رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع بداية الصحوة القوية لما يسمى (الصعود الصيني) في أوائل الألفينات، بدأت الصين في إيلاء مزيد من الاهتمام والتركيز على القوة الناعمة، إثر بواعث متعددة متداخلة من بينها، الفعالية الجبارة للقوة الناعمة في ترسيخ وتوسيع الصعود الصيني وتحدي أكبر منافس وهو الولايات المتحدة تمهيدا للقيادة الدولية، نفى التهم والتصورات المتعلقة بالصعود الصيني كونه صعودا اقتصاديا استغلاليا سيتحول إلى تهديد عسكري خطير خاصة لجيران الصين، وأيضا ترسيخ صورة الصين الدولية كقوى عظمى سلمية حضارية مسؤولة.
في 2004 وضعت الصين خطة لتعزيز وتطوير قوتها الناعمة قوامها تعزيز المساعدات المادية والإنسانية والفنية خاصة في جنوب شرق آسيا، وتوسيع معاهد كونفوشيوس في العالم لنشر الثقافة الصينية بما في ذلك اللغة الصينية. وفي 2008، أبهرت الصين العالم بتنظيم أولمبياد بكين الذي صنف حفل افتتاحها بالأكثر إبهاراً في تاريخ تنظيم الفعالية، مما وسع من صورة وسمعة الصين الإيجابية في العالم بصورة كبيرة.
اتخذت القوة الناعمة للصين منذ تولي الرئيس شي جين بينج بعداً أكثر اتساعاً وقوة من حيث حجم الإنفاق والانتشار وتنوع الأدوات، إذ اعتبرها الرئيس بينج الأداة الرئيسية لترسيخ قيادة الصين الحضارية المسؤولة في العالم، والمرتكز الرئيسي لتعزيز القيادة الصينية الدولية في النظام الدولي بصفة عامة. خلال فترة وجيزة منذ تولي الرئيس بينج، أسست الصين العشرات من معاهد كونفوشيوس في العالم خاصة في أفريقيا وآسيا، كما أسست فضائيات صينية تخاطب شعوب الدول التي تعمل فيها، قدمت مساعدات ومنحا مجانية للدول الأكثر فقراً في العالم بلغت نحو 50 مليار دولار، تصدت الصين للقضاء على الأمراض الخطيرة خاصة الإيبولا والملاريا في أفريقيا، قدمت المئات من المنح الدراسة المجانية لدول العالم، وإرسال كوادرها الفنية من كافة التخصصات لدول العالم لغرض المساعدة والاستشارات. يضاف إلى ذلك، بدء اهتمام كبير بلعب دور الوسيط، وتولي زمام المبادرة في قضية التغير المناخي ونشر أسلحة الدمار الشامل.
* بلغت ذروة القوة الناعمة للصين، في أزمة كوفيد-19، إذ تولت حرفيا زمام المبادرة العالمية في القضاء على الجائحة، في ظل تقاعس غربي، إذ دشنت ما يسمى طريق الحرير الصحي، والذي من خلاله قدمت الصين مساعدات طبيبة للتصدي للجائحة قدرت بنحو 60 مليار دولار، إلى جانب إسقاط بعض من ديون الدول الأكثر فقراً، وتأجيل بعضها المتضررة من الجائحة، وإرسال المئات من كوادرها الطيبية للمساعدة وتقديم الخبرة الفعالة السريعة في التصدي للجائحة. وتقول استطلاعات الرأي والتحليلات الدولية، إن مكانة وسمعة الصين الإيجابية قد ارتفعت بصورة غير مسبوقة إثر دورها العظيم في الجائحة، إذ على سبيل المثال، كشفت تلك الاستطلاعات عن تصدر الصين قائمة الدول الأكثر شعبية في أفريقيا وآسيا الوسطي وأمريكا الجنوبية، متفوقة على الولايات المتحدة التي حلت في المركز الثاني، وفرنسا في المركز الثالث، وروسيا في المركز الرابع.
في إطار الهيمنة الأمريكية المطلقة على النظام الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتى؛ اشتعل جدل واسع حول دور القوة الناعمة الأمريكية الطاغية في صعود الهيمنة الأمريكية وترسيخها، والحقيقة التي لم يستطع أحد إنكارها هو الدور الفعال للقوة الناعمة في ذلك، ربما كان الاختلاف حول حدود القوة الناعمة، لأن إسقاط القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية الساحقة من معادلة الهيمنة الأمريكية أمر غير معقول. والشاهد في الأمر، أن القوة الناعمة الأمريكية كان لها دور حاسم في إضعاف الاتحاد السوفيتي والاشتراكية بصورة عامة التي فشلت في مهدها، وترسيخ الهيمنة الأمريكية حتى 2008، ولاتزال تلعب دوراً كبيراً في تعزيز ما تبقى من قوة لواشنطن في العالم. إذ لا تزال القوة الناعمة الأمريكية المتجسدة في الأفلام الأمريكية، ووسائل الإعلام، واللغة الإنجليزية، وأحدث الابتكارات التكنولوجيا مثل أبل، واحتكار وسائل التواصل الاجتماعي، والرفاهية النسبية؛ لاتزال أكبر قوة ناعمة في العالم -ولا نظير لها حتى الآن.
* قطعت القوة الناعمة للصين شوطاً طويلا من التطور والقوة، مما انعكس على تعزيز سمعة ومكانة الصين الدولية بلا أدنى شك، لكنها في سبيل تحدي القوة الناعمة الأمريكية في إطار صراع الهيمنة المشتعل بين القوتين، لاتزال تواجه بعضا من التحديات، من بينها، الصعوبة البالغة-إذ يكاد يكون مستحيلا- أن تزيح اللغة الصينية اللغة الإنجليزية من عرض القيادة الدولية بسبب صعوبتها البالغة. وهذا ينطبق أيضا على نمط الثقافة الصينية، إذ رغم عراقتها الحضارية الكبيرة، لاتزال أيضا تواجه تحدي الانتشار العالمي مقارنة بالثقافة الأمريكية-الغربية عامة.
وعلى صعيد الابتكار والتكنولوجيا، لاتزال تواجه الصين أيضا تحدياً كبيراً، وربما ستتمكن الصين من تكسير فجوة التفوق التكنولوجي الأمريكي على المدى المتوسط، لكن ستظل الولايات المتحدة خصماً تكنولوجياً شديد التحدي. معضلة أخرى تواجه الصين ومن الصعب التملص منها هو نمط الحكم السياسي في الصين القائم على الحزب الواحد، وهذا لا يعني قمع وانتهاك حقوق الإنسان والحريات، فالصين تمارس فيها حريات كبيرة تصل إلى حد انتقاد الحزب الحاكم؛ بل يعني مركزية مفرطة وغياب ديمقراطية واسعة.
وأخيراً، ثمة مسألة هامة جدا تتعلق بالقوة الناعمة الصينية هو غياب دور فعال أو ملموس للصين في كثير من أجزاء العالم، إذ تبدو الصين دائما في نظر عيون بعض الشعوب، كلاعب اقتصادي لا أكثر، غير مكترث لقضايا الداخل أو المنطقة، ولعل غياب دور قوي للصين في حرب غزة شاهد على ذلك.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1245
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
801
| 10 ديسمبر 2025