رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلوى حامد الملا

[email protected]

@salwaalmulla

مساحة إعلانية

مقالات

939

د. سلوى حامد الملا

رفقاً بالقوارير لا عطفاً.. بل عدلاً

09 أكتوبر 2025 , 05:56ص

تتقدّم الأوطان حين تضع الإنسان أوّلا: تعليمًا وتربية وكرامة وعملا. في قطر، أنصفت الرؤية وتمكينُها المرأةَ وفتحت أمامها مسارات العلم والريادة؛ لكن العدل يُمتحَن في التطبيق، لا في الصياغات. حين تُختزل الكفاءة في الولاء، ويُفرَّغ القانون من روحه، تُطفأ عزائم وتُهمَّش عقول. هنا يبدأ امتحان الضمير. أنصفت قطر وقيادتها الرشيدة المرأة واعتزّت بمشاركتها وجعلت لها الاهتمام في الرؤية الوطنية 2030 وتمكينها، وفتحت أمامها أبواب التعليم والعمل والريادة. غير أنّ المسافة بين نص عادل وروح عادلة قد تتسع حين يُفرَّغ القانون من مقصده في دهاليز التطبيق، وحين تُختزل قيمة المرأة في ألقاب ووضع وحال اجتماعي، أو أن تُقاس الكفاءة بميزان القرب والولاء لا بميزان الأداء والإنجاز والكفاءة. قانون الموارد البشرية جاء كاملا مكملا داعما للأسرة والمرأة الأم والزوجة والزوج إلا أن هذه الحالات الاجتماعية ليست الوحيدة التي يقع عليها أعباء اجتماعية وظروف تربية وغيرها من ضغوط..! رفقًا بالقوارير، بينهن من لم يُكتب لهنّ نصيب الزواج، ومنهن من حرمت من الإنجاب والذرية.. لكن الله كتب لهن نصيب العلم والخلق والبذل والإخلاص. أيُعقل أن تقاس استحقاقاتهنّ برباط لم تجرِ به المقادير؟ ألسن بنات هذا الوطن وركنا مخلصا وأمينا ومساهما في نهضته؟ إن العدل لا يفرّق بين امرأة متزوجة وأخرى عزباء، ولا بين لقب اجتماعي ومسيرة علمية راسخة؛ العدل يزن الجهد بميزانه، ويُكرِّم الإخلاص حيثما وُجد، ويصون الكرامة لذاتها لا لارتباطاتها.

إن أردنا جيلا قويا مؤمنا مثقفا منتجا، فلا بد أن نمنح وفق ما نستحق، وأن نُكرِّم العمل حيث هو، لا حيث يكون صاحبه. التربية الحقيقية تسبق التشريع، والقدوة الصادقة تُعلّم أكثر مما تُعلِّم اللوائح. 

الأسرة التي تغرس في أبنائها معنى الكرامة، والمدرسة التي تفتح لهم باب التفكير والتحليل النقدي بلا خوف لا تلك التي تعتمد الحفظ والتلقين، والمسؤول الذي يزن الناس بإنجازهم لا بامتثالهم؛ هؤلاء جميعا هم شركاء القانون في صناعة الجيل. 

وحين تستقيم المنظومة التربوية والأخلاقية، يصبح القانون خادما أمينا لا سيدا متجبرا، وتصبح الحوافز رافعة للعدالة لا غطاء للمحاباة. نريد جيلا يتحدث العربية كما يتنفسها، جيلا يعتز بلهجته المحلية كما يعتز بلغته الأم، لا يستحي من لغته العربية ومن نطقه ولا يراه علامة ضعف أو تخلّف.

 نريد جيلا يتذوق اللغة كما يتذوق الشعر، يسمعها في البيت والمدرسة والشارع، فلا تختنق وتضيع وتغيب بين لغات دخيلة وعبارات هجينة سلبت اللسان دفء انتمائه وحلاوة حروفه. 

نريد أبناء وبنات يحملون في حديثهم نكهة الأرض، وفي فكرهم عبق الدين، وفي سلوكهم أدب الإسلام وحياؤه وعفّته.

 نحتاج إلى فتيات يعرفن أن الحجاب ليس قيدا بل كرامة، وأن الحشمة ليست ضعفا وتخلفا بل وعي بالذات. نحتاج إلى جيل يؤمن بأن الإيمان والعلم لا يتنافران، وأن الأصالة لا تعني الجمود، بل تعني أن نخطو إلى الأمام دون أن نخلع جذورنا ونتبع تقليدا أقواما آخرين. نحتاج إلى جيل يستمدّ من دينه قيَمه، ومن لغته هويته، ومن وطنه انتماءه، فيبني حضارته بلسان عربي مبين، لا بترجمة باهتة عن الآخر.

القوانين قد تنظم الرواتب والمكافآت، لكنها لا تبني وجدانا، ولا تزرع هوية. الهوية تُصنع في البيت حين تُقال تلتقي الأرواح بلغة مفهومة ولغة عربية عزيزة، وفي المدرسة حين تُدرّس القيم لا الدرجات، وفي الإعلام حين يسمع الجيل صوتا يشبهه لا يقلده. إن أردنا جيلا قويا بحق، فلنبدأ بتربيته على حب لغته وإيمانه ووطنه، عندها فقط سنجد القوانين تسير خلفه لا أمامه، خادمة له لا قيدا عليه تعيق حركته.

آخر جرة قلم: رفقا بالقوارير، لا يطلبن امتيازا على أحد، بل يطلبن الإنصاف للجميع: معيارا واضحا للأداء، مسارات شفافة للتقدّم والعمل والتقييم، آليات محترمة للتظلّم، وبيئة تُعلي من قيمة الإنسان أيًّا كان وضعه الاجتماعي. إنّ تمكين المرأة، كل امرأة، لا يكتمل بعبارات الشكر في المناسبات، بل بتفعيل الضمانات التي تمنع التهميش وترد الاعتبار عند الخطأ، وبمساءلة شفافة تجعل السلطة تكليفا لا تشريفا. 

رفقًا بالقوارير… لا عطفا ولا مَنّة، بل استحقاقا وعدلا. رفقا بهن لأن العدالة حق لهن كما هي حق لغيرهن، ولأن إنصافهن إنصاف للوطن نفسه. فإذا بلغ العدل الناس، تحوّل القانون من حبر على ورق إلى حياة في القلوب، وولدت من رحم الإنصاف أجيال لا تحتاج كثيرا من القوانين بقدر ما تحتاج إلى قدوة ومسؤول يخاف الله..

اقرأ المزيد

alsharq «يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب

هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي، ويخفق عالياً فوق جميع السواري، على إيقاعات «العرضة»، وأهازيجها الوطنية،... اقرأ المزيد

252

| 18 ديسمبر 2025

alsharq وللوطن جمال

نعم للوطن جمال بما تحمله كلمة الجمال من معانٍ ومساحات وأفراح وأشواق، إنها فطرة فطر الله تعالى الإنسان... اقرأ المزيد

177

| 18 ديسمبر 2025

alsharq الفساد منظومة متكاملة وهكذا مكافحته

اختتمت قبل أيام في الدوحة، النسخة التاسعة من جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في... اقرأ المزيد

126

| 18 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية