رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الأشهر العربية مسميات ومعانٍ

للأشهر العربية أسماء تحمل معانى خاصة وتؤرخ لأحداث كبرى وتلقى الضوء على أسلوب الحياة العربية قديماً وعلى طبيعة العرب وأخلاقهم وقيمهم، كما تدل هذه الأسماء على ثراء اللغة العربية وجمالها.وقد قسّم العربُ قبل الاسلام شهور السنة الى قسمَيْن، ثمانية أشهر عاديَّة، وأربعة أشهر حُرُم لا يجوز فيها القتال والبغى وانتهاك الحرمات، بينما حللوا القتال فى الأشهر الثمانية الأخرى حيث كانوا يغزون بعضهم بعضاً ويغيرون على بعض.فالأشهر الحُرُم التى تعود حرمتها أصلاً الى شريعة خليل الرحمن النبى ابراهيم (عليه السلام) هى شهر رجب وشوال وذو القعدة وذو الحجة، ثم جاء الاسلام وأقر بحرمتها. وقد كانت الأشهر الحُرُم بالنسبة للعرب قبل الاسلام بمثابة مهلة يرتاحون فيها من الغزو والحرب وفترة لتمكين الحجاج والتجار والراغبين فى الشراء والبيع من الوصول آمنين الى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام، فبحسب طبيعة الحياة فى البادية العربية بما فيها من فقرٍ مدقع وعيش ضنكِ، تَتنافَس القبائل فيما بينها وتَتقاتَل على الكلأ والماء وعلى أخْذ حقِّ المرور من القَوافِل، فالحياة العاصفة التى كان يعيشها العرب فى الماضى حتمت عليهم الدخول لفترة من السنة فى هدنةٍ يستَرِيحون فيها ويسوون بها مشكلاتهم بالمساومات والمفاوضات ويدفْعون خلالها ديات القتلى. وقد كان العرب يعظمون الأشهر الحرم أشد التعظيم، حتى انَّ الرجل يلقى فيها قاتل أبيه وأخيه فلا يبادر فى الاعتداء عليه، حتى بدأ العرب باستخدام النسيء فى تقويمهم، مما أدى الى تأجيل الأشهر الحرام فى بعض السنوات أو تعجيلها، الى ان جاء الاسلام وحرم النسيء تحريماً كاملاً.وبالنسبة لأسماء الأشهر لا تعرف بدقة الفترة الزمنية التى أطلقت فيها هذه الأسماء ولا من أطلقها وأن كانت بعض الآراء تشير الى ان كلاب بن مرة هو من سمى الأشهر بأسمائها.فشهر محرم وهو الشهر الأول من السنة القمرية العربية أسماه العرب بهذا الاسم لأن القتال حُرم به، وقد كان الاسم القديم له صفر الأول، حيث عُرِف الشهران المحرم وصفر (بـالصفرين)، فلفظة محرم لم تكن تسميةً لذلك الشهر وانما كانت صفةً له لحرمته، ثم غلبت عليه فصارت اسماً له، حين سماه النبى (صلى الله عليه وسلم) شهر الله المحرم.أما شهر صفر فقد سُمِّى بذلك لأنَّ ديار العرب كانتْ تَصْفَر، أى تخلو من أهلها لخروجهم فيه ليقتاتوا ويبحَثُوا عن الطعام ويُسافِروا هربًا من حرِّ الصيف.وقد اعتبر العرب شهر صفر بانه شهرٌ مشؤوم، ولعل هذا الاعتقاد نشَأ بسبب ما يحدث فى هذا الشهر من ظلم واعتداء وقَتل، ذلك أنَّ صفر يأتى بعد ثلاثة أشهر حرم، حيث كانوا ينتظرون على أحر من الجمر حلول شهر صفر حتى ينالوا من أعدائهم ويأخذوا بثأرهم.ولذلك من كان يريد العمرة لا يعتَمِر فى صفر، اذ لا يأمن على نفسه خلاله، وقد كان من أعرافهم فى العمرة أنْ يقولوا (اذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلَّت العمرة لِمَن اعتمر).أما شهر ربيع الأول، فقد سُمِّى بذلك لأنَّ تسميته جاءَتْ فى الربيع ثم ثبت عليه الاسموالرَّبيعُ عند العرَب رَبيعانِ رَبيع الشهور، ورَبيعُ الأزمنة، والشهر الذى يليه ربيع الآخروسمى بذلك لأنَّ تسميته جاءَتْ فى الربيع أيضاً.أما الشهر الذى يليهما وهو جمادَى الأولى ومن بعده جمادى الأخرى، فقد سُمِّيا بذلك لأنَّ تسميتهما جاءَتْ فى الشتاء حيث يتجمَّد الماء، فثبت عليهما ذلك الاسم، والعرب يعُدُّون جمادَى من أوقات القحْط والضر.أما شهر رجب فقد سُمِّى بذلك لأنَّ العرب كانوا يُعظِّمونه بترك القِتال فيه، ويُقال رجب الشيءَ أى هابَه وعظَّمَه.وسمى شعبان بذلك لأنَّ العرب كانت تتشعَّب فيه، أى تتفرَّق فيه للحرب والاغارة وذلك بعد قعودهم فى شهر رجب، كما قيل انه سُمِّى شعبان لأنَّه شعب (أى ظهر) بين شهرى رمضان ورجب.أما شهر رَمَضَانَ فقد اشتق اسمه من الحر والرَّمَضِ، أو من رَمض الصائم أى اشتدَّ حرُّ جوفِه، أو لأنَّه يحرق الذنوبَ والسيئات، ورغم ان الشهور القمرية غير ثابتة زمنياً فالشهور قد تأتى فى الشتاء أو الصيف الا أن التسمية غلبت عليه.وسمى شوال بذلك لأنَّه تسمَّى فى فترة تشوَّلت فيها ألبانُ الابل، والشَّول من الابل التى ارتَفعَتْ ألبانها وازدادت. وتأتى تسمية شهر ذى القعدة لأنَّ العرب قعدت فيه عن القِتال تعظيمًا له باعتباره من الأشهر الحرم.وسمى العرب شهر ذى الحجة لأنَّهم عرَفَوا الحجَّ فى هذا الشهر، حيث تتوافد الى مكة وفود الحجيج منذ أن أمر الله (سبحانه وتعالى) نبيه ابراهيم وابنه اسماعيل (عليهما السلام) برفع قواعد البيت الحرام.

1081

| 05 يونيو 2015

الإنسان البارع

الإنسان ذلك الكائن العنيد الذي تميز من بين جميع سكان الكرة الأرضية بأنه الوحيد القادرعلى تطويع الطبيعة وترويضها لمصلحته، الكائن البارع الذي اخترع اللغة ونظّم الهياكل الاجتماعية المعقدة، وأقام شبكة من التفاعلات الاجتماعية أسفرت عن العديد من المعايير الأخلاقية والطقوس الدينية، وأبدع في إعطاء كل ما حوله قيمة جمالية وفنية وأدبية وثقافية، الكائن البارع صانع الحضارات ومشيّد الصروح العظيمة، واضع العلوم والتطبيقات التي غيرت العالم، الكائن العنيد الذي اخترق الفضاء وسير المركبات خارج حدود الأرض، وهبط الى أعماق المحيطات واستكشف أسرارها واستغل كنوزها الدفينة. الإنسان العنيد هو نفسه الذي تحدى الصحارى المتجمدة وشيد من الثلج بيوتاً تعد معجزة معمارية، حيث تمنح بيوت ( Igloo ) ذات البناء المعقد الدفء لساكنيها، وتحتفظ بدرجة حرارة تصل الى عشرين درجة مئوية بينما في خارج البيت الثلجي تتجاوز درجة الحرارة الخمسين درجة تحت الصفر. إنسان الأنويت أو الأسكيمو الذي تكيف مع البرد القارس لا يختلف في شيء عن البدوي الذي يعيش في الصحراء المجدبة القاسية، حيث على البدوي أن يعمق معرفته ببيئة الصحراء حتى يعزز فرصته في البقاء ويتغلب على تحديات المعيشة الصحراوية، والتي لا تقتصر على محدودية مواردها ولا على مخاطر الغزو والحروب، وإنما كان على البدوي ان يحمي نفسه من برودة الشتاء وحر الصيف، والوديان والسيول الجارفة في موسم الأمطار، ومن لدغات الأفاعي والعقارب والحشرات السامة، ومن الذئاب والضواري ، ولكثرة هذه المخاطر نجد البدوي حذراً في نومه حتى انه كما يقولون ينام نومة ذيب أي أنه ينام بعين واحدة بينما الأخرى متيقظة تترقب أي خطرمفاجئ قادم. لكن الإنسان هذا الكائن البارع برع كما لم يبرع أي مخلوق آخر غيره في استباحة دم أبناء جنسه، فبرع في اختراع الأسلحة وأدوات القتل ونجح في تبرير كل الجرائم التي يرتكبها بأسباب دينية وعقائدية وأخلاقية.

567

| 29 مايو 2015

تفاءلوا بالخير تجدوه

يحدث أن يُقدم أحدنا على عملٍ أو فعلٍ ما، لكنه خلال قيامه بهذا العمل ينتابه التردد والتوجس والخشية، حتى إنه يؤخر رجلاً ويقدّم أخرى، وسرعان ما يتبين له أن الأمر الذي أقدم عليه عصيّ على التحقيق صعب المنال.. ليظن أن الأمر برمته مشؤوم ومنحوس.. وقد يتقدم له شخصٌ آخر وينال دون عناء منه القبول والرضى. ويفسر ذلك بالحظ أو الصدفة المحضة التي فوتت عليه مسعاه وأضاعت منه فرصته!! بينما نالها غيره بكل سهولة ويسر.. لكن الصدفة ليست تفسيراً لما يدور حولنا ويحرك مصائرنا، فلكل شيء سبب كما يعلمنا العلم الحديث، ومن قبله القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.. وقد تبين من خلال العلم أن الذرة وهي المكوّن الأساسي الأصغر لكل ما حولنا في حركة دائمة دؤوب، إذ تكون نواتها ذات شحنات موجبة بينما تكون إلكتروناتها ذات شحنة سالبة، ويشرح لنا علم الذرة أن لحركة الذرة طاقة هائلة، وما يحدث هو: أن النواة تسحب الألكترونات بينما تدور هذه حول النواة.. ونحن كغيرنا من الكائنات الحية التي تحتوي على ذرات نطلق طاقات إيجابية وسلبية، تشدّ من حولها ما يحيط بها من طاقات من نفس النوع، فالطاقة الإيجابية المنبعثة من الإنسان تجتذب طاقة إيجابية من المحيط سواء من الأشخاص أو حتى من الأشياء، فما نطلقه من ذبذبات تجعل قانون الجذب يستجيب لها ويعكسها مرة أخرى نحونا، بشحنات مشابهة!!ويبدو ذلك من خلال ارتياح أحدنا لشخص ما دون غيره، أو تقبّل الآخرين لنا وتعاملهم معنا برحابة صدر، وكذلك السهولة واليسر التي تنجز بها أعمالنا ومهامنا أيضاً كرد فعل على الطاقة الإيجابية المنبعثة. وعلى العكس من ذلك عندما تسيطر علينا مشاعرالحزن والكآبة والإحباط والحسد والخوف والتردد تنطلق الشحنات السلبية مجتذبة شحنات سلبية مثلها، فتتعطل أعمالنا وينجذب لنا الأشخاص المكتئبون ونادبو حظهم ومن على شاكلتهم.. وقد أثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة أن المعالجة عن طريق الطاقة الإيجابية الكامنة في الإنسان، أكثر نجاحاً من العلاجات التقليدية، ومن ذلك يأتي الطب النفسي السلوكي المعتمد على تشجيع الروح الإيجابية عند المريض النفسي، وقد دخل العلاج بالطاقة الإيجابية أيضاً مجال العلاج من الأمراض المستعصية والخطيرة ومنها السرطان، وبعد أبحاث عدة قام بها العلماء عن سبب استجابة البعض من الناس للعلاج دون غيرهم، اتضح أن مَن يستجيبون للعلاج تكون الطاقة الإيجابية لديهم أعلى ممن لم يستجيبوا، فالإحساس بالتفاؤل وقوة العزيمة والتشبث بالحياة وإمكانية قهر المرض، كلها تطلق طاقة إيجابية تقاوم المرض وتنجح بقهره.. ويأتي الطب البديل الذي يشمل الرقية والعلاج الشرعي الذي يؤمن البعض بتأثيره وقوته وقدرته على العلاج، حيث يرفع الطاقات الإيجابية عند المريض فتساعد على الشفاء.. ومن الأشياء التي تضفي الطمأنينة على النفس وتطلق الطاقة الإيجابية الصلاة، والاستماع للأناشيد الدينية وللموسيقى الهادئة والتجوال بين أحضان الطبيعة، وتناول الأطعمة النباتية أو ذات الأصل النباتي، وصحبة الأشخاص المتفائلين.. وقد أوجز الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الشريف (تفاءلوا بالخير تجدوه)، وبتركيز شديد وبكلمات قليلة تأثير الطاقة الإيجابية على حياتنا، هذه الطاقة التي تسهّل لنا أشياء كثيرة من حولنا وتجعل من الحياة رغم المصاعب والمعوقات أكثر تفاؤلاً وسعادة.

