رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عرفت الشاعر عبد الرحمن الأبنودى في الدوحة. عندما كان يأتي ضيفا على نادي الجسرة. وبالذات في عصره الذهبي عندما كان يتولى رئاسة مجلس إدارته يوسف درويش. وهو نوعية نادرة من البشر الذين يجيدون التعامل مع المبدعين والمفكرين والمتميزين. فقد كان يدرك الخواص التي يتسم بها الراحل العظيم الذي غادرنا يوم الثلاثاء الماضي. وهو ما دعاه إلى استضافته غير مرة ليمتع جمهور قطر بإبداعه وقصائده القديمة الجديدة. المكتوبة باللهجة العامية المضمخة بعطر الفصحى. وبصور وخيالات نابعة من طين الأرض ومن عرِق البشر. ومن أوجاع الوطن والأمة. وفي لغة شديدة التكثيف والشاعرية. وقادرة على اختراق وجدان وعقل وقلب المتلقي. فأحبه الجميع سواء أكانوا من أصحاب الياقات البيضاء والقبعات أو من الطبقة المتوسطة أو من المعدمين والمعذبين في الدنيا. لم يكن يوسف درويش. الذي أضفى على الواقع الثقافي في قطر حيوية استثنائية على علاقة خاصة بالأبنودي. لكنه بحكم ما يمتلكه من موهبة في تقدير المتميزين من رجالات الأمة في كافة المجالات. كان يستضيفه وغيره من الشعراء والمفكرين والبارزين في مجالات الفكر والسياسة وحتى العسكرية. فقد استضاف القائد المصري الذي تولى مهمة إعادة بناء الجيش بعد هزيمة يونيو 1967 الفريق أول محمد فوزى والذي شرفت بإجراء حوار خاص معه. بصحبة الصديقين الراحلين الشاعر حسن توفيق والصحفي سيد أحمد. وعندما غادر درويش موقعه في نادي الجسرة وتولى منصب رئاسة تحرير الزميلة الراية في نهاية عقد التسعينيات من القرن الفائت. أحدث نقلة نوعية في أدائها التحريري وأعادها إلى صدارة المشهد الصحفي وتعامل بنفس المنهجية المتمثلة في تقدير من يعمل معه والدفع بالموهوبين واكتشاف مناطق جديدة في الصحافة المحلية. ولم يكن يتورع عن استشارة من يمتلكون الخبرة. كل في مجاله. لذلك يمكن ملاحظة الفروق بين زمن دوريش في الراية وأزمنة غيره . ولا أسرد ذلك من باب المديح في الرجل ولكن اتصالا بكتابتي عن الشاعر الأبنودي. فبعد أن غادرت الدوحة عائدا إلى القاهرة في نهاية أبريل من العام 2008. كلفني بالقيام بمهمة تشبه مهمة مدير التحرير في مكتب الجريدة بالقاهرة. وقد رفضت بشدة طلبه وطلب الصديق بابكر عيسى مدير التحرير آنذاك. أن أتولى رئاسة المكتب احتراما لقيمي في عدم القفز على مواقع الآخرين. فضلا عن عدم مواءمة ذلك مع عملي بجريدة الأهرام محررا للشؤون العربية. وقد فوجئت به - أي درويش - يتصل بي. ليكلفني بإجراء حوار مع الراحل عبد الرحمن الأبنودي خاصة أنه عاد لتوه من رحلة علاجية بالخارج. وهو ما وفرلي لقاءً مباشرا مع هذا الشاعر الاستثنائى. في تاريخ الحركة الشعرية العربية. وفاجأني بأنه يتذكرني عندما كنت أجلس اليه في الدوحة. وأتحدث معه بصفة عامة خاصة أن كلينا من جنوب مصر فهو من محافظة قنا. التي كانت محافظتي قبل أن تستقل عنها محافظة الأقصر التي أنتمي إليها. وهناك في المدينة البعيدة عن القاهرة - الإسماعيلية -التي أمره الأطباء بالإقامة فيها. بحكم أجوائها الخالية من التلوث العنيف الذي تتسم به عاصمة المحروسة مراعاة لأحواله الصحية. استقبلني الرجل -وكانت معي زميلة صحافية -بحفاوة الجنوبي في مكتبه العامر بالكتب والمراجع التي لاتتوقف عند دواوين الشعر وكتب الأدب. ولكنها تحتوي الكثير من المعارف في الفكر والفلسفة فضلا عن قواميس اللغة العربية وغيرها من اللغات. كان المكتب غرفة ضخمة ضمن فيلا. تتوسط مزرعة واسعة اشتراها الأبنودي من ماله الخاص وليس هبة من أحد. فقد كان يتميز بعزة نفس نادرة متأصلة فيه من نشأته في صعيد المحروسة. وصحبني بعد الحوار ليشرح لي مكونات المزرعة خاصة أشجار المانجو السامقة التي حرص على زراعتها بكثافة. فضلا عن أنواع أخرى من النبات والخضر والشجر. متكئا على عصاه. مسكونا بالحيوية التي تتدفق منه كلمات ومفردات خاصة به لاتخرج إلا من الأبنودي. مازجا بين اللهجة الجنوبية ولهجة القاهرة التي يجيدها بأفضل من أهلها. وهو ما يتجلى في مفردات أغانية العاطفية والوطنية التي تغنى بها كبار المطربين والمطربات. وما زالت تمثل حتى الآن المرجع الأهم في التعبير عن الوطن وعن مشاعر الإنسان. في هذا اللقاء الذي استمر لأكثر من أربع ساعات . وأصر على أن نتناول معه الغداء الذي أعده خصيصا لنا. سألته عن أشياء كثيرة في تجربته الشعرية والأدبية والإنسانية وعلاقاته بالسلطة وهى إشكالية ما زالت تبحث عن إجابة بحكم ما تنطوي عليه من تعقيد والتباس نتيجة عدم استيعاب السلطة لطبيعة الشاعر والمبدع والمفكر ولكن الأبنودي نأى بنفسه عن السلطة. ولم يعتبر نفسه جزءًا منها ولعل تجربته مع سلطة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مفجر وقائد ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 تمثل بالنسبة لي أنموذجا واضحا للموضوعية فالأبنودي تعرض للسجن في خلال حكم عبد الناصر وفي واحد من أسوأ السجون – الواحات- ولكنه تناسى كل أوجاعه الخاصة -كما أكدلي - عندما أدرك أن عبد الناصر. أخذ في مقاربة أشواقه وأحلامه خاصة فيما يتعلق بالانحياز للفقراء والعدالة الاجتماعية ومقاومة الاستعمار والإيمان بالقومية العربية. فأعلن بدوره الانحياز له ولمشروعه الوطني والقومي. من خلال المساهمة بكتابة الأغاني التي تعبر عن المرحلة. وقام بأدائها على أحسن ما يكون الأداء الراحل العظيم عبد الحليم حافظ. وتماهى الأبنودي مع مشروع السد العالي. وكتب في ذلك أشهر قصائده التي جسدت هذه الملحمة التاريخية. التي خاضها الشعب المصري بقيادة ناصر فضلا عن الكثير من الأغاني التي طالت مختلف مفردات المشهد الوطني. في هذا اللقاء حكى لي عن أوجاعه الخاصة والعامة. وكم أدركت آنذاك أن الأبنودي زاخر بالإبداع المبهر والمدهش. فضلا عن تجذره ثقافيا وفكريا وارتباطه بقاع المجتمع. فلم يقفز على انتمائه الاجتماعي بعد أن أضحى جزءًا من النخبة الثقافية المتميزة في العاصمة ونجما يشع بهاءً وشعرا. فظل وفيا للفقراء. مجاله الحيوي الوحيد. فدافع عنهم بقوة تحدى بها السلطة. خاصة في عصر مبارك الذي بلغت فيه الاستهانة بهم حدا لم تبلغه أي مرحلة تاريخية في المحروسة. بعد أن باع القطاع العام وأعلن تخلي الدولة عن السياسات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي توظف من أجل هؤلاء البشر. فانتشروا في العشوائيات والمقابر وأطراف المدن. وما يسمى بعزب الصفيح على نحو شديد الفجيعة. لذلك توهجت أشعاره بأشواقهم في الخبز والحرية والعدالة. وهى الشعارات التي كانت عناوين رئيسة لثورة الخامس والعشرين من يناير والتي كتب من أجلها عدة قصائد أهمها قصيدة الميدان والتي كان الثوار يحفظونها ويرتلونها وتلهبهم حماستها وزادتهم إصرارا على موقفهم المطالب برحيل مبارك خاصة مقطع "أن الآون ترحلى يادولة العواجيز ". وفي اللقاء مع الأبنودي لم اكتفِ بالحصول على إجابات ضافية على أسئلتي العامة فأوغلت معه عن حياته وزواجه وأصدقائه ورد بصراحة لكني لست في حل من نشر ما قاله خاصة أن حديثه أصابني بقدر من الصدمة بالذات فيما يتصل ببعض أصدقائه الذين بكوه بحرقة عند رحيله . والذين لم يضمروا له خيرا وهو ما اكتشفه. غير أنه لم يشأ أن يصارحهم فبقي حريصا على الصداقة. وكثيرا مافتح لهؤلاء البعض أبواب منزله سواء في القاهرة أو في الإسماعيلية إن الأبنودي كما قال عنه غير كاتب ومتابع لمسيرته هو مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء.. هو السهل الممتنع، الذي ظن البعض - وبعض الظن إثم - أن تقليده سهل وتكراره ممكن". رحمه الله
370
| 27 أبريل 2015
ثمة رواية بهذا الاسم للمفكر والأديب والكاتب الراحل الدكتور طه حسين ,جسدت مبكرا نزوعه الإنسانى من خلال تناوله لمكابدات نفر من أبناء الشعب فى الحقبة الليبرالية التي سبقت ثورة الثالث والعشرين من يوليو من العام 1952والتى ما فتئت أصوات تتغنى بمباهجها وتعتبرها الحقبة الأهم في تاريخ المحروسة في حين أنها كانت زاخرة بالآلام والمخاضات التي عبرت عنها رواية المعذبون في الأرض وغيرها من أعمال لكتاب ومبدعين فضلا عن تجليات الواقع التي كانت تشير إلى أن 5ر2 في المائة من السكان يمتلكون الثروة والسلطة في حين أن أغلبية الشعب تعاني الجوع والعراء والأمراض فضلا عن الجهل , بيد أن ثورة يوليو أنهت نسبيا هذه المكابدات وأدخلت المحروسة في منحى يعلى من البعد الاجتماعي , ويؤكد الانحياز للأغلبية حتى على الرغم مما يراه البعض من عدم تطبيق الديمقراطية بمحدداتها الغربية, ومع ذلك نجحت الثورة في تطبيق حقيقي لما يكمن وصفه بالديمقراطية الاجتماعية .يكاد هذا المنحى يأخذني بعيدا عن "المعذبين الجدد في الأرض" ,وأقصد بهم الأسرى الفلسطينيين ,بمناسبة يوم الأسير والذي وافق يوم الجمعة الفائت , وألقى بقدر من الضوء على مكابدات وعذابات وآلام أكثر من ستة آلاف و500 فلسطيني قابعين في سجون الاحتلال الصهيوني ,ويتعرضون لأسوأ الممارسات قمعا في التاريخ الإنساني , من دون أن يمتلك أحد القدرة على ردع قادة الكيان, ووضع حدود لتجاوزاتهم التي تمددت شططا وعدوانية في كل اتجاه, خاصة من قبل التنظيم الدولي القائم متجسدا في مجلس الأمن الدولي ,والذي لم يتحرك على الرغم من كافة التقارير الفلسطينية والعربية والإقليمية, فضلا عن تلك التي تقدمها منظمات متخصصة ليوقف عذابات هؤلاء الأسرى .ولديَّ جملة من الملاحظات في هذا الشأنأولاها :إن قضية الأسرى ,على الرغم من وجود هيئة ووزارة مستقلة لمتابعة شؤونهم لدى السلطة الوطنية, فإن دورها يظل قاصرا لأنها تفتقرإلى الإسناد العربي بالدرجة الأولى , والمتمثل في تقديم المساعدات المالية , لتكون أكثر قدرة على التحرك النشط وتوفير متطلبات أهالي الأسرى والقيام بأعباء مرحلة ما بعد الإفراج عن الأسرى ,فضلا عن الدفاع عنهم أمام القضاء الصهيوني الذي ثبت تواطؤه مع النخبة السياسية والعسكرية الحاكمة ,والتي تلتزم بأكثر الأفكار تطرفا وغلوا مما جعلها في حالة عداء مستحكم لكل ماهو عربي وفلسطيني وهو ما ينعكس بوضوح على أوضاع الأسرى الفلسطينيين والذين يزاملهم بالمناسبة أسرى من دول عربية أخرى , صحيح أن المؤتمر الدولي للأسرى والمحررين الذي عقد في بغداد 2012 بتنظيم من قبل الجامعة العربية بالتنسيق مع الحكومة العراقية أصدر قرارا بإنشاء الصندوق العربي لدعم الأسرى الفلسطينيين والعرب وتأهيل المحررين منهم والذي تبناه القادة العرب في قمتهم بالدوحة عام 2013 , إلا أن المبالغ التي دفعت لهذا الصندوق غير كافية بالمرة وهى لم تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات ,ولعل ذلك يعكس حالة النكوص العربي العام في الالتزام بالاستحقاقات , التي يقرها القادة العرب بالذات ,فيما يتعلق بالتعاطي المالي مع القضية الفلسطينية , والتي لاتبلغ مطلقا المستوى المطلوب, إلا من بعض دول عربية ما زالت تحرص على الوفاء بهذه الاستحقاقات , وفي مقدمتها قطر والسعودية والكويت والإمارات والجزائر , الأمر الذي بات يتطلب وقف هذه المنهجية السائدة ,والتحرك ليس لدعم قضية الأسرى ,وإنما للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة تداعيات سياسة الحصار المالي, التي تمارسها النخبة الحاكمة الموغلة في تطرفها بقيادة بنيامين نتنياهو ,والتي من المتوقع أن تشهد المزيد من التفاقم عندما يعود ليقود الحكومة المقبلة ,مع تكونها من عتاة التطرف والمستوطنين والدمويين الصهاينة . ثانيا : إن الاهتمام بدفتر أحوال الأسرى وذويهم لاينبغي أن يكون موسميا أو عبر المناسبات ,ولكن يتعين أن يتجذر في الواقع الفلسطيني والعربي اليومي ,على نحو يقض من مضاجع قادة الكيان ويحرك بعضا من عقلائه, إن كان لديه عقلاء ,ليصحو ضميرهم الإنساني وذلك يتطلب تحركا فلسطينيا وعربيا يوميا على الصعيد السياسي والإعلامي , لإحداث هزة في الضمير العالمي ,الذي يراه المرء مجمدا وغير فاعل , باتجاه كل مايتعلق بفلسطين وشعبها وبالطبع أسراها, فليس ثمة هذا الكم من الأسرى من شعب محتل لدى السلطة المحتلة بل والمغتصبة نراه في أي بقعة أخرى من العالم , فهل يعكس ذلك خوفا من الكيان الصهيوني وما يمثله من نفوذ أو بالأحرى الرعب لمن يناهضه أو يعادى مايطلق عليه السامية؟ أم يعد قصورا في الفهم والتعاطي السياسي من دول تفخر بانتمائها للحضارة الحديثة, لكنها تبدي عجزا غير مبرر تجاه كل ما يتعلق بمعاقبة الكيان على كل تجاوزاته ضد الفلسطينيين وضد العرب عموما, لدرجة أن دولة كبرى مثل الولايات المتحدة ,والتي توصف بأنها القطب الأوحد في النظام العالمي الراهن , تضع الفيتو دوما في جيب من يمثلها في الأمم المتحدة لاستخدامه في أي لحظة لحماية الكيان من أي قرار يقدم لمجلس الأمن ينطوي على أي محاولة للنيل منه , أو يحقق بعضا من المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني , بينما يراها قادة الكيان خصما من رصيده الوجودي والقوي والمهيمن في المنطقة . ثالثا : وفي ضوء ذلك فإن المجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته ذات العلاقة,بات مطالبا - وفق منظور قطاع فلسطين والأراضي المحتلة بالجامعة العربية الذي يرأسه السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة – بالضغط على الكيان الصهيوني للكف عن ممارساته القمعية تجاه الأسرى الفلسطينيين في السجون من عزل وإبعاد وتعذيب، وإلزامه باحترام حقوقهم الإنسانية الأساسية وتنفيذ بنود القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة وقرارات الشرعية الدولية وذلك من خلال المسارعة ، بقيام مجلس الأمن بإرسال لجان تقصي حقائق للاطلاع عن كثب على الأوضاع اللا إنسانية التي تشهدها سجون الاحتلال من معاناة قاسية ومستمرة , خاصة في ظل الحقائق التي تؤكد ممارسة سلطات الاحتلال لأقسى وسائل التعذيب الجسدية والنفسية ضد الأسرى المنتشرين في 22 سجنا ومركز اعتقال , فضلا عن الإهمال الطبي المتعمد للمرضى منهم لكسر إرادتهم وصمودهم ومنهم النساء والشيوخ، والأطفال الذين تتم معظم عمليات اعتقالهم في ساعات متأخرة من الليل وبصورة وحشية لبث الرعب في قلوبهم لانتزاع اعترافات منهم، وعند نقلهم إلى مركز شرطة يتم الاعتداء عليهم في مراكز الاعتقال ويتركون ساعات طويلة في البرد وهم مقيدو الأيدي والأرجل ومعصوبو العينين، كما أصبحت أوضاع الأسرى المرضى في سجون الاحتلال مقلقة وخطيرة جعلت حياة معظمهم مهددة ؛ نتيجة إهمال متعمد من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف قتلهم بصورة بطيئة، ويعاني ما يقرب من 1500 أسير مريض 85 منهم في حالة خطيرة لإصابتهم بأمراض السرطان والأمراض المستعصية والشلل والإعاقة وغيرها , وتنتهج سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاعتقال الإداري لأبناء الشعب الفلسطيني والذي يتمثل باعتقال دون محاكمة يتم تجديده ليصل لعدة سنوات، وهناك ما يقرب من 480 معتقلا إداريا، إضافة إلى اعتقال 16 نائبا ووزيرين سابقين في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية دولية، وتعتبر إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) الوحيدة في العالم التي تنتهج هذا الأسلوب دون محاسبة دولية.
307
| 20 أبريل 2015
تشكل عاصفة الحزم وهو المسمى الذي أطلق على التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وعضوية تسع من الدول العربية، ربما لأول مرة في التاريخ العربي الحديث، مرتكزا لنمط جديد من التضامن وتوحيد الصف فيما بين الدول العربية قولا وعملا، وفق تعبير إعلان شرم الشيخ الذي صدر عن القمة العربية الأخيرة. وبالذات مصر ومنظومة مجلس التعاون الخليجي. وبوضوح فإنها بلورت عمليا دعوات ظلت تتردد في الأشهر القليلة الماضية بشأن تشكيل تحالف مصري خليجي. يكون بوسعه ضبط حالة السيولة في النظام الإقليمي العربي الذي تعرض خلال السنوات الأربع. لأنواع عدة من الاختراقات التي طالت أمنه القومي سواء من الداخل أو من الخارج. وعلى نحو خاص من أطراف في الإقليم المحيط بالمنطقة العربية على نحو بات يهدد الدولة الوطنية أيضا وتكاد تتحول في بعض النماذج الصارخة إلى دولة فاشلة. ولأن اليمن كانت في صدارة هذه الدول. بعد سيطرة الجماعة الحوثية مدعومة بقوات الجيش والأمن الموالية للرئيس المعزول علي عبدالله صالح. وإسناد لوجستي وسياسي وإعلامي من إيران. فإن عاصفة الحزم تأتى – كما يقول الخبراء مجسدة لروح عربية مغايرة أخذت تجليات مختلفة. فلأول مرة تمسك منظومة مجلس التعاون الخليجي- باستثناء سلطنة عمان لأسباب جيوسياسية تتعلق بها- بزمام المبادرة في عملية عسكرية ضخمة وهائلة من هذا النوع اتسمت بقدر كبير من المفاجأة. بما في ذلك الولايات المتحدة التي لم تعلم بتحضيراتها إلا قبل بدء انطلاق أول ضربات العاصفة الجوية منتصف ليلة الخامس والعشرين من مارس الماضي. بثلاث ساعات وذلك عقب إبلاغ وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لنظيره الأمريكي بها. هذا أولا، أما ثانيا فإن هذه العاصفة حظيت بتغطية عربية واسعة فباستثناء العراق، لم تعلن أي دولة عربية رفضها لتحالف “عاصفة الحزم”. والذي يضم تسعا منها كغطاء عربي وهي: السعودية ومصر والإمارات والكويت والبحرين وقطر والأردن والمغرب والسودان. وإذا كان ثمة من يتحدث عن تحفظات جزائرية . بشأن هذا التحالف خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب. الذي عقد في اليوم التالي لبدء العاصفة بشرم الشيخ للتحضير للقمة العربية بشأن هذا. فإنها قد سحبت هذه التحفظات. إثر تحرك نشط من قبل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وسامح شكري وزير الخارجية المصري. بعد أن تمت إزالة أسبابها تماما.وثالثا. إن العاصفة تؤسس. لتدخلات عربية أخرى. فرغم أنه كان من الممكن الانتظار حتى تنعقد القمة العربية. ويتم النظر في مسألة اليمن، إلا أن المملكة العربية السعودية لم تنتظر قرارا من القادة العرب، خاصة مع اقتراب دخول الحوثيين إلى عدن، الأمر الذي يؤسس لتدخلات عربية مستقبلا في الأزمات. دون انتظار لقرار من الجامعة العربية، التي كانت قراراتها التي تصدرها للتعامل مع كل أزمة، يحال بينها وبين الترجمة على أرض الواقع. وحسب منظور الدكتور محمد محمد حامد الباحث المتخصص في الشؤون السياسية. فإن عملية عاصفة الحزم جسدت نوعا من الإجماع العربي لمواجهة النفوذ غير العربي في المنطقة، والتصدي لظاهرة الميلشيات المسلحة التي تقيد سلطة الدولة والأهم – كما يقول – فإنها رسمت ملامح مرحلة جديدة في التاريخ العربي المعاصر تتمثل في الاحتشاد في الخندق الواحد وتجنب نقط الخلاف، وهي بذلك صاغت نوعا من الوحدة السياسية والعسكرية والإجماع العربي لمواجهة النفوذ غير العربي في المنطقة، والتصدي لظاهرة الميلشيات المسلحة التي تقيد سلطة الدولة وذلك في عودة مصر وقطر على خط واحد من أجل تلك المواجهة، ورغم أن مسقط لديها حدود مع اليمن فإنها خرجت من الصورة النهائية للتحالف لكي تلعب دور الوسيط المحايد مستقبلا بين أطراف الأزمة اليمنية، لأنها تملك علاقات قوية مع طهران حليف جماعة أنصار اللـه في اليمن.ولاشك أن الميزة النسبية لعاصفة الحزم. تكمن في قدرتها على تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك عمليا بعد الدعوات التي وجهها الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية خلال العام الأخير. وبالذات منذ سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق شاسعة من العراق وسوريا. يقدرها بعض الخبراء بأنها تعادل مساحة دولة عظمى مثل بريطانيا . وإن كانت هذه السيطرة قد تعرضت لاختراقات نوعية بفعل الضربات القوية التي وجهها الجيش العراقي مؤخرا. واستعاد بها محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت. ثم دخوله في عملية عسكرية واسعة لتحرير محافظة الأنباء اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي. ترقبا لعملية تحرير مدينة الموصل الإستراتيجية قريبا. ووفقا لما يراه الدكتور أيمن سلامة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ القانون الدولي في هذا الصدد فإن الضربة التي قام بها الائتلاف الخليجي والعربي بقيادة السعودية، وذلك استجابة لدعوة الرسمية من الرئيس اليمني المنتخب، عبدربه منصور هادي، ناشدهم فيها بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لجماعة الدول العربية، هي ضربة شرعية وغير مخالفة للمواثيق العربية والدولية، لافتا إلى أن المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، هو الأساس القانوني الذي ارتكزت عليه دعوة الرئيس اليمني، والتي ترخص للدول الأعضاء فردى أو جماعة، بأن تقوم بالدفاع عن النفس ضد أعمال العدوان التي تهدد استقلال الدول ووحدتها الإقليمية، في ظل قيام قوى إقليمية - ألمح إليها الرئيس هادي- بالعدوان ضد اليمن في إشارة صحيحة منه إلى إيران وهو ما يستوجب من الدول ذات السيادة التي يقع عليها العدوان أن تتخذ كافة الإجراءات والتدابير من أجل الحفاظ على استقلالها وسلامة وحدتها وأراضيها ومن بينها الاستعانة بالدول الشقيقة، مؤكداً أن هذه ليست السابقة الأولى في التاريخ العربي المعاصر، فهناك دول عربية عديدة طلبت في الماضي من جماعة الدول العربية مساعدتها عسكريًا، في حالة مشابهة للحالة الأمنية واستجابة للكثير من الدول العربية في ائتلاف عسكري للتحقيق هذا الغرض.والمؤكد أن القرار الصادر عن القمة العربية الأخيرة التي عقدت بشرم الشيخ يومي 28 و29 مارس الماضي كرس حالة التضامن التي أطلقتها عاصفة الحزم فقد عبر القادة العرب في هذه القمة بشكل جماعي عن ترحيبهم وتأييدهم الكاملين للإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن المشكل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وعدد من الدول العربية بدعوة من الرئيس عبدربه منصور هادي، وذلك استنادا إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية وعلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وانطلاقا من مسؤولياته في حفظ سلامة الأوطان العربية ووحدتها الوطنية وحفظ سيادتها واستقلالها. وأخيرا فإن عملية “عاصفة الحزم”تمثل، في رؤية الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية. مقاربةً جديدةً للتعامل العربي الجماعي الفعّال مع التهديدات الخطيرة التي تواجه الأمن القومي وسلامة واستقرار الدولة الوطنية العربية. والمؤكد لن تكون الأولى. بل ستتبعها وبالضرورة. مقاربات أخرى في ظل الروح الجديدة التي تزامنت مع العاصفة ومع نتائج القمة العربية الأخيرة.
324
| 13 أبريل 2015
بوسعي القول. من خلال متابعتي لوقائع القمة العربية الأخيرة. التي عقدت بشرم الشيخ يومي السبت والأحد قبل الماضيين. أنها شكلت بداية لبناء نظام إقليمي عربي جديد. على نحو يدفعه نحو استعادة القدرة على الفعل. بعد أن كان يتسم خلال العقود الأربعة الأخيرة. تحديدا. بالطابع الإنشائي والانفعالي. إلى الحد الذي باتت معه الأمة توصف بأنها ظاهرة صوتية. أي لا تمتلك إمكانية المبادأة. والقيام بمبادرات باتجاه الآخر. أيا كان عدوا أم صديقا. فهي تتلقى دوما الأفعال ثم تقوم بممارسة الردود عليها. وفي الغالب. تكون هذه الردود مصبوغة بألوان باهتة. مما أفقدها تأثيرها ووهجها. الأمر الذي أخرجها من دائرة الهيبة. بينما برزت على الصعيد الإقليمي بالذات أطراف. بعضها متعادل في النسق الحضاري. وبعضها الآخر. وهذه هي المفارقة. أقل مما حققته الأمة من رصيد حضاري وتنموي. لكنه – أي هذه البعض الأخير – امتلك الإرادة السياسية والقدرة على الفعل دون حساب. إلا ما يتعلق بوجوده ومصالحه الوطنية. فتحرك في غير اتجاه لتحقيقها ممتلكا الأدوات والمهارات والإمكانات والمقومات. فانصهر في البوتقة الحضارية الراهنة. فصار جزءا من نسيجها. ومؤثرا في حركتها. وعندما تتساءل عن أمة العرب. تجدها في خانة بعيدة. حركتها تراوح مكانها. وتوهجها يفقد طزاجته.. فانشغلت دولها بخلافاتها وحروبها الداخلية. على أسس عرقية ومذهبية وطائفية. وثمة حكام في بعض أقطارها لم يراعوا مقتضيات شعوبها فأوغلوا استبدادا وقمعا وقطعا لأي نزوع نحو التقدم والديمقراطية والحرية والكرامة. مما دفع هذه الشعوب إلى الثورة منذ ما يزيد عن أربع سنوات. فتحركت المياه الراكدة. بيد أن ثمة من تلاعب بمسار بعض هذه الثورات فانحرفت عن أهدافها الحقيقية. أو بالأحرى دفعت دفعا إلى الانحراف. وتدفع شعوبا في كل من سوريا وليبيا واليمن. على وجه التحديد. كلفة مرتفعة من دمائها ومقدراتها انتظارا لمجيء المنقذ الغائب. والذي تترقبه الشعوب مع إطلالة كل صباح.كانت هذه ملامح المشهد العربي قبل الثامن والعشرين من مارس الماضي. بيد أنه مع انطلاق قمة شرم الشيخ وهي السادسة والعشرون في ترتيب انعقادها العادي. بدت في الأفق روح مغايرة. تنبئ بأن زمانا عربيا جديدا بدأ يرسم تجلياته. ويأخذ الأمة في اتجاه يتجاوز بعض نتوءات ما كان يجري خلال العقود القليلة المنصرمة. يدفع نحو تبني الفعل وامتلاك الإرادة السياسية ولو في حدها الأدنى. وإصدار القرارات المتجذرة في مفردات الواقع. قارئة معطيات المحيط الإقليمي والتأثير الدولي. وذلك اتكاء على الحقائق التالية: أولا: إن القادة العرب أقروا لأول مرة في تاريخ النظام الإقليمي العربي المعاصر والذي تشكل عقب الحرب العالمية الثانية. وتحديدا مع انطلاق الجامعة العربية في الثاني والعشرين من مارس 1945. أي منذ سبعين عاما تحركا باتجاه تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك. من خلال الموافقة على مبدأ إنشاء قوة عربية مشتركة وهو تطور وصفه الدكتور نبيل العربي . الأمين العام للجامعة العربية- والذي وضع أساس هذه المقترح في دراسة مهمة قدمها لوزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ في منتصف يناير الماضي - بأنه ميلاد الحلم المرتقب. وذلك يعني أن النظام الإقليمي العربي. بات على أعتاب امتلاك القوة التي تمكنه من تحقيق أهدافه. في فرض معادلة الأمن والاستقرار. اعتمادا على القدرات الذاتية وتحييد العوامل الخارجية إلى حد ما.ثانيا: إعلاء قيمة التضامن العربي مجددا. صحيح أن هذه القيمة كانت تتصدر جدول أعمال أي قمة عربية سابقة ’غير أن الجديد في قمة شرم الشيخ أن القادة تجاوزا مستوى التأكيد عليها من حيث القول أو الشعار إلى مستوى الفعل. فوفقا لإعلان شرم الشيخ. فإن النص جاء على لسان القادة كالتالي "نؤكد على التضامن العربي قولا وعملا في التعامل مع التطورات الراهنة التي تمر بها منطقتنا، وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، ونجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن إجابات على الأسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن في هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البينية وتنقية الأجواء"، والملاحظ أن ثمة مفردات وخطابا جديدا يتسم بالحيوية والصدقية. ولعل مشاركة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في القمة واستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له بمطار شرم الشيخ الدولي والذي اتسم بالحميمية الحقيقية ثم اللقاء الثنائي بينهما. والذي خيب ظن بعض الدوائر التي كانت ترغب في استمرار التباينات بين القاهرة والدوحة هو المجسد الأول لطروحات هذه القمة باتجاه إعلاء قيمة التضامن قولا وعملا. والمأمول أن تتواصل جهود تنقية الأجواء العربية في المرحلة المقبلة حتى تتمكن الأمة من تحقيق انطلاقتها لبناء ما أسميته بالأفق المغاير بعد قمة شرم الشيخ.ثالثا: وضع القادة العرب أساسا قويا. للتعامل مع التحديات والأخطار الناجمة عن انتشار التنظيمات الإرهابية. والتي تشكل في المرحلة الراهنة واحدا من أهم المخاطر بعد أن باتت لا تهدد الدولة الوطنية فحسب. وإنما تهدد مجمل الأمن القومي العربي وذلك من خلال تبني إستراتيجية مواجهة شاملة. لا تنهض على البعد العسكري والأمني. ولكن من خلال توظيف كل الطاقات الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تمتلكها الأمة. وهي كثيرة ومتعددة ومتنوعة. في حاجة فقط إلي الاستغلال الأمثل. وخطط تعد بصورة علمية لتوزيع الأعباء والأدوار. وفقا لقدرات كل دولة وما تمتلكه من ميزات نسبية مثلما تفعل منظومة الاتحاد الأوربي والتي تحقق من خلال ذلك. مكاسب متواصلة دفعتها إلى صدارة المشهد العالمي. رابعا: وضع أسس ومرتكزات هيكلية ضمن عملية إعادة صياغة النظام الإقليمي العربي وفي مقدمتها موافقة القادة النظام الأساسي المعدل لمجلس السلم والأمن العربي بعد أن تم تمرير فكرة إنشاء هذا المجلس قبل سنوات، ولكن من دون وجود على الأرض. وتكمن أهميته في تولي مسؤولية تدعيم السلم والأمن والاستقرار في الدول الأعضاء. مع مراعاة مبدأ عدم تدخل إحدى الدول الأعضاء في الشئون الداخلية لدولة عضو أخرى. بالإضافة إلى دعم وتشجيع أسس الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون. وحماية حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي الإنساني في إطار جهود الوقاية من النزاعات ومنعها وإدارتها وتسويتها. ولعل النقطة الأهم في هذا الصدد هو قيام المجلس باتخاذ الإجراءات الجماعية المناسبة إزاء أي اعتداء على دولة عربية أو تهديد بالاعتداء عليها، وكذلك ما إذا اعتدت أي دولة عربية أو هددت بالاعتداء على دولة عربية أخرى. مع مراعاة أحكام الميثاق وإحكام معاهدة الدفاع المشترك، وإرسال قوات حفظ سلام عربية إلى مناطق النزاع عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك.خامسا: وإلحاقا بما سبق . فإن ثمة تعديلات مرتقبة في ميثاق الجامعة العربية الذي أقر في العام 1944. فقد قرر القادة منح اللجان الأربع التي شكلت بناء على قرار من قمة الكويت في مارس من العام 2014. لدراستها باستفاضة على مدى العامين الماضيين للانتهاء منها. في غضون فترة ثلاثة أشهر. وحسبما قال لي الدكتور نبيل العربي فإن من شأن هذه التعديلات أن تجعل من عملية إصدار القرارات العربية يسيرة وسهلة. فهي تطرح هيكلة واضحة للجامعة العربية، مع منح مختلف الأجهزة والهيئات التابعة لها إطارا تنظيميا محددا يضمن لها الاستقلالية، ويضع قواعد إجرائية واضحة تنظم العلاقة فيما بينها. كما تتضمن للمرة الأولى إضافة مجموعة من المبادئ بالغة الأهمية. تتعلق بتعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية والشفافية. والحكم الرشيد وتأكيد قيم الانتماء والمواطنة كأساس للحقوق والواجبات، كما تتجه التعديلات إلى إضفاء البعد الشعبي على العمل العربي المشترك، من خلال تنمية علاقات التعاون والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، الأمر الذي يمثل خطوة محمودة في اتجاه تعزيز التعاون بين الجامعة العربية والمجتمع المدني العربي.
244
| 06 أبريل 2015
عندما اقترح الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية وضمن الدراسة المهمة التي قدمها لاجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ بالقاهرة، منتصف يناير الماضي، تشكيل قوة عربية مشتركة، انتابني حماس شديد للفكرة بحسبانها توفر إمكانية تجسيد بداية فعل عربي نحو حشد جهود وطاقات الأمة، في منحى ذي حساسية خاصة، لأنه يتصل بالأمن القومي العربي الذي ظل على مدى العقود الأربعة الأخيرة مستباحا من الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى، ثم من أطراف أخرى، سواء في الإقليم أو من خارجه، وانضمت جملة من المهددات الداخلية لهذا الأمن تجلت بصورة فائقة الوضوح في تنامي التنظيمات الإرهابية، إلى الحد أن أعلن أحدها - تنظيم داعش - قيام دولته فوق مساحات شاسعة من أراضي كل من العراق وسوريا،وامتد حماسي لهذه الفكرة، بالمناقشة مع مسؤولين عرب كبار ومع خبراء إستراتيجيين لتحقيق مقاربة واقعية لتأسيس هذه القوة، ولم يفتر هذا الحماس حتى بعد أن علمت أن أطرافا عربية، أبدت في الجلسة التي طرحت فيها الفكرة على وزراء الخارجية بعضا من التحفظ، وهو ما تقرر معه إجراء المزيد من الدراسات بشأنها، ثم التقط الخيط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي أجرى مشاورات واسعة مع عدد من نظرائه العرب حولها، ما وفر لها قدرا من الزخم وإن كانت دائرة التفاعل الإيجابي مع الفكرة لم تتسع على النحو المطلوب، بيد أن ما شهدته المنطقة من تطورات دراماتيكية في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها ما يجري في اليمن من اختراق حقيقي لسيادتها وشرعية الدولة فيها، وبروز التهديدات من كل صوب وحدب رفع من وتيرة الاقتناع بأهمية وضرورة المضي قدما باتجاه نسج خيوط هذه القوة وغزلها بكفاءة عالية، وهو ما تجلى في الاجتماع الوزاري التحضيري لقمة شرم الشيخ يوم الخميس الماضي، فقد تحقق توافق بشأنها مع بعض التحفظات المحدودة، والتي تمحورت على أمور فنية وتقنية، وليس على جوهر الفكرة وأهميتها. وعندما أحيل مشروع القرار الخاص بتشكيلها إلى القادة في الجلسة المغلقة التي عقدت مساء أمس الأول، تمت الموافقة مع التوجيه باتخاذ الإجراءات التنفيذية والتي ستتحدد بعد شهر من الآن في الاجتماع الذي سيعقده مجلس الدفاع العربي المكون من وزراء الخارجية ووزراء الدفاع العرب ورؤساء أركان الجيوش العربية، وهو ما يعد تحولا نوعيا في مسار العمل العربي المشترك، وبداية الانطلاق نحو الفعل وهي عملية كانت غائبة أو بالأحرى مغيبة، لتستمر حالة الركود، والترهل السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي في الجسم العربي الزاخر بالأمراض والأعطال وحالة مراوحة المكان.وإذا تم تطبيق الجدول الزمني المحدد من قبل القادة العرب، فإنه بالإمكان أن نتوقع أن تبدأ خطوات تشكيل أول قوة عربية مشتركة في التاريخ الحديث، بعد ثلاثة أشهر من أول اجتماع لمجلس الدفاع العربي، وذلك يعني أن الموضوع دخل منطقة الجدية في التعامل معه، لأنه بات يتعلق بمصير ووجود أمة، ظلت تراوغ على مدى العقود الستة الأخيرة- أي منذ إبرام معاهدة الدفاع العربي المشترك في العام 1950 – على صعيد أي مقاربة تحشد الصف وتوحد الجهود وتجمع الطاقات. ولاشك أن ثمة مجموعة من التغيرات في المنطقة العربية التي تفرض على دولها تشكيل قوة عربية لحماية أمنها القومي، ومن أبرزها وفقا لرؤية هابي طارق الباحثة بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة: - تزايد تهديدات الأمن القومي والعربي مع انتشار الجماعات التكفيرية كداعش والنصرة وغيرهما، وتزايد حدة الصراعات الداخلية بعد سقوط أنظمة استبدادية، وتزايد النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة، مما يتهدد وجود الدول العربية أكثر من أي وقت مضى. - بروز تهديدات لأمن المنطقة على نحو يفوق قدرات المواجهة المنفردة للدول العربية وهي تهديدات تتسم بكونها عابرة للحدود، بحيث ترتبط بشبكة علاقات ممتدة، يصعب أن تسيطر عليها دولة عربية بمفردها، ومن ثمَّ فهي تحتاج تعاونًا وحلولا إقليمية، وأن تتحمل دول المنطقة المسؤولية مجتمعة لحماية أمنها القومي.- في حال إنشاء القوة العربية المشتركة، فإنها يمكن أن تمثل رادعًا دفاعيًّا ضد التدخلات الخارجية في دول المنطقة والعدوان المتكرر في مناطق المواجهات، إذا ما تضمنت القوى العسكرية الرئيسية في المنطقة كمصر والسعودية والجزائر.- شرعية الدور العربي الموحد في التدخل، ستضمن بالضرورة امتلاك الدول العربية غطاء شرعيًّا لمواجهة أي تهديدات لأمنها دون التعويل على الدور الغربي للسيطرة على هذه التهديدات، أو التورط الفردي بها، وإن كان آخرون يرون أن أي تدخل عسكري لهذه القوة يجب أن يحصل على موافقة مجلس الأمن.- حلٌّ للنزاعات البينية بين الدول العربية، حيث تقلل القوة العربية المقترحة من أي تدخلات عسكرية منفردة لدولة ضد أخرى في المنطقة، ولعل ذلك ما أثارته الضربة الجوية المصرية ضد ليبيا التي تمثل دفاعًا شرعيًّا مصريًّا عن النفس في مواجهة التهديدات الإرهابية.- توفير الخبرة لدى الجيوش العربية الصغيرة: ثمة فائدة تكمن من القوة العربية المشتركة على الدول العربية ذات الجيوش الصغيرة، أو التي لم يسبق لجيوشها خوض تجارب القتال من قبل، وكانت تعتمد على القوات الأجنبية في حمايتها، وتواجه اليوم انكشافًا مع توجه اهتمام الولايات المتحدة نحو دول شرق آسيا، بحيث تستفيد تلك الدول من خبرات الجيوش الكبرى المشارِكة.- إنشاء قوات تدخل غير تقليدية: تواجه المنطقة تهديدات غير تقليدية لم تمر بها من قبل، ولا تتمكن من مواجهتها بصورة كاملة لضعف إمكاناتها، وتحتاج لصور تدخل أمنية غير تقليدية كقوات مكافحة الإرهاب، والتدخل السريع، وحفظ السلام، أو تقديم معونات للدول المتضررة. ويتمحور التساؤل الأساسي والصعب حول كيفية تشكيل القوة العربية المشتركة، وهل ستتكون من دول محددة دون باقي الدول العربية الأعضاء بالجامعة العربية، أم ستكون تحت نطاق عربي أوسع، تفعيلا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم توقيعها في عام 1950؟. ويبدو الخيار الثاني الأكثر جدوى، خاصةً أن الفكرة نشأت بالأساس في نقاشات الجامعة العربية، برغم ما يعتري هذا الخيار من صعوبات في التنفيذ بسبب صعوبة الإجماع العربي، والصراعات البينية العربية العربية.وأيًّا كانت التساؤلات وهي مهمة عند التعاطي مع متغير بهذه النوعية في النظام الإقليمي العربي، فإن الفكرة باتت قاب قوسين أو أدنى من التطبيق وهو أمر بث بعضا من الارتياح لدى أغلبية النخب السياسية والفكرية العربية، والتي رأت أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والمشكل من 9 دول عربية، يمثل الأنموذج الناجح، في بناء مثل هذه القوة المشتركة والتي ستكون المشاركة فيها طوعية وليس على سبيل الفرض، وهو ما يعني اقتصارها على الدول التي تمتلك البشر والقدرات العسكرية والتسليحية والإسناد اللوجستي، فضلا عن الخبرات القتالية العالية وهو ما جسده التحالف العربي الجديد، والذي يمكن أن يشكل الأرضية التي تتكئ عليها القوة المرتقبة والوليدة.إن الأمة في حاجة إلى بناء هذه القوة لتدفع بها، لأن تكون رقما مهما في المعادلة الإقليمية، ولو أن هذه القوة كانت متجسدة بشكل أو بآخر في الواقع العربي، لاختلفت مواقف الكثير من القوى الإقليمية تجاه بعض الدول العربية التي صارت مرتعا لنفوذ هذه القوى، وبعضها يتفاخر لأن نفوذه يمتد في هذه المرحلة إلى 4 عواصم عربية، هي: بغداد وبيروت ودمشق وأخيرا صنعاء، وهو ما يتسم بقدر من المبالغة من بعض رموز هذه القوى، ليس بمقدورها الصمود مع الحقائق الجيوسياسية والواقع في المنطقة.
410
| 30 مارس 2015
لا تتورع إسرائيل عن اللجوء إلى كل وسائل الضغط على الفلسطينيين لدفعهم لتقديم المزيد من التنازلات لصالح مشروعها الاستيطاني الاستعماري التوسعي في المنطقة. وكان آخر تجليات ذلك مصادرة وحبس المستحقات المالية الخاصة بالسلطة الوطنية برئاسة محمود عباس أبو مازن، الناجمة عن عوائد الضرائب والجمارك التي تحصل في المنافذ الإسرائيلية عن المنتجات الفلسطينية، في ظل معادلة تربط بين استمرار تزويد السلطة بالمال، سواء من قبل الدولة العبرية ذاتها أو من الولايات المتحدة، أو من الدول المانحة الأخرى وبين مواصلتها التنسيق الأمني. ولكن يبدو أن الخطوة الإسرائيلية، أدت إلى نتائج عكسية تمثلت في إجبار الفلسطينيين على الرد من زاوية ذات المعادلة التي تقايض الأمن بالمال.. فما دام الأمر "لا مال إذن.. فلا أمن" وعلى الولايات المتحدة والدول المانحة حينها تحمل المسؤولية.غير أنه ما صدر على صعيد وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل هو مجرد توصية من المجلس المركزي الفلسطيني. صحيح أنها صدرت بالإجماع بدون اعتراض من أي فصيل، ولكن القرار النهائي منوط بالرئيس أبو مازن واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكلاهما لم يبت فيه حتى الآن بشكل رسمي، ربما ترقبا لمرحلة ما بعد إجراء انتخابات الكنيست الأخيرة التي دفعت بتصدر بنيامين نتنياهو لصدارة المشهد السياسي الإسرائيلي المتطرف في ظل تحالفه مع عتاة المستوطنين والمتطرفين، مما يؤشر إلى أن خط التشدد الإسرائيلي الذي قاده نتنياهو خلال ثلاث دورات، تولى فيها رئاسة الحكومة خلال السنوات الماضية، سيتواصل خلال الدورة الرابعة، وبالتالي فإنه لن يتراجع عن قراره بمصادرة أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية، مما يضع السلطة الوطنية في مأزق فائق الضيق، الأمر الذي قد يجعل من تنفيذ قرار وقف التنسيق الأمني خيارا ضروريا في المرحلة القادمة.ولاشك أن وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال برز في الآونة الأخيرة كمطلب شعبي واسع، فضلاً عن كونه مطلباً لمعظم الكيانات السياسية الفلسطينية، خاصة أنه لم يكن ذا جدوى على صعيد وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، من قبل الجيش والمستوطنين، كما لم يؤدّ إلى إقناع إسرائيل بجدوى توجه القيادة الفلسطينية نحو التسوية في دولة فلسطينية. وفي هذه المسألة بالذات، أي مسألة التنسيق الأمني، بدت إسرائيل كأنها تأخذ مكافأة على احتلالها لأراضي الفلسطينيين، والسيطرة على حياتهم، وتنكيد عيشهم، إذ باتت تعيش في واقع من الاحتلال المريح والمربح، من كل النواحي.وعلى العموم فإن التعاطي مع قضية التنسيق الأمني ليس بيد الفلسطينيين، أي أنه لا يقتصر على ما يريدونه، أو ما يرغبونه، إذ إن إسرائيل هي التي تسيطر على مجمل نواحي الحياة في الأراضي الفلسطينية، وهو ما يعني أن لديها ما تقوله، والأهم ما تفعله، لإجهاض هذه الخطوة، والرد عليها. فهي التي تتحكم بحركة الفلسطينيين بين القرى والمدن، وهي التي تسيطر على المعابر الخارجية، فضلاً عن أنها تسيطر على التجارة وحركة الأموال، وعلى البنى التحتية، إلى درجة أن كل تفصيل يخص حياة كل شخص في الضفة وغزة، يتوقف على قرار إسرائيلي.وذلك يعني أن ثمنا باهظا ينتظر الفلسطينيين، في حال إقدامهم على تنفيذ قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير، والسؤال، هل يمكن للعرب أن يوفروا عنصر إسناد حقيقيا لتوفير متطلبات السلطة، التي تواجه بالفعل أزمة مالية شديدة الوطء، منذ مصادرة الدولة العبرية لمستحقاتها من الضرائب والجمارك؟.ووفقا لما يقوله السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة، وأمين سر المجلس المركزي، والذي شهد اجتماعاته الأخيرة برام الله التي قررت وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وإحالة القرار إلى القيادة الفلسطينية للبت فيه، لكاتب هذه السطور، فإن السلطة الوطنية تكابد نقصا واضحا في موازنتها بعد خسارتها مبالغ تتراوح بين 120 إلى 140 مليون دولار شهريا هي حصيلة أموال الضرائب والجمارك، وهو ما أدى إلى أن معظم العاملين بمؤسساتها لم يحصلوا على مرتباتهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وعندما تتحصل على بعض الأموال، فإنه يتم صرف المرتبات في حدود دنيا، خاصة أن الالتزام العربي بتوفير شبكة الأمان التي وافق عليها القادة العرب منذ القمة العربية التي عقدت في بغداد في مارس 2012 بقيمة 100 مليون دولار شهريا ما زال دون المستوى وضعيفا للغاية. ولم يشأ صبيح أن يكشف لي عن أسماء الدول التي لم تدفع مخصصاتها في هذه الشبكة أو الأرقام التي قامت بدفعها الدول القليلة جدا، وهي كلها هشة لا تلبي متطلبات يوم واحد في حياة الفلسطينيين، حيث تتراوح أعداد الموظفين بالجهاز الإداري والحكومي للسلطة الوطنية بين 160 و180 ألف موظف، إضافة إلى 40 ألفا من موظفي سلطة "حماس" في غزة، الذين تطالب الحركة بضمهم إلى مرتبات السلطة، أي أن العبء ثقيل وضخم وقيمة مرتبات هذه الأعداد تستنزف نصف موازنة السلطة التي تصل إلى بليوني دولار شهريا، يأتي أغلبها من الدول المانحة وبالذات الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، فضلا عن مستحقات السلطة لدى إسرائيل من الضرائب والجمارك.وثمة معضلة إضافية –كما يقول صبيح – تتمثل في إمكانية تنفيذ واشنطن لتهديدات الكونجرس لقطع المساعدات المالية عن السلطة والتي تتجاوز الـ600 مليون دولار سنويا. مما يعني أنها ستواجه كوارث مالية وإنسانية - والكلام لكاتب هذه السطور- وبالتالي فإنه ليس ثمة خيار أمام السلطة سوى البوابة العربية. والتي باتت مطالبة بالإسراع في توفير شبكة الأمان المقررة للسلطة، حتى لا تسقط في براثن الفك الإسرائيلي المفترس والذي سيشهد المزيد من الشراسة بعد عودة نتنياهو إلى السلطة مكللا بفوز مقدر، في الانتخابات الأخيرة، ومدججا بأسلحة الرفض لكل من حل الدولتين، أي أنه ما دام مستمرا في السلطة، فلن تكون ثمة إمكانية لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وبالذات في ظل مواصلة مشروعه الاستيطاني الاستعماري التوسعي، فضلا عن تهديد ائتلافه الحكومي الجديد باللجوء إلى سياسة قطع الرقاب، وتهويد القدس وإخفاء قطاع غزة من الوجود، تهجير فلسطيني ١٩٤٨، ضمن مشروعه بإعلان إسرائيل دولة يهودية كاملة. والمؤكد أنه لو استمر التقصير العربي في توفير شبكة الأمان العربية للسلطة الفلسطينية، فإن ذلك سيدفع إلى المزيد من العدوانية الإسرائيلية واشتداد الضغوط على الشعب الفلسطيني، مما قد يؤدي إلى تنفيذ أبو مازن لتهديدات سابقة له بحل السلطة الوطنية وهو خيار تخشاه الدولة العبرية بالدرجة الأولى، لأنه سيحملها مسؤولية إدارة الأراضي الخاضعة لاحتلالها في الضفة الغربية وغزة، مما ينطوي على كلفة عالية للغاية بشريا وماليا، رغم بقائها كقوة احتلال في معظم مدن الضفة، على نحو يجرد السلطة الوطنية من الكثير من صلاحياتها. ولكن هذا الخيار سيعيد الفلسطينيين في الوقت ذاته إلى المربع الأول الذي كانوا عليه قبل اتفاقية أوسلو في العام 1993، ومن ثم سيخسر معه الجانب الفلسطيني الكثير مما تحقق على الصعيد السياسي، وبالذات الاعتراف الخارجي الواسع بالدولة الفلسطينية وهو ما يستوجب تحركا عربيا لإعادة الأمور إلى نصابها على الصعيد المالي والاقتصادي، فضلا عن الدعم السياسي لتوجهات السلطة، سواء إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو التقدم بمشروع قرار جديد لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وفق جدول زمني لا يتجاوز عامين.وثمة آمال قوية، على القمة العربية السادسة والعشرين التي ستحتضنها مدينة شرم الشيخ المصرية يومي السبت والأحد القادمين، لتشكل نقلة نوعية في التعاطي العربي مع مختلف مفردات القضية الفلسطينية، وبالذات في الشق المالي الذي ينقص السلطة والشعب الفلسطيني، فهل تجتاح النخوة العربية قمة العرب في شرم الشيخ لصالح إنقاذ الفلسطينيين من حصار وخناق دولة الاحتلال؟.
