رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر الحرمي

مساحة إعلانية

مقالات

567

جابر الحرمي

قمة تاريخية في الدوحة.. والآمال معلقة على سلاح الموقف

15 سبتمبر 2025 , 02:50ص

 ليس جديداً على الدوحة أن تستضيف قمة عربية وإسلامية، فتاريخها يزخر بالعديد من القمم العربية والإسلامية والخليجية، التي عكست مكانة الدولة في الساحتين الإقليمية والدولية، وأظهرت دورها كوسيط فعال في القضايا الإقليمية. لكن الجديد في هذه القمة الطارئة انفرادها بكثير من المزايا غير المسبوقة.

لقد انفردت القمة بسرعة التجاوب مع انعقادها للتضامن مع دولة قطر بوجه العدوان الإسرائيلي الغادر، حيث لبى القادة العرب والمسلمون الدعوة للقمة الطارئة في الدوحة. 

وتنفرد القمة أيضا أنها جمعت القادة العرب والمسلمين حول موقف إدانة بوجه همجية إسرائيل وغطرستها.

 تنعقد القمة وسط أوسع موجة تضامن امتدت من العواصم العربية والإسلامية إلى عواصم القرار العالمي والمنظمات الأممية وصولا إلى مجلس الأمن الدولي، حيث عبر الأعضاء عن تضامنهم الواسع مع قطر بوجه العدوان الإسرائيلي فيما ظهر المندوب الإسرائيلي معزولاً ومتطرفاً. وهو أمر غير مألوف على الإطلاق، ويُظهر تحوّلًا مهماً في النظرة الدولية تجاه إسرائيل. 

 كما أن القمة تنعقد بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة على إعلان يحدد «خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها» نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين. وحصل هذا القرار على 142 صوتاً مؤيداً و10 أصوات معارضة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت.

ويمثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ميزة إضافية تستند إليها القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة. وفي الوقت نفسه فإن مقررات القمة يمكن أن تكون في صلب خطب القادة والرؤساء في الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة.

هذه القمة الطارئة تأتي قبل ثلاثة أسابيع من الذكرى الثانية لحرب الإبادة المستمرة على غزة. والتي جعلت إسرائيل أكثر توحشاً وجموحاً، حيث كشفت عن أطماعها التوسعية بضم دول عربية لمشروع إسرائيل الكبرى. ومن المؤكد أن المشروع الإسرائيلي لا يمكن أن يتوقف بدون إجراءات حازمة وموقف عربي إسلامي واحد يردع هذا المشروع الاستعماري الذي ينتهك كل القوانين والأعراف والمعايير الدولية والإنسانية.

إن التحدي الكبير أمام القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة يبقى في الإجراء الذي يجب اتخاذه لردع طغيان إسرائيل التي أصبحت تجاهر بوقاحة وتهور أنها تسعى لفرض الاستسلام الكامل على الأمة العربية باستخدام القوة المفرطة في العدوان بدون حسيب أو رقيب. وكما قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فإن استهداف أراضي دولة قطر في وضح النهار «عمل يعبر عن غطرسة وتهور لانتهاك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ووسيط في عملية السلام ما يشكل تصعيداً خطيراً يهدد السلم والأمن والاستقرار الإقليمي ويقوض كل وأي جهود للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط».

 التحدي الكبير يكون بموقف جريء وواضح يكسر الصمت والعجز أمام عدوانية إسرائيل المتمادية، وهو ما أشار إليه معالي رئيس الوزراء بقوله: إن ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذا النهج هو الصمت، بل بالأحرى عجز المجتمع الدولي عن محاسبتها وعدم وجود عواقب لأي جريمة ترتكبها». 

  إن الفرصة متاحة أمام القادة لاستثمار التضامن العالمي في إدانة العدوان لتغيير سلوك إسرائيل العدواني التي أرادت من عدوانها على الدوحة أن تقول للعالم أن لا خطوط حمراء تضبط سلوكها. وبدون موقف قوي يردع إسرائيل فإنها ستمضي في زعزعة استقرار أي دولة في العالم العربي والإسلامي وتقويض أي جهود دبلوماسية تتعارض مع أجندتها. 

 الفرصة متاحة لتحويل القمة إلى رسالة للمجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بخيار المفاوضات كسبيل وحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط، واعتبار أمن الخليج ركيزة لا يمكن تجاوزها.

 القمة العربية الإسلامية أمام فرصة تاريخية لردع إسرائيل بسلاح الموقف والإجراءات الحازمة حتى لا تتغول وتواصل استهدافها لدول الخليج والعواصم العربية. وأيضا بإلزام إسرائيل بحل الدولتين خصوصا أن إسرائيل التي تبدو منتصرة في العدوان، لكنها تعاني عزلة غير مسبوقة وتواجه إدانة واسعة رسمية وشعبية في معظم دول العالم.

 لقد نجحت الدبلوماسية القطرية في توفير هذه الفرصة التاريخية مثلما نجحت في مواجهة العدوان الإسرائيلي، حيث استقطبت أوسع حملة تضامن وحشدت أوسع إدانة عالمية للاعتداء الإسرائيلي. وازدادت مواقفها صلابة وتماسكاً ولم تتراجع عن دعمها لقضية فلسطين العادلة، كما لم ولن تتراجع عن التزامها بجهود الوساطة إلى جانب جمهورية مصر العربية خصوصا أن الهدف الأول للعدوان هو الوساطة.

وختاماً.. يبقى التقدير لكل الزعماء والقادة الذين شاركوا في القمة، وكل التقدير للتضامن العربي والإسلامي والعالمي مع قطر، والتقدير أيضاً لكل الذين أعلنوا دعمهم الكامل لكل ما تتخذه قطر من إجراءات ضد العدوان وحماية سيادتها.

مساحة إعلانية