رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

نجاح وساطات قطر.. في جمع الخصوم وحل النزاعات

أضافت دولة قطر انجازاً جديدا يضاف لسجلها الحافل بنجاحات دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات، لكون قطر وسيط نزيه ومحايد انخرطت من اليوم الأول بوساطة ومثابرة وتصميم لوقف حرب الإبادة التي تشنها آلة القتل الإسرائيلية على قطاع غزة وشعبها النازف والمحاصر والنازح، وذلك برغم العراقيل والصعوبات والعقد التي وضعها نتنياهو وحكومته المتطرفة وتغيير وإضافة شروط ومطالب وشن المزيد من الغارات والقصف لإفشال أي فرصة لنجاح الوساطة. ولكن كل ذلك لم يثن قطر عن التمسك والإصرار على مدى أكثر من 15 شهرا برغم وساطة قطر ومصر ولعب الولايات المتحدة دورا مزدوجا، بدعم واسناد وتغطية حرب إسرائيل على غزة بالمال والسلاح والغطاء السياسي والفيتو في مجلس الأمن، والتوسط لوقف الحرب!! نجاح الدبلوماسية القطرية مستمد من تطوير ديناميكية دبلوماسية الوساطة المعقدة لحل النزاعات وتحقيق الاختراقات وتوظيف الخبرة لإدارة الصراعات والتوسط بطلب من الأطراف المتصارعة، كما نتابع في حرب إسرائيل على غزة. لذلك نجاح وساطة قطر بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والرهائن، يشكل إنجازا مهما وانحياز أخلاقيا وقيميا يعزز ويعضّد دور قطر وسيطاً يلعب دورا حيويا في إدارة وحل النزاعات الإقليمية وحتى دولياً. والقدرة على جمع الأضداد تحت سقف واحد- كما شهدنا خلال العقدين الماضيين بين أمريكا وإيران وأمريكا وأفغانستان وفي السودان ولبنان ومنذ حرب طوفان الأقصى بين حماس وإسرائيل، حتى بين روسيا وأوكرانيا. وتلك شهادات تؤكد نجاح قطر الوسيط النزيه والناجح بكسب ثقة الأطراف المتصارعة. وهذه ميزة لا تملكها كثير من الدول في المنطقة وخارجها. نجحت مثابرة الوساطة القطرية بدعم من مصر وأمريكا، بتحقيق اختراق كبير نتيجة لجهود وساطتها في نوفمبر 2023- بين إسرائيل وحماس- تستضيف الدوحة قيادتها في الخارج بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية. هذه العلاقة والانفتاح منح قطر نفوذاً وثقة قيادة حماس للتواصل والتنسيق. نجحت وساطة قطر بالتوصل لصفقة وقف إطلاق النار في غزة لمدة أسبوع وتبادل 117 رهينة إسرائيلي ومزدوجي الجنسية وخاصة الأطفال والنساء أفرجت إسرائيل عن حوالي 300 أسير وأسيرة فلسطينية بينهم أطفال وشباب -أغلبيتهم لم تُوجه لهم تهم أو تم إدانتهم. حسب بنود الاتفاق ستفرج إسرائيل في المرحلة الأولى عن أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم 290 أسيراً فلسطينيا محكوما بأحكام مؤبدات- و500 من ذوي الأحكام العالية، وحوالي 1000 أسير من الذين اعتقلتهم إسرائيل منذ شن حربها على غزة في 7 أكتوبر الأول 2023، مقابل إفراج حماس عن 33 أسيرا إسرائيليا بينهم وشباب دون 19 عاما وكبار السن فوق 50 عاماً. وأكد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن الاتفاق «أن الدور الدبلوماسي لدولة قطر في الوصول لهذا الاتفاق هو واجبنا الإنساني قبل السياسي»، معربا عن شكره لمصر والولايات المتحدة الأمريكية..».. «ونأمل أن يُسهم الاتفاق «ببدء مرحلة جديدة لا يتم فيها تهميش هذه القضية العادلة، والعمل الجاد على حلها حلا عادلا وفق قرارات الشرعية الدولية». كما عبّر رئيس الوزراء وزير الخارجية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بمقابلة مع قناة الجزيرة: «أننا فرحون بالاتفاق كفرح أهل غزة ونأمل أن يطبق الاتفاق وإنهاء المأساة. ونؤكد أهمية حشد الدعم الدولي لغزة ووضع الآليات لدعم الأسر المنكوبة في غزة. وكانت الأيام الأخيرة من المفاوضات حاسمة، والعمل المشترك للإدارتين الأمريكيتين كان له دوره الحاسم بالتوصل للاتفاق. وننتظر من مجلس الأمن إصدار قرار ملزم بتنفيذ الاتفاق. وتم التوصل لبروتوكول انساني بشأن آلية إدخال المساعدات لمنع الابتزاز. وواجبنا كدول عربية دعم الوفاق الفلسطيني وصولا لإنهاء الانقسام». وانتقد رئيس الوزراء «المزايدات والابتزاز الرخيص ضد دورنا...، ولم يقدم منتقدو قطر شيئا سوى الصراخ». وموقف قطر كوسيط واضح بأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب هو شأن فلسطيني. ويبقى التحدي هل سيلتزم نتنياهو وحكومته المتطرفة بالالتزام وتطبيق بنود الاتفاق في مراحله الثلاث أم سيراوغ ويماطل ويخرقه كعادتهم؟! سبق وأكدت في مقالي في الشرق في أغسطس 2023: بعنوان «تميز قوة قطر الناعمة يعزز وساطة حل النزاعات»-»تؤكد النظرية الواقعية على محدودية دور «الدول الصغيرة في العلاقات الدولية». لكن ذلك لا يمنع صناع قرار دول صغيرة من لعب دور مميز تُعوّض به محدودية القوة السياسية والعسكرية والديموغرافية، بقوة ناعمة مميزة». وكتبت وناقشت في محاضرات ظواهر تغييرات موازين القوى في النظام العالمي، برغم محدودية دور وقلة خيارات الدول الصغيرة وقدراتها العسكرية- في العلاقات الدولية-لكننا نشهد استثناءات لتلك النظرية-بدأتها دولة الكويت التي لعبت من استقلالها الكامل عن بريطانيا عام 1961، لتنخرط في تحقيق مبدأها صناعة السلام وتوظيف قدراتها المالية لدعم التنمية في الدول العربية عبر الصندوق الكويتي للتنمية منذ عام 1961. لتنتقل الراية إلى دولة قطر بلعب دور يعزز مكانتها وتتجاوز محدودية قدراتها بالانخراط بتطوير قدراتها لإدارة وحل النزاعات بدبلوماسية الوساطة المعقدة، وكُتبت كتب وأطروحات ماجستير ودكتوراه أشرفت على بعضها. وتستمر قطر بتراكم نجاحاتها بحل النزاعات، وتعزيز قوتها الناعمة بلعب دور بناء ومؤثر بحل الأزمات وإنهاء الصراعات، يتجاوز منطقة الخليج العربي. وما يعزز مكانة ودور قطر النجاح بمزج قدراتها المتعددة في مجال أمن الطاقة والثقافة، والفنون، والتعليم والثقافة والمدينة الجامعية، والإعلام (شبكة الجزيرة) والرياضة (استضافة كأس العالم كأول دولة خليجية وعربية ومسلمة وبي ان سبورت). وتطوير قدرات الغاز المسال لتصبح قطر بين الدول الأهم المصدرة للغاز المسال في العالم. وترتبط بعقود طويلة الأمد مع الصين ودول آسيوية وأوروبية. وحتى أثناء الأزمة الخليجية (2017-2021) أوفت قطر بالتزاماتها بمسؤولية بعقود الغاز المسال، ما أكسب قطر مزيدا من الثقة والتقدير.

822

| 19 يناير 2025

2025 عام الفرص والتحديات لدول مجلس التعاون الخليجي

تواجه دول مجلس التعاون الخليجي فرصاً وتحديات عديدة هذا العام - بعد نجاح دولنا الست مجتمعة بلعب دور قيادي في النظام السياسي والأمني العربي، تمثل باستضافة قمم عربية وخليجية وإسلامية استضافتها المملكة العربية السعودية ودولة الكويت- وحتى الوساطة بين روسيا وأوكرانيا لإطلاق سراح متبادل للأسرى. ووساطة قطر المستمرة لوقف حرب الإبادة على غزة برغم جميع العراقيل والشروط التعجيزية التي يضعها نتنياهو وحكومته المتطرفة. إضافة للتحولات الكبيرة والسريعة التي شهدها عام 2024 من الخليج إلى المتوسط وضرب إيران ومحورها وسقوط نظام الأسد وتوسع عدوان واحتلالات إسرائيل، وصولاً لدخول اليمن حلبة الصراع والمواجهة وأمن البحر الأحمر وبحر العرب. وانتهاء بالترقب والقلق من عودة ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك وبالرغم من زلازل منطقتنا بحرب إبادة إسرائيل على غزة في شهرها الخامس عشر، والانتكاسات المتلاحقة لمحور المقاومة وإيران قائدة المحور وحلفائها في غزة ولبنان واليمن - واغتيالات قادة حماس وحزب الله وتوجيه ضربات داخل إيران نفسها، وسقوط نظام الأسد في سوريا يضرب نفوذ إيران بخسارة استراتيجية، كما يعترف قادة الحرس الثوري الإيراني، ويعمق تراجع نفوذ إيران في المنطقة. ونجاح دفع مقاربات وضغوط الولايات المتحدة وفرنسا وأوروبا والطرف الخليجي بانتخاب الرئيس جوزيف عون بعد 25 شهرا من الفراغ الرئاسي في لبنان-وتأكيد الرئيس الجديد بخطاب التنصيب على الحياد الإيجابي ووجوب احتكار الدولة السلاح في لبنان، ما يعني تجريد سلاح حزب الله برغم صعوبة وعدم وضوح كيفية تحقيق ذلك، وعزمه تطوير أفضل العلاقات مع «الأشقاء العرب». ما يعني انتزاع لبنان من نفوذ حزب الله وإيران ولو بشكل تدريجي وعودة لبنان إلى الحضن العربي، وهذا تطور لافت يقوض من نفوذ إيران محورها ويضعف محورها. كما أن فوز وعودة ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة وتوعده بفرض المزيد من العقوبات على إيران وحتى التماهي مع ضغوط ومطالب نتنياهو بتحجيم قدرات وبرنامج إيران النووي يزيد الضغط المتزايد على إيران. فاز الرئيس دونالد ترامب، برغم ملاحقته بـ 34 تهمة جنائية فيدرالية وفي ولايتي نيويورك وجورجيا بالتدخل بانتخابات الرئاسة عام 2020-وتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس في موقعة الكونغرس الشهيرة لتعطيل المصادقة وتثبيت الرئيس المنتخب بايدن حينها، وصفها البعض بأشبه بأول انقلاب سياسي في أمريكا والديمقراطيات الغربية، وإدانته بتهمة التحرش بالكاتبة الصحفية جي ايه جي كارول قبل عقود في نيويورك، وقضية التلاعب والاحتيال المالي بمؤسسة ترامب ومنعه التعامل المالي والاستثماري ورئاسة شركات في نيويورك...وأصبح ترامب أول رئيس منتخب مدان لكن دون عقوبة السجن، بقضية «شراء الصمت» بدفع أموال للممثلة الإباحية ستورمي دانليز لعدم فضح العلاقات معها في انتخابات الرئاسة عام 2016. لتلك الأسباب كانت التوقعات استحالة فوزه، بل سينتهي به المطاف بالسجن، لكنه خالف توقعات الكثيرين وفاز بالرئاسة ثانية. تعلّم ترامب من تجربته الرئاسية الأولى مكانة ودور وأهمية استقرار وأمن الدول الخليجية. فلا مجال للمخاطرة بحالة الاستقرار الخليجي، برغم الأعاصير والزلازل المحيطة بنا. وكذلك يدرك ترامب نفسه، ورغبة دول الخليج، وكذلك إيران للحاجة وأهمية عدم الإخلال بالأمن والابتعاد عن التصعيد غير المدروس والمجدي، الذي لا يرغب فيه أحد سوى نتنياهو ووزرائه المتشددين. ولتهديده الاستقرار وأمن الطاقة وانعكاساته السلبية على الاقتصاد العالمي. وكان لافتا استنكار وتنديد دول مجلس التعاون الخليجي بالاعتداءات الإسرائيلية على «سيادة إيران ومخالفتها للقوانين والأعراف الدولية». لذلك منطقيا وعقلانياً سيمتنع ترامب عن التصعيد العسكري ضد إيران، وذلك لتداعياته الخطيرة على أمن الطاقة والاقتصاد العالمي، وعلى المنشآت النفطية والحيوية على الحلفاء الخليجيين، التي هددت إيران بضربهم، على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وحتى على استثمارات ومصالح ترامب وشركاته ومؤسساته التي توسع حضورها في دول مجلس التعاون الخليجي!. خاصة أن تركيز وأولويات دول مجلس التعاون الخليجي تقديم الجيو-اقتصادي على الجيو-سياسي لتحقيق رؤى دول مجلس التعاون لعام 2030 و2035 و2040-بتنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على عوائد النفط والاندماج أكثر في الاقتصاد العالمي-وذلك يتطلب الاستقرار والالتفات لتعزيز التحالفات والامتناع عن التصعيد. ما سيعزز أمن منطقة الخليج العربي بضفتيه. ويمكّن جميع الأطراف بالخروج بمعادلة رابح-رابح. كتبت قبل شهر في الشرق عن مكانة دول مجلس التعاون الخليجي موضحا بأرقام واحصائيات المكانة الرائدة التي تحتلها دول المجلس ما يؤهلها لقيادة النظام العربي. أبرزها: بتجاوز مجمل الناتج الإجمالي لدول المجلس الست 1.2 تريليون دولار، يجعل اقتصادات المجلس في المركز 12 عالميا. وتجاوزت أصول صناديق الثروات السيادية الخليجية مجتمعة للإمارات والسعودية وقطر والكويت 4.4 تريليون دولار أمريكي، وتشكل أكثر من ثلث مجموع أصول أكبر 100 صندوق ثروة سيادية في العالم. ويبلغ مجمل الإنتاج النفطي الخليجي 16.7 مليون برميل نفط يومياً، الأول عالميا. وتحتل دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الأولى عالمياً باحتياطات النفط بواقع 511 مليار برميل نفط. والأولى باحتياطات الغاز الطبيعي بـ 44.2 مليار قدم مكعبة، والمرتبة الثانية في تسويق الغاز المسال عالميا 463.5 مليون متر مكعب. ووقعت دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيات تجارة حرة مع 10 شركاء تجاريين أبرزها الصين-ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والمملكة المتحدة والهند وكوريا الجنوبية.. ومع بداية عام 2025 رسخت دول مجلس التعاون الخليجي مكانتها اللاعب الأكثر تأثيرا ومركز الثقل في النظام العربي وتشكيل وصياغة الموقف العربي. شهدنا ذلك في مواقف ومناسبات وفي القمم والمواقف خلال الأعوام الماضية. صارت دول مجلس التعاون الخليجي في موقع مميز يمنحها كثيرا من الفرص، لكن يرافق ذلك كثير من التحديات والتهديدات التي تفرض علينا التعامل معها بتوازن وحكمة.

669

| 12 يناير 2025

حصاد 2024.. عام التغييرات الكبرى.. وخسارة القادة والأحزاب الحاكمة

حصاد 2024.. عام التغييرات الكبرى.. وخسارة القادة والأحزاب الحاكمة ترك عام 2024 خلفه تركة ثقيلة، ورحّل الأزمات لعامنا الحالي. البداية الدموية لأحداث عام 2025، لا تجعلنا نتفاءل بتحولات نحو التهدئة وخفض التوتر والتصعيد والحروب العبثية التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف حول العالم. ويبقى الجرح النازف-القضية الفلسطينية في عامها 77 منذ نكبة عام 1948-وتصاعد حرب إبادة إسرائيل على غزة للشهر الخامس عشر. وتوسع رقعة الحرب لسوريا من أبرز احداث عام 2024 بسقوط نظام الأسد وفراره، وإضعاف أذرع إيران وتفكك التحالفات وتغير موازين القوى في المنطقة. وانكشاف الأمن القومي العربي بالاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية وفشل النظام الأمني العربي في التصدي وردع عدوان الصهاينة، تبقى أبرز التحديات القادمة أمام النظام العربي. استمر نتنياهو بالخضوع والتماهي مع زمرة المتطرفين في حكومته، بقيادة وزير الأمن الداخلي بن غفير ووزير المالية سموترتش ورفضهم وقف الحرب، وعقد صفقة تبادل الأسرى، خشية تفكك تحالفه وسحب الثقة من حكومته وخسارته المتوقعة لانتخابات الكنيسيت، ونهايته السياسية بمحاكمته وسجنه على خلفية تهم جنائية. عُرف عام 2024 بعام الانتخابات الأكبر في التاريخ الحديث. شاركت 49% من شعوب العالم-أكبر عدد من الناخبين- في التاريخ في عام واحد، بانتخابات رئاسية وبرلمانية في 64 دولة حول العالم، بما فيها انتخابات الاتحاد الأوروبي. جرت انتخابات في دول مؤثرة وفاعلة في النظام العالمي-في الولايات المتحدة-روسيا-بريطانيا-فرنسا-إندويسيا-الجزائر-تونس-إيران-اليابان-المكسيك-كوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا وغيرها. في عام 2024 سقطت أنظمة ظنت شعوبها أنه متمرسة وراسخة بعد الفوز بفترة رئاسة رابعة، وفر قادتها هربا للخارج أبرزهم بشار الأسد في سوريا والشيخة حسينة في بنغلاديش. وفي باكستان اُعتقل عمران خان رئيس الوزراء السابق والسياسي الأشهر والأكثر شعبية وتحجيم واعتقال قيادات حزبه «إخلاص» لحرمانهم من المشاركة في انتخابات فبراير الماضي. وفي أوكرانيا تذرع الرئيس زيلنسكي بالحرب لتأجيل انتخابات الرئاسة في العام الماضي. بينما صرح السيناتور الأمريكي راند بول أن أمريكا في أحلك ظروفها في الحرب الأهلية التي خسرت 600 ألف مواطن في القرن التاسع عشر-لم تؤجل الانتخابات. لكن الانتخابات الأهم والأكثر تأثيرا على مجريات الأحداث في الداخل وحول العالم كانت انتخابات الرئاسة والكونغرس الأمريكي وفوز ترامب وعودته التي تثير الكثير من التساؤلات والمخاوف في الداخل الأمريكي المنقسم وفي الخارج بين الحلفاء والخصوم، واختارت مجلة تايم الأمريكية في نهاية العام-ترامب شخصية عام 2024. سجل عام 2024 أكبر خسائر لقادة الدول وأحزابهم بخسارة عشرات الانتخابات على المستويين الرئاسي والبرلماني. وُصف عام 2024 في بدايته «بعام الديمقراطية» لكن الواقع كان عام 2024 عام سقوط رؤساء الدول والحكومات والأحزاب. واللافت حسب دراسات مقارنة أن جميع الأحزاب التي خاضت انتخابات خسرتها في الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بخسارة كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن والتي حلت مكانه في منافسة شرسة مع الرئيس العائد دونالد ترامب. ولم تقف خسارة بايدن وهاريس والديمقراطيين على خسارة البيت الأبيض، بل كانت خسارة كاملة بخسارة مقاعد الأغلبية في مجلس الشيوخ أيضا والإبقاء على أغلبية الجمهوريين وإن تراجعت في مجلس النواب. وخسر حزب المحافظين ورئيسه سوناك انتخابات البرلمان في بريطانيا في مايو الماضي. وكذلك خسر حزب الرئيس ماكرون في فرنسا الانتخابات البرلمانية في فرنسا، ومع نهاية العام تصاعدت المطالبات باستقالته بعد سحب الثقة من ثاني حكومة تشكل خلال أشهر. وكذلك خسر حزب رئيس الوزراء مودي الهندي الهندوسي المتشدد BJP أغلبيته في البرلمان في يونيو الماضي. وكذلك خسر حزب رئيس جنوب أفريقيا الحاكم حزب الكونغرس الوطني أغلبيته في البرلمان في الشهر نفسه. وبنهاية عام 2024 كان المشهد السياسي في ثلاث ديمقراطيات غربية كبيرة في ألمانيا وفرنسا وكندا يظهر احتقان سياسي أدى لحجب الثقة عن حكومة المستشار شولتز في ألمانيا والدعوة لانتخابات برلمانية في ألمانيا في ديسمبر الماضي، وترنح حكومة ترودو في كندا بعد استقالة وزيرة المالية مع توقع انتخابات مبكرة أيضا. واحتقان وشلل سياسي في فرنسا! كما خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم منذ عام 1955 في اليابان أغلبيته للمرة الأولى بسبب فضائح مالية. أرجع مركز بيو لاستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة سبب خسارة القادة والأحزاب في السلطة إلى شعور غالبية الناخبين بحالة الإحباط بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وخاصة ارتفاع الأسعار والتضخم. لدى غالبية الناخبين في استطلاع للرأي شمل 24 دولة. وإلى تراجع جاذبية الديمقراطية وأن الأحزاب الرئيسية في تلك الأنظمة لا تمثل أفكارهم وتطلعاتهم. وكما يعلق أحد الباحثين «ارتفاع نسبة البطالة تضعف الحكومات ولكن التضخم يقضي على الحكومات ويسقطها». وعند مقارنة نتائج انتخابات عام 2024 في الغرب تتكشف الكارثة الكبيرة. حسب دراسة علمية قال بروفيسور العلوم السياسية Steven Levitskyمن جامعة هارفرد: «خسر منذ جائحة كورونا عام 2020 القادة والأحزاب الحاكمة في مناصب رئاسية ورؤساء وزراء وبرلمانات في الغرب 40 من 54 انتخابات جرت في دولهم». مُني حزب العمال البريطاني بقيادة سوناك بأكبر هزيمة في تاريخه منذ عام 1832 بانتخابات يوليو الماضي، بعد 14 عاما متوالية في الحكم في بريطانيا، كما زعزعت أحزاب اليمين المتشدد الحكومات في فرنسا وألمانيا، حيث تواجه الحكومتان الفرنسية والألمانية أكبر تحد. كما اكتسبت الأحزاب اليمينية المتطرفة المعادية للمهاجرين واللاجئين زخماً ومناصرين وناخبين بصعود اليمين تهدد بها الأحزاب الرئيسية، كما هو حال حزب اليمين بقيادة لابن في فرنسا وحزب الإصلاح بقيادة فاراج في بريطانيا. وحزب AfD في ألمانيا وحزب الحرية بقيادة رووت في هولندا. وفي سبع دول أوروبية صارت الأحزاب اليمنية المتشددة شركاء في حكومات ائتلافية. حصاد عام 2024 يدشن لمرحلة عدم استقرار، سنشهد أحداثها تتوالي في فصول عام 2025. كل عام وأنتم بخير.

684

| 05 يناير 2025

إسرائيل بغطاء غربي المهدد الأخطر للأمن القومي العربي !!

يفضح عدوان إسرائيل وحرب ابادتها وتراكم جرائم الحرب المستمرة على قطاع غزة والضفة الغربية وتهويد القدس والعدوان على لبنان وسوريا واليمن وحتى إيران، وصولا لقطع جميع متطلبات الحياة واستخدام الحصار والجوع سلاحا ضد الأبرياء العزل وتعقبهم في خيامهم ومستشفياتهم وتدمير مستشفياتهم ومساجدهم، وقتل المدنيين وترك جثثهم في الشوارع في مخيم جباليا لتنهشها الكلاب الضالة، حتى وصل الأمر لوفاة حديثي الولادة من البرد والجوع! حجم هولوكوست فاشية الصهاينة في مأساة العصر الحديث التي لم يكن في أكثر السيناريوهات سوءاً نتخيل معايشتها، وذلك بتواطؤ وشراكة الدول الكبرى! وأنا أكتب هذا المقال اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان آخر المستشفيات العاملة شمال قطاع غزة سبقه اقتحام المستشفى الاندونيسي-وقتل وخطف عشرات المرضى وأهاليهم والطاقم الطبي وقضى بعضهم حرقاً. واحرقت قوات الاحتلال المستشفى واعتقلت الجرحى والمرضى والطاقم الطبي بحجة أن المستشفى مقر لحماس!! وهو ما تنفيه حركة حماس. واضح تطبيق إسرائيل خطة الجنرالات بترحيل السكان قسراً وتدمير المستشفيات والتغيير السكاني وإخلاء شمال غزة من السكان وتحويلها لمنطقة عازلة بعد احتلالها! وحتى إعادة بناء مستوطنات، وكما روّج جاريد كوشنير بناء منتجعات فيلل فاخرة مطلة على البحر المتوسط. منذ طوفان الأقصى بقيادة حماس وفصائل فلسطينية وما تبعه من انتقام فاشي-عملية «السيوف الحديدية» من إبادة وتدمير ممنهج للبشر والحجر. يشمل الأطفال والنساء والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد وخيام اللاجئين. وارتفاع عدد الشهداء والمصابين والمفقودين لـ 150 ألفا ثلثهم شهداء وثلثا الشهداء نساء وأطفال. والكارثة تكبر إذا وُضعت في سياق الأرقام والنسب، بات 10% من سكان غزة بين شهيد ومصاب ومفقود، وتجاوز عدد النازحين واللاجئين مليونين. كما قُتل في غزة أكبر عدد من الصحفيين والإعلاميين خلال 15 شهرا أكثر من أي صراع في التاريخ! بالمقارنة قُتل في حرب فيتنام خلال 20 عاما 63 صحفيا ومراسلا، وقُتل في الحرب العالمية الثانية في 6 سنوات 69 صحفيا، بينما قتل في حرب غزة خلال 14 شهراً 201 صحافي وإعلامي!! وحشية وعدوان إسرائيل تمددت لشن حرب مدمرة جوية وغزو بري على لبنان أودت بحياة حوالي 4 آلاف وإصابة أكثر من 16 ألف ونزوح 1.4 مليون لبناني. كما استهدفت إسرائيل سوريا عدة مرات وخاصة بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الجاري. شنت إسرائيل أكثر من 500 غارة في يومين، ما يعد أكبر عدوان قصف جوي بتاريخ إسرائيل على سوريا. دمرت خلالها قدرات وترسانة الجيش السوري وخاصة سلاح الطيران والأسطول البحري ومخازن العتاد ومقار الأبحاث العلمية. وتقدمت في الجولان واحتلت المنطقة المنزوعة السلاح في جبل الشيخ في عدوان وقضم أراض جديدة بما يخالف اتفاق فض الاشتباك ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا لعام 1974. وهاجمت إسرائيل إيران مرتين واغتالت إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران في يوليو الماضي-واعترف وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبوع الماضي بمسؤولية الاغتيال. كما شنت غارات جوية على إيران في أبريل الماضي رداً على عملية «الوعد الصادق 1» الإيرانية انتقاما لاغتيال إسرائيل قياديين في الحرس الثوري الإيراني في القنصلية الإسرائيلية في دمشق مطلع أبريل الماضي. وشن عملية «الوعد الصادق 2» مطلع أكتوبر رداً على اغتيال إسرائيل أمين عام حزب الله في بيروت نهاية سبتمبر الماضي واغتيال إسماعيل هنية. دمرت إسرائيل خلال الهجمات قدرات وأنظمة إيران الصاروخية والدفاعية. وبرغم توعد إيران بالانتقام والرد على اعتداء إسرائيل، لم ترد إيران كما هددت حتى نهاية العام. كذلك وسّعت إسرائيل عدوانها لتصل يدها الطويلة إلى اليمن أربع مرات منذ عملية طوفان الأقصى عقابا وانتقاما وردعا للحوثيين لإسنادهم الفصائل الفلسطينية في غزة. استهدف العدوان الإسرائيلي كعادته أهدافاً مدنية في صنعاء بما فيه مطار صنعاء الدولي وكذلك ميناء الحديدة وتدمير محطات كهرباء ومخازن وقود يوم الجمعة الماضي لردع الحوثيين الذين استمروا على مدى أكثر من عام باستهداف السفن وناقلات النفط المتجهة إلى موانئ إسرائيل وخاصة ميناء إيلات الذي خرج عن الخدمة بشكل شبه كلي. في عقاب جماعي لليمنيين وبتصعيد عربدتها وعدوانها على النظام الأمني العربي. وكما يكرر نتنياهو بلغة متعجرفة وفوقية واستباحة الأمن العربي: «ما تعلمته حركة حماس وحزب الله ونظام الأسد وآخرون، سيتعلمه الحوثيون (في اليمن)»وسوف يتم تعلم هذا الدرس في جميع أنحاء الشرق الأوسط». فيما تتعنت إسرائيل الوساطات وخاصة القطرية لوقف الحرب. ويؤكد نتنياهو «هذا الشرق الأوسط الجديد» ترسمه إنجازات إسرائيل. إسرائيل فوق القانون، برغم اتهام منظمات ومؤسسات دولية خلال أسبوع، منها مؤسسة مراقبة حقوق الإنسان ارتكاب إسرائيل حرب إبادة وقبلها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع المقال. واتهمت أوكسفام إسرائيل بمنع دخول الغذاء إلى غزة. واتهمت منظمة أطباء بلا حدود في بيان إسرائيل بتعمد تدمير القدرات الطبية في غزة. واتهمت اليونيسف-الوكالة التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بقتل الأطفال في المناطق التي حددتها بالآمنة، وتقتل إسرائيل بمعدل طفل كل ساعة! وقتلت إسرائيل 5 صحفيين برغم حملهم إشارة صحافة. وقتلت كوادر طبية باستهداف المستشفيات. وبدأت المجاعة والبرد يفتكان بحياة أهالي غزة وخاصة الأطفال! وكادت إسرائيل تقتل مدير عام منظمة الصحة العالمية، كان برفقة وفد طبي في مطار صنعاء أثناء قصفه وخروجه عن الخدمة في اليمن. لم تكن عربدة وعدوان إسرائيل الوحشي ليستمر وبشراكة الدول الكبرى في حرب إبادتها الممنهج وتهديد الأمن الإقليمي، لو فرضت الدول الكبرى عقوبات على إسرائيل وحظرت تصدير السلاح، وعاملتها كما تعامل روسيا لحربها على أوكرانيا!

468

| 29 ديسمبر 2024

قائمة الرابحين والخاسرين من سقوط نظام الأسد

اختتمت مقالي الأسبوع الماضي «تداعيات سقوط نظام الأسد لسوريا والمنطقة» بالتأكيد «تبقى التداعيات والتحديات الأخطر للنظام الجديد (الحكومة الانتقالية المؤقتة)، نجاحه بكسب ثقة جميع فئات المجتمع السوري وتمثيله بحكومة تمثل جميع أطياف الشعب بما فيه الأقليات، واستتباب الأمن، والنجاح بالتعامل مع الإرث الأمني والاقتصادي والسياسي الثقيل الذي خلّفه نظام حكم الأسد. تبرز بعد أسبوعين من سقوط نظام الأسد البائد قائمة الدول والأطراف الرابحة، وعلى رأسها الشعب السوري الذي تحرر من واحد من أشرس وأكثر الأنظمة قمعا لأكثر من خمسة عقود. وكذلك ستكون فرصة نادرة للفصائل المسلحة الإسلامية لتصحيح الصورة النمطية السلبية عن حكم الإسلاميين في السلطة. إذا ما نجحت الإدارة الجديدة بتفويت الفرصة على المتربصين والمتآمرين لإفشال وسرقة انتصارات الثورة، ومنع الاقتتال وانزلاق سوريا الجديدة لنموذج اليمن وليبيا! تبرز دولة قطر بصواب موقفها بكون قطر كانت الدولة العربية الأكثر رفضا لأي تطبيع مع نظام الأسد بعدما قامت دول عربية مركزية بمحاولة تعويم وإعادة الأسد إلى الصف العربي وكسر عزلته. وانحازت قطر إلى الشعب السوري منذ البداية، واعترفت بالمعارضة السورية والسفارة السورية في الدوحة، ما أكسب قطر احترام وتقدير الشعب السوري. وتبرز الولايات المتحدة أبرز الرابحين من سقوط نظام الأسد. علّقت باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى بعد اجتماعها مع أحمد الشرع وقيادات الحكومة الانتقالية في هيئة تحرير الشام في دمشق إلغاء مكافأة 10 ملايين دولار للعثور على أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) وهو المصنف على قائمة الإرهاب وهيئة تحرير الشام التي يرأسها منظمة إرهابية. وصفت الشرع برجل براغماتي... وكانت المناقشات معه جيدة ومثمرة. وتدعم الولايات المتحدة عملية سياسية يقودها السوريون وتشكيل حكومة جامعة. وناقشنا الحاجة لتوفير ضمانات ألا تشكل الجماعات الإرهابية تهديداً. وستقدم الولايات المتحدة الخبرة الفنية والدعم لتوثيق جرائم الأسد والأولوية لتوثيق المقابر الجماعية. وكان ملفتا اعتراف البنتاغون بمضاعفة عديد القوات الأمريكية في سوريا من حوالي 900 جندي إلى 2000 جندي. استغلت إسرائيل سقوط نظام الأسد لتوسع احتلالها في جبل الشيخ وتقضم مزيدا من أراضي سوريا (احتلال مؤقت)! وتقترب من دمشق وتخرق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بحجة انسحاب القوات السورية ما يهدد أمن إسرائيل! وتدمر بغارات وعدوان الأسطول الحربي السوري وقدرات سوريا العسكرية وأنظمة الدفاع الصاروخي بسلسلة غارات مدمرة منذ سقوط نظام الأسد. تبرز تركيا رابحا مؤثراً لدعمها الفصائل السورية المسلحة والتحضير لعملية عسكرية واسعة ضد حزب العمال الكردستاني ما يعزز الأمن التركي ويمنع تهديد الأكراد للأمن التركي. وحققت تركيا مكسباً كبيراً بتصريحات أمريكية أن الوقت الراهن بعد سقوط نظام الأسد اختلف كليا بالنسبة للأكراد عما كان عليه الوضع قبله. وتبرز مواقف متقدمة للرئيس التركي أردوغان الذي كان لدوره تأثير كبير بدعم الفصائل المسلحة. وأكد الرئيس أردوغان «لن نترك جارتنا سوريا وحيدة، ووقفنا مع السوريين عندما أدار العالم ظهره لها. وسنقف إلى جانب المظلومين في سوريا». ومعروف أن تركيا أكبر المستضيفين للاجئين السوريين. تستضيف حوالي 4 ملايين لاجئ سوري. وكانت تركيا الدولة الأولى التي تعيد افتتاح سفارتها في دمشق وكان وزير الخارجية ومدير الاستخبارات التركيان أول مسؤولين يزورون دمشق. وأكد الرئيس أردوغان على عزمه على تطوير العلاقات مع النظام الجديد في سوريا. وكان ملفتا اعتراف باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي من دمشق بعد ترؤسها وفدا أمريكيا واجتماعهم مع أحمد الشرع بأهمية دور ونفوذ تركيا اللاعب الرئيسي في الملف السوري، مستندة لحضورها التاريخي ومصالحها الأمنية في سوريا والمنطقة. أما أبرز الخاسرين في قائمة الدول والأطراف من غير الدول التي منيت بانتكاسات كبيرة ومكلفة. إيران والمحور الذي تقوده بخسارة أبرز وأكبر استثماراتها في المنطقة على مدى عقود أبرزها إيران نفسها بعد تعرضها لعدوان إسرائيلي متكرر داخل سوريا وعلى أهداف ومنشآت عسكرية داخل إيران مرتين هذا العام في أبريل وأكتوبر الماضيين. وكذلك انتكاسات متلاحقة ومكلفة بسقوط نظام الأسد درة تاج نفوذها الإقليمي، وقصم ظهر حزب الله، أهم أذرع إيران العسكرية، وإضعاف قدرات حماس باغتيال قياداتها العسكرية والميدانية، والمقاومة الإسلامية في العراق. وكذلك استهدفت إسرائيل الحوثيين عدة مرات هذا العام آخرها قبل أيام والرد الحوثي بصواريخ فرط صوتية ضربت تل أبيب. يراكم ذلك انتكاسات إيران ويضعف قدراتها ودورها ونفوذها وحلفاءها. والأهم يقلص حضورها وقدرتها على إمداد ودعم حزب الله اللبناني لإعادة تسليحه وتمددها للبحر الأبيض المتوسط. ويضع حداً لتفاخر إيران بسيطرتها على أربع عواصم عربية. وأكدت باربرا ليف الموقف الأمريكي من دمشق أنه «لن يكون لإيران دور في سوريا مستقبلا ولا ينبغي أن يكون لإيران دور، وذلك لم يعد مقبولاً». لحق بروسيا انتكاسة كبيرة تهمش دورها وحضورها في المنطقة بعدما شكلت سوريا البوابة والمدخل لعودة روسيا إلى المنطقة منذ سبتمبر 2015، بإنقاذ وإطالة أمد وبطش وتنكيل النظام السوري ضد شعبه، وذلك بعد استغاثة الأسد وإيران بروسيا ضد الشعب السوري المنتفض. لكن واضح أن عام 2024 مغاير كليا لعام 2015. بوتين يعاني من حرب طاحنة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 وسحب قوات ومعدات من القاعدتين الروسيتين الجوية في حميميم، والبحرية في طرطوس على البحر الأبيض المتوسط ما يقلص نفوذ روسيا في الشرق الأوسط بعد بدء خفض عديد قواتها ومعداتها بعد سقوط نظام الأسد ومنحه وعائلته لجوءا سياسيا لأسباب إنسانية في موسكو، برغم وحشية النظام وما يتكشف من مقابر جماعية وأقبية تعذيب وسجون عبارة عن مسالخ بشرية، كما نشهد في صيدنايا. في انحياز روسيا للنظام وضد الشعب السوري!

705

| 22 ديسمبر 2024

تحديات وتداعيات سقوط نظام الأسد لسوريا والمنطقة

يُشكّل سقوط حكم الأسد في الثامن من هذا الشهر حدثا فارقا في المنطقة في بعديه الداخلي والخارجي. انتهت للأبد حقبة حكم الأسد الوالد والولد الدموية بعد 55 عاماً بكل وحشيتها وجرائمها. شهد العالم إرثها وآثارها الكارثية بأقبية التعذيب وسجون المسالخ البشرية والمقابر الجماعية التي غيّبت عشرات الآلاف وأجبرت نصف الشعب على النزوح في الداخل واللجوء إلى الخارج. وحوّلت سوريا لمزرعة وإقطاعية لزمرة الأقلية والتنكيل بأغلبية الشعب. ليتنفس الشعب السوري صعداء الفرحة والحرية والنصر بهتافات غير مسبوقة في مدنه ومحافظاته-بالخروج لساحات المدن الرئيسية من ساحة الأمويين وحلب وحماة وحمص في «جمعة النصر»-الجمعة الأولى بعد سقوط نظام الأسد مطالبين بإعدام بشار الأسد. شكّل سقوط نظام الأسد تداعيات إقليمية كبيرة-تمددت من طوفان الأقصى قبل 14 شهراً، بإنهاك إيران ومحورها: تعرض حزب الله لضربات وانتكاسات مدمرة، قضت على قياداته أبرزهم أمين عام الحزب حسن نصرالله وفرقة النخبة الرضوان، وانهكت حماس بحرب إبادة دموية طاحنة حوّلت غزة، وخاصة شمالها لمنطقة غير قابلة للحياة بتدمير ممنهج وقتل المدنيين الأبرياء. إضافة لاغتيال قيادات حماس العسكريين- يحيى السنوار ومحمد الضيف (لم تعترف حماس باغتياله) ورئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران. خرجت تركيا الداعمة للفصائل المسلحة من سقوط الأسد مستفيدة وكسبت الرهان. وحدّدت هدفها بمواجهة وهزيمة «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة أمريكيا. وكان وزير الخارجية، ومدير الاستخبارات التركية أول مسؤولين أجانب يزورون دمشق، وأعادت فتح سفارتها في دمشق. وكان ملفتاً بعد سقوط نظام الأسد، بقيادة «هيئة تحرير الشام» تعريف أبو محمد الجولاني، باسمه «أحمد حسين الشرع». وسيطرت المعارضة على المعابر، وقطعت ممر طهران بيروت إلى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا. ما يوقف امدادات السلاح الإيراني لحزب الله ويمنع إعادة تسليحه وبالتالي تتحجم قدراته، ما يعزز أمن إسرائيل، ويجعلها الفائز الأكبر من سقوط نظام الأسد. وبرغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي بلنيكن فيما يتوقع أن تكون آخر زياراته للمنطقة، أن إسرائيل قلقة من الفراغ الذي تسبب به سقوط نظام الأسد. وعبّر بلنيكن عن تفهمه لقلق إسرائيل من تطور الأوضاع في سوريا. وشنت إسرائيل أكثر من 500 غارة استباقية بعدوان واسع داخل سوريا على مدى أيام، استهدفت مواقع عسكرية ومختبرات ومركز بحوث، متعمدة تدمير القدرات العسكرية السورية والقواعد الجوية وصلت لتدمير حوالي 70% من سلاح الطيران والمطارات العسكرية والقواعد البحرية وسفن الأسطول البحري المتواضع بضربات استباقية من دير الزور إلى اللاذقية ومن الشمال على حدود تركيا إلى حمص والعاصمة دمشق والسويداء ودرعا. وذلك لمنع سيطرة الفصائل المسلحة والنظام الجديد على مخزون السلاح الكيماوي. ما يؤكد وجود بنك أهداف معد سلفاً منذ سنوات. وكعادة إسرائيل باستغلال الفرص احتلت مواقع الجيش السوري المنسحب في المنطقة الفاصلة على جبل الشيخ ما يجعله على بعد 30 كلم من العاصمة دمشق. وتقدمت الحكومة السورية المؤقتة بشكوى لمجلس الأمن ضد عدوان إسرائيل! وهكذا تبرز إسرائيل الأكبر من سقوط الأسد هو الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتدى واحتل المنطقة الفاصلة على خط وقف إطلاق النار حسب اتفاقية عام 1974 بعد حرب أكتوبر 1973-بادعاء حمايتها ويدعي نتنياهو الوجود (الاحتلال الإسرائيلي) مؤقتا. وهو ما كرره مستشار الأمن الوطني ويصدقه بايدن ويدافع عنه سولفيان بأن الاحتلال مؤقت! علماً بأن إسرائيل تحتل الجولان، وأقامت 30 مستوطنة غير شرعية و5 قرى درزية في الجولان السوري المحتل منذ حرب يونيو 1967. أكد مستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان من القدس المحتلة تغّير موازين القوى في الشرق الأوسط بشكل كبير خلال الخمسة عشر شهراً الماضية. وأكد أنه يجب الاستفادة من سقوط نظام الأسد في سوريا. والواقع أن إسرائيل أصبحت اليوم أقوى- بينما ضعفت قدرات إيران وحلفائها بعد تلقيهم ضربات وانتقامات قاسية. شكل سقوط نظام الأسد وإلحاق خسائر كبيرة واغتيال قادة حماس وحزب الله العسكريين والميدانيين والسياسيين وعلى رأسهم حسن نصرالله أمين عام حزب الله-وإسماعيل هنية ويحيى السنوار ضربات قاضية لإيران… ما يقلق الغرب من سقوط النظام البائد المفاجئ والسريع في 11 يوماً بعملية «ردع العدوان» بتحالف فصائل المعارضة السورية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام-هي تداعيات ضبابية الفراغ الأمني والسياسي. وقد عبّر الرئيس بايدن الخشية من مخاطر مما سيحدث والعمل على دعم جيران وفئات داخل سوريا مع بقاء القوات الأمريكية في الشمال الشرقي، والتعاون مع الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية الذين يحرسون معسكرات اعتقال مقاتلي داعش. ومطالبة الحكومة السورية القادمة التي يبدو أن أمريكا والغرب سيفتحون قنوات حوار معها برغم تصنيف «هيئة تحرير الشام» منظمة إرهابية، وزعيمها أحمد الشرع إرهابي منذ عام 2018، بشرط الانتقال السلمي للسلطة بعملية سياسية وتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري واحترام حقوق الأقليات وتدمير أسلحة الدمار الشامل وعدم السماح بعودة تنظيم داعش وألا تشكل سوريا تهديد لجيرانها (إسرائيل). أما التداعيات الدولية فتكمن في خسارة مدوية لاستثمار روسيا (منحت الأسد وعائلته اللجوء السياسي لأسباب إنسانية) وموطئ قدمها ووجودها العسكري شرق البحر الأبيض- وبدء سحب معداتها الثقيلة من شرق سوريا- والتفاوض مع النظام الجديد للإبقاء على قاعدتيها الجوية في حميميم والبحرية في طرطوس. تبقى التداعيات والتحديات الأخطر للنظام الجديد، نجاحه بكسب ثقة جميع فئات المجتمع السوري وتمثيله بحكومة تمثل جميع أطياف الشعب بما فيه الأقليات، واستتباب الأمن، والنجاح بالتعامل مع الإرث الأمني والاقتصادي والسياسي الثقيل الذي خلّفه نظام حكم الأسد. وتفويت الفرصة على المتربصين والمتآمرين لإفشال وسرقة انتصارات الثورة السورية، لمنع انزلاق سوريا الجديدة لنموذج ليمن أو وليبيا أخرى!

699

| 15 ديسمبر 2024

قمة الكويت.. خريطة طريق لتفعيل دور مجلس التعاون الخليجي

يبقى مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي احتفل في مايو الماضي بالذكرى الرابعة والأربعين لقيامه من الآباء المؤسسين عام 1981- التجمع الخليجي الأنجح والأكثر ديمومة واستمراراً بين التكتلات والمجالس الإقليمية العربية، برغم الأزمات العديدة التي تعرض لها المجلس. كانت أخطرها وأطولها وأعقدها الأزمة الخليجية (2017-2021) تناولتها في كتابي «أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الجذور-الأسباب- الوساطات- وسيناريوها المستقبل» في طبعاته الثلاثة 2018- 2019- 2024. والأمل يحدونا جميعا أنه تم تعلم دروس الأزمة. وبرغم التهديدات والحروب والصراعات والخلافات والتباينات التي شهدها مجلس التعاون: الحرب العراقية-الإيرانية- والاحتلال العراقي لدولة الكويت وتحريرها - والغزو والاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، وإسقاط نظام صدام حسين، وبرنامج إيران النووي والاتفاق النووي، والانكفاء الأمريكي- والحرب الباردة على مدى سبعة أعوام وقطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وحروب إسرائيل على غزة، وترنح نظام الأسد الآيل للسقوط، والوساطات الخليجية، خاصة وساطة دولة قطر لوقف حرب إبادة غزة وتبادل الرهائن والأسرى بين إسرائيل وحماس، لكن نجحت دول المجلس بالتعامل معها، وحتى تجاوز كثير منها. يضاف لذلك، دور ومكانة دول المجلس بلعب دور قيادي في أمن الطاقة واستقطاب الشركات العالمية الكبرى وتطوير البنى التحتية لتصبح حواضر الرياض والكويت والدوحة وأبوظبي ودبي ومسقط والمنامة مراكز تجارية جاذبة للاستثمارات والدراسة والرعاية الصحية والجامعات وحتى السياحة. * ما يعزز مكانة دول مجلس التعاون الخليجي، حقيقة أن مجمل الناتج الإجمالي لدول المجلس الستة تتجاوز 1.2 تريليون دولار، يرفع اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة للمركز 12 عالميا. وكما أكد أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن أصول صناديق الثروات السيادية الخليجية مجتمعة للإمارات والسعودية وقطر والكويت تتجاوز 4.4 تريليون دولار أمريكي، ويجعلها بين الصناديق السيادية العشرة الأولى عالمياً، وتشكل أكثر من ثلث مجموع أصول أكبر 100 صندوق ثروة سيادية في العالم. وبمجمل الإنتاج النفطي الخليجي الأول عالميا بمجمل 16.7 مليون برميل نفط يومياً. كما يأتي ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي بالمرتبة الأولى باحتياطات النفط بواقع 511 مليار برميل نفط، كما تحتل دول المجلس المرتبة الأولى باحتياطات الغاز الطبيعي بواقع 44.2 مليار قدم مكعبة، وتحتل دول مجلس التعاون مجتمعة المرتبة الثانية في تسويق الغاز المسال عالميا 463.5 مليون متر مكعب. ووقعت دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيات تجارة حرة مع 10 شركاء تجاريين أبرزها الصين- ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والمملكة المتحدة والهند وكوريا الجنوبية.. * تؤهل تلك المعطيات المهمة دول مجلس التعاون الخليجي لتكون مركز الثقل والاستقطاب في النظام العربي برمته. ما يعطي دول المجلس مكانة وثقلا على المستويين الإقليمي والدولي معاً. وباتت النقاشات والمطالبات اليوم باستكمال مرحلة التعاون والانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي. لكن يبقى أمام ذلك الكثير من التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية وحتى البيئية التي علينا بذل تعاون مشترك لاجتيازها في الطريق إلى الاتحاد. خاصة أننا نعيش اليوم في عالم تشكل التكتلات والمنظمات والتحالفات عاملاً رئيسيا في العمل المشترك على غرار ما نرى في منظمة مجموعة العشرين التي عقدت قمتها في البرازيل، ومجموعة بريكس بلس التي عقدت قمتها في روسيا شهر سبتمبر- ومجموعة آسيان ومجموعة شنغهاي ومنظمة (APEC) دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ المكونة من 21 دولة- عقدت قمتها في البيرو، ويتمحور النقاش داخل جميع المنظمات حول الحاجة لتعميق العلاقة داخل وبين التكتلات والتعاون والتنسيق وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات ومحاربة التطرف والإرهاب والتعامل مع ثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والصراعات والأزمات المفاجئة، التي تُعرف بـ «البجعة السوداء». * وقد أكد أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح أن القمة الخليجية تُعقد في ظروف بالغة التعقيد باتت تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي مهددة تنمية شعوبنا ورخاءها، مما يتطلب منا تسريع عملنا الهادف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي. وطالب الشيخ مشعل الصباح بتوحيد السياسات وتنويع مصادر الدخل غير التقليدية وتسهيل حركة التجارة والاستثمار ودعم الصناعات المحلية وتوسيع قواعد الابتكار وريادة الأعمال خاصة في المجالات المستحدثة مثل مجالات الذكاء الاصطناعي وذلك لتعزيز تنافسية اقتصاد بلداننا على الساحتين الإقليمية والدولية. توحيد السياسات وتنويع مصادر الدخل غير التقليدية وتسهيل حركة التجارة والاستثمار ودعم الصناعات المحلية وتوسيع قواعد الابتكار وريادة الأعمال خاصة في المجالات المستحدثة مثل مجالات الذكاء الاصطناعي وذلك لتعزيز تنافسية اقتصاد بلداننا على الساحتين الإقليمية والدولية. * تناولت بنود القمة «إعلان الكويت»- الـ 154 في البيان الختامي- أصفها بخارطة طريق مكتملة الأبعاد لمستقبل مجلس التعاون الخليجي- وغلب على القمة المطالبات بالتنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي، والـتأكيد على العمل العسكري والأمني المشترك والحفاظ على استقرار المنطقة وأمنها وتعزيز دور المجلس إقليمياً ودولياً، خاصة بعد إصدار الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الرؤية الأمنية الخليجية ببنودها الخمسة عشر. لكن كما كتبت في مقالي في الشرق في مارس الماضي: «العِبرة بتحويل الرؤية الخليجية الأمنية لمشروع جماعي رادع». وأدان المجلس الأعلى بأشد العبارات الجرائم المروعة والصادمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، في سياق جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. استمرار استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمنظمات الإنسانية والأممية في قطاع غزة، وأدان استمرار استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمنظمات الإنسانية والأممية في قطاع غزة، ومدارس وكالة الأونروا... واستهداف المستشفيات ومخيمات اللاجئين. وأشاد المجلس الأعلى بجهود دولة قطر في الوساطة لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة. * في سياق ذلك كله شكّلت القمة الخليجية الخامسة والأربعون في الكويت بملفاتها وبنودها السياسية والاقتصادية والتقنية والأمنية، نقلة مهمة تدعم دور ومكانة المجلس، لتحقيق نقلة نوعية فارقة، يُبنى عليها في العمل الخليجي الجماعي، تعزز خطوات الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد الخليجي لمواجهة المتغيرات والتهديدات المتصاعدة والخطيرة!

222

| 08 ديسمبر 2024

أسباب فشل مبدأ وإرث بايدن في الشرق الأوسط

هدف القادة والزعماء تحقيق إنجازات تخلد إرثهم على مر التاريخ. أصبح تحقيق إرث مميز الشغل الشاغل لرؤساء الولايات المتحدة بدءاً بجورج واشنطن وصولاً لجو بايدن. تنحى بايدن لنائبته كامالا هاريس بعد ضغط قيادات الحزب الديمقراطي بسبب تراجع قدرات بايدن الذهنية، وتغيرت قواعد اللعبة، لتخسر هاريس خسارة مذلة لترامب العائد للانتقام، ومعه أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ لتسهيل مهمته بإعادة تشكيل حزبه الجمهوري ومعه النظام الأمريكي. ما يقلق الحلفاء ويريح خصوم أمريكا خاصة روسيا بوتين وأنظمة مستبدة. وبالتالي ينهي بايدن خمسة عقود من عمله السياسي الطويل ويكون رئيسا لفترة واحدة. بعدما أصبح في العُرف السياسي الأمريكي «بطة عرجاء» كناية عن نهاية خدمة حقبته رئاسته. منطقياً- يُفترض استغلال بايدن هذا الواقع ليعمل لتخليد إرثه، لكن يستمر بايدن بتفويت الفرص، برغم تنسيقه مع ترامب، ونجاح ضغطه على نتنياهو لوقف حرب إبادته على لبنان بعد 4000 شهيد وأكثر من 16000 مصاب معظمهم خلال الشهرين الماضيين، ومع ذلك الاختراق المهم الذي كان بمثابة جائزة ترضية له، لكنه فوّت فرصة بالبناء عليها، في ملفات خاصة خفض التصعيد ووقف حرب غزة، بعد 45 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب وتشريد جميع سكان غزة وخاصة في الشمال المُباد. وكان لافتا إعلان بايدن في خطابه وقف العمليات العسكرية في لبنان تفاؤله بأن «السلام ممكناً» على أمل تحقيق إنجازات تخلّد إرثه، خاصة في الشرق الأوسط. فوّت بايدن فرصة تصحيح مواقفه المنحازة بتهجمه مع قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي بتنديدهم ورفضهم مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية، باعتقال نتنياهو وغالنت وزير دفاعه المُقال، بتنديده وأركان إدارته والكونغرس بالقرار، بدلاً من دعمه كما فعل بعد إصدار المحكمة نفسها مذكرة اعتقال بحق بوتين. انحاز بايدن لسردية نتنياهو باليوم الأسود ورفضه، كما أوضحت في مقالي في «القدس العربي». وكعادة الصهاينة برفضهم اتهاماتهم بارتكاب جرائم حرب يردون بورقة «العداء للسامية»-البالية- وسبق أن انتقد نتنياهو توصيات محكمة العدل الدولية بتهمة قيام جيشه بإشرافه بما يرقى لجرائم حرب إبادة. تُضاف لاستخدام إدارة بايدن الفيتو خمس مرات برفض قيام دولة فلسطينية، ورفض وقف حرب غزة، ورفض منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة. ووصل الأمر بتساؤل معلقين صهاينة: هل يكون بايدن آخر رئيس صهيوني في البيت الأبيض؟ ليأتيهم ترامب الذي يفاخر «أنا الرئيس الذي قدّم لإسرائيل خدمات أكثر من أي رئيس أمريكي آخر»!. لن ينسى الفلسطينيون والمنطقة إرث بايدن بتفاخره بصهيونيته، وتعليقه قبل عقود «لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان علينا إيجادها»!. وشراكة بايدن وإدارته في حرب الإبادة على غزة للشهر الرابع عشر بشحنات السلاح وقنابل تدمر أحياء بأكملها وغطاء سياسي. ورفض وقف إطلاق النار وتكرار تبني السردية والموقف الإسرائيلي والتغاضي عن جرائم حربها. بجردة حساب عن فشل مشاريع ومبدأ الرئيس بايدن بما يهمنا بقضايا وملفات الشرق الأوسط والخليج العربي، لا يوجد ما يفيد بتحقيق أي انجاز أو اختراق يسجل في خانة وإرث بايدن. بل على العكس تسببت سياسات ومواقف بايدن وإدارته بجعل الشرق الأوسط أكثر اشتعالا. وفشل بتحقيق أي انجاز يُحسب لإرثه خلال رئاسته، يضاف لرصيد إنجازاته. وهو صاحب الفكرة الفاشلة بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم عندما كان سيناتور عام 2006 قبل عامين من بدء رئاسة أوباما تمسكاً بتوصية كيسنجر. وفشلت جميع مقاربات بايدن تجاه أزمات وملفات الشرق الأوسط من الصراع العربي-الإسرائيلي-وحل الدولتين-وتهدئة التوترات المتفاقمة وبرنامج إيران النووي، ومعها فشل زيارات مسؤوليه بجولاتهم المكوكية المتكررة من وزير خارجيته بلنكين يُفاخر بيهوديته وانحياز مستشاره للأمن الوطني سوليفان ومدير الاستخبارات المركزية بيرنز ومبعوثه للشرق الأوسط ماكغوريك بتحقيق انجاز يذكر وأهمها مطالب بايدن بوقف حرب غزة. ما منع بايدن من بتحقيق أكبر اختراق في المنطقة بتطبيع السعودية وإسرائيل العلاقات الدبلوماسية، وتغيير وجه المنطقة بالاستجابة لمطالب السعودية بتوقيع معاهدة عسكرية تلزم إدارة بايدن بالدفاع عن السعودية وتزويدها بأسلحة متطورة، والمساعدة في برنامج نووي سلمي، والعمل على قيام دولة فلسطينية. ليبني على ما حققه سلفه ترامب بتطبيع العلاقات وتوسعة اتفاقات إبراهام، ودمج إسرائيل في محيطها العربي. بعد تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب. لكن حرب الإبادة الوحشية الإسرائيلية وتوظيف الفيتو، وزيارة نتنياهو الكونغرس الأمريكي وترويج أكاذيبه وسط تصفيق المشرعين الأمريكيين له، تعد سقطات أخلاقية وقيمية كبيرة. وذلك رغم قرار محكمة العدل الدولية الاستشاري أن ما تقوم به إسرائيل وممارساتها هو احتلال غير شرعي يجب إنهاؤه. وقبله تصويت الكنيست الإسرائيلي بشبه إجماع برفض قيام دولة فلسطينية وتطرف بن غفير وسموترتش، تلك كانت المسامير الأخيرة في نعش عملية السلام وحل الدولتين وحلم الفلسطينيين بدولة فلسطينية. كتب الرئيس بايدن مقالاً في دورية فورين أفيرز شارحا سياسته الخارجية في حال فاز بالرئاسة عام 2020. وبقي يردد «عادت أمريكا لتعلب دورا قياديا على المسرح العالمي. (بعد سنوات انعزالية إدارة ترامب)، ويعلق «كان القادة يسألونني كم من الوقت ستبقى أمريكا تقود العالم»؟ ةواليوم ها قد عاد ترامب مجدداً. وبعد تفويت الفرص، وسجل فشل بايدن بتحقيق أي من أهدافه بحل أزمات المنطقة ليخلده في الداخل الأمريكي والخارج. بسبب عجزه عن ممارسة الضغوط على نتنياهو لوقف شراكته بحرب إبادة غزة وتحقيق رؤية أمريكا بحل الدولتين، وحتى تهديده بإسقاط حكومة نتنياهو المتطرفة وتشجيع وصول حكومة أكثر عقلانية يمكن التعامل معها، لإنقاذ ماء وجه بايدن وإرثه. أسوأ أنواع الفشل هو عجز القادرين عن تحقيق أهدافهم، ليس عن قلة القدرات بل بتعمد التواطؤ والشراكة والانحياز.

330

| 01 ديسمبر 2024

حكم الجنائية الدولية ضد إسرائيل يفضح ازدواجية أمريكا والغرب!

فيما يواجه النظام العالمي أكبر تحدٍّ لكيانه ومصداقيته منذ نهاية الحرب الباردة قبل حوالي ثلاثة عقود ونصف بتهميش دور ومكانة وسمعة المنظمات الدولية التي أنشئت لحل الأزمات ومنع تحولها لحروب ونزاعات دائمة وحل الصراعات بطرق سلمية وبالتفاوض، خاصة مع ما نشهده من دور الولايات المتحدة المتراجعة وخاصة بعد فوز الرئيس المنتخب والعائد دونالد ترامب للرئاسة، وعقيدته أو مبدأه الانعزالي- أمريكا أولاً وعدم احترامه لدور المنظمات الدولية. وكذلك حرب بوتين- روسيا على أوكرانيا وتصعيده بتغيير العقيدة النووية العسكرية الروسية، وتلميحه لاستخدام السلاح النووي التكتيكي بعد سماح إدارة بايدن لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى تضرب داخل العمق الروسي وكذلك بريطانيا وفرنسا. ومع صعود دور الصين في شتى المجالات في تحديها للهيمنة الأمريكية وإصدار بيانات وخوض مناورات تهدد تايوان وترعب وتثير قلق حلفاء الولايات المتحدة والغرب في مناطق نفوذ الصين في جنوب وشرق آسيا وخاصة اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وغيرها. * يأتي قرار المحكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه المقال غالنت ليمتحن مصداقية النظام العالمي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة بايدن المودعة، في أيامها الأخيرة، وإدارة ترامب القادمة، ومدى احترامهم للقانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية عندما يتعلق الأمر بحليف يتم إدانته كإسرائيل والمطالبة باعتقال قادته لارتكابهم جرائم حرب بدعم وتمويل وتسليح وغطاء وحتى فيتو أمريكي. وصل الأسبوع الماضي لرقم قياسي خمسة حالات نقض أمريكية لحماية إسرائيل منذ حرب إبادة إسرائيل على غزة رداً على عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب عزالدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر 2023. وآخرها نسف مشروع قرار يدعو لوقف الحرب على غزة وإطلاق الأسرى والمحتجزين رفضت الولايات المتحدة وقف الحرب بفيتو خامس! برغم توصية مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان منذ شهر مايو 2024 باعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ووزير دفاعه يوآف غالنت، أقاله لاختلاف معه حول صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين. باتهامهما بارتكاب جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، وكذلك استخدام سلاح التجويع وحرمان سكان غزة من أبسط مقومات الحياة. ومحمد الضيف القائد الميداني لحركة حماس في غزة والتي ادعت إسرائيل اغتياله ولم تؤكد أو تنفي حماس اغتياله. وبرغم تأخر قرار المحكمة الجنائية الدولية (ICC) إلا أن إصدار المحكمة مذكرات الاعتقال يعد حدثا وتطورا جريئا وتاريخيا نادرا يصدر ضد قادة إسرائيل حليف الغرب وليس ضد دولة أفريقية هامشية! * منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية حسب ميثاق روما الأساسي عام 2002 وقعت على الميثاق وانضمت للمحكمة 124 دولة وجميع الدول الأوروبية. لم تعترف وتنضم إلى المحكمة دول رئيسية على رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين وإسرائيل وغيرها حتى لا يُحاكم قادتها السياسيون والعسكريون لارتكابهم جرائم حرب. خاصة أن تلك الدول لا تعترف بسيادة المحكمة على قراراتها. تجدر الإشارة إلى أن قرارات المحكمة ملزمة وغير قابلة للطعن. ومن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية النظر في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها قادة ومسؤولون في الدول. لكن لا تملك المحكمة سلطة تنفيذية ولا شرطة لإلقاء القبض على من تصدر مذكرات اعتقال بحقهم. وفي تناقض صارخ ترفض الانضمام أو الاعتراف بقرارات المحكمة الجنائية الدولية، دول رئيسية وفاعلة ومؤثرة في النظام العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين، ومعهم إسرائيل، حتى لا تتم محاكمة قادتها السياسيين والعسكريين بارتكاب جرائم حرب في حروبهم، وتصدر أحكاما بإلقاء القبض عليهم، كحال نتنياهو والرئيس الروسي بوتين، ورئيس صربيا السابق ميلوسوفيتش الذي توفي في سجنه في مقر المحكمة في لاهاي، والرئيس السوداني عمر البشير والزعيم القذافي. لذلك تعول المحكمة الجنائية الدولية على تعاون الدول الأعضاء وغير الأعضاء على تنفيذ قراراتها. * إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال في 21 نوفمبر برغم حملة الضغط الهائل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعد حدثاً تاريخياً، كونها المرة الأولى تصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق شخصية رئيسية وقيادية موالية للغرب. والمرة الأولى التي يُدان فيها شخصية (نتنياهو) تحاصر وتعمق عزلة وإدانة إسرائيل لارتكابها جرائم حرب. ويكتشف العالم وحشية الصهاينة منذ نكبة فلسطين. أحدث إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال زلزالاً سياسياً داخل كيان الاحتلال. أبرزه امتحان مصداقية وموقف الولايات المتحدة الحليف والداعم الأول والشريك الرئيسي تمويلا وتسليحا وتوفير غطاء باستخدام الفيتو لحماية إسرائيل. فلم يكن مستغربا رفض وتنديد إدارة بايدن ومعها الكونغرس بمجلسيه والمشرعين الديمقراطيين والجمهوريين وحتى بايدن شخصياً الذي علق «مهما تكن الأدلة لدى المحكمة الجنائية الدولية فلا يمكن المساواة بين حماس وإسرائيل». ومعه الرئيس المنتخب العائد دونالد ترامب الذي توعّد المحكمة وقضاتها بعقاب ورد مع بدء رئاسته في يناير القادم. وكان ترامب فرض عقوبات على المحكمة في فترة رئاسته الأولى بعد فتح تحقيق باحتمال ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في أفغانستان. * يرى الناشطون وشعوب العالم وخاصة «عالم الجنوب» نفاق الولايات المتحدة بتنديدها بقرار المحكمة تجاه إسرائيل حول جرائم إبادة قادة إسرائيل بينما أيد ورحب بايدن وإدارته بإصدار نفس المحكمة مذكرة اعتقال الرئيس الروسي بوتين في مارس 2023 بتهمة اختطاف وترحيل أطفال أوكرانيين من أوكرانيا إلى روسيا. في تناقض فاضح يسقط ادعاء الولايات المتحدة احترامها للقانون الدولي وأحكام المحاكم بعد مرافعات وتقديم أدلة وبراهين! الخشية من الموقف الأمريكي المتناقض أن الولايات المتحدة سواء برئاسة بايدن وترامب هو تقويض ليس مكانة وسمعة الولايات المتحدة التي تقدم نفسها الحامي والمدافع الأول عن احترام القانون الدولي والمعايير الدولية، ولكن تجازف أمريكا بتقويض النظام الدولي الذي أسسته وأرست قواعده الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية.

582

| 24 نوفمبر 2024

هل ساهمت أصوات العرب والمسلمين بفوز ترامب؟

علّقت صحيفة نيويورك تايمز على تعيينات وترشيحات الشخصيات القيادية في إدارة ترامب القادمة «تسببت بشعور العرب (والمسلمين) الأمريكيين واليهود الليبراليين بالقلق من الشخصيات المرشحة والمعينة الموالين لنتنياهو والاستيطان الإسرائيلي لمناصب عليا في وزارة الخارجية». وأنا أضيف- وذلك يشمل ترشيحات وزير الدفاع ووزير العدل ووزير الأمن الداخلي والسفير الأمريكي المرشح لإسرائيل- والملفت كان أول سفير يعلن عنه ترامب قبل ترشيحه سفراء للدول الكبرى الصين وروسيا والحلفاء البريطانيين والأوروبيين!! وكذلك السفيرة الأمريكية المرشحة للأمم المتحدة!! ويعلق أحد المحللين الأمريكيين أن ترامب بتعييناته تسبب بأول أزمة دستورية بعد ثمانية أيام من انتخابه رئيساً»! خاصة أن تعيينات ترامب صقور اليمين من المحافظين الجدد والصهاينة الموالين والمتبنين لأطروحات وسرديات نتنياهو وزمرته المتطرفة التي تشكل الحكومة الأكثر تطرفا بتاريخ الاحتلال الصهيوني لفلسطين من عتاة الفاشيين واليهودية الدينية. ويلاحظ أن أغلب الشخصيات القيادية في فريق إدارة ترامب القادمة تتناغم وتتماهى مع أطروحات نتنياهو وزمرته اليمينية المتطرفة الحاكمة في تحالفه والفكر الصهيوني. وهكذا ضحك وخدع ترامب الناخبين العرب الذين استمالهم في حملته الانتخابية وقام بزيارة عاصمة العرب والمسلمين مدينة «ديربون» في ولاية ميشيغان المتأرجحة والحاسمة مستغلا حالة استياء الناخبين العرب والمسلمين من بايدن وإدارته ممثلة بالدرجة الأولى بكامالا هاريس نائبته بسبب الانحياز الصارخ والدعم بلا سقف لحرب إبادة إسرائيل على غزة وتوسيع الحرب على لبنان بحرب إبادة كاملة بلا هوادة ما يستفز مئات ملايين العرب والمسلمين حول العالم. وزادت حالة الاستقطاب وغضب الناخبين العرب والمسلمين رفض هاريس الاجتماع مع قيادات العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان الرئيس بايدن-الواسع المعادي لبايدين ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس- بعدما توعد الناخبون العرب بالانتقام بعدم تصويت حوالي 100 ألف ناخب عربي ومسلم لبايدن في الانتخابات التمهيدية-وتصويت أغلبية العرب والمسلمين ضد هاريس التي خسرت الولايات المتأرجحة الثلاثة الحاسمة لفوزها بنسلفانيا وميشيغان (200 ألف ناخب عربي ومسلم) وويسكنسن بحوالي نصف مليون صوت فقط من ملايين الأصوات العربية. كشفت منظمة كير أكبر منظمة إسلامية- أمريكية في الولايات المتحدة الأمريكية حسب الإحصائيات- أن ترامب فاز بولاية ميشيغان بفارق 84 ألف صوت على هاريس في ولاية فاز بها بايدن على ترامب في انتخابات الرئاسة عام 2020 بفارق 155 ألف صوت- بفضل الصوت العربي والمسلم الذي تعمد خذل هاريس لتواطؤ إدارة- هاريس بدعم وتوفير السلاح والغطاء السياسي لحرب إبادة نتنياهو على غزة ومنذ سبتمبر الماضي على لبنان. حيث نسبة كبيرة من العرب والمسلمين في الولاية ينحدرون من أصول لبنانية واستشهد أفراد أسرهم وأقربائهم في الحرب. شكّل اختيار الفريق اليميني من الصقور المتشددين الموالين للصهيونية والمتبنين لسرديات إسرائيل الذين سيشرفون على سياسة إدارة ترامب في الشرق الأوسط من حرب إسرائيل على غزة ولبنان ورفض قيام دولة فلسطينية-والمتشددين تجاه إيران وملفها النووي والأمن الخليجي-صدمة غير متوقعة من تركيبة فريق ترامب. من ترشيح وزير الخارجية المتشدد ماركو روبيو، والسفير الأمريكي في إسرائيل، والسفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وجميعهم لا يتمتعون بخبرة في ملفات وأزمات الشرق الأوسط ويحملون مواقف عدائية للعرب والمسلمين ومنحازون كليا لإسرائيل. وصف مات بروكس القيادي في «تحالف الجمهوريين اليهود» ترشيحات فريق ترامب لشؤون الشرق الأوسط «بفريق الحلم لمن يرغبون بعلاقة قوية وحيوية وراسخة بين الولايات المتحدة وإسرائيل»!! بينما علقت شخصيات يهودية ليبرالية وقياديون عرب ومسلمون بأوصاف متناقضة وسلبية على فريق ترامب الشرق أوسطي. «أحد قياديي المسلمين الأمريكيين اتهم مستشاري ترامب بخداعهم بأنه سيعين السفير الأمريكي السابق في ألمانيا ريتشارد غرينيل والقيادي السابق في جهاز الاستخبارات الأمريكي والمكلف بالتواصل مع قيادات العرب والمسلمين الأمريكيين في حملة ترامب سيرشح لمنصب وزير الخارجية القادم. لكن ترامب خدع العرب والمسلمين ورشح ماركو روبيو سناتور من ولاية فلوريدا- من الصقور- متشدد وموالٍ لإسرائيل. حسب دراسة منظمة كير (CAIR) «مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية»- أكبر منظمة إسلامية في الولايات المتحدة- لكيف صوت المسلمون الأمريكيون لمرشحي الأحزاب في انتخابات الرئاسة الأمريكية بالمقارنة بين انتخابات عام 2020 وعام 2024: في عام 2020 ذهبت أصوات المسلمين إلى المرشح الديمقراطي جو بايدن بـ 93% وفاز الرئيس بايدن- بينما صوت 7% من الناخبين المسلمين للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وخسر ترامب، وصوّت 0% لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين. انخفضت نسبة الناخبين المسلمين- الأمريكيين بشكل كبير لمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس- إلى 20% من 93% عام 2020!! في انتخابات عام 2024: بسبب موقف إدارة بايدن-هاريس الداعم بلا سقف لعدوان وحرب الإبادة على غزة. إما بالامتناع عن التصويت أو التصويت الانتقامي لترامب بنسبة 21 % من 7 % عام 2020!! أو التصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين بنسبة 53 % برغم كونها يهودية لكنها كانت معادية بقوة لحرب إبادة إسرائيل على غزة وانتقدت ستاين في حملتها الانتخابية موقف كل من بايدن وترامب المؤيد لحرب إسرائيل! ما يعني أن أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين ساهمت بشكل واضح بخسارة هاريس ولاية ميشيغان الحاسمة وكذلك تراجعت فرص فوزها بسبب الصوت الانتقامي العربي والمسلم في الولايات المتأرجحة الحاسمة في ولايتي بنسلفانيا وويسكونسن! ما سمح لترامب باكتساح جميع الولايات المتأرجحة السبعة في هزيمة مذلة لهاريس. ولم يتوقف اكتساح ترامب والجمهوريين بالفوز بالبيت الأبيض بل تعداه بتسونامي جمهوري بانتزاع الأغلبية من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ والإبقاء على أغلبيتهم على مجلس النواب. لن ينجح العرب والمسلمون الأمريكيون بالتحول لرقم صعب في النظام السياسي الأمريكي ما لم يشكلوا لوبي عربيا- إسلاميا ليكون لهم تأثير ونفوذ على المشهد السياسي والانتخابي الأمريكي ويحسب لهم كلا الحزبين حسابا! ولهذا مقال آخر!!

684

| 17 نوفمبر 2024

ترامب يعود أقوى بصلاحياته المطلقة!!

يشكل فوز الرئيس السابق والمنتخب العائد دونالد ترامب انتصارا كبيرا رغم جميع الصعوبات والعقبات بانتصار تاريخي لا يزال يعاني نصف الأمريكيين الذين لم يصوتوا لترامب من صدمة حقيقة وبعضهم أصابه انهيار عصبي نتيجة لخسارة كامالا هاريس وفوز ترامب، مخالفاً التوقعات واستطلاعات الرأي التي تؤكد لأشهر بتقارب فرص فوز كلا المرشحين. وذلك برغم القضايا الجنائية وإدانة ترامب بعدة قضايا ومحاولتي اغتياله مستفيداً من التذمر الشعبي بسبب الوضع الاقتصادي والتضخم وارتفاع أسعار البضائع والوقود والإيجار والتهويل عن خطر المهاجرين غير الشرعيين والحاجة لحماية الحدود وخطاب ترامب الشعبوي بتركيزه على أمريكا أولا وأخيرا وإعادة العظمة والقوة والهيبة والاحترام لأمريكا. كما يشعر كثير من قادة العالم من حلفاء وخصوم ترامب-خاصة أن فترة رئاسة ترامب الأولى كانت عاصفة لارتجال ومزاجية ترامب وعدم قدرة حلفائه وأعدائه على التنبؤ أو التعويل على ثبات مواقفه. والمفارقة رغم نجاح بايدن بتوفر 15 مليون فرصة عمل في رئاسته، أكثر من أي رئيس أمريكي آخر، وخفض نسبة التضخم والبطالة، ومع ذلك يرى 45 % أن وضعهم الاقتصادي أسوأ و75 % من الأمريكيين يعتقدون أن أمريكا تسير في الطريق الخطأ. ورغم حسب استطلاع رأي، دعم 66 % من النساء قانونية الإجهاض لكن 45 % من النساء صوتن لترامب برغم دوره الرئيسي بتقييد حق الإجهاض للنساء. وساهم أداء الرئيس بايدن الضعيف في المناظرة والوحيدة مع ترامب في شهر يونيو الماضي، وعدم قدرته على صياغة خطاب متماسك وظهر تائهاً بلا ترابط أفكاره. ما دفع الكثير إلى التشكيك بقدراته العقلية والجسدية، وخاصة قيادات الحزب الديمقراطي ليمارس أوباما وقيادات الحزب الضغوط على الرئيس بايدن للتنحي. رغم انتزاعه ترشيح حزبه! ليتنازل عن الترشح لنائبته كامالا هاريس. خيار تأخر كثيراً- وحمّلت حملة هاريس بعد خسارتها انتخابات الرئاسة حسب مساعد هاريس تبريره خسارة هاريس «قمنا بأفضل حملة انتخابية لكن بايدن السبب الوحيد وراء هزيمة هاريس والديمقراطيين». ومن أسباب خسارة هاريس، فشلها في فصل نفسها عن بايدن في الشأنين الداخلي والخارجي معاً. عندما ظهرت في برنامج «The View» في أكتوبر لم تقدم مقاربة مقنعة عن ما الذي كان يمكنها عمله مختلفا عن بايدن في حال وصلت إلى البيت الأبيض؟ ردت بشكل متخبط وغير مقنع «لا يوجد أي شيء مختلف أفعله». كان بإمكان نائبة بايدن كامالا هاريس إبداء نقاط الاختلاف مع ترامب، وخاصة لكسب أصوات الناخبين العرب والمسلمين بالضغط أكثر لإجبار نتنياهو على وقف حرب الإبادة على غزة وتعارض استمرار الحرب والتلويح بتجميد شحن شحنات الأسلحة. لكن استمر بايدن وأركان إدارته ومعهم هاريس بتوفير الغطاء السياسي والفيتو والدعم العسكري والمالي بلا سقف. ما عمق الانتقادات وخروج المظاهرات الغاضبة واحتجاجات الطلاب في الجامعات وانتقاد ومقاطعة الرئيس بايدن وهاريس ووزير الخارجية والدفاع خطبهم. ما استفز الناخبين العرب والمسلمين وخاصة في ولاية ميشيغان. قاطع أكثر من 100 ألف ناخب عربي ومسلم التصويت للرئيس بايدن في انتخابات التصفية الحزبية في الربيع الماضي احتجاجا على دعم حرب إبادة إسرائيل على غزة. وبالتأكيد ساهم الصوت الاحتجاجي العربي والمسلم الغاضب بخسارة كامالا هاريس ولاية ميشيغان وجميع الولايات المتأرجحة السبعة. لم تقتصر الهزيمة التاريخية على خسارة هاريس معركة الرئاسة، بل امتدت لتسونامي الجمهوريين بقيادة ترامب لينتزع الأغلبية الضئيلة للحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، شملت الانتخابات 34 عضو مجلس الشيوخ المائة، وجميع أعضاء مجلس النواب - 435 نائبا من الحزبين. نجح الجمهوريون بقيادة ترامب بزيادة عدد مقاعدهم بانتزاع مقاعد من الديمقراطيين. ورفع الجمهوريون عددهم من 48 إلى 53، و46 للديمقراطيين مع بقاء مقعد واحد لم يحسم بعد، ما يمنح الحزب الجمهوري الأغلبية في مجلس الشيوخ. فيما يستمر تقدم الحزب الجمهوري بالتقدم- 212 مقعدا للجمهوريين مقابل 200 مقعد للديمقراطيين مع بقاء 23 مقعداً لم تحسم بعد في مجلس النواب، يحتاج الجمهوريون 6 مقاعد للحفاظ على أغلبيتهم الضئيلة بينما يحتاج الديمقراطيون إلى 18 مقعداً- مهمة بالغة الصعوبة. إذا حافظ أو رفع الحزب الجمهوري عدد أعضائه في مجلس النواب فيسيطر الحزب وترامب على النظام السياسي الأمريكي برمته- البيت الأبيض والكونغرس. وخلال رئاسة ترامب يمكن للرئيس ترشيح قاضٍ أو قاضيين للمحكمة العليا. وسبق تنصيب ثلاثة قضاة في فترة رئاسته الأولى، ما سمح للقضاة بترجيح كفة أحكام المحافظين على القضايا المجتمعية والسياسية. منحت المحكمة العليا حصانة جزئية للرئيس لحمايته من المحاكمة على تشجيع أنصاره اقتحام الكونغرس للطعن وتعطيل اعتماد فوز بايدن بالرئاسة عام 2021. وصوتت الأغلبية لمنح الولايات التحكم بحق المرأة على الإجهاض وهو ما كان مشروعاً منذ قضية رو ضد ويد منذ عام 1973. ما حفز ملايين النساء على الاعتراض والتظاهر والتصويت ضد ترامب والجمهوريين. وبالتالي إذا نجح ترامب بتعيين عدد من القضاة المحافظين، فهذا يعني تحكم ترامب بحريات وحقوق المواطنين الأمريكيين لعقود قادمة. خاصة أن قضاة المحكمة العليا- أعلى سلطة قضائية في أمريكا يخدمون في مناصبهم حتى الاستقالة أو الوفاة، ما يمنح ترامب والحزب الجمهوري اليد العليا لتمرير جميع مرشحيه للمناصب العليا بما فيهم الوزراء والمدراء في إدارته القادمة بدءاً من يناير القادم. وكذلك تمرير أجندته ومشاريع القوانين التي يقترحها. ويجعل ترامب والشعوبية الترامبية السياسية التيار الأقوى والأكثر نفوذا في النظام السياسي متفوقا على آل بوش وكلينتون وأوباما، كما عبّر مقال تحليلي في موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي. ولكن خطورة ذلك، أن ترامب المعروف بارتجاله وتقريبه مسؤولين ومستشارين يفضل ولاءهم على كفاءتهم! خطورة تحكم وسيطرة ترامب على السلطات الثلاثة بلا قيود ومعارضة الكونغرس والمحكمة العليا، يساعده على تحقيق وعوده الداخلية، على حساب الأزمات الخارجية، ما يقلق الحلفاء ويريح الخصوم!

900

| 10 نوفمبر 2024

أمريكا والعالم يحبسون أنفاسهم بين ترامب وهاريس !

تبقى انتخابات الرئاسة الأمريكية أهم حدث أمريكي ودولي كل أربع سنوات، وتثير اهتمام الداخل الأمريكي بمؤسساته ومراكزه والدولة العميقة والناخبين لما تحمله نتائجها من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية في الداخل والفارق بين الحرب والسلام والفوضى والاستقرار في الخارج!. تكتسب انتخابات الرئاسة هذا العام أهمية خاصة بسبب الصراع والاستقطاب وعمق الخلافات والتراشق والتحشيد وحملة التخوين بين الطرفين. يهدد ترامب بالانتقام ومحاكمة النظام السياسي الأمريكي- يتهمه بالـتآمر وتعمد اقصائه وحرمانه من الترشح ممثلا للحزب الجمهوري. والملفت رفض ترامب مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس وعشرات الملايين من أنصاره-(74 مليون ناخب صوتوا لترامب في انتخابات عام 2020-مقابل 81 مليونا لبايدن) الإقرار بهزيمته في انتخابات الرئاسة عام 2020، بل ويتهم الدولة العميقة باستهدافه وسرقة الانتخابات دون دليل. للمرة الأولى يرشح رئيس سابق بعد خسارته انتخابات إعادة انتخابه-ورئيس سابق متهم بأربعة قضايا جنائية على مستوى ولاية نيويورك ( تهم جنائية تتعلق بالتلاعب والاحتيال وخيانة الأمانة في مؤسسة ترامب)، وتهمة ثانية بالاعتداء الجنسي ضد ممثلة سابقة ودفع محاميه-الذي انقلب عليه وفضحه لاحقا-أموالاً لممثلة إباحية لشراء سكوتها في حملته الرئاسية الأولى عام 2016. وقضية فيدرالية بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021-لمنع فرز أصوات المجمع الانتخابي وإعلان فوز الرئيس بايدن دستورياً. وقضية فيدرالية في ولاية فلوريدا-لاحتفاظ ترامب بوثائق سرية عن مراسلات رسمية مفترض تسليمها للحكومة الفيدرالية وللأرشيف الفيدرالي. ووجُهت 34 تهمة لترامب وأدين ببعضها-ولذلك يطلق على ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يرشح للرئاسة وهو مدان-(Convicted Felon). أنقذ ترامب حكم المحكمة العليا (عيّن 3 قضاة)-أعلى محكمة في النظام الفيدرالي الأمريكي-بحكم يمنح الرئيس الأمريكي حصانة محدودة أنقذت ترامب من العديد من التهم، وكذلك قرار قاضيين في جورجيا وفلوريدا بتأجيل محاكمته حتى بعد الانتخابات. وفي حال فوزه بانتخابات الثلاثاء القادم-سيتمتع بحصانة رئاسية لأربع سنوات. المواجهة محتدمة والتنافس شرس والأموال متوافرة. جمع ترامب أكثر من مليار دولار من تبرعات الجماعات السياسية واللولبيات والأفراد. وجمعت حملة بايدن وهاريس أكثر من مليار ونصف مليار دولار-قبل وبعد تنحى الرئيس بايدن في يوليو الماضي، بعد أدائه السيئ في المناظرة الوحيدة ضد الرئيس السابق دونالد ترامب، وممارسة قيادات الحزب الديمقراطي ضغطا كبيرا لإقناع بايدن بالتنحي ودعم ترشح نائبته كامالا هاريس. لذلك انتخابات الرئاسة الأمريكية هذه-تاريخية وغير مسبوقة. للمرة الأولى يتنحى رئيس ومرشح انتزع ترشيح حزبه وحصل على 14 مليون صوت في الانتخابات التمهيدية الحزبية على مدار ستة أشهر من التنافس الحزبي. وللمرة الثانية تنتزع مرشحة امرأة ترشيح الحزب الديمقراطي بعد هيلاري كلينتون عام 2016-وللمرة الأولى تنتزع مرشحة امرأة ملونة من الأقليات (والد كامالا هاريس أسود من جامايكا ووالدتها من الهند)-وللمرة الأولى تشهد محاولتا اغتيال لمرشح لرئيس سابق ومرشح لحزب رئيسي منذ اغتيال روبرت كنيدي عام 1968. وللمرة الأولى تنقسم الجالية العربية والمسلمة بالتصويت لمرشح للرئاسة في الولايات المتحدة. اعتاد الناخبون العرب والمسلمون وعددهم بضعة ملايين بثقل وازن وخاصة في الولايات المتأرجحة وعلى رأسها ولاية ميشيغان بالإضافة إلى ولاية بنسلفانيا الأهم ضمن الولايات المتأرجحة وولاية جورجيا، التصويت للجمهوريين بسبب مواقفهم وأجندتهم المحافظة-لكن بعد استهداف المسلمين الأمريكيين وحربي العراق وأفغانستان وقانون الوطنية-تحول معظم الناخبون الأمريكيون للتصويت للحزب الديمقراطي. وخاصة بعد إصدار الرئيس ترامب في أول يوم تسلم به الرئاسة في 20 يناير 2017-قرار منع دخول مواطني 7 دول عربية ومسلمة إلى الولايات المتحدة وبعضهم كانوا في الطائرات في طريقهم إلى المطارات الأمريكية! ما نفر الناخبين العرب والمسلمين من ترامب والجمهوريين! لكن اصطفاف الرئيس بايدن ونائبته وإدارته وتقديم الدعم غير المحدود ماليا وعسكريا وسياسيا لإسرائيل، وإقامة جسر جوي بشحنات أسلحة وصلت إلى 70% من السلاح الذي تستخدمه إسرائيل بإمطار سكان غزة وبتدمير ممنهج للبشر والحجر وقتل أكثر من 50 ألفا وإصابة أكثر من 100 ألف لأكثر من عام-بقصف المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد وحتى خيام النازحين في حرب إبادة بلا هوادة دون التهديد بوقف صفقات الأسلحة وحتى التنديد. بل توفير الدعم والغطاء والتبرير! وأتبع ذلك بشن حرب وحشية على لبنان وقصف مناطق سكنية في جنوب ووسط وشمال وشرق لبنان وقتل أكثر من 3000 لبناني وإصابة أكثر من 13 ألفا للشهر الثاني من توسيع رقعة الحرب واغتيال قيادات سياسية بما فيها أمين عام حزب الله حسن نصرالله وقيادات سياسية وعسكرية من قوات النخبة فرقة الرضوان وصولا لقصف إيران واليمن. لذلك يبدو الناخب العربي والمسلم، وخاصة من أصول فلسطينية ولبنانية وبالأخص في ولاية ميشيغان في حالة ضياع وفاقدين البوصلة. بعضهم سيصوتون احتجاجا-ضد كامالا هاريس المتواطئة مع الرئيس بايدن-لمصلحة ترامب برغم مواقفه وأنصاره المعادية للأقليات والعرب والمسلمين الأمريكيين. وبعضهم سيصوتون لمرشحة «حزب الخضر» اليهودية-جيل ستاين الناقدة بشدة لحرب إسرائيل الوحشية على غزة ولبنان والتي اعتقلتها الشرطة أكثر من مرة لمشاركتها في تظاهرات ضد الحرب ومطالبتها بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح. وحتى أعلن السناتور المخضرم بيرني ساندرز-اليهودي-الناقد بشدة لحرب إسرائيل على غزة أنه يختلف مع موقف كامالا هاريس الداعم لإسرائيل. لا تفوت هاريس فرصة إلا وتردد وتطلق تصريحات مكررة -»أطالب بوقف الحرب واطلاق سراح الأسرى ومعاناة المدنيين في غزة لا تطاق»!! لكن لا تفعل شيئا مع رئيسها لتحقيق ذلك!! الانتخابات محتدمة واستطلاعات الرأي تؤكد تقارب كبير بين ترامب وهاريس-ولا أحد يمكنه التنبؤ من سيكون سيد أو سيدة البيت الأبيض للسنوات الأربع القادمة. وعيون الأمريكيين والعالم شاخصة وتترقب يوم الثلاثاء!.

510

| 03 نوفمبر 2024

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5280

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

3783

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

2790

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1257

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

963

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

891

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

885

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

759

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

702

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

678

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

657

| 30 سبتمبر 2025

أخبار محلية