رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر الحرمي

مساحة إعلانية

مقالات

711

جابر الحرمي

قمة الدوحة الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية والإسلامية

16 سبتمبر 2025 , 02:44ص

مشاركة غير مسبوقة للقادة والرؤساء ورؤساء الحكومات..

قمة الدوحة الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية والإسلامية

القمة العربية الإسلامية الطارئة، التي انعقدت بالدوحة تضامناً مع دولة قطر بعد الاستهداف الغادر الذي تعرضت له من قبل الكيان الإسرائيلي، هي الأعلى سقفاً في تاريخ القمم العربية في قوة الخطاب السياسي، فهي المرة الأولى التي يوصف فيها الكيان الإسرائيلي بالعدو، وهي الأقوى في فاعليتها، حيث شارك في أعمالها رؤساء دول وحكومات ليصل عدد المشاركين فيها ما يتجاوز 57 زعيماً ورئيس حكومة، وهو عدد غير مسبوق ويمثل علامة بارزة لأكبر قمة سياسية يتفق فيها الزعماء على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية، لوضع حد للعدوان الإسرائيلي السافر على الشعب الفلسطيني وعلى العديد من الدول العربية. 

وقد جسّد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى طموحات الأمة التي تتطلع الى نتائج هذه القمة بقوله: إن القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة هي رسالة واضحة في وجه إرهاب الدولة الإسرائيلي بحق المنطقة. وستسهم مخرجاتها بشكل فاعل في تكثيف عملنا المشترك وتنسيق مواقف وتدابير بلداننا، بما يوحد الكلمة والصف، مع شكرنا للأشقاء على تضامنهم مع دولة قطر وشعبها في هذا الهجوم الغادر، وجدد سمو الأمير العزم على فعل كل ما يلزم للحفاظ على سيادتنا ومواجهة العدوان الإسرائيلي إلى جانب مواجهة حالة جنون القوة والغطرسة وهوس التعطش للدماء الذي تمارسه إسرائيل وكشف للقادة أن نتنياهو يحلم بتحول المنطقة إلى منطقة نفوذ إسرائيلية وهذا وهم خطير، ومثلت هذه الكلمات النبراس الذي يكشف خطر الاعتداءات الإسرائيلية ونواياه تجاه الأمة مما يتطلب الحذر واليقظة وعدم التفريط والدفاع عن أرواح شعوب الأمة. 

وأبان سموه أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز العمل العربي والإسلامي المشترك، إذ إن الجميع يستشعر الخطر الداهم الذي يهدد المنطقة برمتها والذي سيلحق بجميع الدول إذا ما ترك العدو الإسرائيلي يرتكب جرائمه بلا حساب ولا عقاب. 

* ما نتج عن هذه القمة من مواقف سياسية ذات وزن وثقل سياسي ودبلوماسي مؤثر يجعلها علامة بارزة في العمل العربي الإسلامي المشترك مما يؤهل هذه القمة للبناء عليها لمعاقبة إسرائيل على جرائمها المستمرة واستهانتها بدماء الشعوب العربية بعد أن ظنت أنها بمنأى عن العقاب وأن الدول العربية لن تستطيع مواجهتها ووقف مغامراتها الرعناء. 

* ومن أبرز ما جاء في هذه القمة أنها دعت جميع الدول إلى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن آثارها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها. ولا شك أن هذه الدعوة لها ما بعدها، حيث أجمعت خطابات القادة العرب على أن شعور إسرائيل الزائف بأنها بعيدة عن المساءلة ويمكنها الإفلات من العقاب هو ما يدفعها إلى ارتكاب هذه الجرائم الشنيعة التي تستهين بالمجتمع الدولي والقوانين الدولية. وكذلك أجمع القادة والرؤساء العرب على كلمة واحدة شكلت القاعدة الأساسية لتضامن عربي وإسلامي واسع مع قطر وإدانة للهجوم الإسرائيلي الغادر، وفي ذات الوقت بعثت القمة برسالة إلى العالم مفادها أن العالم العربي والإسلامي متحد في مواجهة العدوان وقادر على صد المواجهات، وفي ذات الوقت لن يتخلى عن واجباته في تعزيز الاستقرار والحوار والسلام العالمي. ودعا الزعماء كذلك إلى إدانة العدوان الإسرائيلي الغادر بجانب تحرك دبلوماسي وقانوني واسع لمساءلة إسرائيل وفضح جرائمها أمام العالم. 

* بات واضحا أن دعوة القمة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية يشمل عقوبات ذات مسارات متعددة سياسية واقتصادية تصل إلى تجميد أو قطع العلاقات أو الحظر الجوي ووقف أي شكل من أشكال العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى أن يرتدع العدو الإسرائيلي عن جرائمه المتكررة وإيقاف العدوان على غزة وعلى الدول العربية. وأكدت القمة كذلك على التضامن المطلق مع قطر في كل ما تتخذه من خطوات واعتبرت العدوان على قطر عدواناً على جميع الدول العربية والإسلامية. 

* شكلت قمة الدوحة مرحلة جديدة ستشهد المزيد من التعاضد والتعاون، وهذا ما أبرزته كلمات الزعماء المشاركين في القمة. وجاءت في وقتها المناسب بعد أن تمادى العدو الإسرائيلي في جرائمه الغاشمة، وهو ما دفع القادة إلى هذا الموقف الجامع بالتأكيد على أن العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتجويع والحصار، والأنشطة الاستيطانية والسياسة التوسعية، إنما يقوض أي فرص لتحقيق السلام في المنطقة. وأدانت القمة كذلك بأشد العبارات، الهجوم الجبان غير الشرعي الذي شنته إسرائيل في 9 سبتمبر 2025 على حي سكني في الدوحة، يضم مقرات سكنية خصصتها الدولة لاستضافة الوفود التفاوضية في إطار جهود الوساطة المتعددة التي تضطلع بها دولة قطر، إلى جانب عدد من المدارس والحضانات ومقار البعثات الدبلوماسية، ما أسفر عن سقوط شهداء، من بينهم مواطن قطري، وإصابة عدد من المدنيين. 

والغريب أن العدوان وقع في وقت تسعى فيه قطر إلى الحوار والوساطة، وهنا يبرز السؤال الرئيسي، وهو كيف تسعى إسرائيل إلى الحوار وتسعى لقتل من تحاوره في ذات الوقت؟! 

فضلا عن أن هذه الجريمة تشكل عدوانا صارخا على دولة عربية وإسلامية عضو في منظمة الأمم المتحدة، وتمثل تصعيدا خطيرا يعري عدوانية الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ويضاف إلى سجلها الإجرامي الذي يهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، بل ويجعل من الصعب الثقة فيها وفيما تعلنه من مواقف زائفة للحوار والسلام والتوصل الى حلول تهدف إلى وقف نزيف الدماء البريئة في غزة وفلسطين وغيرها من الدول العربية. 

* من ثمرات قمة الدوحة التأكيد والإشادة بالموقف الحضاري والحكيم والمسؤول الذي انتهجته دولة قطر في تعاملها مع هذا الاعتداء الغادر، وبالتزامها الثابت بأحكام القانون الدولي، وإصرارها على صون سيادتها وأمنها والدفاع عن حقوقها بالوسائل المشروعة كافة. وهو موقف قطري ثابت ظل يمثل نهجاً ثابتاً لم تحد قطر عنه أبداً وستظل راعية للحوار والاستقرار والدفاع عن حقوق الشعوب المغلوبة على أمرها. 

 وجاء رفض القادة واضحاً وقاطعاً لمحاولات تبرير هذا العدوان تحت أي ذريعة كانت، والتشديد على أنه يشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويستهدف بصورة مباشرة تقويض الجهود والوساطات القائمة الرامية إلى وقف العدوان على قطاع غزة، وإفشال المساعي الجادة للتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل ينهي الاحتلال ويكفل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وصون حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف. وكذلك الرفض الكامل والمطلق للتهديدات الإسرائيلية المتكررة بإمكانية استهداف دولة قطر مجددا، أو أي دولة عربية أو إسلامية، لأن ذلك يمثل استفزازا وتصعيدا خطيرا يهدد السلم والأمن الدوليين. 

* ولعلها المرة الأولى أيضاً التي تتطرق فيها قمم القادة العرب والمسلمين إلى اجراءات عملية لوضع «الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة»، والتأكيد في هذا السياق على مفهوم الأمن الجماعي والمصير المشترك للدول العربية والإسلامية وضرورة الاصطفاف ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، وأهمية بدء وضع الآليات التنفيذية اللازمة.

* سيواجه الكيان الإسرائيلي ولأول مرة تصعيداً دبلوماسيا قوياً يتعلق بدعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى النظر في مدى توافق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة مع ميثاقها، بالنظر إلى الانتهاكات الواضحة لشروط العضوية والاستخفاف المستمر بقرارات الأمم المتحدة، مع التنسيق في الجهود الرامية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة. ولن يكون بمقدور اسرائيل في ظل ذلك أن تحتفظ بعضويتها في المنظمات الدولية وهي تنتهك ذات الشرعية التي منحتها ذلك الحق. 

كذلك دعا البيان الختامي للقمة إلى تكليف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبما يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وحيثما ينطبق، باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضمن أطرها القانونية الوطنية لدعم تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 21 نوفمبر 2024 ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. وهذا موقف قوي يدعم إجراءات منع الإفلات من العقاب وتطبيق قوانين الشرعية الدولية حتى لا تصبح انتقائية وتتسم بازدواجية المعايير.

* ويعزز الإجراءات القوية للقمة العربية والإسلامية بيان قادة دول مجلس التعاون الخليجي بتوجيه مجلس الدفاع المشترك بعقد اجتماع عاجل في الدوحة للجنة العسكرية العليا لتقييم الوضع الدفاعي لدول المجلس ومصادر التهديد في موضوع العدوان الإسرائيلي وتوجيه القيادة العسكرية الموحدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية. وما يتبع ذلك من رمزية سياسية قوية تتمثل في عقد هذا الاجتماع في الدوحة، وتسخير كافة الإمكانيات لدعم قطر ضد أية تهديدات. 

* ومن المهم الإشارة إلى أن دول التعاون اعتبرت الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على قطر يشكل تهديداً مباشراً للأمن الخليجي وللسلم والاستقرار، فضلاً عن إشادتها بتعامل الجهات الأمنية القطرية مع الحادث والتعامل المسؤول مع تطوراته وهو ما يعكس الثقة العالية التي تتمتع بها. 

لقد تابع أكثر من مائتي إعلامي في الداخل والآلاف غيرهم في الخارج، وقبلهم شعوب العالم المحبة للسلام النتائج المبهرة لقمة الدوحة والمواقف الشجاعة للقادة العرب والمسلمين في مواجهة الإجرام الإسرائيلي الممنهج. 

* سيصحو الكيان الإسرائيلي من غفوته ليدرك أن العالم لم يعد يقبل زيف الادعاءات التي يسوقها لقلب الحقائق، وتبرير الاعتداءات الغاشمة، وارتكاب المجازر البشعة، والإفلات من العقاب. 

نعم إنه فجر جديد، فجر أشرقت ملامحه بالتصريحات القوية للزعماء المشاركين في القمة وباركته الدوحة، كعبة المضيوم، لتمضي في مسيرتها المدافعة عن الشعوب وأمن واستقرار المنطقة.

مساحة إعلانية