رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

 تويتر @docshayji

‏@docshyji

مساحة إعلانية

مقالات

402

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

حرب ترامب ومقارباته.. تُفقد الحلفاء ثقتهم بحليفهم!!

06 أبريل 2025 , 01:30ص

ختمت مقال الأسبوع الماضي في الشرق «لم تعد أمريكا التي يعرفها الأمريكيون والعالم...» محذراً من خطورة الانزلاق لصراع مفتوح بين الولايات المتحدة وحلفائها وجيرانها من كندا إلى بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي بتراجع الثقة والتشكيك بمواقف إدارة ترامب الحليف الرئيسي للغرب والذي شكل وقاد النظام العالمي على مدى ثمانين عاما في أعقاب الحرب العالمية الثانية ومؤسساته وهيئاته إلى حليف ينتقد ويشكك ويقرّع وحتى يهدد ويتوعد الحلفاء وآخرها كما يشهدون ومعهم بقية دول وشعوب العالم بذهول فرض تعريفات ورسوم جمركية على بضائع الحلفاء والأصدقاء والجيران بشكل غير مسبوق على 185 دولة. ما يستنزف اقتصادات تلك الدول ويفجر حربا تجارية تزيد الغلاء وارتفاع الأسعار، والبطالة والتضخم بانعكاسات سلبية تؤثر على الاقتصاد العالمي.

علّقت في مقالي الأسبوع الماضي بأن ما يقوم به ترامب بتكتيك الضغط المتصاعد ورفع سقف المطالب لدرجة تستفز وتستنزف الخصم وحتى لو كان حليفاً- لدفعه للتنازل - وهذا بات نهجاً واضحاً في أسلوب ترامب التفاوضي قبل لأن يتراجع جزئيا ويتوصل لحلول وسط. وهذا ما يقوم به مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والدنمارك حول انتزاع جزيرة غرينلاند وحتى رسالة التهديد والوعيد الشهيرة التي أرسلها ترامب إلى إيران منتصف شهر مارس الماضي بمنح إيران فترة شهرين للتفاوض بشكل مباشر مع الولايات المتحدة حول برنامج إيران النووي، وإلا تتحمل إيران مسؤولية ما يحدث!! وبرغم حشود ترامب العسكرية وإرسال قطع بحرية ومقاتلات الشبح B2 وحاملة طائرات ثانية «كارل فنسون» وتسريب للصحيفة البريطانية ذي ميل عن التحضير لضربة عسكرية على منشآت إيران النووية، ما يدفع المنطقة لحافة هاوية أمنية. وكل ذلك ضمن أوراق ضغط على إيران لكن إيران ردت بتحدٍ برفض التفاوض المباشر والترحيب بالتفاوض غير المباشر، طالما أبقت سياسة إدارة ترامب «الضغوط الأقسى» على إيران ولم ترفع العقوبات.

ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت رفع الرسوم والتعريفات الجمركية لمستويات غير مسبوقة شملت الحلفاء وحتى الدول الفقيرة التي تتمتع بفائض لمصلحتهم بالتبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية. فارتفعت الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتركيا ومصر إلى 10 %. كما ارتفعت الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من الصين إلى 54 %، و46 % على فيتنام، و44 % على سريلانكا، و37 % على بنغلاديش، و25 % على كوريا الجنوبية، و24 % على اليابان، و20 % على الاتحاد الأوروبي!! وحتى 17 % على إسرائيل! بينما لم ترتفع الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من روسيا وكوبا!!

تدفع سياسة ترامب الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية لحافة الصراع والفوضى. ويجمع الكثير من الاقتصاديين على أن رسوم ترامب الجمركية ستتسبب بأزمة اقتصادية حادة وتؤدي لتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي والصين والدول المتضررة من رفع ترامب الرسوم الجمركية على بضائعهم. وأعلن باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي «البنك المركزي» الذي يضغط ترامب عليه لخفض قيمة الفائدة «إن رفع ترامب الرسوم الجمركية أكبر مما كان متوقعاً، وتهدد بارتفاع نسبة التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي» ولذلك تسود الضبابية ومخاوف عدم اليقين.

كما يعمق مخاوف الحرب التجارية حتمية من الدول المتضررة شركاتها وتجارتها مع الولايات المتحدة للرد بالمثل ورفع الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية الواردة إلى دولهم وخاصة السيارات والعربات (25 %) والإلكترونيات والرقاقات الإلكترونية وحتى القمح والخضار والفواكه والدواجن والمشروبات الروحية وغيرها. لذلك أعلنت الصين رفع الرسوم الجمركية المتبادلة بدءا من 10 أبريل إلى 34 % على جميع واردات البضائع الأمريكية. ما سينعكس سلبا على الشركات والمصانع والمنتجات الزراعية واللحوم الأمريكية!

ستتسبب الحرب التجارية بارتدادات جيبوبولتيك على الاقتصاد العالمي بتباطؤ الاقتصاديات الأمريكية والصينية والآسيوية والأوروبية، كما ستخفض الطلب على الطاقة من نفط وغاز وخاصة إلى الصين وآسيا، وسيتسبب ذلك بانخفاض سعر برميل النفط والغاز الخليجي!! وهذا يعني انخفاض مداخيل الدول الخليجية!!

أجرت وكالة رويترز مقارنات على سلع وبضائع مستوردة من الصين إلى الولايات المتحدة وأظهرت الفارق الكبير بارتفاع كلفة المنتج مثل جهاز هاتف نقال بحوالي 700 دولار. كما تظهر تقارير ارتفاع أسعار السيارات بين 2000 إلى 20 ألف دولار للسيارة!! ويتحمل المستهلك الأمريكي ارتفاع الكلفة لجميع البضائع وحتى مشتريات البقالة والسوبر ماركت سيكلف الأسرة الأمريكية زيادة بـ 2100 دولار أمريكي سنويا.

من المتعارف عليه أن المستهلك يدفع فارق ارتفاع الرسوم الجمركية وليس كما يعتقد عدد كبير من أتباع ترامب، من يدفع فارق زيادة الرسوم الجمركية هي الدول المصدرة والشركات، بإضافة فارق ارتفاع الأسعار على السلع للمستهلكين.

يدّعي ترامب والمسؤولون الأمريكيون أن رفع قيم الرسوم الجمركية فعّال ويعمل ولكن في مرحلته الأولى سيكون مؤلما!! وشبّه ترامب قبل أيام رفع الرسوم الجمركية بنجاح عملية لمريض، لكنه بدأ بالتعافي!! وأن الأسواق ستتأقلم مع رفع الرسوم. لكن تلك المقاربة والمنطق يتعارضان مع تحذير الخبراء والمستشارين الاقتصاديين وحتى قيادات الحزب الديمقراطي وبعض النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بدأوا يقلقون من تداعيات وخطورة رفع الرسوم!

ختمت مقالي الأسبوع الماضي مؤكداً «لم ينتخب 49.7 % من الأمريكيين ترامب لأولوياته المعكوسة، ولطردهم من وظائفهم، وقمع حرياتهم ومعاداة جيرانهم وحلفائهم ورفع أسعار السلع والتضخم. ودعم حرب إبادة إسرائيل للفلسطينيين! واستفزاز واستعداء الحلفاء، وبعضهم صوتوا لترامب واليوم نادمون!! لنتائج سياساته الاقتصادية وزيادة الرسوم الجمركية المتبادلة والرد برفع الرسوم على البضائع الأمريكية وآثار ارتفاع الأسعار السلبية.

بسبب نتائج سياسات ترامب تتراجع شعبيته لـ 49 % في استطلاعات الرأي!! ويعزف الأوروبيون والكنديون ومستثمرون وطلاب وسياح عن التعامل مع أمريكا، وزيارة وحتى الدراسة في أمريكا!! «لم تعد أمريكا التي نعرفها ويعرفها الأمريكيون والعالم... لذلك يفقد الحلفاء والأمريكيون الثقة بأمريكا ترامب»!!

مساحة إعلانية