رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يكن قرار ستيفان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا يوم الأربعاء الماضي. بتعليق الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف بين ممثلي النظام في دمشق والمعارضة مفاجئا. بل كان ضمن التوقعات المطروحة لاسيَّما في ظل تمسك كل من طرفي الأزمة السورية بمواقفهما. خلال اللقاءات التمهيدية التي كان من المفترض أن تقود إلى الانخراط في مفاوضات جادة. سعيا لبلورة حل سياسي بات مطلوبا بإلحاح للأزمة المشتعلة منذ ما يقرب من خمس سنوات، وأفضت إلى تداعيات شديدة السلبية على الأرض متمثلة في مقتل نحو 300 ألف مواطن. وإصابة حوالي نصف مليون آخرين. فضلا عن لجوء ونزوح الملايين إلى الخارج والداخل في عملية تهجير قسرية، جردت البلاد من أكثر من نصف سكانها. ولاشك أنه سيكون لهذا التعليق - وهو التعبير المهذب لوقف المفاوضات - بعض المردود السلبي على مسارات الأزمة السورية، خاصة على الصعيد الإقليمي في ظل التناقضات الحادة في مواقف الأطراف المعنية بهذه الأزمة في المنطقة، والتي قد تنزع إلى تبني مواقف تتجاوز الإطار السياسي المطروح إلى الدخول في منحى عسكري بشكل أو بآخر، وهو ما تجلى في تصريحات للعميد أحمد العسيري مستشار وزير الدفاع السعودي يوم الخميس الماضي، بشأن استعداد بلاده للمشاركة في أي عمل عسكري بري في سوريا، محددا الهدف من وراء ذلك بمحاربة تنظيم داعش ونافيا في الوقت ذاته وجود أي خطط لتوسيع مهام أي تدخل بري محتمل خارج محاربة التنظيم الإرهابي. كما تحدثت تقاير استخباراتية روسية عن مخطط لتركيا لغزو سوريا وهو ما نفته أنقرة. وأيا كان الأمر فإن هذه المعطيات تعكس حالة من الغضب المكتوم، نتيجة تمسك نظام بشار الأسد بطروحاته الرامية إلى إبقاء هيمنته كقوة وحيدة في سوريا. وتشديد منهجية الإقصاء للمعارضة لاسيَّما التي توصف بالمعتدلة والتي تحظى بقبول إقليمي ودولي واسع. متكئا في ذلك على الإسناد اللوجستي القوي الذي بات يوفره التدخل العسكري المباشر. إلى جانب إيران وميليشيات شيعية من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان.واللافت أن كلا من النظام السوري أو الطيران الروسي لم يتوقف على مدى الأيام التي أعقبت بدء الجولة الجديدة لجنيف 3 عن توجيه الضربات الجوية والقصف المتواصل لمواقع المعارضة المسلحة. ربما لدفعها إلى تليين مواقف وفدها السياسي في جنيف وهو ما لم يتحقق بل صمد ممثلو الوفد المعارض حتى تجاه الضغوط الغربية التي أخذت شكل تطمينات. لكنها كانت تدرك عدم جدواها في ظل ما يحققه الفعل العسكري المتصاعد للنظام سعيا الحصول على مكاسب على الأرض بالذات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.لقد سادت أوساط الجامعة العربية التي أعلنت تأييدها ومساندتها بقوة لانطلاق "جنيف 3 "، سواء على لسان أمينها العام الدكتور نبيل العربي أو نائبه السفير أحمد بن حلي حالة من الوجوم بعد الإعلان عن قرار تعليق المفاوضات. محذرة من إمكانية أن يقود هذا القرار إلى تعطيل المسار السياسي والذي حظي بفرصة تاريخية. عقب البيانات التي صدرت عن اجتماعات المجموعة الدولية المعنية بالأزمة في العاصمة النمساوية - فيينا - ثم قرار مجلس الأمن الذي صدر في الثامن عشر من ديسمبر الماضي، والذي حدد خارطة طريق في هذا الاتجاه تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وعلى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية خلال 18 شهرا. وفي هذا السياق فإن الدكتور نبيل العربي وضع جملة من المحددات للتعامل مع المسار السوري بعد قرار تعليق المفاوضات خلال مداخلته أمام مؤتمر دعم سوريا والمنطقة 2016 يوم الخميس الماضي يمكن تلخيصها فيما يلي: أولا: ضرورة استئناف المفاوضات بين أطراف الأزمة السورية في جنيف في أقرب وقت، فلا أحد يملك رفاهية تبديد الفرصة المتاحة لإقرار الحل السياسي للأزمة السورية، والمجتمع الدولي بكل هيئاته، خاصة مجلس الأمن، يتحمل مسؤولية كبرى إذا فشل في إنهاء المأساة السورية. ثانيا: من الأهمية بمكان أن يتزامن انطلاق مسار المفاوضات لتشكيل هيئة الحكم الانتقالي ذات الصلاحية التنفيذية الكاملة مع إقرار الوقف الدائم لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، وهنا فإن النظام السوري يتحمل المسؤولية عن استمرار القصف العشوائي على السكان المدنيين، وعن عدم وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وهو ما يعتبر جرائم ضد الإنسانية، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. ثالثا: ضرورة الإسراع باتخاذ خطوات عاجلة من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية القاسية للاجئين والنازحين السوريين، وكذلك من أجل توفير الدعم اللازم للدول المضيفة لهؤلاء اللاجئين في الجوار السوري، خاصة في الأردن ولبنان، وكلاهما يتحمل عبئاً كبيراً يفوق قدراتهما في مواجهة الاحتياجات الأساسية العاجلة لتأمين الحياة الكريمة لهؤلاء اللاجئين، إلى جانب ما تقدمه مصر والعراق وعدة دول عربية أخرى.
292
| 08 فبراير 2016
ما زال الكيان الصهيوني يمارس خديعة العالم بزعمه المتواصل عن كونه واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط. والمفارقة أن النخب السياسية في الغرب تصدق هذه المزاعم وتتعامل معها بحسبانها حقيقة مؤكدة. وتصنفها ضمن الدول الديمقراطية في العالم. غير أن المفارقة الأكثر حدة أن ثمنا نفرا من وطننا العربي ممن ارتبطوا بما يسمى بوثيقة كوبنهاجن. وانخرطوا في عمليات تطبيع سياسي وثقافي وفكري خلال العقدين الأخيرين. يسيرون في المنحى ذاته وهو الإيمان بديمقراطية الكيان وبعضهم وجهت له دعوات لزيارة مؤسساته وعاد مبشرا بالسلام والتعاون الإقليمي. ورغم أن شيئا من ذلك لم يتحقق في الواقع. فإن هؤلاء النفر ما زالوا سادرين في غيهم ويدافعون عن علاقة طبيعية. مع عدو ما زال يحتل الأرض ويغتصب الحقوق. وبالطبع هم خضعوا للدعاية الصهيونية وهى إنصافا للحق قابلة على التصديق على الصعيد النظري. ولكن عند الإمعان في مقارباتها الواقعية تكون بمنأى عن الحقائق التي فرضها الكيان على الأرض.ومن ضمن هذه الحقائق. ما يحدث في الداخل الفلسطيني للعرب الذين تمسكوا بالأرض. والتي تتناقض تماما مع الصورة النمطية التي يحاول الكيان تسويقها سواء في الغرب أو لدى دعاة التطبيع في المنطقة. وهو ما يكشف عنه تقرير مهم للسفارة الفلسطينية بالقاهرة وذلك بمناسبة اليوم العالمي لدعم ومساندة الفلسطينيين. داخل الخط الأخضر الذي وافق الثلاثين من يناير. أي أمس الأول السبت.فوسط الهجوم الشامل الذي تشنه حكومة الاحتلال والتطرف والتمييز العنصري برئاسة بنيامين نتنياهو على كل رموز ودلالات الوجود الفلسطيني وفي سياق محاولاتها المحمومة لقمع الهبة الشعبية العارمة في الأراضي المحتلة المستمرة منذ مطلع أكتوبر الماضي، وما أكدته هذه الهبة من مظاهر وحدة وتضامن وتساند كفاحي بين مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني وتجمعاته. فإنها تواصل هجمتها على الحقوق والمكتسبات السياسية والمدنية لأبناء الشعب الفلسطيني العربي الصامد على أرض الآباء والأجداد في الجزء المحتل من الوطن عام 1948. وهو ما تجلى في إقدامها مؤخرا، مدعومة بمختلف أطراف وأجسام المؤسسة الصهيونية الحاكمة (حكومة وكنيست ومؤسسات أمنية وجهاز قضائي). على إغلاق ومصادرة أملاك عشرات الجمعيات الخيرية والاجتماعية والصحية والتعليمية. إلى جانب ذلك تتواصل حملات التحريض على قادة الجماهير العربية في الداخل بما في ذلك النواب المنتخبون ورؤساء وقادة الأحزاب والمجالس البلدية والمحلية، كما يستمر تنفيذ مخطط (برافر) للتطهير العرقي في النقب، إلى جانب استمرار شتى أشكال التمييز والإجحاف في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والخدمية كما تثبت ذلك الإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية الإسرائيلية. ولا تبدو هذه الإجراءات العنصرية الإسرائيلية مجرد ردة فعل انتقامية أو عارضة بسبب موقف سياسي معين لهذا الطرف أو ذاك، بل هي جزء لا يتجزأ من عملية تحول إسرائيل رسميا إلى دولة تمييز عنصري Apartheid، كما أنها عملية محكومة بأن تتسع وتشمل كل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل، وتجد ترجماتها اليومية في التنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي استكمال إجراءات التمييز العنصري ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية لهذا الجزء العزيز من الشعب الباقي في الأراضي المحتلة عام 1948.ومن أبرز محاور تضييق الخناق على فلسطينيي 48 من قبل سلطات الكيان ما يلي: * تقييد الحريات: التضييق على حياتهم من خلال سن قوانين عنصرية تهدف لتنفيذ مخططات مبيتة وممنهجة ضدهم، حظر نشاط الحركة الإسلامية وإخراجها خارج القانون هي وجمعياتها الأهلية المعنية بقضايا التعليم والتطوير وكفالة الأيتام، اعتقال الناشطين السياسيين على خلفية تضامنهم مع الهبة الوطنية داخل فلسطين في القدس والضفة وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات التحريض على النائبة حنين زعبي وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، حبس النائب السابق بالكنيست سعيد نفاع على خلفية زيارته إلى سوريا في عام 2007، محاكمة أحمد بركة على خلفية نشاطه السياسي في المظاهرات. * هدم البيوت ومصادرة الأراضي: وآخر تجليات ذلك ما تعرضت هل قرية العراقيب والتي هدمت 93 مرة في غضون خمس سنوات، وأقامت إسرائيل منذ قيامها 1000 قرية ولم تبن مجمعا سكنيا واحدا للعرب، يعيش بالنقب 100000 مواطن عربي غير معترف بهم ولا يتمتعون بالحد الأدنى من الخدمات الإنسانية.* الميزانيات والأوضاع الاجتماعية: وفي هذا الصدد فإن الكنيست يقر الميزانيات بعيدا عن تحسين الوضع المعيشي للعرب الذين يعانون تمييزا عنصريا متراكما، رفع وزارة التعليم ميزانية الجهاز الديني اليهودي 12% والتعليم العبري 8% وللعرب 5%، وأثبت تقرير من مؤسسة التأمين الوطني أن الفقر استفحل ووصل بين العرب إلى 55 % بينما عند اليهود 14%* تشريعات: في عام 2015 جرى تقديم 41 قانونا عنصريا ضد الحقوق الفلسطينية لعرقلة حل القضية الفلسطينية، وهناك 3 مسودات للقوانين العنصرية ستبلور في العام الجديد وسيقرها الكنيست وهي "الإطعام القسري للأسرى، وتجريم إلقاء حجر" وقيد التشريع قانونا يجيز سجن الأطفال دون 14 عاما، وهناك إجماع على عدم شرعية أي حكومة تقوم في إسرائيل بمشاركة أعضاء الكنيست العرب، صراعهم من أجل الحفاظ على انتمائهم الثقافي والعقائدي والديني والفكري وحقهم في المساواة والتعددية السياسية والفكرية والاجتماعية والسؤال هل تتفق هذه الإجراءات مع ما يسوقه الاحتلال عن ديمقراطيته؟
277
| 01 فبراير 2016
لم يعد مطلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ترفا. وإنما أضحى ضرورة ملحة. في ظل ما يواجهه من عدوانية لم تتوقف منذ أن سقط صريعا للاحتلال الصهيوني. الذي ما زال جاثما على أراضيه ومغتصبا لحقوقه الرئيسة. وفي صدارتها حقه في الحياة. الذي بات ينتهك بصورة تكاد يومية في الأراضي المحتلة. لاسيَّما منذ تفجر الهبة - الانتفاضة الثالثة في مطلع شهر أكتوبر المنصرم. ومع النمو المتصاعد في عدوانية قطعان بني صهيون خلال الأشهر الأخيرة. سعت القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لطلب الحماية الدولية لوقف هذه العدوانية. أو على الأقل لتكون شاهدا على فظاظة ما يرتكب ضد الشعب الفلسطينى. فتحول دون المزيد من سفك الدماء برصاص قوات الاحتلال. المدججة دوما ضد العزل وبأحدث الأسلحة الأمريكية. وأشدها فتكا بالإنسان والحجر ولقد بلغ الأمر بالرئيس أبو مازن في رسالته إلى بعث بها إلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن إلى إطلاق صرخة " كفى " لما يجري للشعب الفلسطيني . مطالبا المنظمة الدولية بتوفير هذه الحماية لعدم تكرار ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات وتدمير وقتل ضد شعب أعزل. وتم تكليف مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة، السفير رياض منصور. بالقيام بالطلب من مجلس الأمن الدولي النظر في إمكانية نشر قوة حماية دولية في القدس الشرقية المحتلة. بالذات حول المسجد الأقصى الذي تتعرض باحاته للاقتحام. من قبل قطعان المستوطنين بصورة يومية. بدعم وإسناد من قوات الجيش والأمن للمساعدة في وقف أعمال العنف. التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. مع المطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق المواجهات . ولكن لا بد لمجلس الأمن من أن ينظر فيها. غير أن المجلس. وتلك هي المعضلة عندما اجتمع في السابع عشر من شهر أكتوبر الماضي قرر تأجيل النظر في مطلب توفير الحماية الدولية للفلسطينيين . بإيعاز من القوة الكبرى والحليف الاستراتيجي لإسرائيل. والمقصود بها هنا الولايات المتحدة. التى لاتسمح بأي مساس بها. أو تلبية أي مطلب للفلسطينيين. ولاشك أن نزول الشعب الفلسطيني إلى الشوارع للتظاهر منذ مطلع أكتوبر الماضي في انتفاضة سلمية شعببة. جاء ردا على استمراره تحت الحكم العسكري لسلطة الاحتلال. لفترة تقترب ما من 50 عامًا استخدم كل وسائل القهر لحرمانه من حريته وبعد موت عملية السلام بالسكتة القلبية. نتيجة تنامي الشعور بغطرسة القوة لدى أشد حكومات الكيان الصهيوني تطرفا ويمينية. والتي شكلت عقب الانتخابات الأخيرة برئاسة بنيامين نيتانياهو. تضم وزراء من عتاة المستوطنين وأيديهم ملطخة بدماء الفلسطينيين، فضلا عن إعلانها رفض حل الدولتين والذي اقترحه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ثم تبناه خلفه باراك أوباما. غير أن كليهما عجز عن بلورته على الأرض نتيجة الإذعان لأطروحات قوى الضغط الصهيوني في واشنطن. فضلا عن الإعلانات الإسرائيلية المتكررة للتوسع الاستيطاني،. واعتداءات المستوطنين على حياة الفلسطينيين والممتلكات والأماكن المقدسة وقرار الحكومة الإسرائيلية بالسماح للمتطرفين اليمينيين. الذين يسعون لتدمير المسجد الأقصى بدخول مجمع الحرم الشريف في الوقت ذاته. الذي تنكر فيه على الفلسطينيين الوصول إلى أماكنهم المقدسة. والاستمرار في محاولة فرض تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا. وتجلى الرد الإسرائيلي في الرد على هذه الانتفاضة. التي ما زالت مستمرة. عبر اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لقمعها ووقف تمددها مناطقيا، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية. ضد المتظاهرين والهدم الفوري لمساكن الفلسطينيين الذين شاركوا في أعمال العنف. وبات الفلسطينيون غير آمنين، حتى في منازلهم وطرد المئات. إن لم يكن الآلاف. من مساكنهم. وسحبت الجنسية من أعداد هائلة وفي ضوء هذه المعطيات المخيفة فإن الوقت حان لوجود آلية لإنشاء قوة حماية دولية للأسباب التاليةأولا: إن إسرائيل بوصفها قوة احتلال مطالبة بموجب القانون الدولي بضمان حماية المدنيين تحت حكمها ولكنها بدلًا من ذلك، تبنت أثناء احتلالها واستعمارها للأرض الفلسطينية الذي استمر نحو 48 عامًا سياسات مناقضة لذلك النهج. وترعرع جيلان من الفلسطينيين في ظل السيطرة العسكرية الإسرائيلية.ثانيًا: يبدو من الصعوبة بمكان للقوات التابعة لحكومة السلطة الوطنية. أن توفر الحماية للشعب الفلسطينية وتكمن الصعوبة في أنها لو تعاملت مع أي منحى عدواني. فإن قوات الاحتلال ستقوم بالاشتباك معها وربما دحرها. وتتخذ الأمر ذريعة لإعادة احتلال مدن الضفة الغربية. بما في ذلك رام الله التي تتخذها السلطة مقرا لها. وفي الوقت نفسه هناك قرار فلسطيني رسمي بعدم الانخراط في المقاومة المسلحة. أو ما أطلق عليه الرئيس أبو مازن رفض عسكرة الانتفاضة.
378
| 18 يناير 2016
ثمة من يحاول أن يقلل من الحراك الشعبي المدهش في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة بوصفه مجرد هبة جماهيرية أي أنها حركة محدودة وسرعان ما تذوب تحت وقعات ضربات سلطة الاحتلال. بيد أن المراقب عندما يتأمل ما يجرى منذ مطلع شهر أكتوبر الماضي يرصد أن ثمة إصرارا على المقاومة لدى شرائح الشباب الفلسطيني على نحو يعكس إرادة قوية في الاستمرار حتى يمكن دفع الاحتلال إلى الإقرار بعجزه عن المضي قدما في مخططاته الاستعمارية الاستيطانية والقتل الممنهج لأن الكلفة تتجاوز قدراته. وفي هذا السياق وحتى لا تكون ملاحظتي محض استنتاج مراقب بعيدا عن حقائق المشهد الداخلي في فلسطين فقد سألت الدكتور مصطفى البرغوثي وهو واحد من أبرز القيادات السياسية التي تتسم بالمصداقية والنزاهة النضالية – إن جاز لي القول – ويرأس المبادرة الوطنية عن حقيقة ما يجري في فلسطين فأجابني خلال زيارة للقاهرة قبل أيام إنها انتفاضة بكل تأكيد.وليس هبة كما يحلو للبعض أن يصفها.. ويبرر ذلك بقوله: إن ما يجري يعكس تحولا في الرؤية السياسية والحالة النفسية في فلسطين. يستند إلى الإدراك بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".. وأن المراهنة على المفاوضات مع الاحتلال فشلت فشلا ذريعا. بعد 23 عاما من انطلاقها والتي استخدمتها إسرائيل للتوسع الاستيطاني.. وأن اتفاق أوسلو قد فشل باعتراف أصحابه. ومن ثم لم يعد من سبيل أمام الشعب الفلسطيني سوى تغيير ميزان القوى عبر المقاومة الشعبية الواسعة. وحركة الانتفاضة وفرض العقوبات على إسرائيل. ودعم الصمود الإنساني على الأرض والسعي لتوحيد الصف الوطني. وفي ضوء هذه المعطيات يفهم أن هذه الانتفاضة الثالثة تمثل تمردا لجيل الشباب. على واقع التمييز والفصل العنصري (الأبار تهايد) الذي أنشأته إسرائيل. ورغم فداحة الخسائر حيث استشهد ما يقرب من 150 فلسطينيا وجرح أكثر من 13 ألفا آخرين. ومع ذلك فإنها مستمرة وسيتواصل زخمها حتى تحقق أهدافها. اعتمادا على أهم تجلياتها المتمثلة في المظاهرات الشعبية الواسعة. وسألته متخوفا: لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي توظف عمليات الطعن بالسكاكين التي يلجأ إليها الشباب الفلسطيني ضمن مفهومها للإرهاب وهو ما قد يحظى بدعم دولي تجسد في مواقف الإدارة الأمريكية التي رأتها أعمال عنف وأنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها؟ فعقب البرغوثي: إن إسرائيل تتهم الفلسطينيين دوما بالإرهاب. فلوا تحدث أحدهم مطالبا بالحقوق المشروعة. ودون أن يمارس أي فعل يتهم على الفور بأنه إرهابي ويحرض عليه. وقبل انبثاق الانتفاضة الراهنة وصفت سلطات الاحتلال حركة المقاطعة في الأراضي المحتلة. بأنها إرهابية ولا سامية رغم أنها حركة سلمية. والمقاومة الشعبية تجابه من قبلها بأشرس أنواع العنف وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وعلى أي حال فإن العمليات الفردية التي وقعت على هذا الصعيد. يجب أن يتم قراءتها باعتبارها تعبيرا عن حالة يأس وإحباط شديد نتيجة القمع الإسرائيلي. وهي لا تمثل إلا أحد مظاهر الانتفاضة وليس جميع مظاهرها. وإسرائيل لا تريد سلاما لكنها تريد ضم وتهويد كل الأراضي الفلسطينية. وبشكل خاص القدس والمسجد الأقصى.ولاشك أن وقائع الانتفاضة تشكل مصدرا لإزعاج وقلق. ليس لقطعان بني صهيون. فذلك أمر طبيعي. ولكن للولايات المتحدة الراعي الرئيسي لهؤلاء القطعان وهو ما تجلى في مسارعة جون كيري خلال ديسمبر المنصرم بزيارة الأراضي المحتلة. بهدف ممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية لوقف ما وصفه آنذاك بالعنف. دون أن يمارس الضغوط ذاتها على قادة الكيان. بل وصف ما تقوم به قوات الجيش والأمن وقطعان المستوطنين. من أعمال قتل ممنهج ضد الشباب والشابات والأطفال أيضا. فضلا عن الاعتقالات العشوائية لكل من يشتبه بأن يحمل سكينا. أو حتى قلامة أظافر. بأنه دفاع عن النفس. أي خلل في منظور رجل الدبلوماسية الأول في الدولة الأهم في المعمورة. لكنه العمى السياسي والإستراتيجي إلى جانب كونه استجابة للابتزاز الصهيوني. الذي يهيمن عبر جماعات ضغط عديدة تابعة له في واشنطن على مفاصل مؤسسات صناعة القرار. ومع ذلك فإن ضغوط كيري لم تفلح في إثناء الشباب الفلسطيني عن مواصلة حراكه المقاوم ذي الطبيعة السلمية. على عكس ما تروج له الآلة الإعلامية الصهيونية. من أنه يلجأ لأساليب عنف أو غير ذلك. فقادة الكيان وزمرته العسكرية والأمنية. إلى جانب قطعان المستوطنين الذين يستحوزون على مواقع وزارية وإدارية مهمة. لا يقبلون بفكرة امتلاك الشعب الفلسطيني القدرة على المقاومة. ولو عبر التظاهر في الشوارع أو حتى باستخدام الحجر أو المقلاع. أو السكين عند حالة الاضطرار. لأن المقاومة في حد ذاتها يعتبرونها إهانة لكيانهم الذي يزعمون أنه قادر على تحقيق أهدافه عبر ترسانته الحربية التي تقوم الإدارات الأمريكية المتعاقبة. دون كبير تمايز بين جمهوري أو ديمقراطي. بملئها كلما فرغت أو تزويدها بالأحدث كما احتاجت أو حتى دون أن تكون ثمة حاجة.إن هذه الانتفاضة ولدت لتبقى. حتى وإن لم تتخذ نفس أشكال الانتفاضتين السابقتين في 1987 و2000. ما دام الاحتلال يرفع سيفه ولا يقر بحقوق شعب اغتصبت بالقوة.
302
| 11 يناير 2016
بعد ساعات قليلة، نعانق العام الجديد 2016 وثمة تساؤل يدق الرؤوس: هل سنشهد أحوالا مغايرة لأحوالنا في العام 2015، والذي اشتدت فيه وطأة الأزمات والمكابدات والأوجاع في الأمة، فباتت الدماء المسفوكة في الصباحات والمساءات عنوانا لها، واستمرت حالة التشظي ومتوالية الانقسامات، على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، وكأن لا روابط وثيقة فيما بين شعوبها وأقطارها، تفاعلت التطورات، فبلغت ذروتها حيث القتل والتدمير والخراب في عدد من البلاد، فضلا عن التهجير القسري للخارج، أو النزوح الإجباري في الداخل، مع تصاعد الحالة الإرهابية وتمددها عبر تنظيم داعش وأخواته في مفاصل محورية من الأمة، لاسيَّما في العراق وسوريا ثم ليبيا، والأخطر من كل ذلك بروز عامل التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية على نحو خطير، فأضفى المزيد من التفاقم والتعقيد والإرباك في أزمات الأمة، عوضا عن أن يسهم في بلورة مقاربات لحلها وتجاوزها.لا شك أن الزمن خلال الانتقال من العام 2015 إلى العام 2016 متداخل، حيث يصعب إيجاد فواصل ومسافات واضحة ومحددة، ومع ذلك ثمة حلم يسكن العقول والقلوب والوجدانات في أن يكون العام الجديد مختلفا، أو على الأقل تبرز فيه سمة التعقل وامتلاك أطراف الأزمات القناعة الحقيقية، بأن خيار الدم لن يقود إلى فرض معادلة أي منها على الآخر، إن لم يسهم في المزيد من سفكه وضحاياه، قتلا وإصابة وتشريدا.هل ثمة إشارات توحي بذلك؟ هي ليست بالوضوح الذي يمكن التعويل عليه بنسبة عالية، لكنها تنبئ عن قدر من التحول وهو ما تجلى في الأزمة السورية وكذلك الأزمة الليبية، فضلا عن الأزمة في اليمن، ثمة نزوع، أقول نزوعا، باتجاه المقاربات السياسية، وإن لم تنضج تماما، بيد أنها تؤشر إلى حالة من التذمر لدى أطراف هذه الأزمات بعد كل ما جرى من قتل وتدمير متبادل وتوالي الخسائر في البشر والحجر والأوطان، بالإضافة إلى تبلور مواقف إقليمية ودولية راغبة، في حلحلة هذه الأزمات المتصاعدة في المنطقة، لاسيَّما مع تمكن تنظيم داعش من فرض معادلاته بقوة غير مسبوقة، هددت مخاطرها أوروبا القريبة من الوطن العربي، وكان آخر تجلياتها ما شهدته عاصمة النور باريس من هجمات، شاب لها ولدان فرنسا وشقيقاتها في الاتحاد الأوروبي وفي الولايات المتحدة، والتي يعتبرها داعش أهدافا مشروعة لعملياته مثلما صرح غير مرة، مما أشعل حالة من التعاضد الدولي نشطت الحراك العسكري، باتجاه القضاء على داعش بمساهمات جوية أكثر قدرة على التأثير، وإن لم يكن بمقدورها وحدها حسم الأمور على الأرض، في ظل احتماء عناصر التنظيم بشبكة من الأنفاق، والتداخل مع السكان وإجادة فنون التمويه، مما يقلل من فعالية الضربات الجوية، التي لم تؤد منذ بدء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى الإجهاز عليه، كما كان متوقعا.غير أن الحلم بمقاربات سياسية لأزماتنا المشتعلة في العام الجديد، قد يبدو بمنأى عن التحقق، بفعل استمرار التناقضات فيما بين أطرافها، وتدخل أطراف دولية على طريقة الدبة التي تقتل أبناءها مثلما حدث يوم الجمعة الفائت، من إقدام الغارات الروسية التي أعلن أنها موجهة لتنظيم داعش، بينما هي في حقيقة الأمر لا تميز بين داعش والتنظيمات المسلحة المعتدلة على اغتيال قائد تنظيم "جيش الإسلام " في سوريا، والذي شارك في اجتماع قوى المعارضة مؤخرا في الرياض، بما يعني موافقته على العملية السياسية وهو ما سوف تكون له تداعيات سلبية على مشاركة هذه النوعية من الفصائل المعتدلة، في جنيف 3 المرتقب خلال يناير المقبل، وفي اليمن ثمة أطراف إقليمية تدفع المتمردين إلى الاستمرار في حالة خرق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس عبد ربه منصور هادي، لتوفير أجواء مواتية لمفاوضات سياسية في سويسرا، من المفترض أن تتواصل بعد انقضاء إجازات أعياد الميلاد في أوروبا. وفي الأزمة الليبية ما زال أهم طرفين فيها، وهما رئيسا مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام يرفضان الاتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه في مدينة الصخيرات المغربية مؤخرا، ولأنهما يمتلكان القوة على الأرض فقد يعرقل موقفهما تطبيق الاتفاق، وهكذا يتبدد الحلم في عام مختلف، إن لم نلجأ إلى خيار العقلانية، والبحث الجاد عن أسس لمصالحات وطنية حقيقية والتفهم لاحتياجات مختلف الأطراف في الوطن الواحد. ملاحظة: لم أتطرق إلى قضيتنا الرئيسية – فلسطين – فشعبها بكل فئاته، وفي المقدمة منها الشباب والفتيات، يواجه - بعيدا عن إسناد عربي إلا من رحم ربي – يواجه آلة القتل الصهيونية وهجمات قطعان المستوطنين المصابين بهوس الهيكل، وقيامهم بصورة تكاد أن تكون يومية بتدنيس قدس أقداس فلسطين – المسجد الأقصى المبارك – لقد فجر هذا الشعب انتفاضة سلمية ثالثة، لن تخمد جذوتها، حتى تفرض معادلتها على عدو لا يؤمن إلا بالقوة، والتي يجيد استخدامها بصورة مفرطة ومن ثم لن يفلح معه إلا خيار القوة المستمد، من حراك شعبي وشبابي سلمي على الأقل في هذه المرحلة.
338
| 28 ديسمبر 2015
ينطوى الاتفاق السياسي الذي وقع عليه الفرقاء الليبيون بمدينة الصخيرات المغربية يوم الخميس الماضي, على رغبة حقيقية في الخروج من دائرة الوجع ,التي تمددت في البلاد على مدى العامين المنصرمين , فكادت أن تبلغ حالة الدولة الفاشلة بعد العديد من الانقسامات , طالت مختلف المستويات الحكومية والبرلمانية والعسكرية والاقتصادية , فضلا عن نزيف الدم الذي أودى بحياة الآلاف من المواطنين , وتدمير للبنى التحتية ,مما عمق من مكابدات البشر ,وأفضى إلى حالة من الفوضى ومهد السبل لتمدد تنظيم داعش, الذي رأى في ليبيا مرتعا سهل المنال ,يوفر بيئة حاضنة لأفكاره ومشروعه الإرهابي القائم على القتل والترويع . إن هذا الاتفاق يعيد الاعتبار لخيار وحدة الدولة الليبية أرضا وشعبا ,واستعادة عافيتها على أسس مغايرة ,تقوم على التعددية والمواطنة من خلال تشكيل حكومة توافق وطني , تحظى بحالة من الرضا العام ,عبر تمثيلها لكافة التوجهات المؤمنة بالديمقراطية منهجا لفترة عامين,تنتهي خلالها من إعادة صياغة دستور حديث وإجراء انتخابات برلمانية لبناء مؤسسات الدولة, بما يضمن تمكينها من امتلاك زمام الأمور ,بمنأى عن منطق الميليشيات التي فرضت معادلتها , منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي ورأت أن دورها في عملية إزاحته ,يمنحها الحق في أن تكون الرقم الأهم في المعادلة السياسية وهو ما يتعارض مع النهج الديمقراطي الصحيح .وعلى الرغم من موجة التفاؤل التي تزامنت وأعقبت التوقيع على الاتفاق الذي يحلو للبعض أن يصفه باتفاق الصخيرات, فإن ثمة هواجس تتصاعد حول إمكانية دخوله حيز التطبيق , وذلك فى ضوء إعلا ن كل من صالح عقيلة رئيس مجلس النواب المنتخب في طبرق, ونوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في طرابلس, في لقائهما المفاجئ في مالطا منتصف الأسبوع الفائت رفضها للتوقيع على الاتفاق, واعتبارمن يوقع عليه يمثل نفسه ولايمثل المؤسستين البرلمانيتين المتصارعتين ,على أيهما تمثل الشرعية, إلى جانب رفض بعض الميليشيات المسلحة, وذلك من شأنه أن ينطوي على إشكالية حقيقية ,بوسعها عرقلة تطبيق الاتفاق أو على الأقل تطبيقه على نحو غير فعال, باعتبار أن كلا الرجلين يمتلكان صلاحيات واسعة, غير أن ذلك لن يكون له التأثير الذي قد يفضي إلى إفشال الاتفاق والتراجع للخلف استنادا إلى جملة من المعطيات الرئيسية :أولا : ثمة فيض من التأييد للاتفاق في الداخل وبين مختلف الفرقاء ,سواء على المستوى التنفيذي أو البرلماني أو القبلي ,وذلك إدراكا لمدى المخاطر المحيطة بليبيا إذا استمرت حالة الاحتقان والاقتتال والصراع الدموي العنيف في ظل عجز أى طرف على حسم الأمور لصالحه , ما أسهم في ضرورة الانخراط في البديل الآخر ,وهو بديل حضاري وأخلاقي ويتسق مع المصالح العليا للوطن وليس للأشخاص أو التنظيمات أو المناطق ,وفي تقديري لن يكون بمقدور أي قوة أن توقف هذا الفيض ,بعد أن أزهقت كل هذه الأرواح وسفكت كل هذه الدماء ,وباتت ليبيا على المحك, فإما أن تبقى أو تزول,وبالطبع لاأحد يرغب في أن تتلاشى من الوجود .ثانيا : ثمة توافق إقليمي على ضرورة إخراج ليبيا من مستنقع الدم الذي غرقت فيه ,وإذا استمر بإمكانه أن يدفع الإقليم إلى المزيد من حالة عدم الاستقرار التي يكابدها بالفعل منذ سنوات ,واللافت أن مختلف الأطراف التي لها مواقف متباينة , تجاه توصيف الأزمة في ليبيا وتدعم كل منها طرفا بعينه من الأطراف المتصارعة ,شاركت بمستوىات رفيعة المستوى في مراسم التوقيع على اتفاق الصخيرات , ما أعطى رسالة للداخل الليبي أن هذه الأطراف نأت بنفسها عن حالة الاستقطاب ,وباتت مع الدولة الليبية وضرورة عودتها إلى مسارها الصحيح , متعهدة بتقديم كل صنوف الإسناد لحكومة التوافق الوطني حتى تنجح في مهمتها لوضع البلاد في المسار المطلوب.ثالثا : إن قرارا دوليا اتخذ بشأن وقف حالة التدهور في ليبيا ,وهو ما جسده إنعقاد المؤتمر الدولي بشأنها في العاصمة الليبية - روما - قبل أيام قصيرة من التوقيع على الاتفاق بالصخيرات شارك فيه وزراء خارجية الدول الكبرى, إلى جانب الدول الإقليمية المعنية بالأزمة , ما يؤشر إلى أنه لن يكون بمقدور أى طرف داخلي أن يتلاعب بمصير الاتفاق , وإلا سيتعرض للعقاب الدولي ,وهو ما هددت به الأمم المتحدة الراعية الأولى له كلا من صالح وبوسهمين إذا ما عرقلا خطواته تطبيقه على الأرض , والأمر نفسه سينطبق على الفريق خليفة حفتر إذا حاول أن يعوق مساره , غيرأن الأخير أعلن أنه لن يقدم على مثل هذه الخطوة ,فعلى الرغم من تحفظاته على بعض بنود الاتفاق فلن يحول دون تطبيقه . ومع ذلك ستظل هناك بعض الألغام ,التي تكمن في تفسير نصوص الاتفاق ,ما يستدعي شفافية ونزاهة وقراءة صحيحة لمفردات المشهد الليبي ,حتى يمكن القفز عليها وإبطال مفعولها .
253
| 21 ديسمبر 2015
شكل مؤتمر الرياض الذى عقد يومي الأربعاء والخميس الماضيين ,اختراقا حقيقيا لحالة التشظى التي تسود فصائل المعارضة السورية ,سواء السياسية بالخارج أو التي تحمل السلاح بالداخل, ودفع بها إلى خندق الرقم الأضعف في المعادلة الراهنة , لاسيما مع بروز روسيا كفاعل رئيس في هذه المعادلة ,بعد لجوئها إلى التدخل العسكري المباشر بقوات جوية وبرية وبحرية, مما رفع من منسوب الشعور بالقوة لدى نظام بشار الأسد ,والذي وظف بشكل جيد ورقة التنظيمات الإرهابية, الأمر الذي خلق بيئة دولية مواتية ضدها ,ولاشك أن قوى المعارضة التي اجتمعت في الرياض ,كانت في حاجة إلى هذا القدر من تفعيل صوتها الموحد – حسب تعبير بيان وزارة الخارجية المصرية الذي رحب بنتائج المؤتمر – حتى يكون بمقدورها وضع محددات مشاركتها في العملية التفاوضية المرتقبة مع الحكومة السورية ,والتي باتت تحظى بإجماع إقليمي ودولي ,مع تفاوت في منظور أطراف هذا الإجماع ,وتمسك البعض بما يمكن اعتباره شروطا مسبقة تتمثل بشكل رئيسى فيما يطلق عليه سياسيا عقدة الرئيس الأسد, والتي ستخضع بالتأكيد لحسابات خاصة بكل طرف ,ومنظوره لمدى الأرباح والخسائر التي سيحققها في حال استمراره في السلطة ,أو خروجه منها ويمكن الإشارة إلى جملة من الملاحظات في ضوء قراءة نتائج مؤتمر الرياض: أولا : صحيح أن كافة الفصائل والتنظيمات لم تشارك فيه,لكنه حشد أكبر عدد منها بما في ذلك جماعات مسلحة من الداخل, في مقدمتها الجيش الحر وأحرار الشام وجيش الإسلام ,تنوعت توجهاتها بين الوطني والقومي والاسلامي المعتدل غير المرتبط بالفكر المتطرف, وتمثل جميع مكونات الشعب السوري ,من العرب والأكراد والتركمان والأشوريين والسريان والشركس والأرمنثانيا : بدا واضحا أن ثمة إجماعا من قبل فصائل المعارضة ,على المحددات الرئيسية التي تشهد توافقا ,حتى لو بدت بعض الخلافات في منهجية الوصول اليها ,مثلما حدث من قبل أحرار الشام التي أعلنت انسحابها من المؤتمر, ثم تراجعت ومبادرة ممثليها إلى التوقيع على البيان الختامي ,وتتمحور حول التمسك بوحدة الأراضي السورية و,الإيمان بمدنية الدولة السورية وسيادتها، والالتزام بآلية الديمقراطية التعددية, دون تمييز عرقي أو طائفي، وبالحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، والرفض الكامل للإرهاب بكافة أشكاله .ثالثا : أسفر المؤتمر عن تحديد آلية لتشكيل وفد المعارضة فى المفاوضات المرتقبة سواء في نيويورك أو في جنيف ,تتمثل في إنشاء لجنة عليا للمفاوضات مكونة من 33 شخصا ,وتتخذ من الرياض مقرا، وتكون بمثابة مرجعية للوفد التفاوضي , تضم 9أعضاء من الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة السورية , و11 من الجماعات المسلحة , و5 من معارضة الداخل و8 مستقلين , صحيح أن اختيار أعضاء هذه اللجنة لم يتم عبر آلية الانتخاب , وهو ما شكل موضعا لانتقاد بعض الفصائل , غير أن هذا الاختيار حاول إرضاء كافة الأطراف, بما في ذلك الفصائل المسلحة التي سيكون لها شأنها ورؤيتها في الحل السياسى ,والذي لن يكون منبت الصلة بوقائع العمل العسكري في الميدان , بيد أن ذلك قد يدفع بتفجير بعض الخلافات فيما بين أعضاء هذه اللجنة ,عند البدء فى اختيارأعضاء الوفد الممثل للمعارضة في التفاوض مع النظام , الأمر الذي من شأنه أن يسهم في قدر من الإرباك لخندق المعارضة , وهو مالن تسمح به الدبلوماسية السعودية الراعية للمؤتمر والأطراف الإقليمية الأخرى الداعمة للمعارضة المعتدلةرابعا : ثبت المؤتمر رؤية المعارضة بشقيها السياسى والعسكرى على الخيار السياسي لحل الأزمة السورية , وفقا لوثيقة جنيف 1 الصادرة في الثلاثين من يونيو 2012 ,وبيان فيينا الأخير ,وهو موقف تبنته أغلب فصائلها حتى قبل التدخل الروسي العسكري المباشر ,مايعني أن السنوات الخمس الماضية أنهكت جميع أطراف الأزمة , فجميعها تتحدث عن تبني هذا الخيار بعد أن اتضحت الكلفة الباهظة للخيار العسكري , الذي أفضى إلى قتل ما يقرب من 300 ألف سوري و إصابة وجرح عشرات الألوف ,ونزوح ولجوء حوالي نصف الشعب السوري بالداخل والخارج ,فضلا عن تدمير البنية التحتية والمرافق والخدمات , لكن المعارضة تطالب في الوقت ذاته بضرورة توافر ضمانات دولية، مع التأكيد على أن عملية الانتقال السياسي في سوريا هي مسؤولية السوريين، وبدعم ومساندة المجتمع الدولي، بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية، وفي ظل حكومة شرعية منتخبة , غير أن ثمة متغيرا يبدو في الأفق فيما يتعلق بهذا الخيار ,بوسعه أن يسهم في إجهاض عملية التفاوض قبل أن تبدأ, ففي الوقت الذي أعلنت فيه فصائل مؤتمر الرياض أن هدف التسوية السياسية هو" تأسيس نظام سياسي جديد، من دون أن يكون لبشار الأسد، وزمرته، مكان فيه" ,شدد الأخير في مقابلة صحفية عقب صدور البيان بساعات وجيزة على رفض مشاركة حكومته في التفاوض مع ما وصفها بالجماعات الإرهابية وهو التعبير الرسمي الذي يضع كل فصائل المعارضة في خانة الإرهاب . * صحفي عربي من مصر
296
| 18 ديسمبر 2015
لماذا لم يتحقق التكامل العربي حتى الآن.. رغم مضي سبعين عاما على تأسيس الجامعة العربية التي تشكل النظام الإقليمي العربي؟ هذا السؤال هو الرئيسي والمطروح بقوة في مؤتمر"فكر 14" الذي انطلقت أعماله مساء أمس – الأحد - بالقاهرة. وتنظمه مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع الجامعة العربية. بمشاركة لفيف من المفكرين والخبراء والمتخصصين والشباب والمنظمات العربية المتخصصة والأهلية. غير أن الإجابة عن هذا السؤال. لاتتم في أروقة المؤتمر بالصيغ التقليدية التي اعتدنا عليها في مؤتمرات من هذا النوع. ولكنها تأخذ شكلا مغايرا عبر تطبيق منهجية جديدة. تعتمد على التفاعل بين المشاركين. وبمنأى عن الأوراق سابقة التجهيز.. وصولا -عبر مجموعات العمل التي يتوزعون عليها - إلى رؤى وتصورات وأفكار تصب في منحى بناء منظومة تكاملية عربية.. تنهض على التخلي عن الحماس والانفعال المبالغ فيه- وفق تعبير الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير مكة ورئيس مؤسسة الفكر العربي – والبناء على أنساق عقلانية مجردة. وتولي الاهتمام الكبير للعقل والفكر والتدبر بالدرجة الأولى. بعد أن أمضينا ما يقرب من العقود السبعة –والكلام لكاتب هذه السطور- نعتمد على منهجية الصراخ والشعارات. الأمر الذي ما أدى إلى تأخر الأمة في الانخراط في المنظومة التكاملية المطلوبة. والتي صاغ مفكرون وباحثون كثر. مساراتها وآليات تطبيقها في المشهد العربي.لقد سألت الدكتور هنري العويط المفكر العربي والمدير العام لمؤسسة الفكر العربي. عن دلالات اختيار التكامل العربي موضوعا للمؤتمر فأبلغني أن هذا الموضوع اختاره الأمير خالد الفيصل بنفسه. في ظل الظروف والمعطيات البالغة الدقة والخطورة التي يمر بها العالم العربي.. خاصة على صعيد ما تتعرض له بعض دوله من انقسامات ونزاعات. وتفكك في بنيتها المجتمعية. فضلا عما يواجهه العالم العربي برمته من تحديات داخلية وخارجية في آن. وذلك على الرغم مما قد يبدو من أن اختيار هذا الموضوع كما لو أنه خارج السياق العام. بيد أنه في الواقع يعكس أننا - لاسيما في ظل الوضعية الراهنة بالذات- أحوج ما نكون إلى إعادة بناء اللحمة سواء على صعيد كل بلد عربي بمفرده أو على مستوى المنظومة العامة للدول العربية. وتتجاوز الأطروحات التي يتبناها المؤتمر بشأن التكامل العربي. الأطر التقليدية مازجة بين أبعاده السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والأمنية. فضلا عما يتعلق بالمواطنة والهوية القومية. والتكامل بين مؤسسات العمل العربي المشترك.. من خلال طرح وإثارة حزمة من الأسئلة على المشاركين في مجموعاتهم - التي شارك في إحداها الأمير خالد الفيصل والدكتور نبيل العربي - وإجراء مناقشات مستفيضة بشأنها.. لبلورة الأسئلة الأكثر أهمية. التي تتماس مع أولويات القضايا والملفات في النظام الإقليمي العربي. لتشكل الإجابات عنها خلال مداخلات المؤتمر- التي ستستمر ثلاثة أيام تنتهي غدا الثلاثاء - خارطة طريق وخطوات محددة. يتم رفعها لصناع القرار لبلورتها في الواقع أو هكذا هو المأمول.والأسئلة المطلوب تقديم إجابات عنها من قبل المشاركين تجاوزت علامة الاستفهام: لماذا؟ إلى علامة الاستفهام: كيف؟ وهو ما يعني نقلها من الإطار النظري إلى السياق العملي.. الذي بات مطلوبا بإلحاح في المرحلة الراهنة.. بحسبان أن بلورة مقاربة حقيقية وواقعية وعلمية للتكامل العربي بمفهومه الشامل. يستلزم إحداث اختراق للإرادة السياسية لدى القيادات العليا والنخب الحاكمة في الدول العربية.. لتتجاوب مع مخرجات العديد من البحوث والدراسات التي تعالج هذه القضية منذ عقود. إن مؤسسة الفكر العربي التي مضى على تأسيسها 15 عاما. شكلت بالفعل قيمة مضافة على صعيد التعاطي مع قضايا وهموم الأمة. عبر مؤتمراتها السنوية التي تعقد في مختلف عواصم العرب. أما ثانيا فإنها هيئة من هيئات المجتمع المدني. أي أنها لا تملك سلطة القرار. ولا تتولى مسؤولية التنفيذ بل مهمتها ورسالتها ووظيفتها جمع المفكرين وأصحاب الرؤى حول قضايا معينة.
683
| 07 ديسمبر 2015
باندلاع أزمة إسقاط الطائرة الروسية، من طراز سوخوي 24 بواسطة مقاتلة تركية الثلاثاء الماضي، دخلت المسألة السورية، طورا مغايرا عما كان سائدا من قبل، يتراوح بين التصعيد على الصعيد العسكري والتراجع على المستوى السياسي، وقد تشهد المزيد من التعقيد، إن ركزت الأطراف المعنية، على تداعيات إسقاط الطائرة الروسية فحسب، دون أن تضع في حسبانها جوهر المسألة السورية الممتدة، منذ ما يقرب من خمس سنوات، والذي يتمثل في المرحلة الراهنة في ضرورة البحث عن حل لها، ينهي مرحلة سفك الدماء التي أفضت إلى قتل أكثر من 300 ألف مواطن، وجرح مئات الألوف وتشريد الملايين بين لاجئين بالخارج ونازحين بالداخل، على نحو يحافظ على محددات الدولة السورية ووحدتها واستقلالها وسيادتها على كامل أراضيها، بصرف النظر عن الأشخاص، لأن الأوطان في المراحل الاستثنائية تكتسب الأهمية القصوى، صحيح أن الطرفين الروسي والتركي، عملا منذ تفجر الأزمة على إبقائها خارج دائرة الخيار العسكري، لإدراكهما مخاطره على المستويين الإقليمي والدولي. وفي مقدمة تجليات هذه المخاطر إمكانية التسبب في حرب عالمية ثالثة، ما دفعهما - خاصة روسيا - على الإقدام على تنفيذ سلسلة من الإجراءات العقابية عسكريا واقتصاديا في سياق ما يعرف بالمحافظة على ماء الوجه ورد الإهانة التركية، ولكنها لن تصل إلى حد الإعلان عن قطيعة كاملة مع أنقرة، لأنة ثمة مصالح مشتركة بالذات على صعيد التجارة والاستثمار والطاقة والمشروعات الكبرى التي تبلغ كلفتها مليارات الدولارات، التي لو تخليا عنها في هذه المرحلة فإنها قد تتسبب في حالة من الركود الاقتصادي، كلاهما في غنى عنه. وثمة مراهنة في هذا الصدد، على عقد قمة ثنائية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أبدى نزوعا لالتئامها، على هامش قمة المناخ العالمية، التي سوف تحتضنها باريس نهاية الشهر الحالي والتي من شأنها – إن تمت – أن توقف الأزمة عن المضي في اتجاه التصعيد بين موسكو وأنقرة، خاصة على صعيد تبادل الحملات السياسية والإعلامية التي شهدت حدة غير مسبوقة تجاوزت المألوف الدبلوماسي والبرتوكولي، فضلا عن تبادل اتهامات خطيرة بين الطرفين. وتكمن خطورة استمرار تداعيات أزمة إسقاط المقاتلة الروسية دون احتواء، في تعطيل أو بالأحرى تجميد مسار الحل السياسي للمسألة السورية، والذي حصل على جرعة قوية إقليميا ودوليا في اجتماعات فيينا الأخيرة، والتي وضعت ما يشبه خارطة طريق لهذا الحل، ستتجلى أولى خطواتها في بدء مفاوضات بين أطراف الأزمة السورية في جنيف: الحكم والمعارضة، تحت رعاية أممية وهو ما يطلق عليه البعض جنيف 2 أو جنيف 3، واللافت أن أغلبية قوى المعارضة، بما فيها الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، قد أبدت استعدادها للمشاركة في مؤتمر الرياض، وذلك رغم التحفظات التي أبداها الأخير، والتي دفعته التطمينات التي حصل عليها من جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، إلى قرار المشاركة، في ضوء نتائج زيارته لأبو ظبي الإثنين الماضي، والتي اجتمع فيها مع كل من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة، وعادل الجبير وزير الخارجية السعودي والتي تركزت على سبل توحيد المعارضة والضمانات المطلوبة لها. وبالطبع ثمة جهود بذلت من قبل على صعيد توحيد رؤية المعارضة، سواء من قبل الجامعة العربية التي عقدت اجتماعا موسعا في أغسطس من العام 2012 لمعظم فصائلها، أو من قبل مصر التي استضافت مؤتمرين خلال العام الأخير، ونتج عن هذه الجهود وثائق مهمة، بوسعها أن تشكل قيمة مضافة للوثائق والمواقف الموحدة المرتقبة، في مؤتمر الرياض حتى لا يبدأ من الصفر.
225
| 30 نوفمبر 2015
من الذي اغتال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؟ ما زال.. هذا السؤال يتردد بقوة. ولكن من دون إجابة قاطعة أو حاسمة. رغم تعدد لجان التحقيق منذ رحيله. غير أن تطورا نوعيا طرأ على هذا الصعيد. تزامنا مع الاحتفال بذكرى مرور 11 عاما على هذا الرحيل. يوم الثلاثاء الفائت.. تجلى في المعلومات الجديدة التي كشف عنها اللواء توفيق الطيراوي رئيس اللجنة الفلسطينية المكلفة بمتابعة ملف الاغتيال. في ضوء معطيات لجنتي تحقيق سويسرية وروسية قبل حوالي ثلاثة أعوام أكدت موت عرفات مسموما رغم نفي لجنة فرنسية تشكلت من عدد من قضاتها لهذه الفرضية. وتظهر هذه المعلومات أن الحلقات حول ملف عملية الاغتيال قد ضاقت. بيد أن ما تسعى إليه اللجنة في المرحلة الراهنة هو الأداة - حسب قول رئيسها- أي الشخص الذي قام بدس السم للزعيم الراحل وهنا يعلق بقوله: «عندما نصل إلى الأداة تكون أركان الجريمة قد كشفت تماما»، وهو ما يؤشر إلى أن عمل اللجنة الوطنية للتحقيق يتمركز حول كيف قتل عرفات، ومن يملك الإمكانيات التقنية العلمية لذلك؟ وفي هذا السياق. فقد عقدت لجنة التحقيق سلسلة من الجلسات مع العديد من الشخصيات التي عملت بالقرب من أبو عمار، وأخرى ترددت عليه، في خطوة أرادت من ورائها تحديد خيوط الجريمة. لكن هناك دائرة أضيق من تلك السابقة ستخضع للدراسة الأمنية – وفق مصادر فلسطينية - لمعرفة الشخص الذي قام بدس المادة المشعة لعرفات دون أن تكشف المزيد عن مجرى التحقيقات. ولا عن مساراتها في المرحلة المقبلة حفاظا على السرية. رافضة في الوقت ذاته. الحديث عن الفرضية التي وضع فيها البولونيوم لتسميم الزعيم عرفات، لكنها لم تنف ما ذهبت إليه زوجة الراحل سها عرفات بأن المادة كانت عبارة عن ذرة كالملح، وضعت له في شراب الشاي أو القهوة مؤكدة أن عملية التسميم جرت بدقة فائقة، وبطريقة غير متوقعة. وبالطبع فإن إسرائيل- وفق تأكيدات اللواء الطيراوي – ليست بمنأى عن عملية الاغتيال. فهي- في منظوره - المتهم الأول والأساسي والوحيد في قضية الاغتيال، وهو ما سوف تستمر لجنة التحقيق الوطنية في البحث عنه وتحديد أدلته وأبعاده خاصة أن النتائج التي توصلت إليها - خلال ثلاث سنوات من عملها المهني الصامت في إطار من السرية الشديدة وبعيدا عن الإعلام - قربتها من إثبات صحة فرضية استشهاد ياسر عرفات. وأن نتائج التحليلات ‘جاءت لتعزز ما توصل إليه التحقيق من القرائن والبينات في هذا الشأن. وحسبما يقول الطيراوي. فإن لجنة التحقيق اقتربت من الحقيقة وهي بصدد كشفها كاملة في اللقاء المقبل مع الإعلام. لاسيما أن أبو عمار-وفق ما تم التيقن منه من قبل اللجنة - لم يمت بشكل طبيعي، وإنما جرى اغتياله، وهو ما ترافق مع تصريحات مشابهة لزوجة الرئيس الراحل سهى عرفات التي رافقت زوجها في رحلة علاجه الأخيرة بمستشفى بيرسي العسكري الفرنسي حيث قضي هناك، أكدت فيها أنه قتل بمادة مشعة كانت موجود مع أحد الأشخاص، وأنه - أي الشخص القاتل -‘كان ينتظر الضوء الأخضر ليضع المادة في الوقت المناسب’. وهذه المادة - حسب ما عرفت من لجنة التحقيق السويسرية والتي تضم أفضل أطباء تشريح وتحليل في العالم - كانت عبارة عن شيء بسيط كحبة الملح أو السكر الصغيرة جدا، ووضعت في القهوة أو الشاي أو عن طريق حقنة، وأن الشخص الذي قام بوضعها على درجة عالية من الاحتراف، وأن كمية صغيرة منها بوسعها أن تقضي على حياة 40 إنسانا. وينطوي حديث أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل عن أن شخصا كانت معه المادة. وكان ينتظر الضوء الأخضر على إشارة واضحة بأنه لم يكن من الزوار بل كان يقيم معه بشكل دائم في مقر المقاطعة برام الله، ومن ثم فإنه كان يمتلك القدرة والأسلوب على تنفيذ مهمته بسهولة. والمؤكد أن هذه المعلومات الجديدة. ستحدث نوعا من الاضطراب. لدى الأفراد الذين كانوا ضمن الحلقة الضيقة المحيطة بأبي عمار والذي كان يبدي ثقته فيمن اختارهم للعمل معه. منذ عودته للأراضي المحتلة في 1994 عقب اتفاق أوسلو الذي تم التوقيع عليه قبل ذلك بعام.
314
| 16 نوفمبر 2015
ظل أبناء العرب والمسلمين في الأندلس سنوات طويلة. على مدى سنوات القرن الخامس عشر الميلادي. وربما بعد ذلك بسنوات. يحلمون بأن يسارع أشقاؤهم في المشرق العربي والإسلامي. تحديدا الخلافة العثمانية التي فرضت حضورها في عالم ذلك الزمان ومصر. وغيرها من أمصار قوية في المغرب العربي. لنجدتهم من همجية وبربرية القشتاليين الذين اقتحموا عليهم أقاليمهم ومدنهم. التي أقاموها على مدى ثمانية قرون من حكم عربي إسلامي في إسبانيا. كان المقدمة للتحولات الحضارية التي شهدتها أوروبا فيما بعد.. لكن لم يبادر أحد بإرسال أي إسناد فخضعوا لكل صنوف التطهير العرقي والديني ومحو الهوية.. وإذابتهم قسرا في الهوية القشتالية بطقوسها الدينية.. القائمة على أساس المسيحية ومحو الإسلام من الذاكرة الأندلسية عبر أساليب شديدة القسوة.. ومع توالي القهر والقمع والأيام. انتهى الوجود العربي الإسلامي من الأندلس. ولم تبق إلا الذكرى والشواهد التي تم صبغها بالطابع القشتالي المسيحي على أنقاض حضارة عربية إسلامية. اختفت بفعل فاعل ومن فرط الاختلافات والانقسامات والحروب. التي نشبت بين من أطلق عليهم آنذاك ملوك الطوائف. والذين كان البعض منهم يستعين بالعدو لنصرته على شقيقه العربي المسلم.ويتابع المرء ما يتعرض له الفلسطينيون اليوم من عدوانية غير مسبوقة.. من قبل الاحتلال الصهيوني المستمر منذ ما يقرب من السبعة عقود تطال البشر والحجر. وبنفس مواصفات همجية القشتاليين وحقدهم على كل ما هو عربي إسلامي.. ومع تصاعد صرخات النسوة وكبار السن في الأراضي المحتلة: أين العرب والمسلمون. تنتابني هواجس من تعرضهم لنفس مصير عرب ومسلمي الأندلس. فالشاهد أن الأمة بشقيها العربي والإسلامي ما زالت تراوح مواقعها ولا تمتلك القدرة على الحركة النشطة الإيجابية والفاعلة القادرة. على وقف العدوان الصهيوني أو تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني سواء ماليا أو سياسيا أو إعلاميا. فهو يقاتل معركته وحيدا إلا من بيانات هنا وهناك. وتصريحات من قبل هذا المسؤول العربي أو ذاك. يتم التأكيد فيها أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية العربية. ولكن من دون حراك حقيقي أو مقاربة عملية تصب في توفير الإسناد للصمود الفلسطيني الأسطوري. في وجه آلة عدوانية تمتلك أحدث ما في ترسانة الولايات المتحدة من عتاد عسكري بالغ التطور ضمن تحالف إستراتيجي استثنائي بين الطرفين لم يتكرر على مدى التاريخ.إنني عندما أستمع إلى صرخات الفلسطينيين والفلسطينيات الذين يفقدون شبابهم وأطفالهم. في أعمال قتل صهيونية ممنهجة ولمجرد الشك في قيامهم بعملية طعن أو دهس لجنود الاحتلال وقطعان بني صهيون. أستعيد صرخات الأندلسيين الذين بقوا عقودا يقاومون ويقبضون على جمر دينهم وهويتهم.. انتظارا لما هو آت من خلافة ناشئة قوية في ذلك الزمان البعيد. وأمصار لديها القدرة على الوقوف في وجه القشتاليين المتعصبين الحاقدين على الإسلام والعروبة في الأندلس. وأصارحكم القول في هذه المرحلة التي تحتشد فيها الأحقاد الصهيونية على القدس والمسجد الأقصى بل وعلى كل ما هو فلسطيني أن هواجسي تتزايد من إمكانية إعادة إنتاج ما جرى للأندلس في فلسطين.. صحيح أن ثمة تجربة ثرية وخصبة للقائد صلاح الدين فيما بعد. عندما استعاد القدس وفلسطين من قبضة الصليبيين بعد حوالي مائة وخمسين عاما من الاحتلال والاغتصاب. غير أنني لا أشعر أن هناك من بمقدوره أن يعيد غزل هذه التجربة. بعد أن قطعنا نحن العرب عهدا بأن تكون حرب أكتوبر آخر الحروب. وأن السلام هو خيارنا الإستراتيجي وبدأ بعضنا في إجراءات تطبيع علني مع الكيان الصهيوني. وإن كان التطبيع المحجوب أوسع نطاقا منه. وبمباركة دوائر حتى خارج السياق الرسمي. وهو ما يجعل الكيان يقف على أرضية صلبة. في معركته الباطلة معنا.إن العدوان الصهيوني الراهن ضد القدس والأقصى والمرابطين فيه والشعب الفلسطيني. بدأ منذ شهرين تقريبا وشهد تصعيدا شديد الخطورة خلال شهر أكتوبر الماضي. دون أن يتمكن العرب من عقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية.. وعندما اقترحت دولة الإمارات العربية المتحدة موعدا لمثل هذا الاجتماع في الرابع من أكتوبر الماضي. تراجعت أغلب الدول العربية عن عقده. وكان التبرير جاهزا وهو انتظار الجلسة العامة التي سيعقدها مجلس الأمن بعد ذلك بثلاثة أو أربعة أيام. ثم عقد اجتماع على مستوى المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية فيما بعد. ثم تقرر أن يعقد الاجتماع الطارئ اليوم الإثنين التاسع من نوفمبر. واللافت أن جدول أعماله سيقتصر – وفق تصريحات رسمية - على مناقشة مشروع قرار يتضمن كيفية التعاطي مع المجتمع الدولي خاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس العالمي لحقوق الإنسان، كما يتضمن الوسائل القانونية المختلفة التي يمكن اللجوء إليها لطرح مشروع القرار العربي في الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووضع سقف زمني لذلك.سكت الكلام لدي..
500
| 09 نوفمبر 2015
ثمة خلاصة مهمة أفضت إليها اجتماعات فيينا الموسعة بخصوص سوريا. يوم الجمعة الفائت. تتمثل في أنها نجحت في جمع الأطراف المتناقضة. في مواقفها تجاه الأزمة المتصاعدة فيها تحت سقف واحد. وعلى الطاولة ذاتها مما يعكس شعورا بمخاطر المرحلة التي بلغتها الأزمة. وتداعياتها الخطيرة سواء على الداخل السوري أو على الصعيد الإقليمي. أو فيما يتعلق بإمكانية أن تسهم في خلق حالة استقطاب دولي حادة. تعيدنا إلى ماقبل تسعينيات القرن الفائت وقبل تحليل نتائج هذه الاجتماعات يمكن الإشارة إلى جملة من الملاحظات السريعة: ويعكس طول اجتماعات فيينا الموسعة والتي استغرقت ثماني ساعات مدى التعقيد التي تتسم به ملفات ومفردات الأزمة السورية. ويمكن القول. إن اجتماعات فيينا – وذلك في مقام تحليل نتائجها - نجحت في إعادة إنتاج وثيقة جنيف 1 الصادرة في نهاية يونيو من العام 2012 . والذي شاركت فيه معظم الأطراف المشاركة في اجتماعات فيينا - ماعدا إيران - وإن كان بعبارات وصيغ مختلفة ولكنها تصب في نفس الهدف الذي سعت إليه الوثيقة الأولى. واللافت أن نتائج هذه الاجتماعات تمحورت حول ضرورة الإبقاء على سوريا موحدة وضمن ما وصف بالدولة العلمانية وفق تعبير وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والتأكيد على بقاء المؤسسات السورية كعنصر جوهري -حسبما قاله جون كيري وزير الخارجية الأمريكي- والسعي إلى وقف نار شامل وتشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية، ولا تقصي أحدا، قبل إجراء انتخابات جديدة في هذا البلد، فضلا عن مطالبة مختلف أطراف الأزمة السورية. بالاستعداد للانخراط في عملية التسوية السياسية التي باتت مطلوبة بإلحاح إقليميا ودوليا. بل وحتى من هذه الأطراف ذاتها التي أنهكتها الحرب التي اتخذت للأسف طابع الحرب الأهلية ذات البعد المذهبي والطائفي. كما توافق المشاركون في هذه الاجتماعات على ضرورة محاربة تنظيم داعش. وعدم السماح بتمدده في الأراضي السورية وتحقيقه تحولات نوعية. قد تقفز به إلى السلطة لإقامة مايسمى دولة الخلافة الإسلامية. وهو يمكن النظر إليه في ضوء نتائج هذه الاجتماعات. باعتباره خطا أحمر إقليميا ودوليا لايمكن السماح بالقفز عليه. لا من داعش أو جبهة النصرة أو غيرهما من التنظيمات ذات الطابع الإرهابي. ولعل ذلك يفسر تزامن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما. بإرسال قوات خاصة لمحاربة هذا التنظيم تعمل كعنصر إسناد لقوات المعارضة المعتدلة. مع انطلاق اجتماعات فيينا الموسعة. وهو أمر لم يفض إلى استياء روسي التي باتت الرقم العسكري الأول في معادلة الأزمة السورية سواء عبر التدخل المباش. رمن خلال شن غارات جوية كثيفة لم تقتصر على مواقع داعش. بل تمددت إلى تنظيمات مسلحة أخرى من بينها الجيش السوري الحر. والفصائل التي تتلقى تدريبا أمريكيا عسكريا. أو من خلال تزويد الجيش السوري بشبكة دفاع جوى بالغة التطور. وكميات ضخمة من أحدث الأسلحة والذخائر التي حققت نوعا من التحول الميداني لصالحه. وإن كان غير قادر على حسم المعارك البرية بصورة كاملة. وقد اعتبر لافروف قرار أمريكا ارسال قوات برية لسوريا يزيد من أهمية التعاون العسكري بين الجيشين ويقصد بهما الروسي والأمريكي. ومع ذلك ليس بمقدور المراقب أن يقول أن اجتماعات فيينا حققت اختراقا واسعا. باتجاه مقاربة حقيقية لإنهاء الأزمة. فالعقدة الرئيسة ما زالت قائمة. بل ومستعصية وهي تتعلق أساسا بالموقف من بشار الأسد.
199
| 02 نوفمبر 2015
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
2034
| 22 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
675
| 18 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
660
| 18 سبتمبر 2025
يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...
633
| 21 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
633
| 22 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
600
| 18 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
600
| 23 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
531
| 16 سبتمبر 2025
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...
489
| 21 سبتمبر 2025
مشاركة غير مسبوقة للقادة والرؤساء ورؤساء الحكومات.. قمة...
459
| 16 سبتمبر 2025
يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...
456
| 21 سبتمبر 2025
بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش...
444
| 17 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية