رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الدول العربية لم تستوعب الدرس ولم تفهم المخطط الكبير الذي يحاك ضدّها يصعب تفسير الموقف المهين المشين للدول العربية والإسلامية - باستثناء موقف تركيا - وبما فيها دول الخليج العربية الذي وقفته تجاه مايحدث في سوريا في أرض الشام من قتل وتشريد لشعب سوريا الذي خرج مطالباً بالحرية والثورة على نظام الفساد والاستعباد من نظام البعثي بشار الأسد الذي يبدو وكأنه لا يعبأ بأحد ولا يجرؤ على إيقافه أحد، خاصة عندما وجد هذا الصمت المطبق على جرائمه وأفعاله التي تدلل بلاشك بأنه متجذر في الإجرام، كيف لا وهو يحذو حذو والده حافظ الأسد الذي فعل الأفاعيل وارتكب الأهوال في أهل حمص وحماه وفي سائر سوريا .. لا لشيء إلا أنهم أرادوا أن يمارسوا حريّتهم في عبادة ربّهم والتمسك بدينهم ولكنه أراد لهم خلاف ذلك وظنّ ابنه بغبائه إن سكوت شعبه طوال هذه السنين إنما هو دليل على وأد الدين في أنفسهم وذوبان شخصيتهم الإسلامية واضمحلال شعائر دينهم فما لبث أن رأى صحوة من جديد قيّظت مضجعه وأرّقته فاستعان بجنوده وأنصاره في إيران ولبنان والعراق ليعينوه على قتل شعبه، فوجد استجابة سريعة من ايران ومن حزب الله تؤيده على خنق شعبه بل وقتلهم دون رحمة، انتقاماً وحقداً على كل مامن شأنه أن يرفع من كلمة الإسلام ويطمس راية الشرك والكفر بالله. هذا الموقف المعيب من الدول العربية والإسلامية – باستثناء تركيا مجدداً – لا أجد له تفسيراً إلا انعدام الإحساس بالغيرة أو بالمسؤولية الدينية والوطنية والقومية من حكام ورجال السياسة في تلك الدول التي اتخذت موقف المتفرج الذي جلس متكئاً على أريكته الوثيرة ليشاهد فيلماً مرعباً بطله الرئيس بشار الأسد وضحاياه الشعب السوري فأخذ يتفرج منذ بداية الفيلم حتى ازدادت وتيرة المشاهد عنفاً وقتلاً وسفكاً للدماء وتنكيلاً للجثث بوحشية كوحشية التتار والمغول، ولكنه لم يتفاعل مع ذلك كلّه ولكنه عدّل من جلسته قليلاً وأخذ يشرب المزيد من الكوكا كولا الأمريكية ويأكل المزيد والمزيد من البوب كورن الأمريكي ويعقبه بالمزيد والمزيد من البرجر من أشهى المطاعم الأمريكية، في بلادة تامّة لا تنطبق إلا على الموتى الذين لا يشعرون أو يشعرون فلا يملكون التحرك من مكانهم. إن موقف تركيا وعلى الرغم من أن البعض يقلل من شأن موقفها ويزدريه بل وينتقده بكل سذاجة، إن موقفها ليس هو الموقف المطلوب في مثل هذه الحالة وإنما هو على أقل تقدير، موقف رجولي إنساني سريع ومتأثر لما يجري من انتهاكات لا يزال يعاني منها شعب عربي مسلم على أرض الشام، وما المواقف العربية الأخرى إلا مواقف لا ترتقي إلى الموقف الرجولي البطولي الذي نأمله ولا نزال نأمله من حكام الدول العربية على الرغم من بلوغنا لمرحلة اليأس من تحركهم أخذاً بالمثل المعروف " الضرب في الميت حرام ". لقد شعرت بأننا حيال ارتكاب هذه الجرائم من قبل هذا الطاغية المستبد في شعبه، شعرت بأننا لا نملك قوى سياسية لا عربية ولا إسلامية قادرة بأن تدافع عنا في يوم من الأيام، فالذي يتفرج على مجرم كهذا ولا يملك أن يقول له شيئاً أو ينهره أو يزجره ، حريّ به أن يتفرج على الدوام فلا يرتجى منه أن يفزع لمنكوب أو أن يغيث ملهوف حتى وان استجاره أو استعان به، بخلاف ما كانت تفعل العرب قديماً عندما كانت تُهيب بقدر المستغيث والملهوف والمنكوب فترفع قدره وتُعِزّ مكانه وتُجل شأنه وتأخذ حقّه. إن امرأة وصلت استغاثتها بمقولتها ( وا معتصماه .. وا إسلاماه ) للخليفة المعتصم بأنها وقعت في أسر الروم وطلبت نجدته عندما دخلت جيوش الروم إلى الشام فما كان منه إلا أن خرج على رأس جيشه آخذاً بثأرها وبثأر المسلمين ممن انتهكت حرماتهم وسلبت ديارهم، مستنصراً لدينه ولإخوانه في الإسلام من جيوش الكفر والضلال، وهانحن نرى ونسمع منذ شهور مئات وآلاف الجرائم ترتكب على مرأى ومسمع من جميع الحكام العرب من هذا الجيش البربري التتري المغولي بقيادة المجرم السفّاح بشار الأسد الذي يفعل فعل الروم والصليبيين بل واليهود في شعبه دون أن يتحرك لإيقافه أحد من "المتفرجين". إن دول الخليج العربية وغيرها من دول العالم العربي والإسلامي يبدو أنها لم تستوعب الدرس الذي لا تزال تجري أحداثه في العالم العربي والإسلامي، ولم يفهموا المخطط الكبير الذي يحاك ضدّهم من قبل أعداء الأمة الخارجيين والداخليين، وبالأخص بعد ماجرى من أحداث في البحرين، حيث تجلى بشكل قطعي المخطط السرطاني الذي ترمي إليه إيران بتوسعها شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً من أجل إزالة الكيانات المعادية لها وإطاحتها كحكومات وإبادتها كشعوب مسلمة، ففي حين تجلّى لنا هدفهم بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إطاحة كيانات دول الخليج كحكومات وإبداتها كشعوب من أجل اقتسام الثروات، فتستحوذ الولايات المتحدة على المزيد من البترول والغاز وتستحوذ إيران على المزيد من التوسع في الخليج تمكيناً لها من أجل استئصال جذور الإسلام في مهده وإقامة الشرك الأكبر على أرض الجزيرة كما تفعل إيران على أرضها ولاتزال. لو كانت دول الخليج تعي ذلك الدرس لانتبهت وتجمعّت في موقف واحد إزاء كل ما يجري وشاركت تركيا موقفها الإيجابي وتحركت بشكل سريع وقوي لا كما فعلوا بتلكؤ واضح واستحياء تام في قضية سحب السفراء الذي أصبح أمراً اعتيادياً لايجدي نفعاً مع طاغية كبشار الأسد أو كمعمر القذافي، بل وللأسف الشديد اتخذت بعض دول الخليج موقفاً مناهضاً لأهل السنة والجماعة وزجّت إحدى دول الخليج بمئات وآلاف الدعاة في السجون بينما جلبت دولة خليجية أخرى شركة أمنية أمريكية لمساعدتها على اجتثاث ومراقبة كل من تصنّفه – أي الشركة الأمنية - من الأصوليين أو الإرهابيين أو غيرها من الألفاظ الكاذبة، وفي الكويت يوقف عن الخطابة لمدة أربعة أشهر الشيخ نبيل العوضي نظراً لتكلمه عن النظام السوري، أما في قطر فنستضيف مقتدى الصدر بل ونتيح له الفرصة ليقف موقف الواعظ في جامع عمر بن الخطاب دون النظر إلى جرائمه وأفعاله في أهل السنة في العراق ودون الالتفات لمشاعر أهلنا في البحرين التي لم تبرأ بعد، كل ذلك يُشكّل في النهاية غياباً للتعاون والإدراك بضرورة التحرك قبل أن تحل بنا المزيد من الجرائم وتحاك ضدنا المزيد من المخططات.. فلا مجيب وقتها لنداءاتنا ولا لصرخاتنا .. حتى وإن صرخنا .. ( وا إسلاماه ).
569
| 19 أغسطس 2011
دمشق العروبة والإسلام تئن وتصرخ.. فأين نحن من إغاثتها ونجدتها؟! ما يفعله المجرم الطاغية بشار الأسد في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان ما هو إلا مسلسل مستمر متكرر من مجازر ارتكبها ولا يزال يرتكبها طوال فترة حكمه وحكم والده الهالك حافظ الأسد الذي استباح دم شعبه وبالأخص من المسلمين الموحّدين من أهل السنة والجماعة ممن صبّ عليهم أنواع الظلم والقتل والتنكيل ولم يحفظ كرامتهم ولا دينهم بل أذاقهم أنواع العذاب وصنوف الجرائم، وما مجزرة مدينة حمص وحماة إلا صورة من صور جرائم هذا النظام القمعي الذي لا يخاف من الله ولا ينوي الكف عن جرائمه إلا بعد أن يزهق آلاف الأرواح وأن يمحو من طريقه كل من يحمل دين الله في فؤاده ويؤمن بالله ورسوله، وكأنه بذلك يضاهي اليهود في أعمالهم، فبالله عليكم هل رأيتم اليهود يقتلون ويتفننون في تعذيب المسلمين وأمام مرأى من العالم كما يفعل ويتباهى هذا النظام الجائر، بل إن اليهود يفعلون ذلك سرّاً لا جهراً، لأنهم يخافون من الإعلام ومن الناس، فما بالكم بهذا النظام الذي لا يخاف الناس ولا رب الناس، فما الفرق بينه وبين اليهود الذي يزعم أنه يقف في وجه كيانهم الصهيوني منذ سنين ولكنه "كلام فارغ" حيث كنا نحسب مواقفه "رجولية" فإذا بها لا تمت إلى الرجولة وإلى الإنسانية بصلة، هذا النظام السوري البعثي القومي العلماني الذي يؤمن بالبعث إلهاً من دون الله حتى قال شاعرهم: (آمنت بالبعث رباً لا شريك له .. وبالعروبة ديناً ما لــه ثان) هذا النظام الدموي الفاشي الكاره للدين والإسلام منذ نشأته يزعم منذ سنين بأنه معاد لإسرائيل وما هو إلا كلام فارغ من طبل أجوف كتلك الطبول الجوفاء في حزب الله اللبناني التي تدندن بمحاربة إسرائيل في العلن بينما هم في مسالمة مع إسرائيل ومصالحة معها، حيث يظهر للعالم بأنهم سيرغمون أنف إسرائيل وسيقتلعون عينها وسيُخرسون لسانها ولكنهم يوم الزحف يفرّون كالجبناء ويولّون الدبر كالمنافقين تماماً، وما احتلال هضبة الجولان في خلال ساعات من قبل إسرائيل واقتحام الطائرات الإسرائيلية أجواء سوريا ولبنان في كل وقت وحين إلى يومنا الحالي إلا جزء يسير من تلك الزعامات الوهمية التي " تتشطر" على أعدائها بالصوت فقط، ولكنهم مع شعوبهم يفعلون الأفاعيل ويرتكبون المجازر تلو المجازر، وأعجب من ذلك السكوت المطبق من الدول العربية التي لم نستفد من تجمعها في القمم العربية إلا بمزيد من استنكارها وشجبها على أعدائها الخارجيين بينما كانت تتستر على أفعال مجرمي الحروب كحافظ الأسد عندما ارتكب مجزرة حماة والقذافي عندما ارتكب مجزرة أبو سليم وغيرهما من المجرمين الذين كنا نحسبهم رؤساء فإذا بهم قتلة وما مجازرهم تلك إلا مثال واحد من أمثلة عدة سكت عنها الحكام العرب وقتها وأداروا لها ظهورهم وكأن شيئاً لم يكن، ولم يكن للإعلام وقتها دور في نقل الحدث كما يحدث اليوم عندما ينقل الإعلام كل حادثة قتل أو تعذيب، فلا مجال للكذب على الشعوب أو العالم أو إخفاء معالم الجريمة، ولكن النظام السوري الآن كما الليبي أفاق من غفوته يحسب أنه سيمارس نفس الكذب الذي عهده في عهد والده الطاغية، ولكن نظاماً دموياً كهذا لا يستحي ولا يرتدع إلا بالقوة، فها هي تركيا تخبر بأنها سترسل برسالة حازمة لسوريا تستنكر تلك الاعتداءات والانتهاكات والقتل التعذيب للشعب السوري، فإذا بالحكومة السورية ترد بلسان وزير خارجيتها بأن الرسالة التركية ستواجه برد أكثر حزماً!!، ولا عجب أن يتغطرس وأن يستبد ويستكبر هذا المجرم في طغيانه أكثر كما قال فرعون "أنا ربكم الأعلى". وإذا كنا لا نعجب من النظام السوري وهو يشيح عن وجهه القبيح فإننا لا نعجب كذلك من أن تسانده إيران وتدعمه بكل قوة وكذلك حزب الله اللبناني ليشكلا في النهاية جناحين لنظام دموي يريد إبادة شعبه وطمس معالم الدين والهوية الإسلامية في جزء من الأمة العربية والإسلامية، وليشكلا كذلك جسراً يعبر من طهران إلى بغداد إلى دمشق إلى بيروت، يمتد لا ليطوّق إسرائيل ويستهدف الكيان الصهيوني المحتل وإنما له أيديولوجيته الخاصة وله مخططاته الخفية وله مساعيه الواضحة في تصدير الثورة "الخمينية" وإبادة كل من يقف في طريقها متمسكاً بدينه غير مشرك بالله كما يفعلون، ولعلي في هذا السياق أذكر موقفين فقط من سلسلة تلك المخططات الإبادية المستهدفة، الموقف الأول في العراق: عندما فضح الله جرائم نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي عندما فضحته مجموعة من وثائق ويكيليكس بأنه أعطى تعليماته المباشرة للقوات الأمريكية بأن يطلق النار على مدنيين عراقيين "عزّل" من أهل السنة والجماعة حتى بلغ عدد القتلى المئات بل الآلاف في فترة رئاسته فقط ناهيك عمّا خفي قبل ذلك، في دليل واضح على أحقاده الدفينة تجاه الشعب العراقي المسلم وفي إشارة كذلك لتلقيه أوامره من طهران حيث مركز القيادة لهذا المخطط السرطاني الخبيث، الموقف الثاني في لبنان: عندما فضح الله جرائم حزب الله وقت العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، حيث أفاد شهود عيان قطريون ممن ساهموا في إعادة إعمار جنوب لبنان أو غيرهم ممن شهدوا بذلك حيث عمد حزب الله على إطلاق قذائفهم من مدن وقرى لأهل السنة والجماعة في لبنان حتى يعاود الكيان الإسرائيلي استهدافها وتوجيه قنابله وصواريخه تجاه إخواننا في لبنان مما جعلهم ضحايا وقتلى لعدو ظاهر هو الكيان الإسرائيلي ولعدو منافق خفي يبطن خلاف ما يظهر، يظهر الوطنية للبنان ويبطن الولاء لإيران، ويظهر العداء لإسرائيل ويبطن العداء للأمة العربية والإسلامية. إن دمشق العروبة والإسلام ومدينة الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز تئن وتصرخ فأين نحن من إغاثتها ونجدتها، إن ديار شيخ الإسلام ابن تيمية تشكو من قتل المسلمين وتعذيبهم هناك، إن أرض الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي تشكو من قلة أدب هذا النظام الوحشي مع شعبه العربي الأصيل الكريم، فبعد أن كنا نفطر في رمضان منذ سنوات على مواعظ الشيخ والأديب علي الطنطاوي - رحمه الله - من بلاد الشام الحبيبة في برنامجه الشهير "على مائدة الإفطار" أصبحنا نفطر في رمضان اليوم "على جرائم بشار"، فاللهم عجّل بأخذه ومن عاونه ومن ناصره أخذ عزيز مقتدر وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وطهّر أرض الشام ومن حولها التي باركت فيها من رجس أعداء الإسلام الظاهرين كاليهود والصليبيين وأعداء الإسلام من المنافقين الخائنين لله ولرسوله.. اللهم آمين.
533
| 11 أغسطس 2011
الطغاة إن تمكنوا في الأرض فلن يزيدوها إلا معصية لله وارتكاباً للمجازر كنت كثيراً ما أفكر في تلك المكانة الرفيعة والدرجة العالية التي خصّها الله تبارك وتعالى للشخص الذي يقول الحق ولا يخاف في الله لومة لائم وإن كان سيدفع حياته جرّاء ذلك الحق، وسرعان ما أستدرك أن الله تعالى هو "الحق" سبحانه فكيف إذن لا يرفع درجة من يدفع حياته في سبيل قول "الحق" وما يندرج تحت هذا الحق من توحيد لله في زمن الشرك أو دفاع عن حقوق المظلومين في زمن الظلم أو شهادة حق تقال في زمن تكاثرت فيه شهادات الزور وإسكات الألسنة .. بل وتعدى ذلك إلى قطع الألسنة من الأفواه كما حدث مؤخراً في زمن الدكتور الدكتاتور بشّار الأسد .. في سوريا الصامدة .. فك الله أسر أهلها من جور الظلمة. عندما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله )، إن من يقرأ هذا الحديث ليجد أن هناك منزلة رفيعة لهذا الشخص الذي تحلّى بصفة الشجاعة في قول الحقيقة، فهو في منزلة رفيعة ودرجة عالية جعلته عند الله سيداً على غيره من الشهداء، أي دون أن يخوض معركة واحدة في حياته، وإنما هي معركة خطابية كلامية كتابية .. سمّها ما شئت، المهم أنها معركة سلمية تتعلق بقول الحقيقة لفظاً أو معنى وبصورة واضحة غير ملتوية وغير مشوّشة، والمعنى هو أن يقولها فيكون صادقاً مع الله في قولها، وإن كان صادقاً مع الله وطالباً رضاه من وراء تلك الحقيقة فإنه إذن لن يبالي بما سوف يحدث له وما سيحاك ضدّه أو ما يصدر في حقّه من أحكام جائرة قد تصل إلى أن يفقد حياته بسبب تلك الحقيقة. حقيقة عندما أرى تلك المكانة الرفيعة لذلك الشخص المتحلّي بتلك الشجاعة لأجد نفسي مطلقاً العنان أمام شخصية ذات تميّز في حياتها، فهو لاينحني إذا الناس انحنوا، ولا يطأطئ رأسه إلا وهو ساجد لله تعالى، ولا يسأل أحداً ولا يمد يديه إلا لله عز وجل في دعائه له، ولا يتفوه بكلمات المدح والتضخيم والتفخيم لمن لا يستحقون ممن يظلمون ولا ينصفون ويحكمون فلا يعدلون. فهل تستحق تلك الشخصية أن يجلي قدرها ويرفع قيمتها الله ورسوله إلى رتبة عسكرية تفوق سائر الرتب وتتميز على سائر الأوصاف .. ( سيد الشهداء ) .. أتعرف ما معنى سيد الشهداء ؟ إنه يفوق بقدره ومكانته من يحمل السيوف ويشق الصفوف ويجيد استخدام جميع أنواع الأسلحة ويجيد الرماية وركوب الخيل أو الطائرات الحربية ونحوها، ويفوق الأوائل بإمكانياتهم ومهاراتهم وتفوقهم على نظرائهم في كل الدفعات من خريجي الكليات العسكرية في كل مكان وأي زمان، بالرغم من أنه لايجيد جميع مهاراتهم ولا يخوض المعارك كما يخوضون مجهّزين محتاطين متأهبين .. كلا .. إنه لا يفعل شيئاً من ذلك وإنما يحمل إيماناً يهزّ كل ذلك ويتفوق عليه في لحظة، ويحمل في قلبه فؤاداً يهفو إلى الله فلا يبالي إن دنت نهايته أم تأخرت، فإن دنت النهاية فهو إلى جنان الخلد ذاهب، وإن تأخرت فإلى مزيد من العبادة لربه في مقتبل الأيام والسنين. أيستحق فعلاً أن يلقّب مثل هذا بهذا السخاء والعطاء من رب العباد، وذلك التكريم والتشريف من سيد البشر أجمعين .. يالسذاجتي، نعم إنه يستحق دون أدنى تفكير، طالما أن الخالق أخبر بذلك فهو يستحق .. "سمعاً وطاعة يارب"، وطالما أن رسولنا أخبر بذلك .. فهو يستحق .."صلوات ربي وسلامه عليك يارسول الله" ، ولكن مهلاً .. أليس في ذلك اللقب شيئ نجهله ؟! ، إن كل ما يؤول بنا من ضعف وهزيمة وذل مردّه إلى أننا افتقدنا تلك الشخصيات في كل نواحي الحياة، فمن سكت عن قول الحقيقة أمام سلطان جائر كان كمن أيّده في ظلمه، ومن أيّده في ظلمه كان كمن ارتكب الظلم بنفسه، ليس هذا فحسب ، بل إن عدم قوله للحقيقة يعني أنه خائف من السلطان في كل وقت وزمان، ومن لم يخف إلا من ربه فحريٌ بالعظيم أن يعظّم شأنه في نفسه ويصغّر أعداءه في ناظريه فتجده يراهم لا شيء .. ويرونه منتحراً أو بائعاً لنفسه ويرونه هادماً لمستقبله في حين أنه ينظر مالا ينظرون ويقتنع بما لايقتنعون .. فهو إن كان منتحراً في نظرهم فهو بائع لنفسه لله، وإن كان مضيّعاً وهادماً لمستقبله في نظرهم فإنه مؤمّناً لمصيره الأبدي في الآخره، وإن كان مخرّباً بيته بنفسه في نظرهم فإنه بانٍ لنفسه ولأهله أجمل القصور في الجنة .. واقرأ إن شئت ( ولسوف يعطيك ربك فترضى). إن الناظر لأولئك الطغاة الذين طغوا في البلاد في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا وغيرها من الدول وما أحدثوه من فساد واستعباد للناس ما هو إلا جراء السكوت عن قول الحقيقة في وجوههم القبيحة ليجد أن مصيبتنا الكبرى في أننا عظّمنا هؤلاء الطغاة في نفوسنا فرأيناهم شيئاً يُذكر وهم في الواقع لاشيء يُذكر، خاصة بعد أن شاهدنا مجازرهم في حق شعوبهم، وما ارتكبه أعوانهم من قتل وترويع للآمنين والأبرياء في أوطانهم، أهؤلاء الطغاة فعلاً كانوا يستحقون أن تنثر الورود في طريقهم أو تفرش السجادة الحمراء أمامهم والناس يهتفون لهم ويدعون الله من أجل إطالة عمرهم ؟!، وهم الآن يمشون على الناس كما قد مشوا على السجاد الأحمر المصبوغ بدماء شعوبهم الطاهرة، لا يبالون بأن يسمعوا دعوات المظلومين من تحت أقدامهم بأن يقصّر الله في أعمارهم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، لأن هؤلاء الطغاة إن تمكنوا في الأرض فلن يزيدوها إلا معصية لله وارتكاباً للمجازر يوماً بعد آخر، بل ولن يتركوا الحكم لغيرهم بسهولة كما فعل الطاغية علي عبدالله صالح ويفعل المعتوه القذافي وفي الطريق نفسه يمشي بشار الأسد ونحن نتخيل تلك المشاهد والمقتطفات التي تعرضها قناة الجزيرة دائماً في تقاريرها وهو يمشي مزهواً بنفسه في مجلس الشعب السوري وهم يهتفون ويصفقون له ويمجدونه حتى اعتراه الغرور فاحمرّت وجناته وانتشى ضاحكاً .. ( إنه كان في أهله مسرورا )، فأيقنت بأن مثل تلك الزعامات لم تنتهر يوماً ما بعد ذلك النفاق وتلك المجاملات، أفلا يحق لهم بعد ذلك أن يتمسكوا بالحكم حتى وإن مكث أحدهم أربعين سنة كالقذافي، أفلا يحق لهم بعد ذلك أن يروا الناس حشرات أو جرذانا لا تستحق إلا أن تداس كما قال القذافي، أفلا يحق لهم أن "يستأسدوا" هم وزبانيتهم وأعوانهم على الناس فيسحقونهم بالدبابات ويقفون فوق أجسادهم وجثثهم كما فعل الأسد وجنوده، فهلا فهمنا الدرس أخيراً وآمنّا بأن خلاصنا من ذلك كلّه .. يكون بأن نطلق العنان لأنفسنا ونتنافس جميعنا على منصب " سيّد الشهداء " .. فهلا فعلنا ؟.
948
| 28 يوليو 2011
الحكام العرب يهتمون بكراسيهم والأعداء يتربصون بالأمة في القصة المعروفة لدى الكثيرين والتي تصف حال آخر ملوك غرناطة - آخر الممالك الإسلامية وقوعا في أيدي الصليبيين - حيث يحكي أنه وبعد أن انهارت تلك المملكة الأخيرة من ممالك المسلمين في الأندلس كان آخر العهد بملكها " أبو عبد الله الصغير " أن وقف بسفح جبل الريحان حيث سلم فرديناند وإيزابيلا - ملك ليون وملكة قشتالة - مفاتيح المدينة وجلس يبكي على ملكه الضائع، هنا قالت له أمه عائشة الحرة المقولة الشهيرة: ابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال. لا أعلم تماما هل يعي كل الحكام العرب بل والعرب والمسلمون أنفسهم تلك الدروس المستفادة من مثل هذا التراث الضخم في التاريخ العربي والإسلامي، إنها دروس مجانية في السياسة وفنون القيادة والإدارة والاقتصاد بل وفي كل مجالات الحياة، حينما نهتم بالقشور ونضيع جواهر الأمور، حينما نهتم بالسخافة ونضيع الثقافة، حينما نهتم بالاستيراد ونضيع التصدير، حينما نهتم بالمرأة ونضيع الأجيال، حينما نهتم بالمباني ونضيع الإنسان، حينما نهتم بالدنيا ونضيع الآخرة، حينما نهتم بالناس ونهمل شرع وأوامر وتعاليم رب الناس.. إله الناس. هل نعي تلك الدروس حقا أم أننا نحتاج إلى وقفة قريبة فوق سفح جبل ما أو برج ما نبكي على أطلال حضارة ضيعناها من أجل مدنية استوردناها، ونبكي على أطلال ثقافة وفكر ضيعناهما من أجل ضحالة فكر ورداءة أخلاق، ونبكي على دين وشرع هجرناه من أجل قوانين بشرية وضعية ووضيعة وتافهة. إن من يشاهد الموقف في بعض الدول العربية والإسلامية ليجد أنه أمام الكثير من الممالك التي أوشكت على الوقوع والسقوط في أيدي أعدائها، ولا أزعم بأننا أمام استعمار آخر قريب، ولكنه في أبسط تعريفاته هزيمة جديدة تدخلنا في مزيد من الخسائر في الأموال والأنفس والثروات.. ناهيك عن الرقعة الجغرافية التي أصبحت آخر اهتماماتنا بمجرد أن أعطينا عدونا " إسرائيل " جزءا مهما من أرضنا، وأخذنا نتفاوض معها بعجز وضعف وذلة، فما أتعسها من قيادة تتفاوض في شأن ذبح شعبها وارتكاب المزيد من المجازر ضده، وما أتعسها من قيادة تفرط بالأرض والعرض من أجل حفنة دولارات ومن أجل سلطة ومنصب، وما أتعسها من قيادة تعطي الشريف أسمى القلائد بعد ارتكابه أكبر السرقات وتعطي الضعيف أشد العقوبات بعد محاولته "أكل لقمة عيش حلال". إن من يشاهد حاكما كالقذافي مثلا، يعرف مدى رداءة أوضاعنا بأن يتحكم طاغية مجنون معتوه في مصير الملايين من إخواننا العرب والمسلمين، ومن يشاهد حكاما كبشار الأسد وعلي عبد الله صالح مثلا، يعرف مدى رداءة أوضاعنا بأن يتحكم طغاة مجرمون يلبسون أجمل البدلات ويتحدثون بأجمل العبارات، في حين أنهم يرتكبون أقذر وأبشع الجرائم مع شعوبهم، ويتفوهون بأكبر الأكاذيب وأعظم الأباطيل وهم يقلبون الحقائق ويزيفون الأوضاع. إننا فعلا أمام أزمة حقيقة في كل شيء، فنحن أمام أعداء متربصين عن اليمين وعن الشمال بل ومن فوقنا ومن تحت أرجلنا، ففي الوقت الذي يهتم فيه بعض حكامنا بكراسيهم ومناصبهم، ونشأة أولادهم وترعرهم ونماء ثروتهم وأملاكهم بل وهواياتهم، يهتم فيه آخرون قريبون جدا محيطون بنا، بأطماع أخرى تستهدف الأرض والعرض والمال والأنفس والثمرات.. بل وكل الخيرات، ولا يحتاج الأمر لخبير سياسي أو إستراتيجي لكي يفهم الحكام والدول مجتمعة بأنهم أمام أعداء ظاهرين كإسرائيل وآخرين متخفين يريدون النيل منا والفتك بنا في أي لحظة، وأمام أصدقاء كذلك لا يهمهم إلا مصلحتهم وأمنهم القومي كالولايات المتحدة الأمريكية التي أظهرت الوثائق المسربة منذ مدة طويلة بأنها لا تمانع أبداً في أن تعطي الضوء الأخضر لإيران من أجل أن تستحوذ على الجزء الشرقي من الخليج العربي – وليس الفارسي – في مقابل أن تطمئن إيران الغرب والولايات المتحدة فتوقف برنامجها النووي المقلق للغرب ولأمريكا، فجميعهم من حولنا يجتمعون فيتآمرون ويتفقون فيخططون وينفذون.. بينما بعض حكامنا ما زالوا يجمعون الثروات في الوقت الذي تعاني فيه أوطانهم تخلفا وبؤسا لا مثيل لهما وتعاني فيه شعوبهم فقرا ورداءة أوضاع، ويتفشى فيهم الجهل والانحطاط والفساد.. فمتى نستيقظ جميعا من هذه الغفلة؟.. قبل أن نبكي جميعا على الأطلال !!.
1885
| 30 يونيو 2011
لم أستغرب كثيراً عندما أعلنت قناة دبي (ذا ون) حصولها على كافة الحقوق الحصرية لحفل زفاف القرن - كما زعموا – وهو الزفاف الملكي للأمير وليام النجل الأكبر لولي عهد بريطانيا وعروسه كيت ميدلتون والذي صادف يوم الجمعة (29 أبريل 2011) والذي من المفترض أن ينشغل فيه المسلمون للاستعداد لصلاة الجمعة وما يسبقها وما يعقبها من ذكر وابتهال لله عز وجل، لتكون بذلك القناة التلفزيونية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تنقل هذا الحدث من العاصمة البريطانية لندن. ويا لحسن حظها عندما حظيت باستقطاب كافة شعوب الشرق الأوسط والعالم.. تهانينا.. أقصد للقناة.. لا للعروسين. لم أستغرب أن تنشغل هذه القناة وغيرها من قنوات العالم العربي في مثل هذه التفاهات التي تتلى علينا من الإعلام العالمي، في الوقت الذي كان ولا يزال فيه إخوتنا في ليبيا واليمن وسوريا يعانون أشد العذاب تحت بطش وجبروت الطغاة الذين عاثوا في الأرض قتلاً وسفكاً لدماء إخواننا من العرب والمسلمين هناك الذين انتصرنا لهم بأن جلسنا نتفرج على مراسم ذلك الزفاف، ففي الوقت الذي ينتظر فيه بعض المسلمين لحظة " القبلة الملكية " للأمير وعروسه، كان بعض إخوتنا هناك ينتظرون لحظة وقف إطلاق النار أو وقف وابل الرصاص فوق رؤوسهم أو وقف قذائف الطائرات والدبابات على بيوتهم، تماماً كما حدث من بعض القنوات الفضائية العربية عندما قصفت المجرمة إسرائيل إخواننا في غزة بكل ما أوتيت من قوة عندما قامت هذه القنوات بالتفضل مشكورة بذكر أخبار قصف غزة في نشراتها الرئيسة بل وتفضلت "مشكورة" بنشر بعض الصور للبيوت والمساكن المهدّمة دون نشر صور مجازر إسرائيل من قتل ونحوه خشية أن يقشعر بدن المشاهد العربي ذعراً عوضاً عن أن يهتز بدن ذات المشاهد العربي بالرقصات والأغاني الماجنة التي تعرضها له طوال اليوم، خشية أن يتعكر مزاج مشاهديها أو أن يلتفتوا إلى غيرها من القنوات، بالطبع لا نقصد هنا المثل العربي القائل: تموت الحرّة ولا تأكل بثدييها!!، ففي هذا المثل نوع من الحشمة والأدب، لأن بعض القنوات العربية كانت تأكل بجسمها كله!! نحن في زمن التناقضات اللا واقعية فبينما يعاني الناس أشكال المعاناة وأنواع العذاب نجد أن الإعلام يغيب في جزء من العالم العربي والإسلامي عن أحوال مجتمعه وواقع أمته العربية والإسلامية فيساهم بشكل متعمد في أن يعكس صورة الواقع وأن يُظهر خلاف ما تبطن الحياة اليومية من أحداث ووقائع، ولعل هذا كان واضحاً في صحف دول الثورات العربية الأخيرة كمصر وتونس وليبيا واليمن والآن سوريا عندما يمجّد الإعلام النظام بل ويقدّسه في حين أنه يطمس وجوه الحقيقة كلها التي تُظهر بشاعة أحوال الناس وفظاعة ما يعانونه من ظلم واضطهاد وقهر. وليس ببعيد عنا كذلك هذا التناقض في الإعلام ولكنه تختلف حدّته وتزداد درجته سوءاً في الدول القمعية مثل التي ذكرت آنفاً ولكن ذلك لا يعني أننا في دول الخليج العربي أو حتى قطر لا نعاني من ذلك التناقض الإعلامي الفريد العجيب الذي يكاد يغرد خارج سرب المجتمع وعكس هموم المواطنين ومعاناتهم، ففي حين يعاني المواطنون من معاناة كبرى في التعليم والصحة يغرد الإعلام للتهويل والتطبيل على وقع أنغام أخرى تمدح وتثني على الخدمات والمرافق ونحوه من الكلام المعهود، بينما الناس يعانون من عدم وجود تأمين صحي أو رعاية تميّزهم عن غيرهم على اعتبار أنهم "أهل الديرة" والأولى بالرعاية والاهتمام قبل غيرهم، وليس ذلك من باب التعالي على الآخرين - حاشا لله - وإنما هو نظامٌ يُعمل به في سائر دول العالم حيث تُعطى الأولوية للمواطنين في كل الخدمات. وقِس على ذلك مختلف نواحي الحياة عندما تجد المجتمع يعاني من مشكلات تزايد معدلات الطلاق إلى معدلات مخيفة وارتفاع نسبة المتأخرين أو العازفين عن الزواج، بالإضافة إلى انخفاض معدل تزايد السكان من القطريين وارتفاع نسبة المديونين والغارمين من القطريين، الأمر الذي لا نجده مقلقاً للإعلام المحلي بينما هو على أرض الواقع يكاد يودي بالمجتمع إلى براثن العنوسة وانتشار الرذيلة وانكماش دور الأسرة الممتدة والمتعددة، وانتشار البطالة والسرقة والفساد، كل ذلك لا يخيف ولا يؤدي إلى القلق، خاصة عندما يتغنى الإعلام مثلاً بمقولة " أعلى دخل في العالم " على الصفحة الأولى لجريدة ما، ويأتيك التناقض بعد عدة صفحات داخلية فتجد أن هناك صفحات لمد يد العون والمساعدات للمحتاجين من أفراد وأسر قطرية فضلاً عن إعلانات شبه يومية برفع دعاوى على مواطنين لحضور جلسات محاكمة هنا وهناك. إن أخشى ما أخشاه هو أن نصل إلى اليوم الذي يذكّرنا فيه إعلامنا بالمقولة المشهورة المنسوبة لماري انطوانيت عندما قيل لها بأن الفقراء لا يجدون خبزاً يأكلونه.. فقالت لهم: ولماذا لا يأكلون الكعك؟
331
| 02 يونيو 2011
في إحدى حلقات البرنامج التلفزيوني المباشر "لكم القرار" تمت فيه استضافة الدكتور إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي بالديوان الأميري ونائب رئيس مجلس إدارة شركة راس غاز وتم التطرق فيها لأهم مشروعات ومخططات قطر في إنتاج أو بيع أو تزويد بعض الدول بالغاز، وفي الحقيقة لم أكن مشاهداً لتلك الحلقة ولكني قرأت أهم ما ورد فيها عبر بعض الـ"مانشيتات" أو العناوين الصحافية المشوّقة كعادة الصحافة حينما تريد أن تسلّط الضوء على أمر دون آخر، وقرأت في تلك التغطية لهذه الحلقة أن الدكتور الإبراهيم قام بالرد على سؤال من أحد الحضور حول خطط لتصدير الغاز القطري لإسرائيل وقال: الأمر غير حقيقي وتساءل من أين أطلقت هذه الإشاعة!! إن مجرد بحث بسيط يجريه أي منا عبر محرك البحث الشهير Google فيكتب بنفسه باحثاً هذه العبارة " الغاز القطري لإسرائيل " كبحث متقدم وليس كبحث عادي، بمعنى أنه يجب أن نحدد مجالات البحث أمام السيد Google كي لا يتعب كثيراً في البحث عن مرادنا الذي نبحث عنه، لأنك عندما تكتبها دون تحديد لها كجملة واحدة فإنك قد تجد أن البحث ضخم جداً لأنه سيبحث عن كلمة "قطر" وكلمة "الغاز" وكلمة "إسرائيل" وما أكثرها من مواقع بل وصفحات تجد فيها أن تلك الكلمات مذكورة هنا أو هناك، وبالطبع سنكون سعيدين عند تكرار الكلمة الأولى "قطر" لأنها اسم وطننا الغالي الذي نحبه ونهتم لأجله ونسعى جميعاً من أجل نهضته وعلو مقامه بين الأمم، ولكننا ودون أدنى شك سنجد أنفسنا في المقابل مكتئبين منزعجين متضايقين جداً من تكرار الكلمة الأخيرة سيئة الذكر – فلا داعي لتكرارها هنا كذلك - تلك الدولة التي استباحت أرض ودم وعرض إخوتنا في فلسطين ولا تزال مخططاتها تتضح في الدول المحيطة شيئاً فشيئاً. أعود لأقول بأننا وببحث يسير بسيط وأكثر تحديداً وتقريباً وتسهيلاً علىGoogle نجد أننا أمام نتيجة قدرها 269 ألف صفحة فقط تتحدث عن موضوع " الغاز القطري لإسرائيل "!! وبعد هذه النتيجة القاسية المؤلمة من البحث نجد أنفسنا أمام مقولة " لا نعرف مصدر تلك الإشاعة ". إن أقل ما يقال للإجابة على هذا الاستغراب هو هذه النتيجة من البحث البسيط السريع الذي لا يستغرق عشرين ثانية من الوقت، فكيف إذا أضفنا إلى ذلك تلك الخلفية السابقة عن المكتب التجاري الإسرائيلي في قطر والذي أغلقته قطر – في خطوة مباركة - بعد عدوان الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة، خاصة أننا لم نكن على علم بتفاصيل متى وكيف ولماذا تم افتتاح هذا المكتب، خاصة كذلك أننا على علم مسبق بأن قطر قد اتفقت مؤخراً على تزويد الأردن بالغاز القطري وهو الأمر الجيد في حد ذاته، ولكن الأمر غير الجيد هو: ما هي تلك الضمانات التي تحول دون وصول ذلك الغاز القطري – هبة الله - إلى " شعب الله " المختار كما يزعمون بذلك كاذبين، علماً بأن الأردن لا تزال في معاهدة سلام مع أدعياء السلام في العالم، الذين يقتلون ويسفكون الدماء في كل أنحاء العالم، وما حوادث الاغتيالات والتصفية الجسدية التي يرتكبها الموساد الإسرائيلي بين الحين والآخر إلا دليل على حبّهم ورغبتهم الشديدة في العيش بسلام!! إننا لا نؤكد تلك النتيجة بل ولا نريد لدولتنا الحبيبة أن تكون ضمن نطاق بحث لا ينبغي أن يزجّ اسمها فيه، فكيف إذا كان على أرض الواقع، الأمر الذي نستنكره ونناهضه جميعاً ونربأ بقطر أن تكون ضمن هذا النطاق من البحث أو مجرد الذكر بسوء ضمن هذا الموضوع، فكم هم مؤلم جداً عندما نرى دولة عربية كبرى كمصر تمد الغاز الطبيعي لإسرائيل في عهد الطاغية حسني مبارك في الوقت الذي يمنع فيه الغذاء والدواء عن إخواننا في فلسطين، وأكاد أجزم بأنها دعوات النساء والشيوخ والأطفال تكالبت عليه وانهالت عليه في الوقت الذي ظن فيه مبارك أن إسرائيل ستنصره من دون الله، ولكنه خاب وخسر فانهالت عليه دعوات المظلومين في مصر وفي فلسطين فكان الله خير منتقم، فأخذه أخذ عزيز مقتدر، وها نحن نرى فيه عجائب قدرة الخالق عز وجل عندما عصى الله فوق أرضه وتحت سمائه فاستبدل حكم الله بحكم الطاغوت ومعاهدات السلام. أعرف بأن ما ذكرته قد يُزعج البعض وقد يُفرح البعض ممن يكرهون قطر، ولكنني أريد أن أشير إلى خطورة أن نرتبط من قريب أو من بعيد بهذا الكيان الصهيوني حتى وإن كان ذلك عبر المواقع الإلكترونية أو المنتديات ونحوها والتي قد تحمل في مجملها حقداً أو كرهاً لقطر. إن أي محب لقطر لا يقبل بأن يكون هذا البحث عن اسم دولتنا الحبيبة مشتملاً على مكدّرات ومنغصات قد يكون من ضمنها " مجرد إشاعة " مثل هذه الإشاعة على حد تعبير الدكتور الإبراهيم فكيف إذا كانت واقعاً فكم سيكون عدد تلك الصفحات عندئذ، ونحن على يقين بأن هناك قيادة تدرك أن الكيان الصهيوني ما هو إلا كيان غاصب متغطرس لا ينبغي لنا أن نمد إليه يد التعاون في أي مجال من المجالات، وأن نتحد معاً كدول عربية وإسلامية مجتمعة ضد أي مخططات لتفكيك وحدتنا الخليجية أو العربية أو الإسلامية بل وضد ديننا الذي هو عصمة أمرنا.. فنكون من الشاكرين لنعمة الله علينا وننعم بالأمن والأمان والسلامة والإسلام.. حتى نلقى الله على ذلك.. والله من وراء القصد.
425
| 26 مايو 2011
في الوقت الذي تعج فيه الثورات والكثير من المتغيرات والأحداث في الدول المحيطة بنا نجد أنفسنا وسط هدوء نسبي قد تعقبه عاصفة أو قد يعقبه هدوء وأمن وأمان كما كان ولا يزال الحال عليه و الحمد لله، ولكننا من يصنع الأحداث هذه الأيام ونشارك في صنع الكثير من المتغيرات على الساحة الدولية، فقطر لها جهود وتحركات على أكثر من مستوى وعلى أكثر من اتجاه، فهاهي تقف كأول دولة عربية تدعم الثوّار في ليبيا وتعترف بالمجلس الانتقالي الليبي وتبذل الجهود العربية والدولية من أجل الوقوف إلى جانب الشعب العربي الليبي في محنته ومأساته الكامنة في بقاء المعتوه معمر القذافي يعيث في الأرض فساداً هو وكتائبه، وفي مكان آخر هناك جهود أخرى لدعم مصر والوقوف إلى جانبها للعودة بها إلى مكانها الطبيعي في مقدمة وطليعة الدول العربية المتصدرة للمواقف المشرّفة للأمة العربية والإسلامية لا كما كانت عليه في عهد الطاغية حسني مبارك ومن سبقه من حكام جاؤوا بالمهانة والاستسلام أكثر من العزة والنصر لمصر ولأمتهم، فقامت قطر بتأييد ودعم الثورة المصرية ومن قبلها التونسية صاحبة الفضل الأكبر في نهضة الشعوب وثورتها على الفساد وظلم الحكام. وفي موقف آخر تقف قطر مع مطالب الشعب اليمني المنادي بإسقاط نظامه الذي يتزعمه صاحب "النفس الطويل" لا "الظل الطويل" الذي قصرت هامته وطال لسانه فكذب كثيراً وتمادى بوعوده و مماطلاته لشعبه الذي لا يزال يسقط منه الشهداء يوماً بعد آخر، وهو – أي علي عبد الله صالح – يشاطر رفيقه الكذّاب الأشر معمر القذافي فينهال بالتهم والتهديدات والوعود لقطر ومواطنيها بسبب مواقفها المتضامنة مع الشعبين الليبي واليمني. وهناك مواقف أخرى كثيرة منها ما هو سياسي الاتجاه ومنها ما هو إنساني كموقفها ومساندتها ودعمها لقطاع غزة ولجزر القمر ومصر وليبيا وغيرها , ناهيك عن دورها في المصالحات في السودان وفلسطين مؤخراً، كل تلك الأحداث بلا شك تجعل قطر وأخبار قطر تتصدر الصفحات الأولى في العديد من صحف العالم ولعل هذا مبعث سرور أي مواطن حينما يشعر بالفخر لمواقف وطنه بين الدول والقضايا المهمة في العالم، لكن ما يحدث على أرض الواقع بيننا كقطريين أصبح مقلقاً للكثير من الناس من أن يصبحوا ضحايا من حماقات يرتكبها القذافي أو علي عبد الله صالح أو أي عدو ظاهر أو خفي لقطر، فالمواطن القطري أصبح يخاف أكثر من ذي قبل على نفسه وعلى أسرته وعلى مجتمعه في الداخل والخارج، وليس في ذلك مداهنة أو "غشمرة " يجب أن نمررها دون قلق أو خوف أو مصير مجهول مقلق نوعاً ما. نحتاج إلى أن نهدأ وأن نطمئن إلى مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ومجتمعنا بعد خمس أو عشر سنوات من الآن ولا نريد أن نبالغ فنقول بعد عشرين سنة وأكثر، ولكننا نحتاج إلى أن نتريث لندرك حجم المخاطر التي تحيط بنا أو تراكمت حولنا فبعد أنا كنّا " في حالنا " أصبحت الأنظار " حولنا " ولم نعد ندرك هل هذه الأنظار نظرة حقد أم حسد أم إعجاب أم انبهار أم غبطة أم ماذا بالضبط؟ الأمر الأهم الذي لابد أن تلتفت إليه الحكومة هو الرضا الشعبي الذي بدأ يتذمر من تلك المعونات التي تُعطى وتُمنح للدول يمنة ويسرة في حين أنه مستبعد من تلك الأموال التي هي من ثروات وطنه الذي عاش وتربى على ترابه ولا يريد أن يُدفن كذلك إلا فوق أرضه ولكنه يريد أن يفعل ذلك وهو يلهج بلسان الشكر والثناء لا التذمّر والتندر والفكاهة حتى أصبحت مسألة المعونات تؤثر سلباً على الناس، خاصة أن الكثيرين لا يزالون يغرقون في ديونهم وأوضاعهم المعيشية البائسة والتي لا تتفق مطلقاً مع مقولة " أعلى دخل في العالم " منذ أن غرق العالم بأسره في الأزمة الاقتصادية وحتى هذه اللحظة، خاصة أن الحكومة قد التفتت إلى البنوك فقامت بتعويضها ودعمها من أجل أن تنهض على قدميها بعد تلك الهزات الاقتصادية والتي بسببها كادت أن تعلن بعض البنوك في العالم عن إفلاسها إن لم تكن قد أفلست وانهارت بالفعل، بينما لم نجد من نتيجة أو تأثير إيجابي لذلك الدعم الحكومي للبنوك على الفوائد البنكية الربوية التي اتخذتها بعض البنوك الربوية في الدولة حجة لها كي تعوّض خسارتها في الأزمة عن طريق مضاعفة الأرباح إلى أضعاف مضاعفة أدت إلى مضاعفة ديون الناس فأصبح المواطن مديوناً لعشرين أو خمس عشرة سنة قادمة، فأين العدالة في تصحيح الأوضاع المالية والديون للمتضررين لدى تلك البنوك عندما ساعدتها الحكومة على الوقوف مجدداً؟ هل من المعقول أن نقف متفرجين ونحن ننظر إلى مستقبل مئات بل وآلاف الشباب من القطريين يهدد بالضياع نتيجة لعدم مقدرته على سداد هذا الدين الممتد لسنين قادمة؟ هل ننتظر من أولئك الشباب أن يتزوجوا و أن يفتحوا بيوتاً سعيدة؟ هل ننتظر بعد ذلك زيادة سكانية في عدد سكان قطر الأصليين ونحن نشاهد هذا العزوف القسري عن الزواج؟ هل هذه بداية النهاية لمجتمع كان آمناً مطمئناً مرفّهاً أم أنها بداية الخوف والقلق على مصير مجهول يحتاج إلى المزيد من الاهتمام بمواطنيه في الداخل ومصيرهم في الخارج كذلك... والله من وراء القصد.
358
| 19 مايو 2011
اتضحت الكثير من الأمور الخافية بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في البحرين والتي كانت أقرب لأعمال التخريب والانتقام من الحكومة الرسمية ومن الطائفة السنية بشكل عام في البحرين والتي تمثلت واتضحت جلياً في الاعتداءات على طلبة وطالبات جامعة البحرين بل ومرضى مستشفى السليمانية هناك بالإضافة إلى تلك الاعتداءات الوحشية على جاليات مسلمة من الآسيويين المقيمين على أرض البحرين مما جعلنا نُصدم كثيراً بتلك الأحقاد الدفينة في قلوب تلك الحفنة من المخرّبين وليس من المتظاهرين، الذين اتضحت ولاءاتهم وأبعاد تحركاتهم من خلال بعض تصريحاتهم وأقوالهم هنا وهناك، بل واتضحت أكثر من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين استنكروا وتدخلوا بشكل سافر وبالغوا في إظهار غضبهم وامتعاضهم بل واعتراضهم على تدخّل " قوات درع الجزيرة " في البحرين والذي كان قانونياً ومنطقياً، الأمر الذي كشف عن خبث نوايا إيران في الهيمنة على البحرين وعلى دول الخليج الأخرى. وعندما أقول " اتضحت " أعني أنه في السابق كان هناك من يجادل في إيجاد مبررات ونوايا حسنة لهذه الفئة التي تظهر وطنيتها الخليجية وقوميتها العربية بينما هي في الواقع تبطن وطنيتها الأخرى وقوميتها الأخرى، فلم يعد بالإمكان إيجاد مبررات أخرى لتلك الفئة المخرّبة في دول الخليج العربي " وليس الفارسي " والتي يكفيها – أي دول الخليج – ما بها من مشكلات وصعوبات أو تحديات تواجهها ما بين الفينة والأخرى، ولكن هذه المشكلة لابد ألا نتجاهلها كدول خليجية مجتمعة كما حدث في السابق حيث تتخذ كل دولة مواقف منفردة في التعامل مع إيران كدولة مصدرة للثورة وكبلد جار ينبغي أن يحترم حقوق جيرانه لا أن يثير الشكوك حول نواياه وأطماعه في جيرانه، ناهيك عن سياساته المغايرة لسياسة جيرانه من دول الخليج التي توالي الولايات المتحدة الأمريكية بينما إيران تعاديها أو بلفظ " أصح " يظهر لنا أنها تعاديها، لأن هناك تقارير ومخططات تسربت منذ فترة طويلة ولكننا – كعادتنا – نغض الطرف عنها أو لا نأخذها على محمل الجد كما يفعل الآخرون، وهذه التقارير والمخططات كانت تقول بأن الولايات المتحدة الأمريكية بصدد إعطاء الضوء الأخضر لإيران لزيادة نفوذها وتقوية شوكتها في دول الخليج العربي بل ومساندتها في تصدير الثورة إن لزم الأمر من أجل وفي مقابل أن توقف إيران برنامجها النووي الذي يقلق أمريكا كما يقلق حبيبتها وربيبتها " إسرائيل ". وما يؤكد لنا ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد لنا يوماً بعد آخر بأنه " ليس لها صاحب " حتى وإن كان ذلك الصاحب " حسني مبارك " على سبيل المثال الذي أمضى زهرة شبابه وهو يتلقى أوامرها وينفذ تعليماتها بل ويطيع سادتها وكبراءها من أجل حفنة دولارات ولعل آخر تلك الأوامر كان واضحاً عندما أسهمت حكومة حسني مبارك في حصار إخواننا في غزة وكادت أن تخنقهم بيديها لولا أن رفع الله الغمّة عن غزة وعن مصر أيضاً بخلاصها منه إلى غير رجعة، فلم تحتضنه أمريكا وإنما تركته ليموت بحسرته، نادماً على ذلك الشباب الذي قضاه في طاعتها، فهل على الجميع أن يفعل ما فعله حسني مبارك حتى ينتهي إلى نفس النتيجة؟ أم أننا سنكون على قدر من الوعي والإدراك فنفهم أن الولايات الأمريكية لا يهمها إلا مصالحها، وبالتالي فإننا نُصدّق تماماً أن تعطي الضوء الأخضر لإيران كي تتدخل في الخليج على حساب معتقداتنا وديننا، لأنها لا يهمها ذلك كلّه وإنما يهمها مصلحتها ومصلحة حبيبتها " إسرائيل ". ولعل العتب البحريني على قناة الجزيرة جاء مبرراً جداً عندما أحس الإخوة هناك أن قناة الجزيرة لم تفهم حقيقة تلك التحركات المخرّبة وانخدعت بمقولات رؤوس الفساد هناك ولم تفهم بأن تلك التحركات تُظهر الحريّة في العلن بينما تُبطن العبودية في الخفاء، العبودية هي أن تحاول دولة كإيران أن تحرّك أفراد طائفتها الشيعية من أجل انقلاب هنا أو هناك، كي تمهد الطريق لمخطط آخر تنوي فعله بهذه الدول الخليجية مجتمعة. فالجزيرة لم توفق – من وجهة نظري – في إعطاء الصورة الحقيقية لتلك الأحداث وإنما استهوتها تغطية الشارع كما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن، فسارعت إلى تغطية الشارع في البحرين، الأمر الذي كان مختلفاً تماماً من حيث النوايا الخفية والأحقاد الدفينة، ولعل الخطأ الذي وقعت فيه قناة الجزيرة كذلك كان بتكرار نفس الوجوه المعارضة والتي أصبحت تستضيفهم الجزيرة في أعقاب كل حادثة تجري، وكأنها بذلك قد أعطتهم الحرية في أن يغالطوا وأن يزيفوا حقيقة ما يجري، خاصة أنها – أي الجزيرة – لم تقم بتغطية الأعمال التخريبية وجرائم القتل الشنيعة التي ارتكبها هؤلاء المخرّبون في أهل السنة من المواطنين والمقيمين. إن على دول الخليج العربي ومن ينتمون إليه أصلاً وجذوراً أو حتى أولئك الذين وُلدوا وتربوا وعاشوا فوق هذا الجزء من العالم العربي أن ينتبهوا إلى خطورة ما يحاك ضدهم من مؤامرات وما يكاد لهم من مكائد تستهدف قلب أمنهم خوفا وقلب عقيدتهم شركاً وضلالة، ناهيك عن أطماعهم في هذا الجزء من العالم العربي الذي يملك من الموارد والأموال ما لا تملكه دول أخرى مجتمعة، فمتى سننتبه من غفلتنا ونفهم الدرس ونقرأ التاريخ حتى نستفيد من كل ذلك في استشراف ما سيأتي من أحداث قادمة.. قبل فوات الأوان.. حتى لا يقال يوما ما: كان هنا.. خليج عربي.
655
| 12 مايو 2011
الصورة المفبركة لما يُقال بأنها جثة لأسامة بن لادن والتي تمت المقارنة بينها وبين صور سابقة لابن لادن وتبين بشكل واضح جلي أن هناك ثمة تزويراً واضحاً وركيكاً عليها يكاد يكتشفه المبتدئون في تعلم برنامج " الفوتوشوب "، والصورة الأخرى التي قيل بأنها لجثة ابن لادن كذلك قبل إلقائها في البحر والتي تؤكد لك الشك وتعمق الريبة من جديد خاصة عندما نعلم بأن هناك من يحترفون صناعة تماثيل من الشمع مطابقة تماماً للأصل، ناهيك عن شكلها – أي الجثة - الذي يؤكد أنها للتمثال أقرب من الجثة الطبيعية، بالإضافة إلى مقولة أنه قد تم " التخلص " من جثته بإلقائها في البحر بحجة أن عدداً من الدول قد رفض إيواء تلك الجثة!!، ولا أعلم متى بالضبط تمت تلك المفاوضات ومع أي دول يتحدثون بالضبط!! هل كان ذلك في اللحظات الأولى من اغتيال أو قتل أسامة بن لادن، أم أنها مفاوضات مسبقة لتلك العملية التي زعمت الولايات المتحدة أنها نفذتها بجدارة!!، وعن أي جدارة يتحدثون؟ هل عندما ينفذ التلميذ واجباته بعد عشر سنوات من بدء الدراسة هل هذا يسمى جدارة أم بلادة؟ فالقوات الأمريكية استغرقت ما يزيد على العشر سنوات من أجل هذه اللحظة التي كانوا يحلمون بها يوماً من الأيام، فهل يُعقل أن ينتهي هذا الفيلم الأمريكي من دون " أكشن " كما يزعمون بأنهم ألقوا جثة ابن لادن في البحر.. فأين "الأكشن" في ذلك؟ نعم كان "الأكشن" واضحاً لحظة اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في مخبأ سري تحت الأرض أقرب إلى الحفرة أو القبر منه إلى المخبأ، أما عن خبر إلقاء جثة ابن لادن في البحر فهو أمر إلى التشكيك أقرب خاصة عندما نعلم أن الأمريكان وبالأخص الجيش الأمريكي قد فعل الأفاعيل مع معتقلي جوانتنامو وغيرهم من المشتبه بتورطهم في عمليات " إرهابية حسب زعمهم " ناهيك عن الآلاف من أفراد الشعبين العراقي والأفغاني الذين ذاقوا الأمرين من أولئك الجنود فقط لمجرد الاشتباه بهم أو لمشاركتهم في أعمال مناهضة لهم، فكيف نصدق أنهم قد شفوا " غليلهم " من رأس المطلوبين والمتهم الرئيس في أحداث الحادي عشر من سبتمبر وزعيم القاعدة بهذه السهولة، أكاد أجزم بأنهم لو أتيحت لهم فرصة التنكيل بجثته لفعلوا، خاصة أنهم قد فعلوا بالمشتبه بهم ما يشيب له الولدان فكيف بهم إذا أمسكوا بابن لادن نفسه حياً أو ميتاً؟! وليست أحداث سجن أبو غريب ببعيدة كي ننسى تلك الأعمال البشعة والقذرة التي فعلها الجنود الأمريكان في المعتقلين العراقيين، ناهيك عن مئات القصص عن حالات الاغتصاب والاعتداء في العراق وأفغانستان.. إنه تاريخ يصعب معه تصديق إلقاء جثة "عدو" في البحر بهذه السهولة. إن الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت منذ فترة في إجراء اتصالات مع بعض الدول التي لم توقع على معاهدة روما بهدف البحث عن دولة يتم نفي معمر القذافي إليها بناءً على مكالمة حدثت بين القذافي وأوباما قيل بأن القذافي طلب فيها من الرئيس الأمريكي إيجاد مخرج له من هذه الورطة، لذا فإنها قد اجتهدت في البحث عن دولة لم توقع على اتفاقية أو معاهدة روما والتي تفرض على الدول الموقعة بأن تقوم بتسليم مجرمي الحرب الذين صدرت في حقهم أحكام من محكمة الجنايات الدولية ذلك أن القذافي قد صدرت ضده أحكام سابقة وتم تعريفه كمجرم حرب، وقد قرأنا بأن عدداً من الدول الإفريقية الصغيرة قد أجابت بالقبول ولكنها – أي أمريكا – تنتظر المزيد من الموافقات كي تشرع بنفي القذافي إليها رغم أن الولايات المتحدة نفسها لم توقع على تلك الاتفاقية أي أنها من الممكن أن تستضيفه إن رغبت بذلك، لكنها لا تريد أن تجلب لنفسها " المشاكل " ولكنها تُؤثر أن تجلب لغيرها كما فعلت عندما أقامت معتقلات جوانتنامو بعيداً عن أرضها. أعود لأقول هل الولايات المتحدة التي فعلت كل ذلك تأتينا اليوم عاجزة عن إيجاد مأوى لجثة ابن لادن؟!، إنها لو أرادت أن تتخلص من مخلفات نووية ضارّة بالإنسان والبيئة لأوجدت لها مكانا في خلال أربع وعشرين ساعة.. طوعاً أو كرهاً، فكيف لنا أن نصدق مثل تلك الأخبار المتفاوتة الغريبة عن مقتل ابن لادن والظروف التي سبقتها أو لحقتها، خاصة أن الحكومة الباكستانية نفسها لم تعلم بما جرى إلا مثلنا عبر القنوات الفضائية ربما. هل هناك مسرحية ما تجري أمام أعيننا عبر القنوات الفضائية بهدف لفت الأنظار إلى مقتل ابن لادن ونهاية هذا الفيلم الأمريكي الطويل من أجل أن تتوقف الحكومة الأمريكية عن ضخ المزيد من الأموال في البحث عن ابن لادن في عهد أوباما الذي تعرض فيه اقتصادها إلى خسائر فادحة تستدعي إيقاف ما كان مبتدءاً به في عهد جورج بوش الابن الذي استنزف اقتصادها بشكل ملحوظ من خلال حربين جائرتين في العراق وأفغانستان؟ أم أنها مسرحية للالتفاف حول تتابع الثورات التي أصبحت تقض مضجع إسرائيل التي بدأت النهضات تسري في الدول المحيطة بها، فهل هي إثارة للانتباه أم أنها وقائع حقيقية حدثت بالفعل ولكنها ليست كما تقول الرواية الأمريكية؟ وإذا كانت تلك الأحداث مختلقة أو تم تزييفها على أرض الواقع، فما المغزى منها؟ ولماذا تم تحريفها بهذا الشكل؟ هل قتلوه حقاً أو اعتقلوه وقالوا بأنهم قتلوه كي ينالوا منه كيفما يشاءون؟ أم أنه قد مات فعلاً وفاة طبيعية أو بمرض فاغتنمت الولايات المتحدة الفرصة لتعلن في سرعة فائقة بأنها هي من فعلت ذلك!!، لتخرج بذلك بصورة المنتصر أمام شعبها وأمام العالم بأسره في مشهد أخير ركيك من فيلم أمريكي تم صرف ملايين الدولارات عليه ولكنه لم يرتق أخيراً للدخول إلى صالات السينما فتم حجبه عن الجمهور بعد كل تلك الجهود.. فأين الحقيقة يا ترى؟.
411
| 05 مايو 2011
كثيرون يعيشون في هذه الدنيا بلا أهداف واضحة تحدد لهم خطواتهم ومنهجهم في الحياة، خاصة إذا ما انتهى الإنسان من سلسلة الخطوات الاعتيادية التي يمر بها أغلب البشر حينما يولدون فيترعرعون ثم يكبرون فيدخلون المدرسة ليتعلموا ثم يواصلوا تعليمهم الجامعي ونحوه ثم يعملون في وظائف مختلفة، وقد ينفرط من عقد هذه السلسلة المتعارف عليها عدد كبير من الناس لم يواصلوا تعليمهم وقد ينفرط عدد أكبر من هذه السلسلة فلا تجده يدخل المدرسة من الأصل أو قد يدخلها فيخرج بعد حين بهدف اكتساب الرزق بسرعة أكبر وبجهد بدني وعضلي أكثر في مقابل جهد فكري وعقلي ضعيف بينما لو أكمل تعليمه فإنه سيكتسب المزيد من المال بجهد بدني وعضلي أقل في مقابل جهد فكري وعقلي كبير، وهذه سُنّة الحياة فمن يتعلم يَسود ويقود.. ومن يجهل يَتبع ويتعب. أعود لأقول بأن هذه السلسلة المعروفة في حياتنا والتي نمارسها بتلقائية شديدة تجعل منا نسخاً من بعضنا البعض فلا تكاد ترى متميّزاً إلا إذا فكّر في خارج إطار الدوائر المعروفة في الحياة والتي أصبحت تغلفها العادة أكثر من الإبداع والتجديد، ولهذا فإن أغلب الناس ممن أكملوا تعليمهم أو حتى لم يكملوا تعليمهم يتوقف عند العمل، فما يلبث أن يحصل على عمل أو يحظى بمصدر رزق ما فإنك تجده ينتهي إلى الفراغ الكبير الذي يجعل الإنسان في انتظار الخطوة التالية.. ألا وهي الموت. من المهم أن نجعل لنا أهدافاً في الحياة طوال مراحل حياتنا في هذه الدنيا، فليس من المعقول أن ينتظر الطفل متسائلاً: متى أكبر؟ حتى إذا كبر تساءل مرة أخرى: متى أعمل؟ حتى إذا عمل تساءل مرة أخرى: متى أتقاعد من العمل؟ حتى إذا تقاعد من العمل تساءل مرة أخرى وأخيرة: ماذا أفعل الآن؟ فيصبح الإنسان بذلك مضيّعاً على نفسه جميع مراحل حياته بانتظار المرحلة التالية من حياته دون أن يعيش مرحلته الحالية وأن يتفوق فيها وأن يحقق أهدافه في كل مرحلة منها. نسمع كثيراً أن الأجانب يخططون جيداً لما بعد مرحلة العمل أي التقاعد، فتجدهم يحسبونها جيداً ويخططون لها جيداً كذلك، ذلك لأنه يعرف متى سيُحال إلى التقاعد (لأنهم يعملون وفق قانون ويبرمجون أنفسهم وفق قوانين أخرى) فتجده يعرف كذلك كم هو المبلغ الذي سيحظى به بعد انتهاء فترة عمله وبناءً عليه يخطط كثيراً لتمضية بقية عمره معتمداً على هذا المصدر الجيد من الدخل المادي بالإضافة إلى وقت الفراغ الهائل الذي سيعاني منه طويلاً، فتجده يسافر ويرتحل ويتسلق الجبال ويقوم بجميع المغامرات التي لم يتمكن من فعلها طوال حياته، في إشارة منه بذلك أنه يريد أن يستمتع ببقية لحظات حياته قبل أن يغادر هذه الدنيا. ونحن في الإسلام لا ينبغي أن نكون على تلك الهيئة من انتظار المراحل فننتظر متى تحين مرحلة التقاعد والتفرغ كي نفعل ما بوسعنا وأن نلهو ونستمتع حتى تحين لحظة الوداع والفراق لهذه الدنيا، لأن الإسلام علّمنا بأننا مأمورون بأن " نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً وأن نعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا " وهذه هي المعادلة "السهلة الصعبة" التي ميّز بها الإسلام كل المنتمين إليه وخصّهم بتفوق لا مثيل له في الاستفادة من كل دقيقة بل وثانية في الحياة، لا أن ننتظر مرحلة تلو مرحلة خاصة أن عقيدتنا وإيماننا يؤكد لنا عدم معرفتنا وعِلمنا بساعة الصفر التي تُقبض فيها الروح وتنتهي فيها الحياة، فلكل أجلٍ كتاب لا يعلمه أحد إلا الخالق عز وجل الذي خلقنا وأوجدنا في هذه الحياة الدنيا في أوقات ومدد زمنية مختلفة ومتباينة، فليس شرطاً أنه من عاش طويلاً أن يحظى بالنهاية السعيدة في الآخرة، وليس شرطاً كذلك أنه من عمّر كثيراً في الإسلام أن يحظى بنهاية أفضل في الآخرة من ذلك الذي لم يعمّر كثيراً في الإسلام، فالتاريخ يشهد لنا بأمثلة ممن عاش كل حياته في الكفر والشرك ثم أسلم ولم يمكث طويلاً فقتل في سبيل الله بعد أيام أو ساعات من إسلامه، والتاريخ يشهد كذلك بمن عاشوا طيلة حياتهم مسلمين مؤمنين حتى إذا دنت لحظة وفاتهم ماتوا على عكس ذلك والعياذ بالله، وليست كثرة العمل الصالح بمعيار كذلك فرُبّ عالمٍ أو مجاهدٍ أو متصدقٍ هم أول من تُسعّر بهم النار وإنما المعيار هو الإخلاص لله في تلك العبادات الصالحة..فالكمُّ مطلوبٌ ولكن الكيفية أهمّ من الأرقام والأعداد ومعيار النجاح هو التخطيط الجيد لهذه الحياة وملؤها بأكثر وأكبر قدر ممكن من الأعمال الصالحة.. كل ذلك يحتاج إلى مزيدٍ من التخطيط والتفصيل.. في حياة المسلم.. قبل انتظار الموت كسائر البشر والمخلوقات.. وقبل أن نقول كذلك.. "يالله حسن الخاتمة".
960
| 07 أبريل 2011
فاجأني أحد الأصدقاء بمجموعة كبيرة من الرسائل الثائرة الغاضبة الحانقة (وأستثني كلمة الحاقدة إلى حين) على شيخنا الجليل والعلامة الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي - رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - وهو يتهجم عليه شخصاً وآراءً وفكراً.. فلم يبق ولم يذر.. كل ذلك بسبب تصريح الشيخ مؤخراً من خلال خطبة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب في الدوحة حين صرّح بأن العمليات الجوية التي تقودها قوات التحالف بقيادة حلف الناتو وذلك بعد رغبة وموافقة عربية على ذلك.. أن تلك العمليات لا تعد غزواً ولا حرباً صليبية في سياق ردّه على مقولات الطاغية معمر القذافي. إن ما قاله الشيخ القرضاوي في تصريحه ذلك لم يكن غريباً على عاقل، بل لم يأت الشيخ ببهتان عظيم عندما أوضح شيئاً واضحاً للجميع بأن تلك القوات ما جاءت إلا بعد طلب من الدول العربية وبعد موافقتها على " تدخل " قوات التحالف لوقف سلسلة المذابح والمجازر التي ارتكبها ومازال يرتكبها الطاغية معمر القذافي مع إخواننا العرب والمسلمين في ليبيا، فأين هي الحرب الصليبية من قبل تلك القوات التي ردعت هذا الطاغية المستبد بشكل كبير في إيقاف سلسلة غاراته الإجرامية اليومية ضد شعبنا العربي الأصيل في ليبيا، خاصّة أن كل ما فعلته قوات التحالف إلى الآن عبارة عن حظر جوي لطائرات كتائب القذافي بالإضافة إلى ضرب مواقع معادية للشعب الليبي كانت تنطلق منها قنابل وصواريخ تستهدف إبادة شعب مسلم مسالم أعزل. استغربت هذا الهجوم على الشيخ القرضاوي بل واستغربت كذلك من تلك السلسلة الطويلة المتعاقبة من الرسائل الموجهة إلى هاتفي من هذا الصديق الذي يحمل أفكاراً غريبة في بعض الأحيان، فما شأني أولاً بما قاله الشيخ القرضاوي رغم قناعتي برأي الشيخ تماماً؟، هل اعتبرني هذا الصديق بمثابة أحد العاملين في مكتب الشيخ القرضاوي كي أوصل له هذه الرسائل المشحونة بهذا الغضب والاستنكار؟! أم أن هذا الصديق اجتهد في خطوته تلك واعتبرني ممثلاً للشيخ القرضاوي خاصة أنه يعرف مدى تأييدي لآراء الشيخ في كثير من المسائل وغاب عنه في حينها أنني أؤيد الكثيرين كذلك من علماء الأمة الآخرين ممن قد نتفق معهم أو قد نختلف قليلاً ولكننا في الغالب نقف معهم في أغلب ما يقولونه لأن ما يقولونه في الغالب يمثل رأي جمهور العلماء، فلم يشذّوا عن القاعدة في ذلك ولم يبيعوا مبادئهم ولا أنفسهم للغرب أو لأحد من طغاة العالم العربي والإسلامي كما تساقط غيرهم وانكشف بعضهم الآخر في ولائه للطغاة عندما حمي الوطيس. استغربت بشكل أكثر من هذا التحامل الشنيع على الشيخ القرضاوي من رجل لا يحمل الكثير من العلم الشرعي ولكنه قفز إلى مرحلة تصنيف العلماء بل والرد عليهم، بل والأبشع من ذلك هو عدم احترامه لعلماء الأمة – مهما أساءوا أو أخطأوا – فإن البعض يشن هجوماً غريباً عجيباً عليهم في الوقت الذي يعلمنا فيه الإسلام أننا يجب أن نوقّر كبيرنا (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا) ناهيك عن كون هذا الكبير هو شيخ عالم جليل قضى جُل حياته خدمة للإسلام ودعوة إلى الله من خلال كتبه ومحاضراته وجميع صولاته وجولاته. هل وصل حال شبابنا أن تجرأوا على علمائهم لهذه الدرجة من التطاول والتجريح؟ أم أنهم قد فقهوا في مرحلة وجيزة ووصلوا إلى مرحلة من العلم فأصبح أحدهم يطعن في مقولات وآراء العلماء يمنة ويسرة في المجالس وفي المقاهي بلا تمييز بين النقد الموضوعي وبين الغيبة الذميمة التي شبهها رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها كأكل لحم الأخ المسلم فما بالك إذا كانت الغيبة في عالم مسلم..أليست تلك غيبة مغلّظة؟ إن ما يؤسف له هو أنك تجد وسط مآسي المسلمين وما يجري لهم في الأمة الإسلامية من قتل وإبادة وهتك أعراض وتشريد وتعذيب.. ورغم وصول الخبر كاملاً عبر الصورة والفيديو من خلال القنوات الفضائية المختلفة وعبر الإنترنت وغيره، إن ما يؤسف فعلاً هو أن نرى فئة تأبى إلا أن تعمي أبصارها عن رؤية ما يحدث، وياليتهم سكتوا " فنقطونا بسكاتهم " كما يقول المصريون ولكنهم نطقوا وتطاولوا بل وأيدوا الطغاة على إخوانهم المسلمين بحجج واهية تعبر عن فهم سقيم للدين، فما لبثت بعد أن قرأت رد صاحبي هذا باستدلاله بحديث: (وإن تأمر عليكم عبد حبشي..).. علمت بأنه قد فقد الاتزان العقلي الذي يرجح الحق على الباطل، وأنه فقد البوصلة التي ترشده بأن عموم الأمة ضد ما يحدث من تلك الجرائم ضد إخواننا المسلمين في ليبيا، وأنه ضائع في فضاء التخبط الفكري الذي يريده الطاغية معمر القذافي بمقولاته الساذجة عندما اتهم شعبه بأنهم جرذان تارة وبأنهم متعاطو مخدرات وبأنهم وبأنهم.. بعد أن ترجّى الغرب لنصرته في ذبح شعبه ولجأ للبوذيين والشيوعيين وأغراهم بالبترول فلم يُجدِ ذلك شيئاً، وأغرى الغرب بالبترول واتهم شعبه بأنهم من القاعدة تارة ومن طالبان تارة بهدف تحريض الغرب لضربهم.. حتى إذا انتهت كافة وسائله الخطابية الغبية.. أدركه الغرق فقال: إنها حرب صليبية!!، ووسط تلك الأفكار الشاذّة المجنونة.. ربما وافق إحداها فكر أحد من هنا أو هناك ممن لا يمثّلون سواد الأمة ولا عمومها.. فاقتنعوا بمقولات هذا المعتوه، فأخذوا بترديدها هنا وهناك، فلم ألبث بعد تلك السلسلة من الرسائل إلا أن أرسلت لصديقي رسالة أخيرة كتبت فيها: "الله يهديك ".
478
| 31 مارس 2011
من يشاهد مدى تمسّك بعض الحكام بكراسيّهم في الحكم حتى بعد ثورة شعوبهم عليهم كما في مصر وتونس وليبيا واليمن.. يكاد يجزم بأن هؤلاء لم يلعبوا لعبة الكراسي يوماً ما في طفولتهم عندما يجري الأطفال حول مجموعة من الكراسي حتى إذا انتهت الموسيقى جلس الجميع عليها فإذا ظل أحدهم بلا كرسي يجلس عليه فإنه يخرج من اللعبة وهكذا دواليك حتى يخرج الجميع من اللعبة ويتبقى الفائز "الأول" بالكرسي "الأخير" حتى تنتهي اللعبة فيعاود الأطفال اللعبة من جديد وسط سعادة ولهو وضحك، أما من شاهد ولا يزال يشاهد حكام تلك الدول فيكاد يجزم بأنهم في طفولتهم كانوا عدوانيين وأنانيين ومكروهين ومنبوذين من بقية الأطفال.. فلا يصلحون لأن يلعبوا مع غيرهم من الأطفال الأسوياء الأبرياء.. ولا يصلحوا كذلك للعبة الكراسي.. لأنهم يؤمنون بوجود كرسي واحد فقط.. فلا تعددية عندهم في الجلوس على الكرسي الواحد.. وإنما هو شخص واحد.. لا شريك معه في هذا الكرسي.. إنه الحاكم. مؤسف جداً أن نرى هؤلاء الطغاة المحسوبين على الأمة العربية والإسلامية ممن يدينون بدين الإسلام – من المفترض - ويعتقدون اعتقاداً جازماً – من المفترض أيضاً – أن الدنيا دار فناء لا دار بقاء، وأنها دار ممر لا دار مقر، وأنها لا تسوى عند الله جناح بعوضة، وأنها دار زرع والآخرة دار حصاد، فكيف بهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ولا قولاً.. فهاهم يتمسكون بها ويتشبثون بمفاتنها وملذاتها الزائلة حتى آخر لحظاتهم بل وآخر أنفاسهم.. ولسان حالهم يقول بأنهم لا يؤمنون بأن هناك دار آخرة وأن وراءهم يوماً ثقيلاً سيُسألون فيه عن كل درهم أو دينار أو ريال جمعوه دون وجه حق أو اغتصبوه عنوة من الضعفاء والمساكين.. بل إن كل شبر من ممتلكاتهم وقصورهم وأراضيهم التي سدت الأفق سيحاسبهم عليها الله تعالى بعد أن يذوقوا أنواع الحسرة قبل ذلك، بأنهم باعوا ما عند الله من النعيم الخالد واستبدلوه بخراب الدنيا وحطامها الزائل مهما بدا متلألئاً متوهجاً لامعاً.. كبريق السراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.. إن الذي يستمع لخطابات معمر القذافي.. الرجل المجنون المعتوه الكذاب الدجّال المتمسك بالحكم حتى آخر أنفاسه يجد أنه يستمع إلى كلام مبتذل بلا هدف وبلا مبادئ وبلا أيدلوجية وبلا خطط ولا هم يحزنون، وكذلك حال صديقه في الطرف الآخر في اليمن.. علي عبدالله "صالح" الذي استبدل الصلاح بالإفساد في الأرض.. فاستحق أن ينعته أبناء شعبه بالسفّاح.. فمن يستمع لخطاباته كذلك يجد أن عروقه تنتفخ ودماؤه تغلي في وجهه غضباً وحنقاً على من أرادوا زحزحته من كرسي الحكم الذي لم يشبع من البقاء عليه بعد، فهاهو يريد سنة أخرى.. ثم يقلّصها إلى ستة أشهر أخرى في استجداء واضح ومهين كي يشتري بذلك بقايا ماء وجهه الذي تلطّخ بدم الأبرياء.. تماماً مثل صاحبه سيء الذكر القذافي الذي طغى وتكبر بمجرد رغبة شعبه في انتزاعه من كرسيّه الذي " قعمز " وجلس عليه أكثر من أربعين سنة.. سرق ونهب وظلم وطغى وتجبر.. وعدد ما شئت من الأفعال الدنيئة فيها هو وصاحبه. إن هؤلاء الطغاة لا يحكمون من أجل برنامج رئاسي معين كما في باقي الدول المتقدمة أو من أجل خطة عمرانية ونهضوية تهتم بشأن دولهم وترفع من قدرها وسط الدول أو من أجل استراتيجية واضحة المعالم والملامح، كلا.. إنهم يكذبون.. لأن الناظر إلى عقود الزمن التي أظلتهم تحتها حكاماً على شعوبهم سيعلم علم اليقين بأن لا يُرجى من وراء جلوسهم على الكراسي إلا مزيد من الخسائر في ميزانيات الدولة والمزيد من المظلومين والمضطهدين بل والمزيد من الضحايا والقتلى.. كل ذلك من أجل زيادة مدخراتهم وأرصدتهم وأرصدة أبنائهم وأحفادهم، وما تأخّرهم في الهروب من أمام زحف الثوّار تجاههم كما حدث في مصر وتونس.. إلا من أجل تحويل سرقاتهم إلى أرصدة أخرى في بنوك أو دول أخرى كي لا تمسّها يد التجميد أو المطالبة باستردادها من قبل أصحابها الشرعيين.. الشعوب. إن هؤلاء الطغاة لا يشبعون من النهب والسلب والسرقة حتى آخر لحظاتهم، تماماً كجهنم عندما يقال لها هل امتلأت؟ فترد قائلة : هل من مزيد!!، وهم كذلك يفعلون ويريدون المزيد والمزيد، ومن أجل ذلك لا يهمهم إن سقط في سبيل ذلك المزيد والمزيد من الضحايا والقتلى.. فهم لم ينتهوا بعد من عملية النهب والسطو التي بدأوها منذ اعتلائهم الحكم في أول يوم.. ولا يزالون يطالبون بالمزيد من الوقت.. لا من أجل المصالحة كما يكذب هؤلاء الدجّالون.. وإنما لتشبثهم ببقايا أحلام نائم.. كاد يصحو ويستيقظ من جراء صراخ شعبه من حوله له أن " استيقظ يا هذا.. واخرج أو ارحل من بلادنا ".. ورغم ذلك الصراخ، فإنهم لا يزالون يُكّذبون كل ما يجرى حولهم.. ويقولون في قرارة أنفسهم " هل انتهى هذا الحلم الجميل بهذه السرعة؟! "، ولهذا نراهم في قمة غضبهم وحزنهم وندمهم على كل دقيقة مرّت من مدة بقائهم في الحكم.. لم يضاعفوا فيها من سرقاتهم أو من جرائمهم، حتى إذا أزاحتهم شعوبهم عن سدّة الحكم.. تراهم في حسرة وألم شديدين على فراق ذلك الكرسي "الحقير" الذي سيلعنونه قريباً جداً.. كما سيلعنون تلك اللحظة التي جلسوا فيها عليه في هذه الحياة الدنيا.. في حين أن البعض الآخر منهم.. لا يزال يلعب "لعبة الكراسي".
1097
| 24 مارس 2011
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4494
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3348
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1341
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1044
| 02 أكتوبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
873
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
831
| 30 سبتمبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
657
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
609
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
606
| 30 سبتمبر 2025
في مشهد سياسي غير مسبوق في الأمم المتحدة،...
552
| 28 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية