رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أعتقد أن أى مواطن عربى مخلص لعروبته لن يمل أو يكل أو ييأس من البحث العلمى الجدى فى قضية تطوير التعليم باعتباره قاطرة المجتمع نحو مستقبل أفضل .. ولكننى للأمانة أقول فى البداية أنه ليس لدى أمل كبير فى أن نحسم موضوع تطوير التعليم بكتابة مقال أو مجموعة من المقالات .. ولكنها محاولة من رجل تعليم قديم أتمنى أن يكون لها ثمارها الطيبة فى منطقتنا العربية يعتبر أن نقطة البداية للمستقبل المشرق هو التعليم .. وهو السبيل الأمثل نحو شعوب عصرية متقدمة .. وسنضرب مثلا ببعض النمور الأسيوية التى أصبحت فى طليعة الدول المتقدمة من كافة النواحى .. كما كان فى ماليزيا التى اعتبر " مهاتير محمد " باعث نهضتها أن الشعوب الفقيرة هى التى يجب أن تهتم وتحرص على التعليم حتى تصبح دولة عصرية متقدمة . مثال آخر .. من يذهب إلى جزيرة سنغافورة لابد أن يُعجب بتلك الدولة أو بالأحرى الدويلة التى تنافس دول كبيرة مثل اليابان والصين فى التقدم الصناعى والإقتصادى .. وبرغم مساحتها الصغيرة ( 710 ) كيلو مترا مربعا وقلة تعداد سكانها ( حوالى خمسة ملايين نسمة ) فإن دخلها يزيد عن الثلاثمائة مليار دولار .. وهى أرقام تبعث على الإعجاب . ويرجع السبب فى ذلك أن سنغافورة بعد إستقلالها فى 1965 كان لدى قيادتها الرغبة فى الإنطلاق والتطور وأن تكون مثل الدول الكبرى إقتصاديا .. ومن هنا شرع الأب المؤسس " لى توان يو " فى تحديد ملامح هذا الإنطلاق بالإعتماد على تطوير البنية الأساسية والمتمثلة فى عدة محاور كان التعليم أولها ( بالإضافة إلى الطرق والإتصالات والطاقة ) . وكانت البداية وضع خطط ومناهج لتعليم الشعب وتدريبه على العمل فى مجال الخدمات ومختلف الحرف وفقا للمستويات العالمية فى ذلك الوقت . وعندنا .. طوال السنوات الماضية .. ولعدة عقود خلت .. لم نكف نحن العرب يوما عن الحديث عن مستوى التعليم فى بلادنا .. وعن رغبتنا فى إقتحام قضية تطوير التعليم الشائكة والتى سكتنا عليها زمنا طويلا . وقد يبدأ ذلك – بعد المقالات والتحقيقات الصحفية والبرامج التليفزيونية المختلفة – ببعض الحلول التى حفظناها من كثرة تكرارها .. حتى أصبحت بالنسبة للقائمين على أمور التعليم فى بلادنا وأيضا أولياء الأمور مثل الأناشيد الوطنية والموروثات التعليمية التى بات يدمنها كافة الأطراف . تبدأ برامج تطوير التعليم هذه بالإعلان عن تعديل المناهج التى تدرس بالفعل عن طريق مراجعة المناهج والكتب المدرسية وحذف الحشو والتكرار .. ونحن لا إعتراض عندنا على ذلك حيث يجب التوقف كل فترة ومراجعة ما لدينا من مناهج وإزالة ما قد يشوبها من عيوب .. والوقوف على مدى الإستفادة منها .. وقد يذهب البعض إلى ضرورة تغيير المناهج جميعها أو بعضها بالكامل .. وتكون النتيجة مزيدا من المهدئات والمسكنات لإراحة النفوس .. والملطفات ومساحيق التجميل ذات الألوان البراقة والتى تعتمد على المظهر دون الجوهر . أكثر من هذا أن يُغالى البعض فى طلباتهم ويطالبون بتغيير وزير التعليم نفسه .. وكأنه هو الذى وضع المناهج وطلب تدريسها .. وقد تستجيب القيادة السياسية فى بعض الدول وتنفذ هذه الرغبة إنقاذا للموقف .. وتأتى بوزير جديد .. تارة من أساتذة الجامعات ظنا منها – أى القيادات السياسية – أنهم الأقدر على التطوير .. وتارة أخرى يكون الوزير الجديد من داخل الوزارة نفسها بإعتباره سيكون أكثر قدرة على فهم واقع الأمر .. ولكن هذا أو ذاك دائما ما يأتى دون "منهج جديد " .. أو خطة محددة .. ويبدأ من الصفر .. أو من المربع رقم واحد كما يُقال .. وبعد المقابلات الصحفية والبرامج التليفزيونية والحوارية يقنعنا الوزير الجديد أن لديه الكثير من الدراسات والأبحاث فى ملف التعليم وأنه قادر على إصلاح المنظومة التعليمية برمتها .. ويكون الوزير فى أغلب الحالات مثل من سبقه .. ولن يخلتف عمن سيأتى بعده .. وتتكرر التجربة كل فترة وأخرى .. وتكون النتيجة ما نحن فيه الآن من عدم القدرة على مواكبة المتغيرات المتلاحقة فى العالم . والرأى الراجح لدى خبراء التعليم أن التعليم " صناعة " .. نعم صناعة .. مثل أى صناعة .. لها منتجات يجب أن تتوافق مع إحتياجات المجتمع والمستهلك .. ولهذا يجب أن ترتكز على مخرجات محددة وتشتمل على ثلاثة عناوين أساسية : 1- المعرفة .. knowledge 2- المهارات .. skills 3- التوجهات .. attitudes وسيكون ذلك موضوع مقالنا القادم .. فإلى الملتقى بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected]
372
| 27 مارس 2015
كثيرة هى الكلمات والأشعار التى قيلت عن الأم .. وكثيرة جدا تلك الكتب التى صدرت والمقالات التى كتبت خاصة فى المناسبات الجميلة مثل عيد الأم .. وكذلك أذيع العديد من برامج الفضائيات بل وأنتجت الأفلام السينمائية التى تتناول فضل الأم .. وكل هذا جميل وأتفق معه ولا أخالف فيه حرفا واحدا .. ولا أظن إنسانا راجح العقل يمكن أن ينكر فضل أمه عليه من حملها له تسعة أشهر وهنا على وهن .. وإرضاعها إياه .. ورعايتها له وسهرها إلى جواره تحرسه من كل مكروه وتمرضه إذا ألم به عارض .. وما تزال تتعهده بالرعاية وتحوطه بالحنان وهو يشب عن الطوق حتى يكبر وحتى بعد أن يتزوج وينجب .. باختصار إن الأم تظل تحمل همه حتى آخر يوم فى عمرها .. أو أقرب الأجلين . هذا عن الأم العادية .. نعم العادية .. أى أم تفعل هذا وأكثر .. فهل هناك أم غير عادية .. نعم .. كثيرة هى تلك القصص التى نسمعها عن تضحيات الأمهات ومن تتوجهن الإحتفاليات أمهات مثاليات فى عيد الأم ولكن الأكثر منها هى القصص التى لم نسمع عنها ولكننا نحسها ونلمسها فى كل وقت من أمهات لا يأكلن حتى يشبع أطفالهن وقد لا يأكلن من الأساس لو كان الطعام غير كاف بشرط ألا يلاحظ أطفالهن ذلك .. ولو أننا شرعنا فى ضرب الأمثلة على ذلك ما كفانا الوقت إلى يوم القيامة . ولعلى أكتب ذلك الآن لأن أمى – التى توفاها الله من سنوات طويلة – قد أوحشتنى وكلما ضاقت بى الدنيا شعرت بحاجتى إليها أكثر .. شعرت بأن لا شئ يعوضنى عنها مهما كبرت ومهما أنجبت من أولاد ومهما صار لى من أحفاد .. أظل أنا – بالرغم من تقدمى فى السن - ذلك الولد الصغير الذى يحتاج دوما لحضن أمه ويشتاق لحنانها .. ويتمنى لو تعود الأيام ولو لساعة واحدة لأقبل الأرض تحت أقدامها . وهنا قد يقول قائل.. كلنا ذلك الشخص .. فما الجديد .. وبدورى أقول لهم أن الجديد هو أننى تذكرت اليوم – وبلا مقدمات – قصة قرأتها وأنا طفل صغير فى الثامنة من عمرى .. لا أذكر اسم كاتبها ولكننى لازلت أذكرها حتى يومنا هذا .. وملخصها أنه فى إحدى المناسبات أقامت إحدى الأسر حفلا كبيرا فى منزلهم الكبير.. وضم الحفل عددا كبيرا من الناس وتطلب الأمر مجهودا خارقا فى الإعداد والإشراف على كل شئ .. ومن البديهى أن يكون الجزء الأكبر فى هذا من نصيب الزوجة التى كانت فى نفس الوقت أما لطفل فى الرابعة من العمر . وبعد أن استقبلت الأم ضيوف الحفل مع زوجها واطمأنت على أن كل شئ على ما يرام شعرت بآلام صداع رهيبة كادت تفتك برأسها من المجهود الخرافى الذى بذلته وقلة النوم وصوت الموسيقى العالى الذى كان يملأ جنبات المنزل . حاولت الزوجة تجاهل آلام الصداع ولكنه كان فوق طاقة احتمالها .. وفى نفس الوقت كانت تذهب إلى غرفة طفلها لتطمئن عليه حيث كان نائما .. فكرت فى أن ترقد إلى جواره لبضع دقائق إلتماسا لبعض الراحة لجسدها المكدود .. غلبها النوم فنامت .. نامت بالرغم من أصوات الضيوف العالية وضحكاتهم .. ودوى الموسيقى الهادر .. نامت ولم تشعر بكل شئ رغم كل هذا .. وبعد دقائق صحت الأم من نومها على صوت صغيرها الذى كان يقول بصوت خفيض تاه فى ضوضاء الحفل : - أمى .. أشرب. قامت الأم على صوت الصغير لتسقيه .. فما الذى أيقظها ؟ إنه قلب الأم. هذا هو ملخص القصة التى أعجبتنى عندما قرأتها صغيرا ولا زالت تطفو على سطح ذاكرتى من وقت لآخر .. فهل أعجبتكم ؟ أرجو ذلك .. ولتكن هديتى لأحبابى القراء فى عيد الأم . وإلى اللقاء فى مقال جديد بحول الله.
