رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات الإنسانية في زمننا الراهن، فمع الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، تغيّرت أولويات الناس، وتبدلت مفاهيم القيم والمكانة والنجاح، أصبحت حياة كثيرين تدور حول “الترند” وعدد المتابعين، بعد أن كانت تُقاس بمدى الصدق والعطاء والمبادئ.في السابق، كانت العلاقات الإنسانية تقوم على الودّ والتقدير المتبادل، أما اليوم، فقد تحوّل بعض الأفراد إلى أسرى للشهرة الوهمية، يسعون خلف الأضواء دون النظر إلى الوسائل التي توصلهم إليها، فبات البعض لا يتورع عن تشويه سمعة الآخرين أو التقليل من إنجازاتهم، فقط ليحظى بلحظة من الاهتمام أو انتشار عابر، ازداد الحسد، وتفشى التنافس غير الشريف، حتى أصبح نجاح الآخر يُنظر إليه كتهديد بدلاً من أن يكون مصدر إلهام. ومن الملاحظ كذلك أن روح المساعدة والتعاون أخذت تتلاشى شيئًا فشيئًا، كثيرون باتوا يمتنعون عن دعم غيرهم أو ترشيحهم لأي فرصة أو فعالية، فقط لأنهم لا يحتملون رؤية نجاح أحد سواهم، هذا الانغلاق النفسي سببه فقدان الثقة بالنفس، ونسيان أن الأرزاق بيد الله وحده، لا تُنتزع بالحسد ولا تُضاعف بالكراهية. لقد أصبحت العلاقات في بعض الأوساط قائمة على المصلحة البحتة، فالبعض لا يتقرب إلا لمن يمكن أن يخدمه أو يمنحه منفعة مؤقتة، فإذا انقضت المصلحة انقطع الوصل وتبدلت الوجوه، حتى الاحترام بات يُقاس بعدد المتابعين، والتقدير يُمنح بحسب عدد المشاهدات، دون النظر إلى قيمة المحتوى أو عمق الإخلاص، وللأسف، صارت التفاهة تُلمّع، والسطحية تُكافأ، بينما يغيّب أصحاب الفكر والضمير في زحمة الضجيج الرقمي. إننا نعيش مرحلة دقيقة من الانفصال الإنساني رغم اتصالنا الدائم بالشاشات، فالمشاعر أصبحت رقمية، والمجاملات افتراضية، والعلاقات مهددة بالزوال مع أول اختلاف أو “إلغاء متابعة”، ومع هذا كله، لا يزال في داخل كل إنسان ومضة خير تنتظر أن تُوقظها لحظة وعي أو تجربة صادقة تعيد الأمور إلى نصابها. نستطيع أن نسترجع إنسانيتنا حين نعود إلى جوهر القيم التي فُطرنا عليها: المحبة، الإخلاص، والنية الصافية،يجب أن نؤمن بأن الأرزاق مقسّمة من الله، وأن نجاح غيرنا لا ينتقص من نجاحنا ولنعد إحياء ثقافة الدعم والمساندة الصادقة، ونكفّ عن تشويه سمعة الآخرين، لأن الكلمة قد تهدم ما لا تبنيه السنوات. * حين نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا، نكون قد بدأنا أول طريق العودة إلى إنسانيتنا الحقيقية.
294
| 02 نوفمبر 2025
ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خطابًا شاملاً بمناسبة انعقاد دور الانعقاد العادي الجديد لمجلس الشورى الاسبوع الماضي، حيث حمل الخطاب مضامين وطنية عميقة، أكدت استمرار النهج الراسخ في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة، وترسيخ قيم المشاركة المجتمعية، والمحافظة على الهوية القطرية الأصيلة. وأكد سمو الأمير في خطابه على أهمية الدور الذي يضطلع به مجلس الشورى في دعم مسيرة الإصلاح والتطوير، ومواكبة تطلعات المجتمع القطري في ظل النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في مختلف المجالات، سواء في الاقتصاد أو التعليم أو الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية. ومن بين المحاور البارزة التي تناولها الخطاب، جاءت إشارة سموه إلى دور الأسرة في بناء المجتمع كركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية، فقد شدد سمو الأمير على أن الأسرة القطرية تمثل النواة الأولى في تكوين الشخصية الوطنية، والحاضنة التي تغرس القيم الأخلاقية والهوية الثقافية والدينية، وذكرَ سمّوه في خطابه (وسبق أن دار حديث بيني وبين أعضاء مجلس الشورى حول أهمية دور الأسرة في عملية التربية وضرورة اضطلاع الوالدين مباشرةً بعملية تربية الأطفال) ، مؤكدًا أن الحفاظ على تماسك الأسرة واستقرارها هو الضمان الحقيقي لبقاء المجتمع متماسكًا وقويًّا أمام التحديات المتغيرة، وهذا الخطاب دعوة صريحة للأهل بضرورة الاهتمام بتربية أبنائهم وقضاء وقت اطول مع بعض، خاصة وأن هناك بعض النماذج التي أصبحت تعتمد على العمالة الوافدة في التربية في الوقت الذي ينشغل فيه الآباء بأمورهم الخاصة، فينشأ الأطفال متعززين الهوية، ولذلك سنت الدولة مجموعة من القوانين مؤخراً في قانون الموارد البشرية تخدم الأسرة وبالذات الأم العاملة لما يعود بالنفع على الأبناء والأسرة بشكل عام. وتولي الدولة اهتمامًا متزايدًا بالسياسات والبرامج التي تدعم الأسرة وتساعدها على أداء دورها التربوي والاجتماعي، بما في ذلك تطوير التشريعات الخاصة بالطفولة والمرأة، وتعزيز قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي، إضافة إلى مواجهة التحديات التي قد تفرضها التحولات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة. وتحمل رؤية سمو الأمير المستقبلية للأسرة القطرية بعدًا استراتيجيًا، فهي لا تقتصر على الجوانب الاجتماعية فحسب، بل تمتد إلى بناء أجيال قادرة على الإسهام في التنمية المستدامة، من خلال تنشئة واعية، وتعليم متطور، وتربية قائمة على القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، إن استقرار الأسرة هو حجر الزاوية في استقرار المجتمع، وهو ما يشكّل أساسًا متينًا لدولة قوية ومتماسكة. نتوجه بخالص التهاني إلى الأعضاء الجدد في مجلس الشورى، وبتجديد الثقة لصاحب السعادة حسن بن عبدالله الغانم رئيسًا للمجلس، ونائبته سعادة الدكتورة حمدة بنت حسن السليطي، سائلين المولى عز وجل أن يوفقهم جميعًا في أداء مهامهم الوطنية، وأن يكلل جهودهم بالنجاح لما فيه خير قطر وشعبها.
153
| 26 أكتوبر 2025
يطلّ علينا شهر أكتوبر كل عام بلونه الوردي المميز، ليحمل معه رسالة إنسانية وصحية عميقة تهدف إلى رفع الوعي بمرض سرطان الثدي، وتشجيع النساء في جميع أنحاء العالم على الفحص المبكر والاهتمام بصحتهنّ، يُعرف هذا الشهر بـ»الشهر الوردي”، وهو مناسبة عالمية تُكرّس جهودها للتذكير بأنّ الكشف المبكر قادر على إنقاذ الأرواح وتحويل الخوف إلى أمل. يُعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء حول العالم، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، إذ تُصاب به امرأة واحدة من بين كل ثماني نساء تقريبًا خلال حياتها، وتشير الإحصاءات الحديثة إلى أنّ ما يقارب 2.3 مليون امرأة تُشخّص سنويًا بسرطان الثدي، وهو ما يمثل نحو 12% من إجمالي حالات السرطان عالميًا. ورغم خطورته، فإنّ نسبة النجاة من المرض شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت 90% في حال اكتشافه مبكرًا، وهذا يثبت أنّ الفحص الذاتي والدوري هو المفتاح الحقيقي للنجاة. الفحص المبكر لا يعني فقط زيارة الطبيب عند ظهور الأعراض، بل يشمل أيضًا الفحص الذاتي الشهري للثدي، الذي يمكن لكل امرأة القيام به في المنزل، إضافة إلى الفحص الإشعاعي (الماموغرام) الذي يُنصح بإجرائه ابتداءً من سن الأربعين، أو قبل ذلك في حال وجود تاريخ عائلي للمرض. فالكشف المبكر يتيح للطبيب التدخل في مرحلة مبكرة جدًا، حين تكون نسبة الشفاء شبه كاملة، والعلاج أقل تعقيدًا، مما يقلل من المعاناة الجسدية والنفسية للمريضة. قصص الناجيات من سرطان الثدي تشكّل مصدر إلهام للنساء جميعًا، فالكثير منهن تجاوزن المرض بقوة إرادتهنّ، وبدعم عائلاتهنّ والمجتمع، وتحرص الجمعيات الطبية والتطوعية خلال الشهر الوردي على استضافة هؤلاء الناجيات ليروِينَ تجاربهنّ، ويؤكدن أن السرطان ليس نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة جديدة من القوة والوعي بالحياة. وتشير الإحصاءات إلى أنّ عدد الناجيات حول العالم يتجاوز سبعة ملايين امرأة، وهو رقم يعكس التقدّم في طرق العلاج، ونجاح برامج التوعية المبكرة. التعامل مع سرطان الثدي لا يقتصر على العلاج الدوائي أو الجراحي، بل يشمل أيضًا الجانب النفسي والاجتماعي، فالمريضة تحتاج إلى دعم أسرتها وأصدقائها، إضافة إلى الدعم المهني من الأطباء والمعالجين النفسيين، وتلعب الجمعيات النسائية والمؤسسات الصحية دورًا بارزًا في تقديم جلسات التوعية، والدعم النفسي، والمساعدة في إعادة دمج المريضة في حياتها الطبيعية بعد الشفاء. يبقى «الشهر الوردي» أكثر من مجرد حملة توعوية؛ إنه نداء عالمي للحب والحياة والوقاية، فكل شريط وردي يُرفع، وكل فحص مبكر يُجرى، هو خطوة نحو تقليل المعاناة وإنقاذ الأرواح. إنّ التوعية لا تقتصر على أكتوبر فقط، بل يجب أن تكون أسلوب حياة دائم. فالصحة تبدأ بالوعي، والوعي يبدأ بخطوة صغيرة… هي الفحص المبكر.
579
| 19 أكتوبر 2025
في خطوة نوعية تعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى – حفظه الله – على قانون الموارد البشرية الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية في منظومة العمل الحكومي في دولة قطر، ويأتي هذا القانون تأكيداً لنهج الدولة في تحقيق التوازن بين الحياة الوظيفية والاستقرار الأسري، وتعزيز دور المرأة القطرية في مختلف ميادين العمل. يهدف القانون الجديد إلى تحسين بيئة العمل ودعم الأسرة القطرية عبر حزمة من الإجراءات والحوافز التي تسهم في ترسيخ الاستقرار الاجتماعي وتخفيف الأعباء المادية عن المواطنين، ومن أبرز ما تضمنه القانون، منح حافز زواج سنوي قدره 12 ألف ريال لكل من الزوجين العاملين في القطاع الحكومي، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها في المنطقة، وتهدف إلى تشجيع الشباب على الزواج واستمراريته، هذا الحافز يعكس اهتمام القيادة بالأسرة باعتبارها نواة المجتمع ومصدر استقراره. كما منح القانون البدل الاجتماعي لفئة المتزوجين لكلا الزوجين، بعدما كان في السابق يُمنح لأحدهما فقط، مما يعزز العدالة ويضمن المساواة في الحقوق الوظيفية بين الرجل والمرأة، وفي إطار دعم المرأة العاملة وتمكينها من أداء دورها الأسري والمهني على حد سواء، تم تمديد إجازة الوضع إلى ثلاثة أشهر براتب كامل، وإلى ستة أشهر في حالة إنجاب التوائم أو الأطفال من ذوي الإعاقة، كما أتاح القانون إمكانية العمل عن بُعد للمرأة الحامل في الأشهر الأخيرة من الحمل، في بادرة تعكس عمق التقدير لدور الأم العاملة وتوازن احتياجاتها الأسرية والمهنية. وتضمنت التعديلات كذلك تسهيلات جديدة للموظفين لمراعاة الظروف العائلية، منها زيادة الإجازة العارضة إلى عشرة أيام سنوياً، ومنح الموظف حق الاستئذان لمدة تصل إلى عشر ساعات في الشهر، إضافة إلى السماح لأحد الأبوين بمرافقة الطفل أثناء العلاج داخل الدولة، وتأتي هذه الخطوات لتؤكد التوجه الإنساني والعملي للدولة في جعل بيئة العمل أكثر مرونة وتفهماً لاحتياجات الأسرة. وفي جانب تطوير الأداء، ربط القانون الجديد الترقيات والحوافز بتقييم الأداء المهني، حيث تم إدخال فئات تقييم جديدة مثل “استثنائي” و“يتجاوز التوقعات”، مع إمكانية رفع العلاوة السنوية حتى 150% من قيمة الدرجة، الأمر الذي يعزز ثقافة الكفاءة والتميز في العمل الحكومي. ويؤكد مراقبون أن هذا القانون يجسّد رؤية القيادة الحكيمة في تحقيق التنمية البشرية المستدامة التي نصت عليها رؤية قطر الوطنية 2030، من خلال تمكين الكوادر الوطنية وتحفيزها على العطاء، مع الحفاظ على النسيج الأسري المتماسك الذي يشكل أساس المجتمع القطري. القانون الجديد لا يقتصر على كونه تشريعاً إدارياً، بل هو مشروع اجتماعي واقتصادي متكامل، يعكس إدراك الدولة لأهمية التكامل بين العمل والحياة، وبين الطموح المهني والاستقرار الأسري، ومن المتوقع أن يسهم هذا التشريع في تعزيز الولاء المؤسسي، وتحقيق بيئة عمل أكثر إنتاجية، وأسر أكثر استقراراً وتماسكاً. بهذا القانون، تؤكد دولة قطر بقيادة سمو الأمير المفدى، أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، وأن تمكينه في بيئة عمل عادلة ومتوازنة هو الطريق الأمثل لتحقيق رفاه المجتمع واستدامة التقدم.
501
| 12 أكتوبر 2025
في 23 سبتمبر 2025، ألقى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، كلمة قوية أمام الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تناول فيها تطورات الصراع في غزة والهجوم الإسرائيلي على قطر، والدور القطري في الوساطة، مما أثار رداً دولياً واسع النطاق وأعاد إبراز مكانة قطر على المسرح الدبلوماسي الدولي. في كلمته حفظه الله، رأى سمو الأمير أن الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية، وتحديدًا على مقر وفد حركة حماس داخل الدوحة، يُشكّل “خرقاً صارخاً لسيادة الدولة”، ووصمه بـ “العمل الإجرامي” و”الإرهاب من دولة إلى دولة”. وأشار إلى أن هذا الهجوم يهدف إلى الإخلال بمسارات المفاوضات والتهدئة، وأن إسرائيل تتعامل مع الحوار كسلاح يُستخدم لتحقيق مآرب سياسية، وليس كأداة للتسوية. وشدّد سموّه على أن التجاهل الدولي لهذه الانتهاكات يعني السماح بـ “قانون الغاب”، داعيًا إلى تحرك دولي فوري لحماية المدنيين وضمان قنوات إنسانية فعالة. في ختام كلمته، أعلن سموه أن دولة قطر على استعداد أن تواصل دورها الوسيط بين الأطراف رغم التحديات، وأنها ستظل تدعم حقوق الفلسطينيين وتدعو إلى حل سياسي عادل يستند إلى القانون الدولي والشرعية الدولية. وقد لاقت كلمة سمو الأمير رواجًا إعلاميًا ودبلوماسيًا، وحرّكت تفاعلًا على المستويين الإقليمي والعالمي منها: 1. إدانات للهجوم على قطر ودعم لقطر العديد من الدول وحكومات وبرلمانات أدانت الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية، معتبرة أنه انتهاك لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة. كما أكّد الأمين العام للأمم المتحدة في بيانه بعد لقائه سمو الأمير أن الهجوم يُعد خرقًا للقوانين الدولية، وأشاد بتعاون قطر مع الأمم المتحدة. 2. تصدُّر الخطاب في الصحافة والمجتمع الدولي وسائل إعلام عربية ودولية سلطت الضوء على استخدام سمو الأمير لمفردات قوية مثل “إبادة جماعية” و“إرهاب دولة”، وقد عدّ البعض حديثه ضمن أبرز خطب الجمعية العامة لهذا العام، باعتباره من الخطابات التي لا تُخشى فيها المواجهة الصريحة. كما انتشرت ردود فعل في وسائل التواصل الاجتماعي من نشطاء مؤيدين للحقوق الفلسطينية، معتبرين أن الكلمة أعادت شحن الخطاب الدبلوماسي العربي المناهض للاحتلال. 3. تباين المواقف بين الدول العربية والإقليمية في قمة عربية - إسلامية طارئة في الدوحة عقب الهجوم، دعا سمو الأمير إلى موقف موحد ضد “العدوان الإسرائيلي” واتُخذت قرارات رمزية داعمة لقطر وفلسطين، رغم وجود تباينات في التصعيد العملي بين الدول. بعض الدول التي لها علاقات تطبيع مع إسرائيل تأخّرت في المواقف أو اختارت التعبير عن القلق فقط، لكن غضب الشارع العربي والإسلامي دفَع بعضها إلى إظهار تأييد لفظي لخطاب قطر ودعم القضية الفلسطينية. 4. تضمين الخطاب في النقاشات الدولية كلمة سمو الأمير شكلت مادة يتم الرجوع إليها في المفاوضات الدولية حول غزة، وذكرت في بيانات ومداخلات من قِبل ممثلي دول في الأمم المتحدة، سواء في جلسات حقوق الإنسان أو في النقاشات حول وقف إطلاق النار. علاوة على ذلك، أعادت قطر إلى مركز الفاعل الدبلوماسي الذي يُدعى إليه في ملفات الشرق الأوسط، لا سيما في وساطتها بين إسرائيل وحماس. *كلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمام الأمم المتحدة عام 2025 جاءت في لحظة مفصلية، إذ مزجت بين التنديد القوي بالعدوان الإسرائيلي، والدعوة إلى تحرك دولي فاعل للحماية والمساءلة، وبين التأكيد على دور قطر الوسيط. وقد أحدثت هذه الكلمة صدى دبلوماسياً واسعًا، إذ حفّزت إدانات دولية للهجوم على سيادة دولة عضو، وأعادت التأكيد على أن الخطاب العربي الداعم للقضية الفلسطينية لا يزال حاضرًا في المحافل الدولية، كما وسّعت من نفوذ قطر في ميدان الوساطة، وجعلت من نبرتها جزءًا من النقاش السياسي الدولي حول العدالة والحقوق في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
258
| 28 سبتمبر 2025
منذ تجدد التصعيد في غزة، تصدرت قرارات مجلس الأمن صفحات الأخبار عندما استخدمت الولايات المتحدة حقّ النقض (الفيتو) لعرقلة مشروع قرارات دوليّة يدعو إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية فورًا، هذا الفيتو الأمريكي أوقف مسار قرار كان يطالب بوقف فوري وشامل للعمليات العسكرية وإطلاق سراح الرهائن، ما أدّى إلى إحباط آمال دول وعدّة منظمات إنسانية في تحقيق تهدئة سريعة لحماية المدنيين. النتيجة على الأرض مأساوية: تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة تشير إلى أرقام وفاة وجروح هائلة ونزوح واسع داخلياً في قطاع غزة، مع انهيار شبه كامل للبنى الصحية وتفاقم نقص الغذاء والماء والرعاية الطبية، وكالة الإغاثة والتنسيق التابعة للأمم المتحدة تذكر ملايين النازحين وضرر مخيمات اللجوء والمرافق الإنسانية، بينما أظهرت تحليلات أن نسبة كبيرة من الضحايا هم من المدنيين. كما قامت هيئات حقوقية ولجان تحقيق دولية بانتقادات حادة، وذكر بعضها أن ممارسات معينة على الأرض قد تندرج ضمن انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي. في مواجهة هذه التطورات اتخذت بعض الدول الأوروبية خطوات دبلوماسية لفرض تغيير في المعادلة السياسية مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج اعترفت بفلسطين في 2024، وتبعتها دول أخرى هذا العام، بريطانيا، فرنسا والبرتغال أعلنت خطوات مماثلة مؤخراً مع تباين في التوقيت والصياغات السياسية، الهدف المعلن لدى حكومات تلك الدول هو تحريك المسار السياسي نحو حلّ الدولتين وحماية المدنيين عبر إطار قانوني دولي، هذه الاعترافات لها تأثير سياسي ورمزي، لكنها ليست بديلاً عن إجراءات إنسانية فورية لوقف نزيف المدنيين. وما علينا فعله في هذه الظروف: التضامن المدني والضغط السياسي: مخاطبة ممثلين حكوميين وبرلمانيين للمطالبة بوقف النار ودعم الأمم المتحدة ومبادرات الإغاثة؛ المشاركة في حملات توقيع ومخاطبات دبلوماسية منظمة.دعم الإغاثة الإنسانية الموثوقة: التبرع لمنظمات معروفة تعمل داخل وخارج غزة (مثل الأمم المتحدة/ الأونروا، الهلال الأحمر، منظمات إغاثة دولية مرخصة) لضمان وصول الطعام، الماء، والأدوية. نشر الحقائق والمعلومات الموثوقة: مكافحة التضليل عبر مصادر موثوقة، ومشاركة تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لدعم حملات الضغط. المبادرات القانونية والسياسية: دعم جهود التحقيق الدولي والمساءلة القانونية السلمية عبر المنظمات الحقوقية والمحامين المهتمين بالقانون الدولي. التضامن المحلي والإنساني: تنظيم فعاليات تضامنية سلمية، دعم اللاجئين الفلسطينيين في بلدان المهجر، وتسهيل حملات مساعدات طبية وغذائية. الأزمة الحالية مركّبة بين قرار سياسي دولي (يشمل فيتو) وواقع إنساني كارثي على الأرض، الحل يتطلب ضغوطًا دبلوماسية وحقوقية وإنسانية متزامنة، خطوات يمكن لأي فرد أو جماعة مدنية أن تساهم بها بوسائل سلمية وشفافة لحماية الأرواح وإعادة المسار السياسي نحو حلّ يقوم على احترام القانون الدولي وكرامة البشر.
150
| 21 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام إسرائيل بقصف مقر تواجد وفد من قادة حركة حماس خلال مفاوضات جارية بوساطة قطرية، هذا الهجوم لم يقتصر أثره على إلحاق أضرار بالمباني المستهدفة، بل أسفر أيضاً عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي، وعدد من أعضاء حماس ومرافقيهم. يُعد هذا الاعتداء سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فهو يمثل انتهاكاً مباشراً لسيادة دولة قطر التي تقوم بدور الوسيط المحايد بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق الأسرى وإحلال السلام في غزة والمنطقة، إن تنفيذ غارة عسكرية داخل أراضي دولة مستقلة يضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تضمن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. كما أن استهداف مقر مفاوضات، وليس ساحة قتال، يُعد خرقاً لأبسط القواعد الإنسانية التي توجب حماية الوسطاء والمشاركين في المفاوضات، وتعكس استخفافاً بدور قطر الذي حظي باعتراف إقليمي ودولي واسع. استشهاد بدر الدوسري، يرمز إلى أن قطر دفعت ثمناً رغم دورها كوسيط، كما أن مقتل أعضاء من حماس في هذه الضربة يشير إلى نية إسرائيل تقويض جهود التهدئة وعرقلة أي مسار تفاوضي يمكن أن يُفضي إلى تسوية سياسية. الهجوم لم يترك أثراً إنسانياً فحسب، بل ألقى بظلال من الشك على إمكانية استمرار الوساطات في مناخ آمن ومحايد، فالوسطاء يحتاجون إلى ضمانات دولية بعدم استهدافهم، وإلا فإن الثقة في العملية السياسية برمتها ستنهار. أمام هذا التطور، تبرز مسؤولية مجلس الأمن الدولي في تحمل واجباته، فقد عبّر المجلس عن قلقه إزاء الحادثة وأكد ضرورة احترام سيادة قطر، لكن الاكتفاء بالبيانات لا يكفي، المطلوب هو إجراءات واضحة لردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الاعتداءات، بما في ذلك: • فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على إسرائيل لتورطها في خرق القوانين الدولية. • إصدار قرار ملزم يضمن حماية الوسطاء والأطراف المشاركة في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء. المسؤولية لا تقتصر على مجلس الأمن وحده، بل تقع أيضاً على عاتق الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل. المطلوب هو: 1. توحيد الموقف العربي والإسلامي لإدانة الاعتداء واتخاذ خطوات عملية لحماية السيادة القطرية. 2. دعم قطر في مسعاها القانوني أمام المحافل الدولية لضمان محاسبة المعتدين. 3. تعزيز الحماية الدبلوماسية للوسطاء، سواء من خلال اتفاقيات إقليمية أو عبر الأمم المتحدة. 4. استخدام الضغط الإعلامي والسياسي لتسليط الضوء على الانتهاك ومنع محاولات التغطية عليه. إن قصف إسرائيل لمقر في الدوحة يمثل ليس فقط اعتداءً على قطر، بل رسالة سلبية لكل الدول الساعية إلى الوساطة وإيجاد حلول سلمية للصراعات، لذلك، فإن الرد الدولي يجب أن يكون على مستوى خطورة الحدث، عبر مساءلة واضحة لإسرائيل وتفعيل أدوات الردع، ضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات وحماية لمساعي السلام في المنطقة.
798
| 14 سبتمبر 2025
يُشكّل استهداف الصحفيين في قطاع غزة أحد أكثر جوانب الحرب إثارة للقلق، حيث تتعرض وسائل الإعلام المحلية لضربات ممنهجة تهدف إلى إسكات الصوت الموثّق، وفقًا لـ”لجنة حماية الصحفيين” (CPJ)، فقد قُتل 189 صحفيًا فلسطينيًا منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، مما يجعل هذه المواجهة الأكثر دموية بحق الإعلاميين في العصر الحديث. لكن إحصاءات أخرى تسجّل أعدادًا أعلى بكثير، إذ تشير نقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى أن عدد الصحفيين الذين استُشهدوا بلغ 246، فضلًا عن إصابة أكثر من 500 وتدمير نحو 650 منزلًا لعائلاتهم، ووفقًا لمصادر متعددة، فقد تجاوز عدد الشهداء 240 صحفيًا، كما نقلت “رويترز”، لا سيما بعد القصف المزدوج لمستشفى ناصر في خان يونس الذي أسفر عن مقتل 4 صحفيين مع استهدافهم أثناء تغطيتهم الحدث. أرقام إضافية وردت في ويكيبيديا، موضحةً أن الأمم المتحدة سجلت 242 صحفيًا حتى 11 أغسطس 2025، بينما بلغ العدد الكلي – بحسب جمع البيانات المتعددة – إلى 274 صحفيًا قُتلوا على يد القوات الإسرائيلية، منهم 269 فلسطينيًا. جميع هذه المعطيات تشير بوضوح إلى أن غزة تحولت إلى “أكثر المناطق فتكًا للصحفيين في التاريخ الحديث”، بهدف واضح، عزل القطاع إعلاميًا ومنع نقل ما يجري فيه من أزمة إنسانية طاحنة، بما في ذلك المجازر، التجويع، والحصار اللاحق منذ بدء العدوان. في مواجهة هذا القمع الإعلامي، يقف العالم في كثير من الأحيان بصمت مريب، رغم الإدانات المتكررة من منظمات حقوقية، فقد أُطلقت حملات منظمات مثل “مراسلون بلا حدود” و”Avaaz” تطالب بحماية الصحفيين وملاحقة المسؤولين دوليًا، كما وثّقت الأمم المتحدة ومنظمات دولية رفض إسرائيل منح تصريح للصحفيين الدوليين لدخول غزة، مما زاد من عزلة القطاع إعلاميًا، هذا الصمت ساهم في تراجع فرص التغطية العالمية، فأُغلقت طريق الحقيقة على العالم الخارجي، في وقت كان فيه أكثر من 65,000 شهيد فلسطيني، وآلاف الجرحى والمفقودين، يعيشون أيامًا قاسية تحت القصف المستمر وانقطاع الخدمات الأساسية. حرية الصحافة ليست رفاهية، بل حق إنساني وأداة من أدوات العدالة والمساءلة، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، يُعد الصحفيون “مدنيين محميين”، ولا يجوز استهدافهم بتاتًا، لكن إسرائيل تجاهلت هذا الحق، مُتهمَة بالاستهداف المباشر للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، بالتزامن مع تضليل إعلامي داخلي، يُقدّم ضحايا الإعلاميين على أنهم “مقاتلون أو ناشطون” دون تقديم أدلة موثوقة. في هذه الظروف المظلمة، يبقى أمام العالم مسؤوليات لا تُمكن تجاهلها: 1. حماية فعّالة للصحفيين: من خلال ضمان فتح ممرات آمنة للصحفيين الدوليين والوطنيين، وتوفير شارات ضمان دولية (مثل “صحافة محمية”) تُحترم في الميدان. 2. ملاحقة الجرائم دوليًا: رفع دعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة من يستهدف الصحافة بشكل ممنهج، كجرائم حرب. 3. تعزيز التغطية العالمية: دعم المنظمات الإعلامية المستقلة، وضمان وصول المواد التحريرية والمرئية إلى العالم لإظهار الحقيقة كما هي. 4. فرض عقوبات بناءً على انتهاكات صحفية: ربط الحوار السياسي والعلاقات الدولية بمحور حماية الإعلام والحريات الأساسية. • استهداف الصحفيين في غزة ليس مجرد حادثة مؤسفة، بل عمل ممنهج هدفه طمس الحقيقة وطمس أصوات الشهود، تجاهل المجتمع الدولي لهذه الواقعة لا يُشكل صمتًا فحسب، بل تساهلًا مع الظلم ذاته، ولإنقاذ ما تبقى من العدالة يتطلب استجابة فورية: حماية الصحفيين، محاسبة من يعتدي عليهم، وضمان ألا تصمت الحقيقة مهما حاولوا كما أن العالم مطالب اليوم بأن يكون صوتًا للذين لا صوت لهم، وأن يجعل من الحق في الإعلام العالمي معيارًا يُفعل لا يُتجاهل.
330
| 07 سبتمبر 2025
يعيش أطفالنا اليوم في عالم مليء بالتحديات والمغريات، سواء في محيط المدرسة أو خارجها، ومع اتساع دائرة معارفهم واحتكاكهم المستمر بالآخرين، تزداد أهمية دور الأهل في توعيتهم بكيفية التعامل مع الغرباء أو حتى بعض الزملاء الذين قد يتصرفون بطرق غير مألوفة، إن حماية الأبناء لا تتوقف عند تزويدهم بالعلم، بل تشمل أيضًا تزويدهم بالوعي اللازم لحماية أنفسهم من أي مخاطر قد تهدد سلامتهم الجسدية أو النفسية. من المهم أن يشرح الأهل لأبنائهم بهدوء وبأسلوب يتناسب مع أعمارهم أن قبول الحلويات أو المشروبات أو الأدوية من الغرباء أو حتى من بعض الزملاء ليس أمرًا آمنًا، فقد تحتوي هذه المواد على ما يضر بصحتهم أو يستخدم كوسيلة للإيقاع بهم، كذلك ينبغي تحذيرهم من مشاركة ألعاب غريبة أو بالونات للنفخ لا يعرفون مصدرها، إذ قد تكون ضارة أو تحتوي على ما يضرهم. ومع انتشار استخدام الهواتف والأجهزة اللوحية، أصبح من الضروري تربية الأبناء على عدم مشاركة صورهم الخاصة أو بياناتهم الشخصية مع أي شخص، سواء عبر الإنترنت أو بشكل مباشر، هذه المعلومات قد تُستغل ضدهم، أو تُعرّضهم لمواقف محرجة أو حتى ابتزاز. على الأهل أن يزرعوا في نفوس أبنائهم قاعدة ذهبية: لا يذهب الطفل مع أي شخص لم يسبق أن وافق عليه الوالدان، حتى وإن بدا هذا الشخص ودودًا أو ادّعى أنه صديق للعائلة، وينبغي تدريب الطفل على قول «لا» بثقة والانسحاب فورًا في حال شعر بعدم الارتياح. من أبرز وسائل الحماية أن يشعر الطفل بالثقة الكاملة ليتحدث مع والديه أو طاقم المدرسة عن أي موقف غريب يتعرض له، على الأهل أن يؤكدوا لأبنائهم أنهم لن يوبخوهم أو يلوموهم إذا تحدثوا عن أمور أزعجتهم، بل إنهم سيكونون الملجأ الأول للحماية والدعم، هذه المصارحة المبكرة تساعد على التصدي لأي مشكلة قبل أن تتفاقم. كما أنه ينبغي للأهل أن يكونوا قدوة في التعامل الحذر مع الآخرين أمام أطفالهم، وأن يغرسوا فيهم مهارة التمييز بين المواقف الطبيعية والمريبة، كما أن تخصيص وقت يومي للحوار مع الأبناء حول تفاصيل يومهم في المدرسة أو أثناء اللعب يتيح فرصة لاكتشاف أي أمر غير مألوف بسرعة. • إن حماية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، لكن الدور الأكبر يبدأ من البيت، فمن خلال التوعية المستمرة، والحوار المفتوح، وبناء الثقة مع الأبناء، يستطيع الأهل أن يضعوا الأسس المتينة التي تحمي أطفالهم من المخاطر، وعلينا أن نتذكر أن طفلًا واعيًا ومدركًا لقيم الأمان هو طفل أكثر قدرة على مواجهة الحياة بثقة وطمأنينة.
369
| 31 أغسطس 2025
شهدت الفترة الأخيرة تزايدًا لافتًا في حملات مقاطعة المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي، وهي حملات لم تأتِ من فراغ، بل من وعي متنامٍ لدى فئات واسعة من المجتمع تجاه التأثير السلبي الذي يمارسه هؤلاء على النشء والشباب، فالكثير من المشاهير لا يقدمون محتوى هادفًا أو ملهمًا، بل يركّزون على استعراض حياتهم المترفة بما تحمله من مظاهر بذخ ورفاهية مفرطة، الأمر الذي يزرع في عقول المراهقين صورة مشوهة عن النجاح والسعادة، ويعزز لديهم نزعة الاستهلاك والمقارنات غير العادلة. إن ثقافة "الاستعراض" التي يتبناها كثير من هؤلاء المشاهير تدفع الشباب إلى الاعتقاد بأن السعادة الحقيقية تكمن في اقتناء الماركات العالمية، والسفر المستمر، والسيارات الفارهة، متناسين أن خلف هذه الصورة اللامعة قد تختبئ قضايا غير أخلاقية أو حتى شبهات قانونية، كما أن غيابهم عن القضايا القومية والإنسانية الكبرى، وعلى رأسها قضية فلسطين، يجعلهم في نظر الكثيرين مجرد شخصيات سطحية لا تحمل أي مسؤولية اجتماعية أو إنسانية، بل همهم الأول والأخير هو تضخيم ثرواتهم وزيادة شهرتهم. من أخطر الآثار المترتبة على متابعة هؤلاء المشاهير أن المراهقين، الذين يمرون بمرحلة بناء الشخصية والهوية، يجدون أنفسهم محاصرين بمقاييس غير واقعية للنجاح، وهذا قد يؤدي إلى الإحباط والشعور بالنقص، بل وحتى الانسياق وراء سلوكيات غير أخلاقية بحثًا عن طريق مختصر للشهرة والثراء، لذلك، فإن مقاطعتهم ليست مجرد ردة فعل عاطفية، بل خطوة واعية تهدف إلى حماية المجتمع من هذا التلوث الفكري والثقافي. ولكي تكون هذه الحملات أكثر تأثيرًا وفعالية، لا بد من مرافقتها بخطط توعوية تستهدف المراهقين والأهالي على حد سواء، يجب توضيح أن ما يُعرض على هذه المنصات ليس الحياة الطبيعية ولا النموذج المثالي، بل مجرد مشاهد مُنتقاة بعناية لخدمة صورة زائفة، كما ينبغي تعزيز قيم القناعة والرضا بما قسمه الله، وغرس مفهوم أن السعادة الحقيقية لا تُشترى بالمال، بل تُبنى بالرضا الداخلي والعمل الجاد والإسهام في خدمة المجتمع. إلى جانب ذلك، على المؤسسات التعليمية والإعلامية أن تقدم بدائل إيجابية، مثل قصص ملهمة لأشخاص حققوا النجاح بالعلم والاجتهاد، أو نماذج شبابية ساهمت في خدمة القضايا الإنسانية والوطنية، فالمجتمع بحاجة إلى قدوات حقيقية، لا إلى “نجوم” يبيعون الوهم. إن مقاطعة المشاهير الذين يسيئون استخدام منصات التواصل ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لإعادة تصحيح البوصلة القيمية داخل المجتمع، فكلما أدرك المراهق أن هذه الحياة المبهرة ما هي إلا قناع هش، كلما زاد اقتناعه بأن القناعة كنز لا يفنى، وأن الرضا بقضاء الله هو الطريق الأصدق للراحة النفسية والسعادة الحقيقية. وبذلك تتحول هذه الحملات من مجرد رد فعل جماعي إلى رسالة قوية بأن المجتمع لم يعد يقبل التزييف، وأنه ماضٍ نحو بناء وعي جديد يضع القيم والأخلاق فوق الاستعراض والترف الزائف.
480
| 24 أغسطس 2025
مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يتهيأ الطلاب والطالبات لمرحلة جديدة مليئة بالتحديات والطموحات. فالعودة إلى المدارس ليست مجرد عودة إلى الصفوف والكتب، بل هي عودة إلى طريق بناء المستقبل، ورسم الأحلام، وتحقيق الأهداف، إنّها فرصة ذهبية لكل طالب ليبدأ صفحة جديدة يملؤها بالجد والاجتهاد والإنجاز. إنّ الدراسة ليست مجرد واجب يومي، بل هي مفتاح يفتح أبواب العلم والمعرفة، ومن ثمّ أبواب المستقبل، وكل ساعة يقضيها الطالب في طلب العلم هي استثمار حقيقي في نفسه وفي وطنه، لذا، من المهم أن يدرك الطلاب أن الاجتهاد اليوم هو طريق التميز غدًا، وأن النجاح لا يُهدى لمن يتكاسل، بل لمن يبذل جهدًا، ويتحدى الصعوبات، ويصبر على المشقة. ولا يخفى علينا الدور الكبير للمعلمين والمعلمات، فهم حجر الأساس في بناء الأجيال، وصنّاع العقول الذين يضيئون دروب المعرفة، المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو قدوة، وملهم، وموجّه يزرع القيم قبل أن يزرع المعارف، ومن هنا، يجب أن يظل المجتمع ممتنًا لجهودهم، وأن نحرص جميعًا على دعمهم وتشجيعهم، لأنهم يقدّمون رسالة عظيمة لا تقل أهمية عن أي رسالة أخرى في الحياة. وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن نغفل دور الأهل في تهيئة البيئة المناسبة للتعلم، فالمنزل هو المدرسة الأولى التي يتعلّم منها الأبناء قيم الانضباط والمسؤولية، من المهم أن يوفّر الوالدان أجواءً تساعد أبناءهم على التركيز، بعيدًا عن الملهيات، وأن يتابعوا تقدمهم الدراسي باهتمام وحب. كما أنّ تشجيع الأبناء بكلمات إيجابية، ومكافأتهم على اجتهادهم، يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويدفعهم إلى الاستمرار في طريق النجاح. ولعلّ العودة للمدارس هي أيضًا مناسبة لغرس قيم التعاون بين الطالب وزملائه، وبين البيت والمدرسة، لأن العملية التعليمية لا تكتمل إلا بتكاتف الجميع، الطالب يحتاج إلى الدعم النفسي والتشجيع، والمعلم يحتاج إلى الاحترام والتقدير، والأهل يحتاجون إلى الصبر والحكمة في التعامل مع متطلبات العام الدراسي. إنّ بناء المستقبل يبدأ من مقاعد الدراسة، وكل جهد يبذله الطالب اليوم سيؤتي ثماره غدًا، لذلك، لنستقبل العام الدراسي بروح إيجابية، وبعزيمة لا تعرف الكلل، ولنضع نصب أعيننا أن النجاح ليس نهاية الطريق، بل بداية لرحلة أكبر من الإنجازات. • فلنجعل العودة إلى المدارس نقطة انطلاق نحو التميز، ولنُدرك جميعًا – طلابًا ومعلمين وأهلاً – أنّ العلم هو أعظم سلاح نواجه به تحديات الحياة، وأجمل هدية نقدمها لأنفسنا ولأوطاننا.
399
| 17 أغسطس 2025
في السنوات الأخيرة، أصبحت ألعاب الفيديو الحديثة جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والمراهقين، حيث يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات مندمجين في عوالم افتراضية مليئة بالإثارة، ورغم أن هذه الألعاب يمكن أن توفر الترفيه وتنمّي بعض المهارات، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا لها، خاصة تلك التي تتضمن مشاهد عنف أو محادثات غير لائقة أو رسائل خفية يمكن أن تؤثر على الصحة النفسية والسلوك. وتكرار التعرض لمشاهد العنف داخل الألعاب يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حساسية الطفل تجاه العنف في الواقع، وزيادة ميله إلى السلوك العدواني، كما أن بعض الألعاب تتيح خاصية المحادثة المباشرة (Chat) مع لاعبين مجهولين، وهو ما قد يفتح الباب أمام التنمّر الإلكتروني أو استدراج القُصّر من قبل أشخاص ذوي نوايا سيئة، هذا النوع من التجارب قد يولّد لدى الطفل مشاعر القلق، العزلة، والاكتئاب. في بعض الحالات، يصبح الطفل أو المراهق أكثر تأثرًا بالرسائل السلبية أو الإيحاءات الخطيرة التي قد يتلقاها أثناء اللعب، بعض الألعاب أو المجموعات السرية المرتبطة بها قد تحث اللاعبين على القيام بتحديات خطيرة، مثل إيذاء النفس أو الانتحار، على غرار «تحدي الحوت الأزرق” الذي أودى بحياة عدد من المراهقين حول العالم، كذلك، يمكن أن تتسلل أفكار سلبية إلى عقل المراهق إذا كان يعيش ظروفًا أسرية أو اجتماعية صعبة، فتكون اللعبة بيئة محفّزة لزيادة تلك الأفكار. وطالعتنا الأخبار بعدة قصص لحوادث مرتبطة بالألعاب فمثلاً: في عدة دول سُجلت حالات انتحار بين المراهقين بعد مشاركتهم في تحديات إلكترونية خطيرة عبر ألعاب أو منصات دردشة داخل الألعاب، كما عُرضت تقارير إعلامية وثّقت أطفالاً أصيبوا بجروح بسبب تنفيذ أوامر أو تحديات تلقوها من لاعبين آخرين مجهولين، بالإضافة إلى زيادة حالات التنمّر الإلكتروني أثناء اللعب والتب دفعّت بعض المراهقين للدخول في نوبات إكتئاب حادة. ولهذا على الأهل أن يكونوا أكثر وعياً للتعامل مع أطفالهم والمراهقين في السماح لهم باللعب في ألعاب الفيديو مع مراقبة لنوعية الألعاب ومحتواها، وقراءة التقييمات والمراجعات لمعرفة محتواها، تحديد الوقت المسموح، ووضع حدود زمنية للعب لتجنب الإدمان وتأثيره على النوم والدراسة، المشاركة في اللعب، محاولة تجربة اللعبة مع الطفل لفهم طبيعتها ومحتواها، التوعية بالمخاطر، مناقشة الطفل بوضوح حول مخاطر العنف الإلكتروني والتحديات الخطيرة، استخدام أدوات الرقابة، تفعيل ميزات الحماية الأبوية لمنع الوصول إلى محتوى غير مناسب، الدعم النفسي، ملاحظة أي تغيّر في سلوك الطفل أو مزاجه، وعدم التردد في طلب المساعدة من مختصين نفسيين إذا لزم الأمر، فذلك أفضل من أن تُفجع الأسرة بفقدان أطفالها، * تبقى ألعاب الفيديو أداة ترفيهية مؤثرة في حياة الجيل الجديد، لكن دور الأهل في التوجيه والمراقبة ضروري لحماية الأبناء من مخاطر العنف والإيحاءات السلبية التي قد تؤدي إلى إيذاء النفس أو الانتحار، الوعي والمشاركة الأسرية هما خط الدفاع الأول أمام هذه التحديات الرقمية.
300
| 10 أغسطس 2025
مساحة إعلانية
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2559
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
2226
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2070
| 03 نوفمبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1506
| 30 أكتوبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
1212
| 04 نوفمبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1113
| 29 أكتوبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1071
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
858
| 04 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
828
| 03 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
759
| 02 نوفمبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
747
| 30 أكتوبر 2025
ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...
702
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل