رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جزاء الإحسان

أعزائى القراء .. فليكن مقالنا هذا أيضا إستراحة من هموم العصر الذى نعيش فيه .. ولنذهب معا فى رحلة مع البساطة والنقاء .. وقصة قصيرة .. هذه المرة من الأدب الإيطالى .. ولكن كما سنرى فى النهاية .. فإن هذه القصة من الممكن أن تحدث ليس فقط فى أى مكان .. بل أيضا فى أى زمان .. وقد نجدها على صفحتنا فى الفيسبوك .. ولا أدعى فضلا فى نشرها سوى إختيارها . هذه القصة وقعت في مدينة فينيسيا الإيطالية .. وتحكي عن طفلة يتيمة الأبوين كانت تبيع المناديل الورقية عندما شاهدت سيدة تجلس في حديقة عامة وقد إنخرطت في البكاء .. إبتسمت لها الطفلة وإقتربت منها بكل براءة ومدت إليها يدها الصغيرة التى كان فيها " باكيت مناديل " كي تمسح دموعها .. تقبلت السيدة المناديل شاكرة وأدارت وجهها ناحية حقيبة يدها لتخرج بعض المال .. لكن عندما رفعت رأسها وجدت أن الطفلة قد إبتعدت عنها في هدوء دون أن تحاول الإلتفات خلفها إنتظارا لطلب ثمن المناديل . أحست المرأة شعورا غريبا جعلها تبتسم .. لقد أدخلت الطفلة التي لا تعرفها السعادة الى قلبها .. وجعلتها تعيد التفكير في مشكلتها التي كانت تعانيها مع زوجها .. وعلى الفور أمسكت تليفونها المحمول وبعثت لزوجها رسالة إعتذار في الوقت الذي كان الزوج يجلس فيه وحيدا في أحد المقاهى .. وما إن تلقى رسالة زوجته حتى فرح بها فرحا كبيرا .. فقفز من مكانه ليدفع ثمن ما تناوله من مشروبات .. وفي غمرة سعادته قرر أن يمنح النادل بقشيشا كبيرا تعجب له الرجل .. لكنه إبتسم . وفي طريق عودته إلى بيته مر النادل كما تعود كل يوم بميدان " سان ماركو " الشهير في فينيسيا .. ولم يكن يلفت إنتباهه الحمام الكثير في الميدان الذي يلتقط الحب من المارة .. هذه المرة راح يتأمل الحمام في سعادة ويفكر لأول مرة في إطعامه .. ووجد باعة الطعام وكلهن من النساء يجلسن في جانب الميدان .. فوقف لحظة يتأملهن ثم إتجه الى إحداهن وهى سيدة عجوز تجلس مبتسمة .. وطلب منها بعض الحبوب .. وبعد أن ألقى الحب على الحمام شعر بسعادة غامرة .. فعاد إلى السيدة العجوز وأعطاها مبلغا كبيرا .. لم تصدق المرأة عينيها وهي تمسكه .. ولكنها إبتسمت قانعة بما رزقها الله .. وقررت أن تمر في طريقها إلى البيت على الجزار الذي لم تتعامل معه منذ فترة طويلة . وفي البيت جلست السيدة العجوز تطبخ اللحم .. حتى إذا إنتهت منه أفرغته في طبق كبير .. في الوقت الذي دلفت فيه من الباب حفيدتها التي تشاركها الحياة في ذلك البيت المتواضع . إرتمت الطفلة في حضن جدتها سعيدة بعودتها إلى بيتها وبرائحة اللحم الذي ملأت رائحته جنبات البيت .. وعلت الإبتسامة وجه الجدة ووجه الحفيدة التي لم تكن سوى بائعة المناديل . وإلى لقاء جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين

298

| 18 يونيو 2015

الحب القديم

مقالنا هذا يختلف عن كل ما سبقه من مقالات .. فهو عبارة عن قصة قصيرة ضمن المجموعة القصصية التى صدرت لى فى الآونة الأخيرة تحت عنوان " عودة مواطن مصرى شقيق " .. وبغض النظر عما يحمله العنوان من معان فإننى أو أن يلتمس القراء الأعزاء لى العذر عن هذه المقدمة التى أردت أن أقول فيها بأننى ولدت فى مدينة دسوق الجميلة التى تقع فى أحضان النيل بين مدينتى طنطا والإسكندرية .. ودسوق هذه مدينة جميلة حقا وليس لأنها مسقط رأسى .. فبالرغم من أن النيل يلفها فإنه يقع فيها مسجد العارف بالله " سيدى إبراهيم الدسوقى " والتى أطلق عليها هذا الإسم حبا فى تلك الشخصية الدينية العظيمة .. وكان من الطبيعى أن يكون ترددى على مدينة الإسكندرية الرائعة وإقامتى بها شأن كل أبناء مدينة دسوق .. وأكرر إعتذارى عن طول هذه المقدمة التى سيلتمس لى القارئ العذر فى إضافة معان جميلة على القصة.. والآن هيا نقرأ القصة الأولى .. عندما كنت أقترب منها كانت تغمرنى فرحة غامره وسعادة لا حدود لها .. رأيتها تفتح ذراعيها .. ألقيت بنفسى فى أحضانها وضغطت على جسدها بكل قوتى .. وددت أن ألف ساقى وذراعى حولها كما كنت أفعل وأنا صغير.. أحسست بها تعتصرنى بين أحضانها بكل قوة .. تمنيت أن أظل هكذا طويلا .. أتنسم العطر من خصلاتها المنسابة .. ألتمس الأمان من أنفاسها الذكية . نظرت إلى متسائلة .. قرأت فى عينيها ما كانت تود قوله .. وعندما عجزت عن الكلام قالت معاتبة : - تأخرت كثيرا ..! أخفضت رأسى خجلا لا أدرى ماذا أقول ..نظرت إلى مشجعة .. لملمت أطراف شجاعتى وقلت : - لقد آذانى نفر من أولادك إبان رحلتى الطويلة .. - لم يؤذك أحد . - هل كنت أتخيل ؟ - لا .. الأمر ليس كذلك على الإطلاق .. المسألة كلها أنك إنسان مرهف الحس . - لقد خلقنى الله هكذا . - حاول أن تتغير .. الحياة كلها ليست حبا ورومانسية . - حاولت ولم أنجح . - هذا لأنك كنت بعيدا عنى . قالت هذا وهى تعتصرنى .. لذت بأحضانها أكثر. - لن اغيب طويلا مرة أخرى .. لقد قتلنى شوقى إليك . - وأنا أكثر منك شوقا . - هل لا زلت تحبيننى كما كنت فى الماضى ؟ - بل أكثر .. وأنت ؟ - لازلت أحبك أكثر من أى شئ آخر ؟ - حتى هى ؟ - هى شئ آخر .. هى أمى . - وأنا ؟ - أنت الحب كله .. أنت محبوبة الصبا والشباب .. أنت الحضن الجميل والملاذ الآمن . - فلماذا تأخرت إذن ؟ - إنها مشاغل الحياة ومشاكلها .. لقد سافرت بعيدا ..وطويلا .. تعبت كثيرا .. ذقت حلاوة النجاح وقاسيت مرارة الفشل .. ولكن هذا ليس مهما طالما أننى عدت . - ماذا تنوى أن تفعل ؟ - سأبيت هنا الليله .. ثم ... - الليلة فقط ؟ ثم ماذا ؟ - لابد أن أذهب إليها فى الصباح .. إن لها فى قلبى مكانة عظيمه ..ثم إنها صاحبة فضل على . - أنا لا أنكر عليها هذا الحق .. ولكننى لا أستطيع أن أمنع نفسى من الغيرة .. ليتنى كنت هى . إبتسمت وأنا افك ذراعيها برفق من حول جسدى .. وأدخل إليها ..إلى مدينة الاسكندرية .. معشوقتى الجميله .. وفى الصباح الباكر كنت أحجز تذكره فى القطار المسافر إلى مسقط رأسى .. مدينة دسوق . بقلم : د. مصطفى عابدين شمس الدين

379

| 12 يونيو 2015

الصحافة المطبوعة والصحافة الإليكترونية

بداية أعرف أن ما سنتطرق إليه فى هذا المقال موضوع شائك ومتشعب حيث تتعدد فيه وجهات النظر بين المتخصصين وحتى بين عامة الناس . فالصحافة الإليكترونية كما هو معروف وليدة الثورة التكنولوجية التى حدثت فى السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضى وما زالت مستمرة حتى الآن .. بل إن سرعتها تتزايد لدرجة أنه يصعب على المختصين متابعة ما يحدث فى هذا المجال .. فما بالنا بعامة الناس . ولعل ما ساعد على إنتشار الصحافة الإليكترونية عدة عوامل نستطيع إيجازها كالآتى : - سرعة الوصول إليها وقراءتها عن طريق الهواتف النقالة التى أصبحت تقريبا فى كل يد بما فى ذلك الطبقات الفقيرة .. بل وحتى أطفال المدارس صغار السن . - مجانية قراءة هذه الصحف حيث لا يتكلف المرء شيئا عدا الإشتراك فى النت وهو ما كان سيحدث فى جميع الأحوال . - عدم تحمل أى مشقة فى الحصول على الجريدة بالذهاب لشرائها أو تكليف من يُحضرها إلى المكان المتواجد فيه القارئ . - إمكانية الوصول إلى الجريدة وقراءتها فى أى مكان فى العالم ومن المعروف أن الصحف الورقية لا تصل إلى الدول الأخرى إلا عن طريق النقل الجوى ويكون ذلك فى اليوم التالى فى أحسن الأحوال . - أما أهم الأسباب على الإطلاق فهى الحصول على آخر وأحدث الأخبار – خاصة السياسية منها – فى نفس لحظة حدوثها تقريبا لعدم إرتباطها بطبعات محددة كما هو معمول به فى الصحف الورقية .. وغالبا ما لا تتمكن الصحف الورقية من تغطية أحداث هامة تحدث فى المساء مما يجعل الصحف تدرجها فى الطبعات التالية .. ولعل هذا ما جعل بعض الصحف تصدر ما أصبح يُسمى بالصحف المسائية . - ولعل من أسباب عوامل نجاح الصحف الإليكترونية هو عدم حاجتها لمبان ضخمة أو عدد كبير من العاملين فيها وما يمكن أن تتكبده من رواتب وإيجارات ومصروفات أخرى .. بل إن الأمر محدود جدا لدرجة تمكننا من أن نقول أنه لا وجه للمقارنة من هذه الناحية . كل ما سبق يصب فى مصلحة الصحافة الإليكترونية .. فهل يعنى هذا إختفاء الصحف الورقية ؟ .. دعونا نناقش الأمر فى هدوء .. يرى العديد من الخبراء أن الصحف المطبوعة لن تختفى ولكنها حتما ستتأثر بزيادة إستخدام الصحف الإليكترونية مما يتطلب منها بذل المزيد من الجهد من أجل البقاء .. وكما يقول الصديق الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة أنه يجب على الصحافة المطبوعة أن تنشر الصحف ما يبرر وجودها من تحليلات ودراسات وأن يتم التركيز على المستوى الحصرى والقصص الصحفية وتقديم ما يهم القارئ على خلفية الأخبار وهو ما يطلق عليه البعض ما وراء الأخبار .. بالإضافة إلى التحقيقات الصحفية التى تتطلب جهدا أكبر وتستغرق وقتا أطول .. وهذا طبعا يتوافر فى الصحافة المطبوعة أكثر منه فى الصحافة الإليكترونية . وأخيرا فإن بعض العاملين فى المجال الصحفى – وأنا منهم – نرى أن الصحف الورقية لن تختفى ولكن من المرجح أن يكون صدورها مجانيا على أن تعتمد فى تمويلها على الإعلانات .. ولعل من يتبنون وجهة النظر هذه يعتمدون على الآتى : - الصحافة الورقية برغم عدم تفوقها فى اللهاث وراء الخبر وتوصيله للقارئ فإن الفرصة لديها أكبر بكثير فى تحليل هذه الأخبار ومعرفة أسبابها وردود أفعال المهتمين بالأمر أو شهود العيان أو ما شابه . - القصص الصحفية لديها فرصة أكبر فى الصحف الورقية المطبوعة لتوافر عنصر الوقت والهدوء . - سهولة تكوين مجلد أو أرشيف يضم بين دفتيه ما يهم القارئ سواء على المستوى العلمى أو الإبداعى أو الشخصى .. كما يسهل تصويره وتقديمه لمن يرغب . - وأخيرا فإن بعض الناس – خاصة كبار السن – يؤكدون أنهم يجدون متعة لا تقارن فى قراءة الصحف المطبوعة .. وعلى الجميع إحترام وجهة النظر هذه . وفى النهاية فإننا نؤكد أن كلا النوعين لا غنى لنا عنه .. ولكل نوع عوامل نجاحه وإستمراره .. والإخلاص فى العمل هو ما سيحدد من منهما سيتمكن من الصمود والإستمرار . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين

4707

| 04 يونيو 2015

فضيلة الصمت والإنصات

فضيلة الصمت والإنصات من أبرز سمات العظماء وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمعات هي الإستماع والإصغاء إلى كلام الآخرين .. فكثرة الكلام ليس دليلاً على قوة الشخصية ولا قوة التأثير .. بل ربما ينتهي كثرة الكلام إلى ما لا يحمد عقباه من النتائج .. لأنه إذا زاد الكلام عن حدّه أبتلي بالتكرار وتوضيح الواضحات التي هي من مستهجنات البلاغة . وبعض الناس لا يتكلم كثيرا ولا تكاد تسمع صوته في المجالس والتجمعات .. بل لو راقبته لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه و عيناه .. وقد يتحرك فمه أحيانا ولكن بالتبسم ..لا بالكلام .. ومع ذلك يحبه الناس .. ويأنسون بمجالسته .. وقد أثبت علماء النفس الاجتماعي أن الإستماع الجيد من أهم الأدوات الرئيسية للوصول إلى قلوب الآخرين والتفاهم المثمر معهم . والإستماع إلى الناس فن ومهارة .. فيجب أن نعود أنفسنا على الإنصات لكلام الآخرين .. وحتى لو كان لنا على الكلام ملاحظة فلا يجب أن نتعجل .. وتصديقا لذلك نجد أن عالم النفس المعروف ستيفن كوفي تحدث فى أحد أهم وأشهر كتبه "العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية" عن أحد الآباء الذى لجأ إليه لأنه يجد أن علاقته بإبنه ليست على ما يرام .. وكان بينهما الحوار التالى الذى ننقله نصا عن الكتاب : - لا أستطيع أن أفهم ابني .. فهو لا يريد الإستماع إلي أبدا . - دعني أرتب ما قلته للتو .. أنت لا تفهم إبنك لأنه لا يريد الاستماع إليك ؟ - هذا صحيح . - دعني أجرب مرة أخرى .. أنت لا تفهم إبنك لأنه – هو - لا يريد الاستماع إليك أنت ؟ - هذا ما قلته . - أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر .. فأنت بحاجة لأن تستمع له . - أوه .. (تعبيراً عن صدمته) . ثم جاءت فترة صمت طويلة .. وقال مرة أخرى: - أوه ! إن هذا الأب نموذج صغير للكثير من الناس الذي يرددون في أنفسهم أو أمامنا : " إنني لا أفهمه .. إنه لا يستمع لي! " . والمفروض أنك تستمع له لا أن يستمع لك . وإليك أيضا عزيزى القارئ هذه القصة . في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان عدد المسلمين قليلا وكان الكفار يكذبونه .. ويشيعون أنه مجنون وساحر .. وفي يوم من الأيام قدم الى مكة رجل إسمه ضماد .. وهو حكيم له علم بالطب والعلاج .. يعالج المجنون والمسحور .. فلما خالط الناس سمع الكفار يقولون ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال ضماد: " أين هذا الرجل ؟ لعله يشفى على يدي ؟ " .. فأرشده الناس إلى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلما لقيه ضماد قال : " يا محمد ..أنى أرقى من هذه الرياح .. وإن الله يشفى على يدي من يشاء .. فهلم أعالجك ".. وجعل يتكلم عن علاجه وقدراته .. والنبي ينصت إليه .. وذاك يتكلم .. والنبي ينصت . أتدرى إلى ماذا كان عليه الصلاة والسلام ينصت ؟ .. ينصت الى كلام رجل كافر .. جاء ليعالجه من مرض الجنون!! حتى إذا إنتهى ضماد من كلامه قال صلى الله عليه وسلم .. " أن الحمد لله .. نحمده ونستعينه .. من يهده الله فلا مضل له .. ومن يضلل فلا هادى له .. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له " .. فإنتفض ضماد وقال : " أعد على كلماتك هذه " .. فأعادها صلى الله عليه وسلم عليه .. فقال ضماد: "والله قد سمعت قول الكهنة و قول السحرة و قول الشعراء فما سمعت مثل هذه الكلمات .. فهلم يدك أبايعك على الإسلام .. فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده وأخذ ضماد يردد : " أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " . وعلم صلى الله عليه وسلم أن له عند قومه شرف .. فقال له : " وعلى قومك ؟ " .. فقال ضماد : " وعلى قومي " .. ثم ذهب إلى قومه هاديا داعيا . وقديما قال بعض الحكماء : " إذا جالست الجهال فأنصت لهم .. وإذا جالست العلماء فأنصت لهم .. فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم .. وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم " . ونخلص من ذلك أنه على المرء أن يكون مستمعا ماهرا .. ينصت ويهز رأسك متابعا .. ويتفاعل بتعابير وجهه .. وينظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم معه .. سواء كان كبيرا أو صغيرا .. ولنتذكر دائما أن براعتنا في الاستماع إلى الآخرين ... تجعلهم بارعين في محبتنا والاستئناس بنا . وإلى لقاء جديد ومقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين

5302

| 28 مايو 2015

الإنسان .. والراحة النفسية

قال الحكماء قديما أن دأب الإنسان الشكوى .. بمعنى أن الإنسان لن يرضى مهما أوتى من نعم ومنح إلهية .. فعندما كنا صغارا كنا نستعجل الأيام حتى نصبح كبارا .. الصغار يعتقدون أن الكبار يمتلكون من المقومات والحريات ما لا يوجد لديهم وهذا صحيح إذا صرفنا النظر عن مسئوليات كل مرحلة عمرية .. وأبسطها المذاكرة والإمتحانات فى مرحلة ما قبل التخرج .. بعد ذلك ينتقل البشر لمرحلة أو مراحل جديده مليئة بالمسئوليات ومزدحمة بالمشاكل حتى يتمنى الكبار لو أنهم ظلوا صغارا ولا يتحملون أى مسئوليات يتمتعون بما يوفره لهم الكبار من مأكل وملبس ومسكن وحماية ورعاية من كافة النواحى .. الشئ الوحيد الذى أجمع عليه البشر فى كافة العصور هو حب الآباء لأبنائهم ورغبتهم فى تنشئتهم على أفضل الوجوه بل محاولاتهم الدؤوبة على أن يكون أبنائهم أحسن منهم من كافة الوجوه . ونحن إذا حاولنا – مجرد محاولة – أن نعدد مراحل نمو الإنسان من كافة النواحى الجسمانية والنفسية والإجتماعية كما هو فى أحد فروع علم النفس وهو " علم نفس النمو " فإننا لن نستطيع أن نوفى الموضوع حقه نظرا لتباين البشر وإختلاف طبائعهم ورغباتهم التى قد تصل إلى مئات إن لم تكن آلاف الإختلافات .. وحتى بنية البشر الجسمانية لا تخلو من تلك التنوعات . كانت هذه العبارات جزء من مقدمة لأحد كتبى فى التربية وهو كتاب " فن تربية الأطفال " .. وهو ما أثق أن جميع الناس يتفقون على ذكرته من حقائق فى هذا الكتاب .. لأنها ببساطة طبيعة بشرية .. ولكن كيف يمكن للإنسان أن يرضى ؟ كل الناس غير راضية .. الكل ينظر إلى ما فى أيدى غيره ويتجاهل ما منحه الله له من هبات ونعم .. فالفقير يريد من الله أن يمنحه مالا وفيرا متجاهلا أن الله متعه بالصحة والعافية على سبيل المثال .. وهكذا كل الناس ولو بدأنا نعدد الأمثلة لكتبنا العديد من الصفحات لأن الإنسان لا يرضى حتى عن شكله وخلقته التى خلقه الله عليها .. وفى أحيان أخرى لا يرضى عن المتغيرات التى تطرأ عليه مثل الصلع للرجال فى أواسط العمر .. أو بداية غزو الشيب للجنسين فى أوقات مختلفة من العمر .. ناهيك عن إنحناء الظهر التدريجى مع تقدم العمر .. وهذا كله شئ طبيعى لو نظرنا له بعقلانية .. وأن كل هذه أمور طبيعية حدثت لمن قبلنا وستحدث لمن بعدنا .. فلماذا نحن ؟ هل نحن استثناء مما يجرى على البشر ؟ ولماذا ؟ وهى كما ترى عزيزى القارئ أسئلة لا معنى لها .. والخلاصة أن معظم البشر - إن لم يكن جميعم تقريبا – غير راضون عما هم فيه وما يتمتع به كل منهم من مال أو جاه أو رزق أو حتى الخلقة كما أسلفنا . ترى ماهو الحل ؟ من وجهة نظرى أن الأفضل لنا أن ننظر فيما حولنا ونتدبر فيما منحه الله لنا وليس ما ينقصنا .. وعلينا أن نعرف أن الله عادل لا يظلم أحدا .. وقد جاء هذا الوصف للمولى عز وجل فى الكتب السماوية أكثر من مرة .. ويبسطها لنا علماء الدين " الشيخ محمد متولى الشعراوى وآخرون " فى أن الله يمنح كل إنسان أربعة وعشرين قيراطا من الرزق مقسمة على كافة الأشكال ما بين مال وجاه وصحة وسلطان وذرية وغيرها .. ومن الطريف أنه فى إحدى الإستراحات بين الدروس الدينية التى كان يلقيها الشيخ فى أحد المساجد أن سأله أحد الشباب بأنه يعرف رجلا صاحب مال وجاه ومنحه الله البنين والبنات .. يعنى لديه كل شئ .. وتساءل عما إذا كان هذا الرجل أكثر حظا من غيره .. فتبسم الشيخ فى وداعة وقال للشاب الصغير قائلا : - وما أدراك يا ولدى أنه خالى البال وينام الليل ؟ فرد الفتى على الشيخ : - فضيلتكم على حق يا مولانا لأننى أعلم أن هذا الرجل يشكو دائما من الأرق ويعانى من الصداع لقلة النوم . هذا هو الإنسان المتسرع .. الذى ينظر إلى غيره .. والحل هو أن يمعن النظر فيما منحه الله من نعم وأن يدرك أن لهذا الإختلاف بين البشر حكمة إلهية قد لا يدركها البعض .. وسأكتفى بأن أسوق منها مثالا واحدا وأترك الباقى لفطنة أعزائى القراء .. كل الناس تحب الذرية بغض النظر عن مستواهم المادى .. كل الناس أيضا تحب إنجاب الذكور .. ليس لدى العرب فقط من أيام الجاهلية ولكن حتى الأن وفى كل المجتمعات المدنية والريفية والصناعية .. فى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان .. ولنا أن نتخيل ماذا كان سيحدث من خلل فى التركيبة البشرية لو استجاب الله لرغبة كل الناس ؟ هل كانت ستدوم الدنيا ويسعد الناس ؟ ولهذا قال لنا الخالق بأنه سبحانه وتعالى يمنح من يشاء ذكورا ويمنح من يشاء إناثا ويجعل من يشاء عقيما وهو على كل شئ قدير .. يعنى ببساطة فلنشكر الله على ما منحنا إياه وندعوه المزيد . وإلى لقاء قادم وموضوع جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين

1236

| 21 مايو 2015

الإعلام .. والعنف .. والأطفال

تناولنا فى مقالنا السابق تحت عنوان مهارات التعامل مع الإعلام ما يتوجب على الفرد العادى معرفته ليستفيد من إيجابيات الإعلام بالقدر الذى يتجنب فيه سلبيات ما يبث على شاشات التلفزيون وما يُكتب على صفحات الصحف والمجلات سواء كانت ورقية أو إليكترونية . ولا شك أن الإعلام يتحمل مسئولية التدهور الثقافى والإجتماعى وكذلك الإرتباك السياسى كما أسلفنا .. وبناء على ذلك فإن نقطة الضعف فى كل المجتمعات سواء كانت شرقية أم غربية تكمن فى افتقار الأطفال والشباب إلى الخبرة وتجارب الحياة التى تمكنهم من التمييز بين ما هو ضار وما هو نافع لهم خاصة مشاهد العنف وما لها من آثار نفسية بالغة الخطورة على الأطفال فى المستقبل القريب والبعيد . ومن المسلم به أن مشاهد العنف فى وسائل الإعلام – خاصة التليفزيون – من أهم الأسباب التى تؤدى إلى السلوك العدوانى والجريمة والعنف فى كل المجتمعات حيث أنها السبب الرئيسى فى تنمية نزعة التدمير لدى الأطفال .. ويرجع ذلك كما يؤكد علماء النفس والإجتماع إلى أن الأطفال فى السن المبكرة تكون قدراتهم التحليلية والتمييزية ( وهى تماثل القدرة النقدية لدى الكبار ) محدودة للغاية لأنهم لم يصلوا بعد إلى السن التى تؤهلهم إلى القدرة على تحكيم عقولهم فيما يشاهدونه .. وبهذا فهم يتقبلون كل شئ . فما هو السبيل للخروج من هذا المأزق ؟ .. هل نمنع البث ؟ سوف يُجمع الناس على أن ذلك بات فى حكم المستحيل حيث أن العالم أصبح قرية كونية لا يمكن فيها حجب المعلومات أو إخفاء الحقائق فى ظل العصر الإليكترونى وسيطرة الإنترنت .. وما قد تمنعه دولة ما فهو لابد سيصل إلى أطفالها عبر شاشات الفضائيات التابعة للدول الأخرى . ولا شك أيضا أن المنع أو الحجب سيكون له معارضة شديدة تحت مسمى حرية الإعلام دون تقدير للمخاطر التى ستترتب على ذلك .. ولابد أن نعترف أن نسبة المشاهدين لهذه النوعية من الإعلام أصبحت فى تزايد مستمر – حتى بين الكبار بل والمثقفين أيضا – لأنها تحمل نوعا من أنواع الإثارة قد لا تتوافر فى برامج أخرى بغض النظر عن الآثار المدمرة التى يتسلل ما تبثه من سموم فى أعماق الأطفال مما يكون له آثار قاتلة ومدمرة فى المستقبل .. وهو الأمر الذى جعل علماء التربية وعلم النفس يحذرون من يوم يفيق فيه العالم بعد سنوات على مجتمع وقد تحول فيه البشر إلى وحوش يأكل بعضها البعض . والحل فى الأمر يقع على عاتق المجتمع أو الدولة بالدرجة الأولى .. ثم الأسرة ممثلة فى الوالدين .. ويكمن فى طبيعة ما يُسمح للأطفال بمشاهدته من كم البث المتناهى فى الضخامة واللامحدودية ليلا ونهارا وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة وذلك وفق الآتى : - تنقية البث من المنبع حتى لا يكون هناك خطر من مشاهدة الأطفال لما يتم بثه عبر شاشات التليفزيون . - التنويه صراحة عن مشاهد العنف الموجودة فى الأفلام والمسلسلات . - التخفيف قدر الإمكان من المشاهد الحية والمحتوية على مشاهد عنف خلال الفقرات الإخبارية . - توعية أولياء الأمور من خلال برامج جادة إلى حقيقة أن كثرة مشاهدة الأطفال للعنف فى سن مبكرة سوف تكون ذات عواقب وخيمة وسوف يترتب عليها نتائج خطيرة تظل ملازمة لهم حتى بعد أن يكبروا . - تدريب الأطفال والصبية والشباب على ثقافة الإنتقاء – كما أسلفنا فى مقالنا " مهارات التعامل مع الإعلام " – والتركيز على حقيقة أن أى عادات مكتسبة وعلى الأخص فى سن الطفولة يمكن أن تسهم فى إفادة المجتمع وفى نفس الوقت من الممكن أن تلحق به أضرارا جسيمة . وفى النهاية فإننا نقول أننا أمام خطر داهم لا يهدد حاضرنا فقط بل يمتد ليشمل أجيالا لا حصر لها فى المستقبل .. وأن الأمر يجب أن يكون محل إهتمام كافة طوائف المجتمع ولذلك يجب أن نعمل على تقوية الرقابة الذاتية قدر الإمكان وهو دور الأسرة بالدرجة الأولى .. وعدم الإلتفات إلى الإتجاهات التى بدأت تظهر فى الولايات المتحدة الأمريكية " أكبر منتج لأفلام ومسلسلات العنف " وبعض الدول الأوروبية بأن مشاهد العنف تساعد الأطفال على التنفيس عما بداخلهم من النوازع العدوانية . وأخيرا فإننا نناشد ضمائر القائمين على إنتاج هذه النوعية من الأفلام والمسلسلات بالتنبيه إلى هذا الخطر الداهم ونقول لهم بأعلى صوتنا وبكل قوة أن الخطر ليس بعيدا عنكم وحتما سيكون أولادكم وأحفادكم من بين من سيكتوى بتلك النار التى أشعلتموها . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين

271

| 14 مايو 2015

مهارات التعامل مع الإعلام

لا شك أن الإعلام ووسائل الإتصالات الحديثة أصبحت هى الأكثر تأثيرا على القيم والمعتقدات .. بل والتوجهات والممارسات فى مختلف مناحى الحياة الثقافية والإجتماعية والإقتصادية .. ولأننا نعيش الآن فى عصر سيادة الإعلام و ثورة الإتصالات .. وفى قول آخر " عصر الغزو الرقمى " وهو ما يحتاج إلى أن يكون لدى كل فرد منا مهارة التعامل مع الإعلام وفى نفس الوقت الإستفادة من هذه التقنية الحديثة . ولعل هذا ما جعل منظمة اليونسكو توصى بضرورة إدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج التربوية فى هذا العصر الذى يتسم بتدفق المعلومات وحتى يمكن تدريب التلاميذ فى سن مبكرة على معرفة أثر وسائل الإعلام – خاصة التلفزيون – وخطورتها .. ولقد أثبتت كافة الدراسات التى أجريت فى هذا المضمار أن القدرة على الإختيار والنقد تؤدى إلى نمو متكامل فى كافة جوانب الشخصية .. وبهذا فإن إعطاء الطلاب – أو التلاميذ منذ صغرهم – قدرا من المعارف والمفاهيم والمهارات الخاصة بالتعامل مع الإعلام وكيفية الإستفادة من المعارف المتوفرة فيه سواء كانت تحليلا نقديا أو إنتاجا إبداعيا يمنحهم القدرة على القيام بذلك بنجاح .. وفى نفس الوقت فإن منظمة اليونسكو باتت تنادى فى السنوات الأخيرة بأن الوعى الإعلامى الناتج عن تربية إعلامية سليمة هى أحد الحقوق الأساسية لكل شخص فى مختلف بلاد العالم .. وبذلك أصبحت اليونسكو أكبر داعم للكثير من الأنشطة والفعاليات التى تنادى بالتربية الإعلامية . وعن تأثير الإعلام على الأطفال نقول بأنه بدأ فى السنوات الأخيرة ما يؤكد – وفق دراسات إجتماعية فى مراكز متخصصة وجامعات مختلفة – بأن مصطلح " براءة الأطفال " الذى كان الناس يستخدمونه لسنوات طويلة للتدليل على الطهر والنقاء لم يعد صالحا للإستخدام فى هذا الزمن الذى إغتال فيه الإعلام تلك البراءة بالسماح بإستغلال الأطفال بطريقة مبتذلة من خلال ظهورهم فى الإعلانات أو الدراما التليفزيونية .. وباسم هذه الإعلانات أو الدراما أصبحنا نحن الكبار نصاب بالدهشة والذهول ونشعر بالخجل لما نسمعه ونشاهده .. ولكن تلك قضية تحتاج إلى مناقشات طويلة وهو ما سنتطرق إليه فى مقالات قادمة .. ولكننا الآن نؤكد فقط على خطورة ما يُبث عبر وسائل الإعلام ليس على الصغار فقط بل وعلى الكبار أيضا . وحيث أن المستهدف من التربية الإعلامية هو الجمهور .. وحيث أن وسائل الإعلام أصبحت من التعدد والتطور والتأثير على حياته – كما أسلفنا – فإنه يحتاج إلى أن يتعلم أسرارها حتى يستفيد من إيجابياتها ويتلافى سلبياتها فإن التربية الإعلامية تهدف إلى إعداد أفراد الجمهور لفهم الثقافة الإعلامية التى تحيط بهم وحسن الإنتقاء والإختيار منها .. ليس هذا فحسب ولكن إعداده أيضا لتعلم كيفية التعامل معها والمشاركة فيها بصورة فعالة ومؤثرة .. أو بمعنى آخر تحصين الجمهور فى مواجهة الإنفلات الإعلامى وتعريفه بالأسلوب الأمثل للتعامل مع مختلف وسائل الإعلام . ونخلص من كل ما سبق إلى أن الوعى الإعلامى الناتج عن تربية إعلامية صحيحة لا يقتصر على جانب التلقى والنقد .. بل يتعدى ذلك إلى المشاركة الواعية والهادفة لتصحيح المحتوى الإعلامى والقدرة على تحليل ذلك المحتوى وتقويمه . وإلى موضوع جديد ولقاء متجدد فى مقالاتنا القادمة بحول الله

703

| 07 مايو 2015

إطلالة على الأدب النوبى

من البديهى أن يكون لنا – نحن العرب – سمات مشتركة فى الثقافة والأدب وكذلك العادات والتقاليد .. وربما كان ما يجمع العرب هو اللغة العربية .. اللغة التى نزل بها القرآن الكريم .. وبالتالى فإن الغالبية العظمى من العرب يدينون بدين واحد مما يجعل الثقافات تتقارب حتى لو إبتعدت المسافات .. ولكن يبقى لكل إقليم خصوصيته التى يتفرد بها عن الآخرين حتى ضمن أفراد الدولة الواحدة .. وسنضرب لذلك مثلا بالنوبة فى مصر . والنوبه جزء غال من مصر .. ويتميز أبناؤه بالخلق القويم والطيبه والإيثار .. والثقافه النوبيه تمثل جزءا أصيلا من ثقافة المجتمع المصرى .. كما أن الأدب النوبى أضاف الكثير للثقافة العربية .. ويعبر الفن النوبى بشكل أو بآخر عن بعد مهم من أبعاد الواقع الحضارى بروافده الإجتماعية والثقافية . والأدب النوبى يتميز بالخصوبة والثراء .. خاصة أنه يشهد حاليا طفرة من النادر أن نجدها فى أدب آخر .. ومثل ذلك يحدث فى الفنون وشتى المناحى الثقافية النوبية . ونود فى إطلالتنا هذه أن نلقى بعض الضوء على هذا الجزء العزيز من أرض مصر وشعبها الطيب الذى تم تهجيره من موطنهم الأصلى عند البدء فى إنشاء السد العالى .. مضحين ببلادهم الأصليه من أجل رخاء ورفاهية الشعب المصرى بأكمله .. وأقاموا فى مناطق التهجير التى أعدتها الدوله والتى كانت موضع إهتمام جميع المسئولين وعلى رأسهم الرئيس الأسبق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر . صحيح أن الحكومه فى ذلك الوقت قد وزعت عليهم الأراضى المستصلحة عوضا عن تلك التى غمرتها مياه بحيرة ناصر .. وبنت لهم بيوتا من الحجر بنفس طريقة البناء التى تعتمد على الأقبية وارتفاع الأسقف فى محاوله للتخفيف عن هؤلاء المهجرين وحتى لا يشعروا بالأسى واللوعة لترك موطنهم أو على الأقل محاولة التخفيف من هذا الاحساس لديهم .. ولكن هل يمكن هذا ؟ إننى ومن خلال تجربتى الشخصية عاصرت بعض الأدباء من كاتبى القصة القصيرة فى نادى القصة .. وكانت كتاباتهم مليئة بالشجن والحنين لمسقط رأسهم .. وكم من القصص كتبت وتناولت تلك الدموع التى ذرفت والمشاعر الفياضة عندما كانت تحكى عن لحظات التهجير هذه .. وان نسيت فلن أنسى تلك القصة التى تناول فيها أحد الأدباء - إبان أواخر الثمانينيات - التى سرد فيها قصة أسرة - وفى الغالب هى تجربة شخصية - التى ركبت قاربا لنقلها وطلب منهم المراكبى تخفيف الحمولة .. واضطرت فتاة صغيرة أن تضحى بعروستها .. كما إضطر فتى - هو فى ظنى كاتب القصة نفسه - لترك كلبه العزيز وراءه وما صاحب ذلك من مشاعر لم تنجح السنوات فى محوها . ولأهل النوبة جميعا لغتهم الخاصة وهى - لمن لا يعلم – لغة تحدث فقط ولا يمكن كتابتها . وكان لدى المجتمع النوبى دوما على مر السنوات رغبة عارمة فى الإنعزال والتقوقع .. حتى يصعب أن تجد مع الأسر النوبية من هم من غير أهل النوبة .. واستمر هذا بعد التهجير حيث أبقوا على منتدياتهم الخاصة التى لا يرتادها غريب .. وانعكس ذلك على ثقافتهم التى تتحدث دوما عن مسقط الرأس والحنين الى تراب الموطن الأصلى . ولأهالى النوبة جميعا محبة خاصة فى نفوس الشعب المصرى كله وجميعهم إخوة أعزاء عاشوا بيننا فى السراء والضراء .. فهم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن المتجانس وعقد من عقوده المنتظمه. ونحن نرحب بالأدباء من أبناء النوبة وإبداعاتهم .. وسنقوم بمساعدتهم على نشر أعمالهم والتعليق عليها .. وهذا أقل ما يمكن عمله للتعبير عن حبنا لأهالى النوبة الكرام . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله .

513

| 30 أبريل 2015

لغتنا العربية فى خطر .. 2

تناولنا فى مقالنا السابق مدى الإنتشار الهائل والغير مسبوق لمواقع التواصل الإجتماعى ومدى تأثيرها – الثقافى على الأقل – علينا جميعا من مختلف الأعمار والأوساط الإجتماعية وما حصلنا عليه من تعليم وشهادات .. وتوصلنا إلى أن تلك " اللغة الهجينية " – إذا جاز لنا أن نطلق عليها لغة – تؤثر سلبا ولا شك على أعظم لغة نزل بها أطهر كتاب .. وهو القرآن الكريم . ولعل السبب فى اللجوء إلى هذا النهج الجديد فى التعبير لدى مستخدمى المواقع الإليكترونية - والغالبية العظمى منهم فى سن الشباب والأطفال كما أسلفنا- هو الآتى : - هذه الطريقة فى الكتابة تكون أيسر بكثير من اللغة العربية الفصحى حيث لا قواعد ولا ضابط ولا رابط . - فى نفس الوقت هى أكثر سهولة من اللهجات المحلية والتى تحتاج إلى بعض الضبط حتى لا يبدو الأمر غريبا أو شاذا . - تأسيسا على هذا فإن اليسر لا يندرج على التعبير فقط بل يمتد ليشمل الحروف التى تتم الكتابة بها والتى من الممكن أن تكون عربية أو إنجليزية .. وقد تكون خليطا بينهما ويمتد الأمر فى الغرابة لدرجة أنه يتخلل الكلمة الواحدة رسومات بالإضافة إلى الحروف .. وكل ذلك جاهز ومحفوظ على الأجهزة التى بين أيدينا ويمكن إستدعاء عشرات الخيارات للمفاضلة بينها . وإذا كان من يستخدم هذه " اللغة الهجين " يختار الأسهل فحسب .. فتلك مصيبة .. ولكنه يكاد لا يعرف اللغة التى يقول عنها أنها صعبة من الأساس .. وهنا تكون المصيبة أعظم .. والسبب فى ذلك بكل تأكيد يكمن فى الآتى : - الطريقة التى يتعلم بها صغارنا لغتهم الأم .. وهى طرق قديمة تقليدية ولا أقول مملة .. ولكننى أجزم بأن طرق التدريس هذه لم تستفد شيئا من تكنولوجيا العصر .. وأعتذر إذا قلت أن معظم القائمين – إن لم يكن جميعهم – لا يعرفون كيفية التعامل مع أجهزة الكمبيوتر فى الوقت الذى يكون فيه أصغر التلاميذ سنا على دراية – ولا أقول كفاءة – بالتعامل مع هذه الأجهزة . - مناهج اللغة العربية التى تُدرس فى المدارس والجامعات كلاسيكية وقديمة ذات نصوص جافة وخالية من الجمال الفنى البسيط والمناسب لأعمار التلاميذ والطلاب ومن هنا تكون النتيجة الحتمية وهى عدم جذب الدارسين إلى أصل الموضوع الأدبى ويكون ذلك بالضرورة مدعاة للنفور من بنية اللغة وبيانها . وتأسيسا على ذلك كله وجدت الأجيال الجديدة طوق النجاة فى أنظمة تعليم أخرى .. وهو ما يسمى بالتعليم الدولى ..وتكون اللغة العربية مجرد منهج بسيط يتم تدريسه على إستحياء فى بضعة حصص لا تغنى من جوع ولا تسمن .. ولولا القوانين السائدة فى بلادنا العربية لتم إلغاء الأمر برمته .. ويكون التلميذ الصغير فى هذه الحالة فريسة للصراع بين إستخدام لغته الأم – والتى تكون العامية فى معظم الأحيان – وبين ما هو مُطالب به من التحدث طول الوقت باللغة الأجنبية التى يتعلمها فى المدرسة .. ومن البديهى أنه كلما مرت الأعوام وكبر التلميذ كلما زادت المشكلة تعقيدا . وتكون النتيجة الحتمية فى النهاية أن تستوحش الأجيال الجديدة لغتها الأم .. وتبدأ تدريجيا فى مخاصمتها عن جهل وعدم معرفة أو عن وجود صعوبة فى إستخدامها .. أو الإنصراف عنها على أقل تقدير واللجوء إلى تلك " اللغة الهجينية " التى تحدثنا عنها والتى ساعد على إنتشارها تلك الثورة التكنولوجية وما تحمله من مواقع للتواصل يستلزم إستخدامها لغة يستطيع الجميع إتقانها . وإذا ما إنتبهنا إلى خطورة هذا النهج الذى يؤثر على لغتنا الخالدة فيجب علينا الآتى : - أن نلجأ إلى علماء متخصصين لإعادة النظر فى مناهجنا المدرسية وتخليصها من تلك القوالب الجامدة . - يكون تدريس اللغة العربية بالجمع بين أصول اللغة وآدابها ولا تفصل بينها .. بمعنى آخر أن يكون ذلك بالطرق الحديثة عبر منظومة موحدة تعمل على الجمع بين فروع اللغة العربية ( نحو .. صرف .. أدب .. بلاغة .. تعبير ) . - يكون تدريس اللغة بكل فروعها بطرق تطبيقية ومن خلال نصوص أدبية تجمع بين كل مؤثرات الجمال والفن والتشويق وأن يتم إنتقاءها بدقة بواسطة علماء اللغة . - والأكثر أهمية من كل ذلك هو تدريب القائمين على هذه المناهج المُختارة على إستخدام التكنولوجيا الحديثة حتى تكون المناهج تطبيقية بالفعل .. ولا يجب أن يستغرق ذلك الأمر سوى بضعة أشهر قليلة يراعى بعدها الحرص على إنتقاء من يعمل بتدريس اللغة العربية بالذات ممن يتقنون هذه المهارات . والخلاصة أنه يجب علينا تطوير طرق تدريس اللغة العربية بشكل تطبيقى جامع ومشوق .. ونحن هنا نطرح هذا الموضوع للنقاش .. وفى إنتظار آراء القراء الأعزاء . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله .

934

| 24 أبريل 2015

لغتنا العربية فى خـــطر (1)

كنت قد كتبت مقالا عن الفيسبوك بإعتباره أفضل وسائل التواصل الإجتماعى الحديثة تحت عنوان " ليس دفاعا عن الفيسبوك " .. ذكرت فيه مميزات أن يكون للإنسان صفحة على الفيسبوك حيث يتيح له ذلك روابط عدة منها ما هو إعلامى وخبرى .. ومنها الروابط الإجتماعية والإنسانية .. فضلا عن الروابط المعلوماتية بطبيعة الحال. ولكننى هنا لا أرغب فى أن أعيد ما سبق أن كتبته فى مقالنا المذكور آنفا والذى يمكن الرجوع إليه بسهولة وإسترجاع ما فيه من مميزات الفيسبوك فى إفساح المجال أمام التعبير عن الرأى وإحتواء فكرة الرأى والرأى الآخر .. وكذا كشف المواهب الإبداعية فى هذا النطاق الكبير .. ولكننى هنا أتحدث عن اللغة التى يكتب بها البعض على الفيسبوك وغيره طبعا من مواقع التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت والذى يمتد حتى التليفونات المحمولة الحديثة والتى تملك كل إمكانيات أجهزة الكمبيوتر الحديثة ولا أكون مغاليا إن قلت أنها تفوقها فى بعض الأحيان .. تلك اللغة التى تُكتب بحروف ( أو أرقام ) إنجليزية وتنطق لتحمل مدلولات أو أفكار عربية .. وتكون هذه الأفكار إنجليزية فى أحيان أخرى .. وقد يكون الأمر دمجا بين اللغتين فى أحيان ثالثة .. مما يجعلنا نقول إنها تكاد تكون هجينا بين اللغتين – غير متجانس بطبيعة الحال – فى المعانى وطريقة الكتابة . وهنا قد يقول قائل .. وما سر غضبك يا سيدى ؟ ألم يكن هناك فى الماضى لغة " الفرانكو آراب " ولم تلق كل هذا الهجوم ؟ .. وردى عليه فى منتهى البساطة .. أن ما يسمى " الفرانكو آراب " هذه ليست لغة ولكنها إتجاه ظهر فى الماضى – وأنا لست مخولا للدفاع عنه – ولكننى أكتب فقط لتوضيح الفرق فقد يساعد ذلك فيما نحن بصدد الكتابة عنه .. مع الأخذ فى الإعتبار أننى لا أشجع هذا الإتجاه فى الكتابة والذى يعتمد على إدخال كلمات أجنبية إنجليزية فى معظم الأحيان .. وفرنسية فى أحيان أخرى .. ويكون ذلك على سبيل التفاخر بمعرفة لغات أجنبية .. وللتوضيح العلمى أو اللغوى فى أحيان أخرى وإن كانت قليلة أو محدودة .. وهى كما ترون أعزائى القراء لا تتماشى مع شخصية كاتب هذه السطور كما عرفتموه . تأسيسا على ذلك نحب أن نؤكد على الحقائق التالية : - اللغة المستخدمة على مواقع التواصل الإجتماعى والمحمول ليست تقليدا لموجة " الفرانكو آراب " التى تحدثنا عنها وإن كان هناك وجه للشبه بينهما . - يمكن لنا أن نعتبر الأجيال الجديدة من المحظوظين لوجودهم فى عصر التكنولوجيا منذ نعومة أظافرهم . - يستطيع أى إنسان أن ينشر ما يشاء من أفكار أو آراء بمجرد كتابتها على جهاز الكمبيوتر أو حتى التليفون المحمول وبضغطة من يده ستجوب عباراته العالم كله بفضائه الفسيح بغض النظر عن مدى صحة ما كتبه هذا الشخص من آراء أو أفكار ولا حتى مدى صحة اللغة التى كُتبت بها .. ولا بأى لغة أو خليط من اللغات قد دونت .. وهنا مكمن الخطورة. - وسائل التكنولوجيا بدأت تفرض نفسها على الجميع .. يعنى ليس الأجيال الجديدة فقط بل إن الأمر يمتد ليشمل الجميع بما فى ذلك كبار السن " بإعتبارهم من مستخدمى الهواتف المحمولة فى أضعف الحالات". - اليسر فى تداول المعلومات والأخبار والأفكار يشمل جميع مستخدمى هذه التكنولوجيا . - معنى ذلك شيوع فوائد وإيجابيات مواقع التواصل الإجتماعى مما يعنى أيضا شمول الجميع بالسلبيات حتى ولو كان بعضهم لا يرى ذلك بنفسه . - هذه الثقافة بدأت تفرض نفسها علينا " الجميع كما ذكرنا " . - وهى – من خلال تلك اللغة الهجينية – لا شك بدأت تؤثر على لغتنا الأم بكل قدسيتها وجلالها .. والتى نزل القرآن الكريم بها . يجب علينا الإنتباه إلى هذا الخطر الداهم من خلال معرفتنا بمغزى الإتجاه إلى هذا النهج الجديد وسبب اللجوء إلى التعبير من خلاله .. وبهذا يمكننا الوصول إلى معالجة الأمر بالطرق العلمية وبما يستحقه من إهتمام .. وسيكون هذا موضوع مقالنا القادم بحول الله.

450

| 16 أبريل 2015

المعلم.. عصب العملية التعليمية

من المؤكد أن وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة .. ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز .. ولا شك أن رسالة المعلم ( ولا أقول عمله أو وظيفته ) رسالة سامية حملها الأنبياء والمصلحون والعلماء .. وحتى لو جاز أن نقول أن عمل المعلم وظيفة .. فهى وظيفة راقية تحمل فى طياتها عملا نبيلا وثوابا عظيما .. ويكفى المعلم فخرا أنه يبقى له فى ميزان حياته علم نافع عَلًمَه لغيره من خلال إخلاصه لعمله الذى هو فى ذات الوقت إخلاص لله . وانا يعجبنى كثيرا قول المفكر الكبير جبران خليل جبران أن الأوطان تقوم على كاهل ثلاث .. فلاح يغذيها وجندى يحميها ومعلم يربيها .. والمعلم أيضا هو من يزرع بذرة الأمل والوطنية الحقة ويسقيها بالتشجيع والمثابرة ويغرس بذور الإنتماء والسماحة والوسطية .. وفى ذات الوقت هو من يحمى المبادئ والأخلاق .. بل أكثر من ذلك هو من يستطيع بخبرته وبصيرته أن يلتقط الموهوبين من تلاميذه فى المجالات المختلفة مثل الشعر والأدب والفنون والعلوم والرياضيات .. وأكثر من هذا يتبناهم ويرشدهم لإختبارات المستقبل والتى غالبا ما تكون صائبة . ولقد كانت الدول العربية هى رائدة العمل الإجتماعى وبالتالى التعليمى حتى أنه من البديهى أن القوى الناعمة كانت تستند من الناحية التاريخية على التعليم قبل سواه .. وحتى لو كان هناك من يقول أن النهضة العربية الحديثة بدأت بنقل الأساليب العصرية والتقاليد الأوروبية إلينا كما حدث فى مصر إبان حكم محمد على باشا فى بداية القرن التاسع عشر على سبيل المثال .. وهو كلام مردود عليه بأننا كان لدينا الأزهر الذى كان – ولا يزال – منارة للتعليم من كافة أنحاء العالم .. وهو نفس ما يحدث فى الأراضى المقدسة من مساجد تقُام فيها الشعائر إلى جانب الدروس وحلقات العلم . والرأى الراجح أنه لا يوجد إتجاه واحد لنقل العلوم أو المعرفة .. ولكنها مسألة تبادلية ويكفى أن نذكر أن نظام الكليات المختلفة فى الجامعات جاء تقليدا لنظام " الأروقة " الأزهرية أو الظاهرة الأزهرية الشهيرة " شيخ العامود " والتى كانت سائدة كذلك فى مساجد مكة والمدينة غيرها أثناء وبعد عهد الخلفاء الراشدين وإستمرت لعهود طويلة من الزمن . وفى جميع الأحوال فإنه فى جميع الأحوال وفى كل العصور نجد أن المعلم هو العصب والأساس الذى تقوم عليه العملية التعليمية .. وبالتالى هو وراء عظمة الأمم وسر تقدمها كما أسلفنا . ولا شك أن الدول العربية جميعها مطالبة بمسايرة الدول المتقدمة فى الناحية التعليمية ليس فى أنظمة التعليم فقط بل فى طرق تدريب المعلمين والنهوض بهم من كافة النواحى معتمدين على النظرية الحديثة والتى فحواها : - أن رأس مال الطالب هو ما يأخذه عن معلمه من " مبادئ وخلق كريم " .. أما ما يأخذه الطالب بعد ذلك من علم على يد معلمه فهو " ربح وفائدة " .. وطبعا رأس المال مقدم على الربح والفائدة . فإذا أضفنا إلى ذلك النظرية التربوية التى أصبحت تتقدم ما عداها من نظريات والتى فحواها : - أن أساس التدريس أن يتعود الطالب ألا يعتمد على المدرس . تأسيسا على هذا فإنه يجب تدريب المعلم وتوعيته بأنه يجب عليه أن يكون المعلم نفسه مبدعا وذلك بأن يجعل من درسه شيئا ممتعا يساعد الطلاب على كيفية التفكير والإبداع مستخدما أسلوب التشجيع والتحفيز وزرع بذرة الأمل فى طلابه وتعهدها بالرعاية حتى تؤتى ثمارها . وأخيرا فإننى العبد لله كاتب هذه السطور أقف إحتراما لكل معلم وأدعو الجميع – كبارهم قبل صغارهم – أن يشاركوننى فى ذلك الشعور الرائع بأن دور المعلم القدوة فى حياتنا لا يقل أهمية عن دور الأب إن لم يكن يفوقه فى بعض الأحيان كما عاصره من هم فى نفس عمرى ومن سبقونى .. ونحن لا نزال نتذكر أساتذتنا بهيئتهم الموقرة وكلماتهم المؤثرة وعباراتهم التى كانت تنفذ إلى قلوبنا وعقولنا ولازلنا نتذكرها حتى الآن وكأنها قيلت لنا بالأمس فقط . تحية تقدير وإجلال إلى كل معلم أخذ على عاتقه رسالة العلم وأخذ بيد غيره إلى طريق النور .. ولعلى بهذا المقال المتواضع أكون قد إستطعت أن أوفى المعلم بعض حقه .. فإلى اللقاء فى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .

3220

| 09 أبريل 2015

مخرجات التعليم

كنا قد تناولنا الأسبوع الماضى فى مقالنا السابق عن التعليم والذى جاء تحت عنوان " معضلة تطوير التعليم " .. تلك المشكلة التى تؤرقنا جميعا فى بلادنا العربية .. حيث كان لها أبلغ الأثر فى مشكلاتنا فى الوقت الراهن وسوف تؤثر على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة .. وتوصلنا فى نهاية المقال إلى أن التعليم صناعة يجب أن تتناسب مع إحتياجات المجتمع والمستهلك .. كما حددنا مخرجات التعليم والتى تشمل ثلاثة عناوين أساسية هى : - المعرفة knowledge - المهارات skills - التوجهات attitudes وكنا قد وعدنا القارئ الكريم بتناول الموضوع من هذه الزاوية .. والبداية تكون بأن نجعل تطوير التعليم مشروعنا القومى وموضع إهتمام جميع طوائف المجتمع واضعين الآتى نصب أعيننا : أولا : أن يتفق جميع أطراف العملية التعليمية على أن التعليم " صناعة " . ثانيا : فى الصناعة تكون أول وأهم خطوة على الإطلاق هى تحديد مواصفات " المُنتَج " . ثالثا : يجب بطبيعة الحال أن يتناسب هذا المنتج مع احتياجات المجتمع أو " المستهلك " . رابعا : تأسيسا على هذا يتم تحديد وسائل تصنيع هذا المُنتَج المحددة مواصفاته بكل دقة . وفى مجال التربية والتعليم فإن " المُنتَج " هو الطالب .. و" المستهلك " أو " المستفيد " هو المجتمع . وعند تحديد مواصفات المُنتَج " الطالب " يجب أن تتحدد المخرجات التى يجب أن يكتسبها الطالب فى نهاية كل مرحلة تعليمية ( الإبتدائية .. الإعدادية .. الثانوية .. الجامعية ) .. ولعل هذه هى أصعب وأدق الخطوات لأنها الأساس الذى سيُبنى عليه ما بعدها على نحو ما سيأتى لاحقا فى هذا المقال . كما ينبغى علينا أن نحدد وبكل دقة ودون أى تساهل الحد الأدنى للمُخرجات التعليمية لطلاب كل مرحلة . ملحوظة فى غاية الأهمية .. عدم دمج المرحلتين الإبتدائية والإعدادية معا حيث أن بعض الدول تدمجهما تحت مسمى مرحلة التعليم الأساسى .. وهناك من خبراء التربية والتعليم من يفضل تقسيم المرحلة الإبتدائية إلى قسمين ليكون تحديد المُخرجات التى يكتسبها الطالب أكثر دقة . وبناء على ما سبق نتحول للخطوات التالية والمتمثلة فى : 1- وضع المناهج .. وهنا يجب أن يشترك فى تلك المهمة خبراء تعليم وأساتذة جامعات ومدرسين للمواد المختلفة فى المدارس الحكومية والخاصة مع مندوبين أو ممثلين لطوائف أو شرائح المجتمع المختلفة ( بإعتبار أن المجتمع هنا هو المستهلك ) . 2- وضع أحسن الطرق لتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج .. وفى هذه النقطة يجب التوصية بتحديد الإمكانيات المطلوبة للتطبيق مثل ( معامل علوم ومعامل لغويات ومكتبات وغرف للوسائط المتعددة الأغراض ومسجد وغرف للأنشطة المتنوعة وملاعب رياضية مختلفة .. وخلافه ) . 3- الإهتمام بحصص التربية الدينية وتعليم الطلاب أصول ومبادئ دينهم ( إضافة لما هو موجود فى المناهج والكتب المدرسية ). 4- الحرص على حصص التربية الرياضة والإنخراط فى طابور الصباح بما يمثله ذلك من انضباط ومنافسات شريفة فى الخطابة والشعر والموسيقى . 5- العمل على ترسيخ مبادئ وأصول التربية القومية والإحتفال بالمناسبات الوطنية المختلفة . 6- وضع وتحديد طرق تقييم الطالب مثل أنظمة الإختبارات القصيرة والإمتحانات .. وتحديد عدد الأسابيع والفصول الدراسية . 7- الإتفاق على من سيقوم بتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج ومستواه العلمى والتربوى والدورات التدريبية الحاصل عليها أو التى يجب أن يحصل عليها للنجاح فى الطرق المُثلى لمهمته الشديدة الصعوبة .. ونقصد بذلك المعلم ومن يعاونه فى أداء مهمته .. وأستأذن القارئ الكريم أن يكون لذلك مقال خاص . 8- تقييم مخرجات العملية التعليمية بالكامل .. وتلك بدورها يجب أن تخضع للمراجعة المستمرة للعمل على مواكبة تطورات العلوم المختلفة .. وأيضا ما قد يطرأ على المجتمع من إحتياجات . 9- توحيد " الحد الأدنى " لمخرجات التعليم لطلاب المدارس المختلفة من حكومية وخاصة ودولية وخلافه .. وهذا التباين والإختلاف فى أنواع المدارس نشأ وتزايد فى العقود الأخيرة نتيجة للتقدم التكنولوجى الهائل الذى جعل العالم كله قرية صغيرة . والخلاصة أننا لسنا مع إقامة مبانِ جديدة وحديثة ينقش عليها أسماء العلماء أو الأبطال أو المناسبات الإجتماعية والتاريخية فقط .. برغم الأهمية القصوى لذلك .. ولكننا أيضا يجب أن نهتم بالبشر .. سواء من يتعلم أو من يقوم بالعملية التعليمية أو من يتابع ذلك ويضبط إيقاعه .. مما يعنى أننا نهتم بالبشر أكثر من إهتمامنا بالحجر .. وسيكون هذا هو موضوع مقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected]

8878

| 02 أبريل 2015

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2265

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

2175

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

1587

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

909

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

879

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

744

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

723

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

690

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

642

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

558

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

501

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

492

| 21 سبتمبر 2025

أخبار محلية