1391
| 21 مارس 2015
ما دفعنى لكتابة هذا المقال هو الخبر الذى طيرته وكالات الأنباء فى يناير الماضى ( 2015 ) عن وفاة شاب تايوانى فى الثانية والثلاثين من العمر من مدينة كاوسيوتنج بعد إستمراره فى الجلوس أمام الإنترنت لمدة ثلاثة أيام متوالية .. وكان قد سبق ذلك بأيام قليلة أنباء صحفية تفيد وفاة رجل آخر ليلة رأس السنة الماضية نتيجة إستمراره أمام الكمبيوتر لمدة خمسة أيام متوالية فى أحد نوادى الإنترنت . وبما أننى أجلس أمام الكمبيوتر لفترات طويلة وقد يكون ذلك بحكم عملى .. وأعتقد أن الكثير من الناس فى السنوات الأخيرة يفعل ذلك سواء كان هناك مبرر لذلك أو بدون مبرر .. ولكننى فى نفس الوقت لا أحب أن ألعب دور الناصح بضرورة مراعاة بعض النقاط الهامة التى أوجزها فيما يلى : - لا يوجد مبرر للجلوس لفترات طويلة مهما كانت الضرورة إذ يجب الوقوف وتحريك القدمين والذراعين كل فترة لا تزيد عن الساعة الواحدة مهما كانت الأسباب .. وذلك كما أفاد إستشارى جراحة العظام الصديق الدكتور حسين سنبل فى برنامجه على " قناة صحتى " التليفزيونية .. وقال على سبيل الدعابة أنه كثيرا ما يُذكر زملائه الأساتذة فى الجامعة بهذه الحقيقة العلمية عندما تطول إجتماعاتهم . - أجمعت الجهات الطبية العالمية أن 90% من حالات مرض السكر من النوع الثانى فى جميع أنحاء العالم يكون بشكل أساسى بسبب زيادة الوزن وقلة النشاط البدنى . - ومن المعروف أن إهمال علاج مرض السكر يؤدى حتما إلى الإصابة بأمراض القلب والفشل الكلوى وإلتهابات الأعصاب خاصة الأعصاب الطرفية . - الإفراط فى إستخدام أجهزة الكمبيوتر ( من أى نوع ) تؤدى إلى أمراض كثيرة للعيون مثل الحساسية وإلتهاب الشبكية وأعصاب العين . ومن البديهى أن هناك أمراض أخرى ومخاطر عدة يصعب على تكرارها .. وأننى لا أحب ولا أجيد دور الناصح .. ولكننا جميعا نعلم أنه إذا زاد الشئ عن حده .. إنقلب إلى ضده .. وطبعا فيما يتعلق بصحة الإنسان فلا يجب أن يزيد أى شئ عن حده مهما كانت الأسباب .. وفى حالة صاحبنا التايوانى الذى ذكرناه فى بداية المقال فإنه لم يزد عن حده فقط ولكنه فاق كل الحدود حتى وصل إلى درجة الجنون . وأنا هنا لن أطالب القراء ببمارسة الرياضات المختلفة – مع تسليمى الكامل بأهميتها – ولكننى سأطلب منهم شئ فى غاية البساطة وهو " الحركة " .. نعم الحركة فقط .. ولكن كيف ؟ الإجابة ستكون فى ضوء الحقائق الطبية التالية : - أكدت الأبحاث العلمية أن المشى يساعد على حماية الجهاز المناعى للجسم ويقوى العظام والعضلات . - فى دراسة حديثة إشترك فيها عدد من الجامعات البريطانية أثبتت أن المشى فى مجموعات فى الهواء الطلق يساعد فى علاج حالات إرتفاع ضغط الدم ويزيد من كفاءة الرئتين . - فى ذات الدراسة إتضح أن المشى يساعد فى علاج مرض السكر من النوع الثانى . - وأيضا أفادت الدراسة على إرتفاع اللياقة البدنية والنفسية بشكل عام .. أو بالأحرى يكون المشى سببا فى حدوث تحسن فى الحالة النفسية . - صعود السلالم يقوى عضلة القلب .. ولكن يراعى عدم الإفراط فى ذلك حتى لا ينقلب الأمر إلى ضده . - نزول السلالم يكسر الكوليسترول الضار بالجسم .. وهذا يعنى أنه إذا كان بالإمكان صعود السلالم أو النزول عليها بمسافة معقولة لا تجهد القلب فلا داعى لإستخدام المصاعد على الدوام . وأخيرا فإننى أسوق للقارئ الكريم هذه النصيجة .. وهى أنه إذا كان الإنسان يستطيع ممارسة التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة خمس مرات أسبوعيا فإن هذا أفضل ما يقدمه لنفسه صحيا حيث أن ذلك من شأنه أن يقلل إحتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب وسرطان الأمعاء والزهايمر لكلا الجنسين فضلا عن سرطان الثدى للسيدات . آمل أن يكون فى مقالى هذا ما يفيد القراء الأحباء .. ونلتقى بكم فى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
2181
| 19 مارس 2015
لا شك أن الأسرة فى أى مجتمع هى العامل الأساسى فى بناء الأمة وعليها – بالإضافة إلى المدرسة بطبيعة الحال – تقع مسئولية غرس قيم الأخلاق والمواطنة .. فضلا عن وضع البداية المرجوة للنسيج الثقافى الوطنى لهذا المجتمع .. وتعميق الإحساس بقيمة الوطن وقيم المواطنة .. وهذا لأن الطفل هو المستقبل .. وبقدر ما نهتم به بقدر ما يتحدد مدى نجاح وطننا فى حجز مكان متقدم له بين أوطان العالم الأخرى. وأهم ما يمكن أن نستند إليه فى هذا الصدد هو أن يكون للطفل العربى شخصيته التى تميزه – ولا أقول تُفَضِله – عن سائر أبناء الأمم الأخرى .. والرأى عندى أن شخصية الطفل تتحدد بشكل أساسى من الموروث الثقافى والمتمثل فى القصص التى يسمعها وهو صغير أو يقرأها فيما بعد .. وهى اللبنة الأولى فى الوسائط التربوية والإعلامية التى تقدمها الدول للأطفال والشباب ويمكن من خلالها للكبار فهم شخصية الصغار ودعم بناء المواطنة السليمة كما أسلفنا. وتأسيسا على ما سبق فإنه لا يمكن أن نتخيل أن يحصد مجتمع أو شخص ثمارا غير تلك التى وضع بذورها فى الأرض .. وبرغم أن هذه مسألة بديهية لا يمكن أن يختلف عليها إثنان .. أو يتناطح من أجلها عنزان .. كما كان الأدباء يقولون سابقا على سبيل الدعابة .. إلا أن شيئا من هذا يحدث الآن .. وكل يوم .. والغريب أن هذا يحدث منا نحن الكبار .. إذ نتوقع أن نحصد من أبنائنا ثمارا لم نضع لها بذورا .. والغريب هنا بالطبع أن نشعر بالحزن الذى قد يصل إلى حد التعاسة عندما يتصرف أولادنا بطريقة تختلف عما غرسناه فى نفوسهم صغارا .. ولست أدرى كيف يبرر الكبار حزنهم هذا ويلقون باللوم على أبنائهم دون لوم أنفسهم للتقصير فى الغرس أو الزراعة. والمقصود بالكبار هنا .. نحن جميعا .. أنت وأنا .. وكل الآباء والأمهات والمعلمين فى دول وطننا العربى الكبير .. ولا أستثنى من ذلك أحدا .. وسأتناول الأمر من زاوية واحدة فقط أجد فيها الكفاية للتدليل على وجهة النظر هذه .. وهى " حب الوطن " .. إن أبناء العرب يعرفون وطنهم من خلال الكتب المدرسية ممثلة فى مناهج التاريخ والجغرافيا وبعض المعلومات والأناشيد الوطنية التى يحفظونها حفظا أصما تمهيدا لكتابتها فى ورقة الإجابة والحصول على صك " شهادة " تثبت نجاحهم والإنتقال إلى الصف الدراسى الأعلى .. وهذه والله آفة التعليم فى بلادنا .. ولكن هذا مقام آخر يستحق أن نخصص له مقالات ودراسات مستقلة .. ولكننى فيما نحن بصدده فى مقالنا هذا أتساءل .. كم من صغار التلاميذ أو حتى كبارهم يعرفون معنى كلمات نشيد بلادهم الوطنى التى يرددونها كل صباح ؟ الإجابة معروفة سلفا وهو ما سيقودنا إلى نتيجة مؤسفة مفادها أن الوطن بالنسبة لأبناء وطننا العربى ليس أكثر من منهج مدرسى .. وهذه هى نقطة الضعف الكبرى التى تتحدى إنتماءات المواطن العربى الصغير الذى لا يعرف عن وطنه سوى ما إكتسبه من معلومات مدرسية جافة لا تكفى لزرع حب الوطن داخل نفسه. والخلاصة أنه يجب على كل منا أن يقف أمام مرآة ضميره ويواجه نفسه ويسألها.. من منا حجز مكانا فى نفس إبنه الصغيرة لوطنه .. من منا غرس حب الوطن كزهرة صغيرة أو وردة يانعة وتعهد هذا الحب بالرعاية والعناية اللازمتين قبل أن تتفتح تلك الزهور وهاتيك الورود لينتج رائحة عطرة وشذى يليق بما غرسناه . آمل أن ننتبه نحن الكبار لهذه الحقائق حتى نحصد نتاجا طيبا لما سبق أن غرسناه . وإلى لقاء قادم ومقال جديد بحول الله.
934
| 12 مارس 2015
ليس دفاعا عن الفيسبوك كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق الفيسبوك بإعتباره أكثر مواقع التواصل الإجتماعى شهرة وإنتشارا على الإطلاق .. وكتبنا ملخصا لآراء المعارضين .. والتى كنت قد قمت بتجميعها بالتحدث إلى العديد من الناس العاديين من الأهل والأصدقاء والزملاء .. وقد كان هناك الكثير من المشكلات الإجتماعية والعاطفية .. وحتى المشكلات السياسية .. بالإضافة طبعا إلى ما أوردناه عن الوقت الضائع والجهد المستباح والأفكار الهدامة التى تجتاح الثوابت الأخلاقية .. وإبتعاد أفراد الأسر عن بعضهم خاصة من الناحية العقلية .. حتى أن البعض ذهب إلى أن معظم الآباء باتوا لا يعرفون ما يدور فى أذهان أولادهم .. ولا حتى ما يفعلونه .. وهو أمر فى غاية الخطورة . ومن البديهى أن يكون للفيسبوك كذلك من يحبونه ويؤيدون إستخدامه لأن هذه هى طبيعة الأشياء .. فما هو رأى هذا الفريق ؟ يرى الكثيرون أن مواقع التواصل الإجتماعى وعلى رأسها الفيسبوك عالما حيا وليس عالما إفتراضيا كما تعود أن يطلق عليه أغلبية الناس .. بل إنه عالم واقعى يموج بالحركة والتفاعل .. وأن هذه المواقع والفيسبوك تحديدا تتكفل بالآتى : - تكون نافذة لصاحب الحساب على العالم حيث يمكن عن طريق الإشتراك فى بعض المواقع .. أو حتى مجرد إبداء الإعجاب معرفة كافة الأخبار المحلية والدولية فى شتى مجالات ومناحى الحياة . - توفر فرصة كبيرة للتواصل مع الأهل والأصدقاء .. خاصة من كان يعيش منهم بعيدا فى نفس الدولة أو فى بلاد بعيدة .. وعلى الأخص أن ذلك التواصل يحدث بطريقة مجانية أو تكاد .. يعنى – كما قالت إحدى السيدات التى تعيش إبنتها فى إحدى دول المهجر – أن الفيسبوك " يُقرب البعيد " . - وإذا كان الزملاء والأصدقاء يعرفون مواقع أصدقائهم على الفيسبوك فإنه يوفر فرصة لا مثيل لها فى البحث عمن نكون قد صادفناهم فى حياتنا ثم فرقتنا الأيام وظروف الحياة .. وهذا كثيرا مايحدث كل يوم والمرء يجلس فى مكانه وما عليه سوى أن يستخدم محرك البحث . - توفر فرصة لتبادل الآراء والتشاور مع الأصدقاء فيما قد يكون بينهم من موضوعات مشتركة .. ونفس الأمر ينطبق على زملاء العمل .. أو مع الرؤساء لسرعة تبادل الملاحظات عوضا عن الإنتظار حتى تتم المقابلة فى وقت لاحق .. مع ملاحظة أن تلك الطرق التشاورية عبر الفيسبوك تفوق كذلك الإتصالات الهاتفية حيث يمكن هنا تبادل الصور أو الرسومات التوضيحية . - يكون المرء دائما على علم بكل المناسبات الإجتماعية ولعل أشهرها أعياد الميلاد .. وهنا يتمكن صاحب الحساب من معرفة تواريخ هذه الأعياد بدقة ودون مجهود أو أخطاء .. ومن ثم تهنئة أصدقائه بإرسال بطاقة تهنئة "كارت " .. تحمل ما فى نفسه من مشاعر جميلة .. وأيضا يمكن إرسال " تورتة " .. مجانية كذلك .. وهكذا الأمر فى الإحتفال ببلوغ أحد الأطفال سبعة أيام بعد مولده " السبوع " .. وهو إحتفال شائع فى عدد من البلاد العربية من بينها مصر ودول الخليج جميعها .. والأمر ينسحب على كل المناسبات العائلية والإجتماعية .. ترى ماذا سيكون عليه الأمر لو إعتمدنا على المفكرة اليدوية كما إعتدنا أن نفعل فى الماضى ونسينا أو أغفلنا إحدى هذه المناسبات لمن نحب .. ولك عزيزى القارئ أن تتخيل نفسك وقد أحضرت مفكرتك هذه كل صباح لتجامل الأهل والأصدقاء . - هناك نقطة أخرى وهى توفير فرصة جيدة للتنفيس عن النفس بنشر الخواطر والأفكار وما يشعر به المرء .. ولكن ليس بمثل تلك الطريقة التى تحدثنا عنها فى مقالنا السابقٍ والتى تفسح المجال لمختلف التعليقات التى قد تعجب أو لا تعجب صاحب الحساب إلى آخر هذه الأشياء الساذجة التى قد لا تعجب حتى المدافعين عن الفيسبوك .. ولكن ما أقصده هنا هو تلك المشاعر السامية التى قد يعبر فيها شخص عن إمتنانه لمعروف أسداه أحدهم إليه .. أو قام شخص بشئ يستحق عليه الشكر والتقدير .. وهنا يجب أن نفرق بين تقديم الشكر والإمتنان وبين النفاق الذى من الممكن أن يكون فى مثل هذه المواقف . - أما أهم نقطة على الإطلاق فهى إتاحة الفرصة أمام الإبداعات مثل الشعر والقصة القصيرة والأقصوصة أصبح لها نصيب لا يستهان به فى التواصل مع الجمهور عوضا عن الركض وراء دور النشر والتى من المعروف أنها أصبحت مؤخرا تجبر المؤلف على أن يتحمل تكاليف النشر الباهظة .. وفى هذا السياق نفسه حتى لو توفرت فرصة نشر الكتب الإبداعية فلم يعد لها أية جدوى مادية تُذكر .. يعنى أن الفيسبوك بالنسبة للمبدع وسيلة مباشرة وفورية للتواصل مع القراء .. بل والتواجد الدائم معه . وفى نفس السياق فإن هذه النقاط المختلفة التى جاءت فى مقالنا هذا قد تكون فى منتهى الخطورة عند الإستخدام الخاطئ كما ذكرنا آنفا فى مقالنا السابق عند كتابة الحالات الشخصية والمشاعر والعواطف والإنفعالات .. وحتى الأحداث والمشاكل العائلية . ونخلص من ذلك أن الفيسبوك شأنه شأن أى شئ آخر دخل حياتنا له العديد من الفوائد إذا ما أحسنا إستخدامه .. يقابل ذلك الكثير من المساوئ والمضار حال إساءة إستخدامه .. والأهم من كل ما ذكرناه – فى تقديرى – أن العلاج ممكن وأننا قادرون إذا أردنا أن نتخلص من آثار تلك المشكلات بالإستخدام الصحيح حتى لا نجد تلك الأجهزة التى دخلت حياتنا وقد سرقت أعمارنا .. ونحول الأمر إلى عوامل ثقة وبناء . نقطة أخيرة وأعتقد أنها غاية فى الأهمية أيضا وهى أننى أجد لزاما على أن أنبه كل مستخدمى الفيسبوك – برغم أننى لا أحب أن ألعب دور الناصح – إلى عدم الإفراط فى إستخدامه حيث وصل الأمر بالبعض وخاصة الشباب إلى درجة الإدمان .. ويأتى ذلك كما أسلفنا إلى سهولة الوصول إليه بعد أن أصبح على أجهزة الهاتف والتى باتت بدورها فى يد كل شخص .. كما أننى أذكر هؤلاء ونفسى بأن إدمان أى شئ غير محمود العواقب حتى ولو كان إدمانا للأشياء الجيدة .. وأن أى شئ يزيد عن حده لابد وأن ينقلب إلى ضده .. وهو مثل موجود فى كل لغات العالم . وإلى لقاء جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د.مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
522
| 04 مارس 2015
الفيسبوك فى السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضى وحتى الآن حدثت تطورات هائلة فى أجهزة الكمبيوتر وبالتالى فى أجهزة الهاتف الذكية smart phones .. وهذه بدورها أصبحت إلى جانب إستخدامها الأصلى كهواتف تحتوى داخلها على إضافات تمكنها من القيام بكل وظائف أجهزة الكمبيوتر .. بداية من إستقبال وإرسال رسائل البريد الإليكترونى وحتى آخر الوظائف التى يستطيع الكمبيوتر القيام بها . كانت هذه مقدمة لابد منها للدخول فيما نحن بصدد الكتابة عنه .. وهو الفيسبوك .. حيث يعتقد الكثير من الناس أن مواقع التواصل الإجتماعى والتى انتشرت بدورها فى السنوات الأخيرة إنتشار النار فى الهشيم – وأشهرها الفيسبوك بطبيعة الحال – هى غير ذى جدوى ولا طائل من ورائها .. وبالتالى فهى مضيعة للوقت والجهد . ولعل من يؤيدون هذا الرأى يستندون إلى الحقائق التالية : - أجهزة الكمبيوتر العادية والصغيرة والتابلت tablets وغيرها أصبح موجودا منها فى كل البيوت أكثر من جهاز .. حتى فى أسر الطبقات الفقيرة والمتوسطة . - لم يعد هناك إنسان بالغ فى أى دولة ليس لديه على الأقل هاتف نقال واحد .. وهذا ينطبق على كل الشباب والصبية ومعظم الأطفال تقريبا .. وما يجب علينا أن نعلمه هو أن أكثر من نصف هذه الأجهزة هواتف ذكية . - أصبح معظم الناس – إن لم يكن جميعهم – منشغلين بهذه الأجهزة لأوقات طويلة من الليل أو النهار .. فى التصفح والكتابة وخلافه لدرجة أن بعض علماء الإجتماع حذروا فى دراسة لهم نُشرت مؤخرا أكثر من جريدة علمية أوروبية أن هذه الأجهزة أصبحت تهدد الكيانات الأسرية بالتفسخ .. أرجو مراجعة مقالنا " مرضى التوحد الإليكترونى " . - هذا طبعا غير الرأى السائد فى أن كل ما يُنشر فى هذه الصفحات يكون فى غاية التفاهة ولا يستحق ربع الوقت الذى يمنحه الناس لمجرد الإطلاع عليه فقط . وهناك بعض المعارضين للفيسبوك أساسا لأنه يتسبب فى عدة أنواع من المشاكل أهمها : أولا : مشكلات سياسية .. عندما يُستغل فى التحريض على تنظيم المظاهرات أو حتى المسيرات التى قد لا يكون معظمها فى مصلحة الوطن .. ومن ناحية أخرى قد يُستخدم الفيسبوك فى تكوين روابط وجماعات بين أناس غير منتمين لفكر بعينه ولا يوجد بينهم أى نوع من التناغم .. ويربط بينهم فقط ما يبثه أصحاب هذه المواقع من أفكار .. وخير دليل على ذلك روابط الألتراس فى الأندية الرياضية . ثانيا : مشكلات إجتماعية .. وهذه تتمثل فى قبول صداقات قد لا يكون صاحب طلبها ينتحل شخصية غير شخصيته .. أو ينتحل إسما غير حقيقى .. أو يقدم نفسه على غير حقيقة الجنس الذى ينتمى إليه .. ومن البديهى أن كل تلك المقدمات الخاطئة سوف تؤدى إلى العديد من المشاكل الإجتماعية والأسرية والتى قد تصل إلى إنهيار الكثير من الأسر . ثالثا : مشكلات نفسية .. حيث إعتاد الكثير من أصحاب المواقع عرض حالاتهم الشخصية والنفسية ومشاعرهم وعواطفهم وإنفعالاتهم .. وكذلك نشر أخبار المرضى سواء كان صاحب الموقع نفسة أو من يمت له بصلة وطلب الدعاء له .. مما قد يقُال عنه أن ذلك محاولة رخيصة لإستدرار العطف .. وقد يصل الأمر إلى عرض وكتابة بعض الأحداث والمشاكل العائلية .. وهذا كله يمكن أن يكون فى أبسط الحالات عرض مكنونات الأنفس على من لا نعرف وقد يتم استغلاله من بعض أصحاب النفوس الضعيفة باللعب بمشاعر من باتوا يعرفون دخيلة أنفسهم . وفى نفس السياق قد يلجأ بعض الناس – وفى الغالب من الفتيات فى سن المراهقة – إلى الإستعراض ونشر صورهم الشخصية تحت مسمى تغيير البروفايل .. أو مع بعض الأصدقاء مما يصُنف أيضا أنها محاولة لتلقى عبارات الإستحسان التى يفتقرون إليها وقد ترضى غرورهم . كان ذلك إستعراضا موجزا لآراء المعارضين للفيسبوك .. وقد كنت أتمنى أن أنتهى من هذا الموضوع بالكتابة عن رأى من يؤيدون إستخدامه والدخول عليه ولكننى وجدت أننى سأشق على القراء الأعزاء .. ولهذا آثرت أن يكون ذلك هو موضوع مقالنا القادم .. فإلى اللقاء بحول الله . بقلم : د.مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
382
| 27 فبراير 2015
قاطـــرة التعليم لا يمكن لأى دولة أن تصبح أفضل ما لم يكن لدى مواطنيها طرق جديدة للتفكير العلمى المواكب للعصر الحديث الذى نعيش فيه الآن بكل ما فيه من تقنية ومخترعات لا يكاد يتابعها الإنسان العادى إلا بشق الأنفس .. وتقول الحكمة الشائعة – فى كل لغات العالم وحضاراته – أعطنى نظام تعليم جيد أعطيك شعبا متقدما يستطيع أن يواكب العصر .. وكل ما حولنا من شواهد يؤكد أنه لن تستطيع أى دولة أن تتقدم وتتطور لتساير العصر الذى نعيش فيه ما لم يكن لديها طرق تفكير ترتكز على نظام متطور للتعليم . كانت هذه مقدمة لابد منها – أعتذر عن طولها – لنوضح مدى قيمة هذا الأمر الغاية فى الأهمية .. وكما هو معروف للكافة أن المناهج التعليمية فى بلادنا العربية تعتمد على الحفظ والتلقين .. بمعنى أن الأمر برمته يعتمد على قوة الذاكرة ولا شئ غير ذلك .. وما على التلميذ فى أى مرحلة من مراحل دراسته إلا أن يحفظ ما تم حشوه فى رأسه .. وإسترجاع هذه المعلومات فى الورقة الإمتحانية هو الذى يحدد نجاحه ومستوى الدرجات التى يحصل عليها .. وهذا يعنى أن الطالب لا يتم تدريبه على " كيف يفكر " ولا حتى فى " أى شئ يفكر " أو على الأقل " ما يستحق وما لا يستحق أن يفكر فيه " . ليس هذا سوى عامل واحد من عوامل متعددة منها من يقومون بالتدريس فى بلادنا .. وما يحصلون عليه من درجات علمية تؤهلهم للعمل فى هذا المجال الأكثر أهمية وحيوية فى حياتنا على الإطلاق .. وأصبحت كليات التربية تقبل الطلاب الذين يحصلون على أقل الدرجات فى الثانوية العامة .. وحتى ما يُدرس فيها من مناهج هى الأخرى قائم على الحفظ والتلقين .. والتدريبات العملية على التدريس تكون فى أضيق نطاق . وهناك أيضا – من ضمن ما نحتاجه فى بلادنا – التعليم بهدف – بمعنى تأهيل الخريجين لسوق العمل وهو ما لا يحدث عندنا حتى فى الطلاب الذين لا يكملون تعليمهم الجامعى ويتجهون لإمتهان بعض الأعمال الحرفية وهذه الأعمال تضطلع بها المصانع حيث تقوم المصانع فى معظم البلاد الصناعية المتقدمة بإلحاق الطلاب بمدارس فيها وتتكفل بهم من كافة النواحى وعلى رأسها التدريب العملى .. وفى نهاية المطاف يتم تشغليهم فيها .. وبذلك تضمن هذه المصانع عمالة ماهرة مؤهلة للعمل ويضمن الطلاب فرص عمل بعد تخرجهم .. ومن البديهى أن هذه المصانع تضع مناهج خاصة بواسطة خبراء متخصصين فى هذا الصدد .. وأن من يقوم على تطبيق هذه المناهج أشخاص على درجة عالية من الكفاءة لنجاح وتحقيق هذه الأهداف المرجوة . إذن فإن عصب العملية التعليمية هو المنهج .. ومن يقوم على تطبيقه .. بالإضافة إلى البيئة التعليمية .. بمعنى آخر .. المعلم .. وهنا نقف طويلا أمام عدة نقطات فى غاية الأهمية . - الأولى هى دخل المعلم الذى يجب أن يكفل له حياة كريمة وأن يظهر بالمظهر اللائق بمن كاد أن يكون رسولا .. وألا يضطر .. وأكرر .. يضطر لإعطاء دروس خصوصية أو للقيام بعمل إضافى يستنزف جهده ووقته ويشغله عن عمله الأصلى فى المدرسة صباحا . - والثانية هى مكانة المعلم الإجتماعية وما تفرضه مهمته السامية من إحترام من كافة الأطراف وفى مقدمتها الطلاب وأولياء أمورهم والهيئات الإدارية المختلفة .. ولتوافر هذه المكانة لابد من حد معين من الثقافة العامة بالإضافة إلى ما يُسمى ثقافة المهنة . - أما ثالث هذه النقاط فهى المدرسة نفسها .. المدرسة المبنى والمعنى .. أى المبنى المدرسى ومدى ملاءمته لإحتياجات التلاميذ التعليمية .. فضلا عن الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والتى تبنى الشخصية والعقل والجسد . - ولا نغفل فى نفس السياق التجهيزات المدرسية من معامل علوم وكمبيوتر ومكتبات ومسرح وإذاعة وخلاف ذلك . وفى هذا الصدد فإنه لا يمكننا إغفال الدور السلبى للأعمال الدرامية السينمائية والتليفزيونية التى تظهر المعلم فى صورة أقل ما يمكن أن توصف بها أنها لا تليق بمن كاد أن يكون رسولا كما أسلفنا .. وهذه الصورة يجب أن تتغير وأن يتم تناول الأمر بشكل مختلف .. ويكفى أن أقول أننا فى الماضى كنا نخلط بين الأب والمدرس وقد ننادى أحدهما بلقب الآخر . وفى النهاية فإننا نُذَكِر بأن كل الدول التى دُمرت وإنهارت تماما أو كادت تقريبا فى ظروف الحروب - وفى مقدمتها اليابان كأفضل مثال - تقدمت ونافست على القمة حتى إحتلتها عن جدارة.. بل وأصبحت منتجة للعلم والمعرفة والتكنولوجيا ومحل ثقة المجتمع العالمى بفضل تبنى نظام تعليم متميز قائم على استخدام ما وهب الله العقل البشرى من إمكانيات . وإلى موضوع جديد ومقالنا القادم بحول الله . بقلم : د.مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
451
| 19 فبراير 2015
كثيرا ما يلجأ بعض كُتاب المقالات إلى كتابة عناوين غريبة ومثيرة للجدل بغية جذب نظر القراء لما سيكتبونه فى مقالاتهم .. وأنا لست من هؤلاء .. لأننى أظن – وليس كل الظن إثم – أن من يلجأ لمثل هذه الحيل يكون ما يكتبه غير ذى قيمة .. العنوان هنا يُعطى إنطباعا أننا سنقرأ شيئا عن الأغنية الشهيرة التى تحمل ذات الإسم أو أننا سنقرأ على الأقل شيئا عن الأطفال .. والرأى الثانى هو الأصح .. لأننى سأكتب هنا عن " شخبطة الأطفال " .. وهو ما قد يراه البعض شيئا تافها .. لا يستحق الكتابة عنه . ولهؤلاء أقول .. مهلا أيها الأعزاء .. فإن الطفل عندما يمسك قلما و" يشخبط " على ورق – سواء وجده أمامه أو بحث عنه حتى أحضره لا فرق – فإن ما يفعله الطفل هنا شيئ ذو دلالات نفسية يجب التوقف عندها .. كيف ؟ نحن فى عالم الكبار .. نستطيع أن نعبر عما يدور فى أذهاننا .. أو حتى ما يجيش فى صدورنا .. وكذلك مشاعرنا وإنفعالاتنا .. بأكثر من طريقة لفظية صريحة أو حركية مباشرة .. كما يمكن تحويل هذه المشاعر والإنفعالات من شكل إلى آخر بطريقة لاشعورية .. وهذا معروف لنا جميعا بطبيعة الحال .. فماذا عن الأطفال ؟ من المعروف علميا أن قدرات الطفل العقلية والمعرفية لا تكون قد نمت بشكل كاف فى السن من الثالثة وحتى الخامسة من عمره بما يمكنه من التعبير عن هذه المشاعر التى لا تستطيع حصيلته اللغوية أو قدرته على الكلام أن تفصح عنها .. فماذا يفعل الطفل الذى لم يعد رضيعا ليعبر بالصراخ والبكاء عما يريد كما كان يفعل فى الماضى ؟ .. وإذا أضفنا إلى ذلك القيود الإجتماعية المفروضة عليه من الكبار .. والتى تمنعه من التعبير الصريح عنها .. فسنجد أمامنا – وهذه حقيقة علمية مؤكدة – أن تفريغ هذه المشاعر والأحاسيس على الورق أحد أهم هذه الوسائل التى قد تتمثل فى الرسم والتلوين .. أو الشخبطة .. نعم .. الشخبطة العفوية .. البسيطة والتلقائية .. والتى تعبر فى معظم الأحيان عن مشاعرالأطفال الحقيقية . ويؤكد الكثير من علماء النفس والتربية فى العصر الحديث ومنهم الراحل الكبير " صلاح مخيمر " أن رسومات الأطفال .. وبالتالى " شخبطتهم " على بساطتها وتلقائيتها من أفضل الوسائل لفهم سيكولوجية الأطفال .. بل إن الأطفال يمكنهم عن طريقها التغلب على العوائق التى تحد من قدراتهم على التعبير .. ومنها يمكن أن نستشف أحلامهم وأمنياتهم وميولهم وإتجاهاتهم ومدى إهتمامهم بموضوعات معينة .. وبالتالى يمكن أن نتعرف على طرق تفكيرهم فى مستقبلهم .. يعنى فى قول آخر .. أنها نوع من أنواع الأداء النفسى فى المجال المعرفى .. أو العقلى . وإذا كان ما سبق ممكنا مع الأطفال الأسوياء فإنه من الممكن أيضا أن نستفيد منه فى الإقتراب من ذوى الإحتياجات الخاصة وعلى الأخص من لديهم مشكلات لغوية وفهم حاجاتهم . وغنى عن القول أن هذا الذى يريده الكبار من تحليلات لشخصيات الأطفال لا يحتاج إلى أن يكون الطفل ماهرا فى الرسم والتلوين .. أو أن تكون " شخبطته " ذات معنى .. ولكن المهم أن نتركه يعبر عن نفسه بهذه الطرق العفوية والعشوائية . وأخيرا يا عزيزتى القارئة .. ويا عزيزى القارئ .. فليفعل الطفل ما يشاء من رسم أو تلوين أو " شخبطة " .. وذلك من أجل مصلحته وراحته النفسية .. ولمزيد من فهمنا له . إذا لم تكن مقتنعا بذلك .. أرجوك .. إعادة قراءة المقال من البداية . وإلى لقاء جديد ومقال قادم بحول الله.
1876
| 12 فبراير 2015
لا جدال فى أن إنتشار القنوات الفضائية بشكل كبير فى السنوات الأخيرة قد ساهم فى زيادة الوعى لدى الكثير من الناس .. خاصة فى الناحية السياسية حيث أن كل الناس – بما فى ذلك البسطاء منهم والأطفال – يتابعون ما يبث على شاشات التلفزيون بشكل يومى ومستمر .. ومعظم الناس تمتلك أكثر من جهاز تليفزيون فى المنزل .. وكل الناس يتناولون طعامهم ويتحدثون ويتسامرون وجهاز التليفزيون مفتوح .. سواء كانوا يتابعون ما يبث على الشاشة أم منصرفون عنه . ولا شك أن جميعنا يعرف أن الإعلانات هى الممول الرئيسى والوحيد تقريبا لكل القنوات الفضائية .. ولهذا فقد أصبح المُعلن هو صاحب الكلمة العليا فى القنوات الفضائية .. وبات الجميع يتسابقون للفوز برضائه حتى لا ينصرف عنهم إلى قنوات أخرى منافسة .. أو حتى غير منافسة .. ومن هنا أصبح أصحاب الشركات المعلنة يشترطون أن تبث إعلاناتهم قبيل وأثناء برامج بعينها .. هذا عامل أساسى وهام . أما العامل الآخر – والذى لا يخفى على فطنة القارئ – أن هناك من الأجهزة الحديثة المرتبطة بالأقمار الصناعية تستطيع أن تحدد – وبكل دقة – عدد الإشارات الصادرة من أجهزة التلفزيون .. وبالتالى عدد المشاهدين التقريبى لكل قناة .. ولكل برنامج أيضا . وأصبح أصحاب القنوات والقائمون عليها يتسابقون للفوز بالمعلن كما أسلفنا .. فماذا حدث ؟ أو بالأحرى .. ماذا يحدث الآن ؟ تحولت معظم القنوات – من خلال برامجها – لطرح قضايا جدلية ومثيرة مثل السحر او الإلحاد أو المبالغة فى بث صور تثير اللبس والإرتباك ومنها مناظر منفرة مثل العرى والإبتذال والخبائث .. أو المبالغة فى عرض صور الدماء والخراب الذى بات جزءا من حياتنا اليومية .. ومع شديد الأسف تلقى مثل هذه الأمور نسبة عالية من المشاهدة .. هذا فضلا عن استضافة بعض الشخصيات التى تتناقش بصوت عال يصل إلى حد الشجار وتبادل كلمات الإتهام بشكل علنى .. حتى يصل الأمر إلى ذروته ويقوم أحد هؤلاء الضيوف بخلع " المايك " والإنسحاب من البرنامج علانية وهو يتفوه بكلمات تثير الجدل والإلتباس لدى المشاهد .. بينما الضيف الآخر الذى كان يتشاجر معه والذى بقى فى الأستوديو يتفوه بكلمات مماثلة هو أيضا . ولو أن الأمر توقف عند هذه النوعية من البرامج السطحية لقلنا أن كل فرد حر فيما يشاهد ويستطيع أن يتحول عن هذه القناة أو تلك متى أراد ذلك .. لكن المشكلة فى هذا الإلحاح الذى يحاصر المشاهدين فى كل الأوقات فلا يجدون مفرا من الإستسلام بعد إدمان مشاهدة التليفزيون كما أسلفنا . والأدهى من ذلك تلك القنوات التى تستعين ببعض نجوم الغناء أو التمثيل لتقديم برامج .. ولا شئ جديد فى الأمر سوى أن مقدم البرنامج هو فلان أو هى فلانه .. ولعل هذا ما شجع بعض نجوم الرياضة السابقين أو الحاليين فى الدخول إلى ذلك المضمار . أما برامج المسابقات فحدث عنها ولا حرج .. فهى تلعب على وتر كسب النقود .. أو الشهرة .. ليصبح الفائز من النجوم هو الآخر .. هذا مع الأخذ فى الإعتبار ذلك التحالف المريب والمشبوه بين تلك الفضائيات وشركات التليفونات التى تدور حولها العديد من علامات الإستفهام فى كيفية إستغلال العملاء .. بل وخداعهم ومص دمائهم بكافة السبل . ومع أن ما يطرح من قضايا وما يقدم من برامج ليس بجديد .. فإننا نتساءل .. لماذا الطرح الآن .. وبهذه القوة .. وبهذا الشكل المتواصل الذى لا يمنح المشاهد فرصة للتفكير أو إلتقاط الأنفاس أو حتى الراحة حتى جعل بعض أصحاب الرأى يظنون أن ما يحدث جزءا من مؤامرة تحاك ضد شعوبنا العربية . وأرجو ألا يفهم من كلامى هذا أننى مع نظرية المؤامرة .. أو أننى ضد المحطات الفضائية هذه .. ولكننى أقول وبصوت عال .. وبمنتهى القوة .. أن الكلمة رسالة سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مشاهدة .. وهى رسالة لا تقل عما حمله إلينا أساتذتنا ومفكرونا القدامى .. ولا أكون مبالغا إذا قلت مثل الرسائل التى حملها لنا الأنبياء والرسل . نحن مع التشويق والجذب ولكننا ضد المبالغة وإثارة الموضوعات والقضايا التى تتسبب فى الإرتباك والإلتباس .. كما أننا ضد خداع المشاهد مهما كان الثمن .. وضد إنهيار قيم وأخلاقيات المجتمعات التى أصبحت سمعتها على المحك .. كما أننا ضد الإنزلاق فى الإبتذال والسوقية والفضائح . وإلى لقاء جديد فى مقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
343
| 05 فبراير 2015
لا شك فى أن المسرح قادر على تسجيل التاريخ كأفضل ما يكون المؤرخ .. والمقصود بالمسرح هنا النص المسرحى المكتوب كما فى مسرحيات الكاتب الإنجليزى العبقرى ويليام شكسبير كأفضل مثال .. أو أن يحول النص إلى مسرحية يؤديها الممثلون على خشبة المسرح ويشاهدها الجمهور .. ويتأثر بها .. ويستمد منها بعض المعلومات والوقائع .. أهمها ما كان مُستقى من التاريخ بطبيعة الحال . أقول هذا بمناسبة ما شاهدته على أحد مسارح الدولة فى مصر وهو مسرح " الهناجر " بالقاهرة فى أول عرض له تحت قيادة مديرته الجديدة د.أمانى يوسف التى عادت إلى مصر مؤخرا بعد عدة سنوات من الدراسة والتدريب فى الولايات المتحدة الأمريكية . المسرحية تحمل عنوان " تحيا مصر " .. وهو ما ظنه الجمهور الكبير الذى حضر العرض – وأنا منهم – عنوانا لمسرحية وطنية تحت الشعار المحبب للشعب المصرى فى الآونة الأخيرة .. ولكن إتضح لنا – نحن الجمهور- بعد ذلك أن هذا العنوان محاولة من القائمين على المسرح لجذب المشاهدين .. إلا أن مجريات الأحداث جاءت على نحو مختلف عن هذا العنوان على نحو ما سنرى لاحقا. المسرحية من تأليف الكاتب المبدع الراحل د.محسن مصيلحى وهو أحد شهداء المسرح المصرى فى حادثة حريق قصر ثقافة بنى سويف الشهيرة .. وكأنما المؤلف يصر على التواجد فى المسرح حيا أو ميتا .. وهو ما يدخل فى باب التكريم لأحد عشاق المسرح من أمثاله . تدور أحداث المسرحية فى فترة صراعات بين الحب والكراهية والإدعاءات الكاذبة .. وهى فترة إنتقال الحكم فى الخلافة الإسلامية من المماليك إلى العثمانيين والتى إتسمت بالمكائد والدموية والخيانة ممن لا يعملون لصالح الوطن أو الشعب كما أوضحنا.. وجاءت فى مجموعة من الوقائع تتشابه مع الواقع الراهن إلى حد كبير .. يكفى أن نضرب لذلك مثالا واحدا وهو عندما يُسخِّر رجل الدين المزيف أدواته ليحصل على مكاسب شخصية .. وكان ذلك فى مزيج متجانس بين الماضى والحاضر .. حاضر مصر وما شهدته من أحداث فى الأعوام الأخيرة فى رسالة واضحة بأن الولاء للوطن وليس الحاكم .. وحتى لو تغير الحاكم فيبقى إنتماء المواطن للوطن الأم .. ويقدم لنا المؤلف الرؤية الصحيحة وهى ألا يتغير مضمون هذا الولاء والإنتماء أو يتأثر بأى تغييرات تطرأ على الحكم . أما من الناحية الفنية فيمكننا أن نشير إلى الآتى : - الديكور جذاب .. جاء فى أربع قطع كانت كافية للوفاء بمتطلبات العمل . - الأزياء للدكتور محمود سامى الذى نجح فى أن يجعلنا نشعر بالفعل أننا ننتقل بين الماضى والحاضر . - الإستعراضات لمايكل فايق وهى جيدة برغم بساطتها حيث أوفت بالغرض منها بالرغم من تسارع الأحداث .. وكانت الموسيقى متوافقة مع المشاهد المختلفة .. والأشعار للدكتور مصطفى سليم كانت معبرة .. وكذلك الألحان لهشام طه كانت على المستوى المطلوب . أما عن الممثلين فإن المسرحية من بطولة مجموعة من الممثلين ممن فى طريقهم إلى الشهرة ومنهم أحمد ثابت فى دور المملوك طومان باى المحب للوطن والرافض للإستسلام أو الحصول على مكاسب من العثمانيين على حساب أهله من البسطاء .. وكانت جيهان سلامة موفقة فى دور فاطمة المشخصاتية التى ترمز إلى الوطن الأم والذى يحبه الجميع بطبيعة الحال .. بينما كان محمد نشأت فى دور الرجل البسيط توفيق والذى يتحول إلى وحش كاسر عندما تتعرض فاطمة للخطر .. ولا يخفى على فطنة القارئ أنه بذلك يرمز بدوره إلى الشعب المصرى .. والجدير بالذكر أن مخرج المسرحية عاصم نجاتى أثبت نفسه كممثل أيضا . وفى النهاية فإنه يمكننا أن نقول بإطمئنان أن العرض المسرحى " تحيا مصر " من العروض الجيدة التى وضعت الممثلين فى الصورة المناسبة وجعلت منهم خير شاهد على الأحداث .. ويجعل المتلقى يخرج من العرض سعيدا .. مستفيدا من التاريخ ومن أخطاء الماضى . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله . بقلم : د .مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
504
| 29 يناير 2015
المقصود بمرضى التوحد الإلكتروني هؤلاء الجالسون أمام أجهزة الكمبيوتر و"السمارت فون" طوال الوقت لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي من لحظة استيقاظهم متأخرا عند الظهيرة أو بعدها وحتى نومهم الذي غالبا ما يكون في ساعة متأخرة من الليل أو في ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي. وبداية أرجو ألا يُفهم من كلامي أنني ضد مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وغيرها.. بل على العكس فإنني من أكبر مشجعيها.. وأستخدمها للتواصل مع أفراد عائلتي الذين يقيمون بعيدا عنا.. وكذلك الأصدقاء في شتى بقاع الأرض.. ويكفى أن المرء يمكنه التواصل مع من يريد في أقل من ثانية.. أو بضغطة الإصبع كما يقولون.. ولكنني ضد الإسراف في استخدامها.. ليس هذا فحسب.. ولكنني ضد الاقتصار عليها و "التوحد" مع أنفسهم داخلها.. بمعنى آخر أن تقتصر الحياة على هذه المواقع وتكون المصدر الأساسي للمعرفة.. لدرجة إهمال القراءة تماما بما في ذلك قراءة الصحف اليومية وعدم مشاهدة حتى نشرات الأخبار في التلفاز.. وأنا أتساءل.. أي فائدة ترجى من مثل هؤلاء لوطنهم.. أو أسرهم.. أو حتى لأنفسهم وهم داخل تلك الشرنقة التي وضعوا أنفسهم بداخلها. ومما يزيد الأمر سوءا أن مرضى التوحد الإلكتروني هؤلاء يكون معظمهم من الشباب والذي من المفترض – وهذه حقيقة لا يختلف عليها إثنان من العقلاء – أنهم هم العصب الأساسي للطاقة المنتجة لأوطانهم وأسرهم وأنفسهم كما أسلفنا. كان بعض الشباب في الماضي يرتاد المقاهي كي يحتسى المشروبات ويلعب النرد ويتحدث فيما يخصهم من مشاكل.. وبرغم أن ذلك كان يتم لفترات قصيرة ومحدودة وفى فترات الإجازات فقط فإن ذلك كان موضع إنتقاد من مجتمعهم وذويهم.. فما بالنا وبعض شباب اليوم من مرضى التوحد الإلكترونى ليس لديهم شاغل سوى متابعة الشائعات والنكات السخيفة و "تشييرها" لأصدقائهم الذين سوف يظهرون إعجابهم بوضع علامة "لايك" أو كتابة "كومنت" يتناسب مع هذه السخافات. وفى المقابل لدينا شباب واع حريص على أن يكون مثقفا بالقراءة والإطلاع والنهل من شتى مناحى المعرفة لدرجة أن أحدهم من طلاب جامعة القاهرة – وهذا على سبيل المثال لا الحصر – قد أخترع طائرة بدون طيار.. وآخر قام بتصميم سيارة تعمل بالكهرباء. حتى من الناحية الصحية.. هناك فرق شاسع بين شاب يستيقظ مبكرا ويزاول الرياضة ولو لفترة بسيطة مثل الجري أو ركوب الدراجات أو المشي.. أو مجرد ممارسة التمرينات السويدية داخل المنازل.. ثم ينصرف بعدها لعمله أو دراسته وبين هذا الذي يستيقظ متأخرا جدا لينظر وهو لا يزال في فراشه تحت الأغطية في هاتفه "السمارت" ليرى ما وصله من رسائل.. وما استجد من سخافات. وقد يقول قائل أنني أكتب هذا لأنني تجاوزت مرحلة الشباب بكثير وأنني لست ممن يعرفون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.. وأهمها التعامل مع الكمبيوتر بطبيعة الحال.. ولهؤلاء أقول أنني لم أتوقف عند حد معين بدليل أنني أعمل حاليا رئيسا لتحرير مجلة إليكترونية تعتمد فى المقام الأول على استخدام الكمبيوتر والبريد الإلكترونى ورسائل الفيسبوك.. ولم أقتصر أو " أتوحد " مع الأوراق والأقلام والصحف والمجلات الورقية. ونخلص من ذلك أن الإنسان وحده هو القادر على تحديد طريقة استخدامه للتكنولوجيا الحديثة بشكل عام.. ووسائل التواصل الإجتماعى بشكل خاص.. وأن يستفيد من حسناتها.. ويتخلى عما ينتج عنها من سوءات. وأستأذن القارئ الكريم حتى أرسل مقالي هذا عن طريق الإنترنت بدلا من أن أذهب بنفسي في عدة ساعات لتسليمه أو أن أرسله بالبريد ليصل بعد عدة أيام. وإلى لقاء قادم وموضوع جديد بحول الله.
456
| 22 يناير 2015
يوم الخامس عشر من يناير له ذكرى طيبة فى نفوس الكثير من البشر .. والحقيقة أن هذا اليوم لمن كان فى مثل عمرى – ما يزيد عن الستين عاما – ليس يوما عاديا بأى حال من الأحوال .. والسبب فى ذلك أن هذا اليوم يصادف يوم مولد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر . وجمال عبد الناصر ليس مجرد رئيس كان يحكم أكبر الدول العربية لعدد من السنوات وله ما له من نجاحات وإنجازات .. وعليه ما عليه من إخفاقات .. فهو فى النهاية بشر .. ولكنه بالقطع ليس ككل الناس . وأنا أعرف منذ فكرت فى كتابة مقالى هذا أننى قد لا أستطيع أن أضيف شيئا جديدا لما كتبه آلاف الكُتاب عن هذا الرجل .. بطل الفالوجا فى حرب فلسطين .. ومؤسس جماعة الضباط الأحرار .. وقائد ثورة الثالث والعشرين من يوليو التى أطاحت بالملكية فى مصر .. ووضعت حدا للحكم الملكى للعائلة العلوية والذى كان قد وصل إلى حد غير مسبوق من الفساد .. وفوق كل هذا فهو بطل العروبة .. وباعث القومية العربية .. وهو من جعل الإنسان العربى فى وطنه وفى كل مكان فى الدنيا يرفع رأسه عاليا فى شموخ وكبرياء بعد أن تجلت أمام عينيه معنى المواطنة الحقة .. وهذا طبعا ليس كل شئ عن هذا الزعيم الذى استحوذ على حب الملايين فى جميع أنحاء العالم .. ولكننى سأحاول أن أكتب عن ذكريات جيلنا .. وذكرياتى الشخصية . أول هذه الذكريات الجميلة حقا هو أننا كنا فى مدارسنا نحتفل فى هذا اليوم ب " عيد الطفولة " .. وكنا ننتظر هذه الإحتفالات بفارغ الصبر .. ليس فقط من أجل ما يتخلل هذه الإحتفالات من أغنيات وموسيقى ورقصات جماعية .. ولكن لأن هذا الإحتفال كان خاصا بالأطفال .. فقد كان كل من فى المدرسة يتعامل معنا بشكل يختلف عن باقى أيام العام .. ويقدمون لنا الحلوى .. ويحكون لنا أجمل الحكايات .. والتى غالبا ما يكون أبطالها من الأطفال فى مثل أعمارنا .. وهذا شئ فى غاية الإثارة لمن يعرف نفسية الأطفال . حتى فى المنزل .. كان والدى - رحمة الله عليه - يلبى كل طلباتنا فى هذا اليوم لأنه يوم الطفولة .. وكانت أختى الكبيرة - أطال الله عمرها - تقص علينا حكايات أروع من تلك التى استمعنا إليها فى المدرسة فى الصباح . الأمر ليس بهذه البساطة كما يبدو .. ولكن أن نسمع عن حقوق الطفل وما له من حقوق لدى الدولة والمجتمع كان يرقق قلوبنا نحو أطفال فى مثل أعمارنا لا يجدون المأوى المناسب .. أو المأكل والملبس الذى يليق بالأطفال .. بل كان الأمر يفوق ذلك بدعوة بعضنا للتبرع بما يفيض علينا لهؤلاء الأطفال . وأتذكر واقعة شخصية حدثت لى فى مثل هذا اليوم عندما زار الرئيس عبد الناصر مدينة دمياط التى كنا نعيش فيها نظرا لظروف عمل والدى .. وإختارتنى مديرة المدرسة لتقديم الزهور للرئيس ترحيبا بمقدمه .. وما كان هناك من تعليمات – تم تنفيذها على الوجه الأكمل – من ضرورة إرتداء ملابس نظيفه وأن أصفف شعرى جيدا .. إلى آخر ما يمكن أن يقال فى مثل هذه الظروف .. حتى كانت الزيارة ووصل الزعيم بالقطار وكنت هناك ضمن من ينتظرونه فى محطة القطار .. وبعد وصول الزعيم سمعت هدير الآلاف وهى تهتف باسمه عن حب حقيقى .. ألم أقل لكم أن هذا الرجل إستطاع بما حباه الله من " كاريزما " أن يمتلك شغاف قلب كل من يراه ولو كان ذلك عن بعد . حتى جاءت اللحظة الحاسمة ووجدت من يشير إلى للتقدم نحو الزعيم وتقديم الزهور التى أحملها له .. وتقدمت .. ووجدته يبتسم لى إبتسامة تخلب الألباب جعلتنى أشعر بقشعريرة تجتاح جسمى كله .. وقدمت الزهور .. وإنحنى الزعيم ليقبلنى فى جبهتى .. ووجدت نفسى – دون سابق ترتيب – أقول له أننى أريد أن أحضر الإحتفال معه .. إبتسم الرجل موافقا .. وأشار إلى شخص كان يقف وراءه بتلبية رغبتى .. وأخذنى الرجل من يدى بعد أن أخبر من كان معى من المدرسة بأن رجال الحرس الجمهورى سيقومون بتوصيلى إلى منزلى . وكنت أسعد إنسان فى الدنيا فى هذه اللحظات وأنا أجلس فى الصفوف الأولى وأشاهد محبوبى وهو يلقى خطابه .. ومدى ترحيب واستجابة الجماهير الغفيرة له . ولكننى كنت أكثر سعادة عندما وصلت إلى منزلى ممسكا بيد ضابط الحرس الجمهورى وقد خرجت أسرتى والجيران جميعهم وقد تحلقوا حولى وهم يطلقون الزغاريد ويهتفون بإسم الزعيم وهم يقبلوننى .. وأترك للقارئ الكريم الفرصة كى يتخيل ما حدث لطفل فى مثل عمرى فى المدرسة فى اليوم التالى . رحم الله عبد الناصر .. كم كان عطوفا وحنونا .. بالإضافة إلى كل ما يعرفه الناس عنه . وإلى اللقاء فى مقال قادم وموضوع جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected] [email protected]
927
| 17 يناير 2015
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
4593
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4284
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4095
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1554
| 26 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1296
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1281
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1050
| 29 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
957
| 23 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
933
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية