رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مفهوم الإبداع

الإبداع حالة عقلية بشرية تنحو نحو إبتكار شيء جديد يحدث تغييراً في حياة الناس ، والإبداع قد يكون أفكاراً جديدة تحدث تغييراً في المجتمع ، أو علم و إختراعات أو إكتشافات أو إبداع في مجال الأدب أو الإقتصاد أوالفلسفة أومختلف أنواع الفنون أو حتى في الرياضة. والإبداع مَلَكه لا تتوافر إلا لعدد قليل من الناس وربما لا تساعد الظروف المحيطة بأي منا على ظهور الإبداع للعلن وتحوله إلى حقيقة واقعة. فالإبداع لا يولد إلا من رحم الحرية والمبدع لا يمكن أن يبدع إذا كان مقيد الحرية سواء بالحاجة المادية أوالمصالح الشخصية أو السعي للمال والمناصب ، وفي هذا يقول المخرج العربي العالمي الكبير مصطفى العقاد الحاجة تقتل الحرية، فإذا كنت محتاجا فأنا لست حرا . فالإبداع يعني في جوهره التغيير و نقض المفاهيم السائدة ، لذا فالإبداع في أحد جوانبه قد يخلق حالة من التصادم مع المتعارف عليه والمسلم به في المجتمع. والإبداع لابد له من تضحية فكثير من المبدعين حاربهم المجتمع واتهمهم بالخروج عن المألوف ، فالأديب والفيلسوف أبو حيان التوحيدي صاحب العديد من الكتب الأدبية التي تعد من أمهات كتب الأدب العربي مثل كتاب ( البصائر والذخائر) وكتاب (الإمتاع والمؤانسة ) ، الذي أتهمه علماء عصره بالزندقة والإلحاد والخروج عن المتعارف عليه في أفكاره ومسلكه ووصل التضييق عليه حداً إنه في آخر عمره جمع كتبه وأحرقها فلم يسلم منها غير ما نقل قبل الإحراق ، وعندما لامه صحبه ومريدوه ومنهم القاضي أبو سهل بن محمد الذي أخذ يعذله على صنعه أجابه برسالة طويلة جاء فيها: (ما نال قلبك والتهب في صدرك من الخبر الذي نمى إليك فيما كان مني من إحراق كتبي النفيسة بالنار وغسلها بالماء، فعجبت من انزواء وجه العذر عنك في ذلك، كأنك لم تقرأ قوله جل وعز: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } القصص88، وكأنك لم تأبه لقوله تعالى: (كل من عليها فان). وكأنك لم تعلم أنه لا ثبات لشيء من الدنيا وإن كان شريف الجوهر كريم العنصر، ما دام مقلباً بيد الليل والنهار، معروضاً على أحداث الدهر وتعاود الأيام ). أما الفقيه الفيلسوف والطبيب والفلكي المسلم إبن رشد مثلاً والذي أثارت أفكاره ومؤلفاته التهم و العداء له فحرقت كتبه في عهد أحد ملوك الطوائف في الأندلس ( أبو يوسف يعقوب المنصور ) ولاقى هو الملاحقة والتنكيل ومن ثم النفي ، لكن ذلك لم يثنيه عن عزمه في إبداع فكر حر ، وقد قال عندما حضرته الوفاة ( تموت روحي بموت الفلسفة )، و كتب عنه المستشرق الإسباني البروفيسور ميغيل هرنانديز : إن الفيلسوف الأندلسي إبن رشد سبق عصره بل سبق العصور اللاحقة كافة وقدم للعلم مجموعة من الأفكار التي قامت عليها النهضة الحديثة. كما ووجه جان جاك روسو مثلاً صاحب ( العقد الإجتماعي ) الكتاب الذي أحدث تأثيراً هائلاً في أوربا وأستمدت الثورة الفرنسية أفكارها منه ، بالكثير من الحنق والغضب من الطبقة الحاكمة في فرنسا في القرن الثامن عشر. فهذا حال المبدعين ومن حسن حظ البشرية إنهم أوتوا من العناد قدرما أوتوا من الإبداع والعبقرية .

14700

| 07 نوفمبر 2014

الإسلام دين الرحمة

الإسلام الذي اشتق اسمه من السلام، دين الرحمة حيث كتب جل وعلا على نفسه (رحمتي وسعت كل شيء)، دين الحق الذي يؤمن به مايزيد على المليار ونصف المليار إنسان في أرجاء المعمورة، يمارسون طقوسه يومياً على اختلاف أعراقهم ومذاهبهم وعاداتهم، يستمدون منه الأمان الروحي والسلام الداخلي، ويطبقون مبادئه بفطرة سليمة تؤمن بأن الرحمة أساس الإيمان والعمل الصالح. آيات بينات كثيرة أكدت على أن الدين الإسلامي لا يأمر بالعدوان والاعتداء على الآمنين وإن خالفونا بالدين والمعتقدات، فقد قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). كما أكد القرآن الكريم بما لا لبس فيه أن النفس البشرية بالرغم من معتقداتها الدينية لها حرمة عظيمة لا يسمح بالمساس بها، فقد قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ). وقد أوجز الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسالته بقوله: "إنّما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق"، وبعد الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، أصدرالرسول الكريم وثيقة المدينة المنورة التي تعد دستوراً تاريخياً مكتوباً، تساوى فيها سكان المدينة على اختلاف أعراقهم وأنسابهم ودياناتهم، واجتمع فيها العربي وغير العربي والمسلم وغير المسلم، حيث أعلنت الوثيقة أن هؤلاء جميعًا أمة واحدة لها حقوق وعليها واجبات. ما يقوم به المتطرفون في أيامنا هذه من قتل ومجازر جماعية وتقطيع للرؤوس وسبي للنساء والأطفال واستباحة لأعراضهم، والاستيلاء على ممتلكات الناس وترويعهم وفرض الجزية عليهم بحجة إنهم غير مسلمين، في ممارسات تذكرنا بالقرون الوسطى المظلمة، كل هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية تمارس تحت شعار الإسلام وبتأييد حسبما يزعمون من نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، حتى بات الكثير من الناس في أنحاء العالم يربطون بين الإسلام وهذه التنظيمات الإجرامية، والأكيد ان الإسلام بريء منها كل البراءة. فما يحدث اليوم فتنة كبرى تثير الحقد والكراهية وتزرع الموت في هذه المنطقة الحساسة من العالم، في فترة هي الأكثر صعوبة وتعقيداً منذ غزو المغول والصليبيين للعالم الإسلامي. نحن أحوج ما يكون إلى استلهام الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تدعو للرحمة والإحسان، حتى نتعلم منها أنه لا سبيل للخروج من النفق المظلم الذي دخلت به شعوبنا العربية والإسلامية إلا بالتسامح والعفو والتصالح مع النفس ومع الآخر.

4188

| 31 أكتوبر 2014

الغضب

يقول المتنبي: غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله، أما الإمام الشافعي فقد قال: (من اُستغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضيَ ولم يرضَ فهو شيطان)، والغضب من أكثر الانفعالات تأثيراً على حياة الإنسان، وإذا كان الغضب انفعالاً تشترك به الحيوانات معنا، ويتسبب في فقدان قدرة الإنسان على ضبط نفسه وفقدانه لبوصله الإدراك السليم لحظته، إلا أن علماء النفس يعدونه انفعالاً له قيمة وظيفية، من أجل البقاء على قيد الحياة والاستمرار فيها، خاصة عندما تحدق المخاطر بالإنسان وتهدد وجوده.. وقد صنف علماء النفس الغضب الى ثلاثة أنواع؛ (الغضب السريع والمفاجئ) والذي اعتبروه ضرورياً للحفاظ على النفس، وهو مشترك بين البشر والحيوانات، والغضب الذي يدعى (المتأني والمتعمد) وهو رد فعل على تصور الضرر المتعمد أو المعاملة غير العادلة من قبل الآخرين، أما النوع الثالث من الغضب فمرتبط بالمميزات الشخصية أكثر من الغرائز أو الإدراك، كأن يكون الشخص غضوباً بطبعه. لكن الغضب عُد على الدوام صفة مذمومة لا تأتي لصاحبها إلا بالندم والقدح، وقد تحدث الفلاسفة اليونانيون القدماء مثل جالينوس وسينيكا عن الغضب واعتبروه نوعاً من الجنون، فالفيلسوف سينيكا عد الغضب بأنه (لا طائل منه حتى للحرب) وأن الجيش الروماني كان دائما قادراً على الفوز على الألمان، الذين كانوا معروفين بغضبهم، وقد أمعن في انتقاد الغضب، حتى إنه قال: (حتى في المسابقات الرياضية من الخطأ أن تغضب). لكن أرسطو اعتبر الغضب مفيداً أحياناُ لمنع الظلم واعتقد أن نقيض الغضب هو عدم الأحساس، ونقص الرجولة، أما الغضب في المسيحية فهو أحد الخطايا السبع المميتة، وقد وصف القديس باسيليوس الغضب بأنه جنون مؤقت يستحق الأنكار والذم. وفي الديانة الهندوسية اُعتبر الغضب بأنه يتساوى مع الحزن، بوصفه انفعال سلبي، أما في البوذية فيعرف على أنه (عدم القدرة على تحمل الشيء، أو نية إلحاق الضرر بالشيء). وفي الدين الحنيف يعد كظم الغضب من الفضائل التي ميز الله تعالى المؤمنين بها بقوله: (والكاظمين الغيظ)، وأوصانا بها الرسول الكريم حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب). وقد قالت العرب: (الغضب غَول الحلم)، أي: مهلكه، لأنه يغتاله ويذهب به، وكلُّ شيء أَهْلَكَ شيئًا فقد غَالَهُ؛ ويقال: أي غَول أغول من الغضب؟ وقد تحدث الفلاسفة والحكماء المسلمون طويلاً عن الغضب، حتى إن الإمام الغزالي اعتبر أن الغضب يأخذ شكل الثورة والسخط والانتقام، وبأن (قوى الروح تصبح متوازنة، إذا ظل الغضب تحت السيطرة). وقد صنف أبو حيان التوحيدي الغضب على ثلاث مراتب (تفريط، وإفراط، واعتدال) وأعتبر أن الأولين مذمومان، فكلا طرفي الأمور ذميم، والاعتدال في الغضب هو المرتبة المحمودة. وقد وصف أبو حيان التوحيدي كذلك الغضبان بقوله: إن الغضبان خارج الصورة عن الاعتدال، أما تراه جاحظ العينين، بادي العروق، دارَّ الأوداج، مضطرب الأوصال، مشوه البنية، مختلف الحركة، مكدود النفس، حار المزاج، مضطرم الحرارة، مدخول الروية، غامر الفكرة، ظاهر العجز، جاهلاً بقدر الحق. كما قال أبو حاتم البستي (صاحب كتاب تفسير القرآن): سرعة الغضب من شيم الحمقى، كما أن مجانبته من زي العقلاء؛ والغضب بِذر الندم، فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب. وقد قال بعض الحكماء: لكل شيء آفة، وآفة الغضب الغيظ، وقد قال أحد حكماء العرب: إياك وجرأة الغضب، فإنَّها تصيرك إلى ذل الاعتذار؛ وقال آخر: إن أطعت الغضب أضعت الأدب؛ وإذا جاء الغضب كان فيه العطب.. وقد أوصى أحد الْحُكَمَاءِ ابْنِهِ بقوله: (يَا بُنَيَّ، احْتَفِظْ مِنَ النَّزَقِ عِنْدَ سَوْرَةِ الْغَضَبِ؛ فَإِنَّكَ مَتَى افْتَتَحْتَ بَدْوَ غَضَبِكَ بِكَظْمٍ، خُتِمَتْ عَاقِبَتُهُ بِالْحِلْمِ؛ وَمَتَى افْتَتَحْتَهُ بِالْقَلَقِ وَالضَّجَرِ، خَتَمْتَهُ بِالسَّفَهِ؛ وَإِذَا حَاجَجْتَ فَلا تَغْضَبْ؛ فَإِنَّ الْغَضَبَ يَقْطَعُ الْحُجَّةَ، وَيُظْهِرُ عَلَيْكَ الْخَصْمَ).

