رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تحدق باقتصادنا العالمي مخاطر جديدة هي توقعات بحدوث أزمات في الطاقة والغذاء والمياه، التي ارتبطت بانعدام التوازن في الكثير من الدول، وارتبطت أيضاً بالتغير المناخي، وشكلت مصدر قلق لواضعي السياسات الاقتصادية بين الاستقرار المأمول والخروج من هوة الانهيار. يرى تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" 2011 أنّ الإجراءات الاستباقية للحكومات يمكن أن تزيد من فرص الوصول إلى خدمات نوعية في كل المجالات، والتركيز على العلاقة الإيجابية بين القدرات التكنولوجية والابتكارية، وزيادة استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، لتحقيق دعم مناسب. فلم تعد التكنولوجيا ترفاً أو وسيلة للانتقال من مجال إلى مجال، إنما باتت في عالم الصناعة والتجارة عصباً حيوياً ومعياراً لقياس التطور الإنمائي للدول، حيث تواجه نشر التكنولوجيا في الصناعة والطاقة تحديات حقيقية أبرزها انعدام مصادر التمويل الكافية، وصعوبة الوصول إلى فرص مناسبة لنقل التكنولوجيا واعتمادها، وعدم القدرة في تحقيق استخدام أوسع للتقنية داخل النشاط الاقتصادي، وغياب قدرة تكييف الاستثمارات في خدمة التكنولوجيات المستخدمة في الصناعة. وقد ذكرت في البداية أنّ المخاطر نشأت من انعدام التوازن التي تمخض عنها مشكلات في المياه والطاقة والغذاء، ففي وقت مضى كان المجتمع الدولي يناقش كيفية استيفاء شروط القدرة على المنافسة في إنتاج تكنولوجيات الطاقة والصناعة مثل القوى العاملة والخدمات الداعمة لها والتمويل والسوق المحلية أما اليوم فقد انحصر نقاشه في كيفية خلق بيئة مناسبة للإنتاج بعيدة عن مخاوف السوق. وتعتبر الطاقة والغذاء والماء تحديات مشتركة إلى جانب المناخ، فقد توقعت منظمة الأغذية العالمية ارتفاع الطلب على الحبوب بنسبة "2،60%" إلى "2،2" مليار طن، نتيجة زيادة في الإنتاج خلال العشر السنوات الماضية لتلبية احتياجات السكان. كما ارتفعت أسعار الغذاء في 2007 بنسبة "40%" وقدرت بـ"25،3"مليار دولار، وهناك توقعات بزيادة الواردات نتيجة الزيادة السكانية إلى "114"مليار دولار في 2020، وهي مؤشر إلى بدء نشوب أزمة نقص في الغذاء. وفيما يتعلق بتقديرات التمويل المخصص لتكنولوجيا الطاقة المتجددة حيث يعد الإنفاق البحثي على الطاقة وتطويرها مشكلة أيضاً، فقد بلغت "5"مليارات دولار، وهي نسبة غير كافية بالنسبة لحجم الدول التي تفق مليارات على الصناعات القائمة عليها. وتتوقع تقديرات الوكالة الدولية للطاقة زيادة استثمارات تكنولوجيا الطاقة إلى "400"مليار دولار في 2020 وقد ترتفع إلى "750" مليار دولار في 2030.. وهذا يفسر الطلب المتنامي على إنتاجيات الطاقة، وأنه في حالة زيادة حدتها ستؤدي إلى الإضرار بموازنات التمويل والإنفاق على تلك المشروعات، فهي مرتبطة بسلسلة وثيقة من العمل. أما التغير المناخي فيشكل أزمة راهنة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود "1،1"مليار إنسان في العالم يعاني من ندرة مياه الشرب الصحية بسبب تلوث البيئة، وأنّ "850" مليون إنسان يعاني من سوء التغذية وقد يتضاعف هذا العدد في السنوات القادمة في حال عدم وجود حلول شافية لمشكلات الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة باطن الأرض والكوارث. وهنا يأتي دور الابتكار في خلق أفكار جديدة تستوعب احتياجات العصر القادم، فقد أثبت التاريخ الاقتصادي أنه في ظل تعزيز التعليم والابتكار يمكن فعل شيء يرضي الطموح، ومثال ذلك الصين والهند وسنغافورة التي تعتبر اقتصاداً ناشئاً ناتجاً عن الدعم الحكومي والإرادة الاقتصادية الفاعلة التي عززت من القدرات التقنية، فقد أخذت الحكومات بيد الشركات الصغيرة والمتوسطة التي ساندت الشركات الكبرى. فقد اقترح النظام العالمي في بحوثه صياغة آليات لتطوير القدرات التكنولوجية لإنجاح الجهود المبذولة في مواجهة أزمات الطاقة والمياه والمناخ والغذاء مثل إنشاء شبكة لنقل التكنولوجيا، وتبادل الخبرات بين الدول بشفافية، وتعزيز فرص التمويل، وإنشاء صناديق عالمية لنشر تكنولوجيات الطاقة، وإشراك القطاع الخاص في عملية النمو.
484
| 25 يوليو 2012
تتوقع تقارير دولية للاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي النمو في ظل زيادة الإنفاق على المشروعات الرئيسة فيها، وزيادة مؤشرات الموازنات العامة في مؤسساتها، وأنّ مسار الاستثمارات الخارجية لدول التعاون يسير في مسار تصاعدي، رغم تراجع الأداء العام للمؤسسات الأوروبية والديون والبطالة وغياب الحلول الموضوعية للبنوك المنهارة. يشير تقرير مجموعة "كيو إن بي" إلى ارتفاع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في صناديق الثروة السيادية العالمية إلى "125" مليار دولار العام الماضي وزيادة الاستثمارات في المشاريع من "10%" إلى "16%" لتصل إلى "1،5"تريليون دولار. ويفسر التوجه الدولي لمنطقة الشرق الأوسط لإنماء الاستثمارات فيها بسبب الأزمات المتلاحقة التي تعصف بدول أوروبا، وحراك الإعمار والإنشاءات الذي تشهده المنطقة ودول التعاون تحديداً، ورغم تراجع المستوى الاقتصادي للمنطقة العربية إلا أنّ دول التعاون تشهد طفرة اقتصادية تنموية. ويقدر الاستثمار الأجنبي حول العالم بـ"20،5"تريليون دولار وهو ما يمثل "29%" من الإنتاج المحلي الإجمالي العالمي، ويبين تقرير آخر أنّ دول الخليج تمتلك ثروة سيادية تقدر بـ"1،424" تريليون دولار من أصل ثروة سيادية عالمية قدرها "4،1"تريليون دولار في 2010 حسب آخر إحصاء عالمي، كما تبلغ الاستثمارات العالمية أكثر من تريليونيّ دولار وهي تشكل "70%" من حجم الاقتصاد الخليجي غير الحكومي. وبلغت الاستثمارات الخليجية في أوروبا "542" مليار دولار بينما بلغت الاستثمارات الأوروبية في الخليج "13"مليار دولار وهذا يبين حجم الاستثمارات النوعية التي تقتنصها دول الخليج. ويشير تقرير "كيو إن بي" إلى أنّ دول التعاون تتفاوت فيها الاستثمارات بين حكومي وغير حكومي وهناك تدفقات جديدة لوجود خطط ومشاريع عملاقة وتحديداً في دولة قطر التي تعتبر معنية بهذا الارتفاع نتيجة للأداء الاقتصادي الجيد لديها. وقد حدد بيان "الأونكتاد" أنّ دول التعاون تعتبر منطقة جاذبة للاستثمارات، ووجهة لتكوين اقتصاد نوعي بسبب عمليات البناء والتشييد في المنشآت الصناعية والطرق والنقل والصناعات الوطنية، والتوجه الفعلي لإنماء السياحة والنقل والطرق والمطارات والموانئ والتقنية، أضف إلى ذلك الرغبة الحقيقية لتلك الدول في إحداث صناعات نوعية في مجال الطاقة والتقنية والخدمات. وإذا توقفنا أمام التحديات التي تواجه الاستثمارات العربية عموماً فإنّ ضعف التمويل هو أول الأسباب المعوقة للاستثمار الناجح إلى جانب تعثر الشركات في أول الطريق والبطالة، وعدم وجود كفاءات نوعية لإدارة المشروعات الكبيرة، وعدم قدرة البنوك على تقديم تمويلات ميسرة بسبب تعثرها أو تأثرها بالأزمات. وإذا كنا نقرأ عن أرقام خيالية في حجم الموازنات التي تنفق على المشروعات الإنشائية والتقنية والبحثية في الكثير من الدول إلا أنّ العمليات المنفذة على الأرض قد لا تكون عند مستوى الطموح. ويرى خبراء الاقتصاد أنّ مجلس التعاون الخليجي هو ركيزة التحفيز للمشروعات النوعية في العالم بسبب طموح الحكومات فيها للدخول في استثمارات جيدة. وفي مشاريع النقل نجحت دول التعاون في إرساء مشاريع عملاقة في القطارات والموانئ والطرق والمطارات. وفي مجال الطاقة نجحت قطر مثلاً في استقطاب شركات عالمية لتوليد الطاقة الكهربائية إذ من المتوقع زيادة استثمارات الكهرباء إلى "10%" سنوياً وبناء العديد من شبكات الكهرباء والماء والمحطات الأرضية إلى جانب التعاقدات الجديدة لإنتاج الطاقة الشمسية مستقبلاً. وفي القطاع غير النفطي ذكرت نشرة صادرة عن الأمانة العامة للتخطيط التنموي لـ2012و2013 بلوغ النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي "6،2%" العام الحالي، وتوقعات بنمو الصناعات التحويلية إلى "10%" ونمو قطاع البناء إلى "10%" خلال الأعوام القادمة مدعوماً بشبكة متنامية من البنية التحتية. كما يشكل الإنفاق على المشاريع الاستثمارية المحلية حوالي"25%" من الإنفاق الإجمالي بزيادة قدرها "30%" عن النفقات للعام 2011 وتخطط دولة قطر لإقامة استثمارات في مجال البنية التحتية بين 2012 و2018 بقيمة تصل إلى "150"مليار دولار. وفي قطاع الهيدروكربون ذكرت نشرة "جويك" للاستشارات الصناعية بدول التعاون أنّ الاستثمارات الخليجية بلغت في قطاع الألمنيوم "42،4"مليار دولار تليها الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية ثم الاستثمارات البتروكيماوية وتكرير النفط التي تشكل "57،6%". ويذكر أيضاً أنّ حجم الاستثمارات المتراكمة زادت بمقدار ستة أضعاف وارتفعت قرابة "7"مليارات دولار، وهذا سيؤدي إلى زيادة الطلب على المنتج الخليجي في الأسواق العالمية، وسيولد الرغبة الحقيقية لدى المستثمر في بناء مشروعات طويلة الأمد وعقد تعاقدات وصفقات مثمرة. وقد عززت قطر أيضاً من استثماراتها في العلوم المبتكرة في مجاليّ البحث والتطوير التي توليهما اهتماماً بالغاً، ومن أجل ذلك وضعت التشريعات القانونية الممهدة والمحفزة للاستثمارات فيهما وهذا جعلها محط أنظار الكثير من الشركات الدولية التي تبحث عن بيئات مساندة للاستثمارات. ولعل برج "شارد لندن" الذي تناولته في مقالي الأسبوع الماضي أبرز استثمار خليجي يعزز من تلك التقارير، ويدل دلالة واضحة على نضج العقلية الاقتصادية القطرية التي تبحث عن مصادر نوعية للدخل الاقتصادي، وهذا في حد ذاته يشكل جذباً للمستثمرين الأجانب.
659
| 18 يوليو 2012
"شارد" لندن.. أقوى مشروع استثماري قطري في قلب أوروبا الغربية، ويعتبر نقلة نوعية في الاستثمارات الخارجية التي نجحت في اقتناص الفرص الذكية والواعدة من عقارات ومنشآت عملاقة في أنحاء العالم، وبالتالي بناء قاعدة تجارية تنطلق من الغرب، ولتحقيق مكانة إستراتيجية لتلك الاستثمارات. يؤكد خبراء أنّ الاستثمارات القطرية في الخارج تتصف بالنوعية والذكاء التجاري، وهي تسعى لبناء صناعة حديثة في ابتكار موارد جديدة ذات عوائد مضمونة. فالبرج "شارد" والمنطقة المحيطة به تمّ بناؤه بتكلفة "1،5"مليار جنية إسترليني ليطل من قلب لندن على القارة الأوروبية، ويرتفع إلى "75" طابقاً وتمتلك قطر فيه "95%" من أسهمه، بهدف خلق مركز عالمي للتجارة في مجالات السياحة والإدارة والفندقة والصناعة والتمويل، وهو مجال يتعدى من كونه معلماً سياحياً يطل على نهر التايمز إلى مناخ جيد للشراكات في مجالات المال والاقتصاد، كما ترى "كابيتال كيو إن بي" أنّ الهدف من البرج هو خلق بدائل استثمارية للنفط وتحقيقاً لرؤية الدولة 2030، ومن هنا كان التمويل وتطوير المشروع بمثابة قفزة للاستثمارات الطموحة. ويتميز "شارد" بموقع سياحي أخاذ وتحيط به منطقة كثيرة الأعمال، ويشتمل على مكاتب تجارية وفندق ومطاعم، من الصفقات الناجحة أيضاً شراء ثكنات تشيلسي، وسلسلة متاجر هارودز، والقرية الأولمبية، وامتلاكها الحصة الأكبر في أسهم بنك باركليز قدرها "7،1%"، و "20%" من بورصة لندن، ومجموعة مباني "وان هايد بارك"، ومبنى "بارك هاوس"، واستثمارها "685" مليون دولار لدمج مصرفين متعثرين في اليونان. ومن المؤكد أنّ "شارد" لندن سيفتح المجال أمام دول أوروبا للدخول مع قطر في شراكات تجارية وصناعية وسياحية مثمرة، وسيدعم العلاقات التجارية بين الدول، ولعل أبرزها سلسلة الفنادق الفرنسية الشهيرة التي اشترتها الدولة، وإسبانيا وألمانيا واليونان وعدد من الدول العربية، وهذا سيشجع كذلك على فتح منافذ أكثر عمقاً مع الأقطاب الاقتصادية، وهي تدرس فتح منافذ نوعية في أسواق آسيا والصين باعتبارها الوجهة الأبرز في اقتصاد اليوم. وتشير تقارير دولية إلى أنّ الاستثمارات القطرية اقتنصت فرصاً واعدة لشراء مبان ٍ أو متاجر شهيرة والحصول على حصص مميزة في بنوك عالمية، فقد أنفقت قطر القابضة الذراع الاستثمارية لهيئة الاستثمارات القطرية أكثر من "13"مليار جنيه إسترليني في السنوات الأخيرة.. وهذا يدلل على نجاح المسار الاستثماري. وأستشهد هنا بكلمة معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية لدى افتتاحه "شارد" أنّ المشروع استثمار طويل المدى لقطر، وسيخدم القطاعات السياحية والتجارية بين البلدين، وسيفتح أبواب مبتكرة لاستثماراتنا المحلية. وقد تصدرت المملكة المتحدة قائمة الدول المستثمرة في الدوحة وفق بيان لجهاز الإحصاء في 2009 وأنّ الاستثمارات بلغت "171،4"مليار ريال، كما أشارت نتائج مسح الاستثمار الأجنبي في الدولة إلى أنها اقتنصت فرص التنوع في الأنشطة الواعدة هي البنية التحتية والطرق والاتصالات والخدمات، وبلغت قيمة الاستثمارات في القطاع الخاص بالخارج "38،9"مليار ريال في 2009، كما بلغت تدفقات استثمارات القطاع الخاص إلى الخارج "11،7"مليار ريال، وتقدر أرباح صندوق قطر الاستثماري في 2001 "103"مليارات دولار. ويؤكد تقرير ل"الأونكتاد" أنّ استثمارات جهاز قطر في الخارج لم تتعرض لخسائر الهزات المالية التي تعصف بأوروبا الآن، وأنّ فتح أسواق في القارات يشجع رجال الأعمال على تحقيق معدلات نمو مرتفعة. محلياً.. هيأت الدولة الفرص لتحفيز رجال الأعمال القطريين على الاستثمارات سواء محلياً أو خارجياً ومن أبرز المقومات الاستقرار والنمو الاجتماعي، وتوفير جملة من عوامل الإنتاج التي تقدم مزايا نسبية للصناعات ذات الاستهلاك الكبير للطاقة حيث يتوفر لدى الدولة أكبر حقل منفرد للغاز بما يمثل ثقلا اقتصاديا للدولة. كما حظيت البنية الأساسية من طرق ومرافق وموانئ ووسائل اتصال بنصيب وافر من أولويات الدولة في إطار سياستها لتحقيق عملية التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل.
458
| 10 يوليو 2012
تثير المؤشرات الاقتصادية لقطر والتي صدرت مؤخراً تساؤلات كثيرة عن آليات تعامل المؤسسات مع البيانات الإيجابية، ومدى تأثيرها على أداء السوق المالي، وعن طريقة تفاعلها مع متغيرات الأداء العالمي للاقتصاد، ومدى تحقيقها لقياس مستويات التطور أو التراجع في القطاعات عموماً. هذه المؤشرات تعطي صورة استشرافية عن الوضع القائم للمؤسسات التجارية والتنموية، إلا أنها تكشف عن قرب آليات تعامل تلك المؤسسات معها، إذ على الرغم من تقدم الأداء الصناعي المحلي إلا أنّ المجال الاقتصادي تراوده مخاوف الديون الأوروبية وتوقعات بحدوث أزمات جديدة وإحجام عن المغامرة وتذبذب أسعار النفط. وقد صدر خلال النصف الأول من العام الحالي عدد من البيانات الإحصائية التي ترسم خطى الأداء التجاري للدولة، والتي تبشر بالخير وتؤكد أنّ الدولة ماضية قدماً في الوقوف بثبات في السوق الدولية، مستفيدة من مكانتها كلاعب إستراتيجي في الطاقة. وفي تقرير مؤشرات التنمية المستدامة لجهاز الإحصاء القطري 2011 يشير إلى التقدم الذي أحرزته السياسات الاقتصادية، فإذا قسناها بلغة الأرقام نلحظ مدى التقدم الذي أحرزته، واستشهد بأبرزها وهي ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال "2001ـ2010" من "27،3" ألف دولار في 2001 إلى "74،9"ألف دولار في 2010، محققاً نمواً سنوياً قدره "11،9%" ويعزى ذلك إلى الزيادة الكبيرة في الطاقة الإنتاجية في قطاع النفط مصحوباً بتوقعات ارتفاع معدلات العائد من استثمارات الدولة في الخارج. وارتفاع نسبة الاستثمار في الناتج المحلي من "23،4%" في 2001 إلى "37،6%" في 2008 ثم "39،6%" في 3009، محققاً نمواً سنوياً قدره "6،8%" مدعوماً بارتفاع نسبة الإنفاق الاستثماري على المشروعات الكبيرة التي شهدتها قطاعات البنية التحتية والنقل والطرق والإنشاءات والكهرباء والماء والاتصالات. ولنعد إلى التساؤلات حول كيفية استفادة المؤسسات المالية في التعامل مع مؤشرات الأداء المرتفعة، والمتتبع لتأثيراتها يلحظ مدى النمو الهائل الذي تعيشه الدولة على الأرض من إنشاءات وبناء وخدمات وبنية تحتية.. والذي يتنامى يوماً بعد يوم، إلا أنه في المقابل تأثيره على السوق المالي من مصارف وتعاملات مالية مازال يتقدم بحذر بسبب مخاوف نفسية من تفاقم ديون اليورو وقلة السيولة في السوق المالي وتردد رؤوس الأموال في الإقدام على عقد صفقات تجارية. في ظل تلك المتغيرات الدولية يرى الخبراء أنّ النمو القطري لا يزال مدعوماً بقوة من ارتفاع أسعار النفط وزيادة الطلب عليه، ونجاح الاستثمارات الذكية في العالم. وينظر تقرير الأمانة العامة للتخطيط التنموي بتفاؤل إلى الوضع الاقتصادي الراهن لقطر، وذكر أنّ قطاعات نوعية ستقود المرحلة المقبلة حيث سيكون الدور الأكبر لقطاع الصناعات التحويلية إذ من المتوقع أن تنمو بنسبة "10%" في 2013، وقطاع الصناعات التقنية والمعرفية، وقطاع الإنشاءات والبناء إذ من المتوقع أن ينمو بنسبة "10%"، وقطاع الرياضة والسياحة والبيئة. وقد أكدت تلك البيانات الخريطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي التي صدرت عن "جويك" وبينت أنّ الحكومات الخليجية تنفق موازنات ضخمة بسخاء ودعم قوي للنهوض بأعمال الإنشاءات والبناء في المشروعات الجديدة من سكك حديدية وطرق ونقل ومطارات وموانئ ومجمعات. ويتفاءل المحللون من نمو الاقتصاد الوطني نمواً مؤثراً لأنّ الدولة تنظر إلى تنويع الاقتصاد من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا إلى جانب الأنشطة الصناعية من بتروكيماويات ومنتجات نفطية ومشتقات الطاقة، ومن المتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي إلى "9،2%" في 2012. ومما لاشك فيه أنّ عدم تأثر اقتصاد دول الخليج بالأزمات المالية يعود إلى الرؤية الاستشرافية لإدارة الطاقة، والاستفادة منها في مشروعات خدمية وتقنية وبيئية، وسياسات الاحتواء التي اتبعتها الدول لإنقاذ مؤسساتها المالية. ويتعين على خبراء الاقتصاد قراءة المؤشرات الإيجابية خليجياً لترجمتها إلى واقع تنموي وتجاري وصناعي يحقق عوائد مجزية، حتى تسهم أيضاً في تحريك السوق المالي بصفقات تعود على القطاعات بالنمو. وهنا يأتي دور الأجهزة الصناعية في تقديم قراءة واعية للوضع القائم في كل القطاعات، وعمل أدلة إرشادية لأصحاب الأعمال والمبادرات والمستثمرين تبين لهم منافذ الاستفادة من الفرص.
1047
| 04 يوليو 2012
الأداء القوي لاستثمارات قطر في الطاقة والمدن الصناعية دعامة ترتكز عليها رؤية قطر الوطنية 2030، والتي أولت الجانب الاقتصادي أولوية قصوى في إنماء المشروعات التنموية في جوانب اجتماعية وبيئية وخدمية وسياحية وثقافية، وعملت أيضاً على تنويع مصادر الدخل فيها. ويعد التوجه القطري لتطوير وإقامة المناطق الصناعية جزءاً لا يتجزأ من المسار الذي تتبعه الدولة، بهدف تطوير الأرضية القوية للاقتصاد، والمشهود لها في المحافل الدولية، وسعياً لاستدامة تستمر للأجيال القادمة. وقطاع الطاقة بدأ منذ 2003 في بناء إستراتيجية مازالت تواصل مسيرتها حتى يومنا هذا، وهي عاكفة على بناء "مشروعات تقدر بـ"193" مشروعاً، كما رصدت الدولة "120" مليار دولار للتقنيات الحديثة في الطاقة، وأنفقت "100" مليار دولار في استثمارات مدينتي أمسيعيد وراس لفان الصناعيتين. ومما يدفع بعجلة الأداء القوي لاقتصادنا هي الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة والحكومة في تنمية طاقة متجددة للأجيال القادمة، وزيادة الإنفاق على مشروعات الصناعة، وإنشاء هيئات ومؤسسات لتشجيع وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتهيئة أرضية تعاون وثيقة مع دول وأسواق للارتباط في شراكات نوعية. أضف إلى ذلك الرؤية المتعمقة للجهاز الاقتصادي بفتح أسواق جديدة في القارات، وإيلاء الدراسات والأبحاث المتطورة أهمية قصوى، لكونها منفذاً إستراتيجياً للصادرات القطرية، وتعزيز الشراكات الدولية بين المؤسسات المحلية والخارجية. كما تعمل بيانات الرصد الدولية على تحفيز الأداء في القطاع الصناعي، خصوصاً في وقت يتراجع فيه الأداء المالي بسبب ديون منطقة اليورو، وعدم استقرار الشرق الأوسط، وما توليه تلك المؤسسات من أهمية خاصة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها منطقة واعدة بفرص التطوير الصناعي، ومجالا رحبا لاقتناص المشروعات، ومضاعفة فرص النمو في مشروعات عملاقة تقوم على إنتاجيات الطاقة. ويشير التحليل إلى أنّ حصة الغاز من الاستهلاك صغيرة عالمياً مقارنة بحصة النفط، فقد بلغت تجارة الغاز "6" ملايين برميل في 2011 ويمثل عشر حجم تجارة النفط العالمي، حيث بلغت تجارة النفط "55" مليون برميل في العام الماضي. هذه المؤشرات تؤكد الحاجة المستقبلية لمدن صناعية ومؤسسات تقوم على الاستفادة من مرافق الغاز كطاقة واعدة، ويمكن لصناع القرار أن يبدأوا في صياغة إستراتيجيات تفتح الآفاق أمام صناعة الطاقة بما يوافق الطلب المستمر، ولعل الأهمية القصوى تكمن في تهيئة الموارد البشرية المتخصصة لإدارة منشآت اقتصادية تقوم عليها ركيزة الدخل المتنوع. وفي نشرة الآفاق الاقتصادية للأمانة العامة للتخطيط التنموي القطري بينت أنّ قطر أكبر مصدر للغاز تنوي استثمار "130" مليار دولار في القطاع غير النفطي بين عامي "2012/2018" وقد يتجاوز الإنفاق على البنية التحتية "10%" بسبب الاستعداد لمشاريع بطولة المونديال 2022. وتفاءلت النشرة من النمو النوعي لقطاع الصناعات التحويلية إذ من المتوقع أن ينمو بنسبة "10%" في ظل تراجع النمو في النفط، وهناك أيضاً نمو قطاع الإنشاءات بسبب خطط البناء الحالية والتي ستنمو بنسبة "10%" حتى عام 2015، وأنّ القطاع غير النفطي يقود التنمية بنسبة "9،2%" العام الحالي. ويؤكد تقرير الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي صدر مؤخراً نجاح المسار التنموي الذي تنتهجه تلك الدول ومن بينها قطر لكونها لاعباً إستراتيجياً في السوق، وتحديداً قطاع الطاقة حتى العشرين عاماً القادمة. وبدون شك فإنّ النمو العالمي وزيادة الطلب على الطاقة يعززان الإنتاجيات المحلية، خصوصاً أنّ الاستهلاك العالمي ارتفع بنسبة "2،5%" العام الماضي، ليصل إلى "247" مليون برميل حسب تحليل "كيو إن بي"، حيث يمثل النفط ثلث الاستهلاك يليه الفحم والغاز الطبيعي، كما توفر المصادر الهيدروكربونية ومصادر الطاقة المتجددة ما يوازي "13%" من إجمالي الطلب على الطاقة. كما يبين تحليل "كيو إن بي" أن يرتفع النمو في تجارة الغاز الطبيعي المسال بمعدلات أكبر من النمو في تجارة المصادر الهيدروكربونية، نتيجة للتطورات التقنية في مجال إسالة الغاز.
385
| 26 يونيو 2012
وصفت التقارير الدولية الاستثمارات القطرية بأنها ذكية ونوعية، لتوجهها إلى العقارات والمنشآت الصناعية والسياحية وذات الطابع البيئي، بهدف مضاعفة العوائد في مصادر الدخل والتي ستحقق ثمارها على مدى السنوات القادمة. من الاستثمارات الحيوية المحلية والخارجية فتح المجال في القطاع الزراعي فقد استثمرت "حصاد" الغذائية حوالي "550"مليون دولار في الأراضي الزراعية، وفي قطاع البنية التحتية هناك فرص واعدة للشركات القطرية ولدول مجلس التعاون الخليجي تقدر قيمتها بـ"63"مليار دولار في مشاريع البنية التحتية، وفي قطاع البناء والتشييد لمنشآت مونديال 2022. فقد نجحت قطر في اقتناص الفرص الواعدة في العقارات والفنادق ومنشآت السياحة حول العالم، وهذا ما أكده تقرير أوروبي حول التوجه النوعي لصناعة استثمار آمن في ظل متغيرات اقتصادية يشهدها العالم، وليس بخاف على أحد التوترات القائمة في المال والبنوك والقروض التي أثرت بشكل سلبي على الحراك التنموي. وتقدر استثمارات القطاع الخاص في الخارج بـ"38،9"مليار ريال وفق إحصائية جهاز الإحصاء 2009، كما تقدر حجم الاستثمارات الأجنبية في قطر بـ"171،4" مليار ريال بزيادة قدرها "36،4%" عن العام 2008، وأنّ هذه الاستثمارات توجهت إلى القطاع المصرفي والنفط والغاز والصناعة والاتصالات والبناء والتشييد بحوالي "99%" من إجمالي الاستثمارات، والتي تنوعت بين دول مجلس التعاون الخليجي والقارة الأوروبية. أما الاستثمارات المالية فقد نجح الجهاز الاقتصادي في إبرام صفقات استحواذ وشراء في شركات عالمية عريقة بلغت قيمتها "4،543"مليار دولار، ومنها استثمارات في الكهرباء والبناء والطرق والطيران والسياحة والفندقة، وكلها تسعى إلى تنويع مصادر الدخل على المدى البعيد. أما استثمارات الطاقة فهي تشهد قفزة نوعية، إذ ببلوغها الطاقة الإنتاجية "77" مليون طن سنوياً من الغاز يجعلها في موقع الصدارة، ويعمق من الدور الريادي للاستثمارات الضخمة التي تقدر في هذا القطاع بأكثر من "150"مليار دولار، إضافة ًإلى الدعم الحكومي والإنفاق الضخم الذي توليه الدولة لهذا المرفق. ومن المؤكد أنّ قطاع الطاقة من أبرز القطاعات الرئيسية في الدولة، لكونه ركيزة التنمية في جميع القطاعات الأخرى، وانطلاقاً من هذا المرفق تسعى جاهدة لتعميق دورها في مجال الطاقة البديلة والمتجددة وكذلك الطاقة التقنية القائمة على تقنيات الغاز والنفط والتعدين. وإن كانت هذه القطاعات تحقق مردودا ليس آنياً إلا أنها استثمارات ناجحة، لكونه يزداد الطلب عليها في الأسواق العالمية، ومن هنا عمدت الدولة إلى توسعة العديد من المدن الصناعية، وتشغيل مرافق صناعية جديدة، وفتح أسواق أكثر جذبا للاستثمارات وربحية. وباستعراض البيانات الإحصائية فإنّ وكالة الطاقة الدولية تقدر مخزون الأرض من النفط بـ"300" مليار برميل، وهناك مخزون ضخم من الطاقة الحرارية والشمسية يمكن الاستفادة منها بحلول 2050 وهي توفر ما قدره "30%" من الطاقة العالمية. هذه المؤشرات هي ركيزة الاستثمار في الخطوة الدافعة إلى تشكيل قطب له وزنه وثقله في السوق، ويحوله إلى لاعب استراتيجي أيضاً. لم يتوقف طموح دولتنا إلى حد الاستثمارات العقارية والنفطية إنما تسعى بكل ثبات إلى ترسيخ مفهوم واعد للاستثمار في المعرفة والتقنية من خلال الاتصالات والبيئة والاستدامة، وهي مدفوعة بعوائد ضخمة من قطاع الطاقة. ولعل أبرزها الاستثمار في تقنيات الطاقة الشمسية والأبنية الخضراء والبيئة المستدامة التي غدت من العلوم المبتكرة لكونها مطلباً جديداً لاقتصاد المستقبل، وقد بدأت بالفعل في إنشاء مصانع لإنتاج رقائق ولوحات وخلايا شمسية، وتأسيس مراكز بحثية.. والغد ليس ببعيد.. ما دامت الإرادة والدراسات البحثية تأخذ طريقها نحو رسم مكانة لها في الواقع. لنتوقف قليلاً عند اقتصاد الوضع الراهن الذي نراه يعاني من تداعيات ديون متراكمة لم تجد طريقاً للحل حتى يومنا هذا، إضافة ًإلى التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتأثيرات الديون وخسائر المؤسسات الصناعية والإنتاجية في النزاعات، وتذبذب أسعار الطاقة والنفط، ومخاوف من نقص الكهرباء والغذاء والمياه. من حالة عدم الاستقرار هذه.. خطت قطاعاتنا الاقتصادية خطوات واثقة في المجال الاستثماري واضعة ًنصب عينيها الوصول بالتنمية إلى 2030 وهي ترتكز على دعامات قوية محلياً وخارجياً، مما سيؤثر على مؤشر التنافسية الدولية.
446
| 19 يونيو 2012
ألمحت الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت عنها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية مؤخراً "جويك" إلى غياب الدور الفاعل للقطاع الخاص في إقامة شراكات مع القطاع العام، وعدم الاستفادة من الفرص الاستثمارية لتحويلها إلى مشاريع تنموية، وغياب فرص تنشيط القطاع الصناعي الزراعي والسياحي والتعديني، والحاجة الملحة للتصنيع الغذائي. ونوهت إلى ضرورة أن يتوجه رجال الأعمال والشركات إلى توطين الصناعات المعرفية، وتعزيز مناخ البحث العلمي لكونه مطلباً دوليا في جميع المجالات، وتنمية صناعة الخدمات والاتصالات والبيئة ومصادر الطاقة البديلة. وترسم الخارطة التي بذلت فيها منظمة "جويك" جهوداً جبارة إستراتيجية عملية للسنوات العشر القادمة تقوم على خيار أساسي وهو التصنيع، استناداً إلى حجم النمو الهائل في مشروعات الطاقة والبتروكيماويات والبنية التحتية والطرق والنقل والتعليم والصحة، حيث يتطلب كل مجال النهوض بصناعاته ومبتكراته والأخذ بنتائج البحوث والدراسات التي تناولته طيلة السنوات الماضية. وتهدف رؤية الخارطة إلى تهيئة مناخ صناعي واستثماري ملائم للشركات الوطنية والأجنبية بغرض تجنب الركود أو الدخول في معترك الديون المتفاقمة. وتعتبر أيضاً أحدث تشخيص للوضع الاقتصادي في دول المجلس من حيث الاستثمارات ورءوس الأموال وفرص العمل والتقنيات الإنتاجية والشراكات البينية، وهي تستشرف الفرص المناسبة للشباب، وتشدد على ضرورة الإسراع في إنشاء مدن صناعية متكاملة، وتوفير التمويل الجيد للمشروعات في خطواتها الأولى، خصوصاً بعد توقعات ببلوغ حجم الاستثمارات تريليون دولار بحلول 2020. وفتحت الباب أمام رجال الأعمال والمستثمرين لدراسة الفرص الممكنة لترويج الصناعة وهيأت آفاق الاستثمار الأجنبي بهدف تحسين أوضاع التنافسية الصناعية بما يساعد في رفع كفاءة الإنتاج. كما أتاحت لصناع القرار والاقتصاديين إعادة النظر في الإستراتيجيات القائمة لمواكبة المستجدات، وشجعت المستثمرين على إعداد دراسات تفصيلية قبل الدخول في توسعات أو مشروعات جديدة من الممكن ألا تلبي الاحتياجات المستقبلية، وحددت كذلك الأفضلية في الصناعات والنوعية المطلوبة في السوق مثل اقتصاد المعرفة والاتصالات والخدمات والنقل ومصادر الطاقة المتجددة والنفايات والعقارات والرياضة والتنمية الاجتماعية والبحث العلمي. ونوهت أيضاً إلى أهمية التطرق إلى صناعات غائبة مثل إنتاج الألبان والتمور والسكر والزيوت وحفظ الأسماك وتجارة اللحوم والدواجن. وإذا استعرضنا مؤشرات النمو الصناعي فإنه يرتكز في مجمله على الطاقة والنفط والبتروكيماويات والصناعات القائمة على نواتج الغاز، في حين نرى انخفاضا في نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات النقل والسياحة والبيئة.. إلا أنّ ما نشهده من حراك في دول التعاون يبشر بالخير. فقد تجاوز حجم الاستثمار التراكمي في القطاع الصناعي "220"مليار دولار حتى 2010، ورغم استحواذ صناعات البتروكيماويات على "78%" من جملة الاستثمارات، واعتزام دول التعاون استثمار ما بين "1،5 إلى 2" تريليون دولار في مشاريع البنية التحتية على مدى السنوات العشر القادمة، كما يجري حالياً تنفيذ "44" مشروعاً جديداً في قطاع الطاقة، إلا أنّ ما يشهده العالم من تطور تقني وصناعي يتطلب التطرق لقطاعات أخرى بهدف تنويع المصادر. وفي قراءة متأنية للوضع الراهن فإنّ نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة لم يرتق لمستوى الطموح الخليجي، رغم تبني الحكومات مشروعات تنموية ذات عوائد ضخمة، وهيأت القوانين والتشريعات المعززة لنموها، وذللت الكثير من العقبات الجمركية لتمكينها من القدرة التنافسية في الأسواق. وعن التحديات فقد أشار البنك الدولي في تقريره إلى عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص، وزيادة أعداد مخرجات التعليم الجامعي دون تحقيق فرص وظيفية مناسبة، وعدم توافر العمالة المتمرسة، وغياب الوعي التجاري بأهمية اقتناص الفرص المتاحة لعقد شراكات بناءة، وافتقار الشباب إلى عنصر التدريب، وعدم وجود شبكة إلكترونية عن الصناعات الخليجية لتكون قاعدة بيانات موحدة تنطلق منها أو تقوم عليها المشروعات المستقبلية. أما المعوقات التي أشارت إليها الخارطة فهي ضعف دور القطاع الخاص في تمويل البحوث، وغياب إستراتيجية البحوث المطورة للصناعة، وعدم وجود منهجية لتنفيذ البحوث بعد اعتمادها، وضعف الثقة في القطاع الصناعي القائم على مشروعات خدمية وغذائية وتقنية ويدوية، ونقص الوعي بحاجة المؤسسات إلى التطوير المؤسسي. كما أنّ عدم أخذ هذه التحديات والمعوقات بعين الاعتبار لن يعزز القدرة التنافسية للصناعة الخليجية في السوق الدولية، والتي تعتمد بشكل رئيسي على الثقل الإنتاجي لتمكينها من أخذ مكانتها.
1105
| 12 يونيو 2012
بات التغير المناخي وتأثيره على أوجه النشاط الاقتصادي قضية دولية مؤرقة، لتشعب المشكلات الناجمة عنه، ولتباطؤ الحلول العلمية في التصدي لغضب الطبيعة. يقصد بالتغير المناخي هو التأثير الصناعي على مكونات البيئة من ثروات زراعية وحيوانية ومائية، وهي الارتفاع في معدلات الحرارة والرطوبة وسخونة جوف الأرض وتساقط الأمطار والرياح إلى جانب الأنشطة الإنسانية في المصانع والمنشآت التي أصبحت خطراً على الجو. وكلما ازداد النشاط البشري في الصناعة والتعدين والتجارة والصيد تغيرت الأنماط المناخية مثل درجات الحرارة وسرعة الرياح وزيادة كمية المتساقطات، ولعل الإنسان وإهماله في الحفاظ على البيئة ومخلفات الصناعة والمصانع هو الأثر الأكبر على إمكانية الاستفادة منها بشكل أمثل. ففي دراسة حول التغير المناخي بينت أنّ الظواهر الجوية العنيفة خلال العقد الماضي وارتفاع درجات الحرارة والسيول والفيضانات والتغيرات الفلكية التي شاهدناها خلال السنوات العشر الماضية كانت سبباً في تفاقم تلك التأثيرات. وفي استعراض تحليلي فإنّ "10%" من اليابسة تشهد تغيراً في فصول السنة مقارنة بـ"0.1%" في التسعينيات، ويعتبر العام 2011 هو الأشد حرارة وفقاً للأرصاد الجوية العالمية، وشهدت الولايات المتحدة الأمريكية "14" ظاهرة مناخية تسببت في خسائر بشرية واقتصادية قدرت بأكثر من مليار دولار. كما أشارت تقارير أوروبية إلى أنّ كل ارتفاع قدره "10%" في الرطوبة يقابله "2.7%" زيادة في معدلات الأمراض. ولا تتوقف التأثيرات عند الوضع الراهن إنما تشير التوقعات المستقبلية وفق أحدث التقارير أن مابين"75ـ250"مليون شخص في القارة الإفريقية سيواجهون نقص المياه في 2020 وانخفاض الزراعة التي تعتمد على الأمطار بنسبة "50%"، وأنّ "30%" من النباتات والفصائل الحيوانية مهددة بالانقراض في حال ارتفاع حرارة الأرض بمعدل "2.5"درجة. ويهدد التغير المناخي "10" مناطق في العالم وأبرزها المحميات الطبيعية والغابات والكتل الجليدية حيث ستعاني تلك المناطق في حالة عدم اتخاذ خطوات فاعلة من أجل المساندة من التعرض لعوامل التعرية والتصحر والجفاف والعواصف والفيضانات وانتشار الأمراض والآفات. ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى زيادة متنامية لظاهرة الاحتباس الحراري على البشرية والتي فاقمت من المصاعب الاقتصادية، فالكوارث الطبيعية كلفت العالم "60"مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، وفي تقرير نشر مؤخرا حول الاحتباس في القطب الشمالي قدر الخبراء تأثيراتها بأنها تكشف سنوياً عن مساحة "46"ألف كم2 من المناطق المغطاة بالجليد، وأنه من المتوقع أن يرفع انبعاثات الغازات من النفط والوقود الخسائر المالية إلى "20%" بحلول 2080. إزاء هذه البيانات المقلقة تنبه العالم إلى ضرورة تسريع الجهود لاحتواء تفاقم ظاهرة المناخ المتقلب، وتسعى المنظمات الأممية إلى صياغة مواثيق دولية بشأن تقليل الانبعاثات الضارة من المصانع والمنشآت وخفض الإنتاج في الآبار ومراكز التكرير، إلا أنّ البعض يلمح إلى إمكانية ظهور بطالة صناعية وارتفاع تكلفة الطاقة في المنازل وعدم إيجاد مصادر بديلة للدخل وبالتالي التأثير على البيئة بكل مكوناتها التي حبانا الله إياها. وبرؤية خليجية أكثر واقعية فإنّ دول مجلس التعاون الخليجي بدأت مبكراً في الانضمام إلى المعاهدات الدولية التي تدرس حلول المناخ والاحتباس والتغير المناخي والتصحر والجفاف، ولعل دول المنطقة الأكثر تعرضاً للتأثيرات المناخية بحكم أجواء الطقس والموقع الجغرافي وازدياد الانبعاثات والغازات لكونها مناطق صناعية وإنتاجية وتحوي في باطنها العديد من الثروات النفطية والطاقة والمعادن. لقد ساندت الحكومات الخليجية كافة الجهود الدولية التي تعكف على دراسة التأثيرات المناخية والاحتباس الحراري والانبعاثات، وأنشأت لذلك العديد من المراكز البحثية ودراسات الطاقة والجو والغاز. ولا يفوتني هنا أن أشيد بدور دولة قطر في مساندة مساعي الدول النامية للتكيف مع التأثيرات المناخية، باعتبارها رئيسة منظمة التجارة والتنمية "الأونكتاد" للسنوات الأربع القادمة، حيث ستعقد قمة المناخ في نهاية العام الجاري بمشاركة خبراء وأوراق عمل فاعلة. وترتكز الجهود الخليجية بما فيها دولتنا على الحد من الانبعاثات الكربونية التي تنجم عن المصانع ومراكز تكرير النفط ومنافذ الطاقة، وهي تسعى إلى إحداث توازن بين السير قدماً في إنجازات نوعية للطاقة والصناعة في السوق العالمي وبين تقليل المخاطر بقدر الإمكان دون الإخلال بتقديرات الإنتاج. ففي دولة قطر مثلاً.. تخطى الإنتاج السنوي من الطاقة "77" مليون طن.. وتمّ افتتاح مدن جديدة للصناعة وأجريت توسعات في القطاع النفطي والإنشائي، ونحن مقبلون على زخم عمراني في الطرق والسكك الحديدية والملاعب والمنشآت الرياضية، وهذا يتطلب معه المزيد من استخدام تفاعلات الطاقة والكهرباء والمياه. ومن هذا المنطلق فإنّ الدولة تركز جهودها على النهوض بالتنمية الصناعية في مقابل ترسيخ مبادئ استدامة الطاقة التي تتوافق مع البيئة النظيفة والمستقرة أيضاً.
579
| 05 يونيو 2012
تلوح في الأفق بوادر أزمة غذائية عالمية أفرزها التغير المناخي، والاحتباس الحراري، ونقص المياه والتصحر والجفاف، والزحف العمراني على الأراضي الخصبة، والتأثيرات السياسية والوضع الراهن في منطقة اليورو التي تحاول الخروج من نفق الديون المتراكمة، أضف إلى ذلك تراكمات الإنفاق الاقتصادي والاجتماعي التي لم تبن على الشفافية. فقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة من زيادة أسعار الغذاء وتقليص الإنفاق على المنتجات الزراعية التي قد تتمخض عنها مشكلات الفقر والجوع وانتشار الأمراض، إلى جانب زيادة أسعار الطاقة وتذبذب مؤشراتها بسبب النزاعات الدولية.. هذا الأمر يفاقم المشكلة.. ويؤدي بالكثير من الدول إلى استنزاف مخزوناتها الغذائية، وبالتالي ارتفاع أسعار الحبوب الأساسية كالقمح والأرز والصويا وقصب السكر وغيرها. ففي الوقت الذي تدرس فيه أوروبا صياغة آلية للخروج من ديونها.. فهي تعقد اجتماعات مع صناع القرار والخبراء لتدارك أزمة الغذاء التي تأتي في ظروف صعبة مع زمن الانهيارات المالية وأحداث الشرق الأوسط وعدم الاستقرار في الأنظمة الاقتصادية لبعض الدول. وفي تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية تتحدث عن مخاوف تكرار أزمة الغذاء التي وقعت في 2008 وتداعياتها على التكتلات الاقتصادية وليس الفقراء فحسب، إذ رغم جهود المنظمة في النهوض باقتصاد الغذاء قبل أربع سنوات، وكان بإنشاء برنامج للتصدي للأزمة العالمية وتقديم مساعدات لـ"40"مليون شخص في أكثر من "44" بلداً إلا أنّ الوضع الراهن ينذر بكارثة حقيقية إن لم تسارع الجهود الأممية إلى توحيد عمليات الإنقاذ. وتحدد المنظمة اليوم حاجة أكثر من "37" بلداً نامياً و "20"بلداً أقل نمواً إلى نظام اقتصادي جديد يرتكز على توفير الغذاء من الدول الزراعية والمصنعة بعيداً عن المضاربات السوقية والأرباح والاحتكار. في رأيي أنّ عالمنا الآن بما يعانيه من تمزقات سياسية واضطرابات اقتصادية ومؤشرات متذبذبة لأسعار الطاقة والغذاء والحبوب يجعل الحلول تأخذ طريقاً صعباً، خاصة أنّ الشرق الأوسط الذي يعتبر سلة غذاء العالم بما تحويه أراضيه من ثروات مائية وزراعية يتأرجح بين الاستقرار والاضطراب. ولا يخفى على أحد تأثير هذه الأوضاع على أسعار الأسواق المالية واقتصاداتها الغذائية والتنموية والتعدينية والسياحية والزراعية بدرجة كبيرة، لأنّ المناخ الاقتصادي الآمن هو الذي ينوع مصادر الدخل ثم تأتي بعد ذلك الاستراتيجيات التي تبنى عليها. ولنتحدث عن الأسباب الكامنة وراء نقص الغذاء وهي سوء استغلال الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة، وسوء أداء الأسواق والتلاعب فيها والمضاربات، والقيود المفروضة على السلع الغذائية، التي زادت من كلفة الإنتاج الزراعي والتصدير وشحن الأغذية وعمليات التصنيع، إلى جانب سياسات التقشف المالية التي تنتهجها الدول أضعفت الدعم الحكومي والمؤسسي للإنتاج الغذائي. وإزاء تلك المخاوف وضع البنك الدولي لأسعار الأغذية أساسيات للمساعدة تمثلت في إجراء دراسات ميدانية لمعرفة أسباب التقلب في الأسعار، وزيادة عمليات التمويل والاستثمارات في الصناعات الغذائية خصوصا في البلدان التي تتوافر فيها مقومات الزراعة، ووضع استراتيجيات لإدارة المخاطر المالية، وإتاحة الفرص أمام تنمية الصناعة المحلية والسلعية، والتنسيق مع شركاء التنمية لتقديم المساعدات والمنح. ومن جانب آخر فقد تبنت الهيئة العربية للاستثمار الزراعي مؤخراً خطة استراتيجية لاستثمار "950" مليون دولار في الدول العربية، وإعادة هيكلة الشركات الزراعية القائمة ومنح القروض ورفع رأس المال، لإيجاد منافذ لاستثمارات جديدة حيث ستركز الجهود القادمة على الأنشطة الغذائية التي تحقق عوائد سريعة وقيمة مضافة مثل الدواجن واللحوم والسكر والألبان والأسماك والاستزراع السمكي. وتشير الهيئة في تقريرها إلى أنها تعتبر أزمة الغذاء من الأولويات، وتؤكد أنه رغم توافر الموارد الطبيعية في المنطقة العربية إلا أنها لم تحقق زيادة إنتاجية لمواجهة الطلب على الغذاء في ظل زيادة سكانية وتوسع في المدن، وذلك لأسباب ضعف البنية التحتية والبيئة الاستشارية والخدمات الزراعية والبحث العلمي. ونوه أنّ الفجوة الغذائية في الوطن العربي بلغت في 2010 "41" مليار دولار وقد تصل إلى "89" مليار دولار في 2020 وهذا يتطلب استثمارات تقدر ما بين "65 ـ 80" مليار دولار لتقليص الفجوة، وفي المقابل تتيح توقعات ارتفاع معدلات النمو في منطقتنا إلى "6%" بعدما كانت "3%" سنوياً بسبب الاحتياج الحقيقي للاستثمار في الغذاء بعد الربيع العربي آفاقاً للمستثمرين. على المستوى المحلي فإنّ قطر بدأت جهود تحقيق الاكتفاء الغذائي مبكراً، وذلك بتأسيس شركات للغذاء والمواشي والزراعة، وهي ساعية بجد في إنشاء شراكات عالمية للاستثمار في هذا الجانب، لتتلافى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة "60%" خلال السنوات الأربع القادمة. وما يثير الإعجاب ما أعلنته "حصاد" الغذائية مؤخراً عن مشاريع تبلغ تكلفتها "500"مليون يورو أيّ ما يوازي "626" مليون دولار وإنشاء أسواق جديدة لتلبي الطلب المتزايد على الثروة الحيوانية والزراعية.
473
| 31 مايو 2012
في الوقت الذي تعزز فيه دولة قطر رئيسة منظمة التجارة والتنمية للسنوات الأربع القادمة الروح العالمية للشراكة من خلال صياغة برامج اقتصادية قادرة على التناغم مع مستجدات العصر، فمن جهة أخرى فإن منطقة اليورو تدرس بجدية إنقاذ اليونان من السقوط في أزمة مالية خانقة من خلال بعث الثقة في الأسواق المالية المضطربة. ويتضح من التحليلات الاقتصادية الدولية أنّ أقطاب العالم تدرس تبني رؤى جديدة، للخروج من الديون الأوروبية وتوترات منطقة الشرق الأوسط ومخاوف الأسواق بأفكار تقوم على صياغة مواثيق للشفافية بين الدول، وإعادة دراسة الوضع المالي المنهار وهيكلة الديون بمنهجية، وتجنب زيادة الضغط على الخدمات الاجتماعية والمعيشية بالضرائب. ففي منطقة اليورو لم يتوصل قادة الدول الكبرى حتى الآن لحلول سوى الانقسام بين حل جذري للديون وآخرون بإخراج اليونان من القارة، بينما اتفق صناع القرار على وضع الإجراءات الضرورية، للتصدي للأزمة المالية بإحياء الاقتصاد، ومحاولة موازنة برامج التقشف الأوروبية. ويسعى القادة إلى صياغة خطة شمولية للإنقاذ رغم مخاوف الانقسام التي تسود المنطقة، فالمشكلة تكمن في غياب الشفافية الاقتصادية وإجراءات التقشف الصارمة التي لا تراعي الجوانب الاجتماعية والصحية والمعيشية للأفراد. وشدد هؤلاء على إعطاء الأولوية للنمو والتوظيف وخلق فرص عمل متنامية إلا أنّ الوقت في رأيي قد لا يسعف المجموعة لرؤية النتائج فالحلول الدولية تستغرق وقتاً في البناء ولا تأتي بين يوم وليلة. وما يهدد تكتل العملة الموحدة التي تضم "17" دولة هو الأنظمة المالية المنهارة التي تحتاج إلى إعادة نظر، كما أنّ الضرائب وإجراءات التقشف ونفاذ صبر المواطنين يجعل من الصعوبة التوصل لحلول شافية، بل والمخاوف تزداد من اتساع هوة الانهيار في إسبانيا وإيطاليا. وأجمعت آراء الزعماء الأوروبيين في اجتماعهم على مبدأ مواجهة التحدي، وكبح جماح الموازنات وتعزيز فرص النمو الضعيف، ومراقبة أسواق النفط ومحاولة تلبية الانخفاض فيه حال تذبذب أسعاره. الفكر الاقتصادي اليوم وخبراء التنمية يسعون بكل جهودهم إلى احتواء الانهيار ومنع تفاقمه في دول متفرقة من العالم، ومن جانب آخر.. تدرس قطر بصفتها رئيساً لمنظمة التجارة والتنمية بالأمم المتحدة "الأونكتاد" خلال السنوات الأربع القادمة فرص تعزيز التجارة الدولية في ظل تحديات راهنة، وهي تسير في تناغم وتنسيق مع ما يجري من جهود حثيثة لإصلاح الأنظمة المنهارة، لتلافي أزمات متوقعة من خلال خلق فرص عمل بناءة، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإيلاء القطاع الخاص اهتماماً نوعياً، وإعادة النظر في الأنظمة الاقتصادية ورسم رؤى تتوافق مع المستقبل بعيداً عن العشوائية والتكرار والنمطية، والتي أوجزتها في توصية وهي العولمة المرتكزة على النمو. فقد ناقشت قطر مؤخراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدور المطلوب من الدول لبناء أدوار متجددة حيث يشهد الواقع انهياراً حقيقياً وضرورة السعي لتحقيق توازن يهدف إلى معالجة التحديات وتقديم سياسات بديلة وإشراك مؤسسات المجتمع المدني والإنساني وأصحاب المبادرات في التنمية، وزيادة الاستثمارات في القطاعات الإنمائية وتسخير التحول السياسي الراهن في بناء اقتصاد جديد. وتسعى أيضاً إلى خلق نظام عالمي جديد يقوم على مرتكزات التكنولوجيا بصفتها عصب الحياة الاقتصادية في الطاقة والاتصالات والاستثمار، ولم يعد بالإمكان أن يعيش العالم بمعزل عن حدوده مثلما كان في السابق، فقد اختصرت العولمة التجارة في توليفة من الأجهزة المحمولة، أضف إلى ذلك أنّ المصالح المشتركة تقتضي من الجميع أن يتكاتف، وألا ستؤثر تداعيات أسواق المال على الكثير من الدول. وإذا سلطنا الضوء على دول مجلس التعاون الخليجي فإنها سعت بجدية إلى تعزيز أنظمتها المالية والمصرفية، وزيادة استثماراتها في البنية التحتية والطرق والأنفاق والمواصلات والتقنية والطاقة، بهدف تلافي تأثير الأزمة عليها. في دولتنا بدأت فعلياً في تنشيط حركة الاستثمارات في مشروعات الطرق الكبرى، وتوسعة المدن الصناعية، وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة على النهوض، وزيادة إنتاج الطاقة لتوفير إمدادات كبيرة للمصانع والمنشآت، وهذا يترجم رؤية "الأونكتاد" بشكل واقعي، وهو ما تسعى إلى تحقيقه في الدول النامية والأقل نمواً من خلال تهيئة فرص تجارية واستثمارية ملائمة عن طريق منظمات دولية وهيئات ذات ثقل اقتصادي.
546
| 23 مايو 2012
يأخذ مؤشر بيئة ممارسة الأعمال في قطر منحى إيجابياً في فتح فرص متنوعة لرجال الأعمال والشراكات، حيث تعزز البيانات العالمية هذا النمو بالتقدم في الطاقة والصناعة والاقتصاد القائم على تنويع مصادر الدخل. ورغم توقعات تقارير دولية بتباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط خلال العام الحالي بسبب تداعيات الأزمات المالية والأحداث الراهنة، ومخاوف من عودة الركود إلى ما كان عليه قبل 2008، إلا أنّ مؤشرات النمو المرتفعة في دول مجلس التعاون الخليجي تبشر بالخير. فقد ذكر تقرير ل"رويترز" أنّ النمو الاقتصادي في منطقة الخليج سيتباطأ بشكل ملحوظ العام 2012، بسبب الأداء الضعيف للاقتصاد العالمي والديون المتراكمة للدول، لكنه لن يتعرض للركود وسيظل الأقوى بفعل وجود مزايا عديدة أهمها الدعم الحكومي القوي من دول التعاون وزيادة كبيرة في الإيرادات العامة من الرسوم والخدمات، وفتح فرص استثمارية واعدة والحراك التنموي فيها. وتوقع تقرير لدول مجلس التعاون أن تحقق دول المنطقة فائضاً في الميزان التجاري تتمخض عنه زيادة في احتياطياتها الخارجية وارتفاعاً ملحوظاً في رصيد الصناديق السيادية التي تجاوزت "2"تريليون دولار حتى العام 2012 وهو ارتفاع قدره "1.6"تريليون دولار عن العام 2011. كما توقع التقرير أن يبلغ النمو في قطر حوالي 7%" وسيحتفظ بمكانته ليكون الأقوى في المنطقة، ويؤكد أنّ دول الخليج قادرة على اجتياز الأزمات المالية لأنّ سعر النفط في ارتفاع مستمر، إلى جانب المساندة الحكومية المؤثرة للقطاع المالي والمصرفي. ويتوقع أيضاً أن يرتفع الفائض في المملكة العربية السعودية إلى "9.2%"، أي ما يقدر ل"130" مليار دولار أي نحو "30%" من ناتجها الاقتصادي، وتشير أرقام النمو في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى "3.8%"، ودولة الكويت إلى "5.5%"، ومملكة البحرين إلى "3%"، وسلطنة عمان إلى "4.5%" حسب بيانات 2011، أما في قطر فقد احتلت المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الوسط والمرتبة ال"36" على مستوى العالم في ممارسة الأعمال، وأدى ارتفاع الفائض في الموازنة إلى زيادة الإنفاق في البينة التحتية والاستثمار في مجالات متعددة. أما المخاوف العالمية فقد ذكرها تقرير صندوق النقد الدولي بأنه تباطؤ النمو في الشرق الوسط وإفريقيا إلى "3.9%"، فيما أشار إلى ارتفاع النمو في اقتصادات الدول المنتجة إلى "4.9%" هذا العام، إضافة ً إلى الوضع الراهن الذي فاقم من حجم التوقعات الدولية. ويبين تقرير "رويترز" أنّ زيادة الإنفاق الاجتماعي على قطاعات التأمينات والخدمات والحياة الاجتماعية سيؤدي إلى المزيد من الأعباء على الميزانيات الحكومية وعندما يكون هناك فائض فإنه سينفق على المشاريع القائمة. علاوة ً على ذلك فإنّ أسواق الأسهم في دول التعاون تمتلك القدرة والثقة على تجاوز الأزمة بفضل أسعار النفط والفائض الضخم في الإنتاج، وهذا يعزز من مكانتها الإستراتيجية، ويبقيها بعيدة عن التقلبات في الأسواق. وفي دول التعاون ارتفع الإنفاق الحكومي على المشروعات الكبرى مثل السكك الحديدية والقطارات والمطارات والموانئ والطرق والبنية التحتية والمنشآت التعليمية والصحية، مما يتطلب معه المزيد من السيولة للعمل على انسيابية العمل التنموي، وهذا سيزيد من حجم الأعباء الملقاة على كاهل الحكومات لكونها مورداً رئيساً للتمويل وغياب دور القطاع الخاص والشراكات في مساندة تلك الحكومات للنهوض بدورها. وإذا سلطنا الضوء على بيئة الأعمال في قطر كأحد المؤشرات الداعمة، فإنّ البيانات الدولية تؤكد تقدمها في خلق بيئات تجارية وصناعية واستثمارية آمنة، ويعتمد تقييم البنك الدولي في إعطاء مؤشر النمو في قطر مكانة مميزة على سهولة ممارسة الأعمال، وسهولة البدء في نشاط تجاري، وحجم المشروعات القائمة، وتكلفة الإجراءات الحكومية المطلوبة، والتمويل المالي والمصرفي الذي تقدمه الحكومة للأفراد والشركات، والقروض الميسرة، وتكلفة تطوير البنية التحتية في القطاع الصناعي والتجاري والعقاري والخدمي. ويرى تحليل "كيو إن بي كابيتال" أنّ مؤشر بيئة ممارسة الأعمال رغم أهميته فهو يعتبر مرجعية دولية لتحديد نوعية الأعمال التي تشهدها الدولة. ومن الملاحظ أنّ الدولة تشهد حالياً حركة إعمارية وصناعية وتجارية كبيرة في شتى القطاعات وأبرزها البنية التحتية والصناعية، مما يؤكد أنّ تداعيات الركود لن تؤثر بشكل سلبي، لأنّ وتيرة العمل ستحد من مخاوف حدوثه.
647
| 15 مايو 2012
الاستثمار في الطاقة من الفرص الواعدة في منطقة الشرق الأوسط وبوجه خاص في دول التعاون، في ظل التوجه الدولي إلى إحداث تنمية مستدامة في الطاقة المتجددة، والبحث عن فرص استثمار آمنة فيها. فقد بدأت الحكومات الخليجية تهيئ المناخ الملائم لها من خلال طرح الاستثمارات في الطاقة بمختلف مجالاتها وبالذات الطاقة الشمسية والبيئة والحرارة. التنمية بمفهومها العام لا تعني الحفاظ على استمرارية الطاقة ومكونات البيئة بقدر ما هي السعي لتجديد أنماط معيشة الإنسان. وترى المنظمة الاقتصادية بالأمم المتحدة أنّ النمو الاقتصادي المستدام هو التحسن المتواصل في مستويات المعيشة، والحد من الفقر، وضمان الحصول على الطاقة المعيشية من كهرباء ومياه، والتقليل من هدر الموارد. فقد ربط الخبراء بين الطاقة وتنامي الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل والتغير المناخي في العديد من الدول، لأنّ آليات الاستفادة من الطاقة لم تكن بمستوى الطموح، إذ تكشف البيانات الاقتصادية للدول النامية والدول الأقل نمواً أنّ استثمارات الطاقة تكاد أن تكون معدومة، وهذا مرده إلى ضعف البنية التحتية للشبكات أو بعد المدن والقرى عن بعضها، أو عدم وجود آلية حكومية جادة لتوصيل الكهرباء إلى المناطق الأقل نمواً. كما أنّ فرص استغلال الطاقة ظلت رهينة القدرات التكنولوجية، لاعتمادها بشكل رئيسي على التوسع في سياسات الابتكار والتي بدورها توسع من إنتاج الطاقة ولكن يتيسر تطويرها أيضاً. ويشخص تقرير التكنولوجيا الصادر عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية 2011 الوضع في الدول النامية وعجزها عن استغلال الطاقة وهو عجز الدول الأقل نمواً عن تحمل تكاليف ربط الأسر المعيشية بالشبكات الكهربائية القائمة، وتغير المناخ، وتزايد الكوارث البيئية في دول العالم، كما أدت الأزمتان المالية والبيئية إلى نكسات كبيرة، مما زاد من تهميش البلدان في الاقتصاد العالمي. وأدى ضعف الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة إلى ضعف القدرة أيضاً على الاندماج في مشاريع عالمية تعنى بهذا الجانب، ومن أبرز المشكلات التي تواجه الطاقة هي إمدادات الطاقة لكونها محركاً فاعلاً في قطاع الصناعات والخدمات. ومن منظور عالمي فإنّ تكنولوجيا الطاقة المتجددة كالمضخات الشمسية والمنشآت العاملة بالطاقة الضوئية ومولدات طاقة الرياح والمياه والكهرباء تتجه إلى توسيع الشبكات التقليدية، إذ رغم انتشار التكنولوجيا إلا أنّ توظيفها في الطاقة لا يزال يمثل جزءاً يسيراً من الاستهلاك العالمي. ويشدد تقرير "الأونكتاد"2011 على ضرورة استمرار وجود إمكانات تقنية هائلة لتوليد الطاقة، فقد بلغت الاستثمارات فيها أوج المنافسة من حيث التكلفة، وأصبحت التطبيقات أكثر ملاءمة للمجتمعات الريفية والقروية، وهناك رغبة دولية لتعزيز استثماراتها في تكنولوجيا الطاقة لبناء قدرتها على التنافسية وتقليل التكلفة. وتأخذ الرؤية الدولية لتكنولوجيا الطاقة دوراً مهماً في تلبية الطلب العالمي عليها، لأنّ التقدم التكنولوجي الواسع سيعمل على أخذ طريق إيجابي للبلدان النامية والأقل نمواً. وإزاء الدور المتعاظم للتكنولوجيا فإنّ حاجة الدول تتطور فعلياً إلى بناء مشاريع تعتمد على طاقات الرياح والأمواج والحرارة الأرضية والطاقة البحرية والاستفادة من وقود النقل في التدفئة وتسخين المياه والمواقد. يشير تقرير الأمم المتحدة للتنمية إلى أنّ مصادر الوقود الأحفوري توفر "89%" من مجموع الطاقة العالمية، وأنّ نسبة المحرومين من الكهرباء تجاوزت الـ"20%" من سكان العالم. ومن هذه البيانات تتضح أهمية إنماء الجانب الاستثماري من حيث بناء فرص جديدة للبلدان النامية من منشآت ومضخات ومعامل بحثية. ومن منظور محلي فإنّ قطر من الدول الرائدة في إنشاء مراكز بحثية للطاقة الشمسية وحرارة الأرض والبيئة صديقة الإنسان ولعل أبلغ دليل إنشاء واحة العلوم والتكنولوجيا ومركز قطر للطاقة الشمسية وقطر للأبنية الخضراء وإنشاء مركز قطر الوطني للمؤتمرات الذي أنشئ على أساس الاستفادة من الطاقة الشمسية في بناء المنشآت الضخمة. وتتجه الدولة في ظل الدعم السخي لمؤسسات الطاقة إلى الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، واستناداً على الإنتاج الضخم من الطاقة ببلوغه "77" مليون طن في 2011، والتوسع في البنية التحتية للمصانع والمدن الصناعية، أضف إلى ذلك أنّ التكنولوجيا توازي التقدم في الطاقة، وهذا ما تميزت به قطر خليجياً من قدرتها على الاستفادة من أحدث مبتكرات التقنية في مختلف القطاعات.
2632
| 08 مايو 2012
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
5916
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
5595
| 25 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4470
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3336
| 29 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1596
| 26 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1320
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
861
| 02 أكتوبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
840
| 30 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية