رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من المعلوم أنه بمجرد رفع الدعوى أمام المحكمة، يكون المدعي قد وضع نطاقاً لموضوعها، وحدد الطلبات الواردة فيها، والتي لا يجوز الخروج عنها سواء من قبله أو من قبل المدعى عليه، وحتى من قبل المحكمة، إذ تكون هذه الأخيرة ملزمة بالنظر في حدود موضوع الدعوى الماثلة أمامها، وأي تجاوز لذلك يعد بمثابة مخالفة لصريح القانون. لكن ذلك لا يعني أن الأطراف غير قادرين على كسر تلك القاعدة، بل يحق للمدعي أو المدعى عليه توسيع أو تضييق نطاق موضوع الدعوى حسب ما يستجد لديهما من وقائع مرتبطة بالدعوى. هذا الحق ضمنه لهما المشرع بموجب ما يسمى بالطلب العارض، الواردة أحكامه ضمن المواد من 79 إلى 82 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويمكن تعريف الطلبات العارضة بأنها تلك التي يقدمها المدعي أو المدعى عليه بعد تقديم الدعوى بطلباتها الأصلية يكون الغاية منها تعديل موضوع الدعوى إما من أجل تدارك طلب لم يقدم ضمن الطلب الأصلي أو مواجهة ظروف جديدة طرأت أثناء سير القضية أو طلبات أخرى مرتبطة بموضوع الدعوى. وحسب المادة 79 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإن إجراءات تقديم الطلب العارض مبسطة ويكفي من أجل قبوله أي يتم رفعه أمام المحكمة خلال تداول الدعوى إما قبل الجلسة أو يوم انعقادها بواسطة طلب شفاهي يثبت في محضر الجلسة، وجرت العادة أن يتم تقديم الطلبات العارضة سواء من طرف المدعي أو المدعى عليه بواسطة مذكرة كتابية يثبت مضمونها ضمن المحضر. وجدير بالذكر أن الطلب العارض يجب أن يكون مرتبطاً بموضوع الدعوى الأساسي، إذ لا تقبل المحكمة طلباً عارضاً يختلف مع موضوع الدعوى الأصلي، ويتعلق بموضوع آخر، مثل أن يكون موضوع الدعوى المطالبة بتعويض عن المسؤولية المدنية، ثم يقدم أحد الأطراف في جلسة لاحقة طلباً عارضاً موضوعه قسمة عقار مملوك بين الطرفين على الشياع، ففي هذه الحالة موضوع الطلبين يختلف اختلافاً جوهرياً، ولا يجوز قبول الطلب العارض، بل يمكن تقديم دعوى منفصلة في موضوعه. لكن في نفس المثال إذا قدم أحد الأطراف طلباً عارضاً بإضافة خصم جديد في الدعوى أو بتعديل قيمة التعويض المطلوب، فإن الطلب العارض يكون مبنياً على أساس سليم ويجوز قبوله لأنه مرتبط بالموضوع الأصلي. وقد حددت المادة 80 من قانون المرافعات المدنية والتجارية نوعية الطلبات العارضة التي يجوز للمدعي تقديمها، إذ يحق له طلب تعديل موضوع الدعوى أو سببها أو إكمال ما اعترى الطلب الأصلي من نقائص أو تقديم طلب الأمر بإجراء وقتي مستعجل، وغير ذلك من الطلبات التي تسمح المحكمة بتقديمها ارتباطاً بالموضوع الأصلي للدعوى. أما المدعى عليه، فيجوز له بحسب المادة 81 من نفس القانون تقديم طلبات عارضة تتعلق بالمقاصة بين الدين موضوع الدعوى ودين يدعيه أو طلب تعويض عن ضرر لحقه من موضوع الدعوى الأصلي، أو أي طلب مرتبط بالدعوى أو طلب الغاية منه عدم الحكم بطلبات خصمه، وغير ذلك من الطلبات التي تسمح المحكمة بتقديمها، بشرط أن تكون مرتبطة بالموضوع الأصلي. هذا ويجب الإشارة إلى أن تقديم الطلبات العارضة يجب أن يتم قبل إقفال باب المرافعة، بحيث لا تقبل بعد حجز الدعوى للحكم، حتى ولو كان الطلب العارض مستوفياً لجميع الشروط الموضوعية والشكلية الأخرى.
126
| 17 نوفمبر 2025
عندما يقرر أي شخص اللجوء إلى القضاء من أجل المطالبة بحق يدعيه، يكون ملزما بتوفير الإثباتات الكافية التي تدعم موقفه وإلا كان مصير دعواه الرفض لعدم الثبوت، وتتعدد وسائل الإثبات المعمول بها أمام القضاء، وقد حددها قانون المرافعات المدنية والتجارية بالنسبة للدعاوى ذات الطبيعة المدنية وخصص لها كتابا كاملا في المواد من 211 إلى 361، والمراد من ذلك أن يكون بين القاضي والأطراف المختصمة تشريع يبين كيفية تأييد الادعاءات والمزاعم المنتجة في الدعوى، وعدم ترك الفصل في الدعاوى رهينا بهوى كل طرف أو بالعلم الشخصي للقاضي. بالرجوع لوسائل الإثبات المعمول بها في أصول التقاضي نجد أنه يتم بواسطة الوثائق المكتوبة، وعن طريق شهادة الشهود أو استجواب الأطراف المعنية، أو إجراء خبرة فنية على موضوع الدعوى، أو وجود قرائن مثبتة للحق المتداعى فيه، أو إقرار الأطراف بذلك الحق، أو حلفهم اليمين على صحته أو عدمها. لكن الأسئلة التي قد تجول في ذهن المتقاضي بهذا الشأن، هل جميع هذه الوسائل يجب أن تتوفر قبل أن يلجأ إلى المحكمة؟ هل يمكنه إثبات حقه بأي وسيلة من هذه الوسائل؟ وفي حالة تعارض أي وسيلة إثبات مع أخرى أيهما أولى بالإعمال؟ وهل القاضي مقيد بوسيلة الإثبات التي يطرحها مقدم الطلبات؟ مبدئيا إذا توفر الخصم الذي يدعي حقا على دليل يدخل في خانة إحدى الوسائل المذكورة أعلاه يعتبر ذلك حجة على خصمه، ويكون منتجا في جدية دعواه ومطالبه، وليس بالضرورة توافر جميع تلك الوسائل في نزاع واحد، فالحالة التي يكون فيها المدعي حائزا لدليل كتابي في مواجهة خصمه يكون ذلك كافيا للقول بصحة ما يدعيه، ولا يلزمه أن يؤيد ذلك الدليل الكتابي مثلا بشهادة الشهود أو إقرار الخصم، إلا في حالات استثنائية مثل حالة إنكار الخصم لصحة ذلك المحرر، بحيث يتم اللجوء إلى إجراءات إثبات أخرى، من قبل إجراء خبرة على ذلك المحرر المكتوب أو طلب استجواب الأطراف بشأنه. والخطأ الشائع الذي يقع فيه أغلب المتقاضين عند تقديم دعوى خالية من وسيلة إثبات قوية مثل المستند الكتابي الذي يؤيد مزاعمهم، يلجؤون إلى تضمين مذكرات دعاواهم بطلبات موجهة إلى القاضي بإعمال وسيلة إثبات أخرى، مثل سماع أقوال الأطراف أو ندب خبير لإنجاز تقرير فني في الدعوى أو توجيه اليمين المتممة أو الحاسمة إلى الخصم، ويعتقدون أن المحكمة ملزمة بمسايرة وسيلة الإثبات التي تم اختيارها من قبلهم، ويتفاجؤون أن القاضي حكم في الموضوع ورفض إعمال تلك الوسيلة للإثبات، أو أنه أمر تمهيديا بإجراء وسيلة إثبات مغايرة للوسيلة التي تم التنصيص عليها في ختام طلبات دعواهم، ويعتبرون في ذلك مخالفة للقانون وسببا للطعن في حكم المحكمة. في حقيقة الأمر، القاضي ليس ملزما باتباع طلبات الأطراف فيما يتعلق بإجراءات تحقيق الدعوى واستجلاء غموضها، بمعنى أن الخصم الذي لا يقدم دليلا قطعيا على صحة طلباته لا يكون القاضي ملزما بوسيلة الإثبات المقترحة من طرفه، فمثلا قد يطلب رافع الدعوى توجيه اليمين الحاسمة لخصمه في حين يرفض القاضي ذلك ويصدر أمره مثلا بندب خبير لإعداد تقرير بطبيعة العلاقة بين الأطراف وتصفية الحساب بينهما، أو قد يحكم القاضي في الموضوع مباشرة برفض الدعوى لعدم الصحة والثبوت إذا تبين له من أوراق القضية وحسب قناعته وطبقا للقانون أن المدعي ليس محقا في طلباته، ولا تستحق الدعوى إطالة أمدها بإجراء وسيلة إثبات غير ذات جدوى في النزاع. ولكن رغم ذلك، فإذا طلب المدعي بالحق أن يتم اللجوء إلى وسيلة من وسائل الإثبات، مثل الخبرة أو اليمين أو غيرهما يكون القاضي ملزما بالرد على طلبه حتى وإن رفض اللجوء إليه، بحيث يجب أن يتضمن الحكم ما يطمئن إليه رافع الدعوى بشأن الأسباب التي جعلت المحكمة ترفض الالتزام بتلك الوسيلة من أجل الإثبات، وإلا كان ذلك سببا للطعن بجميع أوجه الطعن المسموح بها قانونا، حتى الطعن بالتمييز، لأن ذلك من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة التمييز.
549
| 10 نوفمبر 2025
من الحقوق العينية التي ترد على العقارات، ويكثر التعامل بها في الزمن المعاصر الحق الذي يخوله عقد الرهن الرسمي، ويقصد به ذلك العقد الذي يبرم بين طرفين أحدهما يسمى الدائن المرتهن والآخر المدين الراهن، وبموجبه يكتسب المرتهن حقا على عقار يخصص للوفاء بدين لفائدته في ذمة المدين الراهن، ويعتبر الرهن الرسمي بالنظر إليه من زاوية الحقوق العينية حقا عينيا تبعيا وليس أصليا، بمعنى أنه ليس كحق الملكية قائما بذاته ويرد على العقار دون حق آخر، بل إن الرهن الرسمي حق عيني تبعي يستند في وجوده إلى حق شخصي مرتبط به، بمعنى أن اكتساب الشخص لحق الرهن الرسمي على عقار يمتلكه شخص آخر بالضرورة أن يكون نتيجة حق شخصي بينهما سابق لذلك الرهن، مثل قرض سابق أو مديونية أو غير ذلك. وقد نظم القانون القطري أحكام عقد الرهن الرسمي ضمن المواد من 1058 إلى 1127 من القانون المدني، معتبرا إياه بمثابة تأمين عيني يرد على العقار ضمانا للوفاء بحق معين، وأفرد أحكاما خاصة بكيفية إنشاء هذا العقد والآثار القانونية المترتبة وكيفية انقضائه، وأقر في المادة 1059 من نفس القانون شكلية انعقاده، بحيث ألزم الأطراف بشكلية الكتابة بواسطة ورقة رسمية حسب ما يقرره القانون، وبالتالي فإن الرهن الرسمي لا ينعقد ويعتبر باطلا إذا لم يرد مكتوبا ضمن ورقة رسمية وفق ما يتطلبه القانون. إن الدائن المرتهن يكون دائما مستحقا لدين ثابت في ذمة الطرف الثاني، وضمانا لسداد ذلك الدين يحصل على رهن رسمي بعقار يملكه المدين أو كفيله، يكون له حق استخلاص دينه من ذلك العقار في حالة عدم الوفاء به ضمن المواعيد والشروط المحددة، حيث تترتب للدائن المرتهن بموجبه حقوق ممتازة على ذلك العقار، إذ إن دينه يكون الأولى بالاستيفاء عند بيع ذلك العقار ويقدم على باقي أنواع الديون الأخرى، ويسمى في هذه الحالة حق التقدم، كما أن انتقال العقار من حائز لآخر لا يمنع الدائن المرتهن من التنفيذ على العقار المرهون إذ حل أجل الوفاء بالدين، وذلك ما يخوله حقا يسمى حق التتبع. والمدين الراهن قد يكون دائنا للطرف الآخر ويمتلك عقارا، فيبرم معه عقد رهن رسمي على ذلك العقار ضمانا للوفاء بالدين في مواعيده، وإن خالف شروط الوفاء بالدين جاز للدائن المرتهن التصرف في العقار من أجل استيفاء حقه، وقد يكون المدين الراهن ليس دائنا للطرف الآخر، إنما مجرد كفيل لشخص مدين للدائن المرتهن، فيقدم هذا الكفيل عقارا يمتلكه بمثابة تأمين للوفاء بذلك الدين فيصبح مدينا راهنا في هذه الحالة. بموجب عقد الرهن الرسمي لا يحوز الدائن المرتهن العقار ولا يجوز له التصرف فيه طالما أن ميعاد الوفاء بالدين الناتج عن الحق الشخصي لم يحل بعد، بحيث تظل طيلة تلك الفترة حيازة العقار لدى المدين الراهن، ويتصرف فيه تصرف الرجل العادي المحتاط، ويحق له الحصول على كل ما يجنيه ذلك العقار من محصول أو إنتاج أو غيره، وفي نفس الوقت يكون ملزما بالمحافظة عليه وعدم الإهمال أو التقصير، بحيث يمكن للدائن المرتهن أن يحمله المسؤولية عن أي تقصير أو إهمال. ينقضي عقد الرهن الرسمي عند انقضاء الدين الذي أبرم العقد من أجله، مثل قيام المدين الراهن بسداد ما بذمته من دين للدائن المرتهن، عندئذ ينقضي الرهن الرسمي ويتم تطهير العقار، بعودته في ملكية الراهن دون أن يكون مثقلا بالرهن. كما ينقضي كذلك عند حلول ميعاد سداد الدين وعدم استيفاء المرتهن لحقه، بحيث يستوفي المرتهن حقه بقيمة دينه من ثمن بيع العقار المرهون عن طريق المزاد العلني.
210
| 03 نوفمبر 2025
يُعرف عقد الهبة بأنه اتفاق يبرم بين طرفين، أحدهما الواهب والآخر هو الموهوب له، على أن يتم تمليك الأخير مالاً أو حقاً مالياً بدون عوض حال حياة الأول، من خلال هذا التعريف يتبين أن عقد الهبة هو تصرف يجريه الشخص على مال يملكه، وينقل ملكيته لشخص آخر على وجه التبرع وبدون مقابل مادي يتناسب مع قيمة المال الموهوب، وعقد الهبة من التصرفات التي ارتبطت بالإنسان منذ التاريخ وأقرته مختلف التشريعات المقارنة، ونظم أحكامه المشرع القطري ضمن المواد من 492 إلى 512 من القانون المدني. ويشترط في عقد الهبة لصحة نفاذه كباقي العقود، استيفاء الأركان القانونية اللازمة من الأهلية والمحل والسبب، ويفرض على طرفيه التزامات وحقوقا متبادلة، لكن التزامات الواهب هي المؤثرة في صحة نفاذ عقد الهبة، لأن الموهوب له في الأصل، غير ملزم بتنفيذ أي التزام مترتب عن هبة المال لفائدته. وعليه يكون الواهب ملزما عند إبرام عقد الهبة أن يكون مالكاً للشيء الموهوب، لأنه لا يجوز التصرف بالهبة في مال مملوك للغير، إلا إذا أقره المالك الحقيقي، كما يلتزم الواهب أيضا بتسليم المال الموهوب للموهوب له، فلا يكفي مجرد إبرام عقد بذلك، بل يفترض وفاء الواهب بالتزامه عند التنفيذ العيني أي بالتسليم الفعلي للمال موضوع الهبة. وإذا كان الأصل أن الهبة من العقود الملزمة لجانب واحد هو الواهب، ولا يرتب ثمة التزامات على عاتق الموهوب له، فإنه استثناء قد يشترط الواهب من أجل نفاذ عقد الهبة تنفيذ الموهوب عملاً معيناً، أو تقديم مقابل لا يصل لدرجة التناسب مع الشيء الموهوب، مثل أن يشترط الواهب على الموهوب له أن يقيم بشخصه في العقار موضوع الهبة طوال حياته، ففي هذه الحالة إذا انتقل الموهوب له للعيش في مكان آخر غير العقار الموهوب اعتبر مخلا بالتزاماته في العقد، وجاز للطرف الآخر الرجوع في الهبة. ومن أجل استقرار المعاملات، وحماية حقوق الموهوب له من تراجع الواهب في قراره دون مبرر، منع القانون الرجوع في الهبة كمبدأ أصلي ترد عليه بعض الاستثناءات، ومن أوجه الاستثناء التي تجيز للواهب الرجوع في الهبة أن يكون الموهوب له ابن أو بنت الواهب، ما عدا إذا كان ذلك الابن أو البنت يتامى الأب في حال كانت الواهبة هي الأم، ويجوز أيضاً الرجوع في الهبة إذا قبل الموهوب له بذلك. وأيضا يجوز للواهب الرجوع في هبته إذا كان لديه عذر مقبول، ويتم ذلك عن طريق تقديم دعوى قضائية للمطالبة باسترجاع المال الموهوب مع بيان العذر الاستثنائي المبرر لطلبه، مثل أن يصبح واهبا دون مسكن يؤويه والموهوب له ميسور قادر على توفير سكن آخر، ففي هذه الحالة يحق للواهب طلب الرجوع في الهبة لوجود عذر منطقي مقبول. هذا وإنه لا يجوز الرجوع في الهبة بين الزوجين حال قيام العلاقة الزوجية، ولا بعد وفاة الواهب أو الموهوب له، وإذا هلك المال الموهوب أو تصرف فيه الموهوب له بالبيع مثلا، كما لا يجوز الرجوع في الهبة إذا تمت على وجه التبرع الخيري.
177
| 27 أكتوبر 2025
قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ويقول أيضا: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً). ويستدل من ذلك أن الله سبحانه وتعالى أوصى الأزواج بتمكين زوجاتهم من المهر أو الصداق، الذي يعتبر مالا يقدم من الرجل إلى المرأة تعبيرا عن الرغبة في الزواج منها، وهو ليس له حد أدنى أو أقصى، يشترط فقط أن يكون مما يجوز التعامل به شرعا. وقد سار قانون الأسرة القطري في نفس النهج بشأن تنظيم أحكام المهر، إذ بالرجوع إلى القانون المذكور نجده قد جعل المهر حقا للزوجة وواجبا على الزوج، يكون مستحقا لها حسب الاتفاق بين الطرفين، ويجوز تعجيله أو تأجيله إما كله أو جزء منه. وتتسلمه الزوجة بنفسها، ولها أن تتصرف فيه وفق ما تبتغي دون إلزامها بوجه صرف معين. والمهر يجب أن يكون معينا بالذات، ومنصوصا عليه كتابة ضمن وثيقة الزواج، ويجب أيضا التنصيص على مقدار المعجل منه والمؤخر، وبيان استلام الزوجة له من عدمه، وذلك حماية لحق الزوجة في الاستفادة من مهرها، وتحسبا لأي نزاع محتمل بين الطرفين بشأنه. أما في حالة نشوب نزاع بين الزوجين بشأن قبض المهر أو قيمته أو مدى أحقية الزوجة في الاحتفاظ به، فقط تطرق قانون الأسرة لذلك وفصل في أحكام منازعات المهر ضمن المواد من 37 إلى 41 منه. وهكذا، إذا تم الاختلاف في تحديد مقداره، وجب على الزوجة أن تقدم إثباتا لذلك وإلا تقضي المحكمة بمقداره حسب أقوال الزوج بعد حلفه اليمين، إلا إذا صرح بمهر لا يصلح الالتزام به، ففي تلك الحالة يحكم القاضي للزوجة بمهر المثل أي المهر المحدد حسب الأعراف والتقاليد المعمول بها في مجتمع الزوجين. وإذا نشب نزاع بشأن المقدار المقبوض وغير المقبوض من طرف الزوجة، وذلك بأن يدعي الزوج أنه مهر وتدعي الزوجة أنه هدية أو وديعة حينها تقضي المحكمة لفائدة من يقدم إثباتا على صحة ادعائه، وإذا عجز الطرفان معا عن الإثبات تقضي المحكمة وفقا للأعراف السائدة، أي إذا كان الشيء المتنازع فيه متعارفا على أنه مهر اعتبرته المحكمة كذلك، وإذا كان من الأشياء المتعارف عليها في المجتمع على أنها تقدم هدية وليس مهرا حكمت المحكمة لصالح الزوجة، أما إذا لم يسعف العرف في إثبات المهر وكانت الزوجة تدعي أنه هدية والزوج يعتبره مهرا قضت له المحكمة بقوله بعد حلفه اليمين القانونية. أما إذا وقع الطلاق بين الطرفين بعد الدخول بالزوجة، أو حدوث الخلوة الشرعية الصحيحة استحقت الزوجة كامل مهرها معجله ومؤخره، في حين إذا وقع الطلاق قبل الدخول ودون وقوع الخلوة الشرعية تستحق نصفه فقط حسب المادة 39 من قانون الأسرة.
657
| 20 أكتوبر 2025
تتطلب إجراءات التحقيق في بعض الجرائم بقاء المتهم رهن إشارة العدالة، وذلك إما لكون المشتبه فيه ليست لديه ضمانات كافية للمثول أمام جهات التحقيق، وإما لكون الجريمة من الخطورة بمكان يصعب ترك المتهم فيها طليقا، لأن من شأن ذلك التأثير سلبا في سير مجريات التحقيق. ولأجل ذلك أقر قانون الإجراءات الجنائية تدبيرا احتياطيا يتم اللجوء إليه في هذه الحالات يسمى بالحبس الاحتياطي. والحبس الاحتياطي ليس إجراء يأمر به عضو النيابة العامة المكلف بالتحقيق في القضية أو أحد قضاة المحكمة الابتدائية المختصة حسب الحالات، يهدف إلى تقييد حرية المتهم عن طريق إيداعه خلال فترة التحقيق في الجريمة داخل مكان مخصص للحبس، وذلك بسبب وجود أدلة قوية على نسبة الجريمة إليه أو لعدم توافر ضمانات كافية يتأكد معها تعاونه مع التحقيقات المجراة أو عدم هروبه إذا تم التحقيق معه في حالة سراح، وعند تحقق الحالتين معا، أي عدم وجود ضمانات كافية للمثول أمام العدالة وتوافر أدلة قوية على نسبة الجريمة إلى المتهم. وبمطالعة قانون الإجراءات الجنائية فقد ورد تنظيم قواعد الأمر بالحبس الاحتياطي ضمن المواد من 110 إلى 118 ومن 157 إلى 161، وأحاطت بالتنظيم كل ما يتعلق بالحبس الاحتياطي من شروطه، مدده القانونية، الجهات المخولة بإصداره، طرق الطعن فيه وغير ذلك من القواعد. ولكي يتم الأمر بحبس المتهم احتياطيا على ذمة التحقيقات اشترط القانون أن يتم استجواب المتهم والتأكد من توافر قرائن كافية تدينه في الجريمة المشتبه ارتكابه إياها، كما يجب التأكد من أن المتهم لن يتعاون مع العدالة، وهنالك احتمالية واضحة لهروبه، كما يشترط أيضا أن تكون الجريمة موضوع التحقيق جنحة أو جناية يعاقب عليها القانون بعقوبة سالبة للحرية تزيد على ستة أشهر حبسا. ويتم إصدار الأمر عند تحقق الشرطين من قبل عضو النيابة العامة المكلف بإيداع المتهم رهن الحبس الاحتياطي مدة أربعة أيام يجوز تمديدها لنفس المدة أي بإجمالي ثمانية أيام قيد الحبس الاحتياطي، باستثناء جرائم الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام التي يجوز أن تصل فترة الحبس الاحتياطي فيها إلى مدة أقصاها ستة عشر يوما، وفي جميع الأحوال يلزم إخطار المتهم المحبوس احتياطيا بطبيعة الإجراء المتخذ في حقه وأسباب حبسه والتهمة المسندة إليه، مع إخطاره بحقه في الاتصال بأحد معارفه والاستعانة بمحام. وإذا تطلبت إجراءات التحقيق استمرار المتهم رهن الحبس الاحتياطي، يجوز تمديد المدة المذكورة أعلاه من خلال عرض الموضوع على قاضي الحبس الاحتياطي بالمحكمة الابتدائية من طرف عضو النيابة العامة المكلف، وعقب البت في الموضوع يحكم القاضي إما برفض تجديد الحبس الاحتياطي مع الإفراج المؤقت بضمانة أو دون ضمانة حسب الأحوال، أو يقضي بحبس المتهم احتياطيا لمدة أقصاها ثلاثون يوما يمكن تجديدها لمدد أخرى، على ألا يتجاوز سقف مدد الحبس الاحتياطي في جميع الأحوال ستة أشهر، مع مراعاة إلزامية الإفراج عن المتهم إذا قضى في محبسه مدة تعادل نصف مدة العقوبة المقررة للجريمة موضوع التحقيق، بمعنى إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة موضوع الحبس الاحتياطي ثمانية أشهر كحد أقصى فإن فترة الحبس الاحتياطي لا يمكن أن تتجاوز أربعة أشهر. هذا وإن الحكم القضائي الصادر بتجديد الحبس الاحتياطي ليس نهائيا بل يجوز للمتهم أو دفاعه الطعن فيه بالاستئناف وذلك في ظرف 24 ساعة من صدوره، عن طريق إيداع تقرير بقلم كتاب محكمة الاستئناف المختصة، ويتم نظر الطعن المقدم خلال جلسة أمام هيئة استئنافية خلال ميعاد لا يتجاوز المقرر ثلاثة أيام من تاريخ الطعن بالاستئناف، ويكون الحكم الصادر عن الهيئة الاستئنافية إما بإلغاء الحكم القاضي بالحبس الاحتياطي مع الإفراج المؤقت عن المؤقت، وإما يكون بتأييد حكم محكمة أول درجة.
729
| 13 أكتوبر 2025
قبل إصدار حكم في موضوع قضية معينة، يكون القاضي ملزماً بمراجعة المستندات المقدمة إليه من قبل الأطراف، وتمحيص كل الوثائق واستخدام مختلف وسائل الإثبات المقررة قانوناً من أجل تكوين قناعة خالصة وبناء حكم مستند إليها. فالقاضي غالباً رغم الشروط المتوفرة فيه من تكوين قانوني عال وخصائص مميزة إلا أنه يفتقر للمعرفة والاطلاع المعمق على بعض الأمور التي تعرض عليه للبت فيها، والتي تتعلق في الغالب بمسائل فنية تحتاج أهل الخبرة والاختصاص من أجل تنوير قناعة القاضي وإعطائه رأياً سديداً يستطيع من خلاله صياغة حكم مبني على أسس صحيحة. من أجل ذلك خول المشرع للقاضي أثناء نظر الدعوى ندب خبير متخصص في مجال القضية المراد أخذ رأي فني للحكم فيها، ويخضع ذلك لأحكام المواد من 333 إلى 361 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فإذا ارتأى القاضي أن الدعوى المعروضة عليه تستدعي الاستئناس برأي شخص متخصص وعلى دراية واسعة بجزئية معينة يصعب تحديد الموقف منها بمجرد الاستناد إلى التفسير القانوني، قضى بحكم تمهيدي وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير للقيام بمأمورية محددة النطاق وتقديم تقرير فيها للمحكمة من أجل الاطلاع عليه ومساعدتها في إصدار الحكم وهي على بينة بكل جوانب القضية سواء القانونية أو الفنية. وضع المشرع تنظيماً محكماً لإجراءات ندب الخبراء في الدعاوى وطريقة عملهم، فإذا عهد القاضي لخبير بتقديم تقرير فني في مأمورية معينة حدد له ضمن الحكم التمهيدي مبلغ أمانته وألزم أحد الأطراف أو جميعهم بإيداعها، وعليه حسب المادة 344 من قانون المرافعات بمجرد إعلانه بقرار الندب أن يحدد موعداً لبدء عمله لا يتجاوز 15 يوماً الموالية لتكليفه، وعليه أن يدعو الخصوم للاجتماع به بكتب مسجلة ترسل قبل 7 أيام من الموعد المحدد، وأن يتدارس معهم جميع النقاط والمسائل التي تخص موضوع المأمورية والتي لا تخرج عن النطاق المحدد له بموجب الحكم، وعليه أيضاً أن يسمع أقوالهم وأقوال أي شخص مفيد في إنجاز المأمورية، وأن يتم تضمين كل ذلك بمحضر أعمال يوقع عليه جميع الأطراف الذين تم الاستماع إلى إفادتهم، وكل ذلك من أجل إتمام المأمورية وفقاً لما نصت عليه المادتان 349 و350 من قانون المرافعات بإيداع التقرير بقلم كتاب المحكمة موقع منه يتضمن نتيجة أعماله ورأيه والأسانيد التي ارتكز عليها في التوصل إلى تلك النتيجة. والخبير لكي لا يجعل تقريره مشوباً بالعيوب أو عرضة للبطلان عليه أن يتقيد في مأموريته بالنقاط المحددة ضمن الحكم التمهيدي القاضي بندبه، فلا يجوز له تخطي ما حددته المحكمة، مثل أن ينص الحكم على ندب الخبير من أجل استبيان الوضعية الحسابية الحقيقية للشركة فيقدم الخبير تقريراً بخصوص الوضعية الحسابية للشركة وفروعها والوضعية الحسابية لشركات أخرى لنفس المالك. كما أن عمل الخبير يقتصر فقط على إبداء رأيه بشأن الجوانب الفنية، ولا يجوز له النظر في المسائل المتعلقة بالقانون أو موضوع الدعوى لأنه بذلك يكون قد تقمص دور القاضي وهو ما لا يستساغ قانوناً وقضاء، مثل أن يتضمن تقرير الخبير فصلاً في الحقوق بين الأطراف المتداعية أو تفسيراً قانونياً صرفاً. وتقرير الخبرة عند إيداعه بملف الدعوى لا يعدو عن كونه رأياً من شخص ذي خبرة في الجزئية المراد تنوير قناعة القاضي بشأنها، فهو لا يلزمه في شيء، إذ يمكن أن يحكم وفق ما توصل إليه الخبير من نتائج ويمكن أيضاً أن يحكم بخلاف ما تضمنه التقرير، فالقضاء له السلطة التقديرية في الأخذ به من عدمه شريطة بناء حكمه على أسباب وأسانيد تسوغه من الناحية القانونية.
237
| 06 أكتوبر 2025
عند الحديث في إطار القانون المدني عن التعاقد فإن الأمر يتعلق باتفاق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين، مثل الاتفاق على إبرام عقد بيع، أو توكيل محام للدفاع في قضية منظورة أمام المحكمة أو غيرها من التصرفات التي يتطلب نفاذها التعبير عن الإرادة السليمة. ولأجل ذلك ينبغي أن يكون الشخص المقبل على العقد راضيا على جميع شروطه والالتزامات المضمنة فيه وأن يكون رضاه توجهاً إلى إنشاء الالتزام على وجه صحيح دون تدخل أجنبي، أو عيباً شابَ إرادته، لكن قد يحدث أن يتخلل رضاء الشخص عيب من العيوب المنصوص عليها في المواد من 130 إلى 147 من القانون المدني، والتي حددها المشرع في الغلط، التدليس، الإكراه، الاستغلال والغبن. يعتبر الشخص قد وقع في الغلط المعيب للرضاء إذا أخطأ في تقدير حقيقة الشيء وجهل حقيقته وقت إبرام العقد جهالة فاحشة يتعذر التعرف عليها وقتئذ، ويشترط لاعتبار الشخص قد وقع في الغلط إذا كان موضوعه هو الدافع إلى التعاقد، وإذا كان المتعاقد الآخر قد وقع في نفس الغلط بدوره أو كان يسهل عليه تداركه، مثل إبرام شخصين لعقد بيع قطعة أرض وهما معا لا يعلمان أنها موضوع نزع ملكية للمنفعة العامة، ففي هذه الحالة يمكن للمشتري بعد اكتشاف الوضعية الحقيقية للعقار أن يدفع بإبطال العقد لعيب الغلط، لكن شريطة أن يكون البائع بدوره لا يعلم بوجود نزع ملكية العقار، أما إذ كان البائع قد أعلن بذلك ويعلم بالموضوع عند التعاقد فلا يعتبر ذلك غلطا، بل يعتبر تصرفه بمثابة بيع ملك الغير وتطبق بشأنه مقتضيات قانونية أخرى. ويقصد بالتدليس كعيب من عيوب الرضاء استعمال وسائل احتيالية وإيهام الشخص بأمور مزيفة على أنها حقائق من أجل دفعه على التعاقد، مثل قيام شخص بتوكيل شخص آخر لتمثيله أمام القضاء بعد إيهامه بأنه محامٍ ويحق له الترافع أمام المحاكم، ويشترط للتمسك بعيب التدليس أن يكون هو الدافع الوحيد للتعاقد وأن يكون قد صدر من طرف الشخص الآخر أو من ينوب عنه. أما الإكراه فهو بعث الرهبة في نفس الشخص عن طريق التخويف أو استعمال وسائل تهديدية وإجباره على إبرام العقد تحت وطأة ذلك، مثل توقيع امرأة عقدا مع زوجها تتنازل بموجبه على جميع حقوقها بسبب تهديدها بالهروب بالأولاد خارج البلد، ويشترط للتمسك بالإكراه أن يكون قد صدر من المتعاقد الآخر أو من يمثله وأن يكون التهديد غير مشروع مثل التهديد بتلفيق تهم أو بالتعنيف، أما التهديد مثلا باللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحقوق المشروعة فهو لا يعد إكراها لأنه تهديد باستعمال أمر لا يمنعه القانون. ومن عيوب الرضاء أيضا الاستغلال، أي إقدام الشخص على إبرام عقد من خلال استغلال حاجته الملحة لشيء معين أو هواه الجامح أو طيشه البين أو ضعفه الظاهر، مثل توقيع شخص عقد عمل براتب بخس لمجرد حاجته إلى سداد دين حال. والعيب الآخر المنصوص عليه ضمن القانون المدني القطري هو الغبن، ويقصد به العيب الذي طال الرضاء وبسببه لم يحدث تناسبا بين البدلين، مثل بيع قطعة أرض بثمن 100 ألف ريال في حين أن قيمتها حسب سعر السوق مليون ريال، ويشترط في هذه الحالة أن يكون البائع سيء النية وعلى دراية كافية بسعر السوق الحالي. ومن الناحية العملية، فإنه من الصعوبة بمكان التمسك أمام القضاء بطلب الإبطال لوجود عيب من عيوب الرضاء، لأن هذه العيوب تعد من المسائل الجوهرية المرتبطة بالحالة النفسية للشخص عند التعاقد، وهو ما يصعب معه تقديم إثباتات بذلك للمحكمة.
306
| 29 سبتمبر 2025
تستمد السلطة القضائية قوتها من الدستور الدائم للبلاد، الذي أكد على استقلاليتها وخول للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أن تتولاها وفق ما يقتضيه القانون. فالسلطة القضائية بهذا المفهوم لها وحدها ولاية القضاء في البلاد بما يحقق العدالة ويضمن ممارسة الحقوق والحريات في إطار سيادة القانون الذي هو أساس الحكم. إن الجهاز القضائي مستقل في عمله، لا سلطان عليه في أحكامه إلا في حدود القانون، فلا يجوز لأية جهة أن تتدخل أو تؤثر في هذه الاستقلالية ضمانا للنزاهة والشفافية التي يجب أن تسود العمل القضائي، وهذه الاستقلالية ليست مجرد ميزة أو قيمة مضافة للسلطة القضائية بل هي إعمال لمبدأ دستوري تكرسه مجموعة من الضمانات من قبيل استقلال القضاة في إصدار أحكامهم وعدم جواز عزل القضاة إلا وفق القانون وعلانية النطق بالأحكام في الجلسات. نظم الفصل الخامس من الدستور الدائم للبلاد ضمانات استقلال السلطة القضائية في المواد من 129 إلى 140 وأكدت المادة 131 على ما يلي: «القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة»، ومفاد ذلك أن القاضي عندما ينظر دعوى معينة ويتخذ بها أي إجراء وصولا إلى إصدار حكم فيها يكون مستقلا استقلالية تامة ولا يجوز لأي شخص أو جهة توجيهه أو التأثير في قناعته لأنه يحتكم فقط للقانون وللأوراق والوقائع المعروضة عليه. ومن أهم الضمانات الممنوحة للقضاة هي عدم قابلية العزل إلا طبقا للقانون، فلا يسمح القانون لأية جهة غير قضائية بإنهاء خدمات القضاة أو فصلهم لأي سبب كان، لأن عزل القضاة وتأديبهم ومساءلتهم لا يتم إلا وفق مقتضيات القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون السلطة القضائية، وفي ذلك مأمن وشعور بالاطمئنان من قبل القاضي بألا جهة تهدد استقلاليته الشيء الذي يدفعه إلى إصدار أحكام نابعة من قناعة خاصة لا تؤثر فيها عوامل خارجية. ويعد أيضا من قبيل ضمانات استقلال القضاء ما نصت عليه المادة 133 من الدستور بشأن إقرار مبدأ علانية الجلسات والنطق بالأحكام، فالأصل أن الجلسات تكون علنية إلا إذا قررت المحكمة جعل الجلسة سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب، في حين يكون نطق الأحكام دائما علنيا حتى لو قررت المحكمة سرية الجلسة. وفي ذلك تعزيز لمدى استقلال القضاة، لأن العلانية تجعلهم في منأى من أي تهديد أو تدخل من أية جهة خارجية يمكنها تغيير الحكم الذي قاموا بإصداره أو تعديل منطوقه، فالعلانية تقطع الطريق على أي إخلال بالعدالة أو المساس بالاستقلالية الممنوحة للقاضي في تكوين قناعته. واستقلالية السلطة القضائية ليست مجرد منحة أو تشريف للجهاز القضائي بالبلاد، بل هي من صميم حماية حقوق المواطنين وثقتهم في وجود قضاء نزيه مستقل قادر على الفصل في حقوقهم طبقا للقانون دون توجيهات أو تبعية لجهة غير قضائية.
210
| 22 سبتمبر 2025
المهر هو ذلك المال الذي يعطيه الرجل للمرأة تعبيراً عن رغبته في الزواج منها، ويسلمه إليها لتتصرف فيه وفق الكيفية التي تبتغيها، فالمهر واجب على الرجل تجاه الزوجة بدلالة قوله تعالى في كتابه الحكيم: «..فآتوهن أجورهن فريضة»، ومنصوص على ذلك ضمن قانون الأسرة القطري الذي نظم أحكام المهر في المواد من 37 إلى 41. ومع أن الشريعة الإسلامية السمحاء وقانون الأسرة قد حسما الأمر بشأن استحقاق الزوجة للمهر ووجوب أدائه من طرف الزوج، فإن ذلك لا يمنع من قيام منازعات بين الزوجين بشأن المهر من حيث قبضه وقيمته ومدى استحقاقه، وقد تصل هذه النزاعات في غالب الأحيان إلى أروقة المحاكم من أجل الفصل فيها بمقتضى الأحكام المنظمة لمنازعات المهر والمنصوص عليها في المواد من 42 إلى 45 من قانون الأسرة القطري. الأصل أن المهر لا حد معيناً له، وليس بالضرورة أن يكون مقداراً من النقود، لأن كل ما صح التزامه شرعاً صلح أن يكون مهراً، لكن يجب أن يكون المهر معيناً بالذات ويحدد كتابة ضمن عقد الزواج، وإذا تم الاختلاف في تحديده بين الزوجين يجب على الزوجة أن تثبت مقدار المهر وإلا تقضي المحكمة بمقداره حسب أقوال الزوج بعد حلفه اليمين إلا إذا صرح بمهر لا يصلح الالتزام به، ففي تلك الحالة يحكم القاضي للزوجة بمهر المثل أي المهر المحدد حسب الأعراف والتقاليد المعمول بها في مجتمع الزوجين. وإذا اختلف الزوجان في المقبوض من طرف الزوجة، وذلك بأن يدعي الزوج أنه مهر وتدعي الزوجة أنه هدية أو وديعة، حينها تقضي المحكمة لفائدة من يقدم إثباتاً على صحة ادعائه، وإذا عجز الزوجان معاً عن الإثبات تقضي المحكمة بحسب العرف السائد، أي إذا كان الشيء المتنازع فيه متعارفاً على أنه مهر اعتبرته المحكمة كذلك والعكس صحيح، أما إذا لم يسعف العرف في إثبات المهر وكانت الزوجة تدعي أنه هدية والزوج يعتبره مهراً قضت له المحكمة بقوله بعد حلف اليمين. هذا وإن الزوجة عند حدوث الطلاق تستحق المهر كاملاً بعد الدخول بها أو بعد حصول الخلوة الصحيحة، وتستحق نصفه عند الطلاق قبل الدخول وإذا لم تتحقق الخلوة الصحيحة. وخلاصة القول، المهر حق أصيل للزوجة ينبغي تسليمها إياه طوعا ولا ينبغي منازعتها فيه إلا إذا اقتضى الأمر ذلك إعمالاً لقوله سبحانه وتعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة».
258
| 15 سبتمبر 2025
أصبح توجه المشرع القطري خلال السنوات الأخيرة بتركيزه على تخصيص القضاء، وخلق مؤسسات ذات صلاحيات قضائية، استجابة للخصوصية والسرعة في البت اللتين تتطلبهما طبيعة بعض المنازعات، من قبيل النزاعات التي تنشأ بين المؤجرين والمستأجرين بمناسبة تنفيذ عقود الإيجار المبرمة بينهم. وفي هذا الإطار تم إنشاء لجان فض المنازعات الإيجارية بوزارة البلدية يترأسها قاض بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية يختاره المجلس الأعلى للقضاء حسب المادة 21 من القانون رقم 4 لسنة 2008 بشأن إيجار العقارات، ويخضع تأليف هذه اللجان لأحكام قرار مجلس الوزراء رقم 54 لسنة 2013 بتشكيل لجان فض المنازعات الإيجارية. وحسب المادة 1 من القرار المذكور تنشأ خمس لجان بوزارة البلدية تتألف من قاض يترأسها ويتقاضى مكافأة قدرها خمسة آلاف ريال وممثلين اثنين عن الوزارة تخصص لهما مكافأة أربعة آلاف ريال، تكون صلاحيتهم قضائية بحتة، ويكون لكل لجنة أمانة سر من موظف أو أكثر، وذلك من أجل تيسير عمل اللجنة والضبط التنظيمي للطلبات المعروضة عليها، وأيضا للتأكيد مرة أخرى على الصبغة القضائية للجنة فض المنازعات الإيجارية. وتختص لجنة فض المنازعات الإيجارية بالبت في النزاعات التي تنشـأ بين المؤجرين والمستأجرين بشأن عقود الإيجار التي تزيد مدتها على شهر واحد، وبحسب قرار مجلس الوزراء رقم 37 لسنة 2008 بشأن القواعد والإجراءات الواجب اتباعها أمام لجان فض المنازعات الإيجارية، فإن الفصل في النزاعات المتعلقة بعقود الإيجار يتم عن طريق تقديم طلب للجنة التي تجتمع مرة على الأقل أسبوعيا، ويشترط أن يتضمن هذا الطلب جميع بيانات مقدم الطلب والطرف الآخر ومشفوعا بالأسباب والطلبات، مع وجوب إرفاقه بمذكرة شارحة وحافظة بالمستندات. وبعد تحديد تاريخ انعقاد الجلسة يتم إعلان الطرف الآخر بسبعة أيام على الأقل من تاريخ الجلسة، ثم يتم تداول الطلب أمام اللجنة، ويتم تبادل المذكرات بين الأطراف، واستجوابهم وغير ذلك من الإجراءات، إلا أنه لا يشترط اتباع جميع الإجراءات المنصوص عليها ضمن قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا فيما يتعلق بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي. وتكون جلسات اللجنة علنية وتصدر القرارات عنها بأغلبية أعضائها، مع شمول القرارات بالنفاذ المعجل. ويجوز الطعن في قرارات لجنة فض المنازعات الإيجارية بالاستئناف خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور القرار إذا كان حضوريا، وخلال اليوم التالي للإعلان بالقرار إذا صدر غيابيا، ويكون الاستئناف أمام هيئة استئنافية بالمحكمة الابتدائية إذا كانت قيمة النزاع لا تتجاوز خمسمائة ألف ريال، وأمام محكمة الاستئناف إذا تجاوزت قيمة الطلب ذلك، أو كان غير محدد القيمة.
270
| 08 سبتمبر 2025
الزواج رابطة شرعية مقدسة بين الرجل والمرأة على وجه الدوام، الغاية منه تكوين أسرة قوامها المودة والرحمة والتنشئة السليمة للأجيال القادمة. وإذا كانت العقود بصفة عامة ترتب على الأطراف حقوقا والتزامات متقابلة، فإن عقد الزواج بدوره يلزم الطرفين بمجموعة من الحقوق والواجبات التي لا تستمد وجودها فقط من العقد الموقع بين الطرفين، بل تجد سندها في طبيعة العلاقات البشرية وما تفرضه الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة بهذا الصدد، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» الروم 21 . وعلى نفس النهج ورد في المادة 55 من قانون الأسرة ما يلي: تترتب على الزواج الصحيح حقوق مشتركة بين الزوجين، انطلاقا من هذه المادة يتبين أن كلا من الزوج والزوجة بمجرد توقيع عقد الزواج ينشئ على عاتقهما حقوقا في مواجهة الطرف الآخر تسمى حقوقا خاصة، مثل حق الزوجة على الزوج في تمكينها من المهر، وحق الزوج على الزوجة في طاعته والعناية به، كما تترتب على عقد الزواج حقوق أخرى تسمى حقوقا مشتركة، أي أن الزوج ملزم بها في مواجهة زوجته، وهي كذلك ملزمة بتمكينه من نفس الحقوق وبنفس الكيفية. هذه الحقوق المشتركة بين الزوجين وردت ضمن المادة 56 من قانون الأسرة في 6 حقوق، أولها حل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه الشرعي، والمقصود من ذلك أن كلا الزوجين بمجرد إبرام عقد الزواج ملزمان بتمكين الطرف الآخر من حقوقه الشرعية، ولا يجوز لأي منهما الامتناع عن الآخر، لأن في ذلك إخلالا بهذا الحق المشترك بينهما. والحق المشترك الآخر هو إحصان كل منهما للآخر، فمن البديهي أن عقد الزواج يلزم كل طرف بتحصين نفسه وحل الاستمتاع بزوجه فقط، ويحرم شرعا وقانونا أن يعاشر أي منهما طرفا آخر خارج إطار الزواج، إذ يترتب على الإخلال بهذا الحق بالإضافة للجزاء الديني عقوبة سالبة للحرية قد تصل إلى 15 سنة حبسا وفقا لما جاء في المادة 282 من قانون العقوبات القطري. ويترتب على عقد الزواج أيضا حق كل من الزوج والزوجة في «المساكنة الشرعية» أي أن كل منهما يحل له أن يسكن في بيت مشترك مع الطرف الآخر مساكنة الأزواج الشرعية بكل الآثار المترتبة عنها، والحق المشترك الرابع هو «حسن المعاشرة وتبادل الاحترام والرحمة والمودة والمحافظة على خير الأسرة» فالزوجان بعد إبرام عقد الزواج ينسلخ كل منهما من التفكير في ذاته ونفسه ويصبح كيانا مشتركا مع الآخر، لهما أهداف واحدة ومستقبل مشترك مما يتطلب معه التزام كل زوج باحترام الآخر علنا وسرا، نشر مبادئ المحبة والرحمة داخل بيت الزوجية، والحفاظ على أموال بعضهما البعض واستثمارها فيما يعود بالنفع عليهما وعلى أولادهما في المستقبل. وأيضا تعد «العناية بالأولاد وتربيتهم بما يكفل تنشئتهم تنشئة صالحة» من صميم الحقوق المشتركة بين الزوجين، لأن الغاية العليا من الزواج ليست فقط التوالد والافتخار بالأولاد، بل تنشئتهم وتربيتهم في جو أسري سليم خالٍ من المشاحنات ومليء بالمودة والأخلاق الحميدة. وإذا كانت الحقوق المشتركة المذكورة سالفا ترمي بظلالها على الزوجين والأولاد، فإن الحق المشترك الأخير يتجاوز الأسرة الصغيرة إلى العائلة، بحيث أقر المشرع لكل من الزوج والزوجة بحق «احترام كل منهما لأبوي الزوج الآخر وقرابته» لأن الزوجين عند تكوين أسرة لا ينسلخان عن مجتمعهما وأبويهما وأقاربهما، لأن آباء الزوجين هم أجداد الأبناء، وأقاربهما أقارب الأبناء أيضا، والشريعة الإسلامية توصي بصلة الرحم بين ذوي القربى، لذلك يكون من باب العدل والمودة الزيارة بين أبوي وأقارب كل من الزوجين مع تفشي الاحترام بينهما لكي يعطي دافعاً لدى أفراد الأسرة بأنهما في مجتمع يسوده المحبة والسلام.
768
| 01 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...
9033
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...
1377
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...
1344
| 18 نوفمبر 2025
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...
1125
| 18 نوفمبر 2025
كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...
918
| 20 نوفمبر 2025
الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...
885
| 16 نوفمبر 2025
نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...
804
| 18 نوفمبر 2025
في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...
750
| 20 نوفمبر 2025
يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت...
681
| 17 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...
666
| 20 نوفمبر 2025
أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...
624
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية