رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صاحب السمو أمام الأمم المتحدة خطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق..
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي
كان المجتمع الدولي على موعد مع خطب مهمة لزعماء وقادة العالم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، لكن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، كان بالغ الأهمية لما تضمنه من مواقف قوية ورسائل صادقة عبرت عن قضايا الأمة وهموم شعوبها، كاشفا الأطماع العدوانية للكيان الإسرائيلي بالمنطقة.
وقد استأثر الخطاب ـ الذي جاء بكل صراحة وشفافية ـ باهتمام العالم الذي سمع من سموه صوت الضمير الإنساني وكلام الحق والمنطق، في زمن غاب فيه ضمير المجتمع الدولي وتراجعت لغة المنطق إزاء ما تشهده منطقتنا العربية من استباحة وعدوان وغطرسة بقانون القوة لا بقوة القانون.
هذا العام اكتسب خطاب سمو الأمير المفدى أهمية استثنائية كونه يأتي في لحظة مصيرية حاسمة في تاريخ المنطقة، فقد أتى بعد الاعتداء الإسرائيلي الغادر والجبان على مقرات سكنية يشغلها الوفد المفاوض لحركة حماس في الدوحة، وهو اعتداء أسقط القناع وكشف الأطماع العدوانية المتهورة ضد الأمة العربية والإسلامية، فالاعتداء على الدوحة اعتداء على جميع دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والدول الإسلامية.
وبهذا السياق جاء خطاب سمو الأمير المفدى مستندا إلى موقف عربي وإسلامي عبرت عنه قمة الدوحة الطارئة مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته التاريخية لردع العدوان الإسرائيلي وأطماعها التوسعية في الدول العربية.
الخطاب جاء أيضا متزامنا مع اعتراف العالم بدولة فلسطين، وهو يعتبر أهم صفعة توجه إلى الغطرسة الإسرائيلية وجنون القتل والاستبداد، كما أن الاعتراف يدحض السردية الإسرائيلية المضللة للرأي العام العالمي والتي تدعي أنها تدافع عن نفسها.
ويأتي الخطاب على مسافة أيام قليلة من بدء السنة الثالثة لأسوأ وأبشع حرب إبادة تشهدها الإنسانية ويشهدها التاريخ الحديث، حيث لم يترك العدو الإسرائيلي وسيلة إجرامية إلا واستخدمها لقتل وإبادة الأطفال والنساء والشيوخ بلا خوف من وازع أو رادع في زمن الإفلات من العقاب.
إن التمعن في خطاب سمو الأمير، حفظه الله، يكشف عمق رؤية سموه وتسلسل مواقفه وترابطها، فقد اختار أن يبدأ من النقطة الجوهرية من رأس الهرم للأزمات الدولية التي تعصف بالعالم، والتي سببها عجز النظام الدولي عن إيجاد الحلول.
وقد كان سمو الأمير دقيقا بتشخيص أزمة الأمم المتحدة التي أنشئت قبل ثمانية عقود بعد حرب عالمية على قواعد تقوم على الحفاظ على السلم وكرامة الإنسان وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول والتعاون الدولي، لكن هذه المنظمة أصيبت بنكسة جراء «تراجع منطق النظام الدولي أمام منطق القوة، مما يعني السماح بتسيد منطق الغاب، حيث تغدو مفاهيم القانون والعدالة خارج السياق وحيث يحظى المتجاوز بامتيازات لمجرد أن بوسعه فعل ذلك».
يشير سموه بوضوح إلى أن مرتكب التجاوزات في العلاقات الدولية يعتبر التسامح ضعفا وعجزا، ولذلك وجه سموه دعوة لقادة العالم في الأمم المتحدة أن يتصدر نقاشهم موضوع «كيفية استعادة نظام الأمن الجماعي قوته وفقا لميثاق الأمم المتحدة وعودة الفاعلية للشرعية الدولية».
وكان من الطبيعي أن يتصدر خطاب سموه الاعتداء الغادر على الدوحة الذي استهدف اجتماعا لوفد حماس المفاوض في حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية وسقط جراءه 6 شهداء من ضمنهم مواطن قطري من قوة الأمن الداخلي، حيث اعتبر سموه هذا الاعتداء على قطر بأنه «خرق سافر للأعراف والمواثيق الدولية وفعلة شنعاء وإرهاب دولة».
كما دحض سموه ادعاءات نتنياهو، مؤكدا أن هذا العدوان لا يدخل ضمن حق مزعوم في ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا، لأن العدوان «اعتداء على دولة وساطة صانعة سلام كرست جهودها الدبلوماسية لحل الصراعات بالطرق السلمية وتبذل منذ عامين جهودا مضنية لإنهاء حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».
وكشف سموه حقيقة أهداف العدوان بقوله: يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لقتلهم، ولا يسعى طرف لاغتيال وفد يفاوضه إلا إذا كان هدفه إفشال المفاوضات.
لقد حرص سمو الأمير على أن يكشف للعالم أهداف إسرائيل، التي لم تعد تهدف إلى تحرير الأسرى بل تتخلى عنهم لأجل تدمير غزة، بحيث يستحيل فيها السكن والعمل والتعليم والعلاج لتنعدم مقومات الحياة الإنسانية، وذلك تمهيدا لتهجير السكان، وهذا ما يؤكده إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب، حيث قال سموه إن رئيس وزراء إسرائيل يؤمن بإسرائيل الكبرى وهو يعتبر أن الحرب فرصة لتوسيع المستوطنات وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، كما يخطط لعمليات ضم في الضفة الغربية لفرض وقائع جديدة في الإقليم.
إن مخططات نتنياهو أصبحت مكشوفة وتستهدف المنطقة العربية، ولذلك حرص سمو الأمير المفدى على أن يضعها بوقائعها أمام العالم في الأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن نتنياهو «يتباهى بأنه غير وجه الشرق الأوسط يقصد فعلا أن تتدخل إسرائيل حيثما شاءت ومتى شاءت، إنه يحلم أن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيلي».
كان سمو الأمير يحدّث العالم بواقعية متناهية وبتوصيف دقيق للمخطط الإسرائيلي، حيث قال: «ليست إسرائيل دولة ديمقراطية في محيط معاد كما يدعي قادتها بل هي في الحقيقة معادية لمحيطها وضالعة في بناء نظام فصل عنصري وفي حرب إبادة ويفتخر رئيس حكومتها أنه منع قيام دولة فلسطينية ويتباهى بمنع تحقيق السلام مع الفلسطينيين وبأنه سوف يمنع تحقيقه في المستقبل».
لقد آن الأوان ليطلع العالم على حقيقة إسرائيل وفقا لتوصيف سمو الأمير: «إسرائيل محاطة بدول إما وقعت اتفاقات سلام أو بدول ملتزمة بمبادرة السلام العربية ولكنها تريد أن تفرض إرادتها على محيطها العربي وكل من يعترض على ذلك إما إرهابي أو معادٍ للسامية».
هذه الغطرسة الإسرائيلية والاستقواء على المحيط لفرض واقع جديد لن يكتب له النجاح، ولذلك استبشر سموه «بنشوء حركة عالمية تشبه الحركة العالمية ضد نظام الفصل العنصري في القرن الماضي».
كما ثمن سموه دور الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، والتي تؤكد أن العنف لا ينجح في تصفية قضية عادلة كالقضية الفلسطينية.
ولعل رسالة سموه إلى العالم كانت بموقفه الدائم بأنه: «لا يمكن تحقيق السلام بدون اتخاذ مجلس الأمن قرارا حازما بالانتقال من انقياده لفرض الاحتلال إلى حل القضية الفلسطينية والسماح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 67 وفقا لقرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي».
رغم كل التحديات إلا أن قطر لن تحيد عن طريقها، وهو ما أشار إليه سمو الأمير المفدى حين قال: «لقد اختارت دولة قطر أن تظل ـ كعهدها ـ وفية لنهجها بالوقوف في صف القيم والمبادئ التي يفترض أن المجتمع الدولي يقوم عليها، والإيمان بإمكانية التوفيق بينها وبين المصالح حين تكون السياسة عقلانية وواقعية، وعدم الخشية من رفع صوت الحق حين يخيم الصمت، والتمسك بالدبلوماسية حيث يستسهل الخصوم استخدام السلاح».
ولم تغب قضايا شعوب عالمنا العربي عن خطاب سمو الأمير، خاصة في سوريا ولبنان والسودان، وهو أمر يحرص عليه سموه على الدوام.
قطر اليوم تمثل صوتا للسلام في عالم مليء بالصراعات، ولن يثنيها عن المضي في طريقها كل التحديات، فقطر لا تتخذ مواقفها وسياساتها كردة فعل على أحداث أو مواقف تعرضت لها، وهو ما أكد عليه سمو الأمير المفدى عندما شدد على «أن دولة قطر وهي تعي جسامة التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي، تؤكد أنها ستظل وفية لالتزاماتها في مناصرة الحق وبناء جسور السلام وتعزيز العدالة في العلاقات الدولية «.
سجل قطر الناصع البياض في مختلف المجالات، هو الذي أكسبها ثقة المجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته المختلفة، وفي كل يوم تتعزز هذه الثقة بفعل المواقف المشرفة لدولة قطر في خدمة القضايا الإنسانية وإحلال السلام.
لقد خاطب سمو الأمير المفدى العالم بصوت الشعوب العربية والإسلامية، وكان خطاب الجرأة في تشخيص الواقع، والدقة في التوصيف، والصدق في الحقائق الدامغة التي لا يمكن طمسها أو تزييفها.
كان خطاب قوة الموقف لصانع السلام ونصير الشعوب.
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على... اقرأ المزيد
276
| 26 سبتمبر 2025
أن تقضي أكثر من سبعين عاماً في هذه الحياة ليس مجرد مرور للزمن، بل هي رحلة مليئة بالتجارب،... اقرأ المزيد
108
| 26 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة، تتراوح بين الصدمات النفسية، والانقسامات المجتمعية، وانهيار البنى الثقافية والاجتماعية.... اقرأ المزيد
45
| 26 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2241
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
1794
| 25 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير القذائف، يعلو صوت الإنسانية من غزة ليقول: “نحن هنا… ما زلنا نحلم”، إنها معاناة تُدوّنها الجدران المهدمة والبيوت التي غابت عنها الضحكات، لكن بقي فيها صدى الأمل. أهل غزة يواجهون الألم بالثبات، والدمار بالصبر، والفقدان بالإيمان بأن الغد سيكون أفضل. ورغم أن المعاناة تحاصرهم من كل جانب، فإنهم يرسلون أصواتهم إلى العالم ليُذكّرونا أن الإنسانية لا تعرف حدودًا، وأن الظلم لا يمكن أن يخمد شعلة الحياة. إن بناء الأوطان لا يكون بالقوة وحدها، بل بالعلم والمعرفة، وبالأمل الذي يُنير دروب المظلومين، فكما يقف أبناء غزة اليوم متحدّين رغم قسوة الظروف، فإن غدهم سيُصنع بالعلم الذي يفتح الأبواب، وبالأمل الذي يزرع في قلوبهم شجرة حياة جديدة. وبالأمل والعلم… تُبنى الأوطان ويُصنع غد أفضل، لتبقى غزة رمزًا للصمود، ورسالة أملٍ تتجاوز الألم. “صوت بين الركام” في أحد أزقة غزة الضيقة، جلست ليان الطفلة ذات التسعة أعوام بين أنقاض بيتها المهدّم. كانت تمسك بكتابٍ نجح والدها في إخراجه من تحت الركام، وقال لها وهو يربت على كتفها: “البيوت تُبنى من جديد يا ليان، لكن العقول لا تُهدم… والعلم هو ما سيبني غدك وغد وطنك.” نظرت ليان إلى السماء الملبّدة بالدخان، ثم ابتسمت رغم دمعة علقت بعينيها: “سأدرس يا أبي… حتى لو قرأت على ضوء شمعة، وحتى لو جلست بين الحجارة». مرّت ساعات، وكان الليل ثقيلاً، لكن صوت ليان وهي تقرأ دروسها وسط الخراب كان يعلو على صمت الدمار. سمعها الجيران وقال أحدهم: “انظروا… حتى بين الركام، يولد الأمل». وهكذا، في قلب غزة الجريحة، تعلّمنا أن الأوطان لا تُبنى فقط بالحجارة، بل بالأمل الذي يسكن القلوب، وبالعلم الذي يصنع الغد الأفضل. تلك قصة خيالية، أما القصة الحقيقية فهي للمعلمة إسراء أبو مصطفى فصل بديل على أنقاض بيتها • بعد أن دمّر القصف منزل المعلمة إسراء أبو مصطفى في خان يونس، قررت ألا تسمح للدمار أن يُبيد تعليم الأطفال. • قامت بتأسيس فصل دراسي مؤقت، تحت خيمة، على ركام بيتها، تجمع فيه الأطفال من الروضة إلى الصف السادس. • الطلاب يأتون ليلاً ونهارًا رغم الدمار من حولهم، ليحافظوا على روتينهم الدراسي وشعورهم بأن الحياة تستمر، وأنّ التعليم ليس رفاهية بل حقّ يجب أن يُمارَس. كلمة ختامية حين يتكسّر الحجر وتنهار الجدران، يبقى العلم هو الجدار الأخير الذي يحمي الإنسان من السقوط. في غزة، بين الركام والدخان، لا تُطفأ شمعة الأمل، ولا ينطفئ صوت المعرفة. ليان الصغيرة التي تقرأ على ضوء شمعة، والمعلمة إسراء التي حوّلت أنقاض بيتها إلى فصل دراسي، هما صورتان ناصعتان لوطنٍ ينهض رغم الجراح. إن الرسالة التي يبعثها أبناء غزة إلى العالم واضحة: قد يدمّر العدوان البيوت، لكنه لا يستطيع أن يدمّر العقول. وقد يسلبون الأرض، لكنهم لن يسلبوا الحلم. فالعلم هو السلاح الأقوى، والأمل هو الزاد الأبقى. ومع كل طفل يفتح كتابًا، وكل معلم يصرّ على التعليم، تُزرع بذرة لغدٍ أفضل، تُبنى به الأوطان وتنتصر به الحياة أخيرا.. “قد تهدم القنابل البيوت، لكنها لا تهدم العقول. في غزة، يولد الأمل من بين الركام، ويصنع العلم غدًا لا يُهزم.
837
| 23 سبتمبر 2025