رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يتوهج الحرف العربي ويزهو بنفسه متسامياً فوق الهزائم والإهمال والتجاهل، يرتقي إلى الأعالي حاملاً عنفوانه الخاص وبهاءه الجامح .الحرف العربي الذي دُوّن كتاب الله به وجُعل فيه سر إعجازه وبيانه وليحمل قداسة تضاف إلى روعته وشموخه، منذ أن كان في أعماق الجزيرة العربية (مسنداً) على القبور والآثار إلى أن حولته أنامل الخطاطين المبدعة إلى لوحات حديثة في المتاحف ومعارض الخط ، ليجذب ملايين الزوار من أنحاء المعمورة وينافس بروعته أجمل الأعمال الفنية. حيث يتبارى الخطاطون في رسم حروفه التي ينمقونها ويطرزونها مثل الخيوط الملونة، فيجعلوا من الحرف الصامت حرفاً ينطق بالحيوية ويضج بالحياة ويعبر عن جماله في تلك الأشكال والحركات التي جعلته ينطق من خلال المداد بغير لسان، وكما قالت العرب قديماً (الخط لسان اليد). وقد امتاز الخطاطون العرب والمسلمون بالجمع بين جمالية المقروء وإبداعية الخطاط، فاختاروا من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأهم المقولات والأشعار والحكم العربية ليودعوا فيها أجمل ما لديهم من جمالية الخط وروائعه. ولقد تحدث عن ذلك المؤرخ الكبير أبو العباس القلقشندي الذي قال: (اللفظ إذا كان مقبولاً حلواً رفع المعنى الخسيس وقرّبه من النفوس، وإذا كان غثاً مستكرهاً وضع المعنى الرفيع وبّعده من القلوب). وقد قال ابن المقفع يصف قيمة الخط العربي: (الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال). كما قال أحد الشعراء:تعلّم قوام الخط يا ذا التأدبفما الخط إلاّ زينة المتأدّبتعلّم قوام الخط يا ذا التأدبوإن كنت محتاجاً فأفضل مكسبوقال أبوتمام يصف جمال رسالة جاءته فأعجب بها:مداد مثلُ خافية الغرابوقرطاس كرقراق السرابوألفاظ كألفاظ المثانيوخط مثل وشم يد الكَعابكتبتُ ولو قدرت هوى وشوقاًإليكِ لكنتُ سطراً في كتابوقد تحدث الخطاط الدكتور علي أرسلان (خطاط وأستاذ بجامعة استانبول) عن الخط العربي بقوله: (يعتبر فن الخط، أصعب الفنون الإسلامية، وذلك لأن الفنان فيه لا يملك في يده غير القلم البسيط، وهذا القلم مسطرة الخطاط وبِرْجَلُهُ، وهو قسطاسه الذي يعين به أحجام الحروف، فهذا القلم يقوم بأداء كل وظائف الآلات الأخرى التي يمتلكها الفنانون في سائر الفنون الأخرى).
3598
| 22 يناير 2016
كوكبنا الحي الرائع .. وطننا الكبير الذي احتضننا وغيرنا من الكائنات الحية... وبذل لنا من خيراته الكثير، يئن اليوم ويشتكي من الضرر الذي أحدثه الإنسان وأخل بالتوازن الدقيق لهذا الكوكب الفريد . سوء استخدام موارد الأرض والتلوث والدمار الذي ضرب كوكبنا الرائع في غلافه الجوي وفي مياهه وفي تربته وأعماقه ، جعل من غضب الطبيعة أمراً محتماً ، فالأعاصير والفيضانات وذوبان الثلوج في القطبين وارتفاع منسوب مياه البحار وارتفاع درجات الحرارة لمعدلات غير مسبوقة وموجات الجفاف والإنجرافات الأرضية وزيادة نسب الغازات السامة في الغلاف الجوي وحتى الزلازل كلها باتت تشكل تهديداً للحياة في الأرض.هذا الواقع المؤلم الذي لا خلاص منه كما يقول العلماء إلا بتحول العالم كله للاقتصاد الأخضر والذي يعني الاقتصاد الذي يقل فيه انبعاث الكربون وتزداد فيه كفاءة استخدام الموارد ويتأتى ذلك بالاستخدام الكامل لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ، وهذا يعني اعتماد المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل على الطاقة النظيفة ويعني أيضاً إعادة التدوير للمخلفات غير القابلة للتحلل مثل الزجاج والبلاستيك والمنتجات المعدنية وإدارة المياه بطريقة تقلل من الهدر في استخدامها على مستوى دولي ، كما يعني كذلك المحافظة على الغابات وزراعة الملايين من الأشجار حول العالم لمنع انجراف التربة والمساهمة في إنتاج الأوكسجين والتقليل من ثاني أوكسيد الكاربون والملوثات الأخرى.وعن هذا الخطر قال البروفيسور أوثمار ايدنهوفر، بروفيسور اقتصاد التغير المناخي في معهد برلين للتكنولوجيا، والرئيس المشارك لمجموعة العمل التابعة للهيئة الحكومية الدولية(نحن لا نستطيع تحمل إضاعة عقد آخر دون التحرك لمعالجة هذا الوضع المأساوي).وقد أظهرت أبحاث بروفيسور الهندسة في جامعة ستانفورد مارك جاكوبسون والباحث في الاقتصاد والبيئة بجامعة كاليفورنيا مارك ديلوتشي أن بإمكان البشرية أن تتحول إلى نظام طاقة يعتمد كلياً على مصادر متجددة بحلول عام 2030 إذا اعتمدت دول العالم على تكنولوجيات علمية دقيقة .ومن هنا تبنت قيادتنا الرشيدة في قطر التي تشهد ثورة عمرانية واقتصادية وثقافية كبرى وغير مسبوقة ، التحول التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر حيث من المخطط أن يكون مونديال قطر 2022 أول مونديال في العالم يساوي صافي انبعاثات الكربون منه صفر، حيث سيتم استخدام الطاقة الشمسية في تبريد الملاعب.وكذلك تبنت القيادة الحكيمة في قطر مشروع الاستثمار في إنتاج الطاقة الشمسية والاعتماد عليها مستقبلاً لتكون مصدر توليد الطاقة الكهربائية في قطر ، بل وتصدير هذه الطاقة المتجددة والنظيفة لدول أخرى مما يضمن بدوره عائداً مالياً لقطر ويمثل أحد مصادر التنوع في الدخل ، على الرغم من إن دولة قطر دولة مصدرة للبترول والغاز الطبيعي ورغم إن مصالحها الاقتصادية مرتبطة بهذا المورد الحيوي ، إلا إن إحساس قيادتها العالي بالمسؤولية تجاه قضايا عالمية وإنسانية كبرى ومنها قضايا التغير المناخي و البيئة ومستقبل كوكب الأرض وراء تبنيها لقرار مصيري ومهم كهذا ، فهنيئاً لقطر بقيادتها الحكيمة الواعية الرشيدة وهنيئاً لها بتحولها نحو الاقتصاد الأخضر.
2917
| 08 يناير 2016
يستقبل الناس في جميع أنحاء المعمورة العام الجديد بأمنيات كثيرة وأحلام شتى، وإذا كانت لكل شخص أمنياته الخاصة فان معظم البشر يتفقون على أمنية واحدة هي أن يعم السلام العالم وتعيش الشعوب المقهورة بأمن وأمان وأن يتحسن الوضع المعيشي لسكان الأرض.منطقتنا العربية التي عصفت بمعظم بلدانها منذ سنين عدة الريح الزؤام وأطاحت بأمن شعوبها الأعاصير الهوجاء وفاستعرت الحروب واشتعلت الفتن ورتع الإرهاب على أراضيها متغذياً على الطائفية البغيضة والتكفير ورفض الآخر وعدم التسامح، وكانت السنة المنصرمة صاحبة الأحداث الأكثر دموية في سجل السنوات الماضية، فقد حصدت الحروب الضروس آلاف البشر في سوريا والعراق واليمن وليبيا وشردت الملايين الذين توزعوا بين أرجاء العالم في رحلات هروب جماعية محفوفة بكل أنواع المخاطر.السنة المنصرمة طبع الإرهاب بوسمه القبيح أشهرها كافة واجتاح معظم دولنا العربية (إلا من رحم ربي) منتهكاً أرواح وأعراض وحرمات الناس في المساجد ودور العبادة والمدارس وأماكن الرزق باسم الدين الإسلامي وهو بريء منه كل البراءة فحاشا لله الذي كتب على نفسه الرحمة، وحاشا لدينه القويم الذي اعتبر إحياء النفس كأنها إحياء للناس جميعاً، وأن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة، وإن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه أن يرتبط بالإرهاب ويوسم به.منطقتنا العربية أحوج ما تكون الى السلام والسلم الأهلي والتسامح والتصالح مع الطوائف والأديان الأخرى لمقاومة الأفكار الهدامة والتنظيمات المتطرفة التي لها وسائل شيطانية في خداع الشباب والتغرير بهم تنفيذا لأجندات مشبوهة.جلد الذات لا يجدي نفعا والمطلوب معرفة مكمن العلة، فمعركتنا أمام العالم معركة وجود، فإما أن نعالج عللنا بأنفسنا وإما أن نسقط في هاوية لا قرار لها، ومهما كان مصدر الإرهاب ومنبعه فهو واحد، وإن طال الإرهاب شعوباً ودولاً أخرى غير عربية إلا أن ضحاياه بالدرجة الأولى هم العرب والمسلمون.وفي الختام مهما اشتد الظلام وانتشر الظلم وسادت الفتن فلابد من انقشاع الدجى وبزوغ الفجر بعد ليل مدلهم طويل،،، وكل عام وأنتم بخير.
2656
| 01 يناير 2016
تحتفل دولة قطر الحبيبة بعيدها الوطني، عيد توحيد البلاد تحت راية واحدة بقيادة القائد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني (طيب الله ثراه) الذي نجح في قيادة قطر والسير بها نحو بر الأمان، متخطياً مصاعب تاريخية جمة، ويمر علينا هذا العيد ووطننا ينعم بأرقى مستويات التطور والتقدم ويرفل بأعلى درجات الرفاه والازدهار، فقطر دوحة الأمان التي يستظل بفيها القاصي والداني وسط صحراء مضطربة تموج بالأحداث والخطوب، قطر الحديثة التي بنى نهضتها حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتابع على خطاه مسيرة البناء والتنمية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مستكملاً مشروع النهضة الطموح والشجاع.قطر الحاضر المشرق والمزدهر التي يتمتع شعبها بأعلى مستوى معيشة في العالم، قطعت أشواطاً جبارة في تحقيق التنمية المستدامة، واحتلت المرتبة الأولى عربياً ومن المراتب الأولى عالمياً في مؤشر التنمية البشرية، والذي يشمل الرعاية الصحية والتعليم وغيرهما، ونجح اقتصادها في أن يكون احد أسرع وأكثر الاقتصادات نمواً في العالم، معتمدةً في ذلك سياسة اقتصادية جديدة في المنطقة، هي التحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي، وكذلك تنويع مصادر الدخل والتوسع في الاستثمار المحلي والخارجي من خلال استثمارات ضخمة في قطاعات المال والصناعة والزراعة والرياضة والعقارات وغيرها، وتعد استراتيجية (رؤية قطر 2030) التي أقرها حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خريطة طريق لتعزيز مكتسبات البلاد في المجالات الاقتصادية والبشرية والاجتماعية والبيئية. قطر دولة المؤسسات والقانون وحقوق الإنسان، قطر دولة الأمن والأمان والسلم والسلام التي سجل لها العالم مبادراتها العظيمة في التوسط لإرساء السلام بين فرقاء وأعداء في أنحاء شتى من العالم.قطر تحتفل اليوم بعيدها الوطني وهي تتباهى بإنجازاتها العظيمة، وخلفها تاريخ حافل ضارب في عمق الأرض، وتتطلع إلى المستقبل بخطوات طموحة وذكية تناطح السحاب.
1635
| 25 ديسمبر 2015
يرتبط الشتاء في الذاكرة بإجتماع العائلة مساء حول نار الدوة (المنقلة)، بينما يتصاعد بخار الشاي والحليب بالزنجبيل، لتنتشر روائحه المنعشة، خالقة جواً بديعاً يتناغم مع أحداث الحزاوي (الحكايات الشعبية)، التي ترويها الأم أو الجدة وهي تغالب الوسن الذي يطوف بعينيها، بينما يقاوم الأطفال البرد بسحب الأغطية حتى وجوههم، فلا يظهر منها سوى العينين الناظرتين بشوق لما ستنتهي إليه الحزاية!! مع هجوم البرد الكاسح هذه الأيام، الذي تزامن مع دخول المربعانية (الأربعينية) التي أخذت اسمها من الأربعين وهي عدد أيامها، وهو الموسم الذي ينذر بانخفاض درجات الحرارة ونزول الغيث وطول الليل وقصر النهار، والتي تتكون من ثلاثة أنواء، أطلق العرب عليها أسماء (الإكليل والقلب والشولة)، حيث يمكث كل نوء لثلاثة عشر يوماً. فنوء الإكيل الذي يمر بنا هذه الأيام يعد أول المربعانية وتكثر فيه الأمطار والغيوم، وينبت خلاله الفقع بعد سقوط المطر وارتواء الأرض في موسم الوسم، ويقول العرب عنه: (إذا طلع الإكليل، هاجت الفحول، وشمّرت الذيول، وتجرّفت السيول). ويأتي النوء الثاني من المربعانية هو (القلب) وتكون فيه أطول ليلة وأقصر نهار في السنة، ويشتد البرد فيه وتقوى الرياح، وخاصة الشمالية، ويقول العرب عن هذا النوء: (إذا طلع القلب امتنع العذب، وجاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرب). وآخر أنواء المربعانية (نوء الشولة) والطقس يكون فيه شديد البرودة وقليل الأمطار، ويقول العرب عنه: (إذا طلعت الشولة طال الليل طوله، واشتد على العائل العولة) أي صعب على العائل وهوالأب أن يكسب رزقه بسبب شدة البرد.. وقد قال الشاعر سيف الدين المشد شاكياً قسوة (الشولة):رب ليل سرت فيه وصحبي أسمر ذابل وعضّب يمانيأحسب البدر حين غرّب في الشولة بعض الكرات في الصولجانوالثريّا مثل اللجام المحلّى جذبته أعنّة الدبرانوقال شاعر نجد محمد بن عبدالله القاضي واصفاً أنواء المربعانية:ترى الاكليل والقلب والشولةهي المربعانية للأوراق ماحق..فالمربعانية كما يقول الشاعر تمحق أوراق الأشجار التي تتساقط من البرد الشديد.. كما وصف الشاعر الفلكي راشد الخلاوي دخول البرد بهذه الأبيات:اذا قارن القمر الثريا بتاسعيجي ليالي بردهن كباسثمان ليال يجمد الما على الصفايخلي عودان العظام يباسلو كان فرق العود ثوب وفروهلكنه عاري ما عليه لباسوإذا كان الشتاء في بلادنا يرتبط بالذكريات الجميلة والطقوس الحميمة، فهناك إخوان لنا من بني جلدتنا، يمضون الشتاء في العراء أو في مخيمات شتات، لا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة، ومعهم أطفال ومسنون يعانون من البرد القارس والمطر المنهمر، والثلج المتساقط، ولا يملكون ما يواجهون به قسوة الشتاء وزمهريره القارس.
3275
| 11 ديسمبر 2015
بينما يزورنا هذه الأيام معرض الكتاب في دورته السادسة والعشرين، تثار من حوله التساؤلات المعهودة في مثل هذه المناسبة، هل مايزال الكتاب حاضرا بيننا ويحظى بالمكانة التي كانت له في الماضي؟ وهل مايزال يحتفظ بمجده القديم كحاضن للعلم والمعرفة والفكر والفن والأدب؟.ورغم تأكيد البعض من الكتاب والناشرين أن الكتاب يشيخ ولا يموت إلا أن الكتاب في زماننا هذا لا يعيش عصره الذهبي، فبعيدا عن كتب الطبخ والمكياج والأبراج وبعض القصص البوليسية والعاطفية، ينزوي الكتاب بعيداً في زاوية صغيرة ليحل محله الكتاب الإلكتروني والمواقع والصحف الإلكترونية كمصدر للمعلومات.وبالعودة إلى الإحصائيات نجد أن وضع الكتاب في بلادنا العربية لا يبشر بالخير، فبالمقارنة مع أمريكا وأوروبا لا تتجاوز مبيعات الكتب العربية الأربعة ملايين دولار سنويا، في حين يصل هذا الرقم في دول الاتحاد الأوربي إلى 12 مليار دولار، ولا تشكل الكتب الصادرة في الوطن العربي بأسره ربع ما تنشره اليونان على سبيل المثال.فيما يشير تقرير حديث لليونسكو إلى أن معدل قراءة الأطفال في العالم العربي خارج المنهاج الدراسي 6 % في السنة، وفيما يقرأ كل 20 طفلاً عربياً كتاباً واحداً، فإن الطفل البريطاني يقرأ سبعة كتب، والأمريكي أحد عشر كتاباً. وتشير إحصاءات أخرى إلى أن رصيد الدول العربية لا يتجاوز 1.1 % من الإنتاج العالمي لكتب الأطفال، رغم وجود أكثر من 55 مليون طفل في العالم العربي.حديث الأرقام مخيف وهو هنا يتناول عالم الكتب هذا العالم الساحر الذي نتسلل من خلاله إلى أفكار المبدعين وخلاصات عقول الفلاسفة والمفكرين... ينقلنا بين جنباته إلى قصور الملوك والسلاطين لنستمع إلى الشعراء والمنشدين والقيان والعازفين وننتقل في غمضة عين إلى ساحات الوغى ومنازلات الفرسان المتبارزين، ويذيب قلوبنا بمطارحات المحبين، ويستفز عقولنا بنظريات العلماء واختراعات المخترعين ومواعظ الواعظين ومغامرات الرحالة والمستكشفين، وبين الخيال والواقع والأفكار والعلم يبقى الكتاب الذي ظل لقرون طويلة متربعاً على عرشٍ لا ينازعه فيه أحد وظل العنوان الأوحد للرقي والتقدم.فحضارتنا العربية والإسلامية لم تولد إلا من رحم الكتب التي أجاد العرب ترجمتها من لغات أهل الحضارات الأخرى التي سبقتنا في مضمار الحضارة مثل الإغريقية والفارسية والسريانية وغيرها من اللغات الحية آنذاك، ثم ليظهر فلاسفة ومفكرون من أعماق هذه الحضارة الناشئة الجديدة ولينقض ابن رشد أفكار أرسطو وينشيء الخوارزمي علم الرياضيات بصورته الحديثة ويسبق البيروني إسحاق نيوتن في اكتشاف الجاذبية الأرضية وينادي الإدريسي بكروية الأرض قبل نيكولا كوبرنيكوس.ويبدو بيت الحكمة في بغداد الذي كان أعظم إنجاز لخلفاء بني العباس كصرح كبير من صروح العلم والمعرفة الذي جُمعت في خزائنه آلاف الكتب المخطوطة في زمن كان الكتاب يخط باليد ولم تظهر للعالم بعد طابعة الألماني يوهانس جوتنبرج التي أتاحت الكتب للجميع وجعلتها في متناول كل يد.ولعل الجاحظ الذي أفنى سنوات عمره الـ 90 في كتابة وتأليف أمهات الكتب وإثراء الأدب العربي بكتابات فريدة مثل البيان والتبيين وكتاب الحيوان والبخلاء ربما غير آسفٍ لأنه قضى نحبه تحت أكوام الكتب التي سقطت عليه والتي طالما أحبها ولم يترك يوماً يمضي في حياته دون أن يكتب فيه شيء.الكتاب في زمننا هذا سقط عن عرشه القديم، ليأتي لنا هذا الزمان بوسائل جديدة أفقدت الكتاب زهوه ومجده التليد، ولتبدو معارض الكتب التي تجتهد بعض الدول في إقامتها ومنها قطر محاولة لجذب الناس إلى الكتاب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لهذا المنتج العظيم، الذي وصفه شاعر العربية الأعظم المتنبي بأنه خير جليس بقوله:أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
2029
| 04 ديسمبر 2015
للكتابة أحياناً بالنسبة للكاتب مفعول الدواء أو فلنقل مفعول النسمة المنعشة في صيف قائظ، فلها وحدها القدرة على امتصاص الغضب والضجيج الداخلي ولها وحدها إمكانية التعبير الصادق عن مكنونات النفس ونوازعها، قبل أن تكون ومضة ضوء موجهة نحو المجتمع تبحث عن مكمن خلل أو وسيلة للحل. فالكتابة حالة إبداعية خاصة لا يمتلك زمامها إلا من أوتي الموهبة والقدرة بالإمساك بعنان الكلمات قبل أن تنطلق من بين يديه كفرس جامحة.ويعبر الكثير من الكتاب عن الكتابة بأنها متعة حياتهم وسبب وجودهم ومصيرهم الأبدي الذي لا فكاك منه، فالكاتب التشيكي فرانز كافكا وجد في الكتابة هدف حياته وجوهر وجوده.والكاتب الروسي فيدور ديستوفسكي كان يكتب من أعماق روحه ويصور كل الانفعالات والحالات النفسية التي يمر بها الإنسان حتى تبدو شخوصه كأنهم بشر حقيقيون يعيشون بيننا بمعاناتهم وصدق مشاعرهم، حتى قال عنه سيجموند فرويد مؤسس علم النفس الحديث: (كل مرة أنتهي من كتابة بحث عن حالة نفسية أجد ديستوفسكي قد كتب عنها في رواياته).أنطون تشيخوف الطبيب الذي أصبح من أعظم الأدباء في الأدب الإنساني كان يقول: (إن الطب هو زوجتي والأدب حبيبتي)، أما الكاتب البريطاني جورج أورويل فقد ذكر بأنه قرر منذ أن كان طفلاً بأنه سيصبح كاتباً، رغم أنه يقر بصعوبة معرفة دوافع كاتب دون معرفة شيء عن تطوره المبكر وعصره الذي يعيش به، ويُحدد أورويل أربعة دوافع للكتابة، هي: حب الذات، والحماس الجمالي، ثم الحافز التاريخي والهدف السياسي، ويضيف أورويل أيضاً (أكثر ما رغبت به هو أن أجعل من الكتابة السياسية فناً).أما الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي فتقول: (أحتاج أن أروي قصة، إنه هاجس فكل قصةٍ هي بذرة في داخلي، تبدأ في النمو والنمو حتى تصبح كالجنين، ويجب عليّ أن أتعامل معها عاجلاً أو آجلاً).وتضيف الليندي (على مرّ السنين، اكتشفتُ أن كل القصص التي رويتها، وكل القصص التي سأرويها مرتبطة بي بشكل أو بآخر).والكتابة بالنسبة للكاتبة والروائية العراقية الكبيرة لطفية الدليمي فهي كما تقول: (متعة شخصية خالصة كمثل متعة الحب — الكتابة بالنسبة لمن يدرك سرها — فعل حرية نمارسه مع انفسنا دون انتظار مباركة او تكريس من خارج ذواتنا وكلما اتجهت الكتابة إلى البحث عن ثمن او مردود لها في عالم السوق تحولت إلى سلعة قابلة للفساد، يالجمال الكتابة عندما لا تنتظر سوى متعة لحظتها التي تتوالد وتكبر في حياة الكاتب كفعل الحب العظيم — شكرا للحياة لأنني اكتب ما أحب وأحب). أما الكاتب المصري الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب يصف الكتابة بأنها نشاط إبداعي لا يستطيع أن يعيش بدونه، لأنه كما يصف نفسه (اشبع رغبة بداخلي في أن اكتب). ويصف الكاتب السوري الكبير حنا مينا نفسه بأنه (كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين) ويضيف مينا (مهنة الكاتب ليست سواراً من ذهب بل هي طريق شاق صعب).وحينما سُئل الأديب والكاتب التركي أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل في الآداب لماذا تكتب؟، قال ببساطة: (أكتب لأن تلك رغبتي، أكتب لأنني لا أقدر على القيام بشيء آخر غير الكتابة، أكتب كي أشير أو أناقش بعض الآراء التي وردت في كتبي، أكتب لأنني غاضب منكم جميعا، من العالم كله. أكتب لأنه يروق لي أن أنزوي في غرفتي اليوم كله. أكتب لأنني لا أستطيع تحمل الحقيقة إلا وأنا أغيّرها، أكتب حتى يعرف العالم أجمع أي حياة عشنا، وأي حياة نعيش، أكتب لأنني أحب رائحة الورق والحبر، أكتب لأنني أؤمن فوق ما أؤمن به، بالآداب وبفن الرواية، أكتب لأن الكتابة عادة وشغف).أما الروائي المغربي الطاهر بن جلون فيقول: (أكتب لأنني احب ممارسة الكتابة، وأحب أن اكتب بصراحة وبكل احساسي، الكتابة بالنسبة لي ممارسة يومية ولا اعتبرها عملا شقيا بل اعتبرها واجبا قوميا.. أقوم به بكل شغف)، كما يقول الشاعر العراقي الكبير عبدالوهاب البياتي: (اكتب كي لا أموت، اكتب كي أستطيع مقاومة الموت وهذا يعني الكثير).
13217
| 27 نوفمبر 2015
لفصل الخريف في بلادنا روعة لا تضاهى ، فنسمات الهواء العليلة التي تهب في هذا الفصل تنعش النفس وتطيب الوجدان، وتمنح أولى قطرات الغيث المنهمرة من السماء بهجة للروح مزيلة غبار الصيف فترتوي الأشجار وينتعش النبات، فصل الخريف الذي إرتبط بسقوط أوراق الشجر وإصفرارها في مناطق العالم الأخرى حتى اعتبر الخريف في الكثير من الثقافات مرادفاً للشيخوخة ونهاية الحياة ، يرتبط في تراثنا العربي بإعتدال الجو وإنكسار حدة الحر حتى قالت العرب عنه الخريف ربيع النفس كما أن فصل الربيع ربيع العين و أنه أصح فصول السنة زمانا، وأسهلها أوانا ، وقد أبدت الأرض به عن ثمرتها، وصرّحت عن زينتها وأطلقت السماء حوافل أنوائها، وتأذّنت بانسكاب مائها؛ وصارت الموارد كمتون المبارد صفاء من كدرها، وتهذّبا من عكرها واطّرادا مع نفحات الهواء وحركات الريح الشّجواء واكتست الماشية وبرها القشيب والطائر ريشه العجيب. وتقول الأسطورة العربية القديمة ان الخريف إفتخر على بقية الفصول قائلا: أنا سائق الغيوم وكاسر جيش الغموم وهازم أحزاب السموم وحادي نجائب السحائب وحاسر نقاب المناقب ، أنا أصد الصدى وأجود بالندى وأظهر كل معنى جلي وأسمو بالوسمي والولي ، في أيامي تقطف الثمار وتصفوا الأنهار من الأكدار ويترقرق دمع العيون ويتلون ورق الغصون طورا يحاكي البقم وتارة يشبه الأرقم وحينا يبدو حلته الذهبية فيجذب إلى خلته القلوب الأبية وفيها يكفى الناس هم الهوام ويتساوى في لذة الماء الخاص والعام وتقدم الأطيار مطربة بنشيشها رافلة في الملابس المجددة في ريشها وتعصر بنت العنقود بي تطيب الأوقات وتحصل اللذات وترق النسمات والشَّرفُ شجرٌ له صبغ أحمر، يقال له البقَّمُ والعندم وهو دم الأخوين.وقد تغنى الكثير من الشعراء بجمال الخريف فهذا البادي الأصفهاني يقول: ولا زلتَ في عيشةٍ كالخريفِ فإن الخريفَ جميعاً سَحَرْصفا الماءُ فيه وطابَ الهوى يحيلهما نسيمُ ريحٍ عَطِرْترى الزعفرانَ بأعطافــــــة يفوحُ الترابُ له المستعِرْواترجَّـــــــــهُ عاشقٌ مدنَفٌ إذا ما رجا طيبَ وصلٍ هُجرْوتفاحُــــــــــهُ فوق أغصانِه خدودٌ خــجلنَ لوحي النظرْوما كنتُ أحسبُ أن الخدودَ تكون ثمــــاراً لتلكَ الشجرْويقول الشاعر العباسي جحظة البرمكي ما بالُ أيلولَ يدعوني وأتبعه الى الصَّبوح كأني عبدُ أيلولِما ذاك إلاّ لأنّ العيشَ مقتبل والليلُ ملتحفٌ بالبرد والطولوقد بَدَتْ طَلَّةٌ شجواً تخبرنا عن الخريف بقصْفٍ غير مملولولاح وجهُ سهيلٍ فهو جوهرة حمراء قد ركبتْ في وسط إكليلكما يقول الشريف الطوسي حلَّ الخريفُ على الأَغصانِ وانتثرت أوراقُهُ غيرَ ما يبقى على الحِقَبِكانتْ غلائلها خُضْراً وقد صُبِغَتْ بصفرةٍ مثل لونِ الورس والذهبواستطردَ القيظُ إذ ولّت عساكره واستبردَ الظلُّ فاقدحْ جمرةَ العنبواغنمْ بها العيشَ في تشرينَ منتهزاً فالقيظُ في رحلةٍ والقرّ في الطلب وهذا الشاعر عبدان بن عبد الله الأصفهاني يصف الخريف ويفضله على الربيع بقوله راب الربيعُ عيونَ قومٍ أغفلوا ... طيبَ الخريفِ وسجسجَ الأَشجارِلما عن اغباش الشتا قد سرحوا ... أنسوا بنور الحرِّ والأنوارِفلها نثارٌ في الخريفِ يفوقها ... حُسناً على الجنّاتِ والأنهارتحكي دنانيراً لنا أوراقُها ... ولها فضيلةُ مطعمِ الأثماروخلا الربيعُ من النعيم فما لنا ... فيه سوى الأرواحِ والأمطارومخافة الهدّارِ إثرَ صواعق ... ترمي البلادَ وأهلَها بالنارفاسعدْ بتشرينين وانعمْ فيهما ... متعوذاً بالله من آذارواشرب على ورديهما مشمولةً ... من زعفران طالعٍ وبهاريغنيك عن وردِ الربيع، وعرفُهُ ... عن شمِّ عَرْفِ لطيمةِ العطَّار
12132
| 20 نوفمبر 2015
قال الإمام الشافعي (رحمه الله) منتقداً أهل زمانه حينما يعيبون زمانهم:نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سواناونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجاناوليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعض عياناوالزمان الذي يتحدث عنه الأمام الشافعي، هو زمان حكم الخلفاء هارون الرشيد والمأمون والمعتصم العباسيين، والذي يعده المؤرخون من العصور الذهبية للخلافة الإسلامية، ولعل أسوأ ما اتسم به ذلك العصر ما سمي بفتنة خلق القرآن الكريم، التي أتى بها المعتزلة وتبناها الخليفتان المأمون والمعتصم من بعده، وتصدى لها كبار فقهاء وعلماء أهل السنة والجماعة، ومنهم الإمامين أحمد بن حنبل والشافعي (رحمها الله)، أما زماننا هذا الذي يعد زمان الفتن الكبرى، والكراهية، وتكفير الآخرين، والاحتقان الطائفي بين أبناء الدين الواحد، والوطن الواحد، زمان نسي العرب فيه والمسلمون عدوهم المعروف، واجتمعوا على عداء بعضهم البعض من أبناء جلدتهم ودينهم، زمان أتى علينا كما وصفه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ". وبينما نستخدم في زمننا هذا أحدث ما توصلت إليه الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات، نصر على العيش بالماضي السحيق، ونتعامل مع الآخرين شركائنا في الوطن والدين، بناء على أحداث مضت وأفل زمنها منذ ما يقارب الألف وأربعمائة سنة، بدلاً من أن نتطلع جميعاً للمستقبل، وتكون أوطاننا العربية والإسلامية سفن النجاة، التي تحمينا وتنقلنا الى بر الأمان، وفي هذا يروي عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، حادثة له عندما كان طالب دكتوراه في أمريكا إذ يقول: "نشب نقاش عنيف بين عدد من الرجال المسلمين حول أحقية الخلافة بين علي وعمر، وحينما اشتد الخلاف وبان الغضب على وجوه المتناقشين، سأل الامريكي الذي كان بصحبتي، عما اذا كان هؤلاء الأشخاص يتحدثون عن المتنافسين حالياً على الرئاسة في إحدى الدول العربية، أجاب علي الوردي بأن علي وعمر عاشا في الحجاز قبل أكثر من 1300 سنة، فما كان من الامريكي الا ان ضحك حتى سقط على الأرض من الضحك، وضحك معه علي الوردي، ثم عقب الوردي على الموقف بقوله: "إن شر البلية ما يضحك". زماننا هذا زمان الأفكار المتطرفة، التي انتشرت بين الكثير من الشباب المسلمين، والتي تبنتها التنظيمات المسلحة ذات الأجندات الشيطانية، ووجدت ضالتها في هؤلاء الشباب الذين فقدوا بوصلة النجاة، فما استقرت نفوسهم في مراسي الأمان، فتحكّمت بعقولهم وأجسادهم بما يعيث الفساد في الأرض، ويهلك الحرث والنسل، كل هذا يعكس الإفلاس الفكري، والخواء النفسي، وغياب القدوة، والمثل الصالح أمام هؤلاء الشباب.. ما أحوجنا في زماننا هذا إلى عقول المفكرين المصلحين، مثل الذين جاد بهم الزمان في فترات أكثر حلكة وتردياً في تاريخنا العربي والإسلامي، وكان لها دور عظيم في الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي لمجتمعاتنا.
4102
| 13 نوفمبر 2015
اللغة العربية التي اصطفاها الله تعالى لتكون اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، والتي تقام بها الشعائر الدينية الإسلامية، وكذلك شعائربعض الطوائف المسيحية العربية، هذه اللغة المقدسة لاتضاهيها في قدسيتها أي لغة أخرى.وليست عظمة اللغة العربية تكمن في كونها لغة مقدسة فقط، فاللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، حيث يحوي معجم لسان العرب لابن منظور أكثر من 80 ألف كلمة علماً بأنه وضعه في القرن الثالث عشر، بينما اللغة الانجليزية وفقاً لقاموس صموئيل جونسون، الذي وضعه في القرن الثامن عشر، يحتوي على 42 ألف كلمة فقط.كما تتميز اللغة العربية بعلوم ترتبط بها وتتميز بثرائها وجزالتها مثل علم النحو الذييبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب وأساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها، كما يحدد الخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع.وكذلك علم البلاغة التي هي إحدى معجزات اللغة العربية، وهي كما عرّفها المعجم الوسيط حسن البيان وقوة التأثير.كما تتميز اللغة العربية بعلم العروض والقوافي، وهو العلم الذي يبحث الأوزان المعتبرة أو ميزان الشعر الذي به يعرف به مكسوره من موزونه، أي ميزان الشعر أو موسيقى الشعر.ويعد الشعر العربي القديم منه والوسيط وحتى بعض الحديث من أهم مفاخر العربية والذي وُصف بأنه ديوان العرب وخزانة حكمتها ومستنبط آدابها ومستودع علوم العربية.ولم يكن حافظ إبراهيم مبالغًا في بيان صفات اللغة العربية ومزاياها في قصيدته الخالدة في الدفاع عن اللغة العربية حين يقول على لسانها:أنا البحر في أحشائه الدر كامن .. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتيفاللغة العربية التي تُعقد بين فينةٍ وأخرى ندوات واجتماعات لمناقشة سبل الحفاظ عليها والترويج لها بين أبنائها الذين عافوها وتركوها، هذه الندوات التي توحي للمتابع انها تدور حول كائن معرض للانقراض والمطلوب حمايته بوضعه في محميات أسوة بحيوانات لم تكيف نفسها مع متغيرات البيئة فانقرضت أو على وشك.استعادة اللغة العربية مكانتها بين أبنائها، لا يمكن أن يتم وأبناؤها لا يعتقدون أن مستقبل أطفالهم سيكون مضموناً إلا بسواها من لغات أجنبية، وأهلها لا يؤمنون بأن الحديث بها والتحاور بمفرداتها يضمن لهم الوجاهة الاجتماعية المطلوبة، ويوفر لهم الوظائف المطلوبة التي تشترط كافة المؤسسات الحكومية والخاصة إتقانها كشرط أساسي للتوظيف.مأساة اللغة العربية في بلاد العرب أكبر من أن تحلها ندوات ومحاضرات تقام وسرعان ما تنفض، ليعود كل مشارك بها إلى عمله ويستخدم الإنجليزية أو الفرنسية وينسى ما نظّر له وتشدق به.
3808
| 06 نوفمبر 2015
الماء سر الوجود وأصل الحياة، التركيب الكيميائى الفريد الذى وهب للأرض قدرتها على احتضان الكائنات الحية، الماء الذى قدسته الشعوب وقامت على ضفافه الحضارات الكبرى، وتنازعت عليه الدول والأقوام، الماء الذى وصفه الخالق جل وعلا بانه أساس لكل شيء حى (وجعلنا من الماء كل شيء حي).وللعرب منذ القدم مع الماء شؤون وشجون، فالماء الذى يشح فى الصحارى حتى يكاد ينعدم، فيموت الزرع والضرع وينتظر البشر حبة مطر كانتظار الحبيب لمحبوبه الغائب، يبثه الشكوى والنجوى، ويطلق عليه التسميات والأوصاف ويتوسل اليه بالأشعار والدعاء.وتروى لنا كتب الشعر عن اعرابية من بنى أسد تبث شكواها من انقطاع المطر وشحة الماء فى شعر جزل مفعم بالأحاسيس، حيث تقول:ألم ترنا غبنا ماؤنازمانًا فظلنا بكد البيارافلما عدا الماء أوطانهوجف الثمار فصارت حرارًاوفتحت الأرض أفواههاعجيج الجمال وردن الجفاراوضجت الى ربها فى السماءرؤوس العضاة تناجى السراراوقلنا أعيدوا الندى حقهوعيشوا كراماً وموتوا حرارًاومن شدة تقديس العرب للماء نجد الرجل يشبَه حديث محبوبته بصوت المطر المنهمر على أرض طال عهدها بالمطر حيث يستقبل راعى الابل هذا المطر بكل فرح وحبور..وحديثها كالغيث يسمعهراعى سنين تتابعت جدبًافأصــاخ مستمعًا لهويقول من فرح هيا ربًابينما يصف شاعر آخر صوت النساء العذب وحديثهن اللطيف بالماء البارد الذى يصادفه الظمآن:فهن ينبذن من قول يصبن بهمواقع الماء من ذى الغلة الصاويتقدير العرب للماء جعل منهم يتعارفون على أعراف وتقاليد عند ورود الماء، حتى ان أحدهم اذا أدرك عدوه وهو يرد الغدير أو ينبوع الماء تركه يشرب ويرتوي، قبل أن يفكر فى التصدى له، وحتى الطرائد البرية فان من المتعارف عليه بين العرب أن يتركها الصياد تشرب قبل أن يهم باصطيادها، وفى هذا يقول الشاعر المخضرم (الحطيئة ):عطاشًا تريد الماء فانساب نحوهاعلى أنه منها الى دمها أظلمافأمهلها حتى تروى عطاشهافأرسل فيها من كنانته سهمًاوقد أطلق العرب على الماء تسميات كثيرة حسب نوعه ومصدره، فالماء غير الصالح للشرب آسن، واذا اجتمعت فيه الملوحة والمرارة فهو أجاج، واذا كان به شيء من العذوبة وصالح للشرب فهو ثريب، واذا كان عذبا فهو فرات، واذا كان سهلا سائغا فى الحلق من طيبه فهو زلال، واذا كان خالصا لا يخالطه شيء فهو قراح، واذا كان باردا فهو فار، واذا كان جامدا فهو قارس، واذا كان الماء شديد الحرارة فهو حميم. واذا أراد العرب أن يطلقوا اسمًا على امرأة ذات جمال وبركة وحسن وصفاء وبياض أطلقوا عليها (ماء السماء )، والعرب اذا وصفت الماء والشراب بالصفاء قالوا كأنه الدمع وكأنه ماء قطر، أو ماء مفصل.
10295
| 30 أكتوبر 2015
ألوان الطيف في قوس قزح الذي يتخلل أشعة الشمس الخجلى في الأيام الماطرة، وحمرة الشفق وهي تستقبل خيوط المساء الأولى، زرقة مياه البحار بينما ضوء النهار ينساب فيها، خضرة أوراق الأشجار وهي تنتظر قطرات الندى، أجنحة الفراشات المرفرفة فوق أكمام الزهور، ألوان طالما أسرت البشر بسحرها وخلقت من حولنا روعة هذا العالم.الألوان التي يضج بها كوكبنا في مهرجان تحتفل به الطبيعة، لم تكن مجرد ظاهرة طبيعية سحرت بجمالها البشر في كل الأزمنة، ولم تمر أمام ناظريهم مروراً عابراً كمرور الكرام، فالألوان كانت وماتزال تحمل معاني رمزية عميقة في ثقافات وأديان كل الشعوب التي سكنت المعمورة. فمن إنسان الكهف الذي بهرته الألوان ورسم على جدران الكهوف ثيراناً وغزلاناً وخيولاً مستخدماً ألوان أكسيد الرصاص الأصفر والأحمر والفحم وحتى إنسان العصر الحديث الذي لعب بعدد لا نهائي من الألوان، لتستمر مسيرة الألوان الرائعة.وتتنوع معاني ودلالات الألوان لدى الشعوب والمجتمعات المختلفة، فهي تعكس ثقافة ومعتقدات هذه المجتمعات كما أنها تعبر عن سلوكيات وأنماط الحياة المتبعة فيها.ويرمز اللون الأحمر في الحضارات القديمة إلى النار والحرب والعصيان، وقد رسم المصريون القدماء الإله العاصي لديهم (سيث) باللون الأحمر، أما الأساطير الإغريقية والرومانية فقد صورت الإله (ديونيسوس) باللون الأحمر، وكذلك (مارس) إله الحرب عندهم، وفي المسيحية يصور الفنانون الملاك الذي يبشر السيدة العذراء بميلاد السيد المسيح باللون الأحمر ويرمز أيضا إلى دماء السيد المسيح، كما ان الأحمر لون عباءة القديسين ولون الاستشهاد في سبيل الدين.اما اللون الأصفر فكان لون الزهاد الهندوس والبوذيون في الهند، وعند الإغريق كان يمثل لون النار، وفي المسيحية لون الحياة والحق، واستعمله كذلك سلاطين المماليك في مصر في زيهم وزينتهم. والأزرق الذي هو لون السماء والبحر فقد كان يرمز لدى الأغريق إلى الحكمة فهو لون أثينا آلهة الحكمة ولون رداء جوبيتر إله السماء لديهم، وفي المسيحية صوروا رداء السيدة العذراء باللون الأزرق الذي يرمز للروحانية والزهد، أما عند الفرس فكان اللون الأزرق الداكن يرمز إلى الحزن.ويبقى الأخضر في كل مكان وزمان رمزاً لاستمرار الحياة وديمومتها، فهو رمز الخصوبة والزرع والنماء لدى البابليين والمصريين القدماء الذين وجدوا في خضرة أوراق البردي إشارة للحياة الأبدية، واعتبر اليونانيون القدماء اللون الأخضر لون الآلهة افروديت آلهة الجمال، أما عند المسلمين فهو لون الجنة كما قال الله تعالى في كتابه الكريم "ويلبسون ثياباً خضراً من سندس واستبرق".أما الأسود فكان على الدوام رمزاً للحزن والموت حتى ارتداه الناس كلباس للحداد في الكثير من دول العالم، وللأسود رمزية خاصة عند العرب فتجدهم يقولون سواد القوم ويعنى به العزة والكثرة وقالوا الاسودان وهما الماء والتمر وهما أكثر ما يعتمد عليهما العرب في الصحراء كغذاء.وعلى نقيضه اعتبر اللون الأبيض رمزاً للنقاء والطهارة والعفة والضياء والنور، وقد ورد عن العرب قول الابيضان بمعنى الماء والقمح وكذلك الخيط الابيض وهو اول ضوء النهار، ويطلق العرب على النساء تسمية البيض، وقد ذكرت الكثير من الالوان في الشعر العربي فهذا أبو تمام يقول متوعداً الروم:السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِبيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِوهذا صفي الدين الحلي يقول:بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينافالعالم مليء بالألوان ويصنع ضجيجه وتفرده وسحره بتميز وخصوصية كل لون، وكما يقول الشاعر الإنجليزي بيرسي شيلي (الحياة تشبه قبة زجاجية متعددة الألوان، تصبغ ألوانها نور الأبدية الأبيض).
22502
| 23 أكتوبر 2015
مساحة إعلانية
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من...
1557
| 12 سبتمبر 2025
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1344
| 15 سبتمبر 2025
في يوم الثلاثاء 2025/9/9 تعرضت دوحة الخير الى...
1305
| 12 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
768
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
732
| 14 سبتمبر 2025
لأول مرة " إسرائيل " تجد نفسها معزولة...
702
| 13 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
جاء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الهجوم...
645
| 12 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
573
| 18 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
558
| 15 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
543
| 15 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
531
| 18 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية