رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اللهجة العامية(2)

تحدثنا في المقال الماضي عن اللهجة العامية ورأينا كيف أن بعض من يكتبون في أيامنا هذه يجدون فيها سهولة لا يجدونها في اللغة العربية الفصحى نتيجة لاعتيادهم التحدث بها في حياتهم اليومية لدرجة أن البعض صار يطلق عليها اللغة العامية وهي مالا تحمل قواعد أو مقومات أية لغة على الإطلاق .. وقد يكون ذلك بغرض الاستظراف أو محاولة ممجوجة لاستدرار الضحك .. إلى آخر ما سقناه من أسباب. ورأينا كيف أن اللهجة العامية يمكن أن تكون موردا ينهل منه الكُتًاب في المواقع التي ذكرناها .. وذهبنا إلى أكثر من ذلك في أن استخدام العامية يكون أحيانا أفضل لنقل لغة الشارع أو لنقل كلام عن قائله بالنص ونصحنا بأن يُكتب ذلك بين علامتي تنصيص . وكان الحل الذي نصحنا به في هذا الموضوع هو استخدام اللغة العربية السهلة التي تصل إلى الجميع بيسر وسهولة وهو ما سنتطرق إليه لاحقا في مقالنا هذا.. وأنه لابد أن يضع الكاتب في حسبانه أنه يوصل فكرة أو يعبر عن معنى .. وأن بلوغ الهدف المنشود من الكتابة سيكون عامل جذب في زمن يعزف فيه غالبية الناس – حتى المثقفون منهم – عن القراءة ويتابعون وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وأصبح من النادر اقتناء الكتب إلا بغرض وضعها في مكتبات غرف المعيشة على سبيل الوجاهة والتفاخر.. ولولا أن الصحف اليومية يسهل حملها بالإضافة إلى ما تحمله من جديد الأخبار بين دفتيها ما اقتناها أحد بدورها.. وحتى المجلات تعتمد على ما تقدمه للنساء من أحدث خطوط الموضة وأفضل طرق التخلص من الوزن الزائد وتفسير الأحلام وحل المشاكل العاطفية فضلا عن أخبار الفنانين وفضائح بعض الفنانات ما وجدت من يهتم بشراء نسخة واحدة منها حتى أصبحت في معظمها تتسم بالسطحية والضحالة إلا في القليل النادر وفى بعض الصفحات فقط.. ولا يقتصر الأمر على هذه المجلات فقط بل تعداها إلى معظم المجلات خاصة الشبابية منها حتى شاع مؤخرا بين شباب الصحفيين الجادين مقولة أن هذه المجلات – النسائية منها أو الشبابية – ما تصدر إلا لتوضع في صالونات الحلاقة والتجميل ليتصفحها الزبائن حتى يحين دورهم . وحتى كل هذا يستطيع الراغبون في متابعته تحقيق ذلك مجانا عن طريق الإنترنت أو الصحافة الاليكترونية أو الكتب الاليكترونية.. يعني باختصار يجب أن تعود الكلمة المكتوبة إلى سابق عهدها كعامل جذب في مواجهة كل ما ذكرناه في هذا المقال ونوجزه فى استخدام الفصحى البسيطة واللهجة العامية للضرورة وفى المواضع التى ذكرناها ..أو أن نستخدم ما أصبح يطلق المثقفون عليه اللغة الوسطى وذلك بإعتبارها الأنسب لوسائل الإعلام .. ويمكننا تعريف اللغة الوسطى بأنها مزيج من اللغة العربية السهلة واللهجات المحلية بالشروط التى ذكرناها آنفا فضلا عما دخل إلى العربية من مصطلحات أجنبية وقد يكون لذلك سببا وجيها آخر وهي أن اللغة العربية متجددة بطبيعتها ومع حركة الحياة ودخول المخترعات الحديثة بما تحمله من مصطلحات جديدة إلى حياتنا تزداد الحاجة إلى تلك اللغة العربية الوسطى والتي تحتوى على هذه الألفاظ مثل تلك التي رصدها الدكتور محمد داوود التنير فى كتاب بعنوان " ألفاظ عامية فصيحة " والذي جمع فيه حوالى ألف وأربعمائة كلمة عامية وطلب من مجمع اللغة العربية إقرارها والتصديق عليها ولعله وجد فيها مع غيره من العلماء ما يسهل وصول اللغة العربية سواء كانت مكتوبة أو مسموعة إلى المتلقى – القارئ - مع إدراكنا جميعا أن المهمة الأساسية لهذا المجمع العظيم هو المحافظة على سلامة الفصحى . وإلى لقاء آخر في مقال جديد بحول الله .

3308

| 21 مايو 2013

اللهجة العامية (1)

لا شك أن اللهجة العامية المصرية هي الأوسع انتشارا بين الناطقين باللغة العربية.. ويرجع ذلك لأسباب عديدة ليس مجال ذكرها هنا ولكننا نوجزها في أن مصر هي الدولة العربية الأكبر والأكثر تعدادا والأعرق ثقافة.. وفي العصر الحديث كانت الأسبق في مجال الصحافة والإذاعة والمسرح والسينما وأخيرا التلفزيون.. ومن النادر أن يتحدث شخص مصري بلهجته العامية ولا يفهمه الآخرون من أبناء باقي الشعوب المتحدثة بالعربية.. والعكس غير صحيح. ونحن لا اعتراض لدينا على استخدام العامية في حد ذاته إلا أن تكون بديلا للغة الفصحى وأن تحل محلها وبذلك ينشأ لدينا جيل لا يعرف لغته الأم ويصبح الاعتماد على اللهجات هو الأصل فنفقد بذلك واحدا من أهم الروابط التي توحد الشعوب العربية . وليس معنى هذا أنه يمكننا الاستغناء كلية عن العامية التي لابد منها في بعض الأحيان كأن ننقل كلاما بالنص عن قائله على أن نضع ذلك بين علامتي تنصيص أو قد تكون لازمة لنقل نبض الشارع أو ما يدور في الريف أو لأجل إشاعة روح الفكاهة في النص على سبيل المثال.. وقد يلجأ بعض الكُتاب إلى كتابة الحوار بين الأشخاص في القصص والروايات والنصوص المسرحية متى كان ذلك أكثر جدوى في نقل المغزى المطلوب.. وهذا في حد ذاته يعتبر إضافة ولكن يشترط أن يكون ذلك بعيدا عن الابتذال أو لأغراض الاستسهال والهرب من عدم تمكن البعض من الفصحى.. ويجب ألا تكون هناك نصوص بكاملها مكتوبة باللهجة العامية كما شاع مؤخرا في بعض الصحف . والغريب أن الكثير من الناس يستخدم مصطلح اللغة العامية وليس اللهجة العامية كما أسلفنا.. فلا يوجد ما يمكن أن نطلق عليه اللغة العامية من الأساس حيث أن أي لغة لها قواعد وأصول ويمكن عند اتباعها حفظ اللغة من الضمور أو الانقراض.. ولعل أصول اللغة العربية وقواعدها هو ما حفظها حتى الآن وكذلك اللغات الحية الأخرى.. يضاف إلى ذلك أن المولى عز وجل خص العرب بشرف نزول القرآن بلغتهم وتعهد سبحانه وتعالى أن يحفظ الذِكر " بكسر الذال " أى القرآن وبالتالي فستحتفظ اللغة العربية بديمومتها إلى الأبد بموجب هذا التعهد الإلهي . وفى نفس الوقت فإنه لا يجب أن يلجأ بعض الكُتاب إلى التقعر واستخدام مفردات يصعب على الغالبية فهمها وتجعلها بعيدة عن الفهم بالنسبة لبعض القراء.. ولعلنا نحن الناطقون بالعربية أوفر حظا من غيرنا لثراء لغتنا وتعدد مفرداتها لدرجة تجعل الكاتب يحتار في بعض الأحيان عند اختيار بعض الكلمات ليس لندرتها ولكن لكثرتها وتنوعها . ويجب على الجامعات والمدارس العودة لاستخدام اللغة العربية الفصحى في قاعة الدرس.. والأولى بكل وسائل الإعلام – خاصة المسموعة والمرئية – عدم التحدث باللهجة العامية مطلقا.. بل إنني أطالبهم بعدم استضافة من لا يتمكن من الإعراب عما يريد بلغة عربية مبينة . والحل الذي ننصح به في هذا الموضوع هو استخدام اللغة العربية السهلة التي تصل إلى الجميع بيسر وسهولة.. وأن يضع الكاتب في حسبانه أنه يوصل فكرة أو يعبر عن معنى.. وأن بلوغ الهدف المنشود من الكتابة سيكون عامل جذب في زمن يعزف فيه غالبية الناس – حتى المثقفون منهم - عن القراءة . ونأمل أن يكون كلامنا ذا نفع لكل من يحمل قلما.. حيث يجب علينا التوقف عند هذا الحد بسبب المساحة المتاحة.. وللحديث بقية حيث أننا قد نتطرق إلى ما يمكن أن نطلق عليه اللغة الوسطى وهو أقرب إلى ما أسلفناه في مقالنا هذا والتي أصبحت ضرورية وملحة لوسائل الإعلام في خطابها اليومي للجماهير وهو ما سيؤدى إلى إدراك المعاني والدلالات التي تحملها ألفاظها . وإلى اللقاء في الجزء الثاني من الموضوع ومقالنا القادم بحول الله .

1182

| 11 مايو 2013

نزار قباني.. شاعر الحب والرومانسية (2)

في العدد الماضي تحدثنا عن نشأة شاعر الحب والرومانسية وتعليمه وعشقه للشعر منذ نعومة أظافره وأنه كتب أول ديوان له وهو طالب بكلية الحقوق ونشره على نفقته بل انه أسس دارا للنشر وهو في هذه السن الصغيرة.. كما رأينا أن عمله بالسلك الدبلوماسي أتاح له السفر والإقامة في عدة مدن أبرزها مدريد ولندن وبيروت والقاهرة. واليوم نستكمل ما بدأناه ونرى أثر كل ذلك على أشعاره.. لقد أحب المرأة واحترمها ودافع عن حريتها.. يقول الأديب الكبير الأستاذ يوسف إدريس عن نزار أنه دخل مملكة الشعر من باب الحريم حيث يداعب مشاعرها حين يقول: أريد النقاط رسوم لشكل يديك لصوت يديك لصمت يديك فهل تجلسين أمامى قليلا لأرسم المستحيل وكان نزار يؤجج مشاعر المرأة عندما يقول: كيف العثور عليك.؟ انى ضائع بين القطيفة والبنفسج والزمرد والرخام إن كنت خائفة فلا تتكلمى فأنا أشم الصوت قبل مجيئه وأشم رائحة الكلام وكانت له معادله وفلسفة وجودية فى الحب حيث يقول : أعشق يا حبيبتى إذن أنا موجود أكتب يا حبيبتى فأسترد الزمن المفقود ولابد أن نزار قد تأثر بأسفاره وخبراته المتعددة فى المدن والأقطار المختلفة حين يقول : عيناك من عسل حجازى وخصرك بعض ما غزل الغمام ويداك من ذهب ومن عنب ومن خمر حليبى ومن ريش النعام وأنا أمام تحولات الكحل فى العينين طفل ضائع وسط الزحام وأنا أحبك غير أنى قد نسيت الآن ترتيب الكلام والآن دعونا نبحر مع أجمل ما كتب شاعرنا – فى رأيى الشخصى – وقصيدة " كلمات " والتى يقول فيها : قولى أحبك كى تزيد وسامتى فبغير حبك لا أكون جميلا قولى أحبك كى تصير أصابعى ذهبا وتصبح جبهتى قنديلا قولى أحبك كى يتم تحولى فأصير قمحا أو أصير نخيلا الآن قوليها ولا تترددى بعض الهوى لا يقبل التأجيلا قولى أحبك كى تزيد قداستى ويصير شعرى فى الهوى إنجيلا سأغير التقويم لو أحببتنى أمحو فصولا أو أضيف فصولا وسينتهي العصر القديم على يدى وأقيم مملكة النساء بديلا قولى أحبك كى تصير قصائدى مائية وكتاباتى تنزيلا ملك أنا لو تصبحين حبيبتى أغزو الشموس مراكبا وخيولا الكلام عن نزار لا ينتهي.. ولن ينتهي.. طالما وجدت المرأة.. ووجد الحب.. ووجد الشعر.. حتى ولو لم يكن هناك نزار.. الذي توفى في الثالث من أبريل 1998 في حضن المدينة العجوز لندن تلك المدينة التي عاش فيها سفيرا.. وخرج منها في نعش.. ليدفن في دمشق.. حيث شيعته الملايين إلى مثواه الأخير.. وبكاه الملايين في العالم.. وكان أغلبهم من النساء. رحم الله نزار الذي سيعيش بأشعاره معنا.. دائما.. والى آخر العمر.

3036

| 29 أبريل 2013

نزار قباني.. شاعر الحب والرومانسية (1)

من منا لم يحب نزار؟ من منا لم تلهب كلماته وجدانه ؟ من منا لم يلجأ إلى أشعاره عندما يعيش حالة حب.. أو يسبح في بحر الحب ؟ نزار.. نزار.. معشوق النساء. أطلقوا عليه شاعر المرأة.. نزار تلك المرجعية العاطفية التي قل أن يجود الزمان بمثلها.. نزار الذي قال عنه النقاد إن الإبداع يسكن فى كبد قصائده.. نزار الشاعر.. نزار الدبلوماسي. نزار الثائر على قوالب النقاد.. وكل ما يقيد حرية الإبداع.. هيا بنا نبحر معا.. في بحر نزار العميق.. المتلاطم الأمواج. اسمه بالكامل نزار توفيق قباني.. سوري الجنسية.. ولد في مدينة دمشق فى21 مارس عام 1932 في حي مئذنة الشحم وهو أحد أحياء دمشق القديمة.. واسم عائلته الأصلي " أقبيق " وهى عائلة مشهورة في دمشق و" أق " تعنى الأبيض و"بيق" تعنى الشارب.. حيث كان جده الأكبر يشتهر بشاربه الأبيض الكثيف.. وجده "صاحب الشوارب" جاء من مدينة قونيه التركية واستقر في دمشق. والده توفيق قباني.. أنجب من الأبناء نزار ورشيد ومعتز ومن البنات صباح ووصال. عاش نزار فئ دمشق.. وتعلم فيها حيث حصل على شهادة البكالوريا من الكلية العلمية الوطنية في دمشق.. ثم التحق بكلية الحقوق حيث تخرج منها عام 1945. عين في السلك الدبلوماسي في الخارجية السورية وكانت خدمته في عدة مدن أبرزها مدريد ولندن وبيروت والقاهرة.. وأحب كل هذه المدن ولكن بيروت كانت هي مدينته المفضلة بالرغم من عشقه للقاهرة وغرامه بدمشق – مسقط رأسه – لكنه كان يفضل أن يستقر لدى فتاته المفضلة بيروت التي أسس بها دارا للنشر تحت اسم "منشورات نزار قباني" . وجدير بالذكر أنه بدأ كتابة الشعر وعمره ستة عشر عاما.. وصدر له أول ديوان عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" حين كان طالبا بكلية الحقوق وقام بطبعه على نفقته الخاصة. وصل عدد الدواوين التي صدرت له - طوال حياته - إلى خمسة وثلاثين ديوانا كتبها على مدار نصف قرن أو يزيد.. وكان أبرز دواوينه وأكثرها شهرة هي "طفولة نهد" و "الرسم بالكلمات " و"قصائد" و أنت لي " و "سامبا". وصدر له أيضا عدد من الكتب النثرية من أهمها "قصتي مع الشعر" و "ما هو الشعر" و "100 رسالة حب". وهذا يعني أنه كان شاعرا أيضا حتى وهو يكتب النثر. وقبل أن نبحر في سفينة نزار نود أن نذكر أنه تزوج من إحدى قريباته وهى زهرة أقبيق وكان له من الأبناء هدباء وتوفيق.. ثم تزوج من بلقيس العراقية والتي قتلت في تفجير السفارة العراقية في بيروت وكان لوفاتها أثر كبير على نفسيته لم يعادله شيء سوى حزنه على رحيل ابنه توفيق. والجدير بالذكر أن نزار قباني بدأ حياته الأدبية بكتابة الشعر العمودي ثم تحول إلى شعر التفعيلة.. وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. كما تجدر الإشارة إلى أنه تناول في كثير من قصائده قضية حرية المرأة التي شغلت باله لدرجة أنه دافع عنها في الأربعة دواوين الأولى له.. ولم تكن قصائده رومانسية فقط ولكنه تميز أيضا بنقده السياسي القوي.. ومن أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة". وبالرغم من وطنيته ودبلوماسيته إلا أن معظم الناس يحبون نزار.. شاعر المرأة.. نتوقف عند هذا الحد عزيزي القارئ بسبب المساحة المتاحة للنشر على أمل اللقاء في مقال قادم لنقدم نماذج من أشعار نزار وبعض مما قاله عنه النقاد. فإلى اللقاء بحول الله وقوته.

2236

| 18 أبريل 2013

مسرحية "سلطان الغلابة"

من خلال متابعتي لعروض البيت الفني للمسرح التابع لوزارة الثقافة المصرية، لفت نظري هذا العنوان وعندما تمعنت في الإعلان المنشور وجدت الممثل الرائع أحمد راتب في ملابس السلطان وبجواره الفنانة حنان سليمان –التي يعجبني أداؤها كثيرا- وحدست إنها ولا شك السلطانة والباقي لأناس بلا ملابس تقريبا أدركت أنهم الرعية، شدني العنوان والصورة وقررت أن أذهب للمشاهدة. ولحسن الحظ وصلتني دعوة كريمة من شقيقي المخرج محمد عابدين والذي يمثل أحد الأدوار الهامة في المسرحية فقررت ألا أدع الفرصة تفوتني وذهبت على الفور إلى مسرح الغد. المكان رائع تفوح منه رائحة الأصالة حيث إن هذا المسرح قد تخصص منذ فترة في الأعمال التراثية أو تلك المأخوذة من التراث القديم وأعجبني النظام والنظافة وهذا ليس غريبا على مكان يقوده الفنان حمدي أبو العلا الذي كان في استقبال الجمهور بابتسامته وبشاشته المعهودة. بدأت المسرحية في موعدها تماما ولاحظت على الفور النظام الجيد كما لاحظت بساطة الديكور حيث إنه يعتمد على تغيير المشاهد أثناء الإظلام خاصة في عدم وجود الستارة التقليدية للمسرح وهذا يحسب للمخرج الشاب محمد متولي ومجموعة الديكور بقيادة ناصر عبد الحافظ وصبحي عبد الجواد. المسرحية تعالج العلاقة الأبدية بين الشعب والرعية ودور الحاشية – أي حاشية في أي عصر- في الفساد والمقدرة على الإفساد ومدى مسؤولية الحاكم – ملكا كان أو سلطانا - عن هذا الفساد خاصة وأن هذا هو دأب أي حاشية في كافة العصور وهنا نجد أننا أمام الثلاثي المعروف ملك يتطلع إلى رخاء شعبه الغلبان وحاشية فاسدة وزوجة طماعة والشعب مغلوب على أمره ولا يملك شيئا أمام تحول الحاكم الذي أولاه حبه وثقته. القصة مأخوذة عن ألف ليلة وليلة ؛ الليالي العشر الأخيرة وخاصة الليلة الواحدة بعد الألف والأخيرة والتي تشهد ميلاد سلطان الغلابة معروف الاسكافي كما يقول الشاعر المبدع الدكتور مصطفى سليم الذي عاد مؤخرا عودة حميدة إلى مسرح الغد. اللافت للنظر ذلك الربط بين الأحداث التي سادت البلاد طوال الفترة السابقة وهو ما نجح فيه الفنان الكبير أحمد راتب الذي جسد دور السلطان باقتدار خاصة عندما واجه الجمهور بسرعة بديهة وأجاب على أسئلتهم فئ مشهد تلقائي يجسد التفاهم بين الفنان الكبير والمؤلف وأسرة المسرحية بشكل عام. ونجح المخرج محمد متولي في توظيف الموسيقى التي لا يمكن أن نغفل دورها في إضفاء لمسة من الغنى والثراء على النص وعلى المسرحية بشكل عام كيف؟ عندما بدأ العرض كانت هناك مفاجأة سارة في انتظار الجمهور والمتمثلة في فرقة موسيقية بالملابس البلدية أشاعت جوا من البهجة ولاقت تجاوبا كبيرا من الجمهور من خلال المزمار البلدي والمواويل التي كان لها دور كبير في التمهيد لأحداث النص الدرامي. اللافت للنظر هذا الأداء الرائع لجميع الممثلين وعلى رأسهم الكبير جدا أحمد راتب الزى يزداد تألقا وحنكة على مر الأيام وأنا أشفق عليه من كثرة إحساسه بما يؤديه من أدوار وما يعيشه من معاناة هو وحده القادر على توصيلها للجمهور بما يتمتع به من خفة ظل طبيعية غير مفتعلة وحب جارف من فريق العمل والجمهور على حد سواء؛ وتجلى ذلك في الربط بين موضوع المسرحية والأحداث الجارية كما أسلفنا. حنان سليمان نجحت في دورها إلى أبعد الحدود حتى أن أحد الفتيان من الحضور جعل يدعو عليها ولو كان صادفها بعد العرض لفتك بها مما يدل على مدى تجاوب المشاهدين معها في ظل المزيد من النضج الفني خاصة بعد تحررها من القوالب التي وضعها فيها المخرجون. محمد عابدين حكاية أخرى للنجاح والإخلاص والإجادة وقد لجأ إلى البساطة في التمثيل ليستولي على مشاعر الجمهور المتعطش لمثل هذه النوعية من الممثلين وتلك المسرحيات التي طال انتظاره لها وأجاد دور السلطان الراحل سمعان الهمام الذي يشير صراحة إلى حكام مصر السابقين. أحمد نبيل وشيريهان شاهين وآدم ومحمد صلاح وشريف عواد كان لهم دور كبير في إنجاح العمل وكذلك نور غزالي وأحمد فرغلي وسمية حاتم ولا يفوتني أن أكررالإشادة بغناء المطرب الشعبي أحمد سعد وزميله فارس وباقي أعضاء الفرقة الموسيقية والأداء الجيد من خلال الألحان الجميلة لباهر الحديدي. الخلاصة أنني أمضيت أمسية جميلة وخرجت يملؤني الأمل في غد أجمل ومسرح جميل يعيدنا إلى أيام عظماء المسرح العربي العريق.

696

| 08 أبريل 2013

روشتة لإصلاح المسرح

أعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا صالحا.. فلا جدال في أن المسرح هو الأب الشرعي لكل الفنون وهو الوحيد الذي تلتقي فيه كل الفنون الإنسانية والبوتقة التي تنصهر فيها كل المشاعر البشرية من ضحك وبكاء وفرح وألم وحزن وذكريات كما أنه يُعد المرصد الحقيقى والفعلى لكل ما يحدث في المجتمع من متغيرات في شتى مناحى الحياة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.. وكان المسرح دائما هو المرآة التي تعكس كل ما يطرأ على المجتمعات ثم تصهره وتحفظه موثقا في خزائن التاريخ ليكون موردا تنهل من الأجيال اللاحقة. ومن الملاحظ أن المسرح يمر بحالة أقل ما توصف بها أنها حالة هزال شديد مماثلة لتلك التى تحدث للمرضى قبيل الموت.. وباستثناء البيت الفني الذي يجسد الحد الأدنى من الدور التنويرى والتثقيفى الذى يجب أن تضطلع به الدولة فإننا لا نكاد نشعر بأن لدينا مسرحا.. وهذا يحدث بعد أن أغلق القطاع الخاص أبوابه وتخلى عن دوره في تقديم عروض تكون منارة لتوعية العقل ودفعه للحركة والإنتاج.. واتجه الجميع إلى الفضائيات جريا وراء الشهرة وما تدره الإعلانات من ثروات. لقد كان المسرح دوما – ومسرح القطاع الخاص على وجه الخصوص – هو المدرسة التى تُفرخ الفنانين وتعطى لكل منهم جواز المرور للمجتمع الفني بشكل عام معتمدا فى ذلك على النص الجيد من الكتابات التي تقدم تاريخنا الحقيقي ورموزنا التى تمثل قدوة للأجيال.. إلى جانب العرض الممتع الذي لا يُغيّب عقل الجمهور بل يجعله مستيقظا ويدفع به إلى إعمال العقل والتفكير فى القضايا المثارة فى هذه النصوص والشخصيات والأحداث التي تجسدها هذه العروض. نحن الآن فى حاجة إلى مسرح حديث بمعنى الكلمة يبتعد عن الركاكة والرتابة فى النصوص ويكون مخالفا لكل ما هو تقليدى فى الأداء والإخراج بحيث يكون مواكبا للمتغيرات التى نشهدها الآن من تقنيات حديثة وفنون الديجيتال والسينوغراف وكافة عناصر الإبهار والمستحدثات المستخدمة فى كافة الفنون والتى ينبغى أن ينهل منها المسرح قبل غيره من الفنون لأنه أب لكل الفنون كما أسلفنا. هذا بالاضافة إلى أننا فى حاجة إلى عودة مسرح القطاع الخاص ليلعب دوره بكل قوة كما كان فى القرن الماضى حيث كان هو المدرسة التى تضطلع بتقديم الفن الذى يعكس كل قضايا المجتمع ويناقشها بصدق وأمانة وحرفية.. بل ويضع الحلول الملائمة لمعطيات العصر.. ولا ننسى الدور الترفيهى الذى كان يقدمه من خلال مسارحه المنتشرة فى روض الفرج ووسط مدينة القاهرة ناهيك عن الإسكنرية وباقى عواصم المحافظات مثل السويس ودمياط ودمنهور على سبيل المثال لا الحصر.. وكان مسرح القطاع الخاص فى تلك الآونة هو المنوط به تقديم الوجوه الشابة من ذوى المواهب الفنية فى مجال التمثيل والغناء والمتطلعة لشق طريقها فى عالم الفن الفسيح.. فهو الذى قدم لنا العديد من عمالقة الفن من أمثال يوسف وهبى وفاطمه رشدى وأمينه رزق واسماعيل ياسين وعادل خيرى ومارى منيب وسميحه أيوب وسناء جميل وغيرهم كثيرين فى مجال التمثيل ناهيك عن المجالات الفنية الأخرى والتى لا يتسع المجال هنا لذكرها ونكتفى بأن نذكر سعد أردش وجلال الشرقاوى وعبد المنعم مدبولى فى مجال الإخراج لندلل على ما سقناه.. ولا ننسى المسرح الغنائى الذى كانت تُقام على خشبته الحفلات الغنائية أسبوعيا أو شهريا على الأقل.. حتى دور السينما كانت تحمل لافتة سينما ومسرح مما يدل على تنوع أنشطتها الفنية.. والجدير بالذكر أنها كانت كلها مملوكة للقطاع الخاص.. وكان الكثير من رجال المال والأعمال يجدون فى المسرح مجالا خصبا لاستثمار أموالهم ناهيك عن الدور التنويرى والثقافى لهذه المسارح. ولكن كل هذا ليس كافيا لإيجاد منتج مسرحى متميز بل يجب أن تتغير أيضا طريقة العرض لتصبح مواكبة لطبيعة المتلقى فى العصر الحالى وذلك بأن يحرص المسرحيون على التواصل مع الجمهور فى المدارس والجامعات والنوادى وكافة أماكن التجمعات وعدم الاكتفاء بانتظار الجمهور ليأتى إليهم فى قاعات العرض التقليدية وبذلك يصبح الجمهور مشاركا فى العروض المسرحية وليس مكتفيا بدور المشاهد والمتلقى.. وهذا يتطلب تغيير طريقة العروض ذاتها فى الاعتماد على خشبة المسرح التقليدية وستارته.. بل يجب أن يكون مسرحا مفتوحا متنوعا ومدعما بكل التقنيات التى أشرنا إليها – فيكون الإظلام بديلا عن إغلاق الستارة مثلا - بالإضافة إلى استخدام كل إمكانيات البيئة المتاحة.. وهذا التنوع فى النصوص والعروض والأداء المسرحى هى التى ستجسد واقعية الحياة التى نعيشها بجمالها وروعتها ومشاكلها وقضاياها.. لأن هذه هى الحياة.. والمسرح هو الحياة بكل ما يحتويه من عناصر المتعة البصرية والسمعية المتوفرة لديه.. نأمل أن يكون ما أوردناه هنا خطوة البداية فى طريق الإصلاح لو التفت إليها المسرحيون على كافة المستويات.. مع خالص دعواتنا لهم بالتوفيق فى رسالتهم التثقيفية والتنويرية السامقة التى لا جدال فى أهميتها فى تشكيل وجدان الأجيال والارتقاء بحسهم الفنى والذوق العام . وإلى لقاء قادم فى موضوع آخر بحول الله.

437

| 04 أبريل 2013

أمي ! وحشتينى يا أمي

كثيرة هي الكلمات والأشعار التي قيلت عن الأم.. وكثيرة جدا تلك الكتب التي صدرت والمقالات التى كتبت خاصة فى المناسبات الجميلة مثل عيد الأم.. وكذلك أذيع العديد من برامج الفضائيات بل وأنتجت الأفلام السينمائية التي تتناول فضل الأم.. وكل هذا جميل وأتفق معه ولا أخالف فيه حرفا واحدا.. ولا أظن إنسانا راجح العقل يمكن أن ينكر فضل أمه عليه من حملها له تسعة أشهر وهنا على وهن.. وإرضاعها إياه.. ورعايتها له وسهرها إلى جواره تحرسه من كل مكروه وتمرضه إذا ألم به عارض.. وما تزال تتعهده بالرعاية وتحوطه بالحنان وهو يشب عن الطوق حتى يكبر وحتى بعد أن يتزوج وينجب.. باختصار إن الأم تظل تحمل همه حتى آخر يوم فى عمرها.. أو أقرب الأجلين. هذا عن الأم العادية.. نعم العادية.. أى أم تفعل هذا وأكثر.. فهل هناك أم غير عادية.. نعم.. كثيرة هى تلك القصص التى نسمعها عن تضحيات الأمهات ومن تتوجهن الإحتفاليات أمهات مثاليات فى عيد الأم ولكن الأكثر منها هى القصص التى لم نسمع عنها ولكننا نحسها ونلمسها فى كل وقت من أمهات لا يأكلن حتى يشبع أطفالهن وقد لا يأكلن من الأساس لو كان الطعام غير كاف بشرط ألا يلاحظ أطفالهن ذلك.. ولو أننا شرعنا فى ضرب الأمثلة على ذلك ما كفانا الوقت إلى يوم القيامة . ولعلى أكتب ذلك الآن لأن أمى – التى توفاها الله من سنوات طويلة – قد أوحشتنى وكلما ضاقت بى الدنيا شعرت بحاجتى إليها أكثر.. شعرت بأن لا شئ يعوضنى عنها مهما كبرت ومهما أنجبت من أولاد ومهما صار لى من أحفاد.. أظل أنا – بالرغم من تقدمى فى السن - ذلك الولد الصغير الذى يحتاج دوما لحضن أمه ويشتاق لحنانها.. ويتمنى لو تعود الأيام ولو لساعة واحدة لأقبل الأرض تحت أقدامها. وهنا قد يقول قائل.. كلنا ذلك الشخص.. فما الجديد.. وبدورى أقول لهم أن الجديد هو أننى تذكرت اليوم – وبلا مقدمات – قصة قرأتها وأنا طفل صغير فى الثامنة من عمرى.. لا أذكر اسم كاتبها ولكننى لازلت أذكرها حتى يومنا هذا.. وملخصها أنه فى إحدى المناسبات أقامت إحدى الأسر حفلا كبيرا في منزلهم الكبير.. وضم الحفل عددا كبيرا من الناس وتطلب الأمر مجهودا خارقا في الإعداد والإشراف على كل شيء.. ومن البديهى أن يكون الجزء الأكبر في هذا من نصيب الزوجة التي كانت في نفس الوقت أما لطفل في الرابعة من العمر. وبعد أن استقبلت الأم ضيوف الحفل مع زوجها واطمأنت على أن كل شيء على ما يرام شعرت بآلام صداع رهيبة كادت تفتك برأسها من المجهود الخرافي الذي بذلته وقلة النوم وصوت الموسيقى العالي الذي كان يملأ جنبات المنزل.. حاولت الزوجة تجاهل آلام الصداع ولكنه كان فوق طاقة احتمالها.. وفى نفس الوقت كانت تذهب إلى غرفة طفلها لتطمئن عليه حيث كان نائما.. فكرت في أن ترقد إلى جواره لبضع دقائق إلتماسا لبعض الراحة لجسدها المكدود.. غلبها النوم فنامت.. نامت بالرغم من أصوات الضيوف العالية وضحكاتهم.. ودوى الموسيقى الهادر.. نامت ولم تشعر بكل شيء رغم كل هذا.. وبعد دقائق صحت الأم من نومها على صوت صغيرها الذي كان يقول بصوت خفيض تاه في ضوضاء الحفل : -أمي.. أشرب. قامت الأم على صوت الصغير لتسقيه.. فما الذي أيقظها ؟ إنه قلب الأم . هذا هو ملخص القصة التي أعجبتني عندما قرأتها صغيرا ولا زالت تطفو على سطح ذاكرتي من وقت لآخر.. فهل أعجبتكم ؟ أرجو ذلك.. ولتكن هديتي لأحبابي القراء في عيد الأم. وإلى اللقاء في مقال جديد بحول الله.

2157

| 21 مارس 2013

القوة الناعمة

يعجبني كثيرا مصطلح القوة الناعمة.. وذلك لأن القوة تعنى الفتوة والبأس وبالضرورة تكون الخشونة هي الصفة الملائمة للقوة.. أما وصف القوة بالنعومة فقد ظهر مؤخرا في حياتنا وتحديدا في تسعينيات القرن العشرين.. ولعل أول من استخدمه هو الأمريكي جوزيف ناى ثم أصبح مصطلحا شائعا في حياتنا وعلى الأخص في الجانب السياسي وفي مجال العلاقات المتشابكة بين الدول بل والأفراد كذلك.. وفي ظني أنه اكتسب هذه الشهرة الواسعة من الجمال اللفظي الواضح وهذا التضاد اللغوي الرائع الذي ولاشك يعجب الكثيرين وأنا منهم. ولأن مفهوم القوة المعروف لدى الدول يكمن في قوة جيوشها وعتادها كما ينسحب ذلك أيضا على القوة الاقتصادية مما يتيح لدولة أو دول أقوى السيطرة على من هو أضعف منها في هذا المضمار أو ذاك.. إلا أن للقوة الناعمة شأن آخر حيث يمكن الوصول إلى السيطرة المراد تحقيقها من خلال التبادل الثقافي ولابد بالضرورة أن يتأثر الطرف الأضعف بمن هو أقوى منه وبذلك يمكن إعادة تشكيل الوجدان والأفكار الأيديولجية وصولا إلى السيطرة شبه الكاملة على الرأي العام والذي غالبا ما يكون بتقديم صور إيجابية لنجاحات متعددة وممكنة ترسم نموذجا مبهرا يبشر بالخطط التنموية اللازمة لهذه الدول والكافية لتحقيق هذه الخطط وبالشكل الذي يعزز التأييد والمصداقية لدى الرأي العام الإقليمي والعالمي. وتلعب وسائل الإعلام بكافة أشكاله المقروءة والمرئية والمسموعة الدور الرئيس في تشكيل وتوجيه الرأي العام لدى دولة أو شعب ما خاصة إذا ما توفرت لدى هذه الوسائل الإعلامية التكنولوجيا المواكبة للعصر والتي لابد بالضرورة أن تمكنه من إنجاز مهمته بنجاح.. وسنضرب لذلك مثالا واحدا حيث لا يزال الأثر الذي لعبته إذاعة صوت العرب في تأصيل وترسيخ مفهوم القومية العربية ماثلا في الأذهان.. وكذلك مؤلفات وإبداعات العقاد وطه حسين وأحمد شوقي والمازنى - على سبيل المثال وليس الحصر – وما ساهمت به في هذا الصدد.. ناهيك عن السينما المصرية والمسرح وكذلك الغناء والموسيقى حتى بات معروفا أن الحياة كانت تتوقف في العالم العربي عندما كانت تغنى أم كلثوم.. كل هذا كان يحدث ونحن لا ندرى شيئا عن القوة الناعمة فما بالنا بالسينما الأمريكية وهى تمحو من أذهاننا صورة المستعمر الأبيض البغيضة وترسم بدلا منها صورة واحة الديمقراطية والجنة الموعودة في الولايات المتحدة الأمريكية. وغنى عن القول أن نشر هذه الأيديولجيات وتلك الأفكار لا يتم بين عشية وضحاها ولكن يكون وفق خطة مدروسة يتم تنفيذها خطوة وراء أخرى وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة.. وتلجأ الدول في سبيل تحقيق ذلك إلى تقديم الدعم المتمثل في المعونات المالية على هيئة أموال أوالمادية على شكل كتب وأقراص مدمجة وأجهزة لازمة ومساعدة في تحقيق هذه الأغراض.. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتخطاه إلى الدعم البشرى في التعليم والتدريب الموجه وهو ما أصبح يُعرف مؤخرا بالتنمية البشرية.. وهذا بدوره مصطلح جديد أضيف إلى مفردات اللغات مؤخرا نأمل أن تواتينا الفرصة لتسليط بعض الضوء عليه. ونختم بأننا دخلنا أخطر العصور بدخول الإنترنت والمواقع الاجتماعية الأخرى حياتنا ويجب علينا أن ننتبه للجوانب السلبية والإيجابية لكل ما يحيط بنا من تقنية حديثة ومستجدات وحتى لا نكون لقمة سائغة بنعومة. وإلى اللقاء في مقال جديد بحول الله.

584

| 17 مارس 2013

الإبداع والأخلاق

غالبا ما تكون النصيحة المباشرة ثقيلة على النفس لدرجة أنها تصبح غير ذات قيمة فى بعض الأحيان وقد تؤتى بآثار عكسية في أحيان أخرى.. ولأن الله سبحانه وتعالى هو خالقنا ويعلم الطبيعة البشرية التي فطر البشر عليها فقد كانت القصص فى القرآن بما تنطوى عليه من قيم راقية ومعان أخلاقية سامية هي الوسيلة الأسرع فى ترسيخ ما تحمله بين جنباتها من أخلاقيات فى نفوس الناس على مر السنين . وإذا ما أردنا تطبيق القاعدة السابقة على ما تنتجه قرائح البشر من إبداعات أدبية لوجدنا أن تأثير رواية أو قصة قصيرة أو قصيدة شعرية قد يوصل أفكارا إنسانية وقيما أخلاقية بأسرع مما لو كان فى صورة وعظ مباشر أو مما تستطيعه خطبة أو محاضرة .. ولا أبالغ لو قلت إن النكتة - وهى تصنف ضمن الفنون الشعبية الساخرة - قد تستطيع ذلك أيضا باعتبارها موقف أخلاقي كما يقول المفكر العالمي باختين . وإذا ما تناولنا الأمر من زاوية أخرى لوجدنا أن الأعمال الأدبية والفنية لديها القدرة على البقاء في وجدان المتلقى أطول من جميع النصائح وكلمات الوعظ والخطب والمحاضرات وقد تكون قصائد شوقى وإليوت ومسرحيات شكسبير وسعد الدين وهبة وروايات نجيب محفوظ وديكينز على سبيل المثال وليس الحصر خير شاهد على ذلك .. ولعل هذا يفسر لنا سر تهافت الناس في جميع أنحاء العالم على اقتناء الأعمال الأدبية المحترمة أو الوقوف صفوفا طويلة للحصول على تذكرة لمشاهدة إحدى المسرحيات كما يحدث في عاصمة النور باريس على وجه الخصوص.. ولا يعقل أن تكون تلك الملايين في جميع أنحاء العالم وعلى مر السنوات تبحث عن التسلية أو المتعة فقط إذ لا يمكننا إغفال هذا الجانب ولكن من البديهى أيضا أن كل هؤلاء باحثون عن قيم الحق والخير والجمال فضلا عن القيم الروحية والأخلاقية الملتحمة بقضايا مجتمعاتهم. ولكن هل كل الأعمال الإبداعية دائما ما تكون مرتبطة بالراقى من القيم والأخلاق ؟ يعنى عندما يكتب الأديب أعماله وعندما يخرج الفنان روائعه من مسرحيات وأفلام.. هل يكون فى ذهنه الأخلاق والقيم المجتمعية والمبادئ ؟ ويمكننا أن تكون إجابتنا على ذلك " لا " كبيرة وإلا تسبب ذلك فى تعطيل قريحته عن الإبداع .. ولكنه يضع لنفسه أطراً معينة يستطيع من خلالها الوصول إلى وجدان المتلقي والتأثير فيه دون الخروج عما اختطه لنفسه وبمرور الوقت يعتاد ذلك ولا يخرج عن ذلك واضعا فى ذهنه أنه ليس كل ما هو غريب أو مختلف قادر على اجتذاب الجمهور .. وهذا بالطبع لا يتفق مع الأعمال الأدبية والفنية الهابطة التى لا ترقى لمسمى الأدب أو الفن وتحمل من التسطيح والسذاجة واختراق أخلاق المجتمع وقيمه بدعوى الواقعية .. فتقدم لنا الشاذ من الأخلاق والغريب من التصرفات وتطال ما يوقره الناس مثل رجال الدين والمدرسين بالسخرية والاستهزاء.. ولا يمكن أن يكون ذلك – كما يقول المدعون – دعوة لهؤلاء بالخروج من عزلتهم وتغيير نمط حياتهم والإلتحام بالقضايا الواقعية .. وفى هذا تزييف للحقائق فالمبدع يدرك قبل غيره أن الخير والشر متلازمان منذ بدء الخليقة ولكن عليه أن تكون إبداعاته مدعاة لتهذيب النفوس وترسيخ الفضيلة والأخلاق والرقى بالمشاعر دون إسفاف أو مخاصمة للقيم .. وتلك فى نظرى هى المقدرة الحقيقية . وأخيرا نؤكد على أن براعة الإنشاء وحسن النسق فى التأليف ورسم الشخصيات والأحداث بكلام مهذب وتعبير رشيق يكون وقعه وتأثيره على الجمهور السوى أقوى وأعمق .. أما الشواذ وغير الأسوياء فهم أساسا بعيدين عن الإبداع لأن مكانهم الطبيعي في المواخير وعلب الليل. الأمر يحتاج إلى وقفة جادة وتكاتف الجميع من أجل إبداع نظيف وهو ما سنوالى العمل من أجله بكافة السبل حتى يتحقق. وإلى اللقاء فى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله.

4643

| 11 مارس 2013

صندوق الذكريات

في البداية دعنا عزيزي القارئ نقرأ هذه القصة معا.. عاد الرجل مساء إلى منزله متعبا بعد يوم شاق في العمل.. استلقى على كرسيه المفضل بجوار النافذة .. حاول أن يبعد مشاكل العمل عن ذهنه.. لم يكن حتى راغبا في مجرد التفكير في وسيلة تساعده على اجتياز أزمته المالية.. رفض عرض زوجته تناول الطعام زاعما أنه تناول بعض الشطائر أثناء وجوده بالعمل.. تركته زوجته لشأنه بعد أن وضعت إلى جواره كأسا من العصير وانصرفت لأداء بعض الأعمال المنزلية .. هذا أفضل.. انها أدرى بطباعه.. وهو لايحب أن يسأله أحد عما به حتى يهدأ وقد يحكى عما ألم به. انقضى جزء من الليل – لا يدرى كم من الوقت – هل نام وهو جالس ؟ لا يدرى.. ولكن ما كان يدركه أنه ما زال لا يجد حلا لمشاكله.. عندما شعر بصوت خطى صغيرته وهى تقترب من الشرفة – حيث كان يجلس – وبهدوء وضعت على المنضدة لفافة صغيرة من الورق الملون -ما هذا ؟ -انه هدية لك.. هل تود أن تراها ؟ مد الرجل يده وتناول اللفافة وبدأ يتأملها.. -انها تحتوى على صندوق صنعته لك بنفسي من الأوراق التي كانت ملقاة في شرفة المطبخ. -ومن أين أتيت بهذا الورق الملون ؟ -لقد أخذته من فوق مكتبك. كان الرجل – بسبب الضغوط والمشاكل التى يواجهها - ولأنه كان لا يحب أن يعبث أحد بحاجياته قد أصبح فى غاية الضيق وظهر ذلك جليا على وجهه.. فى الوقت الذى كان قد انتهى فيه من فض اللفافة وفتح الصندوق والذى وجده – لدهشته – فارغا. صاح الرجل فى وجه ابنته وقد ألقى بالصندوق على الطاولة المجاورة : -ولكنه فارغ. -لقد ملأته لك بالقبلات.. لقد وضعت فيه قبلات كثيره. قالت الابنة هذا وقد بدأت دموعها تتساقط على خديها مثل حبات اللؤلؤ.. واحتواها الأب بين ذراعيه وأخذ يمسح دموعها ويقبل وجهها ورأسها.. وأخذ الصندوق ووضعه فى خزانته الخاصة واعدا اياها أن يحتفظ به إلى الأبد. كبرت الابنة.. وتزوجت.. وسافرت إلى الخارج .. ولم يعد أمام الرجل من تسلية في شيخوخته إلا أن يخرج الصنوق من آن لآخر وينظر إليه ويقبله ثم يعيده إلى مكانه في حذر بعد أن يكون قد ملأه بالقبلات . والآن عزيزي القارئ وبعد أن انتهيت من قراءة هذه القصة – التي أرجو أن تكون قد أعجبتك- دعنى أسألك.. أليس كل واحد فينا في حاجة إلى مثل هذا الصندوق ؟ وأزيد – هامسا في اذنك عن حب – هل يستحق عزيز لديك أن تنفجر صارخا فى وجهه وتخرج ما في نفسك من ضيق نتيجة مشاكل الدنيا وهو أو هي – صغيرك أو صغيرتك – لا تدرى شيئا عن مشاغلك ولا تفكر إلا فى شئ واحد .. وهو أن يكون صندوق ذكرياتك مليئا بالقبل. همسة أخرى: تذكر دائما أن اللحظة التي تمضى لن تعود أبدا.. فلم لا تكون كل أوقاتك بين صغارك مليئة بالصفاء والذكريات الجميلة التي ستتذكرها يوما وستكون بحاجة إلى أن يكون صندوق ذكرياتك مليئا بكل ما هو جميل. وإلى لقاء جديد في مقال قادم بحول الله.

935

| 04 مارس 2013

الأطفال والنظارة الطبية

في بعض الأحيان يقرر طبيب العيون أن يضع أحد الأطفال نظارة طبية وهنا نجد بعض الأطفال يرحب بذلك ويفرح بالنظارة الطبية ربما حبا في تقليد الكبار خاصة إذا كان أحد والديه يرتدى نظارة.. ولكن تكون المشكلة في رفض البعض ارتدائها لأنها تعوق حركته أو تقلل من وسامته وتكون المشكلة أكبر إذا كان المجتمع المحيط بالطفل يرفض ذلك وخاصة في المدرسة حيث قد يتعرض الطفل لمضايقات من زملائه.. ولكن تبقى مشكلة كثرة حركة الأطفال وتعرض النظارة للكسر في جميع الأحوال. ومما يخفف من المشكلة أن العدسات صارت تصنع من مواد بلاستيكية نقية وخفيفة جدا على الأنف والأذنين وتكون متينة إلى حد كبير بحيث تتحمل شقاوة الأطفال وأحيانا تثبت النظارة بحبل أو رباط بلاستيكى خلف الأذنين وإن كان يعيب ذلك تسببها في الصداع لبعض الأطفال . ويجب أن يكون الأهل على درجة كبيرة من الوعى وملاحظة أطفالهم فى سنوات الطفولة الأولى فقد يحدث كسل بإحدى العينين - فى العين الأضعف - وقد يتبعها إنحراف فيما يعرف " بالحول " ويمكن اكتشاف هذه الحالة بطريقة بسيطة وهى تغطية كل عين على حدة وأن يقوم الطفل بالتركيز على شئ ما .. وفى حالة ملاحظة فرق ملحوظ يجب العلاج فورا لدى طبيب متخصص فى العيون وسيقوم بتصحيح عيب الإبصار وقد يكون ذلك بإرتداء نظارة طبية حتى تتوازن قدرة كلتا العينين . ومن الجدير بالذكر أن عدم وضع النظارة يسبب كسلا فى مركز الإبصار بالمخ وقد يحدث – بسبب الإهمال والتأخير – عدم الاستجابة لأى تصحيح فى الإبصار بأى طريقة إذا ما أخر الأبوان العرض على الطبيب بدعوى إنصلاح الوضع تلقائيا وبالتالى يكونا قد حكما على طفلهما بضعف الإبصار طول عمره وبالعمى - لا قدر الله - فى حالات أخرى. وقد ينزعج بعض الآباء لملاحظة ميل أطفالهم للوقوف قريبا من شاشة التليفزيون ويظنون أن ذلك بسبب ضعف فى الإبصار.. وقد يكون ذلك صحيحا كما يظن بعض الناس أن معظم الأطفال يحبون ذلك لرؤية الصورة أكبر وأن هذا ليس دليلا على ضعف الإبصار.. وحسنا يفعل الآباء بعدم الركون إلى أى من الرأيين وعرض الأطفال على طبيب العيون الذى يرجح الرأى الأصلح.. ولكننا ننصح بأن يكون البعد الآمن عن شاشة التليفزيون مساويا لأربع أضعاف قياس الشاشة وألا يقل البعد عن مترين في جميع الأحوال. والجلوس أمام أجهزة الكمبيوتر واللعب بالألعاب الإلكترونية يتطلب تركيزا شديدا خاصة إذا كان لعدد غير قليل من الساعات مما يسبب إجهادا للعينين وضغطا عليهما نتيجة فتحهما والتحديق بهما لفترات طويلة الأمر الذى يتسبب فى حدوث جفاف أو مضاعفة أى جفاف موجود من قبل.. وهنا يجب بداية عدم السماح بمزاولة هذا النشاط إلا لفترات معقولة وأخذ راحة ربع ساعة كل ساعتين .. كما ينصح أن تكون إضاءة الغرفة كافية.. ومن المفيد كذلك استخدام قطرات العين المرطبة.. كما يجب إستشارة طبيب العيون فى استخدام النظارة الطبية ولو على سبيل الوقاية. وهكذا نرى أهمية إرتداء الأطفال للنظارات الطبية متى وجد الأطباء ذلك ضروريا وعلى الأهل تقبل ذلك وإقناع الطفل بإرتدائها وعلى المعلمين تهيئة المناخ المدرسى لتقبل ذلك والتعامل معه بطريقة طبيعية .. حفظ الله الجميع من كل سوء. وإلى اللقاء فى مقال قادم بحول الله.

1982

| 26 فبراير 2013

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2091

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

744

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
المسرح السياسي وديكور التعليم

من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...

687

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

678

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
آن للمنظومة الدراسية أن تتغير

منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...

663

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

636

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
منصات وزارة العمل.. من الفكرة إلى الأثر

منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...

600

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

489

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

462

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
بطة الذهب وثقافة يوم الجمعة.. هل خسارتنا أكبر من أرباحنا؟

بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش...

447

| 17 سبتمبر 2025

alsharq
العربي يذبح بلا شفقة

لم يَـبْـقَ موضعٌ في القلب العرباوي لم تنل...

447

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
بدأ التناقض

ها هي أنديتنا الممثلة لنا في مسابقاتها الخارجية،...

444

| 19 سبتمبر 2025

أخبار محلية