رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قفزة البيانات الإحصائية المحفزة التي حققتها الدولة في القطاع الصناعي وبدأت بها العام 2013 ، فتحت الباب أمام المبادرين من رجال الأعمال والمستثمرين والشركات لبناء شراكات في قطاعات عديدة، لكونها تقوم على قاعدة معلوماتية موثقة مستندة إلى مؤشرات اقتصادية واقعية. ولا يخفى على المتخصص في هذا المجال أهمية لغة الأرقام وما تحمله من دلالات تحليلية قوية على متطلبات الأسواق، ولما لها من دور في توجيه دفة الفكر الاقتصادي إلى تنويع الأنشطة التي يتطلبها المجتمع، مستندة ً إلى أدلة إحصائية تعتبر هي في حد ذاتها هدفاً استراتيجياً لكونها تشير إلى الوضع الراهن للاقتصاد بمصداقية. تسهم المؤشرات والتقارير في قياس تقلبات السوق، ومتطلبات المجتمع بمؤسساته وأفراده من شركات وخدمات وصناعات وغيرها، والعوامل المؤثرة فيه مثل الظروف العالمية والاستقرار المالي ونوعية الاستثمارات ذات العوائد، ولدورها أيضاً في رسم الخطط المستقبلية بناء على أرضية صلبة من البيانات. وأكثر ما يلفت الانتباه في البيانات التي تصدر عن مراكز بحثية وأجهزة إحصاء هي قوة مؤشرات الطاقة والصناعة في دولتنا، وتشير إليها التقارير الدولية بأنها مستقرة وسريعة النمو وقادرة على التأقلم مع الأوضاع العالمية المتقلبة وتجنبها للمخاوف المتوقعة في سوق المال. ولو أخذنا قطاع الطاقة كمؤشر للنمو مثلا فإنّ التقارير تشير إلى تصاعد تقديرات الإنتاج فيه بما سيسهم في تنويع مصادر الدخل وزيادة الموازنات على مشروعات البنية التحتية الكبرى والخدمات والإنشاءات. يشير موقع رابطة رجال الأعمال القطريين إلى أنّ قطاع الغاز هو الذي يدفع الاقتصاد إلى الأمام لأنه يشهد توسعاً سريعاً حيث تعود جهود التنوع إلى وفرة الموارد الطبيعية المتاحة، وأنه خلال السنوات الخمس القادمة ستنفق الدولة "75" مليار دولار لتطوير الأصول الهيدركربونية و "15" مليار دولار على البنية التحتية ومشروعات عديدة في البناء والتعليم والصحة والسياحة والصناعة والتجارة. وتكمن نقاط القوة في تلك البيانات في الاستقرار المالي، وسلاسة التشريعات، وملاءمتها للمعايير العالمية والشفافية في المعاملات، لذلك حافظ الاقتصاد الوطني على مستواه رغم التقلبات في أسواق المال والطاقة. أدى هذا النمو إلى حدوث تطور كبير في الأنشطة الصناعية والتجارية، كما أدت زيادة أسعار الطاقة عالمياً إلى بناء موازنات محلية قوية، وتحقيق فوائض تجارية وفرص استثمارية، وهذا يتيح لرؤوس الأموال في صياغة مشروعات تتلاءم مع الاحتياج المحلي لها. بالرجوع إلى التقارير الدولية فإنّ الدولة احتلت المرتبة الأولى عربياً في مؤشر التنافسية العالمي، بما يعكس ثقة المستثمرين في دخول السوق المحلي، حيث تقوم الميزة التنافسية على دعائم ثابتة من الاستقرار المالي والنمو السريع. واستناداً إلى تقرير صندوق النقد الدولي يؤكد أنّ الدولة ستستمر في تحقيق نمو اقتصادي قوي خلال السنوات "2013 ـ 2016" ويتوقع أن يقود القطاع غير النفطي والغاز النمو خلال السنوات الأربع القادمة حتى يصل إلى "9،6%". تشير نشرة الأمانة العامة للتخطيط التنموي إلى أنّ النمو الحقيقي في الناتج المحلي سيرتفع مدعوماً بالنمو في القطاعات غير الهيدروكربونية والصناعات التحويلية والبتروكيماوية وقطاع البناء ونمو نشاط التصنيع بنسبة "10%" ونشاط البناء بمعدل "10%" خلال السنتين القادمتين مدعوماً بالاستثمارات في البنية التحتية. كما يتوقع تقرير الـ "كيو إن بي" أن يبلغ النمو في القطاعات "8،9%" في 2013، ووصل النمو في مجموع الاستثمارات المحلية إلى "820" مليار ريال ما بين أعوام "2011ـ2016" وسيأخذ الاستثمار الخاص دوراً رئيساً في النمو بتحفيز الشراكات ومضاعفة نسبة الاستثمارات فيه إلى "15%" بحلول 2016. ويرى التقرير أنّ الدولة نجحت في استثمار الفوائض العالية للنفط في تنويع مصادرها، ومن المتوقع أن يستمر النمو مع زيادة التوسعات في المنشآت الحالية وفتح أسواق جديدة للتصدير والدخول في مصادر جديدة مثل الخدمات والتكنولوجيا والسياحة ستعمل على تحريك عجلة الاقتصاد. والتساؤل الذي يطرح نفسه.. كيف تسهم تلك المؤشرات في توجيه أصحاب الأعمال إلى بناء أنشطة اقتصادية يتطلبها السوق؟، وما الدور الذي تلعبه البيانات في تحفيز الاستثمارات سواء محلياً أو خارجياً؟، وهل يؤثر ذلك على النظام المالي للمؤسسات؟ بكل تأكيد، تسهم المؤشرات في رسم صورة واقعية وتشخيصية عن الوضع القائم للاقتصاد بمختلف أنشطته، ويلفت الانتباه إلى حاجة عالمنا إلى أنشطة تلبي الطفرة الاقتصادية والزيادة السكانية. وتعتبر البيانات ركيزة أساسية في أيّ مشروع لأنها تشخص الوضع الحالي، وتضع أمام صناع القرار والمعنيين صورة حقيقية عن المشهد الاقتصادي في ظل متغيرات عالمية.
641
| 16 يناير 2013
يعتبر مجال الاستثمار من القطاعات الواعدة بدول مجلس التعاون الخليجي، لكونه مصدراً نوعياً لبناء شراكات محلية ودولية في أنشطة صناعية وتجارية وخدمية يزداد الطلب عليها دولياً، ولكونه أيضاً مصدراً يحوي خبرات وعوائد ينوع مصادر الدخول الخليجية. تركز دول التعاون على استثمارات الكهرباء والماء في البنية التحتية والخدمات والاتصالات والتكنولوجيا لكونها مجالات يتطلبها السوق المحلي، ويزداد الطلب عليها من المؤسسات الاقتصادية خصوصا قطاع الطاقة والمصانع والمنشآت الذي يشكل ركيزة إستراتيجية للنمو. وتنتهج الدول التدرج في الاستثمارات الموجهة للبنية التحتية لكونها تقوم عليها قطاعات عديدة مثل الإنشاءات والصناعات والخدمات والتقنية وغيرها، والتي تستغرق سنوات لتنفيذها ميدانياً حيث تأتي الإمدادات الكهربائية وربطها بشبكة للمدن على رأس الأولويات إذ من دونها لا تعتبر مقوماً اقتصادياً، ومن هنا تنشط المؤسسات الخليجية في جذب تلك الاستثمارات لتحقق عوائد على المدى البعيد. ولنتحدث هنا عن استثمارات الخليج في الكهرباء والمياه باعتبارهما مكونان حيويان لحركة التنمية المتسارعة، وأنه مع الامتداد العمراني والنمو والزيادة السكانية، لابد من المضي قدماً في تحديث الرؤى المستقبلية للاستثمار في قطاع الكهرباء بجذب ممولين ومشغلين ومصنعين وموردين لها. يفيد تقرير الصندوق العربي أنّ التكلفة الإجمالية لمشاريع الكهرباء التي أنجزت خلال العشرين عاماً الماضية حوالي ملياريّ دولار، منها "86"مليون دولار لربط شبكة الكهرباء باليمن، وحوالي "556"مليون دولار لمشروع الربط الثماني بين تركيا وليبيا ومصر وبلاد الشام، و"196" مليون دولار لمشروع الربط بين دول المغرب العربي، وحوالي "1،1"مليار دولار لمشاريع الربط الخليجي، حيث أسهم الصندوق ب"687"مليون دولار لتمويل تلك المشاريع أيّ ما يعادل حوالي "34%" من إجمالي تكاليفها. ويقدر أنّ دول الشرق الأوسط في حاجة لإنفاق "46"مليار دولار في قطاع الكهرباء خلال السنوات الخمس القادمة، وأنّ الحاجة ملحة لمشاريع بناء وتملك وتشغيل لمشاريع محطات التوليد الكهربائي. أما في دولة قطر فإنّ الطلب على موارد الطاقة يشهد نمواً متزايداً بنحو "7%"، وإزاء هذا النمو لابد من اتخاذ تدابير فعالة لتلبية الاحتياجات، ودفع عجلة الاستثمارات في الطاقة الكهربائية، حيث تستثمر الدولة أكثر من "10"مليارات دولار في عمليات توليد الطاقة وتحلية المياه خلال السنوات القادمة ومن المتوقع أن تزداد إلى أكثر من "20"مليار دولار خلال العقد القادم. في دولة الكويت خصصت الحكومة "2،5"مليار دولار للاستثمار في الكهرباء، وفي اتفاقية مشتركة بين الإمارات وتركيا تعاقدت على الاستثمار بقيمة "12"مليار دولار لتوليد الطاقة، وفي المملكة العربية السعودية من المتوقع أن ترتفع مبيعات الكهرباء بنسبة "46%" بحلول 2016 مقارنة ً ب2010، كما تعتزم شركة الكهرباء السعودية أن تستثمر "100" مليار دولار في هذا المجال لتتمكن من تلبية الطلب. يتبين من استعراض التقديرات المالية السابقة أنّ قطاع الكهرباء يتيح للشركات المحلية والخليجية خوض المنافسة في أسواقها، مدعومة ً بالآليات والتسهيلات الخليجية المقدمة لها، حيث يأمل المعنيون من صناع القرار والمصنعين والمشغلين، بناء قاعدة اقتصادية جديدة من الاستثمارات في الطاقة وكل ما يقوم عليها من كهرباء ومياه وطاقة بديلة وتعدين وخدمات ومنشآت ودعم لوجستي. وتعكف دول التعاون على تأسيس بنية تحتية من الطاقة الكهربائية بوضع استراتيجيات لجذب التكنولوجيا المشغلة لها، وتحقيق التوازن بين الاحتياج الفعلي والفائض الذي يمكن استثماره بالإضافة إلى الاستفادة من جزء من الفائض في تصديره لتحقيق عوائد. كما أنّ الوضع الراهن للشرق الأوسط والاضطرابات التي أثرت سلباً على الأنشطة الاقتصادية والبيئية والتجارية في عواصم الربيع العربي، والتي تضررت بنيتها التحتية من كهرباء ومياه وإمدادات خدمية بالأحداث والدمار، كان لابد من التفكير بجدية في مشروعات إعمار لشبكات الكهرباء والماء بما يعمل على تفعيل الاستثمار فيها. أما التحديات الراهنة هو كيفية توافر الاستقرار في الشرق الأوسط لبناء شبكة متكاملة من الكهرباء والمياه، وإعادة إعمار المدن المتضررة بعد تأثيرات الربيع العربي، وكيفية توظيف التقنية في تشغيل هذه الطاقة، وتهيئة كوادر محلية لتعمل على إحداث التناغم بين الاحتياج والفائض بما يتلاءم مع التطورات العالمية. في دول التعاون تعد المشاريع الصناعية الأكثر حاجة للطاقة الكهربائية، خصوصاً في السنوات القادمة مع الإعداد لتأسيس وبناء شبكة طرق حديثة وسكك حديدية مطورة، وبناء العديد من المنشآت الصناعية والتجارية، وهذا يصاحبه احتياج ضخم في الاستهلاك مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على فوائض جيدة. في المؤتمر المنعقد بالدوحة للاستثمار في الكهرباء سيفتح الباب أمام الخبرات والشركات لخوض شراكات في المعدات والأجهزة التشغيلية والتمديدات والتقنية المستخدمة في هذا القطاع، إذ رغم تكلفتها الكبيرة إلا أنّ التشريعات الخليجية وفرص التمويل والدعم الحكومي المقدم للمبادرين تذلل الصعوبات، وتحقق عوائد على المدى البعيد لكونه قطاعاً اقتصادياً تقوم عليه الصناعة اليوم.
1903
| 09 يناير 2013
تناولت التقارير الاقتصادية للعام 2012 مؤشرات القوة في إنتاجيات القطاع المحلي، التي نوهت بزيادة مثمرة في عوائد الإنتاج، وهذا يعطي أجواء تفاؤلية وأصداء إيجابية تحفز رجال الأعمال وأصحاب المبادرات والمؤسسات في أن يطرقوا بوابة 2013 بقوة للدخول في مجالات جديدة يتطلبها السوق، وتكون أكثر تناغماً مع الواقع الاقتصادي الحالي. وإذا استعرضنا جانباً من تلك المؤشرات المحفزة فإنها تفتح الآفاق أمام المبادرات لخوض المنافسة وتحقق قيمة إنتاجية جيدة، فمثلاً ينوه تقرير جهاز الإحصاء بارتفاع قيمة الصادرات للعام الماضي، بلغت قيمتها "118،5" مليار ريال مسجلة ً ارتفاعاً نسبته "7،3%" مقارنة ً مع صادرات الربع الثالث من العام 2011 البالغ قيمتها "110،472" مليار ريال. وبلغت قيمة الواردات "26،6" مليار ريال العام الماضي مسجلة ً ارتفاعاً نسبته "10،7%"، كما يؤكد التقرير أيضاً مكانة إنتاجيات الغاز المسال والنفط والمكثفات كأهم صادرات الدولة. وقد بلغ إجمالي إنتاج مشاريع الغاز من المكثفات المصاحبة للغاز ما يقارب الـ"800" ألف برميل يومياً حيث يتم تسييل حوالي "18" مليار قدم مكعب يومياً لإنتاج "77" مليون طن سنوياً من الغاز المسال. وتؤكد تقارير دولية أنّ صناعة الغاز في الدولة ستبلغ ذروتها في 2014 ليصل إجمالي الإنتاج إلى "23"مليار قدم مكعب يومياً لصناعات تحويل الغاز إلى سوائل، كما أنّ مشاريع حقول الغاز غير المستغلة مثل حقل الشمال العملاق سيكون نقلة ضخمة لإنتاجيات الصناعة القطرية. ومن المتوقع أن تجني الدولة "100" مليار دولار من عمليات النفط والغاز والصناعات المرتبطة بهما، علاوة ً على صناعات التسييل وتكنولوجيات تحويل الغاز إلى سوائل، فهي مصادر ضخمة لتحقيق عوائد ذات قيمة مضافة على المدى البعيد. في قطاع الصناعات التحويلية يشير جهاز الإحصاء إلى زيادة النمو بنسبة "19،9%" بقيمة بلغت "19،47" مليار ريال محققة ً نمواً متفوقاً في الصناعات البتروكيماويات والألمنيوم والأسمدة الكيماوية وتحويل الغاز إلى سوائل. أما الاستثمارات فهو مجال واعد نجحت الدولة في اقتناص الفرص العقارية والخدمية والسياحية محلياً وخارجياً، فقد بلغت استثمارات الدولة في البنية التحتية من 2012ـ2018 حوالي "150"مليار دولار، وتستثمر الدولة حالياً أكثر من "20" مليار دولار في مشاريع الجسور والأنفاق والسكك الحديدية، وتبلغ قيمة مشاريع البناء والتشييد التي فتحت باب الاستثمار في مواد البناء "56،2" مليار دولار أيّ ما نسبته "9%" من إجمالي مشاريع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي. في مجال الاستثمار الخارجي فقد جذبت الدولة استثمارات بلغت "120" مليار دولار في قطاعات النفط والغاز والهندسة الإنشائية، وحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة "الأونكتاد" سجلت الاستثمارات القطرية في الخارج "6،027"مليار دولار للعام 2011 مسجلة ً ارتفاعاً قدره "223،5%" عن العام 2010. ويشير التقرير أيضاً إلى أنّ استثمارات جهاز قطر للاستثمار تقدر بأكثر من "100" مليار دولار، حيث تحتل الدولة المركز ال"12" عالمياً في امتلاكها عدد من الاستثمارات الخارجية. لو انتقلنا إلى القطاع العقاري فقد أعلن مؤخراً عن "42" مليار ريال قيمة التعاملات العقارية خلال العام الماضي، مقابل "26،4"مليار ريال في 2011 وبنمو بلغت نسبته "59،1%". كما سجلت تقديرات القيمة المضافة لقطاع النقل والاتصالات قيمة بلغت "6،46"مليار ريال، وارتفاع أداء المال والتأمين والتمويل وخدمات العقار والأعمال محققاً ارتفاعاً قيمته "19،48" مليار ريال. في قراءة متأنية للمؤشرات العالية التي حققتها القطاعات الاقتصادية يتبين مدى نمو الأداء في تحقيق إنتاجيات معقولة للعام الماضي، رغم المخاوف العالمية والأزمات المتلاحقة للاقتصاد العالمي وتوقعات بأزمة مالية جديدة. فقد تمكن قطاع الطاقة بمختلف أطيافه من قيادة القطاعات التنموية وتحقيق عوائد مجزية، وإضافة قيمة تنافسية للسوق المحلي. المؤشرات القوية التي اختتمت العام الماضي تحفز المؤسسات ورجال الأعمال أن يطرقوا بوابة 2013 بقوة، فالاقتصاد العالمي اليوم يتطلب ابتكار مجالات جديدة وتحديث ما هو قائم لتكون المؤسسات قادرة على خوض المنافسة السوقية. ومع الحراك الاقتصادي العالمي الذي يحاول الخروج من هوة الانهيار المالي واضعاً نصب عينيه إنقاذ ما هو موجود، لا بد من إعادة هيكلة العقلية الاقتصادية وتحفيزها على فتح أبواب واعدة، خاصة ً وأنّ المنطقة الخليجية تعتبر سوقاً واعدة ومجالا ً رحباً للبدء في تنفيذ مشروعات يزيد الطلب عليها، ومع زيادة وتيرة الحركة الاقتصادية والبنائية يفرض السوق على المؤسسات الاقتصادية وواضعي الدراسات المستقبلية أن يطرقوا مجالات غائبة مثل الخدمات والاتصالات والبيئة والطاقات المتجددة والأبحاث والغذاء وغيرها من المجالات التي يحتاجها السوق الخليجي. فالمرحلة الراهنة من الحراك العالمي يتطلب إحداث قفزة نوعية في المشروعات لتواكب الطموحات، وتتناغم مع احتياجات المجتمع الخليجي ومؤسساته، وأن تكون المجالات المستحدثة رديفاً لمصادر الدخل القائمة.
382
| 02 يناير 2013
التكامل الاقتصادي هو عنوان التآلف الخليجي للمرحلة المقبلة، نظراً لما يفرضه الوضع الراهن من أزمات مالية متلاحقة وعدم استقرار منطقة الشرق الأوسط، فالسعي إلى تحقيق التناغم التجاري والصناعي بين دول الخليج سيكون مؤشراً قوياً مبنياً على معطيات جيدة حققتها المؤسسات الاقتصادية بالفعل. فقد وضعت قمة المنامة الثالثة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي الحالية آليات للتنسيق الاقتصادي بين الدول الأعضاء تعتمد في أساسها على مبدأ الاستثمار النوعي في مختلف الأنشطة ومواكبة المستجدات بما يحقق الرخاء للمجتمعات. وركزت الدول على تفعيل الجانب الاقتصادي بوضع آليات قانونية وتطبيقية تواكب المتغيرات، وتأخذ بيد المشاريع القائمة والتي خرجت للنور فعلياً، والسعي لرسم رؤى جديدة في مجالات الاستثمار والنقل والاتصالات والبيئة والسياحة. فالجانب الاقتصادي هو ركيزة التنمية في أيّ دولة ويعتبر العمود الفقري الذي تقوم عليه المشروعات المستقبلية لأن الأداء القوي والمؤشرات الواضحة هي البنية التحتية لانطلاقة أي مشروع جديد. وقد حقق هذا الجانب قفزات مثمرة على مستوى دول التعاون، حيث تم تفعيل السوق الخليجية المشتركة بوضع آليات للمتابعة والتقييم وإقرار شكل التعاون المالي والاقتصادي، وطرح مذكرة اقتصادية استعرضت طرح مشروع القواعد الموحدة للأسهم المالية في الأسواق المالية، ومشروع قواعد الإفصاح الموحدة للأوراق المدرجة في الأسواق المالية، ومشروع المبادئ الموحدة لحوكمة الشركات، والرقابة المصرفية الموحدة لدول التعاون. في المجال الصناعي والتجاري تمّ الاتفاق على نظام المنافسة الموحد لدول التعاون، ودراسة ووضع الصياغة النهائية لمكافحة الغش التجاري وحماية المستهلك والتعاون الصناعي وتقييم الإستراتيجية الصناعية الحالية للمجلس، كما تم الإعلان مؤخراً عن الخارطة الصناعية للمشروعات والتي ستفتح آفاق التعاون بين الشركات الخليجية. كما درست دول التعاون جهود إنشاء هيئة للاتحاد الجمركي الذي وضع برنامجاً زمنياً لتطبيقه وصولاً لتحقيقه في 2015، والذي سيعمل على تنظيم العلاقات بين الشركات في المنطقة، استعرضت أيضاً ملفات القطار الخليجي ومساره وآلية عمله، والسوق الخليجية المشتركة التي بدأت مرحلة التكامل في 2007. في مجال الطاقة فقد اعتمدت دول التعاون الإستراتيجية البترولية لدول مجلس التعاون وهي اعتبار الحفاظ على الموارد البترولية مصدراً رئيسياً للطاقة تبني على أساسها موارد ومشتقات، وتشييد المشروعات البترولية المشتركة بين دول المجلس والتخطيط لإنشاء شركات وطنية، وتأسيس شراكات في مجال التعدين، وتشجيع مواطني المجلس على استغلال الثروات المعدنية المتاحة في المنطقة. كما حققت اتفاقية الربط الكهربائي والمائي بين دول التعاون تقدماً ملحوظاً، وسيتم بناء عليها إنشاء مراكز لمتابعة آليات هذا الربط بين دول التعاون. في مجال النقل تسير دول التعاون بخطوات واعدة نحو تأسيس بنية تحتية للنقل حيث تم اعتماد العديد من مشروعات النقل والسكك الحديدية للركاب والبضائع، ويجري حالياً صياغة آليات نقل وتنقل بين دول التعاون. كل المؤشرات السابقة في مختلف الأنشطة الخليجية تفتح الباب بقوة نحو تكامل اقتصادي واعد، خاصة أن الرؤى صادقة وتستشرف المستقبل، حيث يأتي الاجتماع الحالي في ظروف بالغة التعقيد كما وصفتها قمة المنامة، وأن الظروف الراهنة للاقتصاد العالمي تتطلب حفز الجهود لتأسيس بنية تحتية للاقتصاد الخليجي. ولو تابعنا النواتج الإجمالية في كل دولة خليجية وفي العوائد المالية من الصناعات والاستثمارات والشراكات الدولية إضافة إلى مؤشرات القوة في الأداء المالي للمؤسسات الخليجية سنلاحظ مدى الركيزة الإيجابية التي يستند عليها اقتصاد التعاون، وفي رأيي أن أهم مرتكزات القوة هو المصداقية والثقة التي نجحت الحكومات الخليجية في أن تبينها مع منشآتها وأفرادها. ويعد اقتصاد التعاون من أسرع الاقتصادات نمواً ولعل اقتصاد دولة قطر بشهادة المؤشرات والبيانات الدولية يعد قوياً وواعداً للنمو عاماً بعد عام، وتؤكد التقارير الدولية أن الاقتصاد الخليجي تمكن من القفز على الأزمات المالية كما كان للتحفيز الحكومي دور مؤثر في أن يخطو الأداء المالي لخليجنا ما نراه اليوم. هذا الواقع بقدرة المؤسسات الخليجية على البقاء والثبات في وجه المستجدات العالمية يفتح الباب أمام الشركات للدخول إلى سوق الاستثمارات والصناعات والاتصالات والخدمات والطاقات المتجددة والتي تعد اقتصادات خصبة لا تزال في مهدها الأول.
405
| 26 ديسمبر 2012
في يوم تاريخي يعيشه مجتمعنا الكريم.. هو "18" ديسمبر يشكل علامة فارقة في تاريخ الدولة العصرية، التي تستلهم أصالة الماضي وعراقته لبناء قطر الحضارة. في هذا اليوم الذي تحتفل فيه دولتنا في كل عام يعيش المشهد الاقتصادي تطوراً حقيقياً على مختلف الأصعدة، وتبرز فيه مؤشرات القوة والمتانة في الأنشطة المجتمعية التي يقوم عليها دعامة الاقتصاد الوطني. يعتبر قطاع الطاقة الوجه الأبرز لمؤشر النمو الذي يحفز جميع القطاعات على الإنتاجية، ولا يختلف اثنان في أنّ الثقة التي نجحت الدولة في مد جسورها بين مختلف القطاعات الاقتصادية والأفراد هي القوة الدافعة للتنمية. واستعرض هنا جانباً من النمو في المؤشرات حسبما ذكره تقرير الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر للعامين 2011و2012، والذي اعتبر قطاع الطاقة هو مؤشر النمو القوي لاكتمال عدد من المشروعات في المدن الصناعية مثل دخان وامسيعيد وراس لفان، ومشاريع الهايدروكربونية والغاز المسال وتحويل الغاز إلى سوائل مثل برزان واللؤلؤة، وقطاع البتروكيماويات، وإنشاء العديد من الموانئ ومراكز الطوارئ والطرق الخاصة بنقل الإمدادات وتوسعة القنوات الملاحية. تبلغ قيمة مشروع اللؤلؤة الضخم مثلا "19" مليار دولار لإنتاج "140" ألف برميل يومياً من الغاز النفطي المسال والمكثفات والإيثان ومنتجات تحويل الغاز إلى سوائل الذي يستخدم حقل الشمال، وهو ما يمثل "7%" من إجمالي إنتاج الغاز واحتياطيات تبلغ أكثر من "900" تريليون من الغاز أيّ ما يساوي "15%" من المخزون العالمي للغاز. فقد حقق قطاع الطاقة إنجازات استكشافية، وأعدّ دراسات جيولوجية لهذا القطاع، كما افتتحت مشروعات "قافكو" وقابكو" للبولي إيثلين منخفض الكثافة ومحطة راس قرطاس وغيرها. وأكد جهاز الإحصاء القطري أنّ قطاع الغاز والنفط يمثل المرتبة الأولى في تدفقات الاستثمار التي بلغت "47،8" مليار يليه قطاع الصناعة بنحو "25،8%"، وهذا يدل أنّ قطر نجحت في الفوز بشراكات خليجية ودولية لها وزنها وثقلها في السوق العالمية. وإذا تحدثنا عن الأداء المالي فإنه يعتبر ركيزة أثرت في المسيرة، فقد نجحت الدولة في تأسيس بنية تحتية مؤسسية للقطاع المالي من خلال المشروعات التنموية للبنوك والرقابة على عمليات الإفصاح والشفافية بسوق الأوراق المالية وعلى مؤسسات الخدمات المالية. وقد ارتفعت استثمارات البنوك في الأوراق المحلية والأجنبية إلى "141،3" مليار ريال منها "129،3" مليار ريال استثمارات البنوك في السندات وأذون الحكومة و "12" مليار ريال استثماراتها في الأوراق المالية خارج الدولة وفي البورصة المحلية فقد بلغت قيمتها "98"مليار ريال في العام الماضي. يؤكد تقرير "قنا" قوة النشاط الصناعي في الدولة وأنّ ما بين "30ـ40" مليار دولار حجم إنفاق الدولة في قطاع النفط والغاز أيّ بمعدل "30"مليار دولار سنوياً، وأنّ نسبة النمو المتوقعة ستزيد عن "30%"، فيما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنّ قطر حققت نمواً بنسبة "16.6%" في 2010 وهذا مؤشر يؤهلها لتحمل أية اضطرابات جديدة. واستشهد هنا بتقرير الأمانة العامة للتخطيط التنموي 2011 الذي يؤكد أنّ التوسع في إنتاج الغاز المسال يدعم نمو الناتج المحلي ليصل إلى "15%" مدعوماً بالأسعار المرتفعة للنفط بمعدل "32%" وأنّ استثمارات الدولة في قطاع الهيدروكربونات طوال عشرين عاماً يعد مساندة فاعلة للصناعة التي تنتهج التنويع في منتجاتها. ويؤكد أيضاً أن مركز الدولة التجاري الخارجي سيظل قوياً بسبب استمرارية النمو في الصناعة النفطية والغاز مما يزيد فوائض موازنة الدولة بأعلى من "20%" في 2012، كما يقوي مؤشر الأداء المالي للبورصة. وفي الاستحواذ ينظر التقرير إلى قطر نظرة متعمقة لكونها اقتصاداً واعداً، فقد استحوذت على المركز الأول في عمليات شراء العقارات التاريخية والشركات القوية تليها الإمارات ثم الكويت، وهي تعكس الاهتمام الكبير للاقتصاد في اقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة، ورغبة الجهاز الاقتصادي في تنويع مصادر الدخل. كما يبين التقرير أنّ الدولة نجحت في الاستفادة من الفرص المواتية وتمكنت من الاستحواذ على الشركات في أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى امتلاكها حصصاً في البنوك والعقارات والأسهم والمصانع رغم الوضع الراهن. لم يتوقف الاستحواذ القطري على الاستثمارات العالمية، إنما نجحت في الاستحواذ محلياً في قطاع الشركات العريقة وارتباطها بشركات أخرى لتقوية أدائها ونظامها المالي. في مجال الكهرباء والمياه فيجري الإعداد لإطار استراتيجية الكهرباء والماء بما يتوافق مع الخطة العمرانية الشاملة للدولة ويواكب الرؤية الوطنية 2030، وجاري الإعداد أيضاً للربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي. أما استهلاك الطاقة الكهربائية في دول المجلس فقد زاد في السنوات الأخيرة، ففي قطر نما بنحو 12% في 2010 مقارنة مع العام الماضي، ويصل إجمالي استثمارات دول التعاون في مشاريع الطاقة إلى 126 مليار دولار حيث سيتم تنفيذ 230 مشروعاً وتحظى قطر باستثمارات تقدر بـ20 مليار دولار. في مجال الطيران المدني يعتبر مشروع المطار الجديد بوابة قطر على كل دول العالم، بما يثري الاقتصاد المحلي بعوائد قوية، والمطار يستوعب أكثر من "50" مليون مسافر سنوياً، كما تمّ إطلاق "15" وجهة جديدة في العام 2011 وإطلاق "7" وجهات جديدة إلى القارة الأوروبية وإطلاق ما يقارب من "12" وجهة في العام 2012. في المجال السياحي فقد زاد عدد المنشآت الفندقية في 2011 إلى "74" فندقاً عما كانت عليه في 2010 من "66" فندقاً ومن المتوقع افتتاح "17" منشأة فندقية جديدة. أما النقل فتشكل استثمارات البنية التحتية في مجال السكك الحديدية "17" مليار يورو، والتي تعتبر فرصا واعدة لتوجيه الاستثمارات إلى الداخل من خلال منح شراكات خليجية وأجنبية تسهم في التأسيس، وهذا يبين حجم الحراك التجاري الذي ستقدمه تلك المنشآت. في مجال اقتصاد المعرفة فقد حققت المنافسة في قطاع الاتصالات "25%" من عوائد سوق الاتصالات بنهاية 2010، وجاري تأسيس بنية تحتية متماسكة من الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال توفير حزمة النطاق العريض فائقة السرعة التي ستحقق أهدافها في 2015 حيث تبلغ استثمارات الشركة القطرية للنطاق العريض ما يقارب من "550" مليون دولار. في مجال الرياضة.. فقد قفزت الاستثمارات المحلية في هذا المجال إلى أرقام خيالية في بناء الملاعب والأندية الرياضية بهدف استقطاب الرياضة العالمية، فقد بلغ عدد المنشآت الرياضية "60" مؤسسة وجهازاً وارتفع عدد المنشآت خلال السنوات الخمس الماضية من "280" في 2007 إلى "319" في 2011. وفي الختام أهنئ وطني أميراً وحكومة وشعباً باليوم الوطني وكل عام والجميع بألف خير.
449
| 19 ديسمبر 2012
صناعة الاستثمارات والخدمات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة دقيقة من النظام المالي العالمي، لكونها تنتهج التحول في أغلب أنظمتها من النهج التقليدي إلى الإسلامي، والسعيّ لفتح أسواق جديدة في مجال الخدمات المالية، وقد غدا النظام المالي الإسلامي نموذجاً تسعى أوروبا للاقتداء به بعد الانهيارات المتتالية لبنوكها العملاقة. فقد أوجز مختصون ماليون في ختام اجتماعاتهم بالدوحة مؤخراً الرؤى الجديدة للاستثمارات المالية بما يتناسب مع تراجع أداء المؤسسات المالية الأجنبية، وهي تسعى إلى بناء توافق بين آليات الاستثمار المالي في دول التعاون بهدف تلافي الدخول في دوامة التعثر المالي. وخلص الاجتماع إلى ضرورة بناء تعامل جديد مع الهيئات العالمية والبنوك خلال السنوات القادمة، بما يضفي مزيداً من الثقة على الخدمات المالية المقدمة في التمويل وغيرها. تشير التوصيات إلى ضرورة تعاون الهيئات المالية الإسلامية مع رجال الأعمال لتحسين منتجات التمويل الإسلامي، وإيجاد السيولة الكافية، والاستقرار المالي، والشفافية، ومراعاة المصارف في توافق أطراف عملية التمويل مع الأسواق المالية على استراتيجية بخصوص المعايير التنظيمية ومتطلبات المنتجات الإسلامية على مستوى تهيئة الأفراد. كما خلص هؤلاء إلى ضرورة الاهتمام بتدريب العاملين وتأهيلهم للتكيف مع تحول البنوك للمعاملات الإسلامية، وإعداد برامج في الصناعة المالية قابلة للتنفيذ، ووضع مناهج ومقررات لمدخلات التعليم، وضرورة اهتمام البنوك الإسلامية بتوسيع دائرة العقود، وتخصيص جزء من الأرباح لدعم البحوث والجامعات، كما توصلوا إلى ضرورة إنشاء صندوق لدعم البنوك المتعثرة وإنقاذها في حالة التعرض للمخاطر، وضرورة مراجعة وإعادة تقييم وتحسين المتطلبات الدراسية في التمويل والاقتصاد، وتشجيع الطلاب على الالتحاق بتخصص الاقتصاد الإسلامي، وإبراز النظريات الاقتصادية في مجالات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك والتمويل وعمل الموازنة، وانتهاز الفرص لإظهار تفوق الاقتصاد الإسلامي لحل مشكلات العصر. وطالب خبراء المال أيضاً بوضع معايير جديدة لتقويم كفاءة الشركات والمؤسسات المالية، وضرورة الإسهام بفاعلية في المسؤولية الاجتماعية، ومنع إهدار الأوقات، وتكرار الجهود والاهتمام بإجراء البحوث والدراسات الميدانية، للتأكيد على أثر المؤسسات المالية في النمو الاجتماعي. وتعتبر تجربة تحول البنوك التقليدية إلى المصرفية الإسلامية من أبرز القضايا المطروحة في المؤسسات الخليجية، حسب ما ذكره خبراء المال بالدوحة، فقد أصبحت المصارف الإسلامية واقعاً معايشاً اليوم، وبدأ الكثير من البنوك الخليجية الإعداد للتحول من التقليدية إلى الإسلامية، والكثير منها أيضاً يفكر جدياً في التحول إلا أنّ تحديات تقف أمامها، وهي كيفية تحويل بنوك ذات كيانات قائمة منذ سنوات طوال إلى المصرفية الإسلامية في غضون أشهر. أما دواعي التحول في الصناعة المالية فهي العثرات المالية التي أصابت بنوك دولية عريقة بهزات اقتصادية أثرت على الكيانات الاجتماعية والسياسية، ولا يزال الكثير منها حتى يومنا هذا يفتقر إلى حلول لمعالجة الخلل سوى القروض الكبيرة والاستدانة من مؤسسات دولية، والتي ستثقل كاهل الدول الأوروبية ويصبح من الصعب تسديدها حتى ولو على شكل فوائد أو مشاريع، لأنّ الوضع الاقتصادي الراهن يتأرجح بين الارتفاع والانخفاض، ويعاني من اضطراب مؤسساته بين الغلاء وتسديد حقوق العملاء، علاوة على عدم استقرار منطقة الشرق الوسط التي أسهمت هي الأخرى في زيادة حدة المشكلة. يواجه عالمنا تحديات عديدة تؤثر على الاستثمار المالي أبرزها عدم وضوح آليات التعامل المالي، وعدم توحيد أساليب التمويل، وزيادة عدد السكان، وتوسع المشاريع. وإذا أخذنا صناعة الخدمات المالية في دولة قطر فإنها خطت نحو بناء الثقة لدى المتعاملين والمستثمرين من خلال التشريعات والضوابط التي حددتها الأجهزة المالية المعنية بالدولة، كما وضع مركز قطر للمال معايير محاسبية وإشرافية ورصد تقارير للمخاطر والرقابة على البنوك والمؤسسات الإسلامية. أما تطور المصرفية الإسلامية في الوقت الحالي فإنها تعود إلى قدرتها على تخطي السقوط في فخ الديون العالمية، وأنّ المصرفية استطاعت أن تبني لنفسها مكاسب اعتبارية وقيمة اقتصادية جعلت العالم يسعى لاقتناص هذه الفرص والاستفادة منها، كما أن الثقة التي يوليها الخليجيون لمؤسساتهم المصرفية، والأداء القوي للمؤسسات الاقتصادية في دول التعاون هي التي دفعت إلى إنجاح الصناعة المالية في منحاها الإسلامي الحديث.
485
| 12 ديسمبر 2012
وضعت دولة قطر أول أسس التقنية المستخدمة في الطاقة الشمسية والمتجددة بإنشائها عددا من المشروعات لإنتاج الطاقة البيئية، وهي المرتكزات المبدئية التي تعنى بالدراسات البحثية وإمكانات التطبيق في هذا المجال قبل البدء في الإنتاج الفعلي للطاقات المتنوعة. وتعتبر أول منشأة اختبار متخصصة في الطاقة الشمسية التي افتتحتها سمو حرم الأمير، وإطلاق مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، بمثابة البدايات العملية لإجراء التطبيقات الميدانية على مقدرات البيئة من الشمس والرياح وحرارة الأرض والرطوبة والأمطار. فالإعداد البحثي واستشراف الميدان وإجراء الدراسات الأولية ترسيخ للأسس التي تنتهجها مؤسسات الطاقة فيما بعد، إذ إنّ الأبحاث العلمية تبنى على دراسات متعمقة قبل إطلاقها أو إقامة مشروعات عليها. فقد أطلقت قطر تزامناً مع مؤتمر التجمع الدولي للتغير المناخي مشروعين رائدين هما منشأة اختبار للطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس، ويهدفان إلى التفكير برؤية مستنيرة في البحث عن مصادر حيوية ووفيرة للدخل وتنويع الأنشطة الاقتصادية، وتنوع في إنتاج الطاقة باعتبارها مكملا لطاقتي النفط والغاز، وابتكار وسائل بيئية تخدم حياة المجتمعات. وتختص منشأة الاختبار والتي أنشئت على مساحة "35"ألف متر مربع داخل واحة العلوم والتكنولوجيا بالمدينة التعليمية، بدراسة آثار الرطوبة والحرارة والغبار على أداء معدات الطاقة الشمسية ومعالجة التحديات المختلفة مثل الاستخدام الفعال للمياه في تنظيف أنظمة الطاقة الشمسية. هذه المنشأة نتاج خبرات مشتركة بين واحة العلوم والتكنولوجيا ومركز "غرين غلف" و "شيفرون" لاختبار تكنولوجيات الطاقة، والتي ستقوم بتحديد الآليات اللازمة للتطبيق قبل البدء فيها. كما ستدعم تلك المنشأة نشر فكرة استخدام الطاقة الشمسية في منطقة الخليج من خلال توفير معلومات لخطة واسعة النطاق لإنتاج الطاقة الشمسية، إلى جانب أنها تعطي معلومات وفيرة عن التطبيقات الأخرى في تكنولوجيا التبريد الشمسي وتحلية المياه وغيرها. المشروع الثاني ما أعلنته وزارة الطاقة القطرية عن إطلاق مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمسية الذي تصل طاقته الإنتاجية إلى "200"ميغاوات، وبعدة تقنيات مثل الألواح الكهروضوئية والمراكز الشمسية على مدى السنوات القادمة، وسيغطي المشروع "2%" من كامل إنتاج الدولة من الطاقة المتجددة في 2020، وهذا بمثابة تحول تدريجي في ابتكار أساليب أكثر استدامة. ويعتمد هذا المشروع على معطيات حبا الله تعالى لدولتنا هي الثراء الشمسي في قطر والخليج مما يجعلها مصدراً متجدداً للطاقة، وقاعدة دراسات بحثية مسبقة هي سياسات الدولة الرامية إلى تنويع المصادر، والاستفادة المثلى من مواردها المتاحة، وتحسين كفاءة إنتاجيات الصناعة فيها، وتوطين التكنولوجيات، ودعم مشروعات الربط الكهربائي، وإعادة هيكلة سوق الطاقة بما يتوافق مع الاحتياج العالمي لها. وبينت وزارة الطاقة في دراسة لها أنّ الدولة تتمتع بثراء شمسي هائل لكونها تقع في الحزام الشمسي الذي يوفر ساعات طويلة من السطوع الشمسي، وهذا يؤهلها للريادة في مجال الطاقة الشمسية، ويؤكد ذلك ما تشير إليه قمة الطاقة الدولية للطاقات المتجددة إلى أنّ كل كيلو متر مربع في دول مجلس التعاون الخليجي يتلقى طاقة شمسية تصل إلى ما يعادل "1،5"مليون برميل نفط سنوياً. أما المعطيات العلمية فيحددها عاملان أساسيان هما تطور التقنية المتصلة بالطاقة الشمسية وزيادة كفاءة الألواح الضوئية، وصغر المساحة التي تحتاجها، والثاني هو التوقعات العالمية بانخفاض تكلفة تقنيات الألواح الشمسية إلى "40%" خلال السنوات القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا بدأت الخبرات الدولية تبحث عن مصادر متجددة للطاقة؟ وما الدور المستقبلي المنوط بها؟. بكل تأكيد سيكون هناك دور حقيقي للطاقات المتجددة في التركيبة الاقتصادية للدول، مما يسهم في توسيع الإنتاج الاقتصادي المعتمد على النفط والغاز، إذ إنّ الجهود الدولية بدأت مبادراتها بوتيرة سريعة بعد التأثيرات المناخية التي لحقت بالعديد من المزارع والأراضي الخصبة، وقد تابعنا مؤخراً موجة الجفاف التي ضربت مزارع أمريكا وروسيا والفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق آسيا، وموجات الحرارة العالية التي تسببت في إهلاك الأخضر واليابس. فالظروف المناخية التي تعيشها المجتمعات باتت في حاجة إلى البدء في إرساء مشروعات بحثية لبناء بنية تحتية من المعلومات حول الطاقات الكونية من الشمس والرياح والحرارة والأمطار. وإذا تحدثنا عن دول مجلس التعاون تحديداً فقد أدركت منذ زمن مبكر أهمية تنويع الاقتصاد بالتحول إلى الاقتصاد المتجدد، لمساهمته في توسعة القاعدة الإنتاجية لطاقتي الغاز والنفط، وسعياً للحد من تأثيرات الإنتاج الصناعي، وهي ماضية اليوم في تأسيس بنية قوية من المدن الطاقة مثل مدينة قطر للطاقة ومدينة الملك عبدالله للطاقة ومدينة مصدر الإماراتية للطاقة المتجددة. فالسوق الخليجية تستقطب مشروعات عملاقة في مجالات المياه والكهرباء والنقل والمعرفة، والتي ترتكز في أساسها على الطاقة، فدول الخليج تستثمر قرابة "571" مليار دولار في الطاقة والمياه والاتصالات حتى 2016. تشير دراسة ميدانية إلى أنّ دول الخليج خصصت أكثر من "100" بليون دولار لمشاريع المياه في 2011وحتى 2016 بهدف تحسين التقنيات، وتخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لإقامة مشاريع معالجة المياه المهدرة، وجاري التخطيط لإنشاء مشاريع بدول الخليج باستخدام الطاقتين الشمسية والرياح بقدرة إجمالية تزيد عن "900" ميجاوات، وتخطط السعودية لاستثمار "100"بليون دولار في مصادر الطاقة النظيفة على مدى العشر السنوات القادمة. ولعل أبرز الطموحات الخليجية التي سترى النور خلال العقد القادم هو اتحاد الربط الكهربائي بين دول التعاون، الذي كلف "1،4"بليون دولار، حيث ستتمكن المنطقة من توزيع الكهرباء بتوازن دون هدر، مما يتيح أمامها سبل الاستفادة من شبكة الربط في مشاريع الطاقة المتجددة، وهذا في حد ذاته ترجمة عملية للطاقة النظيفة. وتؤكد الدراسات أنّ القدرات البحثية والصناعية التي تتمتع بها المنطقة قادرة على الإسهام بفعالية في حل المشكلات المناخية، وقادرة أيضاً على الإيفاء باحتياجات "80%" من إمدادات الطاقة العالمية خلال العقود القادمة.
439
| 05 ديسمبر 2012
التمويل وتوظيف التكنولوجيا في تقليل التأثيرات المناخية تحديان أمام مؤتمر التغير المناخي المنعقد بالدوحة حالياً، إذ إنّ التمويل وتسديد الدول المانحة لالتزاماتها المالية التي تقدر بـ"100" مليار دولار للدول النامية هي القضية الأبرز على طاولة مفاوضات الخبراء، الذين يسعون جاهدين إلى التوصل لاتفاق بشأن التمويل للبدء في خطوات إنقاذ الكوكب. كما لا يخفى على أحد ما للتكنولوجيا من دور مؤثر في الحد من التأثيرات السلبية لانبعاثات الغازات والكربون وارتفاع درجة حرارة الأرض، إذا تمّ توظيفها بشكل يتسق مع الطفرة الصناعية التي تعيشها الكيانات الاقتصادية المختلفة، وبما أنّ فرص تطبيقها وما أعنيه هي التقنية الآمنة التي لا تخلف مخلفات ضارة، قد تكون محدودة في الدول النامية لكونها تخطو خطواتها الأولى نحو بناء اقتصاد يلبي احتياجات سكانها. ومن الصعب في الوضع الراهن صياغة برامج لهذه الجهود دون دراسة الإشكاليات البيئية أولا، وطريقة تناغمها أو تآلفها مع الاتفاقات الدولية بشأن المناخ. تعتبر التكنولوجيا الصديقة للبيئة أو المحافظة على مقدرات الطبيعة، طريقة مثلى للخروج من التداعيات الجمة لتأثيرات المناخ، إذا وظفت في البرامج الموجهة لخدمة الدول النامية توظيفاً متوازناً يقلل من التكاليف والموازنات الضخمة أو اللجوء لطلب مساعدات. لقد وضع المؤتمر على أجندته محورين، الأول تنفيذ الدول لبروتوكول "كيوتو" الذي يفي بتعهداتها بدفع "10" مليارات دولار سنوياً للدول النامية وزيادة مقدارها إلى عشرة أمثال إلى "100" مليار دولار بحلول 2020، والثاني: إيجاد سبل جديدة لتوظيف نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية مع الحفاظ على مستوى الطموح. فالتمويل يشكل حجر الأساس للنهوض ببرامج الإنماء في الدول النامية، لأنّ تنفيذ الاتفاقيات الدولية يستغرق سنوات طوالا ولا يأتي التشخيص والحل بين يوم وليلة، كما أنّ التكنولوجيا التي تسببت في الكثير من التداعيات هي اليوم في حاجة ماسة لإعادة تشخيصها ودراستها بشكل علمي ممنهج. فقد أشار تقرير صادر عن "أوكسفام" الدولية إلى أنّ تأخر حصول الدول النامية على التمويل اللازم لمواجهة خطر الانبعاثات والتكيف مع الآثار المدمرة سيكون له مردود سلبي، إذ إنّ عدم الاتفاق الدولي هو في حد ذاته إشكالية أمام طريق التكاتف الدولي، فقد تمّ تقديم "30" مليار دولار على سبيل دفعة تمويل البدء السريع، وبناء عليه تمّ إنشاء الصندوق الأخضر ولجنة التكيف مع الوضع، للتصرف في "100" مليار دولار إلا أنّ ما جرى تمويله حتى الآن لا يشكل سوى "24%" من خطوة التنفيذ. إزاء هذه الجهود التي استغرقت قرابة العشر سنوات منذ بروتوكول "كيوتو"، فإنّ الكوارث الطبيعية تفاقمت وتيرتها في السنوات الأخيرة، وكان أبرزها فيضانات دول جنوب شرق آسيا وإعصار ساندي الذي ضرب سواحل الولايات المتحدة الأمريكية والجفاف الذي اجتاح أوروبا وتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية، وكل هذه الآثار تسببت بصورة مباشرة في الإضرار بالإمكانات البشرية والمالية والبنية التحتية للدول، وباتت تكلفة علاج تلك الأضرار البيئية والزراعية والصناعية أكبر من معالجة التأثيرات المناخية ذاتها. والمتابع للشأن الاقتصادي فإنّ المخاوف الدولية تتلخص في عدم التوصل لاتفاق يكون بداية مرحلة جديدة في عملية مفاوضات المناخ التي بدأت في 1995، وتفاقم ديون اليورو والأزمة المالية التي أضعفت من قدرة الدول على تبني سياسات ناجحة لخفض جديّ للانبعاثات الكربونية، والإيفاء بالتعهدات وفق مبادئ دولية ملزمة، حسب ما أشار تقرير دول الـ "77"، وعدم اتباع وسائل معينة على صداقة البيئة أو التكيف مع الآثار الحالية. ويرى تقرير دولي أنّ الاقتصادات الكبرى تعهدت بتخفيض الانبعاثات إلا أنها غير كافية لتحقيق التوازن المطلوب، وأنه لا بد من دور تطوعي أكبر يساعد الدول النامية على الخروج من أضرار تلك التداعيات. ينظر المجتمعون في مؤتمر التغير المناخي إلى فترة الالتزام الثانية التي ستنطلق من 2013 بتفاؤل حذر من الأزمات التي قد تعترض طريق بدء الحل السريع لتلك التأثيرات، وأنه في ظل التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والأزمات المالية المتلاحقة لأوروبا، وتزايد الكوارث، وضعف عمليات تمكين الدول النامية للنهوض باقتصاداتها في وجه التغيرات والتقدم البطيء في تمويل برامج الحد من التغيرات المناخية سيكون الأمر أكثر تعقيداً خلال السنوات العشر القادمة. فالمجتمع الدولي يناقش عدة قضايا عميقة الصلة بهذه المشكلة وهي إشكاليات الطرق الحديثة وزحام وسائل النقل وعوادم المركبات ونسب التلوث المرتفعة والآثار الناجمة عن المخلفات والصناعة وغيرها، والتي تبحث هي الأخرى عن اتفاقيات للحد من زيادة مخاطرها. أما خطوات الإنقاذ فيرى خبراء دوليون أنّ الدول لا بد أن تبحث فرص النمو في أسواق الطاقات البديلة والمتجددة، والاستفادة من الطاقة الشمسية، وابتكار وسائل تكنولوجية للحد من التأثيرات المناخية لتفسح الطريق أمام الدخول إلى أسواق الطاقة النظيفة، حيث بات اللجوء إليها في ظل تصاعد الآثار أمراً حتمياً أكثر من أي وقت آخر.
588
| 28 نوفمبر 2012
التقلبات المناخية أثرت بلا شك على النمو المتوقع للغذاء والمياه والإنتاج الزراعي، فقد توقعت تقارير دولية أن يترك التغير المناخي آثاره على المقدرات الطبيعية للدول، وقد تؤدي قضايا البيئة من الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض والفيضانات والسيول والجفاف إلى سلسلة من الأزمات في الإنتاج غير متوقعة تترك آثارها على الأسواق. من أبرز التأثيرات التي يبذل الخبراء جهوداً لاحتوائها هي التذبذب الإنتاجي وخلل في أسواق التصدير وتفاوت في بيانات الإنتاج الغذائي والزراعي، وما نلحظه اليوم من خلل في أنظمة الغذاء العالمي وأثرها على الأسعار، التي تسببت فيها مشكلات البيئة من الانبعاثات الكربونية ونقص المياه وغياب المسطحات الخضراء وتراجع إنتاج المحاصيل أو تضرر الكثير من الأراضي الخصبة ونقص المياه، أضف إلى ذلك تباين السياسات المعنية بالغذاء رغم الجهود الدولية لتقليل الفجوة. ترتبط حلول التقلبات المناخية ارتباطاً وثيقاً بمشكلات نقص المياه وإمدادات الغذاء، لكونه مؤثراً في الإنتاج الزراعي والذي سينعكس بدوره على الثروة الحيوانية التي تعيش على النمو الزراعي وتقدم مؤشراته. تبدو ملامح الأزمة الغذائية في تراجع إنتاج المحاصيل وموجات الجفاف التي ضربت مناطق زراعة الحبوب في أمريكا وروسيا، والتراجع المستمر في المخزون العالمي من السلع الغذائية في السنوات الأخيرة، وتعاقب موجات الحرارة والجفاف وزيادة الضغط على موارد البيئة من غابات وسهول ومزارع، والاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط، وعدم استقرار مناطق الإنتاج الزراعي، وتردي الوضع البيئي في الدول المتضررة، وارتفاع أسعار معدات الزراعة من الأسمدة والطاقة والآليات والمصانع وارتفاع تكاليف النقل والتصنيع وغيرها. ويرى اقتصاديون أنّ الأزمة المستقبلية هي تأثير ارتفاع أسعار النفط على الإنتاج بمختلف أشكاله، وتحول استخدامات الأراضي الزراعية إلى الاستخدامات الصناعية والتجارية، والزيادة السكانية، وتزايد متطلبات الحياة المعيشية من إنتاج غذائي يلبي الحاجة الحالية ويكفي كمخزون طويل الأمد. بالرجوع إلى التقديرات.. تقدر قيمة الفجوة الغذائية في التسعينيات بمليار دولار في 1990، والتي ارتفعت إلى "12،0"مليار دولار في 1999، واتساع الفجوة الغذائية إلى "13،5"مليار دولار 2000، ثم "18،1"مليار دولار في 2006، وقد تصل قيمة الواردات الغذائية إلى "114" مليار دولار في 2020 وهي ستة أضعاف ما كانت عليه في 2006. إزاء هذه المتغيرات تبحث دول مجلس التعاون الخليجي كيفية وضع آليات لاحتواء الأزمة الغذائية في ظل التقلبات المناخية، خاصة ًأنها من الدول التي ترتفع فيها قيمة الواردات الغذائية، وتدرس تحديد مواصفات السلع الغذائية الأساسية، وتحديد المناطق التي يمكن إقامة مشاريع تصنيعية وتخزينية فيها. كما تبحث دول التعاون أيضاً سبل تطوير الإنتاج الحيواني الذي يقوم على المكونات الزراعية والمائية والبيئية، وبناء أراضٍ زراعية أو حقول إنتاجية في الخارج لتكون بمثابة استثمار زراعي بعيد المدى، كما تسعى لصياغة سياسات موحدة للمشكلات التي يمر فيها عالمنا اليوم. ففي اجتماع دول التعاون مؤخراً بحث المعنيون كيفية تحقيق الأمن الغذائي في ظل عصر يموج بالتقلبات المناخية والمالية والاقتصادية وعدم الاستقرار، وأنه من الضروري تشكيل فرق تنسيقية بين دول التعاون والجهات الدولية لدراسة آلية رسم خريطة للأمن الغذائي، وصياغة رؤى تتوافق مع تراجع الأداء الاقتصادي والمالي اليوم، وتلبي احتياجات النمو السكاني، وأكد الباحثون على إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص لتحقيق الأمن الغذائي ليقف جنباً إلى جنب والدور الحكومي. أما الرؤى المستقبلية فتشير تقارير دولية إلى أن الأزمات الغذائية والمائية والمالية ستأخذ منحى أكبر مما هي عليه اليوم، وإزاء تلك التوقعات سترتفع فاتورة الإنتاج الغذائي والاحتياجات السكانية، وأن هذه الزيادة يقابلها تراجع في مستويات الحلول الدولية التي تقف عند حد المقترحات دون آليات عمل مجدية، وأن الاستقرار الإنتاجي يتطلب توحيد السياسات التجارية الخارجية سواء تصديرية أو استيرادية ودراسة إعداد مخزون استراتيجي يتوافق مع الظروف الاقتصادية الحالية وفتح أسواق جديدة تقوم على الكفاءة والتسويق وتتلافى المخاطر وبناء اتفاقيات دولية أكثر تكيفا مع الواقع.
891
| 21 نوفمبر 2012
يبحث المعنيون بحل مشكلة التغير المناخي بوادر أزمات تلوح في الأفق وهي عدم تقديم الدول الغنية معونات مالية للدول الفقيرة للنهوض باقتصادات الدول النامية لمواجهة التغير المناخي. ففي تقرير دولي نشر مؤخراً يفيد أنّ الدول الغنية تعهدت بمعونات في 2013 لمشاريع التغير المناخي في الدول النامية، وزيادة مقدارها إلى "100"مليار دولار بحلول 2020. هذه الفجوة هي تعهدات التنمية بوضع برنامج يتم بموجبه تقديم "10"مليارات سنوياً كمصدر لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وللتوصل في 2015 إلى حلول بشأنها، ومساعدة الدول الفقيرة على الإبطاء من وتيرة الاحتباس الحراري إلا أنّ المباحثات لم تتناول المستجدات بعد هذه السنوات. ويأتي مؤتمر التغير المناخي الذي سينعقد بالدوحة لصياغة اتفاق دولي بشأن مكافحة الظواهر السلبية للطبيعة، إذ إنّ الوضع القائم يؤثر بشكل ملحوظ في جميع أوجه النشاط الاقتصادي، وتواجه الدول الغنية تقلبات اقتصادية وتوترات سياسية بسبب البطالة، وانعدام الفرص أمام الشباب، والتأمينات الاجتماعية، وإجراءات التقشف التي تنتهجها الحكومات الغربية، إلى جانب تداعيات ديون اليورو، مما أثر على آلية مواصلتها لدعم الدول النامية التي تترقب مليارات الدولارات لتوظيفها في مشاريع تكافح التغير المناخي. يفيد تقرير "رويترز " أنّ اجتماع خبراء المناخ والدول النامية بالدوحة لبحث مسار زيادة المساعدات للوصول إلى "100"مليار دولار كتمويل للتغير المناخي، وأنّ المشكلة في المعونات تكمن في موازنات الدول التي لم تحدد مصادر المعونة، ومن أين تستقي تلك الأموال .. هل من الاستخدامات الجديدة للكربون أم الضرائب أم الشحن البحري أم التعاملات المالية أم من مشروعات الطاقة المتجددة . كما أن صندوق المناخ التابع للأمم المتحدة لا يزال ينتظر المعونات لتسريع آلية النهوض بمشاريع التغير المناخي، حيث تشير الدراسات العلمية إلى أنّ مستقبل المناخ سيعاني من الاضطرابات المناخية القائمة التي تجعل من الصعوبة معرفة التغيرات الحقيقة أو التكهن بما سيحدث سوى أنّ المؤشرات الحالية تؤكد أنّ الانبعاثات الحرارية هي وراء هذا التغير . وتشير تقارير رصد دولية إلى أنّ غياب المساحات الخضراء تسبب في "15%" من انبعاثات الغازات، وهناك نسبة كبيرة من ذوبان الجليد في القارات، وزيادة في مناسيب البحار والجفاف والفيضانات، وتوقعات بانقراض كائنات بسبب تغير البيئة الصحراوية والبحرية، وأنّ "20%" من الأنواع البرية مهددة بالانقراض بحلول 2050 . وإذا كان العالم عانى من "278" كارثة في 2004، ومن "482" كارثة في 2006، فإنّ الوضع الحالي يهدد بمزيد من الكوارث بسبب غياب التنسيق بين الدول، وعدم وجود حوار منظم يعمل على تفعيل التوصيات والجهود. وما يعنينا هو الجانب الاقتصادي فقد أثرّ النمو العالمي المتسارع في ارتفاع مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة التي وصلت إلى حد يتطلب معه التكاتف من أجل الحل، وأنّ هذا النمو صاحبه زيادة في حجم الصناعات والأنشطة البشرية المختلفة التي غلب عليها العشوائية وعدم التنظيم مما تسبب في ظهور المشكلات المناخية المقلقة. من التأثيرات السلبية للمناخ على الاقتصاد تراجع إنتاج الغذاء وتضرر الكثير من المحاصيل في عدد من الدول الزراعية، وظهور مشكلات الجفاف والتصحر وزحف التربة وعدم صلاحية الأراضي للزراعة . وفي القطاع السياحي أدى الاحتباس الحراري إلى تراجع أعداد السياح بسبب سوء أحوال المناخ، وعرقلة النشاط السياحي والخدمات التي تقوم عليها. وفي القطاع الاقتصادي أدى النشاط الصناعي إلى مضاعفة التلوث البيئي، حيث يرى العلماء أنّ التغير المناخي قد يصل لمستويات أبعد مما نراه الآن، وقد تابعنا الكثير من الأحداث مثل تسونامي والفيضانات في دول آسيا وإعصار الولايات المتحدة الأمريكية التي أثرت على البنية التحتية للاقتصاد والخدمات والطرق . في تقرير لمؤسسة "وورلد واتش"الأمريكية يشير إلى أنّ نسبة الانبعاثات في الاقتصاد العالمي بلغت "8،2"مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في 2007، وأنّ حرق الوقود العضوي هو المسؤول عن "74%" من الانبعاثات، ومع استمرارها بمعدلاتها الحالية ستزيد من حدة الاحتباس الحراري، مما سيتطلب معه ضرورة تخفيض درجة حرارة الأرض، وإعادة مستويات الانبعاثات الكربونية إلى ما دون مستواها بنسبة "50%". هذه التكلفة الاقتصادية يتطلب معها تدبير تمويل استثماري بحجم حكومات دول، حيث تتراوح تكلفة خفض هذه الانبعاثات "2%" من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، وفي حالة التراخي عن تحقيق نتائج مرجوة سترتفع إلى "20%" عن الناتج الإجمالي العالمي، وقد تصل تكلفة الإجراءات إلى "4،6"تريليون دولار أمريكي بواقع "200"مليار دولار سنوياً لتخفيض نسبة الكربون في 2030 حتى تعود إلى مستويات 2007. ولم يتوصل المجتمع الدولي حتى هذه اللحظة إلى اتفاق دولي بشأن كيفية تطبيق المسؤولية الاقتصادية والبيئية على ما يتسبب في تلويث الكوكب. وينظر خبراء البيئة والمناخ بتفاؤل إلى دور التكنولوجيا في التخفيف من حدة تأثيرات قسوة المناخ، وأنّ استخدام الطاقة الخضراء والنظيفة والبحث عن مبتكرات جديدة في الطاقة المتجددة من الممكن أن يقلل من الارتفاع، فيما يبحث المعنيون ابتكار برامج مطورة تتنبأ بغضب الطبيعة، وتبحث آليات الإنقاذ بفترات كبيرة كافية، وصياغة قرار دولي يدعو للتخفيف من نشاط الإنسان في الطبيعة، وحماية الغابات التي تشكل غطاءً نباتياً يحمي الأجواء من التغير المناخي، وإدراج المحميات الطبيعية في كل الإستراتيجيات الدولية وحظر إزالتها لتكون سداً منيعاً أمام الكوارث. ونأمل أن يخرج الخبراء والمعنيون من مؤتمر الدوحة للتغير المناخي برؤية دولية موحدة تعمل على تقليل مخاطر التلوث، وتقلل من زيادة الانبعاثات، وتتفق على صيغة تناغمية وتوافقية تجمع بين الاقتصاد والبيئة من أجل كوكب صحي .
444
| 14 نوفمبر 2012
جاء خطاب سيدي سمو الأمير المفدى في افتتاح دور الانعقاد الـ "41" لمجلس الشورى الموقر جامعاً شاملاً لمؤشرات القوة في اقتصادنا القطري، ومتناولاً مسيرة المرحلة التنموية للطاقة والصناعة والخدمات والتعليم والصحة، ومنوهاً بمرتكزات التنافسية التي حققتها الدولة، وراسماً لاستراتيجية السياستين المالية والصناعية في المرحلة القادمة. فقد أخذ الجانبان الاقتصادي والمالي حيزاً كبيراً في خطاب سموه، وتصدرت البيانات الإحصائية المتقدمة مؤشرات مبشرة بالخير، كما أنهما حظيا بكل اهتمام ودعم ومساندة الدولة. وأبرز مؤشرات القوة انخفاض التضخم العام والتضخم الأساس في الأشهر الأربعة الأولى من العام بلغ "1،1%" فقط في حين انخفض التضخم الأساس إلى "3،7%"، كما تناول الخطاب معدلات النمو المرتفعة التي حققتها في السنوات الماضية لتتصدر قائمة الدول الأعلى نمواً في العالم، وأنّ الأداء حافظ على قوته وثباته بخطوات محسوبة في ظل تغيرات مالية وعالمية جمة. وبين الخطاب نمو الناتج المحلي لسنة 2011 إلى "14،1%" وزيادة الناتج الاسمي بمعدل "36،3%" مدفوعاً بالزيادات في أسعار المنتجات الهيدروكربونية، وزيادة الإيرادات في عوائد مشتقات النفط والغاز والبتروكيماويات، وهذا أضفى الاستقرار على الوضع الاقتصادي. ويعتبر استقرار النظام المالي في أيّ اقتصاد هو مرتكز حقيقي لنهوض كافة أوجه النشاط الاقتصادي والصناعي، فقد ذكر الخطاب أنّ مكانة دولة قطر في الترتيب الـ "11" في تصنيف التنافسية العالمية للعام الحالي، وثباتها على هذا الموقع لسنوات مضت يدل دلالة على قوة السياسة المالية القائمة، مما سيدفع بثقة المستثمرين في الاقتصاد ونتائجه إلى فتح أبواب استثمارية جديدة محلياً وخارجياً، وإعطاء دفعة قوية للسوق المحلي وللشركات القطرية في أن تخطط لشراكات أكثر تأقلماً وانفتاحاً على السوق الدولية. كما أوضح الخطاب دور الدعم الذي توليه الدولة للوضع المالي وأنه تمثل في تنويع مصادر الدخل وفتح أسواق جديدة وتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية والتعليم والصحة والاقتصاد والطاقة، والتي نجحت بالفعل في تخطي تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي وانخفاض معدلات النمو في الكثير من الدول الناشئة وتأثيرات ديون اليورو والربيع العربي. ومن نقاط تعزيز المكانة الاستراتيجية لاقتصادنا ما ذكره الخطاب من أنّ الدولة استعدت للتعامل مع كافة النتائج المحتملة للتطورات العالمية بما في ذلك انعكاسها على أسعار النفط، وأنه تمّ إعداد ميزانية قطر على سعر "65" دولاراً لبرميل النفط، بهدف الحفاظ على ثبات الإيرادات وتنميتها لصالح زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي إلى "61،8%" ريال أيّ ما نسبته "35%" من إجمالي المصروفات العامة، وأنّ هذا الإنفاق بمثابة إثراء للخطط الاقتصادية والصناعية التي تهدف إلى تنويع أرضية النشاط المحلي. وحدد الخطاب تحديات النمو الاقتصادي وهي الزيادة السكانية وتنامي الحاجة إلى خدمات متنوعة، مما يتطلب معه التكاتف من أجل تحفيز الاستثمارات والحفاظ على خلق فرص اقتصادية تتصف بالتنمية المستدامة وابتكار وسائل حديثة في التعامل مع التغيرات. ومن أبرز المرتكزات التي تنشدها الدولة التنمية البشرية وتنويع مصادر الدخل، والتركيز على التعليم والصحة والحفاظ على ثقة المستثمرين في النشاط الاقتصادي القطري وإنماء عوائد الإيرادات النفطية في مشاريع تنافسية تحقق قيمة مضافة، وبناء مؤسسي شامل في الأجهزة الاقتصادية، وتعزيز الاقتصاد الكلي، ومضاعفة الإنتاج الصناعي للهيدروكربونية وتجنب الازدواجية في الإدارات. على المستوى الخليجي فقد رسم الخطاب ملامح البداية للعملة الخليجية الموحدة التي ستثري اقتصادات دول مجلس التعاون، وأنه الوقت المناسب لتوحيد العملة لتدشين اقتصاد خليجي يرتكز على المتانة والوحدة. واستشهد هنا بتقرير خبراء الطاقة البترولية وهو أنّ قطر تعد بلداً غنياً بموارده الصناعية والطاقوية بامتياز لأنها تمتلك حقل الشمال الذي يضم الكمية العظمى لاحتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، وتزيد احتياطاته على "900" تريليون قدم مكعب مما، يضعها في الموقع الثالث ضمن الترتيب العالمي لاحتياطيات الغاز، وهي تعد أيضاً لاعباً استراتيجياً في المحافل الدولية. كما ذكر تقرير منظمة "جويك" أنّ قطر تسهم بربع الاستثمارات التراكمية خليجياً في قطاع الألمنيوم بلغ "25،4%"، وفيما يتعلق بالمكثفات المصاحبة للغاز الطبيعي فقد بلغ الإنتاج ما يقارب "800"ألف برميل يومياً، والعديد من مشاريع التوسعة في المدن الصناعية والموانئ، وفتح أسواق تصدير في آسيا وأوروبا، وتنامي الاستثمارات العقارية والسياحية والإنشائية القطرية في قارات أوروبا وآسيا. أما انعكاس الخطاب على الوضع القائم فإنه رسم ملامح السياسة الاقتصادية للعام 2013 مبنياً على رؤى واضحة المعالم للدولة وللمؤسسات، ويشكل دفعة قوية لسوق الدوحة للأوراق المالية، وتحفيز الشركات المحلية على الدخول في مشاريع استثمارية ذات قيمة تنافسية، وخلق فرص مهنية للشباب في بيئة الأعمال والمبادرات مدفوعاً بهذا الدعم، وتحفيز المستثمرين على اقتناص المشاريع، واستقرار النظام المالي بالتوسع في أنشطته محلياً وخارجياً، وإعطاء روح الدافعية في السوق المحلي لخوض المنافسة.
382
| 07 نوفمبر 2012
التوقعات العالمية بزيادة الطلب على الطاقة خلال العشر سنوات القادمة تجعل الدول المنتجة للنفط أمام تحديات نراها ماثلة أمامنا، وأبرزها الطلب المتنامي على النفط والغاز من الدول الصناعية والناشئة، والتجاذبات السياسية بمنطقة الشرق الأوسط التي أثرت بشكل مباشر على إنتاجيات الطاقة، وتداعيات الربيع العربي والخطط الرامية إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية ومالية. يشكل النفط مصدراً أساسياً لأكثر من "80%" من إجمالي الطلب عليه، وأنّ المكانة الإستراتيجية للدول المنتجة في السوق العالمية تضعها أمام مسؤوليات استيعاب حجم التوسع الصناعي، ويصف تقرير "شل" العالمية هذه التحديات بأنها التحدي الحاسم لتوفير الطاقة في ظل الزيادة السكانية وارتفاع مستويات المعيشة، وتفاقم حدة التعقيدات المناخية وتعاظم المخاطر البيئية ومشتقات الصناعة. ويبحث خبراء الطاقة في المجتمع الدولي وضع آليات للتعامل مع تذبذب أسعار النفط، ومحاولة التأقلم مع الظروف السياسية للحفاظ على مستويات إنتاجية مستقرة، وتجنيب المؤسسات الاقتصادية مخاطر نقص النفط أو التقليل من الإنتاج. ورغم النظرة التفاؤلية التي ترسمها التقارير الدولية عن النمو الإيجابي لمؤشرات النفط والطاقة مقارنة بعدم الرضا عن مؤشرات القطاع المالي في العالم، إلا أنّ الإحصاءات المعلنة لإنتاجيات الطاقة لم تخفف من حدة المخاوف بسبب توقعات بحدوث أزمة مالية كالتي حدثت في 2008. ومما يرفع حدة المخاوف ظهور مشكلات اقتصادية ومالية وبيئية مثل التغير المناخي وتأثيره السلبي على الصناعة، وعجز الموازنات المحلية عن الإيفاء بمتطلبات التنمية، وتفاقم ديون اليورو، دون أن تجد اجتماعات الدول الأوروبية المنهارة أي طريق للخروج من الهوة، وهناك المطالبات الاجتماعية بتحسين مستويات المعيشة، والتأمينات الاجتماعية والبطالة وانتشار الأمراض، واتساع الفجوة بين الاقتصاد وثورة المعلومات، وعدم التناغم بين الأسواق المتقدمة والناشئة وعدم تحقيق مؤشرات متقدمة للتنمية بسبب الديون والاضطرابات السياسية في المنطقة. في رأيي أنّ سبب عدم الربط بين مؤشرات النمو في إنتاجيات الطاقة وبين الوضع الاقتصادي القائم هو عدم قراءة البيانات الإحصائية بتأن، وعدم القدرة على إجراء التحليلات التي تربط المؤشرات بواقع متغير يعيش حراكاً في شتى المجالات، حيث تخطط كل المشاريع في الميدان دون خريطة طريق تحدد ملامحها وتستشرف مستقبلها أو مدى حاجة المجتمع إليها إذ لا تلبث أن تتهاوى بعد خروجها من المخططات إلى السطح. لو نظرنا إلى التقارير الدولية المتعلقة بالطاقة نرى مدى ارتفاع مؤشرات النمو فيها، وهذا يقدم صورة متفائلة عن بيئة المشاريع أو الخطط المستقبلية التي من الممكن أن تقوم عليها أنشطة غير تقليدية. من مؤشرات التفاؤل ما يشير إليه تقرير وكالة الطاقة الدولية أنّ الطلب على النفط سيرتفع من "88،3" مليون برميل في 2010 إلى "95" مليون برميل في 2016، وأنه ما بين أعوام "2008 و2035" سيزيد الطلب على النفط بنسبة "60%" خاصة منطقة الشرق الأوسط والدول الناشئة، ويشير تقرير منظمة "الأوبك" أيضاً أنه حتى 2035 سترتفع التكاليف الإنشائية والتشغيلية في قطاع الطاقة بالشرق الأوسط، مما سيرفع من معدل البيع إلى ما فوق "130" دولاراً خلال 2025. ويعني أيضاً أنه سيزيد الطلب على الأيدي العاملة والكوادر الفنية المؤهلة لإدارة قطاع الطاقة بكافة أنشطته، فالعنصر البشري سيكون محور التنمية في هذا القطاع تحديداً. ورغم ارتفاع فائض الإيرادات في الموازنات المحلية بالدول المصدرة للنفط، ووصولها لمرحلة الصدارة، وسعي الكثير من الحكومات إلى الاستفادة من هذه الفوائض في ضخ المزيد من النفقات في المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية، إلا أنّ هذه الخطوات لم تقلل من البطالة أو الفجوة بين الاقتصاد والظروف المعيشية، ولا يزال الشرق الأوسط ينفق موازنات ضخمة على البنية التحتية والتعليم والصحة والبيئة، كما أنّ بعض شركات القطاع الصناعي لا تزال تعمل بصورة تقليدية ولم ترق الأبحاث في مجالات الطاقة الشمسية والمتجددة إلى مستوى التفعيل. وإذا كان تقرير البنك الدولي يتوقع أن تشهد المنطقة طفرة نوعية أشبه بطفرة الثمانينيات النفطية، فإنّ التحديات لا تزال قائمة، وكما ذكرت تعتبر متغيرات المناخ والتقلبات السياسية من المعوقات نحو إحداث تنمية فاعلة، ومن هنا يرى البنك الدولي أنّ الدول بدأت تحويل الإيرادات النفطية إلى عوامل اقتصادية محفزة من خلال الموازنات وتفعيل الاستثمار في الصناديق السيادية لتجنب المخاطر. وأستشهد هنا بدولة قطر لكونها لاعباً إستراتيجياً في سوق الطاقة ومؤثراً في صناعة القرار العالمي، فقد أشار تقرير "شل" لأبحاث الطاقة إلى أنّ قطر بدأت تحويل الطاقة إلى سوائل والتي يتنامى الطلب عليها في الأسواق الآسيوية والدول الصناعية، وتسعى جاهدة لابتكار طرق حديثة لاستغلال الغاز وتسييله، وهذا يعزز الاستثمارات في هذا الجانب. ويؤكد تقرير لـ"قنا" أنّ صناعة الغاز في قطر حققت قفزة كبرى في قطاع الطاقة، وأنّ جدوى استغلال الغاز في مشاريع للتسييل أو مد خطوط تشغيلية إلى الدول المجاورة أو فتح أسواق تصديرية إلى الدول الآسيوية تزداد أهمية بمرور الوقت، وفي أن تكون حلاً بديلاً لتقنيات الوقود التقليدي. أما التقلبات المناخية فقد سعت الدولة بخطى حثيثة من خلال قمة المناخ التي ستعقد بالدوحة إلى صياغة رؤية عالمية مشتركة حول التغير المناخي بهدف التقليل من الإضرار الذي تسببه الصناعات، وتسعى أيضاً مع خبراء دوليين إلى رسم منهجية حول آليات التعامل مع الإنتاجيات الصناعية خلال السنوات القادمة لتوفير موازنات هائلة ترصد للمعالجات والتلوثات البيئية.
367
| 31 أكتوبر 2012
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
2241
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
1803
| 25 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
837
| 23 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
738
| 22 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
735
| 24 سبتمبر 2025
يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...
654
| 21 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
594
| 24 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
579
| 25 سبتمبر 2025
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...
501
| 21 سبتمبر 2025
يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...
489
| 21 سبتمبر 2025
ليستْ مجرد صورةٍ عابرةٍ تلك التي يُنتجها الذكاء...
477
| 22 سبتمبر 2025
لم يَـبْـقَ موضعٌ في القلب العرباوي لم تنل...
474
| 22 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية