رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قطر تنتصر لغزة

انتصرت أخيراً غزة وأثبت شعبها الأبي بأنه لن يتزحزح من أرضه ولن يقبل الضغوطات مهما عظمت واستفحلت، وضرب بفعل إرادته الصلبة أروع الصور في صبره وجلده أمام طغيان العدو الصهيوني واجرامه، انتصرت غزة ووصل صدى معاناتها للعالم أجمع مع ما تفعله آلة القتل اليومية التي دارت على مدى عامين كاملين لم يترك فيها العدو وسيلة إجرام وقمع إلا واستخدمه ليحاول أن يُخضع المقاومة ويذل سكان غزة، ولكن هيهات منهم الذلة فرغم آلاف القتلى والجرحى والدمار الذى لم يترك حجراً على حجر إلا أن أهل غزة سحقوا كل مخططات العدو الصهيوني لتهجيرهم واحتلالهم أرضهم. وها هو الفرج يأتي بعد الضيق والمعاناة بإعلان وقف إطلاق النار ليتنفس أهل غزة الصعداء ويتجاوزوا محنتهم التي لم يمرّ على شعب كما مرّوا به من ظلم وطغيان، فبعد مفاوضات غير مباشرة بين وفدي حركة حماس وإسرائيل، برعاية أمريكية مصرية قطرية، أُعلن فجر يوم الخميس 9 سبتمبر في مدينة شرم الشيخ المصرية عن التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة. وقال حينها ترامب إن اتفاق إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من الخطة يعني أنه سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن وستسحب إسرائيل قواتها إلى الخط المتفق عليه، وهي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي، فيما أكدت حماس أنها توصلت إلى اتفاق ينهي الحرب، يتضمن انسحاباً إسرائيلياً من غزة وتبادل الأسرى، لكنها دعت ترامب والدول الوسيطة إلى ضمان أن تنفذ إسرائيل وقف إطلاق النار بالكامل. ومع البدء بتنفيذ خطة ترامب على أرض الواقع في غزة، فقد أشاد ترامب وكل دول العالم بدور دولة قطر كوسيط مهم ساهم منذ اندلاع هذه الحرب قبل عامين في إيقافها وبذل كل الجهود الدبلوماسية من أجل الوصول إلى سلام يرفع عن معاناة سكان قطاع غزة ويحقن دماءهم، عامان وقطر تُسخّر كل جهودها وامكانياتها وعلاقاتها الوثيقة بالدول ذات العلاقة بهذه القضية من أجل وضع حد لمسلسل القتل والدمار الذي طال أمده في غزة. ولا شك أن ما تتمتع به دولة قطر من سمعة عالمية كوسيط محايد وموثوق لدى الأطراف المتنازعة، ساعدها كثيراً في حل العديد من الأزمات ونزع فتيل حروب أوشكت أن تقع لولا عناية الله ثم تدخل الدوحة فيها، فمنذ عام 2004 وهي تنتهج هذا النهج المبارك الذي ساهم في إيقاف نزاعات وحروب كانت ولا زالت محل إشادة أممية ودولية وإقليمية، ورغم تعقيد العديد من هذه الملفات إلا أن هذه الحرب ضد قطاع غزة من أعقد الملفات وأكثرها تشعباً واحتقاناً لاسيما وأن الطرف الأقوى فيه هو الكيان الصهيوني المحتل الذي دأبت حكومته المتطرفة على خرق بنود اتفاقه في كل مرة حتى وصل بها الحال القيام بالاعتداء السافر على أراضي الدولة الوسيطة لظنها بأنها ستقضي على المفاوضات برمتها وتفرض هيمنتها عليها !! في النهاية لا يصح إلا الصحيح وحتى لو اختلفت موازين القوة، فقد انتصرت غزة بعدم تهجير سكانها واحباط خطط الصهاينة في احتلال غزة، انتصرت غزة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، انتصرت غزة بعد أن فضحت اسطورة الكيان المحتل وصورته أمام العالم وكشفت مدى إجرامه ووحشيته، انتصرت غزة ومعها قطر وكل الدول الحرة التي دعمتها وساندتها ونادت بحريتها ورفضها للاستبداد والطغيان. فاصلة أخيرة ليلة حزينة على قطر بفقدها ثلاثة شبان من خيرة شبابها أثناء تأديتهم لمهامهم إثر حادث مروري في مدينة شرم الشيخ، نسأل الله أن يتغمدهم برحمته وينزلهم منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

396

| 14 أكتوبر 2025

يريدون أن يغيّروا قناعات الأحرار بأموالهم !

لا ريب أن لمواقع التواصل الاجتماعي الفضل الكبير في كشف وفضح كيان الاحتلال الصهيوني أمام العالم منذ حربه البربرية المجرمة وجرائم الإبادة التي اقترفها في غزة منذ عامين وحتى ساعتنا هذه، وهي التي كانت تُوظّف كل علاقاتها وأموال داعميها منذ عقود طويلة لخلق رواية الدولة التي تعيش ضحية إرهاب الفلسطينيين والعرب لتأتي حربها ضد غزة وتنسف كل ما بنته من أساطير وروايات كاذبة تدعي فيها مدنيتها وديمقراطيتها وبأنها حمامة سلام تعيش وسط عقبان ونسور ومتوحشة !! لم يسبق لإسرائيل منذ احتلالها لفلسطين وإعلانها قيام دولتها عام 1948 أن عاشت في عزلة حقيقية كما هو حالها بعد جرائمها في غزة، ولعل اعتراف دول بحجم بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال بدولة فلسطين لهو أكبر دليل على مدى العزلة التي تعيشها إسرائيل واضمحلال نفوذها وقوتها وانهيار سمعتها لاسيما في القارة الأوروبية التي شاهدنا الملايين من شعوبها يتعاطفون مع غزة المكلومة ويخرجون في مظاهرات منددة بالجرائم الصهيونية في غزة ! ومن الواضح بأن هذه الأحداث فرضت نفسها على أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أثناء تواجده في نيويورك واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اختتمت قبل أيام وشكّلت صفعة لنظام نتنياهو بعد ردود الأفعال الدولية حول الأحداث في غزة واستنكارها للجرائم الإسرائيلية، حتى باتت الدورة الثمانون من اجتماع مجلس الأمن وكأنها عُقدت من أجل غزة والتضامن والتعاطف معها، وهو الأمر الذي دعا نتنياهو إلى الاجتماع مع مؤثرين أمريكيين وحثهم على استخدام منصتي «تيك توك» و «إكس» بوصفهما «سلاحاً» لتلميع صورة إسرائيل أمام العالم. يعي نتنياهو جيداً بأن هاتين المنصتين تستحوذ عليهما أمريكا ولاسيما بعد أن تمكنت من الاستحواذ على «تيك توك» وتمكنها من الوصول إلى ملايين الأمريكيين الذين تغيرت نظرتهم كلياً عن إسرائيل عما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023، وباتوا غالبيتهم يدركون بأن المُعادي هو إسرائيل والمعتدى عليه هو الشعب الفلسطيني. وهو ما ركّز عليه نتنياهو بأهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشبهها بـ «أدوات المعركة» في دعم موقف إسرائيل لتنتصر في حربها على غزة، ولا سيما بعد أن كشفت الكثير من استطلاعات الرأي تعاطفهم مع الفلسطينيين وتنديدهم بالجرائم الإسرائيلية، كما كشف موقع نيويورك بوست الشهر الماضي دراسة تؤكد أن أكثر من 60 % من جيل زد في الولايات المتحدة يُعبّرون عن دعمهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد إسرائيل. الأمر الخطير في صفقة التيك توك أن من اشتراها هما الملياردير لاري إليسون مالك شركة أوراكل وقطب الإعلام الملياردير روبرت مردوخ، وكلاهما داعمان رئيسيان لإسرائيل وصهيونيان حتى النخاع، وما يسعيان له الآن هو التحكم في بيانات ومعلومات مستخدمي «تيك توك» والتأثير عليهم من أجل تحسين صورة إسرائيل وداعميها والتضليل على كل ما يخالفها، يعني بكل لغات العالم ما لم يتمكنوا من تغييره بدس السم في العسل يريدون أن يُغيّروه بأموالهم !! ومن هنا يأتي دورنا كعرب ومسلمين وأحرار العالم بأن نقف أمام محاولاتهم الخبيثة لتغيير الواقع المرير الذي يحدث في غزة وفي كل فلسطين وجعل إسرائيل ضحية والفلسطينيين إرهابيين وقتلة وإعادة الحال إلى ما هو عليه قبل السابع من أكتوبر واستمرار تزييف الحقائق والكذب بشأن ما يحدث في الأراضي المحتلة من قتل وتدمير وتجويع وتهجير، لذا وجب علينا أن نواجههم ونرد على كذبهم ولا نترك الساحة لهم حتى يغسلوا أدمغة الناس كما فعلوها معهم طوال العقود الماضية !

330

| 07 أكتوبر 2025

آن الأوان لإيقاف عربدة كيان الإرهاب

ليست حادثة الاعتداء الصهيوني السافر والغادر يوم التاسع من سبتمبر على الدوحة بمستغرب، فهذا العدو المارق أسرف ولا يزال في قتل الأبرياء في غزة منذ سنوات طويلة وزاد سعاره بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، فمارس أعتى وأقسى صور القتل والتنكيل في أهل غزة حتى يُجبرهم على الرحيل من أرضهم ويضم غزة إلى باقي الأراضي المحتلة، وقد أعلنها أمام الملأ بأنه يتحكم في منطقة الشرق الأوسط ويستطيع أن يضرب أي موقع فيها متى ما أراد وفي أي وقت طالما أن هذا يخدم سياساته التوسعية في المنطقة، في نفس اليوم الذي ضرب فيه الدوحة نفّذ غارات على لبنان واليمن وأسطول الصمود العالمي على السواحل التونسية، عربدة وطغيان صهيوني لا مثيل له يؤكد أن هذا الكيان مستمر على نهجه الإرهابي طالما أنه لا يُحاسب على أفعاله وفي كل مرة يفلت من العقاب الأممي! ولا ريب أن هذه العقلية والممارسات الصهيونية نحن المسلمين أجدى بأن نعرفها جيداً، لو كانت الأمة على قلب رجل واحد ولو لم نكن مقسمين غير متحدين لما مارس هذا الكيان المصطنع عربدته وطغيانه على دولنا، ولما رأيناه يضرب من الخليج إلى المحيط دون أن يُراعي أي حدود قانونية ولا أخلاقية، فكل شيء أمامه مستباح ولا سيما منطقتنا العربية، لأنه وكما يردد على لسان جيشه بأن الشرق الأوسط تحت سيطرته، ورئيس وزرائه يتشدق منذ زمن بأنه سيُغيّر وجه الشرق الأوسط. فكيف لنا بعد كل هذه المعطيات أن نثق بهذا الكيان المجرم ومن يقف وراءه من قوى ما زلنا نصدّق كلامهم بأنهم حلفاء لنا، ولكن الحقيقة تنافي ذلك تماماً، فكل دولنا متحالفة معها قولاً ولكنها فعلاً ليست حليفة أمام رغبات الكيان الصهيوني المحتل في الهيمنة والتوسع في المنطقة، ولعل تكرار تلويح الفيتو الأمريكي أمام أي مشروع قرار يُدين جرائم إسرائيل هو الدليل الدامغ على أن التحالف ليس إلا كذبة لا ترغب دولنا في استيعابه!. وأما تداعيات هذه الضربة الصهيونية الغادرة على قطر فقد أثبتت قطر أنها ثابتة على نهجها الذي لن تحيد عنه حتى يُرفع الظلم عن غزة، كما أثبتت مكانتها على الصعيد الدولي بتعاطف العالم أجمع معها ورفضها وشجبها لهذا الهجوم الصهيوني الغادر، كما أنها خلال الأيام القليلة الماضية كثفت قطر من مساعيها الدبلوماسية لكسب تأييد أعضاء مجلس الأمن لإدانة هذا الهجوم وتحميله مسؤولية اعتدائه السافر على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة ويقوم بدور الوسيط النزيه والمتوافق عليه بشأن ملف الأزمة في غزة والوساطة بين حماس والكيان المحتل لإنهاء الحرب وأزمة الرهائن، ويبدو أن التقدم في هذه المفاوضات لا يسير في اتجاه رياح نتنياهو الذي يسعى من خلال محاولته الفاشلة لاغتيال وفد حماس المفاوض والسعي لتنفيذ أهدافه الخبيثة للسيطرة على غزة وتهجير سكانها وكسب رضا ائتلاف حكومته الهشة ومنع انهيارها. فاصلة أخيرة نأمل أن تخرج قمة الدوحة الطارئة بقرارات تفضي إلى توحيد وجهات النظر بين الدول العربية والإسلامية لاتخاذ موقف جماعي فعّال وصارم تجاه السياسات الإسرائيلية العدائية لدول المنطقة، بعيداً عن بيانات التنديد والشجب التقليدية.

216

| 16 سبتمبر 2025

خراب البيوت مهنة وكلاء الشيطان

يحكي لي أحد الأصدقاء قصة حدثت لأحد أبنائه الذي كان يشغل وظيفة متميزة في أحد القطاعات المهمة في الدولة وراتبها مرتفع مقارنة بالوظائف الأخرى التي يحمل أصحابها نفس مؤهلات هذا الشاب، وكان بارعاً في أداء مهامه على أكمل وجه، وعندما كُتب له أن يخسر هذه النعمة قيّض له الشيطان أحد أصدقائه الذي يبدو أنه من النوع المؤثر، أقنعه بطريقة ما بأن هذه الوظيفة لا تناسبه وعليه أن يتجه إلى وظيفة أخرى مهامها أقل وأسهل حتى يتمكن من الخروج متى أراد ويبتعد عن المحاسبة في حال بدر منه أي تقصير، رغم أن الشاب محب لعمله وملتزم ومنضبط ويحبه ويوقره كل رؤسائه وزملائه، ولكنه تأثر بكلام صديقه فما كان منه إلا أن قدّم استقالته، وعند البحث عن تلك الوظيفة التي يمنّيها له صديقه اضطر إلى أن يجلس في بيته لأكثر من عام بدون عمل، وعندما حصل على الوظيفة الجديدة تفاجأ بأنها أقل راتباً من وظيفته التي كان يشغلها بآلاف الريالات وسيضطر إلى بناء علاقات جديدة مع زملاء ورؤساء جدد، ندم أشد الندم بأنه جعل أحدهم يؤثر عليه لاتخاذ قرار مصيري سيغير من حياته، ولو أنه استشار قلبه وعقله لأعاناه على اتخاذ القرار السليم. القصص كثيرة ومتنوعة وأصحابها تدمرت حياتهم وانقلبت رأساً على عقب والسبب كان باتخاذهم القدوات والمستشارين الذين لا يأتي منهم إلا الشر، لأنهم ليسوا أهلاً للاستشارة والقدوة، فكم من امرأة تطلّقت لأنها أرادت أن تعيش حياة المشهورة الفلانية في مواقع التواصل الاجتماعي والتي يعلم العقلاء أن حياتها ويومياتها التي تصورها ليست إلا كذباً وتمثيلاً وضحكاً على ذقون متابعيهم، وأيضاً تلك الفتاة التي تطلقت بعد أن رزقها الله بمولودها الأول، فسألتها إحدى قريباتها؛ ماذا قدم لكِ زوجك بمناسبة الولادة؟ قالت لها: لم يقدم لي شيئاً، فقالت لها هذه الشيطانة والاندهاش بادياً على ملامحها: أمعقول هذا؟ أليس لكِ قيمة عنده؟ وعندما عاد زوجها إلى البيت تشاجرت معه وتلاسنا حتى وصل بهم الأمر إلى الطلاق، كلمات بسيطة من هذه الشيطانة تسببت في هدم كيان أسرة! ولو تفحصنا وتمعنّا في العديد من حالات الطلاق والخلافات بين الأشقاء والآباء مع أبنائهم لوجدنا معظمها تولدت من شرارة أطلقها أو أطلقتها شياطين من الإنس لا همّ لهم إلا خراب البيوت ودمارها، وللأسف أن هذه النوعية تتمتع بحظوظ وحظوة بين أفراد مجتمعنا، لهم ألسنة تقطر عسلاً وحضور مقدر وقبول لا نظير له، لأن المجتمع للأسف سمح لهم بأن يتسللوا لقلوبهم ويتحكموا في قراراتهم ومقدراتهم، وهم ليسوا إلا آفة يجب أن يقف الجميع صفاً لمواجهة خطرهم ودسائسهم. فاصلة أخيرة قيل: أن تُحافظ على وعيك في زمن تتخطف فيه العقول من حولك فأنت بخير فلله در من كان منهم!.

768

| 09 سبتمبر 2025

زيادة معدلات النمو السكاني

لا شك أن الثروة البشرية تعد هي عماد أي دولة أو كيان يسعى إلى البقاء والوجود، وهي طبيعة فطرية فطر الله خلقه عليها وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويزدادوا ليعمّروا الأرض التي خُلقت من أجلهم، وحمّلهم الأمانة ليقسطوا فيها ويعدلوا ولا يُغيّروا من طبيعتهم التي خُلقوا عليها، وبين التكاثر بمفهومه الطبيعي الغريزي وما جاء بعدها من تعريفات ومصطلحات حول الحالة الوجودية للإنسان، اختلت موازين الحياة وأصبحت المجتمعات العربية والمسلمة في وقتنا الحاضر أسيرة للنظريات والمعتقدات الغربية التي تنادي بتحديد عدد النسل وعدم الإكثار من الإنجاب ! ورغم سعي دولة قطر ودول الخليج لزيادة معدلات النمو السكاني لديها لرفع نسبة المواطنين من إجمالي السكان إلا أنها لا زالت ومنذ سنوات تعاني من انخفاض معدلات الإنجاب، وهو الأمر الذي يكتنفه العديد من الإشكاليات المركبة والمتراكمة التي تحتاج إلى وقفة جادة واستنفار على كافة الأصعدة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المعضلة. ففي أحدث دراسة أُجريت في دولة قطر حول هذا الموضوع أثبتت أن المعدلات في قطر تراجعت إلى 2.9 % عام 2017، حيث تبين الإحصائيات تراجع المعدل بنسبة 5.3% عام 1986 إلى 4.6% عام 1997، ثم إلى 4.5% 2004، ثم شهدت الأعوام الستة التالية حتى عام 2010 أكبر معدل للتراجع إلى وصولها إلى هذه النسبة الضعيفة في عام 2017، وتزامن هذا التراجع مع ارتفاع في معدلات الطلاق، وانخفاض في معدلات الزواج لدى المواطنين القطريين، وأما متوسط العمر عند الزواج الأول فلم يشهد خلال العقدين الأخيرين تغيرات كبيرة، وإن كان اتجاهه العام يميل نحو الارتفاع. وأوضح معهد الدوحة الدولي للأسرة عضو مؤسسة قطر الذي أجرى الدراسة التي جاءت بعنوان « المحددات الاجتماعية للخصوبة في دولة قطر « أن هناك 6 عوامل تشكل محددات لقرار الإنجاب في قطر، وهي عوامل الاختيارات الشخصية والاقتصادية والهيكلية أو المتعلقة بمنظومتي التعليم والعمل والعوامل الصحية، وقد أكد غالبية المشاركين في هذه الدراسة على تفضيل تحديد النسل والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر، وأن الإناث يملن بشكل أكبر لتحديد النسل، وذلك لعدة أسباب، منها الاعتناء بالرفاه العام للأسرة وأفرادها. وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات، من بينها تعديل قانون العمل ليمنح الموظفة الحامل في جميع القطاعات إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 6 أشهر، وأن تعود الموظفة إلى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية ناتج عن إجازة الأمومة، وضرورة منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين من استحداث إجازة والدية، وإلزام أصحاب العمل في كافة القطاعات الذين يبلغ تعداد موظفاتهم 20 موظفة أو أكثر بإنشاء دار للحضانة في مكان العمل تستوعب الأطفال في عمر الحضانة، كما أوصت الدراسة بضرورة إنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية ترتفع قيمتها كلما زاد عدد الطفال في الأسرة، ومنح العائلات مساعدات مالية لتغطية تكاليف رعاية الأطفال وخاصة تكاليف الحضانات ورياض الأطفال والمدارس الخاصة، وضرورة التوسع في إنشاء قاعات الأفراح لتشمل جميع مناطق الدولة والارتقاء بالخدمات المقدمة فيها. ونوهت الدراسة إلى جانب مهم جداً وهو وجود علاقة بين نمط الحياة الصحي ومعدلات الإنجاب، حيث اتفقت عينات الدراسة على أن نمط حياة الأسرة يؤثر على معدلات الإنجاب، وبأنه لا بد من أهمية ممارسة الرياضة لتحسين الصحة بشكل عام، والتي تساعد في إنجاب أطفال أصحاء، بينما من الممكن أن يؤثر الكسل والسمنة سلباً على معدلات الإنجاب، كما أُشير في الدراسة إلى دور التكنلوجيا البيولوجية الحديثة في المساهمة في علاج العديد من حالات العقم وتأخر الإنجاب. ولا ريب أن معادلة (عدم الإنجاب) تساوي في قيمتها (شيخوخة السكان) وهو ما يعني (دق ناقوس الخطر) الذي يؤدي لا قدّر الله لـ (كارثة) لا يحمد عقباها، وهي المرحلة التي تكافح الدولة من أجل القضاء على مسبباتها، ليكون الهدف هو تحقيق ما يسمى علمياً بـ (فتوة السكان) من خلال زيادة نسبة الشباب والأطفال في التركيبة السكانية، وهي المرحلة الديموغرافية التي تمر بها المجتمعات عندما ترتفع نسبة السكان في سن العمل من ( 15-64 ) مقارنة بنسبة الأطفال (أقل من 15)، بمعنى آخر، هي الفترة التي يصبح فيها الغالبية العظمى من السكان في سن الإنتاج والعمل وتوافر قوة عمل شابة ومنتجة، مع انخفاض الأعباء النسبية لإعالة الأطفال وكبار السن، وزيادة فرص الادخار والاستثمار، وارتفاع معدل النمو الاقتصادي إذا ما تم استثمار الموارد البشرية استثماراً جيداً. ومن أمثلة المعاناة مع شيخوخة السكان مع دولة اقتصادها من أعظم اقتصاديات العالم كألمانيا جعلها تلجأ للمهاجرين لإنقاذ اقتصادها، وهو ما انتهجته مع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين لتعويض التراجع الديموغرافي وحماية اقتصادها، فالتقديرات الرسمية توضح أن البلاد بحاجة إلى 400 ألف مهاجر سنويا للحفاظ على حجم القوى العاملة في ظل الشيخوخة وتناقص السكان. فاصلة أخيرة تخيّلوا معي لو قَبِلَ المجتمع وشجّع وحث على الزواج مبكراً والإكثار من الإنجاب، وزاد ذلك على التشجيع على التعدد، هل سنعاني من قلة السكان والإنجاب ؟! إذن المشكلة تكمن فينا كمجتمع ونظرته إلى أن التحضر والرقي في تحديد النسل حتى نضمن لهم بزعمهم حياة سعيدة !

588

| 26 أغسطس 2025

تفاقم الطلاق والعزوف عن الزواج

منذ سنوات عديدة ودولة قطر وسائر دول الخليج تدق نواقيس الخطر في ارتفاع مستوى معدلات الطلاق وما يقابلها من عزوف لدى الشباب عن الزواج، ووضعت هذه الدول التشريعات والقوانين التي من شأنها بحسب رؤيتها أنها ستقضي على هذه المشكلة أو على الأقل ستحد من تفاقمها إلا أنها ما زالت حتى يومنا هذا في ازدياد، قبل فترة أجرت صحيفة الشرق حواراً شاملاً مع الدكتورة شريفة العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة بمؤسسة قطر وأكدت أن مؤسسات الدولة تعمل وتتكاتف من أجل إيجاد حلول جذرية لمشكلات الطلاق وعزوف الشباب عن الزواج والتقليل من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على الترابط الأسري. ونبهت إلى ضرورة أن تسارع مؤسسات الدولة لدراسة ظواهر بدأت في الظهور، مثل عزوف الشباب من الجنسين عن الزواج، والتأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على الحياة الأسرية وعلى علاقات الزوجين، وتكاليف الزواج الباهظة التي تؤدي إلى فخ الديون والقروض وترهق كاهل الشباب، وحالات الطلاق المرتفعة، وغياب الحوار بين طرفي العلاقة الزوجية، وغياب مفهوم الثقافة الأسرية والزوجية عند الشباب، مؤكدة أهمية الإسراع في عمل دراسات لها بهدف إيجاد حلول مثمرة تقلل من مخاطرها وحدتها. وأوضحت العمادي أن ارتفاع نسب الطلاق ظاهرة عالمية ومنها دول الخليج توجد فيها نسب مرتفعة أيضاً، وقد لاحظنا أن نسبة 22% من حالات الطلاق قبل الدخول في فترة عقد القران (الملكة)، والذي يحسب من نسب الطلاق وأن الخطورة التي لاحظناها أن 46% من الحالات وقع الطلاق فيها قبل إكمال سنة من الزواج وعندما بحثنا في ذلك وفق إحصائية 2019 و2020 أن هذه الحالات ليست لديهم أطفال والمشكلة أن المطلقين بنسبة 66% في هذه الفترة، وهناك نسب طلاق لما بعد العام الأول من الزواج وبعد إجراء دراسات مع جامعة قطر، وكانت العينة من طلاب وطالبات الجامعة ذكرت الأغلبية في حديثها عن أسباب الطلاق عدم التوافق وعدم الانسجام بين شخصية كل من طرفي العلاقة، والاختيار غير الجيد، ودراسة أخرى كشفت عدم التوافق وعدم الاختيار الجيد للشريك وعدم وضوح المفهوم من العلاقة الزوجية في السنة الأولى من الزواج وكيفية التعامل بين الطرفين. كما أن الأسرة اليوم لم تعد تركز على تثقيف الأبناء بمفاهيم الحياة الزوجية كما كان في السابق بسبب طبيعة العصر وسرعته وهذا يتطلب من الأسر والمؤسسات الأسرية والمراكز المعنية بالشباب توعية الأبناء في كيفية تكوين أسرة ووضع منهج عمل أيضاً للحياة الزوجية، لأن دورها هو النهوض بالمجتمع، وأنهم سيكونون في الغد نواة لأسر تخدم مجتمعهم. ومن وجهة نظرها ترى الدكتورة شريفة أن مشكلة العزوف عن الزواج أخطر بكثير من مشكلة الطلاق لأن الدراسات الميدانية والإحصائية بينت أن حالات الطلاق التي وقعت في السنة الأولى من الزواج أو بعد عقد القران تعود للزواج مرة أخرى وهذه نقطة إيجابية جداً، لأنهم يبدؤون حياة زوجية جديدة وهذا أمر إيجابي بكل تأكيد. ولكن الخطورة تكمن في العزوف لأنه بالفعل لا توجد لدينا مشكلة عنوسة بين الفتيات إنما يوجد عزوف من الجنسين عن الزواج، فكل منهما يختار ألا يتزوج، وأسباب ذلك تعود إلى طبيعة العصر الذي نعيشه بكل ما فيه من كماليات ووسائل رفاهية. نحن اليوم نحتاج إلى غرس الثقافة الأسرية والزوجية لدى الجنسين وهذا جرس إنذار ولابد أن تركز كل البرامج المجتمعية اليوم على أهمية الارتباط الزوجي. ولتسمحوا لي كمهتم ومُعايش لهذه المشكلات التي نغّصت على حياة الكثير من أسرنا ومجتمعنا أن أتحدث من منظور المواطن وليس المسؤول أو الباحث في لب المشكلة والتي يضع لها حلولاً علمية ممزوجة بالجوانب النفسية والاجتماعية، وأرى أن مشكلة تزايد نسب معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج سببها المباشر هي الأسرة في المقام الأول، فهذه المشكلات لم تطرأ على مجتمعاتنا وتتفاقم إلا بعد أن تحسنت أحوالنا المادية وصرنا نتقلب بفضل من الله في النعم والرخاء الزائد، مما أفقدنا روح التماسك والترابط بين الأسر في المجتمع الواحد، وصارت الأسرة بنفسها تعاني من التفكك بسبب توفر وسائل التواصل الذكي والمميت في نفس الوقت، صارت العزلة هي حالة الأسرة فكل عاكف على جهازه وعيونه عليه حتى عندما يجتمعون على غداء أو عشاء أو مناسبة اجتماعية، حتى فقدت روح التواصل والألفة والمحبة. وعليه فقد تساهلت الأسرة في هذا الجانب مما خلق سلوكاً لدى أفراد الأسرة بعدم أهمية التواصل بينهم وأن هنالك ما هو أهم من ذلك وهو متابعة من هم خارج محيطهم من مشاهير وفنانين وعارضات أزياء، حتى باتت هذه النماذج تحل محل الوالدين في الاقتداء والتطبع بطبائعهم وسلوكياتهم، وأصبح لديهم قناعة بأنهم مكتفون وليس الزواج ولا بناء أسرة شغلهم الشاغل، فهم بزعمهم الناقص والمشوّه يعيشون حياتهم بكل حرية ولا يريدون أن يُنغّص عليهم أحد! في زمن آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا كانوا بمجرد أن يصلوا إلى أعمار مبكرة تبدأ من 16 عاماً وهم يفكرون بالزواج، وحلم كل واحد أو واحدة منهم أن يبني بيته ويملأه بالأطفال، لأن حياتهم كانت بسيطة ومتواضعة، وكل منهم يتولى مهمته لبناء أسرته ولا وقت لديهم لإضاعة الوقت واللهو، فهم قمة سعادتهم ومتعتهم أن يجتمعوا تحت سقف واحد ويعيشوا حياتهم البسيطة دون أن يعكرها أي معكر، وأما حالنا الآن فيرثى له، فلا الشاب ولا الشابة مقتنعان بهذا الرابط المقدس بأنه هو أساس الحياة ومستقبلها، لأن الحياة المادية طغت على كافة جوانب حياتهما. وأما عن تفاقم حالات الطلاق فلا شك أن للأسرة دورا كبيرا في تفاقمها لأنهم لم يقوموا بدورهم المطلوب في الإصلاح بينهم، بل نرى الكثير منهم يزيدون من تأجيج هذه الخلافات إن لم يكونوا هم السبب الرئيسي في نشأتها، وفي المقابل نرى أن الطلاق هيّن لدى الطرفين لتهاون أسرتيهما وعدم الحيلولة دون حدوثه، فقد ولّدوا لدى بناتهم فكرة الاكتفاء وبأنهم ليسوا بحاجة إلى أزواج طالما أن كل شيء متوفر لهم في بيوت أهاليهم، ولم يعلموا أن الفتاة لا قيمة لها بلا أسرة وأبناء وزوج وكذلك الحال للشاب، فما حالهم بعد سنوات قادمة تتسارع فيه الأعمار ثم يتحسرون على قرارات اتخذوها جعلتهم يعضون أصابع الندم. فاصلة أخيرة لكل ولي أمر وولية أمر، اتقوا الله في أبنائكم ولا تغالوا في الزواج وتُعسّروا عليهم، ولتسهلوا عليهم حتى تروا السعادة تحيط بهم من كل جانب، فما أجمل الحياة وأنت ترى أبناءك وبناتك يعيشون السعادة والطمأنينة وأحفادك يملؤون بيوتهم متعة ودفئاً.

978

| 19 أغسطس 2025

هوس المظاهر وعقدة النقص

من المؤلم أن نرى أبناء خير أمة أخرجت للناس يتسابقون في التفاخر والتباهي بما يملكونه من سيارات ويخوت وساعات وحقائب وذهب وكل ما يشد العين والقلب، وخاصة في سفراتهم وجولاتهم في العديد من العواصم العالمية، ولو كانوا يحتفظون ببذخهم ورفاهيتهم لأنفسهم لاحترمنا عقولهم وإدراكهم ولكن الكثير منهم من المتباهين والمتفاخرين يوثقون سفراتهم على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي منذ دخولهم قاعة الدرجة الأولى وهم يرتدون أغلى الملابس والساعات والحقائب من الماركات العالمية، وعند ركوبهم مقصورة الدرجة الأولى أو رجال الأعمال، وصولاً إلى وصولهم إلى وجهتهم التي يحرصون أن تكون في أغلى الوجهات من حيث أسعار الفنادق والمطاعم والسيارات الفارهة، ليبدأ حينها في رفع نسبة التفاخر والتباهي بما يملكه ويغمره شعور عظيم بأنه ليس هناك في الأرض من هو أعظم ولا «أكشخ» منه، فيمشي في الأرض مرحاً ظناً منه أن الإكبار والإعجاب لا يأتي إلا باستعراض المظاهر والهيئة وبهالة من الغرور والتفاخر. شخّص أحد الاستشاريين النفسيين هذه الحالة بأنه (اضطراب نفسي) يُعرف علمياً باسم هوس المظاهر أو الهوس بالمكانة الاجتماعية (Status Anxiety). وذلك عبر الاستعراض وهو نمط سلوكي يتسم بانشغال مفرط في عرض مظاهر الرفاهية أو الثراء أو النجاح أمام الآخرين، وذلك غالباً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على الإعجاب أو الاعتراف الاجتماعي، حتى لو كان ذلك على حساب الواقع المالي أو النفسي للفرد. ويوضح هذا الاستشاري بأن الأعراض أو المؤشرات التي قد تظهر على الشخص الذي يعاني من هوس إبراز المكانة الاجتماعية عبر الاستعراض تختلف بحسب شدة الحالة، لكنها غالباً تكون على شكل سلوكيات متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر مستمر لصور وفيديوهات تُظهر السفر، الفنادق الفاخرة، المطاعم الراقية، المشتريات الباهظة، والتركيز على إظهار العلامات التجارية الفاخرة أو تفاصيل الدرجة الأولى في السفر، والتقاط الصور بشكل متعمد في أماكن أو أوضاع تدل على الثراء أو المكانة الاجتماعية. كما أن للدوافع الداخلية للشخص دورا كبيرا في هذه الحالة من خلال الشعور بالرضا أو القيمة الذاتية فقط عند الحصول على إعجاب أو تعليقات إيجابية من الآخرين، وحالة من القلق أو الانزعاج إذا لم تلقَ هذه المنشورات التفاعل المتوقع، والسعي للمقارنة مع الآخرين ومحاولة التفوق عليهم في المظاهر. ويرى الاستشاري النفسي أن أنماط تفكير هذه النوعية من البشر تتمحور في عدة أمور؛ بدءًا من اعتقادهم وقناعتهم التامة بأن المكانة الاجتماعية تعتمد أساساً على المظاهر المادية، ثم المبالغة في أهمية رأي الآخرين والانشغال الدائم بكيفية نظرتهم إليهم، وقياس النجاح الشخصي بما يمتلكونه أو يعرضونه لا بما يحققونه فعلياً. أما التأثيرات السلبية المحتملة على هذه العينة فقد لخصها في ثلاثة جوانب؛ مالياً من خلال إنفاق مبالغ كبيرة أو فوق القدرة المالية للحفاظ على الصورة التي يريد إظهارها، ونفسياً عندما يشعر دائماً بعدم الاكتفاء أو الخوف من فقدان الانبهار من الآخرين، واجتماعياً من خلال بناء علاقات سطحية قائمة على الانطباع الخارجي بدلاً من الحقيقي. ومن وجهة نظره العلمية النفسية يرى بأنه لا علاج لهذه العينة إلا من خلال إخضاعهم لبرامج وقائية ونفسية تبدأ من الوعي الذاتي والتثقيف النفسي بمساعدتهم على إدراك أن قيمتهم ليست مرتبطة بالمظاهر أو بآراء الآخرين، وتوعيتهم بمخاطر الإنفاق المفرط لمجاراة صورة اجتماعية معينة، وأيضا العلاج المعرفي السلوكي من خلال تعديل الأفكار المشوهة حول النجاح والمكانة الاجتماعية، وتأتي باستبدال السلوكيات الاستعراضية بسلوكيات مبنية على القيم الحقيقية والإنجازات الواقعية، أو بالعلاج النفسي العميق والذي يُقصد به أنه إذا كان الهوس بالمظاهر مرتبطاً بجروح نفسية قديمة (مثل نقص القبول في الطفولة أو الشعور بالدونية). ومن ضمن البرامج الوقائية تقليل الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وضع أوقات محددة لاستخدام المنصات الاجتماعية، والتوقف المؤقت عن نشر المحتوى الذي يهدف فقط لإبراز المظاهر، واستبدالها بمتابعة حسابات ملهمة تركز على نشر القيم أو الإنجازات الفعلية. عند تحقيق أهداف هذه البرامج الوقائية سيصل الشخص إلى مرحلة إعادة مفهوم النجاح من خلال التركيز على المهارات والعلاقات الحقيقية والإنجازات العملية بدلاً من إبرازه للمظاهر، وتحديد أهداف شخصية ومهنية لا تعتمد على رضا الجمهور، وكل ما سبق من برامج وقائية لا شك بأنها تحتاج إلى دعم اجتماعي من خلال إحاطة النفس بأشخاص يُقدّرون الجوهر ويتجاهلون المظاهر الزائلة، ويترجمونها من خلال المشاركة في الهوايات والأنشطة التي لا يمكن قياسها بالمكانة المادية مثل (التطوع، التعلم، الرياضة). خلاصة هذه الدراسة تتلخص بحقيقة جلية تؤكد بأن هذه العينة التي زادت أعدادها كثيراً في وقتنا الحاضر ليسوا إلا مرضى نفسيين يعانون من (عقدة النقص) يُعظمون أنفسهم وهم في نظر المجتمع ليس لهم أي قيمة. فاصلة أخيرة لو كانوا يملكون ذرة من حياء وإحساس لما يحدث لأهلنا غزة من تجويع وقتل وإبادة بدلاً من تباهيهم وتفاخرهم بالمظاهر، لكان حالهم أهون، ولكنهم كما وصفهم الشاعر: طأطأوا الرأس ذلة وانكسارا وارتدوا الخزي حُلّة والعارا وتواروا عن شامخات المعاني وتباروا إلى السفوح انحدارا بادروا بالهوان غير كرام إلى الرزايا فما أعز البِدارا

1620

| 15 أغسطس 2025

أنتم خصومهم أمام الله يا أمة الخذلان

أكبر خيانات مرّت على العرب منذ فجر التاريخ بدأت مع الخائن أبورغال الذي أرشد أبرهة إلى الطريق لمكة حينما عزم على هدم الكعبة المشرفة، وكان ذلك مقابل المال، وكانت نهاية أبرهة كما يعلم الجميع وأنزل الله سورة تُصوّر النهاية العظيمة لهذا المجرم وجيشه. أما الخيانة الثانية فكانت من نصيب ابن العلقمي الذي خان الخليفة العباسي المستعصم بالله عندما استأمنه على الدولة وأعطاه كامل الصلاحيات في القرارات المصيرية، فقد كان هو الدولة ومفاتيحها بيده، إلا أن غلّه على الإسلام وأهله ودولته، جعله سبباً رئيسياً في سقوط الدولة العباسية التي حكمت الأمة لأكثر من خمسة قرون، حيث كاتب هذا الخائن التتار وزعيمهم هولاكو وشجعه على احتلال بغداد وتدميرها وقتل أكثر من مليون ونصف من سكانها، وطمع هذا الخائن في وعود هولاكو له بحكم العراق، ولكن هولاكو أهانه أشد إهانة وندم حيث لا ينفعه الندم، ومما يحكى عنه أن عجوزاً مرّت عليه في آخر أيامه مطأطئ الرأس عليه أمارات الذل، فقالت: أهكذا كان يعاملك بنو العباس ؟ فمات كمداً وحسرة على مجد ضيّعه، وسلطة بدّدها، بعدما ارتمى تحت أقدام التتار، وباع دينه ووطنه. أما الخيانة الثالثة فهي للملك الصالح إسماعيل الذي كان يحكم دمشق وفلسطين، فطمع في ضم مصر إلى مملكته، فاستعان بالصليبيين لمساعدته على حرب ابن أخيه الملك الصالح أيوب ملك مصر، مقابل إعطائهم فلسطين، فدعا الصالح أيوب الخوارزميين والذين يشكلون قوة إسلامية في الشرق وتحالف معهم وعبر بهم وبجيشه إلى بلاد الشام وتوجهوا إلى بيت المقدس فحرروه من الاحتلال الصليبي، وبقي تحت حكم المسلمين حتى عام 1914 باحتلاله من قبل البريطانيين. ومنذ ذلك العام وحتى يومنا هذا والأمة تعيش في خيانات متعاقبة ليست أقل سوءا ودناءة من سابقاتها، فما يعيشه إخواننا في قطاع غزة من قتل وتشريد وتجويع منذ السابع من أكتوبر 2023 لهو أكبر خيانة وهوان وذلة تعيشها أمة الملياري مسلم، فلم تشفع استغاثات ولا استصراخ أهل غزة لحكام وشعوب أمة العرب والإسلام، ولم تتحرك نخوتهم لكسر هذا الحصار الجائر الذي أطبقه عليهم الكيان الصهيوني المحتل ومنع عنهم الغذاء والدواء وكل شيء يبقيهم على قيد الحياة، يُمارس ضدهم مجزرة ممنهجة ضاربين بكل النداءات الإنسانية عرض الحائط غير مبالين بهذا الشعب الأعزل الذي تحيط بحدوده دولا عربية شقيقة وملايين من الشعوب الغفيرة التي لا حول لها ولا قوة!. فلا تتأسّف عليهم يا أبا عبيدة ولا تتحسّر على هوانهم وذلهم، يكفي أن تتحسّب عليهم وتجعلهم خصومكم أمام الله، فوالله من كان الله خصيمه فلن يهنأ في عيشه مهما طال به الزمان، فلا خير في هذه الحياة ونحن نرى اخوتنا يُقتّلون وتمارس فيهم صنوف العذاب من تجويع وتشريد، وحسبنا وحسبهم الله فيمن خذلهم وساهم في إطالة مدى معاناتهم. فاصلة أخيرة تابعنا خلال الأيام الماضية كيف تدخلت العشائر السورية الأصيلة الشهمة واستجابت لاستغاثات إخوانهم البدو من أهل السويداء ودحروا عصابات الهجري، تخيلوا معي لو تحركت مشاعر ونخوة الشعوب العربية وانتفضت أمام حدود الدول العربية المتاخمة لحدود فلسطين المحتلة، والله لن تمر ساعات إلا وسنرى الصهاينة يرفعون الحصار عن غزة ولزال الاحتلال الصهيوني ولتحررت كامل أرض فلسطين من براثن بني صهيون، ولكنه مستبعد ومستحيل أمام أمة لا إرادة لها.

630

| 22 يوليو 2025

الفال للمتقاعدين

نبارك لإخواننا وأخواتنا موظفي المدارس الحكومية على إصدار مجلس الوزراء القرار رقم 23 لسنة 2025 بشأن تعديل بعض أحكام النظام الوظيفي لموظفي المدارس، والذي نصّ على إلغاء المادة 14 من النظام الصادر بالقرار رقم 32 لسنة 2019، والتي كانت تستثني بعض البدلات والعلاوات من احتساب الراتب الإجمالي أثناء فترات الإجازات. وقد جاء هذا القرار في سياق حرص الدولة على صون الحقوق المالية والامتيازات الوظيفية للعاملين في الميدان التربوي، بما يعزز الاستقرار المهني، ويحفز الكوادر التعليمية والإدارية على مواصلة العطاء والتميز في بيئة داعمة ومتوازنة، ولا شك بأن هذا القرار يراعي تطلعات الكوادر التربوية ويواكب احتياجات المنظومة التعليمية الحديثة، ويعد خطوة إيجابية نحو ترسيخ بيئة وظيفية عادلة وجاذبة تكرس مفاهيم التحفيز والاستدامة، وتُسهم في تعزيز جودة التعليم ورفع كفاءة الأداء في المدارس انسجاماً مع تطلعات رؤية قطر الوطنية 2030. ولأن العنصر البشري يأتي من أولويات اهتمام الدولة، فلا شك أن فئة المتقاعدين يعدون رأس هذه الأولويات، ولعل التعديل الأخير على قانون التأمينات الاجتماعية وإصدار القانون رقم 1 لسنة 2022 كان معالجة فعّالة لمكامن القصور لما سبقها من تشريعات متعلقة بالتقاعد والمعاشات وما صاحبها من إلغاء للقانون رقم 24 لسنة 2002، بما يتواكب مع ظروف الحياة التي تتطلب اتخاذ العديد من التعديلات على رواتب المتقاعدين لسد احتياجاتهم وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية لهم والرفاهية والرخاء. وما بين القانون رقم ( 24 ) للعام 2002 والقانون رقم ( 1 ) للعام 2022 وما اكتنفه من تعديلات كبيرة انصبت لا شك في صالح المتقاعد القطري، إلا أن إشكالية عدم احتساب مكافأة نهاية الخدمة للعشرين عاماً الأولى من خدمة الموظف لا زالت تؤرق حال المتقاعد القطري على اعتبار أنها بمثابة اجتزاء أو محو سنوات طوال من خدمته دون أن يتقاضى عليها مكافأة يرى المتقاعد القطري أنه يستحقها وأنه ليس من العدل عدم احتسابها في مكافأته عند تقاعده، بينما يرى المشرع عكس ذلك على اعتبار أن قانون التقاعد لم يتم العمل به إلا في العام 2002 وبالتالي صندوق التقاعد لا تقع عليه أي مسؤولية لما قبل تاريخ نشأته. ولأن المتقاعد القطري يستحق كل ما من شأنه أن يُشعره بأن مكانته لا يعلوها مكانة في عين الدولة والمسؤول والمواطن فإنه بالفعل يستحق بأن ينهي حياته المهنية بتقدير وتكريم هو أهلٌ له، ولا بد أن يُترجم ذلك بصون حقوقه المالية في المقام الأول، ومكافأته على كل يوم عمل عمله في خدمة وطنه وشعبه، هذا هو أقل ما يمكن فعله لهذا المترجل عن صهوة جواده الأصيل الذي صال به وجال دون أن يكل أو يمل. فاصلة أخيرة المتقاعد لا يريد إلاّ حقه، والدولة خير من يصون هذا الحق ويُكرّم من دفع من عمره لخدمة وطنه ليأتي الدور على هذا الوطن المعطاء ليجازيه عن تفانيه وخدمته، فنِعمَ الجازي والمجازى.

861

| 15 يوليو 2025

إلى هيئة أشغال مع التحية

تولي الدولة اهتمامها الكبير بالخطط التنموية التي تعد من أهم ملامح ازدهارها وتقدمها، كما أنها جزء من استحقاقاتها وواجباتها تجاه تهيئة الأرض الخصبة لبناء وطن مزدهر ومجتمع فاعل متمكن قادر أن يرفع من مستوى عطائه بما يتواكب مع هذا التطور والتقدم الذي يسير عليه وطنه. ولعل دولة قطر من أكثر الدول التي تشهد نماءً وتطوراً ملحوظاً في الإعمار ومواكبة أفضل الطرق الحديثة في تطوير هذا المجال، وما يؤكده تلك الموازنات الضخمة التي تضعها الدولة من أجل ترجمة خططها التنموية وتسارعها الملحوظ على أرض الواقع. ولا شك بأن هيئة الأشغال العامة هي أحد أهم الأذرع التي يقع على عاتقها الكثير من الخطط التنموية التي كلفتها الدولة لتنفيذها، وقد يكون العقدان الماضيان من أكثر المراحل أهمية وصعوبة منذ تأسيسها بعد أن حلّت محل وزارة الأشغال العامة وأعطتها الدولة صلاحيات أكبر لضمان تسريع تنفيذ المشاريع الضخمة المكلفة بها، ومن أهمها المشاريع المتعلقة بكأس العالم 2022 بالتعاون مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث. ورغم تفهمنا لحجم وضخامة المشاريع الملقاة على عاتق هيئة أشغال إلا أن التأخير في تنفيذ المشاريع على مدى أكثر من 10 سنوات تزيد من معاناة المواطنين في العديد من المناطق السكنية، سواء كان ذلك على مستوى مشاريع الطرق أو الصرف الصحي أو الإنارة أو الخدمات، جعلت من المواطن يُصاب بحالة من اليأس وعدم الرضا على مدى تجاهل الهيئة لمطالبهم بتوفير أدنى متطلبات توفير الخدمات التي تحرص الدولة على توفيرها لمواطنيها والمقيمين على أرضها. تابعنا باهتمام المؤتمر الصحفي الذي عقدته هيئة الأشغال الأسبوع الماضي والذي تحدث فيه سعادة المهندس محمد بن عبد العزيز المير رئيس الهيئة عن « خطط أشغال المستقبلية “، استعرض من خلالها الخطة الاستراتيجية للهيئة خلال السنوات الخمس المقبلة، وبعزمها على تنفيذ مشاريع بقيمة 81 مليار ريال، تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للدولة ومواكبة التوسع العمراني المتسارع. تصريحات سعادة رئيس هيئة الأشغال العامة جميلة وطموحة وتستشرف المستقبل، ولكنها لا تختلف عمّا قالوه من سبقوه في هذا المنصب، أطلقوا الخطط الخمسية وأتحفونا بالمشاريع غير المسبوقة والطموحة ولكن مجملها كان للأسف ليس إلاّ كلاماً لا يصلح إلا للمؤتمرات الصحفية ! وبالتالي لم يلمس المواطن سوى التأخير في تنفيذ هذه المشاريع، وأصبحت أمنيته أن يصل لبيته دون أن يرى إغلاقات لشوارع منطقته لسنوات، ومعاناة مع تفريغ الصرف الصحي لبيته والطلب المتزايد على شاحنات الصرف الصحي التي تتقاطر على هذه المنازل مرتين على الأقل شهرياً، وكل ذلك بسبب تعثر مقاول مع هيئة أشغال أدى إلى تأخر تنفيذ هذه المشاريع لسنوات ! فلتعذرنا يا سعادة رئيس هيئة أشغال ولكن هذا ليس إلا غيض من فيض معاناة سنوات طويلة لم نذق فيها طعم الراحة بسبب اختناقات مرورية لعدم تنفيذ شارع حيوي كان بالإمكان أن يفك أزمة ويختصر علينا الوقت للوصول لأعمالنا أو مدارس أبنائنا أو قضاء حاجياتنا ! نتمنى من سعادتك أن توجّه مسؤولي الهيئة بالتوجه إلى عدد من المناطق الخارجية في الدولة، على سبيل المثال مناطق ( مبيريك أبونخلة والمعراض وأبا الحيران) لترى مدى المعاناة التي يعانيها ساكنو هذه المناطق، ولترى مستوى تنفيذ بعض الشوارع التي لم يمر عليها عامان من شقها كيف أنها أشبه بشوارع ( تور بورا ) أو أي منطقة تفتقر لأدنى مقومات الجودة ! نحن نقدر كثيراً ما صرح به سعادة رئيس الهيئة في المؤتمر الصحفي بتقدير وشكره للمواطنين والمقيمين لما تحملوه من ازعاج وإرباك نتيجة تأخر تنفيذ بعض المشاريع في السابق، ونُقدّر كذلك بأن هذه التأخيرات تعود لعوامل خارجة عن إرادة الهيئة، وفي المقابل نتمنى من الهيئة أن تترجم هذا التقدير بأن تستعجل في تنفيذ هذه المشاريع، فكل يوم تأخير يزيد من معاناة المواطنين والمقيمين ! فاصلة أخيرة يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه «، فإتقان العمل في المشاريع الملامسة للمواطن والمقيم هو جل ما نبتغيه منكم يا أشغال حتى تحظوا برضا الله ثم رضا المستفيدين الذين هم بلا شك من رضا الدولة وأعز ما تملك.

1263

| 20 مايو 2025

«نُصرت بالرعب مسيرة شهر»

حالة اليأس والعجز التي أصابت الكيان الصهيوني المحتل من استمرار حربه الظالمة ضد غزة وصلت به إلى تهاوي معنويات أفراد جيشه، فقد أوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية الأسبوع الماضي معلومات عن نوعية وحجم المشكلات العقلية التي أصابت الجنود الإسرائيليين جراء القتال في قطاع غزة. وتستند هذه المعلومات إلى دراسة حديثة أجرتها جامعة تل أبيب، وسط شكاوى في الأوساط الرسمية الإسرائيلية من هروب الجنود من ميدان المعارك. ووفق الدراسة، فإن كل 1 من 8 جنود إسرائيليين قاتلوا في غزة، غير مؤهل عقلياً للعودة إلى الخدمة في الجيش. وكشفت الدراسة أن 12 % من الاحتياط ممن قاتلوا بغزة أفادوا بوجود أعراض حادة لاضطراب ما بعد الصدمة، وخلصت إلى أن معاناة جنود الاحتياط من اضطراب ما بعد الصدمة تجعلهم فعلياً غير مؤهلين للخدمة. وكانت تقارير إسرائيلية كشفت أن جنود احتياط الجيش الإسرائيلي، الذين أنهوا أشهراً من الخدمة العسكرية، يطلبون بشكل متزايد الحصول على علاج للصحة النفسية. وفي وقت سابق، نقلت صحيفة يديعوت أحرنوت أن 170 ألف جندي قد سجّلوا في برامج للاستفادة من خدمات العلاج النفسي، وقالت الصحيفة: إن آلاف الجنود لجأوا فعلاً إلى العيادات الخاصة التي أنشأها الجيش الإسرائيلي، مضيفة أن ثلث المعاقين المعترف بهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، قبل أن تعلق إن «هذا ليس سوى البداية، حيث سيتضح مدى الانهيار العقلي للجنود إذا توقفت المدافع». وأنا أقرأ هذه التقارير الصادرة من جامعات وصحف الكيان المحتل، التي تقف عاجزة ومنهارة أمام الحالة التي وصل إليها جيشها في حربه في قطاع غزة في مقابل استبسال المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن أرضهم وإثخان العدو وتكبيده الخسائر في الأرواح والعتاد، تذكرت قول نبينا عليه أفضل الصلوات والتسليم: «نُصرت بالرعب مسيرة شهر» وأن الله - جل وعلا - يُلقي في قلوب أعدائه الرعب، وهم عنه بعيدون مسافة شهر كالشام عن المدينة، والعراق، ونحو ذلك، ينصُره الله عليهم بالرعب. يقول الشيخ الإمام عبدالعزيز ابن باز، رحمه الله: فإذا وصل إليهم الرعب قد تمكن منهم، وكان ذلك من أسباب نصره عليهم، ومن أسباب خذلانهم، وانخلاع قلوبهم عن المقاومة، وهكذا في أمته، هذا ليس خاصاً به صلى الله عليه وسلم بل أعطاه الله وأمّته ذلك. فأمته المستقيمة على دينه، والصابرون على دينه، والمقيمون لشريعته ينصرها الله كما نصره، ويلقي في قلوب عدوها الرعب مسافة شهر، كما نصر نبيه بذلك - عليه الصلاة والسلام - لأن هذا من جملة خصائصه التي له، ولأمته، فمن استقام على دينه، وجاهد في سبيله ابتغاء مرضاته، وإعلاء لكلمته، فالله ينصره، ويؤيده، ويُلقي الرعب في قلوب عدوه مسافة شهر. انتهى كلام الشيخ ولعلنا نحسب المقاومة الفلسطينية وما تقوم به من بطولات وتضحيات للدفاع عن أرضها وشعبها تسير على هذا النهج الذي بشّرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام، وإن اختلفت الأزمان والعهود فإن مسيرة هذا الرعب الذي زرعته هذه المقاومة بضع دقائق وثوانٍ جعلت العدو الصهيوني يتزلزل كيانه بمجرد أن يرى المجاهد الفلسطيني الغزاوي وليس معه إلا سلاحاً صُنع بموارده المحدودة مقابل أسلحة عدوه الحديثة الفتاكة، وأثبت أن النصر معززاً بشجاعة صاحبه ويقين إيمانه بأنه صاحب قضية صادقة وعادلة لا تحتمل أن يتسرب إليها مقدار ذرة من خوف. فاللهم انصر عبادك المجاهدين في غزة، واربط على قلوبهم، وامددهم بمدد من عندك، وزلزل الأرض من تحت أقدام عدوهم وعدوك. فاصلة أخيرة ليت للأمة قلباً وهمةً وعزماً تُرعب به الأعداء كما هو حال أبطال غزة الذين لم يهنوا ولم يستكينوا لهذا العدو وداعميه!

621

| 14 مايو 2025

حضارة المجرم وتوحش الضحية!

كعادته عندما يحاول أن يجد وسيلة ومبرراً للهروب من مستنقع الفساد والجرائم التي تورط فيها منذ سنوات طويلة ويطارده العديد من القضايا في دولته المصطنعة، هاجم بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل دولة قطر متهماً إياها باللعب على الجانبين في المفاوضات للتوصل إلى هدنة في غزة، وبأنه حان الوقت لتقرر قطر ما إذا كانت تقف إلى جانب الحضارة أم إلى جانب وحشية حماس. وقد جاء الرد فورياً وسريعاً من دولة قطر على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الدكتور ماجد الأنصاري برفض دولة قطر القاطع لهذه التصريحات التحريضية الصادرة من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي تفتقر إلى أدنى مستويات المسؤولية السياسية والأخلاقية، وبأن تصوير استمرار العدوان على قطاع غزة كدفاع عن «التحضّر» يُعيد إلى الأذهان خطابات أنظمة عبر التاريخ استخدمت شعارات زائفة لتبرير جرائمها بحق المدنيين الأبرياء. وأضاف المتحدث أنه «منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، عملت دولة قطر بالتنسيق مع شركائها على دعم جهود الوساطة الهادفة إلى وقف الحرب وحماية المدنيين، وضمان الإفراج عن الرهائن، وهنا نطرح سؤالاً مشروعاً: هل تم الإفراج عما يقل عن 138 رهينة عبر العمليات العسكرية التي توصف بـ «العدالة» أم عبر الوساطة التي تُنتقد اليوم وتُستهدف ظُلماً؟». وأشار الأنصاري إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، من حصار خانق وتجويع ممنهج، وحرمان من الدواء والمأوى، إلى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح للضغط والابتزاز السياسي، فهل هذا هو «التحضر» الذي يُراد تسويقه؟» انتهى كلامه. ولا شك بأن الكيان المحتل لطالما حاول تشويش العالم ونفث سمومه وأكاذيبه وادعاءاته بأن ما يقوم به من حرب ظالمة وفتّاكة في حق المدنيين من أهل غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 هي حرب للدفاع عن النفس، ولكن سرعان ما انفضحت هذه الادعاءات وكشف العالم أجمع أكاذيب هذا الكيان المحتل وإجرامه الذي فاق الوصف من هول مستوى الدمار وعدد القتلى المدنيين وما صاحبه طيلة ما يقارب 18 شهراً من الحصار والتجويع وكل ما تعنيه من صور الإجرام الممنهج! فأي «حضارة» وأي «أخلاقيات» يتحدث عنها مجرم الحرب نتنياهو ويداه ملطختان بدماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الذي كانوا أهدافاً مشروعة لجيشه المجرم؟ وأي «أخلاقيات» تلك التي يتشدق بها وهو يتفنن في التهرب من المساءلات والقضايا التي تلاحقه في أروقة محاكم كيانه المحتل ولا سبيل له في التهرب منها إلا من خلال إشعال الحروب وإشغال شعبه ودولته المصطنعة بهذه الحروب. نتنياهو الذي يواجه أعنف معارضة لحكومته سواء من داخل الكنيست أو على المستوى الشعبي بعد تعمده عرقلة الوساطة التي يقوم بها الوسطاء «قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية» لإخلاء سبيل الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، لم يعد يملك في جعبته إلا إطلاق التصريحات الفارغة والأكاذيب والادعاءات الواهية من أجل إطالة أمد حكومته واستمراره في رئاستها، وهو الأمر الذي لا يخفى على الإسرائيليين أنفسهم وقناعتهم بأن استمرار نتنياهو في قيادة هذه الحكومة هو بمثابة «انتحار» و»سقوط» في الهاوية! فحقاً إننا نعيش في عالم غريب انقلبت فيه الموازين وصار الخير فيه أمراً غير مقبول والشر أمرا معتادا ووسيلة من يريد البقاء والاستمرار، فصارت لدى طغاتهم منهجية «حضارة المجرم وتوحش» الضحية، كما هو حال المجرم نتنياهو ومن هم على شاكلته من طغاة العصر ممن رحلوا لمزبلة التاريخ من العرب والعجم وممن لا زالوا باقين يسيرون على نهج من سبقوهم من طغاة الأزمان!. فاصلة أخيرة لا ريب بأن دولة قطر أضحت مُحصّنة من أي مكروب وعارض يعترضها لتثبيطها عن أي مبادرة أو وساطة أو دعم لإيقاف حرب أو مناصرة مظلوم، وهو نهجها منذ قيامها كدولة، فلا تصريحات نتنياهو ولا غيرها تقف عائقاً أمام مساعيها الخيّرة لدعم السلام والأمن في العالم.

498

| 06 مايو 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6996

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2853

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

2427

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2043

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1605

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1395

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1251

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1122

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

918

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

786

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

780

| 17 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

774

| 20 أكتوبر 2025

أخبار محلية