رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تقف دول مجلس التعاون الخليجي في مرمى نيران المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران التي فاجأت المحللين والتوقعات بشن عملية نوعية هي الأكبر والأخطر «الأسد المتوثب» والأكثر تدميراً بتداعيات واسعة على إيران فجر الجمعة الماضي. وذلك بعد استهداف منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم ورصد تسرب كيميائي وإشعاعي نووي داخلي. وفشل إلحاق أضرار بمنشآت إيران النووية الأخرى في أصفهان وفوردو وأراك للماء الثقيل لموقعهم تحت أعماق سحيقة لا تملك إسرائيل قدرة استهدافهم.
وبعد تعرض إيران لأسوأ يومين من القصف على العاصمة ومدن عديدة ومواقع عسكرية ومنشآت نووية واغتيال صف القيادات العسكرية وقادة الحرس الثوري الأول وعلماء وخبراء نوويين. ردت إيران بعملية «الوعد الصادق 3». عاشت إسرائيل وخاصة تل ابيب عاصمة المال والأعمال والشركات الكبرى، أسوأ وأكثر لياليها رعباً باعتراف السفير الأمريكي مايك هاكابي، اضطر للهرب للملاجئ 5 مرات ليل الجمعة،مع بدء إيران موجات القصف الصاروخي على إسرائيل-واضطر 7 ملايين إسرائيلي للفرار للملاجئ وسط دمار وسقوط جرحى وقتلى غير مسبوق منذ نكبة عام 1948.
تملك دول مجلس التعاون الكثير من الأوراق يمكن توظيفها لدرء المخاطر بالحياد وبضغط الحليف الأمريكي لاحتواء التصعيد وحتى وقف الحرب المدمرة. وذلك بتداخل الأبعاد الأمنية، وأمن الطاقة. لذلك مصلحة جميع الأطراف لدعم الجهود الخليجية لوقف الحرب ومنع تصاعدها.
تجد دول مجلس التعاون الخليجي نفسها التي لعبت دورا مهما في الوساطة بين كل من الولايات المتحدة وإيران منذ أبريل الماضي في جولات مفاوضات غير مباشرة بوساطة عمانية في مسقط وروما، مدفوعة لتقريب وجهات النظر للتوصل لاتفاق نووي. وكانت إدارة ترامب في رئاسته الأولى انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، أبرمه الرئيس أوباما ضمن مجموعة (5+1( عام 2015، وفرض أقسى العقوبات على إيران. ولم تتفاوض إدارة بايدن للعودة للاتفاق النووي. وعمد الرئيس ترامب للتفاوض للتوصل لاتفاق نووي جديد بوساطة خليجية. مع التلويح باللجوء لخيارات أخرى. ومنح الرئيس ترامب إيران مهلة 60 يوما في أبريل الماضي للتوصل لاتفاق نووي-لتجنب التصعيد والمواجهة. وذكّر بذلك الجمعة الماضي بعد شن إسرائيل عملية «الأسد المتوثب».
وفيما يعارض نتنياهو منذ عقود مفاوضات تُبقي برنامج إيران النووي دون وقف التخصيب وتفكيك برنامج إيران النووي ويصر على تطبيق نموذج النووي الليبي (بتسليم برنامجه النووي البدائي)، بدلا من الاستمرار بجولات التفاوض بوساطات شاركت بها قطر والإمارات وآخره سلطنة عُمان.
وكان الرئيس ترامب تجنب في جولته الخليجية الأولى في رئاسته زيارة إسرائيل، وفي محادثاته مع قادة دول المجلس في القمة الخليجية واللقاءات الثنائية، لدور القادة بالوساطة وبنقل رسائل للطرفين لدعم جهود التفاوض والتوصل لاتفاق نووي مع إيران يجنب المنطقة التصعيد. ودأب ترامب تكرار المزج بين البراغماتية والواقعية «أفُضل التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، لكننا لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي سواء توصلنا إلى اتفاق أم لا.» في موقف يوازن ويطمئن مخاوف، ويستجيب لمطالب إسرائيل. ويكتسب تحذير ترامب في حال فشلت المفاوضات مع إيران بمنع إيران من حيازة السلاح النووي، مصداقية-بعد تسريب تصريحات الجنرال كاريللا قائد مسرح العمليات الأمريكية في المنطقة-»قدمت للرئيس ترامب خيارات واسعة لعملية عسكرية ضد إيران في حال فشلت المفاوضات... ومستعدون للرد بقوة ضاربة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي في حال أمر الرئيس ترامب القيام بعمل عسكري.»
وما يثير القلق تهديد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده-في حالة تعرض منشآت إيران النووية باستهداف إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في الخليج في محاولة ردعية. والملفت تكرار وتأكيد الولايات المتحدة النأي بنفسها وعدم مشاركتها في العلمية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.
وترى وتدعم دول مجلس التعاون الخليجي وقف الحرب على غزة، لأنه سيساعد ضمن صفقة كبيرة بتعزيز فرص التوصل لاتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وتخفض المواجهة، ويساعد على إعادة مسار التطبيع بين دول عربية وإسرائيل.
ماذا على دول مجلس التعاون الخليجي عمله بالتعامل مع مواجهة تصاعد الحرب الإسرائيلية على إيران للحد من تداعياتها الخطيرة على أمن منطقتنا وشعوبنا ومصادر دخلنا وأمن الطاقة والنفط؟ على دول مجلس التعاون الخليجي إضافة لإصدار بيانات استنكار وإدانة إسرائيل
أولاً: على دولنا الخليجية إعادة تكرار التأكيد بشكل فردي وجماعي بيانات صدرت من وزارات الخارجية الخليجية تؤكد على إدانة الاعتداء الإسرائيلي على إيران. ولسنا طرفا ولن نشارك بأي عمل عسكري ضمن عملية «الأسد الصاعد» على إيران.
ثانياً: على دول مجلس التعاون الخليجي تكرار موقفها الفردي والجماعي الحياد الإيجابي: لن نسمح باستخدام أراضينا وأجوائنا والقواعد الأمريكية بأي عملية عسكرية قد تشارك بها الولايات المتحدة إذا تصاعدت الحرب بين إسرائيل وإيران. خاصة بعد تهديد وزير الدفاع الإيراني نصير عزيز زاده أن الرد الإيراني في حال شاركت الولايات المتحدة بأي عدوان على إيران، ستستهدف إيران القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة!! وكان ملفتاً تلقي سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، اتصالا هاتفيا امس من الرئيس ترامب. وأكد الشيخ تميم على ضرورة العمل لخفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية. وأكد الرئيس ترامب استعداده للمشاركة في مساعي حل الأزمة حفاظا على الأمن والاستقرار الإقليمي.
ثالثا: تفعيل وساطة الدول الخليجية بنقل رسائل بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران. بعدم استهداف إيران القواعد الأمريكية في المنطقة!! لوقف الحرب المدمرة. ونجاح مفاوضات النووي وحماية أمن الطاقة واستقرار أسعار النفط بعدما ارتفعت 7%.
وهذا يعزز دور ومكانة واستقرار وأمن دول مجلس التعاون الخليجي، لتنصرف للتنمية وتحقيق رؤى دولنا المستقبلية.
في غزة، ليس ثمة خيارات متاحة بالمعنى المألوف للكلمة، ولا مسارات آمنة يمكن أن يسلكها المرء ليتفادى كلفة... اقرأ المزيد
144
| 06 أكتوبر 2025
يأتي الاحتفال بانتصارات حرب أكتوبر 1973 والعالم العربي يعيش حالة من الإحباطات منذ طوفان الأقصى في السابع من... اقرأ المزيد
150
| 06 أكتوبر 2025
لم تعد ثورة البيانات الضخمة Big Data مجرد انعكاس للتحول الرقمي الذي شهده العالم في العقود الأخيرة، بل... اقرأ المزيد
81
| 06 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4617
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه، حركاته، وحتى ضحكاته المقتضبة لم تكن مجرد تفاصيل عابرة؛ بل كانت رسائل غير منطوقة تكشف عن قلق داخلي وتناقض صارخ بين ما يقوله وما يحاول إخفاءه. نظراته: قبل أن يبدأ حديثه، كانت عيونه تتجه نحو السلم، وكأنها تبحث عن شيء غير موجود. في لغة الجسد، النظرات المتكررة إلى الأرض أو الممرات تعكس قلقًا داخليًا وشعورًا بعدم الأمان. بدا وكأنه يراقب طريق الخروج أكثر مما يراقب الحضور، وكأن المنصة بالنسبة له فخّ، والسلم هو طوق النجاة. يداه: حين وقف أمام المنصة، شدّ يديه الاثنتين على جانبي البوديوم بشكل لافت إشارة إلى أن المتحدث يحتاج إلى شيء ملموس يستند إليه ليتجنب الارتباك، فالرجل الذي يقدّم نفسه دائمًا بصورة القوي الصلب، بدا كمن يتمسك بحاجز خشبي ليمنع ارتعاشة داخلية من الانكشاف. ضحكاته: استهل خطابه بإشارات إلى أحداث جانبية وبمحاولة لإضحاك الجمهور حيث بدا مفتعلًا ومشحونًا بالتوتر. كان الضحك أقرب إلى قناع يوضع على وجه مرتبك، قناع يحاول إخفاء ما لا يريد أن يظهر: الخوف من فقدان السيطرة، وربما الخوف من الأسئلة التي تطارده خارج القاعة أكثر مما يواجهه داخلها. عيناه ورأسه: خلال أجزاء من خطابه، حاول أن يُغلق عينيه لثوانٍ بينما يتحدث، ويميل رأسه قليلاً إلى الجانب ويعكس ذلك رغبة لا واعية في إبعاد ما يراه أو ما يقوله، وكأن المتحدث يحاول أن يتجنب مواجهة الحقيقة. أما مَيل الرأس، فكان إشارة إلى محاولة الاحتماء، أو البحث عن زاوية أكثر راحة نفسيًا وسط ارتباك داخلي. بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر مما يخاطب العالم. مفرداته: استدعاؤه أمجاد الماضي، وتحدثه عن إخماد الحروب أعطى انطباعًا بأنه لا يتقن سوى لغة الحروب، سواء في إشعالها أو في إخمادها. رجل يحاول أن يتزين بإنجازات الحرب، في زمن يبحث فيه العالم عن من يصنع السلم. قناعه: لم يكن يتحدث بلسانه فقط؛ بل بجسده أيضًا حيث بدا وكأنه محاولة لإعادة ارتداء قناع «الرجل الواثق» لكن لغة جسده فضحته، كلها بدت وكأنها تقول: «الوضع ليس تحت السيطرة». القناع هنا لم يخفِ الحقيقة بل كشف هشاشته أكثر. مخاوفه: لعلها المخاوف من فقدان تأثيره الدولي، أو من محاكم الداخل التي تطارده، أو حتى من نظرات الحلفاء الذين اعتادوا سماع خطاباته النارية لكنهم اليوم يرون أمامهم رجلاً متردداً. لم نره أجبن من هذا الموقف، إذ بدا أنه في مواجهة نفسه أكثر من مواجهة الآخرين. في النهاية، ما قدّمه لم يكن خطابًا سياسيًا بقدر ما كان درسًا في لغة الجسد. الكلمات قد تخدع، لكن الجسد يفضح.
3507
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
1674
| 05 أكتوبر 2025