رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قبل كل شيء..
شكراً سمو الأمير المفدى وإن كانت كلمات الشكر والعرفان لا توفي سموكم حقكم، على هذه الرعاية والاهتمام بإنسان هذا الوطن، الذي لا تدخرون جهداً من أجل توفير الحياة الكريمة، بأرقى صورها وأفضل إمكاناتها..
إن القراءة الحقيقية لقانون الموارد البشرية بعد التعديلات واللائحة التنفيذية التي صادق عليها سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، تتجاوز الامتيازات المالية، إلى ما هو أبعد من ذلك في جوانبه المتعلقة بالاستقرار الأسري، ورفع كفاءة العمل الحكومي وتحسين بيئة العمل، وإيجاد بيئة عمل عادلة ومحفزة للمواطنين، وقبل هذا وبعده، خلق حالة من التوازن بين العمل والحياة الأسرية، وهو يمثّل أولوية لدى الدولة، كون ذلك يسهم بفاعلية كبيرة نحو دعم وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة، التي تحرص عليها القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، الذي لا يتوانى في تسخير كل الإمكانات من أجل مصلحة الوطن والمواطن.
في كل خطواتها تضع الدولة الحياة المعيشية واستقرار الأسرة في صدارة أولوياتها، وركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع، وما رؤية قطر الوطنية 2030 إلا دليل واضح، حيث في صدارة ما تستند إليه في ركائزها ، التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى التنمية الاقتصادية والتنمية البيئية، والتي تأتي أيضا انسجاماً مع الإستراتيجيات الهادفة إلى الاستثمار في رأس المال البشري، وتمكينه من التعامل والتفاعل مع الاقتصاد القائم على المعرفة والتنافسية، بما يحقق المصلحة العامة ويعود بالنفع على المجتمع ويعزز مكانة الدولة كنموذج رائد في التحديث الإداري والتنمية البشرية.
لقد استندت التعديلات على قانون الموارد البشرية الذي أصدره سمو الأمير المفدى إلى ركائز وطنية أبرزها ركيزة التنمية البشرية الواردة في إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لبناء مؤسسات حكومية متميزة وقوى عاملة جاهزة للمستقبل، إلى جانب ركائز أخرى لخصها سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية بأربع ركائز تشمل تحسين وسائل الاستقطاب والاستبقاء، لتعزيز مشاركة واستدامة الكفاءات الوطنية في القطاع الحكومي، تحقيق المرونة في بيئة العمل، وتعزيز الاستقرار الأسري عبر مميزات تدعم الآباء والأمهات العاملين في القطاع الحكومي، وتطبيق آليات التعيين للاستفادة من الكوادر الوطنية بما يدعم تحقيق التوجهات الوطنية.
هذه التعديلات التي تعتبر علامة فارقة في مسيرة التنمية البشرية جاءت ثمرة عمل دؤوب، واجتازت الكثير من المراحل والتجارب والتدقيق والتحليل والتقييم والمراجعات، ومشاركة الجهات الحكومية بالمقترحات لتلافي الثغرات، وصولاً إلى أفضل النتائج لبناء منظومة عمل حكومية وفق أرقى معايير بيئة العمل الصحية والسليمة والمنتجة والمتفاعلة.
كثيرة هي الحوافز والعلاوات والبدلات الواردة في تعديلات قانون الموارد البشرية، لكن أبرزها وأهمها باعتقادي تلك المتعلقة بتحقيق التماسك والاستقرار الأسري، خصوصاً أن الحرص على استقرار الأسرة يأتي في صلب سياسات الدولة وإستراتيجياتها الوطنية والتنموية، فالتعديلات الجديدة تحقق المرونة في العمل وتدعم الحياة الأسرية للموظفين، حيث يمنح كل من الزوجين العلاوة الاجتماعية بفئة متزوج، بعدما كان في السابق أحدهما يحصل على فئة متزوج والآخر أعزب.كذلك تمكين الزوج والزوجة من تلبية احتياجات الأسرة عبر منحهما ساعات إضافية في الاستئذان شهريا، فضلا عن تمكين أحد الأبوين القطريين من مرافقة الابن أثناء العلاج في المستشفى داخل الدولة ، مما يحقق مبدأ أن الأسرة المتماسكة المستقرة تصنع بيئة عمل منتجة وسليمة.وشملت التعديلات الكثير من المميزات التي تضاف إلى ما كانت موجودة أصلا في القانون السابق قبل التعديل، مع استحداث حوافز وعلاوات وتحديث منظومة البدلات بشكل كامل، وإجازة دراسية براتب كامل، ومنح تدريب بمعاهد ومراكز التدريب التابعة للدولة بحد أقصى 15 يوماً في الشهر وبما لا يتجاوز شهرين في السنة.هذا السعي الدؤوب للدولة بتذليل كل العقبات، وتوفير كل الإمكانات، ينبغي أن يقابلها من المواطن تحمل المزيد من المسؤولية تجاه الوطن ورفعته وتقدمه، والسعي لتحقيق المزيد من المكتسبات التي تعود بالنفع على الوطن.لم تدخر الدولة جهدا إلا ودفعت به من أجل تعزيز مسيرة الوطن والمواطن، فالتعديلات تضمنت حوافـز غير مسبوقة، ومزايا ترضي الطموحات وتلبي التطلعات لتحقيق أفضل النتائج والمكاسب للموظفين، كما تحقق جودة الإنتاج وبناء بيئة عمل في المؤسسات الحكومية تواكب العصر وتصنع المستقبل الأفضل.
** إننا نعيش في وطن ينعم بالأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لأفراده، والفضل بعد الله يعود إلى القيادة الرشيدة لهذا الوطن الغالي، التي جعلت نصب عينيها، وكل تحركاتها، من أجل توفير كل سبل الراحة في كل القطاعات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية والرياضية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
7314
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4962
| 02 أكتوبر 2025