رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من العار على النظام العربي أن يقف متفرجاً على المذابح التي ترتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، في مشهد مخزٍ من التخاذل عن الوقوف في وجه الآلة الوحشية للكيان الصهيوني، الذي فشل فشلا ذريعا من الوقوف أمام كتيبة المقاومين من كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، الذين اجتاحوا الجدار الفولاذي الإلكتروني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومرغوا أنوف الكيان وقادته، وداسوا على قواعده ورؤوس جنوده، واثخنوا فيهم قتلا تجاوز عددهم الألف قتيل، وأسروا المئات، في مشهد لم يألفه الكيان الغاصب منذ قيامه على أرضنا الطاهرة المقدسة. هذا المشهد العاجز عن الحركة للنظام العربي، قابله نجدة سريعة للولايات المتحدة الأمريكية بإقامة جسر جوي مباشر لنقل الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية للكيان الإسرائيلي، وتحريك أكبر حاملة طائرات ترافقها مدمرات للتوجه إلى شواطئ فلسطين المحتلة، بعد أن كانت متمركزة في محيط أوكرانيا، مع تأكيد للرئيس الأمريكي بايدن بدعم الكيان الإسرائيلي، ومنحها الحق في فعل كل شيء، بل دعاها إلى أفعال أكثر « حسما « كما قال في مؤتمره الصحفي بالأمس. ولم يقف اسناد الكيان الإسرائيلي عند أمريكا، بل إن بريطانيا وأوروبا مجتمعة تعلن الوقوف مع هذا الكيان، ومنع حتى التعاطف مع الشعب الفلسطيني أو الضحايا في قطاع غزة، ثم تأتيك أوروبا لتتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان. هذا الكيان ـ الذي للأسف يراهن عليه البعض في عالمنا العربي ـ هش لدرجة أنه لا يستطيع بكل ما يملكه من آلة عسكرية مدججة بكل الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا، من الوقوف أمام فصيل مقاوم في فلسطين، الذي أذاقه شر الهزيمة، واخترق كل التحصينات التي أقامها، وكل أجهزة التنصت التي زرعها، وكل « القباب « التي قال إنها الأكثر تقدما للتصدي للصواريخ، وإذا بها تنهار أمام صلابة إرادة القساميين. عجز الكيان بكل قواته عن المواجهة العسكرية في الميدان، فلجأ إلى سياسة الأرض المحروقة في قطاع غزة، فاستخدم كل أنواع الأسلحة عبر سلاحه الجوي ليقدم على إبادة مربعات سكنية مدنية بالكامل، مع حصار شامل للقطاع، بما فيها معبر رفح، الذي يربط القطاع مع مصر. دعونا من العالم الغربي والمجتمع الدولي المتواطئ، ماذا قدم النظام العربي لنصرة ونجدة أهل غزة الذين يبادون بشكل علني ممنهج؟. النظام العربي اليوم يتفرج على ما يرتكبه الصهاينة من جرائم بشعة في غزة، ولم يحركوا ساكنا، ولم يعلنوا عن مواقف عملية للتصدي لهذه الجرائم المرتكبة، وكأن ما يحدث في غزة مشهد سينمائي يشاهده هذه النظام العربي في سهراته. عار على العرب اليوم هذا الموقف المتخاذل تجاه ما يحدث في غزة، وما كان يحدث من غطرسة صهيونية في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية وجنين.. والداخل الفلسطيني المحتل. غزة وأهلها ومقاومتها تدفع ثمن الدفاع عن مقدسات العرب والمسلمين، بعد أن تقاعس الجميع من الانتصار لها أمام الغطرسة والوقاحة الصهيونية التي نشاهدها يوميا في اقتحامات المسجد الأقصى وفي التعدي على الأعراض وحرائر فلسطين، اللاتي يدافعن عن حرمات مقدساتنا، كان الأولى بالنظام العربي والإسلامي الدفاع عنها. العرب في جاهليتهم كانوا ينتصرون لبني قومهم، وإن كانوا ظالمين، ويتدافعون لنصرته: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، هكذا كانت مروءتهم، بغض النظر عن صوابيتها أو خطئها، لكنهم يرفضون ـ من دافع الحمية ـ الاعتداء على قومهم، فما بال عرب اليوم حتى مروءة الجاهلية قد تخلوا عنها. غزة ستُبعث من جديد، ولن تستطيع الآلة العسكرية الصهيونية ومعها كل حلفائها من تركيع الشعب الفلسطيني، أو اخضاع أهل غزة، أو كسر إرادة المقاومة، بل على العكس تماما، فما انجزته المقاومة في السابع من شهر أكتوبر 2023 في عملية طوفان الأقصى يمثل مرحلة جديدة دخلتها مسيرة التحرير لكل فلسطين، فما بعد هذه العملية لن يكون كما كان قبلها، لكن في نفس الوقت سيظل ما يحدث لأهل غزة من حرب إبادة عبر الصواريخ والقنابل الموجهة عن بعد من قبل الكيان الإسرائيلي، وصمة عار في جبين النظام العربي، الذي يتفرج على ما يحدث دون أن يحرك ساكنا، أو يسجل موقفا مشرفا ونبيلا وشجاعا، لا أقول لنصرة غزة وأهلها، إنما لتحسين صورته واسترداد ولو جزء من شعبيته وشرعيته، فالانتصار لغزة إذا ما تم ـ وإن كان متأخرا ـ سيمثل قيمة أخلاقية للنظام العربي. أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أيها النظام العربي.
6318
| 11 أكتوبر 2023
ليس الصهاينة اليوم في صدمة، بل العالم أجمع بات يعيش صدمة من وقع قدرات المقاومة في غزة المحاصرة منذ أكثر من 17 عاما. ما حدث بالأمس من اجتياح قامت به المقاومة الفلسطينية تقودها كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، لما يعرف بغلاف غزة من ( مدن وقرى فلسطينية محتلة ) والسيطرة على عدد منها يمثل منعطفا جديدا في مسيرة تحرير فلسطين، كل فلسطين. ليس أسلوب المباغتة الذي قامت به المقاومة هو الصدمة، بل ما أظهرته من قدرات وإمكانيات وخطط ميدانية وتحركات مدروسة، ليمثّل ذلك حرباً شاملة، حسب اعتراف الكيان الإسرائيلي، الذي اعلن حالة الحرب، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ 50 عاما ( حرب أكتوبر 1973 ). لم نألف هذه الأجواء ونحن في حالة حرب، حسب تصريحات الصهاينة. هجوم بري، رافقه دفعة أولى من الصواريخ تجاوزت 5000 صاروخ، ومعها انزال خلف قواعد العدو، وحرب إلكترونية شملت تشويشا على شبكات الاتصال الإسرائيلية وقطع لبعضها، في مشهد غير مألوف على الساحة العربية في مواجهة الكيان الإسرائيلي، الذي أثبتت هذه العملية البطولية أنه « بيت العنكبوت «. أرقام قتلى الصهاينة في تزايد بالمئات ( حتى اللحظة 250 قتيلا باعتراف الصهاينة)، وأن مصابيهم تجاوزوا الألف، وأسراهم عدد لم يعلن عنه بعد، وتدمير دبابات ومدرعات وآليات عسكرية، والأكثر « فخامة « جرجرة جنود الصهاينة على الأرض في مشهد « يشفي صدور قوم مؤمنين «. هذه العملية، وهذا التاريخ 22 ربيع الأول 1445، الموافق السابع من أكتوبر 2023 سيكون له ما بعده، فقواعد الاشتباك قد اختلفت، ولم تعد غزة تدافع عن جغرافية محدودة هي محاصرة فيها أصلا، بل باتت تمتلك زمام المبادرة، وتفرض على العدو معادلة جديدة، وأصبحت تختار توقيت ومكان المعركة، وهو أمر لم يألفه العدو الصهيوني، الذي لم يخض معركة فعلية مع أنظمة عربية منذ أكثر من 50 عاما. ظنت أنظمة عربية أن هذا العدو « لا يقهر « ولا يمكن التصدي له، فما بالكم باتخاذ قرار بدء المعركة، كما فعلت المقاومة في فلسطين، وقادت معركة « طوفان الأقصى، انتصارا للمسجد الأقصى، وللأسرى والأسيرات في سجون العدو، لوقف العربدة الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، والتعدي على الأعراض والنساء في القدس والمسجد الأقصى. قد يقول البعض إن حركة حماس بهذا العمل « الجنوني « تدفع « إسرائيل « لاحراق غزة، والضحية سيكون الأبرياء من سكان غزة. وهذا كلام العاجزين والمنهزمين والمثبطين والمحبطين والمستسلمين.. أولا الكيان الإسرائيلي ليس بحاجة إلى مبررات لاستهداف غزة أو أي مدينة فلسطينية، فهذا الكيان قائم على العدوان والجرائم والقتل الممنهج، ونرى ذلك يوميا في عدوانه على القدس والأقصى والشعب الفلسطيني بكل شرائحه. هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، دون ذلك فهو استسلام، وكل التجارب التي دخلتها الأطراف العربية فيما يسمى بـ « السلام « شكلت وبالا على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومقدساته، من أوسلو 1993 إلى هذه اللحظة. الأمر الآخر الكيان الإسرائيلي انسحب من غزة بفضل ضربات المقاومة، التي أجبرته على الانسحاب، بعد أن دفع أثمانا باهظة نظير احتلاله لقطاع غزة، وهو لو وجد مقاومة وضربات فعلية ـ وليس تنسيقا أمنيا ـ في الضفة الغربية لما بقي يوما واحدا. ثم مَن قال إن تحرير الأوطان يأتي على طبق من ذهب، دون تضحيات وشهداء وآلام؟. أي شعب استرد حريته ووطنه دون ذلك، فما بالكم إذا كان المحتل هو الكيان الصهيوني، الذي أتى إلى أرضنا المقدسة بعقيدة دينية يهودية تلمودية، وبالتالي لا يمكن طرد هذا العدو إلا بعقيدة دينية. الجبهة الداخلية للمجتمع الصهيوني لا تتحمل مشاهد الصواريخ التي تراها وهي تتساقط على مدن فلسطين المحتلة والمغتصبة، والتي يجثم على أرضها مستوطنون غرباء أتوا من مشارق الأرض ومغاربها، لأنهم يعرفون أن هذه الأرض ليست أرضهم. ثم إن جيش الاحتلال أجبن من أن يصمد أمام مقاومين لديهم عقيدة قتال مترسخة فيهم، كما هو الحال مع كتائب القسام أو فصائل فلسطينية أخرى اثخنت في العدو عند المواجهة الحقيقية. اليوم أسطورة الجيش الذي لا يقهر تحطمت بفعل هذه العملية النوعية التي سيكون لها ما بعدها، أسطورة الردع الصهيوني انهارت، كما انهارت قبلها القبة الحديدية التي زعموا أنها تحمي سماء الكيان الصهيوني، فإذا هي كـ « المشخال « أمام صواريخ المقاومة التي انهالت على مدن فلسطين المحتلة، بما فيها تل أبيب، التي أصبحت في مرمى الصواريخ. هذه الصواريخ في يوم ما، كان مسؤولون عرب يسخرون منها، ويصفونها بـ « ألعاب نارية «، وإذا بها اليوم تمثّل رعبا للكيان الصهيوني، وردعا لمغامراته وعربدته في فلسطين. غزة ـ التي قال عنها الهالك إسحاق رابين « أتمنى أن استيقظ يوما من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر « ـ هي اليوم كابوس للصهاينة، رغم أنها محاصرة، ورغم جغرافيتها الصغيرة التي لا تتجاوز 365 كيلو مترا مربعا، إلا أنها تقدم دروسا في الفخر والعزة والكرامة، في زمن « الهرولة « العربية نحن الكيان الصهيوني، والاحباط الذي أصاب الشارع العربي بفعل لغة الاستسلام والعجز التي تتحدث بها أنظمة عربية، وهي تتعامل مع الكيان الإسرائيلي. طوفان الأقصى غيّر معادلة الصراع، وكسر هيبة الاحتلال، ومثّل مرحلة جديدة في المواجهة العسكرية، وأحيا لدى الشعوب العربية الأمل بالتحرير الكامل لأرض فلسطين. طوفان الأقصى يؤسس لطوفان انتفاضة شاملة، ليس فقط بين غزة العزة والكيان الإسرائيلي، بل انتفاضة لفجر عربي جديد، وإن لم تظهر ملامحه الآن، لكنه يتشكّل في سنوات قليلة قادمة.
1521
| 08 أكتوبر 2023
سمو الأمير أمام الأمم المتحدة رؤية قائد ينشد السلام والازدهار لشعوب العالم جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة شاملاً لأزمات العالم، مُشخّصاً الواقع، مُستعرضاً القضايا، واضعاً الحلول، ومُلامساً لتطلعات الشعوب، آمالها وآلامها. خطاب بدأ بالجانب الإنساني، عندما تقدم بالتعازي لأشقائنا في المغرب وليبيا بضحايا الزلزال والفيضانات، مؤكداً تضامن قطر مع الشعبين الشقيقين، وهو تضامن عملياً بدأ منذ اللحظات الأولى لهاتين الكارثتين، عبر جسور جوية من المساعدات لأشقائنا، واجب علينا وليس منة أو تفضلاً. لقد خاطب سمو الأمير المفدى العالم من موقع القائد المسؤول، الذي لا يحمل في محتوى خطابه مطالب تخص دولته، بل تحدث من موقع الشريك الإستراتيجي للأمم المتحدة في تشخيص مكامن المعاناة في مناطق النزاعات وتقديم المقترحات والحلول الناجحة. كان سمو الأمير يتحدث بلغة صانع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ، ولهذا كان خطابا بمثابة البُشرَى التي تُبشّر العالم بإمكانية الخروج من النفق المظلم لكثير من الشعوب والدول. إنها البُشرَى التي تعيد تصويب لغة التخاطب في العالم، فبدلاً من خطب التهديد والوعيد يأتي خطاب سموه حاملاً بشائر السلام، بلغة القائد الواثق من قدرة بلاده بدبلوماسيتها المميزة، وهي للتو قد حققت إنجازاً تاريخياً بإتمام اتفاق بين دولتين بينهما من المشاكل والأزمات ما لا حصر لها، أمريكا وإيران، ليؤكد للعالم النهج الذي تدعو له قطر في حل الأزمات وهو الحوار العقلاني والمتزن، بعيداً عن لغة القوة والحلول العسكرية. لعل ما يميز الخطاب الحادي عشر لسمو الأمير في الأمم المتحدة أنه يأتي مستنداً إلى رصيد كبير من المبادرات الإنسانية التي قدمتها قطر لشعوب العالم، وإلى شراكة دولية أممية رسخت مكانة قطر بين الدول والأمم، وكجسر يربط بين الشرق والغرب، وقد لا نبالغ إن قلنا إن قطر غيّرت المعادلة السائدة في هذا العالم منذ عقود، فهي لم تعد بحاجة إلى الدول الكبرى لنزع فتيل الأزمات، بل أصبحت الدول الكبرى بحاجة إلى جهود قطر ودورها الدبلوماسي وقوتها الناعمة. لقد جسّد خطاب سمو الأمير التزام قطر القوي بهموم وقضايا العالم والمجتمع الدولي، لا سيما ما يتعلق بالمسائل التي تخص التنمية والسلام والأمن والاستقرار، وعلى رأسها التعليم باعتباره الركيزة الأساسية والمحورية المحركة لكل تلك الجهود. وظلت قضايا أمتنا وشعوبها تشكل الأولوية ـ كالعادة ـ لسمو الأمير في مثل هذا المحفل الأممي، فقد صارح سموه العالم في الحديث عن قضية فلسطين وما يعانيه شعبها من احتلال وتعسف صهيوني، وحصار لغزة، في ظل تقاعس للمجتمع الدولي، مروراً بالشعب السوري وما يعانيه من ظلم فادح ولا يجوز التسليم به على أنه قدر، وكانت السودان ولبنان واليمن وليبيا جميعها حاضرة في الخطاب، مؤكدا سموه على أن الحل في جميع هذه الدول الشقيقة التي ذكرت يكمن في الإجماع على كيان الدولة والمواطنة واحترام تطلعات الشعوب. لقد تحدث سمو الأمير عن هموم الإنسانية كما لم يتحدث مسؤول حيث تناول في البداية معاناة البشرية في ظل الهوة الكبيرة بين التقدم العلمي والتكنولوجي وبين تفاقم الأزمات وارتفاع معدلات البطالة وغياب العدالة في توزيع الثروات وازدياد المخاطر على البيئة ملخصا المشهد بعبارة بليغة قال فيها: «كأن شعوب الكرة الأرضية تعيش في عصرين مختلفين». سمو الأمير تحدث بلغة القائد المسؤول عن قضايا الشعوب والأمة ولذلك كان حريصا ان ينبه المسلمين انه لا يجوز ان يشغلنا معتوه او مغرض كلما خطر بباله ان يستفزنا بحرق القرآن الكريم او بنذالة أخرى. متوجها لكل من يبرر هذه الأفعال القبيحة بأنها حرية تعبير بالقول: لا يجوز ان يكون المس المقصود بمقدسات الآخرين نموذجا عن حرية التعبير. دولة قطر استطاعت تقديم صيغة بناء جديدة وفريدة مفادها أنها في مقدمة الدول التي تتبنى نهج الحداثة، دون أن تتخلى عن ثوابتها ومرتكزاتها الأصيلة، وهو ما لمسه العالم بأسره خلال استضافتها لبطولة كأس العالم، وتقديمها نسخة استثنائية، تنظيمياً وإدارياً وفنياً، وحملت رسائل ثقافية وحضارية وتاريخية. للمساهمة بالتقريب بين شعوب العالم، مع التزامها بالمحافظة على القيم القطرية الأصيلة على مختلف المستويات. قطر بلغت مكانة متميزة في الأمم المتحدة، وبما لها من دور فاعل يُشار إليه من قبل المنظمة الدولية والدول الأعضاء إزاء القضايا المطروحة على الساحة الدولية، حيث تعرف دولة قطر بشراكاتها الجادة والمثمرة مع أجهزة الأمم المتحدة، علاوة على إنجازاتها واحترامها للالتزامات الدولية ومبادراتها في مختلف المجالات، لدعم العمل الدولي المتعدد الأطراف لمواجهة التحديات المشتركة، وهو ما دفع المنظمة الأممية لفتح «بيت الأمم المتحدة» بالدوحة، والذي يضم 12 مؤسسة أممية، وهو دليل على ثقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمكانة التي تتبوؤها، والمصداقية العالية التي تتمتع بها. شكّل خطاب سمو الأمير المفدى بوصلة تحدد أولويات القضايا على الخارطة الدولية، وتطرح معالجات جذرية للعديد من الأزمات التي تجتاح العالم. إنها رؤية قائد ينشد السلام لشعوب العالم وازدهاره وللأجيال القادمة.
906
| 20 سبتمبر 2023
الشرق .. 36 عاماً من مسيرة متـجددة التكـامل بين الورقي والرقمـي عنـوان المرحلة الجديـدة خلال 36 عاما من مسيرتها الصحفية، التزمت «الشرق» التي انطلقت في الأول من سبتمبر 1987ـ بميثاق وطني وأخلاقي، ومهنية صارمة، ومصداقية عالية، وسعت إلى نقل منجزات الوطن ومكتساباته، وعبّرت عن قضايا الوطن، ولامست قضايا المواطن، وظلت منبرا حرا منضبطا بقيم وأخلاقيات وعادات وتقاليد مجتمعنا وخصوصيته. وخلال هذه المسيرة شهدت «الشرق» قفزات متتالية من التطور والإبداع في العمل الصحفي، وقادت مبادرات نوعية، إعلامية واجتماعية وثقافية وفكرية..، وواكبت المشهد الصحفي بكل تفاصيله على الدوام. نؤمن في «الشرق» أن التطور سنة الحياة، وشرط أساسي للنجاح والتقدم، ومن يتقاعس عن مواكبة العصر، ويتباطأ في عملية التجديد والتطوير يتجاوزه الزمن، ويتلاشى تدريجيا حتى يفقد القدرة على الاستمرار. لذلك نحن في «الشرق» اتخذنا من التطوير الدائم استراتيجية ونهجا حتى نحافظ على موقع الصدارة في مسيرتنا الإعلامية، ونواكب تطلعات قرائنا، ومتطلبات المراحل التي يمر بها مجتمعنا. لقد واجهت الصحف الورقية تحديات قاسية على امتداد العقد الأخير، وبلغت أوجها مع وباء كورونا، مما اضطر عددا من الصحف في عواصم عالمية إلى التوقف عن طباعة النسخ الورقية قسريا، وتراجع الإيرادات المالية ونزيف من الكوادر والكفاءات الإعلامية، وترافق ذلك مع تغير مزاج القارئ الذي استقطبته وسائل التواصل والإعلام الحديث. «الشرق» عملت على تجاوز التحديات التي أصابت المؤسسات الصحفية، واستعادت زمام المبادرة لتطل على قرائها بحلة جديدة، وبرؤية طموحة، تقوم على التطور التفاعلي الذي لن يتوقف عند حدود الشكل والمحتوى، بل هو عملية مستمرة من التطوير في النسخة المطبوعة والموقع الإلكتروني والمنصات الرقمية، تستند الى التفاعل مع احتياجات المجتمع والقراء، لتبقى «الشرق» سباقة في تقديم الأفضل والأحدث والأرقى في الشكل والأدوات والمحتوى. لقد بدأنا اليوم مرحلة جديدة من مسيرة الشرق الإعلامية الزاخرة بالإنجازات منذ انطلاقتها عام 1987. فقد كانت «الشرق» ومازالت سبّاقة في تبني قضايا الوطن والمجتمع، ومواكبة كل المشاريع التنموية الرائدة وتغطية هموم الناس وتطلعاتهم. تطل «الشرق» بثوبها الجديد، لتدشن مرحلة من المشاريع الإعلامية المميزة التي تشمل الصحيفة الورقية والموقع الإخباري ومنصاتها الرقمية المختلفة، والإعلان عن إطلاق مشروع بودكاست عبر منصة «نبراس»، إحدى منصات «الشرق»، لتكون بذلك أول صحيفة محلية تدشن منصة بودكاست، وتقدم برامج مميزة، نخبوية واجتماعية ورياضية وثقافية واقتصادية وتربوية، لتشكل بذلك إطلالة إعلامية جديدة تثري المشهد الاعلامي، وتلبي تطلعات المشاهدين والقراء. حرصت «الشرق» أن تكون إطلالتها الجديدة منسجمة مع طموحنا الإعلامي لتحقيق التكامل الإبداعي بين الشكل والمضمون، بما يمكنها من خدمة قضايا الوطن، وتلبية تطلعات المجتمع والقراء لجهة تقديم مجموعة متكاملة من المواضيع المفيدة والمستجدة كذلك، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة بالإضافة إلى شؤون التعليم والصحة والقضايا التي تهم الشباب. إن أولويتنا في هذه المرحلة من مسيرتنا الإعلامية هو ترسيخ الالتزام بالمصداقية، ونقل الحقيقة بدون مواربة أو تحريف، وطرح المزيد من المواضيع للحوار والنقاش، لنكون العين التي تنقل إلى المسؤول ما يجب نقله، لتصويب المسار، وتصحيح الخلل بكل موضوعية ومهنية، وتعزيز الإيجابيات والأعمال الناجحة، لقد أثبتت تجربة الإعلام الرقمي ووسائل التواصل أن الصحف الورقية تبقى المصدر الأهم للمصداقية، بينما كثير من الأخبار الزائفة جرى تداولها في بعض مواقع التواصل دون تصويبها، في حين أن الصحيفة ملزمة بتصويب أي معلومة خاطئة. وهذه النقطة ستكون موضع اهتمام وأولوية في كل الأدوات الإعلامية لصحيفة «الشرق» من النسخة المطبوعة إلى المنصات الرقمية، ذلك أن المصداقية والموضوعية في استراتيجية عملنا تتقدم على السبق الصحفي. ستمضي «الشرق» في عملية تطوير المحتوى بمهنية واحترافية، بحيث يتم تحرير الأخبار والمعلومات بأسلوب جديد يجذب القارئ. وسيكون للصورة دورها وحضورها خصوصا وأننا نعيش زمن الإبهار البصري، وستجدون القصص الإخبارية في مقاطع الفيديو المصورة بأحدث التقنيات. «الشرق» في إطلالتها الجديدة تحمل عنوان التكامل بين المطبوع والمسموع والمرئي.. التكامل بين الورقي والرقمي .. سيتاح لقراء «الشرق» مشاهدة ما ينشر على صفحات الجريدة، فالحوارات الحصرية ستكون مصورة وتبث عبر قناة «الشرق»على اليوتيوب، فيما تبث المنصات الرقمية أهم المقاطع المصورة، وكذلك الحال بالنسبة للتغطيات الصحفية والتقارير الإخبارية. ونحن نبدأ مرحلة جديدة، نواكب من خلالها أهم المستجدات على الساحة الإعلامية، فإننا نجدد التأكيد على أن أبواب «الشرق» مفتوحة للكوادر القطرية، وهي فرصة لندعوهم مجددا للانضمام الى مسيرتها الإعلامية، وخوض تجربة العمل الصحفي سواء بالصحيفة المطبوعة أو الموقع الإلكتروني أو المنصات الرقمية أو ببرامج البودكاست.. فأهلا بكل مساهمة في مسيرة «الشرق» الإعلامية، التي هي بالأساس صحيفتكم، ولسان حالكم، ومنبر آرائكم.
