وكرامة الإنسان وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول والتعاون الدولي، لكن هذه المنظمة أصيبت بنكسة جراء «تراجع منطق النظام الدولي أمام منطق القوة، مما يعني السماح بتسيد منطق الغاب، حيث تغدو مفاهيم القانون والعدالة خارج السياق وحيث يحظى المتجاوز بامتيازات لمجرد أن بوسعه فعل ذلك». يشير سموه بوضوح إلى أن مرتكب التجاوزات في العلاقات الدولية يعتبر التسامح ضعفا وعجزا، ولذلك وجه سموه دعوة لقادة العالم في الأمم المتحدة أن يتصدر نقاشهم موضوع «كيفية استعادة نظام الأمن الجماعي قوته وفقا لميثاق الأمم المتحدة وعودة الفاعلية للشرعية الدولية». وكان من الطبيعي أن يتصدر خطاب سموه الاعتداء الغادر على الدوحة الذي استهدف اجتماعا لوفد حماس المفاوض في حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية وسقط جراءه 6 شهداء من ضمنهم مواطن قطري من قوة الأمن الداخلي، حيث اعتبر سموه هذا الاعتداء على قطر بأنه «خرق سافر للأعراف والمواثيق الدولية وفعلة شنعاء وإرهاب دولة». كما دحض سموه ادعاءات نتنياهو، مؤكدا أن هذا العدوان لا يدخل ضمن حق مزعوم في ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا، لأن العدوان «اعتداء على دولة وساطة صانعة سلام كرست جهودها الدبلوماسية لحل الصراعات بالطرق السلمية وتبذل منذ عامين جهودا مضنية لإنهاء حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». وكشف سموه حقيقة أهداف العدوان بقوله: يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لقتلهم، ولا يسعى طرف لاغتيال وفد يفاوضه إلا إذا كان هدفه إفشال المفاوضات. لقد حرص سمو الأمير على أن يكشف للعالم أهداف إسرائيل، التي لم تعد تهدف إلى تحرير الأسرى بل تتخلى عنهم لأجل تدمير غزة، بحيث يستحيل فيها السكن والعمل والتعليم والعلاج لتنعدم مقومات الحياة الإنسانية، وذلك تمهيدا لتهجير السكان، وهذا ما يؤكده إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب، حيث قال سموه إن رئيس وزراء إسرائيل يؤمن بإسرائيل الكبرى وهو يعتبر أن الحرب فرصة لتوسيع المستوطنات وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، كما يخطط لعمليات ضم في الضفة الغربية لفرض وقائع جديدة في الإقليم. إن مخططات نتنياهو أصبحت مكشوفة وتستهدف المنطقة العربية، ولذلك حرص سمو الأمير المفدى على أن يضعها بوقائعها أمام العالم في الأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن نتنياهو «يتباهى بأنه غير وجه الشرق الأوسط يقصد فعلا أن تتدخل إسرائيل حيثما شاءت ومتى شاءت، إنه يحلم أن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيلي». كان سمو الأمير يحدّث العالم بواقعية متناهية وبتوصيف دقيق للمخطط الإسرائيلي، حيث قال: «ليست إسرائيل دولة ديمقراطية في محيط معاد كما يدعي قادتها بل هي في الحقيقة معادية لمحيطها وضالعة في بناء نظام فصل عنصري وفي حرب إبادة ويفتخر رئيس حكومتها أنه منع قيام دولة فلسطينية ويتباهى بمنع تحقيق السلام مع الفلسطينيين وبأنه سوف يمنع تحقيقه في المستقبل». لقد آن الأوان ليطلع العالم على حقيقة إسرائيل وفقا لتوصيف سمو الأمير: «إسرائيل محاطة بدول إما وقعت اتفاقات سلام أو بدول ملتزمة بمبادرة السلام العربية ولكنها تريد أن تفرض إرادتها على محيطها العربي وكل من يعترض على ذلك إما إرهابي أو معادٍ للسامية». هذه الغطرسة الإسرائيلية والاستقواء على المحيط لفرض واقع جديد لن يكتب له النجاح، ولذلك استبشر سموه «بنشوء حركة عالمية تشبه الحركة العالمية ضد نظام الفصل العنصري في القرن الماضي». كما ثمن سموه دور الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، والتي تؤكد أن العنف لا ينجح في تصفية قضية عادلة كالقضية الفلسطينية. ولعل رسالة سموه إلى العالم كانت بموقفه الدائم بأنه: «لا يمكن تحقيق السلام بدون اتخاذ مجلس الأمن قرارا حازما بالانتقال من انقياده لفرض الاحتلال إلى حل القضية الفلسطينية والسماح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 67 وفقا لقرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي». رغم كل التحديات إلا أن قطر لن تحيد عن طريقها، وهو ما أشار إليه سمو الأمير المفدى حين قال: «لقد اختارت دولة قطر أن تظل ـ كعهدها ـ وفية لنهجها بالوقوف في صف القيم والمبادئ التي يفترض أن المجتمع الدولي يقوم عليها، والإيمان بإمكانية التوفيق بينها وبين المصالح حين تكون السياسة عقلانية وواقعية، وعدم الخشية من رفع صوت الحق حين يخيم الصمت، والتمسك بالدبلوماسية حيث يستسهل الخصوم استخدام السلاح». ولم تغب قضايا شعوب عالمنا العربي عن خطاب سمو الأمير، خاصة في سوريا ولبنان والسودان، وهو أمر يحرص عليه سموه على الدوام. قطر اليوم تمثل صوتا للسلام في عالم مليء بالصراعات، ولن يثنيها عن المضي في طريقها كل التحديات، فقطر لا تتخذ مواقفها وسياساتها كردة فعل على أحداث أو مواقف تعرضت لها، وهو ما أكد عليه سمو الأمير المفدى عندما شدد على «أن دولة قطر وهي تعي جسامة التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي، تؤكد أنها ستظل وفية لالتزاماتها في مناصرة الحق وبناء جسور السلام وتعزيز العدالة في العلاقات الدولية «. سجل قطر الناصع البياض في مختلف المجالات، هو الذي أكسبها ثقة المجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته المختلفة، وفي كل يوم تتعزز هذه الثقة بفعل المواقف المشرفة لدولة قطر في خدمة القضايا الإنسانية وإحلال السلام. لقد خاطب سمو الأمير المفدى العالم بصوت الشعوب العربية والإسلامية، وكان خطاب الجرأة في تشخيص الواقع، والدقة في التوصيف، والصدق في الحقائق الدامغة التي لا يمكن طمسها أو تزييفها. كان خطاب قوة الموقف لصانع السلام ونصير الشعوب.

1215

| 24 سبتمبر 2025

قمة الدوحة الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية والإسلامية

مشاركة غير مسبوقة للقادة والرؤساء ورؤساء الحكومات.. قمة الدوحة الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية والإسلامية القمة العربية الإسلامية الطارئة، التي انعقدت بالدوحة تضامناً مع دولة قطر بعد الاستهداف الغادر الذي تعرضت له من قبل الكيان الإسرائيلي، هي الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية في قوة الخطاب السياسي، فهي المرة الأولى التي يوصف فيها الكيان الإسرائيلي بالعدو، وهي الأقوى في فاعليتها، حيث شارك في أعمالها رؤساء دول وحكومات ليصل عدد المشاركين فيها ما يتجاوز 57 زعيماً ورئيس حكومة، وهو عدد غير مسبوق ويمثل علامة بارزة لأكبر قمة سياسية يتفق فيها الزعماء على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية، لوضع حد للعدوان الإسرائيلي السافر على الشعب الفلسطيني وعلى العديد من الدول العربية. وقد جسّد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى طموحات الأمة التي تتطلع الى نتائج هذه القمة بقوله: إن القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة هي رسالة واضحة في وجه إرهاب الدولة الإسرائيلي بحق المنطقة. وستسهم مخرجاتها بشكل فاعل في تكثيف عملنا المشترك وتنسيق مواقف وتدابير بلداننا، بما يوحد الكلمة والصف، مع شكرنا للأشقاء على تضامنهم مع دولة قطر وشعبها في هذا الهجوم الغادر، وجدد سمو الأمير العزم على فعل كل ما يلزم للحفاظ على سيادتنا ومواجهة العدوان الإسرائيلي إلى جانب مواجهة حالة جنون القوة والغطرسة وهوس التعطش للدماء الذي تمارسه إسرائيل وكشف للقادة أن نتنياهو يحلم بتحول المنطقة إلى منطقة نفوذ إسرائيلية وهذا وهم خطير، ومثلت هذه الكلمات النبراس الذي يكشف خطر الاعتداءات الإسرائيلية ونواياه تجاه الأمة مما يتطلب الحذر واليقظة وعدم التفريط والدفاع عن أرواح شعوب الأمة. وأبان سموه أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز العمل العربي والإسلامي المشترك، إذ إن الجميع يستشعر الخطر الداهم الذي يهدد المنطقة برمتها والذي سيلحق بجميع الدول إذا ما ترك العدو الإسرائيلي يرتكب جرائمه بلا حساب ولا عقاب. * ما نتج عن هذه القمة من مواقف سياسية ذات وزن وثقل سياسي ودبلوماسي مؤثر يجعلها علامة بارزة في العمل العربي الإسلامي المشترك مما يؤهل هذه القمة للبناء عليها لمعاقبة إسرائيل على جرائمها المستمرة واستهانتها بدماء الشعوب العربية بعد أن ظنت أنها بمنأى عن العقاب وأن الدول العربية لن تستطيع مواجهتها ووقف مغامراتها الرعناء. * ومن أبرز ما جاء في هذه القمة أنها دعت جميع الدول إلى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن آثارها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها. ولا شك أن هذه الدعوة لها ما بعدها، حيث أجمعت خطابات القادة العرب على أن شعور إسرائيل الزائف بأنها بعيدة عن المساءلة ويمكنها الإفلات من العقاب هو ما يدفعها إلى ارتكاب هذه الجرائم الشنيعة التي تستهين بالمجتمع الدولي والقوانين الدولية. وكذلك أجمع القادة والرؤساء العرب على كلمة واحدة شكلت القاعدة الأساسية لتضامن عربي وإسلامي واسع مع قطر وإدانة للهجوم الإسرائيلي الغادر، وفي ذات الوقت بعثت القمة برسالة إلى العالم مفادها أن العالم العربي والإسلامي متحد في مواجهة العدوان وقادر على صد المواجهات، وفي ذات الوقت لن يتخلى عن واجباته في تعزيز الاستقرار والحوار والسلام العالمي. ودعا الزعماء كذلك إلى إدانة العدوان الإسرائيلي الغادر بجانب تحرك دبلوماسي وقانوني واسع لمساءلة إسرائيل وفضح جرائمها أمام العالم. * بات واضحا أن دعوة القمة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية يشمل عقوبات ذات مسارات متعددة سياسية واقتصادية تصل إلى تجميد أو قطع العلاقات أو الحظر الجوي ووقف أي شكل من أشكال العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى أن يرتدع العدو الإسرائيلي عن جرائمه المتكررة وإيقاف العدوان على غزة وعلى الدول العربية. وأكدت القمة كذلك على التضامن المطلق مع قطر في كل ما تتخذه من خطوات واعتبرت العدوان على قطر عدواناً على جميع الدول العربية والإسلامية. * شكلت قمة الدوحة مرحلة جديدة ستشهد المزيد من التعاضد والتعاون، وهذا ما أبرزته كلمات الزعماء المشاركين في القمة. وجاءت في وقتها المناسب بعد أن تمادى العدو الإسرائيلي في جرائمه الغاشمة، وهو ما دفع القادة إلى هذا الموقف الجامع بالتأكيد على أن العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتجويع والحصار، والأنشطة الاستيطانية والسياسة التوسعية، إنما يقوض أي فرص لتحقيق السلام في المنطقة. وأدانت القمة كذلك بأشد العبارات، الهجوم الجبان غير الشرعي الذي شنته إسرائيل في 9 سبتمبر 2025 على حي سكني في الدوحة، يضم مقرات سكنية خصصتها الدولة لاستضافة الوفود التفاوضية في إطار جهود الوساطة المتعددة التي تضطلع بها دولة قطر، إلى جانب عدد من المدارس والحضانات ومقار البعثات الدبلوماسية، ما أسفر عن سقوط شهداء، من بينهم مواطن قطري، وإصابة عدد من المدنيين. والغريب أن العدوان وقع في وقت تسعى فيه قطر إلى الحوار والوساطة، وهنا يبرز السؤال الرئيسي، وهو كيف تسعى إسرائيل إلى الحوار وتسعى لقتل من تحاوره في ذات الوقت؟! فضلا عن أن هذه الجريمة تشكل عدوانا صارخا على دولة عربية وإسلامية عضو في منظمة الأمم المتحدة، وتمثل تصعيدا خطيرا يعري عدوانية الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ويضاف إلى سجلها الإجرامي الذي يهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، بل ويجعل من الصعب الثقة فيها وفيما تعلنه من مواقف زائفة للحوار والسلام والتوصل الى حلول تهدف إلى وقف نزيف الدماء البريئة في غزة وفلسطين وغيرها من الدول العربية. * من ثمرات قمة الدوحة التأكيد والإشادة بالموقف الحضاري والحكيم والمسؤول الذي انتهجته دولة قطر في تعاملها مع هذا الاعتداء الغادر، وبالتزامها الثابت بأحكام القانون الدولي، وإصرارها على صون سيادتها وأمنها والدفاع عن حقوقها بالوسائل المشروعة كافة. وهو موقف قطري ثابت ظل يمثل نهجاً ثابتاً لم تحد قطر عنه أبداً وستظل راعية للحوار والاستقرار والدفاع عن حقوق الشعوب المغلوبة على أمرها. وجاء رفض القادة واضحاً وقاطعاً لمحاولات تبرير هذا العدوان تحت أي ذريعة كانت، والتشديد على أنه يشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويستهدف بصورة مباشرة تقويض الجهود والوساطات القائمة الرامية إلى وقف العدوان على قطاع غزة، وإفشال المساعي الجادة للتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل ينهي الاحتلال ويكفل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وصون حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف. وكذلك الرفض الكامل والمطلق للتهديدات الإسرائيلية المتكررة بإمكانية استهداف دولة قطر مجددا، أو أي دولة عربية أو إسلامية، لأن ذلك يمثل استفزازا وتصعيدا خطيرا يهدد السلم والأمن الدوليين. * ولعلها المرة الأولى أيضاً التي تتطرق فيها قمم القادة العرب والمسلمين إلى اجراءات عملية لوضع «الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة»، والتأكيد في هذا السياق على مفهوم الأمن الجماعي والمصير المشترك للدول العربية والإسلامية وضرورة الاصطفاف ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، وأهمية بدء وضع الآليات التنفيذية اللازمة. * سيواجه الكيان الإسرائيلي ولأول مرة تصعيداً دبلوماسيا قوياً يتعلق بدعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى النظر في مدى توافق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة مع ميثاقها، بالنظر إلى الانتهاكات الواضحة لشروط العضوية والاستخفاف المستمر بقرارات الأمم المتحدة، مع التنسيق في الجهود الرامية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة. ولن يكون بمقدور اسرائيل في ظل ذلك أن تحتفظ بعضويتها في المنظمات الدولية وهي تنتهك ذات الشرعية التي منحتها ذلك الحق. كذلك دعا البيان الختامي للقمة إلى تكليف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبما يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وحيثما ينطبق، باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضمن أطرها القانونية الوطنية لدعم تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 21 نوفمبر 2024 ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. وهذا موقف قوي يدعم إجراءات منع الإفلات من العقاب وتطبيق قوانين الشرعية الدولية حتى لا تصبح انتقائية وتتسم بازدواجية المعايير. * ويعزز الإجراءات القوية للقمة العربية والإسلامية بيان قادة دول مجلس التعاون الخليجي بتوجيه مجلس الدفاع المشترك بعقد اجتماع عاجل في الدوحة للجنة العسكرية العليا لتقييم الوضع الدفاعي لدول المجلس ومصادر التهديد في موضوع العدوان الإسرائيلي وتوجيه القيادة العسكرية الموحدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية. وما يتبع ذلك من رمزية سياسية قوية تتمثل في عقد هذا الاجتماع في الدوحة، وتسخير كافة الإمكانيات لدعم قطر ضد أية تهديدات. * ومن المهم الإشارة إلى أن دول التعاون اعتبرت الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على قطر يشكل تهديداً مباشراً للأمن الخليجي وللسلم والاستقرار، فضلاً عن إشادتها بتعامل الجهات الأمنية القطرية مع الحادث والتعامل المسؤول مع تطوراته وهو ما يعكس الثقة العالية التي تتمتع بها. لقد تابع أكثر من مائتي إعلامي في الداخل والآلاف غيرهم في الخارج، وقبلهم شعوب العالم المحبة للسلام النتائج المبهرة لقمة الدوحة والمواقف الشجاعة للقادة العرب والمسلمين في مواجهة الإجرام الإسرائيلي الممنهج. * سيصحو الكيان الإسرائيلي من غفوته ليدرك أن العالم لم يعد يقبل زيف الادعاءات التي يسوقها لقلب الحقائق، وتبرير الاعتداءات الغاشمة، وارتكاب المجازر البشعة، والإفلات من العقاب. نعم إنه فجر جديد، فجر أشرقت ملامحه بالتصريحات القوية للزعماء المشاركين في القمة وباركته الدوحة، كعبة المضيوم، لتمضي في مسيرتها المدافعة عن الشعوب وأمن واستقرار المنطقة.

795

| 16 سبتمبر 2025

قمة تاريخية في الدوحة.. والآمال معلقة على سلاح الموقف

ليس جديداً على الدوحة أن تستضيف قمة عربية وإسلامية، فتاريخها يزخر بالعديد من القمم العربية والإسلامية والخليجية، التي عكست مكانة الدولة في الساحتين الإقليمية والدولية، وأظهرت دورها كوسيط فعال في القضايا الإقليمية. لكن الجديد في هذه القمة الطارئة انفرادها بكثير من المزايا غير المسبوقة. لقد انفردت القمة بسرعة التجاوب مع انعقادها للتضامن مع دولة قطر بوجه العدوان الإسرائيلي الغادر، حيث لبى القادة العرب والمسلمون الدعوة للقمة الطارئة في الدوحة. وتنفرد القمة أيضا أنها جمعت القادة العرب والمسلمين حول موقف إدانة بوجه همجية إسرائيل وغطرستها. تنعقد القمة وسط أوسع موجة تضامن امتدت من العواصم العربية والإسلامية إلى عواصم القرار العالمي والمنظمات الأممية وصولا إلى مجلس الأمن الدولي، حيث عبر الأعضاء عن تضامنهم الواسع مع قطر بوجه العدوان الإسرائيلي فيما ظهر المندوب الإسرائيلي معزولاً ومتطرفاً. وهو أمر غير مألوف على الإطلاق، ويُظهر تحوّلًا مهماً في النظرة الدولية تجاه إسرائيل. كما أن القمة تنعقد بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة على إعلان يحدد «خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها» نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين. وحصل هذا القرار على 142 صوتاً مؤيداً و10 أصوات معارضة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت. ويمثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ميزة إضافية تستند إليها القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة. وفي الوقت نفسه فإن مقررات القمة يمكن أن تكون في صلب خطب القادة والرؤساء في الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة. هذه القمة الطارئة تأتي قبل ثلاثة أسابيع من الذكرى الثانية لحرب الإبادة المستمرة على غزة. والتي جعلت إسرائيل أكثر توحشاً وجموحاً، حيث كشفت عن أطماعها التوسعية بضم دول عربية لمشروع إسرائيل الكبرى. ومن المؤكد أن المشروع الإسرائيلي لا يمكن أن يتوقف بدون إجراءات حازمة وموقف عربي إسلامي واحد يردع هذا المشروع الاستعماري الذي ينتهك كل القوانين والأعراف والمعايير الدولية والإنسانية. إن التحدي الكبير أمام القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة يبقى في الإجراء الذي يجب اتخاذه لردع طغيان إسرائيل التي أصبحت تجاهر بوقاحة وتهور أنها تسعى لفرض الاستسلام الكامل على الأمة العربية باستخدام القوة المفرطة في العدوان بدون حسيب أو رقيب. وكما قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فإن استهداف أراضي دولة قطر في وضح النهار «عمل يعبر عن غطرسة وتهور لانتهاك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ووسيط في عملية السلام ما يشكل تصعيداً خطيراً يهدد السلم والأمن والاستقرار الإقليمي ويقوض كل وأي جهود للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط». التحدي الكبير يكون بموقف جريء وواضح يكسر الصمت والعجز أمام عدوانية إسرائيل المتمادية، وهو ما أشار إليه معالي رئيس الوزراء بقوله: إن ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذا النهج هو الصمت، بل بالأحرى عجز المجتمع الدولي عن محاسبتها وعدم وجود عواقب لأي جريمة ترتكبها». إن الفرصة متاحة أمام القادة لاستثمار التضامن العالمي في إدانة العدوان لتغيير سلوك إسرائيل العدواني التي أرادت من عدوانها على الدوحة أن تقول للعالم أن لا خطوط حمراء تضبط سلوكها. وبدون موقف قوي يردع إسرائيل فإنها ستمضي في زعزعة استقرار أي دولة في العالم العربي والإسلامي وتقويض أي جهود دبلوماسية تتعارض مع أجندتها. الفرصة متاحة لتحويل القمة إلى رسالة للمجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بخيار المفاوضات كسبيل وحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط، واعتبار أمن الخليج ركيزة لا يمكن تجاوزها. القمة العربية الإسلامية أمام فرصة تاريخية لردع إسرائيل بسلاح الموقف والإجراءات الحازمة حتى لا تتغول وتواصل استهدافها لدول الخليج والعواصم العربية. وأيضا بإلزام إسرائيل بحل الدولتين خصوصا أن إسرائيل التي تبدو منتصرة في العدوان، لكنها تعاني عزلة غير مسبوقة وتواجه إدانة واسعة رسمية وشعبية في معظم دول العالم. لقد نجحت الدبلوماسية القطرية في توفير هذه الفرصة التاريخية مثلما نجحت في مواجهة العدوان الإسرائيلي، حيث استقطبت أوسع حملة تضامن وحشدت أوسع إدانة عالمية للاعتداء الإسرائيلي. وازدادت مواقفها صلابة وتماسكاً ولم تتراجع عن دعمها لقضية فلسطين العادلة، كما لم ولن تتراجع عن التزامها بجهود الوساطة إلى جانب جمهورية مصر العربية خصوصا أن الهدف الأول للعدوان هو الوساطة. وختاماً.. يبقى التقدير لكل الزعماء والقادة الذين شاركوا في القمة، وكل التقدير للتضامن العربي والإسلامي والعالمي مع قطر، والتقدير أيضاً لكل الذين أعلنوا دعمهم الكامل لكل ما تتخذه قطر من إجراءات ضد العدوان وحماية سيادتها.

738

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4302

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2061

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1788

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1452

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

1347

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

915

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

669

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

645

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

633

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

621

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

567

| 07 ديسمبر 2025

أخبار محلية