6557

| 22 مايو 2015

أطفالنا والرسوم المتحركة

المتابع للرسوم المتحركة التي تعرض على مختلف القنوات الفضائية ومنها تلك المخصصة للأطفال يلاحظ أن كل مسلسلات الرسوم المتحركة تلبي حاجة الطفل للترفيه والتسلية والضحك مع إغفال تام للجانب التربوي.ومن خلال المعروض من مسلسلات الرسوم المتحركة لسنين طوال على القنوات الأرضية من قبل والفضائية في السنين الأخيرة، يلاحظ المتابع أن مسلسلات الرسوم المتحركة كلها تأتينا من الخارج (بالطبع مثل الطعام الذي نتناوله والملابس التي نرتديها والآلات والأجهزة التي نستخدمها) ولا يوجد إنتاج عربي إلا فيما ندر (مقارنةً مع السيل العارم من الانتاج الأجنبي آسيوياً كان أم غربياً )، وحتى عندما بدأت تظهر لنا بعض المسلسلات الكرتونية العربية طغى عليها جانب الترفيه والتسلية وهي أصلاً موجهة للترفيه عن الكبار وليست مخصصة للأطفال (مثل فريج وشعبية الكرتون وغيرها)، وهناك بالطبع بعض المسلسلات الكرتونية العربية اليتيمة التي يدور محورها حول القيم العليا النبيلة التي نتمنى أن ينشأ أطفالنا عليها، مثل قيم التعاون والاحترام والالتزام الديني والاعتزاز بالشخصية الوطنية والقومية.ولكن هل يكفي مسلسل واحد أو حتى 10 مسلسلات كرتونية لتقاوم الطوفان الكاسح من مسلسلات تحمل معاني الضرر وليس النفع لأطفالنا.فالمتابع للرسوم المتحركة المقدمة لأطفالنا يلاحظ أن موضوع معظم المسلسلات يدور حول أبطال أو بطلات خارقين يأتون بحركات ضد الطبيعة مثل الطيران في السماء ونفث النار من أفواههم وبلع كميات من مياه البحر ومصارعة المخلوقات الكبيرة الشريرة مثل الوحش والرجل الآلي وغيرهم. والخطورة هنا تكمن بإمكانية ان يقوم صغار الأطفال بتقليدهم بالأضافة لخطورة تأثر الأطفال عقلياً وفكرياً ومحاولة تقمص شخصيات المسلسلات الكارتونية.وهناك طبعاً مسلسلات الرسوم المتحركة التي تدور حول المكائد والمقالب وردود الأفعال العنيفة التي يقوم بها الطرف الذي تعرض للمكيدة ومنها مسلسل الرسوم المتحركة الأشهر والأطول عرضاً والأكثر مشاهدةً (توم وجيري ).وتبقى خطوة اللجنة المنظمة لجائزة الدولة لأدب الطفل في قطر في دورات سابقة باستحداث مجال الرسوم المتحركة كأحد المجالات المشاركة في الجائزة خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نتمنى على القائمين على هذه الجائزة المهمة في الدورات المقبلة إدراج فئة الرسوم المتحركة مرات أخرى، والأمنية المطروحة الآن أن يتم تنفيذ الأعمال ذات السيناريو الجيد والقيم التربوية العليا. ولكن هل هذا يكفي لكسر الاحتكار الأجنبي (شرقياً كان أم غربياً) لصناعة الرسوم المتحركة التي تشكل ذهنية أطفالنا وعقليتهم وتخلق شخصياتهم، بالطبع أي جهد يبذل في هذا المجال يبقى جهداً محدوداً لا يفي بأهمية الدور الذي تلعبه الرسوم المتحركة في حياة أطفالنا وناشئتنا.

700

| 15 مايو 2015

معاقون لكن أسوياء

تسميات وأوصاف كثيرة تطلق عليهم، قد يكونون أتوا إلى الحياة بعضو أو مجموعة أعضاء لا تعمل كأعضاء غيرهم من الناس، أو ربما أصيبوا في حادث أتلف جزءاً أو أجزاءً من أجسادهم وغيّر حياتهم ليكونوا مختلفين عن الآخرين.يعانون كما لايعاني غيرهم، فالتهميش وصعوبة الحصول على الحقوق الأساسية مثل التعليم والعمل، بالإضافة للتمييز ضدهم، وخاصة في الدول التي تعاني من النزاعات والأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية والمشكلات الإقتصادية والإجتماعية، فإذا كان الأسوياء لا ينالون حقوقهم في تلك المناطق فكيف بذوي الإحتياجات الخاصة، والكثير منهم في هذه الدول هم ضحايا النزاعات المسلحة، وفي قطر ودول الخليج الأخرى ينضم سنوياً لهم أعداد كبيرة من الشباب ضحايا حوادث السيارات.يعيش بيننا في العالم ما يزيد على مليار من ذوي الاحتياجات الخاصة أي إن واحداً من سبعة أشخاص في العالم يعاني من إعاقة جسدية أو ذهنية وثمانمئة مليون منهم يعانون من الفقر والحرمان، ومنهم ستة ملايين ونصف المليون لاجيء، أرقام مخيفة بلاشك وتتطلب من العالم أجمع أن يقف بكل قدراته وإمكاناته معهم.ولكن ما يجعلنا ننحني إجلالاً وإكباراً إن الكثير من هؤلاء يملكون الإرادة التي يستطيعون من خلالها قهر كل الصعاب التي تواجههم، بل والتفوق على الناس الذين يظنون أنفسهم أسوياء جسدياً، فكم من المبدعين والعباقرة في مجالات العلم والفكر والأدب والموسيقى هم ضمن الفئة التي يطلق عليها معاقون، وكم من أبطال في الرياضة أدهشوا العالم بقدراتهم بالرغم من كونهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما نشفق نحن على أنفسنا من السير لعشرة أمتار!! أو نخاف على أنفسنا من صعود السلالم خشية التعب!!هل يصدق أحد أن أهم علماء الفلك الذين على قيد الحياة الآن وهو البريطاني ستيفن هوكينج والذي يشغل مقعد أستاذ الرياضيات في جامعة كمبردج (الذي شغله من قبل إسحق نيوتن) والذي غيرت نظرياته في علم الفضاء مفاهيم كثيرة كانت تعتبر من الثوابت، معاق إعاقة جسدية شديدة فقد أصيب وهو في الثانية والعشرين من عمره بمرض عضال أدى الى إصابته بالشلل التدريجي إلى أن أصيب بشلل كامل وفقدان تام للنطق وأصبح يتنقل على كرسي متحرك ويتواصل من خلال جهاز كمبيوتر.معاقون هم أو بلفظة أكثر تهذيباً من ذوي احتياجات خاصة، وأيا كانت التسميات فهم فئة كبيرة تعيش بيننا، منهم اخوانٌ لنا أو أصدقاءٌ أو أبناءٌ أو حتى نحن وبدون أن نجرؤ على الإعتراف.فالإعاقة قد تكون إعاقة جسدية أو ذهنية أو إختيارية، وأحياناً كثير من الأسوياء أو من يظنون أنفسهم كذلك يتصرفون كمعاقين إعاقة كاملة تجعل المرء يتساءل: لماذا فرضتم على أنفسكم الإعاقة بينما يُفترض أنكم أسوياء؟؟

1187

| 08 مايو 2015

الأزرق الكالح

يطلُ علينا الأزرق الكالح أينما طرفنا بأعيننا ، يحتضن أجساد الأطفال ، وتلبسه النساء والرجال ، يتدلى أمامنا كستائر تارةً ، وتارةً أخرى يتحول الى حقائب وأحذية وإكسسوارات ، يجتاح العالم كأكثر ما يرتديه الناس في قارات العالم الست؛ حتى يكاد أن يكون زياً موحداً يلبسه الناس دون ضيق أو تذمر ، وقد أصبح بدون مقدمات رمزاً للحداثة والأناقة رغم أنه كان لدى أول ظهوره لباس عمال المناجم في أمريكا ، وإذا به يدخل ضمن ما يسمى بالهوت كوتور أو فساتين السهرات الفاخرة بعد أن ُزين بالتطريزات وأضيفت له الدانتيلا . ولم يدر بخلد الأمريكي ليفي ستروس سنة 1873عندما صنّعت شركته قماش الجينز أول مرة (هذا الذي ابتكره وعرضه عليه جيكوب ديفيس) ، وهو يفكر حينها بقماش مستوحى من رعاة البقر الأمريكيين ، إن منتجه هذا سيكتسح العالم ويسيطر على ذوق مليارات البشر ، ولدى كل شخص منهم سبب ليفضل الأزرق الكالح على ما عداه من ملابس . فهل للجينز كل هذه الشعبية الطاغية بسبب متانته أم بسبب تحمله للأوساخ التي قد تعلق أثناء العمل وعدم حاجته للكي وهو القماش الذي ارتبط بالعمال عند انتشاره لأول مرة أم لأسباب أخرى ؟ و قد وجد رواجاً في حقب متتالية بعد أن تحول من مجرد بنطلون يرتديه رعاة البقر الأمريكيون الى رمز للتمرد على الطبقية وحياة الرفاهية ومرادف للديمقراطية وحركات التحرر التي سادت أمريكا في الستينيات من القرن العشرين، حيث انطلق عشرات الآلاف من المتظاهرين من طلاب الجامعات في الشوارع يرتدي كثير منهم البنطلونات الجينز ، ليغدو فيما بعد رمزاً أمريكيا سرعان ما تلقفه العالم مثل الهمبرغر والكنتاكي وأفكار الثراء السريع وأفلام الأكشن وموسيقى الروك أند رول ، وليصبح رمزاً للحياة الأمريكية التي يصبو معظم سكان البسيطة للعيش بأسلوبها السريع والمتغير .

760

| 01 مايو 2015

الصورة المنعكسة

المرايات من حولنا في كل مكان تزين الجدران، تجذبنا منادية إيانا لنشاهد صورتنا المنعكسة عليها، ولبرهة نعود لحقيقتنا التي تشي بها ملامحنا، وبين السعادة والزهو بما تعكسه المرايا وبين الغضب والحسرة تتباين المشاعر وتختلف لكنها توحي بحقيقة واحدة إننا موجودون.منذ شاهد الإنسان القديم وجهه لأول مرة على صفحة الماء الساكن، معتقداً بفزع أن الصورة المنعكسة في الماء ماهي إلا جني يربض في أعماق النهر ويهم بافتراسه، حتى ظلت الكثير من الشعوب البدائية لفترات زمنية طويلة تتجنب النظر في صفحة الماء، واحتاج الإنسان لأشواط مديدة من الزمن ليتقبل أن الصورة المنعكسة في الماء ماهي إلا صورته هو.ليبدأ معها مرحلة جديدة من المشاعر المتباينة تجاه المرايا من تحميلها معاني رمزية إلى الخوف منها والاعتقاد أن لها قدرات سحرية خارقة، بينما بدأت معها مراحل إنسانية جديدة حيث غدت المرايا لدى البعض أداة لعشق الذات والإعجاب بها.لكنها بالرغم من كل الاعتقادات المتباينة عُدّت أداة لا غنى عنها ورغم أن الإنسان احتاج لزمن طويل حتى يتمكن من تصنيع المرايا، وبالرغم من أنها مثل كل الأشياء الثمينة والنادرة كانت حكراً على قصور الأباطرة والملوك والأثرياء.وتحدثنا كتب التاريخ ان أقدم نوع من المرايا تلك المصنوعة من الحجارة المصقولة من النوع المسمى (السبج) وهو نوع من الزجاج البركاني، ثم صنعت مرايا من النحاس المصقول في بلاد مابين الرافدين ومصر القديمة، بينما استخدم الصينيون البرونز المصقول لصنع المرايا، كما صُنعت بعض المرايا من المعادن الثمينة كالذهب والفضة وكانت للأغنياء فقط، وصنعت أول مرآة من المعدن المغطى بالزجاج في صيدا في القرن الأول الميلادي، كما نجح الرومان في تطوير تقنية لتشكيل المرايا الخام عن طريق تغطية الزجاج المنفوخ بالرصاص الذائب.وفي التاريخ اشتهرت عدة مرايا ذات قدرات خارقة مزعومة: منها مرآة بابل التي يقال إنها مصنوعة من الحديد ويلجأ لها كل من غاب له عزيز فيذكر أمامها اسم الغائب وإذا به يرى عزيزه المفقود، وذلك حسب الأسطورة البابلية.والمرآة الأخرى الشهيرة مرآة أرخميدس والتي صممها بشكل مقعر لتعكس الضوء وتجمعه في بؤرة واحدة ويمكن لهذه البؤرة ان تصدر حرارة شديدة فكانت تستخدم ضد سفن الأعداء.وتعد مرآة منارة الإسكندرية من أشهر المرايا وأهمها على الإطلاق، ففي أعلى المنارة التي اُعتبرت من عجائب الدنيا السبع، وُضعت مرآة هائلة الحجم ليمكن من خلالها مراقبة سفن الأعداء، ويقال بأن الجالس تحت المرآة كان يستطيع الرؤية لمسافات كبيرة.ولتبدأ المرايا تاريخها الطويل بين الأسطورة والمعتقدات الخرافية حيث تروي لنا الأسطورة الإغريقية في اليونان القديمة عن شاب يدعى نرسيس كان معجباً بوسامته وينظر يومياً إلى وجهه في صفحة الماء فسقط يوماً في الماء وتحول إلى زهرة النرجس الجميلة حيث نشأ مصطلح النرجسية (عشق الذات) من اسمه.والكثير من الشعوب آمنت أن للمرايا قدرات خارقة في التنبؤ بالمستقبل ورؤية الأشخاص الغائبين والأماكن البعيدة، ويقال ان هنري ملك فرنسا كان يستعين بمرآة سحرية لهذا الهدف، واستعانت الملكة إليزابيث الأولى بساحر كان يستخدم مرآة سوداء من الزجاج البركاني للتكهن بالمستقبل. كما كانت المرايا وسيلة الفتيات الأوربيات في القرون الوسطى للتكهن بالزوج المنشود حيث تنظر الفتاة لصورة القمر وهو بدر لترى صورته منعكسة في المرآة.كما اعتبرتها بعض الشعوب مصدراً للشر والرعب، حيث اعتقدوا بأن في المرايا طاقة تخطف أرواح المرضى والأطفال الصغار، لذا كانوا يغطون المرايا ليلاً بقطعة قماش أو يتجنبون النظر لها في أوقات معينة.فالمرآة مثلها مثل أدوات أخرى كثيرة اكتشفها أو اخترعها الإنسان تجاوزت الهدف الأساسي الذي اُخترعت من أجله لتأخذ معاني رمزية واسعة تتداخل معها الأسطورة والمعتقدات الشعبية.

1659

| 24 أبريل 2015

للبحر ألف حكاية وحكاية

إذا كانت مصر (هبة النيل) كما وصفها المؤرخ الأغريقي العظيم هيرودوتس، فإن قطر ودول الخليج الأخرى هبة البحر، فالبحر هذا الساحر الممتد بموجه الصاخب ورماله الذهبية ونوارسه المحلقة فوق زرقته اللامتناهية، والذي له الفضل في صمود أهل الخليج واستمرارهم في البقاء على أطراف الصحراء الملتهبة، فالبحر مصدر الرزق والخيرالوفير الذي ناجاه الناس بالمواويل والأهازيج وبثوه شكواهم وأسروا له بأحزانهم. وللبحر حيث وجد الإنسان ألف حكاية وحكاية، وفي الأدب العربي والعالمي روائع من القصص والروايات بطلها البحر، فقصة الحب المشبعة برطوبة البحر وحرارة الشمس في أزقة الكويت القديمة لوسمية التي تخرج من البحر للكاتبة ليلى العثمان، ثم لتعود وسمية مرة أخرى إلى البحر، فمن البحر تبدأ الحكاية وإليه تنتهي. والروائي العربي الكبير حنا مينا كان البحر محوراً لمعظم رواياته، فرواية الياطر، ونهاية رجل شجاع، والشراع والعاصفة، وحكاية بحار، وغيرها من روايات كان البحر بطلها الأول، ويقول مينا عن البحر: إن البحر كان دائما مصدر إلهامي، حتى أن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب، فلحمي سمك البحر، ودمي ماؤه المالح، صراعي مع القروش كان صراع حياة، أما العواصف فقد نُقشت وشماً على جلدي، وإذا نادوا: يا بحر أجبت أنا البحر، فيه وُلدت، وفيه أرغب أن أموت. ويضيف حنا مينا: البحار لا يصطاد من المقلاة، ولا يقعد على الشاطئ بانتظار سمكة سردين تافهة، البحار أكبر من ذلك بكثير. كما يحتفي الروائي المغربي محمد زفزاف في روايته (الأفعى والبحر) بعالم البحر، فيصوره كعالم رائع، حيث السكون والحرية والحبّ الأوّلي والتناغم التام، وحيث موطن الفطرة والبدائية الذي تتحقَّق فيه الرغبات والأمنيات. ويبدو البحر موضع الصراع التراجيدي العنيف بين حوت وإنسان في رواية (موبي ديك) للروائي الأمريكي هيرمان ملفيل وتتخذ الرواية المكتوبة في منتصف القرن التاسع عشر من هذا الصراع الضاري وسيلة لتأمل الوضع البشري وعلاقته بالوجود، كما تحوله إلى كيان رمزي معقد. أما رائعة (الشيخ والبحر) لأرنست همينغواي، والتي نال بها جائزة نوبل للآداب سنة 1954 وتعد أعظم رواية عن البحر، وصورت الصراع بين الإنسان وقوى الطبيعة، والذي جسده بطلها المسن (سانتياغو) مع أسماك القرش المتوحشة والسمكة الكبيرة الجبارة. وتدور أحداث الرواية عن خروج الصياد سنتياغو إلى البحر وحيداً، وبعد أن قضى أربعة وثمانين يوماً استعصى عليه الصيد فيها، قرر أن يتوغَّل بعيداً في البحر، متعدِّياً حدود المألوف، ولسانتياغو رفيق صغير يرغب في مصاحبته، لكن أهله يمنعونه، وينقلونه على ظهر مركب آخر أوفر حظّاً. وتتميز الرواية بمعرفة واسعة بعالم البحر، كما تظهر قوة الإنسان وتصميمه وعزمه على نيل أهدافه، وكما قال إرنست هيمنغواي (الإنسان يمكن هزيمته، لكن لا يمكن قهره).

2433

| 17 أبريل 2015

أحداث من تاريخ قطر

في تاريخ قطر مآثر وبطولات وأحداث كبرى تشهد على ما لهذا الشعب من قدرة على المقاومة والصمود، وعلى القيادة الشجاعة الحكيمة المتمثلة في فترة حساسة من تاريخ قطر والمنطقة بالمغفور له الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني الذي استطاع في ظروف بالغة الصعوبة تمثلت في صراع امبراطوريتين عظميين آنذاك هما السلطنة العثمانية والامبراطورية البريطانية أن ينتزع استقلال بلده وأن يهزم قوات الامبراطورية العثمانية ويحافظ في نفس الوقت على حياده تجاه الامبراطورية البريطانية.ويذكر ج ج لوريمر في كتابه دليل الخليج 1 ان في يوليو سنة 1871 أرسل قائد القوات التركية حملة الى الدوحة وطلب قائد الحملة من المغفور له الشيخ جاسم بن محمد رفع العلم التركي، فوافق على ذلك، وكان آنذاك والده المغفور له الشيخ محمد بن ثاني حاكم قطر يرفع العلم العربي، فكان أن أرسل الرائد بيللي المقيم السامي في الخليج مساعده ميجور جرانت على سفينة صاحبة الجلالة (ماجياي) الى الدوحة، حيث وجد الأمر كذلك، وحاول بيللي من خلال مراسلة المقيم البريطاني في بغداد معرفة إذا كانت الحكومة التركية أمرت بإرسال أعلامها الى قطر.لكن الوالي العثماني أكد للمقيم البريطاني في بغداد ان عدم تدخل تركيا لا يشمل قطر لأنها حسب زعمه أصبحت تشكل قاعدة لحشود قبائل البدو التي أصبحت تضايق القوات العثمانية من الغرب.ثم جاءت قوة تركية قوامها مائة جندي مزودين بمدفع كبير على متن الباخرة التركية (آشور) لزيارة الدوحة ونزلت الى البر بين سخط الأهالي والشيوخ، ويبدو ان هذه الإجراءات أُتخذت بأمر الوالي مدحت باشا.وفي سنة 1873 سحبت تركيا قواتها النظامية التي في الدوحة وأبدلتها بثلاثين رجلاً من الشرطة. وباستثناء التدخل في شؤون قطر الداخلية، خاصة حكم مدينة الدوحة وضواحيها القريبة، لم يكن لوجود الموقع التركي فيها أي أثر، وظلت العلاقات القبلية في قطر كما كانت من قبل، وظل شيوخ آل ثاني هم أقوى العناصر في الحياة السياسية.ولكن مع مرور الوقت اتضح ان شيوخ آل ثاني باتوا ضائقين بالاحتلال التركي الذي كان ممثله (قاسم آغا) مصر على التدخل في كل صغيرة وكبيرة بالإضافة لما يحصل عليه من مبالغ مالية كبيرة من أموال أهل الدوحة. حيث تصل سنوياً المبالغ المدفوعة من أهل الدوحة الى 10000 غران الى الحكومة التركية.وفي مايو سنة 1879 جاء متصرف الإحساء الى الدوحة وقابل الشيخ جاسم بن محمد وأثنى عليه وأبدى رغبته بإقامة علاقات جيدة مع الشيخ جاسم.وفي سنة 1881 قام والي البصرة آنذاك نافذ باشا بزيارة للدوحة وألتقى الشيخ جاسم ومنحه وساما عثمانيا وأنشئ في الدوحة مخزن فحم، ثم نزلت سرية من جنود المشاة قوامها 250 جندياً عثمانياً في الدوحة، تلا ذلك محاولات من الأتراك لإحكام قبضتهم على الدوحة سنة 1889. حيث قام عاكف باشا متصرف الإحساء بزيارة الدوحة ومقابلة الشيخ جاسم بن محمد واقترح المتصرف إقامة إدارة تركية منظمة ودار للعوائد، لكن الشيخ جاسم رفض رفضاً قاطعاً مهدداً بقطع علاقاته مع العثمانيين، فقام المتصرف بإبلاغ والي البصرة بما دار بينه وبين الشيخ جاسم، فبادر والي البصرة لإقناع الشيخ جاسم بالاستمرار في التعاون بينه وبين السلطات العثمانية.وللحديث بقية.

8065

| 03 أبريل 2015

في عشق الديار

في عشق الديار والأوطان تتجلى صور شعرية تفيض بالحب والوفاء وتنبض بالشوق والحنين، فالبحر بموجه الصاخب ورماله الذهبية ونوارسه المحلقة فوق زرقته اللامتناهية، وطيور القطا المتهادية على ضفاف الجداول، وعذوق النخيل التي تواجه الريح البوارح والصحراء وهي تتوسل للمزن أن تجود عليها بماء السماء، كلها صور لديار عشقها المرء وتغزل بها شعراً ونثراً لتنطق هذه الصور بكلمات نابضة، فما أشبه نخلة عبدالرحمن الداخل الأندلسية اليتيمة التي أثارت حنينه وشوقه لدياره التي تركها خلفه، بنفسه وقد فارق الأهل والديار ليناجيها بقولهتبدَّت لنا وَسْطَ الرّصافةِ نخلةٌ تناءتْ بأرضِ الغَرب عن بلدِ النخْلِفقلت: شبيهي في التغرّبِ والنّوَى وطولِ اكتئابي عن بنيَّ وعن أهلِيْنشأتِ بأرضٍ أنتِ فيها غريبةٌ فمثلكِ في الإقصاء والمُنتأَى مِثليْسقتكِ غواديْ المُزْنِ في المنتأى الّذي يسحُّ ويَستمرِيْ السِّماكَينِ بالوَبْلِبينما يطلق أبوفراس الحمداني قصيدته الخالدة بعشق الديار والوطنبلاديْ وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ وأهلِي وإنْ ضنُّوا عليَّ كِرامُو يشتكي لأمه في منبج من الغربة ووحشة الأسر والشوق للديار والأهل وهو قابع في محبس الروم لا يجد وسيلة للعودة إلى وطنهمصابي جليل والعزاء جميلُ وظني بأنّ الله سوف يديلُجراح وأسر واشتياقٌ وغربةٌ أهمّكَ؟ أنّـي بعدها لحمولُوهذا أبو تمام يعلنها للعالم أن لا منزل كأرض الوطن الذي يبقى الإنسان ما حيا يحن إليه ويتغنى بهكمْ منزلٍ في الأرضِ يَأْلفهُ الفتَى وحنينهُ أبداً لأوّل مَنزلِوقد تذكر أحد الشعراء الأعراب بلاده فسالت دموعه شوقاً إليهاذكرتُ بلاديْ فاستهلَّتْ مَدَامِعي بشوقي إلى عَهْدِ الصِّبا المتقادِمِحَنَنْتُ إلى أرضٍ بها اخضرّ شارِبي وقُطِّع عني قَبل عقدِ التّمائمِويتذكر ابن الرومي مدينته وينشدها قائلاً:بلدٌ صحِبْتُ به الشبيبة والصِّبا ولَبِسْتُ ثوبَ العيشِ وهْوَ جديدُفإذا تمثَّلَ في الضميرِ رَأيتُهُ وعلَيهِ أغصانُ الشَّبابِ تميدوقد طلب الشاعر مرار بن هباش الطائي من صحبه قبل وفاته أن يحملوه إلى وطنه ويدفنوه في أرض طفولته وصباه وأنشد قائلاً:سقى الله أطلالاً بأخيلةِ الحِمَى و إنْ كنَّ قد أبدَيْنَ للناسِ ما بِيَامنازلُ لوْ مرّتْ بهنَّ جِنازتي لقال صدايَ: حامليَّ انْزِلا بِيَاوحتى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما أزف موعد مغادرته لمكة ألقى نظرة حزينة بأعين دامعة على موطن طفولته وصباه، وقال: والله لولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك أبدا.وكذلك الصحابة (رضي الله عنهم) بعدما هاجروا إلى المدينة ظلوا يتذكرون مكة وجبالهَا، وكان بلالٌ بن رباح (رضي الله عنه) عندما يشتد به الحنين إلى مكة ينشد قائلاً:ألا ليتَ شِعْري هل أبيتنّ ليلةً بوادٍ وحَوْلي إذْخرٌ وجَليلُوهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجنّةٍ وهل يبدوَن ليْ شَامَةٌ وطَفِيلُ

7040

| 27 مارس 2015

ورد الربيع

شهر مارس الذي يأذن بمقدمه بدخول فصل الربيع، بنسماته العليلة وأزهاره المتفتحة وبهجته التي يحملها للنفوس بعد طول انتظار، يحتفل العالم به بمناسبات عدة فيوم المرأة العالمي وعيد الأم وأعياد النيروز لدى الفرس والأكراد وشم النسيم لدى المصريين ويوم الماء العالمي الى يوم النوم العالمي الذي يحتفل به العالم في الخامس عشر من مارس وهو حدث سنوي تنظمه الرابطة العالمية للنوم، للتذكير بفوائد النوم وتنبيه الناس لمشاكل اضطرابات النوم على صحتهم وحياتهم.ومايزال المصريون حتى يومنا هذا يحتفلون بعيد شم النسيم (والذي يصادف الحادي والعشرين من مارس) حيث يخرج الناس في هذا اليوم الى الحدائق والمتنزهات ليتمتعوا بطقس الربيع الجميل، ويعود الاحتفال بهذا اليوم الى الفراعنة، وتحديداً الى خمسة آلاف عام مضت، وترجع تسمية (شم النسيم) إلى الكلمة القبطية القديمة (شوم انسم )، ويرمزهذا اليوم عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة وبداية الخلق. وقد كان المصريون القدماء يحتفلون في اليوم الذي يعرف بالانقلاب الربيعي حيث يتساوى الليل والنهار، حيث يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم ؛ ليشهدوا غروب الشمس حيث يظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجياً من قمة الهرم، لتخترق حينها أشعة الشمس قمة الهرم فتبدو واجهة الهرم أمام الناظرين كأنها انشطرت الى نصفين.وتحتفل الشعوب المجاورة لنا بمقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس أو ما يسمى (عيد النيروز) وهي احتفالات شعبية تعود الى الديانات القديمة (مثل الزرادشتية )، ويحيي الفرس هذا اليوم بالتنزه في الحدائق والأماكن السياحية وتحضير المأكولات الشعبية وتجهيز مائدة تحتوي على سبع أشياء تبدأ بحرف السين (هفت سين )، كما يحتفل الأكراد بهذا اليوم بارتداء الملابس الشعبية الملونة والتنزه في أحضان الطبيعة وتحضير الأطعمة التقليدية.وقد تغنى الشاعر الكبير صفي الدين الحلي بروعة الربيع قائلاً:ورد الربيع فمرحبا بوروده وبنور بهجته ونور ورودهوبحُسنِ مَنظَرِهِ وطيبِ نَسيمِهِ وأنيقِ ملبسهِ ووشي برودهِفصلٌ، إذا افتخرَ الزمانُ، فإنهُ إنسانُ مُقلَتِهِ، وبَيتُ قَصيدِهِيُغني المِزاجَ عن العِلاجِ نَسيمُهُ باللطفِ عندَ هبوبهِ وركودهِكما تغنى أمير الشعراء أحمد شوقي بالربيع مرحبا بمقدمه:مرحباً بالربيع في ريعانِهْ وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْرَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذا رَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِهنزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي فيه مَشيَ الأمير في بُستانه

6331

| 13 مارس 2015

طريق الحرير

طالما أثار هذا الطريق خيال الشعراء والأدباء والرسامين، فوضعوا القصائد وألفوا القصص ورسموا اللوحات عن أحداث ومغامرات جرت. فطريق الحرير المثير لم يكن مجرد طريق بري وبحري تسلكه القوافل والسفن وتنقل من خلاله السلع والبضائع، طريق امتد ليشمل قارات العالم القديم الثلاث، وإنما كان طريقاً لنقل الأفكار والمعتقدات والعادات والتراث والمهارات، وانتقال واختلاط الشعوب ببعضها، فقد عرف الغرب من خلاله البوذية كما تعرفت بواسطته شعوب آسيا على الإسلام وأعتنقته بعض منها، وانتقلت عبره النظم الاجتماعية التي لولاه لظلت مدفونة في حواضر آسيا. كما كان لطريق الحرير تأثير كبير على حضارات العالم القديمة كالحضارة المصرية والصينية والهندية وحتى الرومانية ومن بعدها الإسلامية ، وكان له الفضل في التمهيد لعصور الاختراعات والاكتشافات اللاحقة. فطريق الحرير الاسم الساحر المثير الذي أطلقه الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشتهوفن في القرن التاسع عشر على هذا الطريق التاريخي الطويل، الذي كان يمتد من المراكز التجارية في شمال الصين حتى مناطق آسيا الوسطى والأناضول وأنطاكية وإيران وأفغانستان مروراً ببلاد ما بين النهرين وتدمر ثم وصولاً الى مصر وشمال أفريقيا من جهة ومن جهة أخرى الى البلقان ومدينة البندقية وأجزاء أخرى من أوروبا. ومنذ اكتشف الصينيون صناعة الحرير قبل حوالي خمسة آلاف سنة وعرفوا في هذا الوقت المبكر فنوناً مبهرة في صنعه وتطريزه، هذه الصناعة الفريدة التي أدهشت العالم ولم يتسنَ لغير الصينيين اكتشاف أسرارها وخفاياها، والتي وصفها الشاعر الروماني (ويجير) بأنها أجمل من الزهور وأدق من نسج العنكبوت. فالحرير الذي سعى الكثير من الأباطرة والملوك والنبلاء والتجار لاقتنائه بكل الأثمان الممكنة حتى أنهم كانوا يقايضونه مقابل وزنه بالذهب و الأحجار الكريمة. وبالإضافة للحرير بدأ العالم يكتشف منتوجات الصين الرائعة مثل الخزف الصيني وصناعات أخرى كان لها دور بالغ في إحداث تغييرات كبرى في تاريخ البشرية مثل الورق ومن ثم البارود والشاي والبوصلة والطباعة. حيث انتقلت هذه البضائع والمهارات والفنون عبر طريق الحرير ضمن محطات كثيرة، ما لبثت هذه المحطات إن ازدهرت ازدهاراً كبيراً. كما تم تبادل المنتوجات الأوربية مثل الفراء والجلود، والجوز والفلفل الأسود مع حواضر الشرق الآسيوي، والمجوهرات والتوابل والعملات الذهبية والفضية والموسيقى والأطعمة والأزياء وزخارفها من دول غرب آسيا وآسيا الوسطى الإسلامية. فطريق الحرير مثل ما كان في القرون الغابرة طريقاً حيوياً عابراً للقارات لنقل البضائع والمخترعات والأفكار والأديان، ما يزال حتى يومنا هذا محفزاً للإبداع ومثيراً للخيال، فرواية الكاتب الإيطالي اليساندرو باريكو، والتي تحمل عنوان حرير وتدور أحداثها حول تاجر حرير فرنسي يذهب لليابان لتهريب دود القز ويستحضر بذاكرته مغامرات جرت في طريق الحرير، كذلك استوحى الشاعر التركي فرهاد حسين إبداعه من هذا الطريق الساحر، وكانت أحداث رواية الكاتبة رجاء عالم والمجموعة القصصية للكاتب يوسف ضمرة اللتين تحملان العنوان نفسه و تقتبسان أحداثهما من الطريق المثير، كما أبدع عدد لا يحصى من الرسامين الشرقيين والمستشرقين لوحات فنية موضوعها التجار وخدمهم وعبيدهم الذين ينقلون بضائعهم عبر هذا الطريق ومغامرات البعض منهم وقصص عشقهم لنساء فاتنات يعشن في المناطق التي تمر بها قوافلهم.

2113

| 27 فبراير 2015

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2793

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2472

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

1815

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1467

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1107

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

735

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

732

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الشعبوي.. كظاهرة صوتية

من الشيق استرجاع حدث سابق تم تحليل واقعه...

690

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
بعد آخر توقيع... تبدأ الحكاية

ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...

690

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية

في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل...

639

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
المقامة الكَوّارية عن الصمدة القطرية في مكتبة قطر الوطنية

الحمدُ للذي أنطقَ اللسان، وجعل للكلمةِ سُلطانا وللبيانِ...

582

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
عمرانٌ بلا روح: كيف نخسر هويتنا في سباق التنمية؟

نقف اليوم أمام صروحٍ زجاجية تناطح السحاب، ونمشي...

555

| 29 أكتوبر 2025

أخبار محلية