رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

على الدول العربية أن تحذر!

قصفت إسرائيل، الدوحة في التاسع من سبتمبر. وقطر ليست أول ولا آخر دولة تقصفها إسرائيل. قصفت اسرائيل من قبل عددا من الدول، منها في الآونة الاخيرة لبنان وإيران وسوريا واليمن وحتى تونس. لا تتوقعوا أن المسافات البعيدة تمنع اسرائيل عن القصف أو الاغتيالات (التي تعدها إسرائيل أدوات استراتيجية لها). منذ النكبة في عام ١٩٤٨ واسرائيل تغتال من تطوله يدها شرقا وغربا.. جنوبا وشمالا. اغتالت في عام ١٩٤٨ الكونت السويدي فولك برنادوت (الوسيط الأممي في فلسطين). اغتالت بعد ذلك وحاولت اغتيال العديد من القيادات والعلماء والمفكرين الفلسطينيين والعرب والإيرانيين والأجانب من دول مختلفة في مدن عدة منها بيروت وروما وباريس ولندن وغزة والضفة الغربية. هذا بالطبع إلى جانب الحروب التي شنتها إسرائيل على مر السنين والمجازر التي ارتكبتها بحق الدول والشعوب القريبة والبعيدة منها. اسرائيل لا يوقفها ضمير ولا يردعها شيء. و من بعد كل ذلك ترفع بطاقة الضحية لدى الأمم المتحدة وتتبكبك عند الشعوب. عندما نتكلم عن قصف إسرائيل لقطر الأسبوع الماضي، يجب أن ننتبه كثيراً. قطر استضافت حماس في الدوحة بناء على طلب من الولايات المتحدة الامريكية. قطر كانت وسيط سلام بين عدة دول منذ قيامها. قطر ساعدت على إطلاق العديد من الرهائن وقدمت وساطتها بين دول كثيرة منها أخيراً بين إسرائيل الصهيونية وحماس بمشاركة مصر والولايات المتحدة الامريكية، وبين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بمشاركة الولايات المتحدة الامريكية ايضاً.. قطر دخلت هذه المفاوضات الأخيرة سعياً منها لإحلال السلام في المنطقة ولوقف الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة منذ أكتوبر 2023، والإسرائيليون يعرفون بهذا الامر، بل ان قيادات في حكومتهم وحتى عائلات الرهائن التي احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر 2023، ناشدت قطر مراراً و تكرارً للتدخل والمساعدة في المفاوضات وإعادة الرهائن الى إسرائيل. بل ان معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية كان يقابل احدى عائلات الرهائن الإسرائيليين في اليوم نفسه التي قصفت إسرائيل قطر. ما الذي يمكن ان نتعلمه من كل ما حدث؟ الدرس واضح لنا في قطر، والبقية للدول العربية. إسرائيل دولة مارقة ليس لها حدود ولا رادع، وتعطي لنفسها حرية فعل ما تشاء في المنطقة. لا دولة بعيدة عنها ولا دولة تخاف من العبث فيها. هم قالوها بأنفسهم عن أنفسهم: «يد إسرائيل طويلة وستطال الكل». وأنا أقول إلى كل الدول العربية وخاصة القريبة من إسرائيل: احذروا إسرائيل ولا تأمنوها أبداً فهي لديها أجندتها الخاصة التي توليها على كل دولة، مهما كانت لديها مصالح كبرى معها. حان وقت وقوف الدول العربية وقفة واحدة امام إسرائيل وأطماعها وعربدتها وتهورها المستمر في المنطقة. إسرائيل لن تتوقف، ومن السذاجة الاعتقاد بان هناك دولة محمية من إسرائيل حتى وإن اخذت من إسرائيل او دول أخرى تعهدات وضمانات بعدم تعرض إسرائيل لها. من مصلحة إسرائيل فرقة الدول العربية أمامها، ومن مصلحة المنطقة اجتماعهم ضد إسرائيل وأجندتها الصهيونية.

339

| 16 سبتمبر 2025

المال.. أم الأخلاق؟

شاهدت مؤخراً فيلما اسمه Materialists وهو فيلم يتناول قصة مدبرة زواج (خطّابة بلهجتنا المحلية) تحاول التوفيق بين رأسين. وهي تحاول أن تفعل ذلك عن طريق إيجاد التوافق وحساب أوجه الشبه بين الرجل والمرأة، وقد يكون وجه الشبه بأن كليهما جذاب أو من عائلة غنية أو ناجحان أو غيرها من الصفات والخصال. ما كان ملاحظاً في الفيلم هو ملامسته للواقع. أغلب زبائن الخطابة، لا يبحثون عن الزوج أو الزوجة الصالحة أو الخلوقة أو الكريمة أو الحنونة أو الذكية أو العاقلة أو غير ذلك من الصفات المعنوية.. معظمهم كانوا يطلبون من الخطابة أن تجد لهم زوجا أو زوجة جميلة وغنية وذات جسد رائع وصغيرة في السن ويُفضل بعشر سنوات على الأقل! وغير ذلك من الصفات المادية والجسدية. وأنا لا ألوم من يطلب هذه الطلبات أو يرغب بها في زوجه أو زوجته المستقبلية، ولكن المشكلة عندما تكون الأولوية لهذه الشروط أو أن تكون هذه هي الشروط الوحيدة المطلوبة! المشكلة أن هذه الصفات وحدها ليست سبباً لاستمرار الزواج ونجاحه، كما أن الحب وحده ليس سبباً لنجاح وطول عمر الزواج. هناك عوامل أخرى بالأهمية نفسها. قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض». ومن ثم زاد العلماء على الدين والخلق، المعاش والمعاملة والكفاءة في النسب أو المقام الاجتماعي وغيرها مما قد تتحقق فيه الكفاءة. وكما نلاحظ أن الجمال والغنى ليسا من هذه الشروط، ولا هما أولوية معها وإن كانت قد تحدث في حال الكفاءة، ليكون هناك توازن بين مقام الزوجين. العالم اليوم غيّر الكثير من معايير الزواج، وأصبح الدعاء بدلاً من الزوج الصالح.. للزوج الغني أو الجميل أو الرياضي. ويعود جزء من السبب إلى واقع اليوم المعتمد على منصات التواصل الاجتماعي والقشور التي نشاهدها على شاشاتنا الصغيرة. النفس أصبحت لا تميل سوى للشخص الأشهر أو الأجمل أو الأقوى أو الغني، وكل ذلك قشور قد يكون داخلها انسان مؤذٍ أو حقير أو تافه أو غبي أو ثقيل دم لا يصلح لعلاقة معرفة، فما بالكم بعلاقة زواج! هذه الشروط الجديدة هي ما قصّرت أعمار الزواجات اليوم، وجعلت مصيرها الطلاق السريع، لأن شروط الغنى والجمال والشهرة في الزوج أو الزوجة ليست شروطا دائمة يُمكنها حمل العلاقة وحثها على الاستمرار. الشروط التي تجعل العلاقة تستمر هي الدين والأخلاق والقيم والمبادئ المتشاركة. ومن بعد تبادل هذه الأمور تأتي المودة والرحمة لتُنضج العلاقة وتجعلها تزدهر.

210

| 09 سبتمبر 2025

يوم استقلال سعيد

تاريخ قطر ثري وغني بالأحداث والوقائع والشخصيات المهمة. وفي اليوم الوطني القطري الموافق ١٨ ديسمبر من كل عام، نسترجع بعضا من هذه الأيام ونحن نحيي ذكرى تسلم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني لمقاليد الحكم وتأسيس دولة قطر الحديثة. في اليوم الوطني القطري، نذكر تاريخ قطر قبل الشيخ جاسم بن محمد وفي أثناء توليه الحكم. نتذكر الأمن والأمان والوحدة في عهده، وعدم الاستقرار والفرقة التي كانت تسبق توليه الحكم. ولهذا كان من المهم أن يكون اليوم الوطني القطري ويوم تسلم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني حكم قطر عطلة رسمية وطنية في الدولة. ولكن هناك يوم آخر مهم، يجدر بنا أن نضعه في خانة قريبة من اليوم الوطني، ألا وهو يوم الاستقلال. في يوم ٣ سبتمبر لعام ١٩٧١، من قصر الشيخ أحمد بن علي آل ثاني من جنيف، أُعلن استقلال قطر، وأُلغيت الاتفاقية الأنجلو-قطرية لعام ١٩١٦. في هذا اليوم، تأكدت سيادة قطر واستقلالها عن البريطانيين ومن قبلهم من العثمانيين والبرتغاليين. في هذا اليوم توثق وقوف قطر لوحدها دون أن تحتاج أي أحد. في هذا اليوم الفارق، رُص تاريخ بأكمله. هذا اليوم لا يقل أهمية عن اليوم الوطني. فهو حدث عظيم في تاريخ قطر. ولا يجدر أن يمر كل سنة مرور الكرام، دون أن يتذكره البعض. فهو تأريخ للأحداث التي حدثت ما بين اليوم الوطني (يوم تسلم الشيخ جاسم بن محمد للحكم) ويوم الاستقلال. فما بين اليومين حدثت وقائع عديدة. ما بين اليومين عاش حاكمان لقطر وأدارا أمور الدولة على أحسن ما يكون، هما الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني والشيخ علي بن عبدالله آل ثاني رحمهما الله. ما بين اليومين، وقعت حربان عالميتان تركت آثارهما على قطر. ما بين اليومين تصدت قطر لمطامع دول عدة، قريبة وبعيدة. وبالتالي، فيوم الاستقلال القطري يُخلّد حقبة كاملة قبل الاستقلال وما بعده، من ابتداء بناء قطر المدنية في ظل الشيخ سمو الأمير أحمد بن علي آل ثاني وسمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رحمهما الله. ولهذا علينا أن نوليه الأهمية الكبرى، ونجعله عطلة رسمية، نستحضر فيها أجواءنا الوطنية، وتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، فقطر تستحق منا ذلك!

198

| 02 سبتمبر 2025

لسنا عنصريين ولكن..

منذ العصور البدائية كان الإنسان يخاف من الإنسان الآخر، حيث كان يفر أو يقاتل إذا ما رأى إنسانا آخر، وذلك قبل تشكل المجتمعات الحديثة، ‏لكن ما أن تكاثر الأفراد ووُجدت مجتمعات أكبر وقبائل أكثر، ردات الفعل هذه الفطرية تناقصت مع الوقت وأصبح الإنسان أكثر تقبلا للإنسان الآخر وأكثر تعايشا معه. وهذا ما يأتي بنا إلى وقتنا الحالي، حيث نرى من ناحية نظرية، تعايش الإنسان بجانب غيره من الناس في الدول المختلفة بسلام. هذه من النظرة الأوسع حيث ترفض معظم الشعوب الدخول في حرب مع دولة وشعب آخر، ولكن عندما نضع المجهر على هذه الدول، نرى رفضا كبيرا للآخر، وهذا ما جعل مثلا رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني تفوز بمنصبها وهذا ما جعل ترامب يفوز بالرئاسة رغم مواقفه المتشددة نحو المهاجرين والآخرين بشكل عام، وهذا ما يجعل نارندا مودي ذا شعبية كبيرة في الهند. نرى اليوم الكثير من المتشددين نحو المهاجرين والعنصرين في أماكن قيادة حول العالم وهم لم يصلوا إلى مناصبهم لولا دعم أناس يحملون الفكر نفسه معهم. العالم للأسف ليس أكثر تسامحا مع الأجانب أو الغير، تنتشر اليوم فيديوهات لمواطنين يضربون أو يشتمون الأجانب أو المقيمين في بلدانهم سواء أكان ذلك في الدول الغربية أو الدول العربية. ينسى هؤلاء العنصريون الذين لا يقبلون بأن يسموا «بعنصريين» بأن هؤلاء المقيمين والمهاجرين «أياً كان المسمى التي يتم إعطاؤه لهم في تلك الدولة» بأن معظمهم ضحايا حرب أو مأساة أو فقر وأن منهم المتعلم والغني والعبقري والطيب والصالح. ‏ينسى هؤلاء أن كل هؤلاء الناس لهم حياتهم وعائلاتهم وأصدقاؤهم وأنهم اختاروا الهجرة أو السفر أو العمل لسبب ما ليس من بينه على الأغلب التخريب على أهل البلد. ‏ينسى هؤلاء الذين يصرخون «اخرجوا من بلادنا وخربتم بلادنا وأطحتم بقيمنا ومبادئنا» أن من بين هؤلاء الناس من بنى بلدانهم ومن يعمل فيها ومن ربى وكبر أطفالهم وأنعش اقتصادهم، وأن من بينهم من يحب بلدهم أكثر مما يحبها المواطنون الأصليون أنفسهم. الدول تحتاج المهاجرين بقدر حاجة المهاجرين لها. ألمانيا تقبلت الكثير من المهاجرين لتنعش اقتصادها وتحافظ على قوتها. وقد تحتاج اقتصادات أخرى مع الوقت تشجيع الناس إلى الهجرة إليها لتحافظ على قوتها ونموها، كما تفعل كندا اليوم التي تشجع الناس على الهجرة إليها. ‏والأيام دول بين الناس وبين الدول، من قد يجد نفسه اليوم آمنا مطمئنا في بلده قد يجد نفسه في الغد مهاجرا مقيما في دولة أخرى، لذلك تقبلوا غيركم وتذكروا دائما أنهم ناس مثلكم، لديهم حياتهم ومعاناتهم وأعمالهم وتاريخهم الذي كان يوما في مكان وأصبح اليوم في مكان آخر.

507

| 26 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي في مواجهة الإنسان

منذ فترة قرأت مقالاً لبيليتا كلارك في الفاينانشال تايمز بعنوان «هل يمكن أن يمر يوم دون أن نتحدث عن الذكاء الاصطناعي؟» وقد جعلني أفكر بأننا فعلاً لم نتوقف عن الحديث عن الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، فلا يمضي يوم دون تصريح أحدهم بشكل إيجابي أو سلبي عن الذكاء الاصطناعي أو حدوث طفرة تخص الذكاء الاصطناعي أو تصدّر خبر عن الذكاء الاصطناعي الأخبار. ولا عجب في ذلك، فما نشهده اليوم مع الذكاء الاصطناعي أكبر حتى مما شهدناه مع طفرة الإنترنت في التسعينيات. الجميع يريد ركوب الموجة والكل يريد أكل أكبر قطعة من الكعكة! بل وقد نشهد حروباً بين عمالقة التكنولوجيا في المستقبل القريب بسبب الذكاء الاصطناعي، فقد أعلن ايلون ماسك عزمه على اللجوء إلى القضاء بسبب تحيز أبل لتشات جي بي تي وتصديرها له في متجر التطبيقات الذكي app store. بالنسبة لايلون ماسك أغنى رجل في العالم وسام التمان رئيس شركة open AI الشركة المطورة لتشات جي بي تي وتيم كوك رئيس شركة ابل (أكبر شركة في العالم) هم ضامنون لوظائفهم أمام الذكاء الاصطناعي.. ولكن ماذا عن بقية العالم؟ يهدد الذكاء الاصطناعي اليوم الكثير من الوظائف، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون المساعد الشخصي والعامل في أي شركة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون محاسبا أو موظف تسويق أو محاميا أو حتى طبيبا يحلل الأعراض ويُشخص الأمراض! بل إن الذكاء الاصطناعي وصل إلى أن بدأ يسرق الوظائف من خريجي علوم الحاسب!. حتى الآن معظم الوظائف في خطر أمام الذكاء الاصطناعي، إلا أنه توجد بعض الاستثناءات، حيث يقول جون برن-مردوخ من فاينانشال تايمز إن الذكاء الاصطناعي لا يزال يواجه صعوبة في التعامل مع تعدد المهام، وبذلك فهو يشكل خطراً أكبر للوظائف التي تعتمد على وحدة المهام مثل البرمجة، ويشكل خطراً أقل بالنسبة للأعمال التي تقوم على تعدد المهام مثل الإدارة والسكرتارية. ومن الأعمال التي لا تواجه خطراً محدقاً أمام الذكاء الاصطناعي-حتى الآن- في رأيي هي الفنون. نعم يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب مقالة ويصنع فيلما وأغنية وصورة، ولكن ما جودة هذه الإنتاجات مقارنة بما يصنع الإنسان؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب مقالة «تقض مضجع القارئ» كما يقول الكاتب تاناهاسي كوتس وتهز كيانه؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب قصة استثنائية تبكينا وتدوخنا حبكتها المعقدة وغير المتوقعة؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب ما هو غير متوقع؟ أم أنه محدود بما تم تدريسه له و»بالمتوقع»؟ إذا كان الإنسان معروفا بأمر ما فهو النهوض مهما كان وإنتاج غير المتوقع. والذكاء الاصطناعي كان في يوم ما ثمرة غير المتوقع من الإنسان.. ولن يتوقف الإنسان عن فعل أو إنتاج غير المتوقع في أي مجال كان سواء أكان ذلك في الفنون أو غيرها من بقية المهن والوظائف والأعمال. ولن يستطيع الذكاء الاصطناعي أبداً أن يتفوق على الإنسان في ابتكار غير المتوقع.

210

| 19 أغسطس 2025

الأفضل لا الأشهر!

نعيش اليوم عصرا سهلا من نواحٍ كثيرة، وصعبا من نواحٍ أكثر. العلم والتكنولوجيا سهلت الكثير من الأمور علينا، وصعبت الأكثر بكثير. ما قبل زمن التكنولوجيا تعب الانسان جسدياً وارتاح نوعاً ما نفسياً. أما اليوم فأجسادنا مرتاحة «بزيادة» ونفسياتنا تعبة. الموازين تغيرت بين الامس واليوم. فاليوم الناس لا تتجه نحو الأفضل او الأكثر عملية او الارخص او الأكثر كفاءة.. اليوم الناس تتجه نحو الأكثر شهرة وانتشاراً وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. إذا كان الشيء او الامر محبباً على التك توك او الانستجرام والسناب شات او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي فهو اذن مطلوب! والامر لا يتوقف هنا، بل يمتد إلى نواح أكثر في الحياة حيث أصبحت الشهرة تتفوق على عوامل أكثر أهمية مثل الكفاءة. فقد قالت الممثلة صوفي ترنر بأنها حصلت على دور في فيلم لأنها تملك متابعين أكثر من ممثلة أخرى كانت أفضل منها بمراحل في اختبار الأداء. ويمتد الامر إلى حياتنا الطبيعية من نواح أخرى، فاصبحت الجمعات والعزائم تضم الناس الأشهر لا الأقرب. أصبحت اختياراتنا الترفيهية انستجرامية اكثر من انها حقيقية. قد يتساءل احدهم وما المشكلة؟ ما هي المشكلة عندما يكون الخيار الأشهر هو الخيار المفضل بين الناس؟ المشكلة هي أن الخيار الأفضل او الأكثر كفاءة او الأكثر عملية سيُترك. المشكلة ان الخيار الأشهر سيُمجد وإن كان سيئاً.. والأفضل سيُطمر مع بقية الخيارات الجيدة فقط لانه غير معروف. المشكلة بأن الذهاب وراء الأشهر بدل البحث في الخيارات الأخرى، لا يُعمل عقولنا ولا يحفزها. المشكلة بان الايمان بالاشهر بدل الجيد، سيجعلنا مع الوقت لا نفرق بين الجيد والسيئ، فقط بين الأشهر والاقل شهرة. الخبر الجيد بان الأشهر لا يستمر دائماً، ولكن حظوظ الجيد دائماً افضل من ناحية الاستمرارية، ولهذا نرى الممثلين المخضرمين الرائعين دائماً ما يعثرون على دور جديد، بعكس الممثلين الذين اشتهروا لشكلهم او لكونهم ابن او ابنة فلان، هؤلاء ينطفون بالسرعة التي اشتعلوا بها. حاولوا ان تكون الأفضل لا الأشهر، لان الأفضل قد يقود إلى الشهرة، ولكن الشهرة لا تقود دائماً لكونك الأفضل في مجال ما. كما ان الشهرة لا يمكنها ان تبقى مشتعلة من تلقاء نفسها، بل تحتاج إلى وقود ما ليشعلها، ولهذا نرى الأشخاص الذين يشتهرون بلا سبب او لسبب سخيف، عادة ما يبحثون عن امر هم ضليعون به ليقدموه إلى الناس حتى يُبقوا على اهتمام الناس والشهرة. اهتموا بالشهرة إن وُجدت، و لكن لا تهتموا بها اكثر من اللازم، فهي جزء من القشور، أما المضمون فهو أنتم وأعمالكم.

222

| 12 أغسطس 2025

أحيوا ذكر غزة

من الصعب الكتابة عن أي شيء غير غزة حالياً. هم يعيشون الحياة التي يصعب علينا حتى مشاهدتها في الصور ومقاطع الفيديو. الغذاء لا يصل إليهم. ووصل الحال في الناس التي تعيش في حوض البحر الأبيض المتوسط انها ترمي الطعام في البحر على أمل ان تصل إلى أهل غزة. لا يفتح الصهاينة المعابر البرية. يُفضلون أن تسقط المساعدات الغذائية جواً على أهل غزة، فقد تسقط على أحد منهم، أو تغرق في البحر و يغرق معها بعض من يحاول الوصول إليها. و كذلك، ليتذرعوا بأن ايصال المساعدات مكلف ولتذهب الاموال في طريقة المساعدة وليس في المساعدة نفسها! حجم الدمار الذي نراه في غزة اليوم لا يمكن ان يكون انسانياً. لم يتبق شيء. لا مساجد لا كنائس لا مستشفيات لا مدارس لا محلات لا عمارات لا بيوت. أين يذهب الغزاوي اليوم؟ و هل يهم فعلاً مادامت أصبح كل شيء بالنسبة له كماليات و كل ما يهم هو أن يلقى قوت يومه؟ أذكركم ألا تنسوا ما يحدث في غزة. حتى الصحفيين اليوم، جائعين في غزة، ويعيشون كل يوم بيومه، وكأن إسرائيل الصهيونية تريد ان تجبرهم على الرحيل عن غزة، و تترك غزة بعيدة عن أعين العالم لتفعل بها ما تشاء. العالم بدأ بفتح عينيه قليلاً فقليلاً على جرائم إسرائيل الصهيونية. ‏متأخرا لكن أخيرا. دول أوروبية كثيرة أدانت إسرائيل على ما تفعله في غزة. ودول أخرى صرحت برغبتها في الاعتراف بدولة فلسطين، ‏وهذه ليست أمورا هينة والدليل نوبات غضب إسرائيل الطفولية داخل الأمم المتحدة وخارجها. ‏كل حرف يُكتب أو يقال عن غزة مهم وله وقعه ويجب علينا ألا نستهين بتذكر وذكر غزة في كل مكان وفي كل محفل ومنصة. ما يحدث اليوم هو تدمير لشعب وارض من قبل دولة صهيونية محتلة استسهلت كل ما تفعله بسبب ردة فعل العالم الضعيفة على أفعالها. و ستستمر في ذلك ما لم تشعر بأن هنالك ما يردعها ويمثل خطرا على مصالحها. إسرائيل اليوم هي الفرعون الذي تفرعن لأنها لا ترى في الأفق بحرا يغرقها ولا تشعر حتى الآن بالتهديد من ردات الفعل الصادرة من الناس والدول. هنا تأتي أهمية الوعي بما يحدث في غزة وأهمية ردات فعل الناس في الابقاء على ذكر غزة حيا على ألسنة الناس وفي عقولهم. الحديث الدائم عن غزة وعن الفلسطينيين بل و حتى كلمة (فلسطين حرة) تثير حفيظة إسرائيل المحتلة. فما بالكم بذكر غزة والفلسطينيين دائما في كل الأحاديث والمحافل؟ هذا يجننهم ويؤلمهم و يفضح عقلياتهم الضحلة. أحيوا ذكر غزة. لا تنسوهم ولا تنسوا إنسانيتكم.

210

| 05 أغسطس 2025

عن الرحيل

نكتب عن الرحيل في أيام مُثقلة بالرحيل. رحيل الأمان.. رحيل الشبع.. رحيل القوة.. رحيل الأمل.. رحيل الشغف.. رحيل الحلم.. رحيل الأرواح. الفلسطينيون يتساقطون في غزة يميناً وشمالاً مرة من القنابل ومرة من النيران ومرة من الجوع. السبب يختلف والموت واحد. الأسباب تتعدد والمؤت مؤكد. الأجساد تذبل أو تختفي مرة واحدة. اللحم يلتصق بالعظام. بدأنا نحفظ جغرافية الجسد بسبب ما تفعله إسرائيل الصهيونية بأهل غزة. الانسان الطبيعي حول العالم يصحو من يومه، ليذهب إلى العمل.. ليبحث عن سعادته، والانسان في غزة، يصحو من النوم ليبدأ دورة أخرى من الجحيم.. من البحث عن أكل يسد فيه جوعه وجوع عائلته بما يكفيه ليوم الغد! رحل في الأيام الماضية الفنان زياد الرحباني ابن الفنانة الكبيرة فيروز والفنان عاصي الرحباني، وكأنه رغب في أن يرحل مع من تلامسهم رسالته اليوم وهو الذي غنى: «أنا مش كافر.. بس الجوع كافر.. أنا مش كافر بس المرض كافر. أنا مش كافر بس الفقر كافر والذلّ كافر.. أنا مش كافر.. لكن شو بعملّك إذا اجتمعوا فيّي كل الإشيا الكافرين». للأسف الكثير منا بلا حيلة وعاجز عن المساعدة إلا عن الدعاء و محاولة إيصال المساعدات والتبرعات. ولكن كل ما أتمنى من الجميع فعله، هو ألا ينسوا. ألا ترحل الذاكرة! ألا يلتفتوا عما يحصل في غزة لأن ما يحدث الآن في غزة عار على الإنسانية. هو أمر غير مقبول وغير مغتفر، وسيتذكره التاريخ طويلاً بعد ذلك. نحن أمام تجويع شعب كنوع من العقاب والتدمير. نحن أمام جريمة حرب واضحة لا تحتاج إلى تفسير او تحليل او تبرير او تأكيد. نحن امام واقع مُخز لجميع من يشاهده من بعيد ويصمت او يدير وجهه عنه. نحن امام موت وقتته وهندسته وتهندسه إسرائيل الصهيونية. نحن امام شعب يموت كل يوم بشكل مخطط له من قبل إسرائيل الصهيونية، وعلينا الا نصمت عن ذلك والا ننسى او نتناسى ذلك، وإن دبت فينا الالام بسبب ذلك، فنحن لدينا من يعزينا أما أهالي غزة فمن يعزيهم؟ وكيف نعزي اهل غزة وهم من يحق لهم ان يرفضوا كل تعازينا فيهم بسبب الأوضاع التي تُجبرهم إسرائيل على العيش فيها؟! كان الله في عون اهل غزة ورحم الله شهداءهم والفنان زياد الرحباني الذي وكأنه يصف بأغنيته الأوضاع اليوم عندما غنى يوماً ما: «أنا مش كافر بس البلد كافر..أنا مقبور ببيتي ومش قادر هاجر.. وعم تاكل لي اللقمة بتمّي وأكلك قدّامك يا عمّي.. وإذا بكفر بتقل لي كافر.. معمّم عالدول الغربية ومبلّغ كل المخافر».

336

| 29 يوليو 2025

سعادتك تعتمد عليك!

الساكن في قرية صغيرة يريد العيش في مدينة كبيرة متعددة الجنسيات. المقيم في مدينة كبيرة يحلم بالتقاعد في قرية صغيرة بعيداً عن ضوضاء المدينة و الناس. من يملك وظيفة مهمة ومُتطلبة، يتمنى وظيفة هادئة مريحة، ومن يملك وظيفة صغيرة، يسعى للحصول على وظيفة أكبر وأهم تشغل كل وقته. من يسافر دائماً، يتمنى الاستقرار، ومن لم يخرج من بلدته أبداً، يتمنى الخروج منها لأي مكان. هذا هو حال الانسان في أغلب الأحيان، إما أنه غير قانع بما يملك أو أنه يفرح فيما آتاه الله و من ثم يعتاد النعم ويضجر منها. وبين هذا وذاك تفلت السعادة من يد الانسان. حل الانسان في السعادة هو في القناعة وقبول الحال كما هو. قبول اللحظة التي يمر بها أياً كانت ومهما وأينما كانت. إذا كنت تستطيع تغيير واقعك غيّره، و إن لم تقدر، فتقبله كما هو ولا تحمل على كتفيك أكثر من قدرتك. مشكلة الانسان الأساسية هي عدم قبول ما هو فيه، ولذلك الانسان التعس يشعر بأن الأيام تُعيد نفسها.. أيامه التعيسة تُعاد ولا تتغير لأنه لم يتقبل الحال الذي يعيشه أو يحاول تغييره، إن كان يستطيع تغييره. أما الانسان السعيد القابل لكل ما يمر فيه و يعيشه، يشعر بأن كل يوم يعيشه هو نعمة، يتقبلها ويشكر الله عليها لأنه ما فرضه الله عليه في هذه اللحظة، وبذلك لا يشعر بأن التاريخ يعيد نفسه معه، لأن كل يوم يعيشه، يوم مُميز قُدر له وعليه، و هو يتقبل ذلك و يتوكل على الله المدبر للأمور. العشب ليس أكثر اخضراراً دائماً في الضفة الأخرى. في بعض الأحيان، لا نلاحظ اخضرار حديقتنا لتركيزنا الشديد على الضفف الأخرى من حولنا واهمالنا لما هو أمامنا و ملكنا. قبول الحال يجلب الرضا والسعادة مع الوقت ويُولّد لدى الانسان مشاعر إيجابية نحو حياته والدنيا التي يسكنها. أما السخط على الأحوال و ظروف الحياة-التي تمر بالجميع-يُولّد لدى الانسان مشاعر سلبية يصعب الفكاك منها مع الوقت، بل ويُبعد الناس من حول هذا الانسان الساخط على الحياة و أحوالها. حاولوا ملاحظة الناس من حولكم عند خروجكم، الانسان الراضي والقانع والمستمتع بحياته وإن كان يملك شيئاً بسيط، يمكنه تمييزه من بين الناس، بل و يبعث في قلب المراقب له مشاعر جميلة تتردد في الأجواء من حوله. أما الانسان الساخط الغاضب المتذمر، فيبرز أيضاً مما يجعل الناس تبتعد عنه بشكل لا إرادي. تقبلوا ما أنتم فيه وعليه، إن لم تستطيعوا التغيير للأفضل. ربوا في أنفسكم مشاعر القبول الإيجابية وانقلوها إلى غيركم لحياة أحلى و أسعد. لا تكونوا ساخطين نزقين تبتعدون عن الحياة، لتبتعد الحياة والناس بدورهم عنكم.

294

| 22 يوليو 2025

فن العيش بامتنان

تخيّل أنك تخرج إلى الشارع وترى الأنوار موشوشة والشوارع غير واضحة. تخيّل أن تأكل الكبسة أو البيتزا- حسب تفضيلك- وتشعر بأن الطعام بلا طعم وكأنه ماء. تخيّل أن تسافر وفي كل مرة لا تستمتع بوقتك وترجع لتقول بإنك تحتاج إجازة بعد الاجازة. تخّيل أن ما قلته هو واقع وليس خيالاً للكثير من الناس. الكثير من الناس يقضون يومهم دون أن يشعروا بحرارة الشمس أو برودة الطقس على جلودهم. الكثير يأكلون ويشربون دون أن يستطعموا ما يأكلونه أو يشربونه. الكثير يخرجون إلى النزهة أو لحضور فيلم في السينما ليرجعوا إلى بيوتهم ضجرين وكأنهم لم يخرجوا قبل قليل. ما السبب؟ قد يعود ذلك إلى الكثير من الأسباب ولكن من أبرز الأسباب الذي سأعرج عليه هنا، هو الافتقار إلى الامتنان وتقدير النعم. الكثير لا يشعر بقيمة ما يملكه وما يعيشه وهذا يجعلهم لا يشعرون بحلاوة الحياة. والدليل عندما نرى انسانا فاقدا لعينه او ساقه أو يده، ويعيش حياته بسعادة، وانسانا يملك عائلته وماله وصحته ولا يزال تعسا. شكر الله والشعور بالامتنان والتقدير اليومي يزيد من سعادة الانسان ويُحسّن من جودة الحياة. الشعور بالامتنان يعزز الطاقة الإيجابية لدى الانسان ويساعده في المضي في الأوقات الصعبة. كيف يمكن للإنسان أن يزيد شعوره بالامتنان في الحياة ليشعر بطعم الحياة من جديد؟ يمكن الشعور بالامتنان عبر كتابة قائمة امتنان يومية مكونة من خمس نقاط على الأقل بأشياء يمتن لها الانسان في حياته وأن يحاول ألا يعيد هذه القائمة في اليوم التالي بل وأن يجد أمورا جديدة يمتن لها، كأن يكتب مثلاً، أنا أمتن أني أستطيع كل يوم أن أذهب وأمشي إلى عملي بدون صعوبات. كما يستطيع الانسان أن يُدخل في محادثاته مع الناس أمورا يمتن لها عندما تأخذ الاحاديث منحى سلبيا، كأن يقول إن تذمر هو أوغيره عن عائلته: الحمد لله أن لدي عائلة تحيط بي ! يجب أن يكون الشكر والشعور بالامتنان أسلوب حياة، ولذلك يحتل الحمد مكاناً كبيراً في ديانتنا الإسلامية. عندما نحمد الله ونشكره على ما نملكه وإن كان قليلا نرتاح ونشعر بطعمه وحلاوته، لأننا نفهم بأننا قد نفقده في أي وقت فقد قال الله تعالى: «وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» (آل عمران: 140) وقال في موضع آخر: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (26). ولذلك نقدّر كل ما نملكه ونتمسك به ونثق بالله ونتوكل عليه، ونعرف بأن حتى أسوأ أيامنا هي خيّرة وعظيمة لأنها من الله.

174

| 15 يوليو 2025

الراحة القرآنية

القرآن الكريم. ذو طاقة خلابة.. جذابة.. سحرية، أياً كان الوصف الذي سنطلقه عليه.. جميعنا نتفق أن له حضورا آخاذا. كيف لا، وهو في لوح محفوظ إلى يوم القيامة؟ كيف لا وقد أُمرنا أن نستمع له وننصت إذا قُرِئ لعلنا نُرحم. هذا القرآن الذي به هداية ورحمة للناس. هو ما جعل قلب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يرّق عندما كان ذاهباً مغاضباً إلى بيت أخته بعدما سمع عن اسلامها هي وزوجها. وكان ينوي شراً في أخته وزوجها وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في نظره كان قد سبب شقاقاً وانقساماً في قريش. فما أن اقترب عمر بن الخطاب من باب بيت أخته، حتى سمع خباب بن الأرت يُعلم فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد القرآن ويقرأ عليهما سورة (طه). تعجب عمر مما سمع، وسألهم بصدمة واعجاب ماذا تقرأون! ومن ثم تحققت دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام الذي دعا بأن يعز الإسلام بأحد العمرين، وكان يقصد عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام (أبو جهل). هذا القرآن العظيم الذي نقرأه بتدبر وخشوع، ندخل معه في حالة فوقانية سماوية أثيرية نرتفع معها إلى السماء وخارج أجسادنا، كيف لا وهو راحة لنا. ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: «أرحنا بها يا بلال!». وكان يقصد الصلاة التي نقرأ بها القرآن والأدعية ونرتاح بها وعليها. تقول الدراسات إن (Humming) الهمهمة أو الدندنة أو التنغيم، تخفض التوتر وتهدئ الجهاز العصبي للإنسان وتخفض ضربات القلب. هذا ما يفعله القرآن الكريم دون قراءة مسموعة، فكيف يكون الأثر وقت قراءة القرآن بصوت مسموع وحسن ومنغّم بالتجويد اقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام؟ هذا ما تقوله الدراسات اليوم، وسبقهم إليها الإسلام قبل أكثر من ١٤٠٠ عام! فوائد قراءة وسماع وتدبر القرآن الكريم لا تُعد ولا تُحصى. هو منهج حياة. في كل مرة نقرأه نعي شيئاً جديدا فاتنا. في كل مرة نسمع قصة أو حكمة عن القرآن أو من وحي السيرة النبوية، نرجع للقرآن لنربط النقاط ببعضها البعض. هكذا هو الحال في الإسلام، كل شيء مترابط وكل شيء له معنى ينتظر وصله وفهمه من قبل المؤمن الحكيم. نسأل الله أن يؤتينا الحكمة التي قال الله عنها في سورة البقرة (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (٢٦٩).

240

| 08 يوليو 2025

هل يستسلم البشر؟

أطلق الفنان السعودي راشد الماجد مؤخراً أغنية جديدة بعنوان «أنا استسلمت» فيها تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الفيديو كليب، كما زعم بعض المنتقدين أنه تم استخدام الذكاء الاصطناعي في توزيع وأداء الأغنية، أيضاً. من يشاهد الفيديو كليب سيلاحظ بأن هناك شيئا مختلفا عن بقية أغاني الفنان.. الاغنية باختصار ليست كباقي أغانيه لا من ناحية الروح ولا المستوى. وفي الناحية الأخرى من الكرة الأرضية، يواجه الكاتب الأمريكي جايمس فري انتقادات حول استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة روايته الجديدة (Next to heaven). وعلى الرغم من إصرار الكاتب على عدم استخدام الذكاء الاصطناعي في روايته، إلا أن الكثير لم يصدقوه لأنه أولاً، اعترف بالسابق باستخدامه الذكاء الاصطناعي لمحاكاة أسلوبه في الكتابة وثانياً، هو معروف بفضيحة كتابة كتاب على أنه سيرة ذاتية (A million little pieces) اتضح بعد ذلك أنه كذب في الكثير من الوقائع التي لم تحدث له. هل كل ما سبق يدل على بداية عصر جديد من كسل المبدعين مع استهلال عصر الذكاء الاصطناعي؟ هل هذا بداية عصر الغباء البشري المصاحب لعصر الذكاء الاصطناعي؟ عملت MIT الشهيرة تجربة على ثلاث مجموعات من الأشخاص. تم توجيه المجموعة الأولى بكتابة مقال بدون استخدام أي مساعدة، والمجموعة الثانية تم توجيهها بكتابة مقال بمساعدة موقع بحثي أما المجموعة الثالثة فتم توجيهها بكتابة مقال بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وجدت الدراسة أن المجموعة الأخيرة كان نشاط الدماغ فيها هو الأقل من بين باقي المجموعات. وفي مرحلة تالية من الدراسة تم الطلب من جميع المجموعات كتابة مقال بدون أي مساعدة، فكتبت المجموعة الأولى والثانية المقالات، أما المجموعة الثالثة التي كانت قد استخدمت الذكاء الاصطناعي سابقاً، فعانت في كتابة المقالات بدون أي مساعدة. هذه الدراسات الجديدة المصاحبة لهذا الواقع الجديد الذي نواجهه اليوم، تجعلني أتساءل لو كنا سنصل إلى زمن كل الأخبار التي نشاهدها والمقالات والكتب التي نقرأها والأغاني التي نسمعها ستُصنع بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقد نصل فعلاً إلى مرحلة مشابهة ولكنها ستكون مرحلة تعيسة، لأن الذكاء الاصطناعي-حتى الآن-ذو صوت واحد بلا روح، بعكس الملايين من الكُتاب والمبدعين والعلماء والفنانين ذوي الأصوات المختلفة والفريدة والمميزة حول العالم. فحتى مثلاً لو حاولنا تقليد صوت أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي، سيبقى مثل الهولوغرام، صوت غير حقيقي هلامي قد يتقطع في أي وقت وأي موضع، بخلاف الصوت الأصلي لأم كلثوم. مشكلتنا الحقيقية ليست في استخدام الذكاء الاصطناعي بل في كسل الجنس البشري الذي قد يجعله يُفضل استخدام صوت جامد على استخدام صوته الحي الحقيقي المميز، لأن الامر الوحيد الذي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي التفوق فيه على البشر، هو امتلاك روح وصوت مميز لا يمكن للذكاء الاصطناعي أبداً الوصول إليه.

588

| 24 يونيو 2025

alsharq
في خاصرتي خنجر.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تهزم

خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...

1353

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
لهذا يرفض الاحتلال حل الدولتين؟

مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...

777

| 14 سبتمبر 2025

alsharq
الوسيط المُستهدف

شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...

732

| 14 سبتمبر 2025

702

| 13 سبتمبر 2025

alsharq
انصر أخاك

ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...

666

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
المسرح السياسي وديكور التعليم

من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...

585

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
منصات وزارة العمل.. من الفكرة إلى الأثر

منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...

579

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
عمري قطر

في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...

564

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
الحاجة إلى نظام أمني جديد في الشرق الأوسط

لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...

552

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
يا قادة أمتنا.. بلغ السيل الزبى

حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...

534

| 14 سبتمبر 2025

alsharq
لأجل عينج يا قطر

الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...

522

| 16 سبتمبر 2025

alsharq
أيها القادة.. خذوا حذركم

في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان...

489

| 14 سبتمبر 2025

أخبار محلية