رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شاهدت على شاشات المحطات الفضائية من وقائع القتل الممنهج والشديد القسوة من قبل قطعان بني صهيون في قطاع غزة ما يندى له الجبين الإنساني. وبالطبع هم مجردون من كل إنسانية ولا يهمهم مثل هذا الخطاب. وهو ما يؤكده وجودهم غير الشرعي في فلسطين. كل فلسطين. منذ أكثر من قرن مارسوا فيه أبشع أشكال الاغتصاب للحقوق والانتهاك للأرض والحجر والشجر.
هل رأيتم في التاريخ الإنساني وقائع تشبه وقائعهم؟ لا أظن. وما صرخ به غير فلسطيني وفلسطينية فقدوا أحبتهم شهداء أو جرحى أو فقدوا مأواهم الوحيد في القطاع لا يعبر سوى عن بعض الألم لكن كل الألم مازال مستورا في الأفئدة سيخرج يوما عندما تهب رياح انتفاضة حقيقية أو حراك شعبي حقيقي منظم ومرتب له ليقتلع جذور هذا الاحتلال الأسود والهمجي والدموي والذي لا ينهض أو يستمر إلا على جماجم الفلسطينيين خاصة أطفالهم ونساءهم وكبارهم وبالتأكيد شبابهم مثلما شاهدنا من عمليات إبادة جماعية في مناطق خزاعة والشجاعية ورفح وغيرها من مناطق ومدن قطاع غزة الأسطوري في صموده.
كانت صرخات رجال ونساء غزة موجهة إلى العرب. الأشقاء العرب. متسائلة عن سر غيابهم عن المشهد. عن مبرر لوقوفهم عاجزين عن أي فعل إيجابي ينقذهم مما هم فيه. عن شهامة كانت سائدة في الأزمنة القديمة وفي التاريخ القريب. لكنها الآن باتت مغيبة إلا من بيان هنا أو استنكار هناك. أو حتى إرسال كميات من الأغذية والأدوية إلى سكان القطاع وأحسب أن هذه التساؤلات والصرخات صحيحة لأن الأشقاء العرب لم يقدموا منذ عقد الاجتماع الطارئ لوزراء خارجيتهم في القاهرة بعد اندلاع العدوان في الثامن من يوليو الماضي بحوالي أسبوع. ما يمكن اعتباره رادعا لعدوان قطعان بني صهيون على غزة إن لم يسهم في إطالة أمده بما نتج عنه من قرارات هزيلة انصبت في أغلبها. فضلا عن المطالبة اللفظية بوقف العدوان. على التوجه إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة لممارسة الضغوط على الكيان لوقف عدوانه.
لقد جاء إلى المنطقة جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة وأخذ يتحرك بين القاهرة ورام الله والقدس المحتلة وباريس. وهو الأمر نفسه ما فعله بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة . وإن لم يشارك في اجتماع باريس ولم تسفر جهودهم وجهود غيرهما من الأطراف الدولية التي توصف في العادة بأنها تمتلك أدوات التأثير في المشهد الإقليمي إلا عن "تهدئات إنسانية"
لا تستمر سوى بضع ساعات وفي بعض الأحيان أقل من ذلك بكثير ثم يسارع قطعان بني صهيون إلى خرقها وممارسة آلة القتل والتدمير في شعب أعزل ومنازل غير محصنة.
شخصيا ليس لدي ثقة في المدعو كيري أو أركان إدارة أوباما أو غيره من الإدارات السابقة واللاحقة. فكلهم عناوين فضفاضة لقوة دولية سرعان ما تنكمش أمام الوحش الصهيوني الرابض في مجموعات الضغط بواشنطن. ورجال الأعمال اليهود المتوغلين في أهم قطاعات الاقتصاد الأمريكي والقادرين على التأثير على المسارات الانتخابية سواء على مستوى التشريع أو الرئاسة. لذلك فالكل يضع اعتبارا لأموالهم وتأثيرهم. ومن ثم ليس ثمة مجال لإغضاب الكيان أو دفعه لاتخاذ خطوات تتعارض مع مشروعه الاستعماري الاستيطاني في فلسطين وفي عموم المنطقة العربية. ولا أظن أن أفضل دليل في هذا السياق يتمثل في قيام الكونجرس باعتماد المبالغ المطلوبة لتعزيز فعالية القبة الحديدية في الكيان. والتي لم تظهر بصورة أكثر نجاعة في مواجهة صواريخ المقاومة. وإن لم تخني الذاكرة. تجاوزت الـ700 مليون دولار. بالإضافة إلى الموافقة على طلب لحكومة الكيان بتزويد جيشها بكميات إضافية من الذخائر وهي بالمناسبة مخزنة في فلسطين المحتلة 1948 لحالات الطوارئ التي تتعلق بخطط الولايات المتحدة في المنطقة. لكن إدارة أوباما رأت أن يتم تقديم الكميات المطلوبة من هذه الذخائر المخزنة التي سيتم تعويضها لاحقا من مخازن البنتاجون في واشنطن وغيرها من المدن الأمريكية . فهل ثمة ما هو أبشع من ذلك. ثم تريدني أن أقتنع بمصداقية تحرك واتصالات كيري لوقف إطلاق النار. بينما إدارته تصب المزيد من الزيت والوقود والذخائر عير ما تزود به الكيان من أفتك الأسلحة والعتاد العسكري. هل هذا هو دور الوسيط النزيه الذي ارتضاه العرب للأسف منذ التوقيع على اتفاقيات السلام المشؤومة. بداية من كامب ديفيد مرورا بوادي عربة وصولا إلى أوسلو. فضلا عن ذلك فإن كيري نفسه هو الذي عجز عن تحقيق وعوده بالدخول في مفاوضات سلام ثنائية بين دولة فلسطين. والكلام من عندياتي فإدارته لا تعترف بإطلاق مسمى الدولة على السلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن – والتي استغرقت تسعة أشهر. دون أن يتمكن من تحريك الموقف الصهيوني سنتيمترا واحدا باتجاه ما تم التوافق عليه من مبادئ وقواعد قبل البدء في المفاوضات. فكيف يكون قادرا وإدارته منحازة بكل هذا القدر من الانحياز وإعلانها في أوج العدوان أنها ملتزمة بأمن الكيان على تحقيق وقف إطلاق النار. بل إن أوباما هو صاحب فكرة نزع أسلحة المقاومة في غزة. وهو ما جعل منها. كبير قطعان بني صهيون بنيامين نتنياهو.عنوانا لطروحاته في معالجة الأزمة من منظوره المتطرف والمجرد من الإنسانية. على نحو تجاوز بكثير ممارسات أدولف هتلز الزعيم النازي الألماني في ثلاثينيات القرن الفائت أما بالنسبة للأمم المتحدة فإنه رغم النوايا الحسنة لأمينها العام "بان كي مون: "صاحب الابتسامة المرسومة بإتقان ولكن من دون أي حرارة ولا تعرف لمن هي موجهة. فإن معضلته الكبرى تكمن في أن يردد طروحات تساوي دوما بين الضحية والجلاد القاتل والمقتول وهو ذات الكلام الذي تسوقه الدبلوماسية الأمريكية والغربية في كل المناسبات والحروب التي وقعت بين العرب والفلسطينيين من ناحية وقطعان بني صهيون. فمن الضروري مراعاة حق الكيان في الوجود أو في الدفاع عن ذاته والمحافظة على أمنه. وعليه في المقابل أن يتوقف عن القتل المفرط وحتى عندما دكت مقاتلاته المدارس التابعة للأونروا وهي المنظمة الدولية المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة والتي تستجدي موازنتها. لم نقرأ إلا بيانات فضفاضة من قبل كي مون وغيره من مسؤولي المنظمة الدولية. دون أن يكون ثمة تهديد واضح باتخاذ إجراءات محددة ضد الكيان في حال تكراره قصف هذه النوعية من المدارس التي تؤوي آلاف النازحين عن منازلهم المدمرة في قطاع غزة.
إذا كانت ملامح أيام الدم والجمر والعدوان في غزة على هذا النحو فمن ينقذهم؟
ليس أمام الشعب الفلسطيني. سواء في ضفته أو في قطاعه إلا الاعتماد على الله ثم على نفسه. مستمرا في صموده مبدعا أشكالا جديدة من المواجهة مع العدو قد تصل في مرحلة لاحقة -إن لم تسفر اجتماعات القاهرة التي يشارك فيها وفد فلسطيني. ممثلا لكافة الفصائل بما في ذلك حماس والجهاد عن نتائج جادة لوقف العدوان على قواعد تتلامس مع المطالب المشروعة لهذا الشعب – إلى مستوى إطلاق انتفاضة ثالثة تقوم على المواجهة السلمية لإحراج العدو وهي تلوح نذرها في الأفق.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
9036
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
6696
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5850
| 14 أكتوبر 2025