رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

 تويتر @docshayji

‏@docshyji

مساحة إعلانية

مقالات

921

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

نجاح وساطات قطر.. في جمع الخصوم وحل النزاعات

19 يناير 2025 , 07:00ص

أضافت دولة قطر انجازاً جديدا يضاف لسجلها الحافل بنجاحات دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات، لكون قطر وسيط نزيه ومحايد انخرطت من اليوم الأول بوساطة ومثابرة وتصميم لوقف حرب الإبادة التي تشنها آلة القتل الإسرائيلية على قطاع غزة وشعبها النازف والمحاصر والنازح، وذلك برغم العراقيل والصعوبات والعقد التي وضعها نتنياهو وحكومته المتطرفة وتغيير وإضافة شروط ومطالب وشن المزيد من الغارات والقصف لإفشال أي فرصة لنجاح الوساطة. ولكن كل ذلك لم يثن قطر عن التمسك والإصرار على مدى أكثر من 15 شهرا برغم وساطة قطر ومصر ولعب الولايات المتحدة دورا مزدوجا، بدعم واسناد وتغطية حرب إسرائيل على غزة بالمال والسلاح والغطاء السياسي والفيتو في مجلس الأمن، والتوسط لوقف الحرب!!

    نجاح الدبلوماسية القطرية مستمد من تطوير ديناميكية دبلوماسية الوساطة المعقدة لحل النزاعات وتحقيق الاختراقات وتوظيف الخبرة لإدارة الصراعات والتوسط بطلب من الأطراف المتصارعة، كما نتابع في حرب إسرائيل على غزة. لذلك نجاح وساطة قطر بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والرهائن، يشكل إنجازا مهما وانحياز أخلاقيا وقيميا يعزز ويعضّد دور قطر وسيطاً يلعب دورا حيويا في إدارة وحل النزاعات الإقليمية وحتى دولياً. والقدرة على جمع الأضداد تحت سقف واحد- كما شهدنا خلال العقدين الماضيين بين أمريكا وإيران وأمريكا وأفغانستان وفي السودان ولبنان ومنذ حرب طوفان الأقصى بين حماس وإسرائيل، حتى بين روسيا وأوكرانيا. وتلك شهادات تؤكد نجاح قطر الوسيط النزيه والناجح بكسب ثقة الأطراف المتصارعة. وهذه ميزة لا تملكها كثير من الدول في المنطقة وخارجها.

نجحت مثابرة الوساطة القطرية بدعم من مصر وأمريكا، بتحقيق اختراق كبير نتيجة لجهود وساطتها في نوفمبر 2023- بين إسرائيل وحماس- تستضيف الدوحة قيادتها في الخارج بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية. هذه العلاقة والانفتاح منح قطر نفوذاً وثقة قيادة حماس للتواصل والتنسيق. نجحت وساطة قطر بالتوصل لصفقة وقف إطلاق النار في غزة لمدة أسبوع وتبادل 117 رهينة إسرائيلي ومزدوجي الجنسية وخاصة الأطفال والنساء أفرجت إسرائيل عن حوالي 300 أسير وأسيرة فلسطينية بينهم أطفال وشباب -أغلبيتهم لم تُوجه لهم تهم أو تم إدانتهم.

حسب بنود الاتفاق ستفرج إسرائيل في المرحلة الأولى عن أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم 290 أسيراً فلسطينيا محكوما بأحكام مؤبدات- و500 من ذوي الأحكام العالية، وحوالي 1000 أسير من الذين اعتقلتهم إسرائيل منذ شن حربها على غزة في 7 أكتوبر الأول 2023، مقابل إفراج حماس عن 33 أسيرا إسرائيليا بينهم وشباب دون 19 عاما وكبار السن فوق 50 عاماً.

وأكد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن الاتفاق «أن الدور الدبلوماسي لدولة قطر في الوصول لهذا الاتفاق هو واجبنا الإنساني قبل السياسي»، معربا عن شكره لمصر والولايات المتحدة الأمريكية..».. «ونأمل أن يُسهم الاتفاق «ببدء مرحلة جديدة لا يتم فيها تهميش هذه القضية العادلة، والعمل الجاد على حلها حلا عادلا وفق قرارات الشرعية الدولية».

كما عبّر رئيس الوزراء وزير الخارجية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بمقابلة مع قناة الجزيرة: «أننا فرحون بالاتفاق كفرح أهل غزة ونأمل أن يطبق الاتفاق وإنهاء المأساة. ونؤكد أهمية حشد الدعم الدولي لغزة ووضع الآليات لدعم الأسر المنكوبة في غزة. وكانت الأيام الأخيرة من المفاوضات حاسمة، والعمل المشترك للإدارتين الأمريكيتين كان له دوره الحاسم بالتوصل للاتفاق. وننتظر من مجلس الأمن إصدار قرار ملزم بتنفيذ الاتفاق. وتم التوصل لبروتوكول انساني بشأن آلية إدخال المساعدات لمنع الابتزاز. وواجبنا كدول عربية دعم الوفاق الفلسطيني وصولا لإنهاء الانقسام». وانتقد رئيس الوزراء «المزايدات والابتزاز الرخيص ضد دورنا...، ولم يقدم منتقدو قطر شيئا سوى الصراخ». وموقف قطر كوسيط واضح بأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب هو شأن فلسطيني.

ويبقى التحدي هل سيلتزم نتنياهو وحكومته المتطرفة بالالتزام وتطبيق بنود الاتفاق في مراحله الثلاث أم سيراوغ ويماطل ويخرقه كعادتهم؟!

سبق وأكدت في مقالي في الشرق في أغسطس 2023: بعنوان «تميز قوة قطر الناعمة يعزز وساطة حل النزاعات»-»تؤكد النظرية الواقعية على محدودية دور «الدول الصغيرة في العلاقات الدولية». لكن ذلك لا يمنع صناع قرار دول صغيرة من لعب دور مميز تُعوّض به محدودية القوة السياسية والعسكرية والديموغرافية، بقوة ناعمة مميزة».

وكتبت وناقشت في محاضرات ظواهر تغييرات موازين القوى في النظام العالمي، برغم محدودية دور وقلة خيارات الدول الصغيرة وقدراتها العسكرية- في العلاقات الدولية-لكننا نشهد استثناءات لتلك النظرية-بدأتها دولة الكويت التي لعبت من استقلالها الكامل عن بريطانيا عام 1961، لتنخرط في تحقيق مبدأها صناعة السلام وتوظيف قدراتها المالية لدعم التنمية في الدول العربية عبر الصندوق الكويتي للتنمية منذ عام 1961. لتنتقل الراية إلى دولة قطر بلعب دور يعزز مكانتها وتتجاوز محدودية قدراتها بالانخراط بتطوير قدراتها لإدارة وحل النزاعات بدبلوماسية الوساطة المعقدة، وكُتبت كتب وأطروحات ماجستير ودكتوراه أشرفت على بعضها.

    وتستمر قطر بتراكم نجاحاتها بحل النزاعات، وتعزيز قوتها الناعمة بلعب دور بناء ومؤثر بحل الأزمات وإنهاء الصراعات، يتجاوز منطقة الخليج العربي.

وما يعزز مكانة ودور قطر النجاح بمزج قدراتها المتعددة في مجال أمن الطاقة والثقافة، والفنون، والتعليم والثقافة والمدينة الجامعية، والإعلام (شبكة الجزيرة) والرياضة (استضافة كأس العالم كأول دولة خليجية وعربية ومسلمة وبي ان سبورت). وتطوير قدرات الغاز المسال لتصبح قطر بين الدول الأهم المصدرة للغاز المسال في العالم. وترتبط بعقود طويلة الأمد مع الصين ودول آسيوية وأوروبية. وحتى أثناء الأزمة الخليجية (2017-2021) أوفت قطر بالتزاماتها بمسؤولية بعقود الغاز المسال، ما أكسب قطر مزيدا من الثقة والتقدير.

مساحة إعلانية