رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا شك أن التعليم فى أى دولة هو الأساس الذى يبنى عليه التقدم والتنمية .. وهو ما يجمع عليه خبراء التنمية فى جميع أنحاء العالم وفى شتى مناحى المعرفة .. وقد إتفق الجميع – بعبارة أخرى – على أن إصلاح التعليم هو اللبنة الأولى فى طريق إصلاح المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة . والمقصود بالتنمية الشاملة هنا جميع مجالات التنمية الإقتصادية والسياسية ويواكبهما تحديث المنظومة الثقافية .. ولكن تحديث المنظومة التعليمية تأتى فى المقام الأول لأنها الأساس الذى يبنى عليه كل شئ .. وهذا معناه إستثمار الثروة البشرية قبل إستثمار باقى الثروات المادية والطبيعية المتوافره فى الأوطان وذلك بزيادة نسبة الإنفاق على التعليم فى الميزانية العامة للدول بما يتناسب مع المعدلات العالمية فى هذا الصدد.. ومن البديهى أن يبدأ الإصلاح من بداية المنظومة التعليمية وهو التعليم الأساسى .. وهذا الأمر يتطلب أن تكون النقاط التالية موضع إعتبارنا : - وجود خطط واضحة للتطوير يعكف على وضعها علماء التربية والتعليم وأساتذة كليات التربية .. ويكون كل من له علاقة بالتعليم ملزما بتنفيذ هذه الخطط بصرف النظر عن الأشخاص الذين يقومون بالتنفيذ بما فى ذلك الوزراء ومساعديهم ومستشاريهم .. وعدم تغيير المسار التنفيذى بتغير الأشخاص وهو النهج الذى يكاد يكون سائدا فى دولنا العربية . - ضرورة أن يكون هناك برنامج زمنى محدد لتنفيذ هذه الخطط وأن يكون ذلك معروفا للجميع ومعلنا عنه بكافة الوسائل المتعارف عليها بما فى ذلك الإعلام والمواقع المختلفة للوزارة والإدارات التعليمية على الإنترنت ووسائل الإتصال الكثيرة والتى باتت فى متناول جميع الناس على مختلف أطيافهم . - العمل على ترسيخ التهيئة النفسية وقبول تجديد الفكر لدى المستهدفين من هذه الخطط وذلك بغرض إعادة بناء الإنسان الحضارى الفاعل والمنتج فى مجتمعه وهو أمر ليس بالهين على الإطلاق إذ يتطلب ذلك إزالة الركام السلبى الذى لحق بالعقول العاملة فى المجال والعمل التدريجى على بناء فكر أحدث وأنفع لجميع الأطراف . - ومن البديهى أن هؤلاء العلماء والخبراء بما لديهم من خبرات كبيرة وإنفتاح على ما يدور فى جميع دول العالم فى هذا المجال نتيجة دراستهم فى بعض الدول أو زيارتهم للعمل أو الدراسة أو على الأقل المشاركة فى المؤتمرات والفعاليات التربوية المختلفة سيأخذون فى إعتبارهم تجارب هذه الدول الأخرى والإستفادة منها بشتى الطرق .. وقد يكون ذلك بطرق شتى سنأتى إليها لاحقا . - ولا شك أن من سيُناط بهم الإضطلاع بوضع خطط التطوير سيأخذون على عاتقهم تقديم أكثر المناهج التعليمية تطورا وسبل هذا التقدم والإرتقاء وفى مقدمتها بطبيعة الحال تكنولوجيا التعليم الحديثة والوسائل التعليمية الأخرى وغيرها من متطلبات نجاح العملية التعليمية . - وسيكون قياس قدرات الطالب المختلفة وأسلوب وضع الإمتحانات من بين أولويات التطوير المنشود ضمانا لتنمية شخصية الطالب بعد التأكد من قدرته على البحث والحوار وتنمية شخصيته بإعطاء المستهدفين مساحة أكبر لتنمية مهارات البحث لديهم .. وهذا الأمر لن يجعلهم يغفلون مبادئ التعليم التقليدية التى يتعلم فيها الطلاب لغتهم القومية ومبادئ العلوم والرياضيات .. إلى جانب – وهذا من الأهمية بمكان– الإهتمام بالدين والتركيز على التربية القومية المتمثلة فى حب الأوطان وغيرها من الأساسيات التى لا غنى عنها لتنشئة مواطن صالح . ولكن ما هو دور المعلم والمدرسة ذاتها فى منظومة التحديث المنشودة ؟ هذا ما سنتناوله فى مقالاتنا القادمة .. فإلى اللقاء بحول الله .
970
| 24 أبريل 2016
من الطريف أن كثيرا من الأمهات يعربن عن خوفهن من أن ينام ألأطفال الرضع إلى جوارهن خشية أن يحدث مكروه لو تقلبت الأم على طفلها .. وتصل المخاوف بالبعض أن ذلك قد يتسبب فى موت الطفل .. وغالبا ما تكون هذه المخاوف لدى الأمهات اللاتى تزوجن فى سن صغيرة نسبيا وأنجبن طفلهن الأول بعد الزواج بفترة قد لا تتعدى شهور الحمل .. وفى الحقيقة فهذه قضية تستحق أن تنال منا بعض الإهتمام لما تشكله من أهمية آنية ومستقبلية فى حياة الأطفال . ويرى الكثير من علماء النفس أن نوم الطفل بجوار أمه يجعل نومها خفيفا فتستيقظ بمجرد أن يتأوه الطفل أو يصدر عنه أى صوت .. وعلى العكس من ذلك فقد تنام الأم التى لا ينام طفلها إلى جوارها نوما عميقا ولا تستيقظ ما لم يبك طفلها بكاء مريرا وهو الأمر الذى قد يشكل لحظات رعب فى حياة الرضيع بسبب كثرة العويل والصراخ .. وفى نفس الوقت فإن هذه اللحظات التى قد يراها بعض الناس بسيطة قد تكون سببا فى فقدان الثقة بالنفس .. ومن المعروف – كما يؤكد الأطباء وعلماء نفس النمو – أن التوتر الشديد يؤدى إلى إرتفاع كبير فى معدلات الكورتيزول والذى يؤثر بدوره على المنطقة أسفل قشرة المخ الأمر الذى قد يكون فى أغلب الأحيان سببا فى حدوث إضطراب فى كيمياء الجهاز العصبى .. ومكمن الخطورة فى هذه الحالات أن الطفل سوف يتعود على التوتر الذى سيلازمه بقية عمره ويكون التخلص منه أو الشفاء من الصعوبة بمكان حيث سيصبح من السمات الشخصية الملازمة له فى سنوات عمره المستقبلية . وفى مرحلة الرضاعة أيضا والتى من المعروف أن مدتها عامان تؤكد الدراسات الحديثة فى الجامعات الأمريكية أن نوم الأطفال بمفردهم – وليس بجوار أمهاتهم – يعرض قلوبهم للإجهاد ثلاث مرات ضعف النوم فى أحضان الأمهات حيث سيكون النوم متقطعا ويكون ذلك سبب صعوبة الرابط بين الطفل وأمه وهو ما سوف يضر بنمو الأدمغة ويكون سببا مؤكدا فى السلوك السئ خلال فترة النمو .. فضلا عن كون ذلك مصدرا للإضطرابات النفسية فى مرحلة الطفولة ومدعاة للإضطرابات الإجتماعية فيما بعد . وتأسيسا على ما سبق فإننا ننصح – للنمو الأمثل – أن ينام الرضيع فى حضن أمه خاصة فى الأسابيع الأولى من عمره .. وأن يكون فى نفس الغرفة التى تنام فيها الأم فى فراش منفصل .. ويوجد الآن الكثير من أنواع الأسرة المصممة لهذا الغرض .. وأن يستمر هذا الوضع عامين على الأقل وهو موعد إنتهاء فترة الرضاعة كما أسلفنا .. وبعد هذه الفترة سيكون للطفل كينونة وإستقلالية .. كما سيكون ذلك تمهيدا لسهولة التفريق بين الذكور والإناث .. ولكن ذلك موضوع آخر سنتناوله فى مقال منفصل . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
1459
| 16 أبريل 2016
كثيرا ما يستخدم الناس فى أحاديثهم والكتًاب فى كتاباتهم تعبير " دموع التماسيح " .. ومن المتعارف عليه أن هذا المصطلح يستخدم لوصف المشاعر الكاذبة تجاه شئ ما .. مثل أن يبدو على شخص أنه آسف لوضع ما وهو فى قرارة نفسه سعيد لذلك .. أو مثل إدعاء المنافق البكاء وهو غير حزين .. وما يتصوره الناس دموعا ليست فى الحقيقة دموع لأن عيون التماسيح - شأنها فى ذلك شأن الأسماك - لا يوجد بها غدد دمعية .. ويفسر بعض العلماء ذلك بأن ما يتصوره الناس دموعا ما هى إلا سوائل تنزل من عيونها عندما تفتح أفواهها على إطلاقها وتحاول إبتلاع فرائس أكبر من مقاييسها .. ولكن التفسير العلمى الأقرب للحقيقة والذى يكاد يجمع عليه الخبراء المتخصصون فى هذا المجال أن التماسيح تفتح أفواهها وتتجمع الطيور لإلتقاط بقايا اللحم من بين أسنانها فتشعر التماسيح بنشوة بالغة وتتساقط قطرات من المياه من عيونها وهى ما يظنه الناس بكاء التماسيح على الفرائس التى إلتهمتها .. وفى هذا السياق يُقال أن الطيور هنا تلعب دور فرشاة الأسنان وفق إتفاق المصلحة المشتركة بينها وبين التماسيح . وفى الحقيقة أن الدموع - دموع البشر - كوسيلة للتعبير عن الحزن أو الفرح تتساقط بشكل لا إرادى .. وهى نعمة ربانية لأنها محلول فسيولوجى يقوم بغسل العين ويحافظ عليها من الجفاف الذى يتسبب فى مضار عديدة منها ضعف الإبصار الشديد والذى قد يصل إلى العمى .. كما أن الدموع تساعد على إرتخاء عضلات العين وترطيبها وتنقيتها من الشوائب المختلفة مثل الغبار والشعر .. وهى فى نفس الوقت سائل مضاد للبكتيريا حتى أن أطباء العيون يجمعون على أن القطرات التى تتساقط من العين لها مفعول أقوى من جميع المضادات الحيوية . والأهم من كل ما سبق أن الدموع هى الوسيلة الأكثر فاعلية فى تسكين اللآلام وذلك بإخراج الطاقة المكبوتة مما يساعد على العلاج النفسى وإعادة التوازن لكيمياء الجسم حيث أنه من المؤكد أنه عند الإنفعال الشديد والتأثر العاطفى – سلبا أو إيجابا – يبعث المخ برسالة إلى الغدة فوق الكلوية التى تقوم بإفراز هرمون الأدرينالين عندما تبدأ دقات القلب فى الخفقان مما يزيد من تدفق الدم إلى القلب الأمر الذى يستدعى من الجسم زيادة توسيع شرايين القلب ليتمكن من إستيعاب كمية الدم المتدفقة ويزيد هذا من ضغط العين وبالتالى تنقبض الأوردة والشعيرات المجاورة للعين التى تقوم بإفراز السائل الدمعى من الغدد الدمعية . وفى هذا السياق تقول الإحصائيات أن نسبة إفراز الدموع عند الأطفال من الجنسين تكون متساوية حتى بداية سن البلوغ فى الثانية عشرة من العمر تقريبا .. بعدها تتغير النسبة وتصبح النساء يبكين أربعة أضعاف الرجال بسبب زيادة هرمون باليرولاكتين لديهن وهو هرمون بروتينى يتم إفرازه من الجزء الأمامى للغدة النخامية ويزيد من إفراز السائل الدمعى .. هذا من ناحية التكوين الجسمانى .. أما من الناحية الإجتماعية خاصة عندنا نحن الشرقيون فإن معظم الناس – إن لم يكن جميعهم – يعتبرون البكاء من سمات النساء والأطفال فقط وأن الرجال لا يبكون أو بالأحرى لا يليق بهم البكاء وينظرون بإزدراء إلى من يبكى منهم .. وهكذا يجد الرجال أنفسهم محرومين من كل الفوائد التى ذكرناها فى الفقرة السابقة مع أننا جميعا نعلم أن كبت الدموع عند الشعور بالضغط أو التوتر تؤدى إلى التعرض لكثير من الأمراض وأعراضها والتى يعتبر الصداع أكثرها شيوعا . وتأسيسا على ما سبق يظن الناس أن النساء ذوات المشاعر الأكثر حساسية وأنهن عاطفيات بدرجة أكبر من الرجال ولعل هذا يفسر إرتفاع متوسط أعمارهن بالمقارنة بالرجال .. بالإضافة إلى عوامل عديدة أخرى مثل النشأة الأسرية والإجتماعية والظروف الأخرى التى يمر بها الناس من أحزان وأفراح ونجاحات وإخفاقات وإنتصارات وهزائم .. ولكن تبقى أكثر الدموع جمالا هى دموع الأطفال وأكثرها تأثيرا هى دموع التوبة والندم وتأنيب الضمير وأكثرها روعة هى دموع الإنتصارات التى يزرفها الأقوياء والعظماء . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
5917
| 03 أبريل 2016
تحتفل معظم الدول العربية فى الحادى والعشرين من مارس كل عام بعيد الأم تقديرا لدور وعطاء الأم فى حياة أولادها وأسرتها وتقديرا لما تقدمه من تضحيات فى سبيل رعايتهم وإسعادهم وإدخال البهجة على حياتهم .. ويحتفل الناس بعيد الأم فى كل دول العالم وإن اختلف تاريخه من دولة لأخرى ولكنه تحدد فى هذا الموعد فى الدول العربية لأنه يصادف بداية فصل الربيع الذى يحبه الجميع صغارا وكبارا عندنا لأنه يتميز بجمال الجو فيه وتفتح الزهور .. ولطالما تغنى شعراؤنا بجماله .. ولهذا فإنه من الطبيعى أن نحتفل فيه بأغلى الناس فى الوجود عند الجميع وهى الأم بلا منازع . وكان أول من احتفل بعيد الأم هى السيدة آنا جرفيس فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1908 وبدأت حملة للإعتراف بهذا اليوم حتى نجحت فى ذلك عام 1914 وأصبح يحتفل به فى دول كثيرة فى العالم . أما فى عالمنا العربى فإنه من أجل نسب الفضل لأصحابه فإننا لابد أن نشير إلى أن أصحاب فكرة الإحتفال بهذا العيد هما الأخوين على أمين ومصطفى أمين وهما من رواد الصحافة فى مصر ومؤسسا جريدة أخبار اليوم المصرية .. وقد وقع الإختيار بعد الكثير من المناقشات على يوم الحادى والعشرين من مارس وهو بداية شهر الجمال والربيع كما ذكرنا آنفا .. ومما ساعد على ترحيب الناس بهذا الإحتفال أنه يتوافق مع ما أمرنا الله بالإحسان إلى الأم وحرم على الأبناء عقوق الأمهات وإعتبرها سبحانه وتعالى من الكبائر . وعن هذا العيد أيضا هناك رأى يقول أن بدء الإحتفال به يرجع إلى عصور الإغريق والرومان .. وأنا أتفق مع هذا الرأى - برغم أنه لا يوجد لدى دليل لإثباته - لأن الأم طالما كانت عبر التاريخ مخلوقا مرهف الحس رقيق المشاعر وتتحمل الآلام والمشاق راضية فى سبيل الآخرين ويكفى ما تلاقيه من ألم مبرح أثناء الولادة وتتحمله كرها وتزداد حبا وحنانا لوليدها . وفى هذه المناسبة يقوم كل فرد بتقديم هدية – تكون رمزية فى أغلب الأحيان – أو بطاقة أو بعض الزهور .. وجميعها - بغض النظر عن قيمتها المادية - تعبرعن إمتنان الأبناء للأم .. تلك الإنسانة مرهفة الحس رقيقة المشاعر التى تحملت الضغوط النفسية والعصبية وتحملت ما يفوق طاقتها من أجل إسعاد أولادها .. وهنا تكون الهدية أو البطاقة مجرد تعبير عن العرفان وأن الأبناء يقدرون ما بذلته الأم من أجل إسعادهم .. ومن البديهى أن الكل يدرك أن الهدية ليست بقيمتها المادية ولكنها رمز للإعتراف بفضلها وجميلها . ونختم مقالنا بأجمل ما قرأته فى هذه المناسبة للدكتور سيد حسن السيد الخبير الدولى للإتيكيت وآداب السلوك فى جريدة الأهرام القاهرية " أن الله خلق المرأة ووضع فيها جينات الحب كى تتعامل بالعاطفة .. لأن العاطفة عندما تسمو عند المرأة تتحول إلى حنان متمثلا فى غريزة الأمومة التى تعبر عن أسمى معانى الحب فى الوجود دون مقابل " . ويطالب الرجل وأنا أتفق معه تماما بأن يستمر تكريم الأمهات حيث أن يوما واحدا فى العام لا يكفى .. وأنا أضيف أن أى أم لا تنتظر أن يقدم لها الأبناء الهدايا مهما إرتفع ثمنها ولكن يسعدها إبتسامة عرفان أو لمسة حانية .. أو أن يربت أحد الأبناء على يدها تقديرا وعرفانا . ولا أكتم سرا لو صارحت القراء الأعزاء بأننى شخصيا قد توفيت أمى منذ ما يزيد عن العشرين عاما ومع هذا فإننى لا زلت أشعر بوجودها إلى جوارى .. وكثيرا ما أشعر بها وهى تشجعنى على فعل جميل أو تنهانى عما هو غير ذلك .. حقا إن الجنة تحت أقدام الأمهات . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
1182
| 20 مارس 2016
كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق تحت عنوان " مواقع التواصل الإجتماعى .. ما لها وما عليها " المستجدات التى طرأت على حياتنا بعد إنتشار الإنترنت بشكل غير مسبوق فى حياة كافة الناس فى كل الأقطار من جميع طبقات المجتمع الأغنياء والفقراء وعلى إختلاف حظوظهم من التعليم وكيف أن " الفيسبوك " بإعتباره أكثرها شهرة بالإضافة إلى المواقع الأخرى بطبيعة الحال قد أثرت تأثيرا كبيرا فى حياتنا جميعا .. منها ما هو إيجابى ومنها ما هو سلبى .. إلى آخر ما جاء فى المقال . وفى مقالنا اليوم نتناول تأثير هذه المواقع جميعا بالإضافة إلى مواقع البحث مثل " جوجل " و " جوجل كروم " وغيرها على ثقافتنا وتشكيل وجداننا .. وهو ما يمكن أن نطلق عليها " الثقافة الإليكترونية " .. وهى بلا شك ثقافة وافدة علينا – نحن العرب – ويمكننا أن نقول باطمئنان أنها ثقافة ترفيهية فى طبيعتها تغلب عليها الصورة والحركة والقراءة العابرة كما أسلفنا فى مقالنا السابق . ونود أن نؤكد فى هذا السياق أن البون شاسع إذا ما حاولنا أن نقارن بين الثقافتين .. الثقافة الإليكترونية القائمة أساسا على الإنترنت والثقافة الأصلية أو التقليدية وهى تلك التى تعتمد على الكلمة المكتوبة أو بالأحرى ثقافة القراءة الواعية للكتب والصحف والمجلات المتخصصة والتى ظلت لسنوات طويلة إمتدت لقرون عديدة تسهم بشكل مباشر فى تكوين الشخصية المعرفية لكافة الثقافات .. العربية منها وغير العربية .. وربما تكون تلك الكلمات هى بالنص كلمات الأستاذ الدكتور بهاء حسب الله الأستاذ بكلية الآداب بجامعة حلوان فى مقاله القيم " سبيل النجاة " بجريدة الأهرام فى نفس الموضوع والتى أحترمها بكل تأكيد وأرى أنها تتوافق فى معظمها مع وجهة نظرى فيما عدا بعض النقاط التى سآتى على ذكرها لاحقا .. وقد أردت بهذا نسب الفضل لصاحبه من باب الأمانة العلمية . وبالقطع فإن الإعتماد الكلى على الثقافة الإليكترونية دون غيرها ينبئ بمستقبل خطير يهدد المنظومة الثقافية على كل المستويات كما يهدد الأثر الثقافى فى الداخل والخارج . ومن البديهى أن تكون المادة المطبوعة على أوراق يمكن الإحتفاظ بها وأن تكون بين أيدينا فى أى وقت .. وهى دليل قاطع على وجهة نظر كاتبها ويمكن مساءلته إن جانبه الصواب أو كتب ما يضر بأمن أو سلامة المجتمع وأمن أفراده .. وهنا قد يقول قائل أن المادة التى يبثها صاحبها يمكن الإحتفاظ بها أيضا .. وهو قول صحيح .. ولكن أيضا من الممكن إلغاؤها أو تغييرها أو حتى محوها تماما .. كما يمكن التنكر لما جاء فيها وهنا يكون من المستحيل – إلا فى حالات قليلة – إثبات المسئولية .. كما أن المادة على المواقع الإليكترونية من السهل إستدعاؤها ونقلها أو حتى تحريفها .. ونحن لا نفترض سوء النية فى كل الأفراد ولكننا أردنا فقط التدليل على الفروق بين كلا المادتين المبثوثة والمنشورة . وبالقطع أيضا فإن إنتشار الإنترنت جاء على حساب أسواق الصحف والمجلات المتخصصة والكتب التى تراجعت مؤشرات توزيعها إلى حد كبير بات يهدد تواجدها ذاته خاصة فى ظل الإرتفاع المضطرد فى تكاليف الطباعة .. وللتدليل على ذلك دعونا نقارن بين معارض الكتاب التى كانت فى الماضى مؤتمرا محليا ودوليا وعرسا حقيقيا للثقافة وبين ضعف الإقبال عليها فى الوقت الراهن . ويطالب المثقفون ( ومن بينهم الدكتور بهاء حسب الله ) بضرورة أن تنتهج الدول سياسات واضحة قبل أن تتفاقم المعضلة الثقافية والعمل على إنقاذ الأجيال الجديدة من هوة السقوط فى يم الثقافة التكنولوجية الحديثة على حساب الثقافة الأصلية والمتمثلة فى القراءة وأن الكتاب هو سبيل النجاة لتحقيق هذا الهدف .. وهنا نختلف معهم فى وصفهم للثقافة الإليكترونية باليم الذى تسقط فيه الأجيال الجديدة لأن الثقافة الإليكترونية لها فوائدها ووجاهتها ويحمد لها سهولة الحصول عليها وبساطة تكلفة إستخدامها . ومن هنا فإننا إعترافا منا بقيمة الثقافة الإليكترونية إلى جانب متعة قراءة الكتب والصحف والمجلات والكلمة المطبوعة بشكل عام فإننا يجب علينا الإهتمام بكلا الثقافتين وألا يكون شغفنا بواحدة على حساب الأخرى .. فلكل منهما قيمته ومميزاته التى لا يمكن تجاهلها أو الإنصراف عنها . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .
1014
| 10 مارس 2016
تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية والرسائل بعد نشر مقالنا السابق تحت عنوان " مواقع التواصل الإجتماعى .. ما لها وما عليها " والذى تناولنا فيه – كما هو واضح من العنوان – مميزات وعيوب المواقع المتعددة والتى أوصلت العالم إلى حد الجنون خاصة بعد تلك الإختراعات والإمكانات التى إبتكرها الإنسان فى العقود الأخيرة والتى أدخلت البشرية فى حالة من اللهاث فى محاولات لمواكبة تلك المخترعات وما تحمله من إمكانات لا أول لها ولا آخر.. وكما يقول الكُتًاب فإن حجم المعلومات التى توصل إليها الإنسان فى النصف الثانى من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين تزيد عما توصل إليه منذ بدء الخليقة وهو ما جعلهم يطلقون على هذه الفترة الحديثة عصر ثورة المعلومات . وبرغم إعترافنا الكامل بأهمية هذه المخترعات وفضلها على تسهيل حياتنا إلا أنه توجد أيضا سلبيات تطرقنا إليها فى مقالنا المشار إليه .. ولكننى فى هذا المقال – ومعى العديد من القراء الأحباء الذين تواصلوا معى بعد نشر المقال – نتوقف أمام الهاتف الجوال أو التليفون المحمول أو " الموبايل " وكلها مسميات للتليفون الذى يحمله الشخص ويتحرك به أينما ذهب والذى جاء كتطور طبيعى للتليفون الأرضى أو الثابت – وهو بالمناسبة لم ولن يتم الإستغناء عنه مستقبلا – الأمر الذى يجعلنا نطلق على الجوال هذا بإطمئنان التليفون الشخصى .. وهو قفزة علمية تقنية فنية إبداعية تواصلية إجتماعية إقتصادية خطيرة . ومن البديهى أن كل الناس من جميع الطبقات الإجتماعية وعلى إختلاف أعمارهم ودرجاتهم العلمية يلاحظون أن علاقتهم بالتليفون الجوال أصبحت مرتبطة بكل أنشطة الحياة حتى باتت علاقة إدمان بكل ما فيه من مظاهر الإستحواذ واستلاب الإرادة .. ولم يعد للمكالمات فقط للإطمئنان على من نحبهم أو تحديد المواعيد وما إلى ذلك مما إعتدنا على إستخدام الهاتف فيه .. بل إمتد الأمر ليشمل كافة مناحى الحياة وأدقها بما فى ذلك العلاقات الإنسانية وأكثرها حساسية مثل الحب والتعبير عن العواطف . ومن الملاحظ أيضا أنه أصبح لا غنى عنه لأى شخص حتى أننا نستطيع أن نقول أنها أصبحت علاقة إدمان .. نعم إدمان ناعم متسلل إلى اللاوعى والذى يزداد كل يوم عن سابقه لدرجة عدم القدرة على الإستغناء عنه حتى أثناء ممارسة الأعمال التى تتطلب توخى أشد درجات الحذر مثل إستخدام الآلات أو قيادة السيارات مما يعرض النفس للهلاك ويهدد حياة الآخرين حتى وصل الأمر إلى درجة إصطحاب الهاتف إلى الفراش بصرف النظر عن أخطار الإشعاعات الكهرومغناطيسية التى يحذر منها العلماء .. ولكن للأمانة العلمية فإنه يتوجب علينا أن نقول أن هذه الإشعاعات قد تقلصت إلى درجة كبيرة فى الموديلات الحديثة من الهواتف الجوالة إلا أنه لا يستطيع أحد أن يزعم أنه تم القضاء عليها نهائيا . وهناك مقولة أكاد أسوقها فى جميع مقالاتى مفادها أن أى شئ يزيد عن حده لابد وأن ينقلب إلى ضده ويأتى بآثار سلبية أكثر مما نكسبه من إيجابيات .. فإذا كان كل شئ فى حياتنا قد أصبح له علاقة بشكل أو آخر بالهاتف الجوال بحيث لا يستطيع الإنسان العادى الإستغناء عنه فى شتى مناحى الحياة وأبسطها تحديد المواعيد أو تأجيلها أو إلغائها أو الإعتذار عنها فضلا عن الناحية الخدمية وحتى عقد الصفقات التجارية .. بمعنى إذا كان الإنسان العادى أو حتى رجل الأعمال لا يستطيع الإستغناء عنه فيجب أن يكون معتدلا فى إستخدامه ولا تغريه التسهيلات الكثيرة والخدمات المجانية أو ذات الرسوم الغاية فى البساطة التى تقدمها شركات الهواتف المختلفة .. لأن أرباح تلك الشركات - كما هو معروف للجميع - تأتى من الإعلانات وذلك بسبب الأعداد الهائلة من المشتركين فى جميع أنحاء العالم لدرجة أن هذه الشركات على إختلاف جنسياتها أصبحت تستخدم الأقمار الصناعية وبصدد إستخدام الطائرات بدون طيار لتوصيل خدماتها إلى الأماكن التى ليس بها بنية أساسية تكنولوجية لإقامة محطات الهواتف الجوالة .. فلماذا تقدم الشركات على مثل هذه الخطوات التى تتكلف الكثير والكثير من النقود ما لم تكن تجنى الأكثر من ورائها . وأخيرا فإننا نقول – وهذا الأمر لم يعد سراً – أن أجهزة المخابرات فى أى دولة تستطيع إختراق خصوصية البشر بسبب التطبيقات المختلفة للهواتف الجوالة مثل ال " جى بى إس " و " الفايبر " و " السكايب " و " الفيسبوك " و " الواتس آب " وغيرها وكلها تصلح كأدوات للمراقبة. ونحن لا ننادى بعدم إستخدام هذه الأجهزة وتلك التطبيقات ولكننا ننصح بالإعتدال وعدم المبالغة فى الإنسياق وراء الإغراءات وألا نهمل ما تعودنا عليه فى السابق من القراءة وتمضية الأوقات مع الأهل والأحباء وممارسة الأنشطة الرياضية . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله .
1116
| 03 مارس 2016
هذا المقال ليس الأول الذى أتناول فيه موضوع مواقع التواصل الإجتماعى وما ينضوى تحت لوائها .. فقد كان لى السبق فى كتابة عدة مقالات تحت عنوان " الفيسبوك " ثم " الفيسبوك .. 2 " وبعد ذلك كتبت المقال الشهير " ليس دفاعا عن الفيسبوك " .. وأخيرا كان مقال " الفيسبوك وزهرة الغاردينيا " تناولت فيه إبداعات الزميل الشاعر حسين حرفوش .. كل ذلك كان خلال السنوات القليلة الماضية .. والفيسبوك هو أشهر روافد هذه المواقع وبالتالى يكاد يكون هو المصدر الأكثر فاعلية للثقافة الإليكترونية .. والمقصود بالثقافة الإليكترونية هنا أنها ثقافة الصورة والحركة والقراءة العابرة وهى ما نجده بصفة أساسية عبر الإنترنت وما يتفرع منه من وسائل التواصل الإجتماعى .. ولعل هذا هو السبب فى أننى إستخدمت كلمة الفيسبوك دون غيرها كعنوان للمقالات السابقة التى ذكرناها آنفا .. ونلاحظ أن ثقافة الإنترنت هذه قد إنتشرت فى المجتمع العربى بشكل غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية وأفسحت المجال أمام الجميع تقريبا " للكلام " أو بالأحرى إبداء الرأى .. وهو ما لم يكن مسموحا به لفئات عديدة من المجتمع .. وكان معظم هذه الفئات تتحدث همسا فى السر بالرغم من أن كلامها فى معظم الأحيان لا يتسبب فى ضرر ملموس للمجتمع .. ولكن إزاء إمكانية إسكاتهم فى أى وقت وما يصاحب ذلك من إجراءات دراماتيكية فقد آثر هؤلاء الهمس .. كان ذلك يحدث فى الماضى .. ولكن ما يحدث الآن ونلمسه جميعا شئ مختلف تماما .. فقد أعطت وسائل التواصل الإجتماعى حق التعبير عن الرأى للجميع .. وصار أبسط الناس يعبر عن رأيه علانية شأنه فى ذلك شأن من يحمل جائزة نوبل . ليس هذا فقط ولكننا نلمس فوائد إيجابية عديدة لعل أهمها بعد إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأى لكافة الناس - كما أسلفنا - لعل أبرزها سهولة وسائل التواصل وسرعتها المتناهية .. فقد أصبح التواصل غاية فى السهولة وبتكلفة زهيدة لا تكاد تذكر .. سواء كانت سهولة الإتصال بسبب وجود خدمة الإنترنت نفسها والتى أصبحت فى كل بيت يتساوى فى ذلك أغنى الأغنياء مع أفقر الفقراء .. أما أدوات الإتصال ذاتها فتتراوح بين أجهزة الكمبيوتر الثابتة والمتنقلة والمعروفة ب " اللاب توب " أو " التابلت " وصولا إلى جهاز تليفون فى حجم كف يد الإنسان ينتقل به فى أى مكان فى العالم .. سواء على الأرض أو حتى فى الفضاء عند ركوب الطائرة .. فهل هناك سهولة أكثر من هذا لإرسال أو تلقى ما نشاء .. بل إن الأمر إمتد ليشمل مكالمات صوتية مجانية – غير الكتابة والصورة – على مواقع عديدة مثل " الفايبر " وال " لاين " وال "واتس أب " وال " ماسينجر " .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن معظم هذه المواقع أصبحت تتيح تلك الخدمات بالصوت والصورة معا .. حتى أنك تجلس أينما كنت وترى وتحاور من تريد فى أى مكان فى العالم . أما عن سرعة التواصل فحدث ولا حرج .. فأى إنسان فى أى مكان يمكنه أن يعرف معظم ما يحدث فى العالم فور وقوعه سواء كان ذلك من الأصدقاء والزملاء أو من المواقع الإخبارية التى تمتلك شبكة مراسلين فى كل الدنيا وما على من يرغب فى المتابعة إلا أن يضع علامة الإعجاب " لايك " ليكون كل شئ بين يديه .. ونحن نقول ذلك دون مبالغة لأن الجميع يلمسون ذلك بأنفسهم .. وعن نفسى أنا كاتب هذه السطور فإننى أتواصل مع أصدقاء وزملاء فى قارات العالم الخمس بصفة شخصية أو ما يلزم للعمل الصحفى . ولعل القراء الأعزاء يلاحظون أننى فى الكثير من كتاباتى أحذر من مغبة أن يزيد أى أمر عن حده حتى لا ينقلب إلى ضده .. وهى قاعدة معروفة للجميع ولكن معظمنا ينساها فى غمرة إنفعاله .. وقد يتناساها البعض عامدين ظنا منهم أنهم بعيدون أو بمنأى عن خطر زيادة الحد .. وهذا هو ما نلمسه فى تعاملنا مع وسائل التواصل الإجتماعى وأشهرها - كما أسلفنا - هو الفيسبوك .. فماذا يحدث على الفيسبوك . على هذه الصفحات هناك الكثير ممن يتعمدون خفة الدم ويدونون ما يجعل القارئ يبتسم من تلك الحماقات التى يكتبونها وخاصة هؤلاء الذين يذيلون كتاباتهم بألقاب يطلقونها على أنفسهم مثل المفكر أو المبدع أو الشاعر أو الأديب .. وهناك من يجمع بين عدد من هذه الألقاب أو كلها ويجعلونها تسبق أسماءهم ويطلب منك أن تضع له علامة الإعجاب " لايك " .. وإذا ما إنصرفت عنه تجده فى موقع آخر وكأنه مكلف بمطاردتك .. والأمر العجيب حقا أن يكتب تعليقا على عباراته التى دونها بنفسه ووضع عليها علامة الإعجاب فى موقع سابق ولا يفوته فى تعليقاته أن يشيد بعمق الأفكار وثراء اللغة وعبقرية كاتبها مع أن عبارته لا تخرج عن كونها أحد الأمثال الشعبية المنتشرة أو إحدى الحكم البسيطة مثل السكوت علامة الرضا أو الموت نهاية كل حى .. وهكذا . أما الأكثر عجبا فهو من يقوم بتكوين مجموعة " جروب " وطبعا لابد أن يحمل إسمه .. ويضم إليه من يشاء وقد يكون بعض هؤلاء لا يعرف شيئا عن هذا الجروب .. والمشكلة أنه يصدق نفسه فيسمح بنشر الآراء التى تروق له وتوافقه الرأى والرؤى ويمنع من يخالفه الرأى فى تدوين أفكاره عبر الجروب حتى ينتهى به الأمر إلى أن يظن صاحبنا هذا أن الجروب قد أصبح حزبا وهو رئيس هذا الحزب . وإلى جانب كلا الطرفين تجد بعض من حسنى النية من يصدقون كل ما يبث عبر هذه الوسائل دون تحرى الدقة أو البحث عن إثبات أو دليل على ما يقرأه برغم ما قد يلمسونه من تحامق أو شطط فى الرأى والتى لا يهتم من يوزعها على الناس بتقديم إثبات أو شاهد وقد يكون من بين ما يبثونه نصائح طبية أو وصفات لتقليل الوزن وهو ما تُغرم به السيدات .. وقد يكون من بينها كذلك عبارات أو موضوعات دينية بينها ما هو صحيح وما هو مشبوه تغلب عليه مسحة المبالغة لدغدغة مشاعر البسطاء . أما الأخطر من كل هذا فهو ما يتعمده البعض للتأثير على الرأى العام والتحريض على فكر معين وغالبا ما يكون ذلك من الجانب السياسى وهو ما قد يؤثر سلبا أو إيجابا على مصالح الأفراد والجماهير والأوطان . وفى النهاية نقول أن هذه الوسائط الإليكترونية قد دخلت حياتنا جميعا من أوسع الأبواب وإحتلت مكانة فى حياتنا يصعب تجاهلها وأصبحت جزء من حياتنا .. وبناء عليه نقول أنه لا بأس من ذلك شريطة أن ندقق فيما يصلنا لنفرق بين الغث والسمين خاصة وأنه لا توجد – حتى الآن – قوانين أو تشريعات معمول بها لحماية الناس أو على الأقل مساءلة من يخرج عن الحدود المتعارف عليها فى التعامل بين الناس . ونأمل أن نتمكن من مناقشة أثر مواقع التواصل الإجتماعى على الثقافة .. وسيكون هذا هو موضوع مقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected]
3743
| 23 فبراير 2016
كانت الأم فى الماضى تتصف بالحكمة والوقار والصبر والهدوء وكل ما هو جميل .. حتى رواية القصص للأطفال كانت لها طعم آخر عندما كانت تحكيها أمهات ذلك الزمن الجميل .. وكان الأب هو الحصن المنيع والسند الذى يلجأ إليه الجميع للحماية وطلب النصيحة وحل المشكلات بمن فى ذلك الأم نفسها . والآن اختلف الوضع تماما حيث أصبحت العصبية الشديدة والصراخ هو السمة الأساسية فى لغة الحوار السائدة بين الأم وأطفالها .. فما هو السبب أو الأسباب التى أدت إلى هذا ؟ قد يكون ذلك بسبب الضغوط النفسية والإقتصادية الواقعة على كاهل الأم .. وكذلك الأعباء الملقاة على عاتقها داخل المنزل وخارجه .. وقد يرجع ذلك – كما تؤكد معظم الأبحاث الإجتماعية التى أجريت فى هذا المجال – إلى الأعباء المتزايدة على الأم بسبب سرعة إيقاع الحياة والمهام التى إستجدت فى حياتها مثل مساعدة الأطفال فى تحصيل وفهم وإستيعاب الدروس خاصة بعد أن فقدت المدارس الدور المنوط بها والذى يتوجب على الأم تعويضه .. كل هذا صحيح ولا يملك أى عاقل أو منصف إلا أن يعترف به .. ونحن نضيف إلى ما سبق أن الأم فى معظم الأسر تقوم بالدور المطلوب من الأب بسبب إنشغاله الشديد فى عمله أو بسبب عدم تواجده لدواعى السفر .. وهكذا يصبح دور الأم غاية فى الصعوبة خاصة إذا كانت الأم من السيدات العاملات .. ومن هنا تنفلت أعصابها وتلجأ إلى العصبية والصراخ وهو ما ينعكس سلبا على الأطفال وعلى الأم نفسها .. وهذا ما سنحاول التطرق إليه فى هذا المقال . بالنسبة للأطفال فإن عصبية الأم وإنفعالاتها الزائدة عن الحدود المعقولة والمقبولة من شأنه أن يجعل الأطفال يعيشون فى جو عائلى مشحون .. ومن المعروف أن الطفل يتشرب البيئة التى ينشأ فيها .. ويزداد الأمر سوءاً لو كان الأب يتصف بالعصبية هو الآخر .. ومن المعروف أن السلوكيات التى يتربى عليها الطفل تظل راسخة داخل عقله وتؤثر على مستقبله الذى ولابد بالضرورة أن يعانى من مشكلات وإضطرابات سلوكية لا يكون من السهل علاجها فى حياته المقبلة حيث ستكون العصبية وانفلات الأعصاب هى النهج الذى يسير عليه . والمشكلة الأعمق من هذا هو إعتياد الأطفال على عصبية الأم وصراخها والتعايش معه وبالتالى فسوف تفقد الأم ما تظنه سلاحا للسيطرة على الأبناء أو وسيلة قسرية لتنفيذ مشيئتها . وأيضا من النتائج الوخيمة ما سوف يترسب فى أذهان الأطفال الأكبر من أن هذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأطفال الآخرين ممن يصغرونهم سناً . والأم نفسها ستكون أول من يتأثر بصراخها وعصبيتها حيث ستنتابها نوبات من البكاء كل حين وآخر وقد لا تكون على وعى وإدراك بالسبب وراء ذلك والذى يفسره علماء النفس بأنه بسبب الندم .. ندم الأم على ما يبدر منها تجاه أطفالها وشعورها – سواء كانت تدرى أو لا تدرى – بأن يؤدى ذلك إلى كره أطفالها لها . وبالإضافة إلى ما سبق فإن الحالة العصبية للأم الحامل سوف تؤذى جنينها لأن التركيبات الكيميائية للدم التى يتغذى عليها الجنين سوف تتأثر بالسلب وسوف ينتج عن ذلك ولادة طفل عصبى أو معاق وهو سيجعل الأم تعانى منه طوال حياتها . وتأسيسا على ما سبق فإننا ننصح كل الأمهات بأن تكون النقاط التالية موضع إهتمامهن : - ضرورة إبتعاد الأم نهائيا عن الصوت العالى والصراخ والعصبية فى تعاملها مع أطفالها وأن تتذكر دوما أن هذا من شأنه أن يعقد الأمور الحياتية خاصة عند وجود مشكلة . - أن يكون التشجيع وليس الإنتقاد هو دائما نهج الأم حيث أن النقد يضعف شخصية الطفل خاصة لو كان أمام الآخرين . - أن تكون العبارات المحفزة مع تصحيح الأخطاء بالحوار والتوجيه للتصرف السليم وفى المقابل يكون الثناء والمكافأة عند التصرف السليم . - عدم العقاب بالضرب أو الإهانة واللجوء إلى الأساليب التربوية الحديثة للعقاب مثل الحرمان من شئ يحبه الطفل أو الجلوس بمفرده لفترة محددة شريطة أن يكون سبب العقاب معروفا وواضحا للطفل . وهنا فإننا نجد أنه لزاما علينا أن ننصح كل أب وكل أم بأن يضعا أمرين فى غاية الأهمية نصب أعينهم . - أولهما : تجنب الخلافات الزوجية أمام الأطفال وأن يكون التصرف بهدوء مع إظهار إحترام كل طرف للآخر وإضفاء جو من الترابط والحب والحنان . - ثانيهما : تخصيص وقت للجلوس مع الأطفال واللعب معهم ومراعاة تأثير الجانب الترفيهى العظيم وأثره فى هدوء الجو الأسرى فى البيت . وأخيرا فإن علماء التربية وعلم النفس يجمعون على أنه لكى يكون لدينا أطفال أسوياء فمن المفروض أن يكون التعامل مع الأطفال فى هدوء وإتزان وعقلانية بعيدا عن المبالغة والإنفعالات وأن نتذكر دوما أن كل ما يتلقاه الطفل فى الصغر يظل عالقا بذهنه حين يكبر وأن نحرص دوما على أن نترك صورة حسنة فى ذهنه خاصة فى عهد السماوات المفتوحة التى تحيط أطفالنا من كل جانب وتحتاج دوما إلى تصحيح السلوكيات .
1126
| 16 فبراير 2016
من المعروف والثابت لدى علماء النفس والتربويين العاملين فى مراكز الأبحاث التربوية أن الأطفال الذين يمارسون عادة القراءة بحيث تصبح ضرورة من ضروريات حياتهم يكونون أكثر ذكاء وقابلية للتعلم والقدرة على التركيز من غيرهم .. كما يكون لديهم المقدرة على إكتساب مهارات التعليم الذاتى الأمر الذى يمكنهم من امتلاك مفاتيح الممتلكات الفكرية وتوسيع المدارك. وليس هناك أدنى شك فى أن القراءة يمكنها أن تحقق للأطفال الترفيه والمتعة والتسلية أكثر من أى شئ آخر فيما عدا الألعاب الإليكترونية .. ولا أعتقد - كما يرى علماء النفس - أن هناك شيئا يمكن أن يفعله الطفل فى دنياه أفضل من القراءة .. ومن يعتاد على القراءة منذ الصغر فستصبح جزءا من حياته وعادة يومية يود تحقيقها ويطلبها بنفسه ولن يمكنه الإستغناء عنها عندما يكبر.. وهنا نود أن نؤكد على أنه لا يوجد ما يسمى بالعمر المبكر للقراءة حيث يستطيع الطفل فهم واستيعاب ما يقوله الوالدان عند سماعه صوتهما ومشاهدته حركتهما أو على الأقل الشعور بالإرتياح والسرور عندما يقرأ أحدهما له خاصة إذا كان الكتاب مليئا بالصور الجميلة الألوان وأن يشجع الطفل على تمرير أصبعه على الكلمات التى يتم قراءتها وعلى الصور المصاحبة لهذه الكلمات .. ومن البديهى أن جمال الكتب ورسومها وألوانها تعتبر من أهم محفزات القراءة فضلا عن إختيار ما يتناسب مع عمر الطفل من كتب بالإضافة إلى مشاركة الأهل كما أسلفنا. وتأسيسا على هذا فإن للقراءة فوائد عديدة للطفل وسنحاول أن نتطرق إلى ما نستطيع منها فى هذا المقال ولعل أهمها أن القراءة هى العامل الأهم فى تشكيل العقل والوجدان وتسهم إلى حد كبير فى بناء شخصية الطفل المبدعة المبتكرة وتنمية الميول والإهتمامات التى تظهر مبكرا لدى الأطفال .. ليس هذا فحسب ولكن أيضا تساعد على اكتشاف المواهب وعلى الأخص فى المراحل العمرية المبكرة. كما أن القراءة تساعد إلى حد كبير فى إستثارة قدرات الطفل وإثراء خبراته وبالتالى زيادة ليس فقط معلوماته بل ومعارفه أيضا لأن القراءة – كما جاء فى تقارير العديد من مراكز البحوث – هى تدريب رياضى عقلى حيث تعمل على تنمية الخيال .. ومن المعروف والثابت علميا أنه كلما زاد معدل القراءة زاد الخيال. ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن القراءة وسيلة إتصال رئيسية للمعرفة والتعرف على الثقافات والعلوم الأخرى وبالتالى مواكبة التطور العلمى فى بلد القارئ الذى يعيش فيه وفى جميع أنحاء الدنيا. فى ذات الوقت فإن القراءة من أهم المصادر الرئيسية للنمو اللغوى إن لم تكن أهمها على الإطلاق حيث أن مجرد المطالعة يساعد على زيادة الحصيلة اللغوية لدى الطفل وبالتالى يمكنه التعبير بسهولة ووضوح وألفاظ سليمة وهذا من شأنه أن يزيد من ثقته فى نفسه حين يتحدث مع الآخرين مما يدعم تواصله مع المجتمع ويزيد من قوة ومتانة علاقاته الإجتماعية. ومن الضرورى أن نجعل القراءة – وخاصة فى المراحل العمرية المبكرة – من الأشياء المحببة لدى الأطفال بحيث يقبلون عليها بأنفسهم دون ضغط من الأهل أو المعلمين فى المدارس وذلك بتقديم ما يحبون من كتب والتى تحتوى على الشخصيات الكرتونية المحببة والمفضلة لديهم أو تلك الكتب التى تشرح لهم طرق صناعة أشياء بسيطة من الورق أو ما شابه. وأخيرا فإننا نود التأكيد على ضرورة وجود مكتبة فى كل بيت وفى كل فصل دراسى بالمدارس فضلا عن مكتبات المدارس ذاتها وذلك حتى ينشأ الأطفال وهم معتادون على وجود الكتب بالقرب منهم فى كل الأوقات وسيكون ذلك كما أسلفنا من أهم الإسهامات فى تكوين شخصية الأطفال. وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله.
1366
| 09 فبراير 2016
كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق تحت نفس العنوان أهمية ممارسة الرياضة وأثر ذلك على الجسد البشرى والحالة النفسية والمعنوية وأيضا تأثيرها الإيجابى فى الحفاظ على الوزن ومحاربة السمنة والوقاية من كثير من الأمراض .. بل إن الأمر يمتد ليشمل المساعدة فى الشفاء من بعض الأمراض .. إلى آخر ما جاء ذكره فى المقال . وكنا قد خصصنا المقال لفلذات الأكباد من الأطفال باعتبارهم أغلى ما عندنا فى الحياة وكذلك كبار السن لجلالهم ووقارهم ومكانتهم فى نفوس كل الناس . وفى مقالنا هذا سنستمر فى ذات النسق لنكمل الدائرة بباقى المراحل العمرية وهم الشباب من الجنسين والسيدات والرجال .. ولكننا نود أن نشير إلى حقيقة علمية ثابتة وغاية فى الأهمية وهى أنه ليس معنى ما ذكرناه فى مقالنا السابق أن تلك الفوائد تقتصر على الأطفال وكبار السن دون غيرهم ولكننا تعمدنا ذكرها فى البداية لندحض الأسباب التى جاء ذكرها فى بداية المقال السابق .. وأهم الفوائد لباقى الأعمار بالإضافة إلى ما ذكرناه آنفا وهى أيضا على سبيل المثال ولا تقتصر عليهم دون غيرهم .. بمعنى أن الأطفال وكبار السن يستفيدون منها أيضا ومن هذه الفوائد ما سنطرحه فى السطور التالية : - ممارسة الرياضة تساعد على تمكين الجهاز المناعى من القيام بوظائفه مما يمكن الجسم من الوقاية من كثير من الأمراض . - تساهم الرياضة فى علاج الكثير من الأمراض مثل السكر وذلك بالتحكم فى نسبة السكر بالدم . - لممارسة الرياضة تأثير فى غاية الإيجابية فى علاج إرتفاع ضغط الدم . - وإتساقا مع النقطة السابقة فهى تعمل على تحسين أداء الدورة الدموية مما يمنع أو على الأقل يحد من فرص الإصابة بالذبحات الصدرية . - أما تخفيض نسبة الكوليسترول فى الجسم فهو من الآثار الإيجابية التى تناولتها الدراسات وقامت بملاحظتها على العديد من الناس الذين يمارسون رياضات مختلفة . - تعمل ممارسة الرياضة على زيادة التمثيل الغذائى وإحراق الدهون المختزنة وهى أهم الخطوات فى طريق المحافظة على الوزن والوقاية من السمنة وهو ما يناسب جميع الأعمار بما فى ذلك الأطفال . - المحافظة على المفاصل فى حالة جيدة دائمة أو على الأقل تمنع تدهور حالتها إذا ما تمت ممارسة رياضات معينة مما ينصحنا به الأطباء والخبراء الرياضيون . - ولا شك أن ممارسة الرياضة بشكل منتظم تؤدى بالضرورة إلى التقليل من الإصابة بالبرد وهى مشكلة تواجه كل الناس من جميع الأعمار . - أما ضعف الذاكرة فقد أصبحت مشكلة تواجه معظم الناس من جميع الأعمار والرياضة تساعد على التمتع بذاكرة أفضل . - وأخيرا نذكر أن الأرق وعدم الحصول على قسط واف من النوم باتت هى الأخرى شائعة بين كل الناس وأصبحت سببا رئيسيا فى الكثير من المشاكل والأمراض ومن البديهى أن ممارسة الرياضة لها تأثير فى منتهى القوة فى الحصول على نوم أفضل . ومن الأهمية بمكان أن نذكر فى هذا السياق أن هذه الفوائد التى ذكرناها تبدأ فى الظهور بعد ممارسة الرياضة بعدة أسابيع قد تصل إلى الست وتكتمل بعد حوالى ستة أشهر من الإنتظام فى الممارسة بواقع ثلاث مرات أسبوعيا ويمكن الممارسة اليومية .. ولكن فى جميع الأحوال يجب أن تكون من 20 إلى 30 دقيقة بشكل مستمر . وفى النهاية نقول أنه إذا كانت ممارسة الرياضة متعة لقضاء الوقت وفائدة الجسم وتحسين الحالة النفسية والمعنوية وزيادة الثقة بالنفس فإننا نوصى بعدم المغالاة حتى لا يزيد الأمر عن حده المعقول فينقلب إلى ضده .. وهنا يمكن الإستعانة بالمتخصصين من المدربين والأساتذة وقدامى الرياضيين فهم الأقدر على النصح بإختيار الرياضة المناسبة لكل شخص حسب عمره وظروفه الصحية . كما نوصى بضرورة شرب كميات كبيرة من الماء والحرص على ذلك حتى لا يحدث جفاف ويجب أن نولى هذا الأمر أهمية كبيرة . وأخيرا فإننا نوصى الجميع – وهذا من الأهمية بمكان – ضرورة عرض أنفسنا وأطفالنا على الطبيب قبل ممارسة الرياضة لفحص القلب والمشاركة بالرأى فى نوع الرياضة التى سنمارسها .. كما يجب أن يكون العرض على الطبيب بشكل دورى – كل ستة أشهر على الأقل – لتلافى أى مضاعفات أو أضرار صحية والعمل على تداركها فى الوقت المناسب . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .
928
| 02 فبراير 2016
فى زياراتنا إلى الدول الغربية أو ما اعتدنا أن نطلق عليه دول العالم الأول نلاحظ – نحن الشرقيون - أن الكثير من الناس من الذكور والإناث ومن مختلف الأعمار يزاولون رياضة المشى أو الجرى فى الصباح الباكر وفى ساعة الغروب .. وإذا ما قارنا ذلك بما يحدث فى بلادنا فإننا نجد أننا نعتقد أن الرياضة مرتبطة بالقوة البدنية .. يعنى الشباب والفتوة .. ونخاف على الأطفال وخاصة التلاميذ من تضييع الوقت والتعطيل عن المذاكرة .. وعلى كبار السن لضعف أجسادهم .. بينما الآخرون الشباب من الجنسين والرجال والسيدات لا يزاولون أى رياضة ولا حتى رياضة المشى - إلا فيما ندر - بحجة الإنشغال وضيق الوقت .. ولكن فى الحقيقة - كما جاء فى عنوان المقال أعلاه - أن الرياضة مهمة لكل الفئات العمرية من أطفال وشباب وفتيات وشيوخ .. ويمتد الأمر ليشمل السيدات الحوامل والمعاقين من ذوى الإحتياجات الخاصة .. وأن لكل شخص أو فئه من الناس ما يناسبهم أو ما يتاح لهم من رياضات وهو ما سنأتى إليه لاحقا . وكنا قد تعلمنا ونحن صغار أن العقل السليم فى الجسم السليم .. ويتفق الأطباء وعلماء النفس فى دراساتهم وأبحاثهم المختلفة أن الصحة النفسية السليمة تأتى كنتيجة منطقية للصحة البدنية السليمة وهو مالا يتم إكتسابه إلا من خلال ممارسة الرياضة .. فمن الناحية الفسيولجية فإن الرياضة تساعد المخ على إفراز الإندروفين endorphin كما تقوم الرياضة برفع مستوى تركيز السيروتونين serotonin فى المخ وهما المادتان ذات الفوائد العديدة للوقاية من الإكتئاب ورفع الأوكسجين فى الدم اللازم لوظائف المخ وغيرها مما سنأتى إليه فى هذا المقال . ولكن دعونا نتفق أولا على أن الرياضة هى عبارة عن مجهود جسدى تُمارس بموجب قواعد معينة .. وهى كما يرى البعض وهم على صواب أنها إضافة للروتين اليومى وليس بالضرورة قضاء ساعات فى الصالات الرياضية ولكن من الممكن أن نغير قليلا من أسلوب حياتنا بالتعود على المشى وصعود الدرج عوضا عن استخدام المصاعد وممارسة التمرينات الخفيفة فى المنزل .. وللرياضة فوائد نفسية وجسدية لا يمكننا حصرها ولكننا سنحاول أن نتطرق إلى أهمها ونبدأ بأعز ما لدينا فى الحياة وهم فلذات أكبادنا من الأطفال : - تؤدى ممارسة الرياضة إلى زيادة مستويات الأوكسجين فى الدم وهو ما يلزم لوظائف المخ على كافة المستويات من تلقى المعرفة والإدراك وهى أهم أسباب التحصيل العلمى .. بل والنجاح والتفوق الدراسى . - كما ترفع ممارسة الرياضة - كما أسلفنا - من مستوى تركيز السيروتونين serotonin فى المخ وهو ما يحسن الناحية النفسية .. بل ويقى - كما أثبتت الدراسات - من مخاطر الإصابة بالإكتئاب . - تساعد ممارسة الرياضة على نمو القفص الصدرى لدى الأطفال نموا سليما . - العمل على بناء العضلات وتقويتها . - تعمل على تنشيط الجهاز التنفسى . - أثبتت الأبحاث أن ممارسة الرياضة لها دور مهم فى تنمية الكثير من عناصر القدرة على الإسترخاء العضلى والتخلص من الضغط العصبى نتيجة زيادة التركيز والإستذكار بنشاط . - وتعتبر رياضات الوثب والجرى وكذلك المشى من أكثر الرياضات فائدة لتنمية الجهاز العظمى لدى الأطفال تنمية سليمة . - تفيد فى تعويد الأطفال على الصبر والعمل على تحقيق أهداف تحتاج لتدريب وممارسة . - التعويد على إحترام الآخر وتحيته والتعامل معه بطريقة لائقة حتى ولو كان من المنافسين على نفس الهدف . - التعويد على إحترام القانون والإمتثال له من خلال إحترام قواعد اللعبات والإنصياع لحكام المباريات . - تساهم الرياضة إلى حد كبير فى بناء شخصية الأطفال وتنمية ثقافتهم ومعرفة ما يفيدهم .. ونذكر هنا إدراكهم لأنواع الأطعمة الصحية والمفيدة لأجسامهم على سبيل المثال والإمتناع عن كل ما هوضار . - وأخيرا وليس آخرا التعرف على زملاء وأصدقاء لهم نفس الهوايات والمشارب . ولكبار السن نذكر بعض الفوائد الهامة للرياضة على سبيل المثال وليس الحصر : - تساعد على علاج أمراض الجهاز الحركى مثل ضعف العضلات وهشاشة العظام . - وتلعب الرياضة أيضا دورا إيجابيا فى علاج الإلتهاب العظمى الغضروفى الذى يصيب مفاصل الركب والعمود الفقرى . - كما تعمل على تحسين الحركة ونقص الآلام أسفل الظهر وفى الفقرات العنقية وتقلل إعوجاج العمود الفقرى . - تحسن أداء وظائف المخ فى تلقى المعرفة والإدراك . - وإتساقا مع هذا فإن ممارسة الرياضة من شأنها أن تقلل إحتمالات الإصابة بمرض الزهايمر وفقدان الذاكرة . - يساعد فى إرتفاع أداء الجهاز الحركى مما يساعد فى الحفاظ على الإتزان ويجنب كبار السن التعثر والسقوط وهو ما قد يؤدى إلى الإصابة والكسور وما يصاحب ذلك من مضاعفات هم فى غنى عنها . - للرياضة تأثير إيجابى إلى درجة كبيرة على الصحة النفسية لكبار السن حيث تساعد على أن يقوم المخ بإفراز مواد كيميائية تقلل من التوتر أو الإحساس بالحزن أو الإكتئآب وهو مما يساعد على الإحساس بالسعادة . - وأخيرا فإن الرياضة تساعد على إنتظام النوم وسرعة الإستغراق فيه . نكتفى بهذا القدر عن الأطفال وكبار السن فى مقالنا هذا على أن نستكمل باقى الموضوع فى مقالنا القادم بحول الله .
5084
| 24 يناير 2016
أعلم تماما وأنا أهم بالجلوس أمام جهاز الكمبيوتر وأتأهب لكتابة هذا المقال أن ما دار فى ذهنى حول الإختلاف بين الولد والبنت من الناحية السلوكية سوف يثير العديد من الإختلافات فى الرأى بين المهتمين بالتربية وعلم النفس .. فقد أثبت العلم الحديث بشكل قاطع لا يدع مجالا للشك أن هناك فروقا جوهرية بين الجنسين .. أى بين الولد والبنت .. والفتى والفتاة فيما بعد .. وأخيرا بين الرجل والمرأة .. فما هى هذه الفروق ؟ ومتى تبدأ فى الظهور ؟ وهل لها تأثير ملموس على سلوك كل منهم ؟ يؤكد علماء النفس ويؤيدهم فى ذلك أطباء المخ والأعصاب أن هناك إختلافات جوهرية فى البنية structure والوظيفة function بين مخ الولد والبنت وأن هذه الإختلافات تنعكس على سلوك الجنسين وأنشطتهم العقلية ومشاعرهم وإنفعالاتهم .. فما هو السبب أو الأسباب التى تقف وراء ذلك ؟ هل هى الجيناتوالهرمونات ؟ بمعنى أنها عوامل فطرية innate factors .. أم أن ذلك يرجع إلى التربية والبيئة ؟ وفى هذه الحالة تكون مكتسبة acquired بفعل تأثير العوامل الثقافية التربوية المكتسبة .. مما يعنى التنشئة upbringing .. أم أن تلك الإختلافات – كما يرى فريق ثالث – يرجع إلى الجينات والهرمونات بالإضافة إلى التربية والبيئة .. بمعنى أنه يدمج بين الرأيين الأول والثانى . وفى هذا السياق نود أن نؤكد أن الجميع من أصحاب الآراء الثلاث أو الإتجاهات السابقة قد إتفقوا على أنه لا توجد فروق فى المستوى الكلى للذكاءoverall level عند القياس بمعامل الذكاء IQ .. ولكن توجد إختلافات فى أنماط الذكاء والقدرات الذهنية فى الموضوعات المختلفة . كما يعترف أصحاب الآراء الثلاثة بأن هناك إختلافات بين مخ الذكر والأنثى .. حيث نجد أن مراكز مخ الذكر قليلة التواصل ببعضها وأنها تركن إلى الراحة أثناء النوم بينما تكون مراكز مخ الأنثى شديدة التواصل وتستمر فى عملها خلال النوم .. ولعل هذا ما يفسر لنا أن الغالبية من الذكور - وليس الجميع - يكون لديهم أذهان تخيلية ويكونون أكثر تميزا فى الرياضيات والتخطيط بينما تكون الإناث أكثر مهارة فى اللغويات وأقدر على إدراك ما يدور فى عقول الآخرين .. وهذا يفسر لنا - وإن كنا لا نستطيع التعميم - السبب فى ميل الأولاد لدراسة العلوم التطبيقية والرياضيات فى الوقت الذى تميل فيه البنات إلى دراسة العلوم الإنسانية واللغات . ونأتى الآن إلى السؤال الهام .. ما هى هذه الفوارق والإختلافات أو التمايز - كما يطلق عليه البعض - ومتى تبدأ فى الظهور ؟ يرى علماء النفس أن هذه الإختلافات تظهر بعد ساعات من الولادة حيث تم رصد النقاط التالية : - تكون البنات أكثر هدوءا وأقل صراخا وحركة وأكثر استجابة لمحاولات التهدئة بالغناء أو الهدهدة ويتعلقن بالوجوه أكثر من الذكور الذين يتعلقون بالأشياء . - ومن الطريف - تأكيدا لذلك - ما يتناقله كبار السن من أن الأمهات فى الماضى كن يدركن أنهن حوامل فى جنين ذكر إذا كان كثير الحركة . - أيضا تكون البنات أكثر قدرة على الاحتفاظ بنظرات الآخرين إلى عيونهن لمدة أطول . - ومع مرور الأسابيع تصبح الفروق أكبر فتكون البنات أكثر تجاوبا مع محاولات اللعب معهن ويظهر الإهتمام باللعب بالعرائس واضحا .. بينما يفضل الصبيان اللعب بالعربات والمسدسات . - عند محاولات بدء الكلام تكون البنات أسبق ويصبحن أكثر قدرة على التعبير عما فى أنفسهن وعما يرون .. ويكون ذلك بشكل واضح وملموس . - وأيضا عند البدء فى محاولة المشى تكون البنات أسبق من الأولاد وأكثر مقدرة . - وعند الإلتحاق بالحضانة فى البداية يكون من الصعب أن تترك البنت أمها تنصرف وتتركها ويكون ذلك أكثر سهولة بالنسبة للولد .. وهذا يعنى أن درجة تعلق البنت بأمها تفوق الولد . وبعد تجاوز فترة دخول الحضانة وما يمكن أن يحدث خلالها فى الأيام الأولى .. وعندما يستقر الأطفال فى الحضانة فإننا نلاحظ الفروق التى سترد فى السطور التالية والتى من المرجح أن تستمر حتى سن التاسعة " منتصف المرحلة الإبتدائية تقريبا " : - الأولاد يحتاجون إلى مساحات واسعة للجرى مادين أذرعهم كما الطائرات ويلعبون ألعابا عنيفة ويسقط بعضهم فوق بعض .. والبنات لا تحتاج إلى مساحات كبيرة فهن يتجمعن فى أحد الأركان يتحدثن ويلعبن ألعابا أقل خشونة . - الأولاد يسعون لمصادقة من هم أكبر منهم سنا ويقبلون صحبتهم بينما البنات يقبلن صداقة من هن أصغر . - الأولاد يميلون إلى مشاهدة مسلسلات العنف والتى يتم الرد فيها على العدوان بالإنتقام بينما البنات يقفن مع الضحية المنكسر . - فى هذه المرحلة أيضا تكون البنات أكثر براعة فى فهم المشاعر وقراءة القصص وفهمها فى الوقت الذى يكون الأولاد فيه أكثر ميلا للعناد . - وعند العاشرة من العمر ومابعدها تجلس البنت فى هدوء ممسكة باللاب توب لتدون مذكرات يومها ثم تندمج فى الحوار الأسرى بينما يفضل الولد ألعاب الكمبيوتر والخروج من المنزل واللعب مع أقرانه . - وعند اللعب يفضل الأولاد أيضا العنف والجرى والمبارزة وتسلق الأشجار وتستمر لديهم الرغبة فى اللعب بالمسدسات والسيارات والقطارات وألعاب الفك والتركيب .. فى الوقت الذى تميل فيه البنات إلى الرياضات الخفيفة والهدوء والسكينة واللعب بالدمى والعرائس مثل باربى وغيرها . - وفى مرحلة البلوغ يكون الأولاد أكثر عدوانية من البنات ويميلون إلى إستعراض العضلات والمواجهة المباشرة مع الأقران بينما تميل البنات لإستخدام " عضلات اللسان " والتكتيكات العدوانية لمن يضايقهن ويملن إلى النميمة والتحدث بصوت منخفض عمن يضايقهن . - وفى مرحلة البلوغ أيضا يميل الأولاد إلى التفكير المستقل وتكون نزعتهم للسيادة وحب الرئاسة واستعراض القوة والفخر بها واضحة بينما ترى البنات أنهن جزء من مجموعة مترابطة ويشعرن بالتهديد إذا حدث إنشقاق فى علاقتهن وهو الأمر الذى لا يلقى له معظم الأولاد بالا . وفى كل ما سبق نود التأكيد على نقطتين فى غاية الأهمية .. أولهما أن كل الصفات والسلوكيات والتمايز بين الأولاد والبنات التى ورد ذكرها فى هذا المقال لا يمكن تعميمها على إطلاقها ولكنها تمثل الأغلبية كما جاء فى دراسات علماء النفس .. وثانيهما أن كل هذه الفوارق فطرية ويتوجب على المعلمين والمعلمات وأولياء الأمور مراعاتها حتى تتحقق التنشئة السوية .. كما يجب الإنتباه إلى أنه إذا كان السبب فى هذه الفروق هى الجينات والهرمونات الجنسية فإن الجنين – وهذه حقيقة علمية ثابتة – يكون فى الأصل أنثى ويبدأ الجنين الذكر فى فرز هرمونات الذكورة مما يحول الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى ذكورية وتظل الأنثى كما هى .. وهذا معناه أن الأنثى هى الأصل .. سبحان الله . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .
1134
| 17 يناير 2016
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
2241
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
1827
| 25 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
837
| 23 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
741
| 24 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
738
| 22 سبتمبر 2025
يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...
654
| 21 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
603
| 24 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
579
| 25 سبتمبر 2025
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...
501
| 21 سبتمبر 2025
يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...
489
| 21 سبتمبر 2025
ليستْ مجرد صورةٍ عابرةٍ تلك التي يُنتجها الذكاء...
477
| 22 سبتمبر 2025
لم يَـبْـقَ موضعٌ في القلب العرباوي لم تنل...
474
| 22 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية