رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عبد الله النعمة

مساحة إعلانية

مقالات

207

د. عبد الله النعمة

بطة الذهب وثقافة يوم الجمعة.. هل خسارتنا أكبر من أرباحنا؟

17 سبتمبر 2025 , 02:23ص

بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش حيوي حول عطلة نهاية الأسبوع. هو نقاش صحي، ولكنه غالبًا ما يُدار من زوايا قاصرة، كل واحدة منها تنظر إلى القضية بعين واحدة، ولا ترى الصورة الكاملة.

هناك من يتعامل مع الموضوع من زاوية دينية بحتة، وهذا منهج لا يكفي، لأن إجازة نهاية الأسبوع في الإسلام ليست فريضة شرعية بل هي نظام اجتماعي. وهناك طرف آخر يتعامل معها من زاوية اقتصادية ضيقة، تركز فقط على التوافق مع أسواق المال العالمية، وهي أيضًا زاوية أحادية الجانب. وطرف ثالث ينادي بضرورة الاندماج في المنظومة الدولية حتى لا نبدو في نشاز عنهم، وهي حجة هشة لا تصمد أمام قضايا الهوية الكبرى.

لكن هناك منهجية أخرى أكثر صلابة وعمقًا، وهي التي تدرك أن الموضوع ليس في مساحة الدين أو الاقتصاد أو السياسة، ولكنه في المساحة الأوسع والأشمل التي تحتضن كل هذا: مساحة «الثقافة». فكما تعلمنا، إن أي تغيير كبير في توازن المجتمع وتحريك أسسه، ينبغي أن يُدرس بمنهجيات تناسب حجمه وتأثيره.

إن قوة «يوم الجمعة» الحقيقية تنبع من كونه مؤسسة ثقافية ودينية راسخة، و»طقسًا اجتماعيًا» له إيقاعه الخاص. هو اليوم الذي نقدس فيه فرض الجمعة كحدث محوري يعيد ضبط بوصلتنا الروحية، واليوم الذي تجتمع فيه الأسرة لتقرأ سورة الكهف، فتُسكب السكينة على البيت. ومن هذا المركز الروحي، تتفرع طقوس صلة الرحم، وغداء الأسرة الممتدة. وتفقد الأحياء، بل وحتى الأموات في المقابر.

وهذا التماسك ليس مجرد شعور، بل ظاهرة اجتماعية عميقة، وهو ما يتوافق مع رؤية عالم الاجتماع إميل دوركايم بأن قوة أي مجتمع تكمن في «طقوسه الدورية» التي تجدد الروابط وتؤكد المعتقدات الجماعية. وما «ثقافة يوم الجمعة» إلا تطبيق حي لهذه النظرية، فهي الطقس الأسبوعي الذي يعيد نسج «العصبية المجتمعية».

الحجة الأبرز لتغيير النظام هي اقتصادية بحتة: كسب يوم إضافي مع الأسواق العالمية. ولكن الحكمة تقتضي أن نحسب الخسارة غير المنظورة؛ فما سنكسبه من أموال لا يساوي معشار ما سنخسره من بعد ثقافي وقيمي في تفكك هذا الطقس الاجتماعي الذي يمثل شريان الحياة لأسرتنا، أغلى ما نملك.

وهنا نصل إلى جوهر القصة: مجتمعاتنا الخليجية، بتماسكها الأسري، تشبه تلك البطة التي تبيض ذهبًا. «البطة» هي هذا الإرث من القيم، و»البيضة الذهبية» هي الاستقرار والأمان الذي تنتجه. والدعوة للتضحية بهذه البنية الثقافية من أجل مكاسب آنية، تشبه تمامًا قصة الطماع الذي ذبح بطته فخسر الأصل والربح معًا، في تدمير استراتيجي لأهم أصولنا.

وفي الختام، فإن النقاش حول توقيت الإجازة يجب ألا يحجب عنا التحدي الأكبر. فالعبرة الحقيقية ليست في «متى» نعطل، بل في «كيف» نملأ عطلتنا. فإجازة فارغة من صلة الرحم والراحة المنتجة التي تنمي الإنسان وتعزز الهوية، هي خسارة ثقافية محققة، بغض النظر عن يومها. إن توريثنا أسرة متماسكة عميقة لأجيالنا هو أغلى من كل أموال الأرض.

اقرأ المزيد

alsharq بطة الذهب وثقافة يوم الجمعة.. هل خسارتنا أكبر من أرباحنا؟

بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش حيوي حول عطلة نهاية الأسبوع. هو نقاش صحي، ولكنه غالبًا... اقرأ المزيد

207

| 17 سبتمبر 2025

alsharq دولة الحق تسود.. والعدوان يزول

لخصت كلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله ورعاه»، القوية... اقرأ المزيد

168

| 17 سبتمبر 2025

alsharq رسالة الدوحة.. كرامة الأمة لا تُقصف

في الدوحة لم يكن صوت الكلمات أقل وقعا من دوي الصواريخ، فخلف قاعات القمة العربية الاسلامية الطارئة، كانت... اقرأ المزيد

177

| 17 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية