رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لأول مرة " إسرائيل " تجد نفسها معزولة عالمياً
الدول الكبرى في مجلس الأمن تدين " إسرائيل " على جرائمها.. والإفلات من العقاب هو السبب
الهجوم الإسرائيلي على قطر يستهدف الوسطاء ورسالة تهديد للإقليم
العالم العربي والإسلامي مطالب بالتقاط اللحظة التاريخية لاتخاذ مواقف تعزز عزلة إسرائيل
بداية نثمن عالياً حالة التضامن غير المسبوق من قبل العالم العربي والإسلامي قادة وشعوباً خاصة، ودول العالم كافة مع دولة قطر، بعد الاستهداف الإجرامي والغادر الذي تعرضت له الدوحة من قبل الكيان الإسرائيلي باستهداف مقرات سكنية لأعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، وهو ما يعد جريمة نكراء وفق كل الأعراف الدولية، خاصة أن قطر تتولى ملف الوساطة ( معها الشقيقة مصر والولايات المتحدة الأمريكية ) بين الطرفين، فإذا بأحد الأطراف وهو الكيان الإسرائيلي يقدم على استهداف الوسيط والطرف الآخر الذي يتفاوض معه، مما يشكل سابقة خطيرة وغير مألوفة على المستوى العالمي، لا سياسيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا، لكنه الكيان الصهيوني الذي لا يعترف بالقانون ولا يمتلك أخلاقا.
ونرحب ترحيباً حاراً بالقادة العرب والمسلمين في بلدهم الثاني قطر والمشاركين بالقمة المرتقبة بالدوحة الإثنين وبالاجتماعات التحضرية للقمة غدا الأحد.
إننا هذه المرة وكشعوب عربية وإسلامية نريد قمة على مستوى التحديات التي تحيق بأمتنا العربية والإسلامية، والتي تهدد وجودها وكياناتها، وتتصدى للمشروع الإسرائيلي الذي يعلن عنه المجرم نتنياهو ليل نهار بكل وقاحة واستهتار، ويتحدّث عن شرق أوسط جديد، وإسرائيل الكبرى، دون مبالاة بالمحيط العربي والعالم الإسلامي.
نريد قمة تبنى على ما تحقق ليلة أمس الأول في جلسة مجلس الأمن التي عقدت للنظر في الاعتداء الإسرائيلي الغادر على دولة قطر، والذي شهد تضامنا مطلقا مع قطر، وإشادات واسعة لأدوارها الإيجابية في إرساء قواعد الأمن والسلام والاستقرار بالإقليم وعلى مستوى العالم، وهو ما أكسبها هذا التأييد العالمي، والوقوف المطلق معها والمساند لها.
وفي الوقت نفسه فإن حجم الإدانة في مجلس الامن للكيان الإسرائيلي كان كبيرا وعاليا، وهي الحالة الوحيدة التي أجمع مندوبو الدول الأعضاء بمجلس الأمن تقريبا على إدانة " إسرائيل " بكل صراحة وبانتقاد لاذع، وهو ما احدث عزلة حقيقية للكيان ومندوبه، الذي بدا منعزلا كبلده من هول ما رأى من تضامن مطلق مع دولة قطر، وإدانة مطلقة لعدوانه الغادر على قطر.
كل الخطابات في مجلس الأمن نددت بالكيان ـ الذي تقوده حفنة متطرفة ومتعطشة للدماء ـ وأدانت خروج " إسرائيل " على القوانين والأعراف الدولية بسبب افلاتها من العقاب، سمعنا ذلك في كلمات مندوبي الدول الكبرى، سمعناه في كلمات مندوب الصين الذي عكس في كلمته ادراكا عالميا بحجم تصرفات الكيان الإسرائيلي، واستنكر ما وصفه بالإحباط المتعمد للمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن المحتجزين هناك. وهو ما فعله مندوب روسيا الذي أكد أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لم يستهدف دولة قطر فحسب، ولكن استهدف أيضا جهود الوسطاء الذين يعملون من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن الهجوم استهدف منطقة سكنية في العاصمة القطرية توجد بها بعثات دبلوماسية أجنبية، وتأكيده أمام مجلس الأمن أن البعثة الدبلوماسية الروسية تقع على بعد 600 متر من موقع الهجوم، وإشادته بما تقوم به قطر من وساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعملت خلال الأشهر الماضية بلا كلل لإنهاء سفك الدماء في غزة والإفراج عن المحتجزين، متسائلا أمام العالم عما يمكن أن يمنع إسرائيل من قتل معارضيها في أي عاصمة أخرى في العالم حتى ولو كانوا سياسيين مفاوضين.
وعززت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام ذلك التوجه بتأكيدها أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة "صدم العالم"، وأنه قد يفتح "فصلا جديدا وخطيرا" في الصراع المدمر، مما يهدد السلام والاستقرار الإقليميين بشكل خطير.
الجلسة التي جاءت بطلب من الأشقاء في الجزائر والصومال وباكستان والأصدقاء في فرنسا وبريطانيا، شهدت مداخلات قوية كذلك من مندوب باكستان الذي أكد أن الهجوم ليس حادثة منفردة بل هو " جزء من نهج أوسع وممنهج للعدوان وانتهاك القانون الدولي من قبل إسرائيل "، معربا عن تضامن باكستان الكامل مع قطر.
أما الأشقاء في الكويت والإمارات ومصر والأردن والجزائر والصومال فقدموا دعما كاملا وتضامنا تاما مع قطر، وهذا ليس بالأمر المستغرب.
لقد استهدف العدوان الإسرائيلي الغادر على دولة الوساطة آلية رئيسية تعتمدها الأمم المتحدة وميثاقها لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، لا سيما وأن العدوان الغادر على الدوحة استهدف أفراداً كانوا مجتمعين لمناقشة أحدث مقترح أمريكي ( أحد الوسطاء ) لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، ومن هنا فإن أي إجراء يُقوّض جهود الوساطة والحوار "يُضعف الثقة في الآليات ذاتها التي تعتمد عليها الأمم المتحدة لحل النزاعات فما بالنا بدولة قطر التي تعتبرها الأمم المتحدة "شريكا قيما في تعزيز صنع السلام وحل النزاعات" حسب تأكيد وكيلة الأمين العام ذلك امام المحفل الدولي.
الحساب قادم
هذا الزخم الذي منحه مجلس الأمن يشير إلى ان مرحلة جديدة من محاسبة اسرائيل قادمة لن تفيدها ولن تفلت من العقاب، مهما تأخر الوقت، فالمجتمع الدولي بشقيه الشعبي والرسمي، بات مقتنعا بالانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، والجرائم التي ترتكبها.
كل الدول أبدت تضامنها مع دولة قطر بأعلى سقف، بالتوازي مع رفع سقف الانتقاد بدرجة عالية في وجه إسرائيل.
كل مندوبي الدول الكبرى أشادوا بدور قطر وأفضالها على المجتمع الدولي وعطائها من أجل الأمن والاستقرار والسلام في الإقليم وعلى مستوى العالم، والمطلوب من الدول العربية والاسلامية في قمة الدوحة أن تبني على هذا الموقف الدولي الكبير.
نريد من القمة المرتقبة ان تترجم هذا السقف العالي الى خطوات عملية تتصدى لإسرائيل وجموحها ومشروعها التوسعي وعربدتها في المنطقة.
القمة العربية الإسلامية ـ والتي من المتوقع ان تشهد اكبر تمثيل واكبر حضور ـ يجب ان تكون مخرجاتها على حجم التحدي وعلى أهمية المرحلة الفارقة التي تتشكل بعد العدوان الاسرائيلي الذي لم يستهدف قطر وحدها بل استهدف المنظومة الخليجية والنظام العربي والعالم الاسلامي، والدول المحبة للسلام، فقطر قلب الأمة النابض بالعطاء لقضايا أمتها العربية والاسلامية ودول العالم، لم تتوان يوما عن نصرة القضايا العادلة ولا عن إغاثة الملهوف والمحتاج.
قطر تفزع لنجدة أمتها في أي مكان، ولحظة كتابة هذه السطور فإن فرقا قطرية من البحث والانقاذ تتواجد على بعد آلاف الكيلومترات في أفغانستان لنجدة الاشقاء الذين تعرضوا لكارثة الفيضانات، ومن قبل تواجدوا في مناطق عديدة ألمت بها الكوارث من لبنان إلى سوريا إلى الصومال إلى ليبيا إلى المغرب إلى السودان، كل مكان يتعرض لكارثة تفزع له قطر وآن للعالم العربي والإسلامي ان تكون له فزعة بحجم العدوان الغادر الذي تعرضت له دولة قطر.
نريدها قمة تتجاوز التنديد والشجب والاستنكار.
نريدها قمة تضامن بالإجراءات العملية.
نريدها قمة شفافية وتصالح قبل ان تكون قمة شجب واستنكار..
نريد شبكة انذار عربية مبكرة بالمخاطر ليس فقط الأمنية بل المخاطر الاجتماعية والمخاطر الاقتصادية..
نريد قمة تعي المخاطر التي تتعرض لها منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، والعمل على التصدي لها، وفي مقدمتها المشروع التوسعي الإسرائيلي، الذي يتحدث عن " إسرائيل الكبرى "..
نريد قمة تتلاقى فيها قرارات القادة مع تطلعات الشعوب في الوحدة والعزة والكرامة..
نريد إجراءات تجبر الكيان الإسرائيلي على وقف العدوان وادخال المساعدات لأهلنا في قطاع غزة..
نريد قمة توقف تغول الكيان الإسرائيلي وجرائمه الوحشية، وتتصدى لمشروعه التوسعي، الذي يستهدف كل دولنا العربية.
الاستهداف الغادر والسافر الذي تعرضت له قطر من قبل الكيان الإسرائيلي هو رسالة للجميع، إذا ما سكتنا على ذلك ولم نخرج بمواقف عملية تؤلم إسرائيل، فإن دولا أخرى على قائمة الاستهداف الإسرائيلي، وربما أكبر من الاستهداف.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان إلى صدمة؟ (تخيل) أن (جهة ما) استهدفت مقرًا سكنيًا لحركة (ما) في قلب العاصمة، بلا سابق إنذار.الضربة لا تهز مبنى وحسب، بل تهز النفوس، والمجتمع، والتعليم، والجامعات… وحتى صورة المستقبل. هنا السؤال الذي يفرض نفسه؟ إذا اهتزت الدوحة.... من يهتز أولاً ؟ اهتزاز المجتمع… بين الصدمة والصلابة: المجتمع بكامله يدخل في اختبار جماعي عند الأزمات. يولد القلق، ويضعف الإحساس بالأمان، لكن في الوقت نفسه تتكشف فرص لصناعة الصلابة المجتمعية. هذه الصلابة تبدأ من وعي المواطن، وتنمو عبر التعليم وتترسخ عبر ثقافة المسؤولية المشتركة بين الدولة والأفراد. اهتزاز الأمن النفسي… الشرخ الخفي: الأمن النفسي هو الركيزة الأولى لأي مجتمع مستقر. فإذا تصدّع هذا الركن، انهارت معه القدرة على التفكير المتوازن، واتسعت دوائر الخوف والارتباك. الأزمات لا تقتل بالجراح المباشرة وحدها، بل بما تزرعه في النفوس من قلق وشعور بالعجز. أما آن الأوان أن يُنظر إلى الأمن النفسي كأولوية وطنية لا تقل عن الأمن العسكري أو الاقتصادي؟ إنه صمام الأمان الذي يحدد قدرة المجتمع على الصمود أمام أي صدمة، وهو الخط الفاصل بين مجتمع ينهار عند أول اهتزاز، ومجتمع يُعيد ترتيب نفسه ليقف أكثر قوة. الأزمات تكشف هشاشة أو قوة المناهج. التعليم لم يعد مجرد رياضيات وعلوم، بل مهارات حياة، كيف يتعامل الطالب مع الخوف؟ كيف يحافظ على اتزانه النفسي وسط الصدمات؟ وكيف يتحول من ضحية محتملة إلى جزء من الحل؟ المطلوب أن تتحول المناهج إلى منصات لتعليم مهارات التكيف والوعي الأمني. الجامعات القطرية مطالبة بتطوير برامج أكاديمية في الأمن وإدارة الكوارث، وإنشاء مراكز بحث تدرس انعكاسات الأزمات على المجتمع والنفس البشرية. لم تعد الجامعة مجرد منارة للعلم، بل أصبحت درع وعي يحمي المجتمع ويُسهم في استقراره. الاستقرار ليس معطى أبديًا، بل بناء يومي يتطلب وعيًا، تعليما، وتأهيلاً نفسيًا وأمنيًا. هذه الصدمة الافتراضية قد تتحول إلى فرصة وطنية لإعادة التأسيس، مناهج أعمق، جامعات أقوى، وأكاديميات أمنية تندمج في صميم العملية التعليمية. لماذا تؤجل دراسة العلوم السياسية حتى تُطرح كتخصص جامعي، وكأنها شأن خاص بالنخبة أو الباحثين. الوعي السياسي في جوهره وعي وطني، يبدأ من المراحل الدراسية الأولى، مثلما يدرس الطالب الجغرافيا أو التاريخ. إدراج مبادئ العلوم السياسية في المناهج المبكرة يمنح الطلبة أدوات لفهم العالم من حولهم، يعزز انتماءهم الوطني، ويُنمّي لديهم القدرة على قراءة الأزمات والتعامل معها بوعي لا بردود فعل عاطفية. إنه استثمار طويل المدى في جيل يعرف كيف يحمي وطنه بالمعرفة، قبل أن يذود عنه بالفعل. فالدرس الأكبر أن الأزمات، مهما كانت قاسية، قد تُعيد صياغة المستقبل على أسس أصلب وأعمق.إن الرسالة ليست مجرد تحذير افتراضي، بل نداء وطني. أما آن الأوان أن نُعيد صياغة حاضرنا لنضمن مستقبلنا؟ وفي قطر، حيث تحفل الساحة بقيادات واعية، قادرة على اتخاذ قرارات جوهرية، يظل الأمل كبيرًا بأن نُحوّل التحديات إلى فرص، وأن نصوغ من زمن التسارع تاريخًا جديدًا يليق بوطن لا يعرف التراجع.
1806
| 11 سبتمبر 2025
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، لا يعني أبدا نسيان هذا العدوان الإرهابي الهمجي، فهو سيبقى شاهدا على وصول العربدة الإسرائيلية إلى ذروتها، في ظل أسئلة جادة عن حدود الصبر العربي وصمت المجتمع الدولي؟ لقد شكّل هذا الهجوم الغادر اعتداء سافرا على سيادة دولة قطر، ومحاولة آثمة لنقل أجواء الحرب إلى قلب الخليج، في سابقة خطيرة تعكس استخفافا صارخا بالقانون الدولي، ودوسا على أبسط قواعد النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وعدم المساس بأمنها واستقرارها. المفارقة المؤلمة أن الدولة التي طالتها يد العدوان الإسرائيلي هذه المرة، هي نفسها التي حملت على عاتقها طوال الأشهر الماضية عبء الوساطة الشاقة في حرب غزة، فعلى مدار عامين أظهرت الدبلوماسية القطرية قدرة لافتة على فتح قنوات تفاوض بالغة الحساسية، وبذلت جهودا متواصلة في سبيل بلورة حلول توقف نزيف الدم وتفتح الطريق أمام تبادل الأسرى وإمكانية إنهاء الحرب، برغم العراقيل المتعمدة والمتكررة التي وضعها الاحتلال لنسف أي فرصة للسلام. ومن هنا فقد بات واضحا أن الرسالة التي أرادت «حكومة الإبادة» بقيادة بينامين نتنياهو إيصالها من هذا العدوان هو أنها ترغب في اغتيال مسار الوساطة ووأد كل جهد يسعى لإنهاء الحرب التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهي رسالة تكشف أن هذه الحكومة، بتركيبتها المتطرفة، لم تعد ترى في الدم الفلسطيني سوى وقود لبقائها، وأداة للهروب من أزماتها الداخلية المتفاقمة وانقساماتها العميقة. لكن الأخطر أن هذا السلوك يكشف عن نزعة عدوانية متصاعدة للاحتلال ربما تفتح الأبواب على مصاريعها أمام مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. نعم، فحين تصبح عاصمة خليجية آمنة - بغض النظر عن أي ذرائع أو مبررات- هدفا مشروعا في عقل صانع القرار الإسرائيلي، فذلك لا يعني سوى شيء واحد وهو أن المنطقة بكاملها باتت في مرمى حسابات متهورة لا تعترف بسيادة الدول ولا تقيم وزنا للاستقرار أو للقوانين والأعراف الدولية، ما يهدد بجر المنطقة برمتها إلى ويلات لا يمكن التنبؤ بنتائجها الكارثية. لقد عكست حالة التضامن العالمي الواسع مع دولة قطر عقب هذا العدوان المكانة التي باتت تحتلها هذه الدولة الخليجية، والتقدير الذي تحظى به جهودها الدؤوبة لوقف حرب غزة، لكن هذه المواقف على أهميتها اللحظية يجب أن تقترن بخطوات عملية تردع هذا السلوك العدواني المنتهك لسيادة الدول وتمنع تكراره سواء على دولة قطر أو غيرها من دول المنطقة. كما ينبغي أن تشكل هذه الحادثة نقطة تحول حقيقية، تدفع المجتمع الدولي إلى ما هو أبعد من التضامن السياسي والبيانات التقليدية، فالمطلوب اليوم هو تحرك عملي يلزم إسرائيل بوقف عدوانها، والدخول في مفاوضات جدية برعاية الوسطاء، لإنهاء حرب الإبادة في غزة ولجم مساعي حكومتها المتطرفة لتفجير كل المنطقة عوضا عن التجاوب مع المساعي الحميدة لإخماد الحروب والتوترات.
1470
| 12 سبتمبر 2025
ما جرى بالأمس لم يكن حدثًا عابرًا، بل هجوم أيقظ الضمائر وأسقط الأقنعة، الضربة الصهيونية التي استهدفت مقرًا لقيادات المقاومة أثناء اجتماع لبحث مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، لم تكن مجرد اعتداء عسكري جبان، بل إعلانًا صريحًا بأن هذا الكيان الغاصب قد فقد أوراقه السياسية، ولم يعد يملك سوى منطق العصابة المنفلتة التي لا تعبأ بالقوانين ولا تحترم سيادة الدول ولا تراعي أبسط الأعراف الإنسانية. لقد انكشفت البربرية على حقيقتها، الدولة التي حاولت أن تفرض هيبتها بالحديد والنار، كشفت عن ضعفها وانكسارها أمام العالم، لم يعد في جعبتها إلا لغة الغدر وضربات عشوائية لا تفرّق بين مدني وعسكري، ولا بين أرض محايدة وأرض محتلة، ولا بين عدو ووسيط، تلك العلامات الواضحة لا تعني إلا شيئًا واحدًا: الانهيار من الداخل بعد سقوط صورتها في الخارج. نحن أمام لحظة فارقة، لحظة اختبار للتاريخ: هل سنرتقي إلى مستوى المسؤولية ونحوّل هذا الحدث غير المسبوق إلى بداية لصحوة عربية وإسلامية؟ هل سنشكّل جبهة موحّدة مع شرفاء العالم لنضع حدًا للتواطؤ والتطبيع، ونطرد سفراء الاحتلال من عواصمنا، ونغلق الأبواب التي فُتحت لهم تحت شعارات مضللة لم تجلب سوى الوهم والعار؟ أم سنمضي كأن شيئًا لم يكن؟ إنها فرصة ذهبية لإعادة ترتيب البيت العربي من الداخل، ليست القضية قضية قطر وحدها، بل قضية كل شبر عربي مهدّد اليوم بانتهاك السيادة، وغدًا بالاحتلال الصريح، لقد أثبتت التجارب أن هذا الكيان لا يفهم إلا لغة الردع، ولا يقرأ إلا معادلات القوة، وكل لحظة تأخير تعني مزيدًا من الاستباحة والاستهانة بحقوقنا وكرامتنا. نحن أمة تمتلك أغلب موارد الطاقة ومفاتيح طرق التجارة العالمية، ومع ذلك تُعامل كأطراف ضعيفة في معادلة الصراع، آن الأوان أن نتحرك لا بخطابات رنانة ولا بيانات جوفاء، بل بمواقف عملية تُعيد الهيبة إلى هذه الأمة. لقد أراد الاحتلال من وراء هذه العملية الغادرة أن يوجّه رسالة مرتبطة بمقترح ترامب، مفادها أن لا صوت يعلو فوق صوته، لكن الرد الحقيقي يجب أن يكون أوضح: السيادة لا تُستباح، والقرار لا يُملى من واشنطن ولا من تل أبيب. الغدر هو آخر أوراقهم… فلنجعل وحدتنا أول أوراقنا.
1383
| 10 سبتمبر 2025