رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكتب.. أكتب عن الوجع.. عن أحزان أمة.. تقتل بنيها.. تلتهم أجسادهم. أرواحهم.. تحرقهم أحيانا.
أكتب.. أكتب عن هذه القسوة المفرطة.. عن هذا الغياب الواضح للضمير في التعامل مع الآخر المغاير فيتم سحله وذبحه وتقطيع أجزاء جسده. لا يهم. المهم إرضاء شهوة الانتقام.. الرغبة في فرض الحضور الوهمي لسلطة عبثية ثيوقراطية تعيد إنتاج أفكار لا تتسق مع روح الدين الزاخر بالسماحة. المسكون بالتسامح والعفو عند المقدرة. و"اذهبوا فأنتم الطلقاء". وفق ما أبلغ به المبعوث رحمة للعالمين. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قومه إثر فتحه مكة عقب سنوات من المناهضة والمكايدة والعدوان عليه وعلى صحابته وعلى رسالته الجديدة. التي حاولوا إطفاء توهجها وضيائها ’ بيد أن من بعثه - الله سبحانه وتعالى- حماه ونصر دينه مؤسسا لزمان جديد ينهض على المحبة واحترام الإنسان. أي إنسان ما دام لا يبادر بالعدوان. أو يمارس الانتهاك ضد حقوق المسلمين.
في زماننا تكونت جماعات مرتدية عباءة الإسلام رافعة السيف فحسب. بينما هو قائم على الدعوة "بالحسنى والموعظة الحسنة " فانطلقت تخرب في أرض المسلمين. وتقتل أبناءهم وتستحي نساءهم وتصلب وتقطع أوصالهم والهدف ليس نشر الدين. وإنما بعث الرعب في قلوب الآمنين وملاحقتهم وطردهم من منازلهم وممتلكاتهم وتشريدهم. وأخذ نسائهم سبايا ولا مانع من بيعهم في سوق للجواري أو بالأحرى للمتعة. هل حقا ذلك هو ديننا الحنيف. وهل كان يجري ذلك على أيدي السلف العقلاء؟ الذين طبقوا قواعد الدين بكل دقة. وبما لا يتعارض مع روحه وفطرته السمحة والنظيفة إلا من بعض مراحل انتشرت فيها فتن مماثلة لفتن هذا الزمان وظهرت فيها جماعات كفرت وقتلت المسلمين.
وثمة سؤال يتبادر إلى ذهني كلما تابعت عملية قتل أو تخريب لهذه الجماعات التي تتعدد مسمياتها وعناوينها. لماذا لا تجرؤ على التوجه إلى العدو الحقيقي للأمة وهو الكيان الصهيوني لتقاتله وتواجهه وتقض مضاجعه وتذبح جنده المتورطين في قتل وسلب وانتهاك حقوق العرب والفلسطينيين؟ ما الذي يحول دون ذلك؟ لو قالوا: الجغرافيا هي السبب وأن الأنظمة العربية لا تفتح لهم الحدود، فذلك مردود عليه بأنهم باتوا منذ عدة أشهر على تماس مباشر مع هذا العدو بعد سيطرتهم على الحدود مع الجولان المحتلة. وبالتالي الإمكانية واسعة لتوجيه قدراتهم الهائلة وطاقاتهم المتفجرة إلى هذا العدو.أم أن هذه القدرات والطاقات لا توجه إلا لأبناء المسلمين بالاستيلاء على أراضيهم والقتل والتشريد لفلذات أكبادهم.
عندما توجه تنظيم القاعدة بضرباته الموجعة للولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001. اختار الهدف الخطأ صحيح أن أمريكا هي الداعم الرئيسي للكيان والحامي له. وفق تحالف استراتيجي أبدي لكن من يمارس القتل في الفلسطينيين هم قطعان بني صهيون. الذين كانوا أولى بهذه العملية. وربما حصدوا تأييدا ومساندة واسعة من العرب والمسلمين في كافة الأنحاء. وعندما كان أهل القاعدة وداعش يقاتلون قوات الاحتلال الأمريكي في العراق. كانوا يحظون ببعض الشرعية. غير أنهم عندما وجهوا سلاحهم إلى العراقيين - حتى ولو كان ثمة تناقض مع النخب الحاكمة وبعضها كان صنيعة الاحتلال الأمريكي - فقدوا هذه الشرعية لأنه بالإمكان ممارسة التغيير من خلال المحددات الديمقراطية. ومبدأ تداول السلطة لا القيام بهذه الهجمات الفجة والسيطرة على المحافظات والمدن من خلال التمدد باستخدام القوة المفرطة. وممارسة التهجير القسري ضد السكان مسلمين بما في ذلك السنة والشيعة ومسيحيين وإيزيديين.
وبدلا من أن يركز تنظيم داعش على مواجهة النظام السوري المتسلط، وجه طاقته لمحاربة الفصائل المسلحة الأخرى، التي تقاتل ضد هذا النظام فاختلطت الأوراق وبات إرهابه واضحا. بل ثمة من حدثني من قادة المعارضة عن تحالف ضمني بين هذا التنظيم والنظام في دمشق. والذي كان يترك له بعض المناطق. ويتحالف معه ضد عناصر الجيش الحر وبالتالي لم يعد داعش يمثل قيمة مضافة لمقاومة النظام. ومنذ أن دخل على خط الثورة باتت تتراجع لصالح النظام الذي استقوى من خلال تلويحه للعالم بورقة الإرهاب والتي تشكل نقطة ضعفه. فتلاشت إمكانية إسقاط نظام بشار الأسد إلى حدودها الدنيا وأضحى الجميع يركز على إسقاط ورقة الإرهاب التي تلعب بها باقتداء تلك الجماعات وفي مقدمتها داعش وأخواتها.
أكتب.. أكتب عن وجع مازال يلاحقني فمساحات الدم المسكوب من أجساد أبناء الأمة تكفي الأنهار والبحار والمحيطات.
أكتب أكتب عن أرواح تزهق كل صباح ومساء وظهيرة، والعدو الرابض هناك في فلسطين والقدس يمارس عدوانيته الفظة لا نتحرك ضده يرفض حتى ما طرحناه من مبادرات للسلام بل للتطبيع معه إن وافق على مغادرة الأراضي المحتلة إنه يستهين بنا بينما جماعات الإرهاب لا تطلق نحوه قطعة رصاص واحدة هل هي من صنيعته كما أقرأ في بعض التقارير؟ حتى هذه اللحظة لست على يقين كامل بأن الكيان الصهيوني وربما الولايات المتحدة بأجهزتها الاستخباراتية المتعددة هم من صاغوا وغزلوا ونسجوا وأسسوا هذه الجماعات لكنهم بكل تأكيد وفروا البيئة الحاضنة لصناعتها عبر الممارسات البشعة والانتهاكات المستمرة لحقوقنا وأراضينا؟
أتذكر أن القاعدة نشأت وترعرعت في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تدعم المجاهدين الأفغان خلال حربهم ضد الاحتلال السوفيتي في ثمانينيات القرن الفائت وكان المجاهدون العرب وعلى رأسهم آنذاك أسامة بن لادن ضمن من تلقوا الدعم والإسناد الأمريكي والغربي بل والعربي غير أنهم سرعان ما بدأوا في البحث عن عدو جديد - بعد انسحاب السوفيت من أفغانستان – وكانت الولايات المتحدة عبر تجليات وجودها في المنطقة العربية وفي إفريقيا وبل وداخل أراضيها. هي العدو الأنسب ومع ذلك أخطأوا التقدير. فالعدو الحقيقي هو الكيان الصهيوني ولو وجهوا إليه جزءا ولو بسيطا من تفكيرهم ومخططاتهم وضرباتهم. لتداعى وربما تلاشى من الإقليم ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا. فهم أقوياء مع العرب والمسلمين وضعفاء وجبناء مع العدو الحقيقي. هذه هي طبيعة الجماعات الإرهابية التي تحاول أن تفلسف الأمور بطريقة خاطئة. من قبيل البدء بالعدو القريب قبل العدو البعيد.
إنهم لا يواجهون أنفسهم يخضعون لمبدأ السمع والطاعة. التي تتبناه هذه الجماعات دون أي نقاش. ولو اعترض أحد مثلما فعل مفتي داعش على منهجية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة. فلن يكون مصيره سوى القتل لأنه لم يطع حكم الإمام. أي إمام هذا الذي يتلذذ بدماء قتلاه ممن يحرقهم أو يذبحهم أو حتى يسبيهم ويبيعهم في سوق الجواري.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
87
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
177
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
219
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4119
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025