رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في يوم تاريخي يعيشه مجتمعنا الكريم.. هو "18" ديسمبر يشكل علامة فارقة في تاريخ الدولة العصرية، التي تستلهم أصالة الماضي وعراقته لبناء قطر الحضارة.
في هذا اليوم الذي تحتفل فيه دولتنا في كل عام يعيش المشهد الاقتصادي تطوراً حقيقياً على مختلف الأصعدة، وتبرز فيه مؤشرات القوة والمتانة في الأنشطة المجتمعية التي يقوم عليها دعامة الاقتصاد الوطني.
يعتبر قطاع الطاقة الوجه الأبرز لمؤشر النمو الذي يحفز جميع القطاعات على الإنتاجية، ولا يختلف اثنان في أنّ الثقة التي نجحت الدولة في مد جسورها بين مختلف القطاعات الاقتصادية والأفراد هي القوة الدافعة للتنمية.
واستعرض هنا جانباً من النمو في المؤشرات حسبما ذكره تقرير الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر للعامين 2011و2012، والذي اعتبر قطاع الطاقة هو مؤشر النمو القوي لاكتمال عدد من المشروعات في المدن الصناعية مثل دخان وامسيعيد وراس لفان، ومشاريع الهايدروكربونية والغاز المسال وتحويل الغاز إلى سوائل مثل برزان واللؤلؤة، وقطاع البتروكيماويات، وإنشاء العديد من الموانئ ومراكز الطوارئ والطرق الخاصة بنقل الإمدادات وتوسعة القنوات الملاحية.
تبلغ قيمة مشروع اللؤلؤة الضخم مثلا "19" مليار دولار لإنتاج "140" ألف برميل يومياً من الغاز النفطي المسال والمكثفات والإيثان ومنتجات تحويل الغاز إلى سوائل الذي يستخدم حقل الشمال، وهو ما يمثل "7%" من إجمالي إنتاج الغاز واحتياطيات تبلغ أكثر من "900" تريليون من الغاز أيّ ما يساوي "15%" من المخزون العالمي للغاز.
فقد حقق قطاع الطاقة إنجازات استكشافية، وأعدّ دراسات جيولوجية لهذا القطاع، كما افتتحت مشروعات "قافكو" وقابكو" للبولي إيثلين منخفض الكثافة ومحطة راس قرطاس وغيرها.
وأكد جهاز الإحصاء القطري أنّ قطاع الغاز والنفط يمثل المرتبة الأولى في تدفقات الاستثمار التي بلغت "47،8" مليار يليه قطاع الصناعة بنحو "25،8%"، وهذا يدل أنّ قطر نجحت في الفوز بشراكات خليجية ودولية لها وزنها وثقلها في السوق العالمية.
وإذا تحدثنا عن الأداء المالي فإنه يعتبر ركيزة أثرت في المسيرة، فقد نجحت الدولة في تأسيس بنية تحتية مؤسسية للقطاع المالي من خلال المشروعات التنموية للبنوك والرقابة على عمليات الإفصاح والشفافية بسوق الأوراق المالية وعلى مؤسسات الخدمات المالية.
وقد ارتفعت استثمارات البنوك في الأوراق المحلية والأجنبية إلى "141،3" مليار ريال منها "129،3" مليار ريال استثمارات البنوك في السندات وأذون الحكومة و "12" مليار ريال استثماراتها في الأوراق المالية خارج الدولة وفي البورصة المحلية فقد بلغت قيمتها "98"مليار ريال في العام الماضي.
يؤكد تقرير "قنا" قوة النشاط الصناعي في الدولة وأنّ ما بين "30ـ40" مليار دولار حجم إنفاق الدولة في قطاع النفط والغاز أيّ بمعدل "30"مليار دولار سنوياً، وأنّ نسبة النمو المتوقعة ستزيد عن "30%"، فيما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنّ قطر حققت نمواً بنسبة "16.6%" في 2010 وهذا مؤشر يؤهلها لتحمل أية اضطرابات جديدة.
واستشهد هنا بتقرير الأمانة العامة للتخطيط التنموي 2011 الذي يؤكد أنّ التوسع في إنتاج الغاز المسال يدعم نمو الناتج المحلي ليصل إلى "15%" مدعوماً بالأسعار المرتفعة للنفط بمعدل "32%" وأنّ استثمارات الدولة في قطاع الهيدروكربونات طوال عشرين عاماً يعد مساندة فاعلة للصناعة التي تنتهج التنويع في منتجاتها.
ويؤكد أيضاً أن مركز الدولة التجاري الخارجي سيظل قوياً بسبب استمرارية النمو في الصناعة النفطية والغاز مما يزيد فوائض موازنة الدولة بأعلى من "20%" في 2012، كما يقوي مؤشر الأداء المالي للبورصة.
وفي الاستحواذ ينظر التقرير إلى قطر نظرة متعمقة لكونها اقتصاداً واعداً، فقد استحوذت على المركز الأول في عمليات شراء العقارات التاريخية والشركات القوية تليها الإمارات ثم الكويت، وهي تعكس الاهتمام الكبير للاقتصاد في اقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة، ورغبة الجهاز الاقتصادي في تنويع مصادر الدخل.
كما يبين التقرير أنّ الدولة نجحت في الاستفادة من الفرص المواتية وتمكنت من الاستحواذ على الشركات في أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى امتلاكها حصصاً في البنوك والعقارات والأسهم والمصانع رغم الوضع الراهن.
لم يتوقف الاستحواذ القطري على الاستثمارات العالمية، إنما نجحت في الاستحواذ محلياً في قطاع الشركات العريقة وارتباطها بشركات أخرى لتقوية أدائها ونظامها المالي.
في مجال الكهرباء والمياه فيجري الإعداد لإطار استراتيجية الكهرباء والماء بما يتوافق مع الخطة العمرانية الشاملة للدولة ويواكب الرؤية الوطنية 2030، وجاري الإعداد أيضاً للربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
أما استهلاك الطاقة الكهربائية في دول المجلس فقد زاد في السنوات الأخيرة، ففي قطر نما بنحو 12% في 2010 مقارنة مع العام الماضي، ويصل إجمالي استثمارات دول التعاون في مشاريع الطاقة إلى 126 مليار دولار حيث سيتم تنفيذ 230 مشروعاً وتحظى قطر باستثمارات تقدر بـ20 مليار دولار.
في مجال الطيران المدني يعتبر مشروع المطار الجديد بوابة قطر على كل دول العالم، بما يثري الاقتصاد المحلي بعوائد قوية، والمطار يستوعب أكثر من "50" مليون مسافر سنوياً، كما تمّ إطلاق "15" وجهة جديدة في العام 2011 وإطلاق "7" وجهات جديدة إلى القارة الأوروبية وإطلاق ما يقارب من "12" وجهة في العام 2012.
في المجال السياحي فقد زاد عدد المنشآت الفندقية في 2011 إلى "74" فندقاً عما كانت عليه في 2010 من "66" فندقاً ومن المتوقع افتتاح "17" منشأة فندقية جديدة.
أما النقل فتشكل استثمارات البنية التحتية في مجال السكك الحديدية "17" مليار يورو، والتي تعتبر فرصا واعدة لتوجيه الاستثمارات إلى الداخل من خلال منح شراكات خليجية وأجنبية تسهم في التأسيس، وهذا يبين حجم الحراك التجاري الذي ستقدمه تلك المنشآت.
في مجال اقتصاد المعرفة فقد حققت المنافسة في قطاع الاتصالات "25%" من عوائد سوق الاتصالات بنهاية 2010، وجاري تأسيس بنية تحتية متماسكة من الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال توفير حزمة النطاق العريض فائقة السرعة التي ستحقق أهدافها في 2015 حيث تبلغ استثمارات الشركة القطرية للنطاق العريض ما يقارب من "550" مليون دولار.
في مجال الرياضة.. فقد قفزت الاستثمارات المحلية في هذا المجال إلى أرقام خيالية في بناء الملاعب والأندية الرياضية بهدف استقطاب الرياضة العالمية، فقد بلغ عدد المنشآت الرياضية "60" مؤسسة وجهازاً وارتفع عدد المنشآت خلال السنوات الخمس الماضية من "280" في 2007 إلى "319" في 2011.
وفي الختام أهنئ وطني أميراً وحكومة وشعباً باليوم الوطني وكل عام والجميع بألف خير.
تحولت الطائرات المُسيرة بالريموت كنترول من لعبة صغيرة بريئة يلهو بها الأطفال ويستمتعون بها وهي تطير من مكان... اقرأ المزيد
147
| 07 أكتوبر 2025
من أسمى الإدراكات التي يمكن أن يبلغها امرؤ في يوم ما، أن يُدرك أن الاستغناء سيادةٌ تتجلّى حين... اقرأ المزيد
240
| 07 أكتوبر 2025
تقول مرآة السيارة: الأجسام المرئية على المرآة ليست على المسافات أو من الأبعاد الحقيقية.. كما هو الحال مع... اقرأ المزيد
123
| 07 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5253
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
2481
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
1983
| 05 أكتوبر 2025