رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كتب العديد من الكُتاب – وأنا منهم – عن أن الكرة الأرضية بالكامل قد تحولت إلى قرية عالمية واحدة كنتيجة حتمية لتوافر التكنولوجيا الحديثة وهو ما يمكن أن نطلق عليه الثورة المعرفية التى بات يعيشها الجنس البشرى بالكامل مؤخرا وعلى الأخص فى العقدين الأخيرين .. وما يترتب على ذلك شأن كل جديد من مزايا وعيوب " advantages and disadvantages ".. أما عن المزايا فهى لا تعد ولا تحصى لعل أبسطها – وفى نفس الوقت أوضحها – هو توافر المعلومات بكل سهولة ويسر بين أيدى الجميع - بما فى ذلك الأطفال - كنتيجة منطقية لإنتشار أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية .. أما عن بعض العيوب التى يلمسها الجميع فكنا قد تحدثنا فى مقالات سابقة عن أن ذلك تسبب فى عدم ممارسة الرياضة وإزدياد نسبة البدانة والسمنة المفرطة بين المراهقين والأطفال ( راجع مقال التكنولوجيا والبدانة ) وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية . وإذا كنا قد لمسنا فى ذلك المقال الجانب الجسدى فإننا نتناول اليوم الجانب النفسى والمتمثل فى الإغتراب الإنسانى والتركيز على الهوية الفردية وزيادة الرغبة فى إعتزال الآخرين ونمو الشعور بالإستغناء عن الآخرين بما فى ذلك أفراد الأسرة الواحدة مما يؤدى بالضرورة إلى تراجع قيمة الأسرة التى يتوجب أن ينشأ عليها البشر فى كل المجتمعات .. أو بمعنى آخر البعد عن التفاعل الإنسانى القائم على الحميمية والمباشرة ونمو الشعور بالقدرة على الإستغناء مما يدفع نحو مجتمعات نفعية وهمية عوضا عن إشباع الحاجات الإنسانية إلى الإنتماء والتعاطف ودفء التواصل . وتأسيسا على ما سبق فإننا يمكننا أن نلخص وجهات النظر المختلفة للعلماء فى هذا الصدد وخاصة علماء النفس أن الإنسان حسب طبيعته الفطرية لا يحب مشاعر الإغتراب والهوية الفردية مما يجعله ينضم إلى مجموعة من الناس من كافة الأعمار لتشجيع فريقا لكرة القدم أو غيرها من الألعاب الرياضية أو الإنخراط فى حزب سياسى وتبنى أحد المعتقدات الفكرية السائدة .. كما يرى علماء النفس أنه إن لم يتحقق ذلك فإن الكثير من الناس تصاب بالإكتئاب وقد تراودهم فكرة التخلص من حياتهم ويقدمون على الإنتحار . وهنا فإننا ندق جرس الإنذار ونحذر من خطر داهم آخر يحدق بالمجتمعات الإنسانية الحديثة وهو اللجوء إلى الإلتصاق بالمكونات الأولية وعلى الأخص المعتقدات الدينية كمحاولة للبحث عن جذور أو ملامح تميز تساعد على تكوين علاقات إنسانية حميمية وتعويض هذا الفراغ الوجدانى .. وهنا يكمن خطر الإستغلال من قوى خارجية تعمل على إشعارهم بالهزيمة ومن ثم الرغبة فى الثأر وتلك هى اللبنة الأولى فى طريق الإرهاب .. نعم .. هكذا ينشأ الإرهاب . وفى النهاية فإننى أرجو ممن يقرأ مقالنا هذا ألا يظن أننى لا أميل إلى تشجيع إستخدام تلك الوسائل التكنولوجية الحديثة التى هى موجودة فى حياتنا فى جميع الأماكن وكل الأوقات .. ولكننى أدعو القراء الأحباء إلى الإعتدال .. نعم الإعتدال والوسطية هما الوسيلة المثلى لتحقيق الإشباع الإنسانى والإستمتاع بدفء التواصل مع باقى أفراد القرية الكونية .. مع تسليمنا الكامل بأنها عوالم إفتراضية قائمة على التخيل ولا يمكن أن تحل مكان العوالم الواقعية .. وهذا هو بيت القصيد . وإلى لقاء قادم وموضوع جديد بحول الله .
3551
| 13 ديسمبر 2016
فى البداية عزيزى القارئ فإننى أعتذر عن مقدمة هذا المقال والتى قد تبدو طويلة نسبيا .. إلا أننى أجد ذلك ضروريا لتوضيح ما نهدف إليه .. وأتمنى أن توافقنى الرأى فى النهاية .. وهذا هو ما يعنينى ويهم أى كاتب بالدرجة الأولى .. فقد إتفق كل من يعمل بالسياسة - أو يهتم بها على الأقل - أن الحزب السياسى يُعرًف بأنه مجموعة منظمة من الأفراد يمتلكون أهداف وآراء سياسية متشابهة ويهدفون إلى التأثير فى السياسات العامة لدولهم من أجل الهدف الأهم – بالنسبة لهم بطبيعة الحال – وهو فوز مرشحهم أو مرشحيهم بالمناصب التمثيلية . ومن المتعارف عليه أيضا فى الدول الديموقراطية أن الأحزاب السياسية تلعب الدور الأهم فى تشكيل النظم الحاكمة والتى تعبر عن الإحتياجات الأساسية والتحديات السياسية لمجموعة من البشر تتولى حكم البلاد لعدد محدد من السنوات يقابلها مجموعة أخرى تلعب دور المعارضة وتتطلع إلى تنحية المجموعة الأولى عن الحكم لتحل محلها وفق برامج وآليات تختلف من بلد إلى آخر . ومن المتعارف عليه بالإضافة إلى ما سبق أن يكون لكل حزب مقر يجتمع فيه الأعضاء الذين يشكلون من بينهم أمانة أو مجلسا لرسم سياسة الحزب والعمل على تنفيذها .. كما يصدر كل حزب جريدة - أو على الأقل نشرة - تعبر عن سياساته ووجهات نظر أعضائه . كل هذا كان سائداً فى العالم كله ولكن الأمور تبدلت بعد الثورة التكنولوجية والإتصالات والمعلومات التى شهدناها فى السنوات الأخيرة حتى أصبحنا نعيش فى عصر " السوشيال ميديا " والذى أصبح فيه لكل إنسان – كما قلنا فى مقال سابق – إذاعة خاصة وشاشة متفردة ومكانا ينطلق منه إلى آفاق عالم فسيح .. ولا نريد أن نكرر ما يقال عن تحول العالم إلى قرية صغيرة تسكنها جميع الأجناس والألوان ويذخر بكل اللغات ولكننا نتساءل عن تأثير ذلك على الحياة السياسية والأحزاب بعد أن أصبح لكل إنسان وسيلته الخاصة للتعبير عن الآراء ووجهات النظر بعيدا عن أى رقابة .. وأصبح بإمكانه أن يدخل ضمن مجموعة من مستخدمى الميديا تسمى جروب group " " يكون بمثابة حزب خاص بهؤلاء الأشخاص بعيدا عن الأطر التقليدية بكل ما تعج به من مشاكل وأزمات مزمنة باتت معروفة للكافة .. بل أكثر من ذلك يمكن لأى إنسان أن يشكل جروبا خاصا به دون أن يبرح مكانه أمام شاشة الكمبيوتر أو اللاب توب أو حتى التليفون المحمول .. وكل ما عليه هو أن يضغط على لوحة المفاتيح موجها دعوة للأصدقاء للإنضمام إليه .. ومن يقبل منهم يشكل منهم جروب يكون بمثابة حزب خاص بهذه الجماعة من الأصدقاء أو الجروب . ولكن هل لهذه المجموعات على السوشيال ميديا أو الوسائل التكنولوجية الحديثة – وغالبا ما يكونون من الشباب – تأثير على الحياة السياسية فى مختلف الدول ؟ أو بمعنى آخر .. هل لها تأثير على الأحزاب وأنشطتها فى المجالات المختلفة ؟ وللإجابة الدقيقة على هذا السؤال يجب أن نتريث لنرى ما الذى يمكن أن تقوم به هذه المجموعات .. أو " الأحزاب الفضائية " .. أو " الأحزاب الإفتراضية " .. أو ما قامت به حتى الآن .. وما مدى تأثير ذلك على الأفراد وبالتالى على رغبتهم فى الإنضمام للأحزاب التقليدية .. أو استمرارهم فى عضوية هذه الأحزاب لمن كان عضوا فيها . ولا شك أن هذه المجموعات نجحت بشكل ملحوظ فى الآتى : - إستقطاب أو " تجنيد "عدد كبير من الأنصار . - القدرة اللامحدودة على الحشد والتعبئة وتوجيه الرأى لمساندة قضية أو العكس .. وهو ما يمكن لاحقا أن يكون له تأثير عام وهو ما يُطلق عليه " الرأى العام " . - تجديد الكثير من الأفكار الشبابية .. وتوجيه الشباب للتعبير عن الآراء ووجهات النظر المختلفة بعيدا عن أى رقابة أو سلطة يمكن أن تحول دون ذلك . - الدفاع عن حقوق الأقليات من مختلف الأجناس والطبقات الإجتماعية والفئات المختلفة . - إيجاد قنوات لنقل الآراء والقضايا المختلفة من المواطنين إلى الحكومات وأصحاب السلطة فى البلاد . ومن وجهة النظر الأخرى نجد أن هذه " الأحزاب الفضائية أو الإفتراضية " ينقصها جوانب عديدة مما يمكن أن تقوم به الأحزاب التقليدية نظرا لأن الأعضاء يكونون من دول مختلفة وليست دولة واحدة .. لعل أهمها ما يأتى : - الفوضى الفكرية نتيجة إختلافات الثقافات والأعراف الإجتماعية . - عدم توافر رؤية شاملة للتعبير والإصلاح حيث أن ما يصلح لدولة معينة قد لا يصلح لدول أخرى . - عدم إمكانية الحشد لإنتخاب أعضاء فى المجالس أو للتمثيل أو النيابة بشكل عام . - إستحالة القيام بأى أنشطة إجتماعية للأسباب السالفة الذكر. وتأسيساً على ما سبق فإن الدرس الذى يمكننا أن نخرج به أن تلك الأحزاب الإفتراضية توفر فرصة لا مثيل لها للتعبير عن الرأى والإتصال بآخرين فى بلاد مختلفة أو فى ذات البلد وفى نفس الوقت قد تكون سببا فى تقاعس الأفراد عن الإنخراط فى الأحزاب التقليدية مما قد يضعف الإقبال عليها أو يُحد منه وهو ما سينتج عنه ضعف هذه الأحزاب عن ذى قبل ولكنها لن تكون بديلة لها . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
2338
| 22 نوفمبر 2016
لا شك أن إنتشار التكنولوجيا الحديثة بين الناس – صغارهم قبل كبارهم – قد غيرت الكثير من المفاهيم والرؤى وأصبحت وسائل تواصل رفيع المستوى بين البشر .. وخاصة إذا وضعنا فى إعتبارنا أن معظمهم ممن لا يعرفون بعضهم البعض .. وهذا معناه أنها أصبحت لغة عالمية جديدة تمكنت من مد الجسور بين الناس على كافة المستويات الفكرية والثقافية والإنسانية والإبداعية بحيث قدمت لكل إنسان شاشة منفردة ومنطلقا إلى آفاق عوالم غير محدودة يستطيع كل فرد أن ينطلق منها إلى الآفاق الفسيحة .. ولن نكون مبالغين لو قلنا أن العالم قد تحول إلى قرية صغيرة تسكنها جميع الأجناس واللغات بمختلف ألوان البشرة الإنسانية .. وأصبحت فى السنوات الأخيرة أحد أهم وأوسع أبواب المعرفة والحوار بين البشر .. إن لم يكن أهمها وأوسعها على الإطلاق .. فقد أصبحنا نجد فيها الصحيفة والكتاب والصديق والمعلم الموسوعى .. فضلا عن الحبيب والرفيق وأيضا الفن الجميل والإبداع الراقى . ولكن هذه الصورة ليست وردية على إطلاقها لأن هناك دائما سلبيات تنتقص من جمال أى صورة وتقلل من إكتمالها .. وسأكتب عن إحداها فى مقالنا هذا آملين أن نستطيع إفادة أكبر عدد من الناس من خلال معرفتهم ببعض الحقائق العلمية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالأطفال الذين لاحظ الأهل – وكذا أطباء الأطفال – زيادة أوزان الأطفال عن الحد المتعارف عليه بين الناس . وأتذكر الآن أننى فى إحدى زياراتى لأحد أطباء الأطفال برفقة حفيدتى منذ سنوات أسعدنى أن أتقابل مع أحد طلابى السابقين الذى جاء مع زوجته لمراجعة الطبيب بخصوص نجلهما الذى لا يتناول وجباته بشهية مفتوحة مثل سائر الأطفال فى مثل عمره حسب ما قالته لى زوجته بعد أن قام بمهمة التعريف بيننا .. وكانت هذه السيدة الصغيرة – شأن كل الأمهات – تخشى أن يكون نجلها أقل وزنا مما ينبغى .. وأن هذه النحافة قد تؤثر سلبيا على صحته العامة من حيث النمو وبالتالى الفهم والإدراك .. ومرت الشهور والسنوات وجاءنى صوته فى الهاتف كعادته يسأل عن صحتى وأحوالى .. وكان من الطبيعى أن أسأله عن أحوال أسرته وخاصة إبنه الجميل الشكل والذى كنت لا أزال أتذكر إسمه فإذا به يعرب عن بالغ قلقه بشأن هذا الإبن لشراهته فى الأكل مما أدى إلى زيادة ملحوظة فى وزنه الأمر الذى دفع به إلى زيارة الطبيب الذى أوصى بنظام غذائى لتقليل الوزن " ريجيم " .. مع التوصية المعتادة فى مثل هذه الحالات بضرورة ممارسة الرياضة اليومية أو على الأقل رياضة المشى . وفى الحقيقة فإن هناك أطفال كثيرون يمضون جل وقتهم فى مشاهدة التليفزيون والإستمتاع بألعاب الفيديو" video games "فضلا عن إستخدام أجهزة الهواتف الذكية " " smart phones وأجهزة الكمبيوتر بطبيعة الحال والتى إنتشرت كما النار فى الهشيم فى جميع أنحاء العالم .. ويكون ذلك للدراسة فى بعض الأحيان وللترفيه فى معظم الأوقات . ومن البديهى أن التكنولوجيا الحديثة تقدم لنا المعلومة على طبق من فضة فضلا عن الترفيه من خلال البرامج العديدة والألعاب التى يذخر بها أى جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكى .. ولكن من البديهى كذلك أن هاتيك الأجهزة أو تلك الهواتف على تنوعها لا يمكن أن تحل محل الرياضة البدنية والحركة .. وقد دفعنى هذا إلى بحث الأمر وخرجت بنتائج تنذر بالخطر وتتلخص فى النقاط التالية : - 40% من الأطفال تحت سن خمس سنوات فى جميع أنحاء العالم يعانون من السمنة المفرطة . - 30 % من الشباب والمراهقين تحت عمر 19 سنة من الجنسين يمكن تصنيفهم بأنهم بدناء جدا . - من المتوقع أن تتصاعد هذه النسب إلى خمسة أمثالها بحلول عام 2020 بسبب ضعف التوعية الصحية لتناول الغذاء السليم المناسب وعدم ممارسة الرياضة . ومن هنا ينبغى أن ندق جرس الإنذار أمام الجميع بأن وسائل التكنولوجيا الحديثة تقلل من فرص ممارسة الرياضة البدنية والحركة بشكل عام مما يؤدى إلى زيادة الوزن وما يتبعه من مشكلات صحية يعلمها الجميع .. ولابد من تكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع للقضاء على هذه الظاهرة التى باتت تهدد الأوطان فى أعز ما تملك وهم الشباب والأجيال الجديدة . وإلى لقاء قادم وموضوع جديد فى مقال قادم .
639
| 12 نوفمبر 2016
أنا من أشد المعجبين بالكاتب الصحفى الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد وأقرأ كل ما يكتبه تقريبا .. ليس فقط لأسلوبه الجميل الراقى ولغته الجميلة السلسه .. ولكن أيضا لجدية وأهمية القضايا التى يتناولها .. وقد قرأت له مؤخرا فى جريدة الأهرام مقالا فى غاية الأهمية يحمل عنوان " نهاية عصر المضادات الحيوية ! " ويتناول فيه ما جاء فى التقرير العالمى الخطير الذى نشرته مجلات البحوث الطبية المتخصصة فى الولايات المتحدة وأشارت فيه إلى مدى خطورة الإسراف فى استخدام المضادات والذى أدى تكيف عدد كبير من الفيروسات والبكتريا مع هذه المضادات وتحوير نفسها فى أطوار جديدة لم يعد يجدى معها إستخدام هذه المضادات وهو ما يعد خسارة هائلة للجنس البشرى حيث أصبحت المضادات الحيوية ركنا أساسيا من أركان العلاج والدواء منذ منتصف القرن العشرين . وأنا هنا لست بصدد تحليل أو سرد ما جاء فى هذا المقال الهام كما قد يتبادر إلى أذهان القراء الأعزاء .. ولكن لأؤكد على أن الإسراف يأتى بآثار عكسية وقد يكون مدعاة للتعرض للكثير من الأخطار .. والأخطر من ذلك هو الإستخدام الخاطئ للمستجدات وخاصة العلمية منها وعلى الأخص ما يتعلق بالصحة من حيث الطعام والعلاج . ويحضرنى هنا المقولة التى يؤمن بها الأطباء البيطريون بأن صحة الإنسان تبدأ من صحة الحيوان .. وهى مقولة جد صحيحة حيث يلقى هذا الرأى تأييدا من علماء التغذية والأطباء البشريون وأساتذة الجامعات فى معظم أنحاء العالم .. ومن البديهى أن يكون ذلك صحيحا بالنسبة للإنسان العادى حيث أنه إذا ما توافرت العناية الصحية والرعاية للحيوان فإن ذلك سينعكس بطريقة إيجابية على الإنسان عندما يتناول لحوم هذه الحيوانات أو بيضها .. ولكن ما يحدث فى بعض أماكن تربية الحيوانات يكون عكس ذلك تماما حيث يلجأ المربون إلى إستخدام المضادات الحيوية فى تسمين الدجاج وهو ما ينذر بمخاطر جمة على صحة الإنسان لأن من سيتناول هذا الدجاج لن يستجيب جسمه لتلك المضادات عند إصابته ببعض الأمراض التى تستدعى تناولها .. وتأتى الأمراض التنفسية والرئوية فى صدارة هذه الأمراض وأخطرها مرض السل بطبيعة الحال وما يتداعى إلى الأذهان من خطورة وما يتسبب فيه من وفيات تكون معظمها قاسية ولا شك . ولك أن تتخيل عزيزى القارئ أن هناك مريضا يعانى من مرض السل – ويكون فى معظم الأحيان من كبار السن فى الطبقات الفقيرة – وبعد رحلة طويلة مع الأمراض يودعه أهله مستشفى للأمراض الصدرية للعلاج .. وهناك يكون كل الأطباء متمرسون على مثل هذه الحالات التى خبروها مدة طويلة من الوقت .. ومن الطبيعى أن يلجأ هؤلاء الأطباء للمضادات الحيويه وهم واثقون من تحسن حالة المريض بإذن الله .. ولكن المريض يعانى وحالته تزداد سوءا وتتعاظم آلامه على عكس ما كان يأمله الجميع بما فيهم الأطباء الذين سيضربون أخماسا فى أسداس ولن يخطر ببالهم أن هذا المريض قد تناول لحم دجاج قد تم تسمينه بالمضادات الحيوية بشكل مفرط وعشوائى وبالتالى نشأت عند هذا المريض مناعة تدريجية . وما يقال عن مرض السل يندرج على العديد من الأمراض الخطيرة الأخرى ومنها السرطان . والأكثر خطورة من كل ما سبق هو الإستخدام الخطأ للمضادات الحيوية إذ بمجرد شعور الإنسان بوعكة بسيطة حتى ولو إلتهاب بسيط فى الحلق يسارع بتناول مضاد حيوى ظنا منه أن ذلك أجدى وأنفع دون أن يدرى أن جسمه سيعتاد عليه وهو بهذا فى الواقع يدمر فرصة حقيقية لتلافى مرض خطير أو على الأقل أشد خطورة خاصة لدى الأطفال . ونضيف إلى ما سبق تناول المضاد الحيوى الغير مناسب للمرض دون إستشارة الطبيب – وهو أمر حتمى ولازم – مما سيؤدى إلى نفس النتيجة السابقة . وخلاصة ما سبق أن الإستمرار فى الإسراف فى إستخدام المضادات الحيوية سوف يبطل مفعول عدد كبير منها بحيث لن تصبح ذات فائدة فى علاج الإنسان أو حتى مواجهة الآفات الزراعية .. وهكذا يكون الإنسان نفسه بسبب جشع بعض من فئات مربى الحيوانات وأصحاب مزارع الدواجن قد تسبب فى تدمير أعظم سلاح ودمر أحد الأركان الأساسية التى إعتمد عليه الأطباء منذ منتصف القرن العشرين .. ونحن هنا نطلق صرخة عالية أن تكون هناك رقابة صارمة على إستخدام المضادات الحيوية بالنسبة للإنسان والحيوان على السواء لأننا لا نعلم كم سننتظر حتى يتم إكتشاف دواء جديد واسع الأثر يحل محل المضادات الحيوية . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
594
| 22 أكتوبر 2016
عندما أخلو إلى نفسى عادة ما أقلب فى أوراقى القديمة .. هى عادة قديمة عندى .. وأعتقد أن كثير من الناس يفعل ذلك .. والطريف أن المرء غالبا ما يجد بين هذه الأوراق مفاجآت سارة كموضوعنا اليوم وهو مقال كنت قد كتبته منذ فترة وتركته فى ملف ولكننى نسيت أمره .. ليس لعدم أهمية الموضوع ولكن العكس هو الصحيح .. تركته حتى أجد الوقت الأكثر مناسبة لنشره .. ولكننى الآن أعتقد أن موضوع هذا المقال يصلح لكل زمان .. فهل تشاركوننى الرأى أحبائى القراء .. إليكم المقال . الإستماع والإصغاء إلى كلام الآخرين من أبرز سمات العظماء وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمعات .. فكثرة الكلام ليس دليلاً على قوة الشخصية ولا قوة التأثير .. بل ربما ينتهي كثرة الكلام إلى ما لا يحمد عقباه من النتائج .. لأنه إذا زاد الكلام عن حدّه أبتلي بالتكرار وتوضيح الواضحات التي هي من مستهجنات البلاغة . وبعض الناس لا يتكلم كثيرا ولا تكاد تسمع صوته في المجالس والتجمعات .. بل لو راقبته لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه و عيناه .. وقد يتحرك فمه أحيانا ولكن بالتبسم .. لا بالكلام .. ومع ذلك يحبه الناس .. ويأنسون بمجالسته .. وقد أثبت علماء النفس الاجتماعي أن الإستماع الجيد من أهم الأدوات الرئيسية للوصول إلى قلوب الآخرين والتفاهم المثمر معهم . والإستماع إلى الناس فن ومهارة .. فيجب أن نعود أنفسنا على الإنصات لكلام الآخرين .. وحتى لو كان لنا على الكلام ملاحظة فلا يجب أن نتعجل .. وتصديقا لذلك نجد أن عالم النفس المعروف ستيفن كوفي تحدث فى أحد أهم وأشهر كتبه " العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية " عن أحد الآباء الذى لجأ إليه لأنه يجد أن علاقته بإبنه ليست على ما يرام .. وكان بينهما الحوار التالى الذى ننقله نصا عن الكتاب : - لا أستطيع أن أفهم إبني .. فهو لا يريد الإستماع إلي أبدا . - دعني أرتب ما قلته للتو .. أنت لا تفهم إبنك لأنه لا يريد الاستماع إليك ؟ - هذا صحيح . - دعني أجرب مرة أخرى .. أنت لا تفهم إبنك لأنه – هو - لا يريد الاستماع إليك أنت ؟ - هذا ما قلته . - أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر .. فأنت بحاجة لأن تستمع له . - أوه .. (تعبيراً عن صدمته) . ثم جاءت فترة صمت طويلة .. وقال مرة أخرى: - أوه ! إن هذا الأب نموذج صغير للكثير من الناس الذي يرددون في أنفسهم أو أمامنا : " إنني لا أفهمه .. إنه لا يستمع لي! " . والمفروض أنك تستمع له لا أن يستمع لك . وإليك أيضا عزيزى القارئ هذه القصة . في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان عدد المسلمين قليلا وكان الكفار يكذبونه .. ويشيعون أنه مجنون وساحر .. وفي يوم من الأيام قدم الى مكة رجل إسمه ضماد .. وهو حكيم له علم بالطب والعلاج .. يعالج المجنون والمسحور .. فلما خالط الناس سمع الكفار يقولون ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال ضماد: - أين هذا الرجل ؟ لعله يشفى على يدي ؟ . فأرشده الناس إلى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلما لقيه ضماد قال : - يا محمد .. إنى أرقى من هذه الرياح .. وإن الله يشفى على يدي من يشاء .. فهلم أعالجك . وجعل الرجل يتكلم عن علاجه وقدراته .. والنبي ينصت إليه .. وذاك يتكلم .. والنبي ينصت . أتدرى عزيزى القارئ إلى ماذا كان عليه الصلاة والسلام ينصت ؟ كان ينصت إلى كلام رجل كافر .. جاء ليعالجه من مرض الجنون!! حتى إذا إنتهى ضماد من كلامه قال صلى الله عليه وسلم : - الحمد لله .. نحمده ونستعينه .. من يهده الله فلا مضل له .. ومن يضلل فلا هادى له .. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له . إنتفض ضماد وقال : - أعد على كلماتك هذه . فأعادها صلى الله عليه وسلم عليه .. فقال ضماد : - والله قد سمعت قول الكهنة و قول السحرة و قول الشعراء فما سمعت مثل هذه الكلمات .. فهلم يدك أبايعك على الإسلام . فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده وأخذ ضماد يردد : - أشهد أن لا اله إلا الله .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " . وعلم صلى الله عليه وسلم أن له عند قومه شرف .. فقال له : - وعلى قومك ؟ . فقال ضماد : - وعلى قومي . ثم ذهب إلى قومه هاديا داعيا . وقديما قال بعض الحكماء : " إذا جالست الجهال فأنصت لهم .. وإذا جالست العلماء فأنصت لهم .. فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم .. وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم " . ونخلص من ذلك أنه على المرء أن يكون مستمعا ماهرا .. ينصت ويهز رأسك متابعا .. ويتفاعل بتعابير وجهه .. وينظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم معه .. سواء كان كبيرا أو صغيرا .. ولنتذكر دائما أن براعتنا في الاستماع إلى الآخرين ... تجعلهم بارعين في محبتنا والاستئناس بنا . وإلى لقاء جديد ومقالنا القادم بحول الله .
1649
| 26 سبتمبر 2016
كان من عادة الأستاذ نجيب محفوظ طوال حياته أن يقرأ كل الصحف الصباحية .. وكان يحرص على ذلك باعتباره مشاركة فاعلة فى الحياة العامة .. ولكنه فى أواخر سنوات عمره لم يكن يستطيع ذلك نظرا لضعف بصره ومشاكل كثيرة فى عينيه إضطرته لإجراء عدة عمليات جراحية .. ولكنه فى النهاية استسلم لإرادة الله وإستعان ببعض الأشخاص لقراءة الصحف له بينما هو ينصت بإهتمام بالغ .. ولحسن حظى كنت واحدا من هؤلاء السعداء الذين إستعان بهم الأستاذ . وعندما ذهبت إلى الأستاذ نجيب محفوظ فى أحد الأيام بمكتبه بالقسم الأدبى بجريدة الأهرام بعد حصوله على جائزة نوبل بحوالى عام بناء على موعد سابق حيث كان من المقرر أن أقرأ له الصحف فى ذلك اليوم بالتناوب مع زميلى وصديقى الحاج محمد صبرى السيد سكرتير القسم الأدبى بالأهرام .. كان قد سبقنى أحد كُتاب السيناريو الذى ربما تأخر قليلا أو تباطأ لدى الأستاذ ليحظى بأكبر نصيب من وقت أديب نوبل .. رفع الأستاذ عينيه اللتان أصبحتا ضعيفتين .. وإبتسم لى لأنه تذكر موعدى معه وأشار لى بالجلوس .. وإلتفتَ إلى كاتب السيناريو ليقدم له نصيحة يُنهى بها اللقاء.. وقال : - على من يتولى تحويل نص أدبى إلى عمل درامى تليفزيونى أو سينمائى أن يدرس العمل الأدبى جيدًا .. ويستخرج المواقف الدرامية الموجودة به حتى يمكنه أن يستفيد منها ليخرج بأحسن نتيجة . والتفتَ إلىّ قائلا : - الأمر فى النهاية يعود إلى مدى موهبة كاتب السيناريو وثقافته . والقليل من الناس هم الذين يعرفون أن نجيب محفوظ نفسه قد كتب أو شارك فى كتابة سيناريو العديد من الأفلام السينمائية التى لاقت نجاحا كبيرا .. ومن بينها أفلام " شباب إمرأة " و " ريا وسكينه " و " لك يوم يا ظالم " و " الفتوة " و" أنا حرة " وأفلام وطنية عديدة من ضمنها " الناصر صلاح الدين " و " جميله بو حريد ". ونلاحظ أن كل هذه الأفلام كانت لكتاب آخرين .. فهل كَتب نجيب محفوظ بعض أعماله الأدبية للسنيما والتليفزيون ؟ .. والاجابة كانت لا .. قاطعة وكبيرة .. لماذا؟ عن ذلك يجيب الأستاذ : - " إن كتابة السيناريو والحوار فى هذه الحالة سيكون على حساب الإبداع الأدبى" . ولاشك أن النصوص المكتوبه للأديب الكبير قد تم تقديمها على شكل مسلسلات بأعداد كبيرة زادت على الثمانية .. وفى معظمها كان يسلط الضوء على عدد من القضايا التى تهم قطاعا عريضا من المثقفين وغيرهم .. وكان يدرك مدى تأثير الدراما على الجمهور وخاصة المرئية بعد انتشار التليفزيون . وقد قال أكثر من مرة فى مقابلاته مع وسائل الاعلام أن التليفزيون لديه الإمكانيات لتقديم الأعمال الأدبية أفضل من السينما .. حيث أن التليفزيون يسير فى نفس خط الرواية إلى حد كبير .. أما فى السينما فتكون الأفلام أقصر .. ولابد أن تكون مركزة .. فتضطر إلى حذف أجزاء كثيرة من النصوص الأدبية وتضيف أشياء كثيرة أخرى من عندها . كل ذلك يحدث تحت مسمى المعالجات الدرامية وقد يؤدى ذلك إلى متغيرات يكون من شأنها عدم توضيح خبايا النص الأدبى المكتوب وفكر الكاتب أو حتى تزيينه . ومن المعروف أن هناك تأثيرا متبادلا بين الإعلام والمجتمع من حيث التفاعل بين الفرد والرؤية المجتمعية .. وأن الإعلام فى محاولة منه لإرضاء الجمهور يلعب على بعض الأوتار التى ترغب فيها الجماعة من حيث تكريس القيم والمعتقدات التى يتبناها المجتمع فى وقت معين . ويشير نجيب محفوظ إلى المواصفات الواجب توافرها فى النص الأدبى المراد تحويله إلى عمل درامى ناجح إلى أنه يجب أن يتسم بالحركة والتعيير حتى يأتى مضمونه متجاوبا مع الناس ويكون ناجحا .. وأن يمس ما يهمهم . ويرى صاحب نوبل أن أفضل رواياته التى تحولت إلى أعمال درامية جاءت على يد كاتب السيناريو محسن زايد الذى كتب سيناريو " الثلاثية " للتليفزيون حيث تم تقديم جزءين منها هما " بين القصرين " و" قصر الشوق " ولم يُكتب للجزء الثالث " السكرية " أن يرى النور . وإذا أمعنا قراءة النص الأدبى للثلاثية فسنرى أن نجيب محفوظ يعطى المرأة دور المراقب للمجتمع والمتأمل لأحواله والراصد لكل ما يطرأ عليه من متغيرات رغم أن النص الأدبى قد رأى النور منذ نصف قرن حيث كان دور المرأه غير واضح وحركتها محدودة للغاية وفى إطار ضيق .. ولكن " أمينه " من خلال شرفتها المغلقة تغرق فى أفكارها وتأملاتها ونظراتها المتلصصة عبر الفتحات الضيقة فى شرفتها .. ومن خلال ما تستطيع أن تراه أو ترى جزءًا منه أو ما يصل إلى أسماعها وهى تنتظر عودة السيد أحمد عبدالجواد إلى منزله ليلاً .. ومن خلال سلوكيات الرجل التى لم تعرف وحدها حقيقة هذه السلوكيات وما يجرى خارج البيت ليلًا أو حتى نهارًا . وكانت هى الخط الدرامى الذى تبدأ به أحداث الثلاثية وتنتهى خلال ما يزيد عن الألف صفحة برحيل " أمينة " .. ؤالتى يرى بعض النقاد أنها نموذجًا للمرأة الحلم ويرى فيها البعض الآخر رمزًا لمصر من خلال تطور شخصيتها فى أجزاء الثلاثية . أما النساء من النقاد فيحلو لهن - من منظور النقد النسوى - رؤية أنها إهتمام الكتب بالجوانب الخفية فى علاقة المرأة بذاتها أو بالعالم الخارجى من خلال الترويج للغيبيات والتركيز على العلاقات المجتمعية خلال النصف الأول من القرن العشرين والتعبير عن الرؤى الفلسفية التى جسدت الصراع بين القوى المتضادة على المستوى المعنوى وأيضا المادى . وأخيرًا فإن أديب نوبل كان يقول لأصدقائه المقربين أن كتاب السيناريو يسألونه الرأى فى معالجاتهم لأعماله الأدبية إستنادًا إلى المبدأ الذى يعرفونه عنه .. وهو أن ما ينسب له هو النص الأدبى فقط .. ولكن فى مرات قليله ونادرة جاء له بعض كتاب السيناريو يسألونه الرأى والمشورة أو بالأحرى النصيحة - كما أسلفنا فى بداية هذا المقال - وكان يؤكد لهم أن ما يقوله لهم مجرد رأى وهم أحرار فى أن يأخذوا به أو لايأخذون . ولكن المعروف والمؤكد أن أديب نوبل لم يسبب لهم أى متاعب على الاطلاق .. فهل هى دبلوماسية العباقرة أم حكمة الكبار؟ إذا أردت الاجابة .. أرجوك عزيزى القارىء أعد قراءة المقال من البداية . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله . هذا المقال إهداء للقراء الأعزاء بمناسبة مرور عشر سنوات على رحيل أستاذنا العظيم نجيب محفوظ عن عالمنا .
1247
| 30 أغسطس 2016
أرجو ألا يظن القارئ الكريم أننى سأتناول فى هذا المقال السيرة الذاتية لعالمنا الكبير الدكتور أحمد زويل الذى رحل عنا فى الثانى من أغسطس لهذا العام ( 2016 ) .. وكان من الطبيعى أن يتصدر مثل هذا الخبر نشرات الأخبار .. وأن تكون وفاة عالم كبير له هذه المكانة العلمية العظيمة مادة ثرية للصحف والبرامج المسموعة والمقروءة نظرا للمكانة العلمية السامقة التى إحتلها صاحب نوبل فى الكيمياء ( 1990 ) فى مجال الفيمتو ثانية وأستاذ الكيمياء فى معهد كاليفورنيا للتقنية .. ليس هذا فحسب ولكنه حاصل أيضا على جائزة نوبل فى السلام العالمى وهى كما يعلم القارئ الكريم من أرفع الجوائز شأنا .. ومن النادر أن يحصل أحد العلماء على هذه الجائزة أكثر من مرة . وليس غريبا أن تزخر الصحف فى جميع أنحاء العالم وكذلك وسائل الإعلام بالمقالات والتحقيقات والأخبار بكل لغات العالم عن هذا العالم الكبير حتى أصبح معظم الناس – وأنا منهم – على دراية شبه كاملة بمعظم تفاصيل حياته ومخترعاته وإنجازاته العلمية .. ولكننى سأتناول هذا الأمر من زاوية مختلفة .. أو بالأحرى من زاويتين مختلفتين تماما . فقد لفت نظرى أن زويل وهو من مواليد مدينة دمنهور – عاصمة محافظة البحيرة فى دلتا مصر – وأنه تلقى تعليمه فى مدارس مدينة " دسوق " الفائقة الجمال والتى إنتقل مع عائلته إليها وهو فى الرابعة من عمره .. وهى بالمناسبة مسقط رأسى .. وطبعا كانت هذه المدارس التى إلتحق بها حكومية .. يعنى ليست مدارس دولية أو " إنترناشيونال " كما يحلو للبعض منا أن يفخر بإلحاق أولاده بمثل هذه المدارس .. وأن الأبناء يتحدثون الإنجليزية بطلاقة لكونهم يدرسون بالإنجليزية معظم المواد إن لم يكن كلها بإستثناء اللغة العربية والتربية الدينية التى يتحتم تدريسها باللغة العربية بطبيعة الحال .. ومن دواعى التفاخر أيضا أن معظم هذه المدارس الدولية تستقدم مدرسين أجانب لغتهم الأم هى الإنجليزية أو الفرنسية أو حسب نوع التعليم فى كل مدرسة .. وأصبحنا نرى الأب تنتفخ أوداجه فخرا عندما يلقى عليه إبنه تحية اللقاء باللغة الأجنبية .. ثم ينظر صاحبنا حوله ويقول لمن معه متباهيا بأن نجله هذا يدير كل شئونه بتلك اللغة الأجنبية . عودة إلى أحمد زويل الذى – كما أسلفنا – تلقى تعليمه فى المدارس الحكومية بمدينة دسوق وهى لعلم القارئ الكريم تقوم بتدريس جميع المواد باللغة العربية .. بإستثناء اللغة الأنجليزية كمادة .. وكذلك تستخدم المصطلحات الإنجليزية فى المواد العلمية مثل الكيمياء والفيزياء والأحياء .. وأن زويل إلتحق بعد ذلك بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية التى تخرج منها بإمتياز عام 1967 .. وبعد ذلك سافر لإستكمال دراسته العليا فى الولايات المتحدة الأمريكية وكان ناجحا للغاية بدليل تفوقه وإختياره للتدريس بأحد المعاهد التابعة لتلك الجامعة .. والباقى معروف لنا جميعا . أما الزاوية الثانية التى أدعو القارئ الكريم أن يصطحبنى للنظر من خلالها أن هذا العالم الكبير الذى حصل على كل هذه الجوائز التى تناولناها بالإضافة إلى حمله للجنسية الأمريكية قد أوصى بأن يدفن جثمانه فى وطنه الأم مصر .. وقد كانت أسرته حريصة على تنفيذ وصيته ونقل جثمانه للقاهرة .. وكان رجال الدولة فى مصر على قدر المسئولية حيث رتبت له جنازة عسكرية مهيبة تليق بقدره ومكانته العلمية والعالمية تقدمها رئيس الدولة بنفسه . ولا شك أن التوصية بدفن الجثمان فى أرض الوطن عادة عربية أصيلة من المحيط إلى الخليج .. ويستطيع أى شخص عاش فى دولة عربية أن يلمس هذا .. وأنا شخصيا عايشت هذه التجربة عندما كنت أعمل فى دولة الإمارات العربية المتحدة وتزاملت مع أشخاص من مختلف الدول العربية كما هو سائد فى دول الخليج .. وكان من بين زملائى فى العمل شخص من الجزائر وعرفت منه أن له شقيق واحد سافر إلى فرنسا للدراسة منذ سنوات طويلة وأنه بقى هناك للعمل وإكتسب الجنسية الفرنسية وتزوج من فتاة فرنسية ورزقه الله منها عدة أطفال .. وكان دائما ما يحدثنا عن شقيقه هذا وزوجته وأطفاله وعن أخبارهم والحياة الكريمة التى يعيشونها .. حتى كان فجر أحد الأيام عندما إستيقظت على رنين الهاتف المتواصل لأجد صديقى هذا يخبرنى أنه سيسافر فورا إلى باريس ليصطحب جثة شقيقه الذى توفاه الله حيث أن هذا الشقيق قد أوصى بأن يدفن فى الجزائر وبالتحديد فى بلدته .. ومثل هذه الحكايات تستطيع أن تسمعها فى كافة الدول العربية . وفى هذا السياق أعجبنى قصيدة للدكتورة سميره أحمد عزب نشرتها لها جريدة الأهرام وقدم لها الصحفى الفاضل محرر بريد الأهرام ببعض العبارات الجميلة التى تليق بالمناسبة بعد أن استقر جثمان العالم الكبير فى تراب وطنه بعد كل ما قدمه من إنجازات .. ومن هذه القصيدة التى تحمل عنوان " وعاد النسر " إخترت لكم هذه الأبيات : النســـر عاد .. حبيبتى لثراك مهما أحب .. فلم يحب سواك مهما تغرب فى البلاد فلم يزل طفــل يحـن.. إلى عظيم بهاك أوصى الرفاق بأن تنام عظامه والأرض أرضك والسماء سماك تبكى الســواقى والنجـوع رحـيله ومـديـنـة للعـلـم .. فـوق رُبـاك ضمـيه يا أم البلاد .. وهـدهـدى قلبـا تولـه فى الهوى .. فهواك إبكيــه أرض الكنانة .. فارسا عشـق الحياة .. ولم تكن إلاك وفى النهاية فإننا نسأل الله تعالى بأن يتغمد الراحل العظيم برحمته بقدر ما قدم لوطنه وللإنسانية من خدمات . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
611
| 20 أغسطس 2016
كنت - ولازلت - أشعر بسعادة غامرة بعد نشر مقالنا السابق والذى يحمل عنوان " أضواء على الفوضى الخلاقة " وذلك بسبب كثرة التعليقات التى أشادت بالمقال حتى أن بعض المثقفين الذين أعتز برأيهم كثيراً قد أشادوا بالمقال .. وهو أمر جميل ويثلج صدر أى كاتب .. وعن سبب سعادتى كذلك أننى علمت من صديقى العجوز – جد الشاب الصغير المثقف الذى كان لى حوار معه – أن حفيده قد غادرنى وهو فى غاية السعادة وأنه يعتزم أن يطلب منى تكرار لقاءتنا .. ولكن مع بعض أصدقائه هذه المرة .. وأنا لا يسعدنى شئ قدر تواصلى مع الشباب وإحساسى بأننى ساهمت ولو بجزء بسيط فى تشكيل وجدانهم من خلال حوارى معهم . وهناك سبب آخر لسعادتى وهو أننى وجدت من يعزف على نفس الوتر ولكن بأنغام مختلفة .. فقد قرأت للكاتب الصحفى الأستاذ هانى عمارة – الذى لا أعرفه شخصيا ولم أتشرف بمقابلته – مقالا فى جريدة الأهرام بتاريخ الثامن والعشرين من يونيو لعام 2016 تحت عنوان " إندونيسيا .. الإختلاف سر الوحدة ! " يتناول فيه وحدة إندونيسيا برغم الإختلافات المتعددة بين فئات شعبها كما سنرى فى المقال الذى سأعرضه لحضراتكم .. وعلى غير العادة سأعرض المقال كاملا حيث أنه من المتعارف عليه فى عالم الصحافة أن يتم الإستشهاد بأجزاء من المقال فقط .. ولكننى حرصا منى على عدم الإجتزاء ونقل الفكرة كاملة .. بالإضافة إلى أن المقال نفسه قصير نسبيا .. إليكم المقال وبعدها سيكون لنا تعليق : إندونيسيا .. الاختلاف سر الوحدة ! الابتسامة والهدوء الطيبة والتواضع ، صفات لن تجهد نفسك كثيراً فى أن تكتشفها عندما تتعامل مع أى مواطن إندونيسى ، أضف إلى ذلك الحب والتقدير الذى يكنه هذا الشعب لمصر والمصريين والذى ترجمه سفير إندونيسيا فى القاهرة حلمى فوزى عندما قال : " إن مصر أول دولة فى العالم تعترف باستقلالهم وزوال الاحتلال الهولندى لبلادهم عام 1945وتفتح لهم سفارة هنا فى القاهرة " .. كلمات السفير جاءت فى إحتفالية رمضانية إندونيسية بالمسرح الصغير بدار الأوبرا .. أهم ما ذكره فى تقديرى ويجب ان يكون درسا وعبرة لنا فى العالم العربى والإسلامي أنهم أقاموا من الاختلاف فى الديانات و المذاهب والأعراق واللغات جسرا للوحدة والتواصل والتسامح والعيش فى سلام على أرضية المواطنة. فالإحصائيات تشير الى ان سكان اندونيسيا يقترب من 260 مليون نسمة ويعيشون على 17 ألف جزيرة .. ويتحدثون ست لغات وليس لهجات .. ورغم هذا التباين والتباعد والاختلاف فالوطن هو الذى يجمعهم .. وفى هذه السهرة أيضا قدمت الفرق الفنية عددا من الأعمال التى تعكس تراث بلادهم فى تابلوهات رائعة ومبهرة من التواشيح والرقصات الشعبية .. وينتهى العرض بأغنية عمرو دياب (أنا ميال) بصوت مطرب إندونيسى وسط تفاعل وتصفيق الحاضرين. وكما نرى من المقال التجربة الإندونيسية الثرية من الممكن أن تكون درسا وعبرة للشعوب الأخرى .. ويكفى أن نعرف أن تعدادهم يصل إلى 260 مليون نسمة ويعيشون على سبعة عشر ألف جزيرة .. وأنهم يتحدثون ست لغات .. أؤكد ست لغات وليس لهجات .. إلى آخر ما جاء فى المقال القيم . وهكذا يرى كل من السفير الإندونيسى فى القاهرة وكذلك الكاتب الصحفى الأستاذ هانى عمارة – وأنا أتفق معهم – أن كثرة الإختلافات يمكن أن تكون مدعاة للوحدة بين أبناء الوطن الواحد وليس الفرقة وهو الأمر الذى سنلقى عليه الضوء فى مقالنا القادم .. فإلى اللقاء بحول الله .
860
| 31 يوليو 2016
جاءتنى مكالمة تليفونية من أحد القراء الشباب الصغار – وهو حفيد أحد أصدقائى – يطلب فيها زيارتى .. وفى الموعد فوجئت به يسألنى عن معنى المصطلح السياسى " الفوضى الخلاقة " .. ولأن صديقى الشاب الصغير هذا من محبى اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم مع محاولاته الدائمة لفهم معانى الكلمات والآيات الكريمة .. ويجد فى ذلك متعة كبيرة ولذة فائقة حتى تكونت لديه حاسة تذوق معانى ما يصادفه من عبارات وجمل عربية .. ولأنه – حسبما قال – أنه يعرف أن الفوضى لابد أن تكون " هدامة " .. فكيف تكون هناك فوضى خلاقة وخاصة أن ذلك يقترن بإسم إحدى أكثر وزراء الخارجية الأمريكية السابقين شهرة وهى السيدة كونداليزا رايس .. واضاف صديقى الشاب أنه لم يستطع أن يتذوق هذا الكلام وبالتالى لم يتمكن من إستيعابه .. وطلب منى المعونة بالرأى . وفى هذا الصدد أقول لصديقى هذا وللأحباء من القراء أنه كثيرا ما يصادفنا بعض العبارات أثناء قراءة الصحف أو الإستماع إلى وسائل الإعلام ولكننا لا نتوقف أمامها كثيرا .. إما لعدم الإهتمام أو إعتمادا على أن " الأمور سوف تفسر بعضها " حسب التعبيرات الشائعة والمنتشرة بين الشباب فى هذه الأيام .. ولكننى أكبرت هذا النهج فى هذا الصديق الصغير فى السن والذى يتمتع بهذه الصفات التى يندر أن نجدها فى الكثير من الكبار .. وبدأت فى الشرح بقدر ما أسعفتنى به الذاكرة .. فقلت لصديقى الذى جلس أمامى واضعا رأسه على كفيه وهو ينصت بإهتمام بالغ . ولكى نعرف أصل هذه الفوضى فإننا لابد أن نعود إلى نهايات الدولة العثمانية وتزايد النشاط الصهيونى فى المنطقة بعد عزل السلطان عبد الحميد عام 1908 .. وبسبب تفشى الفساد والرشوة فى الإدارة العثمانية والذى أدى إلى الإنهيار الكامل للدولة العثمانية فى نهاية الحرب العالمية الأولى .. وكان قد سبق ذلك عقد الإتفاقية الشهيرة " سايكس بيكو " بين بريطانيا وفرنسا وبمباركة روسيا القيصرية والتى تنص على تقسيم منطقة " الهلال الخصيب " بحيث تحصل فرنسا على سوريا ولبنان والموصل من العراق وتحصل بريطانيا على باقى بلاد الشام بالإضافة إلى بغداد والبصرة . ووجدت صديقى الشاب يسألنى عن معنى كلمة " سايكس بيكو " هذه قبل أن نستأنف الحديث .. ولقد كنت أتوقع هذا السؤال على أية حال .. فقلت له أنها مركبة من إسم الدبلوماسى الفرنسى فرانسوا بيكو والدبلوماسى البريطانى مارك سايكس . وكان كل ما سبق من بنود الإتفاقية يجب أن يظل سرا لأن ذلك سيسير بالتوازى مع التمهيد لقيام دولة يهودية على أرض فلسطين وهو ما سنتناوله الآن ولكن بعد أن نوضح أن الله خيب رجاء أصحاب الإتفاقية أو بالأحرى مؤامرة سايكس بيكو الهدامة وذلك بقيام الثورة البلشفية فى روسيا القيصرية عام 1917 حيث تم نشر بنود المؤامرة المشئومة على الملأ . أما عن قيام دولة الكيان الصهيونى فقد تواكب ذلك مع زيادة النشاط الصهيونى فى فلسطين بالرغم من أن عدد السكان من اليهود لم يكن يتجاوز خمسة فى المائة .. ومع هذا فقد أعطى بلفور وزير خارجية بريطانيا وعده المعروف بإسمه " وعد بلفور " بتأييد بريطانيا بإنشاء وطن قومى لليهود على أرض فلسطين .. وهو ما ينطبق عليه تماما القول المعروف ب " وعد من لا يملك لمن لا يستحق " .. وكان ذلك قبل شهر واحد من إحتلال بريطانيا لفلسطين . ولو أننا نظرنا إلى المنطقة العربية فى تلك الفترة لوجدنا نموذج الفوضى فى كل البلاد من شرقها إلى غربها حيث تم إقتسام المنطقة الواقعة شرق المتوسط كما أسلفنا بالإضافة إلى وقوع مصر والسودان تحت الإحتلال البريطانى .. ودول المغرب العربى ( تونس والجزائر والمغرب ) تحت الإحتلال الفرنسى .. وحتى إيطاليا لم تشأ أن تقف موقف المتفرج فقامت بإحتلال ليبيا بموجب معاهدة لوزان عام 1912 . ولعل ما سبق يفسر ما سبق أن كتبناه فى بداية هذا المقال من أن الفوضى الخلاقة بدأت قبل كوندليزا رايس بسنوات طويلة .. لقد كان التخطيط يهدف إلى تقسيم المنطقة أو بالأحرى تفتيتها حتى يسهل إبتلاعها والسيطرة عليها من كافة النواحى وخاصة الفكرية والإقتصادية . ونتوقف هنا برهة بناء على إستفسار وتعجب من صديقى القارئ الشاب الصغير .. فقد قال أنه يفهم السيطرة الإقتصادية بنهب الموارد المالية وخاصة البترول ومشتقاته .. فماذا عن السيطرة الفكرية .. ولا أخفى عليكم إعجابى بطرح السؤال عن السيطرة الفكرية والتى تعنى التدخل فى إعادة تشكيل وجدان الشعوب المحتلة عن طريق نواح عدة مثل الأدب والموسيقى والفن بشكل عام فضلا عن فرض الأفكار والبديهيات فى العملية التعليمية وهى من أشد الأسلحة فتكا فى إعادة تشكيل وجدان الشعوب .. وهذا الأمر يستحق منا أن نفرد له مقال خاص . ولأن الأمة العربية دائما زاخرة بأفضل العناصر البشرية المخلصة والمؤمنة بالله وقضايا الأوطان فقد جاهد الكثير من أبنائها فى سبيل تحريرها والتخلص من تلك السيطرة الإستعمارية فنجد قيام الثورة المصرية يوليو 1952 على يد نفر من أفضل رجال الجيش فى مصر يتقدمهم الضابط الشاب جمال عبد الناصر ومجموعة من الضباط الأحرار ونجحت هذه المجموعة فى إجبار ملك مصر على التنازل عن العرش كما هو معروف .. وكان أفضل ثمرات هذه الثورة هى جلاء آخر جندى بريطانى عن مصر فى 1954 .. كما نجح السودان فى نيل الإستقلال عام 1956 .. وكذلك سوريا فى أبريل 1956 .. وتبعتها لبنان فى ديسمبر من نفس العام .. ولم يتوقف المد الثورى عند هذا الحد بل إمتد إلى دول المغرب العربى لتحصل تونس والمغرب على الإستقلال فى 1956 وتعقبهما الجزائر فى 1962 .. وهنا لابد أن نسوق ما أقره المؤرخون عن دور مصر فى تفجير ثورات العالم العربى فى الخمسينيات والستينيات ضد كل هذه القوى المحتلة حتى رحلت عن الدول التى تحتلها .. فهل كان هذا نهاية المطاف ؟ كلا والله .. لقد قامت تلك القوى الآثمة بتسليح إسرائيل وتقويتها عسكريا .. وكانت نكسة 1967 التى نجم عنها إحتلال سيناء .. وجميعنا يعرف ما أعقب ذلك من إعادة تأهيل الجيش المصرى والذى كان نصر أكتوبر 1973 هى أهم ثماره وما تلا ذلك من إتفاقية السلام التى إستعادت فيها مصر كامل أرضها لتبدأبعد ذلك التفرغ لإعادة بناء الوطن . ولكن هل كان ذلك كافيا لتتوقف تلك القوى وهذه الدول (بريطانيا وفرنسا ) عن مؤامراتهما .. والإجابة لا .. لا كبيرة .. كيف ؟ لقد عادتا – وهذه المرة بقيادة أمريكية – إلى التدخل الناعم الطويل الأمد وذلك بإنشاء كيانات إرهابية مسلحة تطلق على نفسها أسماء إسلامية مثل القاعدة وداعش وغيرها .. وهى بهذا تهدف إلى إضعاف دول المنطقة واستنزاف قواها ونشر " الفوضى " فى أرجائها .. الفوضى هنا أصبحت مسألة نسبية .. فهى من وجهة نظرهم وبالنسبة لأهدافهم وتحقيقها " فوضى خلاقة " .. تساعد على تحقيق مصالهم .. ولكنها بالنسبة لنا ليست فقط هدامة .. بل ومدمرة أيضا . وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال حتمى .. لم تطلق هذه الجماعات الإرهابية والممولة من تلك القوى على نفسها أسماء إسلامية ؟ وستكون الإجابة بسيطة وحتمية أيضا .. وهى أنهم يسيطرون على عقول الشباب بالأفكار الناعمة الخاطئة والتى لا تهدف إلا للإساءة لصورة الإسلام أمام العالم وهو هدف عظيم بالنسبة لهم يبذلون من أجله كل غال ونفيس . وفى هذا الصدد فإننا نسوق ما قاله الحكماء قديما " من يربى الثعابين لا يسلم من لدغها " .. وهذا القول نراه يتحقق على أرض الواقع عندما نرى التفجيرات الإرهابية فى المدن الأوروبية وتحديدا البريطانية منها والفرنسية وهم الذين قاموا بتربية الثعابين الإرهابية لإزعاج وتفتيت الدول العربية والإسلامية وإضعافها ليسهل إبتلاعها .. والأهم من كل هذا – بالنسبة لهم – هو الإساءة للدين الإسلامى نتيجة لما يرتكبه هؤلاء الذين تم غسيل أدمغتهم لتحقيق هذا الهدف .. وهكذا لم يسلم هؤلاء من لدغ الثعابين التى قاموا بتربيتها . ونتوقف عند هذا الحد آملين أن نكون قد إستطعنا أن نلقى بعض الضوء على ما طلبه منا صديقى القارئ الشاب الصغير المثقف والذى أصبح من الواضح لدينا أن مداركه الذهنية تفوق ما يمكن أن نتوقعه ممن هم فى مثل عمره . ونأمل أن نلتقى فى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
541
| 30 يونيو 2016
كما سبق أن كتبت أن العقدين الأخيرين شهدا تطورا هائلا وغير مسبوق فى وسائل الإتصالات حتى أن الكثير من الكُتاب يعتبرون أن هذه الطفرة وهذا التطور لم تشهد له البشرية مثيلا منذ الثورة الصناعية .. وأنا أتفق معهم فى هذا بل أزيد بأنه يتجاوز أثر تلك الثورة من حيث كونها قفزة معرفية هائلة تمثلت بصورة أساسية فى ثورة الإتصالات التى حولت عالمنا بقاراته المختلفة إلى قرية كونية متصلة ببعضها . وكعادة رجال المال أو ما أصبحنا نطلق عليهم رجال الأعمال فى كل الأزمنة وجميع الأماكن فى تحويل كل ما يصادفهم إلى مصلحتهم فقد أصبحت الإعلانات المحرك الأساسى لأى وسيلة إعلامية بل وأصبحت تفرض هيمنتها فى إختيار نوعية البرامج وأسماء الشخصيات المشاركة فيها .. ويندرج نفس الكلام على الأعمال الدرامية التى أصبح أصحاب الإعلانات يختارون أبطالها بالإسم مهما تكلفت شركات الإنتاج من أموال وذلك بدعوى أن وجود هذه الشخصية فى العمل الدرامى يكون عامل جذب للمشاهدين فى متابعة الإعلانات وبالتالى الإقبال على السلع والمنتجات التى تتناولها إعلاناتهم .. ولا أذيع سرا إذا ما عرفنا أن هناك صفقات وتحالفات بين شركات الإعلانات للسيطرة على ما تبثه الفضائيات بالكامل . وحتى وقت قريب كانت هناك قنوات محدودة وتبث برامجها فى ساعات تكاد تكون معروفة للكافة .. كما كانت هناك مواعيد محددة لبداية وإنتهاء ساعات البث التليفزيونى وبالتالى كانت هناك أوقات محددة لبث الإعلانات والتى كانت تنحصر فى الوقت الذى يسبق بث الأفلام أو المسلسلات أوالمباريات أو فى فترات الإستراحة بين أشواط المباريات .. ولم يكن هناك أى إعلان يتخلل أى فيلم أو عمل درامى مهما كانت الأسباب .. وكان هناك مسلسل درامى واحد يلتف الجميع حوله وكان يعاد بثه مرة أخرى أثناء ساعات الإرسال المحدودة .. وفيلم عربى يوم الخميس .. ومباراة فى كرة القدم يوم الجمعة عصرا وأحيانا يوم الأحد .. وكانت الحياة ممتعة على الأقل لأنه كان هناك وقت للقراءة .. وكان كل شخص يقرأ صحيفة ورقية على الأقل كل يوم حيث كانت كل الأسر تحرص على إقتناء صحيفة واحدة يوميا .. وأحيانا مجلة أو أكثر .. منها المجلات النسائية والإجتماعية والمجلات المتخصصة للأطفال .. هذا فضلا عن الكتب التى كان يقرأها الإنسان العادى سواء بالإقتناء أو عن طريق الإستعارة أو حتى تبادل الكتب بين الأصدقاء . ولكن الصورة إختلفت تماما الآن .. وبالتحديد فى العقدين الأخيرين حيث حدثت تلك الطفرة التكنولوجية التى أشرنا إليها فى بداية مقالنا هذا .. وبالتالى تطورت وسائل الإتصالات بشكل كبير للغاية .. وإنعكس ذلك على وسائل الإعلام بالضرورة فمن الواضح أن عصر الكلمة المكتوبة قد أصبح فى مأزق وخاصة الصحافة الورقية التى يجمع الخبراء على أن عهدها قد ولى ولن يصمد أمام العهد الجديد للتكنولوجيا وخاصة أنه أصبح هناك عدد هائل من القنوات الفضائية والتى يعجز أى إنسان أن يعرف عددها.. بل أكاد أزعم أنه لا توجد هيئة أو جهة تستطيع أن تحصر عدد الفضائيات التى تبث إرسالها لنا .. ولكن من الواضح أن هناك سمات مشتركة بين هذه الفضائيات .. وسنحاول هنا أن نرصد بعضها .. ومنها على سبيل المثال أن جميع هذه الفضائيات تعمل طوال الأربعة وعشرون ساعة يوميا .. بمعنى أنها تبث برامجها بدون توقف .. والعمل أو البث فى حد ذاته ليس بالعمل السئ .. ولكننا لو نظرنا إلى الناتج لهالنا أن نعرف أن الجديد لا يتجاوز ساعتين أو ثلاث يوميا وأن باقى الوقت يستهلك فيما بين إعادة بث الأفلام أو حلقات المسلسلات أربع مرات يوميا على الأقل وبين الإعلانات التى تسبق وتتخلل وتعقب كل مادة يتم بثها وهو ما سنتطرق إليه لاحقا . كما أنه لوحظ أن جميع هذه الفضائيات لا تكتفى بقناة واحدة بل تجد نفس الإسم مكرر وبإضافة رقم واحد أو إثنان أو ثلاثة وهكذا .. وبعض القنوات تنشئ لها فروعا تحت مسميات الثقافية أو الرياضية وغيرها .. وإذا ما عرض الأمر على المتخصصين فى المجال الإعلامى فسوف نجد أن القائمين على تلك القنوات يزيدون من بث بعض المواد فى محاولة منهم لصبغها بالتخصصية فى محاولة لجذب شرائح معينة من المشاهدين .. وهو أمر غير صحيح من الناحية العلمية .. المهم عند هؤلاء هو الإعلانات التى باتت تتحكم فى كل شئ تقريبا .. وتطارد المشاهدين فى كل الأوقات قبل وبعد وأثناء البرامج والمسلسلات والأفلام .. فبعد أن كنا نشاهد بعض الإعلانات قبيل البرامج التى نشاهدها أصبح ذلك غير كاف بالمرة – من وجهة نظر مسئولى تلك القنوات بالطبع – فقد أصبحت الإعلانات مفروضة على المشاهدين ولفترات طويلة جدا قبل أى مادة معروضة .. وما يكاد البث يبدأ حتى يتم قطعه بسبب الإعلانات لدرجة أن الكثير من المشاهدين – وهذه ليست طرفة – ينسى ما كان يشاهده من جراء طول فترة الإعلانات .. وهذا الإلحاح فى البث الإعلانى أصبح مصدر ضيق لكل الناس من جميع الأعمار حتى أننى سمعت بعض الأطفال وهم يتحدثون فى ذلك الموضوع وكيف أن الأمر برمته تحول إلى إعلانات تتخللها بعض البرامج . والمشكلة الحقيقية أن أغلب هذه الإعلانات يكون شديد الجاذبية حيث تقوم بدور فاعل فى جعل كل ما كان مستحيلا أو صعبا أو حتى ممكنا فى المستقبل ممكنا فى الواقع وسريع التحقيق وسط جملة من الأكاذيب والصور شديدة الجاذبية والإيحاءات الإعلانية التى تلعب على وتر الحاجة وحب التملك وغيرها من الغرائز والتى لا يخلو الأمر من أن تصل الى الناحية الجنسية . والمؤسف حقا أن ضحايا الإعلانات ليس الأطفال والنساء الغير متعلمات فقط ولكن الأمر يتجاوز ذلك ليشمل فئات المتعلمين المفترض فيهم درجات عالية من الوعى والتدقيق . ولو أن المشكلة إقتصرت على النزوع الإستهلاكى وحمى الشراء لهانت الأمور .. ولكن المشكلة تفوق ذلك بكثير بسبب التعارض فى الدور والرسالة والمسئولية .. وأيضا بسبب التداخل فى طبيعة العمل الإعلامى والإعلانى حيث إجتاح الإعلان الكثير من الثوابت والتقاليد المعمول بها والمتوارثة عبر الأجيال المتعاقبة .. ووصل الأمر إلى تضخيم الأدوار وتزييف الحقائق بسبب سطوة رجال الأعمال وقدرة المال على فعل الصعب والمستحيل حتى أصبح من المألوف شراء صفحات كاملة من الصحف الكبرى تغطيها الإعلانات .. ومن البديهى أن يكون ذلك خصما من الدور الإعلامى .. بل حتى والتأثير السلبى الدائم على الأعمال الفنية والدرامية .. ولكن تلك طامة أخرى سنحاول بعون الله أن نسلط عليها الضوء فى مقالاتنا القادمة . وإلى اللقاء فى مقالنا القادم بحول الله .
341
| 23 يونيو 2016
أعلم تماما أن عنوان هذا المقال غير مألوف وقد يكون وقعه على الآذان غير عادى .. كما قد يثير علامات الدهشة أو التساؤلات حيث من غير المعتاد أن تُزرع الأخلاق .. كما أعلم أيضا أن مثل هذه الموضوعات لا تستهوى الكثير من القراء ولا يقبلون عليها لأسباب عديدة لعل أهمها أن صفحات الجرائد تمتلئ بالمقالات والدراسات التى تتناول هذه الموضوعات .. ولأنها فى أغلب الأحيان تكون جافة ومليئة بالوعظ والإرشاد .. والإنسان بطبعه لا يميل إلى أن يكون فى مقاعد " التلاميذ " الذين يتلقون هذا السيل من العبارات التى تلقنهم دروسا فى " الأدب " وهو ما لا يعتقد الكثيرون أنهم فى غير حاجة إليها. وأجدنى فى حاجة إلى الإعتذار عن تلك المقدمة الطويلة نسبيا ولكننى أعتبرها جزءاً هاماً للدخول ومناقشة هذا الأمر الغاية فى الأهمية .. الأخلاق .. نعم الأخلاق – وهى كما نتفق جميعا – أولى خطوات النجاح والتقدم لكافة المجتمعات .. وفى كل العصور القديمة والحديثة على السواء .. ولأنها تتعلق بالآداب العامة فى التعامل والتى من خلالها تتكون ملامح المجتمعات والحضارات . وفى مجتمعاتنا العربية تجد أننا فى حاجة أكثر من غيرنا من الشعوب إلى التأكيد على مفهوم الأخلاق لأننا شعوب تعتبر الدين أهم الأسس الذى تقوم عليه حياتنا .. ولا يوجد ثمة تعارض بين الدين والأخلاق .. بل إن الدين هو الدعامة الأساسية للأخلاق وليس أدل على ذلك من الإهتمام بالأم التى تلقى إهتماما بالغا فى كل الأديان .. ودورها الغاية فى الأهمية فى تنمية العلاقات والقيم بين أفراد الأسرة والمجتمع. ولأن تنمية الأخلاق تكون من خلال محاكاة الواقع .. ومحاكاة الواقع هو أفضل وسيلة للتعليم كما يجمع علماء الأديان المختلفة وكذلك العلماء فى مجالات التربية وعلم النفس .. ومن هنا كان التأكيد على دور الأم والمعلم والقدوة الحسنة بشكل عام .. وهل هناك من هو أقوى تأثيرا من الأم التى هى أول وأهم من يؤثر فى الإنسان. ولا يمكن فى هذا المجال أن نغفل دور الإعلام والذى يوصف دائما بأنه مرآة المجتمع.. وأقل ما يمكن أن يقوم به فى هذا الصدد هو الإبتعاد عن الألفاظ البذيئة والإيحاءات الجنسية التى لا تعطى القدوة الصالحة للناشئة.. كما يجب الإهتمام بالإعلانات التى يهواها الصغار والكثير من الكبار وذلك بالإبتعاد عن الإعلانات الغير هادفة والتى تعطى القيمة الحقيقية للأشياء والبعد عن المغالاة وهو ما يساعد على تنمية الأخلاق. وهنا يجب أن ننوه إلى الأهمية القصوى للدراما والإعلانات فى غرس الأخلاق الحميدة وهو ما نرى من واجبنا أن تكون لكل منهما مقالات منفصلة تناقش دورهما بالتفصيل والتحليل والدراسة. ويمكننا أن نقول بإطمئنان أنه من أجل تنشئة أجيال جديدة لديها الإرادة والتحدى وهما المحركان الأساسيان لتنمية أى مجتمع وضرورة مواصلة الجهد لتحقيق هاتيك الأهداف وتوريث قيمة الولاء للأوطان والتمسك بالدين والإخلاص فى العمل .. وكذلك تعزيز أسس الديمقراطية من خلال عدم التعصب لرأى واحد والإستماع للرأى الآخر وإحترامه. تحية منا لكل من يساهم فى زرع الأخلاق الكريمة بالقدوة الحسنة والمثال المحترم الذى يهدى الناشئة .. تحية إلى كل أم وكل معلم وكل رجل دين وكل فنان محترم. وفى النهاية نتمنى أن يكون الله قد وفقنا فى العنوان الذى إخترناه لمقالنا هذا .. وأن ينتفع البعض بما جاء فيه .. وندعو الله أن نلتقى معكم فى موضوعات ومقالات هادفة .. فإلى اللقاء ومقالنا القادم بحول الله.
2797
| 12 يونيو 2016
كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق من سلسلة مقالات " قضايا تربوية " والتى وعدنا القارئ الكريم أن تكون قضية التعليم هى شغلنا الشاغل فى المرحلة القادمة .. وتحت عنوان " تحديث المنظومة التعليمية " توصلنا إلى أن بداية النهضة فى تنمية أى مجتمع تبدأ من التعليم .. أو بالأحرى التعليم الأساسى .. بمعنى أن نبدأ من البدايات الأولى .. وفى نفس المقال دعونا إلى تشكيل لجان من أساتذة الجامعات وخاصة أساتذة كليات التربية وخبراء التعليم لوضع خطة للتحديث شريطة أن تكون مرتبطة بجدول زمنى يتم مراقبة تنفيذه بمنتهى الدقة .. إلى آخر ما جاء فى المقال . وإذا كان الهدف من تحديث المنظومة التعليمية هو الطالب فإن ذلك صحيح ولكن على المدى القريب لأن الهدف من وراء ذلك التحديث هو النهوض بالمجتمع ومواكبة كل ما هو جديد فيما له علاقة بالتنمية الحضارية حتى نقف على أعتاب المستقبل .. وفى سبيل ذلك لابد فى البداية أن تزيد الدول من نسبة الإنفاق الحكومى على التعليم بالموازنات المالية لكل دولة حتى يتناسب ما تنفقه الحكومات مع المعدلات العالمية . ومن البديهى هنا أن نتناول تلك المحاور الأساسية التى تقوم عليها أى منظومة تعليمية وهى : - البيئة المدرسية .. بما فى ذلك المبانى شاملة الفصول الدراسية والمعامل والملاعب والحدائق إلى آخر المكونات . - المناهج التى ستدرس وما هى غاياتها وأهدافها وقد تناولنا جزءا منها فى مقالنا السابق وسنوالى الكتابة بالطبع حتى إستيفاء الموضوع . - الأنشطة المدرسية المختلفة من رياضية وفنية وغيرها والتى تعتبر الدعامة الأساسية التى تحسن من أداء الطلاب وتزيد من ثقتهم بأنفسهم وتجعل تواجدهم بالمدرسة أكثر متعة وبالتالى أكثر إفادة وكل ذلك يصب فى مصلحة العملية التعليمية . - التجهيزات المدرسية .. وليس المقصود هنا هو الأثاث من مقاعد وطاولات وسبورات - برغم أهميتها القصوى - ولكن الأمر يمتد ليشمل الوسائط التعليمية المختلفة من سبورات ذكية وحاسبات إليكترونية وفيديوهات وكل ما من شأنه أن يزيد قدرة الطلاب على الفهم والتعليم والإستيعاب وتنمية شخصياتهم وإعطاء كل طالب مساحة للتعبير والحوار وإبداء الرأى .. والأهم من كل ما سبق تنمية مهارات البحث . - العنصر البشرى .. والمقصود هنا من سيقوم بتنفيذ هذه السياسات والمناهج والإستفادة من كل النقاط التى ذكرناها وهو المعلم الذى يمكن أن نقول بإيجاز شديد أنه عصب العملية التعليمية وحجر الزاوية فى كل ما يتعلق بالتعليم والتربية .. وفى هذا الشأن نؤكد على بعض النقاط فى غاية الأهمية والخطورة لعل أولها التدقيق فى إختيار المعلمين الذين لديهم القدرة على العطاء والعمل وذلك بعد إجتياز إختبارات نفسية وتربوية . - كما يجب إختيار المعلمين المؤهلين علميا والقادرين على الإضطلاع بتوصيل المعلومات والتعامل مع تكنولوجيا التعليم الحديثة . - مازلنا نتناول العنصر البشرى – وأهمها المعلم – والذى بعد أن ندقق فى إختياره ونتأكد من كفاءته أن نقوم بتدعيم خبراته العلمية والتربوية من خلال دورات تدريبية مستمرة للتأكد من إطلاعه على كل المستجدات العلمية والتكنولوجية فى مجال التربية والتعليم وذلك لضمان المحافظة على مستواه الفكرى وبالتالى التأكد من إستمرار قدرته على العطاء بالشكل المناسب والمطلوب . - وأخيرا فإنه يجب تخصيص نسبة كبيرة من ميزانية الإنفاق الحكومى على التعليم والتى أشرنا إليها فى بداية هذا المقال للعمل على تحسين دخول المعلمين وضمان حصول المعلم على دخل يتناسب مع المستوى المعيشى للطبقة المثقفة فى المجتمع . وإذا ما وضعنا النقاط السابقة نصب أعيننا فإننا بذلك نكون قد وضعنا أقدامنا على بداية الطريق السليم لإصلاح المنظومة التعليمية وبالتالى تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعاتنا العربية . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
4820
| 10 مايو 2016
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1410
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
792
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
735
| 14 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
618
| 18 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
606
| 18 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
591
| 18 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
585
| 15 سبتمبر 2025
حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...
579
| 14 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
579
| 15 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
528
| 16 سبتمبر 2025
في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان...
495
| 14 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية