رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الدولة الأعظم!

كثيرا ما تقوم بعض المراكز الاحصائية والتعليمية والجامعات حول العالم بنشر قوائم وإحصائيات حول ترتيب الدول في بعض المجالات مثل استقرار الأمن أو قوة التعليم أو جودة الخدمات الصحية، وبعض هذه القوائم تكون سياسية المنشأ أو من وراء اجندة معينة، وبعضها تكون حقيقية ومُسندة إلى بيانات واقعية ودقيقة، أياً كان اصل هذه القوائم، غالبا ما نجد التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة إذا كانت هذه القوائم تشمل دولة عربية أو أكثر فيها أسلوب عدائي واستهزائي واستعلائي على دول أخرى قد لا تشملها حتى القائمة التي تم التعليق عليها. فنجد مثلا قائمة حول أفضل الجامعات في العالم ولنفترض بأن جامعة عربية جاءت قبل جامعة أخرى، فنجد أن مواطنين تلك الدول يتحدثون حول أفضلية هذه الجامعة أو تلك، ويشككون بصحة البيانات المذكورة رغم أن هؤلاء المعلقين قد لا يكونون قد ارتادوا هذه الجامعات. وللأسف نجد تكرار هذا الأمر كثيرا وخاصة بين مواطني الدول العربية. وفي المقابل لا نجد مثلا مواطني الدول الأوروبية يتقاتلون فيما بينهم حول وجودهم في تلك القائمة أو غيرها بل بالعكس نقرأ تعليقاتهم الواقعية حول تلك القوائم، فنجدهم ينتقدون تلك المعلومات حتى وإن كانت لصالحهم فإن كانت مثلا دولتهم في قائمة أفضل الدول من حيث الخدمات الصحية نراهم ينتقدون القائمة ويشتبهون في صحة هذه المعلومات او يطالبون بما هو أفضل لهم ولدولهم. ‏الجميع يتمنى أن تكون دولته هي الأفضل والأعظم، تلك ليست بمشكلة، المشكلة هي أن يظن أن مهاجمات الغير واستهزاءه بغيره يجعله أفضل واعظم. المشكلة هي الظن بأن القول والكلام أقوى من الفعل، المشكلة هي عندما يكون هدفنا هو قوائم فقط والوصول إليها كما نهتم بالمانشيتات الصحفية والفرقعات الاعلامية وتكون الحقيقة بخلاف ذلك. ‏نعم يستحب وصول دولنا إلى قوائم الأفضل والأعظم، ولكن ما فائدة قوائم الأفخم والأطول؟ هناك قوائم يفترض سعينا ورائها وهي القوائم التي تخدم العلم ورفاهية المواطن وارتفاع مستوى معيشته وتحسين وطنه، هذه القوائم التي علينا الاهتمام بها وعندما نهتم بها ونكون من ضمنها يجب علينا أن نفرح عندما تنضم إلينا دول أخرى تشبهنا ونشبهها ونتشارك معها اللغة والدين والنسب والحسب، هذا هو التنافس الشريف وهذا هو التكامل الذي يجب علينا أن نسعى له بدل التقاتل على المراكز في قائمة ستتغير في الغد.

240

| 04 نوفمبر 2025

كم تبلغ ثروتك؟

أصبحنا نعيش في عالم تملأه الماديات، نظرة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي تجعلنا نرى أثر الحياة السريعة المادية علينا وعلى غيرنا، فأصبحنا نركض وراء المتعة السريعة المادية ونطمع فيها. فما عاد الهدف أن يصل المرء إلى أقصى درجات العلم أو الطموح بل أصبحت الأغلبية العظمى تطمح إلى الوصول إلى الثراء ويفضل أن يكون الثراء السريع. والثراء بتعريف اليوم هو المال والكثير منه، وكيف لا يبتغي المرء المال وهو ما أن يفتح مواقع التواصل الاجتماعي حتى تنهال عليه صور وفيديوهات السفر المناظر الطبيعية والفنادق الفارهة والحقائب الغالية والساعات البراقة والأجساد الجميلة والحياة الفارهة؟ وكيف لا يركض وراء المال وهو حديث وشاغل الناس؟ كيف لا يركض وراء المال وهو يرى الجميع يركض وراءه ابتغاء له وللنفوذ والأشياء التي يشتريها؟ للأسف هذا ما أمسى عليه تعريفنا للثراء والمختصر في المال.. والحقيقة أن أي أزمة حقيقية أخرى تمر بنا مثل وعكة صحية أو مرض قريب أو موت صديق تجعلنا نعي ماهية الثراء الحقيقي.. فإن سألنا المريض سيقول الصحة وإن سألنا إنساناً وحيداً سيقول الصحبة وإن سألنا الضعيف سيقول القوة وإن سألنا العجوز سيقول الشباب وإن سألنا المكتئب سيقول الحيوية أو الرضا.. وأخيراً إن سألنا الفقير سيقول المال!. الثراء أشكال وأنواع وألوان ولا يقتصر على المال كما يظن الكثير، في كتابه (أنواع الثرواث الخمسة: طريقك لتصميم حياة أحلامك) يُفصّل الكاتب سهيل بلوم في أنواع الثروات التي يجب على الإنسان أن يحصل عليها ويوازن بينها، وهي (ثروة الوقت والثروة الفكرية وثروة العلاقات وثروة الصحة النفسية وثروة الصحة الجسدية والثروة المالية). والإنسان يحتاج إلى كل هذه الثروات في حياته، وإن كان يظن في مرحلة من حياته أن واحدة منها تكفيه، فثروة الوقت تعني امتلاك الوقت الكافي لرؤية أحبائك أو قيامك بهواياتك أو حريتك في قضاء وقتك كيفما تريد حتى لا تأتي الشيخوخة بمشاعر الندم والتأسف على أيام الشباب الضائعة. والثروة الفكرية هي ثروة العقل والشغف والأفكار التي تعطينا معنى للحياة وتمنح الإنسان قيمة حقيقية لا يمكنه العثور عليها في الخارج. وثروة العلاقات هي ثروة الحياة الاجتماعية التي تمد الإنسان بالسعادة والطاقة الإيجابية بل وتمد من عمره كما ذكرت أطول دراسة في العالم والتي أجرتها جامعة هارفارد، وخلصت إلى أن سبب السعادة الأول هو العلاقات الاجتماعية الثرية. وثروة الصحة الجسدية والنفسية هي من أهم الثروات والنعم التي قد يمدنا الله بها.. وتقول مقولة شهيرة: يعتقد الإنسان أنه يمتلك مائة مشكلة، حتى يمرض، فتصبح لديه مشكلة واحدة وهي المرض! و بدون ثروة الصحة الجسدية والنفسية لن نتمكن من التمتع بأي ثروة أخرى. أخيراً، الثروة المالية التي يضعها الكثير في المرتبة الأولى قبل الكثير من الثروات في معظم الأوقات، المال والمادة مهمان، فهما ما يمكنانا من قضاء الوقت مع من نحبهم وكيفما نريد، ولكن من المهم أن نتذكر دائماً بأنه ليس غاية في ذاته بل وسيلة لامتلاك الإنسان لوقته وحريته وقوته. وأنت... كم تبلغ ثروتك؟

321

| 28 أكتوبر 2025

ثقافة الإلغاء

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح توثيق كل كلمة وصورة سهلا وفي متناول اليد. وكل صواب وخطأ يمكن الوصول إليه للأبد إذا ما بحثنا جيداً في دفاتر الانترنت. كل بوست على الفيسبوك واكس.. كل صورة على الانستجرام.. كل فيديو في التك توك.. كل أثر لنا على الانترنت باقٍ إلى الابد. لماذا أقول للأبد؟ لأنه قد يقوم مستخدم آخر بنسخ محتوانا قبل مسحه، أو قد تحتفظ بعض المنصات في بعض الأحيان بنسخ من المحتوى المحذوف لأسباب «أمنية» او»قانونية» أو غيرها من الاسباب. ولأن الأثر باق للأبد، البعض يبحث عن زلة الآخرين والبعض يقع في الخطأ بدون قصد فيجد الآخرين ينتظرونه بالمرصاد. والويل كل الويل لمن تطأ قدماه محكمة الانترنت التي لا ترحم أحدا. ورأينا امثلة كثيرة على ذلك. كُتاب كثر غيروا آراءهم بعد سنين فتمت مهاجمتهم وتذكيرهم بآرائهم القديمة. رجال أعمال يخطئون في التعبير أو يخطأ أحد موظفيهم بحركة أو فعل فتتم مقاطعة اعمالهم فورا. وآخرون تنتشر لهم صور أو فيديوات وهم يقومون بفعل خاطئ قد يكون بشكل عفوي أو بريء، فتقوم الدنيا عليهم ولا تقعد، فيقلبون عليهم أهاليهم وقبائلهم وأصدقاءهم، والبعض يُطرد من وظيفته، وكل ذلك بسبب غلطة نجد أن صاحبها تأسف عليها مراراً وتكراراً، وأعلن توبته عنها دون أن يرحمه أو أن يغفر له أحد! ثقافة الالغاء هذه (cancel culture) انتشرت كثيراً في كل مكان حتى في دولنا العربية والمسلمة، على الرغم من أنها ليست من ثقافتنا الاسلامية. فالإسلام يحث المسلم على مسامحة أخيه المسلم إن أخطأ بشأنه، فما بالكم إن كان الخطأ لا يمسه أصلا؟ قال الله تعالى في سورة النور» وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (٢٢). وقال في سورة المائدة: «... فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (١٣). الله يرحم ويغفر أكبر الكبائر وأعظم الذنوب ما إن يتوب العبد، فما بالنا نتمسك بأخطاء غيرنا وكأنها كنز ننتظره نزل علينا من السماء؟ ولماذا لا نعفو عن الناس، والعافين عن الناس لهم مكانة خاصة عند الله؟ قال الله تعالى في سورة الشورى « فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (٤٠). اعفوا واصفحوا واستروا على غيركم، ليستر الله عليكم. عاقبوا من يستحق العقاب لتأديبه واعفوا على مستحق العفو الذي تاب. ولا تتدخلوا في نيات الناس، فالله هو عالمها. ولا تتمسكوا بأخطاء غيركم أو ان تلغوا وجودهم لخطأ تافه. فكلنا خطاؤون. والأيام دول بين الناس، والله يحب العافين الراحمين في الأرض.

288

| 21 أكتوبر 2025

بعد خمسين سنة

انتهيت من مشاهدة الحلقة الأخيرة من المسلسل الأمريكي Six Feet Under، وقصته تدور حول عائلة تملك دار جنائز، وبطبيعة الحال، كانت الحلقة حول موت كل شخصية رئيسة في المسلسل. والأخت «كلير فيشر» أصغر الشخصيات توفت بعمر ١٠٢ أي في سنة ٢٠٨٥. وأنا أشاهد الحلقة وعيت بأنه قد أحيا للعام ٢١٠٠، أو لعمر ٨٣ سنة وهو معدل عمر حياة القطريات أما معدل عمر حياة القطريين هو ٨١ سنة والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى. عندما نفكر في الأعوام ٢٠٥٠ أو ٢١٠٠، لا نتخيلها أو نتخيل أنفسنا فيها. هذه السنوات بالنسبة لنا أرقام بعيدة، لا نراها إلا في الأخبار، لا تشغل بالنا معظم الأوقات، لأن الإنسان غارق في الآن والمستقبل القريب. ولا يفكر كثيراً بما سيحدث بعد عشرين أو ثلاثين سنة. وإن كان إنسانا ناصحا، سيفكر بالخمس أو العشر سنوات القادمة على أفضل حال. إذاً، كيف سيكون عليه العالم في العام ٢١٠٠؟ دعني أحكي لك عزيزي القارئ بما أننا لا نمضي حياتنا ونحن نفكر بالتغييرات المستقبلية البعيدة. بطبيعة الحال، لا يمكننا التنبؤ بحال أو أحداث العام ٢١٠٠، ولكن هنالك أمور يتوقع بعض العلماء حدوثها بحلول القرن القادم، منها انخفاض معدل الولادات مع تقدم الرفاه والتمدن، مع استمرار زيادة عدد السكان في الدول ذات الخصوبة الأعلى. وارتفاع نسبة كبار السن في الكثير من الدول، مما سيضغط على نظم الرعاية الصحية والمعاشات. بالإضافة إلى حدوث موجات هجرة كبيرة بسبب ارتفاع منسوب البحر بنسبة متر على الأقل أو أكثر. في المستقبل قد تعتمد الدول بشكل أكبر على الطاقة الشمسية أو تعتمد على مصادر جديدة. كما قد تندمج هويات البشر عبر هويات رقمية، بحيث ترسل الأفكار والمشاعر بدون الحاجة إلى الأدوات التي نستخدمها اليوم مثل الهواتف النقالة والكمبيوترات. الأكيد أن في المستقبل هناك مكان كبير للتكنولوجيا في حياتنا، أكبر مما هو عليه اليوم، ودخول التكنولوجيا والعوالم الرقمية في جميع أجزاء حياتنا العملية والشخصية، فحتى شكل العمل في المستقبل قد يتغير بحيث أن يتم ترك الأعمال الروتينية والمادية للروبوتات والذكاء الاصطناعي، واكتفاء الإنسان بالإدارة والابتكار وتوليد الأفكار الجديدة. وهناك طبعاً التوقعات بغزو الإنسان للفضاء والنزاع على ملكية الكواكب (ولكن أظننا بعيدين عن ذلك). أياً كانت توقعاتنا للمستقبل، قد يحدث بعضها أو كلها أو أكثر منها في المستقبل. هنالك عوامل كثيرة قد تؤثر وتغير في المستقبل.. قد تؤثر الحروب النووية أو الرقمية أو الأمراض أو الكوارث الطبيعية بمستقبل العالم. لا أحد يمكن أن يتوقع ما قد يحدث في العالم بالضبط، ولكن يمكننا أن نتخيل حياتنا وما يمكننا أن نفعل فيها وبها.. يمكننا أن نكون مثل كلير فيشر في مسلسل Six feet under وهي تلتقط صورة لعائلتها عند باب المنزل قبل أن تتركهم لتسافر إلى نيويورك حيث ينتظرها مستقبل غامض مليء بالإمكانيات والفرص التي لا تعرفها، لتعيش حياتها حتى عمر ١٠٢.

426

| 14 أكتوبر 2025

ما بين المرايا

تقول مرآة السيارة: الأجسام المرئية على المرآة ليست على المسافات أو من الأبعاد الحقيقية.. كما هو الحال مع مرآة الحياة. في الواقع نرى الأشخاص والأشياء على غير مسافاتها وأبعادها الحقيقية. لا شيء كما يبدو. لا الأشياء على ما تبدو عليه ولا الناس كما يظهرون. كل ظاهر له باطن. وكل ظهر له بطن. وكل صورة، لها انعكاسها الذي لا يظهر الصورة كما هو في الحقيقة ولكن يظهرها بصورة مختلفة وإن لم نلاحظ التفاصيل الدقيقة. الحال نفسه بالنسبة للإنسان الذي ينظر إلى نفسه بالمرآة ويرى شخصا لا يشبهه أو عندما يصور نفسه بالكاميرا ويرى شخصا مخادعا لا يمثله (imposter). والناس بدورها أيضا ترى بعضها بصور مختلفة. ما هو السبب الذي يجعل الإنسان يرى نفسه بصورة مختلفة عن نظرة الناس له؟ ما هو السبب الذي يجعل الناس لا يرون الإنسان على حقيقته التي يعرفها عن نفسه و في نفسه؟ الناس لا تعرف خفايا هذا الإنسان. ولا هو يعرف تكوين الناس الذي يجعلهم يرونه بصورة معينة او حتى نمطية في بعض الأحيان. ‏ولهذا السبب يقال دائما لا تحكموا على الكتاب من عنوانه. لا تحكموا على الفيلم من البوستر. لا تحكموا على الأغنية بسبب تاريخ مؤلفها. لا تحكموا على الإنسان من فعل واحد فعله لأن الظاهر قد يكون مختلفا عن الباطن بسنين ضوئية. ‏عادة الاحكام المسبقة التي نطلقها على الناس قبل معرفتهم تحد من واقعنا ومن حياتنا ومن قدراتنا، لأن الاخر امتداد لنا ونحن امتداد للآخرين. ‏الحكم على الآخرين من ظاهرهم وخاصة في هذا الزمن ظلم لهم لأننا في زمن المظاهر. يحرص الناس اليوم على ظاهرهم أكثر من مضمونهم وبالتالي تخرج لنا صور غير حقيقية من الآخرين. لا يمكننا أن نصدقها كلها، لأننا بذلك قد نخسر فرصة مع ناس مواطنهم الجميلة لم تظهر للبيان، وقد نقع في فخ خداع المظاهر التي تجذبنا كنحل إلى زهرة ثم يتبين لنا عن قرب بأننا ننجذب نحو مصيدة. ‏علينا نعطي فرصة للناس كي يعطونا فرصة قبل أن يحكموا علينا. حكمنا على الناس قبل معرفتهم قد يحمينا من بعض البشر ومن أخطار كنا نستطيع أن نتجنبها لو حكمنا على الكتاب من عنوانه واستمعنا إلى حدسنا. ولكن الحكم على الناس قبل معرفتهم قد تضيع علينا فرص عمل وصداقات عمر وحتى شريك حياة كنا لنتعرف عليه لولا أحكامنا المسبقة. قد نظلم أناس بناء على أشكالهم على أساس المظهر والانتماء والصور النمطية التي تشربناها طوال حياتنا. والأهم من كل ذلك، أنه عبر قيامنا بالحكم على الناس بناء على ما نراه فقط، سيحكم علينا الناس بناء على ما يرونه مننا بدورهم. هكذا تدور دائرة الحياة.

261

| 07 أكتوبر 2025

نصائح التك توك!

ثقافة الأجيال الحالية يتم تشكيل معظمها عبر الانترنت، للأسف. ما إن نفتح صفحات وسائل التواصل الاجتماعي حتى تُصب علينا المعلومات والنصائح والتقارير من الحسابات الشخصية وحسابات الشركات التجارية وكافة أنواع القنوات الأخرى. الكل يدلي بدلوه، والجميع يحاول بيع دلوه على أنه الدلو الصحيح «المختار»! وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مخزن نصائح مساعدة ذاتية على غرار: «أحب نفسك كما أنت» و»تقبل نفسك» و»جدْ من يعتني بك» و»تخلَّ عما يزعجك» وغيرها الكثير من النصائح حول الذات والعلاقات الاجتماعية. المؤسف أن الكثير من الناس لا يعرفون أن معظم هذه الحسابات تنتهج أسلوب النصح لأنه «بزنس» مربح لها لا بهدف المساعدة وحسب. وبالتالي، الكثير من النصائح تكون «ترند» بلا عمق وفهم كافٍ للمسائل الكبيرة التي يتم طرحها مثل حب الذات وأسس العلاقات الاجتماعية. وهذا برأيي ما سبب وما سيُنتج خللا في ديناميكية العلاقات الاجتماعية في المستقبل. عندما نسأل رجلا أو امرأة ما الصفات والخصائص التي تبحثون عنها في شريك الحياة؟ سيكون الجواب على الأغلب: غني، وسيم، يحبني كما أنا، يهتم بي طوال الوقت.. إلخ. وهذه كلها صفات وخصائص مشروعة ومطلوبة، ولكن المشكلة عندما تتشكل الأفكار وتصبح على أنه «في حال لم يهتم بتفاصيلك.. فهو لا يحبك» أو «إذا لم يعتن بك طوال الوقت اتركيه! يمكنك أن تجدِ من هو أفضل منه!» أو «إذا لم يشترِ لك ما تريدينه فهو لا يحبك بشكل كافِ»، وغيرها من تراكمات وسائل التواصل الاجتماعي! الواقع أعمق من هذه النصائح وهذا الغث الذي وجد طريقه في مجتمعاتنا. في العلاقات الاجتماعية وخاصة بين الزوجين، هناك أمور أكبر من المال والاهتمام بالتفاصيل والعناية بالشخص الآخر. هناك عوامل أخرى بذات الأهمية مثل المواقف والأفعال والاحترام والثقة وتقاسم الهموم والاهتمامات والأدوار. وهناك أمور أخرى لا تتكلم عنها معظم الحسابات «الناصحة» في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تأثير علاقة الزوجين على الأبناء وتأثر وتشكّل علاقة الأبناء مع والديهم. قرأت نصا جميلا عن أب يقول: «عندما ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻳﻨﺤﻨﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺃﻣﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﻨﺤﻨﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻨﻲ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ. ﻻ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ‏»ﺍﻟﺘﻄﻨﻴﺶ»، ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﺳﻤﻊ ﺃﻣﻬﻢ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ: ‏»ﺳﻠﻤﺘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﻛﻢ؟ ﺭﻭﺣﻮﺍ ﺳﻠﻤﻮﺍ‏». ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬﻩ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻊ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ. ﻭﻻ ﺃﺗﻮﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ‏»ﺍﻟﺘﻄﻨﻴﺶ» ﺃﻳﻀﺎً. ﻓﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﺯﺣﻤﺔ، ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﺍﺯﺩﺣﺎﻣﺎً ﻣﺮﻭﺭﻳﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻲّ ﻭﻗﺘﺎً ﺃﻃﻮﻝ. ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻧﺤﻮﻱ ﻓﺮﺍﺩﻯ ﻭﺳﻼﻡ ﻭﺗﺤﻴﺔ ﺑﺎﺭﺩﺓ! ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻻ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﻥ ﺣﺒﻬﻢ ﺍﻟﺠﺎﺭﻑ ﻵﺑﺎﺋﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍً، ﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﻭﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ!». هل سيميل الأبناء نحو الأم عندما يكون تفكيرها كله حول المظاهر والماديات في علاقتها مع الاب، وفي حياتها بشكل عام؟ هل سيكتشف الأولاد حبهم نحو والدهم عندما يكون كل همه هو ركضه وراء متعته لا الحفاظ على علاقته معهم ومع أمهم؟ هذه بعض الأسئلة المشروعة التي يجب على الجميع ان يفكر فيها قبل أن يحددوا ما «يناسبهم» أو «ما لا يناسبهم» في شريك الحياة وفق معايير وسائل التواصل الاجتماعي.

273

| 30 سبتمبر 2025

الحياة بأقصاها

ليست الدنيا ما يهلك الإنسان. والدليل هو أن هناك الكثير من الناس الذين يفترض بهم أن يكونوا تعساء على الورق ووفق حساباتنا الدنيوية- والسطحية في الكثير من الأحوال-، ومع ذلك نجدهم سعيدين في الواقع وقد يكونون أسعد منا. وهناك من لديهم الدنيا وما فيها، ويبقون أتعس خلق الله. ‏الفقر يرهق الإنسان. المرض يتعبه، القبح يؤثر في مسيرته ويعرقلها، الفشل يسقطه. ولكنها ليست ما يقضي على الإنسان. الانسان هو من يقضي على نفسه. الإنسان وطريقة تفكيره وأسلوبه في التعامل مع الحياة هي ما قد تكون سبب نهايته. ‏الإنسان قوي بقدر مرونة فكره واتساع روحه وصلابة إرادته. ذوو الإرادة القوية والراغبون في الحياة لا يمكن للحياة أن تقضي عليهم. هؤلاء أقوى من الحياة. وهناك خصائص وميزات لو توافرت لدى الانسان، لاستطاع أن يتغلب على أي صعوبة تمر في حياته. ومنها، المرونة او الصلابة النفسية. الأشخاص الذين يمتلكون هذه المرونة، يتعاملون مع الألم والمعاناة بشكل افضل ويكونون قادرين على التكيف أكثر مع المفاجآت التي ترميها الحياة عليهم. وقد وجدت الدراسات ان أصحاب الصلابة النفسية، عادوا إلى وظائفهم بشكل أسرع من غيرهم بعد التعرض لأحداث كارثية مثل الزلازل او الحروب. ومن الأمور المهمة للإنسان امتلاكها، هي ان يكون لديه هدف في حياته يضيف لها معنى ومغزى. يقول فيكتور فرانكل الطبيب الناجي من معسكرات الاعتقال النازية ومؤلف كتاب (بحث الانسان عن المعنى): «من يملك سبباً للعيش، يمكنه تحمل أي شيء تقريباً». من المهم أيضاً ان يكون الانسان متفائلا بدرجة واقعية لحاضره ومستقبله، وألا يكون متشائما طوال الوقت، لأن ذلك سيؤثر فيه وفي جودة حياته. ومن الأمور المهم وجودها في حياة الانسان، هي الروابط الاجتماعية القوية. الانسان الذي يملك عائلة وأصدقاء محبين ومساندين، سيكون أسعد واقوى نفسيا من الانسان الذي لا يملك أحدا. وآخر الخصائص والصفات التي تساعد الانسان على الاستمرار في حياته بهمة، هي ان يكون متدينا او ذا توجه ديني او روحاني. الدين يساعد في الصبر وتحمل مشاق الحياة. الصلابة النفسية والقدرة على التكيف والتفاؤل والتحلي بالإيمان وامتلاك المعنى والهدف والروابط الاجتماعية القوية. أمور توصل الانسان إلى آخر حياته برضا وسعادة. وكلها أمور مكتسبة، يستطيع الانسان الحصول عليها عن طريق العمل وتنميتها في داخله. ويجب على الانسان ان يحاول الحصول على هذه الخصائص والصفات، لأنها من اهم أسباب السعادة والاستمرارية في الحياة، وهي اهم من المال والصيت والجمال. ومن يحصل عليها يستطيع ان يعيش حياته بأفضل قدراته.

291

| 23 سبتمبر 2025

على الدول العربية أن تحذر!

قصفت إسرائيل، الدوحة في التاسع من سبتمبر. وقطر ليست أول ولا آخر دولة تقصفها إسرائيل. قصفت اسرائيل من قبل عددا من الدول، منها في الآونة الاخيرة لبنان وإيران وسوريا واليمن وحتى تونس. لا تتوقعوا أن المسافات البعيدة تمنع اسرائيل عن القصف أو الاغتيالات (التي تعدها إسرائيل أدوات استراتيجية لها). منذ النكبة في عام ١٩٤٨ واسرائيل تغتال من تطوله يدها شرقا وغربا.. جنوبا وشمالا. اغتالت في عام ١٩٤٨ الكونت السويدي فولك برنادوت (الوسيط الأممي في فلسطين). اغتالت بعد ذلك وحاولت اغتيال العديد من القيادات والعلماء والمفكرين الفلسطينيين والعرب والإيرانيين والأجانب من دول مختلفة في مدن عدة منها بيروت وروما وباريس ولندن وغزة والضفة الغربية. هذا بالطبع إلى جانب الحروب التي شنتها إسرائيل على مر السنين والمجازر التي ارتكبتها بحق الدول والشعوب القريبة والبعيدة منها. اسرائيل لا يوقفها ضمير ولا يردعها شيء. و من بعد كل ذلك ترفع بطاقة الضحية لدى الأمم المتحدة وتتبكبك عند الشعوب. عندما نتكلم عن قصف إسرائيل لقطر الأسبوع الماضي، يجب أن ننتبه كثيراً. قطر استضافت حماس في الدوحة بناء على طلب من الولايات المتحدة الامريكية. قطر كانت وسيط سلام بين عدة دول منذ قيامها. قطر ساعدت على إطلاق العديد من الرهائن وقدمت وساطتها بين دول كثيرة منها أخيراً بين إسرائيل الصهيونية وحماس بمشاركة مصر والولايات المتحدة الامريكية، وبين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بمشاركة الولايات المتحدة الامريكية ايضاً.. قطر دخلت هذه المفاوضات الأخيرة سعياً منها لإحلال السلام في المنطقة ولوقف الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة منذ أكتوبر 2023، والإسرائيليون يعرفون بهذا الامر، بل ان قيادات في حكومتهم وحتى عائلات الرهائن التي احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر 2023، ناشدت قطر مراراً و تكرارً للتدخل والمساعدة في المفاوضات وإعادة الرهائن الى إسرائيل. بل ان معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية كان يقابل احدى عائلات الرهائن الإسرائيليين في اليوم نفسه التي قصفت إسرائيل قطر. ما الذي يمكن ان نتعلمه من كل ما حدث؟ الدرس واضح لنا في قطر، والبقية للدول العربية. إسرائيل دولة مارقة ليس لها حدود ولا رادع، وتعطي لنفسها حرية فعل ما تشاء في المنطقة. لا دولة بعيدة عنها ولا دولة تخاف من العبث فيها. هم قالوها بأنفسهم عن أنفسهم: «يد إسرائيل طويلة وستطال الكل». وأنا أقول إلى كل الدول العربية وخاصة القريبة من إسرائيل: احذروا إسرائيل ولا تأمنوها أبداً فهي لديها أجندتها الخاصة التي توليها على كل دولة، مهما كانت لديها مصالح كبرى معها. حان وقت وقوف الدول العربية وقفة واحدة امام إسرائيل وأطماعها وعربدتها وتهورها المستمر في المنطقة. إسرائيل لن تتوقف، ومن السذاجة الاعتقاد بان هناك دولة محمية من إسرائيل حتى وإن اخذت من إسرائيل او دول أخرى تعهدات وضمانات بعدم تعرض إسرائيل لها. من مصلحة إسرائيل فرقة الدول العربية أمامها، ومن مصلحة المنطقة اجتماعهم ضد إسرائيل وأجندتها الصهيونية.

396

| 16 سبتمبر 2025

المال.. أم الأخلاق؟

شاهدت مؤخراً فيلما اسمه Materialists وهو فيلم يتناول قصة مدبرة زواج (خطّابة بلهجتنا المحلية) تحاول التوفيق بين رأسين. وهي تحاول أن تفعل ذلك عن طريق إيجاد التوافق وحساب أوجه الشبه بين الرجل والمرأة، وقد يكون وجه الشبه بأن كليهما جذاب أو من عائلة غنية أو ناجحان أو غيرها من الصفات والخصال. ما كان ملاحظاً في الفيلم هو ملامسته للواقع. أغلب زبائن الخطابة، لا يبحثون عن الزوج أو الزوجة الصالحة أو الخلوقة أو الكريمة أو الحنونة أو الذكية أو العاقلة أو غير ذلك من الصفات المعنوية.. معظمهم كانوا يطلبون من الخطابة أن تجد لهم زوجا أو زوجة جميلة وغنية وذات جسد رائع وصغيرة في السن ويُفضل بعشر سنوات على الأقل! وغير ذلك من الصفات المادية والجسدية. وأنا لا ألوم من يطلب هذه الطلبات أو يرغب بها في زوجه أو زوجته المستقبلية، ولكن المشكلة عندما تكون الأولوية لهذه الشروط أو أن تكون هذه هي الشروط الوحيدة المطلوبة! المشكلة أن هذه الصفات وحدها ليست سبباً لاستمرار الزواج ونجاحه، كما أن الحب وحده ليس سبباً لنجاح وطول عمر الزواج. هناك عوامل أخرى بالأهمية نفسها. قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض». ومن ثم زاد العلماء على الدين والخلق، المعاش والمعاملة والكفاءة في النسب أو المقام الاجتماعي وغيرها مما قد تتحقق فيه الكفاءة. وكما نلاحظ أن الجمال والغنى ليسا من هذه الشروط، ولا هما أولوية معها وإن كانت قد تحدث في حال الكفاءة، ليكون هناك توازن بين مقام الزوجين. العالم اليوم غيّر الكثير من معايير الزواج، وأصبح الدعاء بدلاً من الزوج الصالح.. للزوج الغني أو الجميل أو الرياضي. ويعود جزء من السبب إلى واقع اليوم المعتمد على منصات التواصل الاجتماعي والقشور التي نشاهدها على شاشاتنا الصغيرة. النفس أصبحت لا تميل سوى للشخص الأشهر أو الأجمل أو الأقوى أو الغني، وكل ذلك قشور قد يكون داخلها انسان مؤذٍ أو حقير أو تافه أو غبي أو ثقيل دم لا يصلح لعلاقة معرفة، فما بالكم بعلاقة زواج! هذه الشروط الجديدة هي ما قصّرت أعمار الزواجات اليوم، وجعلت مصيرها الطلاق السريع، لأن شروط الغنى والجمال والشهرة في الزوج أو الزوجة ليست شروطا دائمة يُمكنها حمل العلاقة وحثها على الاستمرار. الشروط التي تجعل العلاقة تستمر هي الدين والأخلاق والقيم والمبادئ المتشاركة. ومن بعد تبادل هذه الأمور تأتي المودة والرحمة لتُنضج العلاقة وتجعلها تزدهر.

351

| 09 سبتمبر 2025

يوم استقلال سعيد

تاريخ قطر ثري وغني بالأحداث والوقائع والشخصيات المهمة. وفي اليوم الوطني القطري الموافق ١٨ ديسمبر من كل عام، نسترجع بعضا من هذه الأيام ونحن نحيي ذكرى تسلم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني لمقاليد الحكم وتأسيس دولة قطر الحديثة. في اليوم الوطني القطري، نذكر تاريخ قطر قبل الشيخ جاسم بن محمد وفي أثناء توليه الحكم. نتذكر الأمن والأمان والوحدة في عهده، وعدم الاستقرار والفرقة التي كانت تسبق توليه الحكم. ولهذا كان من المهم أن يكون اليوم الوطني القطري ويوم تسلم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني حكم قطر عطلة رسمية وطنية في الدولة. ولكن هناك يوم آخر مهم، يجدر بنا أن نضعه في خانة قريبة من اليوم الوطني، ألا وهو يوم الاستقلال. في يوم ٣ سبتمبر لعام ١٩٧١، من قصر الشيخ أحمد بن علي آل ثاني من جنيف، أُعلن استقلال قطر، وأُلغيت الاتفاقية الأنجلو-قطرية لعام ١٩١٦. في هذا اليوم، تأكدت سيادة قطر واستقلالها عن البريطانيين ومن قبلهم من العثمانيين والبرتغاليين. في هذا اليوم توثق وقوف قطر لوحدها دون أن تحتاج أي أحد. في هذا اليوم الفارق، رُص تاريخ بأكمله. هذا اليوم لا يقل أهمية عن اليوم الوطني. فهو حدث عظيم في تاريخ قطر. ولا يجدر أن يمر كل سنة مرور الكرام، دون أن يتذكره البعض. فهو تأريخ للأحداث التي حدثت ما بين اليوم الوطني (يوم تسلم الشيخ جاسم بن محمد للحكم) ويوم الاستقلال. فما بين اليومين حدثت وقائع عديدة. ما بين اليومين عاش حاكمان لقطر وأدارا أمور الدولة على أحسن ما يكون، هما الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني والشيخ علي بن عبدالله آل ثاني رحمهما الله. ما بين اليومين، وقعت حربان عالميتان تركت آثارهما على قطر. ما بين اليومين تصدت قطر لمطامع دول عدة، قريبة وبعيدة. وبالتالي، فيوم الاستقلال القطري يُخلّد حقبة كاملة قبل الاستقلال وما بعده، من ابتداء بناء قطر المدنية في ظل الشيخ سمو الأمير أحمد بن علي آل ثاني وسمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رحمهما الله. ولهذا علينا أن نوليه الأهمية الكبرى، ونجعله عطلة رسمية، نستحضر فيها أجواءنا الوطنية، وتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، فقطر تستحق منا ذلك!

291

| 02 سبتمبر 2025

لسنا عنصريين ولكن..

منذ العصور البدائية كان الإنسان يخاف من الإنسان الآخر، حيث كان يفر أو يقاتل إذا ما رأى إنسانا آخر، وذلك قبل تشكل المجتمعات الحديثة، ‏لكن ما أن تكاثر الأفراد ووُجدت مجتمعات أكبر وقبائل أكثر، ردات الفعل هذه الفطرية تناقصت مع الوقت وأصبح الإنسان أكثر تقبلا للإنسان الآخر وأكثر تعايشا معه. وهذا ما يأتي بنا إلى وقتنا الحالي، حيث نرى من ناحية نظرية، تعايش الإنسان بجانب غيره من الناس في الدول المختلفة بسلام. هذه من النظرة الأوسع حيث ترفض معظم الشعوب الدخول في حرب مع دولة وشعب آخر، ولكن عندما نضع المجهر على هذه الدول، نرى رفضا كبيرا للآخر، وهذا ما جعل مثلا رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني تفوز بمنصبها وهذا ما جعل ترامب يفوز بالرئاسة رغم مواقفه المتشددة نحو المهاجرين والآخرين بشكل عام، وهذا ما يجعل نارندا مودي ذا شعبية كبيرة في الهند. نرى اليوم الكثير من المتشددين نحو المهاجرين والعنصرين في أماكن قيادة حول العالم وهم لم يصلوا إلى مناصبهم لولا دعم أناس يحملون الفكر نفسه معهم. العالم للأسف ليس أكثر تسامحا مع الأجانب أو الغير، تنتشر اليوم فيديوهات لمواطنين يضربون أو يشتمون الأجانب أو المقيمين في بلدانهم سواء أكان ذلك في الدول الغربية أو الدول العربية. ينسى هؤلاء العنصريون الذين لا يقبلون بأن يسموا «بعنصريين» بأن هؤلاء المقيمين والمهاجرين «أياً كان المسمى التي يتم إعطاؤه لهم في تلك الدولة» بأن معظمهم ضحايا حرب أو مأساة أو فقر وأن منهم المتعلم والغني والعبقري والطيب والصالح. ‏ينسى هؤلاء أن كل هؤلاء الناس لهم حياتهم وعائلاتهم وأصدقاؤهم وأنهم اختاروا الهجرة أو السفر أو العمل لسبب ما ليس من بينه على الأغلب التخريب على أهل البلد. ‏ينسى هؤلاء الذين يصرخون «اخرجوا من بلادنا وخربتم بلادنا وأطحتم بقيمنا ومبادئنا» أن من بين هؤلاء الناس من بنى بلدانهم ومن يعمل فيها ومن ربى وكبر أطفالهم وأنعش اقتصادهم، وأن من بينهم من يحب بلدهم أكثر مما يحبها المواطنون الأصليون أنفسهم. الدول تحتاج المهاجرين بقدر حاجة المهاجرين لها. ألمانيا تقبلت الكثير من المهاجرين لتنعش اقتصادها وتحافظ على قوتها. وقد تحتاج اقتصادات أخرى مع الوقت تشجيع الناس إلى الهجرة إليها لتحافظ على قوتها ونموها، كما تفعل كندا اليوم التي تشجع الناس على الهجرة إليها. ‏والأيام دول بين الناس وبين الدول، من قد يجد نفسه اليوم آمنا مطمئنا في بلده قد يجد نفسه في الغد مهاجرا مقيما في دولة أخرى، لذلك تقبلوا غيركم وتذكروا دائما أنهم ناس مثلكم، لديهم حياتهم ومعاناتهم وأعمالهم وتاريخهم الذي كان يوما في مكان وأصبح اليوم في مكان آخر.

543

| 26 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي في مواجهة الإنسان

منذ فترة قرأت مقالاً لبيليتا كلارك في الفاينانشال تايمز بعنوان «هل يمكن أن يمر يوم دون أن نتحدث عن الذكاء الاصطناعي؟» وقد جعلني أفكر بأننا فعلاً لم نتوقف عن الحديث عن الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، فلا يمضي يوم دون تصريح أحدهم بشكل إيجابي أو سلبي عن الذكاء الاصطناعي أو حدوث طفرة تخص الذكاء الاصطناعي أو تصدّر خبر عن الذكاء الاصطناعي الأخبار. ولا عجب في ذلك، فما نشهده اليوم مع الذكاء الاصطناعي أكبر حتى مما شهدناه مع طفرة الإنترنت في التسعينيات. الجميع يريد ركوب الموجة والكل يريد أكل أكبر قطعة من الكعكة! بل وقد نشهد حروباً بين عمالقة التكنولوجيا في المستقبل القريب بسبب الذكاء الاصطناعي، فقد أعلن ايلون ماسك عزمه على اللجوء إلى القضاء بسبب تحيز أبل لتشات جي بي تي وتصديرها له في متجر التطبيقات الذكي app store. بالنسبة لايلون ماسك أغنى رجل في العالم وسام التمان رئيس شركة open AI الشركة المطورة لتشات جي بي تي وتيم كوك رئيس شركة ابل (أكبر شركة في العالم) هم ضامنون لوظائفهم أمام الذكاء الاصطناعي.. ولكن ماذا عن بقية العالم؟ يهدد الذكاء الاصطناعي اليوم الكثير من الوظائف، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون المساعد الشخصي والعامل في أي شركة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون محاسبا أو موظف تسويق أو محاميا أو حتى طبيبا يحلل الأعراض ويُشخص الأمراض! بل إن الذكاء الاصطناعي وصل إلى أن بدأ يسرق الوظائف من خريجي علوم الحاسب!. حتى الآن معظم الوظائف في خطر أمام الذكاء الاصطناعي، إلا أنه توجد بعض الاستثناءات، حيث يقول جون برن-مردوخ من فاينانشال تايمز إن الذكاء الاصطناعي لا يزال يواجه صعوبة في التعامل مع تعدد المهام، وبذلك فهو يشكل خطراً أكبر للوظائف التي تعتمد على وحدة المهام مثل البرمجة، ويشكل خطراً أقل بالنسبة للأعمال التي تقوم على تعدد المهام مثل الإدارة والسكرتارية. ومن الأعمال التي لا تواجه خطراً محدقاً أمام الذكاء الاصطناعي-حتى الآن- في رأيي هي الفنون. نعم يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب مقالة ويصنع فيلما وأغنية وصورة، ولكن ما جودة هذه الإنتاجات مقارنة بما يصنع الإنسان؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب مقالة «تقض مضجع القارئ» كما يقول الكاتب تاناهاسي كوتس وتهز كيانه؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب قصة استثنائية تبكينا وتدوخنا حبكتها المعقدة وغير المتوقعة؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب ما هو غير متوقع؟ أم أنه محدود بما تم تدريسه له و»بالمتوقع»؟ إذا كان الإنسان معروفا بأمر ما فهو النهوض مهما كان وإنتاج غير المتوقع. والذكاء الاصطناعي كان في يوم ما ثمرة غير المتوقع من الإنسان.. ولن يتوقف الإنسان عن فعل أو إنتاج غير المتوقع في أي مجال كان سواء أكان ذلك في الفنون أو غيرها من بقية المهن والوظائف والأعمال. ولن يستطيع الذكاء الاصطناعي أبداً أن يتفوق على الإنسان في ابتكار غير المتوقع.

270

| 19 أغسطس 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3828

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2196

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2121

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1308

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

954

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

951

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

942

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

879

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

879

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
عمدة نيويورك

ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...

816

| 06 نوفمبر 2025

alsharq
الطاعة عز.. والقناعة غنى

الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...

810

| 07 نوفمبر 2025

alsharq
المزعجون في الأرض 1-3

وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...

741

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية