رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع اقتراب موعد الانتخابات الجزائرية التي ستجرى في 17 أبريل المقبل، وعدم حسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مسألة ترشحه لولاية رابعة، فجر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر عمار سعيداني قنبلة كبيرة في المشهد السياسي الجزائري، بقوله في حوار مع الموقع الإلكتروني الإخباري "كل شيء عن الجزائر": إن المخابرات الجزائرية تسعى لتلطيخ سمعة المحيطين بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة لمنعه من الترشح لولاية رابعة، داعيا رئيس جهاز المخابرات محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق مدين (74 عاماً) إلى الرحيل. وقال سعيداني: إن "الجنرال توفيق فشل في ضمان أمن بوضياف سابقا، كما أنه يقف وراء عدد من العمليات الانقلابية، من قبيل دفع اليامين زروال إلى الاستقالة وتوظيف ملف فضيحة الخليفة". كما اتهم سعيداني "عقداء المخابرات وبأمر من الجنرال توفيق بالوقوف وراء زعزعة استقرار حزب جبهة التحرير"، وهو حزب الرئيس بوتفليقة الذي يشهد صراعات منذ سنتين على الأقل. واحتدم الصراع منذ أغسطس 2013 عندما أصبح سعيداني أمينا عاما. وبرأ سعيداني وزير النفط السابق شكيب خليل من تهم الفساد التي وجهها له القضاء الجزائري، واعتبر ذلك "من تدبير المخابرات.. لمنع الرئيس من الترشح لولاية رابعة".ويرى المحللون الجزائريون، أن تصريحات سعيداني النارية ضد الرجل القوي في المخابرات العسكرية الجزائرية، تستهدف نقل معركة كسر العظام من داخل الغرفة السوداء إلى العلن، فضلاً عن تسويق الصراع خارجياً على أنه معركة حكم مدني ضد حكم عسكري. ويعتقد الباحث الجزائري حسني عبيدي أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "هو المسؤول عن تعثر الوطن وليس المؤسسة الأمنية". ويرى في هجوم عمار سعيداني الحاد على الجنرال توفيق مدين، "يعكس مدى التشنج وانعدام الأفق السياسي في الجزائر"، ويقول إن "الدولة المدنية" التي يدافع لأجلها أمين عام الأفالان "تأتي عبر احترام الدستور وبإصلاحات حقيقية وليس بالإفراط في الغزل لفائدة شخص". ويتساءل إن كان بوتفليقة يبحث عن إزاحة "توفيق" ليضمن عدم الملاحقة بعد رحيله عن الحكم.إن زوال الحظوة والنفوذ الحالي للرئيس الجزائري هو على مستوى الأمل الذي كان نجح في إظهاره في بداية ولايته الرئاسية الأولى، سواء في داخل الجزائر أم في الخارج.فالرئيس بوتفليقة الذي وصل إلى رئاسة الدولة بوساطة العسكر – الانتخابات الشعبية كانت شكلية – بدأ منذ الأسابيع الأولى لتوليه رئاسة الجزائر في فتح بعض الملفات المقفلة التي طال انتظار فتحها، فبادر إلى تحريك ملف الهدنة بين الجيش الجزائري وتنظيم "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، وفتح ملف الفساد، وأطال الحديث في ضرورة مقاومة هذه الظاهرة الخطيرة التي وصفها بأنها صنو الإرهاب، وهاجم شبكات المافيا المالية والسياسية التي تمارسها "النومونكلاتوراة " المحلية من جنرالات الجيش والمخابرات في موانئ البلاد، والتي اعتبرها سبب خراب الجزائر، وخواء خزائنها، وجاب أنحاء الجزائر مشرقا ومغربا، مشنعا على الفساد والمفسدين، ومن يرعاهم من السياسيين وجنرالات العسكر النافذين.من هنا نشهد من حين لآخر بروز صراعات على السطح بين مجموعة الجنرالات والرئيس بوتفليقة، وهي صراعات قوية للغاية، تحدث اهتزازات مكشوفة ومعلنة داخل النظام. وقد رأينا في الفترة الماضية حين دخل جناح الجنرالات في صراع قوي مع بوتفليقة ومن يدعمه من العسكر، كيف أن جناح المخابرات والجيش يتهم عن طريق جرائده، وعن طريق أحزابه، لأن لهم أحزاباً ولهم جرائد ولهم ممثلون مدنيون، يتهم بوتفليقة بأنه أخفق إخفاقا ذريعاً وأن عليه أن يرحل، وهناك أدلة على وجود الصراع بين مجموعة الجنرالات وبوتفليقة، منها الجرائد الاستئصالية التي يقف وراء كل واحد منها جنرال، وهي لا تستطيع أن تذهب في تهجماتها على بوتفليقة، والتي بلغت مبالغ عظيمة في القدح والنقد والتهجم، إلا إذا كانت قد أعطي لها الضوء الأخضر من قيادات المخابرات والجيش.
1304
| 11 فبراير 2014
شكلت عملية اغتيال المعارض اليساري الشهيد شكري بلعيد الذي تحيي تونس ذكراه الأولى الخميس 6 فبراير الجاري، اغتيالاً للثورة التونسية، ولطموحات وآمال الشعب التونسي في تحقيق أهداف ثورته الديمقراطية، وجريمة دولة بامتياز، وهي سابقة خطيرة في تونس، إذ لأول مرة تشهد البلاد التونسية حالة من هذا الاغتيال السياسي لشخصية وطنية معارضة تنتمي إلى اليسار التونسي الراديكالي.. كما شكلت عملية الاغتيال تلك، بداية سنة من الاضطرابات السياسية والأمنية في هذا البلد الخارج للتو من أزمة سياسية حادة مع إقرار دستوره الجديد في 26 يناير 2014. وبعد سنة تقريباً من هذه الجريمة السياسية النكراء، عادت تونس لتشهد مواجهات دامية بين قوات الحرس الوطني، وفرقة مكافحة، ومن جهة وعناصر إرهابية مسلحة متخندقة في منطقة رواد في محافظة أريانة شمالي تونس العاصمة، من جهة أخرى، قبل يومين كذلك من الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السياسي المعارض البارز شكري بلعيد، وأسفرت هذه المواجهات التي دامت 20 ساعة عن مقتل سبعة "عناصر إرهابية"، من بينهم كمال القضقاضي، وهو المتهم الأول في اغتيال بلعيد ومن بعده النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو2013، ومقتل العريف عاطف الجبري (29 عاماً)، وهو من عناصر الوحدة المختصّة في مواجهة الإرهاب التابعة للحرس الوطني التونسي. وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الداخلية التونسية السيد لطفي بن جدو- مساء الثلاثاء 5 فبراير الجاري، أعلن هذا الأخير، أن المتهم بقتل المعارض التونسي شكري بلعيد قتل خلال عملية لمكافحة الإرهاب، وذلك بعد نحو عام على جريمة الاغتيال.. وأكد وزير الداخلية أن "القضقاضي هو من اغتال الشهيد شكري بلعيد"، موضحا أنه تم التأكد من هويته "في شكل علمي" علما أنه تم التعرف إلى هوية خمسة من سبعة مشتبه بهم قتلوا.. وقال السيد لطفي بن جدو، خلال كلمته، إنّ "محاربة الإرهاب خيار وطني يجب على جميع التونسيين الانخراط فيه"، معتبراً أنّ "خبر مقتل كمال القضقاضي هو بمثابة أفضل ما يمكن تقديمه إلى التونسيين لمناسبة مرور عام على اغتيال الشهيد شكري بلعيد.. وقال أيضا "أردنا أن نتجنب مقتل (المسلحين) وطلبنا منهم الاستسلام، لكن كلا منهم كان يحمل أسلحة رشاشة وقنابل يدوية وأحزمة ناسفة". في حصيلة سنوية، أدّت العمليات لإرهابية المختلفة التي نفذتها العناصر المرتبطة بتنظيم «أنصار الشريعة» خلال عام 2013 بحسب الأرقام الرسمية التونسية إلى اغتيال الشهيدين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إضافة إلى استشهاد 24 عنصراً أمنياً وعسكرياً، وكذلك إصابة عدد آخر هام من أعوان الأمن والعسكريين بسبب انفجارات الألغام وهي إصابات طالت أرجل الأمنيين وطالت المدرعات العسكرية.. في المقابل، تم إلقاء القبض بحسب المصادر عينها- على حوالي 885 إرهابيّا وتصفية 20 عنصراً منهم.. وفي سياق منفصل، تطرق الوزير التونسي إلى الحصيلة الأمنية لوزارة الداخلية خلال العام الماضي، موضحا أنه تم إحباط محاولة سفر أكثر من ثمانية آلاف شخص نحو سوريا، كما تم القبض على 190 شخصا من قبل وحدات الأمن الداخلي و293 من قبل الحرس الوطني من الضالعين في شبكات الإرسال إلى سوريا.وفي دراسة بعنوان: "المقاتلون الأجانب في سوريا وجنسياتهم"، أوردت الدراسة أن تونس احتلت المرتبة السادسة، بـ4 آلاف مقاتل تمت تصفية 2645 منهم وسجل 1315 كمفقودين. والملاحظ في هذه الإحصائية أن تونس تصدرت أعداد القتلى النساء 18 امرأة تونسية لقيت مصرعها في سوريا.. والحال هذه، تتفوق تونس في هذا الترتيب على دول عديدة معروفة بتصديرها للإرهاب وللإرهابيين مثل اليمن وباكستان وأفغانستان والصومال. وجاءت الثورة التونسية ذات الطابع السلمي التي أسقطت نظاماً أمنياً ديكتاتورياً لتؤكد هذه المقولة، وهي رفض المجتمع التونسي للعنف بكل أشكاله وصوره، غير أنه منذ أن استلمت حركة النهضة الإسلامية السلطة في تونس عقب الانتخابات التي جرت في 23 أكتوبر 2011، بدأت مظاهر العنف السياسي تنتشر في تونس، لاسيَّما من جانب السلفيين الجهاديين، إضافة إلى العنف الذي تمارسه الجماعات السلفية الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.. هناك العنف السياسي الذي تمارسه ميليشيات حركة النهضة الإسلامية، الملقبة بـــ «رابطات حماية الثورة»، والتي تدعي أنها تدافع عن أهداف الثورة، لكن ممارساتها القائمة على محاولات الاستفزاز المتكررة، والتحريض على الكراهية، واللجوء إلى استخدام العنف السياسي المُمَنْهَج والمُنَّظَم وفق مخطط سياسي مدعوم من حركة النهضة، تستهدف إرهاب وتخويف أحزاب المعارضة الليبرالية واليسارية، والنقابات التونسية الوازنة في البلاد، وقوى المجتمع المدني الحية، والدفع بالمسار الانتقالي إلى مربع العنف السياسي، في ظل الحصانة من المحاسبة والمساءلة القانونية. من وجهة نظر المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية، شكل اغتيال بلعيد منعطفا في تونس، لأن هذه الجريمة هي أيضاً بالنسبة للمعارضة دليل على تحالف حركة النهضة مع التيارات الجهادية التكفيرية، التي صعدت تحركاتها منذ ثورة 2011..ورغم محاولة رئيس الوزراء في حينها، الإسلامي حمادي الجبالي، تشكيل حكومة تكنوقراط قبل أن يستقيل أمام معارضة حزبه، وتولى وزير الداخلية علي العريض منصب رئيس الوزراء، ما أثار استياء الشعب والمعارضة، فإن تغول الإرهاب في تونس، كشف للتونسيين أن الثورة التونسية التي فجرت ربيع الثورات العربية، تم إجهاضها من قبل حركة "النهضة"، التي ظهرت على حقيقتها، من أنها لا تمتلك لا مشروعا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو حضاريا لديها باستثناء الاستحواذ على السلطة، بل إنها استغلت وجودها في السلطة منذ أكثر من سنتين لزرع التابعين لها في أجهزة الدولة، ولاسيَّما في وزارة الداخلية، واستخدام تنظيم "أنصار الشريعة" من أجل تصفية رموز المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية. لم تنتهج حركة النهضة الإسلامية السياسة الحكيمة التي كان يتوجب أن تنتهجها في الداخل التونسي، ألا وهي العمل على بناء الدولة الديمقراطية التعددية، وإقرار دستور ديمقراطي توافقي للجمهورية الثانية في تونس يؤكد على مدنية الدولة، والعمل على الانخراط في إستراتيجية وطنية وإقليمية لمحاربة الإرهاب، باعتباره المخرج الوطني والديمقراطي للأزمة السياسية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد، بل وظفت وصولها للحكم من أجل السيطرة على مفاصل الدولة، وكسب الشرعية الدولية من خلال التودد للولايات المتحدة الأمريكية (زيارة الشيخ راشد الغنوشي لواشنطن في ديسمبر 2011، والتقائه مع زعماء صهاينة من منظمة الإيباك)، حتى أن النهضة تحولت إلى أداة للأمريكان سواء بإدراك منها أم لا، لهذا الدور الذي تقوم به حتى لو كلفها ذلك تقديم تنازلات تنال من أمن تونس التي يحكمونها. لكن بعد سنة، تنحى العريض لصالح حكومة غير سياسية يقودها وزير الصناعة السابق مهدي جمعة نتيجة لاغتيال النائب في المعارضة محمد براهمي في 25 يوليو2013.وبين يوليو 2013، ويناير 2014، دخلت تونس في أزمة سياسية كبيرة وحادة، شلت الحياة السياسية والدستورية في البلاد جراء اختبار القوة بين النهضة ومعارضيها ما دفع الجهات المانحة الدولية إلى تجميد منح قروض لتونس، وأثار استياء اجتماعيا متناميا في حين تواصلت أعمال الإرهابيين. وكان لصمود المجتمع المدني التونسي المدافع بقوة عن إنجازات الدولة المدنية التي أرساها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، والمقاوم لسياسة الاغتيالات والظلم والجهل والظلام والظلامية، وتوحد أحزاب المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية على التصدي لمشروع الهيمنة والاستئثار بالسلطة من جانب الإسلاميين، والضغوطات الأمريكية التي مارستها الإدارة الأمريكية ضد النهضة بسبب الهجوم على سفارتها في تونس، ومقتل السفير الأمريكي في بنغازي، وارتدادات الزلزال المصري على الحدث التونسي، كل هذه العوامل مجتمعة هي التي دفعت حركة النهضة الإسلامية إلى القبول بالتسوية السياسية مع المعارضة، لجهة تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة بزعامة السيد مهدي جمعة، وإقرار دستور ديمقراطي توافقي يقر بمدنية الدولة، والمساواة بين المواطنين جميعا، ويكرّس المكاسب الكبيرة التي حققتها المرأة على كلّ صعيد ودورها الطليعي في المجتمع، فاستخلصت النهضة الدروس من هذه الأحداث وتخلت عن ميولها للهيمنة لتنجح في النهاية في الخروج من الأزمة.
1032
| 07 فبراير 2014
أما الانتظار الثاني والمهم الذي ينتظره الشعب التونسي من حكومة السيد مهدي جمعة، فيتمثل في إلغاء مئات التعيينات والتسميات الإدارية التي قامت بها حركة النهضة، خلال الفترة الأخيرة، عشرة آلاف من التعيين حسب قانون العفو التشريعي العام، و2237 في المصالح العمومية، إذ لجأت النهضة إلى الأساليب نفسها التي كانت تمارس في العهد السابق، ولاسيما على صعيد التعيينات الوظيفية في مؤسسات الدولة، من أجل السيطرة على وزارة الداخلية، والإدارة التونسية. فالمتصفح في الرّائد الرّسمي للبلاد التونسيّة يلحظ الكمّ الهائل من قرارات التسميات الإداريّة، والمتأمّل فيها يكتشف خضوعها إلى منطق المحسوبيّة والمحاباة والمحاصصة الحزبيّة، وإلى العلاقات العائليّة والجهويّة، مّا يجعل من جهاز الدّولة أشبه بالغنيمة التّي يتنافس المنتصرون على اقتسامها. وقد أثرت هذه التعيينات القائمة على المحاباة والولاءات السياسية على المردودية والنجاعة للإدارة التونسية.في تقرير صدر مؤخرا بتونس، كشف السيد سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافية المالية ما واجهته الإدارة التونسية بعد الثورة من الخالات، وقال إن التعيينات في الوظيفة العمومية قد أصبحت بالولاءات وهو ما يعني غياب مبدأ الشفافية وحرمان المعطلين من تكافؤ الفرص وعدم اتساع معايير الكفاءة وهو ما يعني حصول أكبر مظلمة. وأشار إلى وجود حوالي 7 آلاف تعيين في الوظيفة العمومية مبنية على ولاءات سياسية وآخرها ما يروج حول تعيين حوالي 533 قاضيا دون مناظرة. فقد تجاوزت التعيينات والانتدابات المباشرة في العفو التشريعي العام الـ10 آلاف تعيين ، حيث يوجد 20 في المئة منهم من أصحاب الشركات والأعمال الأخرى.. وهو ما يثير التساؤل حول أسباب عدم تقديم تعويضات لهم وإعطاء آخرين هذه الوظائف. ونالت حركة النهضة، الطرف المهيمن على الترويكا الحاكمة سابقا نصيب الأسد (حوالي 90 في المئة).وكان السيد سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافية المالية طالب قبل حصول هذه التعيينات بتكوين لجنة تتكون من أعضاء من الحكومة وقضاة وممثلين من المجتمع المدني بقصد الاتفاق على التعيينات. وقال بأن هذا الاقتراح وصل حكومة السبسي قبل انتخابات 23 أكتوبر 2011، ثم لما تولت حكومة الترويكا في عهد حكم الإسلاميين، قامت بإلغاء هذا التمشي وقامت بالتعيينات الخاصة بها، وتصرفت لوحدها ودون أي شفافية. فهناك قرابة 11 ألف ملف للعفو التشريعي العام تم تعيينهم دون مراعاة مبدأ الحياد والشفافية.من الناحية التاريخية، كانت الوظيفة العمومية تضم 581 ألف موظف نهاية 2010 وهي اليوم تضم حوالي 700 ألف موظف مع نقص في الإنتاج والمردودية قدّره الاتحاد العام للمرفق العام وحياد الإدارة بـ50 في المئة.وكانت نسبة الموظفين في تونس حوالي 5.2 في المئة من الشعب التونسي، وإذا ما احتسبنا وجود 11 مليون تونسي اليوم، فإن نسبة الموظفين ستكون اليوم 6.3 في المئة، في حين أن هذه النسبة 3.5 في المئة في ألمانيا و2.7 في المئة في السويد.أما في المجال الاقتصادي، ينتظر الشعب التونسي من الحكومة الجديدة، أن تتخذ إجراءات عاجلة لوضع حدٍّ لتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين ومراجعة ميزانية 2014 في اتجاه حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملحة، ووضع برنامج وطني اقتصادي واجتماعي للنهوض بالمشروعات التنموية في الولايات المهمشة والفقيرة، وحل مشكلة البطالة.وكانت الأحزاب التي كانت معارضة لحكومة الترويكا قد هدّدت بمواصلة لعب الدور نفسه تجاه حكومة مهدي جمعة، لكنها وضعت شروطاً لذلك وهي حياد هذه الحكومة عن استقلاليتها، أو عدم تحقيق الأهداف المتضمنة في بنود خارطة الطريق (مراجعة التعيينات - حلّ رابطات حماية الثورة - تحييد الإدارة والمساجد..) أو إذا ما لاحظت هذه الأحزاب المعارضة فيها امتداداً ما لحكومة الترويكا (على غرار الإبقاء على وزراء من الحكومة السابقة أو من خلال تعيين أسماء محسوبة أو مقربة من أحزاب الترويكا الثلاثة أو من غيرها من الأحزاب الأخرى)، أو من خلال عدم توفير مناخ من الشفافية والنزاهة للانتخابات القادمة عبر تغليب مصلحة حزب على آخر.
471
| 04 فبراير 2014
بعد أن أدّى أعضاء الحكومة الجديدة بزعامة السيد مهدي جمعة اليمين الدستورية أمام الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الذي يعتبر أحد أعمدة ما يُسمى بـ"الترويكا" أو الائتلاف الحاكم بقيادة "حركة النهضة"، خاطب الرئيس التونسي أعضاء الحكومة قائلاً إنهم "سيجدون عواصف تنتظرهم"، و"كمّاً هائلاً من المشاكل (الاقتصادية والاجتماعية) المتراكمة منذ 50 عاماً"، ومطالب مختلفة يريد أصحابها من الدولة أن تحققها لهم الآن. وكان المجلس الوطني التأسيسي، الذي صادق على الدستور الجديد يوم الأحد قبل الماضي، قد منح ثقته للحكومة الجديدة، حيث صوّت 149 نائباً، من أصل 193 شاركوا في عملية الاقتراع، بـ"نعم"، فيما صوّت 20 ضدها، وامتنع 24 عن التصويت. وما إن استلم رئيس الحكومة مهامه رسمياً، حتى عبّر مهدي جمعة عن استعداده لمواجهة التحديات التي تمر بها البلاد، لاسيما الأمنية والاجتماعية، مؤكداً أن أول إجراءات ستتخذها حكومته ستكون إعداد قانون موازنة تكميلي ومراجعة منظومة الدعم (دعم المواد الأساسية والمحروقات)، إضافة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لمصلحة الطبقات الفقيرة. ويكمن التحدّي الأول الذي يواجه حكومة مهدي جمعة في الإرهاب التكفيري، الذي يمارسه تنظيم "أنصار الشريعة" ضد المجتمع التونسي.فهذا التنظيم الذي كان متحالفاً مع صقور حركة النهضة الإسلامية، عمل على توظيف الدين لتوسيع قاعدته الاجتماعية التنظيمية، لاسيما في المناطق الشعبية الفقيرة المحاذية للمدن الكبرى، وأصدر العديد من "الفتاوى" التكفيرية ضد رموز من المعارضة اليسارية والعلمانية والليبرالية، مستفيداً من مدارس تعليم ما عرف بـ"الزمقتال" (فنّ حربي إسلامي ابتدعه أحد أتباع حزب النهضة)، ومن الأموال الضخمة التي تسربت إلى تونس من مصادر مختلفة لنشر مذاهب ومعتقدات غريبة عن الإسلام التونسي المعتدل والمتسامح الذي يتبنى المذهب المالكي، السائد منذ أربعة عشر قرناً في البلاد. وكان أبرز ضحايا هذا الإرهاب التكفيري، الشهيدان شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذان اغتيلا بسبب "فتاوى" تكفيرية ومن جانب أحد خريجي مدارس "الزمقتال"، حسب التقرير الرسمي لوزارة الداخلية، إضافة إلى أفراد الجيش والشرطة والحرس الوطني، حيث صنفهم تنظيم "أنصار الشريعة"، بالطاغوت، وسقط أكثر من عشرين منهم شهداء في عمليات إرهابية. إضافة إلى الهجوم الذي شنه هذا التنظيم الإرهابي على السفارة الأمريكية بتونس يوم 14 سبتمبر 2012، ومقتل السفير الأمريكي في بنغازي، إذ تعتبر المصادر الأمريكية أن العمليتين كانتا مترابطتين ومن تخطيط تنظيم واحد. كما أن حكومة السيد مهدي جمعة مطالبة بتطبيق ما اتفق عليه في جلسات الحوار الوطني الذي رعته المنظمات الأربع، لاسيما حلّ الميليشيات المعروفة باسم "رابطات حماية الثورة"، المرتبطة بحركة " النهضة"، باعتبارها جماعات تمارس العنف السياسي ضد المجتمع، وتشكل خطراً حقيقياً على الديمقراطية.. وما لم تنتهج الحكومة الجديدة سياسة واضحة وصريحة ومتماسكة بالرفض المطلق للعنف، وبحل الميليشيات، ومحاربة الجماعات الإرهابية فإنها لن تحظى بثقة الشعب والمعارضة الديمقراطية، ولا بالمشروعية السياسية المطلوبة التي تقوم على فلسفة التوافق. وبما أن الحكومة الجديدة، هي حكومة توافقية وغير متحزبة، حيث إن معظم وزرائها من التكنوقراط، فإن الواجب الوطني والديمقراطي يقتضي منها أن تعمل على كشف الحقيقة حول الاغتيالات السياسية، والاعتداءات على قوات الجيش والأمن، ومقاومة الإرهاب وحل ما يسمى رابطات حماية الثورة، وتحييد المساجد عن التوظيف السياسي والحزبي، وتحييد الإدارة، إضافة إلى بناء أجهزة أمنية جمهورية، لا حزبية خاضعة لمصالح حركة النهضة ومخططاتها الأمنية المتناقضة مع المجتمع الذي يرفض الاغتيالات السياسية وكلّ ما له علاقة بالعنف من قريب أو بعيد... هذا المجتمع المسالم الذي رفض دائماً الاحتكام إلى السلاح والمرتبط بثقافة الحياة، لا يصدّق أن وراء اغتيال شخصية مثل السيد شكري بلعيد، وهو رئيس حزب يساري، فلول النظام السابق.
372
| 03 فبراير 2014
ما إن منح المجلس الوطني التأسيسي ثقته للحكومة الجديدة، بقيادة السيد مهدي جمعة فجر الثلاثاء الماضي، حيث يعتبر التصويت على منح الثقة لحكومة جمعة نهاية فعلية لحكومة «النهضة» الإسلامية، وبداية المسار الأخير من عملية الانتقال الديمقراطي، إذ من المفترض أن تقود الحكومة الجديدة تونس حتى إجراء انتخابات عامة مقررة قبل نهاية العام الحالي، حتى تفجرت فضيحة سياسية جديدة، تتمثل في أن وزيرة السياحة التي تم تعيينها حديثا، وهي السيدة آمال كربول اتهمت من قبل عدد من نواب المجلس التأسيسي، وأحزاب المعارضة اليسارية والقومية بـ«التطبيع مع إسرائيل» باعتبارها زارت إسرائيل في العام 2006، ودعوا رئيس الحكومة إلى «التخلّص منها»، الأمر الذي أدّى إلى إحراجه. في تبريرها لموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، قالت آمال كربول إنها عندما سافرت إلى إسرائيل في نطاق برنامج ممول من الأمم المتحدة لتدريب شبان فلسطينيين «لم تنظر إلى الموضوع من وجهة نظر سياسية»، موضحة أنها تعرضت إلى «مضايقات» عند حلولها في مطار تل أبيب إذ «تركوها أربع ساعات في الانتظار ولم يسمحوا لها بالعبور باعتبار أنها تونسية مسلمة».. واعتبر العديد من التونسيين المعارضين للتطبيع أن وزيرة السياحة قدمت في تبريرها مسرحية لتمرير تعيينها.وقالت آمال كربول مباشرة بعد أن أدّت اليمين أمام الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي اليوم، إنها قدّمت لرئيس الحكومة استقالتها وله «سديد النظر في قبولها أو رفضها»، ودعت رئيس الحكومة التونسية الجديد مهدي جمعة، في تغريدة نشرتها في صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إلى «قبول استقالتها إذا ثبت أن الاتهامات التي وُجّهت إليها بالتعامل مع الكيان الصهيوني صحيحة». وبعد اجتماعه بكربول، دافع رئيس الحكومة جمعة عنها بالقول «تحدثت مع وزيرة السياحة، وقد زارت بالفعل إسرائيل سنة 2006 في إطار مشاركتها في برنامج تكوين تابع للأمم المتحدة لفائدة شباب فلسطينيين، وقد بقيت يوماً واحداً في إسرائيل وتعرّضت لتحقيقات دامت 6 ساعات بمطار تل أبيب لأنها عربية مسلمة، كما أنها رفضت مواصلة برنامج التكوين لهذا السبب، حتى وإن كان لفائدة فلسطينيين»، ورغم هذا الدفاع، فإن العديد من نواب المجلس التأسيسي أعربوا عن رفضهم لهذه الوزيرة، حتى أن أحدهم لم يتردد في مخاطبة الوزيرة الجديدة بالقول«.. إذا ثبت أنك زرت إسرائيل، فما عليك سوى أن تحملي أغراضك ومغادرة هذه الحكومة».لقد تضمّنت المسوّدة الأولى للدستور التونسي الفصل 27 الذي يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني في حين سقط هذا الفصل في مسوّدة يونيو2013 التي قدّمها السيد الحبيب خضر المقرّر العام (من حركة النهضة) للدستور، و بالرغم ممّا أثاره ذلك المشروع في إبانه من اعتراض على العديد من الفصول التي احتواها من مختلف الأطراف السياسية والمدنية فإنه بدا وكأن الجميع قبل إسقاط فصل تجريم التطبيع متزامنا مع الجلسات مع الرؤساء والسفراء الأجانب، ولم تقع إحالته إلى لجنة التوافقات على غرار العديد من الفصول الأخرى، ولابدّ هنا من الإشارة إلى الدور المشبوه والمكمّل لدور السفراء الذي لعبه فيلتمان (طابخ الدساتير الملغومة). أسقطت حكومة النهضة بفعل الضغط الشعبي وجيء من رحمها بالسيد مهدي جمعة بترشيح من بعض الأطراف الأوروبية ومن شركات النفط العالمية، وسط أجواء مشحونة وتسرّب حينها أنّ تشكيلة الحكومة الجديدة ستضم يهودياً تونسياً وزيراً للسياحة وكان القصد من تلك التسريبات جرّ بعض الأطراف السياسية والمدنية إلى الاحتجاج على ذلك التعيين واتهامها بمعاداة(السامية)، غير أن ذلك المخطط لم ينجح وتعاملت الأغلبية الساحقة من فعاليات المجتمع التونسي بمسؤولية عالية ولم تنجرّ إلى مستنقع معركة طائفية بسبب وجود تونسي يهودي في الحكومة الموعودة.. وحين فشلت الخطة جيء لنا بتونسية (مسلمة) تحمل شبهة التعامل مع الكيان الصهيوني، وفي نفس الخطة التي كان سيشغلها اليهودي التونسي بعلم مسبق من رئيس الحكومة المعيّن بل وبإصرار منه..وبصرف النظر عن التبريرات التي سيقت من قبل وزيرة السياحة، وكذلك من قبل رئيس الحكومة التونسية الجديدة، فإن الوزيرة التونسية، وغيرها من السياسيين التونسيين الموجودين في العديد من الأحزاب السياسية سواء منها الإسلامية أو العلمانية، أو المنظمات غير الحكومة الممولة من قبل مؤسسات دولية معروفة، يشكلون جميعاً جزءاً من هذا التيار التبشيري العربي الذي ينادي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني على اختلاف دوافعه وغايته، بوصفه تياراً نصيراً قوياً للتطبيع مع العدو الصهيوني. فهذا التيار التبشيري يطالب باندماج الكيان الصهيوني في النظام الشرق أوسطي الجديد الذي نادي به شمعون بيريز منذ العام 1993، لأنه يرى في هذا الاندماج، العودة إلى الوضع الطبيعي حسب منطلقه، ولذلك يقول مبشرو هذا التيار إنه يجب التخلي عن كل الممارسات والأفكار المشوهة التي لم تكن تعبر تعبيراً صادقاً عن حقائق ورغبات الأغلبية العظمى من شعوب المنطقة العربية، هذه الأغلبية العظمى لم تنتمِ يوماً لما كنا نسميه عروبة أو عربا، وكانت ضحية لكلمات فضفاضة من لغة عقيمة ومتخلفة، وفي مثل هذا التوجه الشرق أوسطي لا تختلف إيران عن إسرائيل، ولا تختلف إسرائيل عن أي دولة عربية، ولا تختلف أي دولة ناطقة بالعربية عن تركيا أو باكستان أو الهند الكل يجمعهم توجه واحد وإقليم واحد ومصلحة مشتركة. وتنبع الفكرة الإيديولوجية الأعمق لهذا التيار التبشيري من محاولة طمس الهوية العربية - الإسلامية للمنطقة العربية، معتبراً إياها أنها مساحة جغرافية تعاني من محنة الهوية، وبلا هوية حضارية، ولذلك يندفع بقوة انطلاقاً من استغلاله أزمة الهوية أو عقدة الهوية في الوطن العربي التي يعانيها العرب الآن لتسويغ وجود الكيان الصهيوني على أرض العرب، وقبول التطبيع معه، باعتباره دولة موجودة في الإقليم الشرق أوسطي نفسه، على هذا القدر الرفيع من التقدم الصناعي والاجتماعي والسياسي، يتطلب والحال هذه من العرب، أن يكونوا مستعدين للدخول في مرحلة من التحدي الحضاري معها، وهي مرحلة قد تكون أصعب من مرحلة التحدي العسكري للكيان الصهيوني التي انتهت، أو قاربت على الانتهاء، وبالتالي القبول للهوية الجديدة « الشرق أوسطية» التي تتموقع فوق هويات شعوب المنطقة – باعتبارها حاملة لواء الحضارة والتقدم والأمل في تغيير المجتمعات، وحل مشكلات النمو الاقتصادي والحريات الفردية والجماعية، والليبرالية السياسية، وبشائر الديمقراطية، والتطور الاقتصادي والاجتماعي المتناسق، والتبعية الثقافية.فالمدقق في هذا المفهوم « الشرق أوسطي » الذي يروج له هذا التيار التبشيري، من الذين لهم مصالح تجارية واقتصادية، ونفع ذاتي، ومصالح ضيقة، وقصر نظر سياسي، ومن المتذمرين من فساد أحوال مجتمعاتهم، ومن المنظرين "للتغريب الثقافي" ولمفهوم "الكونية" يرى فيه سياسة تستهدف تحقيق السلام بين الكيان الصهيوني والدول العربية، بما يعني إنهاء حالة الحرب والعداء، والاعتراف بشرعية الاحتلال الاستيطاني لفلسطين، وإقامة علاقات سياسية واقتصادية وتجارية طبيعية معه، وإنهاء حالة المقاطعة الاقتصادية العربية له. فالسلام والتطبيع شيئان متلازمان ويعنيان الانتقال من حالة الحرب والعداء والمقاطعة للكيان الصهيوني إلى عكس هذه الحالات جميعها، لكي يكتشف العرب في ظل التبشير بمفهوم «الشرق أوسطية»، أنهم كانوا على خطأ طيلة المرحلة التاريخية السابقة، وكانوا يعيشون في ضلال، وليكتشفوا أيضاً أن الكيان الصهيوني هو البوابة الحقيقية والمنفذ الوحيد المناسب للتصدير إلى أوروبا، تتنافس دول المنطقة على كسب وده.. حيث أصبحت إسرائيل القناة الوحيدة لتصدير التكنولوجيا إلى الدول العربية، وتلقين علمائها ومهندسيها وفلاحيها.
752
| 31 يناير 2014
أعلنت الحكومة الفلبينية عن توصلها إلى اتفاق تاريخي مع جبهة مورو للتحرير الإسلامي يوم 26 يناير الجاري، ينهي الصراع المسلح المستمر منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، والذي خلف أكثر من 150 ألف قتيل. وبعد سنوات من المفاوضات تم التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي الذي سوف يوقع خلال الأيام المقبلة في العاصمة الفلبينية، مانيلا. وينص الاتفاق على إقامة منطقة ذاتية الحكم في جزيرة مينداناو التي تقطنها أغلبية مسلمة، وفقا لصحيفة (ذي انكيرير) المحلية.ويعد هذا الاتفاق الذي يمثل رابع وآخر نقطة في المفاوضات المستمرة منذ 13 عاما التقدم الأكثر أهمية بعد التوصل لوقف إطلاق النار في أغسطس عام 2001، رغم عدم توقف المواجهات. وتعهدت جبهة مورو بتسليم السلاح مقابل الحكم الذاتي للمنطقة الواقعة جنوبي الفلبين، حسبما ذكر مفوضون من الجانبين يوم السبت الماضي في العاصمة الماليزية، كوالالمبور، التي تستضيف محادثات السلام بين الطرفين.وكانت الحكومة الفلبينية وقعت مع المتمردين الإسلاميين اتفاقاً مُهِمًّا لتقاسم السلطة، وهو الاتفاق الذي مهّد الطريق للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي ينهي التمرد المستمر منذ أربعة عقود. وجاء في بيان مشترك أن المفاوضين من الجانبين وقعوا على "الاتفاق حول تقاسم السلطة بين الحكومة المركزية وحكومة باسنغسامورو (المسلمون الفلبينيون) في كوالالمبور يوم 8 ديسمبر 2013. وقالت تيريسيتا ديليس رئيسة لجنة السلام الحكومية إن "التوقيع على ملحق تقاسم السلطة يضمن تحقيق حكم ذاتي حقيقي وقابل للحياة في بانغسامورو". وكان التوصل إلى هذا الاتفاق يشكل إحدى العقبات الرئيسية في المحادثات بين الحكومة وجبهة تحرير مورو الإسلامية التي تسعى إلى الحصول على سلطات أكبر في منطقة الحكم الذاتي المقترحة في الجنوب والتي تشمل المناطق التي يهيمن عليها المسلمون في الأرخبيل الذي يسكنه 100 مليون شخص يدين معظمهم بالمسيحية. وبموجب ذلك الاتفاق يتخلى 12 ألف عنصر من جبهة مورو الإسلامية عن سعيهم للحصول على وطن مستقل في جزيرة مينداناو الجنوبية مقابل تقاسم السلطة والثروة بشكل كبير في المنطقة الجديدة ذات الحكم الذاتي هناك.ويعتبر ذلك الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه واحداً من أربعة اتفاقات أولية، كان يجب إبرامها قبل التوقيع على اتفاق نهائي للسلام. في نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي، لعبت ليبيا دوراً مركزياً، بل مفتاح في تحقيق التسوية السياسية بين الحكومة الفلبينية وجبهة مورو الإسلامية للتحرير. فقد جرت المحادثات في طرابلس في عام 1996 تحت رعاية الحكومة الليبية، وشارك فيها عن الحكومة نائب الرئيسة الفلبينية وزير الخارجية تيوفيستو غيغونا، وعن جبهة مورو قائدها العسكري محمد مراد، وأسفرت تلك المحادثات عن توصل الطرفين إلى اتفاق سلام ينص على وقف إطلاق النار، وتسوية سياسية للنزاع بينهما، وعلى "اختفاء أي وجود عسكري للسلطة ولثوار مورو في الجنوب"، وكذلك على "عودة اللاجئين وتحويل المعسكرات لمناطق للتنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار في هذه المنطقة". ومن المعروف سياسياً وتاريخياً أن جبهة مورو للتحرير الوطني، وهي حركة إسلامية انفصالية في جنوب الفلبين تأسست عام 1971 ونالت دعماً مالياً وعسكرياً من ليبيا، الأمر الذي ساعد على تكثيف وتشديد المقاومة في جنوب الفلبين وتحديداً في جزيرة منداناو ضد نظام الديكتاتوري السابق فرديناند ماركوس. وكان قائد جبهة مورو نور ميسواري قد أقام في ليبيا لبضع من الوقت، وهو الآن حاكم جزيرة مانداناو، التي تتمتع بقدر معين من الحكم الذاتي، قد خاض حرب عصابات طويلة ضد نظام ماركوس. واضطرت حكومة الفلبين آنذاك للاعتراف بجبهة مورو للتحرير الوطني، وإلى إجراء مفاوضات معها، تمخض عنها إبرام أول اتفاق في طرابلس الغرب وبواسطة ليبية عام 1976 تعهدت ليبيا بموجبه بتقديم مساعدات مالية كبيرة لتمكين حكومة الفلبين من الالتزام بالحل الذي اتفق عليه. وبعد أن أبرمت جبهة مورو اتفاق سلام مع حكومة مانيلا عام 1996 سبقه في ذلك إجراء استفتاء حول الحكم الذاتي، صوت له أغلبية السكان بنعم عام 1998. والحال هذه، فإن هذه "الوصاية" الليبية على جبهة مورو، قد سمحت للعقيد القذافي بأن يلعب دور الوسيط بين الإسلاميين المتمردين في جنوب الفلبين وحكومة ماركوس، المهمومة بعدم فقدان مورديها من البترول. ولعبت ليبيا بموافقة منظمة المؤتمر الإسلامي دور العراب في التوصل إلى إبرام اتفاق الحكم الذاتي، الذي تم توقيعه في ديسمبر عام 1996 في طرابلس بحضور العقيد القذافي نفسه، الذي وضع حداً لـ 26 عاماً من الحرب الأهلية، سقط خلالها أكثر من 150 ألف شخص، وأحدثت شرخاً عميقاً من الحقد الديني بين المسلمين والكاثوليك، خاصة في الجزء الجنوبي من الفلبين. ونص ذلك الاتفاق على منح أربعة عشرة إقليماً جنوبياً من أصل 23 إقليماً حكماً ذاتياً بعد استفتاء عام 1999. وتمكنت منظمة المؤتمر الإسلامي من خلال دور إندونيسي من إقناع نور يسواري بقبول الصيغة الأخيرة للاتفاق باعتبارها تشكل الحد الأقصى الذي يمكن أن توافق عليه حكومة فلبينية. هذا فيما يتعلق بالماضي. ونظراً للعلاقة التاريخية التي تربطها بالحركة الإسلامية الفلبينية وللإمكانيات المالية التي تغذي طموحاتها, فإن ليبيا كانت هي المؤهلة أكثر من سواها من البلدان الإسلامية لكي تلعب دور الوسيط في قضية الرهائن العام 2001 وإلى تحقيق التسوية الأخيرة. وهذا الدور الذي لعبته ليبيا ينسجم كلياً مع نهج العقيد القذافي، الذي أصبح شغوفاً بلعب دور المساعي الحميدة خلال السنوات الأخيرة من حكمه، فقد لعب هذا الدور في التشاد والسودان والكونغو الديمقراطية. ولا شك أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار أتاح للسلطات الفلبينية التفرغ لمواجهة مجموعة "أبو سياف" في جزيرة باسيلان جنوب الفلبين.وتمثل مجموعة "أبو سياف" انشقاقا عن جبهة مورو للتحرير الوطني، واتخذت اسم جبهة مورو الإسلامية للتحرر، ورفضت اتفاق السلام المبرم عام 1996. لقد خرج "أبو سياف" عن الاتفاق الذي تم بين الحكومة وجبهة تحرير مورو، وفتح جبهة لحسابه في الأدغال، مواصلاً "الجهاد" ضد الطرفين معاً. وتستقطب مجموعة "أبو سياف" الشباب العاطل عن العمل، حيث تنتشر البطالة بقوة في المناطق الإسلامية التي لا تحظى باهتمام يذكر من جانب السلطة المركزية في مانيلا. وكانت مجموعة "أبو سياف" قد تأسست في جزيرة باسيلان في أوائل التسعينيات من القرن الماضي على يد الداعية الإسلامي عبد الرزاق جنجلاني أصيل سكان جزيرة جولو، لكن بعد موت هذا الأخير انقسمت المجموعة إلى أربع زمر مستقلة تحت القيادة الاسمية لقذافي جنجلاني، شقيق عبد الرزاق. وعلى الرغم من أن مجموعة "أبو سياف" قد تقدمت بمطالبها المتعلقة بالحكم الذاتي وبمطالب شعبوية أخرى مقابل إطلاق الرهائن المحتجزين من أجل الحصول على فدية، إلا أن احتجازها للرهائن لقي استهجاناً من المسلمين في الفلبين، ومن منظمة المؤتمر الإسلامي، ليس بسبب أسلوبها المافياوي فقط، وإنما بسبب ما ألحقته بسمعة قضية تحرير جنوب الفلبين من ضرر. أخيراً يرى المحللون الغربيون أن التوقيع على هذا الاتفاق التاريخي الأخير، سيضع حدًّا نهائياً للحرب الأهلية في الفلبين، وسيفسح المجال لتنمية منطقة الحكم الذاتي الغنية بالموارد الطبيعية، لكن سكانها يعانون من الفقر الشديد.
1107
| 28 يناير 2014
إن أهم خاصية للثورات الديمقراطية العربية، أنها حطمت ما يسمى في علم الاجتماع الحديث بالسلم الاجتماعية، لأن الدول العربية التي يغلب عليها الطابع الريعي سواء النفطية أو غير النفطية مثل مصر، التي تعيش على السياحة، ومن تحويلات عائدات المهاجرين المصريين في الخارج، ومن عائدات قناة السويس، ومن المساعدات الأميركية، هذه الدول جميعها عجز ت عن إيجاد حلول واقعية للبطالة لا سيما بطالة الخريجين من الجامعات.،« الربيع العربي » الثورة التونسية التي فجرت ما يسمى اليوم ب ودشنت دورة جديدة في التاريخ السياسي العربي، كانت متناقضة « القاعدة » كلياً مع أيديولوجية العنف وعقيدة التدمير التي تتبناها المنتشرة في تونس وليبيا « أنصار الشريعة » وأخواتها من تنظيمات واليمن، والداعية إلى كراهية أمريكا وإلى العنف والتدمير كوسيلة للتغيير. وتبنت الثورة التونسية نظرية البناء عقيدة لا التدمير والعنف، واختارت القطع الثوري مع النظام القديم. الثورة قطيعة، وتجاوز ديالكتيكي للواقع القائم، وهي تطمح إلى تشييد، نظام جديد يقوم على المبادئ التي ترتكز عليها المجتمعات الديمقراطية المعاصرة والمتطورة. هذه الثورة لم تكن موجهة ضد عدو خارجي، بل كانت موجهة ضد نظام الاستبداد الذي استقر لعقود من الزمن منذ رحيل الاستعمار عن البلدان العربي، نظام الاستبداد بشقيه المستنير والأبوي أو نظام الاستبداد الطاغي والنهاب. والرهام لم يعد مقتصرا على مفاوضات مع فاعلين خارجيين أصدقاء كانوا أو أعداء، وإنما على التطورات الداخلية بالأساس لهذه المجتمعات العربية التي أصبحت ضرورية، تحت ضغط القوى الاجتماعية نفسها.لاشك أن الذي يحدد هذه التطورات في آن معاً، قوى القطيعة الثورية، وقوى الاستمرارية، وقوى التجديد. فلا يوجد نظام ثوري جاهز، فالمجتمع هو الذي يحدد وبشكل سيادي ما يجب أن يتحرر منه، ويتمسك به، وما يترتب عليه من بناء نظام ديمقراطي جديد يكون الجواب التاريخي لإدراكه الدخول فيما يسمى حضارة العصر والمجتمعات الديمقراطية. وإذا كانت هذه التطورات منوطة بالإرادة الشعبية، فإنها مع ذلك تصطدم بعدة عوائق كبيرة من أجلبناء نظام ديمقراطي جديد. فالتحول الديمقراطي يستهدف إجراء إصلاحات جذرية على جميع المستويات من أجل إرساء نظام ديمقراطي جديد، يتسمبالرسوخ، ويؤسس لدولة المؤسسات والقانون. أولاً: ضرورة وجود الديمقراطية التعددية، التي تتطلب إنشاء أحزاب معارضة كعملية طبيعية لحرية الفرد في إبداء رأيه، وحرية انتقاد الحكومة، وحرية الشعب في إعادة إقامة حكومة يختارها عن طريق الاقتراع السري. فالتحول الديمقراطي، يقتضي التحرركليا من نظام الحزب الواحد القابض على زمام السلطة، ووجود معارضة منظمة كخلف احتياطي محتمل وفي استطاعتها أن تحل محل الحكومة. إن الديمقراطية التعددية هي التي تضمن المشاركة الشعبية الواسعة النطاق، ورضاء من جانب المحكومين، ونوع من الرقابة العامة على هؤلاء الذين يتولون السلطة. ولاشك أن الديمقراطية التعددية قد تتخذ أشكالاً وترتيبات سياسية متنوعة طبقاً للظروف والحلول التاريخية المرتبطة بكل بلد. ثانياً: إن التحول الديمقراطي الحقيقي مرتبط بالتنمية الاقتصادية، وهو يقوم على دعامتين أساسيتين: الدعامة الأولى تتمثل في أن الديمقراطية تعني تنظيم الأفراد في جماعات تنافسية من خلال نظام تعددية حزبية بهدف السيطرة على سلطة الدولة. والدعامة الثانية، إن الديمقراطية شرط أساسي لبناء الدولة الوطنية التيتستطيع مقاومة الضغوط السلبية النابعة من النظام الدولي الجديد الذي تتحكم فيه القوى الدولية الغربية، والمؤسسات المالية المانحة، وكذلك ما يترتب عليها داخليا من آثار وعواقب.
407
| 23 يناير 2014
لاتزال الثورات الديمقراطية العربية في بداياتها، رغم سقوط عدد من الأنظمة الديكتاتورية العربية في كل من تونس، ومصر، وليبيا، وككل الثورات التي شهدها عالمنا المعاصر منذ القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا، تعرف الثورات الديمقراطية العربية حالة من المد والجزر، وحتى من «الخيانة» لا سيما من جانب الدول الغربية التي تحدد مواقفها بدلالة مصالحها النفطية، وحسابات الربح والخسارة، وأمن إسرائيل، لا بدلالة القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، وهي لا تكترث أبداً لتطلعات وطموحات الشعوب العربية في تحقيق حريتها وكرامتها الإنسانية. ويتساءل المحللون الغربيون، هل ثمة تشابه بين ربيع الثورات العربية في سنة 2011، وربيع الثورات الأوروبية في عام 1848؟ هناك رأي يقول إن ثمة فرقاً بيّناً بين الثورات العربية، والثورات التي حصلت في أوروبا الشرقية عقب سقوط جدار برلين، ونهاية الحرب الباردة في سنة 1989، حيث إن تلك الثورات التي أسقطت الأنظمة الشيوعية الشمولية وأفضت إلى طي الشيوعية، والانعتاق في خيار العولمة الليبرالية، ولدت من رحم حادثة سياسية واحدة هي سحب السوفيات دعمهم الديكتاتوريين المحليين. وعلى خلاف ثورات 1989 الأوروبية، وهذه تشابهت مساراتها ومطالبها، الثورات العربية هي من بنات عوامل متشعبة وكثيرة، منها الاقتصادي والتكنولوجي والسكاني. وخطت الثورة في كل من المناطق العربية مساراً خاصاً بها. وعليه، الثورات العربية هي أقرب إلى ثورات أوروبا في 1848 منها إلى ثورات 1989. ففي ثورات أوروبا 1848، منيت معظمها بالإخفاق. فالمجريون طردوا النمسويين. ولكن هؤلاء سرعان ما عادوا أدراجهم. وأخفق الألمان في الاتحاد. وأنشأ الفرنسيون جمهورية انهارت بعد أعوام قليلة. وصيغت دساتير لم تنفذ، وأهملت، وبقيت في الأدراج. وأطيحت ممالك، ثم أرسيت من جديد. ويقول المؤرخ أ.ب.جي تايلور عن لحظة 1848 الأوروبية إن «التاريخ بلغ منعطفاً ولكنه لم ينعطف».ولكن الأفكار التي كانت متداولة في 1848 ترسخت في الثقافة والمجتمع، وبلغــت بـعض أهداف الثـــورات هذه لاحقاً. ففي نهاية القرن التاسع عشر، أفلح المـسـتـشار بيــسمارك في توحيد ألمـانيا. وأبـصرت الجمهورية الثالثة النور في فرنسا. واستقلت الأمم التي حكمتها إمبراطورية الهابسبورغ بعد الحرب العالمية الأولى. وفي 1849، بدا أن معظم ثورات العام السابق أخفق، وأنه انتهى إلى كارثة. ولكن تقويم الثورات هذه بعد نحو خمسة عقود في 1899 أو بعد الحرب العالمية الأولى في 1919 اختلف. وبدا يومها أن 1848 هي بداية مرحلة تغيير مثمرة. وفي العالم العربي اليوم، وفي مرآة 2012 قد يبدو أن بعض هذه الثورات العربية أخفق. فالأنظمة الديكتاتورية المطاحة قد تنبعث، وتكتب لها حياة جديدة. وقد تخفق الديمقراطية، وقد تنقلب النزاعات الإثنية حرباً اثنية. وعلى ما تظهر تجارب 1848، تغير الأنظمة السياسية هو سيرورة طويلة تحتاج إلى الوقت. وقد لا يكون التغيير وليد ثورة، بل ثمرة التفاوض والتنازل عن السلطة. وقد يلجأ بعض ديكتاتوريي المنطقة إلى هذا الحل. لكن بشهادة كبار المحللين العرب والغربيين، يشهد العالم العربي يقظة جديدة من الثورات الديمقراطية، تقودها حركات شبابية جامعية نزلت إلى شوارع العواصم والمدن الكبرى العربية، ووصلت إلى سنّ الوعي، وتستخدم أرقى ما توصلت إليه ثورة الإنترنت، وثقافة الفيسبوك من أجل توعية المواطنين العرب بقيم الحرية والكرامة، والمواطنة، والمشاركة السياسية والتعددية الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، لإحداث التغيير السياسي الذي طال انتظاره في معظم البلدان العربية. وإذا كانت هذه الديناميكية الشبابية التي طرحت معركة «إسقاط النظام» باعتبارها المعركة الرمزيّة الأولى لإثبات القدرة والوعي أن كلّ شيء سيتغير في العالم العربي، وحققت نجاحات مهمة في ثلاث بلدان عربية هي تونس، ومصر، وليبيا، فإنها لا تزال تشق طريقها في ظل تضاريس وعرة في كل سوريا، وغيرها من البلدان العربية. وفي المنظور السوسيولوجي القيمي، تخوض الحركات الشبابية العربية إلى جانب مطالباتها السياسية التي ليست معركتها الوحيدة، ثورة أخرى لا تقل أهمية هي ثورة على القيم التقليدية الموروثة من الأب والعائلة والعشيرة والمدينة، تذكرنا بثورة الشباب (مايو 1968) التي هزت البلدان الأوروبية، وتصادمت في ذلك الوقت مع القيم البرجوازية التي كانت مسيطرة، في المجتمعات الغربية الرأسمالية، وهو ما أفسح في المجال لولادة تنظيمات اليسار الجديد لاحقاً. إن أهم خاصية للثورات الديمقراطية العربية، أنها حطمت ما يسمى في علم الاجتماع الحديث بالسلم الاجتماعية، لأن الدول العربية التي يغلب عليها الطابع الريعي سواء النفطية أو غير النفطية مثل مصر، التي تعيش على السياحة، ومن تحويلات عائدات المهاجرين المصريين في الخارج، ومن عائدات قناة السويس، ومن المساعدات الأميركية، هذه الدول جميعها عجز ت عن إيجاد حلول واقعية للبطالة لا سيما بطالة الخريجين من الجامعات. الثورة التونسية التي فجرت ما يسمى اليوم بـ «الربيع العربي»، ودشنت دورة جديدة في التاريخ السياسي العربي، كانت متناقضة كلياً مع أيديولوجية العنف وعقيدة التدمير التي تتبناها «القاعدة» وأخواتها من تنظيمات «أنصار الشريعة» المنتشرة في تونس وليبيا واليمن، والداعية إلى كراهية أمريكا وإلى العنف والتدمير كوسيلة للتغيير. وتبنت الثورة التونسية نظرية البناء عقيدة لا التدمير والعنف، واختارت القطع الثوري مع النظام القديم. الثورة قطيعة، وتجاوز ديالكتيكي للواقع القائم، وهي تطمح إلى تشييد، نظام جديد يقوم على المبادئ التي ترتكز عليها المجتمعات الديمقراطية المعاصرة والمتطورة. هذه الثورة لم تكن موجهة ضد عدو خارجي، بل كانت موجهة ضد نظام الاستبداد الذي استقر لعقود من الزمن منذ رحيل الاستعمار عن البلدان العربي، نظام الاستبداد بشقيه المستنير والأبوي أو نظام الاستبداد الطاغي والنهاب. والرهام لم يعد مقتصرا على مفاوضات مع فاعلين خارجيين أصدقاء كانوا أو أعداء، وإنما على التطورات الداخلية بالأساس لهذه المجتمعات العربية التي أصبحت ضرورية، تحت ضغط القوى الاجتماعية نفسها. لاشك أن الذي يحدد هذه التطورات في آن معاً، قوى القطيعة الثورية، وقوى الاستمرارية، وقوى التجديد. فلا يوجد نظام ثوري جاهز، فالمجتمع هو الذي يحدد وبشكل سيادي ما يجب أن يتحرر منه، ويتمسك به، وما يترتب عليه من بناء نظام ديمقراطي جديد يكون الجواب التاريخي لإدراكه الدخول فيما يسمى حضارة العصر والمجتمعات الديمقراطية. وإذا كانت هذه التطورات منوطة بالإرادة الشعبية، فإنها مع ذلك تصطدم بعدة عوائق كبيرة من أجل بناء نظام ديمقراطي جديد. فالتحول الديمقراطي يستهدف إجراء إصلاحات جذرية على جميع المستويات من أجل إرساء نظام ديمقراطي جديد، يتسم بالرسوخ، ويؤسس لدولة المؤسسات والقانون. أولاً: ضرورة وجود الديمقراطية التعددية، التي تتطلب إنشاء أحزاب معارضة كعملية طبيعية لحرية الفرد في إبداء رأيه، وحرية انتقاد الحكومة، وحرية الشعب في إعادة إقامة حكومة يختارها عن طريق الاقتراع السري. فالتحول الديمقراطي، يقتضي التحرر كليا من نظام الحزب الواحد القابض على زمام السلطة، ووجود معارضة منظمة كخلف احتياطي محتمل وفي استطاعتها أن تحل محل الحكومة. إن الديمقراطية التعددية هي التي تضمن المشاركة الشعبية الواسعة النطاق، ورضاء من جانب المحكومين، ونوع من الرقابة العامة على هؤلاء الذين يتولون السلطة. ولاشك أن الديمقراطية التعددية قد تتخذ أشكالاً وترتيبات سياسية متنوعة طبقاً للظروف والحلول التاريخية المرتبطة بكل بلد.ثانياً: إن التحول الديمقراطي الحقيقي مرتبط بالتنمية الاقتصادية، وهو يقوم على دعامتين أساسيتين: الدعامة الأولى تتمثل في أن الديمقراطية تعني تنظيم الأفراد في جماعات تنافسية من خلال نظام تعددية حزبية بهدف السيطرة على سلطة الدولة. والدعامة الثانية، إن الديمقراطية شرط أساسي لبناء الدولة الوطنية التي تستطيع مقاومة الضغوط السلبية النابعة من النظام الدولي الجديد الذي تتحكم فيه القوى الدولية الغربية، والمؤسسات المالية المانحة، وكذلك ما يترتب عليها داخليا من آثار وعواقب.
686
| 20 يناير 2014
ويعتبر أيضاً تضمين حقوق المرأة ومكتسباتها في نص الدستور الجديدة نقطة إيجابية. ففي النص الأول الذي اعتمدته «لجنة الحقوق والحريات»، التي أعدت الفصول المتعلقة بالحريات، تم اعتماد صيغة «التكامل بين المرأة والرجل»، لكن رفض المرأة التونسية الذي عبرت عنه بالاحتجاجات والتظاهرات لدور التكامل حال دون الإبقاء على هذه الصيغة. فقد طالبت الكتلة النسائية البرلمانية، وهي كتلة ضمت نساء من مختلف الأحزاب، أيضاً بدورها بإدراج مبدأ التناصف، أي أن يكون في كل القوائم الانتخابية ذات العدد من المرشحين الذكور ومن المرشحات الإناث، فأصبح الفصل ينص على النحو التالي:45: « تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة، وتتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة». وتعتبر تونس البلد العربي الوحيد منذ العام 1956 الرائد في منح أفضل الحقوق للمرأة، باستثناء ما يتعلق بالميراث نظراً إلى أن الإسلام هو دين الدولة. لكن الإقرار بالمساواة الكاملة على صعيد المواطنة ستكون تداعيات في المستقبل، لجهة رفــع العقـــبة الأخيرة، أي انعدام المساواة في ما يتعلق بالإرث. ورغم بروز الانقسامات السياسية بين نواب حركة النهضة، ونواب المعارضة، واصل المجلس الوطني التأسيسي في تونس التصديق على مشروع الدستور الجديد، وتحديداً التصويت على مواد الباب الرابع الخاص بالسلطة التنفيذية، وبحسب مواد هذا الباب فإنّ السلطة التنفيذية ستكون موزعة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وستكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان ويمكن أن تكون موضع مذكرة حجب ثقة. وفي تفاصيل جلسات التصويت التي جرت، فقد تمّ إسقاط الفصل 73 من الدستور الذي يحدد شروط الترشح لرئاسة الجمهورية بعد نقاشات حامية. وتنص هذه المادة على أنّ الترشح لرئاسة الجمهورية في تونس هو حق لكل ناخبة أو ناخب من أب وأم تونسيين، وأن يكون مسلماً. وتنص أيضاً على ضرورة ألا يحمل المرشح لهذا المنصب في تاريخ تقديم ترشحه جنسية أخرى وألا يقل عمره عن 40 سنة على الأقل ولا يزيد على 75 سنة على الأكثر وأن يحصل على تواقيع عدد من النواب أو رؤساء الجماعات المحلية أو ناخبين مسجلين بناء على القانون الانتخابي. ولم يعرف متى ستتم إعادة النظر في هذا الفصل. واتفقت الكتل النيابية مبدئياً، على انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، بعدما كان ينتخب من البرلمان. كما أسندت إلى رئيس الجمهورية صلاحيات رسم السياسة الخارجية والدفاعية للدولة والتعيينات في الوظائف الدبلوماسية العسكرية والمرتبطة بالأمن الوطني، إضافة إلى استشارته في تعيين وزيري الخارجية والدفاع. ويعتبر مراقبون أن النظام السياسي المحدد في الدستور الجديد، «مختلط» بين الرئاسي والبرلماني، إذ أعطى صلاحيات كبيرة للحكومة مقابل صلاحيات الدفاع والدبلوماسية وحل البرلمان لرئيس الجمهورية. وشهدت المناقشات حول الباب المتعلق بالسلطة القضائية، انقساماً حاداً بين نواب حركة النهضة وحلفائها ونواب المعارضة، إذ أكد رئيس الكتلة الديمقراطية المعارضة محمد الحامدي أن «كتلة حركة النهضة صوتت لمصلحة فصل ينص على عدم استقلالية القضاء وجعله تحت سطوة السلطة التنفيذية»، بينما ساندت كتلة «النهضة» إضافة تعديل إلى الفصل 103 ينص على أنه «تتم التعيينات في الوظائف القضائية بأمر من رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل». أثبتت الثورة التونسية أنها الحالة الأنجح في التحول من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، نظراً إلى يقظة الشعب التونسي، لاسيَّما منظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية المعارضة، والمنظمات النسائية، التي أبدت حرصاً كبيراً على أن يكون الدستور التونسي الجديد يعكس آمال الشعب التونسي في التطلع نحو بناء ديمقراطية جديدة، تسود فيها المساواة أمام القانون. إضافة إلى أن طبيعة الثورة السلمية التونسية ويقظة المجتمع المدني، فرضتا على حركة النهضة أن تكون متمايزة عن الإخوان المسلمين في مصر. وهذا ما قاد إلى تكريس سياسة التوافق الوطني بين سلطة النهضة والمعارضة، تجاه عملية الانتقال الديمقراطي بدلاً من سياسة الغلبة والتفرد بالسلطة. إن التوافق بين الخصوم في العمل السياسي هو جوهر العملية الديمقراطية. وأثبتت التجربة التونسية أيضاً أن التوافق والحوار الوطني المفضي إلى التنازلات السياسية بين السلطة والمعارضة تغليبا لمصلحة الوطن والشعب هو الطريق الأسلم والأنجع للتغلب على الأزمات الكبيرة.
427
| 17 يناير 2014
كان من المأمول أن تحتفل تونس بالذكرى الثالثة للثورة يوم 14 يناير الجاري، مع إقرار الدستور الجديد للجمهورية الثانية، الذي يليق بالثورة التونسية مفجرة "الربيع العربي"، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، بسبب التأخر في بت ثلث الفصول المئة والستة أربعين في مشروع الدستور، بعد 12 يوماً من النقاشات، ورفض بعض البنود الأساسية خلال الأيام الأخيرة في أجواء صاخبة في المجلس التأسيسي، نتاج الخلافات السياسية، وهيمنة الاستقطاب في الساحة السياسية على النقاشات. غير أن هذا لا يمنع من الإقرار بالتقدم الذي حصل على صعيد التصويت على بنود مشروع الدستور الذي بات يحظى بالتوافق الوطني، بما يعزز المقومات الأساسية لدولة سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة، ويعكس رؤية السلطة والمعارضة لدعم بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة. فقد أسهمت لجنة التوافقات بالمجلس الوطني التأسيسي في بلورة توافق سياسي واسع في الوقت الذي لاتزال فيه حركة النهضة تسيطر على الحكومة وتمتلك الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي، وفي ظل المناخ السياسي العربي الذي يشهد مدّاً إرهابياً وتكفيرياً منقطع النظير، لاسيَّما في بلدان المشرق العربي، للمرحلة القادمة بعيداً عن المصالح الضيقة للأحزاب السياسية، لتحسم، بطريقة أو بأخرى، معارك أيديولوجية عسيرة حول مفاهيم مثل "مدنية الدولة" و"الهوية العربية الإسلامية" و"حرية الضمير" و"حقوق المرأة". وبالفعل، بدأ المجلس التأسيسي الأسبوع الماضي التصويت على الأجزاء النهائية من الدستور الجديد، إذ إن المسودة لمشروع الدستور لم تنص صراحة على أن "الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع"، بل اكتفت بالفصل الأوّل من الدستور التونسيّ الذي وُضع عام 1959، وهو ما ورد في صياغة مشروع الدستور الجديد، حيث جاء في "الفصل الأول: تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها"، كما جاء في الفصل الثاني: "تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون". وصادق "التأسيسي" مؤخراً على "تجريم التكفير والتحريض على العنف"، وذلك بعد خلافات حادة بين نواب حركة "النهضة" الإسلامية (أكبر حزب بـ89 مقعداً من أصل 217) ونواب المعارضة،إذ أصبح الفصل السادس في صيغته المعدلة يقول "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي. يُحجَّرُ التكفير والتحريض على العنف". وصوت على الفصل في صيغته المعدلة 131 نائبا من أصل 182 شاركوا في عملية الاقتراع فيما صوت ضده 23 وتحفظ 28. ويمثل ما ورد في هذا الفصل من الدستور التونسي من تعبير "حرية الضمير" حالة ثورية في مجمل العالم العربي والإسلامي الذي يعني ليس فقط حرية العبادة بل حرية اعتناق العقيدة التي يريدها الإنسان. وكان تعبير "حرية الضمير" تبناها الفاتيكان في وثائقه. وسبق للبابا السابق في وثيقة سينودس كنائس الشرق الأوسط أن انتقد "العوالم العربية والتركية والإيرانيّة" بأنها رغم تبنّيها لحرية ممارسة الشعائر الدينية لكل الأديان غير أنها ترفض "حرية الضمير". في المرجعية الدستورية والقانونية الغربية برز مصطلح: "حرية الضمير" وتطور كمفهوم ديني مع توماس الإكويني في الكنيسة الكاثوليكية، ثم تحوّل إلى أساس في الفكر الديني البروتستانتي منذ تمرد لوثر إلى دعوة كالفن حتى تكرّس كمفهوم سياسي مع الفيلسوف جان لوك من حيث عدم جواز سلطة الدولة على معتقدات الأفراد حتى تبنّيه في الفكر السياسي الأميركي الذي أسّس الدستور الأميركي. وهو في الحصيلة المعاصرة حق الفرد وحده في تقرير معتقده الديني راجع الفصل المتعلّق بتاريخ المصطلح في الصفحات 27-33 من كتاب المفكر السياسي الحقوقي الأمريكي نواه فلدمان Divided By God الطبعة الأولى عام 2005 في نيويورك منشورات Farrar. Straus and Giroux. ويعتبر إقرار تعبير "حرية الضمير" في الدستور التونسي الجديد، منعطفاً كبيراً في التاريخ الدستوري العربي الذي نشهد بدايته في تونس، حيث يؤكد على ثقة المجتمع التونسي بنفسه، يعكسها مجتمع مسلم حين يقر "مدنية الدولة" و"حرية الضمير" بشكلٍ لا التباس فيه! مجتمع لا ترى نخبته المتنورة أي خطر على الإسلام الراسخ كقوة ثقافية عميقة في كل العالم. هذا فعلُ ثقة جديد بـ"النفس" بما هي الشخصية الاجتماعية للبلد تفتتحه النخبة الليبرالية العلمانية والإسلامية في تونس في مواجهة تيار أصولي مذعور حضاريا ويريد أن ينشر الذعر بين المسلمين عبر قتلهم قبل قتل غيرهم، حسب قول الصحافي اللبناني جهاد الزين. كما صادق المجلس الوطني التأسيسي، يوم الاثنين الماضي، على الفصل 20 من الدستور الجديد الذي يقر المساواة بين التونسيات والتونسيين في الحقوق والواجبات. وصوت 159 نائباً من أصل 169 شاركوا في عملية الاقتراع على الفصل 20 من الدستور الذي يقول "المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم". ويعتبر أيضاً تضمين حقوق المرأة ومكتسباتها في نص الدستور الجديدة نقطة إيجابية. ففي النص الأول الذي اعتمدته «لجنة الحقوق والحريات»، التي أعدت الفصول المتعلقة بالحريات، تم اعتماد صيغة «التكامل بين المرأة والرجل»، لكن رفض المرأة التونسية الذي عبرت عنه بالاحتجاجات والتظاهرات لدور التكامل حال دون الإبقاء على هذه الصيغة. فقد طالبت الكتلة النسائية البرلمانية، وهي كتلة ضمت نساء من مختلف الأحزاب، أيضاً بدورها بإدراج مبدأ التناصف، أي أن يكون في كل القوائم الانتخابية ذات العدد من المرشحين الذكور ومن المرشحات الإناث، فأصبح الفصل ينص على النحو التالي:45: " تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة، وتتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة". وتعتبر تونس البلد العربي الوحيد منذ العام 1956 الرائد في منح أفضل الحقوق للمرأة، باستثناء ما يتعلق بالميراث نظراً إلى أن الإسلام هو دين الدولة. لكن الإقرار بالمساواة الكاملة على صعيد المواطنة ستكون تداعيات في المستقبل، لجهة رفــع العقـــبة الأخيرة، أي انعدام المساواة في ما يتعلق بالإرث. ورغم بروز الانقسامات السياسية بين نواب حركة النهضة، ونواب المعارضة، واصل المجلس الوطني التأسيسي في تونس التصديق على مشروع الدستور الجديد، وتحديداً التصويت على مواد الباب الرابع الخاص بالسلطة التنفيذية، وبحسب مواد هذا الباب فإنّ السلطة التنفيذية ستكون موزعة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وستكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان ويمكن أن تكون موضع مذكرة حجب ثقة. وفي تفاصيل جلسات التصويت التي جرت، فقد تمّ إسقاط الفصل 73 من الدستور الذي يحدد شروط الترشح لرئاسة الجمهورية بعد نقاشات حامية. وتنص هذه المادة على أنّ الترشح لرئاسة الجمهورية في تونس هو حق لكل ناخبة أو ناخب من أب وأم تونسيين، وأن يكون مسلماً. وتنص أيضاً على ضرورة ألا يحمل المرشح لهذا المنصب في تاريخ تقديم ترشحه جنسية أخرى وألا يقل عمره عن 40 سنة على الأقل ولا يزيد على 75 سنة على الأكثر وأن يحصل على تواقيع عدد من النواب أو رؤساء الجماعات المحلية أو ناخبين مسجلين بناء على القانون الانتخابي. ولم يعرف متى ستتم إعادة النظر في هذا الفصل. واتفقت الكتل النيابية مبدئياً، على انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، بعدما كان ينتخب من البرلمان. كما أسندت إلى رئيس الجمهورية صلاحيات رسم السياسة الخارجية والدفاعية للدولة والتعيينات في الوظائف الدبلوماسية العسكرية والمرتبطة بالأمن الوطني، إضافة إلى استشارته في تعيين وزيري الخارجية والدفاع. ويعتبر مراقبون أن النظام السياسي المحدد في الدستور الجديد، "مختلط" بين الرئاسي والبرلماني، إذ أعطى صلاحيات كبيرة للحكومة مقابل صلاحيات الدفاع والدبلوماسية وحل البرلمان لرئيس الجمهورية. وشهدت المناقشات حول الباب المتعلق بالسلطة القضائية، انقساماً حاداً بين نواب حركة النهضة وحلفائها ونواب المعارضة، إذ أكد رئيس الكتلة الديمقراطية المعارضة محمد الحامدي أن "كتلة حركة النهضة صوتت لمصلحة فصل ينص على عدم استقلالية القضاء وجعله تحت سطوة السلطة التنفيذية"، بينما ساندت كتلة "النهضة" إضافة تعديل إلى الفصل 103 ينص على أنه "تتم التعيينات في الوظائف القضائية بأمر من رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل". أثبتت الثورة التونسية أنها الحالة الأنجح في التحول من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، نظراً إلى يقظة الشعب التونسي، لاسيَّما منظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية المعارضة، والمنظمات النسائية، التي أبدت حرصاً كبيراً على أن يكون الدستور التونسي الجديد يعكس آمال الشعب التونسي في التطلع نحو بناء ديمقراطية جديدة، تسود فيها المساواة أمام القانون. إضافة إلى أن طبيعة الثورة السلمية التونسية ويقظة المجتمع المدني، فرضتا على حركة النهضة أن تكون متمايزة عن الإخوان المسلمين في مصر. وهذا ما قاد إلى تكريس سياسة التوافق الوطني بين سلطة النهضة والمعارضة، تجاه عملية الانتقال الديمقراطي بدلاً من سياسة الغلبة والتفرد بالسلطة. إن التوافق بين الخصوم في العمل السياسي هو جوهر العملية الديمقراطية. وأثبتت التجربة التونسية أيضاً أن التوافق والحوار الوطني المفضي إلى التنازلات السياسية بين السلطة والمعارضة تغليبا لمصلحة الوطن والشعب هو الطريق الأسلم والأنجع للتغلب على الأزمات الكبيرة.
581
| 16 يناير 2014
بعد أن تمت مناقشة قانون المالية في المجلس الوطني التأسيسي في الفترة الأخيرة، الذي أثار موجة من الاستياء العام لدى كافة الطبقات والفئات الاجتماعية، انفجرت الأوضاع في مختلف المدن التونسية، لاسيَّما في الولايات الفقيرة والمهمشة تاريخياً، تنديدا واحتجاجاً على قانون ميزانية الدولة للعام الحالي وبسبب غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية للمواطن. فقد اجتاحت موجة من العنف والمواجهات بين المحتجين وقوات أمن غالبية المدن التونسية يوم الأربعاء 8 يناير الجاري، خلال احتجاجات شعبية على ضرائب جديدة فرضتها الحكومة التي تقودها حركة "النهضة" الإسلامية. لقد انطلقت حركة الاحتجاجات الشعبية، خلال الأسبوع الماضي، من مدينة القطار في ولاية قفصة في جنوب غربي تونس، حيث أقدم عدد من شبان المنطقة على إحراق العجلات وإغلاق مداخل الجهة احتجاجا على غلاء المعيشة وعلى التعيينات الأخيرة في "شركة فسفاط قفصة"، وهي أكبر شركات استخراج الفسفاط في شمال إفريقيا. ثم عمت الاحتجاجات بقية المدن التونسية، من الشمال الغربي، إلى الأحياء الشعبية والفقيرة المتاخمة لتونس العاصمة، مرورا بمدينة القصرين في الوسط التونسي، التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية قبل ثلاث سنوات، حيث خرج المحتجون في مسيرات غاضبة، حاصروا مقر حركة "النهضة" الإسلامية، ثم تمكنوا من اقتحامه وحرقه بالكامل.ورغم أن قوات الأمن كانت تحمي هذا المقر، واستخدمت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإبعاد المتظاهرين، فإنها لم تتمكن من الصمود أمام الحشود الغاضبة، حيث انسحبت من المكان قبل أن يتم اقتحام المقر وحرقه.ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد، أن حرق مقرات حركة "النهضة" الإسلامية تكرر خلال الأشهر الماضية في عدد من المدن التونسية، وذلك تعبيراً على غضب المواطنين من أداء هذه الحركة التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد. ففي معظم المدن التونسية المنتفضة، كان المتظاهرون يشتكون من تواصل تهميش الولايات الفقيرة وعدم تخصيص اعتمادات في ميزانية التنمية للعام 2014 لبعث مشاريع تنموية تشغل الناس العاطلين عن العمل، إضافة إلى مطالبتهم بإلغاء الضرائب المقررة والتخفيض في الأسعار، وتوجيههم الاتهام لحركة "النهضة"، بإقرار ضرائب تعجيزية للمواطنين في إطار إيجاد موارد لـ"صندوق الكرامة"، الذي استحدثته حركة "النهضة" لتعويض مساجينها السياسيين. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل القائد للرباعي الراعي للحوار الوطني، والحاضن الاجتماعي تاريخيا لكل أطياف المعارضة التونسية من أقصى اليسار إلى الإسلاميين مرورا بالقوميين، قد وضع كل ثقله في هذه الاحتجاجات، عندما أصدر بياناً يوم الأربعاء 8 يناير الجاري، أكد فيه رفضه لميزانية العام الحالي، معتبراً أنها لا تستجيب لمطالب الشرائح الضعيفة والمتوسطة من الشعب التونسي. كما عبر "اتحاد الفلاحين" أيضا عن رفضه لهذه الإجراءات التي أقرتها الدولة بحق الفلاحين، فارضة ضرائب عالية على صغار الفلاحين، ما أثقل كاهلهم خاصة بعد سنة شحيحة في الإنتاج.أما "حركة النهضة" فقد ردّت على احتجاج المواطنين ببيان أصدره زعيمها الشيخ راشد الغنوشي، يوم الأربعاء الماضي، حيث عبر عن تفهمه لهذه الاحتجاجات، مشددا على أنها رفض للإتاوات والضرائب.بدوره، عقد وزير المالية إلياس فخفاخ، المنتمي لـ"حزب التكتل" شريك "النهضة" في الحكم، ندوة صحفية طارئة، يوم الأربعاء الماضي، عبّر فيها عن استيائه من هذه التحركات، معتبراً أنّ ما يروج عن قانون المالية محض مغالطات. المتابع للأوضاع التونسية، يلمس بوضوح أن هذا البلد العربي الذي فجر ربيع الثورات العربية في شهر يناير 2011، لا يزال يعيش حالة من الغليان الثوري على الصعيد الاجتماعي، والسبب في ذلك أن حكومة حركة "النهضة" التي استلمت السلطة في شهر نوفمبر 2011، استمرت في اتباع نهج الليبرالية الاقتصادية الذي كان سائداً في مرحلة ما قبل الثورة. فإلى جانب الثروات التي جلبتها العولمة الليبرالية، التي انخرطت فيها تونس منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، والتي استفادت منها الطبقة المتوسطة الاستهلاكية بسبب التوسّع في سياسة الإقراض لشراء السيارة والمنزل، حلّ في المقابل الفقر والبطالة ليهمّشا محافظات تونسية بأكملها من جراء انتهاج سياسات تعمق حجم الاختلال التنموي بين الجهات والمناطق. وكان نظام بن علي البوليسي يفاخر دائماً بأن الطبقة المتوسطة تبلغ 80 في المئة من مجموع الشعب التونسي، لكن دراسة للبنك الدولي تحدثت عن 47 إلى 48 بالمئة باعتبارها نسبة الطبقة المتوسطة من مجموع الشعب. وهذا الرقم (47 – 48 بالمئة) ليس رقماً سلبياً على أي حال. ويأتي توسع وتضخم هذه الطبقة المتوسطة الاستهلاكية التي تمثل نصف البيئة الاجتماعية التونسية، في سياق انخراط تونس في إطار العولمة الليبرالية، والدعم الغربي القوي للتجربة التونسية من خلال تدفق القروض على تونس من بنك الاتحاد الأوروبي، وكذلك تسارع رؤوس الأموال الغربية والخليجية على الاستثمار في تونس، الأمر الذي أسهم في زيادة معدلات التنمية في تونس أعلى نسبيا مما هي عليه في البلدان العربية المجاورة. وإذا كانت فترة الليبراليّة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قد خلقت بضعاً من طبقة متوسّطة استهلاكيّة، فإنها فشلت في تحقيق قفزة في النموّ الاقتصاديّ، لدرجة أنّ معدّلات النموّ كانت وسطيّاً أعلى في الفترة التي سبقتها. وإن كانت هذه الفترة قد فاقمت البطالة والفقر في الولايات المهمشة في الشمال الغربي، والوسط، والجنوب التونسي، وعمقت الفوارق الاجتماعيّة، لدرجة أنّ هناك ناسا يموتون في قوراب أو شاحنات بحثاً عن هجرةٍ إلى الشمال. ليسوا فقط فلاّحين قحلت أرضهم، بل أيضاً جامعيّون. وإذا كان أهمّ إيراد للطبقات الفقيرة هو تحويلات العمّال المهاجرين، فماذا يمكن أن تقدّمه حكومة حركة النهضة الإسلامية الحاكمة إلى الشعب التونسي عامة، والولايات الفقيرة خاصة، في زمن أزمة تشتدّ استعاراً؟ في زمن الثورة، الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة لها الأولويّة، وهذه الحقوق لا تُعطى، بل تؤخذ عبر النضالات على الأرض، من قبل من تردّت كثيراً أوضاعهم الاجتماعيّة، وأيضاً ذلك الجزء من الطبقة المتوسّطة الذي يخسر اليوم ما أكسبه إيّاه زمن الانفتاح. وهذه النضالات تتطلّب إمكانيّة، بل حريّة التظاهر والإضراب والاحتجاج، ولكن كذلك هذه الحريّات لا تمنح، بل تؤخذ. تونس تعيش بوادر انتفاضة اجتماعية جديدة تنخرط فيها معظم الطبقات والفئات الاجتماعية الشعبية على خلفية مناهضة قانون الميزانية الجديد، وتدهور القدرة الشرائية للمواطن. فها هو البعد الاجتماعي الذي كان المفجر الرئيسي للثورة التونسية، يعود من جديد في زمن حكم الإسلاميين.فقد أبصرت الثورة قبل ثلاث سنوات النور من الريف التونسي، وتحديداً من المحافظات المحرومة والمهمشة تاريخياً التي تقع في الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقصرين) باعتبارها كانت تمثل تاريخياً مركز القبائل العربية (الهمامة والفراشيش وماجر)، التي أطاحت البربر في القرن الحادي عشر، وفجرت ثورة شعبية قادها علي بن غذاهم ضد نظام «الباي» المتسلط في سنة 1864. وعندما أدرك الباي قرب انتهاء سلطته أعلن رضوخه للمطالب، ولم تكد الحركة الشعبية تتراجع حتى أرسل الباي الجنرال زروق لتصفية الثائرين، وأعدم القيادي علي بن غذاهم. وتنسج سلطة القبائل هذه الموروثة من تاريخ تونس الطويل، حتّى قبل الوجود الفرنسي في البلاد (1881-1956)، شبكة من العلاقات الاجتماعية في مناطق مختلفة. وقد كان لهذه الشبكة القبلية فعلها في الثورة التونسية الحديثة التي انطلقت من محافظتي سيدي بوزيد والقصرَين وتالة. هذا الأمر مفهوم، لأن النخبة السياسية - الإدارية المسيطرة على مجموع الدولة- الحزب الواحد بقيادة الحبيب بورقيبة، والتي نقلت تونس من حكم القبائل إلى الدولة الحديثة، لم تكن نخبة ثورية بالمعنى الدقيق للكلمة، ولم تتحرر هي أيضا من منبت "عصبيتها" الساحلية، إذ ركزت التنمية في المناطق الساحلية الشرقية مثل (المنستير وسوسة والمهدية، وصفاقس)، كما في الشمال (بنزرت)، أي في المناطق ذات التقليد التجاري الكبير، حيث تترجم في المقابل أسماء العائلات والانتماءات الاجتماعية الدور الرئيسي للروابط المهنيّة القديمة. وأهملت السلطة التونسية العديد من المحافظات الداخلية الواقعة في الوسط الغربي، والجنوب. إنها الخاصية التي تتميز بها تونس المنقسمة مناطقيا (جهويا)، والخاضعة لقانون التطور اللامتكافئ على صعيد التنمية، وعلى صعيد التوزيع غير العادل لفوائد النمو والتنمية، بين المناطق الشرقية، الواقعة على الشريط الساحلي، والمناطق الداخلية، إذ ظل هذا التفاوت الموروث من فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة (1956 – 1987) يتعمق طيلة العقدين الماضيين. وبهذا المعنى نفهم لماذا انطلقت هذه الثورة الاجتماعية غير المسبوقة من الوسط الغربي، وانتشرت أساسا في المناطق المحرومة التي تُعاني من التهميش. وفي أجواء الشعور بالحيف الجهوي والغبن الساري بين أبناء تلك المحافظات المنسية، ترعرعت مُسوغات التمرد الجماعي، الذي لم يكن ينتظر أكثر من عود ثقاب، سرعان ما قدحه الشاب بوعزيزي بإقدامه على فعل تراجيدي شديد الرمزية، مكثف الدلالة، بعيد الصدى. الولايات الفقيرة والمحرومة التي انطلقت منها الثورة، هي نفسها التي انطلقت منها الجماهير الشعبية الغاضبة في عهد حكم "النهضة"، لاسيَّما جماهير الفلاحين الفقراء المستائين من عدم تشريكهم في حلحلة الوضع السياسي في البلاد في أكثر من مناسبة والذين يتهمون حكومة "النهضة" بممارسة سياسة الإقصاء ضدهم رغم أنهم كانوا وقودا للثورة بالجهات المحرومة وحرصوا على تزويد البلاد بالمواد الغذائية في أصعب فترات الثورة ومازالوا.وتتمثل مطالب الفلاحين من الحكومة بالزيادة في الأجور، لأن رزقهم على الله ولم يطلبوا امتيازات جبائية اعترافا بمجهوداتهم الجبارة قبل الثورة وأيام الثورة كما أنهم حريصون على المطالبة بحقوقهم بطرق سلمية، لاسيَّما منها تسوية ملف المديونية.
567
| 11 يناير 2014
في صباح يوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2013، تم اعتقال زعيم جماعة "أنصار الشريعة" في تونس سيف الله بن حسين، المعروف أيضا بـ"أبو عياض"، في مدينة صبراتة الليبية، من خلال مشاركة قوات أمريكية خاصة مدعومة بقوات ليبية ومجموعة من الأهالي، إلى جانب مشاركة من عناصر استخباراتية عربية، وتحديداً جزائرية، حيث قالت مصادر ليبية واسعة الاطلاع إنه كان مرصوداً منذ مدة في المنطقة، مشيرة إلى أن الطائرات دون طيار، التي يعتقد أنها أمريكية، كانت تضع المنطقة تحت المجهر قبل اعتقاله. وتُعَّدُ عملية اعتقال "أبو عياض" الذي كان في حماية مفتاح الذوادي، أحد قادة الجماعة الليبية المقاتلة سابقاً، وهو أحد المعتقلين في سجن أبو سليم وينتمي إلى منطقة صبراته الليبية، ثاني عملية خطف تنفذها قوات خاصة أمريكية على الأراضي الليبية، حيث سبق أن اعتقلت قوات أمريكية نزيه الرقيعي، المكنى بـ"أبو أنس الليبي"، من أحد شوارع العاصمة الليبية طرابلس في شهر أكتوبر الماضي بدعوى تورطه في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، وأنه قيادي في تنظيم "القاعدة". ويأتي إلقاء القبض على "أبوعياض" بعد ثبوت إدانته في العديد من الجرائم الإرهابية، لعل أبرزها: 1- مقتل القنصل الأمريكي بالسفارة الليبية "كريستوفر ستيفنز"سفير الولايات المتحدة الأمريكية في بنغازي يوم 11 سبتمبر 2012. وكان "أبوعياض" دفع بأنصاره للقيام بالهجوم على مقر السفارة الأمريكية في منطقة البحيرة بتونس العاصمة، وحرقها، كردّ فعل على نشر صور مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم 14 سبتمبر 2012، والذي نتج عنه اعتقال حكومة "النهضة" ناشطين سلفيين، وصل عددهم إلى 144، بتهمة مهاجمة السفارة الأميركية، وهو هجوم تسبب في مقتل أربعة تونسيين وجرح 49 آخرين، إضافة إلى إحراق 100 سيارة لموظفين في البعثة الدبلوماسية، وتدمير تجهيزات في المدرسة الأميركية القريبة من السفارة. وكان أبرز الموقوفين قيادي في تنظيم "أنصار الشريعة" يدعى أبو أيوب صدر حكم بسجنه سنة بتهمة التحريض على مهاجمة البعثة الدبلوماسية الأمريكية. والظاهر أن زعيم "أنصار الشريعة" سيف الله بن حسين المعروف بـ"أبو عياض التونسي" كان أيضاً من السلفيين المطلوب توقيفهم في قضية السفارة، لكنه نجا من الاعتقال آنذاك، إثر انتهاء الخطبة التي ألقاها يوم 17 سبتمبر 2012، حيث قامت قوات الأمن الداخلي بتطويق جامع الفتح بالعاصمة التونسية للقبض على زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" المطلوب للعدالة، وقامت بمحاصرة المسجد من كل الأماكن. فرفض أنصار "أبو عياض" تسليم زعيمهم لقوات الأمن الداخلي التي طوقت جامع الفتح وبعد نصف ساعة من محاولة إقناع الأمنيين لـ"أبو عياض "بضرورة تسليم نفسه فوجئ الأمنيون بقرار "فوقي" من وزارة الداخلية التي كان يقودها رئيس الحكومة الحالي السيد علي العريض، يطالبهم بالتراجع الفوري والسماح لـ"أبو عياض" بمغادرة المكان وهذا ما حصل فعلاً. وقد عللت وزارة الداخلية هذا القرار بأنه تفادياً لسقوط ضحايا من الجانبين. 2 ـ يوم 6 فبراير2013: خلية إرهابية تابعة لتنظيم" أنصار الشريعة "تغتال القائد اليساري، أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، شكري بلعيد أمام منزله بفتوى وقرار من زعيمهم ابو عياض. 3 ـ سقوط قتيلين من تنظيم "أنصار الشريعة" بحي التضامن بعد منع قوات الأمن عقد مؤتمر التنظيم السنوي الثالث دون التقيد بالإجراءات القانونية في مايو 2013. 4 ـ اغتيال النائب القومي الناصري محمد البراهمي في 25 يوليو 2013 أمام منزله من قبل أبوبكر الحكيم ولطفي الزين بأمر من زعيم تنظيم "أنصار الشريعة أبو عياض". 5- يوم 29 يوليو 2013 ذبح 8 جنود في جبل "الشعانبي" التابع لولاية القصرين من قبل خلية إرهابية يقودها كمال القضقاضي المساعد الشخصي لأبو عياض. 6 ـ 4 أغسطس 2013: توفي جندي تونسي وجرح 7 آخرين بعد تفجر لغم بجبل الشعانبي وضعته خلية إرهابية تابعة لتنظيم أنصار الشريعة. 7 ـ يوم 18 أكتوبر 2013 عمدت مجموعة من الإرهابيين المنتمين إلى تنظيم "أنصار الشريعة "إلى قتل ثلاثة عناصر من قوات الأمن بقبلاط التابعة لولاية باجة. 8 ـ يوم 23 أكتوبر 2013 اغتيال مجموعة من قوات الحرس الوطني من قبل مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم أنصار الشريعة. وقد أدّت العمليات لإرهابية المختلفة التي نفذتها العناصر المرتبطة بتنظيم "أنصار الشريعة" خلال عام 2013 بحسب الأرقام الرسمية التونسية إلى استشهاد 23 عنصراً أمنياً وعسكرياً، وكذلك إصابة عدد آخر هام من أعوان الأمن والعسكريين بسبب انفجارات الألغام وهي إصابات طالت أرجل الأمنيين وطالت المدرعات العسكرية. في المقابل تم إلقاء القبض بحسب المصادر عينها على حوالي 885 إرهابيّا وتصفية 11 عنصراً منهم. وكان رئيس الحكومة التونسية المؤقتة السيد علي العريّض أعلن في شهر أغسطس 2013 تصنيف تيار "أنصار الشريعة" المحظور كـ"تنظيم إرهابي"، على خلفية اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي، وأصدرت الحكومة التونسية مذكرة اعتقال دولية ضد "أبو عياض" (48 سنة) الذي فرّ إلى ليبيا، في حين اتهم وزير الداخلية السيد لطفي بن جدو تنظيم "أنصار الشريعة" بالضلوع في جريمتي اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبقتل عناصر من قوات الجيش والأمن الوطنيين في أحداث إرهابية، وإدخال أسلحة مهربة من ليبيا إلى تونس وبالتخطيط "للانقضاض على الحكم بقوة السلاح" وإعلان طأول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا".
564
| 06 يناير 2014
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
4575
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4191
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4083
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1533
| 26 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1296
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1254
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1050
| 29 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
954
| 23 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
930
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية