رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حرب ترامب ومقارباته.. تُفقد الحلفاء ثقتهم بحليفهم!!

ختمت مقال الأسبوع الماضي في الشرق «لم تعد أمريكا التي يعرفها الأمريكيون والعالم...» محذراً من خطورة الانزلاق لصراع مفتوح بين الولايات المتحدة وحلفائها وجيرانها من كندا إلى بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي بتراجع الثقة والتشكيك بمواقف إدارة ترامب الحليف الرئيسي للغرب والذي شكل وقاد النظام العالمي على مدى ثمانين عاما في أعقاب الحرب العالمية الثانية ومؤسساته وهيئاته إلى حليف ينتقد ويشكك ويقرّع وحتى يهدد ويتوعد الحلفاء وآخرها كما يشهدون ومعهم بقية دول وشعوب العالم بذهول فرض تعريفات ورسوم جمركية على بضائع الحلفاء والأصدقاء والجيران بشكل غير مسبوق على 185 دولة. ما يستنزف اقتصادات تلك الدول ويفجر حربا تجارية تزيد الغلاء وارتفاع الأسعار، والبطالة والتضخم بانعكاسات سلبية تؤثر على الاقتصاد العالمي. علّقت في مقالي الأسبوع الماضي بأن ما يقوم به ترامب بتكتيك الضغط المتصاعد ورفع سقف المطالب لدرجة تستفز وتستنزف الخصم وحتى لو كان حليفاً- لدفعه للتنازل - وهذا بات نهجاً واضحاً في أسلوب ترامب التفاوضي قبل لأن يتراجع جزئيا ويتوصل لحلول وسط. وهذا ما يقوم به مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والدنمارك حول انتزاع جزيرة غرينلاند وحتى رسالة التهديد والوعيد الشهيرة التي أرسلها ترامب إلى إيران منتصف شهر مارس الماضي بمنح إيران فترة شهرين للتفاوض بشكل مباشر مع الولايات المتحدة حول برنامج إيران النووي، وإلا تتحمل إيران مسؤولية ما يحدث!! وبرغم حشود ترامب العسكرية وإرسال قطع بحرية ومقاتلات الشبح B2 وحاملة طائرات ثانية «كارل فنسون» وتسريب للصحيفة البريطانية ذي ميل عن التحضير لضربة عسكرية على منشآت إيران النووية، ما يدفع المنطقة لحافة هاوية أمنية. وكل ذلك ضمن أوراق ضغط على إيران لكن إيران ردت بتحدٍ برفض التفاوض المباشر والترحيب بالتفاوض غير المباشر، طالما أبقت سياسة إدارة ترامب «الضغوط الأقسى» على إيران ولم ترفع العقوبات. ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت رفع الرسوم والتعريفات الجمركية لمستويات غير مسبوقة شملت الحلفاء وحتى الدول الفقيرة التي تتمتع بفائض لمصلحتهم بالتبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية. فارتفعت الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتركيا ومصر إلى 10 %. كما ارتفعت الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من الصين إلى 54 %، و46 % على فيتنام، و44 % على سريلانكا، و37 % على بنغلاديش، و25 % على كوريا الجنوبية، و24 % على اليابان، و20 % على الاتحاد الأوروبي!! وحتى 17 % على إسرائيل! بينما لم ترتفع الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من روسيا وكوبا!! تدفع سياسة ترامب الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية لحافة الصراع والفوضى. ويجمع الكثير من الاقتصاديين على أن رسوم ترامب الجمركية ستتسبب بأزمة اقتصادية حادة وتؤدي لتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي والصين والدول المتضررة من رفع ترامب الرسوم الجمركية على بضائعهم. وأعلن باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي «البنك المركزي» الذي يضغط ترامب عليه لخفض قيمة الفائدة «إن رفع ترامب الرسوم الجمركية أكبر مما كان متوقعاً، وتهدد بارتفاع نسبة التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي» ولذلك تسود الضبابية ومخاوف عدم اليقين. كما يعمق مخاوف الحرب التجارية حتمية من الدول المتضررة شركاتها وتجارتها مع الولايات المتحدة للرد بالمثل ورفع الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية الواردة إلى دولهم وخاصة السيارات والعربات (25 %) والإلكترونيات والرقاقات الإلكترونية وحتى القمح والخضار والفواكه والدواجن والمشروبات الروحية وغيرها. لذلك أعلنت الصين رفع الرسوم الجمركية المتبادلة بدءا من 10 أبريل إلى 34 % على جميع واردات البضائع الأمريكية. ما سينعكس سلبا على الشركات والمصانع والمنتجات الزراعية واللحوم الأمريكية! ستتسبب الحرب التجارية بارتدادات جيبوبولتيك على الاقتصاد العالمي بتباطؤ الاقتصاديات الأمريكية والصينية والآسيوية والأوروبية، كما ستخفض الطلب على الطاقة من نفط وغاز وخاصة إلى الصين وآسيا، وسيتسبب ذلك بانخفاض سعر برميل النفط والغاز الخليجي!! وهذا يعني انخفاض مداخيل الدول الخليجية!! أجرت وكالة رويترز مقارنات على سلع وبضائع مستوردة من الصين إلى الولايات المتحدة وأظهرت الفارق الكبير بارتفاع كلفة المنتج مثل جهاز هاتف نقال بحوالي 700 دولار. كما تظهر تقارير ارتفاع أسعار السيارات بين 2000 إلى 20 ألف دولار للسيارة!! ويتحمل المستهلك الأمريكي ارتفاع الكلفة لجميع البضائع وحتى مشتريات البقالة والسوبر ماركت سيكلف الأسرة الأمريكية زيادة بـ 2100 دولار أمريكي سنويا. من المتعارف عليه أن المستهلك يدفع فارق ارتفاع الرسوم الجمركية وليس كما يعتقد عدد كبير من أتباع ترامب، من يدفع فارق زيادة الرسوم الجمركية هي الدول المصدرة والشركات، بإضافة فارق ارتفاع الأسعار على السلع للمستهلكين. يدّعي ترامب والمسؤولون الأمريكيون أن رفع قيم الرسوم الجمركية فعّال ويعمل ولكن في مرحلته الأولى سيكون مؤلما!! وشبّه ترامب قبل أيام رفع الرسوم الجمركية بنجاح عملية لمريض، لكنه بدأ بالتعافي!! وأن الأسواق ستتأقلم مع رفع الرسوم. لكن تلك المقاربة والمنطق يتعارضان مع تحذير الخبراء والمستشارين الاقتصاديين وحتى قيادات الحزب الديمقراطي وبعض النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بدأوا يقلقون من تداعيات وخطورة رفع الرسوم! ختمت مقالي الأسبوع الماضي مؤكداً «لم ينتخب 49.7 % من الأمريكيين ترامب لأولوياته المعكوسة، ولطردهم من وظائفهم، وقمع حرياتهم ومعاداة جيرانهم وحلفائهم ورفع أسعار السلع والتضخم. ودعم حرب إبادة إسرائيل للفلسطينيين! واستفزاز واستعداء الحلفاء، وبعضهم صوتوا لترامب واليوم نادمون!! لنتائج سياساته الاقتصادية وزيادة الرسوم الجمركية المتبادلة والرد برفع الرسوم على البضائع الأمريكية وآثار ارتفاع الأسعار السلبية. بسبب نتائج سياسات ترامب تتراجع شعبيته لـ 49 % في استطلاعات الرأي!! ويعزف الأوروبيون والكنديون ومستثمرون وطلاب وسياح عن التعامل مع أمريكا، وزيارة وحتى الدراسة في أمريكا!! «لم تعد أمريكا التي نعرفها ويعرفها الأمريكيون والعالم... لذلك يفقد الحلفاء والأمريكيون الثقة بأمريكا ترامب»!!

393

| 06 أبريل 2025

أمريكا ترامب.. لم تعد أمريكا التي يعرفها الأمريكيون والعالم!!!

تناولت وحذّرت منذ فوز الرئيس ترامب وسيناريوهات عودته في مقالات وبودكاستات عن إعصار عودة ترامب لتصفية حساباته وانتقامه من الدولة العميقة. لتكراره في مهرجاناته الخطابية ومقابلاته عن مؤامرات الدولة العميقة وسرقتها الانتخابات ورفضه الإقرار بهزيمته حتى اليوم «خسارة انتخابات الرئاسة عام 2020» ضد الرئيس بايدن. ولا يجرؤ وزراؤه الإجابة بصراحة على أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ، والاعتراف بخسارة ترامب انتخابات الرئاسية. فكانوا يراوغون ويتهربون من الإجابة!! لخشيتهم من غضبه وانتقامه بطردهم إذا خالفوا قناعاته!! في ترهيب ورسالة: غير مقبول إظهار أي تباين مع وجهات نظره ومواقفه في رئاسة ترامب الأخيرة. يؤمن ترامب بحصوله على تفويض مطلق بفوزه القوي بالصوت الشعبي بـ 77.2 مليون صوت. وكذلك فاز بأصوات المجمع الانتخابي الأهم، وانتزع حزبه أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ من الديمقراطيين، ما يمكنه بالمصادقة على ترشيحه الوزراء والمسؤولين الذين يرشحهم لمناصبهم وتمرير أجندته ومشاريعه. وكذلك احتفظ حزبه بالأغلبية الضئيلة في مجلس النواب. لكنه يواجه مخاطر، تراجع قبل أيام عن ترشيح النائبة اليس ستافنيك من ولاية نيويورك الموالية بقوة لترامب، والداعمة لإسرائيل-لمنصب السفير ومندوبة الولايات المتحدة الدائمة في الأمم المتحدة، خشية خسارة مقعدها في مجلس النواب للديمقراطيين!! وذلك يحصّن ويعزز قناعة ترامب بأنه يمكنه تنفيذ أجندته دون عواقب وكلفة. ما تشهده الولايات المتحدة منذ عودة ترامب لرئاسته الثانية غير مسبوق بشطحاته وتصميمه على الانتقام والتصعيد في الداخل والخارج معاً. توسع أجندته وأوامره التنفيذية الخلافات والانقسامات والشرخ المجتمعي والسياسي بمقاربات غير مسبوقة مدعوما من جماعته (MAGA) حولها ترامب لطائفة موالية تصطف كليا معه. وتقليصه حجم الحكومة الأمريكية بقيادة الون ماسك أغنى رجل في العالم. كلفه ترامب الإشراف على «إدارة الكفاءة الحكومية»-تسببت بإلغاء ودمج إدارات وهيئات حكومية، تسببت بخسارة وظائف لأكثر من 100 ألف أمريكي. بينهم من انتخبوا ترامب!! وتتعمق ظاهرة ترشيحات وتعيينات ترامب لمناصب قيادية: وزراء ومديرين ومستشارين يقدم ترامب الولاء والتبعية على الكفاءة والخبرة والاستقلالية. وهذا يشمل وزير الدفاع هاغسيث (مذيع درجة ثانية في فوكس نيوز) كشف خطط ضرب مواقع وأهداف للحوثيين وأضاف صحفيا إلى مجموعة عمل على تطبيق سيغنال-فجّر فضيحة باتت تعرف «فضيحة سيغنال غيت». تحظى بتغطية وتحليل واسع في وسائل الإعلام ولدى الرأي العام الأمريكي المصدوم من التسيب والفوضى وغياب المهنية. وتعيين وزير الخارجية روبيو من صقور الحزب الجمهوري ومنافس ترامب في انتخابات الرئاسة عام 2016-كان عضو مجلس شيوخ من فلوريدا وموال بقوة لإسرائيل ومعارض للصين يصطف كليا مع ترامب. وتولسي غيبارد مديرة الاستخبارات الوطنية المشرفة على 18 جهاز استخبارات من مختلف المستويات ومدنية وعسكرية-لا تملك أي خبرة وخلفية ودراية في مجال الاستخبارات والأعمال الأمنية!! اثارت تعيينات ترامب المثيرة للجدل، انتقادات وتساؤلات مستحقة عن كفاءة وصواب قرارات هؤلاء المسؤولين الذين فشلوا في أول عملية عسكرية بفضيحة سيغنال حول استهداف الحوثيين في اليمن ومطالبات بالتحقيق الجنائي وإقالة وزير الدفاع هاغسيث ومستشار الأمن الوطني مايك والتز!! لكن الصادم في مواقف وقرارات ترامب داخليا ليس حملة الترحيل والطرد الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة ولكن ترحيل بطريقة غير شرعية لخارج أمريكا بطريقة غير شرعية وبمخالفة وتحدٍ لأحكام قضاة. وبعضهم نُقلوا إلى سجون السلفادور سيئة السمعة!! وطالت الاعتقالات والحجز طلبة أمريكيين، وحتى اعتقال وترحيل طلبة أجانب يدرسون في جامعات أمريكية لتظاهراتهم رافضين ومنددين بحرب إبادة إسرائيل على غزة-واتهام من يتظاهرون بمناصرة لحركة حماس ودعم منظمة إرهابية والعداء للسامية. في ممارسات تخالف القانون وتعديلات الدستور. وشمل القمع والتعدي على الحقوق السياح وزوار، وانتشرت ظاهرة توقيف والتحقيق مع مسافرين أوروبيين وكنديين وعرب ومسلمين وغيرهم في مطارات الولايات المتحدة. والقيام بتفتيش أجهزة هواتفهم النقالة ومنشوراتهم في وسائط التواصل الاجتماعي، وحتى اعتقالهم إذا وترحيلهم إذا اكتشف أي منشور يدعم حماس وينتقد حرب إسرائيل وسياسات ترامب!! لم تشهد أمريكا بتاريخها تكميما للأفواه وترهيب وقمع الحريات بهذا التدني! خارجياً تُعمّق سياسات وتصعيد ترامب تجاه الجيران والحلفاء بالوعيد والاستفزاز والتهديد بالسطو والتعدي على سيادة الحلفاء. يبرز ذلك بشكل صادم مع الجيران (كندا والمكسيك) والحلفاء الأوروبيين المقربين، بترهيبهم والتهديد بزيادة الرسوم الجمركية وضم كندا، والسطو على غرينلاند أكبر جزيرة في العالم بحكم ذاتي من الحليف والعضو في حلف الناتو الدنمارك- واستعادة قناة بنما وامتلاك قطاع غزة مجانا وتحويله لمنتجعات!! وكان صادما تهديد ترامب لكندا والأوروبيين بتغريده: «إذا تحالف الاتحاد الأوروبي مع كندا للإضرار بمصالح أمريكا الاقتصادية فسنرفع نسبة الرسوم الجمركية (أكثر من 25% المخطط للبدء بتطبيقها في 2 أبريل القادم)على الطرفين!! لحماية الصديق الأفضل لدى الدولتين» تصوروا ترامب يتخبطه يخطئ ويصف ترامب الاتحاد الأوروبي-(27 دولة) دولة!! وكان منفراً للأوربيين وحلفاء أمريكا وصف فانس نائب ترامب في المحادثة على تطبيق سيغنال: «أكره الاستمرار بإنقاذ أوروبا»!! ليتفق معه ويعلق وزير الدفاع هاغسيث «أتفق مع تعليقك وكراهية الأوروبيين»!(Free Loading) ومثيرين للشفقة»!! ويقوم فانس-نائب ترامب وزوجته بزيارة مستفزة وغير مرحب بها إلى قاعدة أمريكية في جزيرة غرينلاند-التي يصر ترامب على ضمها-مدعياً أهميتها للأمن الأمريكي والدولي وثرواتها الطبيعية!! لم ينتخب 49.7% من الأمريكيين ترامب لأولوياته المعكوسة، ولطردهم من وظائفهم، وقمع حرياتهم ومعاداة جيرانهم وحلفائهم ورفع أسعار السلع والتضخم. ودعم حرب إبادة إسرائيل للفلسطينيين! ومنهم انتخبوه!! وبسبب نتائج سياساته الاقتصادية وزيادة الرسوم الجمركية وتهديده يعزف الأوروبيون والكنديون وطلبة ومستثمرون وسياح عن زيارة أمريكا!! والنتيجة يتراجع الرضا عن سياسات ترامب إلى 49% في استطلاعات الرأي الأخيرة!! واضح هذه لم تعد أمريكا التي نعرفها ويعرفها الأمريكيون والعالم!!

1104

| 30 مارس 2025

فرص وتحديات رسالة ترامب على أمن واستقرار إيران والخليج

ينتهج الرئيس دونالد ترامب مقاربات ويطرح مبادرات غير تقليدية من خارج الصندوق، تثير كثيراً من علامات التعجب والاستفهام لرئيس وصل من خارج الدولة العميقة والنظام السياسي الحزبي الأمريكي. شغل ترامب العالم حتى قبل فوزه بالانتخابات في نوفمبر الماضي بمقترحاته من ضم كندا وجعلها الولاية 51 واستعادة قناة بنما والاستحواذ على غرينلاند من الدنمارك وحتى السيطرة على غزة وتحويلها لريفيرا الشرق بمنتجعات فلل مطلة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بعد ترحيل سكانها قسرا إلى مصر والأردن والتفاوض مع السودان والصومال وجمهورية أرض الصومال الانفصالية لاستيعاب اللاجئين المهجرين الفلسطينيين.. ما أثار كثيرا من الانتقادات واتهامات ترامب وإسرائيل بالتخطيط لارتكاب جرائم حرب وحرب إبادة وتطهير عرقي! كان لافتاً تسليم رسالة الرئيس ترامب حول برنامج إيران النووي عبر أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ووزير الدولة للشؤون الخارجية الأسبق. حسب موقع اكسيوس الأمريكي الإخباري المعروف بعلاقته الوثيقة مع مجتمعي الاستخبارات والسياسي الأمريكي، وتم تقديم إيجاز وأُطلع الحلفاء: إسرائيل - السعودية - والإمارات على فحوى رسالة ترامب لإيران تعمدت رسالة ترامب لإيران الغموض، لم تحدد الموعد النهائي للرد الإيراني على مبادرة ترامب - بمهلة شهرين! متى يبدأ العد التنازلي، من موعد إرسال الرسالة أو وقت استلامها أو من بدء المفاوضات؟!! وطبيعة الرد في حال رفضت إيران مبادرة ترامب بالتفاوض؟! وصفت مصادر لأكسيوس فحوى الرسالة كان "قاسياً" وحذرت بوجوب التوصل لاتفاق نووي جديد حول برنامج إيران النووي بالتفاوض، "بدلا من خيار آخر سيبقى مطروحاً. وتحذر الرسالة من تداعيات رفض مبادرة التفاوض المباشر للتوصل لحل. خاصة بعد مطالبة مستشار الأمن الوطني مايك والتز " بتخلي إيران وتسليم مكونات برنامجها النووي، والصواريخ ومخزون اليورانيوم المخصب أو تواجه إيران تداعيات قرارها"!! خاصة بعد تلقي إيران ضربات موجعة أضعفتها وحلفاءها ومحورها. يقيّم النظام الإيراني مفاعيل وجدوى وجدية مبادرة وتهديد الرئيس ترامب بمنح إيران مدة شهرين للرد على مقترحه، بين الفرص والتحديات وتحذيره بأن مدة الشهرين ليستلم رد إيران وإلا ستكون العواقب وخيمة وهو نهج بات مكشوفا في مفاوضات حافة الهاوية التي يتقنها ترامب بالتصعيد والتهديد والوعيد ورفع السقف-ثم التراجع والتفاوض على حلول وسط. والأهم ما تداعيات ونتائج رفض إيران مبادرة ترامب بالتفاوض؟ هل سيتسبب الرفض بعمل عسكري يستهدف منشآت إيران النووية بشكل فردي أو بمشاركة إسرائيل؟! وكيف سيهدد التصعيد أمن دولنا الخليجية؟!! أم هل المبادرة جزء من التصعيد والتلويح بالتهديد كتكتيك تفاوضي، ومقاربة اعتاد حلفاء وخصوم ترامب عليها، برفع سقف مطالبه بسياسة حافة الهاوية، ثم يتراجع ويخفض السقف. نهج وممارسة مكشوفة يتبعها ترامب بأسلوبه التفاوضي المستهلك؟ ودأبه بالتفاخر بقدراته ومهارته المميزة بالتفاوض وعقد صفقات!! لكن الواقع يناقض ذلك. * والأمثلة كثيرة، من مطالباته حول السيطرة على غزة وجعل كندا الولاية 51، وفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين وحتى على الحلفاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ثم تراجع وتجميد المطالب! وأذكّر تحريض ترامب إسرائيل قبل انتخابه، على ضرب منشآت إيران النووية رداً على قصف إيران بصواريخ ومسيرات أهداف داخل إسرائيل للمرة الثانية، رداً على اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله في بيروت في سبتمبر، واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران في يوليو. وتتطابق تهديدات ترامب مع تهديدات الإدارات السابقة وتصميمهم على منع إيران امتلاك السلاح النووي. خاصة أن إيران خالفت بنود الاتفاق النووي ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم من 3.67% إلى 60% منذ عام 2018، وهذا يسهل رفع نسبة تخصيب اليورانيوم لنسبة 90% وعسكرة برنامج إيران النووي. وذلك رداً واحتجاجا على انسحاب إدارة ترامب الأولى من الاتفاق النووي وفرض أقسى العقوبات المستمرة على إيران منذ مايو 2018. * تكرر إيران موقفها الرسمي بفتوى الإمام الخامنئي عام 2003 بتحريم امتلاك السلاح النووي. وجاء الرد من المرشد الأعلى علي خامنئي صاحب القرار النهائي في الملفات الحاسمة والبرنامج والاتفاق النووي الإيراني. سبق ووصف المرشد الأعلى علي خامنئي الرسالة وأسلوب ترامب بالتفاوض بـ "المخادع" لإعطاء التصور بأن إيران من ترفض التفاوض. لأن هدف ترامب وإدارته هو إبقاء العقوبات. وهذا يتطابق مع تصريحات من مسؤولين من إدارة ترامب بالتفكير بفرض المزيد من العقوبات والتشدد وحتى تسريب احتمال قيام البحرية الأمريكية بتفتيش ناقلات النفط الإيرانية، واعتبار أي اعتداء يشنه الحوثيون هو اعتداء إيراني وتتحمل مسؤوليته. * وبرغم إعلان المرشد رفضه للتفاوض مع إدارة ترامب طالما أبقت الإدارة الأمريكية "نظام أقسى العقوبات على إيران" التي انتهجتها وطبقتها إدارة الرئيس ترامب نفسه منذ مايو 2018-بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الذي توصل إليه الرئيس أوباما مع مجموعة (5+1) للدول الكبرى وألمانيا مع إيران عام 2015-وجمّد برنامج إيران النووي وفرض قيودا صارمة على تخصيب اليورانيوم وفرضت إدارة الرئيس ترامب الأولى نظام أقسى العقوبات بنقاطه الاثني عشر أعلنها وزير الخارجية حينها مايك بومبيو. لكن لم تغلق بعثة إيران في الأمم المتحدة الباب على المفاوضات، وتركت فرصة للتفاوض على البرنامج النووي. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية استمرار دراسة رسالة ترامب. ليشدد المرشد بعد تحذير ترامب من تداعيات محتملة ضد طهران، إذا رفض عرضه، وفي خطاب للإيرانيين الجمعة الماضي، على انه "لن تجدي التهديدات نفعا... وعلى الأمريكيين أن يعرفوا أن تهديداتهم لن تُجدي نفعا في المواجهة مع إيران...وسيتلقون صفعة قوية إذا قاموا بأي تحرك يضر بالأمة الإيرانية". لا شك مشهد مرتبك ومتناقض ومقلق، لكن قد يوفر فرصة تنزع فتيل التصعيد والمواجهة لرئيس يحلم بجائزة نوبل للسلام!.

654

| 23 مارس 2025

نجاح دبلوماسية الوساطات الخليجية يعزز قوتنا الناعمة

تشكل دبلوماسية الوساطة ضمن مفاهيم وممارسة الدبلوماسية آلية مهمة لتقريب وجهات النظر وحل النزاعات بين قوى متصارعة وذلك للمساهمة بخفض التصعيد وإحلال السلام والأمن وفي أضعف حالاته خفض التصعيد ومنع تفاقم الصراع أو الحرب، حتى إن الاستراتيجي الغربي الشهير كلازوتز وصف الحرب بأنها دبلوماسية بطرق أخرى. ولا تتمتع أي دولة أو طرف بقدرات لأن يكون وسيطا نزيها ومقبولا، ويُنظر إلى الوسيط من أطراف الصراع بأنه محايد ويقف على مسافة واحدة من الأطراف المشتبكة ويملك قدرة مميزة وسجلا حافلا بحل النزاعات. وقد برزت الكويت وسيطا ناجحا ومميزا في حل الخلافات الخليجية-الخليجية-والعربية وحتى على المستوى الدولي. وتبرز منذ العقدين السابقين كل من قطر والسعودية والإمارات كلاعبين مؤثرين وتسعى وتطلب الدول المتصارعة وساطتهم وتدخلهم لحل النزاعات كما نشهد في أكثر من ملف وعلى أكثر من صعيد. * اكتسبت دول مجلس التعاون تميزا وقدرات غير مسبوقة في النظام العربي. أؤكد في كتابتي ومحاضرتي أننا في حقبة صعود وقيادة دول مجلس التعاون للنظام العربي، في مجالات الأمن الناعم والقدرات المالية والاستثمارات، واستضافة القمم والمؤتمرات العربية والدولية، وقادة الدول الفاعلة: أوباما وترامب وبايدن وقريبا ترامب ثانية، والرئيسان الروسي والصيني والأسبوع الماضي الرئيس الأوكراني وغيرهم من قادة الدول من الشرق والغرب. وتقود دول مجلس التعاون النظام العربي منذ ثورات الربيع العربي وانكفاء الجمهوريات العربية المركزية التقليدية- بعد قيادتها النظام العربي منذ خمسينيات القرن الماضي. ونشهد تصاعد نفوذ دول المجلس خليجيا وإقليميا ودوليا في نظام عالمي وإقليمي يتجه للتعددية القطبية. * تتميز دول مجلس التعاون بإنجازات كبيرة في مجالات التنمية والتطوير ومراكز الدراسات والأبحاث وأفرع الجامعات الرئيسية والمستشفيات العالمية، والبطولات الرياضية وعلى رأسها تميز استضافة دولة قطر أول دولة خليجية وعربية وإسلامية كأس العالم لكرة القدم 2022 ودبي أكسبو 2022-وتتحضر السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034 وأكسبو 2030-وستستضيف للمرة الأولى دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 في نيوم، ودورة الألعاب الآسيوية 2034. * ونجحت الوساطة القطرية في تحقيق اختراق غير مسبوق بين الولايات المتحدة وحركة حماس باجتماع قياديين من حماس ومبعوث الرئيس ترامب لشؤون الأسرى أدم بوهلر في الدوحة. أغضب ذلك التواصل المباشر إسرائيل وخاصة اليمين المتطرف، دون علم إسرائيل، وكسر محرمات ونسف سردية إسرائيل التي نجحت بشيطنة حماس المصنفة إرهابية أمريكيا وإسرائيليا منذ عام 1997.!! ونجحت إسرائيل بإقصاء بوهلر بدفعه للتنحي بعد شن حملة انتقادات منسقة وخاصة بعد تصريحه: "أتفهم غضب الإسرائيليين، ولكن نحن الولايات المتحدة لسنا عملاء لإسرائيل، ولدينا مصالحنا الخاصة"...وسألتقي (بالإسرائيليين) وسأقول لهم: ليس لدى (حماس) قرون تنمو على رؤوسهم، في الواقع إنهم رجال مثلنا، ولطيفون". ما ينسف سردية إسرائيل التي تشيطن حماس. * وسجلت وساطات دول مجلس التعاون إنجازات مميزة، بنجاحها في امتهان دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات. بدءاً بوساطة الكويت في حقبة السبعينيات والثمانينيات-وآخرها بحل الأزمة الخليجية (2017-2021). وتسجيل دبلوماسية الوساطة القطرية بجمعها الأضداد تحت سقف واحد-وبطلب من الدول المعنية وخاصة الولايات المتحدة بين واشنطن وإيران وبين واشنطن وطالبان-وبين حماس وإسرائيل. * ونجحت دولة قطر في لم شمل دفعات من الأطفال في أوكرانيا وروسيا مع عائلاتهم، في إطار جهودها المستمرة بغرض لم شمل الأسر المشتتة بسبب النزاع بين روسيا وأوكرانيا.‎ ووساطة السعودية بين روسيا وأوكرانيا وللمرة الأولى استضافة وزيري الخارجية الأمريكي الجديد روبيو ووزير الخارجية الروسي لافروف لبدء مفاوضات مضنية بوساطة أمريكية واستضافة سعودية للمفاوضات وصولاً لحضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي إلى السعودية الأسبوع الماضي. * كما يبرز نجاح وساطات سلطنة عُمان في استضافة مفاوضات الاتفاق النووي السرية بين وفدين امريكي وإيراني في عمان منذ عام 2012 حول الاتفاق النووي وخلال الأزمة اليمنية مع الحوثيين والإفراج عن رهائن أطقم سفن محتجزين وآخرهم نهاية يناير الماضي، الإفراج عن طواقم بحرية محتجزين لدى الحوثيين إثر هجماتهم في البحر الأحمر. وكذلك نجحت وساطة عُمان بالافراج عن معتقلين أمريكيين في إيران. ويبرز نجاح وساطات الإمارات والسعودية بتبادل أسرى والإفراج عن مئات الأسرى منذ حرب روسيا على أوكرانيا عام 2022.. أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية نجاح وساطتها بالإفراج في 12 عملية وساطة إماراتية عن 2,883 أسيراً بين الطرفين. كما نجحت الوساطات السعودية منذ عام 2022 بالإفراج عن عدد من السجناء بين روسيا وأكرانيا ومواطني دول أخرى. * أما أبرز نجاح للوساطة السعودية فهو في استضافة الوفدين الروسي والأوكراني بحضور الولايات المتحدة ومناقشة التوصل لهدنة لمدة شهر لوقف حرب أوكرانيا وتبادل الأسرى. وسبق أن تقدم الرئيسان الروسي والأوكراني بالشكر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان على دور ووساطة السعودية بين روسيا وأوكرانيا. وكان لافتا نقل أنور قرقاش مستشار رئيس دولة الإمارات للشؤون الدبلوماسية رسالة من الرئيس ترامب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي الأسبوع الماضي بمقترح التفاوض على برنامج إيران النووي. وأكد ترامب، إرسال الرسالة يحثّ على إجراء محادثات نووية، ويحذر من احتمال اللجوء إلى عمل عسكري في حال رفض إيران. وكان الرئيس ترامب في رئاسته الأولى انسحب من الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس أوباما ومجموعة (5+1)-مع إيران عام 2018. ورد المرشد على رسالة ترامب بأنها تهدف لتضليل الرأي العالمي، ولن تؤدي لرفع العقوبات على إيران بل ستزيدها تعقيداً. * وهكذا يبرز وبشكل واضح دور ومكانة دول مجلس التعاون فرادى وجماعات حرصها على حل الأزمات واتقان دبلوماسية الوساطة وزيادة رصيد قوتنا الناعمة. في دراسة حديثة عن ترتيب قوة الدول الناعمة: تصدرتها الولايات المتحدة فالصين، وجاء ترتيب الإمارات 10-السعودية 20-قطر 22 والكويت 40. لكن أكرر المطلوب حشد قوانا الناعمة وتوظيفها لتعزيز قوانا الخليجية الجماعية العسكرية-الصلبة بتوازن مطلوب لتفعيل وانضاج مشروع خليجي-عربي جامع يوازن ويتصدى ويردع الخصوم الحاليين والمحتملين.

1128

| 16 مارس 2025

رفض ترامب ونتنياهو مخرجات قمة فلسطين العربية حول غزة!!

يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما ترفضه الدول العربية ومنظمات إقليمية ودولية. اجتمع العرب في قمتين تشاورية في السعودية بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن. وقمة طارئة مؤجلة في القاهرة في 4 مارس الجاري للتوصل لموقف عربي جماعي حول القضية الفلسطينية وإعادة إعمار قطاع غزة. شكّلت القمم الأربعة بشأن غزة التي عُقدت منذ نوفمبر 2023- ونوفمبر 2024 في الرياض منذ حرب الإبادة الإسرائيلية، بعد القمتين العربيتين الإسلاميتين- دون أن تحقق القمم العربية الطارئة الاختراق وكسر الحصار وإدخال "قوافل المساعدات إلى غزة" ووقف حرب الإبادة التي عُلقت فيها "العمليات العدائية"، في 19 يناير الماضي قبل يوم من بدء رئاسة الرئيس ترامب الثانية وبضغط منه على نتنياهو وعلى حكومته الائتلافية المتشددة. وليس وقف الحرب. الذي رُحّل للمرحلة الثانية التي كان مفترضا بدء تنفيذه حسب اتفاق وقف إطلاق النار مطلع شهر مارس وبدء شهر رمضان المبارك الجاري. لم يكن مفاجئا إعلان الطرف الإسرائيلي عن رفض مخرجات القمة العربية الطارئة في القاهرة بتبني القمة العربية بالإجماع المبادرة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة دون ترحيل سكانها- كما يقترح ترامب في مخططه الذي رفضته الأطراف العربية تطهيرا عرقيا لمليوني فلسطيني عانوا حرب إبادة، يرّوج لها ترامب ويباركه نتنياهو وعتاة اليمين المتطرف في ائتلافه.. سعت القمة العربية الطارئة في القاهرة يوم 4 مارس الجاري، لبلورة موقف عربي جامع بتبني المبادرة المصرية كبديل عن مخطط الرئيس ترامب الذي يكرره بمباركة ودعم من نتنياهو واليمين المتطرف في حكومته الرافضين الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق بوقف كلي للحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة والمعابر وإطلاق سراح جميع الأسرى. واضح هدفت القمة التوصل إلى الحد الأدنى من التوافق للرد على مخطط نتنياهو ووضع الكثير من العصي وقليل من الجزر. برغم تأكيد الخطة على رفع الأنقاض وبناء 200 ألف وحدة سكنية، لكنها اتبعت الغموض البناء حول اليوم التالي والجهة التي ستدير القطاع بعد وقف إطلاق النار؟ وقوات حفظ السلام؟ ومن سيشارك في تمويل والإشراف على إعادة الإعمار؟ ودور حماس والسلطة الفلسطينية المستقبلي في إدارة القطاع؟ وماذا عن قيادات وعناصر حماس وسلاحها؟! وماذا عن ضمانات شن حروب إسرائيلية جديدة على غزة وتدمير ما تم إعادة إعماره: بنى تحتية ومنازل وطرق ومحطات كهرباء وميناء ومطار. وحسب رؤية الرئيس ترامب الذي نشر فيديو بالذكاء الاصطناعي (تعرض لانتقادات لاذعة)، يتخيل غزة منتجعات سياحية مطلة على البحر الأبيض المتوسط ومباني فخمة وحتى برج ترامب وسط غزة. كل تلك الأسئلة تركت بلا إجابات واضحة. نجحت القمة ببلورة موقف عربي جماعي موحد يرفض التهجير، واتخاذ الإجراءات القانونية والدولية لوقف محاولات إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، وخطط إعادة إعمار غزة دون إخراج الفلسطينيين من أراضيهم "وأولوية استكمال وقف إطلاق النار في غزة والضفة الغربية، ونشر قوات حفظ سلام لحماية الشعب الفلسطيني". كان متوقعاً رفض نتنياهو وترامب مخرجات القمة العربية، وأكد البيت الأبيض تمسك الرئيس ترامب بخطته بالاستحواذ على غزة بلا مقابل وإعادة إعمارها من غير سكانها وحركة حماس. وانتقد نتنياهو الخطة العربية- ووصف "خطةَ إعادة الإعمار لم تتناول حقائقَ الوضع بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023. ولذلك يتعنت نتنياهو ويعطل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق الذي قادته الوساطة الأمريكية-ممثل ترامب إلى الشرق الأوسط المبعوث ستيف ويتكوف - وقطر ومصر- بوقف الأعمال العدائية وتبادل 33 أسيرا لدى حماس مقابل الإفراج عن حوالي 2000 فلسطيني معتقلين في السجون الإسرائيلية وأطلق سراحهم إلى الضفة الغربية والقدس وغزة وبعض الأسرى تم ترحيلهم إلى مصر بإصرار إسرائيلي. بل يطالب نتنياهو واليمين المتطرف بتمديد المرحلة الأولى لـ 50 يوماً إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الفصح اليهودي- في شراء للوقت- وتخريب الاتفاق حتى لا يسقط تحالف نتنياهو الهش بعد تهديد سموترتش بالانسحاب من التحالف إذا توقفت الحرب والانتقال للمرحلة الثانية. وذلك بالتنسيق وتفهم ترامب وويتكوف مبعوثه للشرق الأوسط. والملفت أن إدارة ترامب كافأت نتنياهو وحكومته منذ اجتماع الرئيس ترامب مع نتنياهو مطلع فبراير الماضي-كأول مسؤول أجنبي يجتمع معه ترامب في البيت الأبيض قبل اجتماعاته مع رئيس وزراء اليابان والعاهل الأردني الملك عبدالله ورئيس وزراء الهند. بالإضافة إلى المصادقة على صفقات أسلحة بقيمة 12 مليار دولار، بما فيها أسلحة كانت إدارة بايدن قد جمدت ورفضت إرسالها مثل القنابل زنة 2000 رطل لقدراتها التدميرية الهائلة في المناطق السكنية، ورفع العقوبات عن قادة المستوطنين لأنشطتهم التخريبية واعتداءاتهم في الضفة الغربية، وحتى استقبال وزير المالية المتطرف سموترتش في واشنطن بعدما كانت إدارة بايدن قد قطعت التواصل معه ومنعت زياراته مع الوزير المتطرف بن غفير. ما يعني تجاوز إدارة ترامب في اصطفافها وتبني سرديات ومواقف حكومة نتنياهو أكثر من إدارة بايدن التي كانت منحازة كليا للموقف العدواني الإسرائيلي بتقديم الدعم والإسناد والتسليح وتوفير الغطاء باستخدام الفيتو خمس مرات لحماية إسرائيل. وفي استمرار لتناقضات مواقف ترامب، وبعد تسريب (إسرائيل) اجتماعات بين مسؤول شؤون الأسرى الأمريكيين وممثلين عن حماس بوساطة قطرية في الدوحة في التفاف على نتنياهو وإصراره على تعطيل اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى، هدد ترامب ووجه إنذاراً أخيراً لحماس بإطلاق جميع الأسرى وإلا سيفتح على حماس وقادتها وحتى على سكان غزة أبواب جهنم!! وهكذا يبقى المشهد ملتبسا وضبابيا ولا يدعو للتفاؤل بوضع حد للصراع والحرب والفوضى ما يبقي المنطقة بأسرها على صفيح ساخن!!

603

| 09 مارس 2025

الكويت وقطر نموذج يُحتذى للعلاقات بين الأشقاء

سُعدت بدعوة المؤسسة القطرية للإعلام ممثلة بسعادة الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني المدير التنفيذي للمؤسسة الأسبوع الماضي للمشاركة باحتفال دولة قطر مع الشقيقة دولة الكويت باحتفالاتنا باليوم الوطني الكويتي الرابع والستين الذي يصادف في 25 فبراير من كل عام، واليوم الرابع والثلاثين لذكرى تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي الذي شنه صدام حسين على الكويت في الثاني من أغسطس 1990-والذي قوّض باحتلاله الغاشم لدولة الكويت على مدى سبعة أشهر عجاف، أسس النظام الأمني العربي وهز أركانه من اساساته! تشكل دعوة المؤسسة القطرية للإعلام لأكاديميين وإعلاميين كويتيين وقطريين وعلى رأسهم الأخ الصديق جابر الحرمي رئيس تحرير صحيفتنا «الشرق»، والصديق وتلميذي السابق وليد الجاسم رئيس تحرير صحيفة الراي الكويتية، لمشاركة دولة قطر دولة الكويت احتفالاتها بأعيادها وفرحتها باليوم الوطني ويوم التحرير لفتة مقدرة وليست مستغربة من الأشقاء القطريين. وكذلك مشاركة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي أفراحنا ببرقيات تهنئة قادة دول المجلس ببرقيات تهنئة للقيادة الكويتية، ترتبط الكويت مع الأشقاء الخليجيين بأواصر الدين واللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والقربى والمصاهرة والموقع والجغرافيا. وكان لافتا كيف ازدانت أبراج لوسيل بصور صاحبي السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، وأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح- وعلمي الكويت وقطر... لدرجة أنني وزملائي أحسسنا وكأننا في الكويت. تتمتع العلاقات الكويتية-القطرية بعلاقة أخوية متينة تجذرت على مدى قرون وعقود من التواصل والتعاون والتنسيق والتبادل التجاري والاستثمارات. وتدرك الدول الصغيرة في إقليمنا الخليجي الحاجة إلى التنسيق والتعاون والاصطفاف معاً لمواجهة التحديات والتهديدات. مشاركة دولة قطر الشقيقة احتفالات الكويت بذكرى اليومين الوطني والتحرير للتذكير والتأكيد على المشتركات بين كل من الكويت وقطر كدولتين صغيرتين بطموح كبير وهموم وأولويات مشتركة يهمنا أمن واستقرار منطقتنا والسعي بشكل حثيث لحل النزاعات والمساهمة بدبلوماسية الوساطة وحل النزاعات والمساعدات التنموية والإنسانية التي قادتها دبلوماسية الكويت النشطة وصارت نموذجا متفاعلا منذ الستينيات حتى الغزو والاحتلال العراقي لتعود الكويت لتلعب دورها المتميز. ولكن نجحت دولة قطر في أخذ سبق قيادة دبلوماسية الوساطات وحل النزاعات في العقدين الماضيين على أكثر من صعيد وفي أكثر من ملف وأزمة بين دولنا الخليجية، ولم تفقد الأزمات الخليجية المتتالية وخاصة أزمتي 2014 و2017-التي لعبت الوساطة الكويتية الدور القيادي في إنهاء الأزمة الخليجية بعد ثلاثة أعوام ونصف العام. والملفت أن تلك الأزمات والصعوبات لم تقلل من همة القيادة القطرية من الاستمرار بدبلوماسية الوساطة وحل النزاعات-ونشهد ذلك اليوم بتصميم التمسك بالوساطة القطرية بين حماس وإسرائيل برغم تعنت ومماطلة الطرف الإسرائيلي وعرقلة مساعي الوساطة بابتداع شروط وتعقيدات ليتفلت من استحقاقات حتى المرحلة الأولى من الاتفاقية وعرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية. وتنجح بشهادة الجميع بجمع الخصوم تحت سقف واحد-لما تمتلكه من قدرة ونجاح في كسب ثقة النزاعات. كما كان بالوساطة بين أمريكا وطالبان بطلب من الولايات المتحدة، وبين أمريكا وإيران بطلب من الطرفين!! وهذا لا يتحقق إلا بجهد ومثابرة ومصداقية وحياد. تجلّت الوحدة والتماسك الخليجي بشكل واضح ومهم في أحلك أزمة عصفت بكيان ووجود الكويت وشعبها والوطن والدولة والنظام. بكارثة الغزو والاحتلال العراقي، حيث هب الأشقاء في دول مجلس التعاون لحشد الدعم العسكري والقوات والدعم السياسي في مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالوقوف مع الحق الكويتي لاستعادة الشرعية الكويتية. باستضافة المملكة العربية السعودية قوات التحالف الدولي ومقولة الملك فهد الخالدة «السعودية والكويت جسد واحد يا تبقى الكويت والسعودية يا تذهب الكويت والسعودية».. وبمشاركة القوات الخليجية في عملية-عاصفة الصحراء لتحرير دولة الكويت واستعادة الشرعية الكويتية. وكان ملفتا دور اشتباك القوات القطرية ببسالة بمعركة الدبابات ضد القوات العراقية الغازية في معركة الخفجي داخل المملكة العربية السعودية. حسب رئيس مجلس إدارة غرفة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني بالعلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع بين قطر والكويت. حيث تشهد تطورا وتقدما ملفتا ونموذجيا.ارتفع التبادل التجاري والاستثمارات إلى ملياري دولار بين البلدين. وتم التوقيع على عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج المشتركة في كثير من المجالات. وارتفع عدد الشركات الكويتية العاملة في قطر إلى 170 شركة كويتية-ويتجاوز عدد الشركات بملكية قطرية-كويتية مشتركة العاملة في قطر 656 شركة. ويسهم قطاع الطاقة، بتوثيق العلاقة القطرية-الكويتية بشكل فعال ومهم. وخاصة بعد توقيع الكويت اتفاقية عام 2020 لاستيراد الغاز الطبيعي المسال القطري على مدى 15 عاماً بدءا من عام 2022 حتى نهاية 2036، تستورد الكويت حسب الاتفاقية 3 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال. كما تلعب اللجنة العليا الكويتية-القطرية المشتركة-دوراً فعالاً في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين التي عقدت اجتماعها الأخير بمشاركة رئيس الوزراء - وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن، ووزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا في فبراير الماضي. حيث أكد وزير الخارجية الكويتي « أصبحت العلاقات الكويتية -القطرية نموذجا فريدا يسمو فوق الإطار الدبلوماسي التقليدي. تستمد قوتها من الروابط الأخوية العميقة والتعاون الاستراتيجي الذي يجمعنا والقائم على مبادئ القيم المشتركة ووحدة المصير. أكرر مطالبتي في مقالي الأسبوع الماضي في الشرق، للحاجة « لتوظيف مجلس التعاون قوانا الناعمة قدرات النفط والغاز، والصناديق السيادية، ودبلوماسية الوساطة النشطة. والاجماع حول الأولويات ومصادر التهديدات الأمنية، والاتفاق الجماعي لدولنا على مقارباتنا تجاه إيران والتطبيع وغزة والقضية الفلسطينية وأمن الطاقة وعودة ترامب. ويكمن التحدي بنجاحنا بتفعيل الرؤية الأمنية لمشروع أمني خليجي جماعي يفرض توازن قوى رادع يتصدى للتهديدات الأمنية ويحصّن أمننا الجماعي.

393

| 02 مارس 2025

الحاجة لمشروع خليجي يوازن ويردع ويحمي!

شاركت الأسبوع الماضي في الكويت بدعوة من مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت ومركز الخليج للأبحاث في المملكة العربية السعودية- بندوة: «تعزيز الأمن وفق رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي في ضوء التحديات والفرص الراهنة»، بحضور زملاء أكاديميين من قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت وأقسام عديدة وباحثين وأكاديميين ورؤساء ومديري مراكز دراسات بحثية ودبلوماسيين من وزارات الخارجية الخليجية - لمناقشة رؤية الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي. قدم أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي «رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي»-في مارس 2024-وكانت سابقة تقديم دول مجلس التعاون رؤيتها للأمن الإقليمي، لكن دون تحديده ب»الأمن الخليجي»!! مؤكداً تعد «الرؤية التزاما سياسيا، وأخلاقيا يجمعنا جميعاً. فأمننا المشترك هو الأساس الذي نبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل، ونؤمن في مجلس التعاون، أن الحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر من الأساسيات لمواجهة كافة التحديات». تشمل رؤية الأمن الإقليمي: المبادئ والدوافع والمنطلقات برؤية أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ خاصة لحالة عدم الاستقرار في المنطقة والنظام العالمي. بالمجمل تؤكد الرؤية الخليجية على أهمية الحفاظ على الأمن الإقليمي واستقرار دول المنطقة وازدهار شعوبها وتعزيز الأمن والسلم الدوليين. تُولي الرؤية الأمنية أولوية للحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر، وأن «أمننا المشترك هو الأساس لنبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل. ويقف المجلس على أرضية ثابتة في دعم وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، كما أكد قادة دول المجلس في مناسبات عديدة، آخرها قمة الدوحة، على الالتزام الراسخ بمواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، ليس فقط ضمن حدود المنطقة بل وعلى الصعيد العالمي... متمسكين بالحوار كجسر للتواصل والتفاهم. مع الحرص على توسيع آفاق التعاون مع كافة شركائنا حول العالم». * كما شرحت في مقالي في الشرق في مارس الماضي: تتضمن الرؤية الأمنية لدول مجلس التعاون 15 بنداً: البناء على جهود دول المجلس في حلّ الخلافات عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية، وتكثيف الجهود لاستمرار الدور الريادي الفاعل لتجنيب المنطقة تداعيات الحروب ومعالجة الأزمات الإقليمية. ودعم جهود تفعيل مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية. وتعزيز القدرات الذاتية، وتعميق الشراكات الإقليمية والدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتجفيف منابعه. والعمل المكثف لضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية. ودعم ضمان حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وحظر انتشارها. وتكثيف العمل لإيجاد حلول فاعلة للتعامل مع تحديات التغير المناخي، وتنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون وتعزيز تطوير وتوظيف مصادر الطاقة المتجددة. وتكثيف العمل لمواجهة التحديات المستقبلية في مجالات الأمن المائي والأمن الغذائي ومكافحة عمليات التهريب بأنواعها ومساراتها. وتجريم جميع الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية. والتنسيق وتعزيز الشراكات الدولية للمساهمة بمواجهة الجرائم الإلكترونية لتعزيز ورفع مستوى الأمن السيبراني. شهدت منطقتنا والنظام العالمي عام 2024 تحولات ملفتة غيرت جيبوبولتيك النظام الشرق أوسطي والعالمي. شكلت تداعيات عملية «طوفان الأقصى» تغييرات في موازين القوى. وتعرضت إيران وحلفاؤها لضربات هي الأقسى منذ قيام الجمهورية قبل 45 عاماً. شنت إسرائيل هجمات مدمرة على إيران مرتين وكذلك انتقمت إيران بعلميتي الوعد الصادق 1 و2 - بقصف صاروخي وبالمسيرات على إسرائيل دون إلحاق إضرار كبيرة، سوى تأثيرها النفسي والمعنوي. وتعرض حلفاء إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق لضربات مؤلمة أفقدت إيران نفوذها على محور المقاومة ومشروعها. وتعمقت انتكاسات إيران بسقوط نظام الأسد في سوريا نهاية العام الماضي. واغتالت إسرائيل القيادات السياسية والأمنية والعسكرية لمحور المقاومة-حسن نصرالله أمين عام حزب الله-وفرقة النخبة العسكرية الرضوان-وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران في الصيف الماضي، وقادة حماس في غزة يحيى السنوار ومحمد الضيف. كما شكّل عودة الرئيس الأمريكي ترامب بمواقفه وقراراته وتهجمه المستفز على الحلفاء تحديا حقيقيا لهم من غربيين وعرب من المتوسط إلى الخليج. حول حرب الإبادة على غزة ومخططه تهجير سكان غزة والسيطرة على القطاع وتبني السردية الإسرائيلية. وحتى عدم ممانعته بفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية ومعه حل الدولتين وتصفية القضية الفلسطينية. وأعاد ترامب فرض أقسى العقوبات على إيران والتصعيد. ويخشى من تصعيد عسكري بتحريض ودعم إسرائيلي، ما يشكل تهديداً حقيقيا للأمن الخليجي. *أكدت في ندوة الأسبوع الماضي-برغم تأخر بلورتها وتقديمها، لكنها تُعد خطوة مقدرة بكونها الأولى منذ قيام مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981، ويجب البناء عليها. لكنها تحتاج لمزيد من الوضوح والتفاصيل والشفافية والتحديث بعيداً عن لغة العموميات. بذكر أمن منطقة الخليج العربي بالتحديد وإضافة التأكيد على الأمن الشامل! وعدم الاكتفاء «بالأمن الإقليمي»!! وطالبت بالعمل الجاد لتقليص الاعتماد على «الأمن المستورد» الخارجي، والاعتماد أكثر على الأمن الذاتي الخليجي وبلورة مشروع خليجي جماعي رادع يتصدى لجميع المتغيرات والتحولات والتهديدات الجيو-بولتيكية الإقليمية والدولية في منطقتنا والعالم منذ إطلاق الرؤية، وتستمر بالتفاعل بديناميكية متسارعة ومهددة. خاصة أن المبادرات الأمريكية والروسية، تشير مباشرة لأمن منطقة الخليج العربي، وحتى المبادرات الإيرانية، قدمها الرئيس روحاني عام 2019 واضحة بمسماها مبادرة أمل هرمز بحماية الأمن الخليجي، وكذلك مبادرة «مودة» الإيرانية-قدمها نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف العام الماضي. وعلقت عليها بمقال في الشرق. كما طالبت بتوظيف مجلس التعاون قوانا الناعمة قدرات النفط والغاز، والصناديق السيادية، ودبلوماسية الوساطة النشطة. والاجماع حول الأولويات ومصادر التهديدات الأمنية، والاتفاق الجماعي لدولنا على مقارباتنا تجاه إيران والتطبيع وغزة والقضية الفلسطينية وأمن الطاقة وعودة ترامب. ** أكرر التحدي يكمن بنجاحنا بتفعيل الرؤية الأمنية لمشروع أمني خليجي جماعي يفرض توازن قوى رادعا يتصدى للتهديدات الأمنية ويحصن أمننا الجماعي!

588

| 23 فبراير 2025

سياسات ترامب.... وتآكل ثقة الحلفاء بأمريكا!!

تُشكّل عودة الرئيس ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة تحديا للداخل والخارج الأمريكي معاً. تعمق الانقسام الحاد بتصميم ترامب على الانتقام من الدولة العميقة لملاحقته وحصاره بقضايا جنائية ومدنية على مختلف المستويات، بتهم تحريض أنصاره اقتحام الكونغرس، والتحرش ومحاولة تزوير انتخابات 2020. وبعد 4 سنوات يرفض الاعتراف بهزيمته ويصر كانت مزورة وسُرقت منه. ويعمل ترامب بجد وبالتنسيق والتشاور مع الون ماسك المكلف بإدارة كفاءة الحكومة الفيدرالية على تقليص حجم الحكومة بإلغاء ودمج وكالات وتسريح عشرات آلاف الموظفين لتوفير الميزانية-ما يثير استياء الموظفين المسرحين، وخاصة المسرحين المستائين والنادمين على انتخاب ترامب!! أركز في مقالي على سياسات واستفزاز ترامب الخطير للحلفاء بخططه ومشاريعه التي تتعارض مع القانون الدولي والأعراف والتعدي على سيادة الدول، خاصة الدول الحليفة سواء من أوروبا إلى منطقتنا العربية وخاصة موقفه الصادم من السيطرة على قطاع غزة! يستفز ترامب الحلفاء المقربين بالتهديد بضم دولهم وفرض رسوم جمركية على وارداتهم. والتفاوض مع خصمهم روسيا حول أوكرانيا دون استشارتهم! ويطالب حلفاء الناتو بزيادة الانفاق على الانفاق العسكري، وشراء السلاح الأمريكي. بينما يحاضر عليهم نائبه في مؤتمر ميونيخ للأمن برسائل يقلل من خطر روسيا- مؤكداً «الخطر الحقيقي على أوروبا ليس من روسيا والصين ولكنه الخطر الداخلي على القيم وحرية التعبير وإقصاء الأحزاب اليمينية». ويحرضهم مطالباً بإعادة النظر بسياستهم حول الهجرة، وباحترام حق التعبير ونتائج الانتخابات- بينما رئيسه لا يحترم نتيجة خسارته الانتخابات ويكرر كانت انتخابات 2020 مزورة!! بينما وزير دفاعه يطالب الحلفاء الأوروبيين بالاعتماد أكثر على أنفسهم وتقاسم الأعباء والمسؤوليات وعدم التعويل إلى الأبد على الحماية الأمريكية.. لتكون الضامن الوحيد لأمنهم لأن أمريكا بعد 80 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية لن تبقى للأبد في أوروبا!!! بينما يطالب الرئيس الفرنسي ماكرون الأوروبيين «بالاعتماد أكثر على أنفسنا»، وتولي مسؤولياتنا الأمنية والاقتصادية وتقليص التبعية والاعتماد على أمريكا والصين… وفي انتقاد مبطن لاتصال ترامب ببوتين والحديث عن تفاوض لوقف حرب أوكرانيا بالضغط على أوكرانيا للقبول بتنازلات واقتطاع أجزاء من أرضها- شبهه بالاستسلام، وهو موقف سيء للجميع بما فيه الولايات المتحدة!! خاصة لم يعد سراً أن أولوية الولايات المتحدة لم تعد أوروبا أو أي إقليم، بل مواجهة واحتواء صعود ومنافسة الصين المهدد الأول لزعامة الولايات المتحدة على جميع المستويات!! باتت استراتيجية ومقاربات ترامب معروفة للجميع- وينطبق عليه ما يعرف في العلاقات الدولية «نظرية الرجل المجنون»-التي اتبعها الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في مطلع سبعينيات القرن العشرين- بالمبالغة بالتهديد والوعيد ضد الخصوم والأعداء بالتهويل بالانتقام وتدفيعهم كلفة باهظة لمعارضتهم ورفضهم مقترحاته كجزء من التفاوض بلي الذراع للتوصل إلى صفقة تجنبه الحاجة لاستخدام القوة. وهو ما فعله نيكسون في مقارباته في الحرب الباردة في شرق آسيا مع الصين وفيتنام. وهو ما يفعله ترامب اليوم مع حماس وإيران حتى حلفاء أمريكا الأوروبيين والعرب. شهدنا وعيد وتهديد ترامب ضد حماس مؤخراً، في حال لم تُفرج عن جميع الأسرى لديها، فإن أبواب جهنم ستفتح عليها-ليتراجع على أثرها. وكذلك هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع الكندية والمكسيكية و10% على البضائع الصينية ليتراجع ويعلق فرض الرسوم لمدة شهر.. وسيفعل الشيء نفسه مع كندا وبنما. كما أن التصعيد والتهديد المستفز يتعارض مع طرح ترامب بأنه صانع سلام ويعارض شن حروب بل يسعى لإنهائها، كما في أوكرانيا. حتى قبل بدء رئاسته- كرر بشكل مستفز للجار والحليف العضو في حلف الناتو ضم كندا لتُصبح الولاية 51 ويخاطب رئيس وزرائها بالحاكم! وكذلك ممارسة ضغوط على الدنمارك الحليف الآخر في حلف الناتو للسيطرة على أكبر جزيرة في العالم-جزيرة غرينلاند الغنية بالمواد الطبيعية وعلى مقربة من القطب المتجمد الشمالي. كذلك هدد باستعادة قناة بنما بالقوة-وتغيير اسم خليج المكسيك المعترف به عالميا منذ القرن السابع عشر-إلى خليج أمريكا... ما يجعل الولايات المتحدة أقرب لدولة مارقة تخرق القانون الدولي. وتشجع بذلك الدول المستبدة على العدوان! ولكن مخطط ترامب الأكثر استفزازا لمكانة أمريكا العالمية التي تحاضر عن احترام القانون والنظام، وللحلفاء العرب وخاصة مصر والأردن- هو تهديد ترامب بمشروع «خيال المآتة»- بشراء - الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير أكثر من 2.3 مليون سكان القطاع إلى الأردن ومصر- وإعادة إعمار القطاع وتحويله ل»ريفيرا الشرق»- للموقع المطل على البحر الأبيض المتوسط. ويؤكد ترامب الذي يغير موقفه باستمرار، لن يُسمح لسكان غزة بالعودة إلى القطاع، ولن يرسل قوات برية وستستضيف مصر والأردن سكان غزة المهجرين. دون اعتبار لحقوق وأملاك وحق سكانها وتضحيات سكانها- ورفض حلفاء واشنطن العرب وخاصة مصر والأردن وحتى الحلفاء الخليجيين وخاصة السعودية والكويت وقطر ودول عديدة مخطط ترامب العقيم بالاستيلاء على قطاع غزة- وإعادة إعمارها بعد تهجير سكانها وسط رفض وانتقاد عربي وإسلامي وغربي. مخطط ترامب هو نكبة ثانية تتعدى نكبة عام 1948. وتطهير عرقي وديموغرافي. وكما حذر الكاتب الأمريكي الشهير في نيويورك تايمز توماس فريدمان، سيزعزع تهجير الفلسطينيين استقرار الأردن ومصر وحتى إسرائيل- ويجعل ترامب وإدارته في تحالف مع تيار أقصى اليمين المتطرف في إسرائيل. خاصة إذا منح ترامب الضوء الأخضر لفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية! بينما ترد حماس «لا هجرة إلا إلى القدس»! لذلك تداعى القادة العرب لعقد قمة عربية طارئة في القاهرة نهاية فبراير-لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف طوفان تهجير ترامب. معاملة ترامب المجحفة والمستفزة للحلفاء تعمق شرخ الثقة والخلافات مع الحليف الأمريكي!!

804

| 16 فبراير 2025

ترامب يعجّل بتقويض مكانة أمريكا في الداخل والخارج!!

عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في رئاسته الثانية والأخيرة، كما يؤمن ويكرر بتفويض- بشعار «أمريكا أولاً»، وليكمل هدفه بجعل أمريكا عظيمة مجددا ويركز على الشؤون الداخلية لتكريس دوره الرئيس الأهم، وهيمنته على حزبه الجمهوري ولينتقم من الدولة العميقة التي حاكمته وتآمرت عليه ووجهت له 34 تهمة جنائية. وقّع الرئيس ترامب على 50 أمرا تنفيذيا أكثر من أي رئيس آخر خلال الأربعين عاما الماضية. شكّلت أوامر ترامب التنفيذية صدمات بتداعياتها في الداخل والخارج الأمريكي. شملت المراسيم الرئاسية: تقليص حجم الحكومة والبيروقراطية الأمريكية، بإلغاء وزارات وهيئات فيدرالية أو تشجيع الموظفين على التقاعد. وكان صادما أمره التنفيذي بإلغاء وزارة التعليم، وتقديم عروض لتشجيع تقاعد آلاف الموظفين الفيدراليين. وانسحاب أمريكا من اتفاقيات دولية- اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الإنسان والأونروا- التي تُعنى بتقديم خدمات للاجئين الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها منذ نكبة عام 1948… وفرض ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في خرق واضح وتقويض للعدالة الدولية ضد مرتكبي جرائم الحرب وضد الإنسانية والقانون لإصدار المحكمة أوامر إلقاء القبض على نتنياهو وغالنت لارتكاب إسرائيل حرب إبادة في غزة. برر ترامب قراره للرد على قرارات المحكمة الجنائية غير المشروعة وبلا أساس ضد أمريكا وحليفنا المقرب إسرائيل!!!‏ ليشكر نتنياهو ترامب لفرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. نددت المحكمة الجنائية الدولية بقرار ترامب فرض عقوبات ودعت الأعضاء 125 ودول العالم للاتحاد ضد قرار ترامب بفرض العقوبات. وأكدت دول أوروبية رئيسية دعم عمل المحكمة بوجه عقوبات ترامب. وأعلنت 79 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية رفضها لعقوبات ترامب على المحكمة. وأكدت رئيسة المحكمة أن العقوبات الأمريكية تضر باستقلالية المحكمة وتحرم ملايين الضحايا من العدالة، وتضعف العدالة الدولية عالميا. وجمّد ترامب عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)- تعمل وتساعد على الاستقرار في 130 دولة حول العالم وخاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوكرانيا- ويتهم منتقدو الوكالة بالعمل على تعزيز دور أمريكا والتدخل في شؤون الدول، بينما يتهمهما ترامب وإيلون ماسك بالفساد ويديرها «مجانين»- ويتهمها آخرون بزعزعة أمن واستقرار دول. فصل ترامب موظفيها الـ 10 آلاف حول العالم، وأغلق مقرها الرئيسي في واشنطن. سيتسبب بأضرار كبيرة في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية!! ليجمد قراره قاض فيدرالي. ** استفز ترامب الكثيرين باستضافة نتنياهو مجرم الحرب المدان والمطلوب إلقاء القبض عليه من المحكمة الجنائية الدولية- ليكون أول زعيم يلتقيه ترامب- وليستعرض أمامه خطته الصادمة والهلامية بنظرة رجل مطور للعقارات-مهنة ترامب التي يتقنها برغم إعلان إفلاسه عدة مرات. وذلك بالترويج بشكل صدم الجميع وأطرب نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف، بالاستيلاء وامتلاك قطاع غزة والسيطرة عليه واستلامه من إسرائيل بعد نهاية حرب غزة-ودون إرسال قوات عسكرية (كيف؟)!! وتنظيف القطاع وتطويره لمنتجعات مطلة على البحر الأبيض المتوسط، بعد تهجير سكانه قسراً إلى مصر والأردن ودول أخرى-وتطوير القطاع. وذلك برغم عاصفة الغضب والشجب والرفض والتنديد الفلسطيني والعربي والدولي وحتى من الحلفاء الأوروبيين والأمم المتحدة! ليبدأ بالتراجع التدريجي بعد عاصفة الغضب ويتكلم عن تهجير مؤقت ثم يؤكد أنه ليس في عجلة من أمره لامتلاك قطاع غزة!! ورشح عن اجتماع نتنياهو في لقائه مع الرئيس ترامب وقيادات الكونغرس الأمريكي كيفية تدمير حماس وتمديد فترة المرحلة الأولى وعرض إنهاء الحرب والإفراج عن سجناء لم توافق إسرائيل سابقا على الإفراج عنهم- العمل على ترحيل قادة حماس من غزة. وإذا لم تتخل حماس عن السيطرة على قطاع غزة فلن تنسحب إسرائيل من محور فيلادلفيا. وهذا يطرح أسئلة كيف يؤثر خرق إسرائيل لبنود الاتفاق وعدم الالتزام بإدخال المساعدات الطبية والخيام والمنازل الكرفانات- وخاصة خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على قطاع غزة على تنفيذ مراحل الاتفاق الثلاثة. لن ينجح ترامب بتحقيق خطته العبثية للرفض الجماعي وخاصة من أصحاب الأرض والقضية الذين ضحوا بالغالي والنفيس واستشهد عشرات الآلاف وعادوا ليقيموا خيامهم على أنقاض منازلهم المدمرة. ** كما هدّد ترامب قبل بدء رئاسته الثانية والأخيرة بضم كندا وجعلها الولاية 51 واحتلال جزيرة غرينلاند وانتزاعها من الدنمارك بأي طريقة (لامتلاكها مصادر طبيعية ولموقعها الإستراتيجي المهم قرب المحيط المتجمد الشمالي)- ويهدد باستعادة قناة بنما بالغة الأهمية وتربط البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ جمهورية بنما!! لوقف النفوذ الصيني في خرق واضح للقانون الدولي وسيادة الدول والمواثيق والمعاهدات الدولية الراسخة. وأصدر أمرا تنفيذيا غيّر اسم «خليج المكسيك» الراسخ منذ القرن السادس عشر إلى «خليج أمريكا»!! والملفت أن قرارات وتصميم ترامب تبعث وتقوض ما بات ثابتا منذ قرون، يتعارض مع رؤية ووعود ترامب بعدم التصعيد وشن حروب بل إنهائها كما يكرر وخاصة في خطاب تنصيبه. حيث ساهم في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل بدء رئاسته، ووعد بإنهاء حرب روسيا على أوكرانيا- وتوسيع رقعة التطبيع بين دول عربية وإسرائيل. والفوز بجائزة نوبل لينهي حياته السياسية القصيرة بعد 4 سنوات ورئاستين. لكن أوامره التنفيذية تناقض أهدافه التي يروج لها!! أخطر ما يترتب على أوامر ترامب التنفيذية هو صورة أمريكا الدولة المستفزة لحلفائها والمعتدية على سيادتهم بعضهم أعضاء في حلف الناتو (كندا والدنمارك)!! وبعد الرد القاسي من روسيا والصين على شطحات ترامب سواء في موضوع غزة وغرينلاند وبنما- وفرض رسوم جمركية بقرارات تنفيذية على الصين وكندا والمكسيك، ثم يجمدها، في مخالفة لقوانين منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة واتفاقية USMCA لمنطقة أمريكا الشمالية… تعيد الأوامر الرئاسية تشكيل النظام الأمريكي، وتقوض دور ومكانة أمريكا ويعزلها على المستوى الدولي. وفي انقلاب لواقع النظام الدولي! تبدو أمريكا- ترامب دولة مارقة ومعتدية، وفي سابقة تبدو الصين وروسيا أكثر اعتدالا وعقلانية.

1002

| 09 فبراير 2025

تصدّر دولة قطر المشهد الإقليمي.. من غزة إلى دمشق

تناولت في مقالات ولقاءات وفي حساباتي في وسائط التواصل الاجتماعي دور وقدرة الدول الصغيرة على ابتكار حلول وحل أزمات عبر دبلوماسية الوساطات بخفض التوتر وحل صراعات. برغم واقع محدودية دور وقدرات الدول الصغيرة في النظامين الإقليمي والدولي. لكن ذلك لا يقف عائقا أمام تصميم ونجاح بعض الدول الصغيرة بمخالفة القاعدة المعروفة في العلاقات الدولية بمحدودية وقدرات الدول الصغيرة. ولقطر انجازات مهمة من إنجازات دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات يعزز من رصيد قوة قطر الناعمة. شكّلت دولة قطر، وقبلها الكويت، ذلك الاستثناء الملفت. خاصة في العقدين الماضيين بقيادة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني واكمل المسيرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد ونجحا بوضع قطر في مصافي الدول التي تلعب دورا مميزاً في جسر الهوة وتقريب وجهات النظر ورأب صدع الخلافات والمساهمة بحل صراعات وأزمات خليجية وعربية وإقليمية وحتى دولية. من لبنان واليمن وليبيا والسودان وبين أمريكا وإيران وأمريكا وطالبان وإسرائيل وحماس. كان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة أول زعيم عربي يدعو لقمة عربية طارئة في الدوحة للتصدي لأول حرب إسرائيلية على غزة عام 2009. وأول زعيم ورئيس دولة عربية يزور قطاع غزة المحاصر في أكتوبر 2012. وعيّنت قطر السفير محمد العمادي قبل حوالي عقد ممثلا مقيما في غزة ومشرفا على «اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة. وبنت قطر مدينة حمد السكنية في قطاع غزة. ومنذ عام 2017- تمول قطر عملية إدخال الوقود المدعوم لتشغيل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، بقيمة 4 ملايين دولار أمريكي شهريا، لتخفيف حدة أزمة الطاقة في القطاع. واستمرت قطر على نهجها بقيادة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن. واستمرت قطر على خط دبلوماسية الوساطات وحل النزاعات. وأصبحت مقصداً للتوسط بين الدول المتصارعة للمساهمة بخفض التصعيد وحل الخلافات. ما عزّز من مكانة ودور وحضور دولة قطر في المشهد الإقليمي والإشادة بدورها وخاصة بوساطتها على ما نشهد اليوم بأكثر من ملف وأزمة. تتوسط قطر بين الولايات المتحدة وإيران بمفاوضات الملف والاتفاق النووي برغم انسحاب إدارة ترامب منه عام 2018. وتوسطت بملف تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران وتحويل 6 مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية المحتجزة في كوريا الجنوبية إلى البنوك القطرية والإشراف مشاركة على انفاق إيران لها كما نصت بنود الاتفاق. وتوسطت قطر بين الولايات المتحدة وطالبان بطلب أمريكي. وتشرف السفارة القطرية على المصالح الأمريكية في أفغانستان، ومقر السفارة الأمريكية في أفغانستان في الدوحة. وساهمت قطر بلعب الدور الرئيسي بإجلاء 70 ألفا من المدنيين الأمريكيين والأجانب والأفغان عقب الانسحاب الأمريكي المرتبك والفوضوي من أفغانستان في عهد إدارة الرئيس بايدن في صيف عام 2021. ما دفع الرئيس بايدن لترقية العلاقات الاستراتيجية مع قطر إلى حليف رئيسي من خارج حلف الناتو- وهي ميزة تتمتع بها 19 دولة فقط في العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن برز دور قطر الواضح والمطلوب برغم الضغوط والعراقيل والتعقيدات من نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف في حرب إبادة إسرائيل على غزة منذ «طوفان الأقصى» في أكتوبر 2023 وحتى اليوم. لعبت الوساطة القطرية دوراً رئيسيا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل الرهائن والأسرى والسجناء بين حماس وإسرائيل في نوفمبر 2023- نجحت بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع والتوصل بعد مفاوضات مضنية لتبادل 117 رهينة إسرائيلي ومزدوجي الجنسية وخاصة الأطفال والنساء، مقابل إفراج إسرائيل عن حوالي 300 أسير وأسيرة فلسطينية بينهم «أشبال»، أغلبيتهم لم تُوجه لهم تهم. ونجحت وساطة قطر على مدى 15 شهرا برغم التعقيدات والشروط التعجيزية وعرقلة الطرف الإسرائيلي، بانتزاع اتفاق وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل وبإطلاق سراح حوالي 2000 أسير فلسطيني بعضهم محكومين بمؤبدات وأحكام بالسجن عالية ما عزز مكانة ودور الوسيط القطري في حل النزاعات. وتلعب الوساطة القطرية دوراً قيادياً في مفاوضات المرحلتين الثانية والثالثة وللتأكيد على تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار بدعم وإشادة إدارة بايدن وإدارة ترامب الجديدة. ما يعمق مكانة دولة قطر بعلاقة مؤسساتية مع الولايات المتحدة. * وأضافت دولة قطر لرصيد إنجازات مبادراتها وحل النزاعات ودعم الشعوب المستضعفة، بزيارة سمو الشيخ تميم للعاصمة لدمشق بعد ساعات من إعلان أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية في سوريا ليكون الشيخ تميم بن حمد، أول رئيس عربي يقوم بزيارة رسمية لسوريا منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024. ما يرسخ موقف والتزام قطر الثابت والداعم للشعب السوري منذ الثورة. واعترفت دولة قطر بالمعارضة وبرفع علم الثورة فوق مبنى السفارة السورية في الدوحة منذ عام 2011. ورفضت قطر تأهيل النظام العربي للأسد ومحاولة إعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية والمشاركة في القمم العربية. وكانت الخطوط القطرية أول شركة طيران عربية تسيّر رحلات مباشرة من الدوحة إلى دمشق. تحمل زيارة سمو الشيخ تميم بن حمد ولقاؤه مع أحمد الشرع دلالات كبيرة، بالاعتراف بشرعية النظام الجديد ودعم انتقاله لمرحلة الدولة والتعاون في شتى المجالات. ودعم استقرار سوريا في مخاضها الصعب وعودة سوريا إلى الحضن العربي. والمشاركة بجهود إعادة الإعمار، والاستثمارات وخاصة في قطاعات الطاقة والنفط والغاز كما تدعم قطر كباقي الدول العربية رفع العقوبات عن سوريا. ما يشكل تحولا جيو-استراتيجي إقليميا كبيرا. ويؤكد مكانة وثبات دولة قطر على مواقفها ومبادئها.

720

| 02 فبراير 2025

متغيرات أمريكا والخليج.. بين رئاستي ترامب الأولى والثانية

شهدت أمريكا ومنطقتنا الخليجية تغيرات وتحولات عديدة بالمقارنة بين رئاسته الأولى (2017-2021)- وبدء رئاسته الثانية اليوم. يعود ترامب إلى البيت الأبيض في رئاسة ثانية وأخيرة، لواقع مختلف. عشنا حربا باردة منهكة في إدارة ترامب الأولى بين ضفتي الخليج، بعد قطع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران وتخفيض التمثيل الدبلوماسي بين دول مجلس التعاون الخليجي وايران تضامنا مع السعودية بعد الاعتداء على السفارة السعودية والقنصلية السعودية العامة في مشهد في يناير 2016. ولم يُمارس الرئيس ترامب وإدارته الدور القيادي والحيادي في حل الأزمة الخليجية (2017-2021) وغادر ترامب البيت الأبيض دون حل الأزمة الخليجية. كما سمح انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي مع إيران الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأسبق أوباما مع القوى الكبرى (5+1) عام 2015 في مايو 2018 بتحريض من نتنياهو، لإيران بخرق بنود الاتفاق النووي ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم من 3.67% إلى 60% والأخطر اتقان الدورة النووية. ما يضع إيران على اعتاب الدولة النووية. لكن أكثر ما أثار القلق والتساؤلات الخليجية المشروعة كان عدم تصدي ترامب للتصعيد الإيراني والاعتداءات المتكررة على ناقلات النفط الخليجية وأمن الملاحة والطاقة. والأخطر عدم ردع إيران كما كان يؤمل بعد الاعتداءات بصواريخ بالستية ومسيرات إيرانية الصنع على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص في السعودية في سبتمبر 2019. ترامب لم يقم بأي عمل يردع إيران برغم اعتداءاتها المتكررة وتهديد أمن الطاقة. ما شكّل نقطة تحول كبيرة أيقنت دول المجلس بأن خيار الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة لن يقلص انكشافها الأمني. لذلك بدأ التفكير بتنويع الخيارات الأمنية، لكن تبقى الخيارات الخليجية العملية محدودة. وشكل اغتيال ترامب لقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في مطار بغداد مطلع يناير 2020، نقطة تصعيد وتحول فارقة في مواجهة إيران مع الولايات المتحدة وإدارة ترامب خاصة. وأشرف ترامب على اتفاق ابراهام وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودولة الإمارات ومملكة البحرين. وليتوسع التطبيع ليضم السودان والمغرب ضمن صفقة القرن وتعويم إسرائيل في المنطقة. كما وضع الرئيس ترامب في آخر أيام رئاسته الأولى جماعة «أنصار الله» «الحوثيون» على قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية. ليلغي التصنيف الرئيس بايدن بحجة الحاجة لإرسال مساعدات إنسانية إلى اليمن. ليعود الرئيس ترامب في أيامه الأولى في البيت الأبيض، بإعادة وضع الحوثيين في قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية» مجدداً. واليوم مع عودة ترامب بثقة وقوة وتفويض وبخبرة أكبر وتصميم على الانتقام من الدولة العميقة التي حاصرته وأذلته وتآمرت ضده وسرقت الانتخابات منه (كما يؤمن ويروج)، ومع تغير كبير في المنطقة مع طوفان الأقصى وتوجيه إسرائيل ضربات مؤلمة لإيران مرتين. وأنهكت واستنزفت أذرعها «حماس في غزة وحزب الله في لبنان» واغتالت قياداتها العسكريين والسياسيين «السنوار في غزة ونصر الله في لبنان وهنية في إيران». وكانت ضربة انتكاسات إيران وأذرعها بسقوط نظام الأسد وانتقال سوريا ولبنان من معسكر إيران ومحور المقاومة والممانعة إلى الحضن العربي على ما نراه بزيارات متكررة من السعودية والكويت (ترأس حاليا القمة الخليجية) ومجلس التعاون الخليجي والأردن وانتخاب رئيس لبناني يحصر السلاح بالجيش، تزامن ذلك كله مع انتخاب ترامب مجدداً. كما يشكّل التوافق بين دول مجلس التعاون الخليجي والمصالحة الخليجية الخليجية منذ عام 2021 تحولا مهما في العلاقات الخليجية-الخليجية يساهم بالتعاون والتنسيق. وكذلك شكلت المصالحة السعودية الإيرانية بوساطة صينية منذ مارس2023 نقطة تحول مهمة للتهدئة والتعايش بين ضفتي الخليج العربي. تشكّل سياسات الرئيس ترامب بالضغط على الدول الخليجية لضخ المزيد من الاستثمارات الخليجية في السوق الأمريكي والضغط لخفض أسعار النفط وزيادة انتاج النفط الأحفوري والصخري تحديا حقيقيا لدولنا الخليجية. ‏لكن هناك خشية تداعيات ضغوط إدارة ترامب الثانية على الاقتصاد الخليجي، خاصة بعد الانسحاب للمرة الثانية من اتفاقية باريس للمناخ بعد انسحابه في إدارته الأولى وعودة إدارة بايدن، ثم انسحابه مجدداً. وكذلك إعلان ترامب حالة الطوارئ في قطاع الطاقة (نفط وغاز) والسماح بتكثيف التنقيب عن النفط والغاز في مناهضة للبيئة لزيادة انتاج النفط والغاز المسال. ويرى ترامب أن الضغط على دول أوبيك بلس لخفض أسعار النفط، سيسرع بوقف حرب روسيا على أوكرانيا، وخفض أسعار النفط سيخفض أسعار الفائدة حول العالم. ويهدد ترامب بفرض رسوم وضرائب على المنتجات والواردات الصينية وحتى على منتجات الحلفاء: كندا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. ما يهدد بحرب تجارية خاصة مع الصين المستورد الأول للطاقة من الدول الخليجية. والواقع ستؤثر سياسات ترامب سلبا على انتاج المصانع الصينية، ويؤدي لتباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراجع الطلب على الطاقة (نفط وغاز خليجي وإيراني) وبالتالي ستتضرر مداخيل الحلفاء الخليجيين. هناك تفاؤل بأن سعي الرئيس ترامب برفض ضغوط نتنياهو بالتصعيد ضد إيران، وتوسيع دائرة التطبيع العربي مع إسرائيل، يمهد الأجواء لنجاح ترامب بصناعة السلام كما تعهد في خطاب تنصيبه. وهذا يؤهله ليحقق حلمه بالفوز بجائزة نوبل للسلام ليختم بها حياته السياسية.

891

| 26 يناير 2025

نجاح وساطات قطر.. في جمع الخصوم وحل النزاعات

أضافت دولة قطر انجازاً جديدا يضاف لسجلها الحافل بنجاحات دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات، لكون قطر وسيط نزيه ومحايد انخرطت من اليوم الأول بوساطة ومثابرة وتصميم لوقف حرب الإبادة التي تشنها آلة القتل الإسرائيلية على قطاع غزة وشعبها النازف والمحاصر والنازح، وذلك برغم العراقيل والصعوبات والعقد التي وضعها نتنياهو وحكومته المتطرفة وتغيير وإضافة شروط ومطالب وشن المزيد من الغارات والقصف لإفشال أي فرصة لنجاح الوساطة. ولكن كل ذلك لم يثن قطر عن التمسك والإصرار على مدى أكثر من 15 شهرا برغم وساطة قطر ومصر ولعب الولايات المتحدة دورا مزدوجا، بدعم واسناد وتغطية حرب إسرائيل على غزة بالمال والسلاح والغطاء السياسي والفيتو في مجلس الأمن، والتوسط لوقف الحرب!! نجاح الدبلوماسية القطرية مستمد من تطوير ديناميكية دبلوماسية الوساطة المعقدة لحل النزاعات وتحقيق الاختراقات وتوظيف الخبرة لإدارة الصراعات والتوسط بطلب من الأطراف المتصارعة، كما نتابع في حرب إسرائيل على غزة. لذلك نجاح وساطة قطر بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والرهائن، يشكل إنجازا مهما وانحياز أخلاقيا وقيميا يعزز ويعضّد دور قطر وسيطاً يلعب دورا حيويا في إدارة وحل النزاعات الإقليمية وحتى دولياً. والقدرة على جمع الأضداد تحت سقف واحد- كما شهدنا خلال العقدين الماضيين بين أمريكا وإيران وأمريكا وأفغانستان وفي السودان ولبنان ومنذ حرب طوفان الأقصى بين حماس وإسرائيل، حتى بين روسيا وأوكرانيا. وتلك شهادات تؤكد نجاح قطر الوسيط النزيه والناجح بكسب ثقة الأطراف المتصارعة. وهذه ميزة لا تملكها كثير من الدول في المنطقة وخارجها. نجحت مثابرة الوساطة القطرية بدعم من مصر وأمريكا، بتحقيق اختراق كبير نتيجة لجهود وساطتها في نوفمبر 2023- بين إسرائيل وحماس- تستضيف الدوحة قيادتها في الخارج بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية. هذه العلاقة والانفتاح منح قطر نفوذاً وثقة قيادة حماس للتواصل والتنسيق. نجحت وساطة قطر بالتوصل لصفقة وقف إطلاق النار في غزة لمدة أسبوع وتبادل 117 رهينة إسرائيلي ومزدوجي الجنسية وخاصة الأطفال والنساء أفرجت إسرائيل عن حوالي 300 أسير وأسيرة فلسطينية بينهم أطفال وشباب -أغلبيتهم لم تُوجه لهم تهم أو تم إدانتهم. حسب بنود الاتفاق ستفرج إسرائيل في المرحلة الأولى عن أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم 290 أسيراً فلسطينيا محكوما بأحكام مؤبدات- و500 من ذوي الأحكام العالية، وحوالي 1000 أسير من الذين اعتقلتهم إسرائيل منذ شن حربها على غزة في 7 أكتوبر الأول 2023، مقابل إفراج حماس عن 33 أسيرا إسرائيليا بينهم وشباب دون 19 عاما وكبار السن فوق 50 عاماً. وأكد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن الاتفاق «أن الدور الدبلوماسي لدولة قطر في الوصول لهذا الاتفاق هو واجبنا الإنساني قبل السياسي»، معربا عن شكره لمصر والولايات المتحدة الأمريكية..».. «ونأمل أن يُسهم الاتفاق «ببدء مرحلة جديدة لا يتم فيها تهميش هذه القضية العادلة، والعمل الجاد على حلها حلا عادلا وفق قرارات الشرعية الدولية». كما عبّر رئيس الوزراء وزير الخارجية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بمقابلة مع قناة الجزيرة: «أننا فرحون بالاتفاق كفرح أهل غزة ونأمل أن يطبق الاتفاق وإنهاء المأساة. ونؤكد أهمية حشد الدعم الدولي لغزة ووضع الآليات لدعم الأسر المنكوبة في غزة. وكانت الأيام الأخيرة من المفاوضات حاسمة، والعمل المشترك للإدارتين الأمريكيتين كان له دوره الحاسم بالتوصل للاتفاق. وننتظر من مجلس الأمن إصدار قرار ملزم بتنفيذ الاتفاق. وتم التوصل لبروتوكول انساني بشأن آلية إدخال المساعدات لمنع الابتزاز. وواجبنا كدول عربية دعم الوفاق الفلسطيني وصولا لإنهاء الانقسام». وانتقد رئيس الوزراء «المزايدات والابتزاز الرخيص ضد دورنا...، ولم يقدم منتقدو قطر شيئا سوى الصراخ». وموقف قطر كوسيط واضح بأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب هو شأن فلسطيني. ويبقى التحدي هل سيلتزم نتنياهو وحكومته المتطرفة بالالتزام وتطبيق بنود الاتفاق في مراحله الثلاث أم سيراوغ ويماطل ويخرقه كعادتهم؟! سبق وأكدت في مقالي في الشرق في أغسطس 2023: بعنوان «تميز قوة قطر الناعمة يعزز وساطة حل النزاعات»-»تؤكد النظرية الواقعية على محدودية دور «الدول الصغيرة في العلاقات الدولية». لكن ذلك لا يمنع صناع قرار دول صغيرة من لعب دور مميز تُعوّض به محدودية القوة السياسية والعسكرية والديموغرافية، بقوة ناعمة مميزة». وكتبت وناقشت في محاضرات ظواهر تغييرات موازين القوى في النظام العالمي، برغم محدودية دور وقلة خيارات الدول الصغيرة وقدراتها العسكرية- في العلاقات الدولية-لكننا نشهد استثناءات لتلك النظرية-بدأتها دولة الكويت التي لعبت من استقلالها الكامل عن بريطانيا عام 1961، لتنخرط في تحقيق مبدأها صناعة السلام وتوظيف قدراتها المالية لدعم التنمية في الدول العربية عبر الصندوق الكويتي للتنمية منذ عام 1961. لتنتقل الراية إلى دولة قطر بلعب دور يعزز مكانتها وتتجاوز محدودية قدراتها بالانخراط بتطوير قدراتها لإدارة وحل النزاعات بدبلوماسية الوساطة المعقدة، وكُتبت كتب وأطروحات ماجستير ودكتوراه أشرفت على بعضها. وتستمر قطر بتراكم نجاحاتها بحل النزاعات، وتعزيز قوتها الناعمة بلعب دور بناء ومؤثر بحل الأزمات وإنهاء الصراعات، يتجاوز منطقة الخليج العربي. وما يعزز مكانة ودور قطر النجاح بمزج قدراتها المتعددة في مجال أمن الطاقة والثقافة، والفنون، والتعليم والثقافة والمدينة الجامعية، والإعلام (شبكة الجزيرة) والرياضة (استضافة كأس العالم كأول دولة خليجية وعربية ومسلمة وبي ان سبورت). وتطوير قدرات الغاز المسال لتصبح قطر بين الدول الأهم المصدرة للغاز المسال في العالم. وترتبط بعقود طويلة الأمد مع الصين ودول آسيوية وأوروبية. وحتى أثناء الأزمة الخليجية (2017-2021) أوفت قطر بالتزاماتها بمسؤولية بعقود الغاز المسال، ما أكسب قطر مزيدا من الثقة والتقدير.

813

| 19 يناير 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4494

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3357

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1341

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1197

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1044

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

882

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

843

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

669

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
النعمة في السر والستر

كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...

612

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

609

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
حضور قوي لقطر.. وعزلة دولية متصاعدة لإسرائيل

في مشهد سياسي غير مسبوق في الأمم المتحدة،...

552

| 28 سبتمبر 2025

أخبار محلية