5439

| 24 أكتوبر 2014

اللاجئون الأطفال

أتيح لي أن أحضر في الشارقة مؤتمر (الاستثمار في المستقبل) الذي تمحور حول الأطفال اللاجئين من ضحايا الحروب والصراعات التي تفجرت في عدد من الدول العربية في الفترات الأخيرة. والأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف في كل الصراعات حتى العائلية منها، تصبح تجربة اللجوء والتشرد التي أعقبت غالباً التعرض للترويع والخوف والعنف، تجربة مخيفة لا يحتملها بشر، وكما يقول المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس: (الصراع والنزوح تجربتان مريرتان بالنسبة إلى أيّ شخص ولكن مخاطرهما تكون أشد وقعاً على أولئك الذين لا يمكنهم حماية أنفسهم؛ أي الأطفال، والذين باتوا يشكّلون نصف لاجئي العالم؛ وهو المعدّل الأعلى منذ أكثر من عشر سنوات. ومع كل دقيقة، يضطر طفل آخر، هنا في هذه المنطقة، إلى الفرار من وطنه).اللاجئون الأطفال فقدوا حياتهم الطبيعية التي كانوا يعيشونها يوماً، بل إن بعضهم فقد أحد والديه أو كليهما وبات بدون معيل أو سند أو مصدر رزق في وحشة الغربة ومرارة اللجوء، وكثيرون منهم تعرضوا لانتهاكات جسدية وأضرار نفسية لا يمكن محوها من ذاكرتهم، فنحن أمام جيل كامل ضاعت حياته واستلبت طفولته.وكما تحدثت عنهم الملكة رانيا: (حياة صفعتها المآسي؛ وحولت ملاعبهم إلى ساحات تنتهك فيها آدميتهم.. صدمتهم الحياة بقسوتها وإجحافها في حقهم. أثقلت أعوامهم الصغيرة بهموم وتراكمات تركت ندوباً جسدية ونفسية لن تمحى يوماً).معاناة اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين وغيرهم من اللاجئين على امتداد وطننا العربي الكبير، لايمكن اختزالها بمؤتمر تحضره شخصيات كبيرة ويعقد في قاعة فخمة، ولا بالكلمات المنمقة للمتحدثين ولا بالأفلام المؤثرة التي عُرضت على هامش المؤتمر وجعلت الدموع تترقرق في مآقي الرجال والنساء، القضية تتطلب حلاً عاجلاً وليس مجرد نوايا حسنة ومساعدات سخية تُقدم لللاجئين، فهولاء يحتاجون للعودة الى ديارهم وبيوتهم ومدارسهم وإلى عوالمهم السابقة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياتهم التي تمزقت على غفلة منهم.الحل يكمن في الإرادة الدولية والعربية لإنهاء الصراعات الدامية أسوة بمناطق أخرى شهدت صراعات وحروبا أهلية مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو وغيرها..وكما يقول نيلسون مانديلا:لا يوجد تعبير صادق يعبر عن روح المجتمع أكثر من طريقة معاملته للأطفال.

618

| 17 أكتوبر 2014

الحج وأدب الرحلات

يجتمع الناس في الحج قادمين من كل فج عميق، متحملين المشاق والصعاب قاطعين الصحراء القاحلة لا أنيس لهم في وحشتهم سوى إيمانهم العظيم، حاملين أدرانهم طمعاً بعفو الرحمن الرحيم. الحج، المحشر الأصغر الذي يُحشر الناس فيه بكلمة إلهية، فما أشبههم وهم بملابس الإحرام وقد ملأوا البقاع المقدسة بالخارجين من الأجداث بأكفانهم ينتظرون عرض صفائحهم أمام العلي القدير. ورحلة الحج طالما كانت وماتزال معينٌا لا ينضب للأعمال الفنية من لوحات أبدعتها أنامل الرساميين، وأشعار جادت بها قرائح الشعراء، وقصص تدور حول معاناة العابر للديار المقدسة وشوقه للطواف حول الكعبة وزيارة قبر الرسول الكريم، ومن الفنون الأدبية التي أبدع مؤلفوها في تناول الحج أدب الرحلات، هذا النوع من الأدب الذي برع به العرب كل البراعة. وقد بدأ أدب رحلة الحج منذ ألف عام، حين دون الرحالة ناصر خسرو شاه عام 442 هجرية، وصفاً لرحلة الحج التي قام بها واستهلها بوصفه لمدينة جدة حيث قال: (جدة مدينة كبيرة لها سور حصين، تقع على شاطئ البحر، وبها خمسة آلاف رجل، هي شمال البحر الأحمر، وفيها أسواق جميلة، وقبلة مسجدها الجامع ناحية المشرق). ثم أخذ في وصف مكة المكرمة قائلا: (تقع مكة بين جبال عالية، ولا ترى من بعيد، من أي جانب يقصدها السائر، وأقرب جبل منها هو جبل أبي قبيس، وهو مستدير كالقبة، لو رمي سهم من أسفله لبلغ قمته). أما ابن جبير الأندلسي فقد حج عام 578 هجرية متوجها من غرناطة إلى جدة، وكتب عن رحلته وحجه إلى بيت الله، واصفاً مشاهد كثيرة، فقال: (في مساء يوم الثلاثاء الحادي عشر من ربيع الأول 578هـ، تركنا جدة متوجهين إلى مكة، ودخلنا من باب العمرة، فقضينا نسكنا، وسكنا بدار في جوار الحرم مشرفة على الحرم والكعبة). وبعد أن يفيض في وصفه كسوة الكعبة يصف مقام إبراهيم، حيث قال: (هو حجر مغشى بالفضة، وارتفاعه مقدار ثلاثة أشبار، وسعته مقدار شبرين، وأعلاه أوسع من أسفله، عايناه، وتبركنا بلمسه وتقبيله). وجاء في حديث ابن بطوطة عن رحلته إلى الحج عام 726هـ (في اليوم السابع والعشرين من شهر ذي القعدة ُتشمر أستار الكعبة، إلى نحو ارتفاع قامة ونصف من جهاتها الأربع صونا لها من الأيدي أن تنتهبها، ويسمون ذلك إحرام الكعبة، وهو يوم مشهود بالحرم الشريف، ولا تفتح الكعبة المقدسة من ذلك اليوم حتى تنتهي الوقفة بعرفة). وزاد ابن بطوطة بالوصف قائلا: (لعرفة ثلاثة أسماء، وهي: عرفة وجمع والمشعر الحرام، وعرفات بسيط من الأرض فسيح تحدق به جبال كثيرة، وفي آخر بسيط عرفات جبل الرحمة، وفيه الموقف وفيما حوله). أما الرحالة الياباني (تاكيشي سوزوكي) والذي أسلم وأطلق على نفسه اسم محمد صالح وتوجه للحج في الثلاثينيات من القرن العشرين، فقد وضع كتاباً وبدأه بمقدمة عن الإسلام ومبادئه، ثم بمقدمة أخرى عن الرحلة الى بلاد الحرمين والظروف التي دفعته إلى القيام برحلته، وركز على الأمور الجغرافية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعمرانية، ووصف الطرق والعمران، والمرافق والظواهر المناخية، ووجه عناية خاصة للأمور الاجتماعية، فتحدث عن البشر، وفئات المجتمع وطبقاته، ووضع الرجال والنساء في المجتمع المكي خاصة والحجازي بشكل عام.

803

| 10 أكتوبر 2014

هاتان اليدان

يأتي الإنسان إلى الحياة قابضاً كفي يديه بشدة، مقاوماً أي محاولة لبسطهما، وما إن يفارق هذه الحياة حتى يبسط هاتين الكفين معلناً عزوفه النهائي عن كل ما في هذه الدنيا. وبين قدومه إلى هذا العالم ومفارقته له رحلة قد تطول أو تقصر، لكنها رحلة ملأى بالأحداث والأحزان والمسرات. يد الإنسان معجزة إلهية، لها الفضل في تطوره الحضاري العظيم بعد العقل، وكانت وسيلته وأداته للابتكار ولإبداع أدق وأجمل المنتجات، وبالإضافة إلى دور اليدين الفعلي المعروف، فإن لحركات اليد والأصابع معاني ورموزاً آمن بها البشر منذ فجر التاريخ، وبعض هذه الحركات أصبحت جزءًا من الثقافة العالمية مثل المصافحة باليد، والتي تطورت من عرض الإنسان القديم ليده وهي خالية من السلاح، وذلك لإثبات نواياه الحسنة، والتصفيق بالكفين، والذي هو تعبير عن الاستحسان والفرح، أما العد بأصابع اليدين فاستخدمهما الإنسان القديم حتى اعتبر ما يزيد عن عدد أصابع اليدين (كثير جداً)، كما هو الحال لدى بعض قبائل الهنود الحمر، وذلك حتى عهد قريب من يومنا هذا. وبعض حركات الأصابع انتشرت عالمياً واستخدمتها شعوب كثيرة وكانت رمزاَ لحركات التحرر مثل رفع السبابة والوسطى (حرف في) رمز النصر والتحرر. ولدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث ومنها الإسلام تأخذ اليد رمزية كبيرة، حيث تؤدي الكثير من الطقوس بحركات اليد، فالمسيحيون عندما يصلون يضمون اليدين وهما مطبقتان بشكل طولي إلى الصدر في حركة خشوع وتأمل، بينما يرفع المسلمون كفي اليد عند تكبيرة الإحرام وبدء الصلاة، كما يعد رفع السبابة اليمنى عند التشهد إحدى حركات الأصابع ذات الرمزية الدينية. وفي الحضارات القديمة تعد اليد من أكثر أعضاء الجسم استخداماً بعد العين كرمز في الأعمال الفنية، وهي من أقدم الرموز التي ارتبطت بالحضارات الإنسانية، وتأتي حركة رفع اليدين في الأعمال الفنية كدلالة على الصلاة، وأكثر الحركات ظهوراً ودلالة هي حركة التحية ومنح البركة ومنح الحياة وحركة السلطة والقوة وحركة الحرب والنصر، وتأتي حركة اليد في أحد النقوش الصخرية في صعدة اليمنية، والذي يظهر فيه رجل في مشهد الصيد وسط مجموعة من الطرائد الكبيرة، وقد استعد لإطلاق سهمه، وقد وقفت خلفه امرأة تمارس طقساً سحرياً لإمداد الرجل بالقوة والتأثير على الحيوان وقد رفعت المرأة يدها إلى الأعلى لتستمد القوة من السماء وتمنحها للرجل ليتغلب على طرائده . وفي وادي الرافدين نجد رسماً على الفخار في وسطه نساء يمارسن نشاطاً سحرياً برفع يديهن للأعلى، كما رسم الإنسان القديم اليد في الكهوف كتعويذة سحرية تحميه من الشر. وعند الأشوريون يظهر الملوك رافعين أيديهم اليمنى نحو شجرة الحياة، وكان قدماء المصريين يستخدمون رمزاً هو اليد العظيمة بعدة أغراض كان أحدها صد القوة الشريرة، ونجد أن معظم التمائم المصرية القديمة تظهر على هيئة يد تتوسطها عين واستخدمت الشعوب المجاورة لمصر هذه التميمة أيضاً، وكذلك استخدم المصريون القدماء تعويذة عبارة عن إصبعين تمثل السبابة والوسطى وتصنع من البازلت الأسود وترفق بالميت الذي مات مريضاً لتساعده ليرتقي مركب (رع) للحياة الأخرى.

2338

| 03 أكتوبر 2014

تلك اليدان

يأتي الإنسان إلى الحياة قابضاً كفي يديه بشدة، مقاوماً أي محاولة لبسطهما، وما إن يفارق هذه الحياة حتى يبسط هاذين الكفين معلناً عزوفه النهائي عن كل ما في هذه الدنيا. وبين قدومه إلى هذا العالم ومفارقته له رحلة قد تطول أو تقصر، لكنها رحلة ملأى بالأحداث والأحزان والمسرات. يد الإنسان معجزة إلهية، لها الفضل في تطوره الحضاري العظيم بعد العقل، وكانت وسيلته وأداته للابتكار ولإبداع أدق وأجمل المنتجات، وبالإضافة إلى دور اليدين الفعلي المعروف، فإن لحركات اليد والأصابع معاني ورموزاً آمن بها البشر منذ فجر التاريخ، وبعض هذه الحركات أصبحت جزءًا من الثقافة العالمية مثل المصافحة باليد، والتي تطورت من عرض الإنسان القديم ليده وهي خالية من السلاح، وذلك لإثبات نواياه الحسنة، والتصفيق بالكفين، والذي هو تعبير عن الاستحسان والفرح، أما العد بأصابع اليدين فاستخدمهما الإنسان القديم حتى اعتبر ما يزيد عن عدد أصابع اليدين (كثير جداً)، كما هو الحال لدى بعض قبائل الهنود الحمر، وذلك حتى عهد قريب من يومنا هذا. و بعض حركات الأصابع انتشرت عالمياً واستخدمتها شعوب كثيرة وكانت رمزاَ لحركات التحرر مثل رفع السبابة والوسطى (حرف في) رمز النصر والتحرر. ولدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث ومنها الإسلام تأخذ اليد رمزية كبيرة، حيث تؤدي الكثير من الطقوس بحركات اليد، فالمسيحيون عندما يصلون يضمون اليدين وهما مطبقتان بشكل طولي إلى الصدر في حركة خشوع وتأمل، بينما يرفع المسلمون كفي اليد عند تكبيرة الإحرام وبدء الصلاة، كما يعد رفع السبابة اليمنى عند التشهد إحدى حركات الأصابع ذات الرمزية الدينية. وفي الحضارات القديمة تعد اليد من أكثر أعضاء الجسم استخداماً بعد العين كرمز في الأعمال الفنية، وهي من أقدم الرموز التي ارتبطت بالحضارات الإنسانية، وتأتي حركة رفع اليدين في الأعمال الفنية كدلالة على الصلاة، وأكثر الحركات ظهوراً ودلالة هي حركة التحية ومنح البركة ومنح الحياة وحركة السلطة والقوة وحركة الحرب والنصر، وتأتي حركة اليد في أحد النقوش الصخرية في صعدة اليمنية، والذي يظهر فيه رجل في مشهد الصيد وسط مجموعة من الطرائد الكبيرة، وقد استعد لإطلاق سهمه، وقد وقفت خلفه امرأة تمارس طقساً سحرياً لإمداد الرجل بالقوة والتأثير على الحيوان وقد رفعت المرأة يدها إلى الأعلى لتستمد القوة من السماء وتمنحها للرجل ليتغلب على طرائده . وفي وادي الرافدين نجد رسماً على الفخار في وسطه نساء يمارسن نشاطاً سحرياً برفع يديهن للأعلى، كما رسم الإنسان القديم اليد في الكهوف كتعويذة سحرية تحميه من الشر. وعند الأشوريون يظهر الملوك رافعين أيديهم اليمنى نحو شجرة الحياة، وكان قدماء المصريين يستخدمون رمزاً هو اليد العظيمة بعدة أغراض كان أحدها صد القوة الشريرة، ونجد أن معظم التمائم المصرية القديمة تظهر على هيئة يد تتوسطها عين واستخدمت الشعوب المجاورة لمصر هذه التميمة أيضاً، وكذلك استخدم المصريون القدماء تعويذة عبارة عن إصبعين تمثل السبابة والوسطى وتصنع من البازلت الأسود وترفق بالميت الذي مات مريضاً لتساعده ليرتقي مركب (رع) للحياة الأخرى.

1350

| 25 سبتمبر 2014

نجوم العلوم

البرامج التلفزيونية التي اقتحمت حياتنا وسيطرت على عقول أطفالنا ومراهقينا وشبابنا وحتى الكثير من الكبار بيننا، والتي تعرضها القنوات العربية المختلفة وتخصص لها الميزانيات الهائلة وتدور كلها حول صنع وإطلاق مغني أو مغنية أو مايسمى نجم ونجمة، مثل هذه البرامج الكثير، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "أراب غوت تيلينت وأراب أيدول وسوبر ستار وستار أكاديمي ونجم الخليج ونجم الغناء" وغيرها، وذلك في حالة محمومة من القائمين على هذه البرامج لتكريس الهدف الأعلى والأسمى للشباب والأطفال من الجنسين وهو أن يصبحوا مغنيين (مغنيون ولا شيء آخر) فالمغني هنا نجم يتمتع بالمجد يستقبله استقبال الأبطال عشرات الألوف من المعجبين عندما يفوز ويعود إلى وطنه وتفتح أمامه بسرعة قياسية أبواب الشهرة والثراء.وهذه البرامج التي تنتجها وتعرضها محطات حكومية وخاصة (ومنها خليجية بالطبع) يفترض بالقائمين عليها أن يعملوا ضمن أهداف مجتمعية عليا لا أن تعمل ضمن أجندات عشوائية هدفها الربح المادي فقط.وإذا كان الغناء قمة الطموح وقمة المجد بالنسبة إلى أي شاب أو فتاة، ومن خلاله تفتح أبواب الثراء والشهرة وعشق وهوس الجماهير، فماذا يبقى للأمور الأخرى مثل البحث العلمي والاختراعات والتصنيع والأفكار المبدعة الخلاقة والفلسفة والإنتاج الأدبي؟ أم أننا أمة وصلت إلى أقصى درجات التقدم العلمي وإلى أعلى مراحل التصنيع بين الدول المتقدمة وسبقنا بقية الأمم بحيث أننا لو تركنا الاهتمام بالعلم واهتممنا فقط بالغناء لما خسرنا في سباق العلم مع الأمم الأخرى؟؟؟!! بالطبع نحن لسنا كذلك فنحن في أسفل قائمة دول العالم في البحث العلمي والتصنيع والاختراعات، فالأرقام التي أوردتها منظمة اليونسكو لسنة 2010 تقول إن الإنفاق على البحث العلمي في كل الدول العربية يكاد لايصل إلى نسبة 1 % من الدخل القومي في أحسن الأحوال ومعظم الدول العربية تتدنى هذه النسبة لديها إلى مادون 0.40 % ومنها الدولة العربية الكبرى مصر، وتكاد قطر (كما أورد تقرير اليونسكو) تكون الدولة العربية الوحيدة التي لديها خطة طموحة لزيادة الإنفاق على البحث العلمي في غضون خمس سنوات.أما بالنسبة لعدد الباحثين بالنسبة للسكان كما أورد تقرير اليونسكو فهو لا يتجاوز 136 باحثا لكل مليون من السكان بينما في إسرائيل يصل عدد الباحثين العلميين إلى 1395 لكل مليون من السكان (وفات التقرير مع الأسف أن يذكر لنا نسبة المغنيين العرب بالنسبة لعدد السكان).أما عدد العلماء العرب الحائزين على جائزة نوبل في أحد فروع العلم المختلفة من مجموع العلماء والباحثين في المجالات العلمية، فهو عالم واحد فقط هو الدكتور أحمد زويل الذي أجرى أبحاثه في الجامعات الأمريكية ومنها معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) الذي يُدرّس به الدكتور زويل وقدمه هذا المعهد كمرشح أمريكي لجائزة نوبل.البرنامج الوحيد الذي رأيته وأثلج صدري وتمنيت لو ينفذ في بقية المحطات التلفزيونية العربية وخاصة الحكومية منها هو برنامج نجم العلوم الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية بين مختلف الفئات العمرية، حيث أخيراً أصبح للعلوم نجم وليس للغناء والتمثيل والرقص فقط.

986

| 19 سبتمبر 2014

الثقافة.. المصطلح الأكثر تعقيداً

لاشك ان صفة (مثقف) باتت اليوم من أكثر الصفات تداولاً وانتشاراً بين الناس، فلا يكاد يمر يوم دون أن يستخدم أحدنا كلمة مثقف، بالرغم من أننا كثيراً ما نخلط بين المتعلّم وبين المثقف.فماهية (الثقافة) كانت ولا تزال تثير جدلا وإشكالاً لدى الباحثين والمفكرين، كما لدى عدد من الاتجاهات الفكرية، وقد تكون تلك الإشكالية وراء صعوبة تحديد ذلك المصطلح ووراء صعوبة الاتفاق بشأنه.وقد أشتق مصطلح (ثقافة (Culture من الكلمة اللاتينية CULTER) التي تعني حراثة الأرض والتربة، وعلاقة الحراثة والأرض بالثقافة يوضحها (إدوارد برنت تايلور) الأب الروحي لعلم الإنسان (الأنثروبولوجي) وعرّاب مدرسة الفولكلوريين الإنثربولوجيين، عندما أعاد الثقافة إلى الفأس والقوس والرمح وإشعال النار وصناعة الحراب وما إلى ذلك، ثم يضيف تايلور: إنها ذلك الكل المركّب الذي يشتمل على المعرفة والأخلاق والفن والقانون والعادات وغيرها من القدرات التي اكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع.وقد أيّده في نظريته هذه عدد من علماء الإنثربولوجيا وعلى رأسهم (جيرارد أودونيل) الذي ذهب إلى أن الثقافة هي نمط الحياة أو أسلوبها الذي تؤسسه أية جماعة بشرية، وغالباً ما يكون هذا النمط مقبولاً بصورة عامة بين الأفراد، كآداب السلوك والمعتقدات والأزياء وما إلى ذلك مما يشكل هوية هؤلاء.لكن (ل.هوايت) نبّه إلى أن الثقافة بشكل عام تعني السلوك الإنساني، وذلك من خلال نظريته الرمزية، فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي ابتكر جهازاً رمزياً جعله لا يكتفي بما يأخذه من الطبيعة الخام وإنما يعيد تمرير ذلك الخام على جهازه الرمزي.ونظراً لتعدد التعريفات المعنية بالثقافة والتي يقول إدوارد برنت تايلور أنها تجاوزت المئتي تعريف، جاء (إعلان مكسيكو) ليؤطر لتلك التعريفات ويحددها، فالثقافة بمعناها الواسع هي كل السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز كل مجتمع عن الآخر، أو فئة اجتماعية عن الأخرى، وهي تشمل أيضاً الفنون والآداب وطرق وأسلوب الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات.وإذا بحثنا عن معنى هذه الكلمة في المعاجم اللغوية العربية نجد أنها تجمع على أن مصدر كلمة (مثقف) من الفعل الثلاثي ثقف، فثقف الشيء ثقافة أي حذق به فأصبح ماهراً، وتثقيف الرماح بمعنى إقامتها وصقلها، وكل مثقف معتدل، وروى الأزهري عن الليث بن المظفر فقال، المعتدلة من النوق الحسنة المثقفة الأعضاء بعضها ببعض، وقيل ثقّفت القناة إذا أقمت عوجاً فيها، بينما يحدد العلاّمة (عبدالرحمن بن خلدون) الثقافة بأنها (الدراية الجيدة بكل ما يتعلق بمجال من المجالات فكراً وممارسة).ومما سبق نستخلص أن الثقافة مفهوم واسع يمكن اختصاره على هذا النحو: هي كل السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميّز كل مجتمع على حدة، أو كل جماعة بعينها، وهي تشمل بشكل عام الفنون والآداب وطرق وأسلوب الحياة.وبحسب إعلان مكسيكو، إن الثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته، وهي التي تجعل منه كائنا يتميز بالإنسانية التي تؤكد ذاتها في العقل والالتزام الأخلاقي، فعن طريقها نهتدي للقيم العليا، ومن خلالها نمارس اختياراتنا، فهي المرآة الوحيدة التي تكشف الإنسان أمام ذاته.بمعنى أن الإنسان هو الكائن الوحيد على الأرض القادر على صنع ثقافته، والحفاظ عليها، وهذا ما يجعل الثقافة أحد أهم الملامح الإنسانية.إذا كان تعريف الثقافة على هذا النحو، فمن هو المثقف إذاً، ومتى يستحق إطلاق تلك الصفة عليه؟من المؤكد أن تحديد صفة مثقف تلاقي ذات الصعوبة، لذا يؤكد البعض من الباحثين أن المثقف هو الذي يمكنه تغيير المجتمع بفكره، أو الذي يمكنه العمل لصالح عدد من القطاعات المتعددة في المجتمع، أو المتميز بموهبة النقد العلمي والاجتماعي بغرض التقويم والإصلاح.

1116

| 12 سبتمبر 2014

قطر حاضر مشرق وتاريخ عريق

قطر حاضر مشرق وتاريخ عريق موغل في القدم ،عمره من عمر أولى الحضارات الإنسانية، وشهدت على ذلك الحفريات والإكتشافات الأثرية و رؤوس الرماح ومجموعة الفخاريات ذات الصنع المتقن التي تم العثورعليها في عدة مناطق من قطر ، وترجع لحقبات زمنية ضاربة في عمق التاريخ تعود الى أكثر من ستة آلاف سنة ، وهي الفترة التي كانت تسود بها حضارة العبيد في جنوب العراق وأجزاء من منطقة الخليج العربي ، حيث تعد هذه الحضارة أولى الحضارات الإنسانية ، التي تمثل تاريخياً تأسيس وإنشاء أولى المستوطنات والتجمعات البشرية الكبرى ، حيث اعتمد الإنسان خلالها على الزراعة المنظمة والمكثفة ، وطور أثناءها شبكة لقنوات الري ، وتوصل الى تنظيمات إجتماعية معقدة في العمل وفي العلاقات الإنسانية وتكوين القيادة والزعامة للمجتمع ، وكذلك التنسيق بين أفراده لهدف معين وهو أداء الواجبات المنوطة بهم . كما عرف إنسان هذه الحضارة كيف يحول طين الأرض بعد عجنه وتشكيله وشويه بالنار الى منتجات من الفخار كانت بمثابة ثورة كبرى في تاريخ البشرية خاصة بعدما رافقها إختراع دولاب الفخار البطيء ثم السريع . فصناعة الفخار كانت تعني توفير سلسلة من الأدوات الضرورية لإنسان بدأ يتحول نحو المدنية والحضارة بعد أن ترك خلفه مرحلة الزراعة البسيطة غير المعتمدة على الأدوات الزراعية و أساليب الري وتنظيم العمل.وفي نفس الفترة تعلم الإنسان كيف يستغل المعادن ويطوعها ويصنع منها منتجات مهدت لقيام ثورة بشرية أخرى ، فالأدوات الزراعية مثل الفأس والمنجل والمسحاة ساهمت صناعتها بشكل عظيم في تغيير أسلوب الزراعة و زيادة الإنتاجية وتعزيز سيطرة الإنسان على الطبيعة. هذا التطور الثقافي والإجتماعي والتكنولوجي صاحبه نمو غير مسبوق في العلاقات التجارية مع تجمعات بشرية أخرى تسكن مناطق من الخليج مثل قطر ودلمون (البحرين) حتى عمان.ولاشك إن هذه العلاقات التي إرتبطت بها قطر مع حضارة العبيد تعني وجود تجمعات سكانية كبيرة تتمتع بمستوى جيد من التنظيم والتطور، فالعلاقات التجارية تعني تبادل للسلع والمواد الخام مما يعني ان قطر التي كانت تستقبل المنتجات كانت تصدر منتجات أخرى ايضاً.وقد إكتشفت البعثات الأجنبية المتتالية التي نقبت في أرض قطر أدوات نحاسية وحديدية و برونزية متنوعة تدل على علاقات سكان قطر التجارية مع الحضارات البشرية المتتالية مثل السومرية والبابلية والاشورية وصولاً لحضارات الإغريق والروم . وقد وصف المؤرخ الإغريقي الكبير هيرودوتس (الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد) أهل قطر بقوله (ان أهل قطر برعوا بفنون الملاحة) ، كما أشار الجغرافي والفلكي الإغريقي بلطيموس الملقب بالحكيم في خريطته المسماة بلاد العرب الى قطر التي كانت من المناطق الملاحية الهامة في ذلك الوقت. وإزدادت بمرور الحقب والأزمان أهمية قطر ، فبعد ان دخل أهل قطر الإسلام ، بعد أن أوفد الرسول (صلى الله عليه وسلم) اليهم العلاء بن الحضرمي ، شارك رجال قطر في الفتوحات الإسلامية ، وساهموا بخبراتهم في بناء السفن في تأسيس أول أسطول بحري لنقل الجيوش الإسلامية ، وساعدت خبراتهم في قهر البحار في إدارة وقيادة الأسطول الإسلامي ليبلغ البحر الأبيض المتوسط ، حيث نجح المسلمون بفتح الجزر الواقعة في مياهه مثل قبرص وصقلية و ذلك في فترات مبكرة من زمن الخلافة الإسلامية.

1135

| 05 سبتمبر 2014

نعيب زماننا والعيب فينا

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا ينتقد الإمام الشافعي (رحمه الله) أهل زمانه وهم يعيبون زمانهم بينما يكمن العيب بهم، والزمان الذي يتحدث عنه الإمام الشافعي هو زمان حكم الخلفاء هارون الرشيد والمأمون والمعتصم العباسيين والذي يعده المؤرخون من العصور الذهبية للخلافة الإسلامية، ولعل أسوأ ما اتسم به ذلك العصر ما سمي بفتنة خلق القرآن الكريم التي أتى بها المعتزلة وتبناها الخليفتان المأمون والمعتصم من بعده وتصدى لها كبار فقهاء وعلماء أهل السنة والجماعة ومنهم الإمامان أحمد بن حنبل والشافعي (رحمها الله)، أما زماننا هذا والذي يعد زمن الفتن الكبرى والكراهية وتكفير الآخرين والاحتقان الطائفي بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد، زمان نسي فيه العرب والمسلمون عدوهم المعروف واجتمعوا على عداء بعضهم بعضا من أبناء جلدتهم ودينهم، زمان أتى علينا كما وصفه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ) . وبينما نستخدم في زمننا هذا أحدث ما توصلت إليه الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات نصر على العيش بالماضي السحيق ونتعامل مع الآخرين شركائنا في الوطن والدين بناء على أحداث مضت وأفل زمنها، بدلاً من أن نتطلع جميعاً للمستقبل وتكون أوطاننا العربية والإسلامية سفن النجاة التي تحمينا وتنقلنا إلى بر الأمان، وفي هذا يروي عالم الاجتماع العراقي علي الوردي حادثة له عندما كان طالب دكتوراه في أمريكا إذ يقول (نشب نقاش عنيف بين عدد من الرجال المسلمين حول أحقية الخلافة بين علي وعمر وحينما اشتد الخلاف وبان الغضب على وجوه المتناقشين سأل الأمريكي الذي كان بصحبتي عما إذا كان هؤلاء الأشخاص يتحدثون عن المتنافسين حاليا على الرئاسة في إحدى الدول العربية، فأجاب علي الوردي بأن علي وعمر عاشا في الحجاز قبل أكثر من 1300 سنة فما كان من الأمريكي إلا أن ضحك حتى سقط على الأرض من الضحك وضحك معه علي الوردي، ثم عقب الوردي على الموقف بقوله (إن شر البلية ما يضحك) . زماننا هذا زمان الأفكار المتطرفة التي انتشرت بين الكثير من الشباب المسلمين، والتي تبنتها التنظيمات المسلحة ذات الأجندات الشيطانية ووجدت ضالتها في هؤلاء الشباب الذين فقدوا بوصلة النجاة فما استقرت نفوسهم في مراسي الأمان، فتحكمت بعقولهم وأجسادهم بما يعيث الفساد في الأرض ويهلك الحرث والنسل، كل هذا يعكس الإفلاس الفكري والخواء النفسي وغياب القدوة والمثل الصالح أمام هؤلاء الشباب . ما أحوجنا في زماننا هذا إلى عقول المفكرين المصلحين مثل الذين جاد بهم الزمان في فترات أكثر حلكة وتردي في تاريخنا العربي والإسلامي، وكان لها دور عظيم في الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي لمجتمعاتنا .

13664

| 29 أغسطس 2014

الخواتم.. أسرار وخفايا

الخاتم الذي نزين به أصابعنا ونتباهى تارة بجمال ودقة صنعه وتارة بغلاء ثمنه ، لم يكن يوماً مجرد حلية نحلي بها كف يدنا ، بل حمل - منذ نجح الإنسان في اكتشاف المعادن واستغلالها وبدأ يتعلم صنع منتجاته وأدواته - معاني ورموزا كثيرة. فالخاتم الذي هو عبارة عن حلقة دائرية الشكل مصنوعة من المعدن أو أي مادة أخرى وتوضع في احدى أصابع اليدين، وقد يرصع الخاتم بالأحجار والفصوص والجواهر أو تصاغ من نفس مادة المعدن أشكالا بارزة أو تضاف له نقوش وزخارف معينة. فبعض الأحجار والمعادن تعد رمزاً عظيماً حيث أعطى الإنسان القديم لكل حجر ومعدن رمزية وقدرات كبيرة تصل لدرجة التقديس ونسج الأساطير حولها، وقد يعود ذلك الى طبيعة تكوّن الأحجار والمعادن وخروجها من باطن الأرض من خلال البراكين أو الزلازل ، تلك الظواهر الطبيعية التي طالما أثارت الرعب والخوف في نفوس البشر. وقد استخدم الإنسان بعدها هذه الحجارة والمعادن كتعاويذ وتمائم ثم تطور به الأمر الى استخدامها كحلي بعد أن أجاد تقطيع الأحجار وتهذيبها و إذابة المعادن وطرقها وتطويعها. وفي التراث العربي وضع مؤلفون الكثير من المؤلفات لوصف الأحجار الكريمة وخواصها ومنافعها الطبية والدينية والعلاجية ، وأفرد اخوان الصفا فصولاً لوصفها وعدّوها من "لطـائف بـديع صنع الباري ودلالـة من دلائل نظامه وحكمته". كذلك قرن اخوان الصفا على غرار القـدماء بين لمعان الجواهر الحجرية، مثل البلور والياقـوت والزبرجد والعقيق وما شاكلها، وأنـوار الكواكب المتولية لذلك الجنس من الجواهر. وأوضحوا في كتب النجامة (اي احكام النجوم) ان الأحجار الكريمة تناظر المعادن والكواكب. ويعتبر اضفاء القداسة لنوع من الحجر أو الفص الذي يرصّع به الخاتم، أو بسبب مظهره وشكله أو لونه أو مصدره والنقش الذي يزينه ويضاعف بدوره من تأثير الفص أو الحجر وفعاليته. وتعطي الكتابة التي يحتويها الخاتم المزيد من القدرة والطاقة والتأثير. وتقرّبه من منـابع القوة الكـونية كما يعتقد البعض . وهكذا يطوق الخاتم الإصبع وتمنح صيغته التعويذية الحماية والقوة لصاحبه كما في المعتقدات القديمة والشعبية حتى زمننا هذا .ومنذ أقدم الحضارات كان خاتم الأصبع ينقش عليه شعار مميز أو شارة معينة ويستخدم كوسيلة سهلة ومريحة للبصم به عند اللزوم . وأقدم الأختام الموجودة من ذلك النوع هي ما ُأكتشف في مقابر المصريين القدماء . كما استخدمت بعض الشعوب القديمة الأخرى مثل السومريين و البابليين والآشوريين والفينيقيين وغيرهم من الأمم القديمة الخواتم لغرض الختم أيضًا ، وانتقلت هذه العادة من الشرق إلى اليونان وغيرها من بلدان الغرب. والخاتم اعتبر رمزاً للارتباط بين الرجل والمرأة ويقال إن أول من استخدمه لهذا الغرض هم الفراعنة وفكرة الخاتم ولدت للتعبير عن رمزية ( الرباط ) الاجتماعي المقدس بين الزوجين، فشكل الخاتم ( الدائري )، ووضعه في أصبع اليد، يعبر عن ( رمزية واقعية ) بأن الحياة الزوجية ، ما هي الا حلقة أو دائرة لشبك اصبعي الزوجين، فتكون بمنزلة القيد الذي يربطهما بعضهما ببعض. وقد شبّه عمر الخيام الكون كله بالخاتم ويقول في هذا: هذا الوجود قد استدار كخاتم النقش نحن بفص ذاك الخاتم وبهذا يتجاوز الخاتم كونه حلية أو رمزا لسلطة أو ارتباط بين زوجين أو جماعة بشرية الى رمز للوجود بأكمله بما يمثله من استدارة تامة .

9544

| 22 أغسطس 2014

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2265

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

2175

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

1587

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

909

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

879

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

744

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

726

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

690

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

645

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

558

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

501

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

492

| 21 سبتمبر 2025

أخبار محلية