1305
| 03 سبتمبر 2023
يتوجه الآلاف من أبنائنا اليوم إلى المدارس، لبدء عام دراسي جديد، نتطلع جميعاً أن يكون عاماً أكثر فاعلية وتحصيلاً علمياً وتميزاً في الأداء الأكاديمي والتربوي. لا نشك أبداً بجاهزية وزارة التربية والتعليم في الاستعداد للعام الدراسي الجديد، فهناك جهود كبيرة تبذل لتوفير بيئة تعليمية ذات خصوصية، ومتوافقة مع أفضل النظم العالمية، وتجهيزها بالوسائل والأدوات المطلوبة، واختيار الهيئة الإدارية والتدريسية من أصحاب الكفاءة العالية. ربما حديثي ليس عن جاهزية الوزارة وما تتمتع به من إمكانات مادية ولوجستية، بقدر ما هو حديث عن الجوانب التربوية، التي تمثل العنصر الأبرز في دور وزارة التربية والتعليم، وهو دور أثق أن الوزارة بقيادييها ومنتسبيها يعملون جاهدين لترسيخ قيم التربية في أبنائنا، فعلمٌ إذا خلا من تربية وأخلاق وقيم، لا معنى له، ولا جدوى منه، ولا يمكن أن يبني حضارة، أو يدفع بتقدم مجتمع. لذلك نتأمل أن تضع القرارات والتعاميم التي تنظم العملية التعليمية، سواء في علاقاتها بين الإدارة العليا بالوزارة وبين الهيئات الإدارية أو التدريسية في المدارس، حيزاً للعلاقة الإنسانية، دون الإخلال، بالطبع، بالقوانين والأنظمة ومصلحة العمل، والأداء بالصورة المثلى، إنما يكون هناك تفهم للحالات والظروف الإنسانية التي يتعرض لها الإداري أو المدرس، وهو ما يخلق ولاءً أكبر، وإخلاصاً أكثر، وعطاء أفضل، للوزارة وطلابها. الأمر الآخر في علاقة المدرسين / المدرسات مع أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات، هذه العلاقة نتوقع ألا تكون مجرّد علاقة تربط مدرساً / مدرسةً يقوم بتدريس مادة في صف لمدة 45 دقيقة، وفي آخر الشهر يتقاضى راتباً على ذلك. جميعنا مر بتجارب عديدة، إيجابية وسلبية، في العلاقة بينه وبين مدرس مادة ما، لا زالت عالقة في ذهنه، وربما تركت أثراً لا زال حاضراً، هذا الأثر نريده أن يكون إيجابياً، نريد من إخواني وأخواتي المدرسين والمدرسات أن يكونوا قدوات ـ وهنا للتذكير فقط، لأننا نؤمن بأنهم كذلك ـ في علاقتهم مع الطلبة والطالبات، سواء بالكلمة الحسنة، أو المعاملة الحسنى، أو التبسط في العلاقة، أو التمهل في إيصال المعلومة..، وقبل ذلك كله في السلوك والمعاملة. نحن بأمسّ الحاجة إلى مربين ومعلمين يقدمون نماذج رفيعة أمام طلابهم، أخلاقاً وقيماً، تعاملاً وسلوكاً، وهو ما نحتاجه اليوم في مؤسساتنا التعليمية، في ظل فضاء مفتوح، يحمل طوفاناً من السلوكيات والأخلاقيات، المرفوض الكثير منها دينياً وأخلاقياً واجتماعياً، وعبء هذا الإصلاح أو التصدي لهذا الطوفان لا يقع فقط على كاهل المدرس أو المدرسة أو وزارة التربية والتعليم، إنما جميعنا مسؤولون عن ذلك، خاصة الأسرة، وهو ما يتطلب المزيد من التواصل بين الأسرة ـ البيت ـ والمدرسة والمدرسين والمدرسات، وأن تكون هناك علاقة وثيقة تربط بين الطرفين، وألا يتحسس الآباء أو الأمهات إذا ما نقل إليهم أن مدرساً / مدرسة قام بتعنيف أحد أبنائهم. للأسف البعض من أولياء الأمور تجده غائباً عن متابعة أمور ابنه بالمدرسة طوال العام، حتى اللقاءات أو اجتماعات مجالس الآباء نادراً ما يكلف نفسه بحضورها، لكنه ينزعج كثيراً إذا ما وصلت إليه معلومة ناقصة عن موقف تعرض له ابنه / ابنته من قبل مدرس أو مدرسة، دون التأكد من تلك المعلومة. نريد تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة في التربية، فهذا الجيل سيكون يوماً صانع قرار في المجتمع، فلا ينبغي التساهل في عدم إقامة شراكة حقيقية بين الطرفين، المدرسة والأسرة، من أجل أبنائنا. الأمر الآخر، نتمنى من الأخوة المدرسين والأخوات المدرسات أن يكونوا أصدقاء للطلبة والطالبات، مع حفظ المكانة طبعاً، بعيداً عن الشدة والغلظة وعبوس الوجه... اليوم هو الأول في العام الدراسي، قد يتأخر بعض الطلاب في شراء اللوازم المدرسية لظروف أسرية، قد يكون منها عدم القدرة المالية، خاصة إذا ما كان في الأسرة أكثر من ابن في مراحل تعليمية مختلفة، فلا داعي لتعنيفه أو توبيخه أمام زملائه، كن إنسانا قبل أن تكون أستاذاً، فاليوم الأول قد يحفظه لك هذا الطالب أمد الدهر، سلباً أو إيجاباً. كونوا أيها الأخوة والأخوات نماذج في المبادرات النوعية على صعيد الصف والمدرسة والوزارة، حتى تدفعوا الطلاب والطالبات للاقتداء بكم، والسير على خطاكم.. اتركوا أثراً طيباً، فهؤلاء الطلاب سيحفظون لكم ذلك.
1749
| 27 أغسطس 2023
طوال 12 عاما، وهي المدة الفاصلة بين فوز قطر باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2010، وافتتاح البطولة في نوفمبر 2022، كان كلما «كح» أو «عطس» عامل في أي قطاع يعمل في قطر، تلقفته «ماكينات» ما تسمى بمنظمات العمل أو حقوق الانسان في الغرب، لتصنع منه قصصا من الخيال، وتتحدث عما تسميه بالحياة «المأساوية» التي يعيشها عمال كأس العالم في قطر، رغم كل الشواهد التي كان تنفي ذلك. قبل أيام كشف في فرنسا عن وفاة عامل في يونيو الماضي يبلغ من العمر 51 عاما، ولديه 5 أطفال، يعمل في تجهيز أحد المرافق الرياضية استعدادا لدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024. هذا العامل الذي كشف عن وفاته بعد نحو شهر، هو واحد ضمن عمال آخرين فقدوا أرواحهم ضمن مشاريع ومرافق يتم تجهيزها في فرنسا لاستضافة دورة الألعاب الاولمبية، لكن لا نجد هذا الصراخ - ولو نصفه بل عُشره - من نفس المنظمات الغربية التي لطالما تحدثت عن أوضاع حقوق العمال في قطر. «كل يوم في فرنسا يموت شخصان في المتوسط في العمل، ويكون هناك العديد من الجرحى، بعضهم جراحهم خطيرة، إنها مذبحة غير مرئية، نادرًا ما تكون في قلب النقاشات السياسية أو الإعلامية، لكنها تحمل الكثير من التفاوتات المستمرة في عالم العمل». هذا الملخص قدمه موقع ميديا بارت Mediapart الفرنسي لملف أعده عن معاناة عمال المنشآت، وبالذات تلك التي تهيئ لألعاب باريس الأولمبية. باريس ومدن فرنسية وغربية أخرى هي نفسها التي رفضت نقل فعاليات افتتاح بطولة كأس العالم في قطر، ومنعت وضع شاشات عرض لمباريات تلك البطولة، أو السماح بإقامة ساحات للمشجعين، بدعوى انتهاكات لحقوق العمال كما يحلو لهم أن يسموها، في وقت كانت بيئات العمل والرواتب التي يتقاضاها عمال كأس العالم في قطر تضاهي نظيرتها في الغرب وأمريكا، إن لم تكن أفضل منها وتتجاوزها، مع وجود صندوق تعويضات لأي عامل قد يتعرض لمرض أو إصابة عمل، وقوانين تحفظ حقوقهم وحتى ساعات العمل وفترات العمل، كما هو قانون الإجهاد، الذي لا يوجد في الغرب مثيل له. قبل عدة أشهر فجرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، فضيحة مدوية، حيث كشفت عن معاناة العمال الأجانب الذين يتم استغلالهم بصورة بشعة في أماكن العمل، دون أن يتحرك الساسة الفرنسيون أو المنظمات الحقوقية والانسانية. هؤلاء العمال أعربوا عن استنكارهم لظروف العمل، وتنقل الصحيفة في هذا الصدد عن أحدهم ويدعى «عبدو»، تأكيده: ‘‘ليس لدينا حقوق، ليس لدينا ملابس عمل، ولا توفر لنا أحذية أمان، ولا نتقاضى أجراً مقابل التنقل. ليس لدينا الحق في الفحوصات الطبية، ولا عقود عمل. إذا مرض أحدنا أو أصيب يقومون بتغييره في اليوم التالي’’. وشاهدنا قبل أيام في مظاهرات شهدتها مدن فرنسية مختلفة على خلفية مقتل الشاب الفرنسي «وائل» كيف ظهر حجم الاحتقان من السياسات الفرنسية، فواقعة القتل على يد شرطي لطفل كانت مجرد شرارة فتحت جرحا عميقا في المجتمع الفرنسي. ليست فرنسا البلد الغربي الوحيد الذي يشهد انتهاكات لحقوق الانسان ولحقوق العمال ولحقوق الاطفال، فهناك بلدان غربية أخرى تسير في نفس الركب الفرنسي، لكننا لا نجد انتقادات لهذه الدول لمخالفات عمالية، كما شهدنا ذلك في حالة قطر، التي تعرضت لهجوم ممنهج، وغير أخلاقي، ليس فقط من قبل منظمات وجمعيات تدعي أنها تحمل لواء الدفاع عن حقوق العمال، بل إن ساسة غربيين شاركوا في الهجوم على قطر، بينما لا نرى لهم حراكا أو تصريحا ولو مقتضبا - كوزيرة الداخلية الألمانية التي أساءت إلى قطر - عما يدور في المجتمعات الغربية من انتهاكات لحقوق العمال كما في الحالة الفرنسية، التي تستعد لاستضافة أولمبياد العام المقبل، وشهدت حالات وفيات في مواقع العمل، دون أن تجد التنديد المناسب، كما كان في الوضع مع قطر، التي كانت تستهدف بهجمات على كل المستويات. المنظمات والجمعيات الحقوقية والإنسانية ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع في الغرب لا تتردد في توجيه الانتقاد والاتهام والإساءات لدول عربية وإسلامية تحت مبررات وأسباب وعناوين «فضفاضة» كما في مفاهيم حقوق الانسان أو العمال أو الأسرة، فلماذا لا نجد من المنظمات والجمعيات العربية والاسلامية إقامة نقاشات مماثلة لما يدور في المجتمعات الغربية من انتهاكات وممارسات لا إنسانية تجاه قطاعات العمال والأقليات والمهاجرين والأطفال؟!. ومما يثير الدهشة صمت المنظمات الغربية عن المخالفات الجسيمة التي تقع في دول الغرب وتشددها تجاه حوادث بسيطة وعادية عند وقوعها في أي بلد خارج منظومة القارة الاوروبية، ولماذا يجوز لتلك المنظمات الغربية فرض سلطتها ومفاهيمها وثقافتها على مجتمعاتنا العربية، فيما تحجم منظماتنا العربية الحقوقية والإنسانية عن الحديث عن الانتهاكات التي تحدث في المجتمعات الغربية؟!. لم تعد المعايير المزدوجة التي تتعامل بها الدول والمنظمات الغربية مع قضايا العالم العربي والإسلامي خافية عن العيان، فقد أصبحت مقززة وبصورة فجة. وإذا عجزت منظماتنا العربية الحقوقية عن الحديث عن الانتهاكات والممارسات غير الأخلاقية، التي تحدث في المجتمعات الغربية، فإن على إعلامنا العربي تناول ذلك وإثارته بكل موضوعية ومصداقية ومهنية، لإطلاع الرأي العام على حجم تلك المخالفات والانتهاكات التي ترتكب في المجتمعات الغربية.
1203
| 16 يوليو 2023
لست هنا للحديث عن المواقف العربية حيال ما يتعرض له مخيم جنين من حرب بربرية من قبل القوات الإسرائيلية التي ترتكب الجرائم بحق سكان هذا المخيم، كما في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، فالمواقف العربية لم تتجاوز أسطراً بكلمات «منمقة»، وما تسمى بـ «بيانات» شجب واستنكار، فالوضع العربي «الضائع» و«المشتت» لم يعد محل بحث أو اهتمام الشعوب العربية، التي بُحت حناجرها وهي تنادي وتطالب بموقف عربي جاد للتصدي للغطرسة الإسرائيلية، وبالتالي فإن الضرب في «الميت» حرام. وطبعاً ما تسمى بالسلطة الفلسطينية فموقفها أكثر ذلاً وخذلاناً لشعبها، فبالرغم من أن جنين يفترض أنها في «حماها» – ليست كما غزة – إلا أن السلطة باتت تشكّل «عوناً» للصهاينة في تنسيقها الأمني المخزي مع الكيان الإسرائيلي ضد أبناء شعبها المقاوم. مخيم جنين بات أيقونة العمل المقاوم في كل فلسطين، هذه البقعة الجغرافية التي لا تتجاوز مساحتها «½» كيلو متر مربع، أصبح «إمبراطورية» يقف شامخاً في وجه العدوان الإسرائيلي، الذي استخدم كل أنواع الأسلحة من قطاعات برية (دبابات.. مدرعات.. آليات.. مركبات) مع قوات النخبة يدعمها سلاح الجو بمقاتلاته الحديثة وطيرانه المسيّر وأقماره الصناعية، كل ذلك ولم تتمكن القوات الإسرائيلية من تحقيق أهدافها التي أعلنتها وهي تبدأ هجومها البربري على سكان هذا المخيم. «إسرائيل» بكل إمكاناتها تخوض معركة مع «دولة» اسمها مخيم جنين، ولم تستطع تحقيق أهدافها، التي قالت إنها تريد «اجتثاث» الإرهابيين في هذا المخيم، فلم تتمكن من اعتقال أحد منهم، وعندما عجزت عن تحقيق ذلك، قامت بتجريف الشوارع والمنازل وارتكاب الجرائم ضد المدنيين في المخيم. هذه ليست المرة الأولى التي تقتحم القوات الإسرائيلية هذا المخيم المقاوم، هناك الكثير من المرات التي اقتحمته، وفي كل مرة تعود خائبة، منكسرة، لكن في هذه المرة – والتي سبقتها – الأمر مختلف، فنحن لا نتحدث عن مرور سريع للدبابات والمدرعات والمركبات والجنود الصهاينة في «أزقة» هذا المخيم، واغتيال وتصفية من تشاء، وتدمير ما تريد، والخروج منه دون كلفة حقيقية، الوضع بات مختلفاً، الدخول إلى مخيم جنين باتت له كلفة، كما في غزة، وعلى الكيان الإسرائيلي وقواته أن تدفعها في المخيم وعلى أطرافه، فقد رأينا كيف كانت المواجهات العسكرية بين المقاومين من فصائل وكتائب، وبين الغزاة، ورأينا كيف فجرت وعطلت آليات ومركبات إسرائيلية، ورأينا كيف يقوم الاحتلال باستبدال قواته بأخرى، ورأينا جنود الصهاينة يهربون عند اشتداد المواجهات. مخيم جنين «إمبراطورية» وإن كانت مساحته الجغرافية «½» كيلومتر مربع، إلا أن «زيارته» من قبل قوات الاحتلال لم تعد «نزهة»، وبات يحسب ألف حساب لأي مغامرة يقدم عليها. في كل مرة يخرج مخيم جنين من المواجهات مع قوات الاحتلال أكثر قوة وصلابة، فلم تنجح المرات الماضية من الاقتحامات الصهيونية في إسكات المقاومة، ولن تنجح هذه المرة، بل إننا أمام مرحلة جديدة من المقاومة في مخيم جنين، الذي لم يعد يقاوم داخل جغرافيته المحدودة، ففي الوقت الذي كانت المقاومة تتصدى لاقتحامات قوات الصهاينة، كان مقاوم آخر يضرب قلب تل أبيب عبر دهس وطعن، فيوقع إصابات بالغة، ويفجر المقاومون عبوات في أكثر من مكان في مدينة جنين ومخيمها في مركبات ومدرعات القوات الإسرائيلية. هذه الحالة الجديدة لم تكن موجودة في السنوات الماضية عند اقتحام القوات الإسرائيلية لمدينة جنين أو مخيمها، صحيح كانت هناك مقاومة لكن ليست بالصورة التي عليها اليوم. الإعداد والتجهيز الإسرائيلي لاقتحام مخيم جنين، يعادل الإعداد والتجهيز لخوض حرب من دولة، وهذا وضع القيادات الإسرائيلية في مأزق، فبالرغم من كل هذه التجهيزات العسكرية فإن أهدافهم التي تحدثوا عنها لم يتحقق منها شيء، فلجأوا إلى خيار تدمير البنية التحتية للمخيم، بل إنهم عجزوا عن الوصول إلى أبطال المقاومة، وما يتحدثون عنه من اعتقالات فهي حيلة العاجز، فهؤلاء المدنيون من سكان المخيم ألقي القبض عليهم للتغطية على الفشل الذريع للعملية العسكرية الصهيونية.
1317
| 05 يوليو 2023
تصادف اليوم الذكرى العاشرة لتولي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، مقاليد الحكم في البلاد، استكملت البلاد خلالها مسيرة التنمية الشاملة، التي انطلقت بكل قوة وتنوع في عهد صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. لقد شهدت البلاد خلال السنوات العشر الماضية من حكم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تنمية شاملة في مختلف القطاعات، جعلت دولة قطر تتصدر الكثير من المؤشرات التنافسية الدولية، وشكلت منها نموذجا مميزا في بناء الدول الحديثة. قاد سمو الأمير المفدى مسيرة تنموية كان أمامها الكثير من الاستحقاقات الوطنية والدولية، واستطاع ليس فقط إنجازها أو تحقيق نسبة نجاح كما يقولون، بل إن ما حققته قيادة سموه من نجاحات فاق كل التصورات، وجدد التأكيد على قيادة راشدة وحكيمة يتمتع بها الشيخ تميم بن حمد، في إدارة دفة ملفات مختلفة محلية وإقليمية ودولية. تسلم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم مقاليد الحكم - بعد سنوات عشر من ولاية العهد - كانت هناك ملفات وطنية واستحقاقات دولية، قد بدأتها دولة قطر، من ذلك رؤية قطر الوطنية 2030 التي أسند مهامها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عندما كان أميرا للبلاد إلى سمو الشيخ تميم وهو ولي للعهد في 2008، والتي تؤسس لبناء دولة المؤسسات وفق رؤية وإستراتيجيات وخطط واضحة المعالم، واصل سمو الشيخ تميم إكمال وترسيخ هذه الرؤية، فانعكست ثمار ذلك بتحقيق إنجازات في مختلف القطاعات، وربما أثبت أهم مؤشرين يقاس بهما تقدم المجتمعات وهما الصحة والتعليم قوتهما وتميزهما، وما جائحة كورونا التي كانت دولة قطر من الدول القلائل التي صمد نظامها الصحي وكانت الدولة الأقل وفيات عالميا، إلا نموذج واضحا لقوة وصلابة النظام الصحي. أما على صعيد النظام التعليمي فكان واضحا حجم التطور والإنجاز الذي شهده، فجهود ومبادرات سنوات أثمرت تميزا في جودة التعليم، جعله يتصدر المؤشرات العالمية على هذا الصعيد. كذلك مؤشر الأمن والسلام، وهو واحد من أهم المؤشرات، فدولة قطر تتصدر هذا المؤشر، وهو دليل على ما تتميز به من أمن واستقرار، وهو أساسي للتقدم والازدهار. أما القطاعات الأخرى السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستثمارية والرياضية والثقافية والاجتماعية فقد حققت إنجازات، وقطعت أشواطا متقدمة في مسيرة تكاملية نوعية، مثلت تجربة رائعة يشار إليها بالبنان. مشاريع تنموية كبرى أنجزت خلال السنوات القليلة الماضية ربما أبرزها ما يتعلق بافتتاح مطار حمد وميناء حمد والريل وافتتاح متحف قطر الوطني وتوسعة مشاريع الغاز وإنشاء محطة الخرسعة للطاقة الشمسية وإنشاء مدن ومشاريع سكنية جديدة بالكامل، ومشاريع الاكتفاء الذاتي للعديد من المواد الغذائية والألبان، والاستمرار بنهج الوساطات وتحقيق نجاحات مميزة على هذا الصعيد، ربما المشهد الأفغاني خير شاهد على هذا الاختراق الكبير الذي استطاعت السياسة القطرية الرصينة أن تحققه، والتمكن من توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان بالدوحة في مطلع 2020، وما أعقب ذلك من انسحاب للقوات الأجنبية من أفغانستان، والأدوار الكبيرة الإنسانية والإغاثية التي قامت بها قطر في أفغانستان كانت محل إشادة العالم أجمع، وهو ما عجل بالأمم المتحدة لافتتاح بيت الأمم المتحدة بالدوحة، وهو دليل على المكانة التي تحظى بها القيادة القطرية، والثقة التي تتبوؤها دولة قطر في المجتمع الدولي. أما الحدث الأبرز الذي استضافته قطر بنجاح منقطع النظير، ولأول مرة يقام بدولة عربية أو مسلمة، كان تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم، والذي سجل نجاحا مميزا، ليس فقط في المنشآت والمرافق والملاعب الرياضية والمقار السكنية، بل فوق ذلك كان التنظيم المبهر وإدارة الحشود وسلاسة التنقل ونوعية الفعاليات والأحداث المرافقة، وتضمين البطولة قيما وأخلاقيات وعادات وتقاليد وقيمنا العربية والإسلامية، كل ذلك كان محل تقدير وإشادة الأوساط الرياضية العالمية التي لم تتوقع تنظيما بهذا المستوى من الدقة والانضباط والإبهار والرسائل الإنسانية التي تضمنها بدءا من حفل الافتتاح وانتهاء بحفل الختام، مرورا بكل المواقف والفعاليات والترتيبات والتنظيم العالي الذي شهده المونديال. سنوات عشر من الإنجازات، رسخت الدور القيادي الرفيع لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقدمت قائدا فذا، ذا نظرة ثاقبة، وسياسة رصينة وحكيمة، ورؤية سديدة، وتوجهات راشدة، جمع بين المضي قدما في مسيرة تنموية شاملة لكل قطاعات المجتمع، ومواصلة بناء الدولة الحديثة، واستكمال بناء دولة المؤسسات، والاستثمار بالإنسان، وقيادة رشيدة وعقلانية واعية لكل المراحل والمنعطفات والتحديات التي واجهت بلادنا ومرت على المنطقة، بكل ثقة وحكمة بالغة. سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قائد من نوع آخر، يستصحب الأخلاق والقيم والمبادئ في تحركاته وتوجهاته وسياساته، فقلما تجد قائدا يفعل كما يسير عليه هذا الزعيم والقائد، حتى باتت السياسة القطرية تعرف بأنها سياسة أخلاقية في تعاطيها مع مختلف الملفات والأزمات الإقليمية والعالمية، والأكثر رسوخا وثباتا حيال الأحداث والمستجدات الإقليمية والدولية، وذات بعد نظر ومصداقية عالية في المجتمع الدولي وأمام الرأي العام العالمي. سنوات عشر - رغم قصرها في تاريخ الأمم والمجتمعات - إلا إنها زاخرة بالكثير من المكاسب والإنجازات، على مستوى الإنسان والعمران، بفضل من الله أولا ثم بفضل قيادة حكيمة ورشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، وسدد على طريق الخير خطاه.
2031
| 25 يونيو 2023
لم يكن من السهل أن تنتقل تركيا إلى مئويتها الثانية كجمهورية تحت قيادة أردوغان، فهذا كان خطا أحمر، عملت أطراف غربية وأمريكية، وتماهت أطراف عربية مع تلك المساعي الغربية للإطاحة بالرئيس أردوغان في انتخابات مفصلية في تاريخ تركيا الحديث. لأشهر سبقت موعد الانتخابات في جولتها الأولى 14 مايو كان الضَّخ الإعلامي في عواصم الغرب هو للإطاحة بأردوغان، والتبشير بزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو على أنه المُخَلِّص لتركيا من حكم «المستبد» و«الديكتاتور» أردوغان، ذي التوجه «الإسلامي»، والرافض للهيمنة الغربية والأمريكية على السياسة والقرار التركي، والواقف بقوة أمام تلك الإملاءات الخارجية. أردوغان الذي جعل من تركيا رقماً صعباً في عالم اليوم، رغم كل المتغيرات والعواصف السياسية، في فترة زمنية قاربت 20 عاماً، انتقل بتركيا إلى مصاف الدول الكبرى، اقتصاداً وصناعة عسكرية وحضوراً فاعلاً في المشهد الدولي، وقوة ردْع وازنة. هذا النموذج غير مرغوب فيه غربياً في العالم العربي والإسلامي، فهذه «العدوى» قد تنتقل إلى بقع جغرافية أخرى، وبالتالي تتسع دائرة النهضة والتطور والبعث الجديد للعالم الإسلامي، فلابد من إفشال أي تجربة ناجحة، ووأد أي حلم نهضوي في العالم العربي والإسلامي، وإبعاد أي رمز يقود ذلك، إبعاد بأي طريقة كانت. حاولوا إبعاد أردوغان عن حكم تركيا بالقوة الخشنة في 2016 عبر محاولة انقلابية وفشلوا، وحاولوا قبل هذا التاريخ وبعده بالاغتيال والتصفية الجسدية، وفشلوا..، وحاولوا مرات عبر صناديق الاقتراع وفشلوا، وحاولوا هذه المرة عبر تأليب دولي وتحشيد داخلي، إلا أن كل ذلك اصطدم بصلابة وقوة الشعب التركي، الذي رغم كل الضَّخ الإعلامي الغربي، ظل متماسكاً، وضرب مثالاً رائعاً في الأعداد الكبيرة التي توافدت على التصويت، والتي تجاوزت 90 %، وهو ما يعد نجاحاً مميزاً للتجربة الديمقراطية، وتمَسُّكاً قوياً بخيار صندوق الانتخاب لاختيار من يمثلهم، سواء في البرلمان أو الرئاسة. على الضفة الأخرى، كانت هناك قلوب الملايين من الشعوب العربية والإسلامية التي كانت تتوق لسماع فوزه بالانتخابات، وتدعو الله بأن يُنجز وعده بفوزه، فأي انتكاسة له تعني تكلفة باهظة للملايين من المظلومين والمضطهدين ومن يعيش في تركيا لاجئاً..، فالكثير منهم كان سيتعرض لمضايقات على أقل تقدير، إذا لم يُطْرَدُوا من تركيا في غضون أشهر قليلة. لذلك تجد هذه الفرحة لدى شعوب كثيرة في أصقاع من بقاع العالم العربي والإسلامي بفوز أردوغان، واستمرار التصاق تركيا بجسدها الإسلامي، بدلاً من وجهتها الغربية التي أعلن زعيم المعارضة كليجدار أوغلو، بصورة علنية، أنه يريد تحويل تركيا إلى الغرب بدلاً من العالم العربي والإسلامي، وهو ما سيترتب على ذلك أمور كثيرة حتى في الداخل التركي. فوز أردوغان في هذه الانتخابات يعد «حرب تحرير ثانية» تقودها تركيا، ومرحلة مفصلية للانتقال إلى عهد جديد، تكون فيه أكثر استقلالية وتأثيراً في الساحات المختلفة، ولا أبالغ إن قلت إن هذا الفوز سيُشَكِّل خروج تركيا من «القمقم» الذي أراد لها الغرب البقاء فيه طوال مائة عام ماضية، والاستمرار بمائة عام قادمة، لذلك فهذا الفوز له ما بعده، وسيترتب عليه تغيير توازنات، وستظهر تحالفات جديدة، وسينعكس ذلك حتى على المشهد الدولي. أرادوا التخلص من أردوغان عبْر الطرق الشرعية (صناديق الاقتراع) بعد أن فشلوا في محاولاتهم السابقة، ولم يتبق إلا هذا الخيار، وإذا بالشعب التركي العظيم يقف لهم بالمرصاد، ويعيد خياره واختياره للرئيس أردوغان قائداً لمرحلة جديدة في تاريخ تركيا. اتهموا أردوغان بالديكتاتور والحاكم المستبد وممارسة القمع، وإذا به ينظم واحدة من أكثر الانتخابات نزاهة وشفافية ومصداقية بشهادة الغرب على مستوى العالم، فهل سمعتم بحاكم مستبد أو ديكتاتور يمكن أن يسمح بدخول منافسين له، بل إن الجولة الأولى لم يستطع حسمها، فانتقل هذا «الديكتاتور» و«المستبد» إلى جولة ثانية، وكان مُعَرَّضاً لخسارة كرسي حكمه، فهل رأيتم ديكتاتوراً مثل أردوغان؟!. المؤكَّد أن أطرافاً كثيرة لم تنم ليلة أمس بصورة جيدة بعد فوز أردوغان، جاءها الأرق والقلق، فمجرد ذِكْر أردوغان عند بعض الأطراف «مزعج». تختلف أو تتفق مع أردوغان سيظل هذا الرجل شخصية قيادية تشغل العالم، وحققت للشقيقة تركيا إنجازات كبرى على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والعسكرية والتجارية، بل والفنية والثقافية كذلك، وهذا الدور تجاوز تركيا إلى محيطها، دول الجوار وعالمها الإسلامي، وشَكَّل نقطة تحَوُّل في تعامل الغرب مع تركيا. تركيا تعيش اليوم بعثاً جديداً، ولمحاسن الصُّدَف أن هذا الفوز وهذا الاحتفال يصادف فتح القسطنطينية (إسطنبول) على يد السلطان محمد الفاتح في 29 مايو 1453م، بعد أن ظلت عصية على الفتوحات الإسلامية لعدة قرون، فهل يُمثِّل فوز أردوغان بالأمس فتحاً جديداً في تاريخ تركيا؟!. تركيا ما بعد 28 مايو 2023 لن تكون كما كانت قبله..
2832
| 29 مايو 2023
وجهت دولة قطر خلال افتتاح النسخة الثالثة من منتدى قطر الاقتصادي رسالة طمأنة إلى الأسواق العالمية بأنها ستبقى ضمانة استمرار تدفق الطاقة في ظل الأزمات التي يشهدها العالم، خصوصاً وأن قطر بفضل سياستها الحكيمة أصبحت شريكاً دولياً موثوقاً على مختلف المستويات. لقد جاء انعقاد منتدى قطر الاقتصادي، الذي تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، برعايته وافتتاحه ليعزز مكانة قطر كمنصة للحوار والنقاش، لإيجاد الحلول للاقتصاد العالمي، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة. أهمية منتدى قطر الاقتصادي ـ الذي يشارك في النسخة الثالثة منه أكثر من 100 مشارك، بمن في ذلك رؤساء دول وحكومات، لاسيما من بلدان الجنوب، وقادة الأعمال والمبتكرين والشركات المؤثرة عالمياً ـ أنه يجمع صناع القرار الاقتصادي في زمن يزداد فيه المشهد الاقتصادي العالمي تعقيداً واضطراباً، حيث التضخم يسود في كثير من الدول، فيما تتراجع أصول الائتمان، تشهد مصارف عالمية تحديات كبيرة، إضافة إلى حرب روسيا وأوكرانيا، ولهذا ينظر المراقبون باهتمام كبير إلى المناقشات والمقترحات والأفكار التي ستطرح في جلسات المنتدى، والتي يزيد عدد المتحدثين فيها على 50 متحدثاً رئيسياً. وفي هذا السياق جاءت كلمة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال الافتتاح لتؤكد أهمية المنتدى كمنصة لبحث سبل حل أهم الأزمات التي تواجه العالم اليوم، مشدداً على ضرورة تحويل جلسات المنتدى إلى فرصة للحوار والتشاور لتعزيز فرص التقدم الاقتصادي والازدهار العالمي. ومما لا شك فيه أن التجربة القطرية الناجحة والمميزة في بناء اقتصاد متنوع المصادر ستثري المناقشات، ويستفيد منها المشاركون من مختلف دول العالم، خاصة في ظل هذا الحضور الكبير من قادة الأعمال وصناع القرار. وما يعطي التجربة القطرية ميزة أو دوراً فارقاً أنها اختارت نهجاً إستراتيجياً تنموياً، أشار إليه معالي رئيس الوزراء بقوله: إن مرونة اقتصادنا واحتفاظه بمعدلات تنافسية عالية رغم الأزمات العالمية، وقوة نظامنا الصحي، ودور قطر في سوق الطاقة العالمي، ليس وليد صدفة، إنما نتاج رؤية سديدة من قيادتنا وسنوات من التخطيط والمثابرة والإيمان برأسمالنا البشري من مواطنين ومقيمين. إن دولة قطر تطل على العالم في المنتدى الاقتصادي مستندة إلى تجارب رائدة في التنمية الاقتصادية، أبرزها النجاح الكبير في استضافة أفضل نسخة من بطولة كأس العالم لكرة القدم، وترابط هذا النجاح بجميع القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وبات مونديال قطر 2022 نسخة نموذجية حسب شهادات الاتحاد الدولي لكرة القدم، والأوساط الرياضية العالمية، إضافة إلى الجماهير التي وفدت إلى قطر، التي تجاوزت مليوناً و400 ألف، ومليارات من المشاهدين خلف المنصات الإعلامية، الجميع أكد أنها نسخة استثنائية في جوانبها المختلفة. وقد ساهمت هذه التجارب ـ وفقا لما أشار إليه معالي رئيس الوزراء ـ في تأسيس بنية تحتية مستقرة وصلبة في موقع إستراتيجي بين الشرق والغرب، حيث أصبحت دولة قطر تحتضن أفضل مطار وأفضل خطوط طيران في العالم وأكبر الموانئ الخضراء، وأول شبكة 5G فائقة السرعة متوافرة تجارياً، وهناك أيضاً تجربة التنوع الاقتصادي وتحويل الدوحة إلى وجهة للاستثمارات والسياحة، بالإضافة إلى المبادرات التي يطلقها جهاز قطر للاستثمار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. هذه التجارب القطرية المميزة تحظى بتقدير العالم، وهي تصلح نموذجاً، ويمكن اعتمادها كحلول للأزمات الاقتصادية التي تعصف بكثير من دول العالم، فالدوحة أصبحت وجهة وساحة للحوار والتلاقي تجمع صناع القرار من كل الدول مما يعزز مكانتها كشريك دولي موثوق، في الساحات المختلفة، وما الساحة السياسية ولعب دور الوسيط النزيه، وما حققته قطر فيها من نجاحات، ليؤكد مجدداً الحضور القطري القوي في ساحات أخرى جديدة، وهي الاقتصاد والرياضة، اللتان تضافان إلى ما تتمتع به قطر من مصداقية وموثوقية عالية في الساحة الدولية. إن ثمار النجاحات التي تعيشها قطر يقطفها أبناء الحاضر وأجيال المستقبل، فنحن نعيش في ظل قيادة رشيدة، لا تتوانى عن العمل واتخاذ كل الأسباب وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق المكاسب والإنجازات، ولم تترك شيئاً للصدفة، بل أرست النهج السليم، وخططت بثبات، واستندت إلى رؤية مستقبلية تمثلت في رؤية قطر الوطنية 2030، التي يجري تنفيذها خطوة بخطوة حتى تحقق أهدافها المنشودة لبلوغ أعلى معدلات التنمية والازدهار والاستقرار والحياة الكريمة والرفاهية لكل من يعيش على أرض قطر. إن التحديات التي تواجه العالم اليوم لا يمكن مواجهتها إلا بروح التعاون والشراكة لبناء مستقبل أفضل، والاستفادة من دروس الماضي، التي حملت في جوانب كثيرة منها آلاماً، مما يستوجب اليوم تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، وحفظ السلام، من أجل بناء قدرات يمكنها تجاوز هذه التحديات والأزمات التي يعيشها العالم. إن النسخة الثالثة من منتدى قطر الاقتصادي ستنطوي على كثير من النتائج، وأبرزها تعزيز مكانة قطر كوجهة مثالية للاستثمار والأعمال والشراكات الناجحة بين الشركات المحلية والأجنبية، وما توقيع المدينة الإعلامية ومجموعة بلومبيرغ الإعلامية اتفاقية باستمرارية تنظيم منتدى قطر الاقتصادي حتى 2027، إلا دليل على مسيرة ناجحة للمنتدى، وبيئة مثالية لإقامة وتنظيم هذا الحدث الكبير.
2055
| 24 مايو 2023
الخليج ليس فقط غنياً بـ «الأموال» وثروات النفط والغاز..، بل قبل ذلك غني بالعقول والكفاءات والثروات البشرية في مختلف القطاعات. هذه العقول، وتلك الكفاءات التي تمتلك خبرات ورصيداً واسعاً من التجارب، للأسف الشديد «مغيبة» في كثير من الأحيان، ولا يُستَفَادُ منها بالقدر المطلوب، أو توظيفها بما يتناسب وإمكانياتها. مناسبة هذا الحديث مرور 42 عاماً على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، الذي يصادف في هذا الشهر من عام 1981، هذه المنظومة التي ظلت ـ ولاتزال ـ صامدة بوجه كل التحديات التي مرت بها المنطقة، وتجاوزت الأزمات التي تعرضت لها داخلياً، لتبقى اليوم التكتل العربي الوحيد ـ إذا استثنينا الجامعة العربية ـ الذي ظل متماسكاً طوال هذه السنوات. بقاؤه واستمراريته أمر جيد، ودليل على رغبة سياسية أكيدة، ومن صنّاع القرار بأهمية وجود هذا الكيان، وإن كان ما تحقق لا يرتقي لتطلعات الشعوب الخليجية، التي تعتقد أنه يمكن تحقيق مكاسب وإنجازات أكثر بكثير مما تحقق، لكن ربما ما تعرضت له المنطقة منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي من حروب وصراعات وأزمات، كانت سبباً لـ «محدودية» الإنجازات التي شهدتها مسيرة 4 عقود من عمر المجلس. أعود للكفاءات والعقول الخليجية التي نحن بأمس الحاجة للاستفادة منها على المستوى الخليجي لتدعيم مسيرة المجلس، خاصة تلك التي تمتلك تجارب ثرية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية..، فلماذا لا يكون لها دور فاعل ـ وليس شكلياً ـ في اللجان والهيئات والمنظمات المنبثقة من المجلس؟. منذ سنوات أُنشئِت الهيئة الاستشارية الخليجية التي يفترض مرجعيتها لقادة المجلس، ولكن للأسف الشديد ظلت «تراوح» مكانها، وظل أداؤها «شكليا»، تجتمع على فترات دون أن يكون لها تأثير فعلي في صناعة القرار الخليجي. هذه الهيئة يمكن أن تلعب أدواراً مهمة في تقديم الاستشارة والنصح لصانع القرار الخليجي. اليوم والمنظومة الخليجية تواجه تحديات جمة على مختلف الأصعدة، بأمس الحاجة إلى هيئات استشارية ـ وليس هيئة ـ بشرط أن تكون هيئات فاعلة، وهذا لن يتأتى إلا إذا كان أعضاؤها يتم ترشيحهم من قبل دولهم من باب الأفضل من الكفاءات، وليس لمجرد «الوجاهة». لدينا في دول المجلس قامات ـ ولا أريد تسميتها ـ سياسية واقتصادية وثقافية..، ولكن للأسف غير مُستَثْمَرَة، في وقت يتم الاستعانة بخبرات غير خليجية، إن كان ذلك على مستوى دول المجلس، أو على مستوى المنظومة ككل. أليس من الأولى والأجدى أن تتم الاستعانة بالخبرات الخليجية في رسم الاستراتيجيات ووضع الخطط للتعامل مع الأحداث والتطورات بالمنطقة والعالم؟. هذه الشخصيات متخصصة ولها تجارب ثرية كلٌ في مجاله، وعاصرت أحداثاً، وتمتلك سجلاً حافلاً بخبرات مميزة، مما يستوجب الاستفادة منها، بدلاً من عدم الالتفات إليها. السنوات القادمة في مسيرة مجلس التعاون بحاجة إلى تكاتف الجهود، على كل المستويات، صانع القرار الرسمي.. هيئات ومؤسسات المجتمع المدني.. هيئات ولجان الأمانة العامة للمجلس.. رجال الأعمال والتعليم والثقافة والإعلام.. وفي الوقت نفسه الاستعانة بالشخصيات وبيوت الخبرة الخليجية. نحن نتحدث عن شخصيات ـ في مختلف المجالات ـ لعبت أدواراً مهمة في مسيرة العمل الخليجي، ولها بصمات واضحة، لكنها اليوم «غائبة» عن المشهد، ولازالت في قمة العطاء، ويمكن أن تساهم في بلورة رؤى لعمل خليجي يخرج من «عباءة» البيانات الرسمية، إلى ملامسة قضايا الواقع، ومتطلبات المرحلة، وتستشرف المستقبل بتحدياته وآماله وتطلعات مواطنيه. هذه العقول وهذه الكفاءات آن الأوان أن تُستَثْمَرَ، وأن تُسْتَدْعَى لأخذ رؤاها عبر منصات أو هيئات، وأن يُتْرَك لها المجال لطرح رؤاها بكل شفافية وموضوعية ومصداقية، وإن كان ذلك يخالف توجهات صانع القرار الرسمي. دعونا نستمع لوجهات هذه النخب والكفاءات حيال قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية..، وليس بالضرورة أن يكون رأياً واحداً أو مطابقاً لما تراه المؤسسة الرسمية الخليجية بصورة كاملة. مسيرة العقود الأربعة الماضية من مجلس التعاون الخليجي يجب أن تعلمنا دروساً سواء في العلاقات الخليجية - الخليجية، أو في علاقات المجلس مع الأطراف الخارجية، ورسم استراتيجيات المرحلة المقبلة بصورة أكثر واقعية. ما حققناه من إنجازات يُبْنَىَ عليه، وما تعثرنا فيه نتجاوزه، ونعمل على معالجته بصورة صحيحة وحقيقية، حتى لا تتكرر أخطاء هنا وهناك.
1368
| 23 مايو 2023
.. وجامعاتنا الوطنية والخاصة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من الطلاب والطالبات، من المهم التوقف عند هذا الأمر، والحديث عن متطلبات واحتياجات سوق العمل في هذه المرحلة، خاصة السوق المحلي الذي ينظر بكثير من الترقب للبحث عما يحتاجه من كوادر بشرية مؤهلة وذات أفق واسع، ويضخ دماء جديدة في مسارات عمله المختلفة. هناك قضية أود التطرق إليها بإيجاز، تتمثل في: مدى قرب مؤسسات التعليم العالي باحتياجات سوق العمل.. وهل هي فقط المسؤولة عن ذلك؟ ثم في ظل الثورة التقنية والتكنولوجية وما يعرف بالذكاء الاصطناعي.. أين جامعاتنا من هذا الأمر؟ وما تأثيره على مستقبل الحياة العملية بقطاعاتها ومجالاتها المختلفة؟ الحديث عن متطلبات سوق العمل في هذه المرحلة متشعب، وهو غير مرتبط فقط بالجامعات، بمعنى أن مسؤولية إيجاد كوادر تلبي احتياجات سوق العمل أكثر من طرف يتحمّل مسؤوليتها، منها وزارة العمل، وجهاز الإحصاء وغرفة قطر، والجامعات بالطبع في مقدمتها، ولا يمكن كذلك إغفال دور الأسرة في كيفية خلق حالة من الوعي لدى أبنائها بمتطلبات سنوات قادمة، فهناك قول مأثور «ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم». نتمنى أن يكون هناك عمل مشترك يجمع أطراف المعادلة الخاصة بسوق العمل، وأن تكون هناك دراسات ميدانية لسوق العمل ومتطلبات المؤسسات والوزارات والقطاعات المختلفة، لما هو مطلوب من التخصصات، وما هو فيه فائض. هناك تخصصات بها «تُخمة»، وسنويا يتم تخرّج الآلاف من الطلبة والطالبات منها، وتظل فرص عملها في تخصصها محدودا، والكثير منهم يعمل بعد التخرج في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم، والبعض يبحث عن «واسطة» لكي يحصل على عمل مناسب، وآخرون يضطرون لإعادة تأهيل عبر أخذ دورات تدريبية في مجالات جديدة لكي يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل. في المقابل هناك تخصصات مطلوبة في المجتمع لكن بها «نُدرة» كبيرة، رغم أن الكثير من مؤسسات القطاعين العام والخاص بحاجة ماسة لها. لذلك السؤال: هل لدينا دراسات توضح ما هو المطلوب من التخصصات لسوق العمل خلال السنوات المقبلة؟. هل لدينا خطط واستراتيجيات لكيفية تغطية متطلبات سوق العمل والقطاع الحكومي من تخصصات غاية في الأهمية، كما الأمن السيبراني مثلا، الذي بات لا يمثّل مجرّد وظيفة، بل إنه أصبح يشكّل أمناً للدولة والمجتمع بمؤسساته المختلفة، وباتت دول تستعين به أكثر من الاستعانة بالطائرات الحربية أو الصواريخ والدبابات. هل لدينا دراسة تقول إننا بحاجة من القطريين حتى 2030 - وليس 2050 - عدد كذا من الأطباء والمدرسين والمهندسين والمبرمجين والفنيين والاجتماعيين والإعلاميين والإداريين والمحاسبين … سواء في وزارات الدولة أو القطاع الخاص؟. ثم إن العالم اليوم يتحدّث عن تلاشي آلاف وملايين الوظائف خلال سنوات قليلة قادمة، فهل نحن بمؤسساتنا الرسمية (وزارات الدولة) ومراكزنا البحثية ومؤسساتنا الجامعية وقطاعنا الخاص، أعددنا للأمر عدته، وبدأنا نجهز البدائل حتى نواكب هذه التطورات..؟ ينبغي علينا في قطاعاتنا المختلفة تشكيل منظومة عمل واحدة، بعيدا عن «الجزر» وتضارب الأدوار، وبعثرة الجهود، بحيث يتم وضع الخطط لقضايا استراتيجية وحيوية، بعيدا عن العمل الفردي أو الاجتهادي، والذي يظل دوره محدودا. هذا لا يعني التقليل من الجهود التي تبذل، إنما نريد لهذه الجهود أن تنظّم وتوظف بصورة أكثر جمعا، حتى تكون نتائجها أكبر وأكثر تأثيراً، وملموسة بالواقع العلمي والعملي. فهناك تحديات كبرى أمامنا فيما يتعلق بالتنمية الشاملة وسوق العمل، والذي يشهد يوميا دخول أنماط ومبتكرات جديدة، وثورة تقنية عالية، والتي من بينها الذكاء الاصطناعي، وكيفية مواكبته والتعامل معه، بصورة أكثر احترافية. قطر واحدة من أكثر الدول في العالم العربي التي تنفق على الأبحاث العلمية، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الاستثمار الأفضل لهذا الإنفاق، بحيث تكون له عوائد عالية على المجتمع. سررت كثيرا عندما سمعت من د.حسن الدرهم رئيس جامعة قطر أن تطوير تقنية تبريد ملاعب كأس العالم خرجت من جامعة قطر، وهذا أمر نفخر فيه ونعتز به. إعداد الأجيال لخوض معارك الحياة أمر في غاية الأهمية، فهذا الأمر لا يعني الشباب فحسب، إنما يعني المجتمع والدولة، فكلما كانت الأجيال لديها الجاهزية لخوض التحديات، وجدت مجتمعا مواكبا وعلى قدر كبير من التطور والازدهار والتقدم. السنوات القليلة القادمة أسواق العمل ستحتاج إلى تسلح علمي نوعي، ومهارات جديدة، وقدرات مبتكرة، وهو ما يحتم على الجميع التعاون والتكامل لإنجاز متطلبات النجاح لأبنائنا ومجتمعنا ودولتنا. نحتاج الى توعية أبنائنا منذ الصغر للتخصصات والمهن والوظائف، وألا يكون سقف طموحهم الحصول على الشهادة فقط، دون أن يكون لهم دور فاعل في التنمية والنهوض بالمجتمع.
885
| 14 مايو 2023
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4533
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3387
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1350
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1095
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
843
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
690
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
669
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
627
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
612
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية