رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد القائم بها، هي التي تحركه نحو المسارات المُخصصة له حتى وإن كانت ضبابية، وهي أيضا التي تحثه منذ البداية على الالتزام بما يقوم به ولفترات طويلة دون كلل أو ملل، وذلك لإدراكه التام أنها ستقوده وستصل به في نهاية المطاف إلى النجاح والفلاح، النجاح الذي يكون كنتيجة حتمية لكل محاولاته، والفلاح الذي يُبارك ما كان منه من نجاح، والحق أن الالتزام بتلك الخطة والسير وفق ما تُنادي به يضمن كل ما سبق، في حين أن المخاوف التي يُثيرها الشك حول حقيقة المسار المُختار، ومتى تَمَكنت من صاحب الخطة ستعبث به وبملامح ما يطمح إليه، ويبقى السؤال: كيف يمكن لذلك أن يحدث؟ إن ما يحدث ويُبرر لك ظهور شبح تلك المخاوف هو أنك وحين تسلك مسارا موثوقا (ولكنه يُخالف ذاك المسار الذي يسلكه سواك)، فإن حالة من الشك تنتابك، وتتناوب على إزعاجك، وهدفها الذي تسعى إليه هو تثبيط عزيمتك، والعودة بك لنقطة الصفر، حيث تبدأ بإعادة حساباتك؛ كي تتأكد من أنك تفعل الصواب، الذي لن يدركه فعلا في حالتك (أنت) سواك، وبما أنه ما يعتمد عليك فلا حاجة لك إلى الالتفات لتلك المسارات الأخرى حتى وإن سلكها كُثر، فما يجدر بك التركيز عليه هو ما تفعله أنت لا ما يفعله سواك، خاصة وأن التزامهم بتلك المسارات يُلبي حاجاتهم، التي قد لا تتوافق وحاجاتك، وهو ما لا يهم بتاتا ولا يستحق منك دقيقة واحدة؛ للتفكير فيه، بل شحذ همتك ومتُابعة ما قد بدأته، فهو ما يجدر أن يكون؛ لبلوغ تلك النهاية التي يُحيط بها النجاح والفلاح كما سبق وأن ذكرت آنفا. وماذا بعد؟ لقد تناولت موضوع المسارات التي تصل بنا في نهاية المطاف إلى النجاح والفلاح، وذكرت أن النجاح يكون كنتيجة حتمية لكل المحاولات الصادقة والجادة، وأن الفلاح هو ما يُبارك ما يكون منا من نجاح؛ بسبب سؤال إحداهن عن سبب توجهي؛ للكتابة عن (المسارات) في هذا التوقيت تحديدا، خاصة بعد أن تجاذبنا أطراف الحديث عن كل ما يشغل العالم، وأخبرتها عن رغبتي بتناول ما يشغلني حاليا، وتحديدا هذا الموضوع، الذي أجده ركنا أساسيا من أركان الحياة، ولا يجدر بنا تجاهله؛ لأنه يمس كل واحد منا، ومعنى التزامنا به أننا نضمن للحياة تقديم نسخ مُميزة، ومُشرفة، ولا خلاف على الاختلاف الذي ينجم عن تغير المسارات في البدايات، فما يهم هو ما نبلغه في نهاية المطاف، وليس ما نسلكه من مسارات قد لا تتشابه مع بعضها البعض. وأخيراً لابد وأن ندرك أن سلك المسارات يتطلب منا جهداً؛ لتصفيتها والتعرف عليها كما يجب؛ لاتخاذ الإجراء اللازم فيما بعد، ومن باب معرفة ما لنا وما علينا؛ كي نبلغه، وحتى يكون لنا ذلك فعلا كونوا بخير.

729

| 07 أكتوبر 2025

وإن كان ذلك بعد حين

بعد الأحداث العصيبة التي مررنا بها خلال الفترة الماضية، وما تسببت به من توتر تَمكن منا وأثَّر على بعض الخطط وعلى سيرها بقدر تأثر أصحابها، فرت الحياة إلى جانب (رمادي) لا يكترث بما يحدث فيه، وهو ما أدركته بنفسي، وكنت شاهدة عليه؛ ولأنه ما قد أثار استيائي بحكم تأثر البعض به، وامتداد ذاك الأثر إلى الجماعة فالمجتمع، فقد قررت تخصيص كلمات هذا اليوم لهذا الموضوع، فإليكم: بداية لا يمكننا إنكار حقيقة أن الأوضاع المتوترة توتر الأجواء، وفي المقابل لا يمكننا التسليم بضرورة ملاحقتها وترك كل ما له حق علينا؛ ليواجه مصيره بعيدا عنا؛ لأنه وبكل بساطة ما يخصنا ويستحق منا التركيز عليه وعلى أهدافنا، التي نسعى إلى تحقيقها فعلا، مما يعني أن تجنب ذاك (الجانب الرمادي) هو الواجب الذي يجدر بنا الالتزام به؛ كي نعود إلى قائمة ما نود تحقيقه، ونستعيد ما فقدناه من (شغف) كان المُحفز الأساسي لكل خطوة كنا نقوم بها من أجلنا ومن أجل من ينتمي لنفس الدائرة، ونحتاج إليه؛ كي ننعم بمساحة أكبر من التماسك، ونبتعد عن التوتر الذي يفرضه (الخوف من المجهول)، الذي لن يتطاول علينا إلا إن سمحنا له بذلك، ولن نتخلص منه إلا إن ركزنا على مهامنا ونحن نستند إلى ظهر (سياسة النفس الطويل)، التي تزيد من صلابتنا وتحثنا على الخروج من جوف كل محنة بمنحة جديدة تُحقق المُراد، والحق أن هذه السياسة تُعتمد وتُدَرس؛ لتُساعدنا على مواجهة مختلف التحديات، وتجاوز كل الصعوبات التي ومن الممكن أن تقف لنا بالمرصاد، ولكنها ستتلاشى خجلا أمام ما نتمتع به من إصرار، تماما كما هو الحال مع (قطر)، التي تتمسك بمواقفها، وتثبت على رأيها دون أن ترضخ للظروف أيا كانت. كلمات لابد منها ساعات اليوم وإن طالت فلا شك أنها ستنجلي بكل ما سُجل على ظهر صفحاتها من أحداث تمسنا وتعنينا؛ لذا وإن ضاقت بنا السُّبُل فإن الفرج هو كل ما نترقب بلوغ عتبته في النهاية، ولعل من يعاني فعليا؛ بسبب الظروف الصعبة التي تنهشه هو أكثر من يموت؛ كي يعيش تلك اللحظة، (اللحظة) التي سيشعر فيها بالفرج وهو يحتضنه ويربت على ظهره؛ ليهون عليه أوجاعه، ويُزيل عنه كل ما قد لحق به من أضرار ستتوقف عند ذاك الحد وتحديدا بعد أن تفقد سلطتها، ويا لها من لحظة يجذبنا بريقها ويُحفزنا على التحمل أكثر، ويكفي أن نتخيل مصيرنا متى بلغناها؛ كي نبتلع الأحداث وإن لم تكن لتُهضم من الأصل، وهو ما لا يهم بتاتا، فما يهمنا فعلا هو أن نُحقق ما نريده في النهاية ونكسبه، كما سيكسب صاحب الحق وإن كان ذلك بعد حين.

150

| 23 سبتمبر 2025

لأجل عينج يا قطر

الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء على السيادة القطرية، وتهديد منظومة الأمن الإقليمي والدولي، وكل ما جاء كردة فعل لجهود الوساطة التي تقوم بها قطر بنية احتواء الأزمات، وسبق وأن عشنا تفاصيله الأسبوع الماضي، يُثير الخوف، الذي يُعد الحق المشروع، ويشرع لنا اعتناقه في هذا الموقف، ولكنه حتما ما لا يعني التمسك به، والانغماس فيه كل الوقت، دون أن نلتفت إلى الواقع ونعود إليه؛ كي ندرك ما يقع منه وفيه، ونعرف ما لنا وما علينا دون أن نتملص منه بحجة أنه لا يمت لنا بصلة رغم أنه ما حدث على أرضنا، ولم يكن سوى ردة فعل لفعل عظيم وعمل مُشرف أقدمت عليه قطر حين التزمت بجهودها؛ لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع. إن ما كتبته غُرة هذا المقال يُجبرنا على التمسك بموقفنا ومبادئنا، والتماسك وعدم الانهيار، فكل ما نحتاج إليه هو الثبات؛ كي نبث المُساعدة المطلوبة، دون أن يستثني أحدنا نفسه من هذه المهمة؛ ظنا منه أنه غير قادر على تقديم أي شيء، ويبقى السؤال الذي يلوح في سماء أحدهم دون شك: ما الذي أستطيع تقديمه في هذا الموقف؟ لتأتيه الإجابة كما يلي: لكل واحد منا دوره الذي يجدر به التمسك به دون أي تقصير، فأن تبقى ثابتا على أرضك دون أن تلتفت للأمور التي من شأنها أن تخترق الصفوف وتشقها؛ لتبث الشك في الداخل فتتقاعس عن القيام بما عليك من مهام هو ما يُحسب لك في هذا الموقف، الذي ستثبت فيه في مكانك، وستثبت مكانة قطر في قلبك، ومن ثم ستبث في الآخرين معنى أن نعمل ونواصل العمل من أجل الوطن. تابع حياتك كما كنت تفعل سابقا، وضاعف جهودك دون أن تُقصر أبدا، فأن تواصل وصلة العمل الدؤوب يعني أنك تؤكد على أن قطر ثابتة في مواقفها، وأن شعبها يعطي دون كلل أو ملل. ثم ماذا؟ كن مَصدَرا للخير ومُصَدِرا له، خاصة وأننا بأمس الحاجة لمن يبث الأمان ولا يشق ثوبه في هذا التوقيت تحديدا، فإن فرضت عليك الظروف التواجد مع من تغلبه مخاوفه؛ ليبثها في النفوس بادر بإخماد تلك المخاوف حتى تنتهي من قبل أن تبدأ، وتذكر بأن بعض الأفعال قد تبدو صغيرة جدا ولدرجة أننا قد نستهين بها وبقدرتها على التوسع ونشر الأذى، ولكن وبالتركيز عليها أكثر سندرك أن البداية قد انطلقت منها، وأنها ما كانت لتكون إن بادر أحدهم باحتواء الموقف منذ البداية المُطلقة، مما يعني أن كل واحد منا وإن تمسك بهذه المهمة فسيتمكن من المساهمة بتهدئة الأوضاع حتى تُحل الأمور وتعود إلى صوابها. وأخيرا (التطوع نبض الحياة) هو الشعار الذي تغنى به اليوم العربي للتطوع هذا العام، ولأن الأمر كذلك، أي أن الحياة تنبض بالتطوع، فلنتطوع بالقيام بما ذكرته آنفا في هذا المقال، ونقدم لقطر ما تستحقه منا؛ لأننا نحبها وسنفعل كل ما يتطلبه الأمر؛ كي تكون الأفضل، (نعم) سنفعل كل ما يتطلبه الأمر منا، وكل ذلك (لأجل عينج يا قطر).

549

| 16 سبتمبر 2025

«الإعلام والصورة الإيجابية للأشخاص ذوي الإعاقة.. بصمة لابد منها»

يتميز الإعلام ببصمته الإيجابية وبقدرته العالية على التأثير، ولعل ذاك التميز هو ما يضعه في الصفوف الأولى وتحديدا حين يتعلق الأمر بتوجيه المجتمع نحو المسارات الصحيحة الواجب سلكها، خاصة وأن كل قضية تُطرح في الساحة ولا تجمع ما يكفي من الأصوات الداعمة (فعلا) تحصد ما يفوق المتوفر منها بمجرد أن يتدخل الإعلام ويثبت حجته، ولأن إعلامنا يحمل على عاتقه هذه المهمة، فلا شك أن تحقيق غاياته هو الواجب الذي لن نتخاذل عن تأديته أبدا. منذ أسبوع مضى تشرفت بحضور ورشة «الإعلام والصورة الإيجابية للأشخاص ذوي الإعاقة»، التي أطلقها مركز الشفلح للأشخاص ذوي الإعاقة بالشراكة مع المؤسسة القطرية للإعلام والقطري للصحافة، والتي حرصت على تعزيز المفاهيم الإيجابية حول الأشخاص ذوي الإعاقة في الخطاب الإعلامي، وتصحيح المصطلحات والمفاهيم المغلوطة المتداولة في وسائل الإعلام وتمكين الإعلاميين من إنتاج محتوى يعكس قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة وإنجازاتهم، وهو ما تم وسط حضور لافت جمعني ببعض زملاء المهنة ممن سبق لي وأن تقاسمت معهم العديد من التجارب الإنسانية، التي انصبت في قالب واحد يخدم المجتمع، وبما أن هدف هذه الورشة يسعى إلى تقديم ذاك القالب فلا شك أن تلبيتنا لتلك الدعوة إضافة لنا بقدر ما هي إضافة لهذا الحدث. لن يختلف أي منا على حقيقة أن الإعلام يتمتع بدور كبير فيما يتعلق بتناول مختلف قضايا المجتمع وتسليط الضوء عليها، وهو لا يكون بهدف التغطية الإعلامية التي لا تتجاوز حدود الخبر، ولكن بهدف تلبية نداء المسؤولية الاجتماعية، التي تُحتم على المجتمع الالتزام بما عليه من واجبات؛ لضمان تسليم الحقوق لأصحابها، وبما أن الحديث عن فئة ذوي الإعاقة فلا شك أنه يلامس الأصل لا الفرع، ودورنا يقوم على أساس بذل كامل الأسباب؛ وتوفير كافة السبل؛ لتعزيز الوعي وترسيخ قيم الدمج والمساواة وما يقابله من تصحيح للمفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الفئة وتعزيز ثقافة الدمج والتقبل. إن تلبيتنا للدعوة ومشاركتنا في هذه الورشة كانت من باب التعرف على أبرز المفاهيم والتحديات التي تم استعراضها من خلال الأوراق العلمية والتطبيقية، إضافة إلى الاستراتيجيات العملية والخطوات الواضحة، التي ساهمت بتعزيز الصورة الإيجابية، وتأكيد ثقافة الدمج والتقبل. لقد كانت ورشة «الإعلام والصورة الإيجابية للأشخاص ذوي الإعاقة» دعوة صريحة وُجهت لكل صانع محتوى؛ كي تحثه على تبني هذه الفئة، وضمها لسلة محتوياته وسلسلة موضوعاته المُفضلة، والتي تتلون بفكره وتوجهه في الحياة، وهو ما لا يهم بتاتا بقدر ما يهمنا أن يتناول هذه الفئة، ويخصها بشيء من أعماله، القادرة على نشر ثقافة الحقوق وتعزيز مفاهيم التقبل، الدمج، والتكافؤ؛ لبناء مجتمع يتمتع بالإنصاف والعدالة. حقيقة فإن كل ما تم تناوله وتداوله في تلك القاعة قد أثار إعجابي، وأيقظ بداخلي رغبة عارمة حفزتني على التفكير بطرق جديدة يمكننا من خلالها خدمة هذه الفئة؛ لمنحها حياة كريمة تُسندها وتستند إليها، (حياة) تسمح لها بتحقيق كل المطالب التي تطمح للحصول عليها رغم أنف العراقيل والتحديات التي تقف لها بالمرصاد أحيانا؛ كي تحرمها من تحقيق ما تريد، ولكنها وبإذن الله لن تتمكن من ذلك طالما أننا نعمل سويا على تحقيق ذات الهدف. بِنِيّةٍ صَالِحة أقولها لكم الأمل يحثنا على العمل، وما سنقوم بعمله اليوم سنحصده غدا بإذن الله تعالى.

369

| 09 سبتمبر 2025

من فضلك تنح جانباً

تجمعنا أروقة الحياة من حين لآخر بمن يحمل في جعبته الكثير من القصص الخاصة، ولكنها ذات عبرة وموعظة تصلح للعامة، فهي توليفة تجمع بين ما يُسعده ويَسعد به، وما يُشقيه ويشقى بسببه، والغريب أننا وحين نتجاذب أطراف الحديث، ونبحث من خلاله عن المُحرك الأساسي لكل ما يحدث نكتشف وجود (من يقف خلف الكواليس) ويحمل على عاتقه الجزء الأكبر من المسؤولية، إذ ليس من المنطق أن يتحمل صاحبنا وحده ذاك المصير الذي يبلغه في نهاية المطاف، دون أن نُشير إلى ذاك المُحرك، الذي يتواجد في كل مكان ويختلف في مهامه والأدوار التي يقوم بها، ولكنه يتفق على نقطة واحدة وهي أنه المسؤول عن تقدم أو تراجع بل وتأخر صاحبنا، والحق الذي لن نهضم حقه هو أن من يبث الأمل في نفس من يبحث عنه، ويمده بكل ما يستحقه حتى من قبل أن يُنادي ويُطالب به، ثم يُكلل كل ذلك بشيء من التقدير، الذي يخلو من أي تكلف هو (المسؤول) الذي يحظى بشعبية واسعة في النفوس، فوجود من يتفهم الحاجات ويُلبي الرغبات، ويساعد؛ كي يُسعد بما تجود به النفس، وتسمح به الإمكانيات المُتاحة يُسهل المهام، ويُحفز على العطاء أكثر وبصورة لا تخلو من الإبداع، والجميل أنه ما يخرج من القلب، ولا يقف عند حد معين حتى وإن تعسرت الأمور، أو تبجحت التحديات، التي لن تبدو ذات قيمة بوجود كل تلك المعطيات، التي تأخذ العديد من الأشكال وتنصب كلها في قالب واحد فقط يُعرف بـ (الدعم)، وهو ما لن نجده في النسخة الثانية من المسؤول، الذي حان موعد الحديث عنه فإليكم أحبتي: حين أنهيت الحوارات التي دارت بيني وبين من جمعتني بهم الأروقة، خرجت بحصيلة لا يُستهان بها من الهموم، التي أخذت شكلا واحدا تسبب به من يتظاهر بالتزامه بالمسؤولية، ولكنه أبعد من أن يطأ تلك البقعة، فهو صاحب الوعود البراقة ذات المفعول الوهمي، التي سرعان ما تتلاشى بمجرد أن يبلغ الباحث عنها والمتعلق بها حدود المكان الذي يلفظه ويرفضه ولا يحتويه، والموجع حقا حين يكون ذاك الأخير هو من يسعى إلى تحويل محيطه لبيئة أكثر إبداعا وتألقا من خلال توفير الأفكار المُتميزة التي تطل من زاوية جديدة؛ كي تطرح الجديد، الذي يتحلى بكثير من المزايا لا شك أنها ستضمن سير العمل في الاتجاه الصحيح، ولكن هيهات هيهات أن يُدرَك ذلك فندرك المُراد. وماذا بعد؟ إلى كل من يدعي الصلاح ويتظاهر بقدرته على الإصلاح: إن لم تتمكن من التقدم بمنفعة تسعف بها سواك، فلا تُبادر بالمضرة، التي قد تلحق بهم، ولكنها (دون شك) ستلاحقك؛ كي تنال منك وإن كان ذلك على المدى البعيد. وأخيرا (والكلام لك وحدك): من فضلك تنح جانبا، خاصة متى وُجد من يدرك ما يفعل ويحرص على فعله، وتأكد أن خطوتك تلك ستشفع لك، وسَتُكسبك دعوة طيبة ولو بعد حين.

267

| 02 سبتمبر 2025

نعم للحزم لا للظلم

الظلم ظلمات ولكن هيهات أن يفهم ويتفهم من ينكب عليه - بشكل مستمر وكأنه أمر طبيعي، فيتسبب بكثير من الأذى لسواه- معنى هذه الكلمات؛ لأنه وإن فعل فلن يَقبل بفعلته تلك على الإطلاق، بل إنه لن يُقبِل عليها من الأصل، غير أنه يفعل ويظل يفعل فيقع منه ما يقع عمدا وليس سهوا في مرات عديدة ودون حسيب أو رقيب؛ لأنه ومن الأساس لم يجد من يردعه عن فعل ما يفعله، ولعل هذا ما يُفسر استمرار دوران ذات العجلة، وما يؤكد ذلك هو ما نراه من تلك العينة وهي تتباهى بظلمها لغيرها، وتتمادى دون أن تنصت لأي طرف سوى مصالحها الشخصية، التي لن تعود بخيرها إلا عليها، في حين أننا نحاول توزيع كل الخير على الجميع بردع تلك العينة من خلال هذه الرسائل الإنسانية التي نطل بها من حين لآخر على أمل أن تتمكن من إنجاز مهامها على خير وجه يُوجه مؤشر الظلم بعيدا وحيث لا تهوى النفس. تكثر المقالات التي تتناول (الظلم) ووقعه في نفوس البشر، ويكثر تسليط الضوء عليه كموضوع وإن انشغلت ساحة الحياة بأمور أخرى؛ لأنه يأخذ حيزا لا يُستهان به من الواقع، ولا يُعقل بأن يمرق من أمام أحدهم دون أن يترك بصمته التعيسة في نفسه؛ ولأن الأمر كذلك يتوجب على صُناع المحتوى التطرق لوقع الظلم الخطير الذي يقع على رأس ضحيته، ويُجبرها على سلك مسارات مختلفة عن كل ما تسعى إليه من المقام الأول، مسارات يُمكن أن نقول عنها إنها مُخالفة لطبيعتها، وذلك تفاديا للتطور السريع الذي يبث المزيد من التحديات الصعبة، التي لن تهدأ معها الأوضاع بسهولة، والحق أن تلك التحديات وإن كانت مُقدرة ومن نصيب الضحية، التي تسلطت عليها فإنها لا تعني أن نزيد الطين بلة؛ لنزيد من حجم المعاناة التي تواجهها، فمن جهة تجدها تصارع الظلم بأشكاله، ومن جهة أخرى يصارعها كل من يقف لها بالمرصاد؛ كي تظل حيث هي، ودون أن تُحرز أي تقدم، ويبقى السؤال لمن يحرص على أن يكون سببا يُثير حزن هذه الضحية لأسباب ومصالح شخصية: هل سعيك للتعمير يُعادل ما تقوم به من تدمير في حق من يبحث عن أبسط حقوقه في الحياة؟ تريث قبل أن تُجيب عن هذا السؤال، وفَكِّر مليا بتبادل الأدوار؛ لتعرف الإجابة التي ستتقدم بها، وكن على ثقة أن كل ما يخرج منك يعود إليك. وأخيرا: لا شك أن الحياة تفرض علينا من المواقف ما يجعلنا أكثر حزما من غيرنا، ولكن الحزم الذي يُطلب منا في تلك المواقف لا يمت للظلم بصلة، فذاك الأول يضمن لنا السير على الصراط المستقيم، أما الثاني فهو ما ينحرف عن الصراط ويبث من الأذى الكثير، وكي نتجنب ذلك يكفي أن نُركز على القيام بواجباتنا على خير وجه نضمن به حقوقنا وما لسوانا من حقوق. أما أنت والحديث مع من تسول له نفسه فتح الباب لمصالحه الشخصية؛ كي تصبح ذريعة تُبرر ظلمه للآخرين: تذكر هذه الكلمات: كما تُدين تُدان.

162

| 26 أغسطس 2025

المبادرة الخليجية للسلامة الرقمية للطفل

من منطلق أن النهايات السعيدة تكون بفضل البدايات السليمة، تنطلق كلمات (مقال هذا اليوم)، والذي يدور حول حقيقة واحدة وهي أن سلامة المجتمع من سلامة الفرد، بل إن نجاحه وتفوقه بين المجتمعات يعتمد على الفرد، الذي يسعى إلى التغيير بكل ألوانه ليكون له ولأقرانه، ولأن ما نرجوه في النهاية يعتمد على البداية، فلابد وأن نحرص على خوض تلك المرحلة الأساسية بشكل مدروس لا يحتمل الخطأ؛ كي نتجنب الوقوع في أعماقه مستقبلا، وهو ما لا يعني أنه غير وارد، ولكنه ما يساعدنا على وضع الحلول المناسبة؛ لمعالجة الخطأ متى وقع بسرعة كافية وكفيلة بإنقاذ الموقف قبل أن يتفاقم. شهدت الآونة الأخيرة الكثير من الأحداث التي أثرت على المجتمع؛ بسبب ما وقع على رأس ضحاياها من الأبناء وأولياء الأمور، وتعود أصول الحكاية لمساحة شاسعة من الحرية قابلتها رقابة ضعيفة القوام ساهمت في تسيب وانحراف الأبناء عن المسار المُخطط لهم؛ ليسدد الجميع قيمة تلك الفاتورة من راحة بالهم وأمنهم وأمانهم، ولربما هذه هي اللحظة التي سيميل فيها البعض للسؤال عن تلك الأحداث، وما تضمنته من تفاصيل أعتقد أنها تخص أصحابها ولا تعني سواهم إلا في أمر واحد، وهو ما قد بُذل في سبيل معالجة الأمر. ما الذي أتحدث عنه؟ إن استخدام الأجهزة الإلكترونية والتفاعل الاجتماعي المباشر وخوض الفضاء الرقمي الرحب، الذي لا يُدين من يستخدمه بوعي وإدراك، ولكنه يفعل مع من يستخدمه وهو يجهل حقيقة هذا العالم وما يُخفيه، هو الموضوع الذي بات يشغل كل بيت في الآونة الأخيرة بحكم أنه يُعرض الأبناء للكثير من المخاطر، التي تقع على رأس الأسرة ما لم تتخذ الإجراءات المناسبة؛ لمعالجة أصعب التحديات متى كانت، وهو كل ما يمكن تجنبه من المقام الأول من خلال الأخذ بالرسائل التوعوية على محمل الجد، وعدم تجاهلها، خاصة بتعدد التحديات الرقمية التي تُفرض على الأبناء، كالتعرض لمحتوى غير لائق، والتنمر الإلكتروني، وكل ما يعود بتأثيره السلبي على الصحة النفسية والاجتماعية، ويهز كيان الأسرة وإن كان ذلك على مراحل لربما لن تبدو خطيرة منذ البداية بحكم أنها تبدأ بلعبة لن تدخل حيز الرعب حتى تتجاوز حدود المرح، الذي يبحث عنه الأبناء بوقوعهم كضحايا لمخاطر وتحديات الفضاء الرقمي. إن المخاوف التي تحيط بالضحية نتيجة جهلها وغياب من يدعمها ويُحسن توجيهها تجعلها فريسة سهلة لمن يقف من أمامها وتُحيط به هالة ضبابية تسمح له بابتزازها والتنمر عليها إلكترونيا، وجرها لأماكن بعيدة ذات نهايات تعيسة جدا لا يُدركها حتى أقرب الناس وكل من يمكنه مد يد المساعدة متى طُلبت من قِبل الضحية أو تَطلبها الموقف، والحق أن بذل تلك المساعدة لا يقع على عاتق الأسرة وحدها والمحيط (المحيط) بالضحية فقط، بل على عاتق كل مسؤول يُدرك ويفهم معنى المسؤولية، ومعنى أن نسمح للأبناء بالاستفادة الحقيقية من الفضاء الرقمي وتوظيف الدخول إليه بشكل صحيح. إن من أبرز الحلول التي تترجم المسؤولية التي تتحلى بها مجتمعاتنا الواعية هو ما بذلته من جهود في مجال تعزيز السلامة الرقمية، وذلك من خلال إطلاق حملة مشتركة في دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف الأبناء وأولياء الأمور، تحت مظلة المبادرة الخليجية للسلامة الرقمية للطفل؛ لحمايتهم من تحديات ومخاطر الفضاء الإلكتروني عن طريق بث سلسلة من المواد المرئية القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي، تضم رسائل مباشرة تشجع على الاستخدام الآمن للتكنولوجيا، وتسعى إلى غرس بذور التوعية والتأهيل بأساليب تحقق السلامة الرقمية للجميع. وأخيرا إن توعية الأبناء بكيفية التصرف مع أي خطر محتمل، من خلال تدريبهم على الاستخدام الآمن لمواقع الإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية مسؤولية تقع على عاتق الجميع، وعليه يجدر بنا الالتزام بكل ما يتطلبه الأمر؛ كي نضمن حياة كريمة وآمنة لنا ولهم.

177

| 19 أغسطس 2025

ما يحدث في غزة يتطلب الكثير

هناك الكثير من الأحداث التي تشغل العالم في الآونة الأخيرة؛ لذا كثيرا ما نلاحظ أن الأنظار صارت تنصرف نحوها وسط مشهد يرفع علامات الاستفهام حول حقيقة ما يحدث؛ ليتشتت المُتابع لها، ويغيب عن كل ما يستحق منه متابعته والتفكير به بل والتركيز عليه، والغريب أن كل واحدة من تلك الأحداث توفر الأسباب التي تجمع مِن حولها من تجمع؛ لنصبح في نهاية المطاف كأحزاب، يتصرف كل حزب حسب الاتجاه الذي انصرف نحوه حتى وإن لم يتأثر به بشكل تام، والحق أن من يلعب تلك اللعبة التي تقوم على مبدأ (الشد والجذب)، ويعتمد عليها من حين لآخر لأسباب خاصة به يُدرك تماما أن الهدف الرئيسي، الذي يقف خلف ما يفعله هو (صرف الانتباه) عن أمر أكبر بكثير من الواقع الذي يشغل الواقع، والدليل على ذلك هو ما يحدث حتى هذه اللحظة من شد وجذب لأمور لا تستحق كل الجدل الذي يُثار من حولها، ولكنها وعلى الرغم من ذلك تجمع من المتابعين من تجمع؛ لتحقق الهدف المرجو الذي تسعى إليه، ويبقى السؤال الذي يفرد عضلاته في هذا الموقف: ما هدفنا نحن من تلك المتابعة إن لم تكن لتُضيف لنا أي شيء؟ إن ما نخضع له خلال هذه المرحلة هو ما يُعرف بـ Framing حيث يُفرض علينا الإطار الذي يُحدد لنا ما نتابعه؛ لنتأثر به، ونؤثر، ومن ثم نتقدم بما تجود به الأنفس، وهو ما يختلف من فرد لآخر، والحق أن غياب القوانين، التي ومن الممكن أن تفرض على كل واحد منا ما يتابعه؛ ليتخذ الإجراء المناسب بحسب ما يُمليه عليه ضميره، ويخرج بما يريده، هو ما لا يجمعنا وسط دائرة واحدة، ولكنه ما يفرض علينا الشتات الذي يبعدنا عن القضية الأهم التي تحتاج لتكاتف الجميع؛ للنظر في أمرها، والمساهمة في معالجتها. هناك ما يدور في هذا العالم ويحتاج لانتباه وتركيز الجميع، (نعم) تفرض علينا الحياة الكثير مما يتطلب منا النظر في أمره، ولكن (لا) لا يعني ذلك أن ننجرف بعيدا وراء ما لا يستحق ما نبذله من جهد؛ كي ندركه. فيما يتعلق بالسؤال الذي سبق وأن طرحته آنفا؛ كي أجمع الإجابة التي قد تُرضي غروره وهو: ما هدفنا نحن من تلك المتابعة إن لم تكن لتُضيف لنا أي شيء؟ إليكم التالي: بداية فلنتفق على نقطة أساسية، وهي أن تحديد ما يريده كل واحد منا يعتمد عليه في المقام الأول والأخير، وليس على الجهة التي تفرض عليه ما تفرض؛ لذا فإن الهدف المُراد تحقيقه يقع على عاتق من يتلقى ويتابع، وليس على من يُرسل، فهو ما لا يفرض عليه رفض كل ما يُقدم له، أو إلغاء اشتراكه في متابعة الأحداث الأكثر أهمية؛ لاتخاذ المواقف الصلبة، ولكن بذل تركيزه الأكبر في متابعة أهم الأحداث التي تهز العالم وتقشعر منها الأبدان. من الآخر ما يحدث في غزة أكبر من أن نلتفت لأي أمر آخر وننشغل به حتى وإن كبر حجمه، واخذ حيزا لا يُستهان به. ما يحدث في غزة قد تجاوز كل الحدود. ما يحدث في غزة يتطلب مني ومنك بذل المُمكن والمُستطاع؛ لتقديم المساعدة أيا كان حجمها، وما يهم فعلا هو أن تكون، وحتى حين راقب ما تتابعه، وجاهد نفسك؛ كي تُحدث فرقا.

93

| 05 أغسطس 2025

السمعة الطيبة التي تظل وإن رحلنا

كل واحد منا يعيش وفي ذمته ذاك الهدف، الذي يحرص على تحقيقه وتحويله لواقع على أرض الواقع؛ لذا نجده يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق ما يريده حتى يبلغ مبتغاه، ويحصد كل ما خرج في أثره بعد حياة مُكللة بكثير من الإنجازات، التي تظل كتركة يتولاها من حوله بعد رحليه، فيفوز بها من قُدر له ذلك، ويفوز (هو) بما تركه من سمعة طيبة ستظل وإن رحل عن هذه الدنيا، ويكفي من كل ما سبق أن تقابل تلك التركة كلمة صادقة ودعاء طيب وكل ما يخرج من القلب في حق من انتقل إلى ذمة الله، ويكون بأمس الحاجة إلى كل ما سيحرص العاقل والمُدرك لقيمته وقيمة تلك التركة العظيمة على العمل بما يُرضي الله في حياته؛ كي ينعم بتلك التركة بعد مماته، وليت الأمر ينطبق على الجميع، فكما نجد من يدرك سنجد من لا يفعل؛ ولأنه لا يفعل يظل الظلم هائجا ومنتشرا، وبين هذا الأخير ومن سبقه لاشك أننا سنقف عند من يخلص في عمله؛ ليحصد ثماره بعد رحيله. منذ أسبوع مضى انتقل إلى رحمة الله الأستاذ محمد سعد البلم مُخلفا سمعة طيبة تحث من يُذكر من أمامه، ومن يتذكره على الدعاء له بالرحمة، وهو ما أخبركم به من بعد تجربة عملية تضمنت الكثير من الخبرات المهنية، التي جمعتني به وأكدت وجوده الإنساني في الكثير من المواقف، فالعمل الذي تحكمه إنسانية المرء يبقى أثره طويلا، ولدرجة أن عجلة العطاء تستمر بالدوران دون توقف حتى وإن انتهت صلاحية العمل. (نعم) الموت حق علينا، لكني لم أتخيل يوما أن تتطرق إليه كلماتي؛ لتشمل صاحب القلب الطيب، الذي عاملنا معاملة الأب، وحرص على البحث عن المواهب الحقيقية والدفينة في أعماقنا؛ كي يُسلط الضوء عليها بعد أن يُنميها ويطورها وفق خطة حرص على تطبيقها رغم كل التحديات، التي سبق أن واجهته وتصدى لها بفضل من الله أولا، ومن ثم صلابته، وخبراته الحياتية الكبيرة، وسياسة النفس الطويل، التي كان يعتمدها؛ ليأخذ كل ما له من حقوق ولو بعد حين، والحق أن ذكر ما قد كان منه (رحمة الله عليه) يطول، وما يكفينا من مسيرته هو اعتماد هذه الحقيقة وهي أن وجودك في هذه الدنيا كزائر، ستنتهي مدة زيارته متى انقطع الحبل الذي يربطه بهذه الحياة، وحتى يكون ذلك كن مُخلصا في كل ما تقوم به وتقدمه؛ كي تترك أثرا تحث به من يذكرك على تذكر كل ما صنعته في حياتك، فيختم ذلك بكلمة صادقة ودعوة طيبة تكون من نصيبك.رحلة الحياة خاطفة جدا، ومن لم يُحضر نفسه جيدا وبما يُرضي الله خسر الكثير، حتى وإن خرج بما يحسبه من المكاسب. مما لا شك فيه أن ما تناولته اليوم ليس بالجديد، ولكنه ما يتوجب علينا التطرق إليه من حين لآخر؛ لنتذكره ونُذكر به سوانا، إذ إننا لا نعلم متى نرحل، ولكننا نعلم أننا نحتاج لهذا النوع من التذكير فعلا. وأخيرا: رحم الله كل من رحل عنا وغفر له، ووفق كل من يعمل بضمير ويخلص في ذلك. اللهم آمين.

477

| 29 يوليو 2025

ليست مجرد لقمة هنية

لا يُعبر الصمت أبدا عن موقف انهزامي، فهو ما يقع منا؛ بسبب صدمة سبق وأن تعرضنا لها فجردت الكلمات من المعاني حتى صار ما نقوله وكأنه لم يكن من الأصل؛ لنشعر بأننا ندور في حلقة مُفرغة نقول فيها ما لا ندركه فيبدو وكأننا ننتخب الصمت سيدا للموقف، وذلك لقدرته على إدارة الأمور بطريقة خاصة لا تمت لنا بصلة؛ لنصبح بذلك كمن تنصل عن أدواره التي لا ولن تنتهي، فالصمت الذي نحسبه قد أنهى الموقف في حينه لن يفعل ذلك بتاتا بحكم أنه يملك العديد من الوجوه لعل أهمها ذاك الوجه، الذي يخفي خلفه كمية هائلة من الغضب، وسينفجر يوما ما؛ ليحصد كل ما خرج من أجله، وهو ما يكون في حينه دون قيمة تُذكر ولكن وبمجرد أن يمضي الوقت ويحدث ما لم نكن لنتوقعه، يظهر في نهاية المطاف بصورة مختلفة سنسعد أنها قد بلغت بنا تلك النهاية المرجوة بسلام؛ كي ندركها متى قُدر لها ذلك. تضيع الكلمات مني في موقف صاخب ترهقه كل تلك الأحداث التي صارت تُفقد العالم صوابه، وكيف لا يكون ذلك؟ وغزة العزة تتعرض لـ (جريمة تجويع) أسقطت من فيها وهم من لا يريدون أو يشتهون سوى الحصول على (لقمة هنية) قد لا تروق سواهم ممن سيتذمر منها ومن تقلص الخيارات المُتاحة أمامه؛ كي يتكرم ويتناول طعامه، في حين أن أهل غزة يبحثون عن أقل القليل؛ كي يسدوا به جوعهم، الذي تمكن منهم حتى صارت الجثث تتساقط في كل زاوية. ويبقى السؤال: كيف لنا أن نُتابع ذاك المشهد وكأن شيئا لم يكن؟ لا يُعقل أن يُحرم أهل غزة من أبسط الحقوق، التي لن تتجاوز الحصول على (لقمة دافئة). بالأمس أرسلت إحداهن صورة لحوار دار بينها وبين قريبتها في غزة، تشكو فيه الحال وتبكي ما قد بلغت عتبته الأمور، إذ نفد كل الطعام، وما عادت تملك هي وأسرتها سوى القليل من (العدس) الذي لن يصمد حتى نهاية هذا الأسبوع. ثم ماذا؟ ما الذي سيحدث بعد انتهاء هذه المهلة التي تحكمها الظروف؟ وكيف ستعيش تلك الأسر ما تبقى لها دون طعام يغذي الأجساد، ودون أمان يبث الأمل فيها؟ (غزة العزة) بأمس الحاجة لحياة كريمة تتضمن أبسط الحقوق التي ستنفض عنها ما قد خلفته ويلات الحرب من دمار أنهكها، والتواجد من أجل شعبها بإثبات تلك الحقوق من أبرز الواجبات التي تقع على عاتق كل من يعرفها ويعترف بها وبكل ما لها من حقوق ستكون لها بإذن الله تعالى تحت مفهوم النصر، الذي سيحين حينه متى شاء الله ذلك، ومتى أدرك كل واحد منا معنى أن ينصر أخاه ويبذل أبسط الأسباب التي ستُحقق ذلك، ويدركها أكثر من سواه، وعليه فكر بما يُمكنك فعله؛ كي تبذل من الأسباب ما يسهم بنصرة غزة العزة، ولا تتردد، وحتى يكون لنا ذلك نسأل الله العون والسلامة للجميع.

153

| 22 يوليو 2025

الرصيد الجميل من الأثر الطيب

تفرض علينا الحياة أحيانا سلك مسارات سبق لنا وأن مررنا بها، ولكننا ولظروف فضلنا الابتعاد عنها بعد خيارات تحولت بمرور الوقت لقناعات تؤكد لنا صحة ما قد أقدمنا عليه، غير أن الحياة تعود ومن جديد لسابق عهدها فتبدأ بفرض ما يجبرنا على سلك تلك المسارات؛ لنفعل وجملة من المخاوف تحيط بنا وتتسابق على كتابة سيناريوهات تُبرر لنا ضرورة تجنب معايشة ما سبق وأن عشناه، ليطل ومن بعد هذا السؤال: كيف يُمكننا تجاوز تلك المرحلة بسلام؛ للخروج بمكاسب أكثر وخسائر أقل؟ مما لا شك فيه أن صعوبة الخيارات التي نُقدم عليها تتأثر بقدرتنا على التحمل، وعليه فإن من يملك أعلى طاقات التحمل هو من يستطيع تذليل تلك الخيارات وتشكيلها كما يحب؛ ليتابع ومن بعد ما قد بدأه، وهو الحل الأمثل؛ لتحقيق المراد بإذن الله، وحتى يكون ذلك فعلا، فلابد من شحن طاقتنا بكل ما يسمح لنا بالتحمل أكثر؛ كي نسلك تلك المسارات بسلام، وتمضي الحياة نحو ما يجدر بنا بلوغه. لقد بدأت مقالي اليوم بهذه النصيحة من أجل كل من تتجمد قواه ولا يستطيع المضي قدما متى ارتطم بكل ما كان يتجنبه وظهر من أمامه فجأة ودون مقدمات؛ ليعيش بعض التفاصيل التي لطالما تجنبها وحرص على عدم الالتقاء بها من جديد، ولكن الظروف تجبره على ذلك، والأمل أن يجد ضالته من خلال ما قد ورد غرة هذا المقال. وماذا بعد؟ لا شيء يزيد من رصيد المرء منا سوى سمعته الطيبة بين الناس، وكل ما يحتاج إليه في الأوقات الصعبة التي تضيع وسطها كل مكاسبه التي خرج بها من هذه الدنيا سواه ذاك الرصيد الجميل من الأثر الطيب، الذي يظهر بعدة أشكال أصلها المحبة الخالصة لوجه الله، والمحظوظ فعلا هو من يحظى بشيء من تلك المحبة حين تتلاشى كل العوامل الأخرى، التي سبق وأن جذبت الآخرين من حوله (بحسب ما فرضته الحاجة ودعتهم للحصول عليها من خلاله)، غير أنها فقدت أهميتها بدخول لحظة الجد، اللحظة التي أغلقت فيها الأبواب أمام كل شيء سواه ذاك الرصيد من المحبة الصادقة، التي تُجبر القلوب على التقرب إلى الله بالدعاء لصاحب الرصيد الجميل حتى ينعم بالحياة ويسترد ما قد فقده من عافية هو بأمس الحاجة إليها؛ كي يعود إلى عهده السابق وهو بحال أفضل. منذ أيام سمعت بخبر تعرض شخص (كان له عظيم الأثر في حياتي المهنية) لـ حادث مؤسف نسأل الله له النجاة منه والسلامة التامة، شخص يُفسر ما قد تطرقت إليه آنفا ويتعلق برقبة الرصيد الجميل من الأثر الطيب، بحكم أنه خير مثال يترجم تلك العينة من الناس، فهو من كان يتعامل مع الجميع كأب يحرص على مصالحهم دون أي تقصير أو تأخير، ودون أن يوفر أي جهد في سبيل تقديم الأفضل لهم؛ لأنه وبكل بساطة من كان يسعى لنيل شرف الرصيد الجميل من الأثر الطيب، واليوم وبفضل عمله وحسن تعامله مع الآخرين فقد حصد خالص المحبة التي تحث كل من يعرفه بالتواجد من أجله والدعاء له بقلب صادق؛ كي يخرج من تلك الأزمة وهو بأحسن حال (اللهم آمين). بِنِيّةٍ صَالِحة أقولها مهما تطلبت أحلامك وطموحاتك من جهود؛ كي تتحقق (لا تبالغ) في منحها كامل وقتك وجهدك؛ لتنصب في قالب مصالحك الشخصية فقط، ولكن بادر بتغطية مساحة العطاء الخاصة بما يحتاجه سواك ممن ستأخذك الحياة إليهم ذات يوم؛ كي يقدموا ما هو لك أصلا. أخيرا: فكر مليا بإعداد صفحات حياتك لتلك اللحظة التي ستبقى ببقاء المخلصين لك حتى وإن رحلت.

351

| 15 يوليو 2025

وقفة على وقفية نبض

لضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم، وتزويد الأعضاء بالأكسجين والمغذيات الضرورية للحياة فأنت بحاجة لقلب سليم، قد لا يتوفر لسواك ومن الممكن أن يتعرض لأي مرض قد يفتك به، وينقله إلى خانة الحالات الحرجة؛ بسبب الظروف الصعبة التي تحل عليه كضيف ثقيل جدا، يُثير في داخله الكثير من الإحباط؛ لتصبح الحياة ومن بعد (شاحبة)، وفاقدة لوعيها حتى تتم المعالجة المطلوبة، التي قد تغيب أحيانا؛ نظرا لغياب الفرصة التي تسمح بذلك، (الفرصة) التي من الممكن أن تطل من جديد فقط من خلال تلك المُبادرات الإنسانية التي تنبض بالحياة وتضخ فيها الأمل بفضل الله أولا ومن ثم تلك الجهود التي تُبذل خلف الكواليس وتسعى إلى مد يد العون لمن يحتاج؛ بحثا عن الأجر والثواب من الله. لقد شهدت صفحات الحبيبة (الشرق) غرة هذا الأسبوع خبرا عن (وقفية نبض)، وهي عبارة عن مبادرة نوعية أطلقتها الإدارة العامة للأوقاف بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضمن جهود المصرف الوقفي للرعاية الصحية، وتسعى إلى تغطية تكاليف علاج مرضى القلب من أصحاب الدخل المحدود أو من ليس لديهم أي جهة تتحمل نفقات علاجهم، وذلك من خلال التعاون مع مستشفى القلب بمؤسسة حمد الطبية، فيتم الأمر عن طريق التنسيق الوثيق والمستمر بين الإدارة العامة للأوقاف ومستشفى القلب، لتحديد الحالات الأكثر حاجة، والتأكد من استحقاقها عبر تقارير اجتماعية وصحية دقيقة وتُحال من بعدها الحالات الحرجة إلى الجهات المعنية في المستشفى لاستكمال الإجراءات الطبية، بينما تتولى الإدارة العامة للأوقاف تغطية التكاليف حسب الحاجة، ويا له من عمل عظيم اكتسب عظمته من تلك النفوس التي جُبلت على العطاء، الذي سيمتد أثره ويعود إليها ولو بعد حين. إن هذه الوقفية تخلق نوعًا من الأمان الصحي المجتمعي، تسهم بترسيخ قيم التعاون والتكافل في المجتمع بأسره، ومثل هذه المُبادرات تبث الأمان في نفوس الفئات المستحقة للعلاج، فتكون سببا لتحقيق التكافل المجتمعي وتفريج كربات المحتاجين، ولكم نحن بحاجة لمثل هذه المُبادرات التي يمتد أثرها لحياة أخرى، فالخير الذي نزرعه اليوم سنحصده غدا بإذن الله تعالى. ثم ماذا؟ إن ما يُميز كل لحظة عن الأخرى هو ما يكون لقرار تتخذه (أنت) في الشقاء وفي الرخاء، ودون أي تدخل يمكن أن يعكر صفوه، فهو ما يأتي من الأعماق، وبعد دراسة للموقف الذي تواجهه ويتحكم بما يمكن أن تميل نحوه، فإما أن يُخفف أو أن يزيد من حدة ما تمر به، ولعله ما يُفسر التباين الذي تشعر به حين تتقاسم أنت وسواك ذات الظروف، ولكن النتيجة تكون مختلفة، وما تعده هينا قد لا يكون كذلك بالنسبة له، والعكس وارد وصحيح. هناك الكثير من القرارات التي لن تأخذ حيزها حتى تسمح لها بذلك، وهو ما يخضع للكثير من الاعتبارات التي تدركها أكثر من سواك، ولا تستحق أي تدخل ما لم تسمح أنت بذلك، ولكن حين يتعلق الأمر بتعظيم الخير الذي سيعود بنفعه إليك، فلابد وأن نتدخل ونُذكرك بأن (العطاء) هو القرار الذي يستحق منك اتخاذه من أجلك ومن أجل سواك، والمشاركة بمُبادرة عظيمة كوقفية (نبض) هو كل ما ستنبض به الحياة من جديد. وأخيرا: بادر بالخير؛ كي تحصده.

603

| 08 يوليو 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5316

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

4368

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

3867

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1680

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1191

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

978

| 05 أكتوبر 2025

972

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

900

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

777

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

765

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...

729

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

720

| 06 أكتوبر 2025

أخبار محلية