رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الأداء القوي لاستثمارات قطر في الطاقة والمدن الصناعية دعامة ترتكز عليها رؤية قطر الوطنية 2030، والتي أولت الجانب الاقتصادي أولوية قصوى في إنماء المشروعات التنموية في جوانب اجتماعية وبيئية وخدمية وسياحية وثقافية، وعملت أيضاً على تنويع مصادر الدخل فيها.
ويعد التوجه القطري لتطوير وإقامة المناطق الصناعية جزءاً لا يتجزأ من المسار الذي تتبعه الدولة، بهدف تطوير الأرضية القوية للاقتصاد، والمشهود لها في المحافل الدولية، وسعياً لاستدامة تستمر للأجيال القادمة.
وقطاع الطاقة بدأ منذ 2003 في بناء إستراتيجية
مازالت تواصل مسيرتها حتى يومنا هذا، وهي عاكفة على بناء "مشروعات تقدر بـ"193" مشروعاً، كما رصدت الدولة "120" مليار دولار للتقنيات الحديثة في الطاقة، وأنفقت "100" مليار دولار في استثمارات مدينتي أمسيعيد وراس لفان الصناعيتين.
ومما يدفع بعجلة الأداء القوي لاقتصادنا هي الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة والحكومة في تنمية طاقة متجددة للأجيال القادمة، وزيادة الإنفاق على مشروعات الصناعة، وإنشاء هيئات ومؤسسات لتشجيع وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتهيئة أرضية تعاون وثيقة مع دول وأسواق للارتباط في شراكات نوعية.
أضف إلى ذلك الرؤية المتعمقة للجهاز الاقتصادي بفتح أسواق جديدة في القارات، وإيلاء الدراسات والأبحاث المتطورة أهمية قصوى، لكونها منفذاً إستراتيجياً للصادرات القطرية، وتعزيز الشراكات الدولية بين المؤسسات المحلية والخارجية.
كما تعمل بيانات الرصد الدولية على تحفيز الأداء في القطاع الصناعي، خصوصاً في وقت يتراجع فيه الأداء المالي بسبب ديون منطقة اليورو، وعدم استقرار الشرق الأوسط، وما توليه تلك المؤسسات من أهمية خاصة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها منطقة واعدة بفرص التطوير الصناعي، ومجالا رحبا لاقتناص المشروعات، ومضاعفة فرص النمو في مشروعات عملاقة تقوم على إنتاجيات الطاقة.
ويشير التحليل إلى أنّ حصة الغاز من الاستهلاك صغيرة عالمياً مقارنة بحصة النفط، فقد بلغت تجارة الغاز "6" ملايين برميل في 2011 ويمثل عشر حجم تجارة النفط العالمي، حيث بلغت تجارة النفط "55" مليون برميل في العام الماضي.
هذه المؤشرات تؤكد الحاجة المستقبلية لمدن صناعية ومؤسسات تقوم على الاستفادة من مرافق الغاز كطاقة واعدة، ويمكن لصناع القرار أن يبدأوا في صياغة إستراتيجيات تفتح الآفاق أمام صناعة الطاقة بما يوافق الطلب المستمر، ولعل الأهمية القصوى تكمن في تهيئة الموارد البشرية المتخصصة لإدارة منشآت اقتصادية تقوم عليها ركيزة الدخل المتنوع.
وفي نشرة الآفاق الاقتصادية للأمانة العامة للتخطيط التنموي القطري بينت أنّ قطر أكبر مصدر للغاز تنوي استثمار "130" مليار دولار في القطاع غير النفطي بين عامي "2012/2018" وقد يتجاوز الإنفاق على البنية التحتية "10%" بسبب الاستعداد لمشاريع بطولة المونديال 2022.
وتفاءلت النشرة من النمو النوعي لقطاع الصناعات التحويلية إذ من المتوقع أن ينمو بنسبة "10%" في ظل تراجع النمو في النفط، وهناك أيضاً نمو قطاع الإنشاءات بسبب خطط البناء الحالية والتي ستنمو بنسبة "10%" حتى عام 2015، وأنّ القطاع غير النفطي يقود التنمية بنسبة "9،2%" العام الحالي.
ويؤكد تقرير الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي صدر مؤخراً نجاح المسار التنموي الذي تنتهجه تلك الدول ومن بينها قطر لكونها لاعباً إستراتيجياً في السوق، وتحديداً قطاع الطاقة حتى العشرين عاماً القادمة.
وبدون شك فإنّ النمو العالمي وزيادة الطلب على الطاقة يعززان الإنتاجيات المحلية، خصوصاً أنّ الاستهلاك العالمي ارتفع بنسبة "2،5%" العام الماضي، ليصل إلى "247" مليون برميل حسب تحليل "كيو إن بي"، حيث يمثل النفط ثلث الاستهلاك يليه الفحم والغاز الطبيعي، كما توفر المصادر الهيدروكربونية ومصادر الطاقة المتجددة ما يوازي "13%" من إجمالي الطلب على الطاقة.
كما يبين تحليل "كيو إن بي" أن يرتفع النمو في تجارة الغاز الطبيعي المسال بمعدلات أكبر من النمو في تجارة المصادر الهيدروكربونية، نتيجة للتطورات التقنية في مجال إسالة الغاز.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
9036
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
6702
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5961
| 14 أكتوبر 2025