رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في رئاسته الثانية والأخيرة، كما يؤمن ويكرر بتفويض- بشعار «أمريكا أولاً»، وليكمل هدفه بجعل أمريكا عظيمة مجددا ويركز على الشؤون الداخلية لتكريس دوره الرئيس الأهم، وهيمنته على حزبه الجمهوري ولينتقم من الدولة العميقة التي حاكمته وتآمرت عليه ووجهت له 34 تهمة جنائية.
وقّع الرئيس ترامب على 50 أمرا تنفيذيا أكثر من أي رئيس آخر خلال الأربعين عاما الماضية. شكّلت أوامر ترامب التنفيذية صدمات بتداعياتها في الداخل والخارج الأمريكي. شملت المراسيم الرئاسية: تقليص حجم الحكومة والبيروقراطية الأمريكية، بإلغاء وزارات وهيئات فيدرالية أو تشجيع الموظفين على التقاعد. وكان صادما أمره التنفيذي بإلغاء وزارة التعليم، وتقديم عروض لتشجيع تقاعد آلاف الموظفين الفيدراليين. وانسحاب أمريكا من اتفاقيات دولية- اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الإنسان والأونروا- التي تُعنى بتقديم خدمات للاجئين الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها منذ نكبة عام 1948…
وفرض ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في خرق واضح وتقويض للعدالة الدولية ضد مرتكبي جرائم الحرب وضد الإنسانية والقانون لإصدار المحكمة أوامر إلقاء القبض على نتنياهو وغالنت لارتكاب إسرائيل حرب إبادة في غزة. برر ترامب قراره للرد على قرارات المحكمة الجنائية غير المشروعة وبلا أساس ضد أمريكا وحليفنا المقرب إسرائيل!!! ليشكر نتنياهو ترامب لفرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
نددت المحكمة الجنائية الدولية بقرار ترامب فرض عقوبات ودعت الأعضاء 125 ودول العالم للاتحاد ضد قرار ترامب بفرض العقوبات. وأكدت دول أوروبية رئيسية دعم عمل المحكمة بوجه عقوبات ترامب. وأعلنت 79 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية رفضها لعقوبات ترامب على المحكمة. وأكدت رئيسة المحكمة أن العقوبات الأمريكية تضر باستقلالية المحكمة وتحرم ملايين الضحايا من العدالة، وتضعف العدالة الدولية عالميا.
وجمّد ترامب عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)- تعمل وتساعد على الاستقرار في 130 دولة حول العالم وخاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوكرانيا- ويتهم منتقدو الوكالة بالعمل على تعزيز دور أمريكا والتدخل في شؤون الدول، بينما يتهمهما ترامب وإيلون ماسك بالفساد ويديرها «مجانين»- ويتهمها آخرون بزعزعة أمن واستقرار دول. فصل ترامب موظفيها الـ 10 آلاف حول العالم، وأغلق مقرها الرئيسي في واشنطن. سيتسبب بأضرار كبيرة في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية!! ليجمد قراره قاض فيدرالي.
** استفز ترامب الكثيرين باستضافة نتنياهو مجرم الحرب المدان والمطلوب إلقاء القبض عليه من المحكمة الجنائية الدولية- ليكون أول زعيم يلتقيه ترامب- وليستعرض أمامه خطته الصادمة والهلامية بنظرة رجل مطور للعقارات-مهنة ترامب التي يتقنها برغم إعلان إفلاسه عدة مرات. وذلك بالترويج بشكل صدم الجميع وأطرب نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف، بالاستيلاء وامتلاك قطاع غزة والسيطرة عليه واستلامه من إسرائيل بعد نهاية حرب غزة-ودون إرسال قوات عسكرية (كيف؟)!! وتنظيف القطاع وتطويره لمنتجعات مطلة على البحر الأبيض المتوسط، بعد تهجير سكانه قسراً إلى مصر والأردن ودول أخرى-وتطوير القطاع. وذلك برغم عاصفة الغضب والشجب والرفض والتنديد الفلسطيني والعربي والدولي وحتى من الحلفاء الأوروبيين والأمم المتحدة! ليبدأ بالتراجع التدريجي بعد عاصفة الغضب ويتكلم عن تهجير مؤقت ثم يؤكد أنه ليس في عجلة من أمره لامتلاك قطاع غزة!!
ورشح عن اجتماع نتنياهو في لقائه مع الرئيس ترامب وقيادات الكونغرس الأمريكي كيفية تدمير حماس وتمديد فترة المرحلة الأولى وعرض إنهاء الحرب والإفراج عن سجناء لم توافق إسرائيل سابقا على الإفراج عنهم- العمل على ترحيل قادة حماس من غزة. وإذا لم تتخل حماس عن السيطرة على قطاع غزة فلن تنسحب إسرائيل من محور فيلادلفيا. وهذا يطرح أسئلة كيف يؤثر خرق إسرائيل لبنود الاتفاق وعدم الالتزام بإدخال المساعدات الطبية والخيام والمنازل الكرفانات- وخاصة خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على قطاع غزة على تنفيذ مراحل الاتفاق الثلاثة. لن ينجح ترامب بتحقيق خطته العبثية للرفض الجماعي وخاصة من أصحاب الأرض والقضية الذين ضحوا بالغالي والنفيس واستشهد عشرات الآلاف وعادوا ليقيموا خيامهم على أنقاض منازلهم المدمرة.
** كما هدّد ترامب قبل بدء رئاسته الثانية والأخيرة بضم كندا وجعلها الولاية 51 واحتلال جزيرة غرينلاند وانتزاعها من الدنمارك بأي طريقة (لامتلاكها مصادر طبيعية ولموقعها الإستراتيجي المهم قرب المحيط المتجمد الشمالي)- ويهدد باستعادة قناة بنما بالغة الأهمية وتربط البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ جمهورية بنما!! لوقف النفوذ الصيني في خرق واضح للقانون الدولي وسيادة الدول والمواثيق والمعاهدات الدولية الراسخة. وأصدر أمرا تنفيذيا غيّر اسم «خليج المكسيك» الراسخ منذ القرن السادس عشر إلى «خليج أمريكا»!!
والملفت أن قرارات وتصميم ترامب تبعث وتقوض ما بات ثابتا منذ قرون، يتعارض مع رؤية ووعود ترامب بعدم التصعيد وشن حروب بل إنهائها كما يكرر وخاصة في خطاب تنصيبه. حيث ساهم في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل بدء رئاسته، ووعد بإنهاء حرب روسيا على أوكرانيا- وتوسيع رقعة التطبيع بين دول عربية وإسرائيل. والفوز بجائزة نوبل لينهي حياته السياسية القصيرة بعد 4 سنوات ورئاستين. لكن أوامره التنفيذية تناقض أهدافه التي يروج لها!!
أخطر ما يترتب على أوامر ترامب التنفيذية هو صورة أمريكا الدولة المستفزة لحلفائها والمعتدية على سيادتهم بعضهم أعضاء في حلف الناتو (كندا والدنمارك)!! وبعد الرد القاسي من روسيا والصين على شطحات ترامب سواء في موضوع غزة وغرينلاند وبنما- وفرض رسوم جمركية بقرارات تنفيذية على الصين وكندا والمكسيك، ثم يجمدها، في مخالفة لقوانين منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة واتفاقية USMCA لمنطقة أمريكا الشمالية…
تعيد الأوامر الرئاسية تشكيل النظام الأمريكي، وتقوض دور ومكانة أمريكا ويعزلها على المستوى الدولي. وفي انقلاب لواقع النظام الدولي! تبدو أمريكا- ترامب دولة مارقة ومعتدية، وفي سابقة تبدو الصين وروسيا أكثر اعتدالا وعقلانية.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر البيئية الناجمة عن الصناعات الهيدروكربونية، وفي مقدمتها النفط والغاز. وقد... اقرأ المزيد
687
| 09 أكتوبر 2025
سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق به، فارتقى إلى مصاف الدول المتقدمة في المنظومة التعليمية، ولم... اقرأ المزيد
708
| 09 أكتوبر 2025
تتقدّم الأوطان حين تضع الإنسان أوّلا: تعليمًا وتربية وكرامة وعملا. في قطر، أنصفت الرؤية وتمكينُها المرأةَ وفتحت أمامها... اقرأ المزيد
231
| 09 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5394
| 06 أكتوبر 2025
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
5058
| 09 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4947
| 02 أكتوبر 2025