298
| 23 مارس 2015
بالطبع ما يتعرض له اليمن في المرحلة الراهنة. أمر لا يليق بتاريخه ولا بشعبه العريق. ومن المؤسف أن تصل مآلاته إلى هذه الوضعية التي تسعى فيها قوة تتسم بالبعد الطائفي والمذهبي. إلى الهيمنة على مقدراته ومفاصل دولته. استنادا إلى منهجية القوة المفرطة. التي ثبت أنها لا تمتلك إمكانية الصمود. في وجه الإرادة الشعبية عندما تتحرك وتقرر التغيير. وليس ببعيد حراكها وثورتها في العام 2011. والذي أفضى إلى إسقاط نظام استمر يحكم أكثر من ثلاثين عاما.إن كل الأطراف مسؤولة عن هذه المآلات سواء في الداخل أو في الإقليم أو في العالم. لقد تركت جميعا الأمور تتفاقم على نحو دفع بالجماعة الحوثية. للتحرك باتجاه العاصمة والسيطرة على مؤسسات الدولة والقيام بانقلاب ضد الشرعية. صحيح ثمة قوة داخلية تحالفت معها هذه الجماعة. فضلا عن إسناد سياسي ولوجستي من إحدى القوى الإقليمية وهي بوضوح إيران. وهو ما منحها المبادأة في اعتماد الحل العسكري من دون انتظار الحلول السياسية. وتطبيق اتفاق الشراكة الوطنية والموقع مع مختلف القوى بما فيها الرئيس اليمني هادي عبدربه منصور. والذي رأى في سبتمبر الماضي ضرورة الانحناء للعاصفة. عندما قرأ بعناية حلفاء الداخل وشركاء الداخل مع ضعف المساندين له خاصة المؤسسة العسكرية. التي تشير التقارير إلى أن ولاءها الرئيسي ليس للشرعية التي يمثلها هادي. وإنما للرئيس السابق علي عبدالله صالح ونجله أحمد القائد السابق للحرس الجمهوري.وفي الوقت نفسه فإن ردة الفعل الخليجية على ما جرى من بدايات الانقلاب الحوثي في سبتمبر. لم تكن بالقوة التي اتسمت بها بعد ذلك. وهو ما أعطى رسالة خاطئة لهذه الجماعة المستقوية بالخصم الرئيسي لمنظومة مجلس التعاون الخليجي. فتمددت نحو المزيد من المحافظات والمناطق واقتربت من البحر الأحمر وباب المندب. وهو ما يشكل على نحو أو آخر مقاربة خطيرة لمحددات الأمن القومي للمملكة العربية السعودية - وبالطبع مصر- مما دفع الجانبين إلى التأكيد على ضرورة حماية الملاحة في البحر الأحمر وسلامة الممرات الدولية فيه. خلال القمة الأخيرة التي جمعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك سلمان بن عبدالعزيز.أما المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن. فاكتفى بإصدار البيانات الرئاسية والتنديد بمن اعتبرهم مسؤولين عن الإضرار بالعملية السياسية. وأعلن فرض عقوبات مالية وسياسية عليهم. وفي مقدمتها علي عبدالله صالح وقيادات ميدانية حوثية. دون أن يحدث ذلك أي تغيير في الموقف أو يدفع الجماعة الحوثية إلى تبنى توجهات تنسجم مع نداءات المجلس بالحوار والحل السياسي. وحتى وإن تجاوبت فسرعان ما تتخلى عن أي اتفاقات مثلما جرى مع اتفاق الشراكة الوطنية وغيره. وتلجأ إلى خيار القوة لفرض ما تريده وهو ما جرى في يناير الماضي. عندما أحاطت ميليشياتها بالقصر الرئاسي وفرضت علي الرئيس هادي ورئيس حكومته ووزرائه الإقامة الجبرية مما اضطر معه إلى الفرار إلى عدن وفق خطة أمنية محكمة.ومع تغيير المعادلة باستعادة الرئيس هادي لشرعيته من عدن. وإعلانه صنعاء عاصمة محتلة. ثم إعلان معظم دول مجلس التعاون الخليجي تكليف سفرائها بممارسة مهامهم منها. فضلا عن زيارات لشخصيات دولية الرئيس في عاصمته المؤقتة. توافرت مقومات جديدة لبدء عملية سياسية مغايرة. لا تخضع لشروط وتوجهات الجماعة الحوثية. خاصة أن العاهل السعودي وافق على استضافة حوار القوى اليمنية بالرياض. وفقا لما طلبه الرئيس هادي وهو ما حظي بموافقة ودعم كل من منظومة مجلس التعاون والجامعة العربية في الاجتماع الأخير لوزراء خارجيتها يوم الاثنين الماضي. وهو ما يستوجب الإسراع بالخطوات التالية: أولا: توجيه الدعوة لكل القوى الحزبية والسياسية اليمنية. بما فيها الجماعة الحوثية للمشاركة في حوار الرياض. والذي سيكون تحت رعاية منظومة مجلس التعاون. مع توفير كل الضمانات بتطبيق أي اتفاق توقع عليه هذه القوى برضاها. ومن دون ضغوط من أي طرف خاصة من الأطراف خارج المنظومة العربية. والتي لا تقوم بدعم وإسناد الجماعة الحوثية إلا ضمن أهداف مشروعها الإقليمي الذي يسعى إلى توسيع مناطق النفوذ الإيراني والذي أضحت صنعاء رابع عاصمة عربية تخضع له على حد وصف مسؤول إيراني رفيع المستوى.ثانيا: يتعين أن يتزامن الإعلان مع بدء الحوار عن حزمة من الحوافز الاقتصادية والمالية لليمن في حال موافقة القوى السياسية على اتفاق. ينهى تداعيات الانقلاب الحوثي. ويعيد الشرعية لرموز ومؤسسات الدولة اليمنية. على نحو يعيد بنائها ويجبنها حالة السيولة التي تعيشها منذ سنوات أربع تفاقمت بعد سيطرة الجماعة الحوثية على العاصمة صنعاء؟ثالثا: ليس ثمة ما يمنع أن تقود سلطنة عمان باعتبارها قريبة من كافة الأطراف: الجماعة الحوثية – الدولة اليمنية – مجلس التعاون مفاوضات مع إيران لإقناعها بالتخلي عن تأجيج الأوضاع في اليمن. لأن ذلك لن يصب في مصلحة المنطقة. ولا في مصلحتها بل إن ذلك سيوسع من دائرة العداء لها في الوطن العربي. على اعتبار أنها لا تسهم في استقرار الكثير من دوله بعد أن تحولت إلى لاعب رئيسي. في معادلة الصراعات الداخلية في بلدان مثل سوريا والعراق ولبنان وأخيرا اليمن. الأمر الذي يعنى أنها لا ترغب في علاقات ندية. وقيام أشكال من التعاون المشترك. وإنما يشير بوضوح إلى كونها مهدد لأمن هذه الدول. وبالتالي لأمن إقليم الخليج والخوف أن تندفع الأمور باتجاه لا يمكن السيطرة عليه. خاصة في ظل تداعيات ملف أزمتها النووية. والذي يرى مراقبون أنه قد يتيح لها الكثير من منافذ التمدد الإقليمي. مقابل التخلي عن عسكرة مشروعها النووي والقبول بالاتفاق الذي يتم إنضاجه على نار. تتراوح بين الاشتعال والهدوء في غير عاصمة أوروبية.ما العمل إن لم تقبل الجماعة الحوثية بكل هذه الطروحات التي ترمى إلى إيجاد حل شامل للأزمة التي كانت سببا رئيسا في تفاقمها وإدخالها أتون القوة المفرطة؟في تقديري ليس أمام شعب اليمن. إلا أن يستعيد زخمه الثوري ويخرج بملايينه. ليقيم في الميادين والساحات بصنعاء وغيرها من المدن والمحافظات. ويعلن أنه لن يتركها إلا بعد انسحاب ميليشيات الجماعة الحوثية ولجنتها الثورية في العاصمة ولجانها الأخرى في المحافظات التي تمددت إليها . وأعادت المؤسسات المستولى عليها للدولة بالإضافة إلى إعادة ما سلبته من أسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة إلى مخازن الجيش. ولاشك. أن وثمة رصيدا استراتيجيا ضخما من أبناء المحافظات. التي ما زالت . عصية على الاختراق الحوثي وفي مقدمتها مأرب وغيرها. يمكنه أن يشكل إسنادا حقيقيا لهذا الزخم الثوري. والذي بوسعه أن يغير من أوراق المعادلة. ويدفع بالحوثيين إلى جبال صعدة مرة أخرى. أو أن يقبلوا أن يكون طرفا ضمن أطراف العملية السياسية في اليمن. وأظن أن البيئة النفسية والسياسية باتت مواتية لهذا الحراك الثوري.إن أجهضت هذه الجماعة التي تتسم بضيق الأفق السياسي. وتعتمد على قوتها المفرطة حوار الرياض الذي يمثل الفرصة الأخيرة أمامها لتعود إلى صوابها ورشدها السياسي إن بقى منه شيء.
459
| 16 مارس 2015
تعمدت في رسالتي إليكم أن أستخدم مفردة الأمة وليس الدول العربية، لأن ذلك ينطوي على دلالة لعلها بديهية، مؤداها أنكم تنتمون إلى سياق جماعي واحد وليس إلى دول مختلفة، وإن احتفظت كل دولة بخصوصيتها الوطنية، ومناسبة هذه الرسالة هي اجتماعكم الثالث والأربعون بعد المائة في إطار مجلس الجامعة العربية، الذي تحتضنه القاهرة اليوم، وسأكون صريحا وواضحا معكم، ولن أخفي عنكم مشاعري كمواطن، وإن لم تختلف كثيرا عن مشاعري كصحفي مهتم بشؤون الأمة. وبعد تقديم واجب الاحترام لكم، أتطلع إلى أن تحدثوا هذه المرة تغييرا في نوعية وطبيعة قراراتكم، والتي تنطوي على أهمية خاصة، لأنها ستحال إلى قادة الأمة في قمتهم القادمة بشرم الشيخ يومي 28 و29 مارس الجاري، لأنها تمثل المرتكز والأساس الذي تستند إليه قرارات القادة، والتي يتطلع المواطنون إلى أن تكون هذه المرة، قادرة على التجاوب مع أشواقهم، في تجاوز ما تتعرض له الأمة من حروب، وانتكاسات لثورات الشعوب وعودة الطبقات التي كانت تحكم قبل هذه الثورات، ووأد الظواهر الإرهابية التي باتت تنتشر في شرايين الأمة، مثل انتشار النار في الحطب، والأهم من كل ذلك، اتخاذ الخطوات الضرورية والتي تأخرت طويلا ربما بفعل حسابات وتقديرات موقف غير صحيحة، خاصة على صعيد تحقيق الترابط والتكامل الحقيقي، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا. لم يعد ثمة مجال للمزيد من الخسائر والانهيارات والتراجعات، والتي جعلت أمتنا في ذيل قائمة التطور والنهوض الحضاري، رغم امتلاكها كل مقومات البقاء في مقدمته وصدارته، سواء من حيث القدرات البشرية أو الموارد والمكونات الطبيعية والثروات، وبعضها نمتلك فيه ميزات نسبية غير متاحة لغيرنا من الأمم، على النحو الذي يتوافر لدينا، فلماذا تبقى الأمة على هذا النحو من الإقامة في ذيل القائمة؟ لماذا لا تبحثون بجدية كل المعوقات التي قادت وما زالت تقود إلى هذه الحالة التي لا تنسجم مع موروثنا الحضاري، ومنظومتنا القيمية والدينية التي تحثنا بقوة على اقتحام كل مكونات الإنتاج والتميز والعطاء الحضاري في كل المجالات؟ قد يكون هذا الأمر سابقا لأوانه، ولا ينبغي طرحه في اجتماعات زاخرة بجدول أعمال مكون من 28 بندا، تتصل بكل هموم وقضايا وملفات الأمة السياسية والأمنية والاقتصادية والإعلامية، ولكن يا أصحاب السعادة والمعالي، لو أن الأمة عالجت من قبل هذه الأسباب والمعوقات، ووضعت الحلول لها دون تردد، لما بلغت الأمور هذا الحد من التردي في الأحوال، ولما كنا في هذه الوضعية التي نضطر فيها اضطرارا إلى الاستعانة بقوات الآخرين للدفاع لحمايتنا، من نفر خرجوا من بيننا زاعمين أنهم بصدد إعادة دولة الخلافة الإسلامية، مثلما يحدث في العراق وسوريا الآن.ولن أذهب بعيدا عن مفردات المرحلة الراهنة، لأنني على قناعة بأن الوقت لا يسمح بالتفكير بأكثر مما تتعرض له الأمة من اضطرابات وأحداث جسام غير مسبوقة في تاريخها كله، وبالتالي فإن اجتماعكم اليوم سيلقي عليكم العبء الثقيل لتقوموا بوضع الحلول لها، حتى تبدأ الأمة في استعادة بعض من عافيتها المفقودة، بيد أن ذلك يستوجب أن تضعوا في حسبانكم بالدرجة الأولى تحقيق الحد الأدنى من التوافق والتفاهم فيما بين مواقف حكوماتكم، لأنه لا ينبغي أن يكون اجتماعكم مخصصا اليوم لتحديد ملفات وبنود قمة باتت على الأبواب وثمة خلافات وتناقضات بين بعض دولكم يمكن بمناقشات هادئة بشأنها ومعرفة مسبباتها الحد من تداعياتها وتمهيد الأجواء لهذا الحد الأدنى من التوافق والتفاهم، فلا أحد يحلم بالتوافق والتفاهم الكامل، فذلك بات ترفا، وإن كانت الروابط والعوامل القوية فيما بين دولكم التي تنتمي إلى أمة واحدة تحتم ذلك.إن مكابدات شعوب في أقطار عربية تواجه الحروب الأهلية والمذهبية والطائفية، تستوجب منكم، يا أصحاب السعادة والمعالي وزراء خارجية الأمة، أن تسارعوا بوضع محددات واضحة وقاطعة لإنهائها، فما يجري في سوريا واليمن وليبيا فضلا عن العراق، لا يجب أن يستمر بأي حال من الأحوال، ولا ينبغي أن يكون موضعا لتباين أو مساومة، أو صفقات مع أطراف خارجية على حساب هذه المكابدات، خاصة بعد هذا السيل من التدفق في سفك الدماء والقتل والذبح للأبرياء وتدمير البنى التحتية، فضلا عن الموروث الحضاري على أيدي جماعات تفهم الإسلام بالمقلوب وليس وفق رؤية السلف الصالح والذين كانوا أكثر استنارة منها، لأنهم حافظوا على كل مقتنيات الشعوب التي دخلت في دين الإسلام، سواء بالفتح أو بالتجارة أو بغيرهما، فبقيت حتى يومنا هذا ولم تتعرض للتدمير أو التخريب أو النهب أو المتاجرة فيها مثلما يفعل "داعش" وغيره من تنظيمات الإرهاب. الأمر جد خطير ولا ينتظر منكم سوى اتخاذ القرارات التي تنطوي على آلياتها التنفيذية حتى يمكن عرضها على قادة الأمة ليتم تطبيقها على الفور وبعضها قد لا ينتظر حتى انعقاد القمة القادمة، المهم دخولها حيز التنفيذ لحماية مقدرات شعوب الأمة وبالطبع ليس بمقدور صحفي متواضع مثلي أن يملي عليكم ما يمكن أن تقرروه في هذا الشأن، لكني على دراية بأن ثمة دراسة شاملة أعدها الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة بعنوان صيانة الأمن القومي العربي وقدم لكم محتواها في اجتماعكم الاستثنائي منتصف يناير المنصرم وقررتم إحالتها إلى المزيد من الدراسة وأظن أنها باتت جاهزة للعرض عليكم وهناك حماس شديد من قبل الأمانة العامة للجامعة بأن تحظى ما تتضمنه هذه الدراسة من خطوات عملية ومحددة بتقديركم لإقرارها ثم إحالتها إلى القادة، خاصة أن هناك قرارا مهما أصدره اجتماعكم العادي في سبتمبر الماضي يتعلق بحماية الأمن القومي العربي وهو ما يعني أن هناك أرضية متوافرة للانطلاق منها للبدء في فرض محددات هذه الحماية حتى لا تسقط الأمة في براثن الخوف والإرهاب والتقسيم على أسس مذهبية وطائفية تريدها القوى المناهضة لها لتحقق مشروعها في إعادة رسم خارطة المنطقة وفي المقدمة الدول المنتمية للأمة. وقبل أن أختم رسالتي حتى لا أطيل عليكم – أصحاب السعادة والمعالي – أرجوكم، لا تتجاهلوا قضيتنا الأولى والمتمثلة في استمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وغيرها من الأراضي العربية منذ أكثر من سبعة عقود، ضعوها في حساباتكم، ولكن بعيدا عن اللغة الإنشائية التي اعتدنا عليها في بياناتكم وقراراتكم السابقة، هذه المرة أتطلع إلى إجراءات جلية القسمات تفعل قرارات سابقة للقادة ولكم، بشبكة أمان للشعب الفلسطيني بمائة مليون دولار شهريا، كخطوة تسهم في صموده في وجه الهجمة الشرسة من حكومة التطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، التي قطعت عنه مستحقاته وحقوقه المتمثلة في عائدات الضرائب والجمارك، فضلا عن تمكينه من مواجهة تهديدات الكونجرس الأمريكي الذي يمثل الذراع السياسية لهذه الحكومة بوقف المساعدات المالية، فمن الأولى بهذا الشعب؟ أليس نحن أبناء هذه الأمة التي ننتمي إليها جميعا؟. إنني أعلم أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، غير أنني أحلم هذه المرة بأن تشهد اجتماعات اليوم، إشارات على انبثاق روح عربية جديدة لتغزل زمانا، بصراحة، اشتقنا لأن نبصره بأعيننا ونلمسه بأصابعنا، خاصة أنني على دراية بأنكم تمتلكون جميعا حسا قوميا رفيع المستوى ورؤية واسعة الأفق لقضايا الأمة.لكم مني المحبة والسلام..
322
| 09 مارس 2015
قبل ثورات الربيع العربي التي اندلعت مع مطلع العام 2011، كانت مفردات ووقائع القضية الفلسطينية هي المهيمنة على الصفحات الأولى في صحف المنطقة، فضلا عن متابعة التفاصيل باستطراد أوسع في الصفحات الداخلية، وعلى رأس نشرات المحطات التلفزيونية والإذاعية، ثم بدأت المساحات سواء الزمنية أو المكانية، تخفت تدريجيا حتى تكاد أن تنزوي إلى ذيل الصفحات والنشرات وفي بعض الأحيان لا تجد لها موقع قدم في هذه المساحات، من فرط تصاعد وتمدد الأحداث والتطورات في المنطقة، من سوريا والعراق، مرورا بليبيا واليمن ووصولا إلى مصر. وهو أمر جعلني أتساءل: هل بدأ العرب يتجاهلون القضية على الرغم مما يبدو في بعض الأحيان من اهتمام تبديه الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي، متجليا في عقد اجتماعات طارئة لوزراء خارجية الدول الأعضاء بهما، بحضور الرئيس محمود عباس أبو مازن، وبلغ الأمر مداه بالتوجه إلى مجلس الأمن نهاية ديسمبر الماضي، وهي المحاولة التي تم إجهاضها لاستصدار قرار ينهي الاحتلال الصهيوني خلال فترة زمنية محددة، بفعل التآمر الصهيوأمريكي، ثم توقف الأمر عند هذا الحد، ولم يقع تطور جديد، خاصة مع حالة الركود المتزامنة مع قرب إجراء انتخابات الكنيست الصهيوني خلال الشهر الحالي، وهو أمر- سواء أبينا أم شئنا- يفرض معادلته على مجريات القضية الفلسطينية، التي باتت ملغومة بالمتغيرات والمؤثرات الخارجية، بأكثر من تأثرها بمعطياتها الداخلية، والتي أضحت بدورها تصب بمنحى سلبي من فرط استمرار الانقسام الفلسطيني، بالذات بين حركتي فتح وحماس، اللتين يبدو أنهما لم تبلورا إرادة حقيقية باتجاه إنجاز فعل المصالحة.ومع ذلك، فثمة حراك للإبقاء على جذوة القضية مشتعلة، قادته مؤخرا بالقاهرة مؤسسة ياسر عرفات، التي يرأس مجلس إدارتها الدكتور ناصر القدوة ابن شقيقة الزعيم الراحل، على هامش اجتماع مجلس أمنائها السنوي الذي عقد يوم الأربعاء الماضي برئاسة السياسي البارع عمرو موسى بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، والتي أطلقت مساء اليوم نفسه الدورة الأولى لمنتدى الحوار والذي اتخذ عنوان "إنجاز الاستقلال الوطني والسيادة الإستراتيجية المطلوبة للدولة الفلسطينية".وفي هذا المنتدى حدد كل من الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية وعمرو موسى، والذي كان أمينا عاما للجامعة قبله، محددات التعامل مع مسار القضية الفلسطينية، الذي تعرض لضربات موجعة خلال ربع القرن الأخير، منذ توجه العرب إلى المسار التفاوضي، وسط حالة ضعف بنيوي، وتركيز كل أوراقهم في السلة الأمريكية تنفيذا لمقولة الرئيس المصري الراحل أنور السادات والذي أعلن أن 99 في المائة من أوراق القضية بيد واشنطن.وأول هذه المحددات يتمثل في ضرورة الإعداد الجيد قبل التوجه بمشروع قرار عربي جديد لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال وذلك يعني القيام بدراسة واقعية لعوامل الفشل التي أجهضت المشروع الأول، سواء على مستوى الصياغة التقنية أو الاتصالات مع الأطراف المؤثرة ووفق معلومات خاصة، فإن الجامعة العربية بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية بدأت هذه الاتصالات مع عدد من العواصم المهمة، وإن كنت أعتقد أن معظم هذه الأطراف، لن يكون بمقدورها أن تتحرك إلا عقب تشكيل الحكومة الصهيونية، بعد إجراء انتخابات الكنيست الشهر الحالي وتلك عملية قد تستغرق وقتا طويلا بسبب التناقضات بين التيارات المختلفة، خاصة اليمينية والمتطرفة التي ترغب في الهيمنة على المشهد السياسي في الكيان الصهيوني.وبالتأكيد فإن الانتخابات المقبلة ستفضي إلى المزيد من صعود اليمين المتطرف إلى السلطة بقيادة بنيامين نتنياهو، متحالفا مع قوى أشد تطرفا في أغلبها من قطعان المستوطنين - حسب تعبير السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة – وهو ما سيقود إلى توسيع دائرة التلكؤ في التعاطي مع ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، في ظل الإسناد الواضح من قبل الإدارة الأمريكية التي لم تتمكن طوال العامين المنصرمين من تحقيق أي اختراق، رغم التعهدات التي قدمها كل من نائب الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري لوفد من وزراء الخارجية العرب زار واشنطن في مارس من العام 2013، ووفقا لرؤية عمرو موسى، فإن التحرك المقبل للعرب عندما يحين الوقت ينبغي أن يستند إلى ضرورة أن يصدر مجلس الأمن التوجيه اللازم من خلال قرار واضح ومحدد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووفق إطار زمني، واستنادا إلى نقاط أساسية للحل، تتضمن عدة مبادئ، منها عدم جواز الاستيلاء على الأرض، وبأن الأمن هو أمن الجميع للفلسطينيين والإسرائيليين، معتبرًا في هذا الصدد أن الإطار الأسلم للجميع ما زال هو المبادرة العربية بصيغتها الحالية دون تغيير أو تعديل، مطالبا بالدخول في مفاوضات مع القوى المؤثرة لضبط أطر أي مشروع لقرار يتم طرحه بمجلس الأمن، مشيراً إلى أن أفضل وسيلة لهذا التفاوض هي الجامعة العربية التي تقود العمل العربي المشترك. ثاني هذه المحددات يكمن في الإسراع بإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، والتي تمثل الخطر الرئيسي أمام تصليب مواقف الطرف الفلسطيني في تفاوضه مع الكيان الصهيوني، ويمكن القول في هذا السياق: إن تداعيات الانقسام على مدى السنوات التسع الماضية، منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، شكلت ثغرة رئيسية في جدار القوة التفاوضية الفلسطينية، وهو ما عبر عنه عمرو موسى بقوله: ما دام الفلسطينيون منقسمين، فلن يكون هناك موقف تفاوضي قوي يعبر عنهم جميعا.وحسب منظور الدكتور نبيل العربي فإن ما يسمى بمعسكر السلام داخل الكيان أصيب بصدمة من جراء تفاقم الانقسام الفلسطيني، والمرء يتساءل: هل غابت بالفعل الرؤية الصحيحة وضاقت العبارة لدى القيادات الفلسطينية لتنأى عن إتمام المصالحة، فيسعى كل طرف إلى من يعتبرهم حلفاء له خارج المنظومة الوطنية، فضلا عن التحرك الاستخباراتي الصهيوني النشط من خلال بث المعلومات والتصريحات المكذوبة لتوسيع هوة الخلاف وللأسف يصدقها البعض من هذا الفصيل أو ذاك، فتظل الفجوة متسعة مصحوبة بسيل من الاتهامات وفي بعض المراحل الخطوات أحادية الجانب، سواء في الضفة أو في القطاع، والتي تضر بالقضية الفلسطينية بالضرورة، وبالتالي لم يعد ثمة خيار أمام الجانب الفلسطيني، سوى العودة إلى المصالحة الوطنية بإرادة صلبة وبدون تمييع من هذا الطرف أو ذاك وإلا فلن تكون ثمة دولة مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. ثالثا: التحرك باتجاه تجنيد الطاقات المتوافرة في مناطق عديدة في العالم التي تؤيد القضية الفلسطينية، وفي المقدمة منها البرلمانات الأوروبية، للحصول على المزيد من قراراتها بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، لاسيَّما بعدما أقدمت عليه برلمانات بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا يوم الجمعة الفائت، وغيرها، وبالطبع في المقدمة من كل هؤلاء جميعا البرلمان السويدي الذي قاد زمام المبادرة وتجاوبت معه حكومته التي أعلنت الشهر الماضي رفع مستوى تمثيلها مع دولة فلسطين إلى مستوى سفارة.وتقديرا لهذه الخطوة وجه الدكتور نبيل العربي الدعوة لوزير خارجيتها لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في دورته العادية الـ143. والسؤال: هل يكفي ذلك لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من حيث الاهتمام السياسي والإعلامي؟ هي خطوات مطلوبة في الوقت الراهن، بيد أن ثمة خطوات أخرى عديدة، يتعين الاستعداد لها لاستعادة حقوق فلسطين وبناء دولتها المستقلة.
676
| 02 مارس 2015
ثمة خطر حقيقي باتت تمثله الجماعات والتنظيمات التي ترتدي حلة الإرهاب، والتي لا يقف تهديدها عند حد محاولة تقويض الدولة الوطنية في النظام الإقليمي العربي, بل مجمل أمنه القومي, وهو ما يستوجب البحث عن إطار مغاير, لكل الأطر والقنوات والمنافذ المتاحة حاليا, فضلا عن التصورات القائمة للتعاطي بحسم مع هذا الخطر، وذلك بعد ثبوت فشلها في التصدي للظاهرة التي توصف في الأدبيات السياسية بالآفة إن لم تكن قد أسهمت في توسيع هامشها وتمددها مثلما حدث في الأشهر القليلة المنصرمة فتمدد تنظيم مثل داعش في مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا وأخيرا وجد له موقع قدم في ليبيا، وأعلن عن حضوره بقوة في كل منطقتي درنة وسرت وقدم أوراق اعتماد هذا الحضور, عبر الإقدام على إعدام 21 عاملا مصريا ينتمون إلى ديانة أخرى ذبحا بأسلوب شديد الهمجية.والمنظور العربي للتعاطي بحسم مع الإرهاب بات عنوانا دائما, في كل لقاء ومنتدى ومؤتمر, سواء بمشاركة النخب الرسمية أو النخب السياسية والفكرية وهو أمر محمود, بيد أنه لم ينتج حتى الآن سوى تصورات غير قادرة على ملامسة الواقع, وتتسم بالفعالية المحدودة في تحليل الظاهرة ومنهجية العمل للخلاص منها ليس على المدى المنظور, ولكن على المدى البعيد, حتى تتفرغ مجتمعاتنا العربية للبناء, عوضا عن تركيز جهودها ومقدراتها وطاقاتها في حروب داخلية مع تنظيمات تشرع سيف التمرد تحت راية الإسلام. وفي هذا السياق, ثمة طروحات ظهرت في الآونة الأخيرة تدعو إلى فكرة بناء قوة عربية مشتركة لدحر الإرهاب, كان في مقدمتها اقتراح الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية, والذي جاء ضمن الدراسة المهمة التي أخذت عنوان "صيانة الأمن القومي العربي"، وتقدم به للاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة, الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية منتصف يناير الماضي, والذي يستند إلى ميثاق الجامعة العربية الصادر في العام 1947, واتفاقية الدفاع العربي المشترك المبرمة في العام 1950 والبروتوكولات الإضافية لها التي تتضمن إيجاد نظام دفاعي إقليمي مشترك مرن, ومتكامل للدفاع الجماعي وحفظ السلم والأمن في المنطقة, وإنشاء قيادة عامة موحدة لقوات التدخل العسكرية, وفقا لمقتضيات المعاهدة أو أي صيغة أخرى يتم التوافق عليها. واللافت أن الاقتراح تضمن الدعوة لعقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع العربي المشترك (وزراء الخارجية العرب ووزراء الدفاع لبحث إمكانية تشكيل قوات التدخل العسكري العربي والآليات اللازمة لعملها ومرجعياتها السياسية والقانونية ووسائل تنظيم عملها وتشكيلاتها العسكرية والدول الأعضاء والمساهمة فيها, إلا أنه سرعان ما صدر تصريح من الأمانة العامة للجامعة, ينفي مثل هذه الدعوة, الأمر الذي عكس قدرا من التباين في مواقف الدول العربية خلال الجلسة المغلقة, التي عقدها وزراء الخارجية في اجتماعهم الطارئ لبحث هذه الدراسة, التي قام الأمين العام للجامعة بإعدادها بناء على تكليف سابق من وزراء الخارجية العرب, فتقرر إجراء المزيد من المناقشات في قطاع الأمن القومي بالجامعة وهو قطاع مستحدث ضمن هيكلية الأمانة العامة ومكلف بمتابعة كل الشئون ذات الصلة بقضايا الأمن القومي والمهددات التي تواجه النظام الإقليمي العربي.وحسبما يقول السفير محمد صبيح الأمين المساعد للجامعة العربية لشئون فلسطين والأراضي المحتلة لكاتب هذه السطور, فإن الجامعة تنبهت مبكرا لهذا الخطر الإستراتيجي, الذي تجسده هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية وفي صدارتها "داعش", والذي يسعى إلى زعزعة النظام الإقليمي العربي بأسره , وترويع مواطنيه العرب على الأرض العربية, من خلال استعمال أساليب وحشية قاسية خارجة عن تقاليد هذه الأمة وأعرافها, ودينها السمح بهدف واحد على الرغم من تباين مسميات هذه الجماعات والتنظيمات, يتمثل في محاولة النيل من الدين الإسلامي وسمعة المسلمين والإسلام عبر عمليات وحشية إجرامية, تجلت في آخر مظاهرها في هذا العمل الإجرامي الذي أصاب مجموعة من المواطنين المصريين الآمنين العزل, والتعامل بهذا القدر من القسوة معهم مما استوجب إدانة عربية شاملة لهذا الفعل. وفي ضوء هذه المعطيات, فإنه بات من الضرورة بمكان, بلورة موقف عربي موحد, في التعاطي بفعالية مع المخططات التي تعمل هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية على تنفيذها في المنطقة العربية. وقد سألت ضمن بحثي عن كيفية التعامل مع هذه الإشكالية السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشئون العربية, عن منظوره لتشكيل قوة عربية مشتركة, فأفاد بأنه كان من أوائل من طرحوا مثل هذا المقترح, في كتابه الذي أصدره في العام 2010 بعنوان"الدبلوماسية المصرية والهموم العربية", مضيفا: لقد طالبت آنذاك بتشكيل قوة عربية للتدخل السريع في حالات الطوارئ ووجود أي مهددات لأمن إحدى الدول العربية, وذلك تنفيذا لجوهر اتفاقية الدفاع العربي الموقعة بين الدول الأعضاء بالجامعة العربية في العام 1950, أي بعد تأسيس الجامعة بخمس سنوات, ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تحديث أي آلية للتعاون العسكري فيما بين الدول العربية باستثناء تأسيس مجلس للأمن والسلم, والذي ما زال يخضع للدراسة, ومن ثم فإنه بات مطلوبا بإلحاح تشكيل قوة عربية تضم الدول الأعضاء بالجامعة العربية الراغبة في الانضمام إليها, والقادرة والفاعلة مثل مصر والسعودية والإمارات والمغرب والجزائر وغيرها, بما يتفق مع أهداف ميثاق الجامعة وكذلك ميثاق الأمم المتحدة. وتكمن الأهداف المنوطة بهذه القوة- كما يقول - في التعامل مع التنظيمات الإرهابية,عندما تعرض أمن إحدى الدول العربية للخطر مثلما حدث مع كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا, إلى جانب توفير الحماية للمدنيين في أي دولة عربية عندما يواجهون أي مخاطر, بالإضافة إلى إمكانية القيام بتنسيق توصيل المساعدات الإنسانية, ومساعدة اللاجئين والنازحين, والعمل على إعادتهم إلى مناطقهم وغير ذلك من مهام تستوجب وجود مثل القوة المشتركة. على أية حال، فإن خيار تشكيل هذه القوة, بات مطروحا داخل أروقة الجامعة العربية التي تقوم قطاعاتها السياسية والأمنية بدراسته بتوسع وعمق على نحو يدفع به ,إلى الواقع العملي- وحسب مصدر رفيع المستوى بالأمانة العامة للجامعة العربية- فإن هذا الخيار سيكون على رأس الملفات التي سيتم طرحها على القمة العربية السادسة والعشرين التي ستعقد بشرم الشيخ يومي 28 و29 مارس المقبل بعد أن يتم إقراره من قبل الاجتماع التحضيري للقمة ضمن الدورة الـــ143 لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية, في الأسبوع الأول من الشهر نفسه. ويأتي تنظيم "مؤتمر الأمن الإقليمي والتحديات التي تواجه الدول العربية "والذي ينظمه المجلس المصري للشؤون الخارجية بالتعاون مع جامعة الدول العربية، اليوم الإثنين والذي سيشارك فيه نخبة من أبرز رؤساء مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية العربية كخطوة ممهدة لتعاطي وزراء الخارجية العرب والقادة العرب مع المسألة الإرهابية, خاصة أنه سيركز على اقتراح عدد من الإجراءات والتدابير العملية القابلة للتنفيذ لمكافحة الإرهاب, في مقدمتها الإمكانيات المتاحة لإنشاء منظومة دفاعية وأمنية عربية مشتركة لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
279
| 23 فبراير 2015
يوشك اليمن أن يصبح دولة فاشلة، إن لم يكن قد دخل هذه المنطقة فعليا بالذات مع سيطرة الجماعة الحوثية على العاصمة، ومفاصل الدولة والقيام بانقلاب واضح المعالم تجلى في إصدار إعلان دستوري، يلغي كل المؤسسات القائمة ويدعو إلى تشكيل مجلس وطني جديد ومجلس رئاسي، وبناء مرجعية عليا أطلق عليها مسمى اللجنة الثورية تؤول إليها كل الصلاحيات، وهي خطوة أشبه بولاية الفقيه المطبقة في إيران وإن اتخذت وصفا مغايرا.وجاءت هذه التطورات عقب الخطوة الأهم التي أقدمت عليها الجماعة والمتمثلة، في سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 20 الماضي ومنذ ذلك الوقت تحولت- كما يقول الدكتور حمود ناصر القدمي الدبلوماسي والأكاديمي متخصص في الشأن اليمني - إلى الرقم الأهم في المشهد السياسي اليمني، ولم تكتفِ بذلك، حيث أقدمت على إسقاط دار الرئاسة، في 21 يناير الماضي، بما فيها من قوة عسكرية وسلاح حديث بمختلف أنواعه، في مشهد غير مسبوق في التاريخ العسكري اليمني، بل إنها قامت بمحاصرة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح بحجة فشلهما في تنفيذ اتفاقية "السلم والشراكة" ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، رغم أنها كانت السبب الرئيسي والعقبة التي حالت دون تنفيذ أيٍّ من تلك الاتفاقات الموقعة، وهو ما دفع منصور وبحاح للاستقالة نظرًا لعدم قدرتهما على إدارة شؤون الدولة في ظل سيطرة الجماعة، وتحكمها في جميع مفاصل السلطة.لكن رغم سيطرة الحركة على مراكز السلطة في الدولة، فإنها -على ما يبدو- لم تكن تتوقع اتجاه الرئيس منصور إلى تقديم استقالته، فمن خلال معطيات الأحداث وعبر الآلية التي اتبعتها الجماعة منذ سيطرتها على صعدة، مرورًا بعمران وحتى وصولها العاصمة، كانت هي المتحكمة في صنع القرار في كل المناطق التي خضعت لسيطرتها، بينما تحولت مؤسسات الدولة ومسؤولو الدولة الرسميون إلى مجرد "ظل" لتنفيذ إرادة الجماعة وسياستها.واللافت في هذا السياق، هو أن هذا الوضع بقدر ما دعم من جهود الحركة في التحكم في مجمل مفاصل السلطة، بقدر ما يضعها أمام مأزق ربما لم يكن في حسبانها، خاصةً في ظل افتقادها خبرة إدارة الدولة، فضلا عن تفكك مؤسسات السلطة، ومعارضة القوى السياسية الأخرى لتصرفات الجماعة وسياستها المتبعة من إكراه وإجبار.وبوسعي القول إن الجماعة الحوثية ليست المسؤولة بمفردها عن حالة الفوضى التي دخل فيها اليمن، فالقوى السياسية والحزبية أسهمت بتقاعسها وعدم تمكنها من بلورة توافقها على أجندة وطنية وفرت البيئة للانقلاب الحوثي، ناهيك عن منهجية التآمر، التي اعتمد عليها حزب المؤتمر الشعبي وزعيمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذي قدم الدعم اللوجستي، عبر أنصاره في المؤسسة العسكرية والأمنية والحرس الجمهوري للحوثيين، ليحققوا مقاربة السيطرة على العاصمة والاستيلاء على مقر الرئاسة ومحاصرة الرئيس هادي، فضلا عن ذلك الغياب الإقليمي والعربي، بل والدولي الواضح، عن محاولة التأثير على تمدد الحوثيين في بداية تقدمهم باتجاه العاصمة، وتركت الأمور تتفاقم من دون ممارسة أي ضغوط سواء سياسية أو اقتصادية أو حتى عسكرية مستترة، من خلال تقديم دعم تسليحي ومعلوماتي للجيش اليمني ليستمر في الصمود أمام الهجمة والاندفاعة الحوثية ، التي أظهرت رغبة دفينة في استعادة الماضي التليد والتمكن من دولة بحجم اليمن ومقوماتها الجيوسياسية لتكون ضمن مناطق نفوذ إيران، مثلما عبر عن ذلك مسؤولون رسميون في طهران، مظهرين قسمات الابتهاج بما أطلقوا عليه الانتصار الكبير لثورة 21 سبتمبر حسب تعبير زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي يبدو أنه يمارس نفس دور المرشد العام للثورة الإسلامية في إيران أو دور حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، وإن كان الأخير يمتلك قدرا أكبر من الذكاء السياسي من الحوثي، فهو لم يسع إلى فرض الهيمنة الكاملة على مؤسسات الدولة اللبنانية، مكتفيا بمناطق نفوذ، سواء في الضاحية أو في الجنوب، مدركا بطبيعة الحال جوهر التركيبة الداخلية في بلاده، فضلا عن التعقيدات الإقليمية والدولية المحيطة، وهي تقريبا التعقيدات ذاتها المحيطة باليمن، والذي أخشى ما أخشاه أن تقود ممارساته التي تتسم بالرعونة والعجز عن إجراء تقديرات موقف واقعية في ضوء هذه التعقيدات مراهنا على الإسناد القادم من قم وطهران فحسب.ومن المؤكد أن التحرك الخليجي الذي رغم تأخره، جاء حاسما في الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون بالرياض مساء أمس الأول – السبت – ينطوي على خطوة بالغة الأهمية، بعد دعوة مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح التدخل العسكري الدولي، ردا على الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي في اليمن، فمن شأن هذه الخطوة أن تدفع الجماعة الحوثية إلى تبديل مواقفها المتصلبة والرامية إلى فرض توجهاتها، عبر آلية القوة المفرطة وتغيير المعادلة والتركيبة السياسية في اليمن - وفق أهواء الزعيم، وربما طهران الداخلة بقوة على خط الأزمة اليمنية، حسب تصور لدى بعض دوائرها الحاكمة، يتمثل في أن التمدد الحوثي في اليمن يتيح لها الوصول إلى البحر الأحمر ، ومن ثم مضيق باب المندب ذي الأهمية الإستراتيجية، والتي تعادل أهمية مضيق هرمز في الخليج العربي ومعنى ذلك أنها ترغب في أن تكون قريبة من المضيقين الإستراتيجيين، الأمر الذي لن تسمح به قوى إقليمية وعربية ودولية، وقد تتداعى الأمور إلى الدخول في مرحلة من التوتر في المنطقة لا تتحمله بكل ما فيها من أزمات واضطرابات غير مسبوقة.لم يعد أمام الجماعة الحوثية التي تفتقر إلى الخبرة السياسية في إدارة دولة بحجم اليمن، فضلا عن ضيق أفقها السياسي والأيديولوجي، إلا أن تتجاوب مع مطالب شباب الثوار الذين خرجوا خلال الأيام الأخيرة في عواصم المحافظات شمالا وجنوبا رافضين الانقلاب، ومطالبين بالانسحاب من المدن والمؤسسات الحكومية التي هيمنوا عليها بقوة السلاح وما زالوا يحتلونها، ويفرضون الوصاية على مسؤوليها وإقالة من لا يتعاون معهم ، والعودة عن محاصرة الشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة، وهو ما يتسق مع مضمون قرار من المفترض أن يكون مجلس الأمن الدولي -قد أصدره مساء أمس - يدعو الجماعة إلى التراجع عن الخطوات التي أقدمت عليها وحلت بموجبها البرلمان، وسيطرت على مفاصل الدولة وتطبيع الوضع الأمني في العاصمة والمحافظات، والإفراج عن الأشخاص المحتجزين والموضوعين قيد الإقامة الجبرية، وبتسليم الأسلحة التي تمّ الاستيلاء عليها من المؤسستين الأمنية والعسكرية، إلى جانب الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، فهل تستجيب الجماعة لتدفع عن اليمن تداعيات تطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتنأى به عن حرب أهلية تبدو نذرها في احتشاد القبائل ذات الدور المحوري سياسيا وعسكريا، فضلا عن حالة الاستنفار لدى تنظيم القاعدة ، وهو ما يعني دخول البلاد حربا أهلية ذات صبغة طائفية يراق فيها الدم الكثير وينتج عنها الخراب والدمار اللامحدود، والخطر الأهم هو توفير البيئة الحاضنة للحراك الجنوبي لتنفيذ تهديداته بالانسلاخ عن اليمن الموحد وإقامة دولته المستقلة.
317
| 16 فبراير 2015
أكتب.. أكتب عن الوجع.. عن أحزان أمة.. تقتل بنيها.. تلتهم أجسادهم. أرواحهم.. تحرقهم أحيانا.أكتب.. أكتب عن هذه القسوة المفرطة.. عن هذا الغياب الواضح للضمير في التعامل مع الآخر المغاير فيتم سحله وذبحه وتقطيع أجزاء جسده. لا يهم. المهم إرضاء شهوة الانتقام.. الرغبة في فرض الحضور الوهمي لسلطة عبثية ثيوقراطية تعيد إنتاج أفكار لا تتسق مع روح الدين الزاخر بالسماحة. المسكون بالتسامح والعفو عند المقدرة. و"اذهبوا فأنتم الطلقاء". وفق ما أبلغ به المبعوث رحمة للعالمين. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قومه إثر فتحه مكة عقب سنوات من المناهضة والمكايدة والعدوان عليه وعلى صحابته وعلى رسالته الجديدة. التي حاولوا إطفاء توهجها وضيائها ’ بيد أن من بعثه - الله سبحانه وتعالى- حماه ونصر دينه مؤسسا لزمان جديد ينهض على المحبة واحترام الإنسان. أي إنسان ما دام لا يبادر بالعدوان. أو يمارس الانتهاك ضد حقوق المسلمين.في زماننا تكونت جماعات مرتدية عباءة الإسلام رافعة السيف فحسب. بينما هو قائم على الدعوة "بالحسنى والموعظة الحسنة " فانطلقت تخرب في أرض المسلمين. وتقتل أبناءهم وتستحي نساءهم وتصلب وتقطع أوصالهم والهدف ليس نشر الدين. وإنما بعث الرعب في قلوب الآمنين وملاحقتهم وطردهم من منازلهم وممتلكاتهم وتشريدهم. وأخذ نسائهم سبايا ولا مانع من بيعهم في سوق للجواري أو بالأحرى للمتعة. هل حقا ذلك هو ديننا الحنيف. وهل كان يجري ذلك على أيدي السلف العقلاء؟ الذين طبقوا قواعد الدين بكل دقة. وبما لا يتعارض مع روحه وفطرته السمحة والنظيفة إلا من بعض مراحل انتشرت فيها فتن مماثلة لفتن هذا الزمان وظهرت فيها جماعات كفرت وقتلت المسلمين.وثمة سؤال يتبادر إلى ذهني كلما تابعت عملية قتل أو تخريب لهذه الجماعات التي تتعدد مسمياتها وعناوينها. لماذا لا تجرؤ على التوجه إلى العدو الحقيقي للأمة وهو الكيان الصهيوني لتقاتله وتواجهه وتقض مضاجعه وتذبح جنده المتورطين في قتل وسلب وانتهاك حقوق العرب والفلسطينيين؟ ما الذي يحول دون ذلك؟ لو قالوا: الجغرافيا هي السبب وأن الأنظمة العربية لا تفتح لهم الحدود، فذلك مردود عليه بأنهم باتوا منذ عدة أشهر على تماس مباشر مع هذا العدو بعد سيطرتهم على الحدود مع الجولان المحتلة. وبالتالي الإمكانية واسعة لتوجيه قدراتهم الهائلة وطاقاتهم المتفجرة إلى هذا العدو.أم أن هذه القدرات والطاقات لا توجه إلا لأبناء المسلمين بالاستيلاء على أراضيهم والقتل والتشريد لفلذات أكبادهم.عندما توجه تنظيم القاعدة بضرباته الموجعة للولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001. اختار الهدف الخطأ صحيح أن أمريكا هي الداعم الرئيسي للكيان والحامي له. وفق تحالف استراتيجي أبدي لكن من يمارس القتل في الفلسطينيين هم قطعان بني صهيون. الذين كانوا أولى بهذه العملية. وربما حصدوا تأييدا ومساندة واسعة من العرب والمسلمين في كافة الأنحاء. وعندما كان أهل القاعدة وداعش يقاتلون قوات الاحتلال الأمريكي في العراق. كانوا يحظون ببعض الشرعية. غير أنهم عندما وجهوا سلاحهم إلى العراقيين - حتى ولو كان ثمة تناقض مع النخب الحاكمة وبعضها كان صنيعة الاحتلال الأمريكي - فقدوا هذه الشرعية لأنه بالإمكان ممارسة التغيير من خلال المحددات الديمقراطية. ومبدأ تداول السلطة لا القيام بهذه الهجمات الفجة والسيطرة على المحافظات والمدن من خلال التمدد باستخدام القوة المفرطة. وممارسة التهجير القسري ضد السكان مسلمين بما في ذلك السنة والشيعة ومسيحيين وإيزيديين.وبدلا من أن يركز تنظيم داعش على مواجهة النظام السوري المتسلط، وجه طاقته لمحاربة الفصائل المسلحة الأخرى، التي تقاتل ضد هذا النظام فاختلطت الأوراق وبات إرهابه واضحا. بل ثمة من حدثني من قادة المعارضة عن تحالف ضمني بين هذا التنظيم والنظام في دمشق. والذي كان يترك له بعض المناطق. ويتحالف معه ضد عناصر الجيش الحر وبالتالي لم يعد داعش يمثل قيمة مضافة لمقاومة النظام. ومنذ أن دخل على خط الثورة باتت تتراجع لصالح النظام الذي استقوى من خلال تلويحه للعالم بورقة الإرهاب والتي تشكل نقطة ضعفه. فتلاشت إمكانية إسقاط نظام بشار الأسد إلى حدودها الدنيا وأضحى الجميع يركز على إسقاط ورقة الإرهاب التي تلعب بها باقتداء تلك الجماعات وفي مقدمتها داعش وأخواتها.أكتب.. أكتب عن وجع مازال يلاحقني فمساحات الدم المسكوب من أجساد أبناء الأمة تكفي الأنهار والبحار والمحيطات.أكتب أكتب عن أرواح تزهق كل صباح ومساء وظهيرة، والعدو الرابض هناك في فلسطين والقدس يمارس عدوانيته الفظة لا نتحرك ضده يرفض حتى ما طرحناه من مبادرات للسلام بل للتطبيع معه إن وافق على مغادرة الأراضي المحتلة إنه يستهين بنا بينما جماعات الإرهاب لا تطلق نحوه قطعة رصاص واحدة هل هي من صنيعته كما أقرأ في بعض التقارير؟ حتى هذه اللحظة لست على يقين كامل بأن الكيان الصهيوني وربما الولايات المتحدة بأجهزتها الاستخباراتية المتعددة هم من صاغوا وغزلوا ونسجوا وأسسوا هذه الجماعات لكنهم بكل تأكيد وفروا البيئة الحاضنة لصناعتها عبر الممارسات البشعة والانتهاكات المستمرة لحقوقنا وأراضينا؟ أتذكر أن القاعدة نشأت وترعرعت في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تدعم المجاهدين الأفغان خلال حربهم ضد الاحتلال السوفيتي في ثمانينيات القرن الفائت وكان المجاهدون العرب وعلى رأسهم آنذاك أسامة بن لادن ضمن من تلقوا الدعم والإسناد الأمريكي والغربي بل والعربي غير أنهم سرعان ما بدأوا في البحث عن عدو جديد - بعد انسحاب السوفيت من أفغانستان – وكانت الولايات المتحدة عبر تجليات وجودها في المنطقة العربية وفي إفريقيا وبل وداخل أراضيها. هي العدو الأنسب ومع ذلك أخطأوا التقدير. فالعدو الحقيقي هو الكيان الصهيوني ولو وجهوا إليه جزءا ولو بسيطا من تفكيرهم ومخططاتهم وضرباتهم. لتداعى وربما تلاشى من الإقليم ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا. فهم أقوياء مع العرب والمسلمين وضعفاء وجبناء مع العدو الحقيقي. هذه هي طبيعة الجماعات الإرهابية التي تحاول أن تفلسف الأمور بطريقة خاطئة. من قبيل البدء بالعدو القريب قبل العدو البعيد.إنهم لا يواجهون أنفسهم يخضعون لمبدأ السمع والطاعة. التي تتبناه هذه الجماعات دون أي نقاش. ولو اعترض أحد مثلما فعل مفتي داعش على منهجية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة. فلن يكون مصيره سوى القتل لأنه لم يطع حكم الإمام. أي إمام هذا الذي يتلذذ بدماء قتلاه ممن يحرقهم أو يذبحهم أو حتى يسبيهم ويبيعهم في سوق الجواري.
414
| 09 فبراير 2015
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
3990
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1728
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1569
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1026
| 07 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
879
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
549
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية