رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لقد أعطى الإسلام قضية الاستئذان جانبا من الاهتمام، وأمر المسلمين بتطبيقه في حياتهم وبين أهليهم فهو أزكى لهم وأطهر لقلوبهم، ويكون ذلك من الوسائل التي تحفظ الحرمات وتفجر ينابيع الحب بين المسلمين وتوثق عرى القلوب، ووسيلة للود بين المسلمين واحترام بعضهم وعنوان صادق على طهارة المسلمين وطهارة مجتمعهم، فهدي ديننا الحنيف يدعو الأمة لحسن الخلق فيربي أبناءه على الآداب العامة التي تحفظ الحرمات بين الناس فلا تنتهك العورات، فإن الدخول إلى بيوت الناس لا يكون نقيا خاليا من الشوائب بعيدا عن الشبهات إلا إذا كان بإذن أهله ومن هنا لا يكون هناك مجال للتلصص والترقب والدخول غير المشروع الذي يخفي وراءه الريب والشكوك. وليعلم كل عاقل أن هذا أمر رباني لا يجوز التهاون في شأنه أو التغاضي عنه يقول الله -تعالى-: "يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون" النور:27، وللاستئذان آداب حرص الإسلام على توضيحها للمسلم وأمره بالتحلي بها كلما قادته قدماه إلى زيارة إنسان ومنها، ألا يقف أمام الباب بل يأخذ يمنة أو يسرة وهذا ما كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن عبد الله بن بسر -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله وإنما جاء يمينا أو شمالا فإن أذن له وإلا انصرف" البخاري، وحيث إن الاستئذان جعل من أجل البصر وأمرنا بغض البصر والمحافظة على حرمات المسلمين، والسلام يكون قبل الاستئذان ولا يصح الاستئذان قبل السلام بهذا جاء الهدي النبوي العالي، وهو يعلم أصحابه الدخول للبيوت وأن يسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية إذا قيل له: من أنت؟ لا يقول كلمة غامضة مثل: أنا ونحوها، وهذا ما كان عليه هو وصحابته الكرام، وأن يرجع إذا قيل له ارجع دون أن يجد في نفسه شيئا من غضاضة، وتتقبل نفسه الهدي العالي للإسلام بنفس راضية، وليعلم أنما يكون ذلك لطهارة المجتمع المسلم وخلوه من الفواحش والمنكرات.
783
| 03 نوفمبر 2016
ليكن تنافس المرء في الخير، وفي التسابق والمسارعة للوقوف بين يدي العزيز العلام، يتعلق المسلم بأبواب الرحمة، لعله تتغمده رحمات السماء، فتتيقظ القلوب وتصفو النفوس، فالمرء يضعف فيقع في الفخ، ويستسلم لعدوه الذي وجد في إخفاقه مرتعا سهلا لاحتلاله، فنفث فيه سمه حتى انجرحت جوارحه، فتكلم لسانه وسعت قدمه واستكان الجسد لطعون جراح المعاصي، فقلت في قلبه هيبة ربه، وزادت جرأته على محارمه، وتكرر معه مشهد استنزاف روحه، بالنظرِ إلى الفواحش حتى تبلد إحساسه، وأدمن مع الزمنِ مواقعة ذنبه فرحا واستمتاعا بلذته، فلم يحم بيته عن بواعث الشهوات، ولم يقفل بابه عن رسل الهوى، فاستباح الشيطان حِمى قلبه وجرده من حراس التقى، وبدد عنه جيوش الإيمان، جعلنا الله وإياكم من عباده التائبين الأوابين في أعمال الخير والبر، فهل أدرك كل عاقل وهو في أتم الصحة والعافية قيمة ونعمة العافية، فعرفوا مالهم وما عليهم، فتخلصوا من الحقوق، وردوا المظالم إلى أهلها وتطهرت القلوب، واستعدوا للتخلص من الذنوب والآثام، فعزموا على السباحة في هذا النهر العذب الجاري؛ نهر الرحمات والبركات والسعي إلى رب السموات، والتضرع إليه بقبول التوبة وإخلاص العمل لله تعالى، والسير في روضة الرحمن الرحيم، التي لا يذبل زهرها ولا ينفد رحيقها. فإن الذنوب والمعاصي تحجب المرء عن نور الله؛ من علم وهدى ومعرفة، فيكون عنصرا سيئا في المجتمع، فلا يفيد المجتمع، وتكثر الفواحش والرذائل التي تفتك بالمجتمع المسلم.. فأنقذ نفسك وليِّن قلبك قبل أن يعاجلك عذاب ربك، وتيقظ وتب إلى ربك وافتح صفحة جديدة ناصعة البياض مشرقة، بفعل الطاعات والقربات لرب الأرض والسموات، وتعلق بأستار المساجد وقف على أعتابها متضرعا إلى الله، تائبا مستغفراً، ولتسرج في قلبك شعلة من الهدى، وما عدا ذلك من زخارف الدنيا، وتكلفات البشر فلا قيمة له ولا اكتراث به، ولتعلم أيضا أن الحسنات يذهبن السيئات، فلا بد من أن يتوشح بحسام التوبة، ويملأ نفسه ثقة ورجاء، بعفو الله.
984
| 28 أكتوبر 2016
إن كل كلمة تصدر من الإنسان أمانة فإما أن تكون كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرا وثوابا، وإما كلمة سيئة وكلمة خبيثة وكلمة تدعو إلى باطل وتؤيد الشر والفساد، فتلك كلمة تحاسب عليها وتكون سببا في أن تكب في النار، فما يكب الناس في النار إلا من حصائد ألسنتهم، فديننا الحنيف دين يحترم العقل، فقد دعا القرآن الكريم الإنسان إلى الإيمان بالله والحياة الآخرة التي فيها نتائج المسؤولية والحساب والجزاء، فكل ما ينطق به اللسان من كلمات لا نلقي لها بالا ستكون وبالا عليك في دنياك وآخرتك، وسيخف بها ميزان أعمالك، فأنت محاسب على الأقوال كما أنت محاسب على الأعمال بل الأقوال أشد، فكم من مسيطر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنه أمام لفظات اللسان عاجز يطلق للسانه العنان ليقول ما يشاء فتعظم الأوزار والآثام، والصحافة كمنبر من منابر الدعوة الإسلامية وكمرآة للمجتمع تنقل عيوبه ومميزاته يجب على أبنائها أن يتحلوا بأخلاق الدعاة المخلصين وعلماء الدين الصالحين، وبأخلاق المطلع على أحوال الناس وعوراتهم المؤتمن عليها صاحب الدواء لكل داء وما يتصف به من تقوى وصدق، فالصحفي كأي مسلم يجب عليه أن يلتزم بالخلق الإسلامي قولا وفعلا كما أن متطلبات مهنته من وجهة نظر الإسلام تفرض عليه أن يكن أشد التزاما وأكثر تمسكا بالخلق الإسلامي وأقل تهاونا وتفريطا فيه من غيره، فلنتثبت في ألفاظنا ولنحاسب أنفسنا قبل أن تزل القدم ولنعلم أن الكلمات السيئة كم هدمت من بناء أعمال صالحة وكم أوردت صاحبها موارد العطب والهلاك. لذلك فالصحفي هنا لابد أن يكون أمينا صادقا في كل كلمة أو خبر ينقله لا يزيد ولا ينقص منه بما يغير معناه أو مضمونه والغرض منه، وينبغي عليه أن يتخير كلمات يصوغ بها موضوعه تكون أخف وطأة من التي تستحق أن تطلق على الواقع بما يهون المشاكل والأزمات على أصحابها وحتى لا تتفاقم آثارها فتصيبهم السلبية واللامبالاة والتقاعس عن حلها ولا يشتد في وطأتها بما يثير النفوس ويعلي روح التمرد والعصيان، وقد أمرنا الإسلام بتحري الصدق والبعد عن الكذب كما علمنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم بأن تتحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة وتجنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة، فالكلمة أمانة فالتزم أمانة الكلمة لتكون من المؤمنين حقا، فأنت مسلم آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا، لذا لتكن كلماتك كلمات نافعة ومؤثرة وتخدم دينك، وكلمات تسعى في لم شعث أمتك وتسعى في جمع الصف، وكلمات تعالج بها قضايا الأمة على ضوء من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وللصحافة في هذا العصر دورها الفعال في توجيه الأمة وبث الأفكار والآراء، وعلاج القضايا وطرح القضايا من خلال الصفحات لكي تأخذ مسارها في التوجيه والإرشاد، والمحاولة لعلاج قضايا الأمة، والصحفي المسلم يتريث عند سماع أي واقعة أو حدث ويتأكد من صدقها ومصدرها قبل إعلانها على الناس حتى لا يسهم في نشر الشائعات وما تلحقه بالمجتمع وأفراده من أضرار، وكل من يتناول الشائعات فيذيع بها وتتناقلها الألسنة من بعده من شخص لآخر ومن مكان لآخر، فمن الناس من يسهم في ترويج ونشر الشائعة دون وعي أو قصد منه وبذلك يكون عاملا مساعدا لمن يهدف إلى ذلك وله نية مبيته لإحداث بلبلة ونشر الذعر والاضطراب داخل أي كيان، فأي كلمة عابرة أو فلتة لسان قد تجر من العواقب على الشخص ذاته وعلى أفراد جماعته ما لا يخطر له ببال وما لا يتدارك بعد وقوعها سواء كانت شائعة أمن أو شائعة خوف، فكل منهما قد يكون لإشاعتها خطورة مدمرة لذا لا يتم بثها ونشرها من قبل التثبت منها، والصحافة لها قدرة على إعادة تشكيل أخلاقيات وسلوكيات بل ومعتقدات الناس لذلك يجب على أبنائها ألا يعملوا على نشر الأفكار الهدامة والمعادية للدين أو إشاعة الفاحشة فلا يخوض في الباطل واللهو ويبعد الناس عن أهدافهم ويشغلهم بما لا ينفع، وعلينا أن نهدف إلى جمع ولم شمل الأمة الإسلامية وبث روح الألفة والعمل على توحيد الأمة تحت راية المحبة والبعد عما يثير البغضاء والكراهية لأن هذه الروح هي ذخيرتها أمام المشاكل والأزمات، فكلنا أبناء هذه الأمة نعمل لصالحها ونتكاتف من أجلها ومن أجل رفعة شأنها.
1294
| 20 أكتوبر 2016
إن الشخصية الإسلامية في أمس الحاجة إلى بلورة أوامر الدين وشرائعه ومعرفة هذه القيم وتقديمها على أساس متين من العقيدة الإسلامية، ويأتي ذلك من خلال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين ترابطوا برباط الحب في الله وحب العطاء، فبالحب الراسخ والتقدير البالغ اللذين أودعهما الله سبحانه في قلوب أهل المدينة نتيجة إيمانهم الصادق بالله ورسوله ، وانطلقت هذه الأنشودة الربانية من أفواههم عندما طلع عليهم الرسول الكريم بوجهه البهي الذي أنار أرجاء يثرب ، فتنورت منذ دخوله إليها وحلوله في رحابها، فالمجتمع الإسلامي يشعر بالآخرين بمن هم حولهم الذين يحتاجون الى الرعاية والى الشعور بالعطاء ومهما كان العطاء الأولى أن يكون مفيدا لهم ، فالعطاء من الممكن وصفه أنه القلب الذي يعطي من دون مقابل ، فما أجمله من شعور للذي يعطي قلبه فيشعره أنه يؤثر على من حوله وللشخص الذي يمنح هذا العطاء يشعر بالأمان والراحة ، ياليت تعلمنا من صغرنا العطاء من خلال هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم عندما أرسلت كلمات الترحيب وعبارات التهاني بالقدوم للمدينة، فالكلمة التي تدخل إلى القلب تكون صادرة عن القلب والكلمة التي تتبخر قبل أن تتجاوز الآذان تكون صادرة عن اللسان ذاك أن الكلمة الصادرة عن القلب تخرج مصحوبة بمشاعر المتكلم ، فيتأثر السامع بفحوى العبارة ويستشعر منها إيمان أصحابها. لقد جاء اليوم المؤمل حقا واستجاب الله لنبيه وصحابته الكرام بخلاصهم من إيذاء أهل قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل المدينة وقد ازدانت أرجاؤها بمظاهر البهجة والاحتفال وعمت جنباتها أضواء المشاعر تنعكس وهاجة على وجوه أصحابها وتتلألأ سرورا على حياة أهلها، المدينة كلها في عرس بالزغاريد تترنم الأفواه وبالأناشيد تصدح الحناجر وفوق ظهور الخيل يندفع الفرسان وعلى درب الموكب يزحف الرجالة، الجميع يحتفون بالوافد العظيم ، لذلك توجه اهتمام الهدي النبوي إلى تنظيم صفوف المسلمين وتوكيد وحدتهم للقضاء على كل ما يمكن أن يثير العداوة القديمة بينهم ، وقد اتخذ الرسول أساسا لهذا الأمر وحدة العقيدة الإسلامية التي تجمع بين المسلمين كافة من المهاجرين والأنصار وتؤلف بينهم ، ولذا لا بد من أن تمتلك العقيدة نفس الإنسان حتى يندفع المؤمن بها إلى العمل في ظاهر الأمر وباطنه وفي صغيره وجليلة وفيما يتصل بشؤون نفسه وشؤون غيره ، سواء في ذلك قريب الناس أو بعيدهم عنه ، لأنه يكون العضد له مما يوجب تكريسها ونشرها في سبيل النفع المرتجى منها لجميع الناس ، فنجد مآثره الرائعة في دعوته المسلمين لترجمة العقيدة إلى واقع عملي رآه صلى الله عليه وسلم بتآخيهم في الله حتى يكون لهذا التآخي أثره الفاعل حقا في أموالهم ومعاملاتهم ، بل وفي كافة شؤون حياتهم ، فهو من الناحية العملية يعزز في نفوس الأنصار شعورهم بالمسؤولية تجاه إخوانهم المهاجرين، إنها لهجة التقرير والحزم من النبي الإنسان ولذلك كانت الاستجابة من الأنصار صادقة عندما أعلنوا عطاء لا ينضب، فالعطاء من ضمن قيم المجتمع ومكوناته الرئيسية ولا يجب ان تغيب عنه، كي يسود الشعور بالمحبة والأمان والطمأنينة التي غابت بغياب قيمنا ومن ضمن أعمال العطاء المجتمعي التكافل والعدل في التعامل والتحرر من الانانية، فالعطاء هو فن من فنون التعامل ولكن ما أجمله وأطيبه وأنقاه هذا العطاء الذي يكون خالصا لمرضاه الله تعالى، فنعم العطاء لله فهو الاساس ومن كان تعامله مع الله لن يخيبه، ومن كان يعمل ابتغاء وجه الله فلن يقف عطاءه ، ويؤثرون على أنفسهم لو كان بهم خصاصة من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وتوضح الآية عاقبة الايثار والعطاء وهو الفلاح وأن تقدم لغيرك ما تجود به نفسك والا تعيش لأجل نفسك فقط، فالعطاء هنا نهر لا يتوقف وبحر لا ينضب، فلا تعش لنفسك وعش للآخرين وقدم الخير والنفع لهم، كن شمسا مشرقة بالأمل وأضيء عتمة من هم حولك دون ان تنتظر ثناءهم وكن معطاء مثل بحر لا يجف حتى وان قوبل عطاؤك بالجحود، يجب ان نعطي ونفعل شيئا ينفعنا في اخرتنا او ينتفع به احد من حولنا اثناء حياتنا او بعد مماتنا ونعطيهم الوقت و الحب و الحنان والاهتمام و نغدق عليهم بكل ما نملك ونسعى لاسعادهم ونهتم بهم ونعطي كل ذي حق حقه، وبذلك نتغلب على حبنا لذاتنا و نؤثر الآخرين على أنفسنا.
1009
| 13 أكتوبر 2016
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يفقد روح الأمل في أي لحظة من لحظات حياته، حتى عندما يتعرض للخطر، وهو يخرج من مكة بهذه الطريقة وهو مطلوب الرأس، لا يأمن على حياته ولا على حياة أصحابه، إذا به يبشِّر سراقة ليس فقط بظهور الإسلام على قريش أو على العرب، بل وبسقوط عرش كسرى تحت أقدام المسلمين، وأَخذ كنوز كسرى غنيمة، لذا تعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نصرة للأمة، فمنها يستقي المسلم بعض الدروس، التي يستفيد منها في حياته فيستمد منها القيم والمثل العليا، والآفاق التربوية التي تكون نورا يضيء له طريقه، ومعبرا يوصله للجنة، يقول الله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". الأحزاب:21، فلقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كل ما في طاقتهما لإنجاح عملية الهجرة، وهذا هو الإعداد المطلوب من المؤمنين، أن يُعدوا ما يستطيعون فقط، وليس مطلوبا منهم ما فوق الاستطاعة؛ وأعدوا لهم ما استطعتم، لكننا نلاحظ أن الخطة قد حدث فيها بعض الثغرات الخارجة عن حدود التخطيط البشري، فالمشركون قد وصلوا إلى بيت الرسول قبل الموعد الذي كان يظنه ويرتب خطته على أساسه، والمطارِدون وصلوا إلى باب غار ثور، وسراقة بن مالك استطاع أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فالقيمة الأولى للهجرة هنا هي الاعتماد على الله، ولتعلم علم اليقين بأنك إذا قمت بما عليك، وأخذت بما تستطيع من أسباب، فإن الله عز وجل سيكمل لك ما يحدث من نقص خارجاً عن إرادتك، لذا أغشى الله عيون المشركين أمام بيت الرسول فلم يروه وهو خارج، ولم يجعلهم يلقون نظرة واحدة داخل الغار، حتى لا يروا حبيبه وصاحبه، وغوّص أقدام فرس سراقة في الرمال، وألقى الرعب في قلبه، فمع مدرسة الحبيب صلى الله عليه وسلم تعلم القيمة الأولى والأسس السليمة التي قام عليها بناء المجتمع الإسلامي، الذي استطاع أن ينير مشارق الأرض ومغاربها، وذلك من خلال هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحسن التوكل على الله يقول الله تعالى: "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" آل عمران:122
2814
| 06 أكتوبر 2016
الأسرة هي الركيزة الأساسية في العملية التعليمية فعليها عامل كبير في التنشئة العلمية الصحيحة لدى الأفراد، ولا يمكن إنكار أن الأسرة يقع عليها العبء الأكبر في تنمية قدرات الطفل، من خلال دورها المهم أيضا في رفع مستوى التعليم، فإن بناء الأجيال وتربيتهم أمر من الأمور المهمة في الحياة وهذه التربية لابد أن تقوم على أساس قوي من المنهج السليم والعقيدة الصافية التي لا يخالطها أي شائبة، والحياة بدون هدف لا قيمة لها والهدف ما لم يكن ساميا وكبيرا يظل نائيا وبعيدا، إن المدرس له دخل قوي وتأثير بليغ على شخصية الطفل ولكن ذلك مشروط بأن تكون الأسرة مساعدة للمدرس في بنائه الذي ينشده وهدفه الذي يرمي إليه، فالأب الذي يسأل ابنه عن حصاده العلمي وزاده التربوي ويحاول قدر الإمكان الدفع بابنه لتمثيل القيم والاستمساك بالعقائد التي ينشدها المدرس، فذلك هو الأب الحق الذي يمكن أن نقول بأنه الأب المساعد في العملية التربوية، فالعجب الأعظم والأكبر عندما تجد الأسرة هادمة لعمل المدرس عن قصد أو غير قصد، ينصح الأستاذ بالقيم فإذا بالأسرة تخل به، فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، ويحرص على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف ويعمل على تطوير مجتمعه والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس. فالتربية قضية من القضايا الجوهرية في الأمة ولا بد من توافر المربي المتمكن والناصح الأمين والناجح المدرك لأهمية المسؤولية وعظمها الذي يستطيع أن يصنع الأجيال وفق ما تفرضه علينا عقيدتنا ويقرره لنا ديننا وتربية الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف وهو إخراج الجيل الفريد وهذه الأطراف هي الأسرة والمدرسة والمعلم، فهذه هي العناصر والأركان الأساسية التي تقوم عليها قضية تربية وبناء الأجيال، وإن اختل أحد هذه الأركان أو ظهر القصور في أحدها أثر ذلك سلبا على عملية بناء وتربية الجيل المسلم.
5027
| 29 سبتمبر 2016
ما أجمل أن تمتلئ أروقة المدارس بالزينات والفرح والسرورلاستقبال أبنائنا الطلاب تحضنهم وتلقي على أسماعهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فينشأ جيل يبني ويعمِّر فتتقدم بهم الأمة، فغرس القيم السلوكية النبيلة في نفوس الطلاب من أهم الواجبات التربوية التي يجب إعطاؤها الأولوية في منظومة تحقيق الأهداف التربوية، والمتأمل لواقع المؤثرات السلوكية العامة وما طرأ على الحياة الاجتماعية للأسرة في ضوء معطيات العصر الحديث في مجال التواصل الثقافي والإعلامي والاجتماعي بين شعوب العالم، مما يحتم علينا جمعيا ضرورة مساعدة الطلاب بصفة خاصة على التعامل الإيجابي الفاعل مع هذه التحديات المعاصرة وحجم المسؤولية فيما يجب أن تقوم به المدرسة مديرا ومعلمين وأخصائيين في الحفاظ على القيم الإسلامية وغاياتها النبيلة وتحصين الطلاب الذاتي ضد أي سلوكيات سيئة تنبعث من أصدقاء جلسات السوء أو عوامل أخرى من سوء التعامل مع الإنترنت أو غياب دور الأسرة، فمع دقات عقارب الساعة في هذه الأيام من بداية هذا الأسبوع، وها نحن قد عدنا من إجازتنا الصيفية ونحن بين من هو محمل بالحسنات وآخر أضاع وقته، ومنّا من أثقلت كاهله الهموم ومن هو فرح بهذه العودة، وها نحن نستقبل عامنا الدراسي الجديد، ومع جرس الحصة الأولى من بداية العام الدراسي الجديد، فلنا هنا وقفات أردت أن نقفها جميعا لعل فيها ذكرى للذاكرين. في هذه الظرف السعيدة والتي ترتفع معها دقات قلب الآباء من كثرة الطلبات للأبناء وتوفير احتياجاتهم المدرسية، ومن ناحية أخرى فرط سعادة الآباء بأبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الدراسة، فأداء الأبناء للواجبات الدراسية يسعد الآباء؛ لأن المرء يعلم أن الدرجات التي يرتفع بها العبد عند الله ليست كدرجات الدنيا وترقياتها، إنما يرفع الله المؤمنين بما علموا من أمور في دينهم وما استقاموا على أصوله والتزموا شرائعه، ولا يمكن للمرء أن يلتزم إلا بشيء قد جاءه العلم به، لذا حث الإسلام الناس على العلم والتعلم وجعل الذين يعلمون أعلى درجة من الذين لا يعلمون، فكان الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم، فقال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة، وأمرنا أيضا بالجد في طلب العلم والحرص على التعلم، فقال: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، فالإسلام رفع مكانة المتعلم، فقال الله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر:9، فإن دور المدرسة واضح وجلي في تثقيف الناشئة وتربيتهم بما تقدمه لهم من خبرات منظمة ومتنوعة وأنشطة مختلفة ومعلومات تغطى مختلف مجالات المعارف الإنسانية، كل ذلك في إطار فلسفة تربوية واضحة المعالم، تستقي ذلك من الإطار العام لحياة المجتمع وأهدافه وحاجات التلميذ ومطالبه ومتطلبات العصر، فالمدرسة مؤسسة تربوية وتعليمية أنشأها المجتمع خاصة لتربية وتعليم صغاره وكالة عن الكبار المشغولين في مشاغل الحياة، ونيابة عن المجتمع في نقل تراثه الثقافي إلى الصغار وللمدرسة وظائفها الهامة في المجتمع، فإنك تجد فيها المتخصصين في مجالات العلم والمعرفة، لتقوم بتلك الوظائف، ومن ثم فهي تبلور اتجاهات المجتمع وتعكس إطار حياته، فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها، فرعاية السلوك وتقويمه هدف تربوي وتعليمي يجب أن تهتم به القطاعات المختلفة في مجال التوعية والتوجيه كافة، حيث لا يقتصر هذا الهدف على المدرسة وحدها، بل لا بد أن تتحمل كل جهة نصيبها في تحقيق ذلك، كما يجب على المربين ربط المادة العلمية بالتطبيق اليومي في الحياة وتحويله إلى سلوك عملي حتى لا يقع الطالب في حيرة بين ما يتعلم وما يمارس ، كما يجب التعامل داخل المدارس مع الأبناء والطلاب تعاملا إنسانيا حسنا يراعي ما حوله من مؤثرات، فلا بد من أخذها في الاعتبار، لذا يجب الاستثمار الأمثل لطاقة الطالب إلى أقصى درجة وفتح المجال له لتصريفها تحت إشراف تربوي ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم، إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله ويتخذ من العلم وسيلة لمرضاته، فإن التعامل مع النفس الإنسانية يختلف كثيرا عن التعامل مع الآلة الصماء لذلك كان توجيه الإنسان وتعليمه وتربيته على القيم والمثل وتقويم سلوكه يحتاج إلى الصبر وطول النفس وصدق العزيمة وأهمية التوجه لبناء أجيال صالحة تنفع نفسها وبلدها، كما يجب منح الأبناء الثقة في أنفسهم وإعطائهم مهام ومسؤوليات تتناسب وقدراتهم واستخدام أساليب الحوار الهادف البناء لمعالجة القصور في سلوكهم وتنمية روح القيادة وتحمل المسؤوليات.
405
| 22 سبتمبر 2016
إن من توفيق الله عزوجل ورضاه عن العبد أن ييسر له أن يتقدم بخطى التقى والتوبة ليذهب إلى بيت الله الحرام يطوف ويسعى ويقف بعرفات تذرف عيناه دمع الرجوع إلى الله والشوق إلى روضة الحبيب صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الأيام المباركة وحجاج بيت الله الحرام في نهاية أيام التشريق والمبيت بمنى يدركون أن هذا موسم التوبة وغفران الذنوب، فإن العبد المسلم الذي يحس بلذة العبودية لله لا يذوق طعما لحياة إلا بالعبادة الحقيقية لله تعالى، فلا معنى لوجوده بدونها ولا اطمئنان إلى رضوان الله إلا بالعمل المتواصل الدؤوب القائم على الإخلاص لله تعالى بنية صادقة وبعزيمة قوية يبتغى رضا الله تعالى ويخشى عذابه، فالحق سبحانه وتعالى جعل للعشر من ذي الحجة مكانة عظيمة، وفي هذه الأيام الكريمة أيام التشريق جعلها الله أيام بركة ووحدة ورخاء على الأمة، فاختيار بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض لحكمة يعلمها الخالق، فقد اختار الله من بين الشهور أربعة حرما قال تعالى:( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) التوبة: 36. فلا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات والاستمرار في الحرص على تزكية النفس ومن أجل هذه التزكية شرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بعده، لذا كان أهل الطاعات أرق قلوبا وأكثر صلاحا، وأهل المعاصي أغلظ قلوبا وأشد فسادا، فلقد اختار الله من الأزمان ما يكون وسيلة للإكثار من للطاعات فاصطفى فيها أياما وليالي وساعات فضلا منه وإحسانا يمسحون فيها عن جبينهم هموم الحياة ويستقبلها المسلمون ولها في نفوس الصالحين منهم بهجة وفي قلوب المتقين فرحة، فرب ساعة قبول فيها أدركت عبدا فبلغ بها درجات الرضا والرضوان، ولتصحيح اتجاهات القلب وضمان تجرده من الأهواء الصغيرة والحرص على ابتغاء الأجر من الله تعالى وأن يقبل الله تعالى عمله ويجازيه به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فالمسلم يعتقد اعتقادا جازما بأنه ما وجد في هذه الحياة إلا لعبادة ربه يقول الله تعالى:(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب) البقرة:174،عندئذ يفرح المسلم إذا أحسن استثمار مواسم الطاعة التي ينعم الله تعالى بها علينا ويرشدنا لاستغلالها، فيجتهد الجميع لنيل الدرجات والحصول على الثواب والتنافس في الخيرات التي منها الحرص على الأعمال الصالحة مثل الرجاء وكثرة الدعاء، فيخلص المؤمن لربه ويبتغي بعبادته وجه الله تعالى، فأعظم صور الإخلاص لله تعالى هي الإخلاص في الإيمان بوحدانيته وأنه لا إله إلا هو قناعة ويقينا، إخلاصا يسبق كل عبادة وتشعر في نفسك بصدق وانفعال أنك تصلي لله تسجد له وحده سجود الموقن بتفرده، تدعوه دعاء المؤمن الذي يغمره شعور وفكر قويان بأنه يدعو الله السميع القريب المجيب، فإن صلاح النية وإخلاص القلب لرب السماوات والأرض يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت فيجعلانه عبادة متقبلة، وإن خبث الطوية وفساد النية، تهبط بالطاعات المحضة وتكون المعاصي الشائنة فلا ينال المرء منها بعد التعب في أدائها إلا الفشل والخسارة، بل إن الملذات التي تشتهيها النفس، إذا ما صاحبتها النية الصالحة والهدف النبيل تحولت إلى قربات، والحق أن المرء ما دام قد أسلم لله وجهه وأخلص النية، فإن حركاته وسكناته ونومه ويقظته تحتسب خطوات إلى مرضاة الله كما تتمثل في شعوره بالعبودية لله الواحد القهار ويستقر ذلك في ضمير الإنسان ويكون منطلقه في أعماله كلها بحيث يبتغي بها وجه الله، فينبغي مراعاة حرمة هذه الأيام المباركة لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرمه الله، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره، لذلك ينبغي على المسلم العيش بين الخوف والرجاء، يخاف الخالق فيبتعد عن المعصية ويرجو رحمة ربه فيكثر من الطاعة، فإن الخوف من الله لا يكفي إذ لابد من نظيره وهو الرجاء، لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الإنسان وعبادته ورجاء قبول العمل مع الخوف من عدم قبوله يورث الإنسان تواضعا وخوفا وخشوعا لله تعالى، فالعمل الصالح شجرة طيبة تحتاج إلى سقاية ورعاية واهتمام.
658
| 15 سبتمبر 2016
إن الإنسان الصالح إذا رأى أنك مقصر في طاعة الله أرشدك فتزداد همتك في الطاعة وتجتهد في الزيادة منها وتراه يبصرك بعيوبك ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله وأما مصاحبة الأشرار فهي السم النَاقع والبلاء الواقع، فتجدهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات ويرغبون فيها ويفتحون لمن خالطهم وجالسهم أبواب الشرور ويزيِنون لجالسيهم أنواع المعاصي ويحثونهم على أذية الخلق ويذكِرونهم بأمور الفساد، التي لم ترد في خلدهم، فهم أجساد ونفوس تكونت من أشعة نارية وجمرات خبيثة تتكئ في تشكيلها على المشاهدات والمجالسات، وكأن الجليس الطالح ينفخ في أعماق جليسه فيشعل نيران الغضب والحقد والحسد والشهوة، وينفث في روعه كل المشاعر الحميمة التي عبر عنها بالنار أو بالجمر الذي ينفخه الحداد وهذا يشير إلى العذاب الأخروي في نار جهنم, ومن هنا يجب أن ننتبه لهذه الناحية الهامة في علاقات أبنائنا وأن نتدخل بين الحين والاخر لتوجيه هذه العلاقات وجهتها السليمة وأن نحرص على أن تكون رفقتهم للنوعيات الجادة الكريمة حسنة الخلق والمعتقد والسلوك فإن أمامهم مستقبل يحتاج إلى جدية وجهد وعمل ، فقد يطلق على الإنسان إنسانا لما فيه من معاني الأنس والألفة لذا لابد لهذا الإنسان في هذه الحياة من مخالطة الناس واتخاذ بعضهم جليسا له وعونا على مشاكل الحياة، ولكن الناس متفاوتون في أخلاقهم وطباعهم فمنهم الخيِر والفاضل الذي ينتفع بصحبته وصداقته ومجاورته ومشاورته، ومنهم الرديء الناقص العقل الذي يتضرر بقربه وعشرته وصداقته وجميع الاتصالات به ضرر وشر ونكد, فإنك إن صحبت الأخيار ارتقيت بهم إلى الله وإن صحبت الأشرار هووا بك إلى الهلاك فالصاحب ساحب والصاحب هوية لك، أنت من؟ أعرفك من أصحابك فلا يعقل ولا يقبل أن المؤمن الطاهر العفيف يصاحب إنسانا منحرفا بذيء اللسان له مغامرات في المعاصي والآثام يفتخر بها، لذلك يجب على الوالدين في البيوت ألا يتناسوا خطورة الصداقة وهم يعلمون أن الصديق أشد تأثيرا على صديقه من غيره ,فإذا كان صالحا كان منه النفع والفائدة ,وإن كان غير صالح فهذا هو السبيل لبداية الضياع فيسير الولد بين طيات الصداقة السيئة التي تجر به إلى كل مهلكة فتنسيه حقوق الله تعالى وتنسيه حقوق والديه وربما اكتسب من هذه الصداقة السيئة بعض الصفات التي تجر به إلى المهالك وتؤدي به إلى الضياع لذلك ترى هدي الإسلام يحثنا على ملازمة الجلساء الصالحين، والتحذير من الجلساء الفاسدين وذلك لما للرفقة والمجالسة من تأثير على الفرد في حياته وسلوكه فإذا كانت الرفقة صالحة فإنها تقوده إلى الخير وتدله عليه، وإذا كانت سيئة فإنها ستقوده إلى الشر وتدله عليه ,فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) متفق عليه، فما أروعه من معنى وما أجمله من تصوير تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان النوراني وإن من البيان لسحرا إنها الصورة الحية الصادقة للجليس والصديق، فالجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه النفس ويطمئن به الفؤاد وتنتعش الروح طربا لحديثه وتنعم بمجالسته وتسعد بصحبته إنه عدة في الرخاء وزينة في الشدة وبلسم الفؤاد وراحة النفس فإن صحبة الصالحين بلسم للقلب وإنها للنفوس أعظم دواء وعلاج فلقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره ويغمرك بطيبه فإما أن يهديك وإما أن تجد عنده ريحا طيبة فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة، أما جليس السوء فليس هناك أبلغ من تشبيهه بالحداد الذي ينفخ بكيره فأنت معه في خسارة دائمة فإن لم يحرقك بناره أحرقك بجمره الخبيث فصحبته هم دائم وحزن لازم، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول مثل الجليس يقصد بالجليس الصالح هنا الصديق الفاضل المتحلي بالأخلاق الكريمة وكذلك جليس السوء الصاحب السيئ, فإن الجليس الصالح جميع أحوال صديقه معه خير وبركة ونفع وغنيمة، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه إما بهبة أو ببيع أو أقل شيء مدة الجلوس معه وأنت قرير النفس منشرح الصدر برائحة المسك وهذا تقريب وتشبيه له بذلك، وإلا فما يحصل من الخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك , فإنه إما أن يعلمك أمورا تنفعك في دينك، وإما أن يعلمك أموراً تنفعك في دنياك.
2520
| 08 سبتمبر 2016
إن الخالق سبحانه وتعالى خلق الإنسان واستخلفه في الأرض يكد ويعمل فيها سعيا لتعميرها، مما يلزم على الإنسان الاهتمام بالوقت والاستفادة من الزمن حتى لا يضيع عمره هباء منثورا، فلقد وردت في القرآن الكريم عدة آيات يقسم فيها الله تعالى بالزمن ومكوناته، فما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد من قبل الحق: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة، الأمر الذي يشير إلى الأهمية الكبيرة التي أولاها الله سبحانه للزمن ولأجزائه وانه من القضايا المحترمة والمقدسة في الحياة والتي يجب النظر إليها نظرة واعية متفهمة باعتبار أن الله تعالى اتخذها عنوانا يقسم به في بداية الكلام الذي يقرر فيه الله تعالى الحقائق التي يريدها، فالأعمار مقدرة والآجال مقسومة يقول الحق سبحانه وتعالى: "والفجر وليال عشر"، فالحق تبارك وتعالى فرض علينا العبادات ليطهرنا بها ويزكينا فيكون ذلك سببا لسعادة البشر في الدارين، لذا أراد من عباده أن يوجهوا أنظارهم إلى ما هو أهم وأبقى وأنفع وأجدى إلى الادخار الحقيقي الذي يجعل من الدنيا مزرعة للآخرة من خلال مقاييس الربح والخسارة، فإذا كان المقصود الأعظم هو تحقيق التقوى فإن الوصول إلى هذه الغاية السامية له طرق عديدة، وإننا نريد هنا تذكير حجاج بيت الله الحرام بألوان من العبادات التي يمكن أن يمارسوها أثناء تأديتهم لمناسك الحج، فالأمة الإسلامية في هذه الأيام المباركة تقف على أعتاب فريضة الحج العظمى ففي هذه الأوقات الفاضلة الشريفة يقف المسلم يطرق أبواب الرحمات ويغتنم الأيام في التوبة وغفران الذنوب مما يوجب على كل مسلم وفقا لهذه الرحلة المباركة أن يعد عدته ويستجمع قواه ويشد العزائم في رحاب البيت والروضة يتقرب بشتى أنواع الطاعة طوافا وزيارة واستغفارا وتوبة، ومن لم يوفق عليه بالطاعة في هذه الأيام المباركة أيام العشر من ذي الحجة والتي فيها تضاعف الحسنات وتزداد الأجور وتنزل الرحمات من رب السماوات. فإن إقدام المرء على أي أمرِ من الأمور لا بد له من التهيؤ والاستعداد بأن تتحقق النية الخالصة لله سبحانه وتعالى، فما الذي حركك لتنفق الأموال ولتقطع المسافات ولتتحمل المشاق إنك إن فعلت ذلك كله من غير أن يكون في سويداء قلبك التعلق بالله وابتغاء مرضاته وطمعا في رحمته، فاعلم أنك ما صنعت شيئاً غير أنك أرهقت نفسك وأذهبت مالك ثم فقدت أجرك بل ربما رجعت مأزورا غير مأجور، ولتصحيح اتجاهات القلب وضمان تجرده من الأهواء الصغيرة والحرص على ابتغاء الأجر من الله تعالى وأن يقبل الله تعالى عمله ويجازيه به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فالمسلم يعتقد اعتقادا جازما أنه ما وجد في هذه الحياة إلا لعبادة ربه، لذا ينبغي على المسلم اغتنام أيامه ولياليه في الإكثار من الطاعة والزيادة من الحسنات، فالعمل الصالح شجرة طيبة تحتاج إلى سقاية ورعاية واهتمام حتى تنمو وتثبت وتؤتي ثمارها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله إنه يكرم عبده إذا فعل حسنة وأخلص فيها لله يفتح له بابا إلى حسنة أخرى ليزيده منه قربا وإن أهم ما يجب علينا الآن أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها فنحافظ عليها ونزيد عليها شيئا فشيئا للوصول إلى الثبات ولنحافظ على الاستقامة والمداومة على العمل الصالح، فأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قل، فليشمر كل عبد مطيع إلى ربه عن ساعديه ويغتنم الأيام المباركة ويكثر فيها من الطاعة ليفرح في يوم تشخص فيه القلوب والأبصار، ولذلك ينبغي أن يكثر في موسم الطاعات وفي موسم تكفير السيئات من الاستغلال والاغتنام الكامل للأوقات وهذا يحصل به الشمول في العبادة فعندما تكون في تلك الأماكن المقدسة وفي هذه الأيام المعظمة والفريضة القائمة ينبغي لك أن تجعل كل لحظة من اللحظات عبادة وطاعةَ لله عز وجل وأن ينشغل اللسان بالذكر والاستغفار وتلاوة القرآن وأن ينشغل القلب بمزيد من الخشية لله عز وجل واستحضار هول المحشر وجمع الناس يوم يقوم الناس لرب العالمين، فإن صلاح النية وإخلاص القلب لرب السماوات والأرض يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت فيجعلانه عبادة متقبلة وإن خبث الطوية وفساد النية يهبطان بالطاعات المحضة فيقلبها معاصي شائنة فلا ينال المرء منها بعد التعب في أدائها إلا الفشل والخسارة بل إن الملذات التي تشتهيها النفس إذا صاحبتها النية الصالحة والهدف النبيل تحولت إلى قربات وطاعات.
393
| 02 سبتمبر 2016
التفاؤل هو الأمل والفرح المستقبلي والنظرة الإيجابية لكل شيء وهو قدرتنا على تحمل مصاعب اليوم أملا منا بغد أفضل، فالأمل والرجاء خلق من أخلاق الأنبياء وهو الذي جعلهم يواصلون دعوة أقوامهم إلى الله دون يأس أو ضيق أملا في الهداية والصلاح، فهو الطاقة التي يودعها الله في قلوب البشر لحثهم على تعمير الأرض بالبناء والزرع والعمل الجاد المخلص، فالتفاؤل هو النور الذي يضيء لنا طريقنا في الظلماء ويساعدنا بأن نعيش حياة ملؤها المحبة ويجعلنا نحقق أحلامنا وآمالنا، وأن ننظر للحياة بعيون عاشقة وحالمة بما هو أفضل بحياة كريمة هانئة كلها أنوار ورضا بقضاء الله وقدرة، بعيدة كل البعد عن اليأس والتشاؤم، لذا يعلمنا الهدي النبوي أنه إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة واستطاع أن يغرسها فليغرسها. قد يقول البعض إن طباع الإنسان ثابتة لا تتغير وأن أخلاقه لا تتبدل، بهذا الكلام يلغي إمكانية الإنسان لإصلاح نفسه ويلغي جدوى التربية ويلغي عمل المصلحين، يجب أن تعتقد أن الإنسان يمكن أن يتغير تغيرا جذريا، وقد يؤخذ هذا من أن الله تعالى يبدل سيئات التائب إلى حسنات لأنه يتغير إلى الأفضل، فقد يكون جبانا ويصير شجاعا، أو بخيلا ويصير كريما أو محسنا ويصير مسيئا، فالطبع في الكافر تشاؤم وفي المؤمن تفاؤل، مهما ألقيت على أذن إنسان من خبر طيب، وهو متشائم ينفي ذلك ويقول لك أنت لا تعرف شيئا الأمر أسوأ من ذلك بكثير فهذا التشاؤم واليأس أن ينظر للعالم بمنظار أسود، وكلما لاحت بشائر انفراج يغلقها لك وكأنه شامت، وكأنه يتشفى منك إذا ألقيت على مسامعه خبرا طيبا، لهذا فإن الإنسان الإيجابي هو الذي يقبل على الحياة بقلب مشرق ونفس راضية فالإخلاص عنوانه والإتقان سبيله، فله أمنياته وطموحاته التي يحقق بها الإنجازات التي تجعله ناجحا في حياته لذا فهو جميل يرى الوجود جميلا، ما أجمل أن ترتبط النفوس بالخير وتنعقد عليه همتها، وما أجمل أن تتفاءل بالأحسن لتجده بعون الله ورحمته ولطفه، فانشراح الصدر بالخيرات من أعظم أسباب استقرار النفس، الأمر الذي يضعها على جادة الاستفادة والإفادة، فمن حسنات التفاؤل أنه دليل حسن ظنك بالله عز وجل ويجلب السعادة إلى النفس والقلب، وفي الفأل الحسن تقوية للعزائم وانطلاقا إلى الأمام وباعثا على الجد والأمل فلولا الأمل لبطل العمل. فمن المعلوم أن الأمل يدفع الإنسان إلى العمل ولولاه لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومواجهة مصائبها وشدائدها ولأصبح يحرص على الموت، لكن المسلم الحق لا ييأس من رحمة الله لأن الأمل في عفو الله هو الذي يدفعه إلى التوبة واتباع صراط الله المستقيم فقد نهانا الحق سبحانه عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، وأمرنا بالإخلاص في العمل لكي يصل المرء إلى مبتغاه في الحياة الدنيا وفي التفاؤل أيضا اقتداء بالسنة المطهرة، وأخذا بالأسوة الحسنة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل في حروبه وغزواته وفي شأنه كله، والتفاؤل يوحد قوة الروح وقوة الجسد ومن استقرار الروح تزدهر الصحة النفسية التي ترتبط غاية الارتباط بقدرة الشخصية على التوافق مع نفسها ومجتمعها الذي تعيش فيه، وهذا يؤدي إلى التمتع بحياة هادئة سوية مليئة بالحماس وخالية من الأسى والاضطراب والتشاؤم، فالتفاؤل أن يرضى المرء عن نفسه وأن يتقبل ذاته كما يتقبل الآخرين، وتغيب عن سلوكياته اضطرابات التوافق الاجتماعي أو السلوكيات الشاذة، بل يسلك في تصرفاته السلوك المعقول المتسم بالاتزان والمتصف بالإيجابية والقدرة على مواجهة المواقف ومجابهة المشاكل التي تقابله في مختلف نواحي حياته، فلابد أن يدرك الجميع أن الأمل هو انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات والنظر للفرج واليسر وهو الضوء الذي نراه عندما يحل الظلام، وهو الذي يدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه لأن الأمل محله نور القلب الذي سببه الإيمان كما أن التفاؤل يكسب المرء القدرة على تجاوز الأفكار السلبية وكسر حلقاتها وتغيير اتجاهها، وتنمية الأفكار الإيجابية والارتفاع بالقدرات الكامنة فينا كي لا نقع في براثن الإحباط والتشاؤم، والتفاؤل مسلك يفرضه الإيمان بالله والرضا بقضائه وقدره، أما التشاؤم فلا يستقيم مع صريح الإيمان، وعليه فإن تحول المتشائم إلى متفائل ممكن إذا تمت له الهداية واتبع الطريق الصحيح بعد التوكل على الله، ولا شيء مستحيل أمام هذا التحول إذا صدقت النوايا وحسنت ثقتنا في المولى عز وجل، فكن متفائلا وابتعد عن التشاؤم وابتسم فإن الحياة لك ولمن حولك.
14398
| 25 أغسطس 2016
إن الإنسان الصالح إذا رأى أنك مقصر في طاعة الله أرشدك فتزداد همتك في الطاعة وتجتهد في الزيادة منها وتراه يبصرك بعيوبك ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله وأما مصاحبة الأشرار فهم السم النَاقع والبلاء الواقع، فتجدهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات ويرغبون فيها ويفتحون لمن خالطهم وجالسهم أبواب الشرور ويزيِنون لجالسيهم أنواع المعاصي ويحثونهم على أذية الخلق ويذكِرونهم بأمور الفساد، التي لم ترد في خلدهم، فهم أجساد ونفوس تكونت من أشعة نارية وجمرات خبيثة تتكئ في تشكيلها على المشاهدات والمجالسات، وكأن الجليس الطالح ينفخ في أعماق جليسه فيشعل نيران الغضب والحقد والحسد والشهوة، وينفث في روعه كل المشاعر الحميمة التي عبر عنها بالنار أو بالجمر الذي ينفخه الحداد وهذا يشير إلى العذاب الأخروي في نار جهنم، ومن هنا يجب أن ننتبه لهذه الناحية المهمة في علاقات أبنائنا وأن نتدخل بين الحين والآخر لتوجيه هذه العلاقات وجهتها السليمة وأن نحرص على أن تكون رفقتهم للنوعيات الجادة الكريمة حسنة الخلق والمعتقد والسلوك فإن أمامهم مستقبل يحتاج إلى جدية وجهد وعمل، فقد يطلق على الإنسان إنسانا لما فيه من معاني الأنس والألفة، لذا لابد لهذا الإنسان في هذه الحياة من مخالطة الناس واتخاذ بعضهم جليسا له وعونا على مشاكل الحياة، ولكن الناس متفاوتون في أخلاقهم وطباعهم فمنهم الخيِر والفاضل الذي ينتفع بصحبته وصداقته ومجاورته ومشاورته، ومنهم الردئ الناقص العقل الذي يتضرر بقربه وعشرته وصداقته وجميع الاتصالات به ضرر وشر ونكد، فإنك إن صحبت الأخيار ارتقيت بهم إلى الله وإن صحبت الأشرار هووا بك إلى الهلاك، فالصاحب ساحب والصاحب هوية لك، أنت من؟ أعرفك من أصحابك، فلا يعقل ولا يقبل أن المؤمن الطاهر العفيف يصاحب إنسانا منحرفا بذئ اللسان له مغامرات في المعاصي والآثام يفتخر بها، لذلك يجب على الوالدين في البيوت ألا يتناسوا خطورة الصداقة وهم يعلمون أن الصديق أشد تأثيرا على صديقه من غيره، فإذا كان صالحا كان منه النفع والفائدة، وإن كان غير صالح فهذا هو السبيل لبداية الضياع فيسير الولد بين طيات الصداقة السيئة التي تجر به إلى كل مهلكة فتنسيه حقوق الله تعالى وتنسيه حقوق والديه وربما اكتسب من هذه الصداقة السيئة بعض الصفات التي تجر به إلى المهالك وتؤدي به إلى الضياع، لذلك ترى هدي الإسلام يحثنا على ملازمة الجلساء الصالحين، والتحذير من الجلساء الفاسدين وذلك لما للرفقة والمجالسة من تأثير على الفرد في حياته وسلوكه فإذا كانت الرفقة صالحة فإنها تقوده إلى الخير وتدله عليه، وإذا كانت سيئة فإنها ستقوده إلى الشر وتدله عليه،فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) متفق عليه، فما أروعه من معنى وما أجمله من تصوير تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان النوراني وإن من البيان لسحرا، إنها الصورة الحية الصادقة للجليس والصديق، فالجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه النفس ويطمئن به الفؤاد وتنتعش الروح طربا لحديثه وتنعم بمجالسته وتسعد بصحبته، إنه عدة في الرخاء وزينة في الشدة وبلسم الفؤاد وراحة النفس، فإن صحبة الصالحين بلسم للقلب وإنها للنفوس أعظم دواء وعلاج، فلقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره ويغمرك بطيبه، فإما أن يهديك وإما أن تجد عنده ريحا طيبة فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة، أما جليس السوء فليس هناك أبلغ من تشبيهه بالحداد الذي ينفخ بكيره فأنت معه في خسارة دائمة فإن لم يحرقك بناره أحرقك بجمره الخبيث، فصحبته هم دائم وحزن لازم، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول مثل الجليس يقصد بالجليس الصالح هنا الصديق الفاضل المتحلي بالأخلاق الكريمة، وكذلك جليس السوء الصاحب السيئ، فإن الجليس الصالح جميع أحوال صديقه معه خير وبركة ونفع وغنيمة، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه إما بهبة أو ببيع أو أقل شيء مدة الجلوس معه وأنت قرير النفس منشرح الصدر برائحة المسك وهذا تقريب وتشبيه له بذلك، وإلا فما يحصل من الخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك،فإنه إما أن يعلمك أمورا تنفعك في دينك، وإما أن يعلمك أموراً تنفعك في دنياك.
3152
| 19 أغسطس 2016
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
3102
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2616
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1635
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1551
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1296
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1155
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
837
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
636
| 05 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
618
| 30 نوفمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
549
| 04 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية