رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن هدي الإسلام الحنيف يدعو الناس إلى كل خير لما فيه من صلاح حياتهم الدنيا وسعادتهم في الآخرة، فلقد ركب الله في الإنسان العديد من الغرائز والأحاسيس، فهو يتأثر بما يجري حوله ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين، فيضحك ويبكي ويفرح ويحزن ويرضى ويغضب إلى آخر تلك الانفعالات النفسية، فلقد خلق الله تعالى الإنسان من تراب الأرض بجميع أنواعه الأبيض منها والأسود والطيب والردئ، فنشأت نفوس الناس متباينة الطباع مختلفة المشارب فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها، ومن هذا المنطلق راعى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك في وصاياه للناس، إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه وما يعينه في تهذيب النفس وتزكيتها إلا دوام المحبة بين أفراد المجتمع المسلم، لأن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة والمحاسبة والانتصار للذات، وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على السماحة والصفح والصبر،فمن الأمور التي نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنها الاسترسال في الغضب، فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره، وربما جره إلى أمور لا تحمد عقباها، فعندما سأله رجل وقال أوصني قال: لا تغضب فردد مرارا لا تغضب، فبهذه الكلمة الموجزة يشير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى خطر هذا الخلق الذميم.لأن الغضب جماع الشر ومصدر كل بلية، فكم مزقت به من صلات وقطعت به من أرحام وأشعلت به نار العداوات، وارتكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم، إنه غليان في القلب وهيجان في المشاعر، يسري في النفس فترى صاحبه محمر الوجه، تقدح عينيه الشرر فبعد أن كان هادئا متزنا، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد، ولم يكتف ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنهي عن هذه الآفة وبيان آثارها بل بين الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب وتجنب غوائله، فإذا استطعت أن تسيطر عليه في بدايته ترتاح وتتخلص منه بسهولة لكن إذا سيطر عليك ووصل إلى القمة يصبح بعد ذلك مصيبة، وإننا أمة القرآن أمرنا الحق أن نكثر من الطاعات فهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدربنا التحلي بعظيم القيم وجميل الأدب ومن هذه القيم الصبر والذي يجب علينا جميعا أن نتواصى به والنصح له والحرص على تقوى الله في جميع الأمور، لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع، فالصبر صفة يتسم بها المسلمون وتعتبر من صفاتهم وأخلاقهم التي يتسمون بها عن غيرهم والصبر يكون في جميع وجهات الحياة اليومية ونحتاج إليه في الحياة لكي نعيش بهدوء وعقلانية وحياة خالية من المشاكل، والصبر متعلق بالإيمان، لذلك ينال المرء عليه الأجر والثواب فمن غمر قلبه الإيمان تزين بالصبر لأن هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسان ذو مكانة عالية وعظيمة يتزين بالوقار والاتزان والحكمة ويعطي الإنسان الهيبة واحترام الآخرين له، فالصبر صفة من صفات الأنبياء.إن الصبر هو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع وهو حبس النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه وهو عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقلّ معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب والصبر ضياء، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور، وعندما نتكلم عن الصبر فإننا نتكلم عن نصف الإيمان، فمن هدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يصبر على أذى المشركين رغم انه قادر على الدعاء عليهم بالهلاك ولكنه فضل أن يصبر عليهم رغبة في نيل الأجر من الله تعالى ورغبة في إسلامهم أو إسلام أبنائهم من بعدهم علينا الاقتداء برسولنا في الصبر والتحمل لكي ننال الأجر والثواب بالصبر على البلاء أو على المصائب أو على الإيذاء من الآخرين أو على أي شيء يحتاج منا إلى صبر وكذلك الصبر على ضيق الحياة وعسرها، مثل أن يكون الإنسان فقيرا فعليه أن يصبر على ما قسمه الله له ولا يشكو إلى الناس، ومن أنواع الصبر المحمودة والتي يؤجر عليها المرء الصبر على طاعة الله تعالى، لأن الطاعات تحتاج من الإنسان إلى بذل الجهد في القيام بها وأدائها على أكمل وجه، مثل أداء الصلوات في أوقاتها وغيرها من الطاعات التي تحتاج إلى صبر وعزيمة، وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلم الصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، فهو صابر مع الناس جميعا لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه أن الصبر رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق به ينال رضا الله وجنة عرضها السموات والأرض.
3737
| 30 يناير 2014
من أفضل ما يتميز به الهدي السماوي أن منهجه منهج عبادة ولكن العبادة تحتاج إلى توضيح. فهي ليست قاصرة على مناسكالعبادات المعروفة من صلاة وصيام وزكاة وإنما هي معنى أعمق من ذلك. فإنها العبودية لله وحده. والتلقي من الله وحده في أمر الدنيا والآخرة كله ثم هي الصلة الدائمة بالله وهذه الصلة في الحقيقة هي منهج التربية. تتفرع منه جميع التفريعات وتعود في النهاية كلها إليه. فالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الشعائر التعبدية. إن هي إلا مفاتيح للعبادة أو محطات يقف عندها السائرون في الطريق يتزودون بالزاد ولكن الطريق كله عبادة وكل ما يقع فيه من نسك أو عمل أو فكر أو شعور فهو كذلك عبادة ما دامت وجهته إلى الله وما دام قد شهد حقا. أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وأقام حياته كلها وواقعه كله على هذا الأساس. والعبادة بهذا المعنى تشمل مجالات الحياة كلها. فإنها لا تقتصر على اللحظات القصيرة التي تشغلها مناسك التعبد. وهذا هو المقصود من الآية الكريمة في قول الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وإلا فما قيمة لحظات عابرة في صفحة النفس وفي صفحة الكون لا تكاد تترك لها أثرا وتضيع فيالفضاء. فلا يستفاد منها الإنسان في حياته. وإنما قيمتها أن تكون منهج حياة يشمل كل الحياة. قيمتها في أن تكون خطة سلوك وخطة عمل وخطة فكر وخطة شعور. قائمة كلها على منهج واضح يتبين فيه في كل لحظة ما ينبغي وما لا ينبغي أن يكون. الاتحاد يقوي الضعفاء، ويزيد الأقوياء قوة على قوتهم، فهو وسيلة العزة لهذه الأمة التي يجب أن تعود لعزتها وتستعيد هيبتها بين الأمم. فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين، ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى في تماسك منظم قوي ومتين، أصبحت قوة لا يستهان بها، وهذا ما أشار إليه الهدي النبوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه) متفق عليه. لذلك يجب أن يكون هدف أئمة الإسلام والقائمين على شؤون هذه الأمة الدعوة إلى الاتحاد والألفة واجتماع القلوب والتئام لصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة، وكل ما يمزق الجماعة أو يفرق الكلمة، من العداوة الظاهرة، أو البغضاء الباطنة وكل ما يؤدي إلى فساد ذات البين، مما يكون سببا في ضعف الأمة ووهن دينها ودنياها. فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي تتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه. فالاتحاد عصمة من الهلكة، فالفرد وحده يمكن أن يضيع، ويمكن أن يسقط وتفترسه شياطين الإنس والجن، ولكنه في الجماعة محمي بها كالشاة في وسط القطيع، لا يجترئ الذئب أن يهجم عليها فهي محمية بالقطيع كله، إنما يلتهمها الذئب حين تشرد عن جماعتها وتنفرد بنفسها، فيجد فيها ضالته، ويعمل فيها أنيابه ويأكلها فريسة سهلة.إننا نناشد إخواننا في أرجاء المعمورة أن يستيقظوا لما يتعرض له ديننا الحنيف من هجمات شرسة من هنا وهناك بالإساءة إلى الدين ومحاولة تمزيق صفوف المسلمين أقول لأبناء هذه الأمة هل نسيتم قضيتكم الأساسية وسرتم وراء أهوائكم الشخصية، وإن أمتنا الإسلامية تختلف عن سائر الأمم، فإن أوطاننا هي كل بلاد المسلمين. وأينما ذكر اسم الله في بلد كان هذا البلد وطنا لكل المسلمين. وأفضل من هذا كله أن تجتمع الأمة على عقيدة. وعلى مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي يجب أن نلتف حوله ونتمسك به، يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران: 103 . فكلما حدثت جفوة. أو حصل هجر عدنا إلى الدين. وتذكرنا أننا نصلي الصلوات الخمس. وأننا نتجه إلى قبلة واحدة. ونتبع رسولا واحدا ونعبد ربا واحدا. ومعنا كتاب واحد وسنة واحدة فلله الحمد. وإن منهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف. ومن هنا فلا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق. وكيف يكون في حياته شيء من هذه الخلائق الوضيعة. وصوت النبوة يسكب في سمعه أروع منهج للأخلاق عرفته البشرية منذ أن كان إنسانا على ظهر الأرض بقوله: (لا تقاطعوا. ولا تدابروا ولا تباغضوا. ولا تحاسدوا. وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله) رواه مسلم.
1447
| 24 يناير 2014
إن ديننا الحنيف هو دين العزة والرقي والتقدم، أمر أبناءه بطلب العلم وحب التعلم فكانت بداية الهدي الإلهي نزولا على رسوله صلى الله عليه وسلم هي الدعوة إلى العلم بالقراءة والمعرفة بداية من (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وصولا لمعرفة أن الخالق هو الذي علم بالقلم، لذا اعتبر الهدي النبوي صلوات الله وسلامه عليه الطريق الذي يسلكه طالب العلم للتعلم طريقا موصلا إلى الجنة، فمن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، فعلى درب هذه التوجيهات الإسلامية في رفع الإسلام لمنارات العلم وشعار المعرفة ما دام أنه في خدمة الدين والدنيا، فبعد أن قطع الطلاب الشوط الأول في ساحة العلم والمعرفة فأدوا ما عليهم من واجبات، منهم من اجتهد فكان النجاح حليفه ومنهم من قصر ويجب عليه الانتباه وتدارك ما يجب عليه من تحسين مستواه وتعديل معدلاته ومحاولة تعديل سيره، فلتكن إجازة الربيع فرصة لمحاسبة النفس والوقوف على الواجبات والحقوق، وإياك أيها الشاب النجيب أن تضيع وقتك والحذر كل الحذر من ضياع الزمن، فالوقت يمر بسرعة ولابد من العمل بجد واجتهاد، فإن أصول التربية السليمة وقواعدها الصحيحة تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل، بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، فلقد حرص الهدي النبوي على الوصية بالشباب فعلى الجميع أن يستوصوا بالشباب خيرا، لكي يكونوا خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، فيحرصون على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف، ويعملون على تطويره والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس لكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية، بحيث يكون صادقا مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله.إن لكل مجتمع عاداته وقيمه وثوابته الخاصة به التي تشكل الرؤية الثقافية التي يعتمد عليها، فإما أن تنطلق به إلى القمة وتحلق به إلى الفضاء أو تهبط به إلى القاع، ولهذا كلما كانت القيم سامية والعادات فاضلة والأمثلة سليمة تبعث في الإنسان الوعي والإدراك والفكر والإبداع والاستقامة والهمة العالية، عندئذ يستطيع كل فرد أن يؤدي دوره المنوط إليه فيصلح المجتمع ويصلح حال الناس، إن وسائل التقنية الإعلامية بمفهومها العام تعد من أهم الوسائل الأكثر تأثيرا في الفرد والمجتمع، مما يجعل لها الأهمية البالغة فيما يبثه وينشره على أسماع الجميع، ويعد الإنترنت المقروء سلعة ثمينة في متجر الوسائل الإعلامية وشكلا متطورا من أشكال الإعلام، حيث يشكل قوالب للفكر والرأي والأخبار، فقد ظهرت هذه القوالب مع النهضة الثقافية والعلمية لتصبح احد أهم خطوط الصياغة الفكرية، ولا ينكر أحد أن لوسائل الاتصال دورا كبيرا في عالم اليوم تتفاوت شدته حسب المجتمعات ومدى انتشار الإعلام فيها، ومن هنا وجب عليه أن يتقن العلم الذي اختص فيه كل الإتقان، فلا يدخر وسعا في الإحاطة بكل ما كتب عنه في شتى اللغات إن استطاع، ويبقى دوما ينور عقله بالجديد من مستحدثات ذلك العلم بالمطالعة الدائبة والاطلاع المستمر في شتى ألوانه ومعارفه، ذلك أن المسلم الواعي الحق في هذا العصر هو الذي يحقق نجاحا علميا عاليا يكسبه في أعين الناس مهابة وإجلالا وتقديرا، فيكون عنصرا فعالا في وطنه فينفع نفسه وينتفع به الناس من حوله فيرفعه ذلك إلى أعلى مراتب المجد والشرف وترتفع بارتفاع دعوته إلى الشأو الذي بلغه، ما دام يمثلها في إخلاصه وجده ودأبه وما دام ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله ويتخذ من العلم وسيلة لمرضاته،فإن وسائل التقنية الحديثة وهذه الاختراعات العجيبة التي ولع به الشباب والشيوخ، لتعد من وسائل النهضة والرقي التي غلبت على حديث الناس الذين يبحرون في مواقعها ويتجولون في جنباتها بالساعات، يقول الله تعالى:(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) إبراهيم:34 لذا يعتبر الانترنت لدي البعض ضرورة ومطلبا وحقا لكل شخص كالماء والهواء ويعتبره البعض مجرد مضيعة للوقت وإهدار للعديد من العادات المهمة، ولقد أمرنا هدي ديننا الحنيف بالاستفادة من كل جديد والتعرف على السبل الجديدة العديدة لتحقيق النفع والبعد عن الضرر، فلقد فتن الشباب اليوم بالإنترنت وولعوا به ولعا شديدا فأصبح جل حديثهم عنه وعن ارتياد مواقعه والإبحار فيه، والجلوس في صحبته الساعات الطوال دون كلل أو ملل، وهذا يدعونا للتأمل في محاسنه ومفاسده حتى نكون على بصيرة من أمرنا، فلتكن أيها الشاب خلقك القرآن ومنهجك الإسلام وشريعتك تظهر عليك علامات الإسلام وأمارات التقوى.
678
| 23 يناير 2014
إن عزة الأمة وعزة المجتمع أن تكون إرادته وقراره بيده الأمر الذي يمكنه من توظيف طاقات أبنائه وقدراتهم ومواهبهم الخلاقة الفعالة , فكل فرد مسلم من أفراد المجتمع تلقى على عاتقه مسؤولية عظمى وذلك بأن يشعر كل واحد من المسلمين مهما كان موقعه وشأنه أنه مسؤول ومساءل، فيبدأ بإصلاحنفسه وبيته ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل جلساءه وجيرانه ومجتمعه، وليعلم كل واحد منا أنه على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله , فلقد اختص الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام بالقرآن العظيم والحبل المتين, الذي أنزله الله تعالى تبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي أقوم فشمل أسس الأحكام وكليات الشريعة وقواعد الملة، فجعل من خصائص الدين شموليته في تناوله للأمور من جميع زواياها وأطرافها ومقوماتها ، فهو تصور كاملوشريعته شاملة وواضحة يتسم بيسر المنهج وصفاء السريرة ، فالمنهج الإسلامي انطلاقة للحياة على الأرض وليس مجموعة من الكلمات والتعاليم التي تضمها الأوراق أو تتناقلها الألسنة, فهو وحدة لا تنفصم ولا تتقطع أوصالها بل يشمل الاعتقاد في الضمير والتنظيم في الحياة بترابط وتداخل لا يمكن فصله أو تقطيعه لأن فصله تمزيق وإفساد للدين , فعندما كانت هوية الأمة بارزة واضحة محل عزة وافتخار كانت لها الريادة والقيادة وهابها أعداؤها ، وسارت رايات الإيمان ناشرة لدين الله في أصقاع المعمورة فسعدت البلاد بعدل المسلمين سواء من دخل فيه ومن بقي على دينه من أهل الذمة والعهد, ولما ضعفت هوية الأمة وابتعدت عن حقيقة دينها ومنهج حياتها أصبحت ذيلا لأعدائها لا يهتم بها ولا يخاف منها ولا يعتبر لها رأيا. فإن عزة الأمة يكون بالاعتزاز بهذا الدين العظيم والتشرف بحمله والعمل به وتبليغه للناس والاعتزاز بالإسلام واجب لأنه من عند الله ولأنه دين كامل شامل فهو منهج حياة وسعادة أمة ومنقذ بشرية ولهذا أمر الله عباده بالاعتزاز به وحسن الانتماء فقد خص الله تعالى أمة الإسلام بخصائص عظيمة ومنح كريمة ,حيث جعلها الخالق سبحانه مميزة من بين سائر الأمم وسببا لحفظ كرامتهم والمحافظة على هويتهم وأمانا لهم من التميع والذوبان في المجتمعات الأخرى والمؤهلة لهم أن يصبحوا قدوة للعالم وقادة الأمم ، ما تمسكوا بها عن إخلاص لله تعالى على الوجه الذي شرع وأخذوا الحيطة والحذر من لبسها بالأهواء والبدع وأدركوا نعمة الله تعالى عليهم فحمدوا العلي الخبير على ما هم فيه وأدركوا عظم مسؤوليتهم عنها ولم يغفلوا عن أعدائهم الحاسدين لهم عليها أن يفتنوهم أو يخرجوهم ,فلله تعالى المنة والفضل أن هدانا للإسلام الدين الحق الذي شرعه الله تعالى ويسره وأكمله وأتم به النعمة وختم به الأديان فجعله ناسخا لها مشتملا على أحسن ما فيها وكل ما تحتاج الأمة إليه في حياتها وكذلك جعله الله خالدا إلى آخر الدهر فلا ينسخ ولا يتبدل ولا يقبل الله تعالى دينا سواه قال الله تعالى:(هو سماكم المسلمين من قَبل)الحج: 78 وقال سبحانه وتعالى:(ِإن الدين عند اللَّه الإسلام)آل عمران: 19 , فالناس يتخبطون في ظلمات الباطل وأهل الإسلام يمشون بينهم بنور الله الذي تنكشف به ظلمات الجهالة ودياجير الباطل ويعني بالإسلام الاستسلام المطلق لله تعالى أي الذل والخضوع له سبحانه وتعالى محبة له سبحانه وخوفا منه وإجلالا له بحيث يستقيم على هدبه امتثالا للمأمور وتركا للمحظور وتسليما لأمر الله تعالى وقدره لما يصيبه دون اعتراض منه على مكروه المقدور مغتبطا بفضل الله تعالى عليه معترفا بعظيم نعمة الله تعالى أن جعله من عباده الموحدين وصانه من ذل العبودية لغيره. فالهوية الإسلامية هي التي دعت إلى الصدق والأمانة والوفاء بالعهود والوعود وجعلت الوفاء بالعهد دينا, وحضت على مكارم الأخلاق وأحسنها وجعلت الصدق من البر الذي يهدي إلى الجنة والكذب من الفجور الذي يهدي إلى النار فإن هوية أي أمة هي ذاتها ووجودها وقد تحددت هوية الأمة الإسلامية منذ بدأت أنوار القرآن الكريم وهدايته تتنزل على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عندما خصت هذه الأمة بالقراءة والعلم والمعرفة والحرص على الاستعانة بالخالق سبحانه وتعالى في التوصل لمعرفة أسرار الخلق بداية بقوله تعالى:(اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق: 1, فقد تحددت هذه الهوية بالأسوة التي كان يقدمهاالرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، مما جعل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يقف أمام النجاشي في الحبشة يصف هوية الإسلام بقوله: كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام والأوثان ونأكل الميتة ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف حتى جاءنا من نعرف صدقه وأمانته فدعانا إلى عبادة الواحد الأحد وإكرام الجار والأخلاق الفاضلة واتضحت صورة الهوية الإسلامية في أجل صورها وأنصعها يحملها الصحابة الكرام في قلوبهم وتنطلق ألسنتهم مدوية بها لتسمع العالم أجمع.
3066
| 17 يناير 2014
إن الحق سبحانه وتعالى منّ بفضله العظيم على كثير من عباده مما جعل لهم القبول في الأرض، فاهتدوا بنور الإيمان وعملوا على تنفيذ الأركان وسعوا لنيل عظيم الجنان عند الملك العلام، فإن المجتمع الإسلامي مجتمع نظيف في مظهره طاهر في مخبره والمسلم فيه يحث السير إلى الارتقاء المادي والنفسي، لذا فديننا الحنيف بهديه العظيم وآدابه السامية وخلقه الرفيع كما يدعو إلى جمال الهيئة والمحافظة على النظافة الشخصية، فإنه يدعو إلى جمال الطبيعة والمحافظة على البيئة السليمة التي تصلح لحياة الإنسان وراحته، فلقد أصبحت مشكلة تلوث البيئة خطرا يهدد الجنس البشرى بالزوال بل يهدد حياة كل الكائنات الحية والنباتات ولقد برزت هذه المشكلة نتيجة للتقدم التكنولوجي والصناعي والحضاري للإنسان ويشمل تلوث البيئة كل من البر والبحر وطبقة الهواء التي فوقها وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )الروم:41 فكثرت الهموم في الدنيا مما جعل الناس على ظهر المعمورة اليوم مشغولين بهمومها واصبح كوكبنا مشوها، فالحر ألهب ظهورنا وتغيرات المناخ تهدد جونا والمبيدات أفسدت أرضنا والقطع الجائر للأشجار نحر غاباتها وهدد حيواناتها، والناس لوثوا مياهها، ومن هنا يتضح لنا أن الحرص على حياة الإنسان وسعادته هو أسمى مقاصد الشريعة، فلماذا لا نحسن التخطيط حتى نحافظ على أنفسنا وحياتنا وصحتنا وقد منحنا الله عقلا مفكرا مدبرا، نتدبر هدي الإسلام من خلال توجيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله "إن الله جميلٌ يحب الجمال" فالعبد الحقيقي المسلم هو كما أراده الإسلام شامة بين الناس يحافظ على نظافة هيئته وجمال شكله وخروجه في منظر يليق به، لذا فهو يعتني بالنظافة في فترات متقاربة مستجيبا في ذلك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي حث على الاغتسال الكامل والتطيب، والخروج في المناسبات العامة بصورة معتدلة ومنظر جميل ورائحة طيبة.أما ما نراه من سلوك اجتماعي سيئ من الناس في بعض المناسبات الطيبة التي جعلت لهم أعيادا وأفراحا وهم يخرجون في صحبة أسرهم وأطفالهم للفرح والمرح والتنزه والتلذذ بجمال الطبيعة التي خلقها الله عز وجل للإنسان ليستمتع بها، ولكن يحول هذا الاستمتاع إلى مناظر مقززة تسيء لنا كمسلمين وتلوث الطبيعة وتسيء للأمة جمعاء، عندما نرى بعض الناس مواطنين ومقيمين بعد الانتهاء من تمتعهم وتنزههم لا يكلفوا أنفسهم بنظافة المكان الذي جلسوا فيه، بل الأدهى والأمر أن يقوموا برمي المخلفات في الشوارع العامة،عندما يكونوا متوقفين عند إحدى الإشارات الضوئية في احد شوارع عاصمتنا الحبيبة النظيفة بصورة يحق لك كمواطن ومقيم الفخر بها، وفجأة ترى صاحب المركبة التي أمامك يرمي قصاصات الورق والأكياس المحملة بالمخلفات في الشارع، وبالنظر إلى صاحب هذا السلوك الشائن تجده وكأن لسان حاله يقول وهو عابس الوجه: هناك بلدية لها عمال نظافة، دعهم يحللون رواتبهم.. فهيا لنعطيه درساً مهذباً عن النظافة ونبين له أن ديننا الحنيف يحثنا عليها ورسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام يقول: "النظافة من الإيمان" ويعلمنا من خلال هديه صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بك أيها المسلم ترمي الأذى بالطرقات؟ الم تعلم أن هذا إهدار للمال العام بطريقة غير مباشرة، فإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، وقد اعتبر هذا العمل الخفيف الجليل من أمور العبادات التي يجب على المسلم أن يهتم بها مثلها مثل الصلاة والصدقة وغيرها من العبادات.لذا فمن الضروري علينا كأمة مسلمة الرجوع إلى منهج الله تعالى في تغيير الأنفس حتى تتغير الأحوال، وتطهير القلوب حتى تطهر الأجواء.. فقد دعا الإسلام إلى المحافظة على البيئة نظيفة طاهرة من كل تلوث بدءا من النهي عن التبول في الماء أو التبرز في الطريق العام وحتى في الظل، فإذا تدبرنا آيات القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية الشريفة نجدها زاخرة بكل ما يدعو إلى النظافة والطهارة وجمال الكون والنفس، لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دقيق الملاحظة في هذه الناحية، فإذا رأى مسلما يهمل تجميل نفسه وتنسيق هيئته نهاه عن الاسترسال في هذا التبذل، وأمره أن يرتدى لباسا أفضل، فمهما تكاثرت الأشغال والمتاعب على الإنسان، فلا ينبغي أن ينسى واجب الالتفات إلى زيه ونظافته واكتماله، وقد امتد هذا التطهر والتجمل من أشخاص المسلمين إلى بيوتهم وطرقهم، فإن الإسلام نبه إلى نظافة البيوت والطرقات من الفضلات والقمامة، حتى لا تكون مباءة للحشرات ومصدرا للعلل والأمراض.
4409
| 16 يناير 2014
إن الحق سبحانه وتعالى قد اختار النبي صلى الله عليه وسلم ليختم به النبوة والأنبياء، فمن الطبيعي والمعقول أن تكون حياته منهجا جليلا لأجيال لا منتهى لأعدادها وأن تكون هذه الحياة بكل تفاصيلها أشد وضوحا وتألقا من فلق الصبح وظهر النهار، ليس بالنسبة إلى زمنه فقط، بل بالنسبة إلى كل الأزمان العصور والأجيال وذلك لعموم رسالته ودعوته، فما أرسل إلا إلى الناس كافة، كما أن الله أرسله رحمة للعالمين. فحياة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله جوانب شخصيته ونتائج دعوته درس لكل سالك إلى طريق الله وكل قائد أو مرب أو رب أسرة أو سالك أي سبيل من سبل الخير إلى أن ينقطع الزمان. فإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يعيشون في هذه الأيام في رحاب أنوار ذكرى مولد النبي صلوات الله وسلامه عليه، فتمتلئ القلوب ورا بذكر النبي وتزداد النفوس يقينا بدراسة سيرة خير البشر، مما يفرض علينا لزاما أن نستعرض ما كانت عليه طوائف البشر قبل مولده من صنوف لزيغ وظلام الجاهلية من قبل، حيث العالم يقع تحت سيطرة قوتي الفرس والروم والعرب بين هذا وذاك في ظلام الوثنية والجاهلية، وما تم بيده الكريمة ن سعادة شاملة لمن تبع دينه، فكان نورا وهاجا يهدي إلى كل خير في الدارين ويكشف صنوف الظلمات المتراكمة على أبصارهم وبصائرهم من عهد لشقاء الذي ليس بعده شقاء، وكل ذلك بسنا برق بعثته صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فإن الأمة لإسلامية عندما تقتدي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما تقتدي بأعظم البشر رجولة وإنسانية وأخلصهم قلبا وأصفاهم نية وأكثر العباد قربا لرب لبرية، وتقتدي بمن أحب الله سبحانه أن تقتدي به، يقول الله تبارك وتعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم . ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل مران: 159 فإن محبة النبي وتوقيره وإجلاله واجبة على كل من يستظل بظل هذا الدين، فمن يحب الله لابد عليه من الاتباع لمنهجه صلى الله عليه وسلم، عندئذ تتحقق محبة الله للعبد، فاتبعوني يحببكم الله، ومحبته شعبة عظيمة من شعب الإيمان وهذه الشعبة غير شعبة المحبة، بل إن منزلتها ورتبتها فوق منزلة رتبة المحبة، ذلك لأنه ليس كل محب معظما، ألا ترى أن الوالد يحب ولده ولكن حبه إياه يدعوه إلى تكريمه ولا يدعوه إلى تعظيمه، والولد يحب والده فيجمع له بين التكريم والتعظيم، فتعلم من ذلك أن التعظيم رتبة فوق رتبة المحبة. وأخبر سبحانه أن الفلاح إنما يكون لمن جمع بين الإيمان به ومحبة سول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره من أجل أعمال القلوب وأفضل شعب الإيمان. شهر ربيع الأول هو رمز ذلك اليوم المسعود والذي تزينت الدنيا به أشرقت أنوار السماء وحل على أرجاء المعمورة الخير من كل حدب وصوب، فتبدد الظلام وحل الوئام وارتفعت راية الرحمن تلبي فطرة الخالق بأنه لا له إلا الله. إنه مولد فخر الوجود صلوات الله وسلامه عليه، فنرى المسلمين طوال هذا الشهر المبارك مثابرين على الاحتفاء بذكرى ولادته ومطلع نور دايته صلى الله عليه وسلم، عرفانا منهم لما فاض عليهم من نور هدي طلعته الميمونة بعد ظلمة متراكمة وزيغ متواصل وضلال ليس فوقه ضلال، حتى بدلت الأرض غير الأرض. فنفسي تتوق لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الطهر والكرم. لقد أفاضت هذه الدعوة المباركة والنهضة الميمونة على العالمين ما لم يعهد له مثيل من الخيرات في أيسر مدة، فمن تأمل ذلك يزداد يقينا ويجد في ثنايا تشريع هذا النبي العظيم معجزات تتجدد مدى الدهر، رغم نحراف المنحرفين عن هديه صلى الله عليه وسلم ورغم مسعى الفاتنين في التشويش على سيرة خير البشر وسنته يريدون أن يطفئا نور الله والله متم نوره، حاولين الإساءة إليه في الداخل والخارج، ولكن المطلع على سيرته صلى الله عليه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة قتدي بها وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل وحياة أفضل تسودها المحبة والمودة. ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية وإلا فهي تضل طريقها المستقيم وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذا أن نتخذ من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا سلوكنا في حياتنا، فإن من أهم ما يجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقادا وقولا وعملا ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين. وهذه المحبة تشمل ذلك التمسك والاتباع بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فنشرب من يديه شربة لا نظمأ بعدها أبدا.
1168
| 10 يناير 2014
إن الأيام بين الناس دول والزمان لهم عبرة فشهر تلو الآخر والعبد بين رحى الزمن، فالعاقل من يتذكر ويعتبر بأيام الله ويعيش الذكريات ويتعلم منها لعله يظفر بنفحة ربانية نورانية تشرح القلب وترتاح لها النفس فمع شهر ربيع الأول الذي يحمل معه ذكرى خير مولود عرفته البشرية، حيث كان مولده نورا وبعثته رحمة ورسالته كانت خلاصا للبشرية من الظلم والاستبداد، فشخصية النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم هي أعظم الشخصيات باعتباره القدوة الحسنة المرتضاة من الله تعالى لكافة البشر، فلقد شكلت شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم الرجل الذي اكتملت فيه كل الأخلاق الحميدة وانتفت عنه كل الأخلاق الذميمة، لذلك خاطبنا الله تعالى بقوله: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) الأحزاب:21، فالمسلم يعتبر بأيام الله ويعيش الذكريات العطرة ينهل منها ويتعلم بها فيفوز بخيري الدنيا والاخرة وهذه الأيام المباركة ينبغي للمسلم أن يعي ما فيها من روحانيات فيعيش معها بقلبه، فأيام شهر ربيع الأول تذكرنا جميعا بمولد خير العباد محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان إشراق شمس الهداية الربانية بمولد مبعوث العناية الإلهية إيذانا ببدء ثورة شاملة حررت الإنسانية قاطبة وشمل التغيير الأزمنة والأمكنة، ورفعت عن البشرية إصر العبوديات الباطلة والأغلال الكثيرة التي كانت تعوق انطلاقها جميعا، فأخذ الإنسان حريته بيده وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة فنمت عناصر الخير في كل شيء، فعندما كان احتجاجا قبليا على كل عناصر الخير وقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان يحتضن وينبت الأروع والأنصع ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل إنه مولد الهدى فتشرق الكائنات ضياء ويفرح الزمان تبسم وثناء.فمن أجل ذلك كانت سيرته من أجمل السير وصفاته من أنبل الصفات، وأخلاقه من أعظم الأخلاق وحياته من أروع الحياة وأوفاها وأشملها لما تحمله من معاني العطاء الدائم الذي لا ينقطع في الدنيا ولا في الأخرة، ففي الدنيا تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها وعلمنا كل شاردة وواردة في الدنيا والدين لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وفي الأخرة هو الذي يسقينا من حوضه وينادي ربه أمتي أمتي صلى عليك الله يا علم الهدى، فالمطلع على سيرته صلى الله عليه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة تقتدي بها، وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل وحياة فضلى تسودها المحبة والمودة، ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية، وإلا فهي تضل طريقها المستقيم وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذا أن نتخذ من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً لسلوكنا في حياتنا، ولا ريب في أن الأمة الإسلامية حينما تقتدى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما تقتدى بأعظم البشر رجولة وإنسانية، وتقتدي بمن أحب الله سبحانه أن تقتدي به يقول الله تبارك وتعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك) آل عمران:159،فإن التاريخ الإنساني على وجه الأرض لم يعرف عظيما من العظماء ولا زعيما من الزعماء ولا مصلحا من المصلحين استوعب في صفاته الذاتية والعقلية والنفسية والخلقية والدينية والروحية والاجتماعية والإدارية والعسكرية والتربوية ما استوعبته شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم، وما اختصه الله به من الكمالات التي تشرق في كل جانب من جوانبها وتضيء في كل لمحة من لمحاتها، حتى استحق أن يصفه الله عز وجل بالنور في قوله تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) المائدة 15، فنور الإسلام وهدايته نور للبصر والبصيرة ونور في الدنيا يهتدي به المسلم في شتى جوانب الحياة ونور في الآخرة يكون سببا للنجاة من الشدائد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونور محمد صلى الله عليه وسلم مستمد من نور الإسلام فمن سار على نهجه نجح وفلح ومن خالف هديه خسر الدنيا والآخرة ولا يجد له من دون الله وليا ونصيرا، فبهذا النور نتخلص من الأوهام والخرافات ونسلك طريق الحق والصدق، وبه نسير في الطريق المستقيم وهو الطريق الموصل إلى الله تعالى وإلى المقصد والغاية من الدين والحياة في أقرب وقت، فطريق الله تعالى ونوره يجد فيه المرء بغيته من السعادة والرضا الإلهي، وكل هذا الفضل والخير جاء على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشكاة السعادة والهدى والذي كان مبعثه نور هداية ونور حق ينير للناس دروبهم ويحقق لهم سعادتهم ويجدون فيه بغيتهم فيتزودون منه خير الزاد، يقول الله تبارك وتعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم.
816
| 09 يناير 2014
إن العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يخفض بيت العز والشرف، فهو سبيل تقدم الأمم ورقيها وهو من مفاتيح الحضارة،فبالعلم ترتقي الشعوب وترتفع النفوس، والجهل يخفض أعظم البيوت وأعزها، لذا جاء النهج القرآني في بدايته يدعو إلى العلم والقراءة فكان أول ما نزل من القرآن الكريم قول الله تعالى:( اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق:1،فإن طلابنا في هذه الأيام يستقبلون امتحان الفصل الأول والوقوف على مستوى تحصيلهم في العام الدراسي يمتحنون على ما حصلوه ويختبرون فيما تلقوه من علم وتوجه إليهم الأسئلة ويجلسون في قاعات الاختبار يحصدون ثمرة جهدهم في الفصل الأول من العام الدراسي، فلهذا الاختبار هيبة في نفوس الطلاب بل وهيبة في نفوس الآباء والأمهات، فالامتحانات موسم يتكرر ولقاء يتجدد وهي مصدر قلق وتوتر ورهبة لبعض الطلاب المقصرين في الاستعداد لها مبكرا، وفرصة سانحة للمراجعة وتثبيت المعلومات عند الجادين من الطلاب وهي أيضا لحظات استنفار وأيام اجتهاد لكل المعنيين بها الطالب والأسرة والقائمين عليه فعليها تتوقف ثمرة المجهود وحصاد العام، يبدي الطالب فيها حصيلته ويظهر حقيقة ما اكتسبه ويظهر فيها قدراته ويحصد ثمرة جهده بنجاح ولكل مجتهد نصيب.إن المجتمع الإسلامي بحاجة ماسة لكوادر فتية تتسلح بسلاح العلم والمعرفة، فهيا أيها الشباب وأيتها الفتيات شمروا عن سواعدكم وتسلحوا بقوة العلم،لأنها القوة التي تخضع أمامها الرقاب وتجعل الناس ينظرون إليك بكل تقدير واحترام، فالعلم مفتاح كل خير بالجد والاجتهاد واعلم أن طريق العلم ليس مفروشا بالورود وإنما يحتاج لعزيمة قوية وإرادة راسخة، فمن جد وجد ومن زرع حصد، فبالعلم وصل الإنسان إلى القمر وكشف أسرار الكون بغزوه للفضاء، فليكن منهجنا معتمدا على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع، فالدرجات التي يرتفع بها العبد عند الله ليست كدرجات الدنيا وترقياتها، إنما يرفع الله المؤمنين بما عملوا من أمور في دينهم وما استقاموا على أصوله والتزموا شرائعه، ولا يمكن للمرء أن يلتزم إلا بشيء قد جاء العلم به،لذا حث الإسلام الناس على العلم والتعلم وجعل الذين يعلمون أعلى درجة من الذين لا يعلمون فكان الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم فقال: من سلك طرقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وأمرنا أيضا بالجد في طلب العلم والحرص على التعلم فقال: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد،فالإسلام رفع مكانة المتعلم فقال الله تعالى:( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)الزمر:9.فمع إشراقة هذه الأيام القليلة المقبلة التي ترتفع معها دقات قلب الآباء على أبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الامتحانات، فأداء الامتحان يشكل ركيزة مهمة في مستقبل الطالب الأكاديمي، والإدراك الجيد لما يجب أن يفعله الطالب في غرفة الامتحان،مما لا يوفر له الاطمئنان القلبي فحسب، بل يجعله يجني أفضل الثمار لمجهود أيامه الماضية، فكل منا يعرف أن قلق الامتحان حاله نفسيه انفعالية تؤثر على اتزان الطالب وقدرته على استدعاء المادة الدراسية أثناء الامتحان، مما يصاحبها أعراض نفسية وجسدية كالتوتر،والانفعال والتحفز وينتج ذلك عن الخوف من الرسوب أو الفشل والرغبة في المنافسة والتوقعات العالية المثالية التي يضعها الوالدان له ويعتبر هذا القلق أثناء الامتحان وقبله أمرا مألوفا بل ضروريا لتحفيزه على الدراسة مادام يتراوح القلق ضمن مستواه الطبيعي ولا يؤثر بشكل سلبي على أدائه للمهام العقلية المطلوب فكيف يستعد الطالب لأداء الامتحانات بنجاح؟ لكي يحقق ما يصبو إليه من تفوق ويهنأ بما أحرزه من نجاح ويسعد الوالدان بهذه اللحظات التي تنسيهم تعب الليالي والأيام.لذا يجب على كل طالب نجيب وكل والدين يهتمان بشؤون أبنائهم وكل معلم مشغول على طلابه أن يعوا ما يجب على الطالب من استعداد وذلك يكون بالاستعانة بالله والتوكل عليه والدعاء بأن يوفقهم الله،والتفاؤل بالنجاح والحذر من التفكير السلبي، والسقوط فريسةً للمخاوف من الفشل، فذلك يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالنفس،والعمل الجاد من أجل تنظيم الوقت بطريقة مناسبة،يراعى فيها تقسيم الوقت بين الدراسة الجادة واستقطاع بعض الوقت للراحة بين كل فترة وأخرى،والبدء بالمواد الدراسية حسب أهميتها،ووضع جدول للمذاكرة يعتبر خطوة ضرورية وهامة جدا،واختيار المكان المناسب للمذاكرة من حيث التهوية والإضاءة، وإعطاء فرصة للذهن لاسترجاع المعلومات، لذلك كان دور الأسرة والمعلم مهما في تقليل حدة القلق وتوفير الجو الدراسي المريح والآمن الذي يزرع الثقة بالنفس ويساعد الطالب على اجتياز مرحلة الامتحانات بتفوق ونجاح، فكم هو جميل بالآباء والأمهات في إقبالهم على أبنائهم في هذه الأيام نصحا وتوجيها ومراجعة واستذكارا ومتابعة للمذاكرة فهم الحريصون على نجاح الأبناء الراغبون في فوزهم، الخائفون من إخفاقهم، الراجون من المولى سعادتهم بنجاحهم.
869
| 02 يناير 2014
مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
9984
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...
2433
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم...
1356
| 14 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...
1290
| 18 نوفمبر 2025
في بيئتنا الإدارية العربية، ما زال الخطأ يُعامَل...
1215
| 12 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1137
| 12 نوفمبر 2025
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...
1080
| 18 نوفمبر 2025
يعكس الاحتفال باليوم القطري لحقوق الإنسان والذي يصادف...
909
| 12 نوفمبر 2025
في صباح يعبق بندى الإيمان، تُطلُّ قطر بنداء...
870
| 13 نوفمبر 2025
الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...
870
| 16 نوفمبر 2025
نعم ترجّل الفارس عن فرسه الذي كان يصول...
792
| 13 نوفمبر 2025
نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...
780
| 18 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية