رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكدت في مقالي الأسبوعي في الشرق في 23 مارس الماضي بعنوان: «فرص وتحديات رسالة ترامب على أمن واستقرار إيران والخليج «-أن رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى مطلع شهر مارس الماضي وحملها مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أنور قرقاش في 13 مارس الماضي، وتضمنت تهديدا ووعيدا بمنح إيران شهرين لبدء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حول برنامج إيران النووي وإلا ستتحمل المسؤولية. ورد المرشد برسالة بوساطة سلطنة عمان للطرف الأمريكي نهاية شهر مارس الماضي. أكد علي خامنئي رداً على تحذير ترامب من تداعيات هجوم محتمل ضد إيران، إذا رفض عرضه، كما أشار المرشد في خطبة الجمعة 20 مارس للإيرانيين: «على الأمريكيين أن يعرفوا أن تهديداتهم لن تُجدي نفعا في المواجهة مع إيران... وسيتلقون صفعة قوية إذا قاموا بأي تحرك يضر بالأمة الإيرانية». وهكذا يتشكل مشهد تصعيدي مرتبك ومتناقض ومقلق، لكن قد يوفر فرصة تنزع فتيل التصعيد والمواجهة لرئيس (ترامب) يحلم بجائزة نوبل للسلام!!
لكن شهدنا تطورات متسارعة بالتصعيد والتهدئة المتبادلة بين الطرفين الأمريكي والإيراني. فيما تنشط الدول الخليجية وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ودولة قطر بمساعي دبلوماسية الوساطات والتهدئة. وبرغم قرع ترامب وصقور إدارته: من وزراء ومستشارين وبتحريض ودعم من نتنياهو وحكومة أقصى اليمين المتطرفة للدفع نحو المواجهة العسكرية على أمل شن أمريكا حرب تستهدف إيران لتحقيق حلم يراود نتنياهو ويسعى لتحقيقه بلا ملل لضرب منشآت إيران النووية وتدمير برنامجها النووي المهدد لأمن إسرائيل. لكن نتنياهو فشل في توريط إدارات الرؤساء بوش الابن وأوباما وترامب برئاسته الأولى، وكما نشهد مع بدء رئاسته الثانية حتى اليوم.
كان لافتا مفاجأة الرئيس ترامب لضيفه الزائر نتنياهو في البيت الأبيض الأسبوع الماضي بإعلانه بحضور نتنياهو في زيارته الثانية ولقاؤه أول زعيم كيان يلتقي مع ترامب مرتين في شهرين- في زيارة الأكثر فشلاً، لفشل نتنياهو بإقناع ترامب بالتصعيد ضد إيران وأردوغان وإلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع الإسرائيلية المصدرة لأمريكا!!
وأكد ترامب بشكل صادم لنتنياهو عن عقد مفاوضات بقيادة مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ويتكوف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أمس 12 أبريل وبوساطة عمانية ممثلة بالوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني بدر البوسعيدي في مسقط-عمان. فيما أكدت إيران أن المفاوضات ستكون غير مباشرة بينما يؤكد الأمريكيون ستُعقد المفاوضات بين الوفدين في القاعة نفسها!!-
* واضح استياء نتنياهو الرافض الأول لأي مفاوضات والمحرض على التشدد وتدمير برنامج إيران النووي وتفكيك منشآتها النووية بالكامل والتصعيد والتهديد بعمل عسكري ما لم توقف إيران برنامجها النووي. وكان مستشار ترامب للأمن الوطني مايك والتز أكد قبل شهر على تفكيك برنامج إيران النووي. ولاحقا أكد نتنياهو أن أي اتفاق أمريكي ودولي مع إيران يجمد ولا يدمر برنامج إيران النووي وينهيه بشكل كامل غير مقبول! ولمّح إلى نموذج ليبيا- سلم القذافي قبل سقوط نظامه ومقتله عام 2011- برنامجه النووي بشكل كامل. وهذا ما ترفضه إيران جملة تفصيلاً.
خاصة أن إيران تعلمت الدروس من تجارب العراق وليبيا وكوريا الشمالية. تعلمت إيران من تجربة برنامج العراق النووي- قصفت ودمرت غارات إسرائيلية منشآت أوزارك النووية بالتعاون مع فرنسا في يونيو 1981، فعمدت على توزيع منشآتها النووية في أكثر من موقع وعلى أعماق سحيقة وبدفاعات جوية لحماية منشآتها النووية. وتعلمت إيران من تجربة ليبيا النووية بعدم التنازل وتسليم البرنامج النووي وانكشاف وفقدان ورقة الردع التي تحتاجها إيران بعد تآكل قدرات إيران الردعية بتعرضها لضربات إسرائيلية مرتين والحاق خسائر غير مسبوقة بقدرات وقوة أذرع ووكلاء وحلفاء إيران: حزب الله في لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتحييد مليشيات العراق والحاق انتكاسات كبيرة بقدرات الحوثيين بقصف يومي بعشرات الغارات الأمريكية على مواقع الحوثيين والبنى التحتية في اليمن؟
كما تعلمت إيران من تجربة كوريا الشمالية - بامتلاك السلاح النووي-كدرع رادع لأي تفكير من الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية باستهداف وحتى إسقاط النظام. وكما شهدت إيران والجميع لم يعد هناك أي خطاب من الإدارات الأمريكية «بإسقاط النظام في كوريا الشمالية» بعد امتلاك كوريا الشمالية للسلاح النووي عام 2006... وهذا هو النموذج الذي تحدثت عنه شخصيا منذ حوالي 20 عاماً. ويتقدم ويفرض نموذج كوريا الشمالية اليوم نفسه على صناع القرار أكثر من أي وقت مضى..
* لذلك لم يكن مستغربا أن يؤكد علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني الأسبق ومستشار المرشد الأعلى وصاحب النفوذ الواسع في النظام الإيراني-نهاية مارس الماضي « «تؤكد إيران امتلاكنا القدرات النووية لكن فتوى المرشد واضحة بأننا لن نتجه نحو السلاح النووي”... “عندما تمارسون الضغوط، يصبح هناك مبرر آخر. الشعب سيطالب بحماية أمن البلاد، وعندها سيكون علينا اتخاذ الخطوات اللازمة… وهذا لن يكون في صالحكم”. ولا تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي لكن، لن يكون أمامنا خيار سوى القيام بذلك في حال تعرضنا لهجوم أمريكي-إسرائيلي». وهذه كانت المرة الأولى التي يُلمّح مسؤول إيراني لخيار امتلاك السلاح النووي رداً على الحشود العسكرية الأمريكية والتحريض الإسرائيلي وطرح سيناريوهات يوظفها ترامب بحربه النفسية بتعريض إيران لقصف غير مسبوق، وهو تكتيك تفاوضي يكرره ترامب. ردت إيران بمنح المفاوضات فرصة حقيقية للتأكد من أهداف ونوايا ترامب ولبناء الثقة واقتصار التفاوض على البرنامج النووي.
سيترتب ويُبنى على اجتماع مسقط بين الطرفين الإيراني الأمريكي مسار الانفراج أو التصعيد... لكن في المحصلة النهائية برغم قرع الطبول، لا فرص لحرب في الأفق لكلفتها ودمارها والجميع سيكون خاسراً فيها!!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1245
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
801
| 10 ديسمبر 2025